You are on page 1of 131

‫اإلهداء‬

‫إن ثمرة هذا البحث المتواضع وأجره أهديها إلى والدي العزيزين بارك هللا في عمرهما‬
‫وحفظها من كل شر‪ ،‬هما من يرجع لها الفضل بعد هللا جل وعال في وصولي لهذا‬
‫المستوى العلمي بكفاحها وصبرهما وعملهما‪ ،‬فبدون رضاهما لم أكن شيئا ً ولن أكن‬
‫شيئاً‪.‬‬

‫وأهدي هذا العمل المتواضع إلى من يرجع لهم الفضل بعد هللا عز وجل وكانوا سببا ً‬
‫في تكويني وإخراجي من ضلمات الجهل إلى أنوار العلم‪ ،‬وهم أساتذتي الفضالء‬
‫وأستاذاتي الفضليات‪ ،‬بارك هللا في عمركم وجعل عملكم في الميزان المقبول‪ .‬وأهدي‬
‫هذا البحث أيضا ً إلى إخواني الغالين وأخواتي الغاليات حفظكم هللا من كل شر‪ ،‬ورزقكم‬
‫من كل خير‪ .‬وفي األخير أهدي بحثي هذا إلى زمالئي وزميالتي‪ ،‬وإلى كلي من ساهم‬
‫في إنجازه قوالً وفعالً‪ ،‬وإلى كل من دعى هللا إلى تيسيره سرا ً وجهراً‪.‬‬
‫ﺑﺳﻡ ﷲ ﺍﻟﺭﺣﻣﻥ ﺍﻟﺭﺣﻳﻡ ﻭ ﺍﻟﺻﻼﺓ ﻭ ﺍﻟﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺭﻑ ﺍﻟﻣﺭﺳﻠﻳﻥ ﺳﻳﺩﻧﺎ ﻭ ﺣﺑﻳﺑﻧﺎ ﺧﺎﺗﻡ‬
‫ﺍﻷﻧﺑﻳﺎء ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻳﻪ ﻭ ﺳﻠﻡ‪.‬‬

‫ﻋﺭﻓﺎﻧﺎ ﺑﺎﻟﺟﻣﻳﻝ ﻭﺇﻗﺭﺍﺭﺍ ﺑﺎﻟﻔﺿﻝ ﻻ ﻳﺳﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺳﺗﻬﻝ ﻛﻠﻣﺗﻲ ﺑﻌﺩ ﺷﻛﺭ ﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ‬
‫ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ‪ ،‬ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﺗﻘﺩﻡ ﺑﺧﺎﻟﺹ ﺷﻛﺭﻱ ﻭﻋﻅﻳﻡ ﺗﻘﺩﻳﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺟﺗﻣﻊ ﻓﻳﻪ ﺍﻟﻔﺿﺎﺋﻝ‬
‫ﺇﻧﺳﺎﻥ ﺃﺧﻼﻗﻳﺎ ﻭﻋﻠﻣﻳﺎ‪ ،‬ﺃﺳﺗﺎﺫﻱ ﻓﺿﻳﻠﺔ ﺍﻟﺩﻛﺗﻭﺭ "ﻣﺻﻁﻔﻰ ﺍﻟﻣﺭﺿﻲ" ﺣﻔﻅﻪ ﷲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬
‫ﺃﺣﺎﻁﻧﻲ ﺑﻪ ﻣﻥ ﺇﺭﺷﺎﺩﺍﺕ ﻭﺗﻭﺟﻳﻬﺎﺕ ﺃﻧﺎﺭﺕ ﺳﺑﻳﻝ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺑﺣﺙ ﺍﻟﻣﺗﻭﺍﺿﻊ‪ ،‬ﻓﺑﺎﺭﻙ ﷲ ﻓﻲ‬
‫ﻋﻠﻣﻪ ﻭﻋﻣﻠﻪ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﺃﺗﻘﺩﻡ ﺑﺧﺎﻟﺹ ﺍﻟﺷﻛﺭ ﻭﺍﻹﻣﺗﻧﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﺿﺎء ﻟﺟﻧﺔ ﺍﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺿﻠﻬﻡ ﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ‬
‫ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺑﺣﺙ ﻛﻝ ﻣﻥ ﺃﺳﺗﺎﺫﺗﻲ ﻓﺿﻳﻠﺔ ﺍﻟﺩﻛﺗﻭﺭﺓ ﺳﻌﺎﺩ ﺍﻟﺗﻳﺎﻟﻲ ﻣﻧﺳﻘﺔ ﺍﻟﻣﺎﺳﺗﺭ ﺍﻟﻭﺳﺎﺋﻝ‬
‫ﺍﻟﺑﺩﻳﻝ ﻟﻔﺽ ﺍﻟﻣﻧﺎﺯﻋﺎﺕ‪ ،‬ﻭ ﺃﺳﺗﺎﺫﻱ ﻓﺿﻳﻠﺔ ﺍﻟﺩﻛﺗﻭﺭ ﺳﻌﻳﺩ ﺍﻟﻭﺭﺩﻱ‪ ،‬ﻭ ﺃﺳﺗﺎﺫﻱ ﻓﺿﻳﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﺩﻛﺗﻭﺭ ﻫﺷﺎﻡ ﺃﺳﻭﺍﻧﻲ ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺃﻋﺭﺏ ﻋﻥ ﺧﺎﻟﺹ ﺍﻟﺷﻛﺭ ﻭﺍﻟﺗﻘﺩﻳﺭ ﺇﻟﻰ ﻛﻝ ﺃﺳﺎﺗﺫﺓ ﻛﻠﻳﺔ ﺍﻟﺣﻘﻭﻕ ﺑﻔﺎﺱ ﻛﻝ‬
‫ﺑﺎﺳﻣﻪ‪ ،‬ﻭﺻﻔﺗﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻳﺿﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﻝ ﺍﻟﺯﻣﻼء ﻭﺍﻟﺯﻣﻳﻼﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﺷﺟﻳﻌﻬﻡ ﻭﻣﺳﺎﻧﺩﺗﻬﻡ ﻟﻲ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻳﺿﺎ ﺇﻟﻰ ﻁﺎﻗﻡ ﺍﻟﻛﻠﻳﺔ ﻭﺃﺧﺹ ﺑﺫﻛﺭ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻳﻥ ﺑﺧﺯﺍﻧﺗﻬﺎ ‪.‬‬
‫الئحة المختصرات‪:‬‬

‫✓ ق‪.‬م‪.‬م‪ :‬قانون المسطرة المدني‬


‫✓ م‪.‬ق‪.‬م‪.‬م‪ :‬مشروع قانون المسطرة المدني‬
‫✓ ق‪.‬ل‪.‬ع قانون االلتزامات والعقود‬
‫✓ ص‪ :‬صفحة‬
‫✓ م‪.‬س‪ :‬مرجع سابق‬
‫✓ ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬ف‪ :‬قانون اإلجراءات المدنية الفرنسي‬

‫‪Liste d’abréviation :‬‬


‫‪✓ Art : Article‬‬
‫‪✓ C.p.c.f: Code de procédure civile français‬‬
‫‪✓ Cass : cour de cassation‬‬
‫‪✓ Ch. civ : Chambre civile‬‬
‫‪✓ P : Page‬‬
‫المقـدمــــة‬
‫يضطلع القضاء بأقدس وظيفة‪ ،‬ويحمل على عاتقه أنبل رسالة‪ ،‬وهي رسالة إحقاق الحق‬
‫وإعطاء كل ذي حق حقه‪ ،‬وهو المالذ الذي يوفر لألفراد الطمأنينة من خالل المحافظة على‬
‫مصالحهم وحمايتها ‪ ،‬إن ما يعكس هذه الصورة المشرقة للقضاء قديمها وحديثها‪ ،‬وجود‬
‫مرتكزات وأسس والتي تعد بحق من مقومات القضاء األساسية في عملية التقاضي‪ ،‬بحيث‬
‫يكون القضاء عاجزا ً عن أداء رسالته عند تخلف تلك المقومات والمرتكزات‪ ،‬وما لذلك من‬
‫مردود سلبي‪ ،‬األمر الذي يلقي بظالله على المجتمع قاطبة‪.1‬‬

‫من أجل أن يحافظ مرفق القضاء على مقوماته ومرتكزاته كان البد من مسايرة التطورات‬
‫التي يعرفها العالم في اآلونة األخيرة لعل أبرزها تطور متسارع في مجاالت االتصاالت‬
‫وتكنولوجيا المعلومات‪ ،‬والتي أتاحت للمتعاملين بها‪ ،‬إمكانات كثيرة ومتعددة عبر تطبيقات‬
‫أثرت تأثيرا ً بالغا في معظم أوجه النشاط االجتماعي واالقتصادي والسياسي والعلمي وذلك دون‬
‫حاجة للتنقل والحضور المادي‪ ،‬مما جعل طريقة التعامل سهلة وتتم بأقل وقت وجهد ممكنين‪.‬‬

‫من هنا ظهرت الحاجة الملحة لحل مشاكل الفصل في القضايا‪ ،‬وتسهيل إجراءات التقاضي‪،‬‬
‫ومواكبة التطورات والمستجدات التي يشهدها العالم من خالل إدخال التقنية اإللكترونية في‬
‫إجراءات التقاضي‪ .2‬وتأسيسا على ذلك فإن المشرع المغربي اتجه نحو التحول الرقمي لمنظومة‬
‫العد الة في إطار مواكبة اإلدارة العمومية بالمغرب للتطور الحاصل بالعالم من خالل استعمال‬
‫التكنولوجيا الحديثة في التدبير اإلداري‪ ،3‬مما ساهم في تجويد الخدمة العمومية وتقديمها في‬

‫‪1‬فارس علي عمر علي الجرجري‪" :‬التبليغات القضائية ودورها في اإلجراءات المدنية"‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪ ،‬بدون‬
‫ذكر الطبعة‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.15‬‬
‫‪ 2‬يري أحد الباحثين أنه‪ :‬مثل أي نشاط عام‪ ،‬تخضع العدالة اليوم لتحوالت عميقة تحت تأثير التكنولوجيا الرقمية‪ ،‬تتضاعف‬
‫برامج إزالة الطابع المادي بحيث أصبحت التكنولوجيا الرقمية أداة ال غنى عنها لتحقيق العدالة‪ ،‬ولكن بطريقة متفرقة إلى حد‬
‫ما‪ ،‬ومع ذلك‪ .‬فإن لها مزايا ملحوظة باإلضافة إلى عيوب ال مفر منها انظر إلى‬
‫‪Hélène PAULIAT: "justice et transformation numérique" revue justice actualities. n° 26. ENM‬‬
‫‪December 2021. p7.‬‬
‫‪3‬عرف أحد الباحثين اإلدارة اإللكترونية بأنها "عملية مكننة جميع المهام والنشاطات اإلدارية للمؤسسة باالعتماد على كافة‬
‫تقنيات المعلومات الضرورية (اتصاالت‪ ،‬أجهز‪ ،‬برمجيات) لتحقيق أهداف المؤسسة" أنظر بن حجوية محمد وعبدوني كافية‪:‬‬
‫"اإلدارة اإللكترونية في العالم العربي وسبل تطبقها (واقع وآفاق)"‪ ،‬مجلة األصيل للبحوث االقتصادية واإلدارية العدد الثاني‪،‬‬
‫لسنة ‪ ،2017‬ص‪.221‬‬
‫‪1‬‬
‫أحسن الظروف للمرتفقين وتسهيل عملية التواصل بين مختلف المنتسبين لهذه المنظومة‪ ،‬ولم‬
‫تكن اإلدارة القضائية بالمغرب بمنأى عن هذا التطور الرقمي السريع والمفاجئ والمفروض‪،‬‬
‫حيث أن استيعابه والتفاعل معه كان جزء ال يتجزأ عن خطاب إصالح منظومة العدالة‪ ،‬فقد‬
‫كان طموحا مشروعا وهدفا منشودا قبل أن تفرضه الظروف الوبائية التي عرفها العالم‬
‫مؤخرا‪ ،1‬إذ عملت وزارة العدل بالمغرب على وضع مخطط للتحول الرقمي‪ 2‬الذي أعدته‬
‫وشريكيها األساسيين المجلس االعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة كخيار استراتيجي‬
‫من أجل تحقيق العدالة الرقمية‪.3‬‬

‫ويضم هذا المخطط ‪ 6‬برامج و‪ 22‬مشروعا‪ ،‬كخريطة طريق تسعى عبر اعتماد األدوات‬
‫التكنولوجية الحديثة إلى توفير خدمات عالية المستوى ومتعددة القنوات تستجيب لتطلعات‬
‫المرتفقين بمرفق العدالة‪ ،‬وذلك لتجاوز االختالالت التي تشوب تدبير القطاع من بطء في‬
‫اإلجراءات والمساطر وتعقيدها‪ ،‬وكذا صعوبة الحصول على الخدمات في زمن معقول‪،‬‬
‫ويستهدف هذا المخطط مجموعة من المجاالت‪:‬‬

‫‪1‬المهدي أفوش‪" :‬رسالة المحاماة والتحول الرقمي‪( :‬التحديات واألفاق)"‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‬
‫العدد ‪ 51‬لشهر فبراير ‪ ،2023‬ص‪.300‬‬
‫‪ 2‬لعل أهم المرجعيات التي تم اعتماد عليها لصياغة هذا المخطط نجد‪:‬‬
‫‪-‬المبادئ الدستورية‪ :‬حيث نص الفصل ‪ 120‬من الدستور المغربي على أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وفي حكم‬
‫يصدر داخل أجل معقول‪.‬‬
‫‪-‬الخطب الملكية‪ :‬شكلت الخطب الملكية دافعا مهما من اجل استثمار ما توفره مزايا اإلدارة اإللكترونية لمرفق العدالة‪ ،‬وجاء‬
‫الخطاب الملكي في افتتاح السنة القضائية بأكادير ‪ 29‬يناير ‪ 2003‬ليدعو الحكومة إلى مواصلة الجهود لعصرنة القضاء‬
‫بعقلنة العمل وتبسيط المساطر وتعميم المعلوميات تجسيدا لنهج المملكة الراسخ للنهوض باالستثمار‪ .‬اما في الملتقى الوطني‬
‫للوظيفة العمومية بالصخيرات ‪ 27‬فبراير ‪ 2018‬فتم التأكيد في الرسالة الملكية على ضرورة اعتماد التكنولوجيا الحديثة‬
‫لالرتقاء بالعمل اإلداري والتوجه نحو تعميم اإلدارة الرقمية‪ ،‬وتوفير الخدمات عن بعد والولوج المشترك للمعلومات من طرف‬
‫مختلف القطاعات‪ .‬هذا ودعت الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المؤتمر الدولي للعدالة بمراكش ‪ 2018‬الى تسهيل‬
‫ولوج أبواب القان ون والعدالة عبر تحديث التشريعات لتواكب المستجدات وتيسير البت داخل أجل معقول وضمان األمن‬
‫القضائي الالزم لتحسين مناخ األعمال‪ ،‬ودعم فعالية وشفافية اإلدارة القضائية باستثمار ما تتحه تكنولوجيا المعلوميات ليليه‬
‫في السنة الموالية المؤتمر الدولي للعدالة بمراكش ‪ 2019‬دعت فيه الرسالة الملكية الستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية‬
‫الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬وتبني خيار تعزيز وتعميم المادية اإلجراءات والمساطر القانونية‬
‫والقضائية والتقاضي عن بعد‪ ،‬باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة مع الحرص على تقعيدها قانونيا‪،‬‬
‫وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي‪.‬‬
‫‪-‬التوصيات الصادرة عن ميثاق اصالح منظومة العدالة‪ :‬إذ يتمحور هدف الرئيسي السادس من ميثاق إصالح منظومة العدالة‬
‫حول تحديث اإلدارة القضائية وتعزيز حكامتها الذي يتوخى إرساء مقومات المحكمة الرقمية عبر مجموعة من االليات التنفيذية‬
‫أهمها إعداد مخطط مديري إلرساء مقومات المحكمة الرقمية تعديل المقتضيات القانونية بما يسمح باستعمال التكنولوجيا‬
‫الحديثة‪ ،‬االعتماد على هذه االخيرة لتسريع اإلجراءات والمساطر القضائية‪ ،‬والبت في القضايا وتنفيذ األحكام داخل آجال‬
‫معقولة‪ .‬كل هذا من اجل ضمان نجاعة آليات العدالة الرقمية الميسرة لجميع المتقاضين‪ ،‬والتي توفر الخدمات القضائية المطلوبة‬
‫وتنوع أساليب تقديمها باستعمال تكنولوجيا االعالم واالتصال‪.‬‬
‫‪3‬هشام الرشيدي‪" :‬التحول الرقمي لمرفق العدالة بالمغرب"‪ ،‬مقال منشور في مجلة ألبحاث القانونية والقضائية‪-‬العدد ‪ 35‬لشهر‬
‫‪ ،2022‬ص‪.299‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬تسهيل الولوج إلى العدالة‪.‬‬
‫‪ -‬التقاضي عن بعد‪.‬‬
‫‪ -‬نشر المعلومة القانونية والقضائية‪.‬‬
‫‪ -‬تبسيط المساطر واإلجراءات؛‬
‫ويعتبر المجال األخير (تبسيط المساطر واإلجراءات) من بين أهم المقومات والتي ال غنى‬
‫للقضاء عنها على اإلطالق‪ ،‬لذلك فإن رقمنة هذه اإلجراءات أصبح أمر ضروريا‪ .‬ولعل من‬
‫أبرز إجراءات التقاضي الذي تدور في فلكه الدعوى القضائية نجد التبليغ القضائي‪ ،‬فهذا األخير‬
‫لم تتوان التشريعات في التأكيد عليه إيمانا ً منها بأهميته ودوره الفعال في سرعة حسم الدعاوى‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى لما يحققه للخصوم من ضمانات على صعيد عملية التقاضي‪ ،‬وتتجلى أهم تلك‬
‫الضمانات في وجوب حصول مواجهة ما بين الخصوم عند نظر الدعوى ليتمكن كل خصم من‬
‫معرفة حجج وأدلة الخصم األخر ليتسنى له بعدها من الرد عليها‪ .‬واعتماد التكنولوجيا في‬
‫إجراءات التبليغ القضائي يظهر معه مفهوم جديد وهو التبليغ القضائي اإللكتروني‬

‫اإلطار المفاهيمي للموضوع‪:‬‬

‫التبليغ لغة‪( :‬مصدر بلغ) و (جمع تبليغات) بلغ مبلغ‪ ،‬تبليغا‪ ،‬وتبليغ الخبر‪ :‬إيصاله‪،‬‬
‫ار ِبه‪ .‬يقال بلغت الرسالة‪ ،‬وفي قوله تعالى «وإال بالغا ً من هللا ورسالته»‪ 1‬أي ال أجد‬
‫واإل ْخ َب ُ‬
‫ِ‬
‫منجى إال أن أبلغ عن هللا ما أرسلت به‪ ،‬واإلبالغ‪ :‬اإليصال‪ ،‬وكذا التبليغ واالسم منه البالغ‪،‬‬
‫يقال‪ :‬بلغت القوم بالغا ً اسم يقوم مقام التبليغ‪ 2‬فكثير ما ترد كلمة التبليغ تكون على معنى‬
‫االيصال واإلعالم وقد وردت آيات كريمة عديدة تدل على هذا المعنى منها قوله تعالى «يا‬
‫ٱَّللُ يَ ْع ِّص ُمكَ ِّم َن‬ ‫نز َل إِّلَ ْيكَ ِّمن َّربِّكَ ۖ َوإِّن لَّ ْم ت َ ْفعَ ْل فَ َما بَلَّ ْغتَ ِّر َ‬
‫سالَتَهُ ۚ َو َّ‬ ‫سو ُل بَ ِّل ْغ َما أ ُ ِّ‬
‫ٱلر ُ‬
‫أيُّ َها َّ‬

‫‪1‬سورة الجن‪ ،‬اآلية ‪.23‬‬


‫‪ 2‬العالمة ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬قدم له الشيخ عبد هللا العاليلي‪ ،‬دار لسان العرب‪ ،‬بثروت‪ ،‬دون سنة نشر‪،‬‬
‫ص‪.258‬‬
‫‪3‬‬
‫ع ْن ُه ْم َوقَا َل يَا قَ ْو ِّم لَقَ ْد أ َ ْبلَ ْغت ُ ُك ْم‬
‫ين »‪ 1‬وقوله تعالی‪« :‬فَت َ َولَّى َ‬ ‫ٱَّلل َال يَ ْهدِّى ٱ ْلقَ ْو َم ٱ ْل َٰ َك ِّف ِّر َ‬
‫ٱلنَّاس ۗ إِّنَّ َّ َ‬
‫اص ِّح َ‬
‫ين»‪.2‬‬ ‫سالَةَ َربِّي َونَصَحْ تُ لَ ُك ْم َولَ ِّك ْن َال ت ُ ِّحبُّ َ‬
‫ون النَّ ِّ‬ ‫ِّر َ‬

‫❖ في االصطالح القانوني‪:‬‬

‫لقد تعددت التعريفات التي أعطيت للتبليغ القضائي‪:‬‬

‫التعريف التشريعي‪ :‬في البداية يجب اإلشارة إلى أن المشرع المغربي لم يعرف التبليغ‬
‫القضائي وإنما تطرق فقط إلى األحكام المنظمة له‪ ،‬عكس المشرع الفرنسي الذي عرف التبليغ‬
‫القضائي من خالل المادة ‪ 651‬من قانون اإلجراءات المدنية الفرنسي بأنه‪" :‬الطريقة التي يتم‬
‫بها إعالم ذوي العالقة بأعمال قضائية"‪.3‬‬

‫التعريف الفقهي‪ :‬تتعدد التعارف التي قدمت من قبل الفقه للتبليغ القضائي‪ ،4‬ولعل أبرز‬
‫هذه التعارف نجد أحد الفقه‪ 5‬يعرفه على أنه‪" :‬إعالن عن إجراء قضائي أو قانوني معين‬
‫ومرتبط بأجل وصادر عن جهة قضائية‪ ،‬الهدف منه إبالغ شخص بما يتخذ من إجراءات‬
‫قانونية تتوخى الحصول على حق أو فقدانه أو حمايته‪ ،‬أو بمعنى آخر يعتبر التبليغ وسيلة علم‬
‫الشخص بما يتخذ ضده من إجراءات عن طريق حملها إليه بالطرق المحددة تشريعيا‪ ،‬واألصل‬
‫في هذه اإلجراءات أال تتعدى طرفيها توفيرا لضمانات فعلية وحقيقية لذلك العلم"‪ .‬كما عرفه‬
‫األستاذ عبد الحميد أخريف‪ 6‬بأنه‪" :‬إشعار الشخص وفق مساطر محددة قانونا بوقوع إجراء‬

‫‪1‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.67‬‬


‫‪2‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.79‬‬
‫‪3Art.651 C.p.c.f stipule que "Les actes sont portés à la connaissance des intéressés par la notification‬‬

‫‪qui leur en est faite.‬‬


‫‪La notification faite par acte d'huissier de justice est une signification.‬‬
‫‪La notification peut toujours être faite par voie de signification alors même que la loi l'aurait‬‬
‫‪prévue sous une Autre forme".‬‬
‫‪4‬البد من التمييز بين التبليغ العادي والتبليغ القضائي‪ ،‬وإذا كان األول المقصود به لغة تبليغ المعلومة أو الوثائق بشتى الوسائل‬
‫وطرق في إطار ما يسمى بالتواصل بصفة عامة‪ ،‬فإن الثاني أو التبليغ القضائي يعتبر إجراء قانوني كما يرتبط بآجال حددها‬
‫القانون ومساطر وإجراءات ال يصح قانونا بدونها‪ .‬راجع بهذا الخصوص بوبكر بهلول‪" :‬مسطرة التبليغ والتبليغ اإللكتروني"‪،‬‬
‫سلسلة اإلدارة القضائية‪ ،‬العدد الرابع يونيو ‪ ،2005‬مكتبة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪5‬رشيد حوبابي‪" :‬احكام التبليغ بين النظر الفقهي والعمل القضائي في القانون المغربي والمقارن"‪ ،‬دون ذكر المطبع‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2009‬ص‪.7‬‬
‫‪6‬عبد الحميد أخريف‪" :‬محاضرات في القانون المسطرة المدنية وفق إصالحات ‪ ،"2011‬موجهة لطلبة كلية الحقوق بفاس‪،‬‬
‫سنة ‪ ،2014-2013‬ص‪.16‬‬
‫‪4‬‬
‫مسطري في مواجهته كتقييد دعوى أو صدور حكم قضائي مع اطالعه على مضمون هذا‬
‫اإلجراء وتنبيهه إلى أجل الحضور أو الرد أو الطعن"‪ .‬فحين عرفه جانب من الفقه‪ 1‬بكونه‬
‫"إجراء محله إخبار المعنى باألمر بشيء معين أو هو إيصال أمر أو واقعة ثابتة إلى شخص‬
‫معين على يد أحد أعوان كتابة الضبط أو أحد المفوضين القضائيين أو عن طريق البريد‪ ،‬أو‬
‫بالطريقة اإلدارية‪ ،‬ويعتبر التبليغ الوسيلة التي يقررها قانون المسطرة المدنية للتخاطب رسميا‬
‫أو قضائيا في غير مجلس القضاء"‪.‬‬

