Professional Documents
Culture Documents
التبليغ القضائي الموجه بطريقة الكترونية في المادة المدنية
التبليغ القضائي الموجه بطريقة الكترونية في المادة المدنية
إن ثمرة هذا البحث المتواضع وأجره أهديها إلى والدي العزيزين بارك هللا في عمرهما
وحفظها من كل شر ،هما من يرجع لها الفضل بعد هللا جل وعال في وصولي لهذا
المستوى العلمي بكفاحها وصبرهما وعملهما ،فبدون رضاهما لم أكن شيئا ً ولن أكن
شيئاً.
وأهدي هذا العمل المتواضع إلى من يرجع لهم الفضل بعد هللا عز وجل وكانوا سببا ً
في تكويني وإخراجي من ضلمات الجهل إلى أنوار العلم ،وهم أساتذتي الفضالء
وأستاذاتي الفضليات ،بارك هللا في عمركم وجعل عملكم في الميزان المقبول .وأهدي
هذا البحث أيضا ً إلى إخواني الغالين وأخواتي الغاليات حفظكم هللا من كل شر ،ورزقكم
من كل خير .وفي األخير أهدي بحثي هذا إلى زمالئي وزميالتي ،وإلى كلي من ساهم
في إنجازه قوالً وفعالً ،وإلى كل من دعى هللا إلى تيسيره سرا ً وجهراً.
ﺑﺳﻡ ﷲ ﺍﻟﺭﺣﻣﻥ ﺍﻟﺭﺣﻳﻡ ﻭ ﺍﻟﺻﻼﺓ ﻭ ﺍﻟﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺭﻑ ﺍﻟﻣﺭﺳﻠﻳﻥ ﺳﻳﺩﻧﺎ ﻭ ﺣﺑﻳﺑﻧﺎ ﺧﺎﺗﻡ
ﺍﻷﻧﺑﻳﺎء ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻳﻪ ﻭ ﺳﻠﻡ.
ﻋﺭﻓﺎﻧﺎ ﺑﺎﻟﺟﻣﻳﻝ ﻭﺇﻗﺭﺍﺭﺍ ﺑﺎﻟﻔﺿﻝ ﻻ ﻳﺳﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺳﺗﻬﻝ ﻛﻠﻣﺗﻲ ﺑﻌﺩ ﺷﻛﺭ ﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﺗﻘﺩﻡ ﺑﺧﺎﻟﺹ ﺷﻛﺭﻱ ﻭﻋﻅﻳﻡ ﺗﻘﺩﻳﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺟﺗﻣﻊ ﻓﻳﻪ ﺍﻟﻔﺿﺎﺋﻝ
ﺇﻧﺳﺎﻥ ﺃﺧﻼﻗﻳﺎ ﻭﻋﻠﻣﻳﺎ ،ﺃﺳﺗﺎﺫﻱ ﻓﺿﻳﻠﺔ ﺍﻟﺩﻛﺗﻭﺭ "ﻣﺻﻁﻔﻰ ﺍﻟﻣﺭﺿﻲ" ﺣﻔﻅﻪ ﷲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
ﺃﺣﺎﻁﻧﻲ ﺑﻪ ﻣﻥ ﺇﺭﺷﺎﺩﺍﺕ ﻭﺗﻭﺟﻳﻬﺎﺕ ﺃﻧﺎﺭﺕ ﺳﺑﻳﻝ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺑﺣﺙ ﺍﻟﻣﺗﻭﺍﺿﻊ ،ﻓﺑﺎﺭﻙ ﷲ ﻓﻲ
ﻋﻠﻣﻪ ﻭﻋﻣﻠﻪ.
ﻛﻣﺎ ﺃﺗﻘﺩﻡ ﺑﺧﺎﻟﺹ ﺍﻟﺷﻛﺭ ﻭﺍﻹﻣﺗﻧﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﺿﺎء ﻟﺟﻧﺔ ﺍﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺿﻠﻬﻡ ﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺑﺣﺙ ﻛﻝ ﻣﻥ ﺃﺳﺗﺎﺫﺗﻲ ﻓﺿﻳﻠﺔ ﺍﻟﺩﻛﺗﻭﺭﺓ ﺳﻌﺎﺩ ﺍﻟﺗﻳﺎﻟﻲ ﻣﻧﺳﻘﺔ ﺍﻟﻣﺎﺳﺗﺭ ﺍﻟﻭﺳﺎﺋﻝ
ﺍﻟﺑﺩﻳﻝ ﻟﻔﺽ ﺍﻟﻣﻧﺎﺯﻋﺎﺕ ،ﻭ ﺃﺳﺗﺎﺫﻱ ﻓﺿﻳﻠﺔ ﺍﻟﺩﻛﺗﻭﺭ ﺳﻌﻳﺩ ﺍﻟﻭﺭﺩﻱ ،ﻭ ﺃﺳﺗﺎﺫﻱ ﻓﺿﻳﻠﺔ
ﺍﻟﺩﻛﺗﻭﺭ ﻫﺷﺎﻡ ﺃﺳﻭﺍﻧﻲ .
ﻛﻣﺎ ﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺃﻋﺭﺏ ﻋﻥ ﺧﺎﻟﺹ ﺍﻟﺷﻛﺭ ﻭﺍﻟﺗﻘﺩﻳﺭ ﺇﻟﻰ ﻛﻝ ﺃﺳﺎﺗﺫﺓ ﻛﻠﻳﺔ ﺍﻟﺣﻘﻭﻕ ﺑﻔﺎﺱ ﻛﻝ
ﺑﺎﺳﻣﻪ ،ﻭﺻﻔﺗﻪ ،ﻭﺃﻳﺿﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﻝ ﺍﻟﺯﻣﻼء ﻭﺍﻟﺯﻣﻳﻼﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﺷﺟﻳﻌﻬﻡ ﻭﻣﺳﺎﻧﺩﺗﻬﻡ ﻟﻲ،
ﻭﺃﻳﺿﺎ ﺇﻟﻰ ﻁﺎﻗﻡ ﺍﻟﻛﻠﻳﺔ ﻭﺃﺧﺹ ﺑﺫﻛﺭ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻳﻥ ﺑﺧﺯﺍﻧﺗﻬﺎ .
الئحة المختصرات:
من أجل أن يحافظ مرفق القضاء على مقوماته ومرتكزاته كان البد من مسايرة التطورات
التي يعرفها العالم في اآلونة األخيرة لعل أبرزها تطور متسارع في مجاالت االتصاالت
وتكنولوجيا المعلومات ،والتي أتاحت للمتعاملين بها ،إمكانات كثيرة ومتعددة عبر تطبيقات
أثرت تأثيرا ً بالغا في معظم أوجه النشاط االجتماعي واالقتصادي والسياسي والعلمي وذلك دون
حاجة للتنقل والحضور المادي ،مما جعل طريقة التعامل سهلة وتتم بأقل وقت وجهد ممكنين.
من هنا ظهرت الحاجة الملحة لحل مشاكل الفصل في القضايا ،وتسهيل إجراءات التقاضي،
ومواكبة التطورات والمستجدات التي يشهدها العالم من خالل إدخال التقنية اإللكترونية في
إجراءات التقاضي .2وتأسيسا على ذلك فإن المشرع المغربي اتجه نحو التحول الرقمي لمنظومة
العد الة في إطار مواكبة اإلدارة العمومية بالمغرب للتطور الحاصل بالعالم من خالل استعمال
التكنولوجيا الحديثة في التدبير اإلداري ،3مما ساهم في تجويد الخدمة العمومية وتقديمها في
1فارس علي عمر علي الجرجري" :التبليغات القضائية ودورها في اإلجراءات المدنية" ،منشأة المعارف اإلسكندرية ،بدون
ذكر الطبعة ،سنة ،2007ص .15
2يري أحد الباحثين أنه :مثل أي نشاط عام ،تخضع العدالة اليوم لتحوالت عميقة تحت تأثير التكنولوجيا الرقمية ،تتضاعف
برامج إزالة الطابع المادي بحيث أصبحت التكنولوجيا الرقمية أداة ال غنى عنها لتحقيق العدالة ،ولكن بطريقة متفرقة إلى حد
ما ،ومع ذلك .فإن لها مزايا ملحوظة باإلضافة إلى عيوب ال مفر منها انظر إلى
Hélène PAULIAT: "justice et transformation numérique" revue justice actualities. n° 26. ENM
December 2021. p7.
3عرف أحد الباحثين اإلدارة اإللكترونية بأنها "عملية مكننة جميع المهام والنشاطات اإلدارية للمؤسسة باالعتماد على كافة
تقنيات المعلومات الضرورية (اتصاالت ،أجهز ،برمجيات) لتحقيق أهداف المؤسسة" أنظر بن حجوية محمد وعبدوني كافية:
"اإلدارة اإللكترونية في العالم العربي وسبل تطبقها (واقع وآفاق)" ،مجلة األصيل للبحوث االقتصادية واإلدارية العدد الثاني،
لسنة ،2017ص.221
1
أحسن الظروف للمرتفقين وتسهيل عملية التواصل بين مختلف المنتسبين لهذه المنظومة ،ولم
تكن اإلدارة القضائية بالمغرب بمنأى عن هذا التطور الرقمي السريع والمفاجئ والمفروض،
حيث أن استيعابه والتفاعل معه كان جزء ال يتجزأ عن خطاب إصالح منظومة العدالة ،فقد
كان طموحا مشروعا وهدفا منشودا قبل أن تفرضه الظروف الوبائية التي عرفها العالم
مؤخرا ،1إذ عملت وزارة العدل بالمغرب على وضع مخطط للتحول الرقمي 2الذي أعدته
وشريكيها األساسيين المجلس االعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة كخيار استراتيجي
من أجل تحقيق العدالة الرقمية.3
ويضم هذا المخطط 6برامج و 22مشروعا ،كخريطة طريق تسعى عبر اعتماد األدوات
التكنولوجية الحديثة إلى توفير خدمات عالية المستوى ومتعددة القنوات تستجيب لتطلعات
المرتفقين بمرفق العدالة ،وذلك لتجاوز االختالالت التي تشوب تدبير القطاع من بطء في
اإلجراءات والمساطر وتعقيدها ،وكذا صعوبة الحصول على الخدمات في زمن معقول،
ويستهدف هذا المخطط مجموعة من المجاالت:
1المهدي أفوش" :رسالة المحاماة والتحول الرقمي( :التحديات واألفاق)" ،مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية
العدد 51لشهر فبراير ،2023ص.300
2لعل أهم المرجعيات التي تم اعتماد عليها لصياغة هذا المخطط نجد:
-المبادئ الدستورية :حيث نص الفصل 120من الدستور المغربي على أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وفي حكم
يصدر داخل أجل معقول.
-الخطب الملكية :شكلت الخطب الملكية دافعا مهما من اجل استثمار ما توفره مزايا اإلدارة اإللكترونية لمرفق العدالة ،وجاء
الخطاب الملكي في افتتاح السنة القضائية بأكادير 29يناير 2003ليدعو الحكومة إلى مواصلة الجهود لعصرنة القضاء
بعقلنة العمل وتبسيط المساطر وتعميم المعلوميات تجسيدا لنهج المملكة الراسخ للنهوض باالستثمار .اما في الملتقى الوطني
للوظيفة العمومية بالصخيرات 27فبراير 2018فتم التأكيد في الرسالة الملكية على ضرورة اعتماد التكنولوجيا الحديثة
لالرتقاء بالعمل اإلداري والتوجه نحو تعميم اإلدارة الرقمية ،وتوفير الخدمات عن بعد والولوج المشترك للمعلومات من طرف
مختلف القطاعات .هذا ودعت الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المؤتمر الدولي للعدالة بمراكش 2018الى تسهيل
ولوج أبواب القان ون والعدالة عبر تحديث التشريعات لتواكب المستجدات وتيسير البت داخل أجل معقول وضمان األمن
القضائي الالزم لتحسين مناخ األعمال ،ودعم فعالية وشفافية اإلدارة القضائية باستثمار ما تتحه تكنولوجيا المعلوميات ليليه
في السنة الموالية المؤتمر الدولي للعدالة بمراكش 2019دعت فيه الرسالة الملكية الستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية
الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية ،وتبني خيار تعزيز وتعميم المادية اإلجراءات والمساطر القانونية
والقضائية والتقاضي عن بعد ،باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة مع الحرص على تقعيدها قانونيا،
وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي.
-التوصيات الصادرة عن ميثاق اصالح منظومة العدالة :إذ يتمحور هدف الرئيسي السادس من ميثاق إصالح منظومة العدالة
حول تحديث اإلدارة القضائية وتعزيز حكامتها الذي يتوخى إرساء مقومات المحكمة الرقمية عبر مجموعة من االليات التنفيذية
أهمها إعداد مخطط مديري إلرساء مقومات المحكمة الرقمية تعديل المقتضيات القانونية بما يسمح باستعمال التكنولوجيا
الحديثة ،االعتماد على هذه االخيرة لتسريع اإلجراءات والمساطر القضائية ،والبت في القضايا وتنفيذ األحكام داخل آجال
معقولة .كل هذا من اجل ضمان نجاعة آليات العدالة الرقمية الميسرة لجميع المتقاضين ،والتي توفر الخدمات القضائية المطلوبة
وتنوع أساليب تقديمها باستعمال تكنولوجيا االعالم واالتصال.
3هشام الرشيدي" :التحول الرقمي لمرفق العدالة بالمغرب" ،مقال منشور في مجلة ألبحاث القانونية والقضائية-العدد 35لشهر
،2022ص.299
2
-تسهيل الولوج إلى العدالة.
-التقاضي عن بعد.
-نشر المعلومة القانونية والقضائية.
-تبسيط المساطر واإلجراءات؛
ويعتبر المجال األخير (تبسيط المساطر واإلجراءات) من بين أهم المقومات والتي ال غنى
للقضاء عنها على اإلطالق ،لذلك فإن رقمنة هذه اإلجراءات أصبح أمر ضروريا .ولعل من
أبرز إجراءات التقاضي الذي تدور في فلكه الدعوى القضائية نجد التبليغ القضائي ،فهذا األخير
لم تتوان التشريعات في التأكيد عليه إيمانا ً منها بأهميته ودوره الفعال في سرعة حسم الدعاوى،
ومن جهة أخرى لما يحققه للخصوم من ضمانات على صعيد عملية التقاضي ،وتتجلى أهم تلك
الضمانات في وجوب حصول مواجهة ما بين الخصوم عند نظر الدعوى ليتمكن كل خصم من
معرفة حجج وأدلة الخصم األخر ليتسنى له بعدها من الرد عليها .واعتماد التكنولوجيا في
إجراءات التبليغ القضائي يظهر معه مفهوم جديد وهو التبليغ القضائي اإللكتروني
التبليغ لغة( :مصدر بلغ) و (جمع تبليغات) بلغ مبلغ ،تبليغا ،وتبليغ الخبر :إيصاله،
ار ِبه .يقال بلغت الرسالة ،وفي قوله تعالى «وإال بالغا ً من هللا ورسالته» 1أي ال أجد
واإل ْخ َب ُ
ِ
منجى إال أن أبلغ عن هللا ما أرسلت به ،واإلبالغ :اإليصال ،وكذا التبليغ واالسم منه البالغ،
يقال :بلغت القوم بالغا ً اسم يقوم مقام التبليغ 2فكثير ما ترد كلمة التبليغ تكون على معنى
االيصال واإلعالم وقد وردت آيات كريمة عديدة تدل على هذا المعنى منها قوله تعالى «يا
ٱَّللُ يَ ْع ِّص ُمكَ ِّم َن نز َل إِّلَ ْيكَ ِّمن َّربِّكَ ۖ َوإِّن لَّ ْم ت َ ْفعَ ْل فَ َما بَلَّ ْغتَ ِّر َ
سالَتَهُ ۚ َو َّ سو ُل بَ ِّل ْغ َما أ ُ ِّ
ٱلر ُ
أيُّ َها َّ
❖ في االصطالح القانوني:
التعريف التشريعي :في البداية يجب اإلشارة إلى أن المشرع المغربي لم يعرف التبليغ
القضائي وإنما تطرق فقط إلى األحكام المنظمة له ،عكس المشرع الفرنسي الذي عرف التبليغ
القضائي من خالل المادة 651من قانون اإلجراءات المدنية الفرنسي بأنه" :الطريقة التي يتم
بها إعالم ذوي العالقة بأعمال قضائية".3
التعريف الفقهي :تتعدد التعارف التي قدمت من قبل الفقه للتبليغ القضائي ،4ولعل أبرز
هذه التعارف نجد أحد الفقه 5يعرفه على أنه" :إعالن عن إجراء قضائي أو قانوني معين
ومرتبط بأجل وصادر عن جهة قضائية ،الهدف منه إبالغ شخص بما يتخذ من إجراءات
قانونية تتوخى الحصول على حق أو فقدانه أو حمايته ،أو بمعنى آخر يعتبر التبليغ وسيلة علم
الشخص بما يتخذ ضده من إجراءات عن طريق حملها إليه بالطرق المحددة تشريعيا ،واألصل
في هذه اإلجراءات أال تتعدى طرفيها توفيرا لضمانات فعلية وحقيقية لذلك العلم" .كما عرفه
األستاذ عبد الحميد أخريف 6بأنه" :إشعار الشخص وفق مساطر محددة قانونا بوقوع إجراء
يمكن أن نستخلص من خالل التعاريف السابقة أن التبليغ القضائي هو عملية إجرائية تربط بين
المبلغ والمبلغ إليه بواسطة األجهزة الموكل لها قانونا القيام بذلك ،وفق شكلية معينة حددها
القانون الهدف منها إيصال واقعة معينة للمعني باألمر بهدف اتخاد ما يراه مناسبا تجاه تلك
الواقعة دفاعا عن نفسه.
الطريقة اإللكترونية :عرفتها المادة الثانية من القانون رقم 43.20المتعلق بخدمات الثقة
بشأن المعامالت اإللكترونية 2بأنها "كل وسيلة ترتبط بتقنية ذات قدرات كهربائية أو رقمية أو
مغناطيسية أو السلكية أو بصرية أو كهرومغناطيسية أو أي قدرات أخرى مماثلة".
التبليغ القضائي بالطريقة اإللكترونية :إذا كانت جل التشريعات لم تعمد إلى وضع تعريف
للتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية فإن الفقه عمل على تعريفه ،ولعل أبرز التعاريف
المقدمة في هذا الصدد تلك التي تعرف التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية بكونه:
"الوسيلة الرسمية التي يتعين بها إبالغ الخصم باإلجراء المتخذ في مواجهته ،لتمكينه من العلم
باإلجراءات المتخذة ضده بتسليمه البالغ عن طريق وسائل التكنولوجيا الحديثة والتقنيات
الحديثة ،بما يتحقق به إرسال التبليغ واستالم الخصم له ،بإحدى تلك الوسائل اإللكترونية".3
1الحسن بوقين" :إجراءات التبليغ فقها وقضاء" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،بدون ذكر الطبعة والمطبعة ،1999
ص .2
2القانون رقم 43.20المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.100
صادر في 16من جمادى األولى 31( 1442ديسمبر ،)2020الجريدة الرسمية :عدد 27 ،6951جمادى األولى 1442
( 11يناير ،)2021ص.271
3بدر بن عبد هللا محمد المطرودي" :أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني" ،مقال منشور في مجلة الجامعة اإلسالمية للعلوم
الشرعية ،العدد ،198ص.755
5
كما عرفه أحد الباحثين 1أنه" :إعالم الشخص المراد تبليغه باألوراق القضائية وبما يتخذ ضده
من إجراءات بالوسائل اإللكترونية بطريقة التي يرسمها القانون" .ويرى جانب من الفقه 2بأن:
"التبليغ اإللكتروني ال يختلف عن التبليغ التقليدي من حيث المضمون ،إنما يختلف عنه من
حيث الوسيلة المستعملة في إجرائه فالوسائل اإللكترونية المستعملة في إجراء التبليغ هي ما
تضفي صفة اإللكترونية على التبليغات القضائية".
فحين ذهب أحد الباحثين إلى أن" :اعتماد وسائل جديدة وحديثة للتبليغ ال لتحل مكان التبليغ
بالطرق التقليدية وإنما لتكون وسيلة مساعدة في عملية التبليغ ولتقلل من النزاعات القانونية
على صحة التبليغ غير أنها تعد وسيلة تواصل مع الخصوم المتداعين في الدعوى وإعالمهم
بمستجدات اإلجراءات والدعاوى".3
عمل المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات المقارنة على سن مجموعة من
القواعد القانونية في قانون المسطرة المدنية الحالي 4بغية تنظيم عمليات التبليغ وذلك بتحديد
الطرق واإلجراءات الواجب احترامها لتبليغ االستدعاءات واإلنذارات واألحكام والقرارات
القضائية ،وكذا الوثيقة التي يحب إرفاقها باالستدعاء ،والبيانات التي يجب تضمينها إياها،
وطريقة إنجازها أضف إلى ذلك حصر كل من الجهات المؤهلة للقيام بالعملية التبليغ
واألشخاص الذين تنعقد لهم صفة استالمها ،واآلجال الفاصلة بين تاريخ التوصل وتاريخ
الحضور ،غير أن اعتماد الطريقة اإللكترونية باعتبارها من األساليب الجديدة تجد أساسها
القانوني في مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23وتحديدا في القسم الحادي عشر
1حاسم حامد عبيد" :فكرة التبليغ اإللكتروني" ،مقال منشور في مجلة دراسات البصرة ،العدد ،34لسنة ،2019ص.313
2نور عاكف الدباس" :أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني في قانون أصول المحاكمات المدنية األردني" ،مقال منشور في مجلة
البلقاء ،مجلد ،23العدد ،2ص.79
3حازم محمد الشرعة" :التقاضي اإللكتروني والمحاكم اإللكترونية" ،عمان دار الثقافة للنشر والتوزيع بدون ذكر طبعة ،سنة
2010ص .75-74
4ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447بتاريخ 11رمضان )28( 1394شتنبر ( )1974بالمصادقة على نص قانون
المسطرة المدنية المنشور في الجريدة الرسمية عدد 3230مكرر ،بتاريخ 13رمضان )3( 1394شتنبر ( ،)1974ص
.2741
6
المتعلق برقمنة المساطر واإلجراءات القضائية وكذلك في التنظيم القضائي 1الجديد إذ جاء في
الفصل 25منه ما يلي" :تعتمد المحاكم اإلدارة اإللكترونية لإلجراءات والمساطر القضائية،
وفق برامج تحديث اإلدارة القضائية التي تضعها وتنفذها السلطة الحكومية المكلفة بالعدل وذلك
بتنسيق وثيق مع المجلس األعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ،كل فيما يخصه".
بإضافة إلى العديد من القوانين المؤطرة للمعامالت اإللكترونية لعل إبرازها القانون رقم
53.05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية 2الذي من خالله تم التنظيم كل من
الكتابة اإللكترونية ومعادلتها مع الكتابة الورقية وكذلك التوقيع اإللكتروني وعملية التشفير
...وغيرها من األمور التي تهم التبادل الالمادي للوثائق .أضف إلى ذلك قانون 3رقم 43.20
المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية الذي يهدف حسب المادة األولى منه إلى
تحديد النظام المطبق على خدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية ،وعلى وسائل وخدمات
التشفير وتحليل الشفرات ،وكذا العمليات المنجزة من قبل مقدمي خدمات الثقة والقواعد الواجب
التقيد بها من لدن هؤالء ومن لدن أصحاب الشهادات اإللكترونية.4
❖ في التشريع الفرنسي:
في فرنسا صدر قانون رقم 230لسنة 2000المتعلق بالتوقيع اإللكتروني بموجبه تم
إدخال أنظمة جديدة في القانون المدني الفرنسي معلنا ً مبادئ عامة تراعي إنشاء التصرفات
القانونية بشكل إلكتروني وخاصة التوقيع اإللكتروني ،وكذا المساواة في الكتابة العادية والكتابة
اإللكترونية ،بعد ذلك صدر في فرنسا القانون رقم 575/2004لسنة 2004المتعلق بالثقة
1القانون رقم 38.35المتعلق بالتنظيم القضائي ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.22.38صادر في 30من ذي القعدة
30( 1443يونيو ،)2022صدر بالجريدة الرسمية :عدد 14 ،7108ذو الحجة 14( 1443يوليو ،)2022ص.4568
2القانون رقم 53.05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.129صادر
في 19من ذي القعدة 30( 1428نوفمبر ،)2007الجريدة الرسمية :عدد 25 ،5584ذو القعدة 6( 1428ديسمبر ،)2007
ص.3879
3القانون رقم 43.20المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية ،تم اإلشارة سابقا.
4من قوانين التي تهم التعامل الرقمي نجد قانون رقم 05.20المتعلق باألمن السيبراني صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم .69
1.20صادر في 4ذي الحجة 25( 1441يوليو ،)2020الجريدة الرسمية :عدد 9 ،6904ذو الحجة 30( 1441
يوليو ،)2020ص .4160ويقصد باألمن السيبراني بحسب المادة الثانية من نفس القانون المذكور "مجموعة من التدابير
واإلجراءات ومفاهيم األمن وطرق إدارة المخاطر واألعمال والتكوينات وأفضل الممارسات والتكنولوجيات التي تسمح لنظام
معلومات أن يقاوم أحداثا مرتبطة بالفضاء السيبراني ،من شأنها أن تمس بتوافر وسالمة وسرية المعطيات المخزنة أو المعالجة
أو المرسلة والخدمات ذات الصلة التي يقدمها هذا النظام أو تسمح بالولوج إليه"...
7
في االقتصاد الرقمي ،والذي سمح بإنشاء التصرفات القانونية والمحافظة عليها بطريقة
إلكترونية .وفي سنة 2005تم إصدار المرسوم رقم 11678/2005الذي يسمح بتداول
اإلجراءات التقاضي إلكترونيا طبقا للمادة األولى 2منه .حيث أكدت هذه األخيرة على أن
اإلرساالت والتسليمات وتبليغ التصرفات اإلجرائية والمستندات واإلنذارات واإلشعارات
ودعوات الحضور والتقارير والمحاضر ،باإلضافة إلى النسخ واألحكام القضائية المكتسبة
الصيغة التنفيذية كلها يمكن أن تتم بطريقة إلكترونية.
انسجاما ً مع رؤية المملكة السعودية في تطوير مرفق القضاء ،وتطلع نحو تحقيق العدالة
الناجزة ،وسعيا منها في تعميم استخدام منظومة المعلومات والتواصل عبر شبكة اإلنترنت ،تم
الموافقة على استخدام وسائل االتصال الحديثة في مجال التبليغات بموجب المرسوم الملكي
الجديد الصادر بالرقم (م )18/لعام 1442هـ الموافق لسنة 2020المعدل لنظام المرافعات
الشرعية ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم بشأن المواد المتعلقة بالتبليغ القضائي اإللكتروني.
أما التشريع األردني يعتبر من التشريعات التي عملت على إدخال تكنولوجية المعلومات
في نظامها اإلجرائي وذلك بإدخال نظام استعمال الوسائل اإللكترونية في اإلجراءات القضائية
المدنية بمقتضى القانون رقم 95لسنة .2018
ولعل أهم الدول العربية تقدما كذلك في المجال الرقمي في اإلجراءات التقاضي نجد
اإلمارات العربية المتحدة ،إذ استفادت هذه األخيرة بشكل كبير من الوسائل التقنية واإللكترونية،
ولعل أهم القوانين الصادرة في هذا المجال نجد القرار الوزاري رقم 259لسنة 2019في
شأن الدليل اإلجرائي لتنظيم التقاضي باستخدام الوسائل اإللكترونية واالتصال عن بعد في
1تجدر اإلشارة إلى أن هذا المرسوم عرف مجموعة من التعديالت فيما بعد
2Art.748-1:C.P.C stipule que: "les envois remises et notifications des actes de procédure
des pièces, avis, avertissements ou convocations, des rapports, des procès- verbaux,
ainsi que des copies et expéditions revêtus de la formule exécutoire des décisions
juridictionnelles peuvent être effectués par voie électronique dans des conditions et
selon les modalités fixés par le présent titre, sans préjudice des dispositions spéciales
imposant l'usage de ce mode de communication".
8
اإلجراءات الجزائية ،و القرار الوزاري رقم 260لسنة 2019في شأن الدليل اإلجرائي
لتنظيم التقاضي باستخدام الوسائل اإللكترونية واالتصال عن بعد في اإلجراءات المدنية ،1و
قرار مجلس الوزراء رقم ( )36لسنة ،2021بشأن استخدام تقنيات التعامالت الرقمية في
المعامالت والمسائل المتعلقة باألحوال الشخصية ،قبلها العديد من النصوص التشريعية التي
تتبنى فكرة إدخال التقنيات الحديثة في إجراءات التقاضي.2
إن دراسة أي موضوع من المواضيع القانونية ،وأي نظام من األنظمة يقتضي البحث في
جذوره وأصوله التاريخية ،وذلك من أجل الوقوف على نشأته ،ومدى تطوره على مر
العصور ،وبالنسبة للتبليغات القضائية ،لم يكن هذا اإلجراء وليد الصدفة ،بل لقد عرفت
التشريعات القديمة موضوع التبليغات في قوانينها وجعلتها من األمور األساسية في اإلجراءات
القضائية .ففي قوانين وادي الرافدين كان اللجوء إلى المحاكم لمقاضاة الخصوم من أجل إحقاق
الحق وحمايته يتطلب القيام ببعض اإلجراءات ومنها إجراء التبليغات للخصوم ،كذلك األمر
في القوانين الرومانية ،حيث يتطلب األمر في العملية القضائية إجراء التبليغات الالزمة
للخصوم ليكونوا على استعداد للدفاع عن أنفسهم.3
علَى
أما في الشريعة اإلسالمية يطلع التبليغ بمكانة رفيعة ويتجلى ذلك في قوله تعالىَّ « :ما َ
وال» 5كما قال سبحان س اث َر ُ ين َحتَّى نَ ْب َع َ
غ» 4كذلك قوله تعالىَ «:و َما ُكنَّا ُم َع ِّذ ِّب َ سو ِّل ِّإ َّال ا ْل َب َال ُ
الر ُ
َّ
َّللاُ ع َِّز ا
يزا س ِّل َوك َ
َان َّ َّللا ُح َّجةٌ َب ْع َد ُّ
الر ُ علَى َّ ِّ
اس َ ُون ِّللنَّ ِّ ين َو ُم ْنذ ِِّّر َ
ين ِّلئ ََّال َيك َ س اال ُم َب ِّ
ش ِّر َ «ر ُ وتعالىُ :
َح ِّكي اما» 6ونظرا لما لمؤسسة التبليغ من أهمية فإن القرآن الكريم أكد على ضرورة تبليغ أحكامه
واختار لذلك أنبياء ورسل ،ووعد عدم محاسبة خلقه وعباده إال بعد تبليغهم ،وإذا كان مناط
أما في التشريعات الحديثة شكلت مسطرة التبليغ القضائي أحد أهم المواضيع نقاشا وجدال
منذ أن فتحت المحاكم أبوابها أمام المتقاضين ،إذ جعلت كل التشريعات الحديثة من التبليغ
القضائي مبدأ أساسي في حماية حقوق الدفاع وقد تطورت مسطرة التبليغ إلى أن باتت تتم
بوسائل االتصال عن بعد والتي تعد حديثة الظهور ،كما حالها اليوم في العديد من بلدان العالم.
أهمية الموضوع:
يحظى موضوع التبليغ القضائي الموجه بطرقة إلكترونية في الدعوى المدنية بأهمية بالغة سواء
من الناحية النظرية أو العملية:
فاألهمية النظرية تظهر من خالل تحديد مختلف القواعد القانونية المطبقة على التبليغ في
الدعوى المدنية سواء تلك التي تم تضمينها في القوانين الموجودة على أرض الواقع أو تلك
القواعد التي هي في طريق الصنع مع مقاربتها مع القواعد القانونية للتشريعات المقارنة المنظمة
للتبليغ الموجه بطريقة إلكترونية .وذلك بالوقوف على أحكامه وآثاره وتحديد خصوصيته.
أما األهمية العملية تظهر باألساس في الغاية المتوخاة من اعتماد الطريقة اإللكترونية في
التبليغ ،إذ ينتظر منها أن تلعب دورا جوهريا في عملية التبليغ القضائي ،فاعتماد الوسائل
اإللكترونية الحديثة من شأنه إحداث نتائج أفضل ،وتقليل من مشاكل التي تواجهها مسطرة
التبليغ القضائي لما لها من مزايا تساهم في تبسيط اإلجراءات وبالتالي ربح الوقت والجهود
والنفقات التي تستهلكها عملية التبليغ بصورتها التقليدية.
ترجع مبررات اختيار الموضوع إلى أن موضوع التبليغ بالطريقة اإللكترونية في الدعوى
المدنية من المواضيع التي لم تنل ما يجب من الدراسة ،خصوصا وأنه في المغرب ال يزال
الحديث عن موضوع التبليغ القضائي بالطريقة إلكترونية في الدعوى المدنية وإجراءاته قليل
10
جدا ،فقلة الدراسة في هذا الجانب في المغرب هو ما جعلني أخوض غمار البحث في هذا
الموضوع ،رجائي توضيح بعض الجوانب المتعلق به.
اإلشكالية الموضوع:
من خالل ما سبق فإن موضوع بحثنا هذا يتمحور حول إشكالية جوهرية تتمثل فيما يلي:
محاولة منا اإلجابة على هذا اإلشكالية يجب إثبات إحدى الفرضيتين:
-للتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية فعالية يمكن معها تجاوز كل العقبات والعراقيل
التي تعرفها مسطرة التبليغ القضائي بصفة عامة ،والتبليغ في الدعوى المدنية على وجه
الخصوص.
-التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية لن تكون له تلك النجاعة المنتظرة نظرا لوجود
عيوب ومعيقات تقف حجر عثرة في نجاحه.
المنهج البحث:
لإلجابة على إشكالية الموضوع تم االعتماد على المنهج االستقرائي باعتباره المنهج
المناسب الذي يخدم هذه الدراسة ،كما تمت االستعانة ببعض المناهج من بينها المنهج المقارن
وذلك للوقوف على أحكام التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية من خالل فحص
المقتضيات القانونية المنظمة للتبليغ القضائي التقليدي ،وإسقاطها على التبليغ القضائي الموجه
بطريقة إلكترونية لمعرفة أحكام مالءمة لهذا األسلوب الجديد في التبليغات القضائية ،وتلك
األحكام غير المالئمة له بالتالي وجوب استبعادها عند سلوك طريقة اإللكترونية والبحث عن
مقتضيات خاصة تالءمه .أخذا بالمقاربة التشريعية لموضوع التبليغ القضائي الموجه بطريقة
إلكترونية في التشريعات المقارنة.
خطة البحث:
11
تقتضي من دراسة هذا الموضوع االعتماد على الخطة التالية:
12
الفصل األول :أحكام التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية
يعتبر حق الدفاع حقا مقدسا تحرص كل الفعاليات الحقوقية أشد الحرص على احترامه،
بهدف تحقيق المساواة بين خصوم الدعوى ،إذ يكون من الضروري والواجب إتاحة الفرصة
للخصوم للتعبير عن وجهة نظرهم فيها فيما قدمه كل منهم في مواجهه األخر ،وذلك بتمكينهم
من مناقشة الحجج ودحضها أمال في إقناع المحكمة للبت في القضية لصالح أحدهما ،ولن يتأت
ذلك إال بالتبليغ باعتباره وسيلة قانونية تهدف إلى إشعاره بالموضوع الذي يتعلق به التبليغ فال
يمكن بأي حال من األحوال محاجة شخص بقرار أو بإجراء ما ،إال بعد إشعاره ومنحه الفرصة
في إبداء ما لديه من رد أو دفاع.1
ومن هنا نستخلص أن عملية التبليغ تعد ركيزة أساسية ألهم حق من الحقوق الدفاع ،ولهذه
األهمية وضعت التشريعات الحديثة لهذه العملية قواعد دقيقة تكفل وصول األوراق القضائية
لألطراف المعنية .2كما حددت شكليات التبليغ والطرق الواجب احترامها لتبليغ االستدعاءات
أو القرارات أو األحكام القضائية سواء من حيث البيانات الواجبة توافرها في االستدعاء أو
شواهد التسليم أو أظرف التبليغ وكيفية إنجازها ،أو من حيث األجهزة المكلفة بالتبليغ...الخ.
غير أن إدخال التكنولوجيا في إجراءات التبليغ القضائي ،يدل على مرحلة جديدة من
التطور ،لذلك يطرح التساؤل حول مالئمة إجراءات التبليغ التقليدي المنصوص عليها في
القانون المسطرة المدنية والقوانين الخاصة مع الطبيعة المجردة للتبليغ القضائي الموجه بطريقة
إلكترونية .بمعنى هل لهذه األخيرة خصوصية تميزه عن التبليغ العادي من حيث اإلجراءات
وإن كانت له خصوصية ،ما مدى احترام هذه الخصوصية للضمانات األساسية من أجل
الموازنة بين حقوق األطراف ،هذا ما سنحاول إثباته من خالل هذا الفصل وذلك من خالل
التطرق إلى شكليات التبليغ القضائي اإللكتروني وإثباته (المبحث األول) على أن نعرج على
نطاق التبليغ القضائي اإللكتروني من خالل (المبحث الثاني).
1عبد اللطيف خالفي" :االجتهاد القضائي في قانون المسطرة المدنية" ،جزء األول المطبعة والورقة الوطنية مراكش ،سنة
،2004ص.123
2الحسن بوقين :م .س ،ص.2
13
المبحث األول :شكليات التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية وكيفية إثباته
قد تقتضي في بعض اإلجراءات وجوب توافر شكليات معينة يكون الهدف األول منها
إضفاء الصحة على اإلجراءات ،بحيث تكون هذه األخيرة عديمة الجدوى عند تخلف تلك
الشكليات ،وكذلك الحال مع التبليغات القضائية ،فلكي تنشأ صحيحة البد من احترام مجموعة
من الشكليات التي حددها القانون ،بإضافة إلى ذلك نظم المشرع المغربي والمقارن وسائل
إثبات التبليغ القضائي في حالة إنكار وقوعه أو منازعة في إجراءاته ،غير أن اعتماد الطريقة
اإللكترونية في التبليغ القضائي ونظرا لطبيعتها الالمادية كان الزما من الوقوف عند شكلياته
(المطلب األول) على أن نعرج بعدها على وسائل إثباته (المطلب الثاني).
االستدعاء عبارة عن وثيقة توجه إلى األطراف إلخبارهم بالحضور إلى الجلسات المعنية
بالمحكمة إلبداء أوجه دفاعهم ،والعمل على حماية مصالحهم.1
1تجدر اإلشارة أنه ال يتم دائما تبليغ االستدعاءات للحضور بل هناك استدعاءات أخرى كاستدعاء األطراف للخبرة أو
استدعاء األطراف للجلسات التحقيق أو استدعاء الشهود ....أي استدعاء التقاضي بصفة عامة كما يتم تبليغ اإلنذارات
والقرارات واألحكام...الخ.
14
إذا كان المشرع المغربي 1عادل بين الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني مع الوثيقة الورقية شأنه
شأن التشريعات المقارنة 2فإن وثيقة االستدعاء المتمتعة بحجة قانونية هي تلك المستجمعة لكل
البيانات المنصوص عليها قانونا.
3
ولقد تطرق المشرع المغربي لهذه البيانات من خالل فصل 36من قانون المسطرة المدنية
وهي على الشكل التالي:
فلهذا البيان أهمية قصوى في تحديد االختصاص المكاني ،فضال عن أنه يحدد آجال التبليغ
إذ تختلف هذه األخيرة بحسب وجود موطن المبلغ في المغرب أو في الخارج إلى جانب ذلك
يساعد البيان المذكور المدعى عليه على معرفة خصمه الذي رفع دعوى ضده ،وال يخفى أن
معرفة الخصم في النزاع أهمية بالغة ،إذ تجعل المدعى عليه مستعد للرد على ادعاءات المدعي
بالوقائع والقانون على حد سواء.4
إن موضوع الطلب له أهمية إذ بمقتضاه يتوصل المدعى عليه إلى نوع النزاع الذي أصبح
طرفا فيه ،هل هو مدني أم جنائي ،وذلك من أجل استعداد المدعى عليه ،أما بيان المحكمة التي
1ينص الفصل 1-417من القانون رقم 53.05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية على أنه "تتمتع الوثيقة
المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة االثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق."....
2لقد أصدر المشرع الفرنسي قانون رقم 230في 12مارس 2000المتعلق بالتوقيع اإللكتروني ،وأدخلت بموجب هذا القانون
الكتابة اإللكترونية حيز الوجود إذ جاء في المادة 3-1312من القانون المدني الفرنسي ما يلي:
"L'écrit sur support électronique a la même force probante que l'écrit sur support
" papier
3ينص الفصل 36من ق.م.م عل ى "يستدعي القاضي حاال المدعي والمدعى عليه كتابة إلى جلسة يعين يومها وتتضمن هذه
االستدعاء:
– 1االسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن أو محل إقامة المدعي والمدعي عليه.
– 2موضوع الطلب.
– 3المحكمة التي يجب أن تبت فيه.
– 4يوم وساعة الحضور.
– 5التنبيه إلى وجوب اختيار موطن في مقر المحكمة عند االقتضاء".
4عبد الكريم الطالب :شرح العملي لقانون المسطرة المدنية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة التاسعة ،2019
ص .159
15
ستبث في النزاع فتمكن خصوصيته في تسهيل المبلغ إليه من الولوج إليها للدفاع عن حقوقه
ومصالحه دون عناء.
تتجلى أهمية هذا اإلجراء في كونه يتيح للمدعى عليه االضطالع على تاريخ الجلسة بهدف
ضمان حضوره لإلدالء بأقواله أو تقديم مستنتجاته الجوابية.
لهذا البيان ميزة خاصة 1وهي أنه يحد من مزاعم بعض األفراد بعدم توصلهم بالتبليغ لعدم
توفرهم على موطن أو محل إقامة يراسلون ويبلغون فيه .2وهنا يجب اإلشارة إلى أن اعتماد
الطريقة اإللكترونية يصبح معه اختيار الموطن المختار ال يقتصر على الموطن الجغرافي
بمفهوم التقليدي وإنما يشمل حتى الموطن االفتراضي كاختيار الحساب اإللكتروني للمحامي
نظرا للطبيعة المجردة للتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية كان البد من وضع
مقتضيات خاصة تضمن إجراء التبليغ بالوسائل اإللكترونية أو استبعاد بعض المقتضيات
القانونية المنظمة للتبليغ التقليدي والتي ال تتالءم مع التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية
هذا ما سنحاول توضيحه فيما يأتي:
1في القضايا االجتماعية يتطلب المشرع في االستدعاء بيانات إضافية إذ ينص الفصل 274في فقرته الثانية على أنه "يجب
أن يتضمن االستدعاء باإلضافة إلى التاريخ بيان المكان والساعة التي ستعرض فيها القضية ،واسم الطالب ومهنته وموطنه،
وموضوع الطلب ،وفي قضايا حوادث الشغل واألمراض المهنية بيان اسم وعنوان المصاب أو ذوي حقوقه ،واسم المشغل
والمؤمن ،وكذلك تاريخ التبليغ ومكان الحادثة ،أو تاريخ ومكان التصريح بالمرض المهني".
2عبد سالم البريمي":التبليغ بين الصحة والبطالن" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية -مراكش ،موسم الجامعي 2011-2010ص .9
3انظر المبحث الثاني من هذا البحث بخصوص نطاق المكاني للتبليغ ،ص 37وما بعدها.
16
اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغات القضائية هي إمكانية غير متاحة للجميع خاصة
في المجتمع المغربي الذي يصعب تعميم هذه الطريقة في التبليغ ،وبالتالي يفترض القبول
المسبق للمرسل إليه بإتباع الطريقة اإللكترونية في تبليغ اإلجراءات القضائية.
وهذا الطرح يؤكده المشرع من خالل الفصل 625من مشروع قانون المسطرة المدنية
رقم 02.26إذ جاء في الفقرة األولى منه ما يلي " :يمكن لكل شخص ذاتي أو اعتباري من
أشخاص القانون الخاص أن يدلي عبر المنصة اإللكترونية بعنوان بريده االلكتروني ورقم
هاتفه مرفوق بتصريح بقبول تبليغه جميع مساطر وإجراءات الدعوى وكافة الوثائق
والمستندات ،"...من خالل هذه المقتضيات يتضح أن سلوك الطريقة اإللكترونية في التبليغات
القضائية يتوقف على تصريح قبلي من لدن األشخاص الذين يرغبون في استخدام الطريقة
اإللكترونية في التبليغ.
ويبدو أن المشرع المغربي ذهب في نفس توجه نظيره الفرنسي إذ جاء في المادة 1-748
على أن "المبلغ إليه اإلرساالت والتبليغات المحددة في المادة 1-748يجب أن يقبل صراحة
باستخدام الطريقة اإللكترونية على األقل إذا كانت النصوص الخاصة ال تفرض استخدام هذه
الطريقة في التبليغ".1
غير أن اعتماد الطريقة اإللكترونية ليس دائما يتوقف على القبول المسبق فهناك حاالت
يكون فيها توجه التبليغ بالطريقة اإللكترونية إلزاميا ،وهو ما أكد عليه المشرع الفرنسي من
خالل المادة 21-930من ق.إ.م.ف والمتعلق بإرسال واستالم إعالن االستئناف ،والتوكيل،
procédure sont remis à la juridiction par voie électronique. Lorsqu'un acte ne peut être
transmis par voie électronique pour une cause étrangère à celui qui l'accomplit, il est
établi sur support papier et remis au greffe ou lui est adressé par lettre recommandée
avec demande d'avis de réception. En ce cas, la déclaration d'appel est remise ou
adressée au greffe en autant d'exemplaires qu'il y a de parties destinataires, plus deux.
La remise est constatée par la mention de sa date et le visa du greffier sur chaque
exemplaire, dont l'un est immédiatement restitué.
17
والطلبات المقدمة عندما تتم بين محامين أو بين المحامي والمحكمة ،حيث فرض التبليغ
1
بالطريقة اإللكترونية أمام محاكم االستئناف في اإلجراءات التي يكون فيها الحضور إلزاميا
إال أن مشرع المغربي لم يتطرق إلى الحاالت التي يكون فيها التبليغ بالطريقة إلكترونية إلزاميا.
وما يجب اإلشارة إليه في األخير أن المشرع المغربي 2اعتبر أي تغير في عنوان البريد
اإللكتروني أو رقم الهاتف المصرح به من قبل صاحبه من أجل اعتماده في التبليغات القضائية
ال يعتد به ،إال بعد تقديم إشعار من قبل المعني باألمر يؤكد من خالله وجود تغيير في عنوان
البريد اإللكتروني أو رقم الهاتف.
من وجهة نظري أرى على أنه يجب على المشرع المغربي أن يعتمد على الطريقة
اإللكترونية في التبليغ القضائي بشكل إلزامي في الحاالت التي يكون فيها تنصيب محامي أمرا
إلزاميا وكذلك عندما يتعلق األمر باألشخاص االعتبارية لكون هذه الجهات على أقل لها حساب
إلكتروني قار ويمكنها االطالع عليه باستمرار.
ثانيا :وجوب استبعاد بعض أحكام التبليغ عند سلوك طريقة اإللكترونية.
أ-شهادة التسليم:
لقد نصت مقتضيات الفقرة األولى من الفصل 39من قانون المسطرة المدنية المغربي
على أنه "ترفق باالستدعاء شهادة يبين فيها من سلم له االستدعاء وفي أي تاريخ ويجب أن
يوقع هذه الشهادة من الطرف المعني باألمر أو من الشخص الذي تسلمها .وإذا عجز من تسلم
Lorsque la déclaration d'appel est faite par voie postale, le greffe enregistre l'acte à la
date figurant sur le cachet
du bureau d'émission et adresse à l'appelant un récépissé par tout moyen.
Les avis, avertissements ou convocations sont remis aux avocats des parties par voie
électronique, sauf
Impossibilité pour cause étrangère à l'expéditeur. Un arrêté du garde des sceaux définit
"les modalités des échanges par voie électronique.
1مايا مصطفى فوالدكار" :النظام القانوني للتبليغ اإللكتروني في التشريع الفرنسي وفق أحدث التعديالت " ،دار الجامعة
الجديدة ،دون ذكر طبعة ،سنة .2020ص .59
2تنص الفقرة لثانية من الفصل 625من مشروع قانون رقم 02.23المتعلق المسطرة المدنية على "...ال يعتد بأي تغيير في
عنوان البريد اإللكتروني ورقم الهاتف لم يتم اإلشعار به من طرف المعني باألمر بالمنصة االلكترونية".
18
االستدعاء عن التوقيع أو رفضه ،أشار إلى ذلك العون أو السلطة المكلفة بالتبليغ ويوقع العون
أو السلطة على هذه الشهادة في جميع األحوال ،ويرسلها إلى كتابة ضبط المحكمة".
فتطبيقا لهذه المقتضيات القانونية ،فإن المشرع المغربي ارتضى إثبات التبليغ بواسطة شهادة
التسليم المتوفرة على البيانات القانونية المشار إليها سابقا ،1ونفس األمر أكدته محكمة النقض
المغربية 2حيث جاء في حيثيات القرار الصادر عنها ما يلي" :المقرر أنه يعتد بشهادة التسليم
متى تضمنت البيانات المنصوص عليها في الفصلين 38و 39من ق.م .م ،وأن ما ضمن
بشهادة التسليم بإشهاد من المفوض القضائي ال يقبل إثبات العكس إال بالطعن بالزور .ولما كان
الثابت من وثائق الملف أن المطلوب بلغ بالحكم المطعون فيه بالعنوان المضمن به الذي اختاره
كموطن له أثناء مرحلة التقاضي ،وأشار المفوض القضائي أن ابنة المطلوب رفضت اإلدالء
ببطاقة التعريف الوطنية وتسلمت الطي ،فإن المحكمة حينما استبعدت شهادة التسليم اعتماد
على شهادة طبية استنتجت منها أن ابنة المطلوب لم تكن بموطن التبليغ دون التحقق من زوريتها
بأي وسيلة من وسائل التحقيق ،تكون قد خرقت مقتضيات الفصلين أعاله".3
وعليه فإن شهادة التسليم تلعب دورا حاسما في مدى صحة التبليغ القضائي غير أن سلوك
الطريقة اإللكترونية يصعب االعتماد على هذه الوثيقة لكونها تتطلب الوجود المادي لألطراف
من أجل تضمينها البيانات المتطلبة قانونا ،لهذا نجد مشرع المغربي من خالل القسم الحادي
عشر المتعلق برقمنة المساطر واإلجراءات التقاضي من ق.م.م اعتبر اإلشعار بالتوصل بمثابة
شهادة التسليم وبالتالي يفترض استبعاد المقتضيات المنظمة لهذه الوثيقة عند سلوك الطريقة
اإللكترونية في التبليغ القضائي.
1محمد بفقير" :مبادئ التبليغ على ضوء قضاء محكمة النقض" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،طبعة الثانية ،2021
ص.125
2القرار عدد 432الصادر بتاريخ 10يونيو 2021في الملف المدني عدد .964/1/9/2020
منشورفي /https://juriscassation.cspj.maتاريخ زيارة الموقع .2023/02/20على الساعة 10:00صباحا.
3في قرار اخر أكدت نفس الجهة القضائية "إن القرار المطعون فيه اعتمد الطابع الذي على نسخة اإلنذار المضمن شهادة
رئيس كتابة الضبط ألن التبليغ تم للطالب في إطار الفصل 39من ق.م.م بناء على الرفض الحاصل من طرف المعني باألمر
شخصيا كما يبدو من شهادة التبليغ ،وهذه الشهادة ال تحمل سوى توقيع من ينوب عن رئيس كتابة الضبط دون المبلغ والمبلغ
إليه ،وإنه بإنكار الطالب التبليغ فإنه ال يمكن االرتكاز على شهادة رئيس كتابة الضبط بل البد من االعتماد على شهادة التبليغ
التي يجب أن تكون محتوية على بيانات الفصل 39من ق.م.م" .قرار رقم 905بتاريخ .79/12/5أورده عبد العزيز توفيق:
"التعليق على قانون المسطرة المدنية" ،دون المطبعة ،الجزء األول ،طبعة األولى لسنة ،2000ص.44
19
ب-طي التبليغ:
هو غالف يسلم مختوما للمعني باألمر ،يحمل على ظهره مجموعة من البيانات كرقم الملف
وطابع المحكمة وتاريخ تسليم الطي وتوقيع العون المكلف بالتبليغ .وتعتبر كل هذه البيانات
جوهرية وخاصة تاريخ التسليم الذي تبتدئ به اآلجال القانونية المتعلقة بطرق الطعن ،كما
يرجع إليه لمعرفة حصول التبليغ في الوقت القانون ،1ما قلناه عن شهادة التسليم ينطبق على
طي التبليغ وبالتالي يجب استبعاد المقتضيات المنظمة له عند سلوك طريقة اإللكترونية في
التبليغ القضائي.
الفقرة األولى :إثبات التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية عن طريق اإلشعار بالتوصل
تقضي المادة 627من مشروع قانون رقم 02.23المتعلقة بالمسطرة المدنية على أنه
"مع مراعاة مقتضبات المادتين 624و 625أعاله ،يوجه االستدعاء بطريقة إلكترونية .فورا
إلى المدعي أو وكيله أو محاميه حسب الحالة .كما يوجه استدعاء ونسخة من المقال للطرف
المدعى عليه وفق مقتضيات المواد من 81إلى 87أعاله.
بمجرد توجيه التبليغ إلى المعني باألمر عبر حسابه اإللكتروني المهني المنصوص عليه
في المادة 623أعاله وإشعاره بذلك من خالل رسالة نصية .تصدر المنصة اإللكترونية إشعارا
بالتوصل".
إال أن إصدار اإلشعار بالتوصل بمجرد توجيه اإلجراءات القضائية عبر العنوان اإللكتروني
للمعني باألمر يفرغ التبليغ من الفائدة أو الغرض الذي وضع من أجله على اعتبار أن الهدف
األساسي منه هو علم أطراف الدعوى باإلجراء من أجل إعداد دفاعهم وتقديم مستنتجاتهم أو
الطعن في التبليغ في حالة عدم احترام شكلياته المحددة قانونا ،ولن يتحقق ذلك إال بمنحهم
الوقت المحدد قانونا.
لذلك يمكن اعتبار إصدار اإلشعار بالتوصل بمجرد توجيه اإلجراء في العنوان اإللكتروني
فيه مساس بحقوق الدفاع ،إذ ال يمكن أن يفترض أن الشخص المرسل إليه قد توصل بالتبليغ
بمجرد إرسال اإلجراء عبر حسابه اإللكتروني دون التأكد من كونه قد توصل بالفعل باإلجراء
المراد تبليغه.
وبالرجوع إلى التشريع الفرنسي نجده أكد في البداية من خالل المادة 3-748 1من قانون
اإلجراءات المدنية على أن اإلرساالت والتسليمات والتبليغات المنصوص عليها في المادة
1-748تكون موضوع إشعار بالتوصل اإللكتروني الموجه من المرسل إليه الذي يعين فيه
التاريخ وعند اللزوم ساعة االستالم ،هذا األمر يؤكده كذلك القضاء الفرنسي إذ جاء في قرار
محكمة التمييز الفرنسية 2ما يلي "عمال بالمواد 673و 678و 1-748و 3-748من قانون
اإلجراءات المدنية واألمر المؤرخ 7أبريل 2009بشأن االتصاالت اإللكترونية أمام المحاكم
اإلقليمية ،يمكن تقديم إخطارات بإرسال أحكام هذه المحاكم إلكترونيا ،عبر الشبكة االفتراضية
غير أن المشرع الفرنسي أدخل تعديال سنة 2012ونص على أن تاريخ وساعة التبليغ
الموجه بطريقة إلكترونية يتحدد عند إرسال اإلجراء إلى المرسل إليه ونفس التوجه ذهب
القضاء الفرنسي إذ قضت محكمة االستئناف 2بوردو )" (Bordeauxبأن المحامي الذي احتج
ببعض الرسائل المنقولة له بالطريقة اإللكترونية في إطار تبليغ الحكم الصادر في 1يونيو
، 2011والذي صدر وسلّم إلى الفريق األخر وفقا ً إلشعار بالوصول ،مشار فيه إلى تاريخ
وساعة االستالم في 16/6/2011الساعة 9:53وذلك بشكل ، pdfوبالتالي فإن اإلشعار
باالستالم اإللكتروني على الرغم من ادعاءات الشركة المدعية مطابقا ً لنص المادة 3-748من
قانون اإلجراءات المدنية الفرنسي .لذلك قضت المحكمة بأن تبليغ الحكم بالطريقة اإللكترونية
حسب ما تم من قبل المحامي المدعى يُعتبر صحيحاً ،ولهذا رفضت االستئناف الذي تم في 26
يوليوز ."2011
ويتضح من خالل ما سبق أن المشرع المغربي أخذ بالتوجه األخير لنظيره الفرنسي الذي يأخذ
بمبدأ التوصل المفترض باإلجراء وليس التوصل اليقيني ،وهو توجه يهدف إلى تجاوز مسألة
تماطل المبلغ إليه عن إرسال إشعار بالتوصل على رغم من كونه يشكل إجحافا في حقه.
الفقرة الثانية :دور المحرر اإللكتروني في إثبات التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية
إن الغاية من إدخال الوسائل اإللكترونية في إجراءات التبليغ هو إيصال الرسالة التي
عجز النظام التقليدي للتبليغ على تأديتها بالشكل المطلوب ومساعدته ،خاصة وأن الطرق
التقليدية للتبليغ تقوم على تبليغ األوراق القضائية للمعلن إليه ،وإثبات ذلك بشهادة التسليم الورقية
لهذا يجب الوقوف على قوة الثبوتية للمحرر اإللكتروني في اإلثبات (ثانيا) لكن قبل ذلك
من المفيد التطرق لتعريف المحرر اإللكتروني وشروطه (أوال).
ماهية المحرر اإللكتروني تقتضي منا الوقوف عند تعريفه وتحديد الشروط المتطلبة قانونا حتى
ينتج آثاره وهذا ما سنحاول توضيحه فيما يأتي:
بالرجوع إلى القانون رقم 53.05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،نجده
لم يعرف المحررات اإللكترونية ،بل اكتفى بتحديد شروط صحته ،عكس بعض التشريعات
المقارنة التي عملت على وضع تعريف للمحرر اإللكتروني ،كما هو حال بالنسبة للمشرع
المصري الذي يعرفه بأنه" :رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ وتدمج ،أو تخزن ،أو ترسل،
أو تستقبل ،كليا أو جزئيا ،بوسيلة إلكترونية أو رقمية ،أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة"،2
في حين عرفه قانون األونيسترال النموذجي بشأن التجارة اإللكترونية بأنه" :المعلومات التي
يتم إنشاؤها أو إرسالها أو استالمها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهة
بما في ذلك على سبيل المثال ال الحصر تبادل البيانات اإللكترونية ،أو البريد اإللكتروني ،أو
البرق ،أو التلكس ،أو النسخ البرقي".3
وعرف أحد الباحثين 4المحرر اإللكتروني بأنه" :عبارة عن أحرف وأرقام أو إشارات
رقمية أو رموز أخرى ذات داللة واضحة محررة بطريقة إلكترونية ،أو تم تبادلها بشكل
1هشام بوحماد" :التبليغ القضائي في المادة المدنية بوسائل االتصال الحديثة" ،بحث لنهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء
سنوات التكوين .2017/2015ص.32
2البند (ب) من المادة األولى من القانون التوقيع اإللكتروني المصري رقم 15لعام .2004
3البند ( )1من المادة 2من قانون األونيسترال النموذجي بشأن التجارة اإللكترونية لعام .2001
4عبد الحكيم زروق" :التنظيم القانوني للمغرب الرقمي" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2013ص
.26
23
إلكتروني باستخدام نظم المعالجة اآللية للمعطيات ،وتمكن من التعرف بصفة قانونية على
الشخص الذي صدرت عنه ،ومحفوظة على حامل إلكتروني يؤمن قراءتها والرجوع إليها عند
الحاجة" ،فحين عرف جانب من الفقه المحرر اإللكتروني أنه" :البيانات والمعلومات التي يتم
تبادلها خالل المراسالت التي تتم بين طرفي العالقة بوسائل إلكترونية ،سواء كانت من خالل
شبكة اإلنترنت أم من خالل األقراص الصلبة أو شاشات الحاسب اآللي أو أية وسيلة إلكترونية
أخرى ،لتوصيل المعلومة بينهما ،أو إثبات حق أو القيام بعمل ،فهي الوسيلة التي من خاللها
يتمكن المتالقون عبر اإلنترنت من توصيل المعلومة لبعضهم البعض".1
نستنتج مما سبق أن المحرر اإللكتروني مجموعة من البيانات مثبتة على دعامة غير ورقية
وتعالج بطريقة إلكترونية ،وال يختلف المحرر اإللكتروني عن المحرر العادي إال من حيث
دعامة الكتابة وطريقة الحفظ التي تكون بشكل إلكتروني بدال من الورق.
إن المحرر اإللكتروني المعتمد في االثبات هو المستوفي للشروط القانونية الالزمة وتتجلى
هذه الشروط فيما يلي:
إن االحتجاج بالمحررات اإللكترونية والتي تعتمد في كتابتها على اإلشارات والرموز
واألحرف يقتضي أن تكون هذه األخيرة مفهومة لدى األطراف ،بحيث يدل الدليل الكتابي على
التصرف القانوني أو البيانات المدونة بالمحرر ،وأن يكون هذا الدليل متصفا بالدوام
واالستمرارية ،أي إ لزامية تدوين الكتابة كدليل على دعائم تضمن ثباتها بشكل مستمر ،حتى
يتسنى ألطراف التصرف أو أصحاب الشأن الرجوع إليها.2
1الرومي محمد أمين" :النظام القانوني للتوقيع اإللكتروني" ،دار الفكر الجامعي االسكندرية ،الطبعة األولى للسنة ،2006
ص.20-19
2أحالم عليمي" :إشكالية االثبات في التعاقد اإللكتروني" ،مقال منشور في مجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية ،العدد
7لسنة ،2019ص.25
24
ولعل اإلمكانيات العديدة التي تتيحها التقنية العالية لتكنولوجيا المعلومات في قراءة الوثيقة
اإللكترونية ،أصبح معه كل ما يعرض أو ينقل أو يخزن عبر اإللكترونية متوفرا بأكثر من لغة
من لغات العالم ،أضف إلى أن التطور التكنولوجي الحاصل من حيث طرق تخزين البيانات
اإللكترونية يؤكد تقلص نسب تعرض الدليل الكتابي اإللكتروني للتلف أو للضياع".1
يجب أن يكون المحرر اإللكتروني مقاوما ألي محاولة للتعديل أو التحريف في مضمونه
سواء باإلضافة أو الحذف ،حتى يكون مصدر ثقة وأمان ،فإذا كانت المحررات الورقية قد
وضعت لها قواعد تضمن سالمتها ،إضافة إلى كونها محررة بطريقة يسهل معها كشف أي
تحريف وقع فيها ،سواء بالعين المجردة أو بالخبرة الفنية ،حيث ال يتم التغيير إال بإتالف الدليل
أو ترك أثر عليه ،فإن المحرر اإللكتروني عكس ذلك فقد يتعرض للتغيير والتحريف دون أن
يترك أي أثر لذلك ،ما عدا البيان الذي يسجله الحاسوب والمتعلق بزمن وتاريخ التغيير ،2لذلك
تم ابتكار وسائل متطورة تجعل من المحرر اإللكتروني مجرد رموز وإشارات غير مفهومة
وغير واضحة ،بحيث ال يستطيع أحد المساس بها أو كشف محتواها إال لمن يتوفر على المفتاح
الخاص بذلك ،وهذه التقنية هي المسماة بتقنية التشفير ،3والتي تقف في وجه أي تغيير قد يلحق
المحرر ،حيث نص عليها المشرع في المادة 12من القانون رقم 05.53المتعلق بالتبادل
اإللكتروني للمعطيات ،إذ اعتبر التشفير وسيلة من وسائل سالمة تبادل المعطيات القانونية
بطريقة إلكترونية أو تخزينها أو هما معا.