‫يمكن أن نستخلص من خالل التعاريف السابقة أن التبليغ القضائي هو عملية إجرائية تربط بين‬
‫المبلغ والمبلغ إليه بواسطة األجهزة الموكل لها قانونا القيام بذلك‪ ،‬وفق شكلية معينة حددها‬
‫القانون الهدف منها إيصال واقعة معينة للمعني باألمر بهدف اتخاد ما يراه مناسبا تجاه تلك‬
‫الواقعة دفاعا عن نفسه‪.‬‬

‫الطريقة اإللكترونية‪ :‬عرفتها المادة الثانية من القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلق بخدمات الثقة‬
‫بشأن المعامالت اإللكترونية‪ 2‬بأنها "كل وسيلة ترتبط بتقنية ذات قدرات كهربائية أو رقمية أو‬
‫مغناطيسية أو السلكية أو بصرية أو كهرومغناطيسية أو أي قدرات أخرى مماثلة"‪.‬‬

‫التبليغ القضائي بالطريقة اإللكترونية‪ :‬إذا كانت جل التشريعات لم تعمد إلى وضع تعريف‬
‫للتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية فإن الفقه عمل على تعريفه‪ ،‬ولعل أبرز التعاريف‬
‫المقدمة في هذا الصدد تلك التي تعرف التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية بكونه‪:‬‬
‫"الوسيلة الرسمية التي يتعين بها إبالغ الخصم باإلجراء المتخذ في مواجهته‪ ،‬لتمكينه من العلم‬
‫باإلجراءات المتخذة ضده بتسليمه البالغ عن طريق وسائل التكنولوجيا الحديثة والتقنيات‬
‫الحديثة‪ ،‬بما يتحقق به إرسال التبليغ واستالم الخصم له‪ ،‬بإحدى تلك الوسائل اإللكترونية"‪.3‬‬

‫‪1‬الحسن بوقين‪" :‬إجراءات التبليغ فقها وقضاء"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬بدون ذكر الطبعة والمطبعة ‪،1999‬‬
‫ص ‪.2‬‬
‫‪2‬القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.20.100‬‬
‫صادر في ‪ 16‬من جمادى األولى ‪ 31( 1442‬ديسمبر ‪ ،)2020‬الجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 27 ،6951‬جمادى األولى ‪1442‬‬
‫(‪ 11‬يناير ‪ ،)2021‬ص‪.271‬‬
‫‪ 3‬بدر بن عبد هللا محمد المطرودي‪" :‬أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور في مجلة الجامعة اإلسالمية للعلوم‬
‫الشرعية‪ ،‬العدد ‪ ،198‬ص‪.755‬‬
‫‪5‬‬
‫كما عرفه أحد الباحثين‪ 1‬أنه‪" :‬إعالم الشخص المراد تبليغه باألوراق القضائية وبما يتخذ ضده‬
‫من إجراءات بالوسائل اإللكترونية بطريقة التي يرسمها القانون"‪ .‬ويرى جانب من الفقه‪ 2‬بأن‪:‬‬
‫"التبليغ اإللكتروني ال يختلف عن التبليغ التقليدي من حيث المضمون‪ ،‬إنما يختلف عنه من‬
‫حيث الوسيلة المستعملة في إجرائه فالوسائل اإللكترونية المستعملة في إجراء التبليغ هي ما‬
‫تضفي صفة اإللكترونية على التبليغات القضائية"‪.‬‬

‫فحين ذهب أحد الباحثين إلى أن‪" :‬اعتماد وسائل جديدة وحديثة للتبليغ ال لتحل مكان التبليغ‬
‫بالطرق التقليدية وإنما لتكون وسيلة مساعدة في عملية التبليغ ولتقلل من النزاعات القانونية‬
‫على صحة التبليغ غير أنها تعد وسيلة تواصل مع الخصوم المتداعين في الدعوى وإعالمهم‬
‫بمستجدات اإلجراءات والدعاوى"‪.3‬‬

‫❖ األساس القانوني للتبليغ القضائي الموجه بطرقة إلكترونية‪:‬‬


‫❖ في التشريع المغربي‪:‬‬

‫عمل المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات المقارنة على سن مجموعة من‬
‫القواعد القانونية في قانون المسطرة المدنية الحالي‪ 4‬بغية تنظيم عمليات التبليغ وذلك بتحديد‬
‫الطرق واإلجراءات الواجب احترامها لتبليغ االستدعاءات واإلنذارات واألحكام والقرارات‬
‫القضائية‪ ،‬وكذا الوثيقة التي يحب إرفاقها باالستدعاء‪ ،‬والبيانات التي يجب تضمينها إياها‪،‬‬
‫وطريقة إنجازها أضف إلى ذلك حصر كل من الجهات المؤهلة للقيام بالعملية التبليغ‬
‫واألشخاص الذين تنعقد لهم صفة استالمها‪ ،‬واآلجال الفاصلة بين تاريخ التوصل وتاريخ‬
‫الحضور‪ ،‬غير أن اعتماد الطريقة اإللكترونية باعتبارها من األساليب الجديدة تجد أساسها‬
‫القانوني في مشروع قانون المسطرة المدنية رقم ‪ 02.23‬وتحديدا في القسم الحادي عشر‬

‫‪1‬حاسم حامد عبيد‪" :‬فكرة التبليغ اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور في مجلة دراسات البصرة‪ ،‬العدد ‪ ،34‬لسنة ‪ ،2019‬ص‪.313‬‬
‫‪2‬نور عاكف الدباس‪" :‬أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني في قانون أصول المحاكمات المدنية األردني"‪ ،‬مقال منشور في مجلة‬
‫البلقاء‪ ،‬مجلد ‪ ،23‬العدد ‪ ،2‬ص‪.79‬‬
‫‪3‬حازم محمد الشرعة‪" :‬التقاضي اإللكتروني والمحاكم اإللكترونية"‪ ،‬عمان دار الثقافة للنشر والتوزيع بدون ذكر طبعة‪ ،‬سنة‬
‫‪ 2010‬ص ‪.75-74‬‬
‫‪4‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.74.447‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ )28( 1394‬شتنبر (‪ )1974‬بالمصادقة على نص قانون‬
‫المسطرة المدنية المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 3230‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 13‬رمضان ‪ )3( 1394‬شتنبر (‪ ،)1974‬ص‬
‫‪.2741‬‬
‫‪6‬‬
‫المتعلق برقمنة المساطر واإلجراءات القضائية وكذلك في التنظيم القضائي‪ 1‬الجديد إذ جاء في‬
‫الفصل‪ 25‬منه ما يلي‪" :‬تعتمد المحاكم اإلدارة اإللكترونية لإلجراءات والمساطر القضائية‪،‬‬
‫وفق برامج تحديث اإلدارة القضائية التي تضعها وتنفذها السلطة الحكومية المكلفة بالعدل وذلك‬
‫بتنسيق وثيق مع المجلس األعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة‪ ،‬كل فيما يخصه"‪.‬‬
‫بإضافة إلى العديد من القوانين المؤطرة للمعامالت اإللكترونية لعل إبرازها القانون رقم‬
‫‪ 53.05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪ 2‬الذي من خالله تم التنظيم كل من‬
‫الكتابة اإللكترونية ومعادلتها مع الكتابة الورقية وكذلك التوقيع اإللكتروني وعملية التشفير‬
‫‪...‬وغيرها من األمور التي تهم التبادل الالمادي للوثائق‪ .‬أضف إلى ذلك قانون‪ 3‬رقم ‪43.20‬‬
‫المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية الذي يهدف حسب المادة األولى منه إلى‬
‫تحديد النظام المطبق على خدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية‪ ،‬وعلى وسائل وخدمات‬
‫التشفير وتحليل الشفرات‪ ،‬وكذا العمليات المنجزة من قبل مقدمي خدمات الثقة والقواعد الواجب‬
‫التقيد بها من لدن هؤالء ومن لدن أصحاب الشهادات اإللكترونية‪.4‬‬

‫❖ في التشريع الفرنسي‪:‬‬

‫في فرنسا صدر قانون رقم ‪ 230‬لسنة ‪ 2000‬المتعلق بالتوقيع اإللكتروني بموجبه تم‬
‫إدخال أنظمة جديدة في القانون المدني الفرنسي معلنا ً مبادئ عامة تراعي إنشاء التصرفات‬
‫القانونية بشكل إلكتروني وخاصة التوقيع اإللكتروني‪ ،‬وكذا المساواة في الكتابة العادية والكتابة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬بعد ذلك صدر في فرنسا القانون رقم ‪ 575/2004‬لسنة ‪ 2004‬المتعلق بالثقة‬

‫‪1‬القانون رقم ‪ 38.35‬المتعلق بالتنظيم القضائي‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.22.38‬صادر في ‪ 30‬من ذي القعدة‬
‫‪ 30( 1443‬يونيو ‪ ،)2022‬صدر بالجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 14 ،7108‬ذو الحجة ‪14( 1443‬يوليو ‪ ،)2022‬ص‪.4568‬‬
‫‪2‬القانون رقم ‪ 53.05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.129‬صادر‬
‫في ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نوفمبر‪ ،)2007‬الجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 25 ،5584‬ذو القعدة ‪ 6( 1428‬ديسمبر ‪،)2007‬‬
‫ص‪.3879‬‬
‫‪3‬القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية‪ ،‬تم اإلشارة سابقا‪.‬‬
‫‪4‬من قوانين التي تهم التعامل الرقمي نجد قانون رقم ‪ 05.20‬المتعلق باألمن السيبراني صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪.69‬‬
‫‪ 1.20‬صادر في ‪ 4‬ذي الحجة ‪ 25( 1441‬يوليو ‪ ،)2020‬الجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 9 ،6904‬ذو الحجة ‪30( 1441‬‬
‫يوليو‪ ،)2020‬ص ‪ .4160‬ويقصد باألمن السيبراني بحسب المادة الثانية من نفس القانون المذكور "مجموعة من التدابير‬
‫واإلجراءات ومفاهيم األمن وطرق إدارة المخاطر واألعمال والتكوينات وأفضل الممارسات والتكنولوجيات التي تسمح لنظام‬
‫معلومات أن يقاوم أحداثا مرتبطة بالفضاء السيبراني‪ ،‬من شأنها أن تمس بتوافر وسالمة وسرية المعطيات المخزنة أو المعالجة‬
‫أو المرسلة والخدمات ذات الصلة التي يقدمها هذا النظام أو تسمح بالولوج إليه‪"...‬‬
‫‪7‬‬
‫في االقتصاد الرقمي‪ ،‬والذي سمح بإنشاء التصرفات القانونية والمحافظة عليها بطريقة‬
‫إلكترونية‪ .‬وفي سنة ‪ 2005‬تم إصدار المرسوم رقم ‪ 11678/2005‬الذي يسمح بتداول‬
‫اإلجراءات التقاضي إلكترونيا طبقا للمادة األولى‪ 2‬منه‪ .‬حيث أكدت هذه األخيرة على أن‬
‫اإلرساالت والتسليمات وتبليغ التصرفات اإلجرائية والمستندات واإلنذارات واإلشعارات‬
‫ودعوات الحضور والتقارير والمحاضر‪ ،‬باإلضافة إلى النسخ واألحكام القضائية المكتسبة‬
‫الصيغة التنفيذية كلها يمكن أن تتم بطريقة إلكترونية‪.‬‬

‫❖ في بعض التشريعات العربية‪:‬‬

‫انسجاما ً مع رؤية المملكة السعودية في تطوير مرفق القضاء‪ ،‬وتطلع نحو تحقيق العدالة‬
‫الناجزة‪ ،‬وسعيا منها في تعميم استخدام منظومة المعلومات والتواصل عبر شبكة اإلنترنت‪ ،‬تم‬
‫الموافقة على استخدام وسائل االتصال الحديثة في مجال التبليغات بموجب المرسوم الملكي‬
‫الجديد الصادر بالرقم (م‪ )18/‬لعام ‪1442‬هـ الموافق لسنة ‪ 2020‬المعدل لنظام المرافعات‬
‫الشرعية ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم بشأن المواد المتعلقة بالتبليغ القضائي اإللكتروني‪.‬‬

‫أما التشريع األردني يعتبر من التشريعات التي عملت على إدخال تكنولوجية المعلومات‬
‫في نظامها اإلجرائي وذلك بإدخال نظام استعمال الوسائل اإللكترونية في اإلجراءات القضائية‬
‫المدنية بمقتضى القانون رقم ‪ 95‬لسنة ‪.2018‬‬

‫ولعل أهم الدول العربية تقدما كذلك في المجال الرقمي في اإلجراءات التقاضي نجد‬
‫اإلمارات العربية المتحدة ‪ ،‬إذ استفادت هذه األخيرة بشكل كبير من الوسائل التقنية واإللكترونية‪،‬‬
‫ولعل أهم القوانين الصادرة في هذا المجال نجد القرار الوزاري رقم ‪ 259‬لسنة ‪ 2019‬في‬
‫شأن الدليل اإلجرائي لتنظيم التقاضي باستخدام الوسائل اإللكترونية واالتصال عن بعد في‬

‫‪1‬تجدر اإلشارة إلى أن هذا المرسوم عرف مجموعة من التعديالت فيما بعد‬
‫‪2Art.748-1:C.P.C‬‬ ‫‪stipule que: "les envois remises et notifications des actes de procédure‬‬
‫‪des pièces, avis, avertissements ou convocations, des rapports, des procès- verbaux,‬‬
‫‪ainsi que des copies et expéditions revêtus de la formule exécutoire des décisions‬‬
‫‪juridictionnelles peuvent être effectués par voie électronique dans des conditions et‬‬
‫‪selon les modalités fixés par le présent titre, sans préjudice des dispositions spéciales‬‬
‫‪imposant l'usage de ce mode de communication".‬‬
‫‪8‬‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬و القرار الوزاري رقم ‪ 260‬لسنة ‪ 2019‬في شأن الدليل اإلجرائي‬
‫لتنظيم التقاضي باستخدام الوسائل اإللكترونية واالتصال عن بعد في اإلجراءات المدنية‪ ،1‬و‬
‫قرار مجلس الوزراء رقم (‪ )36‬لسنة ‪ ،2021‬بشأن استخدام تقنيات التعامالت الرقمية في‬
‫المعامالت والمسائل المتعلقة باألحوال الشخصية‪ ،‬قبلها العديد من النصوص التشريعية التي‬
‫تتبنى فكرة إدخال التقنيات الحديثة في إجراءات التقاضي‪.2‬‬

‫التأصيل التاريخي للتبليغ القضائي‪:‬‬

‫إن دراسة أي موضوع من المواضيع القانونية‪ ،‬وأي نظام من األنظمة يقتضي البحث في‬
‫جذوره وأصوله التاريخية‪ ،‬وذلك من أجل الوقوف على نشأته‪ ،‬ومدى تطوره على مر‬
‫العصور‪ ،‬وبالنسبة للتبليغات القضائية‪ ،‬لم يكن هذا اإلجراء وليد الصدفة‪ ،‬بل لقد عرفت‬
‫التشريعات القديمة موضوع التبليغات في قوانينها وجعلتها من األمور األساسية في اإلجراءات‬
‫القضائية‪ .‬ففي قوانين وادي الرافدين كان اللجوء إلى المحاكم لمقاضاة الخصوم من أجل إحقاق‬
‫الحق وحمايته يتطلب القيام ببعض اإلجراءات ومنها إجراء التبليغات للخصوم‪ ،‬كذلك األمر‬
‫في القوانين الرومانية‪ ،‬حيث يتطلب األمر في العملية القضائية إجراء التبليغات الالزمة‬
‫للخصوم ليكونوا على استعداد للدفاع عن أنفسهم‪.3‬‬

‫علَى‬
‫أما في الشريعة اإلسالمية يطلع التبليغ بمكانة رفيعة ويتجلى ذلك في قوله تعالى‪َّ « :‬ما َ‬
‫وال»‪ 5‬كما قال سبحان‬ ‫س ا‬‫ث َر ُ‬ ‫ين َحتَّى نَ ْب َع َ‬
‫غ»‪ 4‬كذلك قوله تعالى‪َ «:‬و َما ُكنَّا ُم َع ِّذ ِّب َ‬ ‫سو ِّل ِّإ َّال ا ْل َب َال ُ‬
‫الر ُ‬
‫َّ‬
‫َّللاُ ع َِّز ا‬
‫يزا‬ ‫س ِّل َوك َ‬
‫َان َّ‬ ‫َّللا ُح َّجةٌ َب ْع َد ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫علَى َّ ِّ‬
‫اس َ‬ ‫ُون ِّللنَّ ِّ‬ ‫ين َو ُم ْنذ ِِّّر َ‬
‫ين ِّلئ ََّال َيك َ‬ ‫س اال ُم َب ِّ‬
‫ش ِّر َ‬ ‫«ر ُ‬ ‫وتعالى‪ُ :‬‬
‫َح ِّكي اما»‪ 6‬ونظرا لما لمؤسسة التبليغ من أهمية فإن القرآن الكريم أكد على ضرورة تبليغ أحكامه‬
‫واختار لذلك أنبياء ورسل‪ ،‬ووعد عدم محاسبة خلقه وعباده إال بعد تبليغهم‪ ،‬وإذا كان مناط‬

‫‪1‬انظر الى الملحق الرابع‪.‬‬


‫‪2‬راجع بهذا الخصوص عبد هللا عبد الحي الصاوي‪" :‬تكنولوجيا القضاء وتطوير إجراءات التقاضي المدني دراسة تحليلية في‬
‫القانون المصري واإلماراتي"‪ ،‬مقال منشور في مجلة قطاع الشريعة والقانون‪ ،‬العدد الثاني عشر لسنة ‪ ،2021‬ص‪ 728‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪3‬فارس علي عمر علي الجرجرى‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪4‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.99‬‬
‫‪5‬سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية ‪.15‬‬
‫‪6‬سورة النساء‪ ،‬آلية رقم ‪.161‬‬
‫‪9‬‬
‫المحاسبة في القانون السماوي هو إبالغ األحكام الشرعية والرسالة للناس فأمر كذلك بالنسبة‬
‫للقوانين الوضعية التي ال تسري على المخاطبين بها إال بعد نشرها ليتحقق العلم بها‪.‬‬

‫أما في التشريعات الحديثة شكلت مسطرة التبليغ القضائي أحد أهم المواضيع نقاشا وجدال‬
‫منذ أن فتحت المحاكم أبوابها أمام المتقاضين‪ ،‬إذ جعلت كل التشريعات الحديثة من التبليغ‬
‫القضائي مبدأ أساسي في حماية حقوق الدفاع وقد تطورت مسطرة التبليغ إلى أن باتت تتم‬
‫بوسائل االتصال عن بعد والتي تعد حديثة الظهور‪ ،‬كما حالها اليوم في العديد من بلدان العالم‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬

‫يحظى موضوع التبليغ القضائي الموجه بطرقة إلكترونية في الدعوى المدنية بأهمية بالغة سواء‬
‫من الناحية النظرية أو العملية‪:‬‬

‫فاألهمية النظرية تظهر من خالل تحديد مختلف القواعد القانونية المطبقة على التبليغ في‬
‫الدعوى المدنية سواء تلك التي تم تضمينها في القوانين الموجودة على أرض الواقع أو تلك‬
‫القواعد التي هي في طريق الصنع مع مقاربتها مع القواعد القانونية للتشريعات المقارنة المنظمة‬
‫للتبليغ الموجه بطريقة إلكترونية‪ .‬وذلك بالوقوف على أحكامه وآثاره وتحديد خصوصيته‪.‬‬

‫أما األهمية العملية تظهر باألساس في الغاية المتوخاة من اعتماد الطريقة اإللكترونية في‬
‫التبليغ‪ ،‬إذ ينتظر منها أن تلعب دورا جوهريا في عملية التبليغ القضائي‪ ،‬فاعتماد الوسائل‬
‫اإللكترونية الحديثة من شأنه إحداث نتائج أفضل‪ ،‬وتقليل من مشاكل التي تواجهها مسطرة‬
‫التبليغ القضائي لما لها من مزايا تساهم في تبسيط اإلجراءات وبالتالي ربح الوقت والجهود‬
‫والنفقات التي تستهلكها عملية التبليغ بصورتها التقليدية‪.‬‬

‫دوافع اختيار الموضوع‪:‬‬

‫ترجع مبررات اختيار الموضوع إلى أن موضوع التبليغ بالطريقة اإللكترونية في الدعوى‬
‫المدنية من المواضيع التي لم تنل ما يجب من الدراسة‪ ،‬خصوصا وأنه في المغرب ال يزال‬
‫الحديث عن موضوع التبليغ القضائي بالطريقة إلكترونية في الدعوى المدنية وإجراءاته قليل‬

‫‪10‬‬
‫جدا‪ ،‬فقلة الدراسة في هذا الجانب في المغرب هو ما جعلني أخوض غمار البحث في هذا‬
‫الموضوع‪ ،‬رجائي توضيح بعض الجوانب المتعلق به‪.‬‬

‫اإلشكالية الموضوع‪:‬‬

‫من خالل ما سبق فإن موضوع بحثنا هذا يتمحور حول إشكالية جوهرية تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬إلى أي حد يمكن للتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية أن يساهم في تحسين‬


‫إجراءات التقاضي وتجاوز العراقيل التي تعترض مسطرة التبليغ التقليدي؟‬

‫محاولة منا اإلجابة على هذا اإلشكالية يجب إثبات إحدى الفرضيتين‪:‬‬

‫‪ -‬للتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية فعالية يمكن معها تجاوز كل العقبات والعراقيل‬
‫التي تعرفها مسطرة التبليغ القضائي بصفة عامة‪ ،‬والتبليغ في الدعوى المدنية على وجه‬
‫الخصوص‪.‬‬

‫‪ -‬التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية لن تكون له تلك النجاعة المنتظرة نظرا لوجود‬
‫عيوب ومعيقات تقف حجر عثرة في نجاحه‪.‬‬

‫المنهج البحث‪:‬‬

‫لإلجابة على إشكالية الموضوع تم االعتماد على المنهج االستقرائي باعتباره المنهج‬
‫المناسب الذي يخدم هذه الدراسة‪ ،‬كما تمت االستعانة ببعض المناهج من بينها المنهج المقارن‬
‫وذلك للوقوف على أحكام التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية من خالل فحص‬
‫المقتضيات القانونية المنظمة للتبليغ القضائي التقليدي‪ ،‬وإسقاطها على التبليغ القضائي الموجه‬
‫بطريقة إلكترونية لمعرفة أحكام مالءمة لهذا األسلوب الجديد في التبليغات القضائية‪ ،‬وتلك‬
‫األحكام غير المالئمة له بالتالي وجوب استبعادها عند سلوك طريقة اإللكترونية والبحث عن‬
‫مقتضيات خاصة تالءمه‪ .‬أخذا بالمقاربة التشريعية لموضوع التبليغ القضائي الموجه بطريقة‬
‫إلكترونية في التشريعات المقارنة‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫تقتضي من دراسة هذا الموضوع االعتماد على الخطة التالية‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬أحكام التبليغ القضائي الموجه بطريقه إلكترونية‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أثـار التبليغ القضائي الموجه بطريقه إلكترونيــة‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أحكام التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬
‫يعتبر حق الدفاع حقا مقدسا تحرص كل الفعاليات الحقوقية أشد الحرص على احترامه‪،‬‬
‫بهدف تحقيق المساواة بين خصوم الدعوى‪ ،‬إذ يكون من الضروري والواجب إتاحة الفرصة‬
‫للخصوم للتعبير عن وجهة نظرهم فيها فيما قدمه كل منهم في مواجهه األخر‪ ،‬وذلك بتمكينهم‬
‫من مناقشة الحجج ودحضها أمال في إقناع المحكمة للبت في القضية لصالح أحدهما‪ ،‬ولن يتأت‬
‫ذلك إال بالتبليغ باعتباره وسيلة قانونية تهدف إلى إشعاره بالموضوع الذي يتعلق به التبليغ فال‬
‫يمكن بأي حال من األحوال محاجة شخص بقرار أو بإجراء ما‪ ،‬إال بعد إشعاره ومنحه الفرصة‬
‫في إبداء ما لديه من رد أو دفاع‪.1‬‬

‫ومن هنا نستخلص أن عملية التبليغ تعد ركيزة أساسية ألهم حق من الحقوق الدفاع‪ ،‬ولهذه‬
‫األهمية وضعت التشريعات الحديثة لهذه العملية قواعد دقيقة تكفل وصول األوراق القضائية‬
‫لألطراف المعنية‪ .2‬كما حددت شكليات التبليغ والطرق الواجب احترامها لتبليغ االستدعاءات‬
‫أو القرارات أو األحكام القضائية سواء من حيث البيانات الواجبة توافرها في االستدعاء أو‬
‫شواهد التسليم أو أظرف التبليغ وكيفية إنجازها‪ ،‬أو من حيث األجهزة المكلفة بالتبليغ‪...‬الخ‪.‬‬

‫غير أن إدخال التكنولوجيا في إجراءات التبليغ القضائي‪ ،‬يدل على مرحلة جديدة من‬
‫التطور‪ ،‬لذلك يطرح التساؤل حول مالئمة إجراءات التبليغ التقليدي المنصوص عليها في‬
‫القانون المسطرة المدنية والقوانين الخاصة مع الطبيعة المجردة للتبليغ القضائي الموجه بطريقة‬
‫إلكترونية‪ .‬بمعنى هل لهذه األخيرة خصوصية تميزه عن التبليغ العادي من حيث اإلجراءات‬
‫وإن كانت له خصوصية‪ ،‬ما مدى احترام هذه الخصوصية للضمانات األساسية من أجل‬
‫الموازنة بين حقوق األطراف‪ ،‬هذا ما سنحاول إثباته من خالل هذا الفصل وذلك من خالل‬
‫التطرق إلى شكليات التبليغ القضائي اإللكتروني وإثباته (المبحث األول) على أن نعرج على‬
‫نطاق التبليغ القضائي اإللكتروني من خالل (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪1‬عبد اللطيف خالفي‪" :‬االجتهاد القضائي في قانون المسطرة المدنية"‪ ،‬جزء األول المطبعة والورقة الوطنية مراكش‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2004‬ص‪.123‬‬
‫‪2‬الحسن بوقين‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪13‬‬
‫المبحث األول‪ :‬شكليات التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية وكيفية إثباته‬
‫قد تقتضي في بعض اإلجراءات وجوب توافر شكليات معينة يكون الهدف األول منها‬
‫إضفاء الصحة على اإلجراءات‪ ،‬بحيث تكون هذه األخيرة عديمة الجدوى عند تخلف تلك‬
‫الشكليات‪ ،‬وكذلك الحال مع التبليغات القضائية‪ ،‬فلكي تنشأ صحيحة البد من احترام مجموعة‬
‫من الشكليات التي حددها القانون‪ ،‬بإضافة إلى ذلك نظم المشرع المغربي والمقارن وسائل‬
‫إثبات التبليغ القضائي في حالة إنكار وقوعه أو منازعة في إجراءاته‪ ،‬غير أن اعتماد الطريقة‬
‫اإللكترونية في التبليغ القضائي ونظرا لطبيعتها الالمادية كان الزما من الوقوف عند شكلياته‬
‫(المطلب األول) على أن نعرج بعدها على وسائل إثباته (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شكليات التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬


‫تتعدد البيانات الضرورية التي يجيب أن تتضمنها أوراق التبليغ القضائي والتي‬
‫تهدف إلى تحقيق غاية واحدة وهي إعالم الشخص بما يتخذ ضده من إجراءات قضائية‪،‬‬
‫ونظرا ألهمية تلك البيانات الواجب توفرها في وثيقة التبليغ سواء تم تحريرها على‬
‫محرر ورقي أو على محرر إلكتروني كان من الواجب التطرق إليها بشيء من التفصيل‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬غير أن اعتماد الطريقة اإللكترونية في تبليغ الوثائق القضائية يطرح‬
‫معه تساؤل حول وجود مقتضيات خاصة بهذا النوع من التبليغ‪ ،‬وهو ما سنتعرض له‬
‫من خالل (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬البيانات الواجب توافرها في وثيقة التبليغ‬

‫االستدعاء عبارة عن وثيقة توجه إلى األطراف إلخبارهم بالحضور إلى الجلسات المعنية‬
‫بالمحكمة إلبداء أوجه دفاعهم‪ ،‬والعمل على حماية مصالحهم‪.1‬‬

‫‪ 1‬تجدر اإلشارة أنه ال يتم دائما تبليغ االستدعاءات للحضور بل هناك استدعاءات أخرى كاستدعاء األطراف للخبرة أو‬
‫استدعاء األطراف للجلسات التحقيق أو استدعاء الشهود ‪ ....‬أي استدعاء التقاضي بصفة عامة كما يتم تبليغ اإلنذارات‬
‫والقرارات واألحكام‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫إذا كان المشرع المغربي‪ 1‬عادل بين الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني مع الوثيقة الورقية شأنه‬
‫شأن التشريعات المقارنة‪ 2‬فإن وثيقة االستدعاء المتمتعة بحجة قانونية هي تلك المستجمعة لكل‬
‫البيانات المنصوص عليها قانونا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ولقد تطرق المشرع المغربي لهذه البيانات من خالل فصل ‪ 36‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫وهي على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪-1‬األسماء العائلية والشخصية والمهنة والموطن أو المحل إقامة الطرفين‪.‬‬

‫فلهذا البيان أهمية قصوى في تحديد االختصاص المكاني‪ ،‬فضال عن أنه يحدد آجال التبليغ‬
‫إذ تختلف هذه األخيرة بحسب وجود موطن المبلغ في المغرب أو في الخارج إلى جانب ذلك‬
‫يساعد البيان المذكور المدعى عليه على معرفة خصمه الذي رفع دعوى ضده‪ ،‬وال يخفى أن‬
‫معرفة الخصم في النزاع أهمية بالغة‪ ،‬إذ تجعل المدعى عليه مستعد للرد على ادعاءات المدعي‬
‫بالوقائع والقانون على حد سواء‪.4‬‬

‫‪-2‬الطلب والمحكمة التي يجب أن تبت في النزاع‪.‬‬

‫إن موضوع الطلب له أهمية إذ بمقتضاه يتوصل المدعى عليه إلى نوع النزاع الذي أصبح‬
‫طرفا فيه‪ ،‬هل هو مدني أم جنائي‪ ،‬وذلك من أجل استعداد المدعى عليه‪ ،‬أما بيان المحكمة التي‬

‫‪1‬ينص الفصل ‪ 1-417‬من القانون رقم ‪ 53.05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية على أنه "تتمتع الوثيقة‬
‫المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة االثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق‪."....‬‬
‫‪2‬لقد أصدر المشرع الفرنسي قانون رقم ‪ 230‬في ‪12‬مارس ‪ 2000‬المتعلق بالتوقيع اإللكتروني‪ ،‬وأدخلت بموجب هذا القانون‬
‫الكتابة اإللكترونية حيز الوجود إذ جاء في المادة ‪ 3-1312‬من القانون المدني الفرنسي ما يلي‪:‬‬
‫‪"L'écrit sur support électronique a la même force probante que l'écrit sur support‬‬
‫" ‪papier‬‬
‫‪3‬ينص الفصل ‪ 36‬من ق‪.‬م‪.‬م عل ى "يستدعي القاضي حاال المدعي والمدعى عليه كتابة إلى جلسة يعين يومها وتتضمن هذه‬
‫االستدعاء‪:‬‬
‫‪ – 1‬االسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن أو محل إقامة المدعي والمدعي عليه‪.‬‬
‫‪ – 2‬موضوع الطلب‪.‬‬
‫‪ – 3‬المحكمة التي يجب أن تبت فيه‪.‬‬
‫‪ – 4‬يوم وساعة الحضور‪.‬‬
‫‪ – 5‬التنبيه إلى وجوب اختيار موطن في مقر المحكمة عند االقتضاء"‪.‬‬
‫‪4‬عبد الكريم الطالب‪ :‬شرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة التاسعة ‪،2019‬‬
‫ص ‪.159‬‬
‫‪15‬‬
‫ستبث في النزاع فتمكن خصوصيته في تسهيل المبلغ إليه من الولوج إليها للدفاع عن حقوقه‬
‫ومصالحه دون عناء‪.‬‬

‫‪-3‬يوم وساعة حضور الجلسة‪.‬‬

‫تتجلى أهمية هذا اإلجراء في كونه يتيح للمدعى عليه االضطالع على تاريخ الجلسة بهدف‬
‫ضمان حضوره لإلدالء بأقواله أو تقديم مستنتجاته الجوابية‪.‬‬

‫‪-4‬التنبيه إلى ضرورة اختيار موطن في مقر المحكمة عند االقتضاء‪.‬‬

‫لهذا البيان ميزة خاصة‪ 1‬وهي أنه يحد من مزاعم بعض األفراد بعدم توصلهم بالتبليغ لعدم‬
‫توفرهم على موطن أو محل إقامة يراسلون ويبلغون فيه‪ .2‬وهنا يجب اإلشارة إلى أن اعتماد‬
‫الطريقة اإللكترونية يصبح معه اختيار الموطن المختار ال يقتصر على الموطن الجغرافي‬
‫بمفهوم التقليدي وإنما يشمل حتى الموطن االفتراضي كاختيار الحساب اإللكتروني للمحامي‬

‫كموطن مختار أو اختيار الحساب اإللكتروني ألحد األقارب‪.3‬‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬مقتضيات خاصة بالتبليغ الموجه بطريقة إلكترونية‬

‫نظرا للطبيعة المجردة للتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية كان البد من وضع‬
‫مقتضيات خاصة تضمن إجراء التبليغ بالوسائل اإللكترونية أو استبعاد بعض المقتضيات‬
‫القانونية المنظمة للتبليغ التقليدي والتي ال تتالءم مع التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬
‫هذا ما سنحاول توضيحه فيما يأتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التصريح بقبول اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ‪.‬‬

‫‪1‬في القضايا االجتماعية يتطلب المشرع في االستدعاء بيانات إضافية إذ ينص الفصل ‪ 274‬في فقرته الثانية على أنه "يجب‬
‫أن يتضمن االستدعاء باإلضافة إلى التاريخ بيان المكان والساعة التي ستعرض فيها القضية‪ ،‬واسم الطالب ومهنته وموطنه‪،‬‬
‫وموضوع الطلب‪ ،‬وفي قضايا حوادث الشغل واألمراض المهنية بيان اسم وعنوان المصاب أو ذوي حقوقه‪ ،‬واسم المشغل‬
‫والمؤمن‪ ،‬وكذلك تاريخ التبليغ ومكان الحادثة‪ ،‬أو تاريخ ومكان التصريح بالمرض المهني"‪.‬‬
‫‪2‬عبد سالم البريمي‪":‬التبليغ بين الصحة والبطالن"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية ‪-‬مراكش‪ ،‬موسم الجامعي ‪2011-2010‬ص ‪.9‬‬
‫‪3‬انظر المبحث الثاني من هذا البحث بخصوص نطاق المكاني للتبليغ‪ ،‬ص‪ 37‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغات القضائية هي إمكانية غير متاحة للجميع خاصة‬
‫في المجتمع المغربي الذي يصعب تعميم هذه الطريقة في التبليغ‪ ،‬وبالتالي يفترض القبول‬
‫المسبق للمرسل إليه بإتباع الطريقة اإللكترونية في تبليغ اإلجراءات القضائية‪.‬‬

‫وهذا الطرح يؤكده المشرع من خالل الفصل ‪ 625‬من مشروع قانون المسطرة المدنية‬
‫رقم ‪ 02.26‬إذ جاء في الفقرة األولى منه ما يلي ‪" :‬يمكن لكل شخص ذاتي أو اعتباري من‬
‫أشخاص القانون الخاص أن يدلي عبر المنصة اإللكترونية بعنوان بريده االلكتروني ورقم‬
‫هاتفه مرفوق بتصريح بقبول تبليغه جميع مساطر وإجراءات الدعوى وكافة الوثائق‬
‫والمستندات‪ ،"...‬من خالل هذه المقتضيات يتضح أن سلوك الطريقة اإللكترونية في التبليغات‬
‫القضائية يتوقف على تصريح قبلي من لدن األشخاص الذين يرغبون في استخدام الطريقة‬
‫اإللكترونية في التبليغ‪.‬‬

‫ويبدو أن المشرع المغربي ذهب في نفس توجه نظيره الفرنسي إذ جاء في المادة ‪1-748‬‬
‫على أن "المبلغ إليه اإلرساالت والتبليغات المحددة في المادة ‪ 1-748‬يجب أن يقبل صراحة‬
‫باستخدام الطريقة اإللكترونية على األقل إذا كانت النصوص الخاصة ال تفرض استخدام هذه‬
‫الطريقة في التبليغ"‪.1‬‬

‫غير أن اعتماد الطريقة اإللكترونية ليس دائما يتوقف على القبول المسبق فهناك حاالت‬
‫يكون فيها توجه التبليغ بالطريقة اإللكترونية إلزاميا‪ ،‬وهو ما أكد عليه المشرع الفرنسي من‬
‫خالل المادة ‪ 21-930‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬ف والمتعلق بإرسال واستالم إعالن االستئناف‪ ،‬والتوكيل‪،‬‬

‫‪1Art‬‬ ‫‪748-1 c.p.c.f stipule que :‬‬


‫‪"doit consentir expressément à l'utilisation de la voie électronique. Moins que des‬‬
‫‪dispositifs spéciaux n'imposent l'usage de ce mode de communication".‬‬
‫‪2 Art.930-1 c.p.c.f stipule que : "A peine d'irrecevabilité relevée d'office, les actes de‬‬

‫‪procédure sont remis à la juridiction par voie électronique. Lorsqu'un acte ne peut être‬‬
‫‪transmis par voie électronique pour une cause étrangère à celui qui l'accomplit, il est‬‬
‫‪établi sur support papier et remis au greffe ou lui est adressé par lettre recommandée‬‬
‫‪avec demande d'avis de réception. En ce cas, la déclaration d'appel est remise ou‬‬
‫‪adressée au greffe en autant d'exemplaires qu'il y a de parties destinataires, plus deux.‬‬
‫‪La remise est constatée par la mention de sa date et le visa du greffier sur chaque‬‬
‫‪exemplaire, dont l'un est immédiatement restitué.‬‬
‫‪17‬‬
‫والطلبات المقدمة عندما تتم بين محامين أو بين المحامي والمحكمة‪ ،‬حيث فرض التبليغ‬
‫‪1‬‬
‫بالطريقة اإللكترونية أمام محاكم االستئناف في اإلجراءات التي يكون فيها الحضور إلزاميا‬
‫إال أن مشرع المغربي لم يتطرق إلى الحاالت التي يكون فيها التبليغ بالطريقة إلكترونية إلزاميا‪.‬‬

‫وما يجب اإلشارة إليه في األخير أن المشرع المغربي‪ 2‬اعتبر أي تغير في عنوان البريد‬
‫اإللكتروني أو رقم الهاتف المصرح به من قبل صاحبه من أجل اعتماده في التبليغات القضائية‬
‫ال يعتد به‪ ،‬إال بعد تقديم إشعار من قبل المعني باألمر يؤكد من خالله وجود تغيير في عنوان‬
‫البريد اإللكتروني أو رقم الهاتف‪.‬‬

‫من وجهة نظري أرى على أنه يجب على المشرع المغربي أن يعتمد على الطريقة‬
‫اإللكترونية في التبليغ القضائي بشكل إلزامي في الحاالت التي يكون فيها تنصيب محامي أمرا‬
‫إلزاميا وكذلك عندما يتعلق األمر باألشخاص االعتبارية لكون هذه الجهات على أقل لها حساب‬
‫إلكتروني قار ويمكنها االطالع عليه باستمرار‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬وجوب استبعاد بعض أحكام التبليغ عند سلوك طريقة اإللكترونية‪.‬‬

‫أ‪-‬شهادة التسليم‪:‬‬

‫لقد نصت مقتضيات الفقرة األولى من الفصل ‪ 39‬من قانون المسطرة المدنية المغربي‬
‫على أنه "ترفق باالستدعاء شهادة يبين فيها من سلم له االستدعاء وفي أي تاريخ ويجب أن‬
‫يوقع هذه الشهادة من الطرف المعني باألمر أو من الشخص الذي تسلمها‪ .‬وإذا عجز من تسلم‬

‫‪Lorsque la déclaration d'appel est faite par voie postale, le greffe enregistre l'acte à la‬‬
‫‪date figurant sur le cachet‬‬
‫‪du bureau d'émission et adresse à l'appelant un récépissé par tout moyen.‬‬
‫‪Les avis, avertissements ou convocations sont remis aux avocats des parties par voie‬‬
‫‪électronique, sauf‬‬
‫‪Impossibilité pour cause étrangère à l'expéditeur. Un arrêté du garde des sceaux définit‬‬
‫"‪les modalités des échanges par voie électronique.‬‬
‫‪1‬مايا مصطفى فوالدكار‪" :‬النظام القانوني للتبليغ اإللكتروني في التشريع الفرنسي وفق أحدث التعديالت "‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬دون ذكر طبعة‪ ،‬سنة ‪.2020‬ص ‪.59‬‬
‫‪2‬تنص الفقرة لثانية من الفصل ‪ 625‬من مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق المسطرة المدنية على "‪...‬ال يعتد بأي تغيير في‬
‫عنوان البريد اإللكتروني ورقم الهاتف لم يتم اإلشعار به من طرف المعني باألمر بالمنصة االلكترونية"‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫االستدعاء عن التوقيع أو رفضه‪ ،‬أشار إلى ذلك العون أو السلطة المكلفة بالتبليغ ويوقع العون‬
‫أو السلطة على هذه الشهادة في جميع األحوال‪ ،‬ويرسلها إلى كتابة ضبط المحكمة"‪.‬‬

‫فتطبيقا لهذه المقتضيات القانونية‪ ،‬فإن المشرع المغربي ارتضى إثبات التبليغ بواسطة شهادة‬
‫التسليم المتوفرة على البيانات القانونية المشار إليها سابقا‪ ،1‬ونفس األمر أكدته محكمة النقض‬
‫المغربية‪ 2‬حيث جاء في حيثيات القرار الصادر عنها ما يلي‪" :‬المقرر أنه يعتد بشهادة التسليم‬
‫متى تضمنت البيانات المنصوص عليها في الفصلين ‪ 38‬و‪ 39‬من ق‪.‬م‪ .‬م‪ ،‬وأن ما ضمن‬
‫بشهادة التسليم بإشهاد من المفوض القضائي ال يقبل إثبات العكس إال بالطعن بالزور‪ .‬ولما كان‬
‫الثابت من وثائق الملف أن المطلوب بلغ بالحكم المطعون فيه بالعنوان المضمن به الذي اختاره‬
‫كموطن له أثناء مرحلة التقاضي‪ ،‬وأشار المفوض القضائي أن ابنة المطلوب رفضت اإلدالء‬
‫ببطاقة التعريف الوطنية وتسلمت الطي‪ ،‬فإن المحكمة حينما استبعدت شهادة التسليم اعتماد‬
‫على شهادة طبية استنتجت منها أن ابنة المطلوب لم تكن بموطن التبليغ دون التحقق من زوريتها‬
‫بأي وسيلة من وسائل التحقيق‪ ،‬تكون قد خرقت مقتضيات الفصلين أعاله"‪.3‬‬

‫وعليه فإن شهادة التسليم تلعب دورا حاسما في مدى صحة التبليغ القضائي غير أن سلوك‬
‫الطريقة اإللكترونية يصعب االعتماد على هذه الوثيقة لكونها تتطلب الوجود المادي لألطراف‬
‫من أجل تضمينها البيانات المتطلبة قانونا‪ ،‬لهذا نجد مشرع المغربي من خالل القسم الحادي‬
‫عشر المتعلق برقمنة المساطر واإلجراءات التقاضي من ق‪.‬م‪.‬م اعتبر اإلشعار بالتوصل بمثابة‬
‫شهادة التسليم وبالتالي يفترض استبعاد المقتضيات المنظمة لهذه الوثيقة عند سلوك الطريقة‬
‫اإللكترونية في التبليغ القضائي‪.‬‬

‫‪1‬محمد بفقير‪" :‬مبادئ التبليغ على ضوء قضاء محكمة النقض"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة الثانية ‪،2021‬‬
‫ص‪.125‬‬
‫‪2‬القرار عدد ‪ 432‬الصادر بتاريخ ‪ 10‬يونيو ‪ 2021‬في الملف المدني عدد ‪.964/1/9/2020‬‬
‫منشورفي ‪ /https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموقع ‪ .2023/02/20‬على الساعة ‪ 10:00‬صباحا‪.‬‬
‫‪ 3‬في قرار اخر أكدت نفس الجهة القضائية "إن القرار المطعون فيه اعتمد الطابع الذي على نسخة اإلنذار المضمن شهادة‬
‫رئيس كتابة الضبط ألن التبليغ تم للطالب في إطار الفصل ‪ 39‬من ق‪.‬م‪.‬م بناء على الرفض الحاصل من طرف المعني باألمر‬
‫شخصيا كما يبدو من شهادة التبليغ‪ ،‬وهذه الشهادة ال تحمل سوى توقيع من ينوب عن رئيس كتابة الضبط دون المبلغ والمبلغ‬
‫إليه‪ ،‬وإنه بإنكار الطالب التبليغ فإنه ال يمكن االرتكاز على شهادة رئيس كتابة الضبط بل البد من االعتماد على شهادة التبليغ‬
‫التي يجب أن تكون محتوية على بيانات الفصل ‪ 39‬من ق‪.‬م‪.‬م"‪ .‬قرار رقم ‪ 905‬بتاريخ ‪ .79/12/5‬أورده عبد العزيز توفيق‪:‬‬
‫"التعليق على قانون المسطرة المدنية"‪ ،‬دون المطبعة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬طبعة األولى لسنة ‪ ،2000‬ص‪.44‬‬
‫‪19‬‬
‫ب‪-‬طي التبليغ‪:‬‬

‫هو غالف يسلم مختوما للمعني باألمر‪ ،‬يحمل على ظهره مجموعة من البيانات كرقم الملف‬
‫وطابع المحكمة وتاريخ تسليم الطي وتوقيع العون المكلف بالتبليغ‪ .‬وتعتبر كل هذه البيانات‬
‫جوهرية وخاصة تاريخ التسليم الذي تبتدئ به اآلجال القانونية المتعلقة بطرق الطعن‪ ،‬كما‬
‫يرجع إليه لمعرفة حصول التبليغ في الوقت القانون‪ ،1‬ما قلناه عن شهادة التسليم ينطبق على‬
‫طي التبليغ وبالتالي يجب استبعاد المقتضيات المنظمة له عند سلوك طريقة اإللكترونية في‬
‫التبليغ القضائي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل إثبات التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬


‫إذا كان لكل من شهادة التسليم وطي التبليغ دور حاسم في إثبات التبليغ القضائي الورقي‬
‫كما أشرنا سابقا‪ ،‬فإن األمر يختلف عند تجريد التبليغ من الورقية‪ ،‬لذلك كان الزما البحث عن‬
‫وسائل إثبات التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‪ ،‬وذلك من خالل الوقوف عند اإلشعار‬
‫بالتوصل (الفقرة األولى) على أن نعرج على دور المحرر اإللكتروني في إثبات التبليغ القضائي‬
‫الموجه بطريقة إلكترونية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إثبات التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية عن طريق اإلشعار بالتوصل‬

‫تقضي المادة ‪ 627‬من مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلقة بالمسطرة المدنية على أنه‬
‫"مع مراعاة مقتضبات المادتين ‪ 624‬و‪ 625‬أعاله‪ ،‬يوجه االستدعاء بطريقة إلكترونية‪ .‬فورا‬
‫إلى المدعي أو وكيله أو محاميه حسب الحالة‪ .‬كما يوجه استدعاء ونسخة من المقال للطرف‬
‫المدعى عليه وفق مقتضيات المواد من ‪ 81‬إلى ‪ 87‬أعاله‪.‬‬

‫بمجرد توجيه التبليغ إلى المعني باألمر عبر حسابه اإللكتروني المهني المنصوص عليه‬
‫في المادة ‪ 623‬أعاله وإشعاره بذلك من خالل رسالة نصية‪ .‬تصدر المنصة اإللكترونية إشعارا‬
‫بالتوصل"‪.‬‬

‫‪1‬عبد الحميد أخريف‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.19‬‬


‫‪20‬‬
‫يتبن من خالل مقتضيات هذه المادة أن اإلشعار بالتوصل يحل محل شهادة التسليم في‬
‫إثبات التبليغات القضائية عند سلوك الطريقة اإللكترونية في التبليغ‪ ،‬يتضح كذلك من هذه المادة‬
‫أن المنصة اإللكترونية هي من تتولى إصدار اإلشعار بالتوصل الذي يحمل تاريخ وساعة وقوع‬
‫التبليغ‪.‬‬