1حفيظ علوي قادري" :إشكالية التعاقد في التجارة اإللكترونية" ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2012
ص 62وما يليها.
2فوغالي بسمة" :إثبات العقد اإللكتروني وحجيته في ظل عالم اإلنترنت" ،بحث لنيل شهادة الماجستير ،تخصص قانون
األعمال ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد لمين دباغيين ،السنة الجامعية ،2015/2014ص .98
3لقد نظم المشرع المغربي التشفير بالمواد من 45إلى 51من القانون رقم 43.20المتعلق بالثقة في االقتصاد الرقمي وعرفه
في المادة 45حيث جاء فيه "تتجلى وسيلة التشفير وتحليل الشفرات في كل معدات أو برمجيات مصممة أو معدلة من أجل
تحويل معطيات إلكترونية سواء كانت عبارة عن معلومات أو إشارات أو رموز استنادا إلى اتفاقيات سرية ،أو من أجل إنجاز
العملية العكسية ،بموجب اتفاقية سرية أو بدونها .وتهدف وسيلة التشفير وتحليل الشفرات على الخصوص إلى ضمان سالمة
تبادل المعطيات بطريقة إلكترونية أو تخزينها ،بكيفية تمكن من ضمان سريتها والتيقن منها ومراقبة تماميتها.
خدمة التشفير وتحليل الشفرات هي كل عملية تهدف إلى توظيف وسائل التشفير وتحليل الشفرات لحساب الغير".
25
-3التوقيع اإللكتروني.
لقد عمل المشرع المغربي من خالل القانون رقم 53-05المتعلق بالتبادل اإللكتروني
1
للمعطيات القانونية على تنظيم مجال المعامالت اإللكترونية وركز على التوقيع اإللكتروني
باعتباره القاسم المشترك بينها .وعلى عادته أحجم المشرع المغربي على وضع تعريف محدد
للتوقيع اإللكتروني مكتفيا بالحديث عن الشروط واإلجراءات الواجب توفرها فيه للقول بحجيته
في اإلثبات ،2عكس التشريعات المقارنة ،3فجلها تسير نحو تحديد مفهوم التوقيع اإللكتروني
بكثير من الدقة والوضوح ،وذلك من خالل تبني األحكام الواردة في القوانين النموذجية الصادرة
عن منظمة األمم المتحدة للتجارة الدولية المعروفة األونيسترال .إذ عرفت هذه األخيرة التوقيع
اإللكتروني من خالل الفقرة األولى من المادة 2من القانون النموذجي بشأن التوقيعات
اإللكترونية لسنة 2001بأنه" :بيانات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة بيانات أو مضافة
إليها أو مرتبطة بها منطقيا ،يجوز أن تستخدم لتعيين هوية الموقع بالنسبة إلى رسالة البيانات.
ولبيان موافقة الموقع على المعلومات الواردة في رسالة البيانات".4
لقد عمل المشرع المغربي على تحصين التوقيع اإللكتروني 5بمجموعة من الضوابط نظمها
بمقتضى القسم الفرعي األول من القانون رقم 43.20المتعلقة بالثقة في االقتصاد الرقمي
1تم نسخ القسم الثاني المعنون بالنظام القانوني المطبق على التوقيع اإللكتروني المؤمن والتشفير والمصادقة اإللكترونية من
القانون رقم ،53.05بمقتضى القانون رقم 43.20المتعلقة بالثقة في االقتصاد الرقمي.
2إيمان السائح" :الحماية القانونية للتوقيع اإللكتروني" ،مقال منشور في مجلة المنبر القانوني ،العدد 9لسنة 2015ص.229
3عرف المشرع المصري التوقيع اإللكتروني من خالل البند (ج) من المادة األولى من القانون التوقيع اإللكتروني رقم 15
لسنة 20004بأنه" :كل ما يوضع على محرر الكتروني ويتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ويكون
له طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره".
فحين عرف المشرع العراقي التوقيع اإللكتروني في المادة األولى من قانون التوقيع اإللكتروني والمعامالت اإللكترونية
العراقي رقم ( )78لسنة 2012بأنه "عالمة شخصية تتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو أصوات أو غيرها
وله طابع متفرد يدل على نسبته إلى الموقع ويكون معتمداً من جهة التصديق".
أما المشرع اإلماراتي قد عرف التوقيع اإللكتروني في المادة األولى من القانون االتحادي رقم ( )1لسنة 2006في شأن
المعامالت والتجارة اإللكترونية بأنه" :توقيع مكون من حروف أو أرقام أو رموز او صوت او نظام معالجة ذي شكل الكتروني
وملحق أو مرتبط منطقيا برسالة إلكترونية بنية توثيق او اعتماد تلك الرسالة".
4كما ظهر التوقيع التقليدي في عدة اشكال كاإلمضاء والختم وبصمة األصبع ،نجد التوقيع اإللكتروني أيضا يتخذ صور متعددة
نابعة من طبيعته الخاصة لكونه يتم عبر وسائل اإللكترونية حديثة وتتحدد هذه االشكال في التوقيع البيومتري ،والتوقيع الرقمي،
والتوقيع بالقلم اإللكتروني .انظر لمياء أبيدار" :حجبة التوقيع االلكتروني في اإلثبات" ،مقال منشور في مجلة الباحث للدراسات
واألبحاث القانونية والقضائية العدد -55لشهر يونيو 2023م ،ص 70وما بعدها.
5أحالم عليمي :م .س ،ص.28
26
والتي تجعل المحرر اإللكتروني الموقع توقيعا إلكترونيا مؤمنا يحظى بمكانته في اإلثبات،1
متى تمت مراعاة المواصفات والمقتضيات التي تضمن هوية الموقع والتزامه بمضمون المحرر
المرتبط به ،ثم تمكينه من االحتفاظ بتوقيعه والسيطرة عليه بشكل حصري ،وأن تكون لديه
الوسائل الكفيلة بكشف أي تالعب أو تعديل يلحق به ،ووضع التوقيع بواسطة آلية إلنشاء التوقيع
اإللكتروني 2تكون صالحيتها مثبتة بشهادة للمطابقة.3
اتجهت أغلب التشريعات الحديثة نحو إصدار قوانين خاصة تهم المعامالت اإللكترونية،
بتحيين مقتضياتها في ميدان التعاقد واإلثبات ،وذلك بإعطاء الوثيقة اإللكترونية نفس القيمة
الثبوتية التي تتمتع بها الوثيقة الورقية ،وفي هذا اإلطار نص الفصل 417-1من ق.ل.ع
المغربي على أنه" :تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة اإلثبات التي تتمتع
بها الوثيقة المحررة على الورق.
تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني اإلثبات شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق
شريطة أن يكون باإلمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه ،وأن تكون
وتجدر اإلشارة إلى أن النسخ المأخوذة من الوثيقة اإللكترونية األصلية تتمتع بنفس قوة
اإلثبات التي تتمتع بها هذه األخيرة ،األمر الذي يؤكده الفصل 440من ق.ل.ع .الذي يقضي
بأنه" :تقبل لإلثبات نسخ الوثيقة القانونية المعدة بشكل إلكتروني متى كانت الوثيقة مستوفية
للشروط المشار إليها في الفصل 417-1و ،417-2وكانت وسيلة حفظ الوثيقة تتيح لكل طرف
الحصول على نسخة منها أو الولوج إليها" .3وبناء عليه يتضح أنه ال فرق بين أصل الوثيقة
اإللكترونية ونسختها على اعتبار أن تكنولوجيا المعلوميات بفضل تقنيتها الرقمية لها قدرة على
إنتاج نفس الوثيقة وعلى أجيال متعاقبة دون التمييز بينهما ،كما أن صفة األصل متوفرة في
المحررات المعدة بشكل إلكتروني شريطة أن تكون محفوظة وفقا ألحكام الفصول 417-1
و 417-2و 417-3من ق ل ع المغربي ،وأن تسمح الوثيقة المستعملة لكل طرف من األطراف
المعنية بالحصول على نسخة منه أو الولوج إليه ،على عكس الوثائق التقليدية الورقية التي
نستطيع التمييز فيها بين األصل والنسخة.4
1نصت المادة 15من قانون التوقيع اإللكتروني المصري رقم 15لعام 2004على "للكتابة اإللكترونية وللمحررات
اإللكترونية في نطاق المعامالت المدنية ذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية والعرفية في أحكام قانون اإلثبات
في المواد المدنية والتجارية متى استوفت الشروط المنصوص عليها في هذا القانون".
2أحالم عليمي :م .س ،ص.30
3تنص الفقرة األولى من المادة 629من مشروع قانون رقم 02.23المتعلق بالمسطرة المدنية على ما يلي "يعتد أمام المحاكم
بالوثائق والمستندات سواء تم إيداعها أو اإلدالء بها بطريقة إلكترونية أو ورقية"...
4عبد حكيم زروق :م.س ،ص .30
28
المغربي والمقارن على تأطير عملية التبليغ بآجال من المفروض احترامها وإال كان اإلجراء
باطال على اعتبار أن اآلجال من النظام العام .وينضاف إلى محاور نطاق التبليغ القضائي البعد
المكاني ،إذ من ضروريات تحديد المكان الذي يجب أن يتم فيه تسليم التبليغات القضائية لما
للبعد المكاني من آثار على مسطرة التبليغ القضائي.
من أساسيات مسطرة التبليغ كذلك والتي يتوجب الوقوف عندها التعرف على أطراف التبليغ
القضائي وهو ما نعبر عنه في هذا السياق بالنطاق الشخصي للتبليغ القضائي ،إذ تتولى عملية
التبليغ عدة جهات مما قد يعرقل سير التبليغات القضائية لذا كان الرهان على اعتماد الطريقة
اإللكترونية في التبليغ القضائي من أجل التقليص من الجهات الموكول لها القيام بعملية التبليغ
وبنتيجة ال تقليص من عراقيل التبليغ خاصة عندما يتعلق األمر بالجهات المساعدة في إجراءات
التبليغ ،فضال عن تحدي د األشخاص المخول لهم صفة تسليم التبليغات القضائية سواء كانوا
أشخاص طبعيين أو أشخاص اعتبارين .
وعليه سنحاول التطرق لكل هذه العناصر وذلك في مطلبين نخصص (المطلب األول) نطاق
التبليغ من حيث الزمان والمكان على أن نعرج على نطاق التبليغ من حيث األشخاص من خالل
(المطلب الثاني).
المطلب األول :نطاق التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية من حيث الزمان والمكان
تعتبر عملية التبليغ ركيزة أساسية لحقوق الدفاع ،ونظرا لهذه األهمية ،وضع المشرع
المغربي والمقارن ضمانات تكفل وصول التبليغ القضائي ،ولعل أهم الضمانات األساسية
إلجراءات التبليغ القضائي تتمثل في تحديد البعد الزماني والمكاني للتبليغ القضائي.
لهذا سنحاول الوقوف عند زمان التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية (الفقرة األولى)
على أن نتطرق إلى مكان التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية (الفقرة الثانية).
29
الفقرة األولى :نطاق التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية من حيث الزمان
من األمور المهمة لدى التشريعات هي ضرورة عدم إطالة أجل التبليغات القضائية ،لما
يترتب عن ذلك من آثار على المتقاضين ،حيث إن التراخي في إجراءات التبليغ قد يلحق ضرر
بالغا بهم ،ومن أجل ذلك سعت جل التشريعات إلى ربط أكثر اإلجراءات ومنها التبليغات
القضائية بآجال يتوجب أن يتم احترامها.1
ويقصد بزمن 2التبليغ القضائي في هذا السياق تحديد األوقات المسموح فيها إجراء التبليغ
(أوال) وكذا أجل التبليغ (ثانيا).
أوال :األوقات المسموح بها إجراء التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية
إذا كان المشرع المغربي من خالل قانون المسطرة المدنية لم يحدد األوقات المسموح فيها
بإجراء التبليغ عكس بعض التشريعات المقارنة كالمشرع الفرنسي 3الذي منع إجراء التبليغ قبل
الساعة السادسة صباحا وبعد الساعة التاسعة مساء وأيام األحد والعطل إال إذا أجاز القاضي
ذلك في حاالت الضرورة.4
إال أن المشرع المغربي تدخل من خالل مشروع قانون رقم 02.23المتعلق بالمسطرة
المدنية وأضاف المادة 82التي تنص على أنه" :مع مراعاة القسم الحادي عشر من هذا القانون
ال يجوز تبليغ أي طي قضائي قبل الساعة السابعة صباحا وبعد الساعة العاشرة ليال إال في
حاالت الضرورة وبناء على إذن مكتوب ومعلل من طرف رئيس المحكمة أو من طرف رئيس
الهيئة أو القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية أو من طرف القاضي التنفيذ" .مما سبق
et après vingt et une heures, non plus que les dimanches.
les jours fériés ou chômés, si ce n'est en vertu de la permission du juge en cas de
»nécessité.
4نفس التوجه تبناه المشرع األردني من خالل المادة الرابعة من قانون أصول المحاكم المدنية رقم 24لسنة ،1988اذ نصت
على انه" :ال يجوز إجراء اي التبليغ أو تنفيذ قبل الساعة السابعة صباحا وال بعد الساعة السابعة مساءا وال في أيام العطل
الرسمية إال في حاالت الضرورة وبإذن كتابي من المحكمة".
30
يتضح أن وضع األجل القانوني إلجراء التبليغ داخلها يهدف من خالله المشرع إلى احترام
الحياة الخاصة لألفراد.
إال أنه عندما يتم توجيه التبليغات القضائية بالطريقة اإللكترونية يطرح معه السؤال حول
إمكانية إجراءها في أي وقت مادام أن توجيه وثائق التبليغ إلى الحساب اإللكتروني للمعني
باألمر عبر الوسيلة اإللكترونية ال يشكل إزعاج أو تطفل على حياته الخاصة .وبالرجوع إلى
القسم الحادي عشر من مشروع قانون رقم 02.23المتعلق بالمسطرة المدنية نجد المشرع
المغربي لم يشير ألي مقتضى قانوني بخصوص تحديد األوقات المسموح فيها بإجراء التبليغ
الموجه بطريقة إلكترونية عكس بعض التشريعات المقارنة كالتشريع السعودي الذي تطرق
لهذه المسألة بشكل واضح إذ نجده استثنى التبليغ اإللكتروني من خالل المرسوم الملكي رقم
(م )18/صادر سنة 2020من خالل تعديل المضاف إلى المادة 12بضافة عبارة "يجوز
إجراؤه في أي وقت إذا كان عن طريق إحدى الوسائل اإللكترونية" إذ أصبحت على الشكل
التالي" :ال يجوز إجراء أي تبليغ في مكان اإلقامة قبل شروق الشمس وال بعد غروبها ،وال في
أيام العطل الرسمية ،إال في حاالت الضرورة وبإذن كتابي من القاضي ،ويجوز إجراؤه في أي
وقت إذا كان عن طريق إحدى الوسائل اإللكترونية" .غير أنه يمكن أن نستخلص من روح
نص المادة 82المشار إليها سابقا على أن مشرع المغربي لم يقيد التبليغ الموجه بطريقة
إلكترونية بأي وقت محدد مادام أنه أورد عبارة "مع مراعاة القسم الحادي عشر من هذا
القانون "...فالمشرع يقصد هنا التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية.
وفي هذا الصدد يرى أحد الباحثين أن احترام أوقات المحددة قانونا يمكن تطبيقه على التبليغ
العادي فقط ،ألن تطبيقه على التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية من شأنه إهدار الفائدة منه،
وتطبيق القواعد المحددة لوقت التبليغ التقليدي غير مفهوم وغير مبرر عند سلوك الطريقة
اإللكترونية في التبليغ ألنه ال مجال للحديث عن التطفل على الحياة الخاصة للمرسل إليه عند
تسليم المكلف بالتبليغ القضائي إجراء مراد إرساله عبر الوسيط اإللكتروني المتاح.1
يقصد بآجال التبليغ المدة الزمنية التي تفصل بين تاريخ االستدعاء واليوم المحدد للحضور،
وقد تنبه المشرع المغربي الختالف المسافة بين أماكن المدعى عليهم والمحكمة المرفوع أمامها
الدعوى موضوع النزاع ،لذلك اعتمد مقاربة تعددية تنسجم مع هذا التوجه.1
بالرجوع إلى الفصلين 40و 41من ق.م.م 2نجد آجال الفاصلة بين واقعة التبليغ ويوم الحضور
تتحدد على الشكل التالي:
أ -خمسة أيام إذا كان للطرف موطن أو محل إقامة في مكان مقر المحكمة االبتدائية أو بمركز
مجاور لها.
ب-خمسة عشرة يوما إذا كان موجود في أي محل آخر من تراب المملكة.
ج -إذا لم يكن للطرف المراد استدعاؤه ال موطن وال محل إقامة في دائرة نفوذ المحكمة فإن
آجال الحصور تتحدد:
1عبد الحق المتوكل" :إشكاالت التبليغ " ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،وجدة ،موسم ،2011-2010ص.55
2ينص كل من الفصل 40و 41من ق.م.م.م على التوالي على ما يلي :الفصل " 40يجب أن ينصرم ما بين تبليغ االستدعاء
واليوم المحدد للحضور أجل خمسة أيام إذا كان للطرف موطن أو محل إقامة في مكان مقر المحكمة االبتدائية أو بمركز
مجاور لها ومدة خمسة عشر يوما إذا كان موجودا في أي محل آخر من تراب المملكة تحت طائلة بطالن الحكم الذي قد
يصدر غيابيا".
الفصل " 41إذا لم يكن للطرف الذي وقع استدعاؤه ال موطن وال محل إقامة في دوائر نفوذ محاكم المملكة فإن أجل الحضور
يحدد فيما يلي:
-إذا كان يسكن بالجزائر أو تونس أو إحدى الدول األوروبية شهران؛
-إذا كان يسكن بدولة افريقية أخرى أو آسيا أو أمريكا :ثالثة أشهر؛
-إذا كان يسكن باألقيانوس :أربعة أشهر.
تطبق اآلجال العادية عدا إذا مددها القاضي بالنسبة إلى االستدعاءات التي سلمت إلى الشخص بالمغرب الذي ال يتوفر بعد
على موطن ومحل إقامة".
32
-إذا كان يسكن بالجزائر أو تونس أو إحدى الدول األوربية شهران.
-شهران إذا كان يسكن بدولة إفريقية أخرى آسيا أو أمريكا ثالثة أشهر.
نظرا لتطور وسائل النقل في العصر الحالي إذ أصبحت متاحة في جميع األماكن في العالم
يتجه المشرع المغربي من خالل مشروع قانون رقم 02.23المتعلق بالمسطرة نحو توحيد
اآلجال عند تواجد المدعى عليه خارج المملكة المغربية إذ نص من خالل المادة 89على أنه:
"إذا لم يكن للطرف الذي وقع استدعاؤه موطن أو محل إقامة في تراب المملكة ،فإن أجل
الحضور يحدد في ثالثة أشهر".
إذن يتبن من خالل ما سبق أن آجال التبليغ تختلف تبعا لمكان تواجد المدعى عليه بالمغرب
أو بالخارج أو تبعا لقرب أو بعد المدعى عليه عن المحكمة المرفوع أمامها النزاع إذا كان
متواجد داخل التراب الوطني.
يقضي الفصل 512من ق.م.م على" :تكون جميع اآلجال المنصوص عليها في هذا القانون
كاملة فال يحسب اليوم الذي يتم فيه تسليم االستدعاء أو التبليغ أو اإلنذار أو أي إجراء آخر
للشخص نفسه أو لموطنه وال اليوم األخير الذي تنتهي فيه.
إذا كان اليوم األخير يوم عطلة امتد األجل إلى أول يوم عمل بعده".
يتضح من خالل هذا الفصل أن المشرع وضع قاعدة عامة مفادها أن آجال التبليغ تعتبر آجال
كاملة ال يحتسب اليوم األول واألخير ،كما أنه ال يحتسب اليوم األخير إذا كان يوم عطلة إذ يتم
تمديد األجل إلى أول يوم عمل بعده .وتطبيقا ألحكام الفصل المشار إليها أعاله جاء في أحد
قرارات محكمة النقض المغربية 1ما يلي" :البين من وثائق الملف أن الطاعنة بلغت بالقرار
1القرار عدد 16الصادر بتاريخ 08يناير 2019في الملف االجتماعي عدد .5/1/2018/2258
منشور في /https://juriscassation.cspj.maتاريخ زيارة الموقع 2023/02/22على الساعة 21:00ليال.
33
موضوع الطعن بتاريخ 27/04/2018وأن أجل الطعون انتهي بتاريخ 27/05/2018فإن
اليوم الذي يحتسب هو اليوم الموالي ،28/05/2018إال أن الطاعنة لم تتقدم بطلبها إال بتاريخ
،30/05/2018وتكون بذلك قد تقدمت بطعنها خارج أجل 30يوما المقررة طبقا للفصل
358من قانون المسطرة المدنية وبالتالي فإن مآله هو عدم قبوله" .كما جاء في قرار آخر
صادر عن نفس الجهة القضائية ما يلي "إذا كان التبليغ بالحكم االبتدائي تم يوم 19/9/2007
وكان آخر أجل الستئنافه يوم 20/10/2007الذي صادف يوم السبت وهو يوم عطلة ،فإن
الطعن باالستئناف المقدم يوم االثنين 22/10/2007وهو أول عمل بعد العطلة ،يكون
مقبوال.1"...
عندما يكون التبليغ موجه بطريقة إلكترونية نجد المشرع يتجه نحو إضافة مقتضى أخر من
خالل مشروع قانون رقم 02.23المتعلق بالمسطرة المدنية حيث نجد الفصل 637ينص على
ما يلي " :إذا تم االستدعاء أو التبليغ أو اإلنذار أو تقديم الطعن أو القيام باإلجراء بطريقة
إلكترونية ،فإن احتساب اآلجال يتم بصورة مستمرة وفق التوقيت اإلداري الجاري به العمل.
وفي حالة تعذر الولوج إلى المنصة اإللكترونية في اليوم األخير من األجل القانوني ،يمدد هذا
األجل إلى أول يوم يلي استئناف المنصة تقديم خدماتها بكيفية عادية".
وإذا كان في التبليغ التقليدي يتم تحديد تاريخ بداية احتساب آجال التبليغ بناء على التاريخ
المدرج في شهادة التسليم التي يرجع إليها لمعرفة تاريخ وقوع التبليغ فإن األمر يختلف عند
سلوك الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي ،نظرا الختالف كيفية التي يتم بها حيث يتم
توجيه المستندات في الحساب المصرح به ليتم بعدها إصدار إشعار بوصول اإلجراء 2هذا ما
يؤكده المشرع المغربي من خالل مشروع قانون رقم 02.23المتعلق بالمسطرة المدنية أن
اإل شعار بالتوصل يعتبر بمثابة التسليم والذي يحدد فيه تاريخ وساعة انتقال اإلجراء.
1القرار عدد 957الصادر بتاريخ 18غشت 2011في الملف االجتماعي عدد .5/1/2010/205
منشور في ./https://juriscassation.cspj.maتاريخ زيارة الموقع 2023/02/22على الساعة 21:15ليال.
2Bouras latifa: "La notification judiciaire électronique: Quelle valeur juridique ?", Journal of legal
ونفس التوجه ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية 2إذ قضت هذه األخيرة بأن "مهلة شهر
لتبليغ االستئناف للمرسل إليهم والتي لم تتم عبر محامي تبدأ من يوم إرسال اشعار الذي يأمر
الكاتب تبليغه وليس من تاريخ استالمه".
3
نفس توجه المشرع الفرنسي ذهب المشرع اإلماراتي من خالل البند الرابع من المادة السابعة
الذي ينص على أنه "يعتبر اإلعالن اإللكتروني منتجا آلثاره وفقا ً لآلتي:
وعلى عكس التوجه السابق ذهب المشرع الكويتي من خالل المادة 12من القانون (رقم
4)9إذ نصت على أنه" :يعتبر اإلعالن اإللكتروني منتجا آلثاره من وقت ثبوت استالم المعلن
إليه اإلعالن من الجهة المختصة المكلفة بتنفيذه." ...
ومن وجهتي نظري أرى أن هذا التوجه القائل بأن تاريخ وقوع التبليغ يبدأ من تاريخ
اإلرسال فيه مساس بضمانات المحاكمة وبحقوق الدفاع فكيف يمكن اعتبار أن التبليغ قد وقع
صحيحا من تاريخ اإلرسال اإلجراء ،والحال قد يكون المرسل إليه لم يتوصل فعال باإلجراء،
الفقرة الثانية :نطاق التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية من حيث المكان
باإلضافة إلى الشروط والعناصر القانونية الضرورية لصحة التبليغ قضائي والتي سبق لنا
التطرق لها يوجد عنصر آخر له أهمية بالغة في عملية التبليغ ويتعلق األمر هنا بالبعد المكاني
للتبليغ ،والذي له دور حاسم في مدى صحة أو بطالن عملية التبليغ القضائي ،2وبما أن حديثنا
عن التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية يفترض وجود موطن افتراضي تتم فيه عملية التبليغ،
وفي هذا السياق يرى أحد الفقه 3أن االستدعاء بالوسائل اإللكترونية جعلنا نشهد ظهور الموطن
الرقمي القادر على منافسة واستبدال العنوان الشخص بالعنوان اإللكتروني.
وبالرجوع إلى القسم الحادي عشر من مشروع قانون المسطرة المدنية المتعلق برقمنة المساطر
واإلجراءات القضائية نجد المشرع يتحدث عن الحسابات االلكترونية 4دون تحديد طبيعة هذا
1تقضي الفقرة الرابعة على أنه" :يعتبر االستدعاء مسلما تسليما صحيحا في اليوم العاشر الموالي للرفض الصادر من الطرف
أو الشخص الذي له الصفة في تسلم االستدعاء".
2بوبكر بهلول :م .س ،ص.91
3 Xavier.labbée: "Procédure civile : où est passée l’assignation numérique ?« Article
يعد البريد اإللكتروني نظام التراسل اإللكتروني أي توجيه واستقبال الرسائل اإللكترونية،
لهذا سنحاول الوقوف على تعريف البريد اإللكتروني ،وخصائصه (أ) على أن نتطرق لمسألة
البريد اإللكتروني كموطن المبلغ إليه (ب) ،وذلك فيما يلي:
في البداية يجب اإلشارة إلى أن المشرع المغربي لم يعرف البريد اإللكتروني عند سنه
لقواعد التبادل اإللكتروني للمعطيات من خالل القانون 53.05لسنة 2007عكس المشرع
الفرنسي الذي عرف البريد اإللكتروني في القانون رقم 2004/ 575بشأن الثقة في االقتصاد
الرقمي من خالل المادة األولى منه بأنه" :كل رسالة سواء كانت نصية أو صوتية أو مرفق بها
صور أو أصوات ويتم إرسالها عبر شبكة االتصاالت العامة ،وتخزن عند أحد خوادم تلك
الشبكة أو في المعدات الظرفية للمرسل إليه ليتمكن هذا األخير من استعادتها".
كما عرفه جانب من الفقه 3بأنه" :تلك المستندات التي يتم إرسالها أو استالمها بواسطة نظام
االتصال البريدي اإللكتروني وتتضمن محفوظات مختصرة ذات طابع شكلي ،وتمكن من
يتم عبر هذه الحسابات تبادل المعطيات اإللكترونية المتعلقة بالمساطر واإلجراءات القضائية".
1مداخلة مصطفى المرضي :أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس ،ندوة علمية عن بعد بعنوان" :قراءة نقدية في مشروعي
التعديل الجزئي لقانون المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية في ظل حالة الطوارئ الصحية" ،نظمتها نقابة المحامين بالمغرب
فرع وجدة بتاريخ .2020/05/18
2تنص الفقرة األولى من الفصل 625من مشروع قانون المسطرة المدنية على ما يلي" :يمكن لكل شخص ذاتي أو اعتباري
من أشخاص القانون الخاص أن يدلي عبر المنصة االلكترونية بعنوان بريده االلكتروني ورقم هاتفه"...
3عبد الهادي فوزي العوضي" :الجوانب القانونية للبريد اإللكتروني " ،دار النهضة العربية ،طبعة األولى ،2005ص.12
37
اصطحاب المرفقات به مثل معالجة الكلمات أو أية مستندات أخرى ،يتم إرسالها رفقة الرسائل
ذاتها " .واضح من خالل جل التعارف السابقة التي حاولت تعريف البريد اإللكتروني من خالل
الوظيفة التي يقوم بها ،وكذا تقنية اشتغاله.1
أما فيما يتعلق بالخصائص التي يتميز بها البريد اإللكتروني فهي تتوزع إلى خصائص
ايجابية وتتمثل في السرعة إذ يمكن توجيه عدة رسائل في وقت وجيز جدا باإلضافة إلى سهولة
استعماله وكذلك تكلفة استخدامه .وبالرغم من كل المميزات االيجابية التي تتمتع بها خدمة البريد
االلكتروني فإ ن هذا ال يمنع من وجود بعض السلبيات وال شك أن أهمها يكمن في السرية،
حيث أن هذه السرية هي سرية نسبية وليست كاملة ،ألنه باستطاعة الغير القيام باالطالع على
البريد االلكتروني من دون معرفة الشخص صاحب البريد أو بدون ترخيص منه ،وهنا يعد أحد
أوجه القرصنة التي تمارس عبر االنترنيت ،ورغم ذلك فإن هذا ال يمنع من االستفادة من خدمة
البريد االلكتروني باعتبارها إحدى وسائل التقدم العلمي في مجال التبليغات القضائية كما هو
الحال في باقي المجاالت العملية والعلمية.2
ب-البريد اإللكتروني باعتباره موطن المبلغ إليه في التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية
بما أن البريد اإللكتروني يرتبط باسم المستخدم ولقبه باإلضافة إلى أن عنوان البريد
اإللكتروني يميز المشترك عن غيره لدى مورد الخدمة عند دخول الخدمة إلى شبكة األنترنت.
في هذا السياق ذهب أحد الباحثين 3إلى مشابهة العنوان اإللكتروني بالموطن على اعتبار أن
الموطن هو مكان اإلقامة المعتاد أو المقر القانوني للشخص أي أنه يربط الشخص بالمجال
الجغرافي ،في حين أن البريد اإللكتروني يرتبط بشخص كموطن افتراضي.
1من الناحية التقنية يتكون البريد اإللكتروني من ثالثة أجزاء :جزء األيسر يدل على اسم المستخدم ،سواء كان اسما حقيقي أو
مستعار والجزء الحامل للرمز @ ،بإضافة الجزء األيمن يتكون من اسم المضيف واسم الناطق أو الدمين" راجع بهذا
الخصوص زينب عريب" :النظام القانوني للبريد اإللكتروني" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة عبد المالك
السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،الموسم الجامعي ،2015/2014ص.18
2مداخلة األستاذ نايف أحمد ضاحي :في المؤتمر العلمي الدولي تحت عنوان" :الرقمنة والقانون تطلعات المستقبل في الدول
العربية" ،المنظم بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش يوم 15و 16يوليوز.2022
3زينب غريب :م .س ،ص.22
38
ومن وجهتي نظري أدعم هذا الرأي مادام أن البريد اإللكتروني يحمل عنوان الشخص،
ويستعمله ،فهو مالزم له وبالتالي يمكن اعتباره موطن افتراضي توجه إليه كل اإلجراءات التي
تخص الشخص عبر بريده اإللكتروني ما دامت اإلمكانية متاحة.
بالرجوع إلى العمل القضائي بالمغرب نجده قد أجاز التبليغ بواسطة البريد اإللكتروني بحيث
جاء في قرار صادر عن محكمة النقض المغربية 1ما يلي " لئن كانت المادة الثامنة من العقد
تنص على أن فسخه ال يتم إال بإشعار بريدي أو بواسطة مفوض قضائي ،فإن غاية ما ذكر هو
توصل الطرف األخر برغبة خصمه في الفسخ .وهذه لما تمت بوسيلة أخرى لم تكن محل اتفاق
فإن الطالبة زكت رضاها بها ،بجوابها المطلوبة بنفس وسيلة التبليغ البريد اإللكتروني المسموح
بهما بموجب القانون رقم 53.05الصادر األمر بتنفيذه بمقتضى ظهير 30نونبر ،2007
فتكون قد تحققت الرغبة في عدم تجديد العقـد وعــدم استحقاق الطالبة للمبالغ المطلوبة".
إلى جانب البريد اإللكتروني باعتباره من أهم الوسائل المساعدة على إجراء التبليغ القضائي
يمكن التوجيه كذلك عبر عدة وسائل أخرى ما دامت تمكن من تحقيق نفس الهدف أال وهو
التبليغ الشخص إلكترونيا ومن بينها نجد:
أ-الهاتف
عرف المشرع المغربي الخدمة الهاتفية بأنها "االستغالل ألغراض تجارية لفائدة العموم لكل
نقل مباشر وأني للصوت عبر شبكة أو شبكات عامة تبديلية والذي يسمح لكل مستعمل قارا
كان أو متنقال باستعمال الجهاز المرتبط بنقطة انتهائية للتواصل مع مستعمل آخر قار أو متنقل
يستعمل جهازا مرتبطا بنقطة انتهائية أخرى".2
1القرار عدد 430الصادر بتاريخ 05نونبر 2015في الملف التجاري عدد 979/3/1/2015
منشور في ،/https://juriscassation.cspj.maتاريخ زيارة الموقع .2023/04/21على الساعة 11:00صباحا.
2البند 15من المادة 1من القانون رقم 24.96المتعلق بالبريد والمواصالت صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.162
صادر في 2ربيع اآلخر 7( 1418أغسطس ،)1997الجريدة الرسمية :عدد ،)1997/09/18( 4518ص.3721
39
فالهاتف يعد من أهم وسائل االتصال التي اخترعت على مستوى العالم بحيث يستطيع
مستخدمي الهواتف التواصل مع بعضهم من خالله عبر أقمار صناعية أرضية وفضائية ترتبط
السلكيا مع بعضها ،ويستطيع الفرد من خالل الهاتف الخلوي إرسال واستقبال الرسائل
والمكالمات الصوتية وتطور هذا الجهاز بسرعة عالية بحيث أصبح ال يمكن االستغناء عنه
وأصبح بمثابة الكمبيوتر الصغير المتنقل الذي يمكن األفراد من حفظ كم هائل من البيانات
والمعلومات وإمكانية التصفح عبر اإلنترنت والتطبيقات الذكية الموجودة على هذه األجهزة
الذكية ،باإلضافة إلى سهولة إرسال واستقبال الرسائل النصية القصيرة .SMS1ويرى أحد
الباحثين 2أن "الرسائل النصية" تعد أهم وسيلة إلكترونية حديثة ،حيث أنه ال يمكن تصور أن
شخصا ً في الوقت الحاضر ليس لديه هاتف محمول ،حيث إن الهاتف يكون في يد الشخص،
ويُبلغ باألمر فور إرساله ،وفي أي مكان كان سواء في السيارة أو في المنزل أو غير ذلك.
إذن فالهاتف يمكن أن يكون موطن افتراضي للمبلغ إليه يتلقى فيه التبليغات القضائية ،لذا
نجد المشرع المغربي من خالل مشروع قانون رقم 02.23أتاح إمكانية التبليغ عن طريق
الهاتف ولعل من بين التشريعات المقارنة التي سمحت كذلك بإرسال التبليغات القضائية عبر
الهاتف نجد المشرع السعودي إذ تم نص عليه ضمن الوسائل اإللكترونية المحددة قانونا،3
والمشرع اإلماراتي...إلخ.
ب-الفاكس:
إذا كان المشرع المغربي من خالل مشروع قانون رقم 02.23لم يشير إلى هذه الوسيلة
اإللكترونية فإن القضاء المغربي كان سباقا وأقر بإمكانية التبليغ عبر الفاكس إذ جاء في قرار
صادر عن محكمة النقض المغربية 4بتاريخ 10مارس 2016ما يلي " ...التبليغ بواسطة
1أنظر محمد فواز عبد الفتاح حامد" :أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني" ،الرسالة الماجستير في القانون الخاص ،كلية الحقوق،
جامعة الشرق األوسط ،ص.25
2بدر بن عبد هللا محمد المطرودي :م .س ،ص.765
3تنص الفقرة الثانية المضافة إلى المادة ( )13من نظام المرافعات الشرعية السعودي بالمرسوم الملكي رقم (م" )18/يكون
التبليغ اإللكتروني بإحدى الوسائل األتية :الرسائل النصية عبر الهاتف المحمول الموثوقة أو بالبريد اإللكتروني أو بإحدى
الحسابات المسجلة في أي من أنظمة األلية الحكومة".
4القرار عدد 133الصادر بتاريخ 10مارس 2016في الملف اإلداري عدد .4692/4/2/2015
منشور في نشرة قرارات محكمة النقض ،الغرفة اإلدارية ،عدد ،30ص 27وما بعدها.
40
الفاكس هو من الوسائل التبليغ متى اقترن بما يفيد تحقق توصل المرسل إليه وأن إثبات الجهة
المرسلة للرسالة تذكير بإتمام اإلقرار توصل المرسل إليه بها بواسطة الفاكس يقتضي نفي هذا
التوصل من طرف هذا األخير اإلدالء بوثيقة التي تدعي توصله بها غير تلك المعنية بالفاكس
المذكور والمحكمة المصدرة القرار المطعون فيه لما تبين لها توصل المطلوبة في النقض
برسالة تذكير المشار إليها عن طريق الفاكس من خالل الورقة المتضمنة لهذا التوصل حامل
لعبارة( )okمع تاريخ التوصل وساعته والجهة الموجه إليها اعتبرت أن الغاية التبليغ
المنصوص عليها في المادة 1152المشار إليها متحققة"...
يتم القيام بعملية التبليغ إما من طرف أعوان المحكمة التابعين لكتابة الضبط وإما من طرف
هيئة المفوضين القضائيين .وهذه الجهات القضائية هي األصل في عملية التبليغ ألنها تجري
تحت إشراف المحكمة ومراقبتها .وفي حالة تعذر القيام بعملية التبليغ من قبل الجهات السالفة
الذكر يتم االستعانة بجهات أخرى غير قضائية غير أن اعتماد التبليغ القضائي بواسطة الوسائل
اإللكترونية ال يمكن تصور إجراء التبليغ إال بواسطة الجهات األصلية في عملية التبليغ لذلك
كان من الالزم الوقوف عند هذه الجهات وذلك وفق ما يأتي:
1تحيل المادة 152من المدونة العامة للضرائب على مقتضيات المنصوص عليها في القانون المسطرة المنظمة للتبليغ
القضائي.
41
أعطى المشرع المغربي األسبقية إلجراء التبليغ على يد أعوان كتابة الضبط بدليل اعتماده
في مقدمة النص المحدد لطرق التبليغ -أي الفصل 37من ق.م.م ويعتبر هذا األمر بديهيا على
اعتبار أن هؤالء تابعين لكتابة الضبط بالمحكمة المعروضة عليها القضية في الغالب ،أضف
إلى ذلك أنهم ينتمون إلى قسم التبليغات فهذا الوضع يؤهلهم أكثر من غيرهم القيام بهذه المهمة
المحفوفة بالمخاطر والصعوبات .1ويرى أحد الفقه 2أن وضع قانون المسطرة المدنية التبليغ
بواسطة هذه الهيئة على رأس الطرق المشار إليها في الفصل 37ألن هؤالء األعوان أدرى
من غيرهم بطبيعة الدعاوى وبتواريخ الجلسات حسب ترتيبها لدى كتابة الضبط.
وتنقسم مصلحة كتابة الضبط إلى مكاتب وشعب تقوم واحدة منها بتنفيذ المقررات واألوامر
الصادرة عن المحكمة من بين هذه الشعب شعبة التبليغ التي يعهد لها بالقيام باإلجراءات
المنصوص عليها في الفصول 39 ،36 37من ق.م .م.3
وبالرغم من األدوار الهامة التي قام بها هؤالء في هذا المجال والتي رجعت باألساس إلى
الرقابة المباشرة التي يخضعون لها من قبل رئاسة كتابة الضبط ،فإن صعوبات جمة اكتنفت
عملهم هذا ،وتعود باألساس إلى قلة األعوان المكلفين بالتبليغ مقارنة مع العدد الهائل 4من
االستدعاء ات المتراكمة وقلة الحوافز المادية ووسائل المواصالت .مما أفرز بعض الخلل في
عمليات التبليغ كان من نتائجه تعثر سير الجلسات وكثرة الطعون في إجراءات التبليغ فكان
التفكير في إحداث هيئة حرة لألعوان القضائيين تضطلع بمهام التبليغ.5
رغبة من المشرع في تطوير مهنة األعوان القضائيين واالرتقاء بهذه المؤسسة وتجاوز
السلبيات التي أفرزها التطبيق العملي لمقتضيات القانون المحدث لهيئة األعوان القضائيين 1فقد
عمل بتاريخ 14فبراير 2006على إصدار القانون رقم 81.03المتعلق بتنظيم مهنة
المفوضين القضائيين 2والذي غيرت بموجبه تسمية األعوان القضائيين بالمفوضين القضائيين
ونصت على أن المفوض القضائي مساعد للقضاء يمارس مهنة حرة وفقا ألحكام القانون
والنصوص التطبيقية المتعلقة بتطبيقه.3
ولقد نصت المادة الثانية من القانون رقم 81.03على أنه" :تحدث بدوائر المحاكم االبتدائية
مكاتب المفوضين القضائيين للقيام بالمهام المنوطة بهم طبقا لهذا القانون أمام مختلف محاكم
المملكة" .ولعل أهم هذه المهام بحسب المادة 15 4من نفس القانون المشار إليه أعاله نجد:
1أصدر المشرع القانون رقم 41.80الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.80.440بتاريخ 17صفر 25 ( 1401دجنبر
،)1980الجريدة الرسمية عدد 3564بتاريخ .1981/02/18الذي أحدث بموجبه لدى المحاكم االبتدائية للمملكة هيئة
لألعوان القضائيين معتبرا مهنة العون القضائي مهنة حرة وأسند إلى هذا األخير مهمة القيام شخصيا بعمليات التبليغ والقيام
بإجراءات تنفيذ األوامر واألحكام والقرارات ،إضافة إلى استيفاء الديون بمقتضى مقرر قضائي تنفيذي كما يمكن انتدابه للقيام
بمعاينات مادية محضة إما من طرف القضاء أو من يطلب من الخواص.
2ظهير شريف رقم 1.06.23صادر في 15من محرم )14( 1427فبراير )2006بتنفيذ القانون رقم 81.03بتنظيم مهنة
المفوضين ،الجريدة الرسمية :عدد 5400بتاريخ فاتح صفر )2( 1427مارس ،)2006ص .559
3ينتظم المفوضون القضائيون في هيئة وطنية تتمتع بالشخصية المعنوية ،وتضم جميع المفوضين القضائيين .وتتفرع عن
الهيئة مجالس جهوية
4تنص المادة 15على ما يلي" :يختص المفوض القضائي بصفته هاته مع مراعاة الفقرة الرابعة من هذه المادة ،بالقيام بعمليات
التبليغ وبإجراءات تنفيذ األوامر واألحكام والقرارات وكذا كل العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية ،مع الرجوع إلى القضاء
عند وجود أي صعوبة ،وذلك باستثناء إجراءات التنفيذ المتعلقة بإفراغ المحالت والبيوعات العقارية وبيع السفن والطائرات
واألصول التجارية.
يتكلف المفوض القضائي بتسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المسطرة المدنية وغيرها من القوانين
الخاصة ،وكذا استدعاءات الحضور المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ،ويمكن له أن يقوم باستيفاء المبالغ المحكوم
بها أو المستحقة بمقتضى سند تنفيذي وإن اقتضى الحال البيع بالمزاد العلني للمنقوالت المادية.
يقوم المفوض القضائي بتبليغ اإلنذارات بطلب من المعني باألمر مباشرة ما لم ينص القانون على طريقة أخرى للتبليغ.
ينتد ب المفوض القضائي من لدن القضاء للقيام بمعاينات مادية محضة مجردة من كل رأي ،ويمكن له أيضا القيام بمعاينات
من نفس النوع مباشرة بطلب ممن يعنيه األمر.
43
-القيام بعمليات التبليغ وبإجراءات تنفيذ األوامر واألحكام والقرارات وكذا كل العقود والسندات
التي لها قوة تنفيذية باستثناء إجراءات التنفيذ المتعلقة بإفراغ المحالت والبيوعات العقارية وبيع
السفن والطائرات واألصول التجارية.
-تسليم استدعاء ات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المسطرة المدنية وغيرها من
القوانين الخاصة.
-القيام بتبليغ اإلنذارات بطلب من المعني باألمر مباشرة ما لم ينص القانون على طريقة أخرى
للتبليغ.
ويالحظ من خالل المادة 15المشار إليها أن المهام الموكلة إلى المفوض القضائي إذا ما
تمت مقارنتها بما كان منصوص عليه في القانون رقم 41.80بإحداث هيئة لألعوان القضائيين
أن المشرع سعى إلى توسيع هذه االختصاصات رغبة في تطوير هذه المؤسسة وجعلها مساعدا
فعليا للقضاء وآلية فعالة في تجاوز اإلشكاليات والعراقيل التي يطرحها إسناد مهمة التبليغ
والتنفيذ ألعوان كتابة الضبط فقط ،وإذا كان قانون المحاكم التجارية ركز على وجوب التبليغ
مبدئيا بواسطة مفوض قضائي ،ما لم تقرر المحكمة توجيه االستدعاء بالطرق المنصوص عليها
في الفصول 38 37و 39من قانون المسطرة المدنية .1فإن المشرع يتجه من خالل مشروع
قانون المسطرة المدنية رقم 02.23إلى جعل هذه الهيئة هي األصل في عملية التبليغ عوض
أعوان كتابة الضبط.2
وما يجب اإلشارة إليه في هذا الصدد إذا كان االختصاص المكاني للمفوض القضائي مرتبط
بنفوذ المحكمة االبتدائية التي تم تعيينه بها 3فإن اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي
تتمدد معه الحدود المكانية مما يطرح معه سؤال حول إمكانية التعديل في االختصاص المكاني
يمكن للمفوض القضائي أن ينيب عنه تحت مسؤوليته كاتبا محلفا أو أكثر للقيام بعمليات التبليغ فقط وفق أحكام الباب العاشر
من هذا القانون".
1عبد الحميد أخريف :م .س ،ص.18
2تنص المادة 82من مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23على أنه" يبلغ االستدعاء بواسطة أحد المفوضين القضائيين.
يمكن للمحكمة أن تأمر عند االقتضاء بتبليغ االستدعاء بواسطة أحد موظفي كتابة الضبط أو بالطريقة اإلدارية"......
3راجع بهذا الخصوص كريم لمحين" :قراءة في االختصاص المكاني للمفوض القضائي في التشريع المغربي" ،مقال منشور
في مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية ،العدد – 53لشهر أبريل 2023م ،ص .208
44
للمكلف بعملية التبليغ؟ أم أن المشرع يبقى على نفس االختصاص المكاني كيف ما كانت الطريقة
المعتمدة في التبليغ القضائي.
تتحدد صفة تسليم التبليغات القضائية بحسب ما إذا كان التبليغ شخصي (أوال) أو التبليغ
بالموطن(ثانيا) أو التبليغ للممثل القانوني (ثالثا).
يطلق على هذا النوع من التسليم بالتبليغ اليقيني ،وهو األصل حسب صريح الفقرة األولى
من المادة 38من ق.م.م ويشكل هذا النوع من التسليم ضمانة حقيقية لتحقيق المواجهة بين
[]1
أن هذا األخير تكون له المدة الكافية األطراف .من مزايا التسليم إلى المعني باألمر نفسه
لمواجهة خصمه في الدعوى ،إذ يقوم بإعداد الدفوع والحجج التي تفند ادعاءات المدعي وكذا
اتصال بمن رفع الدعوى ضده حتى يتسنى له التوصل إلى حل رضائي حول موضوع النزاع
في الحاالت التي يسمح بها القانون بذلك .أما بخصوص فائدة توصل المدعى عليه باالستدعاء
بنفسه فذلك يمكنه من معرفة تاريخ الجلسة حتى يعمل على تزكية مقاله االفتتاحي وذلك عبر
الطلبات اإلضافية.2
وجدير بالذكر أنه إذا كان المعني بالتبليغ أطرافا متعددين فيجب أن يوجه لكل واحد منهم
المستندات موضوع التبليغ على انفراد ،ولو كانوا متضامنين في التزامهم ،بحيث يتعين تبليغ
االستدعاء أو الحكم أو أي إجراء آخر لكل طرف ،3غير أن اعتماد الطريقة اإللكترونية في
التبليغ القضائي وفي حالة تعدد األطراف يمكن أن يطرح معه إشكالية االختالف في طريقة
التبليغ إذ ما كان أحد األطراف يرغب في اعتماد الطريقة اإللكترونية فحين الطرف الثاني ال
1في بعض القضايا يكون التبليغ الشخصي إلزاميا كما هو الحال بالنسبة لقضايا األسرة حيث نص المشرع على التوصل
الشخصي للزوجة المطلوبة في طالق عمال بالمادة 81من مدونة األسرة وكذلك بالنسبة للزوجة المراد التزوج عليها للحضور
في مسطرة التعدد عمال بالمادة 43من مدونة األسرة .راجع بهذا الخصوص جمال غالب" :خصوصية التبليغ والتنفيذ في
قضايا األسرة" ،بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء ،لسنة ،2011ص.7
2رشيد حبابي :م .س ،ص .16
3عبد السالم البريمي :م .س ،ص .24
45
يتوفر على حساب إلكتروني مما يحتم اعتماد الطريق التقليدي في التبليغ وهو ما يحول دون
تحقيق التبليغ الموجه بالطريقة إلكترونية األهداف المنتظرة منه.
الموطن المختار 1هو المكان الذي يعينه الخصم أو يختاره الطرفان أو يحدده القانون ليحصل
فيه التبليغ أو التنفيذ ،وما يهمنا بخصوصه أن تحديده يعني تحديد من له الصفة الستالم األوراق
القضائية.2
وبما أن حديثنا يرتكز على التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية يمكن أن يتم إرساله عبر
الحساب اإللكتروني للمحامي باعتباره محال للمخابرة ،فهو المؤهل قانونا لتسلم مختلف
اإلشعارات واالستدعاءات التي ترتبط بموكليه ،هذا الطرح يؤكده المشرع المغربي من خالل
مشروع قانون رقم 02.23المتعلق بالمسطرة المدنية حيث نص في الفقرة األولى من الفصل
627على ما يلي" :مع مراعاة مقتضيات المادتين 624و 625أعاله ،يوجه االستدعاء
بطريقة إلكترونية .فورا إلى المدعي أو وكيله أو محاميه حسب الحالة"...
باإلضافة إلى اختيار الحساب اإللكتروني للمحامي كموطن مختار يمكن أن يعمد الشخص
إلى اختيار حساب أحد األشخاص الذين له ارتباط بهم كاألقارب 3من أبناء أو زوجة ويرى
أحد الباحثين 4على أنه بالرغم من أن وسيلة التواصل اإللكترونية ال تعود له وإنما تعود
لشخص يختاره هو للتوصل بالتبليغات اإللكترونية ويمثل لهذه الحالة كما لو كان ألحد األطراف
1يجب إشارة هنا إلى أن اختيار الموطن أمر اختياري كأصل ،لكن هناك حاالت يصبح فيها االختيار أمرا الزما ،بحيث يكون
على الشخص تحديد موطنه المختار كما هو الحال إذا كان يقيم خارج دائرة نفوذ محكمة االستئناف ،إذ وجب عليه أن يعين
موطنا مختارا في دائرة نفوذها وهو ما تم التنصيص عليه في الفصل 330من ق.م.م الذي ينص على أنه" :يجب على كل
طرف يقيم خارج دائرة نفوذ المحكمة المرفوع إليها االستئناف أن يعين موطنا مختارا في مكان مقرها".
فضال عن الفصل 36ق.م.م الذي يشير إلى أن االستدعاء الموجه إلى الطرف يجب أن يتضمن التنبيه إلى وجوب اختيار
موطن في مقر المحكمة.
2عبد الحق متوكل :م .س ،ص .41
3وما يجب توضيحه في هذا الصدد أن الشخص هو من يختار الحساب المراد تبليغه فيه وليس المحكمة عكس التبليغ القضائي
العادي الذي يكون فيه التسليم من قبل أحد األقارب لكونه موجود صدفة في محل اإلقامة أو الحقيقي ،لكنه ليس من المقبول
المبادرة من المحكمة في إرسال اإلجراء إلى المرسل إليه عبر حساب أحد األقارب ألن ذلك يفقد التبليغ عبر الطريقة اإللكترونية
من الفائدة المتوخاة منه وهي تجنب الطعن في إجراءات التبليغ ،باإلضافة إلى احترام خصوصية األشخاص عند إرسال
التبليغات القضائية.
4بوحماد :م .س ،ص.81
46
الدعوى ابن ويريده أن يتكلف بالتوصل بالتبليغات اإللكترونية والتواصل مع المحكمة ،ولتسهيل
إجراءات التبليغ فيعمد إلى إدراج عنوان ابنه اإللكتروني ،مدام أن المشرع المغربي في مشروع
قانون المسطرة المدنية لم يتطلب في وسيلة التواصل عن بعد المختارة أن تكون ملكا للطرف
المطلوب تبليغه بها ،ولكن ترك له االختيار في تحديد أي عنوان إلكتروني يكون هو عنوانه
المختار.
ينص الفصل 516من ق.م.م على أنه " :توجه االستدعاءات والتبليغات وأوراق االطالع
واإلنذارات واإلخطارات والتنبيهات المتعلقة بفاقدي األهلية والشركات والجمعيات وكل
األشخاص االعتبارية اآلخرين إلى ممثليهم القانونيين بصفتهم هذه".
إذن فالتبليغ لفاقد األهلية يكون لوليه أو وصيه ،أو المقدم عليه ،أو من عينهم القانون حسب
ما ورد في الفصل 38و 39من قانون المسطرة المدنية ،ووفق الفصل 521من نفس القانون
الذي ينص في فقرته األولى على أنه" :يكون الموطن القانوني لفاقدي األهلية هو موطن
حاجره."...
أما فيما يخص األشخاص االعتبارية ،1فيتم التبليغ بالمقر االجتماعي أو المركز اإلداري
مكان تواجد الممثل القانوني نفسه ،أو لمن يقوم مقامه ،أو لمن فوض له القيام بهذه المهمة،
وعلى العون المكلف بالتبليغ تسجيل اسم وصفة من تسلم اإلجراء ،والمالحظ أنه في غالب
األحيان ال يتم التعرف على الممثل القانوني ،2وهذا ما يثير التساؤل حول التبليغ للممثل القانوني
للشخص االعتباري هل يجب أن يتم التسليم للممثل القانوني بصفته ،أم أنه يمكن التسليم لمن
يفوض له ذلك ،كمستخدم تابع له أو موظف بالشركة ،حيث يتم التبليغ في غالب األحيان إلى
مستخدمين أو موظفين باإلدارة المعنية بالتبليغ ولقد أكد العمل القضائي هذه المسألة من خالل
1بالنسبة التشريع المصري فقد نصت الفقرة الثالثة من الفصل 13من قانون المرافعات على أنه" :فيما يتعلق بالشركات
التجارية يسلم في مركز إدارة الشركة ألحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس اإلدارة أو المدير أو لمن يقوم مقامهم ،فإن
لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤالء لشخصه أو في موطنهم".
2عبد السالم البريمي :مرجع سابق ،ص .34
47
قرار صادر عن محكمة النقض المغربية 1إذ جاء فيه ما يلي "إن المحكمة لما ثبت لها من
شهادة التسليم الخاصة بتبليغ الحكم المستأنف أنها أشارت إلى تاريخ تحريرها والجهة التي تم
التبليغ إليها الطاعنة في شخص ممثلها القانوني وبمقرها االجتماعي ،واسم الشخص الذي وقع
تبليغه مسؤولة بالشركة وتوقيعها وخاتم الجهة التي قامت باإلجراء ،واستخلصت من ذلك أن
تبليغ الحكم قد أنجز وفقا للقانون ولمن له الصفة في تسلم شهادة التسليم الخاصة بتبليغه عمال
بالفصل 516من ق.م.م الذي أوجب توجيه االستدعاءات والتبليغات إلى الممثل القانوني
لألشخاص االعتبارية في المقر االجتماعي ولم توجب تبليغ هذا االستدعاء إليهم بصفة شخصية
قضت بعدم قبول استئناف الطاعنة لتقديمه خارج األجل القانوني المنصوص عليه في المادة
18من قانون إحداث المحاكم التجارية ،يكون قرارها غير خارق للمقتضيات المحتج بخرقها
ومعلال ما يكفي لتبريره ومرتكزا على أساس".
ولعل اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي من شأنها تجاوز هذا اإلشكال ،بحيث
يتم التبليغ في الحساب اإللكتروني خاص بالشخص اإلعتباري ،وبالتالي ال يمكن حينئذ التذرع
بعدم التوصل باإلجراء الموجه في الحساب مدام المشرع أتاح لألشخاص االعتبارية اعتماد
الطريقة اإللكترونية في التبليغ إذ جاء في المادة 625 2ما يلي "يمكن لكل شخص ذاتي أو
اعتباري من أشخاص القانون الخاص .أن يدلي عبر المنصة االلكترونية بعنوان بريده
االلكتروني ورقم هاتفه مرفوق بتصريح بقبول تبليغه جميع مساطر وإجراءات الدعوى وكافة
الوثائق والمستندات".
إذ كانت الوسيلة المعتبرة في إثبات حصول التبليغ القضائي التقليدي هي شهادة التسليم فإن
التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية يتم إثباته بواسطة إشعار بالتوصل الذي يعتبر بمثابة شهادة
التسليم.
أما بخصوص زمن التبليغ فهو يخضع مبدئيا للقواعد المؤطرة آلجال التبليغ القضائي
التقليدي المنصوص عليها في ق.م.م ،مع وجود خصوصية عند اعتماد الطريقة اإللكترونية
تتمثل أساسا في عدم تقيد التبليغ بوقت محدد ،كما أن بداية احتساب أجل التبليغ يبدأ من تاريخ
إرسال اإلجراء أو من تاريخ إرجاع اإلشعار بالتوصل بالنسبة لألنظمة المقارنة في ظل
الغموض الذي يشوب مشروع قانون المسطرة المدنية المغربي .أما مكان التبليغ الموجه بطريقة
إلكترونية ال يرتبط بالحدود الجغرافية للمرسل إليه كما هو الحال بالنسبة للتبليغ التقليدي ،إنما
هو موطن افتراضي رقمي يتحدد في الوسيلة اإللكترونية المصرح بها من قبل صاحب الشأن
(البريد اإللكتروني ،الهاتف ،الفاكس...إلخ).
فيما يتعلق بأطراف عملية التبليغ والتي طالما كانت تثير مشاكل في مسطرة التبليغ فإن
اعتماد الطريقة اإللكترونية يفترض التقليص منها ،إذ يتم االقتصار على التبليغ الشخصي مدام
الحساب اإللكتروني الذي يوجه فيه اإلجراء يكون مرتبط بالمبلغ إليه كمبدأ عام ،نفس األمر
بالنسبة لألشخاص المعنوية إذ يتم توجيه التبليغات القضائية في حسابها اإللكتروني المصرح
به ،وبالتالي تجاوز كثرة الطعون المقدمة في التبليغ بسبب الصفة في التسليم ،أما بالنسبة
للجهات المكلفة بالتبليغ من المفروض االقتصار على الجهات القضائية فقط ،واالستغناء عن
الجهات اإلدارية.
49
الفصل الثاني :آثار التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية
إن تفعيل مسطرة التبليغ القضائي في إطار مسلسل التحديث الذي أصبح مرتبط بعالم
التكنولوجيا والمعلوميات ،ونظرا ً لما عرفته الدول الصناعية المتقدمة من سبق في هذا الميدان
جاء نتيجة لتعميم المعلوميات والتواصل عبر شبكات األنترنيت وبما أن األمر ال يتوقف على
الجانب العملي كما يعتقد البعض ،بل البد من التفكير في الجانب القانوني وتدخل المشرع طبعا ً
إلضفاء طابع الشرعية على التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية ،وذلك لجعله من طرق التبليغ
القانونية إلى جانب الطرق التقليدية.1وبالنتيجة ترتيب التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية
نفس آثار التبليغ القضائي التقليدي ،ألن إضفاء الشرعية على التبليغ القضائي الموجه بطريقة
إلكترونية وسن مقتضيات قانونية خاصة به ،فإن هذه األخيرة تتبلور حول كيفية التبادل الالمادي
إلجراءات التبليغ أي أنها تعنى بنظام انتقال العمل اإلجرائي بسبب طبعته اإللكترونية وال تعنى
بأي حال من األحوال تحديد آثار خاصة بالتبليغ الموجه بطريقة إلكترونية .فهي لم تمس باآلثار
القانونية المترتبة عن التبليغ حتى وإن تم بطريقة إلكترونية وبالنتيجة تكون للتبليغ نفس اآلثار
القانونية على أطرافه كيف ما كانت الطريقة التي تم توجيهه بها.