‫إال أن إصدار اإلشعار بالتوصل بمجرد توجيه اإلجراءات القضائية عبر العنوان اإللكتروني‬
‫للمعني باألمر يفرغ التبليغ من الفائدة أو الغرض الذي وضع من أجله على اعتبار أن الهدف‬
‫األساسي منه هو علم أطراف الدعوى باإلجراء من أجل إعداد دفاعهم وتقديم مستنتجاتهم أو‬
‫الطعن في التبليغ في حالة عدم احترام شكلياته المحددة قانونا‪ ،‬ولن يتحقق ذلك إال بمنحهم‬
‫الوقت المحدد قانونا‪.‬‬

‫لذلك يمكن اعتبار إصدار اإلشعار بالتوصل بمجرد توجيه اإلجراء في العنوان اإللكتروني‬
‫فيه مساس بحقوق الدفاع‪ ،‬إذ ال يمكن أن يفترض أن الشخص المرسل إليه قد توصل بالتبليغ‬
‫بمجرد إرسال اإلجراء عبر حسابه اإللكتروني دون التأكد من كونه قد توصل بالفعل باإلجراء‬
‫المراد تبليغه‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى التشريع الفرنسي نجده أكد في البداية من خالل المادة‪ 3-748 1‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية على أن اإلرساالت والتسليمات والتبليغات المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 1-748‬تكون موضوع إشعار بالتوصل اإللكتروني الموجه من المرسل إليه الذي يعين فيه‬
‫التاريخ وعند اللزوم ساعة االستالم‪ ،‬هذا األمر يؤكده كذلك القضاء الفرنسي إذ جاء في قرار‬
‫محكمة التمييز الفرنسية‪ 2‬ما يلي "عمال بالمواد ‪ 673‬و‪ 678‬و‪ 1-748‬و‪ 3-748‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واألمر المؤرخ ‪ 7‬أبريل ‪ 2009‬بشأن االتصاالت اإللكترونية أمام المحاكم‬
‫اإلقليمية‪ ،‬يمكن تقديم إخطارات بإرسال أحكام هذه المحاكم إلكترونيا‪ ،‬عبر الشبكة االفتراضية‬

‫‪1Art‬‬ ‫‪748-3: 1ere alinéa: c.p.c. stipule que:‬‬


‫‪"les envois, remises et notifications mentionnées à l'article 748-1 font l'objet d'un avis‬‬
‫‪électronique de réception adressé par le destinataire, qui Indique la date et le cas‬‬
‫"‪échéant, l'heure de celle-ci‬‬
‫‪2cass, Ch. Civ 2, 7 septembre 2017,16-21.756 16-21.762, Publié au Légifrance. la date‬‬

‫‪de la visite du site 22/02/2023.‬‬


‫‪21‬‬
‫(‪ ،1)RPVA‬وفي هذه الحالة‪ ،‬تسليم إشعار إلكتروني باالستالم موجه من المستلم‪ ،‬مع اإلشارة‬
‫إلى تاريخ ووقت ذلك‪ ....‬اعتبر هذا اإلخطار منتظما"‪.‬‬

‫غير أن المشرع الفرنسي أدخل تعديال سنة ‪ 2012‬ونص على أن تاريخ وساعة التبليغ‬
‫الموجه بطريقة إلكترونية يتحدد عند إرسال اإلجراء إلى المرسل إليه ونفس التوجه ذهب‬
‫القضاء الفرنسي إذ قضت محكمة االستئناف‪ 2‬بوردو )‪" (Bordeaux‬بأن المحامي الذي احتج‬
‫ببعض الرسائل المنقولة له بالطريقة اإللكترونية في إطار تبليغ الحكم الصادر في ‪ 1‬يونيو‬
‫‪ ، 2011‬والذي صدر وسلّم إلى الفريق األخر وفقا ً إلشعار بالوصول‪ ،‬مشار فيه إلى تاريخ‬
‫وساعة االستالم في ‪ 16/6/2011‬الساعة ‪ 9:53‬وذلك بشكل ‪ ، pdf‬وبالتالي فإن اإلشعار‬
‫باالستالم اإللكتروني على الرغم من ادعاءات الشركة المدعية مطابقا ً لنص المادة ‪ 3-748‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية الفرنسي‪ .‬لذلك قضت المحكمة بأن تبليغ الحكم بالطريقة اإللكترونية‬
‫حسب ما تم من قبل المحامي المدعى يُعتبر صحيحاً‪ ،‬ولهذا رفضت االستئناف الذي تم في ‪26‬‬
‫يوليوز ‪."2011‬‬

‫ويتضح من خالل ما سبق أن المشرع المغربي أخذ بالتوجه األخير لنظيره الفرنسي الذي يأخذ‬
‫بمبدأ التوصل المفترض باإلجراء وليس التوصل اليقيني‪ ،‬وهو توجه يهدف إلى تجاوز مسألة‬
‫تماطل المبلغ إليه عن إرسال إشعار بالتوصل على رغم من كونه يشكل إجحافا في حقه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور المحرر اإللكتروني في إثبات التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬

‫إن الغاية من إدخال الوسائل اإللكترونية في إجراءات التبليغ هو إيصال الرسالة التي‬
‫عجز النظام التقليدي للتبليغ على تأديتها بالشكل المطلوب ومساعدته‪ ،‬خاصة وأن الطرق‬
‫التقليدية للتبليغ تقوم على تبليغ األوراق القضائية للمعلن إليه‪ ،‬وإثبات ذلك بشهادة التسليم الورقية‬

‫‪1Réseau‬‬ ‫‪privé virtale des avocats‬‬


‫‪2Cour‬‬ ‫‪Bordeaux, 1ere ch, 5 mars 2012 n°11/04968 jurisdata n°2012-003388.‬‬
‫اوردته مايا مصطفى فوالدكار‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪22‬‬
‫حسب الفصل ‪ 39‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬والتي تتطلب كم هائل من الموارد البشرية المؤهلة التي تتظافر‬
‫من أجل القيام بإجراء وحيد أساسه تبليغ الطرف بإجراء قضائي لضمان حقه في الدفاع‪.1‬‬

‫لهذا يجب الوقوف على قوة الثبوتية للمحرر اإللكتروني في اإلثبات (ثانيا) لكن قبل ذلك‬
‫من المفيد التطرق لتعريف المحرر اإللكتروني وشروطه (أوال)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ماهية المحرر اإللكتروني‬

‫ماهية المحرر اإللكتروني تقتضي منا الوقوف عند تعريفه وتحديد الشروط المتطلبة قانونا حتى‬
‫ينتج آثاره وهذا ما سنحاول توضيحه فيما يأتي‪:‬‬

‫أ‪-‬تعريف المحرر اإللكتروني‪.‬‬

‫بالرجوع إلى القانون رقم ‪ 53.05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬نجده‬
‫لم يعرف المحررات اإللكترونية‪ ،‬بل اكتفى بتحديد شروط صحته‪ ،‬عكس بعض التشريعات‬
‫المقارنة التي عملت على وضع تعريف للمحرر اإللكتروني‪ ،‬كما هو حال بالنسبة للمشرع‬
‫المصري الذي يعرفه بأنه‪" :‬رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ وتدمج‪ ،‬أو تخزن‪ ،‬أو ترسل‪،‬‬
‫أو تستقبل‪ ،‬كليا أو جزئيا‪ ،‬بوسيلة إلكترونية أو رقمية‪ ،‬أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة"‪،2‬‬
‫في حين عرفه قانون األونيسترال النموذجي بشأن التجارة اإللكترونية بأنه‪" :‬المعلومات التي‬
‫يتم إنشاؤها أو إرسالها أو استالمها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهة‬
‫بما في ذلك على سبيل المثال ال الحصر تبادل البيانات اإللكترونية‪ ،‬أو البريد اإللكتروني‪ ،‬أو‬
‫البرق‪ ،‬أو التلكس‪ ،‬أو النسخ البرقي"‪.3‬‬

‫وعرف أحد الباحثين‪ 4‬المحرر اإللكتروني بأنه‪" :‬عبارة عن أحرف وأرقام أو إشارات‬
‫رقمية أو رموز أخرى ذات داللة واضحة محررة بطريقة إلكترونية‪ ،‬أو تم تبادلها بشكل‬

‫‪1‬هشام بوحماد‪" :‬التبليغ القضائي في المادة المدنية بوسائل االتصال الحديثة"‪ ،‬بحث لنهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء‬
‫سنوات التكوين ‪.2017/2015‬ص‪.32‬‬
‫‪2‬البند (ب) من المادة األولى من القانون التوقيع اإللكتروني المصري رقم ‪ 15‬لعام ‪.2004‬‬
‫‪3‬البند (‪ )1‬من المادة ‪ 2‬من قانون األونيسترال النموذجي بشأن التجارة اإللكترونية لعام ‪.2001‬‬
‫‪4‬عبد الحكيم زروق‪" :‬التنظيم القانوني للمغرب الرقمي"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2013‬ص‬
‫‪.26‬‬
‫‪23‬‬
‫إلكتروني باستخدام نظم المعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬وتمكن من التعرف بصفة قانونية على‬
‫الشخص الذي صدرت عنه‪ ،‬ومحفوظة على حامل إلكتروني يؤمن قراءتها والرجوع إليها عند‬
‫الحاجة"‪ ،‬فحين عرف جانب من الفقه المحرر اإللكتروني أنه‪" :‬البيانات والمعلومات التي يتم‬
‫تبادلها خالل المراسالت التي تتم بين طرفي العالقة بوسائل إلكترونية‪ ،‬سواء كانت من خالل‬
‫شبكة اإلنترنت أم من خالل األقراص الصلبة أو شاشات الحاسب اآللي أو أية وسيلة إلكترونية‬
‫أخرى‪ ،‬لتوصيل المعلومة بينهما‪ ،‬أو إثبات حق أو القيام بعمل‪ ،‬فهي الوسيلة التي من خاللها‬
‫يتمكن المتالقون عبر اإلنترنت من توصيل المعلومة لبعضهم البعض"‪.1‬‬

‫نستنتج مما سبق أن المحرر اإللكتروني مجموعة من البيانات مثبتة على دعامة غير ورقية‬
‫وتعالج بطريقة إلكترونية‪ ،‬وال يختلف المحرر اإللكتروني عن المحرر العادي إال من حيث‬
‫دعامة الكتابة وطريقة الحفظ التي تكون بشكل إلكتروني بدال من الورق‪.‬‬

‫ب‪-‬الشروط المحرر اإللكتروني‪.‬‬

‫إن المحرر اإللكتروني المعتمد في االثبات هو المستوفي للشروط القانونية الالزمة وتتجلى‬
‫هذه الشروط فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬كتابة المحرر اإللكتروني‬

‫إن االحتجاج بالمحررات اإللكترونية والتي تعتمد في كتابتها على اإلشارات والرموز‬
‫واألحرف يقتضي أن تكون هذه األخيرة مفهومة لدى األطراف‪ ،‬بحيث يدل الدليل الكتابي على‬
‫التصرف القانوني أو البيانات المدونة بالمحرر‪ ،‬وأن يكون هذا الدليل متصفا بالدوام‬
‫واالستمرارية‪ ،‬أي إ لزامية تدوين الكتابة كدليل على دعائم تضمن ثباتها بشكل مستمر‪ ،‬حتى‬
‫يتسنى ألطراف التصرف أو أصحاب الشأن الرجوع إليها‪.2‬‬

‫‪1‬الرومي محمد أمين‪" :‬النظام القانوني للتوقيع اإللكتروني"‪ ،‬دار الفكر الجامعي االسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى للسنة ‪،2006‬‬
‫ص‪.20-19‬‬
‫‪2‬أحالم عليمي‪" :‬إشكالية االثبات في التعاقد اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور في مجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد‬
‫‪ 7‬لسنة ‪ ،2019‬ص‪.25‬‬
‫‪24‬‬
‫ولعل اإلمكانيات العديدة التي تتيحها التقنية العالية لتكنولوجيا المعلومات في قراءة الوثيقة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬أصبح معه كل ما يعرض أو ينقل أو يخزن عبر اإللكترونية متوفرا بأكثر من لغة‬
‫من لغات العالم‪ ،‬أضف إلى أن التطور التكنولوجي الحاصل من حيث طرق تخزين البيانات‬
‫اإللكترونية يؤكد تقلص نسب تعرض الدليل الكتابي اإللكتروني للتلف أو للضياع"‪.1‬‬

‫‪-2‬حفظ المحرر اإللكتروني من التعديل أو التحريف‪.‬‬

‫يجب أن يكون المحرر اإللكتروني مقاوما ألي محاولة للتعديل أو التحريف في مضمونه‬
‫سواء باإلضافة أو الحذف‪ ،‬حتى يكون مصدر ثقة وأمان‪ ،‬فإذا كانت المحررات الورقية قد‬
‫وضعت لها قواعد تضمن سالمتها‪ ،‬إضافة إلى كونها محررة بطريقة يسهل معها كشف أي‬
‫تحريف وقع فيها‪ ،‬سواء بالعين المجردة أو بالخبرة الفنية‪ ،‬حيث ال يتم التغيير إال بإتالف الدليل‬
‫أو ترك أثر عليه‪ ،‬فإن المحرر اإللكتروني عكس ذلك فقد يتعرض للتغيير والتحريف دون أن‬
‫يترك أي أثر لذلك‪ ،‬ما عدا البيان الذي يسجله الحاسوب والمتعلق بزمن وتاريخ التغيير‪ ،2‬لذلك‬
‫تم ابتكار وسائل متطورة تجعل من المحرر اإللكتروني مجرد رموز وإشارات غير مفهومة‬
‫وغير واضحة‪ ،‬بحيث ال يستطيع أحد المساس بها أو كشف محتواها إال لمن يتوفر على المفتاح‬
‫الخاص بذلك‪ ،‬وهذه التقنية هي المسماة بتقنية التشفير‪ ،3‬والتي تقف في وجه أي تغيير قد يلحق‬
‫المحرر‪ ،‬حيث نص عليها المشرع في المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 05.53‬المتعلق بالتبادل‬
‫اإللكتروني للمعطيات‪ ،‬إذ اعتبر التشفير وسيلة من وسائل سالمة تبادل المعطيات القانونية‬
‫بطريقة إلكترونية أو تخزينها أو هما معا‪.‬‬

‫‪1‬حفيظ علوي قادري‪" :‬إشكالية التعاقد في التجارة اإللكترونية"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪،2012‬‬
‫ص ‪ 62‬وما يليها‪.‬‬
‫‪2‬فوغالي بسمة‪" :‬إثبات العقد اإللكتروني وحجيته في ظل عالم اإلنترنت"‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬تخصص قانون‬
‫األعمال‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد لمين دباغيين‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2015/2014‬ص ‪.98‬‬
‫‪3‬لقد نظم المشرع المغربي التشفير بالمواد من ‪ 45‬إلى ‪ 51‬من القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلق بالثقة في االقتصاد الرقمي وعرفه‬
‫في المادة ‪ 45‬حيث جاء فيه "تتجلى وسيلة التشفير وتحليل الشفرات في كل معدات أو برمجيات مصممة أو معدلة من أجل‬
‫تحويل معطيات إلكترونية سواء كانت عبارة عن معلومات أو إشارات أو رموز استنادا إلى اتفاقيات سرية‪ ،‬أو من أجل إنجاز‬
‫العملية العكسية‪ ،‬بموجب اتفاقية سرية أو بدونها‪ .‬وتهدف وسيلة التشفير وتحليل الشفرات على الخصوص إلى ضمان سالمة‬
‫تبادل المعطيات بطريقة إلكترونية أو تخزينها‪ ،‬بكيفية تمكن من ضمان سريتها والتيقن منها ومراقبة تماميتها‪.‬‬
‫خدمة التشفير وتحليل الشفرات هي كل عملية تهدف إلى توظيف وسائل التشفير وتحليل الشفرات لحساب الغير"‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪-3‬التوقيع اإللكتروني‪.‬‬

‫لقد عمل المشرع المغربي من خالل القانون رقم ‪ 53-05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني‬
‫‪1‬‬
‫للمعطيات القانونية على تنظيم مجال المعامالت اإللكترونية وركز على التوقيع اإللكتروني‬
‫باعتباره القاسم المشترك بينها‪ .‬وعلى عادته أحجم المشرع المغربي على وضع تعريف محدد‬
‫للتوقيع اإللكتروني مكتفيا بالحديث عن الشروط واإلجراءات الواجب توفرها فيه للقول بحجيته‬
‫في اإلثبات‪ ،2‬عكس التشريعات المقارنة‪ ،3‬فجلها تسير نحو تحديد مفهوم التوقيع اإللكتروني‬
‫بكثير من الدقة والوضوح‪ ،‬وذلك من خالل تبني األحكام الواردة في القوانين النموذجية الصادرة‬
‫عن منظمة األمم المتحدة للتجارة الدولية المعروفة األونيسترال‪ .‬إذ عرفت هذه األخيرة التوقيع‬
‫اإللكتروني من خالل الفقرة األولى من المادة ‪ 2‬من القانون النموذجي بشأن التوقيعات‬
‫اإللكترونية لسنة ‪ 2001‬بأنه‪" :‬بيانات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة بيانات أو مضافة‬
‫إليها أو مرتبطة بها منطقيا‪ ،‬يجوز أن تستخدم لتعيين هوية الموقع بالنسبة إلى رسالة البيانات‪.‬‬
‫ولبيان موافقة الموقع على المعلومات الواردة في رسالة البيانات"‪.4‬‬

‫لقد عمل المشرع المغربي على تحصين التوقيع اإللكتروني‪ 5‬بمجموعة من الضوابط نظمها‬
‫بمقتضى القسم الفرعي األول من القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلقة بالثقة في االقتصاد الرقمي‬

‫‪1‬تم نسخ القسم الثاني المعنون بالنظام القانوني المطبق على التوقيع اإللكتروني المؤمن والتشفير والمصادقة اإللكترونية من‬
‫القانون رقم ‪ ،53.05‬بمقتضى القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلقة بالثقة في االقتصاد الرقمي‪.‬‬
‫‪2‬إيمان السائح‪" :‬الحماية القانونية للتوقيع اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور في مجلة المنبر القانوني‪ ،‬العدد ‪ 9‬لسنة ‪ 2015‬ص‪.229‬‬
‫‪ 3‬عرف المشرع المصري التوقيع اإللكتروني من خالل البند (ج) من المادة األولى من القانون التوقيع اإللكتروني رقم ‪15‬‬
‫لسنة ‪ 20004‬بأنه‪" :‬كل ما يوضع على محرر الكتروني ويتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ويكون‬
‫له طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره"‪.‬‬
‫فحين عرف المشرع العراقي التوقيع اإللكتروني في المادة األولى من قانون التوقيع اإللكتروني والمعامالت اإللكترونية‬
‫العراقي رقم (‪ )78‬لسنة ‪ 2012‬بأنه "عالمة شخصية تتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو أصوات أو غيرها‬
‫وله طابع متفرد يدل على نسبته إلى الموقع ويكون معتمداً من جهة التصديق"‪.‬‬
‫أما المشرع اإلماراتي قد عرف التوقيع اإللكتروني في المادة األولى من القانون االتحادي رقم (‪ )1‬لسنة ‪ 2006‬في شأن‬
‫المعامالت والتجارة اإللكترونية بأنه‪" :‬توقيع مكون من حروف أو أرقام أو رموز او صوت او نظام معالجة ذي شكل الكتروني‬
‫وملحق أو مرتبط منطقيا برسالة إلكترونية بنية توثيق او اعتماد تلك الرسالة"‪.‬‬
‫‪ 4‬كما ظهر التوقيع التقليدي في عدة اشكال كاإلمضاء والختم وبصمة األصبع‪ ،‬نجد التوقيع اإللكتروني أيضا يتخذ صور متعددة‬
‫نابعة من طبيعته الخاصة لكونه يتم عبر وسائل اإللكترونية حديثة وتتحدد هذه االشكال في التوقيع البيومتري‪ ،‬والتوقيع الرقمي‪،‬‬
‫والتوقيع بالقلم اإللكتروني‪ .‬انظر لمياء أبيدار‪" :‬حجبة التوقيع االلكتروني في اإلثبات"‪ ،‬مقال منشور في مجلة الباحث للدراسات‬
‫واألبحاث القانونية والقضائية العدد ‪-55‬لشهر يونيو ‪ 2023‬م‪ ،‬ص‪ 70‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 5‬أحالم عليمي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪26‬‬
‫والتي تجعل المحرر اإللكتروني الموقع توقيعا إلكترونيا مؤمنا يحظى بمكانته في اإلثبات‪،1‬‬
‫متى تمت مراعاة المواصفات والمقتضيات التي تضمن هوية الموقع والتزامه بمضمون المحرر‬
‫المرتبط به‪ ،‬ثم تمكينه من االحتفاظ بتوقيعه والسيطرة عليه بشكل حصري‪ ،‬وأن تكون لديه‬
‫الوسائل الكفيلة بكشف أي تالعب أو تعديل يلحق به‪ ،‬ووضع التوقيع بواسطة آلية إلنشاء التوقيع‬
‫اإللكتروني‪ 2‬تكون صالحيتها مثبتة بشهادة للمطابقة‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬القوة الثبوتية للمحرر اإللكتروني‬

‫اتجهت أغلب التشريعات الحديثة نحو إصدار قوانين خاصة تهم المعامالت اإللكترونية‪،‬‬
‫بتحيين مقتضياتها في ميدان التعاقد واإلثبات‪ ،‬وذلك بإعطاء الوثيقة اإللكترونية نفس القيمة‬
‫الثبوتية التي تتمتع بها الوثيقة الورقية‪ ،‬وفي هذا اإلطار نص الفصل ‪ 417-1‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫المغربي على أنه‪" :‬تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة اإلثبات التي تتمتع‬
‫بها الوثيقة المحررة على الورق‪.‬‬

‫تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني اإلثبات شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق‬
‫شريطة أن يكون باإلمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه‪ ،‬وأن تكون‬

‫‪1‬تنص الفصول ‪ 417-2‬و‪ 417-3‬من ق‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬على التوالي على ما يلي‪:‬‬


‫الفصل ‪2‬ـ‪" 417‬يتيح التوقيع الضروري إلتمام وثيقة قانونية التعرف على الشخص الموقع ويعبر عن قبوله لاللتزامات‬
‫الناتجة عن الوثيقة المذكورة‪.‬‬
‫تصبح الوثيقة رسمية إذا وضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي له صالحية التوثيق‪.‬‬
‫عندما يكون التوقيع إلكترونيا‪ ،‬يتعين استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباطه بالوثيقة المتصلة "‪.‬‬
‫الفصل ‪" 417-3‬يفترض الوثوق في الوسيلة المستعملة في التوقيع اإللكتروني‪ ،‬عندما تتيح استخدام توقيع الكتروني مؤهل إلى‬
‫أن يثبت ما يخالف ذلك‪.‬‬
‫يعتبر التوقيع اإللكتروني مؤهال إذا تم إنشاؤه وكانت هوية الموقع مؤكدة وتمامية الوثيقة القانونية مضمونة‪ ،‬وفق النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية المعمول بها في هذا المجال‪.‬‬
‫تتمتع كل وثيقة مذيلة بتوقيع إلكتروني مؤهل وبختم زمني الكتروني مؤهل بنفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها الوثيقة المصادق‬
‫على صحة توقيعها والمذيلة بتاريخ ثابت"‪.‬‬
‫‪2‬تنص الفقرة العاشرة من المادة الثانية من القانون ‪ 43.20‬المذكور على ما يلي‪" :‬آلية إنشاء التوقيع اإللكتروني‪ :‬كل معدات‬
‫أو برمجيات أوهما معا‪.‬‬
‫تتضمن العناصر المميزة الخاصة بصاحب التوقيع والمعدة لتوظيف معطيات إنشاء التوقيع اإللكتروني والمستخدمة في‬
‫إنشائه"‪.‬‬
‫‪ 3‬وما تجب اإلشارة إليه هو أن شهادة المطابقة تسلمها السلطة المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة اإللكترونية على التوقيع‬
‫اإللكتروني عندما تتأكد أن تلك اآلليات تضمن بوسائل تقنية وإجراءات مالئمة أن معطيات إنشاء التوقيع اإللكتروني ال يمكن‬
‫إعدادها أكثر من مرة واحدة‪ ،‬وتكون سريتها مضمونة‪ ،‬أي محفوظة ومؤمنة تقنيا‪ :‬راجع بهذا الخصوص المختار بن أحمد‬
‫عطار‪ ،‬العقد اإللكتروني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2010 ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪27‬‬
‫معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها"‪ .‬وهكذا يبدو أن المشرع المغربي وعلى‬
‫غرار مختلف التشريعات‪ 1‬في النظم القانونية تبنى مفهوما واسعا لإلثبات‪ ،‬إذ لم يعد مقتصرا‬
‫على المحررات الورقية‪ ،‬بل انتقل إلى تجسيد فكرة اإلثبات عن طريق الكتابة في أي شكل كان‬
‫ومهما كانت الدعامة التي تحتويه‪.2‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن النسخ المأخوذة من الوثيقة اإللكترونية األصلية تتمتع بنفس قوة‬
‫اإلثبات التي تتمتع بها هذه األخيرة‪ ،‬األمر الذي يؤكده الفصل ‪ 440‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .‬الذي يقضي‬
‫بأنه‪" :‬تقبل لإلثبات نسخ الوثيقة القانونية المعدة بشكل إلكتروني متى كانت الوثيقة مستوفية‬
‫للشروط المشار إليها في الفصل ‪ 417-1‬و‪ ،417-2‬وكانت وسيلة حفظ الوثيقة تتيح لكل طرف‬
‫الحصول على نسخة منها أو الولوج إليها"‪ .3‬وبناء عليه يتضح أنه ال فرق بين أصل الوثيقة‬
‫اإللكترونية ونسختها على اعتبار أن تكنولوجيا المعلوميات بفضل تقنيتها الرقمية لها قدرة على‬
‫إنتاج نفس الوثيقة وعلى أجيال متعاقبة دون التمييز بينهما‪ ،‬كما أن صفة األصل متوفرة في‬
‫المحررات المعدة بشكل إلكتروني شريطة أن تكون محفوظة وفقا ألحكام الفصول ‪417-1‬‬
‫و‪ 417-2‬و‪ 417-3‬من ق ل ع المغربي‪ ،‬وأن تسمح الوثيقة المستعملة لكل طرف من األطراف‬
‫المعنية بالحصول على نسخة منه أو الولوج إليه‪ ،‬على عكس الوثائق التقليدية الورقية التي‬
‫نستطيع التمييز فيها بين األصل والنسخة‪.4‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نطاق التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬


‫إن البحث في أحكام التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية يقتضي بالضرورة معرفة‬
‫نطاقه‪ ،‬بحيث ينطوي نطاق التبليغ القضائي على ثالثة محاور تعد من أساسيات التبليغات‬
‫القضائية‪ .‬ولعل أولى محاور نطاق التبليغ القضائي يتعلق بالبعد الزمني‪ ،‬بحيث عمل المشرع‬

‫‪1‬نصت المادة ‪ 15‬من قانون التوقيع اإللكتروني المصري رقم ‪ 15‬لعام ‪ 2004‬على "للكتابة اإللكترونية وللمحررات‬
‫اإللكترونية في نطاق المعامالت المدنية ذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية والعرفية في أحكام قانون اإلثبات‬
‫في المواد المدنية والتجارية متى استوفت الشروط المنصوص عليها في هذا القانون"‪.‬‬
‫‪2‬أحالم عليمي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪3‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 629‬من مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة المدنية على ما يلي "يعتد أمام المحاكم‬
‫بالوثائق والمستندات سواء تم إيداعها أو اإلدالء بها بطريقة إلكترونية أو ورقية‪"...‬‬
‫‪4‬عبد حكيم زروق‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪28‬‬
‫المغربي والمقارن على تأطير عملية التبليغ بآجال من المفروض احترامها وإال كان اإلجراء‬
‫باطال على اعتبار أن اآلجال من النظام العام‪ .‬وينضاف إلى محاور نطاق التبليغ القضائي البعد‬
‫المكاني‪ ،‬إذ من ضروريات تحديد المكان الذي يجب أن يتم فيه تسليم التبليغات القضائية لما‬
‫للبعد المكاني من آثار على مسطرة التبليغ القضائي‪.‬‬

‫من أساسيات مسطرة التبليغ كذلك والتي يتوجب الوقوف عندها التعرف على أطراف التبليغ‬
‫القضائي وهو ما نعبر عنه في هذا السياق بالنطاق الشخصي للتبليغ القضائي‪ ،‬إذ تتولى عملية‬
‫التبليغ عدة جهات مما قد يعرقل سير التبليغات القضائية لذا كان الرهان على اعتماد الطريقة‬
‫اإللكترونية في التبليغ القضائي من أجل التقليص من الجهات الموكول لها القيام بعملية التبليغ‬
‫وبنتيجة ال تقليص من عراقيل التبليغ خاصة عندما يتعلق األمر بالجهات المساعدة في إجراءات‬
‫التبليغ ‪ ،‬فضال عن تحدي د األشخاص المخول لهم صفة تسليم التبليغات القضائية سواء كانوا‬
‫أشخاص طبعيين أو أشخاص اعتبارين ‪.‬‬

‫وعليه سنحاول التطرق لكل هذه العناصر وذلك في مطلبين نخصص (المطلب األول) نطاق‬
‫التبليغ من حيث الزمان والمكان على أن نعرج على نطاق التبليغ من حيث األشخاص من خالل‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نطاق التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية من حيث الزمان والمكان‬

‫تعتبر عملية التبليغ ركيزة أساسية لحقوق الدفاع‪ ،‬ونظرا لهذه األهمية‪ ،‬وضع المشرع‬
‫المغربي والمقارن ضمانات تكفل وصول التبليغ القضائي‪ ،‬ولعل أهم الضمانات األساسية‬
‫إلجراءات التبليغ القضائي تتمثل في تحديد البعد الزماني والمكاني للتبليغ القضائي‪.‬‬

‫لهذا سنحاول الوقوف عند زمان التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية (الفقرة األولى)‬
‫على أن نتطرق إلى مكان التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬نطاق التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية من حيث الزمان‬

‫من األمور المهمة لدى التشريعات هي ضرورة عدم إطالة أجل التبليغات القضائية‪ ،‬لما‬
‫يترتب عن ذلك من آثار على المتقاضين‪ ،‬حيث إن التراخي في إجراءات التبليغ قد يلحق ضرر‬
‫بالغا بهم‪ ،‬ومن أجل ذلك سعت جل التشريعات إلى ربط أكثر اإلجراءات ومنها التبليغات‬
‫القضائية بآجال يتوجب أن يتم احترامها‪.1‬‬

‫ويقصد بزمن‪ 2‬التبليغ القضائي في هذا السياق تحديد األوقات المسموح فيها إجراء التبليغ‬
‫(أوال) وكذا أجل التبليغ (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األوقات المسموح بها إجراء التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬
‫إذا كان المشرع المغربي من خالل قانون المسطرة المدنية لم يحدد األوقات المسموح فيها‬
‫بإجراء التبليغ عكس بعض التشريعات المقارنة كالمشرع الفرنسي‪ 3‬الذي منع إجراء التبليغ قبل‬
‫الساعة السادسة صباحا وبعد الساعة التاسعة مساء وأيام األحد والعطل إال إذا أجاز القاضي‬
‫ذلك في حاالت الضرورة‪.4‬‬

‫إال أن المشرع المغربي تدخل من خالل مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة‬
‫المدنية وأضاف المادة ‪ 82‬التي تنص على أنه‪" :‬مع مراعاة القسم الحادي عشر من هذا القانون‬
‫ال يجوز تبليغ أي طي قضائي قبل الساعة السابعة صباحا وبعد الساعة العاشرة ليال إال في‬
‫حاالت الضرورة وبناء على إذن مكتوب ومعلل من طرف رئيس المحكمة أو من طرف رئيس‬
‫الهيئة أو القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية أو من طرف القاضي التنفيذ"‪ .‬مما سبق‬

‫‪1‬فارس علي عمر الجرجري‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.106‬‬


‫‪2‬يعرف الفقيه (فتحي ولي)‪ :‬الميعاد اإلجرائي هو عبارة عن فترة من الزمن والتي يحددها القانون وذلك التخاذ اإلجراء قبل‬
‫بدئها أو خاللها أو بعد انقضائها"‪ .‬أورده فارس علي عمر الجرجري‪ :‬نفس م‪.‬س‪ ،‬ص‪.107‬‬
‫‪3Art.664 : c.p.c .f stipule que: «Aucune signification ne peut être faite avant six heures‬‬

‫‪et après vingt et une heures, non plus que les dimanches.‬‬
‫‪les jours fériés ou chômés, si ce n'est en vertu de la permission du juge en cas de‬‬
‫»‪nécessité.‬‬
‫‪4‬نفس التوجه تبناه المشرع األردني من خالل المادة الرابعة من قانون أصول المحاكم المدنية رقم ‪ 24‬لسنة ‪ ،1988‬اذ نصت‬
‫على انه‪" :‬ال يجوز إجراء اي التبليغ أو تنفيذ قبل الساعة السابعة صباحا وال بعد الساعة السابعة مساءا وال في أيام العطل‬
‫الرسمية إال في حاالت الضرورة وبإذن كتابي من المحكمة"‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫يتضح أن وضع األجل القانوني إلجراء التبليغ داخلها يهدف من خالله المشرع إلى احترام‬
‫الحياة الخاصة لألفراد‪.‬‬

‫إال أنه عندما يتم توجيه التبليغات القضائية بالطريقة اإللكترونية يطرح معه السؤال حول‬
‫إمكانية إجراءها في أي وقت مادام أن توجيه وثائق التبليغ إلى الحساب اإللكتروني للمعني‬
‫باألمر عبر الوسيلة اإللكترونية ال يشكل إزعاج أو تطفل على حياته الخاصة‪ .‬وبالرجوع إلى‬
‫القسم الحادي عشر من مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة المدنية نجد المشرع‬
‫المغربي لم يشير ألي مقتضى قانوني بخصوص تحديد األوقات المسموح فيها بإجراء التبليغ‬
‫الموجه بطريقة إلكترونية عكس بعض التشريعات المقارنة كالتشريع السعودي الذي تطرق‬
‫لهذه المسألة بشكل واضح إذ نجده استثنى التبليغ اإللكتروني من خالل المرسوم الملكي رقم‬
‫(م ‪ )18/‬صادر سنة ‪ 2020‬من خالل تعديل المضاف إلى المادة ‪ 12‬بضافة عبارة "يجوز‬
‫إجراؤه في أي وقت إذا كان عن طريق إحدى الوسائل اإللكترونية" إذ أصبحت على الشكل‬
‫التالي‪" :‬ال يجوز إجراء أي تبليغ في مكان اإلقامة قبل شروق الشمس وال بعد غروبها‪ ،‬وال في‬
‫أيام العطل الرسمية‪ ،‬إال في حاالت الضرورة وبإذن كتابي من القاضي‪ ،‬ويجوز إجراؤه في أي‬
‫وقت إذا كان عن طريق إحدى الوسائل اإللكترونية"‪ .‬غير أنه يمكن أن نستخلص من روح‬
‫نص المادة ‪ 82‬المشار إليها سابقا على أن مشرع المغربي لم يقيد التبليغ الموجه بطريقة‬
‫إلكترونية بأي وقت محدد مادام أنه أورد عبارة "مع مراعاة القسم الحادي عشر من هذا‬
‫القانون‪ "...‬فالمشرع يقصد هنا التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد يرى أحد الباحثين أن احترام أوقات المحددة قانونا يمكن تطبيقه على التبليغ‬
‫العادي فقط‪ ،‬ألن تطبيقه على التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية من شأنه إهدار الفائدة منه‪،‬‬
‫وتطبيق القواعد المحددة لوقت التبليغ التقليدي غير مفهوم وغير مبرر عند سلوك الطريقة‬
‫اإللكترونية في التبليغ ألنه ال مجال للحديث عن التطفل على الحياة الخاصة للمرسل إليه عند‬
‫تسليم المكلف بالتبليغ القضائي إجراء مراد إرساله عبر الوسيط اإللكتروني المتاح‪.1‬‬

‫‪1‬مايا مصطفى فوالدكار‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.55-54‬‬


‫‪31‬‬
‫ومن وجهة نظري أرى عدم تقييد التبليغ بالطريقة اإللكترونية بوقت محدد توجه سليم‪ ،‬بل‬
‫يجب أن يكون األمر كذلك حتى تتحقق الغاية من إحداث هذه الطريقة في التبليغات القضائية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أجل التبليغ‬

‫أ‪-‬تحديد آجال التبليغ‬

‫يقصد بآجال التبليغ المدة الزمنية التي تفصل بين تاريخ االستدعاء واليوم المحدد للحضور‪،‬‬
‫وقد تنبه المشرع المغربي الختالف المسافة بين أماكن المدعى عليهم والمحكمة المرفوع أمامها‬
‫الدعوى موضوع النزاع‪ ،‬لذلك اعتمد مقاربة تعددية تنسجم مع هذا التوجه‪.1‬‬

‫بالرجوع إلى الفصلين ‪ 40‬و‪ 41‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ 2‬نجد آجال الفاصلة بين واقعة التبليغ ويوم الحضور‬
‫تتحدد على الشكل التالي‪:‬‬

‫أ‪ -‬خمسة أيام إذا كان للطرف موطن أو محل إقامة في مكان مقر المحكمة االبتدائية أو بمركز‬
‫مجاور لها‪.‬‬

‫ب‪-‬خمسة عشرة يوما إذا كان موجود في أي محل آخر من تراب المملكة‪.‬‬

‫ج‪ -‬إذا لم يكن للطرف المراد استدعاؤه ال موطن وال محل إقامة في دائرة نفوذ المحكمة فإن‬
‫آجال الحصور تتحدد‪:‬‬

‫‪1‬عبد الحق المتوكل‪" :‬إشكاالت التبليغ "‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة‪ ،‬موسم ‪ ،2011-2010‬ص‪.55‬‬
‫‪ 2‬ينص كل من الفصل ‪ 40‬و‪ 41‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬م على التوالي على ما يلي‪ :‬الفصل ‪" 40‬يجب أن ينصرم ما بين تبليغ االستدعاء‬
‫واليوم المحدد للحضور أجل خمسة أيام إذا كان للطرف موطن أو محل إقامة في مكان مقر المحكمة االبتدائية أو بمركز‬
‫مجاور لها ومدة خمسة عشر يوما إذا كان موجودا في أي محل آخر من تراب المملكة تحت طائلة بطالن الحكم الذي قد‬
‫يصدر غيابيا"‪.‬‬
‫الفصل ‪" 41‬إذا لم يكن للطرف الذي وقع استدعاؤه ال موطن وال محل إقامة في دوائر نفوذ محاكم المملكة فإن أجل الحضور‬
‫يحدد فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان يسكن بالجزائر أو تونس أو إحدى الدول األوروبية شهران؛‬
‫‪ -‬إذا كان يسكن بدولة افريقية أخرى أو آسيا أو أمريكا‪ :‬ثالثة أشهر؛‬
‫‪-‬إذا كان يسكن باألقيانوس‪ :‬أربعة أشهر‪.‬‬
‫تطبق اآلجال العادية عدا إذا مددها القاضي بالنسبة إلى االستدعاءات التي سلمت إلى الشخص بالمغرب الذي ال يتوفر بعد‬
‫على موطن ومحل إقامة‪".‬‬
‫‪32‬‬
‫‪-‬إذا كان يسكن بالجزائر أو تونس أو إحدى الدول األوربية شهران‪.‬‬

‫‪ -‬شهران إذا كان يسكن بدولة إفريقية أخرى آسيا أو أمريكا ثالثة أشهر‪.‬‬

‫‪ .‬إذا كان يسكن باألقيانوس أربعة أشهر‪.‬‬

‫نظرا لتطور وسائل النقل في العصر الحالي إذ أصبحت متاحة في جميع األماكن في العالم‬
‫يتجه المشرع المغربي من خالل مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة نحو توحيد‬
‫اآلجال عند تواجد المدعى عليه خارج المملكة المغربية إذ نص من خالل المادة ‪ 89‬على أنه‪:‬‬
‫"إذا لم يكن للطرف الذي وقع استدعاؤه موطن أو محل إقامة في تراب المملكة‪ ،‬فإن أجل‬
‫الحضور يحدد في ثالثة أشهر"‪.‬‬

‫إذن يتبن من خالل ما سبق أن آجال التبليغ تختلف تبعا لمكان تواجد المدعى عليه بالمغرب‬
‫أو بالخارج أو تبعا لقرب أو بعد المدعى عليه عن المحكمة المرفوع أمامها النزاع إذا كان‬
‫متواجد داخل التراب الوطني‪.‬‬

‫ب‪-‬احتساب آجال التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية‪.‬‬

‫يقضي الفصل ‪ 512‬من ق‪.‬م‪.‬م على‪" :‬تكون جميع اآلجال المنصوص عليها في هذا القانون‬
‫كاملة فال يحسب اليوم الذي يتم فيه تسليم االستدعاء أو التبليغ أو اإلنذار أو أي إجراء آخر‬
‫للشخص نفسه أو لموطنه وال اليوم األخير الذي تنتهي فيه‪.‬‬

‫إذا كان اليوم األخير يوم عطلة امتد األجل إلى أول يوم عمل بعده"‪.‬‬

‫يتضح من خالل هذا الفصل أن المشرع وضع قاعدة عامة مفادها أن آجال التبليغ تعتبر آجال‬
‫كاملة ال يحتسب اليوم األول واألخير‪ ،‬كما أنه ال يحتسب اليوم األخير إذا كان يوم عطلة إذ يتم‬
‫تمديد األجل إلى أول يوم عمل بعده‪ .‬وتطبيقا ألحكام الفصل المشار إليها أعاله جاء في أحد‬
‫قرارات محكمة النقض المغربية‪ 1‬ما يلي‪" :‬البين من وثائق الملف أن الطاعنة بلغت بالقرار‬

‫‪ 1‬القرار عدد ‪ 16‬الصادر بتاريخ ‪ 08‬يناير ‪ 2019‬في الملف االجتماعي عدد ‪.5/1/2018/2258‬‬
‫منشور في ‪ /https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموقع ‪ 2023/02/22‬على الساعة ‪ 21:00‬ليال‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫موضوع الطعن بتاريخ ‪ 27/04/2018‬وأن أجل الطعون انتهي بتاريخ ‪ 27/05/2018‬فإن‬
‫اليوم الذي يحتسب هو اليوم الموالي ‪ ،28/05/2018‬إال أن الطاعنة لم تتقدم بطلبها إال بتاريخ‬
‫‪ ،30/05/2018‬وتكون بذلك قد تقدمت بطعنها خارج أجل ‪ 30‬يوما المقررة طبقا للفصل‬
‫‪ 358‬من قانون المسطرة المدنية وبالتالي فإن مآله هو عدم قبوله"‪ .‬كما جاء في قرار آخر‬
‫صادر عن نفس الجهة القضائية ما يلي "إذا كان التبليغ بالحكم االبتدائي تم يوم ‪19/9/2007‬‬
‫وكان آخر أجل الستئنافه يوم ‪ 20/10/2007‬الذي صادف يوم السبت وهو يوم عطلة‪ ،‬فإن‬
‫الطعن باالستئناف المقدم يوم االثنين ‪ 22/10/2007‬وهو أول عمل بعد العطلة‪ ،‬يكون‬
‫مقبوال‪.1"...‬‬

‫عندما يكون التبليغ موجه بطريقة إلكترونية نجد المشرع يتجه نحو إضافة مقتضى أخر من‬
‫خالل مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة المدنية حيث نجد الفصل ‪ 637‬ينص على‬
‫ما يلي‪ " :‬إذا تم االستدعاء أو التبليغ أو اإلنذار أو تقديم الطعن أو القيام باإلجراء بطريقة‬
‫إلكترونية‪ ،‬فإن احتساب اآلجال يتم بصورة مستمرة وفق التوقيت اإلداري الجاري به العمل‪.‬‬

‫وفي حالة تعذر الولوج إلى المنصة اإللكترونية في اليوم األخير من األجل القانوني‪ ،‬يمدد هذا‬
‫األجل إلى أول يوم يلي استئناف المنصة تقديم خدماتها بكيفية عادية"‪.‬‬

‫وإذا كان في التبليغ التقليدي يتم تحديد تاريخ بداية احتساب آجال التبليغ بناء على التاريخ‬
‫المدرج في شهادة التسليم التي يرجع إليها لمعرفة تاريخ وقوع التبليغ فإن األمر يختلف عند‬
‫سلوك الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي‪ ،‬نظرا الختالف كيفية التي يتم بها حيث يتم‬
‫توجيه المستندات في الحساب المصرح به ليتم بعدها إصدار إشعار بوصول اإلجراء‪ 2‬هذا ما‬
‫يؤكده المشرع المغربي من خالل مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة المدنية أن‬
‫اإل شعار بالتوصل يعتبر بمثابة التسليم والذي يحدد فيه تاريخ وساعة انتقال اإلجراء‪.‬‬

‫‪1‬القرار عدد ‪ 957‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬غشت ‪ 2011‬في الملف االجتماعي عدد ‪.5/1/2010/205‬‬
‫منشور في ‪ ./https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموقع ‪ 2023/02/22‬على الساعة ‪ 21:15‬ليال‪.‬‬
‫‪2Bouras latifa: "La notification judiciaire électronique: Quelle valeur juridique ?", Journal of legal‬‬

‫‪and political thought, Volume 6. N° 2. (2022).p 974.‬‬


‫‪34‬‬
‫وبالرجوع إلى المشرع الفرنسي نجده أقر في أول األمر أن بداية احتساب األجل من تاريخ‬
‫اإلشعار بالتوصل إال أنه تراجع عن هذا المقتضى ونص على أن تاريخ وساعة التبليغ‬
‫اإللكتروني هي تلك التي تحدد عند إرسال اإلجراء إلى المرسل إليه‪.1‬‬

‫ونفس التوجه ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية‪ 2‬إذ قضت هذه األخيرة بأن "مهلة شهر‬
‫لتبليغ االستئناف للمرسل إليهم والتي لم تتم عبر محامي تبدأ من يوم إرسال اشعار الذي يأمر‬
‫الكاتب تبليغه وليس من تاريخ استالمه"‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫نفس توجه المشرع الفرنسي ذهب المشرع اإلماراتي من خالل البند الرابع من المادة السابعة‬
‫الذي ينص على أنه "يعتبر اإلعالن اإللكتروني منتجا آلثاره وفقا ً لآلتي‪:‬‬

‫أ‪-‬من تاريخ إرسال البريد اإللكتروني أو الرسائل النصية الهاتفية‪.‬‬

‫ب‪-‬من تاريخ وصول الفاكس‬

‫ج‪-‬من تاريخ تحقق المكالمات المسجلة الصوتية أو المرئية‪."....‬‬

‫وعلى عكس التوجه السابق ذهب المشرع الكويتي من خالل المادة ‪ 12‬من القانون (رقم‬
‫‪ 4)9‬إذ نصت على أنه‪" :‬يعتبر اإلعالن اإللكتروني منتجا آلثاره من وقت ثبوت استالم المعلن‬
‫إليه اإلعالن من الجهة المختصة المكلفة بتنفيذه‪." ...‬‬

‫ومن وجهتي نظري أرى أن هذا التوجه القائل بأن تاريخ وقوع التبليغ يبدأ من تاريخ‬
‫اإلرسال فيه مساس بضمانات المحاكمة وبحقوق الدفاع فكيف يمكن اعتبار أن التبليغ قد وقع‬
‫صحيحا من تاريخ اإلرسال اإلجراء‪ ،‬والحال قد يكون المرسل إليه لم يتوصل فعال باإلجراء‪،‬‬

‫‪1art‬‬ ‫‪664-1 : 2eme alinéa c.p.c.f stipule que :‬‬


‫‪"la date et l'heure de la signification par voie électronique sont celles de l'envoie de l'acte‬‬
‫"‪à son destinataire‬‬
‫‪2 Cass. 2em ch.civ 27 juin 2013. N : 12-19-945‬‬

‫أوردته مايا مصطفى فوالدكار‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.53‬‬


‫‪ 3‬المادة السابعة من القرار الوزاري رقم ‪ 260‬لسنة ‪ 2019‬المتعلق بالدليل اإلجرائي لتنظيم التقاضي باستخدام الوسائل‬
‫اإللكترونية واالتصال عن بعد في اإلجراءات المدنية‪.‬‬
‫‪ 4‬قانون رقم (‪ )9‬لسنة ‪ 2020‬بتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم (‪ )38‬لسنة ‪ 1980‬المتعلق بالقانون المرافعات‬
‫المدنية والتجارية الكويتي‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫وبالتالي يضيع حقه في الدفاع عن مصالحه‪ .‬لدى نرى أنه من الصواب جعل احتساب أجل‬
‫التبليغ يبدأ من تاريخ إرسال اإلشعار بالتوصل الموجه من المرسل إليه‪ ،‬ولتجاوز مسألة تماطل‬
‫هذا األخير عن إرسال اإلشعار بالتوصل‪ ،‬يمكن تفعيل مقتضي الفقرة الرابعة من الفصل ‪39‬‬
‫من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،1‬أو صياغة مقتضى مشابه‪ ،‬بحيث يطلب المكلف بالتبليغ بعد توجيه اإلجراء من‬
‫المرسل إليه ارجاع إشعار بالتوصل‪ ،‬إذا لم يرد هذا األخير يعتبر التبليغ صحيحا في اليوم‬
‫العاشر الموالي لطلب ارجاع اإلشعار بالتوصل‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬نطاق التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية من حيث المكان‬