بالرجوع إلى القسم الحادي عشر من مشرع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23نجد
المشرع المغربي لم يشير إلى أي مقتضى قانوني بخصوص هذه النقطة عكس بعض التشريعات
المقارنة كالتشريع السعودي إذ عبر هذا األخير من خالل المرسوم الملكي 2رقم (م )17/لعام
1442هجرية الموافق لسنة 2020المعدل لنظام المرافعات الشرعية ونظام المرافعات أمام
ديوان المظالم بشأن المواد المتعلقة بالتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية إذ جاء في البند
رقم 2ما يلي " :يجوز استعمال الوسائل اإللكترونية في التبليغات القضائية ،ويترتب عليها ما
يترتب عن التبليغ بطرق األخرى".3
المبحث األول :آثار التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية على أطرافه
إن التبليغات القضائية ومن أجل أن تحقق أهدافها والمتمثلة في إلحاق الخصوم علما
باإلجراءات القضائية ،وبما يتخذ ضدهم من إجراءات البد وأن تتم طبقا للطريقة واألسلوب
الذي يحدده المشرع ،إذ ال تجدي هذه التبليغات نفعا في حالة عدم احترام الضوابط التي يرسمها
المشرع لذلك.1
وعليه عند اشتمال التبليغ القضائي لكافة البيانات التي حددها المشرع واحترام األسلوب
المقرر لذلك عندها يعد التبليغ صحيحا ومنتجا آلثاره القانونية (المطلب األول) وعلى العكس
من ذلك أي في حالة عدم احترام اإلجراءات المنظمة لمسطرة التبليغ من حيث نقص البيانات
في ورقة التبليغ ،أو من حيث كيفية إجراءه ...الخ ،عندها يكون قد شابها عيب يترتب عنه
جزاء البطالن (المطلب الثاني).
لقد ألزم المشرع المغربي هيئة الحكم إعطاء الوصف ألي حكم (أي هل هو حضوري أم
بمثابة حضوري أم غيابي) وهذا الوصف يكون مرتبط بالطريقة التي تسلم بها المعني باألمر
ورقة االستدعاء وبحضوره وغيابه لجلسة الحكم وهو ما سنعمد لمعالجته فيما يأتي:
لم يبين المشرع المغربي صراحة متى يوصف الحكم بالحضوري طبقا للقانون ،وإنما
1
يستفاد بالمفهوم المخالفة لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 47من قانون المسطرة المدنية
التي تنص على أنه "يحكم غيابيا إذا لم يحضر المدعى عليه أو وكيله رغم استدعائه طبقا
للقانون مالم يكون قد توصل باالستدعاء بنفسه وكان الحكم قابل لالستئناف ففي هذه الحالة
يعتبر الحكم بمثابة حضوري تجاه األطراف المتخلفة" .يتضح إذن من خالل هذا النص القانوني
أنه إذا حضر المدعى عليه أو وكيله عندئذ يوصف الحكم بالحضوري.
و إذا كان المعيار المعتمد في أغلب التشريعات للتمييز بين األحكام الحضورية واألحكام
الغيابية هو حضور أو تخلف الخصوم عن الحضور للجلسة بأنفسهم أو بواسطة وكالئهم ،فإن
المشرع المغربي اعتمد معيارا آخر يتمثل في ضرورة التمييز بين القضايا التي تطبق فيها
المسطرة الشفوية وتلك التي تطبق فيها المسطرة الكتابية 2كما هو مبين في الفصل 45من
قانون المسطرة المدنية.3
أما في الحالة التي تكون فيها المسطرة كتابية ،فالحضور ال يستوجب أن يحضر األطراف
شخصيا إلى الجلسة ،وإنما يكفي أن يتقدم المدعى عليه أو نائبه بالجواب الكتابي عما جاء في
المقال الذي رفعه المدعي إلى المحكمة أو أن يبعث إلى كتابة الضبط في الجلسة المحددة للنظر
في الدعوى أو قبل األجل الذي يعينه القاضي المقرر إذا أجرى بحثا في القضية سواء حضر
المدعى عليه شخصيا أو نائبه في الجلسة أم ال .1وهذا ما يؤكده الفصل 344من ق.م.م بالنسبة
للمرحلة االستئنافية إذ نص على ما يلي" :تعتبر حضورية القرارات التي تصدر بناء على
مقاالت األطراف أو مذكراتهم ولو كان هؤالء األطراف أو وكالئهم لم يقدموا مالحظاتهم
الشفوية في الجلسة".
تنص الفقرة الرابعة من الفصل 47على أنه" :يحكم غيابيا إذا لم يحضر المدعى عليه أو
وكيله رغم استدعائه طبقا للقانون مالم يكن قد توصل باالستدعاء بنفسه وكان الحكم قابال
لالستئناف ،ففي هذه الحالة يعتبر الحكم بمثابة حضوري تجاه األطراف المتخلفة".
يتضح إذن من خالل هذا الفصل أن تخلف المدعى عليه يرتب إصدار حكم غيابي في حقه
شريطة أن يتم استدعائه هو أو وكيله بصفة قانونية ال شخصية ،وتكمن أهمية وفائدة الحكم
الغيابي في أنه يفتح باب التعرض أمام المحكوم عليه أمام نفس المحكمة المصدرة للحكم 2داخل
أجل عشرة أيام من تاريخ التبليغ غير أن المشرع المغربي أوقف ممارسة الطعن بالتعرض
أما في حالة غياب المدعي يقضي الفصل 47من ق.م.م في هذا الشأن أن طلب المدعي
يكون مصيره إمكانية الشطب إذا تخلف عن المثول هو أو نائبه ،لجلسة المحاكمة ،سواء تعلق
األمر بأول جلسة أو بجلسات الحقة ،متى قدر القاضي المنفرد أو هيئة الحكم الجماعية أنه ال
يتوفر لديهم العناصر الكافية للبت في الطلب .أما غياب المدعي في مرحلة إعداد القضية للحكم
من طرف القاضي المقرر أو المكلف بالقضية ،فال يكون له نفس األثر ،إذ ال يملك ذلك القاضي
إصدار أمر بالشطب وإنما يجب عليه طلب عقد جلسة محاكمة بغية إدراك هذا الغرض.
ويبقى رغم ذلك كله ،أن للمحكمة أن تتجاوز عن غياب المدعي ،سواء في مرحلة إعداد
القضية الحكم ،أو في جلسات المحاكمة للبت في القضية ،متى قدرت أنها تتوفر على العناصر
الكافية لذلك.1
يطلق وصف األحكام بمثابة حضورية على األحكام الصادرة في غيبة المدعى عليه أو المستأنف
عليه ،2غير أن هذه األحكام ينطبق عليها ما ينطبق على األحكام الحضورية من حيث قابليتها
لطرق الطعن فهي ال تقبل على الرغم من ذلك الطعن بالتعرض ،وال يطلق هذا الوصف على
األحكام االبتدائية الصادرة عن محاكم الدرجة األولى إال في حالتين الحالة األولى والتي لم يعد
لها وجود بعد التعديل الذي تم إدخاله على قانون المسطرة المدنية 3هي التي تهم األحكام
الصادرة ابتدائيا وانتهائيا إذا توصل المدعى عليه شخصيا ،الحالة الثانية هي التي تهم األحكام
الصادرة في حالة تعدد المدعى عليهم 4إذ يمكن أن يحضر بعضهم ويجيب عن الدعوى
1شكيب عبد الحفيظ" :شرح مدونة المسطرة المدنية" ،دون ذكر الطبعة والمطبعة ،سنة ،2017ص.114-113
2عبد الرحمان الشرقاوي :م .س ،ص .164
3القانون رقم 35.10بتغيير وتتميم قانون المسطرة المدنية كما صادق عليه الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.447
الصادر في 11من رمضان )28( 1394سبتمبر ( )1974الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.11.149بتاريخ 16من
رمضان )17(1432أغسطس )2011؛ الجريدة الرسمية عدد 5975بتاريخ 6شوال )5( 1432سبتمبر ،2011ص
.4387
4يقضي الفصل 47من قانون المسطرة المدنية على أنه" :إذا تعدد المدعى عليهم ولم يحضر أحدهم بنفسه أو بواسطة وكيله
أخر القاضي القضية إلى الجلسة المقبلة وأمر من جديد باستدعاء األطراف طبقا للقواعد المقررة في الفصول 37و38و39
للحضور في اليوم المحدد ،مع تنبيههم في نفس الوقت إلى أنه سيبت حينئذ في القضية بحكم واحد يعتبر بمثابة حضوري تجاه
األطراف المتخلفة.
وال يعتبر الحكم بمثابة حضوري إال بالنسبة إلى األشخاص الذين توصلوا باالستدعاء شخصيا أو في موطنهم "
55
المقدمة ضده ،بينما يتخلف عن ذلك البعض اآلخر .وهذا في الواقع يؤدي إلى صدور الحكم
حضوريا بالنسبة لمن حضر ،وغيابيا في حق من تخلف .وتفاديا لذلك رغب المشرع في أن
يضمن للحكم وصفا واحدا بالنسبة لجميعهم .1فنص في الفصل 48من ق.م.م على أنه إذا لم
يحضر فيها البعض منهم بعد استدعائهم للمرة الثانية ،ينعت الحكم الصادر في هذه الحالة بمثابة
حضوري في مواجهة المدعى عليهم الذين تخلفوا عن الحضور رغم استدعائهم إستدعاءا
قانونيا ،ولو كانوا قد توصلوا شخصيا أو أن التبليغ تم في محل إقامتهم ،أما القرارات الصادرة
عن محاكم الدرجة الثانية فإنها تنعت بمثابة حضورية في حالة واحدة ،وتتعلق هذه الحالة أيضا
بتعدد المستأنف عليهم ،وتعتبر القرارات الصادرة فيها بمثابة حضورية في مواجهة المستأنف
عليهم الذين تخلفوا عن الحضور ولم يدلوا للمحكمة بمستنتجاتهم على الرغم من إشعارهم بذلك
من طرف المستشار المقرر.
وال يقتصر هذا الوصف على المدعى عليهم أو المستأنف عليهم ،إذ يمكن أن توصف
األحكام أيضا بمثابة حضورية في مواجهة المدعي ،ويتم هذا بخصوص األحكام االبتدائية
الصادرة عن محاكم الدرجة األولى في غيبة المدعي بعد إعمال المحكمة لمقتضيات الفصل
47من قانون المسطرة المدنية 2التي تخول لها إمكانية البت إذا ما ارتأت بأنها تتوفر على
كافة العناصر الضرورية دون حاجة لعرض الطلبات والمستندات المدلى بها للنقاش.3
غير أن المشرع المغربي لم يتطرق إلى مسألة تخلف كل من المدعي والمدعى عليه في
حين نجد بعض التشريعات المقارنة كما هو الحال بالنسبة للتشريع المصري الذي تطرق بشكل
1نور الدين البريس" :نظريات في قانون المسطرة المدنية " مطبعة األمنية ،طبعة األولى ،2012ص .70
2تنص الفقرة الثالثة من الفصل 47من قانون المسطرة المدنية على أنه " ...وإذا كانت المحكمة تتوفر على العناصر الضرورية
للفصل في مطالب المدعي بتت استنادا إلى هذه العناصر بحكم بمثابة حضوري بالنسبة للمدعي الذي تغيب أو نائبه ".
3جواد أمهلول" :الوجيز في قانون المسطرة المدنية " ،مطبعة أمنية الرباط دون ذكر الطبعة سنة ،2015ص.123
56
صريح لحالة تغيب الطرفين معا ،إذ رتب عن هذا تخلف عن الحضور نتيجة متمثلة في
التشطيب على الدعوى من جدول القضايا.1
1تنص المادة 102من القانون المرافعات المدنية والتجارية المصري على أنه" :إذا لم يحضر المدعي وال المدعى عليه في
الجلسة األولى قررت المحكمة بعد التأكد من صحة اإلعالن شطب الدعوى ،فإذا حضر المدعى عليه وحده جاز له طلب
شطب الدعوى أو السير فيها ،وفي هذه الحالة تقرر المحكمة اعتبار المدعي متعباً ،ويجوز للمحكمة شطب الدعوى إذا حضر
المدعي في الجلسة األولى ثم تغيب في الجلسات التالية واستمر تأجيل الدعوى ألكثر من جلستين بسبب عدم حضوره ما لم
يطلب المدعى عليه استمرار السير ف يها ويترتب على شطب الدعوى استبعادها من الجلسات دون المساس باآلثار المترتبة
على رفعها.
وفي جميع األحوال تعتبر الدعوى كأن لم تكن إذا لم يطلب الخصوم إعادة السير فيها بعد الشطب مدة تزيد على ستين يوماً".
2نصت المادة 512من ق.م.م على أنه " :تعتبر جميع اآلجال المنصوص عليها في هذا القانون كاملة فال يحسب اليوم الذي
يتم فيه تسليم االستدعاء أو التبليغ واإلنذار أو أي إجراء آخر للشخص نفسه أو في موطنه ،وال اليوم األخير الذي تنتهي فيه،
إذا كان اليوم األخير يوم عطلة امتد األجل إلى أول يوم عمل بعده".
3عبد العزيز الحضري" :محاضرات المسطرة المدنية" ،موجهة لطلبة كلية الحقوق وجدة ،سنة ،2015ص .119
4عبد اللطيف اسماعيل" :زمن التبليغ القضائي بين المادة المدينة والتجارية" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،فاس موسم الجامعي ،2020/2021ص.19
57
يجب اإلشارة في البداية إلى أن المشرع حدد لجميع طرق الطعن أجال تسقط بعدم ممارستها
خالله باستثناء تعرض الغير الخارج عن الخصومة الذي لم يحدد له أي أجل لهذا يجب الوقوف
على أجل محدد لكل طريق من طرق الطعن على الشكل التالي:
الطعن بالتعرض :1ينص الفصل 130من ق.م.م على أنه" :يجوز التعرض على األحكام
الغيابية الصادرة عن المحكمة االبتدائية إذا لم تكن قابلة لالستئناف وذلك في أجل عشرة أيام
من تاريخ التبليغ الواقع طبقا للمفصل .54
يجب تنبيه الطرف في وثيقة التبليغ إلى أنه بانقضاء األجل المذكور يسقط حقه في التعرض".
ونفس المقتضى أكد عليه الفصل 3522من ق.م.م عندما يتعلق األمر باألحكام القابلة للتعرض
الصادرة عن محكمة االستئناف.
إذن يتضح من خالل الفصلين أن أجل التعرض هو عشرة أيام من تاريخ التبليغ الواقع طبقا
لمقتضيات الفصل 54من ق .م .م.
الطعن باالستئناف :بخصوص الطعن باالستئناف فحسب الفقرة الرابعة من الفصل 134
من ق .م .م .فإن آجال االستئناف يبدأ في السريان من تاريخ تبليغ الحكم إلى الشخص نفسه أو
في موطنه الحقيقي أو المختار أو بالتبليغ في الجلسة إذا كان ذلك مقررا بمقتضى القانون.
كما أن سريان األجل تجاه الشخص الذي بلغ الحكم بناء على طلبه ابتداء من يوم التبليغ حيث
جاء في أحد قرارات محكمة النقض المغربية" :لما كان تبليغ القرارات يتم بناء على طلب
المحكوم له فإن أجل الطعن باالستئناف يسري في حقه باعتباره طالب التبليغ من يوم تبليغ
الحكم االبتدائي إلى الطرف اآلخر عمال بالفصل 134من ق.م.م ،والمحكمة لما قبلت استئناف
1التعرض هو طريق عادي للطعن في األحكام الغيابية يتقدم به المحكوم عليه الذي لم يدافع عن حقوقه أمام المحكمة المصدرة
للحكم المطعون فيه ،وذلك ليطلب منها إعادة النظر في حكمها بإلغائه أو تعديله على ضوء دفوعه ومطالبه المضمنة بمقال
التعرض وبذلك يختلف التعرض عن االستئناف الذي يرفع أمام المحكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف
كما يختلف عن تعرض الغير الخارج عن الخصومة في كون هذا األخير يمارس من طرف الغير أي من لم يكن ماثال أو
ممثال في الخصومة التي ان تهت بصدور الحكم المتعرض عليه ،في حين يمارس التعرض من شخص كان طرفا فيها ،ولكنه
لم يقدم دفوعه لسبب من األسباب .أنظر إلى نور الدين الناصري :مرجع سابق ،ص .165
2ينص الفصل 352على أنه "تطبق أمام المحكمة المرفوع إليها االستئناف مقتضيات الفصل 130وما يليه".
58
طالب التبليغ بعلة أن الملف خال مما يفيد تبليغ الحكم االبتدائي إليه ،تكون قد خرقت الفصل
المذكور".1
الطعن بالنقض :أما عن أجل الطعن بالنقض فإن مقتضيات الفصل 358من ق .م .م .نجدها
أشارت إلى أنه" :يحدد بصرف النظر في المقتضيات الخاصة أجل رفع الدعوى إلى المجلس
األعلى في ثالثين يوما من تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي.
ال يسري األجل با لنسبة للقرارات الغيابية إال من اليوم الذي يصبح فيه التعرض غير مقبول".
يتبن إذا أن الطعن أمام محكمة النقض يتحدد في ثالثين يوما من تاريخ التبليغ باستثناء القرارات
الغيابية ،حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض المغربية 2ما يلي" :بمقتضى الفصل 358
من ق.م.م يحدد بصرف النظر عن المقتضيات الخاصة أجل رفع الدعوى إلى محكمة النقض
في ثالثين يوما من يوم تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي .ال
يسري األجل بالنسبة للقرارات الغيابية إال من اليوم الذي يصبح فيه التعرض غير مقبول".
والثابت من وثائق الملف أن القرار االستئنافي موضوع الطعن بالنقض صدر غيابيا في حق
الطالب ،وال يوجد بالملف ما يفيد تبليغه به بصفة قانونية حتى يصبح نهائيا وقابال للطعن
بالنقض لذلك فهو غير مقبول".
فمبدأ بدء سريان أجل الطعن بالنقض من تاريخ التبليغ يسري على طالب التبليغ كذلك حيث
جاء في حيثيات أحد قرارات محكمة النقض المغربية في إطار ردها على الطاعن ما يلي:
" بناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف نائب المطلوب والتي تمسك فيها بعدم قبول
الطعن لتقديمه خارج األجل القانوني إذ أن الطاعن بادر إلى سلوك مسطرة تبليغ القرار
المطعون فيه إليه وذلك بتاريخ 14/09/2017وأدلى إثباتا لذلك بصورة لشهادة التسليم وأصل
طي التبليغ موقع عليه من طرف عون التبليغ وأشير فيه إلى اسم المبلغ إليه ومراجع القرار
المبلغ وتاريخ التبليغ الذي يطابق المعلومات المشار إليها بشهادة التسليم.
1القرار عدد 241الصادر بتاريخ 01أبريل 2014في الملف المدني عدد 1/2/2013/4321منشور في نشرة قرارات محكمة
النقض ،الغرفة المدنية ،العدد ،15سنة .2014
2قرار محكمة النقض رقم 156الصادر بتاريخ 24فبراير 2022في اللف المدني رقم .409/1/9/2021
منشور في ،/https://juriscassation.cspj.maتاريخ زيارة الموقع 2023/05/05على الساعة 10:20صباحا.
59
وبناء على تعقيب الطاعن بأن المطلوب أثار الدفع بعدم القبول دون أن يدلي بما يفيد وقوع
الطعن خارج األجل القانوني وفي غياب إثبات كونه سلك مسطرة النقض خارج األجل ويبقى
الدفع غير ذي أساس.
لكن ،حيث ينص الفصل 380من ق.م.م على أن محكمة النقض تطبق القواعد العادية الخاصة
بمحاكم االستئناف فيما يخص جميع مقتضيات المسطرة الغير منصوص عليها في هذا الباب.
وعمال بالفصل 358من نفس القانون فإن أجل رفع الطعن إلى محكمة النقض محدد في ثالثين
يوما من يوم تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي ،وعمال بالفصل
134من نفس القانون فإن أجل الطعن يبتدئ سريانه تجاه الشخص الذي بلغ الحكم بناء على
طلبه ابتداء من يوم التبلي غ وال يقيد تبليغ الحكم من طلبه ولو بدون تحفظ .ولما كان الثابت من
وثائق الملف أن المطلوب بلغ بالقرار المطعون فيه بتاريخ 14/09/2017شخصيا وأن
الطالب لم يطعن في نفس القرار إال بتاريخ 13/11/2017ولم يبد أي تحفظ في أنه هو من
طلب تبليغ القرار فإن الطعن يكون مقدما خارج األجل القانوني المشار إليه".1
إذن يتبين من خالل ما سبق أن مبدأ بدء سريان الطعن من تاريخ التبليغ يسري على كل من
المبلغ إليه وطالب التبليغ ،وبالتالي عدم احترام اآلجال المحددة قانونا من لدن أحدهما يترتب
عنه سقوط الحق في الطعن على اعتبار أن المدة المحددة من قبل المشرع هي مدة حتمية وتمس
النظام العام .ويمكن التمسك بعدم مراعاتها من قبل األطراف كما يحق للمحكمة من تلقاء نفسها
أن ترفض كل طعن قدم خارج األجل المحدد له.
إذا كان األصل في قانون المسطرة المدنية المغربي أن سريان آجال الطعن يبدأ من تاريخ
التبليغ ،فإنه في بعض الحاالت قد يحصل أثناء سريان هذا األجل أن يصاب أحد األطراف
ببعض العوارض التي تؤدي إلى وقف السريان بالنسبة إليه ،ومن بين الحاالت نذكر ما يلي:
حسب مقتضيات الفصل 139من ق .م .م .فإنه إذا وقع تغيير في أهلية أحد األطراف فإن
آجال االستئناف يتوقف وال يبتدئ سريانه من جديد إال بعد خمسة عشر يوما ( )15من تبليغ
الحكم لمن له الصفة في تسلم هذا التبليغ ،ويؤدي نفس النتيجة بالنسبة للطعن بإعادة النظر،
ولكن ليس لها أي تأثير بالنسبة لألجل الذي يخضع له الطعن بتعرض الغير الخارج عن
الخصومة باعتبار األجل الذي يخضع له من قبيل التقادم المسقط وبالتالي يتوقف ميعاد الطعن
عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة لمصلحة القاصرين غير الراشدين وناقصي
األهلية اآلخرين إذا لم يكن لهم وصي أو مساعد قضائي أو مقدم وذلك إلى ما بعد بلوغهم سن
الرشد أو ترشيدهم أو تعيين نائب قانوني لهم .أما بالنسبة للطعن بالنقض فإن الفصل 380من
ق .م .م ،أكد على ضرورة تطبيق القواعد العادية المطبقة بمحاكم االستئناف فيما يخص
المقتضيات غير المنصوص عليها في الباب المتعلق بالطعن أمام محكمة النقض ،وبذلك فإن
تغيير أهلية أحد األطراف خالل هذه المرحلة يجعل اآلجال تتوقف وال تسري إال بعد إعالم من
لهم الصفة بخمسة عشر يوما .وهكذا فبإعادة تبليغ الحكم إلى من يقوم مقام المحكوم عليه يبدأ
أجل الطعن سريانه من جديد دون احتساب المدة الزمنية السابقة على االنقطاع ،أما في حالة
وقف األجل فيعتد بالمدة السابقة على التوقف وتحسب في آجال الطعن.1
نصت المادة 137من ق.م.م على أنه " توقف وفاة أحد األطراف آجال االستئناف لصالح
ورثته ،وال تقع مواصلتها من جديد إال بعد مرور 15يوما التالية لتبليغ الحكم للورثة بموطن
الشخص المتوفى طبقا للطرق المشار إليها في الفصل .54
يمكن أن يقع هذا التبليغ إلى الورثة وممثليهم القانونيين جماعيا دون التنصيص على أسمائهم
وصفاتهم" نفس التوجه ذهب إليه المشرع المصري الذي نص من خالل المادة 216من قانون
المرافعات المصري على أن " ميعاد الطعن يقف بموت المحكوم عليه."......ويرى جانب من
نظم المشرع المغربي كيفية تبليغ الحكم من أجل تنفيذه في الفصل 440من ق .م .م .2وذلك
بأن كلف عون التنفيذ بتبليغ الحكم المكلف بتنفيذه إلى المحكوم عليه أو تعريفه بنواياه وذلك
خالل أجل ال يتعدى عشرة أيام من تاريخ طلب التنفيذ.
يستفاد من مقتضيات الفصل 440من ق.م.م المشار إليه أن تبليغ المحكوم عليه وإعذاره
يعتبر أمرا الزما قبل البدء في التنفيذ وهو ما أكده القضاء المغربي كذلك حيث جاء في قرار
صادر عن محكمة النقض 3ما يلي" :إن تبليغ الحكم قبل مسطرة التنفيذ هو إجراء جوهري
وضروري ولو كان مشموال بالنفاذ المعجل ،باستثناء األوامر التي تأمر فيها المحكمة بتنفيذها
بموجب األصل في حالة الضرورة القصوى".
ألن احترام هذا اإلجراء يحقق غايتين أساسيتين ،األولى تتمثل في تمكين المحكوم عليه من
تنفيذ الحكم اختياريا ،لما في ذلك من تفادي نتائج التنفيذ الجبري ،أما الغاية الثانية فتتجلى في
كون هذا اإلجراء ،يثبت امتناع المحكوم عليه عن تنفيذ الحكم اختياريا ،بمجرد عدم امتثاله
لمنطوق الحكم الذي تم تبليغه إليه وإعذاره به حيث ال يبقى أمامه إال التنفيذ الجبري.4
كما تبلغ المقررات القضائية من خالل الحساب المهني اإللكتروني للمحامي بناء على موافقته".
باإلضافة إلى المادة 632التي تنص على أنه" :تباشر عبر المنصة اإللكترونية إجراءات
تبليغ وتنفيذ المقررات القضائية وتضمن بها جميع اإلجراءات المتخذة في هذا الشأن" .يتضح
من خالل هذه المقتضيات القانونية أنه يمكن للمكلف بالتبليغ مباشرة عملية التبليغ من أجل
التنفيذ بطريقة إلكترونية.
ويرى أحد الباحثين 1أنه :ال يوجد مانع للقيام بالتبليغ من أجل التنفيذ بوسائل االتصال عن بعد،
فإذا تبين أن المعلن له مستعد لتنفيذ الحكم أو القرار ،فبإمكان عون التنفيذ واستنادا إلى وسائل
االتصال عن بعد تحرير محضر بذلك مع تضمينه تعريف المحكوم عليه بنواياه ،وإذا طلب
أجال ضمنه العون بالمحضر وأخبر رئيس المحكمة ليتخذ اإلجراء الذي يراه مناسبا باالستجابة
له تطبيقا لنظرة الميسرة.
وعليه سنحاول من خالل هذا المطلب التطرق إلى ثالثة نقاط أساسية تتمثل في :أسباب
موجبة لبطالن التبليغ (الفقرة األولى) ومدى اعتبار التبليغ القضائي من النظام العام (الفقرة
الثانية) ،باإلضافة إلى الجهة المختصة بالبت في االدعاء ببطالن التبليغ (الفقرة الثالثة).
نص المشرع المغربي على وجوب توافر التبليغ على شكليات معينة يحررها المبلغ عند
قيامه بعملية التبليغ ،وهي ضمانة للمبلغ إليه ولحقه في الدفاع ،إذ تهدف غالبا إما للتعريف
بالجهة المبلغة أو المتسلمة للتبليغ ،وإما لتاريخ التبليغ أو مكانه ،وإما لتنبيه المبلغ إليه بإمكانية
2
سلوك طريق من طرق الطعن داخل أجل معين أو تقديم دعوى أو قيام بعمل داخل أجل محدد
....الخ ،فيما يأتي سنحاول التطرق إلى أهم أسباب بطالن التبليغ بشيء من التفصيل:
بالرجوع إلى الفصول 36و 37و 38من .ق.م.م نجد مشرع المغربي حث على ضرورة
تضمين وثيقة التبليغ مجموعة من البيانات األساسية التي لها أهمية في بيان مصير التبليغ،3
كاألسماء الشخصية والعائلية لألشخاص أو تضمين وثيقة التبليغ يوم وساعة الجلسة أو المحكمة
المختصة ،ما يجب اإلشارة إليه أن هذه البيانات على سبيل المثال ،فهناك بيانات أخرى إذا
1يعرف بعض الفقه البطالن اإلجرائي بكونه" :تكييف قانوني لعمل يخالف نموذجه القانوني مخالفة تؤدى إلى عدم إنتاج اآلثار
التي يرتبها عليه القانون إذا كان كامال" أنظر والي فتحي" :نظرية البطالن في قانون المرافعات " منشورات الحلبي الحقوقية
-القاهرة ،الطبعة الثالثة لسنة .1997ص.8
2يدان يوسف" :أحكام التبليغ وفق قانون المسطرة المدنية" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل مكناس موسم الجامعي ،2019/2018ص.139
3الحسين غواغ" :التبليغات القضائية بين الصحة والبطالن في المادة المدنية" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص
ماستر القوانين اإلجرائية المدنية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض مراكش السنة الجامعية
،2012-2011ص 79وما بعدها.
64
تخلفت تكون سبب في بطالن التبليغ لم نعرج على ذكرها لكونها ترتبط بشكل مباشر بالتبليغ
التقليدي دون التبليغ اإللكتروني.
باإلضافة إلى البيانات العامة المنصوص عليها في المادة 36المشار إليه أعاله هناك
بيانات خاصة ببعض األحكام والقرارات القضائية كما هو الحال بالنسبة لتبليغ األحكام الغيابية،1
إذ تتميز إجراءات تبليغ هذه األحكام بضرورة تنبيه الطرف المبلغ إليه في وثيقة التبليغ إلى أنه
بانقضاء األجل المذكور يسقط حقه في التعرض ،وأي إخالل بهذا التنبيه يؤدي إلى بطالن
التبليغ 2الذي يصير غير معتد به ،ويصبح من حق كل ذي مصلحة التعرض على الحكم الغيابي
ولو خارج األجل ،3في هذا الصدد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض المغربية 4ما يلي:
"بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 230من ق.م.م يجب تنبيه الطرف في وثيقة التبليغ إلى أنه
بانقضاء أجل عشرة أيام من تاريخ التبليغ يسقط حقه في التعرض ،وأنه بالرجوع إلى نسخة
القرار الغيابي المبلغة إلى الطاعن نجدها ال تشمل على التنبيه المذكور المنصوص عليه بصيغة
الوجوب وحيث إن التنبيه المشار إليه يمس بالنظام العام ،وال يسري وقوع أجل التعرض إال
من تاريخ وقوع التبليغ الصحيح ،وأنه في حالة اإلخالل بهذا المقتضى فإن التبليغ يكون باطال
وال ينتج أثره في مواجهة المتعرض الذي بقي أجل التعرض مفتوحا أمامه ولو انقضى أكثر
من عشرة أيام على وقوع التبليغ الغير الصحيح ،وأن محكمة االستئناف لما اعتبرت تبليع
القرار الغيابي صحيح رغم عدم تضمين وثيقة التبليغ اإلنذار المذكور تكون قد خرقت مقتضيات
الفصل 130من ق.م.م" ،ونفس األمر يؤكده كذلك القرار الصادر حديثا عن نفس الجهة
القضائية حيث جاء فيه" :طبقا للفقرة الثانية من الفصل 130من قانون المسطرة المدنية ،يجب
تنبيه الطرف في وثيقة التبليغ إلى أنه بانقضاء األجل المذكور يسقط حقه في التعرض،
1تنص الفقرة األخيرة من الفصل 130من ق.م.م "يجب تنبيه الطرف في وثيقة التبليغ إلى أنه بانقضاء األجل المذكور يسقط
حقه في التعرض".