‫باإلضافة إلى الشروط والعناصر القانونية الضرورية لصحة التبليغ قضائي والتي سبق لنا‬
‫التطرق لها يوجد عنصر آخر له أهمية بالغة في عملية التبليغ ويتعلق األمر هنا بالبعد المكاني‬
‫للتبليغ‪ ،‬والذي له دور حاسم في مدى صحة أو بطالن عملية التبليغ القضائي‪ ،2‬وبما أن حديثنا‬
‫عن التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية يفترض وجود موطن افتراضي تتم فيه عملية التبليغ‪،‬‬
‫وفي هذا السياق يرى أحد الفقه‪ 3‬أن االستدعاء بالوسائل اإللكترونية جعلنا نشهد ظهور الموطن‬
‫الرقمي القادر على منافسة واستبدال العنوان الشخص بالعنوان اإللكتروني‪.‬‬

‫وبالتالي فإن توجيه الوثائق القضائية بالوسائل اإللكترونية (البريد اإللكتروني‪-‬الهاتف‪-‬‬


‫الفاكس‪ )...‬من شأنه أن يساهم في تجنب كثرة اإللغاءات والبطالن الذي قد تتعرض له إجراءات‬
‫التبليغ بسبب موطن أو محل التبليغ‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى القسم الحادي عشر من مشروع قانون المسطرة المدنية المتعلق برقمنة المساطر‬
‫واإلجراءات القضائية نجد المشرع يتحدث عن الحسابات االلكترونية‪ 4‬دون تحديد طبيعة هذا‬

‫‪ 1‬تقضي الفقرة الرابعة على أنه‪" :‬يعتبر االستدعاء مسلما تسليما صحيحا في اليوم العاشر الموالي للرفض الصادر من الطرف‬
‫أو الشخص الذي له الصفة في تسلم االستدعاء"‪.‬‬
‫‪ 2‬بوبكر بهلول‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪3 Xavier.labbée: "Procédure civile : où est passée l’assignation numérique ?« Article‬‬

‫‪publié sur le site https://www.actu-juridique.fr/civil/procedure-civile/procedure-civile-ou-‬‬


‫‪est-passee-lassignation-numerique/ la date de la visite du site 08/10/2022‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 623‬من مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة المدنية تنص على ما يلي "تحدث بالمنصة اإللكترونية حسابات‬
‫إلكترونية مهنية خاصة بالمحامين والشركات المدنية المهنية للمحاماة والموثقين والعدول والمفوضين القضائيين والخبراء‬
‫القضائيين والتراجمة المقبولين لدى المحاكم‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫الحساب‪ ،‬فهو لم يحدد الوسائل اإللكترونية المعتمدة في التبليغ بشكل دقيق وإنما تحدث بصفة‬
‫عامة‪ ،1‬مع اإلشارة من خالل الفصل‪ 625 2‬إلى كل من البريد اإللكتروني والهاتف‪ ،‬وهنا‬
‫يطرح التساؤل حول إمكانية االعتماد على وسائل أخرى‪ ،‬أم أنه يجب اقتصار على هذه الوسائل‬
‫فقط‪ .‬وعموما سنحاول الوقوف على كل من البريد اإللكتروني (أوال) وكذا كل من الهاتف‬
‫والفاكس (ثانيا) نظرا الرتباط هذه الوسائل اإللكترونية بالشخص أو المبلغ إليه هذا من جهة‪،‬‬
‫ولكونها من الوسائل المتاحة نظرا لما تتميز به من سهولة االستعمال من جهة ثانية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬البريد اإللكتروني‪.‬‬

‫يعد البريد اإللكتروني نظام التراسل اإللكتروني أي توجيه واستقبال الرسائل اإللكترونية‪،‬‬
‫لهذا سنحاول الوقوف على تعريف البريد اإللكتروني‪ ،‬وخصائصه (أ) على أن نتطرق لمسألة‬
‫البريد اإللكتروني كموطن المبلغ إليه (ب)‪ ،‬وذلك فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪-‬تعريف البريد اإللكتروني وخصائصه‬

‫في البداية يجب اإلشارة إلى أن المشرع المغربي لم يعرف البريد اإللكتروني عند سنه‬
‫لقواعد التبادل اإللكتروني للمعطيات من خالل القانون ‪ 53.05‬لسنة ‪ 2007‬عكس المشرع‬
‫الفرنسي الذي عرف البريد اإللكتروني في القانون رقم ‪ 2004/ 575‬بشأن الثقة في االقتصاد‬
‫الرقمي من خالل المادة األولى منه بأنه‪" :‬كل رسالة سواء كانت نصية أو صوتية أو مرفق بها‬
‫صور أو أصوات ويتم إرسالها عبر شبكة االتصاالت العامة‪ ،‬وتخزن عند أحد خوادم تلك‬
‫الشبكة أو في المعدات الظرفية للمرسل إليه ليتمكن هذا األخير من استعادتها"‪.‬‬

‫كما عرفه جانب من الفقه‪ 3‬بأنه‪" :‬تلك المستندات التي يتم إرسالها أو استالمها بواسطة نظام‬
‫االتصال البريدي اإللكتروني وتتضمن محفوظات مختصرة ذات طابع شكلي‪ ،‬وتمكن من‬

‫يتم عبر هذه الحسابات تبادل المعطيات اإللكترونية المتعلقة بالمساطر واإلجراءات القضائية"‪.‬‬
‫‪1‬مداخلة مصطفى المرضي‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس‪ ،‬ندوة علمية عن بعد بعنوان‪" :‬قراءة نقدية في مشروعي‬
‫التعديل الجزئي لقانون المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية في ظل حالة الطوارئ الصحية"‪ ،‬نظمتها نقابة المحامين بالمغرب‬
‫فرع وجدة بتاريخ ‪.2020/05/18‬‬
‫‪2‬تنص الفقرة األولى من الفصل ‪ 625‬من مشروع قانون المسطرة المدنية على ما يلي‪" :‬يمكن لكل شخص ذاتي أو اعتباري‬
‫من أشخاص القانون الخاص أن يدلي عبر المنصة االلكترونية بعنوان بريده االلكتروني ورقم هاتفه‪"...‬‬
‫‪3‬عبد الهادي فوزي العوضي‪" :‬الجوانب القانونية للبريد اإللكتروني "‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬طبعة األولى ‪ ،2005‬ص‪.12‬‬
‫‪37‬‬
‫اصطحاب المرفقات به مثل معالجة الكلمات أو أية مستندات أخرى‪ ،‬يتم إرسالها رفقة الرسائل‬
‫ذاتها "‪ .‬واضح من خالل جل التعارف السابقة التي حاولت تعريف البريد اإللكتروني من خالل‬
‫الوظيفة التي يقوم بها‪ ،‬وكذا تقنية اشتغاله‪.1‬‬

‫أما فيما يتعلق بالخصائص التي يتميز بها البريد اإللكتروني فهي تتوزع إلى خصائص‬
‫ايجابية وتتمثل في السرعة إذ يمكن توجيه عدة رسائل في وقت وجيز جدا باإلضافة إلى سهولة‬
‫استعماله وكذلك تكلفة استخدامه‪ .‬وبالرغم من كل المميزات االيجابية التي تتمتع بها خدمة البريد‬
‫االلكتروني فإ ن هذا ال يمنع من وجود بعض السلبيات وال شك أن أهمها يكمن في السرية‪،‬‬
‫حيث أن هذه السرية هي سرية نسبية وليست كاملة‪ ،‬ألنه باستطاعة الغير القيام باالطالع على‬
‫البريد االلكتروني من دون معرفة الشخص صاحب البريد أو بدون ترخيص منه‪ ،‬وهنا يعد أحد‬
‫أوجه القرصنة التي تمارس عبر االنترنيت‪ ،‬ورغم ذلك فإن هذا ال يمنع من االستفادة من خدمة‬
‫البريد االلكتروني باعتبارها إحدى وسائل التقدم العلمي في مجال التبليغات القضائية كما هو‬
‫الحال في باقي المجاالت العملية والعلمية‪.2‬‬

‫ب‪-‬البريد اإللكتروني باعتباره موطن المبلغ إليه في التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬

‫بما أن البريد اإللكتروني يرتبط باسم المستخدم ولقبه باإلضافة إلى أن عنوان البريد‬
‫اإللكتروني يميز المشترك عن غيره لدى مورد الخدمة عند دخول الخدمة إلى شبكة األنترنت‪.‬‬
‫في هذا السياق ذهب أحد الباحثين‪ 3‬إلى مشابهة العنوان اإللكتروني بالموطن على اعتبار أن‬
‫الموطن هو مكان اإلقامة المعتاد أو المقر القانوني للشخص أي أنه يربط الشخص بالمجال‬
‫الجغرافي‪ ،‬في حين أن البريد اإللكتروني يرتبط بشخص كموطن افتراضي‪.‬‬

‫‪1‬من الناحية التقنية يتكون البريد اإللكتروني من ثالثة أجزاء‪ :‬جزء األيسر يدل على اسم المستخدم‪ ،‬سواء كان اسما حقيقي أو‬
‫مستعار والجزء الحامل للرمز @‪ ،‬بإضافة الجزء األيمن يتكون من اسم المضيف واسم الناطق أو الدمين" راجع بهذا‬
‫الخصوص زينب عريب‪" :‬النظام القانوني للبريد اإللكتروني" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد المالك‬
‫السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ ،2015/2014‬ص‪.18‬‬
‫‪2‬مداخلة األستاذ نايف أحمد ضاحي‪ :‬في المؤتمر العلمي الدولي تحت عنوان‪" :‬الرقمنة والقانون تطلعات المستقبل في الدول‬
‫العربية"‪ ،‬المنظم بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش يوم ‪15‬و‪ 16‬يوليوز‪.2022‬‬
‫‪3‬زينب غريب‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪38‬‬
‫ومن وجهتي نظري أدعم هذا الرأي مادام أن البريد اإللكتروني يحمل عنوان الشخص‪،‬‬
‫ويستعمله‪ ،‬فهو مالزم له وبالتالي يمكن اعتباره موطن افتراضي توجه إليه كل اإلجراءات التي‬
‫تخص الشخص عبر بريده اإللكتروني ما دامت اإلمكانية متاحة‪.‬‬

‫بالرجوع إلى العمل القضائي بالمغرب نجده قد أجاز التبليغ بواسطة البريد اإللكتروني بحيث‬
‫جاء في قرار صادر عن محكمة النقض المغربية‪ 1‬ما يلي " لئن كانت المادة الثامنة من العقد‬
‫تنص على أن فسخه ال يتم إال بإشعار بريدي أو بواسطة مفوض قضائي‪ ،‬فإن غاية ما ذكر هو‬
‫توصل الطرف األخر برغبة خصمه في الفسخ‪ .‬وهذه لما تمت بوسيلة أخرى لم تكن محل اتفاق‬
‫فإن الطالبة زكت رضاها بها‪ ،‬بجوابها المطلوبة بنفس وسيلة التبليغ البريد اإللكتروني المسموح‬
‫بهما بموجب القانون رقم ‪ 53.05‬الصادر األمر بتنفيذه بمقتضى ظهير ‪ 30‬نونبر ‪،2007‬‬
‫فتكون قد تحققت الرغبة في عدم تجديد العقـد وعــدم استحقاق الطالبة للمبالغ المطلوبة"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الهاتف والفاكس كموطن افتراضي للمبلغ إليه‪.‬‬

‫إلى جانب البريد اإللكتروني باعتباره من أهم الوسائل المساعدة على إجراء التبليغ القضائي‬
‫يمكن التوجيه كذلك عبر عدة وسائل أخرى ما دامت تمكن من تحقيق نفس الهدف أال وهو‬
‫التبليغ الشخص إلكترونيا ومن بينها نجد‪:‬‬

‫أ‪-‬الهاتف‬

‫عرف المشرع المغربي الخدمة الهاتفية بأنها "االستغالل ألغراض تجارية لفائدة العموم لكل‬
‫نقل مباشر وأني للصوت عبر شبكة أو شبكات عامة تبديلية والذي يسمح لكل مستعمل قارا‬
‫كان أو متنقال باستعمال الجهاز المرتبط بنقطة انتهائية للتواصل مع مستعمل آخر قار أو متنقل‬
‫يستعمل جهازا مرتبطا بنقطة انتهائية أخرى"‪.2‬‬

‫‪1‬القرار عدد ‪ 430‬الصادر بتاريخ ‪ 05‬نونبر ‪ 2015‬في الملف التجاري عدد ‪979/3/1/2015‬‬
‫منشور في ‪ ،/https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموقع ‪ .2023/04/21‬على الساعة ‪ 11:00‬صباحا‪.‬‬
‫‪2‬البند ‪ 15‬من المادة ‪ 1‬من القانون رقم ‪ 24.96‬المتعلق بالبريد والمواصالت صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.97.162‬‬
‫صادر في ‪ 2‬ربيع اآلخر ‪ 7( 1418‬أغسطس ‪ ،)1997‬الجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ ،)1997/09/18( 4518‬ص‪.3721‬‬
‫‪39‬‬
‫فالهاتف يعد من أهم وسائل االتصال التي اخترعت على مستوى العالم بحيث يستطيع‬
‫مستخدمي الهواتف التواصل مع بعضهم من خالله عبر أقمار صناعية أرضية وفضائية ترتبط‬
‫السلكيا مع بعضها‪ ،‬ويستطيع الفرد من خالل الهاتف الخلوي إرسال واستقبال الرسائل‬
‫والمكالمات الصوتية وتطور هذا الجهاز بسرعة عالية بحيث أصبح ال يمكن االستغناء عنه‬
‫وأصبح بمثابة الكمبيوتر الصغير المتنقل الذي يمكن األفراد من حفظ كم هائل من البيانات‬
‫والمعلومات وإمكانية التصفح عبر اإلنترنت والتطبيقات الذكية الموجودة على هذه األجهزة‬
‫الذكية‪ ،‬باإلضافة إلى سهولة إرسال واستقبال الرسائل النصية القصيرة‪ .SMS1‬ويرى أحد‬
‫الباحثين‪ 2‬أن "الرسائل النصية" تعد أهم وسيلة إلكترونية حديثة‪ ،‬حيث أنه ال يمكن تصور أن‬
‫شخصا ً في الوقت الحاضر ليس لديه هاتف محمول‪ ،‬حيث إن الهاتف يكون في يد الشخص‪،‬‬
‫ويُبلغ باألمر فور إرساله‪ ،‬وفي أي مكان كان سواء في السيارة أو في المنزل أو غير ذلك‪.‬‬

‫إذن فالهاتف يمكن أن يكون موطن افتراضي للمبلغ إليه يتلقى فيه التبليغات القضائية‪ ،‬لذا‬
‫نجد المشرع المغربي من خالل مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬أتاح إمكانية التبليغ عن طريق‬
‫الهاتف ولعل من بين التشريعات المقارنة التي سمحت كذلك بإرسال التبليغات القضائية عبر‬
‫الهاتف نجد المشرع السعودي إذ تم نص عليه ضمن الوسائل اإللكترونية المحددة قانونا‪،3‬‬
‫والمشرع اإلماراتي‪...‬إلخ‪.‬‬

‫ب‪-‬الفاكس‪:‬‬

‫إذا كان المشرع المغربي من خالل مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬لم يشير إلى هذه الوسيلة‬
‫اإللكترونية فإن القضاء المغربي كان سباقا وأقر بإمكانية التبليغ عبر الفاكس إذ جاء في قرار‬
‫صادر عن محكمة النقض المغربية‪ 4‬بتاريخ ‪ 10‬مارس ‪ 2016‬ما يلي "‪ ...‬التبليغ بواسطة‬

‫‪1‬أنظر محمد فواز عبد الفتاح حامد‪" :‬أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني"‪ ،‬الرسالة الماجستير في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة الشرق األوسط‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪2‬بدر بن عبد هللا محمد المطرودي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.765‬‬
‫‪3‬تنص الفقرة الثانية المضافة إلى المادة (‪ )13‬من نظام المرافعات الشرعية السعودي بالمرسوم الملكي رقم (م‪" )18/‬يكون‬
‫التبليغ اإللكتروني بإحدى الوسائل األتية‪ :‬الرسائل النصية عبر الهاتف المحمول الموثوقة أو بالبريد اإللكتروني أو بإحدى‬
‫الحسابات المسجلة في أي من أنظمة األلية الحكومة"‪.‬‬
‫‪4‬القرار عدد ‪ 133‬الصادر بتاريخ ‪ 10‬مارس ‪ 2016‬في الملف اإلداري عدد ‪.4692/4/2/2015‬‬
‫منشور في نشرة قرارات محكمة النقض‪ ،‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬عدد ‪ ،30‬ص ‪ 27‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫الفاكس هو من الوسائل التبليغ متى اقترن بما يفيد تحقق توصل المرسل إليه وأن إثبات الجهة‬
‫المرسلة للرسالة تذكير بإتمام اإلقرار توصل المرسل إليه بها بواسطة الفاكس يقتضي نفي هذا‬
‫التوصل من طرف هذا األخير اإلدالء بوثيقة التي تدعي توصله بها غير تلك المعنية بالفاكس‬
‫المذكور والمحكمة المصدرة القرار المطعون فيه لما تبين لها توصل المطلوبة في النقض‬
‫برسالة تذكير المشار إليها عن طريق الفاكس من خالل الورقة المتضمنة لهذا التوصل حامل‬
‫لعبارة(‪ )ok‬مع تاريخ التوصل وساعته والجهة الموجه إليها اعتبرت أن الغاية التبليغ‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 1152‬المشار إليها متحققة‪"...‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نطاق التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية من حيث األشخاص‬


‫إن الحديث عن نطاق التبليغ القضائي يتوجب علينا تحديد أطراف عملية التبليغ القضائي‬
‫وفي هذا السياق نجد المشرع المغربي والمقارن بين الجهة المخولة لها قانونا القيام بعملية‬
‫التبليغ (الفقرة األولى) كما عمل على تحديد األشخاص الذين لهم صفة تسليم التبليغات القضائية‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األشخاص المكلفون بالتبليغ القضائي‬

‫يتم القيام بعملية التبليغ إما من طرف أعوان المحكمة التابعين لكتابة الضبط وإما من طرف‬
‫هيئة المفوضين القضائيين‪ .‬وهذه الجهات القضائية هي األصل في عملية التبليغ ألنها تجري‬
‫تحت إشراف المحكمة ومراقبتها‪ .‬وفي حالة تعذر القيام بعملية التبليغ من قبل الجهات السالفة‬
‫الذكر يتم االستعانة بجهات أخرى غير قضائية غير أن اعتماد التبليغ القضائي بواسطة الوسائل‬
‫اإللكترونية ال يمكن تصور إجراء التبليغ إال بواسطة الجهات األصلية في عملية التبليغ لذلك‬
‫كان من الالزم الوقوف عند هذه الجهات وذلك وفق ما يأتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التبليغ بواسطة أعوان كتابة الضبط‬

‫‪1‬تحيل المادة ‪ 152‬من المدونة العامة للضرائب على مقتضيات المنصوص عليها في القانون المسطرة المنظمة للتبليغ‬
‫القضائي‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫أعطى المشرع المغربي األسبقية إلجراء التبليغ على يد أعوان كتابة الضبط بدليل اعتماده‬
‫في مقدمة النص المحدد لطرق التبليغ ‪-‬أي الفصل ‪ 37‬من ق‪.‬م‪.‬م ويعتبر هذا األمر بديهيا على‬
‫اعتبار أن هؤالء تابعين لكتابة الضبط بالمحكمة المعروضة عليها القضية في الغالب‪ ،‬أضف‬
‫إلى ذلك أنهم ينتمون إلى قسم التبليغات فهذا الوضع يؤهلهم أكثر من غيرهم القيام بهذه المهمة‬
‫المحفوفة بالمخاطر والصعوبات‪ .1‬ويرى أحد الفقه‪ 2‬أن وضع قانون المسطرة المدنية التبليغ‬
‫بواسطة هذه الهيئة على رأس الطرق المشار إليها في الفصل ‪ 37‬ألن هؤالء األعوان أدرى‬
‫من غيرهم بطبيعة الدعاوى وبتواريخ الجلسات حسب ترتيبها لدى كتابة الضبط‪.‬‬

‫وتنقسم مصلحة كتابة الضبط إلى مكاتب وشعب تقوم واحدة منها بتنفيذ المقررات واألوامر‬
‫الصادرة عن المحكمة من بين هذه الشعب شعبة التبليغ التي يعهد لها بالقيام باإلجراءات‬
‫المنصوص عليها في الفصول ‪ 39 ،36 37‬من ق‪.‬م‪ .‬م‪.3‬‬

‫وبالرغم من األدوار الهامة التي قام بها هؤالء في هذا المجال والتي رجعت باألساس إلى‬
‫الرقابة المباشرة التي يخضعون لها من قبل رئاسة كتابة الضبط‪ ،‬فإن صعوبات جمة اكتنفت‬
‫عملهم هذا‪ ،‬وتعود باألساس إلى قلة األعوان المكلفين بالتبليغ مقارنة مع العدد الهائل‪ 4‬من‬
‫االستدعاء ات المتراكمة وقلة الحوافز المادية ووسائل المواصالت‪ .‬مما أفرز بعض الخلل في‬
‫عمليات التبليغ كان من نتائجه تعثر سير الجلسات وكثرة الطعون في إجراءات التبليغ فكان‬
‫التفكير في إحداث هيئة حرة لألعوان القضائيين تضطلع بمهام التبليغ‪.5‬‬

‫‪1‬عبد الحق المتوكل‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.9‬‬


‫‪ 2‬عبد الحميد أخريف‪ :‬م ‪.‬س‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪3‬لحسن وتاب‪" :‬دور كتابة الضبط في وتفعيل مسطرة التبليغ والتنفيذ"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة الجامعة ‪ ،2010/2009‬ص‪.15‬‬
‫‪ 4‬تقوم كتابات الضبط سواء الخاصة بقضاء الحكم أو كتابات النيابات العامة بعدة إجراءات وتدابير طبقا لنصوص مختلفة‬
‫كقانون المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية والقانون المتعلق بتنظيم المصاريف القضائية‪ ...‬فهي تضطلع بتوجيه االستدعاءات‬
‫وتحرير محاضر الجلسة وتبليغ االحكام إحالة ملف الدعوى إلى محكمة االستئناف القيام بالنشر في الجريدة الرسمية أو‬
‫بالجرائد الوطنية‪ ،‬التنفيذ بشقيه الزجري والمدني‪ ،‬كتسليم النسخ التنفيذية وتحويل الحجز التحفظي إلى تنفيذي مباشرة تصحيح‬
‫الحجز أو إبطاله‪ ،‬وإيداع المبالغ بصندوق المحكمة تحرير محضر االمتناع في حالة عدم األداء‪ .‬تدابير االكراه البدني‪ ....‬أنظر‬
‫فوزي الشفعي‪" :‬التحديد القضائي لطبيعة أعمال هيئة كتابة الضبط"‪ ،‬مقال منشور في مجلة الباحث للدراسات واألبحاث‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ 51‬لشهر فبراير ‪ ،2023‬ص‪.408‬‬
‫‪5‬عبد الحميد أخريف‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪42‬‬
‫إال أن المشرع المغربي من خالل مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة المدنية‬
‫يتجه نحو جعل جهاز كتابة الضبط جهة استثنائية في عملية التبليغ إذ نص من خالل المادة ‪83‬‬
‫"‪ ...‬يمكن للمحكمة أن تأمر عند االقتضاء‪ ،‬بتبليغ االستدعاء بواسطة أحد موظفي كتابة‪."...‬‬

‫ثانيا‪ :‬التبليغ عن طريق المفوضين القضائيين‬

‫رغبة من المشرع في تطوير مهنة األعوان القضائيين واالرتقاء بهذه المؤسسة وتجاوز‬
‫السلبيات التي أفرزها التطبيق العملي لمقتضيات القانون المحدث لهيئة األعوان القضائيين‪ 1‬فقد‬
‫عمل بتاريخ ‪ 14‬فبراير ‪ 2006‬على إصدار القانون رقم ‪ 81.03‬المتعلق بتنظيم مهنة‬
‫المفوضين القضائيين‪ 2‬والذي غيرت بموجبه تسمية األعوان القضائيين بالمفوضين القضائيين‬
‫ونصت على أن المفوض القضائي مساعد للقضاء يمارس مهنة حرة وفقا ألحكام القانون‬
‫والنصوص التطبيقية المتعلقة بتطبيقه‪.3‬‬

‫ولقد نصت المادة الثانية من القانون رقم ‪ 81.03‬على أنه‪" :‬تحدث بدوائر المحاكم االبتدائية‬
‫مكاتب المفوضين القضائيين للقيام بالمهام المنوطة بهم طبقا لهذا القانون أمام مختلف محاكم‬
‫المملكة"‪ .‬ولعل أهم هذه المهام بحسب المادة‪ 15 4‬من نفس القانون المشار إليه أعاله نجد‪:‬‬

‫‪1‬أصدر المشرع القانون رقم ‪ 41.80‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.80.440‬بتاريخ‪ 17‬صفر ‪ 25 ( 1401‬دجنبر‬
‫‪ ،)1980‬الجريدة الرسمية عدد‪ 3564‬بتاريخ ‪ .1981/02/18‬الذي أحدث بموجبه لدى المحاكم االبتدائية للمملكة هيئة‬
‫لألعوان القضائيين معتبرا مهنة العون القضائي مهنة حرة وأسند إلى هذا األخير مهمة القيام شخصيا بعمليات التبليغ والقيام‬
‫بإجراءات تنفيذ األوامر واألحكام والقرارات‪ ،‬إضافة إلى استيفاء الديون بمقتضى مقرر قضائي تنفيذي كما يمكن انتدابه للقيام‬
‫بمعاينات مادية محضة إما من طرف القضاء أو من يطلب من الخواص‪.‬‬
‫‪ 2‬ظهير شريف رقم ‪ 1.06.23‬صادر في ‪ 15‬من محرم ‪ )14( 1427‬فبراير ‪ )2006‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 81.03‬بتنظيم مهنة‬
‫المفوضين‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 5400‬بتاريخ فاتح صفر ‪ )2( 1427‬مارس ‪ ،)2006‬ص ‪.559‬‬
‫‪ 3‬ينتظم المفوضون القضائيون في هيئة وطنية تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬وتضم جميع المفوضين القضائيين‪ .‬وتتفرع عن‬
‫الهيئة مجالس جهوية‬
‫‪4‬تنص المادة ‪ 15‬على ما يلي‪" :‬يختص المفوض القضائي بصفته هاته مع مراعاة الفقرة الرابعة من هذه المادة‪ ،‬بالقيام بعمليات‬
‫التبليغ وبإجراءات تنفيذ األوامر واألحكام والقرارات وكذا كل العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية‪ ،‬مع الرجوع إلى القضاء‬
‫عند وجود أي صعوبة‪ ،‬وذلك باستثناء إجراءات التنفيذ المتعلقة بإفراغ المحالت والبيوعات العقارية وبيع السفن والطائرات‬
‫واألصول التجارية‪.‬‬
‫يتكلف المفوض القضائي بتسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المسطرة المدنية وغيرها من القوانين‬
‫الخاصة‪ ،‬وكذا استدعاءات الحضور المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ويمكن له أن يقوم باستيفاء المبالغ المحكوم‬
‫بها أو المستحقة بمقتضى سند تنفيذي وإن اقتضى الحال البيع بالمزاد العلني للمنقوالت المادية‪.‬‬
‫يقوم المفوض القضائي بتبليغ اإلنذارات بطلب من المعني باألمر مباشرة ما لم ينص القانون على طريقة أخرى للتبليغ‪.‬‬
‫ينتد ب المفوض القضائي من لدن القضاء للقيام بمعاينات مادية محضة مجردة من كل رأي‪ ،‬ويمكن له أيضا القيام بمعاينات‬
‫من نفس النوع مباشرة بطلب ممن يعنيه األمر‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪-‬القيام بعمليات التبليغ وبإجراءات تنفيذ األوامر واألحكام والقرارات وكذا كل العقود والسندات‬
‫التي لها قوة تنفيذية باستثناء إجراءات التنفيذ المتعلقة بإفراغ المحالت والبيوعات العقارية وبيع‬
‫السفن والطائرات واألصول التجارية‪.‬‬

‫‪-‬تسليم استدعاء ات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المسطرة المدنية وغيرها من‬
‫القوانين الخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬القيام بتبليغ اإلنذارات بطلب من المعني باألمر مباشرة ما لم ينص القانون على طريقة أخرى‬
‫للتبليغ‪.‬‬

‫ويالحظ من خالل المادة ‪ 15‬المشار إليها أن المهام الموكلة إلى المفوض القضائي إذا ما‬
‫تمت مقارنتها بما كان منصوص عليه في القانون رقم ‪ 41.80‬بإحداث هيئة لألعوان القضائيين‬
‫أن المشرع سعى إلى توسيع هذه االختصاصات رغبة في تطوير هذه المؤسسة وجعلها مساعدا‬
‫فعليا للقضاء وآلية فعالة في تجاوز اإلشكاليات والعراقيل التي يطرحها إسناد مهمة التبليغ‬
‫والتنفيذ ألعوان كتابة الضبط فقط‪ ،‬وإذا كان قانون المحاكم التجارية ركز على وجوب التبليغ‬
‫مبدئيا بواسطة مفوض قضائي‪ ،‬ما لم تقرر المحكمة توجيه االستدعاء بالطرق المنصوص عليها‬
‫في الفصول ‪ 38 37‬و‪ 39‬من قانون المسطرة المدنية‪ .1‬فإن المشرع يتجه من خالل مشروع‬
‫قانون المسطرة المدنية رقم ‪ 02.23‬إلى جعل هذه الهيئة هي األصل في عملية التبليغ عوض‬
‫أعوان كتابة الضبط‪.2‬‬

‫وما يجب اإلشارة إليه في هذا الصدد إذا كان االختصاص المكاني للمفوض القضائي مرتبط‬
‫بنفوذ المحكمة االبتدائية التي تم تعيينه بها‪ 3‬فإن اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي‬
‫تتمدد معه الحدود المكانية مما يطرح معه سؤال حول إمكانية التعديل في االختصاص المكاني‬

‫يمكن للمفوض القضائي أن ينيب عنه تحت مسؤوليته كاتبا محلفا أو أكثر للقيام بعمليات التبليغ فقط وفق أحكام الباب العاشر‬
‫من هذا القانون"‪.‬‬
‫‪1‬عبد الحميد أخريف‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪ 2‬تنص المادة ‪ 82‬من مشروع قانون المسطرة المدنية رقم ‪ 02.23‬على أنه" يبلغ االستدعاء بواسطة أحد المفوضين القضائيين‪.‬‬
‫يمكن للمحكمة أن تأمر عند االقتضاء بتبليغ االستدعاء بواسطة أحد موظفي كتابة الضبط أو بالطريقة اإلدارية‪"......‬‬
‫‪3‬راجع بهذا الخصوص كريم لمحين‪" :‬قراءة في االختصاص المكاني للمفوض القضائي في التشريع المغربي"‪ ،‬مقال منشور‬
‫في مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ – 53‬لشهر أبريل ‪ 2023‬م‪ ،‬ص ‪.208‬‬
‫‪44‬‬
‫للمكلف بعملية التبليغ؟ أم أن المشرع يبقى على نفس االختصاص المكاني كيف ما كانت الطريقة‬
‫المعتمدة في التبليغ القضائي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الجهة المخولة لها تسليم وثائق القضائية‬

‫تتحدد صفة تسليم التبليغات القضائية بحسب ما إذا كان التبليغ شخصي (أوال) أو التبليغ‬
‫بالموطن(ثانيا) أو التبليغ للممثل القانوني (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التبليغ الشخصي‬

‫يطلق على هذا النوع من التسليم بالتبليغ اليقيني‪ ،‬وهو األصل حسب صريح الفقرة األولى‬
‫من المادة ‪ 38‬من ق‪.‬م‪.‬م ويشكل هذا النوع من التسليم ضمانة حقيقية لتحقيق المواجهة بين‬
‫[‪]1‬‬
‫أن هذا األخير تكون له المدة الكافية‬ ‫األطراف‪ .‬من مزايا التسليم إلى المعني باألمر نفسه‬
‫لمواجهة خصمه في الدعوى‪ ،‬إذ يقوم بإعداد الدفوع والحجج التي تفند ادعاءات المدعي وكذا‬
‫اتصال بمن رفع الدعوى ضده حتى يتسنى له التوصل إلى حل رضائي حول موضوع النزاع‬
‫في الحاالت التي يسمح بها القانون بذلك‪ .‬أما بخصوص فائدة توصل المدعى عليه باالستدعاء‬
‫بنفسه فذلك يمكنه من معرفة تاريخ الجلسة حتى يعمل على تزكية مقاله االفتتاحي وذلك عبر‬
‫الطلبات اإلضافية‪.2‬‬

‫وجدير بالذكر أنه إذا كان المعني بالتبليغ أطرافا متعددين فيجب أن يوجه لكل واحد منهم‬
‫المستندات موضوع التبليغ على انفراد‪ ،‬ولو كانوا متضامنين في التزامهم‪ ،‬بحيث يتعين تبليغ‬
‫االستدعاء أو الحكم أو أي إجراء آخر لكل طرف‪ ،3‬غير أن اعتماد الطريقة اإللكترونية في‬
‫التبليغ القضائي وفي حالة تعدد األطراف يمكن أن يطرح معه إشكالية االختالف في طريقة‬
‫التبليغ إذ ما كان أحد األطراف يرغب في اعتماد الطريقة اإللكترونية فحين الطرف الثاني ال‬

‫‪ 1‬في بعض القضايا يكون التبليغ الشخصي إلزاميا كما هو الحال بالنسبة لقضايا األسرة حيث نص المشرع على التوصل‬
‫الشخصي للزوجة المطلوبة في طالق عمال بالمادة ‪ 81‬من مدونة األسرة وكذلك بالنسبة للزوجة المراد التزوج عليها للحضور‬
‫في مسطرة التعدد عمال بالمادة ‪ 43‬من مدونة األسرة‪ .‬راجع بهذا الخصوص جمال غالب‪" :‬خصوصية التبليغ والتنفيذ في‬
‫قضايا األسرة"‪ ،‬بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء‪ ،‬لسنة ‪ ،2011‬ص‪.7‬‬
‫‪ 2‬رشيد حبابي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ 3‬عبد السالم البريمي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪45‬‬
‫يتوفر على حساب إلكتروني مما يحتم اعتماد الطريق التقليدي في التبليغ وهو ما يحول دون‬
‫تحقيق التبليغ الموجه بالطريقة إلكترونية األهداف المنتظرة منه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التبليغ في الموطن المختار‪.‬‬

‫الموطن المختار‪ 1‬هو المكان الذي يعينه الخصم أو يختاره الطرفان أو يحدده القانون ليحصل‬
‫فيه التبليغ أو التنفيذ‪ ،‬وما يهمنا بخصوصه أن تحديده يعني تحديد من له الصفة الستالم األوراق‬
‫القضائية‪.2‬‬

‫وبما أن حديثنا يرتكز على التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية يمكن أن يتم إرساله عبر‬
‫الحساب اإللكتروني للمحامي باعتباره محال للمخابرة‪ ،‬فهو المؤهل قانونا لتسلم مختلف‬
‫اإلشعارات واالستدعاءات التي ترتبط بموكليه‪ ،‬هذا الطرح يؤكده المشرع المغربي من خالل‬
‫مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة المدنية حيث نص في الفقرة األولى من الفصل‬
‫‪ 627‬على ما يلي‪" :‬مع مراعاة مقتضيات المادتين ‪ 624‬و‪ 625‬أعاله‪ ،‬يوجه االستدعاء‬
‫بطريقة إلكترونية‪ .‬فورا إلى المدعي أو وكيله أو محاميه حسب الحالة‪"...‬‬

‫باإلضافة إلى اختيار الحساب اإللكتروني للمحامي كموطن مختار يمكن أن يعمد الشخص‬
‫إلى اختيار حساب أحد األشخاص الذين له ارتباط بهم كاألقارب‪ 3‬من أبناء أو زوجة ويرى‬
‫أحد الباحثين‪ 4‬على أنه بالرغم من أن وسيلة التواصل اإللكترونية ال تعود له وإنما تعود‬
‫لشخص يختاره هو للتوصل بالتبليغات اإللكترونية ويمثل لهذه الحالة كما لو كان ألحد األطراف‬

‫‪1‬يجب إشارة هنا إلى أن اختيار الموطن أمر اختياري كأصل‪ ،‬لكن هناك حاالت يصبح فيها االختيار أمرا الزما‪ ،‬بحيث يكون‬
‫على الشخص تحديد موطنه المختار كما هو الحال إذا كان يقيم خارج دائرة نفوذ محكمة االستئناف‪ ،‬إذ وجب عليه أن يعين‬
‫موطنا مختارا في دائرة نفوذها وهو ما تم التنصيص عليه في الفصل ‪ 330‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي ينص على أنه‪" :‬يجب على كل‬
‫طرف يقيم خارج دائرة نفوذ المحكمة المرفوع إليها االستئناف أن يعين موطنا مختارا في مكان مقرها"‪.‬‬
‫فضال عن الفصل ‪ 36‬ق‪.‬م‪.‬م الذي يشير إلى أن االستدعاء الموجه إلى الطرف يجب أن يتضمن التنبيه إلى وجوب اختيار‬
‫موطن في مقر المحكمة‪.‬‬
‫‪2‬عبد الحق متوكل‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪3‬وما يجب توضيحه في هذا الصدد أن الشخص هو من يختار الحساب المراد تبليغه فيه وليس المحكمة عكس التبليغ القضائي‬
‫العادي الذي يكون فيه التسليم من قبل أحد األقارب لكونه موجود صدفة في محل اإلقامة أو الحقيقي‪ ،‬لكنه ليس من المقبول‬
‫المبادرة من المحكمة في إرسال اإلجراء إلى المرسل إليه عبر حساب أحد األقارب ألن ذلك يفقد التبليغ عبر الطريقة اإللكترونية‬
‫من الفائدة المتوخاة منه وهي تجنب الطعن في إجراءات التبليغ‪ ،‬باإلضافة إلى احترام خصوصية األشخاص عند إرسال‬
‫التبليغات القضائية‪.‬‬
‫‪4‬بوحماد‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪46‬‬
‫الدعوى ابن ويريده أن يتكلف بالتوصل بالتبليغات اإللكترونية والتواصل مع المحكمة‪ ،‬ولتسهيل‬
‫إجراءات التبليغ فيعمد إلى إدراج عنوان ابنه اإللكتروني‪ ،‬مدام أن المشرع المغربي في مشروع‬
‫قانون المسطرة المدنية لم يتطلب في وسيلة التواصل عن بعد المختارة أن تكون ملكا للطرف‬
‫المطلوب تبليغه بها‪ ،‬ولكن ترك له االختيار في تحديد أي عنوان إلكتروني يكون هو عنوانه‬
‫المختار‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التبليغ إلى الممثل القانوني‬

‫ينص الفصل ‪ 516‬من ق‪.‬م‪.‬م على أنه‪ " :‬توجه االستدعاءات والتبليغات وأوراق االطالع‬
‫واإلنذارات واإلخطارات والتنبيهات المتعلقة بفاقدي األهلية والشركات والجمعيات وكل‬
‫األشخاص االعتبارية اآلخرين إلى ممثليهم القانونيين بصفتهم هذه"‪.‬‬

‫إذن فالتبليغ لفاقد األهلية يكون لوليه أو وصيه‪ ،‬أو المقدم عليه‪ ،‬أو من عينهم القانون حسب‬
‫ما ورد في الفصل ‪ 38‬و‪ 39‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬ووفق الفصل ‪ 521‬من نفس القانون‬
‫الذي ينص في فقرته األولى على أنه‪" :‬يكون الموطن القانوني لفاقدي األهلية هو موطن‬
‫حاجره‪."...‬‬

‫أما فيما يخص األشخاص االعتبارية‪ ،1‬فيتم التبليغ بالمقر االجتماعي أو المركز اإلداري‬
‫مكان تواجد الممثل القانوني نفسه‪ ،‬أو لمن يقوم مقامه‪ ،‬أو لمن فوض له القيام بهذه المهمة‪،‬‬
‫وعلى العون المكلف بالتبليغ تسجيل اسم وصفة من تسلم اإلجراء‪ ،‬والمالحظ أنه في غالب‬
‫األحيان ال يتم التعرف على الممثل القانوني‪ ،2‬وهذا ما يثير التساؤل حول التبليغ للممثل القانوني‬
‫للشخص االعتباري هل يجب أن يتم التسليم للممثل القانوني بصفته ‪ ،‬أم أنه يمكن التسليم لمن‬
‫يفوض له ذلك‪ ،‬كمستخدم تابع له أو موظف بالشركة‪ ،‬حيث يتم التبليغ في غالب األحيان إلى‬
‫مستخدمين أو موظفين باإلدارة المعنية بالتبليغ ولقد أكد العمل القضائي هذه المسألة من خالل‬

‫‪1‬بالنسبة التشريع المصري فقد نصت الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 13‬من قانون المرافعات على أنه‪" :‬فيما يتعلق بالشركات‬
‫التجارية يسلم في مركز إدارة الشركة ألحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس اإلدارة أو المدير أو لمن يقوم مقامهم‪ ،‬فإن‬
‫لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤالء لشخصه أو في موطنهم"‪.‬‬
‫‪2‬عبد السالم البريمي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪47‬‬
‫قرار صادر عن محكمة النقض المغربية‪ 1‬إذ جاء فيه ما يلي "إن المحكمة لما ثبت لها من‬
‫شهادة التسليم الخاصة بتبليغ الحكم المستأنف أنها أشارت إلى تاريخ تحريرها والجهة التي تم‬
‫التبليغ إليها الطاعنة في شخص ممثلها القانوني وبمقرها االجتماعي‪ ،‬واسم الشخص الذي وقع‬
‫تبليغه مسؤولة بالشركة وتوقيعها وخاتم الجهة التي قامت باإلجراء‪ ،‬واستخلصت من ذلك أن‬
‫تبليغ الحكم قد أنجز وفقا للقانون ولمن له الصفة في تسلم شهادة التسليم الخاصة بتبليغه عمال‬
‫بالفصل ‪ 516‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي أوجب توجيه االستدعاءات والتبليغات إلى الممثل القانوني‬
‫لألشخاص االعتبارية في المقر االجتماعي ولم توجب تبليغ هذا االستدعاء إليهم بصفة شخصية‬
‫قضت بعدم قبول استئناف الطاعنة لتقديمه خارج األجل القانوني المنصوص عليه في المادة‬
‫‪ 18‬من قانون إحداث المحاكم التجارية‪ ،‬يكون قرارها غير خارق للمقتضيات المحتج بخرقها‬
‫ومعلال ما يكفي لتبريره ومرتكزا على أساس"‪.‬‬

‫ولعل اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي من شأنها تجاوز هذا اإلشكال‪ ،‬بحيث‬
‫يتم التبليغ في الحساب اإللكتروني خاص بالشخص اإلعتباري‪ ،‬وبالتالي ال يمكن حينئذ التذرع‬
‫بعدم التوصل باإلجراء الموجه في الحساب مدام المشرع أتاح لألشخاص االعتبارية اعتماد‬
‫الطريقة اإللكترونية في التبليغ إذ جاء في المادة‪ 625 2‬ما يلي "يمكن لكل شخص ذاتي أو‬
‫اعتباري من أشخاص القانون الخاص‪ .‬أن يدلي عبر المنصة االلكترونية بعنوان بريده‬
‫االلكتروني ورقم هاتفه مرفوق بتصريح بقبول تبليغه جميع مساطر وإجراءات الدعوى وكافة‬
‫الوثائق والمستندات‪".‬‬

‫‪1‬القرار عدد ‪ 272‬الصادر بتاريخ ‪ 07‬أبريل ‪ 2022‬في الملف التجاري عدد‪.3/2/2019/1277‬‬


‫منشور في ‪ ./https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموقع ‪ 2023/02/27‬على ساعة ‪ 9:25‬صباحا‪.‬‬
‫‪2‬من مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلقة بالمسطرة المدنية‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫بعد اإلنتهاء من هذا الفصل اتضح أن التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية يتم تحريره على‬
‫دعامة إلكترونية مستوفية للشروط القانونية‪ ،‬إذ يجب أن تكون مكتوبة تدل على التصرف‬
‫القانوني متصفة بالدوام‪ ،‬تسمح لألطراف الرجوع إليها‪ .‬كما يجب أن يكون مقاوما ألي تحريف‬
‫أو تعديل‪ ،‬مع ضرورة تضمينها مجموعة من البيانات المحدد في ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬والتي ال يصح التبليغ‬
‫بدونها‪ ،‬غير أن توجيهها إلكترونيا يتطلب مبدئيا تصريح مسبق بقبول اعتماد الطريقة‬
‫اإللكترونية في التبليغ مع تحديد الحساب اإللكتروني الذي يمكن توجيه اإلجراء إليه‪.‬‬

‫إذ كانت الوسيلة المعتبرة في إثبات حصول التبليغ القضائي التقليدي هي شهادة التسليم فإن‬
‫التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية يتم إثباته بواسطة إشعار بالتوصل الذي يعتبر بمثابة شهادة‬
‫التسليم‪.‬‬

‫أما بخصوص زمن التبليغ فهو يخضع مبدئيا للقواعد المؤطرة آلجال التبليغ القضائي‬
‫التقليدي المنصوص عليها في ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬مع وجود خصوصية عند اعتماد الطريقة اإللكترونية‬
‫تتمثل أساسا في عدم تقيد التبليغ بوقت محدد‪ ،‬كما أن بداية احتساب أجل التبليغ يبدأ من تاريخ‬
‫إرسال اإلجراء أو من تاريخ إرجاع اإلشعار بالتوصل بالنسبة لألنظمة المقارنة في ظل‬
‫الغموض الذي يشوب مشروع قانون المسطرة المدنية المغربي‪ .‬أما مكان التبليغ الموجه بطريقة‬
‫إلكترونية ال يرتبط بالحدود الجغرافية للمرسل إليه كما هو الحال بالنسبة للتبليغ التقليدي‪ ،‬إنما‬
‫هو موطن افتراضي رقمي يتحدد في الوسيلة اإللكترونية المصرح بها من قبل صاحب الشأن‬
‫(البريد اإللكتروني‪ ،‬الهاتف‪ ،‬الفاكس‪...‬إلخ)‪.‬‬

‫فيما يتعلق بأطراف عملية التبليغ والتي طالما كانت تثير مشاكل في مسطرة التبليغ فإن‬
‫اعتماد الطريقة اإللكترونية يفترض التقليص منها‪ ،‬إذ يتم االقتصار على التبليغ الشخصي مدام‬
‫الحساب اإللكتروني الذي يوجه فيه اإلجراء يكون مرتبط بالمبلغ إليه كمبدأ عام‪ ،‬نفس األمر‬
‫بالنسبة لألشخاص المعنوية إذ يتم توجيه التبليغات القضائية في حسابها اإللكتروني المصرح‬
‫به‪ ،‬وبالتالي تجاوز كثرة الطعون المقدمة في التبليغ بسبب الصفة في التسليم‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫للجهات المكلفة بالتبليغ من المفروض االقتصار على الجهات القضائية فقط‪ ،‬واالستغناء عن‬
‫الجهات اإلدارية‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬آثار التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬
‫إن تفعيل مسطرة التبليغ القضائي في إطار مسلسل التحديث الذي أصبح مرتبط بعالم‬
‫التكنولوجيا والمعلوميات‪ ،‬ونظرا ً لما عرفته الدول الصناعية المتقدمة من سبق في هذا الميدان‬
‫جاء نتيجة لتعميم المعلوميات والتواصل عبر شبكات األنترنيت وبما أن األمر ال يتوقف على‬
‫الجانب العملي كما يعتقد البعض‪ ،‬بل البد من التفكير في الجانب القانوني وتدخل المشرع طبعا ً‬
‫إلضفاء طابع الشرعية على التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية‪ ،‬وذلك لجعله من طرق التبليغ‬
‫القانونية إلى جانب الطرق التقليدية‪.1‬وبالنتيجة ترتيب التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬
‫نفس آثار التبليغ القضائي التقليدي‪ ،‬ألن إضفاء الشرعية على التبليغ القضائي الموجه بطريقة‬
‫إلكترونية وسن مقتضيات قانونية خاصة به‪ ،‬فإن هذه األخيرة تتبلور حول كيفية التبادل الالمادي‬
‫إلجراءات التبليغ أي أنها تعنى بنظام انتقال العمل اإلجرائي بسبب طبعته اإللكترونية وال تعنى‬
‫بأي حال من األحوال تحديد آثار خاصة بالتبليغ الموجه بطريقة إلكترونية‪ .‬فهي لم تمس باآلثار‬
‫القانونية المترتبة عن التبليغ حتى وإن تم بطريقة إلكترونية وبالنتيجة تكون للتبليغ نفس اآلثار‬
‫القانونية على أطرافه كيف ما كانت الطريقة التي تم توجيهه بها‪.‬‬