2ينضاف إلى ذلك حالة الفصل 161من ق.م.م :جاء في هذا الفصل " تشتمل وثيقة التبليغ على نسخة من مقال وسند الدين
واألمر باألداء وإنذار المدين بوجوب تسديد مبلغ الدين والصوائر المحددة في األمر مع إشعاره بأنه إذا كان لديه وسائل دفاع
يريد استعمالها سواء فيما يتعلق باالختصاص أو الموضوع أن من الواجب عليه أن يقدم االستئناف في ظرف 8أيام طبقا
للقواعد المقررة في القسم الثالث المشار إليه أعاله وإال أصبح األمر باألداء مشموال بالتنفيذ المعجل"
3عبد اللطيف خالفي :م .س ،ص .156
4قرار عدد 544مؤرخ في ،29/12/1986ملف اجتماعي عدد ،3803أورده عادل األكحل ومحمد الدحمان "اجراءات
التبليغ في القضايا المدنية " بحث نهاية التدريب المعهد العالي القضائية ،الرباط السنة الدراسية ،2003-2005ص .61
65
والمحكمة مصدرة القرار لما اعتبرت اإلخالل بالتنبيه في طي التبليغ موجبا لبطالن التبليغ
وبقاء أجل التعرض مفتوحا ولو انقضى أجل عشرة أيام على التبليغ غير الصحيح وصرحت
بذلك ضمنيا النظر في المقال اإلضافي ،مادام توفر لها ما يكفي لبناء قضائها عليه ،فإنها جعلت
فيما قضت به أساسا وعللت قرارها بما يكفي ولم تخترق المحتج به ،وما بالوسيلة على غير
أساس".1
إن وثيقة التبليغ يجب تضمينها كذلك بيانات ترتبط بعون التبليغ حتى يتسنى معرفة الجهة
القائمة بالتبليغ ،وهل لها الصفة في ذلك أم ال؟ .لذلك نص الفصالن 38و 39على ضرورة
تضمين توقيع العون أو السلطة القائمة بالتبليغ ،فإذا تبين أن التبليغ الذي تم إجراؤه من طرف
من ليس له الصفة فإنه يعتبر باطال على اعتبار أن الجهات المكلفة بالتبليغ محددة على سبيل
الحصر تطبيقا لمبدأ شكلية التبليغ من جهة ،أما من جهة أخرى فإن المبلغ يعتبر مرتكبا لجريمة
التزوير في وثيقة رسمية إذ هو قام بتغير الحقيقة ،ويعتبر مرتكبا لهذه الجريمة كل من يقوم
بتزوير محضر التبليغ بالتغيير فيه أو تقليد اإلمضاء ،لذا يتطلب من عون التبليغ بعد توقيعه
على المحضر المعني عدم إدخال أي تغيير للمعلومات التي عمل على تضمينها إياه.2
والقضاء المغربي بدوره أكد على ضرورة القيام بالتبليغ من قبل من له الصفة إذ جاء
في قرار صادر عن محكمة النقض المغربية 3ما يلي" :إذا كانت المادة 23من القانون رقم
81.03أعطت الحق لألطراف في استبدال المفوض القضائي في أي مرحلة من مراحل
الدعوى أو اإلجراءات ،فإنها قيدت ذلك بإشعار كل من المفوض القضائي السابق وكتابة الضبط
وال دليل يفيد قيام المعني باألمر بذلك ،طالما أن شواهد التسليم المدلى بها أتت ال تتضمن توقيع
المفوض القضائي المنتدب من طرف المحكمة للقيام بعملية التبليغ ،وإنما تضمنت توقيع كاتب
: 1القرار عدد 84الصادر بتاريخ 16فبراير 2021في الملف الشرعي عدد 239/2/1/2018
منشور في / https://juriscassation.cspj.maتاريخ زيارة الموقع .2023/02/20على الساعة 11:16صباحا.
2عبد الحق المتوكل :مرجع سابق ،ص.107
3القرار رقم 173/4المؤرخ في 14ماي 2013ملف مدني رقم 873/1/4/2012
منشور في ،/https://juriscassation.cspj.maتاريخ زيارة الموقع .2023/02/20على الساعة 11:33صباحا.
66
عون قضائي ومفوض قضائي ال صلة لهما بملف التبليغ ومن تم فإن عملية التبليغ تبقى مخالفة
للمقتضيات المنصوص عليها في القانون المذكور ويبقى التبليغ المتمسك به باطال".
كما أنه ال يحق للمفوض القضائي 1أو غيره ممن سمح لهم القانون بمباشرة عملية التبليغ
القيام به خارج دائرة اختصاصه ،وإن حدث وتم خرق هذه المقتضيات حق للمتضرر التمسك
ببطالن هذا التبليغ ،2وهنا يمكن أن نتساءل عن إمكانية تقييد االختصاص المكاني لألشخاص
القائمة على التبليغ إذا تم االعتماد على الطريقة اإللكترونية ،خصوصا ً أن مفهوم المكان يصبح
افتراضيا عند استعمال الوسائل اإللكترونية.
يبدو أن فكرة التقيد باالختصاص المكاني ستبدد مع استعمال وسائل االتصال عن بعد
للقيام بالتبليغ ذلك أن الجهة المكلفة بالتبليغ ال تحتاج إلى التنقل المادي بل يمكنها القيام بمهامها
وهي بمكتبها ،أي أنها ال تحتاج الخروج من دائرة نفوذها ،خاصة وأن البريد اإللكتروني مثال،
كعنوان ليس له مكان حقيقي مرتبط بالتراب ،بل يمكن االطالع عليه من أية نقطة في العالم،
ونظرا لذلك فإننا نقول بأن االختصاص المكاني سيتبدد مع التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية،
وبالتالي قد وجب على المشرع أن ينتبه لذلك ويحسم في هذه النقطة من خالل مشروع قانون
المسطرة المدنية قبل خروجه حيز التنفيذ.3
إن االعتماد على الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي يضيف سبب آخر إلى األسباب
الموجبة لبطالن التبليغ القضائي ويتعلق األمر هنا بالتصريح بقبول اعتماد الطريقة اإللكترونية
في التبليغ القضائي على اعتباره شرطا جوهريا في عملية التبليغ.
وإن كان االتفاق على أن التصريح بقبول اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي
مسألة ضرورية إال أن القضاء الفرنسي اختلف حول القبول الصريح والقبول الضمني وفي
1جاء في المادة 2من القانون رقم 81.03المتعلق بمهنة المفوضين القضائيين "تحدث بدوائر المحاكم االبتدائية مكاتب
المفوضين القضائيين للقيام بالمهام المنوطة بهم طبقا هذا القانون أمام مختلف المحاكم المملكة ".
2يدان يوسف :مرجع سابق ،ص.146
3هشام بوحماد :مرجع سابق ،ص .122
67
هذا السياق اعتبرت محكمة االستئناف تولوز 1أنه ال يعتد بالقبول الضمني العتماد الطريقة
اإللكترونية في التبليغ ،وانما يعتد بالقبول الصريح.
في حين اعتبرت محكمة االستئناف بنيم 2في قرار صادر عنها أن انتساب المحامي إلى
شبكة المحامين الخاصة االفتراضية ( )RPVAيعد بمثابة موافقة على اعتماد الطريقة
اإللكترونية في التبليغ وبالتالي ال يتطلب ذلك الموافقة الصريحة المنصوص عليها في المادة
التي 3
1-748من قانون اإلجراءات المدنية ،ونفس التوجه ذهبت محكمة االستئناف بوردو
أكدت هي األخرى على أن انتساب المحامي إلى شبكة المحامين الخاصة االفتراضية
) )RPVAيعتبر بمثابة موافقة على اعتماد الطريقة اإللكترونية وبالتالي ليس بضروري القبول
الصريح لتوجيه اإلجراءات بطريقة إلكترونية.
يعتبر التبليغ الوسيلة اإلجرائية ،والمفتاح الذي يتحقق بواسطته علم أطراف النزاع ،لذلك
فسالمة اإلجراءات هو إقرار وحماية لمصالح هؤالء واإلخالل بأي مقتضي من مقتضياتها هو
مس بحق من حقوق الدفاع لذا فلحسن سير العدالة فإن األمر يقتضي تدخل الجهاز القضائي
لبسط رقابته باعتباره الضامن لحقوقهم 4مما يطرح معه التساؤل حول مدى اعتبار التبليغ من
النظام العام.
من خالل االطالع على نصوص ق.م.م المغربي لم يتضمن أي نص صريح يقر أو ينفي
ارتباط الطعن في إجراءات التبليغ بالنظام العام ،عكس بعض التشريعات التي سمحت للمحكمة
إذا تبين لها أن مسطرة التبليغ يشوبها عيب يبرر بطالنه فال ينبغي أن تتردد في تأجيل الدعوى
وإعادة التبليغ وفق ما هو مرسوم قانونا ،و هذا ما عبر عنه المشرع المصري في المادة 85
site 02/01/2023.
3 Cour Bordeaux, 1 mars 2013, 12/07142, publié au Légifrance. la date de la visite du
site 02/01/2023.
4عبد الحق المتوكل .م .س ،ص .121
68
من قانون المرافعات بنصه على أنه "إذا تبينت المحكمة عند غياب المدعى عليه بطالن إعالنه
بالصحيفة وجب عليها تأجيل القضية إلى جلسة تالية يعلن لها إعالنا ً صحيحا بواسطة خصمه"،
يعد هذا تجسيد لمبدأ المواجهة بين الطرفين.1
وفي هذا الصدد يرى جانب من الفقه :2أن البطالن المقرر بموجب القانون اإلجرائي
المغربي نتيجة مخالفة حكم من األحكام يعتبر من النظام العام ،وبالنتيجة يتعين على المحكمة
التصريح بالبطالن من تلقاء نفسها ،ولو لم يثار من طرف من له مصلحة في ذلك وال يشترط
3
في ذلك أن يكون لحقه ضرر من جراء ذلك ،وعلى عكس من ذلك يرى جانب آخر من الفقه
أن المشرع المغربي يأخذ بالقاعدة العامة القائلة بأن بطالن التبليغ ليس من قبيل النظام العام،
فقد أخضعه لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 49من ق.م.م ،التي لم تستثني الدفع ببطالن
التبليغ كدفع شكلي من قاعدة وجوب الدفع بالبطالن اإلجرائي إذا ما تضررت مصالح األطراف
قبل كل دفاع ،في نفس التوجه هناك رأي آخر 4قائل بأن مخالفة إجراء من اإلجراءات المتحدث
عنها ليس من النظام العام ،وبذلك يجب على من يريد التمسك به أن يثيره مع إثبات الضرر
الذي أصابه ،وأن محكمة الطعن وحدها التي يمكن أن تحكم ببطالن التبليغ بصفة تلقائية بصدد
مراقبة آجال الطعن ألن تلك المراقبة تتعلق باإلجراءات الشكلية األساسية لقانون المسطرة
المدنية مما يقتضي التأكد من صحة التبليغ باعتباره منطلقا الحتساب آجال الطعن التي تعتبر
من النظام العام فاألمر المتعلق بالنظام العام في هذه الحالة هو آجال الطعن وليس التبليغ.
القضاء بدوره يؤكد على أن التبليغ ليس من النظام العام ،إذ جاء في قرار صادر عن
محكمة النقض 5في إطار ردها على الطاعن الذي عاب على القرار المطعون فيه بخرق الفصل
الثالث من قانون المسطرة المدنية إذ جاء في القرار" ...حقا حيث إن محكمة االستئناف كدرجة
ثانية للتقاضي يقتصر نظرها على ما تناوله أسباب االستئناف من طلبات وال يجوز لها أن
من وجهة نظري يمكن القول أنه إذا ما تم اإلقرار بأن التبليغ من النظام العام فإن ذلك
يؤدي حتما إلى إعفاء المتمسك ببطالن إجراءات التبليغ من إثبات الضرر وهو ما يخالف
مقتضيات الفصل 49من ق.م.م الذي يشترط وجود ضرر للمتمسك ببطالنه هذا من جهة،
ومن جهة أخرى فإن اإلقرار بكون مسطرة التبليغ من النظام العام يؤدي حتما إلى وجوب إثارة
بطالن التبليغ من قبل المحكمة ألي إغفال في مسطرة التبليغ وهذا يؤدي إلى كثرة اإللغاءات
لعملية التبليغ عندها تصبح مسطرة التبليغ وسيلة لعرقلة القضاء.
حتى تكتمل األركان العامة للطعن في إجراءات التبليغ فمن المفروض معرفة الوجهة
القضائية التي يجب على المضرور ممارسة هذا الطعن أمامها ،متجاوزا بذلك الدفع بعدم
االختصاص الذي يمكن أن تثيره المحكمة لكون النزاع ال يدخل ضمن اختصاصاتها النوعية
وقد كانت والزالت هذه اإلشكالية –إشكالية االختصاص-موضوع تساؤل في أواسط الفقه
والقضاء بمعنى هل الطعن في إجراءات التبليغ يتطلب رفع دعوى أصلية أمام المحكمة
االبتدائية مصدرة الحكم؟ أم أن األمر ال يتطلب ذلك ويقتصر االختصاص على محكمة
االستئناف باعتبار هذا اإلجراء من بين الدفوعات التي يتطلب إثارتها أمام محكمة االستئناف؟
70
من جهة ثانية المخاطب باإلجراء قد ال يقتصر عند المطالبة ببطالن الحكم أو اإلنذار
موضوع التبليغ بل قد يتعدى ذلك بادعائه زورية وثيقة التبليغ.1
لإلجابة عن التساؤالت المثارة أعاله سنحاول التطرق إلى الجهة المختصة بالطعن في إجراءات
التبليغ (أوال) ،على أن نتطرق إلى المحكمة المختصة بالنظر في زورية وثيقة التبليغ (ثانيا).
بما أن مسطرة التبليغ من اإلجراءات المسطرية الشكلية ،فإن اإلخالل بالمقتضيات القانونية
الواجبة اإلعمال يوجب الطعن فيها ،في هذا الصدد نصت المادة 49من ق.م.م على أنه" :
يجب أن يثار في آن واحد وقبل كل دفاع في الجوهر الدفع بإحالة الدعوى على محكمة أخرى
لتقديمها أمام محكمتين مختلفتين أو الرتباط الدعوتين والدفع بعدم القبول وإال كان الدفعان غير
مقبولين.
يسري نفس الحكم بالنسبة لحاالت البطالن واالختالالت الشكلية والمسطرية التي ال تقبلها
المحكمة إال إذا كانت مصالح الطرف قد تضررت فعال ".
يتضح من خالل هذه المادة أن األصل في الطعن في صحة إجراءات التبليغ أن يتم عن
طريق دفع شكلي أمام المحكمة ،ويجب أن يقدم هذا الدفع قبل مناقشة الجوهر مع إثبات الضرر
تحت طائلة عدم قبوله ،ألن سكوت المعني باألمر عن إثارتها قبل أي دفع أو دفاع يعد بمثابة
تنازل عنها ،ويرى أحد الفقه المغربي 2أن هذا األمر موافقا للمنطق السليم ،إذ ال يستساغ اإلبقاء
على إثارة مثل هذه الدفوع في كل مراحل الدعوى ألن من شان ذلك تأخير الفصل في الدعوى.
إال أنه في كثير من األحيان ما يلجأ الطاعن باالستئناف إلى تقديم دعوى مستقلة أمام المحكمة
االبتدائية الرامية إلى بطالن تبليغ الحكم االبتدائي ،ملتمسا في ذات الوقت من محكمة االستئناف
بعد إدالءه بنسخة من مقال دعوى بطالن التبليغ إلى إيقاف البت في الدعوى إلى حين بت
المحكمة االبتدائية في دعوى البطالن.2
بالرجوع إلى النصوص القانونية نجد أن المشرع ال يمنع صراحة من له مصلحة في
الطعن ببطالن تبليغ الحكم القضائي قصد فتح أجل االستئناف بالمبادرة إلى رفع دعوى مستقلة
أمام المحكمة االبتدائية الرامية إلى بطالن تبليغ الحكم االبتدائي عوض الدفع بذلك أمام محكمة
االستئناف التي تنظر في استئنافه ،ويرى األستاذ نور الدين البريس 3أن ذلك ال يمكن أن
نستخلص منه أن المشرع يؤيد نظرية الخيار التي تسمح لمن له الحق في الطعن ببطالن تبليغ
الحكم القضائي بين اللجوء إلى المحكمة االبتدائية أو إثارة الدفع المذكور أمام محكمة االستئناف
أثناء النظر في استئنافه .هناك جانب من الفقه يرى 4أن االستئناف ينشر الدعوى من جديد،
وأن محكمة االستئناف هي التي لها صالحية النظر في صحة أو بطالن تبليغ االستدعاء أو
اإلنذار أو الحكم المؤسس عليهما المنشور أمامها ألنها محكمة األصل ومحكمة األصل هي
محكمة الفرع.
أما بخصوص العمل القضائي المغربي نجد مسألة تحديد الجهة المختصة بالبت في بطالن
إجراءات التبليغ شكلت نقطة تباين في العمل القضائي ويرجع السبب في إثارة هذه االختالفات
إلى الطاعن الذي يتقدم تارة بدعواه إلى المحاكم االبتدائية وتارة أخرى إلى محاكم االستئناف.
إذ جاء في أحد قرارات محكمة النقض المغربية في إطار ردها على الطاعن الذي عاب على
القرار ينقصان التعليل الموازي النعدامه وتحريف الوقائع ذلك أن الطاعن نفى نفيا قاطعا
1قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 12/07/95تحت عدد 3854في الملف المدني عدد 2661/93منشور بمجلة قضاء
المجلس األعلى عدد 49و 50ص 72وما يليها أورده محمد بفقير :م .س ،ص.299
2قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 27/03/12تحت عدد 1622في الملف عدد 1948/11منشور بمجلة قضاء
محكمة النقض عدد ،75ص 47وما يليها.
73
لكن ،حيث إن غاية الطعن في التبليغ هو أن يكون الطعن في الحكم داخل أجله ،وبذلك فإن
الجهة التي يمكنها أن تنظر في مثل هذه الدعوى هي التي تنظر في االستئناف أو التعرض ،ما
دام أن تبليغ األحكام القضائية الصادرة عن قضاء الموضوع في إطار الفصول 54و 349
من ق.م.م مقرر من أجل انطالق وحساب آجال الطعون التي نص القانون على إمكانية
ممارستها ،وبذلك فال مجال لمناقشة عدم صحة تبليغ الحكم إال من أجل التمسك بكون الطعن
في الحكم (بالتعرض أو االستئناف أو النقض) لم يكن خارج أجله ،وما دام الطعن في الحكم لم
يمارس فال مصلحة من الطعن في إجراءات تبليغه ،وبهذه العلة القانونية المحضة المستمدة من
الفصول 1و 54و 134و 358و 349من ق.م.م ،تعوض محكمة النقض العلة المنتقدة
والخاطئة بالوسيلة مما يكون معه منطوق القرار معلال والوسيلة على غير أساس".
إال محكمة النقض المغربية لم تستقر على نفس الموقف بل ذهبت في قرار آخر تاصادر
عنها ،إلى أن " محكمة االستئناف هي المختصة بالنظر في الدفع ببطالن التبليغ مادام النزاع
نشر برمته أمامها ألن المتفق عليه فقها وقضاءا عدم جواز ايقاف محكمة االستئناف البت في
الطعن بسبب رفع دعوى ترمي إلى بطالن التبليغ" .1ونفس التوجه ذهبت إليه محكمة النقض
المغربية 2في قرار آخر لها حيث جاء فيه ما يلي" :جواب محكمة االستئناف عن دفع المكتري
الرامي إلى عدم قانونية تبليغه باإلنذار باألداء والفسخ استنادا إلى قاعدة (قاضي الدفع قاضي
الموضوع) التي تخول لها الصالحية للبت في الدفع المذكور ،وبالتالي لم تكن في حاجة
لالستجابة للطلب الرامي إلى إيقاف البت في النازلة إلى حين البت في دعوى بطالن إجراءات
التبليغ بما يعتبر رفضا ضمنيا للطلب المذكور".
من وجهة نظري أرى أن إمكانية رفع دعوى مستقلة أمام المحكمة اإلبتدائية رامية إلى
بطالن التبليغ من شأنها إطالة أمد الخصومة ،وبالتالي من صواب تحديد جهة المختصة في
المحكمة المعروض عليها النزاع.
1قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 2012/2/23تحت عدد 183في ملف تجاري عدد 11/2/3/654أورده محمد
بفقير :م.س ،ص .300
2القرار عدد 163الصادر بتاريخ 20مارس 2014في الملف التجاري عدد .1145/3/2/2013
منشور في ./https://juriscassation.cspj.maتاريخ زيارة الموقع 2023/05/21على الساعة 11:10صباحا.
74
ثانيا :المحكمة المختصة في طعن بزورية وثائق التبليغ
باعتبار وثيقة التبليغ من المحررات الرسمية التي ال يمكن الطعن فيها إال بالزور ،فإن
المدعي بزوريتها يتوجب عليه الطعن أمام الجهة المختصة وهو يملك االختيار بين أحد طرق
التالية:
اختيار المعني باإلجراء عرض دعواه على المحكمة الزجرية في إطار ما يسمى بالدعوى
العمومية ،وتطبيقها لقاعدة الجنائي يعقل المدني 1فإن بت المحكمة المدنية في صحة التبليغ من
عدمه متوقف عما انتهت إليه الدعوى العمومية التي تنظر في زورية نفس المحرر ،لتصبح إذا
قاعدة قاضي الدفع هو قاضي الموضوع غير منتجة ألي أثر .2إذ يقضي الفصل 102من
ق.م.م بأنه" :إذا رفعت إلى المحكمة الزجرية دعوى أصلية بالزور مستقلة عن دعوى الزور
الفرعي فإن المحكمة توقف البت في المدني إلى أن يصدر حكم".
إلى جانب دعوى الزور األصلية يمكن للمعني باألمر سلوك دعوى أخرى أطلق عليها
المشرع المغربي دعوى الزور الفرعي من أجل الطعن بالزور في وثيقة التبليغ ،وقد تطرق
إليها المشرع المغربي في الفصول 92إلى 102من ق.م.م في الشق المتعلق بإجراءات تحقيق
الدعوى أمام المحكمة االبتدائية والمسطرة ذاتها أحالت عليها مقتضيات الفصل 136من ق.م.م
حينما يتعلق األمر بالطعن بالزور أمام محكمة االستئناف ،في حين تم تنظيم هذه المسطرة
بمقتضيات خاصة أمام محكمة النقض ،وإذا كان المشرع لم يشر صراحة إلى إمكانية سلوك
دعوى الزور الفرعي عندما يتعلق األمر بالوثائق الرسمية كشهادة التسليم فإن القضاء أقر هذه
اإلمكانية ،حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض 3ما يلي" :بصرف النظر عن طلب الزور
الفرعي من طرف المحكمة بعلة "إن شهادة التسليم هي وثيقة رسمية وال يمكن الطعن فيها إال
1وتجدر اإلشارة أن إعمال قاعدة الجنائي يعقل المدني بخصوص الدفع ببطالن التبليغ المثار أمام المحكمة المدنية متوقف على
شريط أساسي ،يتمثل في كون الطعن بالزور في صحة إجراءات التبليغ يجب أن يكون منتجا في الدفع المنار أمام المحكمة
المدنية ،أما إذا كان غير منتج ،كما إذا كان التبليغ في أساسه غير نظامي أو شاب إجراءاته عيبا يؤدي إلى بطالنه دون حاجة
إلى الطعن فيه بالزور أو كان الطعن أو الدعوى مرفوعين خالل األجل غير القانوني ،فإن المحكمة المدنية ال تتقيد بدعوى
الزور العمومية وإنما تتصدى للدفع وتفصيل فيه وفق القانون :راجع الحسن بوقين .م .س ،ص .170
2عبد الحق المتوكل :م .س ،ص .112
3القرار عدد 108الصادر بتاريخ 20فبراير 2014في الملف التجاري عدد ،2012/1/3/572منشور في نشرة قرارات
محكمة النقض الغرفة التجارية العدد 17سنة ،2014ص .173
75
عن طريق دعوى زور أصلية" دون مراعاة أن دعوى الزور الفرعي هي وسيلة خول
بمقتضاها الفصل 92من ق.م.م ألحد األطراف إمكانية الطعن أثناء سريان الدعوى في أحد
المستندات التي يدلي بها خصمه ويرى أنها مزورة دون تمييز بين الوثائق الرسمية أو العرفية،
وإن أقيمت إلى جانبها دعوى أصلية بالزور أمام المحكمة الزجرية فإنه يتوجب على القضاء
المدني أن يؤجل النظر في دعوى الزور الفرعي إلى أن تصدر المحكمة الزجرية حكمها كما
ينص على ذلك الفصل 102من ق.م.م ،فتكون بمنحاها المذكور قد خرقت الفصل 92من
ق.م.م الذي ليس من بين مقتضياته ما ينص على أن الوثائق الرسمية غير خاضعة للطعن
بالزور الفرعي" ،وفي نفس التوجه ذهبت من خالل قرار آخر لها حيث جاء فيه ما يلي" :إن
المحكمة مصدرة القرار المطع ون فيه لما بتت فيما كان معروضا عليها ،وال يوجد أي نص
قانوني يلزمها برفع اليد عن النزاع لعرضه على جهة قضائية أخرى ،مادام أن الفصل 92من
ق م م ،يعطي الصالحية للبت في دعوى الزور الفرعي للجهة القضائية المعروض عليها
النزاع بغض النظر عن أنها بتت بصفة استعجالية أو في الموضوع ،ونفس الشيء يصدق على
المخول لها قانونا ،والوسيلة على غير
ّ المنازعات في التبليغ فإنها لم تتجاوز االختصاص
أساس".1
وتطبيقا لهذه المسطرة فإن ثبوت الزور الفرعي يلزم المحكمة بضرورة إحالة الملف على
النيابة العامة من أجل متابعة الجريمة مرتكبة بالنظر لخطورة الفعل اإلجرامي وهو ما أكده
القضاء المغربي حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض" 2لما اعتبرت المحكمة أن األمر
يتعلق بدعوى الزور الفرعي ،وقررت على إثر ذلك الحكم برفضها وإيقاف البت في الدعوى
األصلية إلى حين صيرورة قرارها في جانبه المتعلق بالزور الفرعي باتا ولم تقم بإحالة الملف
على النيابة العامة لوضع مستنتجاتها ،يكون قرارها خارقا للقانون".
1القرار عدد 83الصادر بتاريخ 11فبراير 2021في الملف التجاري عدد 3/1/2019/828
منشور في ./juriscassation.cspj.maتاريخ زيارة الموقع 2023/05/21على الساعة 9:50صباحا.
2قرار عدد 9الصادر بتاريخ 8يناير 2015في الملف التجاري عدد،2012/1/3/1559
منشور في نشرة قرارات محكمة النقض الغرفة التجارية العدد 23سنة ،2015ص .141
76
المبحث الثاني :آثار التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية على منظومة العدالة
ومعيقاته
أوصت الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصالح منظومة العدالة على تبني الرقمنة من
خالل تقوية البنية التكنولوجية لإلدارة القضائية ،وكذا تعديل النصوص القانونية المرتبطة
بالمساطر التي يمكن مباشرتها إلكترونيا لتسهيل خدمة المتقاضين وكل المتدخلين في مجال
العدالة إذ يتعلق الهدف الرئيسي السادس من ميثاق إصالح منظومة العدالة بتحديث اإلدارة
القضائية وتعزيز حكامتها اذ جاء فيه" :تقتضي عصرنة أساليب اإلدارة القضائية معالجة
جوانب هيكلية وتنظيمية ،في هذه اإلدارة ،تمكنها من تسهيل أداء القضاء لمهمته على الوجه
األكمل ،وتلبية حاجيات المواطنين بنجاعة وفعالية.
ولبلوغ هذا الهدف يتعين النهوض بالبنية التحتية للمحاكم لتوفير ظروف مالئمة للعمل
واالستقبال وتحديث أساليب اإلدارة القضائية ،بما يكفل عقلنة تدبير مواردها البشرية والمادية،
واالرتقاء بأدائها ،مع ارتكازها على استخدام التكنولوجيا الحديثة ،كخيار استراتيجي من أجل
تحقيق العدالة الرقمية ،والحوسبة الشاملة لإلجراءات والمساطر القضائية ،وضمان االنخراط
كل مكونات اإلدارة القضائية في التطوير النوعي لخدمات منظومة العدالة".
المطلب األول :آثار التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية على منظومة العدالة
يعد ضمان الوصول إلى عدالة جيدة المرتكز األساس لجميع الدول ،ومن أجل ذلك تسعى
كل الدول لتنظيم اللجوء إلى العدالة ،والعمل على إصالح وتحديث إدارتها تدبيرا وتسييرا
والمراجعة الدورية لركائزها األساسية خاصة منها المادية واللوجستيكية ،ويعد التحول الرقمي
من أبرز األليات التي راهنت عليها كل دول العالم بصفة عامة والمغرب بصفة خاصة ،وذلك
77
من أجل إدخال وسائل االتصال الحديثة في إجراءات التقاضي لما لهذه الوسائل المتاحة من
آثار إيجابية على منظومة العدالة ،ويري األستاذ حسن الرحية 1أن تقنيات االتصال الحديثة
تهدف إلى تطوير خدمات المتقاضين بدءا ً من سرعة المعامالت وتقليل المدة الزمنية بين
الجلسات للمحاكمة والبت في أجل معقول وهذا يذهب بنا فيما الريب فيه لشك بأن اعتماد هذه
التقنيات سيسهم بشكل واضح في تقليل األعباء المادية على أطراف الدعوى.
وعليه سنتطرق إلى آثار التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية من خالل ترشيد الزمن
القضائي (الفقرة األولى) ،وتقريب القضاء من المواطن (الفقرة الثانية) باإلضافة إلى تحقيق
النجاعة القضائية (الفقرة الثالثة).
الفقرة األولى :دور التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية في ترشيد الزمن القضائي
يحتل مفهوم الزمن القضائي 2أهمية بالغة ضمن الحقل المعرفي للقانون ،فالمحاكمة العادلة
بما تحمله من حقوق للمتقاضين يجب البت فيها في زمن معقول ،وإال سينتج عن اإلخالل بذلك
أ ضرارا جسيمة بحقوق المتقاضين ،والحال أن منطق تدبير الزمن القضائي يجد أساسا قانونيا
باإلعالنات واالتفاقيات الدولية واإلقليمية والتي نصت على أهمية إجراء المحاكمة في زمن
معقول ،أما على المستوى الوطني نجد الفصل 120من الدستور 3أكد على أن إصدار األحكام
القضائية داخل أجل معقول حقا من حقوق المتقاضين .4وأيضا الرسالة الملكية الموجهة إلى
المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة بمراكش والتي جاء فيها" :ندعو الستثمار
ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية ،وتبني
خيار تعزيز وتعميم المادية اإلجراءات والمساطر القانونية والقضائية ،والتقاضي عن بعد
1مداخلة األستاذ حسن الرحية :في الندوة الوطنية عن بعد بعنوان" :األمن القانوني والقضائي في ظل حالة طوارئ الصحية
بالمغرب" المنظمة من قبل المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية ومجلة القانون واألعمال الدولية يوم السبت
16ماي .2020
2يقصد بالزمن القضائي ذلك األمد الذي تستغرقه الخصومة القضائية والذي يمتد من تاريخ تقييدها في السجالت الرسمية
للمحكمة وإلى غاية استيفاء الحق المحكوم به من خالل مسطرة التنفيذ راجع بهذا الخصوص يونس الرياحي" :العدالة الرقمية
وعدم هدر الزمن القضائي" ،مقال منشور في مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية عدد 12فبراير 2021ص .360
3ينص الفصل 120من الدستور المغربي على أنه" :لكل شخص الحق في محاكمة عادلة ،وفي حكم يصدر داخل أجل
معقول."...
4هشام الراشدي :م .س ،ص 317وما بعدها.
78
باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة وذلك انسجاما مع متطلبات منازعات
المال واألعمال مع الحرص على تقعيدها قانونيا ،وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في
ورش التحول الرقمي".1
ال شك أن تكنولوجيا المعلومات وثورة االتصاالت الهائلة التي شهدها العالم مؤخرا انعكست
على مناحي الحياة كافة ،ولم يكن القضاء وإجراءاته بمنأى عن هذه الثورة والطفرة الكبيرة،
ومن ثم تطوير القضاء تحويله إلى التقنيات اإللكترونية ،فحلت نظم الدعاوى المعلوميات
واالتصاالت محل اآلليات التقليدية التي اعتاد المتخاصمون القيام بها لتحريك ورفع ومباشرة
أمام المحاكم المختصة ،ومتابعة ما يستجد فيها من قرارات أو إجراءات قضائية حتى صدور
الحكم والطعن فيه بل حتى مباشرة إجراءات تنفيذه.
فتحل الوسائل اإللكترونية محل الوثائق والمستندات الورقية ،وهو األمر الذي يتيح سرعة
الوصول إلى المعلومات واسترجاعها والربط بينها من خالل إدارة األداء في مرفق العدالة،
وال شك أنها وسيلة فعالة إلدارة الوقت من ثم فإن هذه المنظومة القضائية اإللكترونية تُعد
صياغة أو هيكلة جديدة لإلجراءات القضائية ،مما يحسن ويجود الخدمة القضائية.2
إذ أدى التقدم العلمي في مجال المعلوميات وأجهزتها المختلفة إلى تبسيط العديد من المعامالت
القانونية ،3خاصة منها اإلجرائية .وغني عن البيان أنه أصبح من الممكن القيام بإجراءات تبليغ
الدعوى وتبادل المذكرات بين الطرفين في ثوان معدودة ،ودون الحاجة إلى متدخلين مساعدين
يتوسطون هذه العمليات في العديد من الدول المتقدمة.
1مقتطف من الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة ،مراكش ،االثنين 12
أكتوبر .2019
2إيمان بنت محمد بن عبد هللا القثامي" :التقاضي عن بعد :دراسة فقهية تطبيقية على النظام السعودي" ،مقال منشور في مجلة
علوم الشريعة والدراسات اإلسالمية العدد 84مارس ،2021ص .979-988
3للمزيد أكثر راجع إبراهيم الدسوقي أبو الليل" :الجوانب القانونية للتعامل اإللكتروني" ،مجلس النشر العلمي ،جامعة الكويت،
طبعة األولى لسنة ،2003ص .325
79
فاعتماد التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية كإجراء من إجراءات التقاضي سيساهم
ال محال في ترشيد الزمن القضائي .ألن رقمنة إجراءات التبليغ ستمكن المتقاضين من الحصول
على خدمة التبليغ التي يقدمها مرفق القضاء في أجل مقبول ودون انتظار.
الفقرة الثانية :دور التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية في تقريب القضاء من المواطن وترشيد
النفقات
التحول الرقمي كمفهوم جديد أصبح من عناوين اإلصالح والتغيير ،بالنسبة لكافة المرافق
العمومية والهيئات التي تسعى إلى تطوير وتحسين خدماتها وتسهيل وصولها للمرتفق أو
المستفيد من الخدمة .والتغيير في المرفق العمومي من خالل موجة المكننة واستعمال التقنية
الحديثة كآلية مساعدة للتدبير ،ال يعني فقط تطبيق التكنولوجيا داخل المرفق بل هو برنامج
شامل يمس المرفق ويمس طريقة وأسلوب عمله داخليا وأيضا كيفية تقديم خدماته للمرتفقين
وجعلها تتم بشكل أسهل وأسرع .واإلدارة القضائية بالمغرب لم تكن بمنأى عن هذه التطورات
واستيعابها والتفاعل معها باعتبارها جزءا ال يتجزأ من منظومة العمل الحديث الذي يتطلب
مواكبة التحول الرقمي والتفاعل معه ،وكذا جعله مكونا أساسيا في خطاب إصالح منظومة
العدالة.1
يتمثل تقريب اإلدارة من المواطنين باستغالل وسائل االتصال الحديثة من خالل تمكين
عموم المتقاضين من التواصل مع المحكمة من داخل موطنهم ودون الحاجة إلى التنقل إلى
المحكمة لتقديم مقال الدعوى أو مذكرة جوابية أو تعقيبية أو الحصول على أي وثيقة منها ،بل
يكفي استعمال هذه الوسائل للقيام بأي إجراء .وهذا األمر مسموح به اآلن في بعض الدول التي
تعتمد التبليغ بوسائل االتصال الحديثة ،وبالتالي اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ كصورة
.2
من صور الرقمنة إلجراءات التقاضي يساهم ال محال في تقريب القضاء من المواطن
1سعاد أغانيم" :اإلدارة القضائية وتحديات التحول الرقمي :التجربة المغربية نموذجا" ،مقال منشور في مجلة قانون األعمال،
العدد 44ماي ،2019ص.160
2يعد تقريب القضاء من المواطنين من بين األهداف الفرعية للهدف الرئيسي الرابع من الجزء الثاني من ميثاق إصالح منظومة
العدالة ،يوليوز .2013
80
باإلضافة إلى ما سبق يمكن أن تساهم رقمنة إجراءات التقاضي في تقليص من التكاليف
القضائية سواء التي هي على عاتق الدولة أو التي على عاتق المتقاضي ،ذلك من خالل تخفيض
استهالك أدوات المكتبيات المتعلق بنسخ الوثائق القضائية وتخفيض عدد الموارد البشرية
المسخرة لإلجراءات القضائية ،وإعفاء شبه تام للمواطنين عموما من عبء التنقل إلى المحاكم
للقيام باإلجراءات المسطرية ،واإلعفاء كذلك من المصاريف اإلضافية لتنقل المكلف بالتبليغ
وتحمل فقط مصاريف التبليغ األصلية.
ويرى أحد الباحثين 1أنه إذا ما أردنا التمثل لذلك عمليا فإن ما كان يتطلبه إجراء التبليغ
من وقت قد يتعدى اليوم الواحد قبل الحصول على طي التبليغ بدءا بسحب الملف من شعبة
الجلسات وإحالته على شعبة التبليغ ،وما يتعلق بهذه المرحلة في حد ذاتها من صعوبة ليس أقلها
عدم وجود أعوان كفاية لتلبية نداءات المواطين المختلفة اختالف المهام المنوطة بهم ،وانتهاءا
بطبع طي التبليغ وما يرافق هذه المرحلة بدورها من صعوبات لوجيستيكية وما يتطلبه من
طابعات و مداد سرعان ما ينفذ وعلب أوراق قد تنتظر دورك لتصلك واحدة إلى غير ذلك من
الصعوبات التقنية ،ومرورا برقن أسماء األطراف وما يستنكف ذلك من خطر وقوع أخطاء
مادية بسب ضغط الوقت وكثرة العمل ما قد تنسف عملية التبليغ برمتها .ما يعطي فكرة عن
حجم المجهود الذي يمكن أن نستعيض عنه بنقرة واحدة في حاسوب المحكمة ونقرتين في
حاسوب المفوض القضائي بعد ربطهما بشبكة داخلية للتواصل أو حتى بواسطة الشبكة
العنكبوتية (األنترنيت) إذا ما اعتمدت أنظمة خاصة للتبادل اإللكتروني للوثائق والمعطيات
اإلجرائية بين الموظفين وباقي المهن المتدخلة في حقل العدالة.
الفقرة الثالثة :دور التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية في تحقيق النجاعة القضائية
كما هو معلوم فإن التبليغ التقليدي يطرح العديد من اإلشكاالت فعلى سبيل المثال ال الحصر
نذكر مقتضيات الفقرة األولى من الفصل 38من ق.م.م ،حيث نصت على أنه "يسلم االستدعاء
والوثائق إلى الشخص نفسه أو في موطنه أو في محل عمله أو في أي مكان آخر يوجد فيه،
1مصطفى صادق" :التبليغ اإللكتروني وسؤال األمن االجرائي" ،مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية العدد
35الشهر اكتوبر ،2021ص.235-234
81
ويجوز أن يتم التسليم في الموطن المختار" ،فإنها أغفلت تحديد من لهم الصفة في التوصل
باالستدعاء أو الورقة القضائية نيابة عن المبلغ إليه بموطنه .1باإلضافة إلى طرق التبليغ
المساعدة عندما يتعلق األمر بالتبليغ بالطريق اإلداري ،2فهذه الطريقة أبانت عن فاشلها من
جميع النواحي ،فكثير من األحيان ترجع شواهد التسليم خالية من البيانات اإللزامية المحددة
قانونا وترجع كذلك بدون مالحظات ،وهذا راجع إما لعدم إلمامهم بمسطرة التبليغ أو لعدم
تفرغهم لمثل هذه اإلجراءات اذ يعتبر بعضهم مهمة التبليغ زائدة عن وظيفته وال يترتب على
القيام بها أي جزاء مما يطرح إشكالية التبليغ بالمناطق النائية ،وهذا راجع إلى انعدام عناوين
دقيقة وبعدها عن مقرات المحاكم مما أدى إلى فشل هذه الطريقة في التبليغ ،مثل هذا اإلشكاالت
تأثر سلبا على مسطرة التبليغ التي تكون معرضة للبطالن لعدم احترامها لشكليات التبليغ المحدد
قانونا وبالتالي تكون عائقا مباشرا أمام مسطرة التقاضي.
نظرا لتسارع عجلة التطور وازدياد المنازعات بين األفراد وبطء إجراءات التقاضي أصبح
من الضروري إيجاد وسائل تتسم بالدقة والسرعة في حل المنازعات ،وهو ما يشجع على
توظيف وسائل االتصال الحديثة في مجال التبليغات القضائية نظرا للمزايا والخصائص التي
تتسم بها تلك الوسائل والتي قد تذلل الكثير من العقبات التي تعترض سير التبليغات وفق الوضع
التقليدي ،وما لذلك من األثر البالغ على سير الدعوى ،3لذلك تراهن معظم بلدان العالم الحصول
على النجاعة القضائية ،وذلك لخلق الجو المالئم بين المحكمة والمتقاضي وزرع الثقة بين
جميع الفاعلين في المنظومة القضائية بما فيهم المتقاضين أساسا ،ولن يتحقق ذلك إال بإدخال
التقنيات الحديثة في مجال العدالة ،في هذا السياق ترى األستاذة لبنى الفريالي أنه :من أجل
توفير مقومات جودة األداء القضائي يجب عقلنة الخريطة القضائية بما يتناسب مع معطى
يتبين إذن أن من بين الحلول التي ستمكن من الرقي بالنجاعة القضائية الركون إلى إدخال
وسائل االتصال عن بعد ضمن آليات عمل اإلدارة القضائية ،وتمكين المواطنين من االستفادة
من مزاياها.2
في الوقت الذي ينحصر فيه النقاش حول فعالية ومالءمة آليات الرقمنة للنهوض بقطاع
العدالة ،هناك جانب آخر لم يسلط عليه الضوء إلى حد اآلن بما فيه الكفاية ،وهو الذي يتعلق
بمدى تحصين اإلدارة القضائية لمعامالتها الرقمية من اختراقات القراصنة 3وتحقيق األمن
المعلوماتي.
فاألمن المعلوماتي من زاوية أكاديمية هو العلم الذي يبحث في نظريات واستراتيجيات توفير
الحماية للمعلومات من المخاطر التي تهددها ومن أنشطة االعتداء عليها ،ومن زاوية تقنية هو
الوسائل واألدوات واإلجراءات الالزم توفيرها لضمان حماية المعلومات من األخطار الداخلية
1لبنى الفريالي" :نجاعة الزمن القضائي" ،مقال منشور في المجلة المغربية للحكامة القانونية والقضائية العدد ،2ص.106
2بوحماد :م س ،ص .30-29
3المهدي أفشون :م .س ،ص .313
83
والخارجية من الزاوية القانونية هو تلك التشريعات التي تهدف إلى مكافحة االعتداء على
المعلومات ومعاقبة مرتكبي االعتداء بهدف توفير الردع.1
السرية :نظام األمن المعلوماتي هو النظام الذي يضمن سرية وخصوصية البيانات المخزنة
فيها ،إذ يتيح هذه البيانات فقط ألصحابها المصرح لهم بالتعامل معها .وحمايتها من القراءة
أثناء نقلها عبر شبكة االتصال وتبادلها.
التكاملية :يقصد بالتكاملية حماية البيانات من عمليات الحذف والتخريب والتعديل ،باستخدام
بعض الخوارزميات ،تؤمن مرور هذه الرسالة مع كل رسالة ترسل عبر الشبكة ،وبالتالي التأكد
من أن الرسالة صحيحة ولم يتم العبث بها.
التوفر واإلتاحة :يؤمن نظام األمن المعلوماتي استمرارية وصول المستخدمين إلى المعطيات
الخاصة بهم. 2
بالرغم مما وصلت إليه األجهزة الحديثة لالتصال عن بعد في مجال االتصال والمعلومات
من تقدم ،إال أنها تفتقر في بعض الحاالت إلى األمن والسرية والمصداقية ،3مما يهدد المعامالت
والعالقات بين األشخاص .لعل من أخطر االعتداء الذي تتعرض له المواقع على االنترنت
والحسابات والبرامج هو ما يسمى بالفيروس 4الذي يتسبب في تدمير األجهزة والبرامج
والمعلومات.
1مصطفى ايت الحاج" :الحماية القانونية والتقنية للعقد اإللكتروني" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة
القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،موسم الجامعي ،2012/2011ص.57
2خالد حسن أحمد لطفي" :التقاضي اإللكتروني كنظام قضائي معلوماتي بين النظرية والتطبيق" ،مطبعة دار فكر الجامعي
دون ذكر رقم الطبعة ،ص .27
3لالطالع أكثر راجع ممدوح محمد الجنيبي" :جرائم االنترنت والحاسب اآللي ووسائل مكافحتها" ،مطبعة دار الفكر الجامعي،
اإلسكندرية ،طبعة األولى ،2006ص.67
4إن استخدام لفظ الفيرو س في مجال الحاسب يعد من قبيل المجاز حيث يتعلق األمر ببرنامج للحاسب اآللي مثل أي برنامج
آخر ،إال أنه يتسم بالقدرة التدميرية والوظائف التخريبية ،كاإلتالف والحذف والتعديل والنسخ ،فهو ليس فيروسا ً بالمعنى
العضوي أو البيولوجي ،إال أنه يشترك معه في نفس الخصائص تقريباً ،فهو يهدف إلى إحداث أكبر ضرر بنظام الحاسب الذي
يعمل عليه وأي نظام آخر متصل به في أي مكان في العالم .راجع محمد حسين منصور" :المسؤولية اإللكترونية" ،دار الجامعة
الجديدة للنشر ,بدون ذكر الطبعة ،سنة ، 2007ص.292
84
باإلضافة إلى أن المعلوميات بما تملكه من قدرات تقنية تبرز خطورة التهديد الماس بالحياة
الخاصة والمعلومات المتعلقة باألفراد على وجه التحديد ،مما أبرز العديد من اآلثار السلبية
على الحقوق والحريات ،بفعل المساس بالحياة الشخصية عن طريق أجهزة التصنت ،والتسجيل
خارج نطاق القانون والتسلل لبنوك المعلومات والشبكات ،ونقل ذلك عبر شبكة األنترنيت ،وفي
هذا ضرب مباشر للخصوصية المادية والمعنوية لألفراد ،باعتبار البيانات والمعطيات ذات
الطابع الشخصي صورة لها.1
بما أن وثائق التبليغ القضائي تتضمن العديد من البيانات ذات الطابع الشخصي 2فتوجيهها
إلكترونيا قد يهدد سريتها وفي هذا السياق عمل المشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة
في وضع آ ليات قانونية بهدف تحقيق األمن المعلوماتي بدأت مع القانون رقم 07.03المتمم
للقانون الجنائي والمتعلق بالجرائم المتعلقة بالمعالجة اآللية للمعطيات الصادر سنة 2003
ليعقبه بعد ذلك القانون رقم 53.05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية والصادر
سنة 2007كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم 43.20المتعلق بالثقة في االقتصاد
الرقمي إذ تضمن هذا األخير مجموعة من النصوص الزجرية ،والتي تساهم في مكافحة
الجرائم المعلوماتية ،فضال عن القانون 08.09المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين اتجاه معالجة
1عبد المجيد كوزي" :الحماية القانونية للمعطيات الشخصية بالمغرب -دراسة مقارنة" ،مطبعة ،PIXALISالرباط ،الطبعة
األولى ،2021ص.58
2يعرف أحد الفقه المغربي المعطيات ذات الطابع الشخصي أو البيانات الشخصية أنها "كل بيان-مهما كان مصدره أو شكله
من شأنه أن يؤدي إلى معرفة الفرد على وجه التحديد ،أو يجعله قابالً للتعرف عليه بصفة مباشرة أو غير مباشرة عند دمجه
مع بيانات أخرى .ويشمل ذلك على سبيل المثال ال الحصر االسم .أرقام الهوية الشخصية أرقام الحسابات البنكية والمصرفية
الصور الشخصية الشهادات الدراسية ،العناوين الرسائل الشخصية الفيديوهات العالقات األبحاث المسودات أي كل ما يقوم به
االنسان من نشاط يعتبره خاص به شخصيا ً وقد تكون هذه البيانات أو المعطيات لها صفة الحساسية بحيث تحتوي على بيانات
ذات طابع يتضمن اإلشارة إلى أصل الفرد العرفي أو القبلي ،أو معتقده الديني أو الفكري أو السياسي أو االجتماعي أو ما يدل
على عضويته في جماعة أو جمعيات أو مؤسسات أهلية وكذلك البيانات اللصيقة بالحالة الشخصية كصحيفة الحالة الجنائية أو
التقارير السرية في العمل أو في المؤسسات األمنية ذات السمات الحيوية التي من شأنها أن تعيق أو تعرقل الوصول إلى
مناصب سيادية أو اجتماعية وكذلك البيانات الوراثية والتقارير الطبية والصحية وكذلك بيانات تحديد الموقع أو تحديد النسب
أو التي تشير إلى حالة التبني أو اللقطاء أو مجهولي األبوين أو كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الدمار النفسي واالجتماعي
والمادي والوظيفي لكل من يقع عليه هذا الفعل" .مقتطف من مداخلة األستاذة أمنية ايت حسين :في المؤتمر العلمي الدولي
تحت عنوان :الرقمنة والقانون تطلعات المستقبل في الدول العربية ،المنظم بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة القاضي عياض ،مراكش يوم 15و 16يوليوز.2022
85
المعطيات ذات الطابع الشخصي 1هذا األخير الذي يعد أحد األجهزة أو اآلليات التي ينهض
عليها األمن السيبراني فيما يخص المس بالمعطيات ذات الطابع الشخصي ،ثم أخيرا صدر
القانون 05.20المتعلق باألمن السيبراني 2الذي فرضه التطور التكنولوجي الذي عرفه العالم
بصفة عامة،3هذا األخير الذي جاء من أجل تعزيز أمن نظم المعلومات سواء في إدارات الدولة
ومؤسساتها أو في المقاوالت العمومية والمقاوالت التجارية والشركات التجارية خاصة المتعقلة
بمجال الخدمات وبصفة عامة كل شخص يدخل في إطار القانون العام أو القانون الخاص والذي
يتعلق مجال عملهم بقطاع الخدمات التي تستلزم معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
من خالل استعراض بعض النماذج التشريعية ذات الصلة يبدو جليا أن المشرع المغربي
يتجه بشكل متدرج نحو تنظيم وحماية المجال الرقمي الذي أضحى أحد ركائز التنمية ،وأكيد
أن هذه المستجدات القانونية تندرج وتتماشى مع استراتيجية المغرب الرقمي التي تهدف
[]4
بالدرجة األولى إلى جعل المغرب مركزا إقليميا في مجال تكنولوجيا المعلومات واالتصال
وعلى الرغم من كل ذلك يبقى تهديد محيط األمن المعلوماتي واردا ألن القانون وحده ال ولن
يكون وازعا وال رادعا لالستعمال المفرط للذكاء االصطناعي المتنامي بشكل مستمر وبال
هوادة ،فالعالم الحديث بات اليوم رهين مسارات وتطبيقات الذكاء االصطناعي في مختلف
مناحي المعرفة وفي أدق تفاصيلها .حيث أثبتت كل القوانين بما فيها األكثر تقدما عن محدوديتها
1القانون رقم 09.08المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي ،الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.09.15صادر في 22من صفر 18( 1430فبراير ( ،)2009الجريدة الرسمية :عدد 5711بتاريخ 27
صفر 23( 1430فبراير ،)2009ص .552
2وتجدر اإلشارة إلى أنه من أجل تنزيل أمثل للقانون السبراني تم إحداث مجموعة من األجهزة التي تعنى بمهمة الدفاع واألمن
المعلوماتي من بينها المجلس الوطني لألمن السيبراني والمركز الوطني لألمن السيبراني المتمتع بشخصية اعتبارية ذات
استقالل مالي وإداري هدفهما األساسي حماية األمن االقتصادي والقومي والمنظومة المعلوماتية بصفة عامة.
باإلضافة إلى إحداث لجنة استراتيجية لألمن السيبراني ولجنة تابعة لها إلدارة األزمات واألحداث السيبرانية الحسيمة ثم
السلطة الوطنية لألمن السيبراني بما يشكل هيئات متكاملة فيما بينها من أجل رد الهجمات األمنية اإللكترونية.
3زهرة خلوق" :األمن السيبراني وسالمة المعطيات ذات طابع شخصي" ،مقال منشور في مجلة القانون واألعمال الدولية،
عدد خاص بالمؤتمر العلمي الدولي تحت عنوان "األمن السيبراني في تشريعات العربية" المنعقد يومي 16و 17يوليو.
.2021بنادي المحامين تاركة مراكش ص.314-313:
4أحمد أنور الناجي وأمين أعزان" :التوجهات الحديثة للمشرع المغربي في المجال الرقمي" ،مقال منشور في مجلة العدالة
للدراسات القانونية والقضائية ،العدد الثالث لسنة ،2020ص.111
86
في مسايرة كل استعماالت الذكاء االصطناعي واإلحاطة بها ،وحتى معرفتها وزمن تواجدها
في الواقع العملي واالفتراضي على حد سواء.1
ويرى أحد الباحثين 3أن استغالل التقنيات الحديثة لإلعالم واالتصال مثل المشاركة في
تدبير الشأن العام ،يحتاج لتكامل المعرفة والوفرة المادية ولو نسبيا ،وذلك ألن هذه التقنيات
تشهد ترابطا وثيقا بين المضمون والقالب ووسائط االتصال وهي عناصر تظهر من خالل
اطالع بسيط عليها ،فمن ضرورة توفر العلم بوسائل االتصال الحديثة ،فمن ال يعرف استعمال
الوسائط وال تحليل المضمون يجد نفسه مقصيا من المضمار الذي ترسم خطوطه وحدوده هذه
التقنيات ،وإن واقع اإلقصاء من هذا المضمار يظهر من خالل مقارنة حجم ونسب استعمال
اإلنترنت في المغرب مقاربة مع األحجام والنسب العالمية والتي تظهر تدني مستوى استعمال
هذه التقنيات عندنا.فبالرغم مما وصلت إليه األمم من تقدم ،وتقلص مستوى األمية في األقطار،
1عبد المجيد كوزي" :حماية الحياة الخاصة في الزمن المعلوماتي وتحديات الذكاء االصطناعي" ،مقال منشور في مجلة القانون
واألعمال الدولية العدد ،41لسنة ،2022ص.27
2نجاة كورتل ،ولمياء بوعروج ،روفية نجار" :تأثير الفجوة الرقمية على التبادل التجاري اإللكتروني الدولي" ،مجلة الدراسات
االقتصادية المجلد 9العدد ،2022-1ص .194
3عماد يعقوبي" :اإلدارة اإللكترونية في ظل الفجوة الرقمية ضرورة تأهيل البيئة الخارجية لإلدارة الستقبال تقنيات اإلعالم
واإلتصال" ،مقال منشور في مجلة القانون المغربي العدد ،17لسنة ،2017ص.127
87
إال أن التقدم التكنولوجي الحاصل والمتزايد ،أدى إلى ظهور وسائل اتصال عن بعد تشكل حدا
للمواكبة من قبل العديد من أفراد المجتمع بما فيهم الفاعلين في المنظومة القضائية ،وبالتالي
عجز فئة مهمة من مواكبة التقنيات الجديدة لالتصال ،مما ينتج عنه سوء استخدام هذه األجهزة
نظرا لكونها تحتاج لتكوين.
إذن ف األمية الحاسوبية وعدم إمكانية الوصول إلى األدوات التكنولوجية يشكالن عقبة حقيقية
أمام تطوير التكنولوجيا الرقمية في نظام العدالة ،1بالتالي عدم الوصول إلى األهداف المتوخاة
من اعتماد التكنولوجيا في إجراءات التقاضي ،وفي هذا السياق ثم إحداث وكالة التنمية الرقمية
بموجب القانون ،61.16والذي يتكون من 21مادة وستة أبواب ،تحتوي على مهام الوكالة
والغرض من إنشائها وكذا أجهزة اإلدارة والتسيير والتنظيم المالي للوكالة الرقمية.2
فوكالة التنمية الرقمية هي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية االعتبارية واالستقالل المالي،
وتخضع لوصاية الدولة .يوكل إليها حسب المادة 3من القانون رقم ،61.16في تنفيذ
استراتيجية الدولة في مجال التنمية الرقمية ،وكذا تشجيع نشر الوسائل الرقمية وتطوير
استخدامها بين المواطنين.
وعليه فتطور قطاع تكنولوجيا المعلومات واالتصال من خالل االستراتيجية المقبلة للمغرب
الرقمي رهين بتفعيل وكالة التنمية الرقمية ،وقيامها بالمهام الموكول إليها ،سواء على مستوى
تنمية القطاع ،وتقديم االقتراحات والبرامج المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية.
علي الرغم من أن المشرع المغربي وعلى غرار التشريعات المقارنة 3أولى اهتماما كبيرا
بالمحرر اإللكتروني من خالل قانون رقم 53-05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات
1 Dvid kwizera.Meryam Al Habous. Akkour soumaya : "De la dématérialisation des procédures
judiciaires à une justice digitalisée : une aubaine pour les acteurs de la chaine judiciaire", Revue
Internationale du Chercheur,Volume 3: Numéro 4,p251.
2القانون رقم 61.16المحدثة بموجبه وكالة التنمية الرقمية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.17.27صادر في 8
ذي الحجة 30( 1438أغسطس ،)2017بالجريدة الرسمية :عدد 6604بتاريخ 23ذي الحجة 14( 1438سبتمبر
،)2017ص.5057
3إيمان السائح :مرجع سابق ص .241-240
88
القانونية كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم 43.20المتعلق بخدمات الثقة بشأن
المعامالت اإللكترونية ،إذ حاول منحه أكبر قدر من الحماية القانونية سواء من خالل مجموع
الشروط الدقيقة التي وضعها أو من خالل اإلجراءات والشروط المتطلبة في التصديق
اإللكتروني ومقدمي هذه الخدمة ،أو من خالل العقوبات التي وضعها في مواجهة كل من يمس
الحماية المفروضة للتوقيع اإللكتروني ،إال أن ذلك غير كافي في ظل التطورات التي تعرفها
الجريمة اإللكترونية خاصة جريمة التزوير اإللكتروني .1إذ يتميز التزوير في المحرر
اإللكتروني بعدم ترك أثر مادي على المحرر المزور كما هو الحال في المحرر الورقي ،حيث
قد تظهر آثار التغيير باإلضافة أو الحذف باستخدام أدوات أو مواد كيميائية ،بينما ال تظهر هذه
اآلثار في النوع األول حيث تتم الجريمة من خالل الوصول إلى المعلومات وتغيير مضمونها،
فهي جريمة فنية غير ملموسة 2.وبالتالي وجود صعوبات تحول دون إثبات التزوير االلكتروني
منها ما يرجع إلى ضعف تكوين العنصر البشري من قضاة ومحققين وعدم اإللمام بالبرامج
الخاصة بالتعدي واالختراق والتزوير المعلوماتي ،باإلضافة إلى قلة اإلمكانات الفنية الالزمة
إلثبات جرائم التزوير اإللكتروني حيث يحتاج اكتشاف جريمة التزوير اإللكتروني تقنيات تتبع
وتقنيات استرجاع المعلومات وغيرها من التقنيات التي تهدف إلى تتبع مصدر االختراق
والتعدي.
إضافة إلى ما سبق هناك صعوبة التحقق من هوية صاحب الحساب اإللكتروني وفي هذا السياق
جاء في حيثيات قرار 3صادر عن محكمة االستئناف بالبيضاء ما يلي "حيث تمسك الطاعنان
بأن الحكم االبتدائي جانب الصواب لما اعتمد على حيثية واحدة وهي أن الطرف المشتري لم
1يقع التزوير المعلوماتي إما ماديا عن طريق التدخل من خالل النظام المعلوماتي ،وذلك بتغيير المحررات عن طريق الحذف
بإزالة كلمة أو رقم أو رمز معين ،أو عن طريق اإلضافة بزيادة رقم على مبلغ معين أو بإضافة عبارات أو بيانات غير
صحيحة أو بخلق محرر لم يكن له وجود من قبل ونسبتها كذبا إلى غير مصدره وإما يقع معنويا ،وذلك بتسجيل بيانات لم
تصدر عن المتعاقدين وأولي الشأن أو إثبات وقائع كاذبة أو غير معترف بها ،أو إغفال معلومة أو إيرادها على وجه غير
صحيح .أنظر عبد اللطيف بن موسى" :الحماية الجنائية المحرر من التزوير المعلوماتي" ،مقال منشور في مجلة العلوم
الجنائية ،العدد االول 2014ص.93
2أسامة طلحي" :جريمة التزوير المعلوماتية" ،مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات نيل شهادة ماستر مهني في الحقوق تخصص:
قانون إعالم آلي وانترنت ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد البشير اإلبراهيمي ،برج بوعريريج ،الموسم الجامعي
،2022-2021ص .17
3قرار محكمة االستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 05/03/2015في ملف مدني رقم 2014/1201/5436
أنظر ملحق رقم .1
89
يقم بتوجيه اإلنذار بواسطة البريد المضمون وفق مقتضيات العقد االبتدائي ،وأنهما وجها
للمستأنف عليها إنذارا عن طريق البريد اإللكتروني التي توصلت به وأجابت عنه.
لكن حيث أن العقد األولي المبرم بين الطرفين والمدلى بنسخة منه رفقة ترجمتها يحصر طريق
تبليغ اإلنذار في حالتين اثنتين دون سواهما وهما أوال توجيه رسالة بالبريد المضمون مع
اإلشعار باالستالم ،وثانيا تبليغ حكم بواسطة المفوض القضائي وأما ما تمسك به المستأنفان
بكونهما وجها رسالة للشركة البائعة بواسطة البريد اإللكتروني فإن ذلك ال يسعفهما في إثبات
تحقيق الشروط الحصرية المبنية في عقد البيع األولي المبرم بين الطرفين من أجل تبليغ اإلنذار
والتي ال يدخل ضمنها البريد اإللكتروني ومن جهة ثانية فإن المستأنف عليها في مذكرتها
الجوابية االستئنافية تنفي توصلها بأي بريد إلكتروني صادر عن المستأنفين وال يمكن دحض
هذا النفي بصورتي البريد اإللكتروني المدلى بهما من طرف المستأنفين ألن تلك الوثيقتين ال
تتوفر فيهما الشروط القانونية لكي تكون حجة كتابية يعتد بها وال يمكن التحقق بصفة قطعية
من هوية المرسل والمرسل إليه وهذا يجعل حجيتها منعدمة وبالتالي يبقى الحكم االبتدائي
مصادفا للصواب لما قضى برفض الطلب وتبقى الدفوع أعاله عديمة األساس القانوني يتعين
ردها".
90
كخالصة لهذا الفصل يمكن القول إنه إذا ما تم التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية
بشكل صحيح رتب مجموعة من اآلثار على أطراف الخصومة ،تتجلى أساسا في إعطاء
الوصف للحكم ،هل هو حضوري أم بمثابة حضوري أم غيابي ،فهذا الوصف يكون مرتبط
بالطريقة التي تسلم بها المعني باألمر ورقة االستدعاء وبحضوره وغيابه لجلسة الحكم.
من آثار التبليغ كذلك ،تلك المتمثلة في تحريك أجل ممارسة الطعن ،ألن القاعدة العامة
للطعن في األحكام بمختلف طرق الطعن هي أن المهل المحددة من قبل المشرع ال يبدأ سريانها
إال من تاريخ تبليغ األحكام إلى أصحابها تبليغا صحيحا ،ويعتبر كل عيب أو خلل في التبليغ
مبطال للتبليغ ،وبالتالي ال يكون له أي أثر على بداية هذه المواعيد ،فهذا المبدأ العام يسري
على المبلغ إليه وعلى المبلغ أيضا المستفيد منه .مع وجود استثناءات ترد على المبدأ العام
بحيث قد يحصل أثناء سريان هذا األجل أن يصاب أحد األطراف ببعض العوارض التي تؤدي
إلى وقف السريان بالنسبة إليه ،ومن بين الحاالت نذكر حالة تغيير أهلية أحد األطراف فإذا
وقع تغيير في أهلية أحد األطراف فإن أجل االستئناف يتوقف وال يبتدئ سريانه من جديد إال
بعد خمسة عشر يوما ( )15من تبليغ الحكم لمن له الصفة في تسلم هذا التبليغ .أما في حالة
وفاة أحد األطراف توقف أجل االستئناف لصالح ورثته ،وال تقع مواصلتها من جديد إال بعد
مرور خمسة عشر يوما ( )15يوما التالية لتبليغ الحكم للورثة.
من آثار تبليغ الحكم إلى المحكوم عليه البدء في التنفيذ ألن تبليغ الحكم قبل مسطرة التنفيذ هو
إجراء جوهري وضروري ولو كان مشموال بالنفاذ المعجل ،باستثناء األوامر التي تأمر فيها
المحكمة بتنفيذها بموجب األصل في حالة الضرورة القصوى.
عند عدم احترام إجراءات التبليغ يترتب عنه آثار سلبية تتمثل في بطالن اإلجراء ،إذ تتعدد
أسباب بطالن التبليغ نذكر منها عدم تضمين االستدعاء أحد البيانات الضرورية ،أوعدم وجود
تصريح مسبق بقبول اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ ،أو توجيه اإلجراء في عنوان
إلكتروني غير مصرح به من قبل صاحب الشأن .باإلضافة إلى الطعن في التبليغ لعيب في
الجهة القائمة بالتبليغ القضائي ،أو الطعن في صفة تسليم اإلجراء .إذا ما توفرت أحد أسباب
بطالن التبليغ يمكن التمسك بها مع ضرورة إثبات الضرر ،ما لم يكون السبب الموجب للبطالن
91
من النظام العام كما هو الحال بالنسبة لعدم احترام آجال التبليغ ،إذ يتوجب على المحكمة أن
تقضي ببطالن التبليغ من تلقاء نفسها كلما تبين لها عدم احترام آجال التبليغ.
أما فيما يتعلق بالجهة المختصة ،فالطعن في التبليغ القضائي يمكن أن يتقدم به من له المصلحة
أمام المحكمة المعروض عليها النزاع كدفع شكلي بحسب الفصل 29من ق.م.م ،مع إمكانية
رفع دعوى مستقلة أمام المحكمة االبتدائية الرامية إلى بطالن التبليغ في ظل سكوت المشرع،
مع وجود تباين في المواقف الفقهية والقضائية بخصوص الجهة المختصة .أما الطعن بالزور
في وثيقة التبليغ فإن المدعي يملك االختيار بين عرض دعواه على المحكمة الزجرية أو سلوك
دعوى الزور الفرعي.
إن التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية ينتظر منه تحقيق آثار إيجابية على منظومة العدالة لعل
أبرزها ترشيد الزمن القضائي ألن اعتماد على الوسائل االتصال الحديثة في التبليغ القضائي
ستمكن من حصول إجراء التبليغ القضائي في وقت وجيز ،كما أن قيام بالتبليغ ال تتطلب أي
تنقل هذا يعتبر صورة من صور تقريب القضاء من المواطن ،ناهيك عن التقليص من التكاليف
القضائية ،وبما أن الطريقة اإللكترونية تتسم بالدقة والسرعة ستساهم ال محال في تحقيق النجاعة
القضائية.
غير أن اعتماد التكنولوجيا في إجراءات التقاضي ليس مسألة سهلة بل هناك مجموعة من
العوامل السلبية التي تؤثر على االستغالل األمثل للوسائل االتصال الحديثة ،ولعل أبرز
التحديات التي تواجه التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية كإجراء من إجراءات التقاضي
نجد تهديد المحيط باألمن المعلوماتي ،وكذلك وجود الفجوة الرقمية باإلضافة إلى ضعف اإلثبات
اإللكتروني.
92
خاتمة
من خالل هذه الدراسة تبين لنا على أن التبليغات القضائية تحظى بأهمية بالغة في صون
حقوق األطراف ،ولما ال وهي تجسد القلب النابض للعدالة ،وترتبط بالدعوى منذ بدايتها إلى
حين تنفيذ األحكام.
لذا نجد جل التشريعات ومن بينها المشرع المغربي سعت وال زالت تسعى إلى تحصين
مؤسسة التبليغ من خالل وضع ضمانات تكفل سالمة إجراءاتها وتحسين مردوديتها وتجاوز
العقبات والعراقيل التي تحول دون تحقيق األهداف المرجوة منها.
ومن هنا كان التفكير في إدماج التكنولوجيا الحديثة في تدبير اإلدارة القضائية ورقمنة
إجراءات التقاضي وبالنتيجة اعتماد الطريقة اإللكترونية كأسلوب جديد في التبليغات القضائية.
بحيث نجد بعض الدول كفرنسا والمملكة العربية السعودية واإلمارات العربية المتحدة وغيرها
من الدول أقدمت على تفعيل الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي من خالل إضفاء الشرعية
وسن قواعد قانونية خاصة به ،في حين نجد بعض الدول تحاول مسايرة التشريعات المقارنة
من خالل إبداء نيتها في اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي إذ نجد قواعده في طور
الصنع كما هو الحال بالنسبة للتشريع المغربي والتشريع المصري.
لهذا حاولت توضيح طبيعة هذه طريقة الجديدة في التبليغ القضائي والقواعد التي تحكمها،
باإلضافة إلى التعرف على آلية العمل بها مرورا باآلثار المترتبة عنها وخلصت إلى العديد من
النتائج يمكن إجمالها فيما يأتي:
النتيجة األولى :لكل من التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية والتبليغ التقليدي أوجه التطابق وأوجه
االختالف.
التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية يتم على دعامة إلكترونية والتي يتم توجيهها
عبر الوسيلة اإللكترونية للمبلغ إليه ،في حين التبليغ القضائي التقليدي يتم على دعامة ورقية
كما أن توجيهها يتطلب الوجود الشخصي للمكلف بالتبليغ إذ يحتم عليه التنقل المادي إلى عين
93
المكان للتسليم التبليغ إلى المبلغ إليه .ومن هنا كان لألول طبيعة إلكترونية أما الثاني يعتبر ذو
طبيعة مادية.
التبليغ القضائي التقليدي ال يتطلب من المرسل إليه أي تصريح مسبق عكس التبليغ القضائي
الموجة بالطريقة اإللكترونية الذي يتطلب كقاعدة عامة تصريحا مسبقا يعبر فيه المبلغ إليه عن
رغبته في اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ ،ويرد على هذه القاعدة استثناءات التي يكون
فيها التبليغ القضائي إلزاميا.
عندما يتعلق األمر بالتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية فإن إثباته يتم بواسطة إشعار
بالتوصل الذي يعتبر بمثابة شهادة التسليم ،في حين تعتبر هذه األخيرة وسيلة إثبات التبليغ
القضائي التقليدي.
سواء كان التبليغ بطريقة إلكترونية أو تقليدية فإنه يجب احترام اآلجال المحددة لألطراف
سواء للحضور أو للطعن أو التنفيذ إال أنهما يختلفان من حيث بداية احتساب أجل حصول التبليغ
وإن كان ال يطرح إشكال عند سلوك التبليغ القضائي التقليدي على اعتبار أنه يبدأ من تاريخ
التسليم المضمن في شهادة التسليم فإن األمر على خالف ذلك عندما يتعلق بالتبليغ الموجه
بطريقة إلكترونية فإن احتساب األجل يبدأ من تاريخ اإلشعار بالتوصل أو من تاريخ ارسال
اإلجراء في الحساب اإللكتروني للمبلغ إليه في ظل الغموض الذي يشوب م.ق.م.م ،ينضاف
إلى ذلك األوقات المسموح بها إجراء عملية التبليغ عند توجيهه اإلجراء إلكترونيا ،والتي لم
تخضع ألي قيود ،عكس الطرق التقليدية التي تتم في أوقات محددة.
أما فيما يتعلق بمكان التبليغ فهناك فرق شاسع ،إذ أن مكان التبليغ القضائي بالطريقة
التقليدية يتحدد حسب الموقع الجغرافي الملموس كمحل العمل أو مكان اإلقامة ،في حين مكان
التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية فهو موطن افتراضي مجرد كالحساب اإللكتروني أو
الهاتف المحمول...الخ.
التبليغ القضائي بالطرق التقليدية يتطلب التواجد المادي للمكلف بالتبليغ مما يسمح له
بالتأكد بأن المبلغ إليه قد أخد العلم باإلجراء وخاصة في حالة التوصل الشخصي ،في حين نجد
94
التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية ال يسمح للمكلف بالتبليغ التأكد من أن المرسل إليه
قد أخد العلم باإلجراء المراد تبليغه كما في حالة فتح الرسالة التبليغ من قبل شخص آخر غير
صاحب الحساب اإللكتروني ،أو حدوث عطب في الوسيلة اإللكترونية يحول دون وصول
الرسالة أو وصولها معيبة.
إن التبليغ القضائي سواء تم بالطرق التقليدية أو اإللكترونية فإنه يرتب نفس اآلثار على
أطرافه شريطة احترام الضوابط والشكليات المحددة قانونا ،أما عدم احترامها يجعلها معيبة،
وبالتالي تكون عرضة للطعن بالبطالن من قبل من له مصلحة في ذلك ،غير أن التبليغ القضائي
الموجه بطريقة إلكترونية من شأنه أن يرتب آثار مهمة على منظومة العدالة لعل أبرزها ترشيد
الزمن القضائي وتحقيق نجاعة قضائية وتقريب القضاء من المواطن...إلخ.
النتيجة الثانية :اختلفت كيفية تنزيل الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي إذ تبنت بعض
األنظمة التشريعية استراتيجية التدرج في تنزيله ،حيث اقتصر على بعض المحاكم في البداية
ليتم بعدها تعميمه على كل المحاكم كما هو الحال بالنظام الفرنسي ،في حين نجد بعض األنظمة
التشريعية تبنت الطريقة اإللكترونية في كل المحاكم دون األخذ بمبدأ التدرج كما هو الحال
بالنسبة للتشريع السعودي ،وهو ما يطرح معه التساؤل حول الطريقة المناسبة عند تنزيل التبليغ
القضائي الموجه بطريقه إلكترونية من لدن النظام المغربي.
النتيجة الثالثة :اعتماد التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية تتمدد معه الحدود
الجغرافية مما يطرح معه إشكالية االختصاص المكاني للجهة المكلفة بالتبليغ.
النتيجة الرابعة :هناك أنظمة قانونية حددت الوسائل التي يمكن اعتمادها في التبليغ القضائي
الموجه بطريقة إلكترونية على سبيل الحصر كالمشرع السعودي الذي حددها في الرسائل
النصية المرسلة عبر الهاتف المحمول الموثوق ،أو البريد اإللكتروني ،أو الحسابات المسجلة
في أي األنظمة اآللية للحكومة ،في حين نجد بعض األنظمة تركت األمر مفتوحا بحيث يمكن
اعتماد أي وسيلة من الوسائل الممكنة ،عكس المشرع المغربي الذي اقتصر على الحساب
95
اإللكتروني المصرح به دون تحديد المقصود بالحساب اإللكتروني ،مع اإلشارة إلى كل من
البريد اإللكتروني والهاتف.
الخامسة :يطرح التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية عدة إشكاالت من بينها ضعف النتيجة
األمن المعلوماتي ،وجود فجوة رقمية نتيجة األمية الرقمية وضعف الثقة في المعامالت
اإللكترونية وضعف البنية التقنية نتيجة األعطاب واإلنقطاعات المستمرة...إلخ.
• ضرورة االنفتاح على التجارب المقارنة واألخذ بأفضلها عند إعداد الصيغة النهائية
لمشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية ،مع تبني مفاهيم واضحة وتحديد دقيق لكل
اإلجراءات الخاصة بالتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية.
• التسريع في إخراج القانون حيز الوجود يضفي على الطريقة اإللكترونية في التبليغ
القضائي الشرعية.
• تبني استراتيجية التدرج في تنزيل التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية.
• عدم تقييد القيام بعملية التبليغ القضائي بالطريقة اإللكترونية بوقت محدد.
• التحديد بشكل صريح االختصاص المكاني للجهة المكلفة بالتبليغ عند سلوك الطريقة
اإللكترونية في التبليغ القضائي.
• حصر بشكل صريح الوسائل اإللكترونية التي يمكن االعتماد عليها في التبليغ القضائي.
• تحديد الحالة التي يكون فيها اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ إلزاميا كاستثناء
وتبني مبدأ االختيارية كقاعدة عامة.
• تأهيل الموارد البشرية ،وتوفير البنية التحتية.
وصفوة القول إن اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي لها مزايا ملحوظة
كما لها عيوب ال مفر منها.
96
الئحة المراجع
المصادر:
✓ سورة الجن ،اآلية .23
المراجع
المراجع العامة
✓ إبراهيم الدسوقي أبو الليل" :الجوانب القانونية للتعامل اإللكتروني" ،مجلس النشر العلمي،
جامعة الكويت ،طبعة األولى لسنة .2003
✓ جالل محمد الرعبي وأسامة أحمد المناعسة" :جرائم تقنية نظم المعلومات اإللكترونية:
دراسة مقارنة" ،مطبعة دار الثقافة عمان طبعة األولى ..2010
✓ جواد أمهلول "الوجيز في قانون المسطرة المدنية " مطبعة أمنية الرباط دون ذكر الطبعة
.2015
✓ حفيظ علوي قادري" :إشكالية التعاقد في التجارة اإللكترونية" ،مطبعة النجاح الجديدة الدار
البيضاء ،الطبعة األولى .2012
✓ خالد حسن أحمد لطفي" :التقاضي اإللكتروني كنظام قضائي معلوماتي بين النظرية
والتطبيق" ،مطبعة دار فكر الجامعي دون ذكر رقم الطبعة.
✓ الرومي ،محمد أمين" :النظام القانوني للتوقيع اإللكتروني" ،دار الفكر الجامعي االسكندرية،
الطبعة األولى ،للسنة .2006
97
✓ الشرعة حازم" :التقاضي اإللكتروني والمحاكم اإللكترونية" ،عمان دار الثقافة للنشر
والتوزيع بدون ذكر طبعة ،سنة .2010
✓ شكيب عبد الحفيظ" :شرح مدونة المسطرة المدنية" ،دون ذكر الطبعة ،والمطبعة ،سنة
.2017
✓ عبد الحكيم زروق" :التنظيم القانوني للمغرب الرقمي" مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،
الطبعة األولى .2013
✓ عبد الرحمان الشرقاوي" :قانون المسطرة المدنية دراسة فقهية وعملية مقارنة مع مسودة
مشروع قانون المسطرة المدنية ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،الطبعة الثالثة .2018
✓ عبد العزيز توفيق" :شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي معلقا عليه بأحكام
محاكم النقص العربية" ،الجزء األول ،دون ذكر المطبعة ،طبعة الثانية لسنة .2000
✓ عبد الكريم الطالب :شرح العملي لقانون المسطرة المدنية .مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء الطبعة التاسعة .2019
✓ عبد اللطيف خالفي" :االجتهاد القضائي في قانون المسطرة المدنية" .جزء األول ،المطبعة
والورقة الوطنية مراكش ،دون ذكر الطبعة.2004 ،
✓ عبد المجيد كوزي" :الحماية القانونية المعطيات الشخصية بالمغرب -دراسة مقارنة"،
مطبعة ،PIXALISالرباط ،الطبعة األولى .2021
✓ عبد الهادي فوزي العوضي" :الجوانب القانونية للبريد اإللكتروني" دار النهضة العربية،
طبعة األولى.2005 ،
✓ محمد حسين منصور" :المسؤولية اإللكترونية" ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،بدون ذكر
الطبعة .2007
✓ المختار بن أحمد عطار" :العقد اإللكتروني" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة
األولى .2010
✓ ممدوح محمد الجنيبي" :جرائم االنترنت والحاسب اآللي ووسائل مكافحتها" ،مطبعة دار
الفكر الجامعي ،اإلسكندرية طبعة األولى .2006
98
✓ نور الدين الناصري" :الموجز في المسطرة المدنية" ،دون ذكر المطبعة ،الطبعة األولى
.2019
✓ نور الدين لبريس" :نظريات في قانون المسطرة المدنية " مطبعة األمنية ،الرباط ،الطبعة
األولى .2012
✓ والي فتحي" :نظرية البطالن في قانون المرافعات " منشورات الحلبي الحقوقية -القاهرة،
الطبعة الثالثة لسنة .1997
المراجع الخاصة:
✓ بوبكر بهلول "مسطرة التبليغ والتبليغ اإللكتروني" :سلسلة اإلدارة القضائية :العدد الرابع
يونيو 2005مكتبة دار السالم -الرباط.
✓ الحسن بوقين ":إجراءات التبليغ فقها وقضاء" مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء بدون
ذكر طبعة .1999
✓ رشيد حوبابي" :احكام التبليغ بين النظر الفقهي والعمل القضائي في القانون المغربي
والمقارن" الطبعة األولى .2009
✓ عبد العالي العضراوي" :التبليغات القضائية بين الصحة والبطالن ،دراسة ميدانية" طبعة
األولى لسنة .2000
✓ فارس على عمر علي الجريري" ،التبليغات القضائية ودورها في حين إجراءات الدعوى
المدنية" ،منشأة المعارف اإلسكندرية ،بدون ذكر الطبعة .2007
✓ مايا مصطفى فوالدكار" :النظام القانوني للتبليغ اإللكتروني في التشريع الفرنسي وفق
أحدث التعديالت " دار الجامعة الجديدة ،دون ذكر الطبعة.2020 ،
✓ محمد بفقير "مبادئ التبليغ على ضوء قضاء محكمة النقض" مطبعة الناح الجديدة ،الدار
البيضاء ،الطبعة الثانية .2021
األطاريح والرسائل الجامعية:
األطاريح الجامعية:
99
✓ عريب" :النظام القانوني للبريد اإللكتروني " ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،
جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة الموسم
الجامعي .2015/2014
الرسائل الجامعية:
✓ أسامة طلحي" :جريمة التزوير المعلوماتية" ،مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات نيل شهادة
ماستر مهني في الحقوق تخصص ،قانون إعالم آلي وانترنت ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة محمد البشير اإلبراهيمي ،برج بوعريريج.
✓ الحسين غواغ" :التبليغات القضائية بين الصحة والبطالن في المادة المدنية" ،رسالة لنيل
دبلوم الماستر في القانون الخاص ،ماستر القوانين اإلجرائية المدنية ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية جامعة القاضي عياض مراكش السنة الجامعية .2012-2011
✓ عبد الحق المتوكل" :إشكاالت التبليغ" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،وجدة ،موسم
.2011/2010
✓ عبد اللطيف اسماعيل " :زمن التبليغ القضائي بين المادة المدينة والتجارية" ،رسالة لنيل
دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كليو العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة
سيدي محمد بن عبد هللا فاس موسم الجامعي .2020/2021
✓ عبد سالم البريمي" :التبليغ بين الصحة والبطالن" :رسالة لنيل دبلوم الماستر :جامعة
القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،موسم الجامعي
.2011/2010
✓ فوغالي بسمة" :إثبات العقد اإللكتروني وحجيته في ظل عالم اإلنترنت" ،بحث لنيل شهادة
الماجستير ،تخصص قانون األعمال ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد لمين
دباغيين ،السنة الجامعية .2015/2014
100
✓ لحسن وتاب" :دور كتابة الضبط في وتفعيل مسطرة التبليغ والتنفيذ" ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد
الخامس السويسي الرباط ،سنة الجامعة .2010/2009
✓ محمد فواز عبد الفتاح حامد" :أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني" الرسالة استكماالً
لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون الخاص كلية الحقوق جامعة الشرق
األوسط .25
✓ مصطفى ايت الحاج" :الحماية القانونية والتقنية للعقد اإللكتروني" ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،موسم الجامعي .2012/2011
✓ يدان يوسف" :أحكام التبليغ وفق قانون المسطرة المدنية" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة موالي إسماعيل،
مكناس موسم الجامعي .2019/2018
البحوث والدراسات:
✓ األكحل ومحمد الدحمان " إجراءات التبليغ في القضايا المدنية " بحث نهاية التدريب المعهد
العالي القضائية ،الرباط السنة الدراسية .2003-2005
✓ جمال غالب " :خصوصية التبليغ والتنفيذ في قضايا األسرة" بحث نهاية التدريب بالمعهد
العالي للقضاء ،لسنة .2011
✓ ميثاق إصالح منظومة العدالة يوليوز.2013
✓ هشام بوحماد" :التبليغ القضائي في المادة المدنية بوسائل االتصال الحديثة" ،بحث لنهاية
التكوين بالمعهد العالي للقضاء سنوات التكوين .2017/2015
المقاالت:
✓ أحالم عليمي" :إشكالية االثبات في التعاقد اإللكتروني" ،مقال منشور في مجلة المتوسط
للدراسات القانونية والقضائية ،العدد 7لسنة .2019
✓ أحمد أنور الناجي وأمين أعزان" :التوجهات الحديثة للمشرع المغربي في المجال الرقمي"
مقال منشور في مجلة العدالة للدراسات القانونية والقضائية العدد الثالث لسنة .2020
101
✓ ايمان السائح" :الحماية القانونية للتوقيع اإللكتروني" ،مقال منشور في مجلة المنبر القانوني
العدد ،9لسنة .2015
✓ ايمان بنت محمد بن عبد هللا القثامي" :التقاضي عن بعد :دراسة فقهية تطبيقية على النظام
السعودي" ،مقال منشور في مجلة علوم الشريعة والدراسات اإلسالمية ،العدد ،84مارس
.2021
✓ بدر بن عبد هللا محمد المطرودي" :أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني" ،مقال منشور في
مجلة الجامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية العدد .198
✓ بن حجوية محمد وعبدوني كافية "اإلدارة اإللكترونية في العالم العربي وسبل تطبيقها
(واقع وآفاق)" ،مجلة األصيل للبحوث االقتصادية واإلدارية ،العدد الثاني ،لسنة .2017
✓ حاسم حامد عبيد" :فكرة التبليغ اإللكتروني" ،مقال منشور في مجلة دراسات البصرة العدد
،34لسنة .2019
✓ زهرة خلوق" :األمن السيبراني وسالمة المعطيات ذات طابع شخصي" ،مقال منشور في
مجلة القانون واألعمال الدولية ،عدد خاص بالمؤتمر العلمي الدولي تحت عنوان "األمن
السيبراني في التشريعات العربية" ،المنعقد يومي 16و 17يوليو ،2021بنادي المحامين
تاركة مراكش.
✓ سعاد أغانيم" :اإلدارة القضائية وتحديات التحول الرقمي :التجربة المغربية نموذجا" مقال
منشور في مجلة قانون األعمال ،العدد 44ماي ،2019
✓ عبد اللطيف بن موسى ":الحماية الجنائية المحرر من التزوير المعلوماتي" ،مقال منشور
في مجلة العلوم الجنائية ،العدد ،1لسنة .2014
✓ عبد هللا العبدوني" :مسطرة بطالن إجراءات التبليغ في ضوء العمل القضائي" ،مقال منشور
في مجلة كتابة الضبط ،العدد مزدوج .4/5
✓ عبد المجيد كوزي" :حماية الحياة الخاصة في الزمن المعلوماتي وتحديات الذكاء
االصطناعي" ،مقال منشور في مجلة القانون واألعمال الدولية ،العدد ،41لسنة .2022
102
✓ عماد يعقوبي" :اإلدارة اإللكترونية في ظل الفجوة الرقمية ضرورة تأهيل البيئة الخارجية
لإلدارة الستقبال تقنيات اإلعالم واالتصال" ،مقال منشور في مجلة القانون المغربي العدد
،17لسنة .2017
✓ فوزي الشفعي" :التحديد القضائي لطبيعة اعمال هيئة كتابة الضبط" ،مقال منشور في مجلة
الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية ،العدد ،51لشهر فبراير 2023م.
✓ كريم لمحين" :قراءة في االختصاص المكاني للمفوض القضائي في التشريع المغربي"،
مقال منشور في مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية ،العدد ،53لشهر
أبريل 2023م.
✓ لبنى الفريالي" :نجاعة الزمن القضائي" ،مقال منشور في المجلة المغربية للحكامة القانونية
والقضائية ،العدد .2
✓ لمياء أبيدار" :حجبة التوقيع االلكتروني في اإلثبات" ،مقال منشور في مجلة الباحث
للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية العدد ،55لشهر يونيو 2023م.
✓ مصطفى صادق" :التبليغ اإللكتروني وسؤال األمن االجرائي" ،مجلة الباحث للدراسات
واألبحاث القانونية والقضائية ،العدد ،35لشهر أكتوبر .2021
✓ نجاة كورتل و لمياء بوعروج و روفية نجار" :تأثير الفجوة الرقمية على التبادل التجاري
اإللكتروني الدولي" ،مجلة الدراسات االقتصادية المجلد 9العدد ،1لسنة ،2022ص
.194
✓ نور عاكف الدباس" :أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني في قانون أصول المحاكمات المدنية
األردني" ،مقال منشور في مجلة البلقاء ،مجلد 23العدد .2
✓ هشام الرشيدي" :التحول الرقمي لمرفق العدالة بالمغرب" ،مقال منشور في مجلة ألبحاث
القانونية والقضائية ،العدد ،45لشهر .2022
المجالت:
✓ مجلة نشرة قرارات محكمة النقض عدد ،15لسنة .2014
✓ مجلة قضاء محكمة النقض عدد ،75لسنة .2012
103
✓ مجلة نشرة قرارات محكمة النقض عدد ،17لسنة .2014
✓ مجلة نشرة قرارات محكمة النقض عدد ،23لسنة .2015
✓ مجلة نشرة قرارات محكمة النقض عدد 30لسنة
محاضرات وندوات وأيام دراسية:
✓ عبد الحميد أخريف" :محاضرات في القانون المسطرة المدنية وفق إصالحات ،"2011
موجهة لطلبة كلية الحقوق بفاس ،لسنة .2014-2013
✓ عبد العزيز الحضري :محاضرات المسطرة المدنية ،موجهة لكلية الحقوق وجدة .سنة
.2015
✓ مداخلة األستاذ محمد الرحية :في الندوة الوطنية عن بعد بعنوان "األمن القانوني والقضائي
في ظل حالة طوارئ الصحية بالمغرب" ،المنظمة من قبل المركز المتوسطي للدراسات
القانونية والقضائية ومجلة القانون واألعمال الدولية ،يوم السبت 16ماي.2020
✓ مداخلة األستاذ مصطفى المرضي :أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس ،ندوة علمية عن
بعد بعنوان "قراءة نقدية في مشروعي التعديل الجزئي لقانون المسطرة المدنية والمسطرة
الجنائية في ظل حالة الطوارئ الصحية" ،نظمتها نقابة المحامين بالمغرب فرع وجدة بتاريخ
.2020/05/18
✓ مداخلة األستاذ نايف أحمد ضاحي :في المؤتمر العلمي الدولي تحت عنوان :الرقمنة
والقانون تطلعات المس تقبل في الدول العربية ،المنظم بكلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش يوم 15و 16يوليوز.2022
✓ مداخلة األستاذة أمنية ايت حسين :في المؤتمر العلمي الدولي تحت عنوان" :الرقمنة والقانون
تطلعات المستقبل في الدول العربية" ،المنظم بكلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش يوم 15و 16يوليوز.2022
القوانين:
104
✓ ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447بتاريخ 11رمضان )28( 1394شتنبر
( )1974بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية المنشور في الجريدة الرسمية عدد
بتنفيذ القانون رقم 53.05المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية الجريدة الرسمية:
القانون رقم 81.03بتنظيم مهنة المفوضين ،الجريدة الرسمية :عدد 5400بتاريخ فاتح
( ،)1997/09/18ص.3721
105
✓ ظهير شريف رقم 1.20.100صادر في 16من جمادى األولى )31( 1442ديسمبر
( )2020بتنفيذ القانون رقم 43.20المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية،
الجريدة الرسمية :عدد 27 ،6951جمادى األولى 11( 1442يناير ،)2021ص.271
ص .552
✓ ظهير شريف رقم 1.20 .69صادر في 4ذي الحجة 25( 1441يوليو ،)2020بتنفيذ
قانون رقم 05.20المتعلق باألمن السيبراني ،الجريدة الرسمية :عدد 9 ،6904ذو الحجة
مشاريع قوانين:
106
✓ Hélène PAULIAT: "justice et transformation numérique"
revue justice actualities. n° 26. ENM December 2021.
✓ Xavier.labbée: "Procédure civile: où est passée l’assignation
numérique?" Article publié sur le site : https://www.actu-
juridique.fr/civil/procedure-civile/procedure-civile-ou-est-
passee-lassignation-numerique/
Les sites web:
https://juriscassation.cspj.ma
www.legifrance.gouv.fr
:معجم
دار لسان، قدم له الشيخ عبد هللا العاليلي، المجلد األول، لسان العرب،العالمة ابن منظور
. دون سنة نشر، بيروت،العرب
107
المـــــلـــحـــــق
108
الملحق األول:
109
110
111
112
الملحق الثاني :مقتطف من مشروع رقم 02.23المتعلق بالمسطرة المدنية
113
114
115
116
117
الملحق الثالث :متعلق بمرسوم رقم م 18/بشأن التبليغ اإللكتروني في النظام السعودي
118
119
120
121
الملحق الرابع :مقتطف من قرار وزاري رقم 260لسنة 2019في شأن الدليل اإلجرائي
لتنظيم التقاضي باستخدام الوسائل اإللكترونية واالتصال عن بعد في اإلجراءات المدنية لدولة
اإلمارات العربية المتحدة.
122
الملحق الخامس:
123
124
الفهرس
المقـدمـ ــة 1 ........................................................................................................
الفصل األول :أحكام التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر
إلكتونية 13 .......................................
المبحث األول :شكليات التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر
إلكتونية وكيفية إثباته 14 ..................
المطلب األول :شكليات التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر
إلكتونية 14 ..................................
الفقرة الثانية :الجهة المخولة لها تسليم وثائق القضائية 45 ..............................................
الفصل الثائ :آثار التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر
إلكتونية 50 ..........................................
125
المبحث األول :آثار التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر
إلكتونية عىل أطرافه 51 .........................
الفقرة الثانية :مدى اعتبار الطعن ف إجراءات التبليغ من النظام العام 68 ...............................
127