‫بالرجوع إلى القسم الحادي عشر من مشرع قانون المسطرة المدنية رقم ‪ 02.23‬نجد‬
‫المشرع المغربي لم يشير إلى أي مقتضى قانوني بخصوص هذه النقطة عكس بعض التشريعات‬
‫المقارنة كالتشريع السعودي إذ عبر هذا األخير من خالل المرسوم الملكي‪ 2‬رقم (م‪ )17/‬لعام‬
‫‪ 1442‬هجرية الموافق لسنة ‪ 2020‬المعدل لنظام المرافعات الشرعية ونظام المرافعات أمام‬
‫ديوان المظالم بشأن المواد المتعلقة بالتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية إذ جاء في البند‬
‫رقم ‪ 2‬ما يلي‪ " :‬يجوز استعمال الوسائل اإللكترونية في التبليغات القضائية‪ ،‬ويترتب عليها ما‬
‫يترتب عن التبليغ بطرق األخرى"‪.3‬‬

‫‪1‬بوبكر بهلول‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.112‬‬


‫‪2‬انظر إلى الملحق الثالث‪.‬‬
‫‪3‬األمر نفس أكده المشرع األردني من خالل نظام استعمال الوسائل اإللكترونية في اإلجراءات القضائية المدنية رقم ‪ 95‬لسنة‬
‫‪ 2018‬إذ جاء في البند د من المادة السابعة من نفس القانون "يكون للتبليغ الذي يتم وفقا ً ألحكام هذا النظام اآلثار القانونية‬
‫ذاتها التي تكون للتبليغات التي تتم وفقا ً ألحكام القانون"‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫وعليه سنحاول التطرق إلى آثار التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية على أطرافه‬
‫(المبحث األول) غير أن اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي من شأنها أن ترتب‬
‫آثار مهمة على منظومة العدالة أو مرفق القضاء ككل وهو ما سنحاول التطرق إليه من خالل‬
‫(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬آثار التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية على أطرافه‬
‫إن التبليغات القضائية ومن أجل أن تحقق أهدافها والمتمثلة في إلحاق الخصوم علما‬
‫باإلجراءات القضائية‪ ،‬وبما يتخذ ضدهم من إجراءات البد وأن تتم طبقا للطريقة واألسلوب‬
‫الذي يحدده المشرع‪ ،‬إذ ال تجدي هذه التبليغات نفعا في حالة عدم احترام الضوابط التي يرسمها‬
‫المشرع لذلك‪.1‬‬

‫وعليه عند اشتمال التبليغ القضائي لكافة البيانات التي حددها المشرع واحترام األسلوب‬
‫المقرر لذلك عندها يعد التبليغ صحيحا ومنتجا آلثاره القانونية (المطلب األول) وعلى العكس‬
‫من ذلك أي في حالة عدم احترام اإلجراءات المنظمة لمسطرة التبليغ من حيث نقص البيانات‬
‫في ورقة التبليغ‪ ،‬أو من حيث كيفية إجراءه ‪...‬الخ‪ ،‬عندها يكون قد شابها عيب يترتب عنه‬
‫جزاء البطالن (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬آثار التبليغ القضائي الصحيح‬


‫إذا ما تم التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية بشكل صحيح رتب مجموعة من اآلثار‬
‫والتي البد من التطرق إليها بشيء من التفصيل من خالل ثالث فقرات‪ ،‬بحيث نبحث في (الفقرة‬
‫األولى) عن آثار التبليغ على وصف الحكم والذي يختلف بحسب توصل وحضور المبلغ إليه‬
‫أم ال‪ .‬على أن نتطرق إلى آثار التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية على آجال ممارسة‬
‫الطعن (الفقرة الثانية)‪ ،‬على أن نختم هذ المطلب (بفقرة ثالثة) نعالج من خاللها آثار التبليغ على‬
‫ممارسة التنفيذ‪.‬‬

‫‪ 1‬فارس على عمر على الجرجرى‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.148‬‬


‫‪51‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬آثار التبليغ على وصف الحكم‬

‫لقد ألزم المشرع المغربي هيئة الحكم إعطاء الوصف ألي حكم (أي هل هو حضوري أم‬
‫بمثابة حضوري أم غيابي) وهذا الوصف يكون مرتبط بالطريقة التي تسلم بها المعني باألمر‬
‫ورقة االستدعاء وبحضوره وغيابه لجلسة الحكم وهو ما سنعمد لمعالجته فيما يأتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األحكام الحضورية‬

‫لم يبين المشرع المغربي صراحة متى يوصف الحكم بالحضوري طبقا للقانون‪ ،‬وإنما‬
‫‪1‬‬
‫يستفاد بالمفهوم المخالفة لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 47‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫التي تنص على أنه "يحكم غيابيا إذا لم يحضر المدعى عليه أو وكيله رغم استدعائه طبقا‬
‫للقانون مالم يكون قد توصل باالستدعاء بنفسه وكان الحكم قابل لالستئناف ففي هذه الحالة‬
‫يعتبر الحكم بمثابة حضوري تجاه األطراف المتخلفة"‪ .‬يتضح إذن من خالل هذا النص القانوني‬
‫أنه إذا حضر المدعى عليه أو وكيله عندئذ يوصف الحكم بالحضوري‪.‬‬

‫و إذا كان المعيار المعتمد في أغلب التشريعات للتمييز بين األحكام الحضورية واألحكام‬
‫الغيابية هو حضور أو تخلف الخصوم عن الحضور للجلسة بأنفسهم أو بواسطة وكالئهم‪ ،‬فإن‬
‫المشرع المغربي اعتمد معيارا آخر يتمثل في ضرورة التمييز بين القضايا التي تطبق فيها‬
‫المسطرة الشفوية وتلك التي تطبق فيها المسطرة الكتابية‪ 2‬كما هو مبين في الفصل ‪ 45‬من‬
‫قانون المسطرة المدنية‪.3‬‬

‫‪1‬محمد بفقير‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.62‬‬


‫‪2‬عبد الرحمان الشرقاوي‪" :‬قانون المسطرة المدنية دراسة فقهية وعملية مقارنة مع مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية"‪،‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،2018‬ص‪.162‬‬
‫‪3‬نص الفصل ‪ 45‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ .‬على ما يلي‪" :‬تطبق أمام المحاكم االبتدائية وغرف االستئنافات بها قواعد المسطرة الكتابية‬
‫المطبقة أمام محاكم االستئناف وفقا ألحكام الفصول ‪ 329‬و‪ 3 31‬و‪ 332‬و‪ 336‬و‪ 342‬و‪ 344‬اآلتية بعده‪.‬‬
‫تمارس المحكمة االبتدائية ورئيسها أو القاضي المقرر كل فيما يخصه االختصاصات المخولة حسب الفصول المذكورة لمحكمة‬
‫االستئناف ولرئيسها األول أو للمستشار المقرر غير أن المسطرة تكون شفوية في القضايا التالية‪:‬‬
‫‪-1‬القضايا التي تختص المحاكم االبتدائية فيها ابتدائيا و انتهائيا ‪.‬‬
‫‪-2‬قضايا النفقة والطالق والتطليق‪.‬‬
‫‪-3‬القضايا االجتماعية؛‬
‫‪-4‬قضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء‪.‬‬
‫‪-5‬قضايا الحالة المدنية"‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫فبالنسبة للحالة التي تكون فيها المسطرة شفوية يتطلب هنا الحضور المادي والشخصي‬
‫للخصوم أو بواسطة وكالئهم أثناء الجلسة‪ ،‬ومتى حضر هؤالء عند المناداة عليهم في الجلسة‬
‫وأثناء مناقشة القضية صدر الحكم حضوريا في مواجهتهم ويترتب عن ذلك أنه بإمكان‬
‫المتضرر أن يطعن باالستئناف في الحكم الذي صدر ضده اللهم إذا تعلق األمر باألحكام غير‬
‫القابلة لالستئناف‪.‬‬

‫أما في الحالة التي تكون فيها المسطرة كتابية‪ ،‬فالحضور ال يستوجب أن يحضر األطراف‬
‫شخصيا إلى الجلسة‪ ،‬وإنما يكفي أن يتقدم المدعى عليه أو نائبه بالجواب الكتابي عما جاء في‬
‫المقال الذي رفعه المدعي إلى المحكمة أو أن يبعث إلى كتابة الضبط في الجلسة المحددة للنظر‬
‫في الدعوى أو قبل األجل الذي يعينه القاضي المقرر إذا أجرى بحثا في القضية سواء حضر‬
‫المدعى عليه شخصيا أو نائبه في الجلسة أم ال‪ .1‬وهذا ما يؤكده الفصل ‪ 344‬من ق‪.‬م‪.‬م بالنسبة‬
‫للمرحلة االستئنافية إذ نص على ما يلي‪" :‬تعتبر حضورية القرارات التي تصدر بناء على‬
‫مقاالت األطراف أو مذكراتهم ولو كان هؤالء األطراف أو وكالئهم لم يقدموا مالحظاتهم‬
‫الشفوية في الجلسة"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األحكام الغيابية‬

‫تنص الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 47‬على أنه‪" :‬يحكم غيابيا إذا لم يحضر المدعى عليه أو‬
‫وكيله رغم استدعائه طبقا للقانون مالم يكن قد توصل باالستدعاء بنفسه وكان الحكم قابال‬
‫لالستئناف‪ ،‬ففي هذه الحالة يعتبر الحكم بمثابة حضوري تجاه األطراف المتخلفة"‪.‬‬

‫يتضح إذن من خالل هذا الفصل أن تخلف المدعى عليه يرتب إصدار حكم غيابي في حقه‬
‫شريطة أن يتم استدعائه هو أو وكيله بصفة قانونية ال شخصية‪ ،‬وتكمن أهمية وفائدة الحكم‬
‫الغيابي في أنه يفتح باب التعرض أمام المحكوم عليه أمام نفس المحكمة المصدرة للحكم‪ 2‬داخل‬
‫أجل عشرة أيام من تاريخ التبليغ غير أن المشرع المغربي أوقف ممارسة الطعن بالتعرض‬

‫‪1‬عبد الكريم طالب‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.215-214‬‬


‫‪2‬نور الدين الناصري‪" :‬الوجيز في قانون المسطرة المدنية"‪ ،‬دون ذكر المطبعة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2019‬ص‪.119‬‬
‫‪53‬‬
‫على شرطين أساسيين‪ 1‬أولهما يكمن في عدم توصل المعني باألمر بنفسه باالستدعاء وهو ما‬
‫أكد عليه القضاء المغربي حيث جاء في أحد القرارات الصادرة عن محكمة النقض‪ 2‬المغربية‬
‫"بمقتضى الفصل ‪ 16‬من قانون المسطرة المدنية فإنه ال يمكن الدفع بعدم االختصاص المكاني‬
‫إال بالنسبة لألحكام الغيابية ولما كان الطاعن قد توصل شخصيا باالستدعاء في المرحلة‬
‫االبتدائية ولم يحضر ولم يقدم جوابا‪ ،‬فإن الحكم يعتبر بمثابة حضوري في حقه طبقا للفصل‬
‫‪ 47‬من قانون المسطرة المدنية‪ .‬ولذلك فإن دفعه بعدم االختصاص المكاني أمام محكمة‬
‫االستئناف يعتبر غير مقبول"‪ .‬والثاني أال يكون الحكم قابال لالستئناف‪ ،‬وفي هذا السياق أكدت‬
‫محكمة النقض‪ 3‬المغربية في أحد قراراتها أنه "بمقتضى الفصل ‪ 130‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية المحال عليه بمقتضى الفصل ‪ 352‬من نفس القانون فإن األحكام الغيابية هي القابلة‬
‫للطعن بالتعرض والبين من وثائق الملف أن القرار االستئنافي صدر حضوريا في حق الطاعن‬
‫باعتباره هو الذي طعن باالستئناف في حكم محكمة الدرجة األولى‪ ،‬ومع ذلك طعن فيه‬
‫بالتعرض وقبلت المحكمة تعرضه شكال مخالفة بذلك مقتضيات الفصل ‪ 130‬أعاله‪ ،‬وعرضت‬
‫قرارها للنقض"‪ .‬فمتى انعدم الشرطان المذكوران كما لو توصل المحكوم عليه شخصيا‬
‫باالستدعاء أو كان الحكم ابتدائيا قابال لالستئناف‪ ،‬فإن الحكم ال يكون غيابيا وإنما بمثابة‬
‫حضوري‪.‬‬

‫أما في حالة غياب المدعي يقضي الفصل ‪ 47‬من ق‪.‬م‪.‬م في هذا الشأن أن طلب المدعي‬
‫يكون مصيره إمكانية الشطب إذا تخلف عن المثول هو أو نائبه‪ ،‬لجلسة المحاكمة‪ ،‬سواء تعلق‬
‫األمر بأول جلسة أو بجلسات الحقة‪ ،‬متى قدر القاضي المنفرد أو هيئة الحكم الجماعية أنه ال‬
‫يتوفر لديهم العناصر الكافية للبت في الطلب‪ .‬أما غياب المدعي في مرحلة إعداد القضية للحكم‬
‫من طرف القاضي المقرر أو المكلف بالقضية‪ ،‬فال يكون له نفس األثر‪ ،‬إذ ال يملك ذلك القاضي‬
‫إصدار أمر بالشطب وإنما يجب عليه طلب عقد جلسة محاكمة بغية إدراك هذا الغرض‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الكريم طالب‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.217‬‬


‫‪ 2‬القرار عدد‪ 208 :‬المؤرخ في‪ 13/04/2005 :‬الملف الشرعي عدد‪،2003/1/2/550 :‬‬
‫منشور في ‪ /https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموفع ‪ .2023/03/04‬على الساعة ‪ 9:30‬صباحا‪.‬‬
‫‪ 3‬القرار عدد ‪ 11‬الصادر بتاريخ ‪ 04‬يناير ‪ 2022‬في الملف الشرعي عدد ‪.2/1/2020/307‬‬
‫منشور في ‪ ،/https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموفع ‪ .2023/03/04‬على الساعة ‪ 9:45‬صباحا‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬يمكن أن تدخل الدعوى في حكم المشطوب عنها قبل بلوغ مرحلة المحاكمة‪،‬‬
‫يحدث ذلك في مرحلة إعداد القضية للحكم من طرف القاضي المقرر أو المكلف بالقضية بقرار‬
‫يعلق بموجبه تحديد تاريخ جلسة المحاكمة على مثول المدعي إلكمال بيانات طلبه‪ ،‬بل إن هكذا‬
‫تعليق يفرض نفسه متی اشترط القانون عليه بدء إعداد القضية للحكم بمحاولة صلح بين‬
‫الطرفين‪ .‬بناء على ذلك‪ ،‬ال ينشأ مركز أطراف الخصومة‪ ،‬وتتوقف الدعوى عن التحرك لتدخل‬
‫القضية في حكم المشطوب عنها‪ ،‬متى تخلف المدعي عن الحضور لجلسة محاولة المصالحة‪.‬‬

‫ويبقى رغم ذلك كله‪ ،‬أن للمحكمة أن تتجاوز عن غياب المدعي‪ ،‬سواء في مرحلة إعداد‬
‫القضية الحكم‪ ،‬أو في جلسات المحاكمة للبت في القضية‪ ،‬متى قدرت أنها تتوفر على العناصر‬
‫الكافية لذلك‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬األحكام بمثابة حضورية‪.‬‬

‫يطلق وصف األحكام بمثابة حضورية على األحكام الصادرة في غيبة المدعى عليه أو المستأنف‬
‫عليه‪ ،2‬غير أن هذه األحكام ينطبق عليها ما ينطبق على األحكام الحضورية من حيث قابليتها‬
‫لطرق الطعن فهي ال تقبل على الرغم من ذلك الطعن بالتعرض‪ ،‬وال يطلق هذا الوصف على‬
‫األحكام االبتدائية الصادرة عن محاكم الدرجة األولى إال في حالتين الحالة األولى والتي لم يعد‬
‫لها وجود بعد التعديل الذي تم إدخاله على قانون المسطرة المدنية‪ 3‬هي التي تهم األحكام‬
‫الصادرة ابتدائيا وانتهائيا إذا توصل المدعى عليه شخصيا‪ ،‬الحالة الثانية هي التي تهم األحكام‬
‫الصادرة في حالة تعدد المدعى عليهم‪ 4‬إذ يمكن أن يحضر بعضهم ويجيب عن الدعوى‬

‫‪1‬شكيب عبد الحفيظ‪" :‬شرح مدونة المسطرة المدنية"‪ ،‬دون ذكر الطبعة والمطبعة‪ ،‬سنة ‪ ،2017‬ص‪.114-113‬‬
‫‪2‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫‪3‬القانون رقم ‪ 35.10‬بتغيير وتتميم قانون المسطرة المدنية كما صادق عليه الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪1.74.447‬‬
‫الصادر في ‪ 11‬من رمضان ‪ )28( 1394‬سبتمبر (‪ )1974‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.11.149‬بتاريخ ‪ 16‬من‬
‫رمضان ‪ )17(1432‬أغسطس ‪)2011‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 5975‬بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ )5( 1432‬سبتمبر ‪ ،2011‬ص‬
‫‪.4387‬‬
‫‪4‬يقضي الفصل ‪ 47‬من قانون المسطرة المدنية على أنه‪" :‬إذا تعدد المدعى عليهم ولم يحضر أحدهم بنفسه أو بواسطة وكيله‬
‫أخر القاضي القضية إلى الجلسة المقبلة وأمر من جديد باستدعاء األطراف طبقا للقواعد المقررة في الفصول ‪37‬و‪38‬و‪39‬‬
‫للحضور في اليوم المحدد‪ ،‬مع تنبيههم في نفس الوقت إلى أنه سيبت حينئذ في القضية بحكم واحد يعتبر بمثابة حضوري تجاه‬
‫األطراف المتخلفة‪.‬‬
‫وال يعتبر الحكم بمثابة حضوري إال بالنسبة إلى األشخاص الذين توصلوا باالستدعاء شخصيا أو في موطنهم "‬
‫‪55‬‬
‫المقدمة ضده‪ ،‬بينما يتخلف عن ذلك البعض اآلخر‪ .‬وهذا في الواقع يؤدي إلى صدور الحكم‬
‫حضوريا بالنسبة لمن حضر‪ ،‬وغيابيا في حق من تخلف‪ .‬وتفاديا لذلك رغب المشرع في أن‬
‫يضمن للحكم وصفا واحدا بالنسبة لجميعهم‪ .1‬فنص في الفصل ‪ 48‬من ق‪.‬م‪.‬م على أنه إذا لم‬
‫يحضر فيها البعض منهم بعد استدعائهم للمرة الثانية‪ ،‬ينعت الحكم الصادر في هذه الحالة بمثابة‬
‫حضوري في مواجهة المدعى عليهم الذين تخلفوا عن الحضور رغم استدعائهم إستدعاءا‬
‫قانونيا‪ ،‬ولو كانوا قد توصلوا شخصيا أو أن التبليغ تم في محل إقامتهم‪ ،‬أما القرارات الصادرة‬
‫عن محاكم الدرجة الثانية فإنها تنعت بمثابة حضورية في حالة واحدة‪ ،‬وتتعلق هذه الحالة أيضا‬
‫بتعدد المستأنف عليهم‪ ،‬وتعتبر القرارات الصادرة فيها بمثابة حضورية في مواجهة المستأنف‬
‫عليهم الذين تخلفوا عن الحضور ولم يدلوا للمحكمة بمستنتجاتهم على الرغم من إشعارهم بذلك‬
‫من طرف المستشار المقرر‪.‬‬

‫وال يقتصر هذا الوصف على المدعى عليهم أو المستأنف عليهم‪ ،‬إذ يمكن أن توصف‬
‫األحكام أيضا بمثابة حضورية في مواجهة المدعي‪ ،‬ويتم هذا بخصوص األحكام االبتدائية‬
‫الصادرة عن محاكم الدرجة األولى في غيبة المدعي بعد إعمال المحكمة لمقتضيات الفصل‬
‫‪ 47‬من قانون المسطرة المدنية‪ 2‬التي تخول لها إمكانية البت إذا ما ارتأت بأنها تتوفر على‬
‫كافة العناصر الضرورية دون حاجة لعرض الطلبات والمستندات المدلى بها للنقاش‪.3‬‬

‫غير أن المشرع المغربي لم يتطرق إلى مسألة تخلف كل من المدعي والمدعى عليه في‬
‫حين نجد بعض التشريعات المقارنة كما هو الحال بالنسبة للتشريع المصري الذي تطرق بشكل‬

‫‪1‬نور الدين البريس‪" :‬نظريات في قانون المسطرة المدنية " مطبعة األمنية‪ ،‬طبعة األولى ‪ ،2012‬ص ‪.70‬‬
‫‪2‬تنص الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 47‬من قانون المسطرة المدنية على أنه "‪ ...‬وإذا كانت المحكمة تتوفر على العناصر الضرورية‬
‫للفصل في مطالب المدعي بتت استنادا إلى هذه العناصر بحكم بمثابة حضوري بالنسبة للمدعي الذي تغيب أو نائبه "‪.‬‬
‫‪3‬جواد أمهلول‪" :‬الوجيز في قانون المسطرة المدنية "‪ ،‬مطبعة أمنية الرباط دون ذكر الطبعة سنة ‪ ،2015‬ص‪.123‬‬
‫‪56‬‬
‫صريح لحالة تغيب الطرفين معا‪ ،‬إذ رتب عن هذا تخلف عن الحضور نتيجة متمثلة في‬
‫التشطيب على الدعوى من جدول القضايا‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آثار التبليغ على أجل ممارسة الطعن‬


‫‪2‬‬
‫لعل أهم اآلثار المترتبة عن تبليغ األحكام تلك المتمثلة في بدء سريان أجل ممارسة الطعن‬
‫ألن القاعدة العامة للطعن في األحكام بمختلف طرق الطعن هي أن اآلجال والمهل المحددة من‬
‫قبل المشرع ال يبدأ سريانها إال من تاريخ تبليغ األحكام إلى أصحابها تبليغا صحيحا‪ ،‬ويعتبر‬
‫كل عيب أو خلل في التبليغ مبطال للتبليغ‪ ،3‬وبالتالي ال يكون له أي أثر على بداية هذه المواعيد‪،‬‬
‫والذي يبدأ من تاريخ التبليغ ويسري على المبلغ إليه وعلى المبلغ أيضا المستفيد منه‪ ،‬فتبليغ‬
‫األحكام له دور عملي مهم بحيث يسمح بمباشرة مسطرة الطعن تمهيدا لسلوك مسطرة التنفيذ‬
‫ما لم تكن الطرق المسموح بمباشرتها قانونا أو آجالها موقفة للتنفيذ‪ ،‬آنذاك ال تباشر مسطرة‬
‫التنفيذ إال عند صيرورة الحكم نهائيا‪ ،‬ويترتب عن تبليغ األحكام لألطراف المخاطبين‬
‫بمقتضياتها فتح المجال إليهم لممارسة طرق الطعن قبل أن يحوز الحكم لقوة الشيء المقضي‬
‫به على اعتبار أن اآلجال المحددة بموجب ق‪.‬م‪ .‬م هي آجال سقوط"‪ .4‬من هنا سنحاول التطرق‬
‫إلى مبدأ سريان أجل الطعن من تاريخ التبليغ (أوال) إال أن هذا المبدأ ترد عليه استثناءات‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مبدأ سريان آجال الطعن من تاريخ التبليغ‪.‬‬

‫‪1‬تنص المادة ‪ 102‬من القانون المرافعات المدنية والتجارية المصري على أنه‪" :‬إذا لم يحضر المدعي وال المدعى عليه في‬
‫الجلسة األولى قررت المحكمة بعد التأكد من صحة اإلعالن شطب الدعوى‪ ،‬فإذا حضر المدعى عليه وحده جاز له طلب‬
‫شطب الدعوى أو السير فيها‪ ،‬وفي هذه الحالة تقرر المحكمة اعتبار المدعي متعباً‪ ،‬ويجوز للمحكمة شطب الدعوى إذا حضر‬
‫المدعي في الجلسة األولى ثم تغيب في الجلسات التالية واستمر تأجيل الدعوى ألكثر من جلستين بسبب عدم حضوره ما لم‬
‫يطلب المدعى عليه استمرار السير ف يها ويترتب على شطب الدعوى استبعادها من الجلسات دون المساس باآلثار المترتبة‬
‫على رفعها‪.‬‬
‫وفي جميع األحوال تعتبر الدعوى كأن لم تكن إذا لم يطلب الخصوم إعادة السير فيها بعد الشطب مدة تزيد على ستين يوماً"‪.‬‬
‫‪2‬نصت المادة ‪ 512‬من ق‪.‬م‪.‬م على أنه‪ " :‬تعتبر جميع اآلجال المنصوص عليها في هذا القانون كاملة فال يحسب اليوم الذي‬
‫يتم فيه تسليم االستدعاء أو التبليغ واإلنذار أو أي إجراء آخر للشخص نفسه أو في موطنه‪ ،‬وال اليوم األخير الذي تنتهي فيه‪،‬‬
‫إذا كان اليوم األخير يوم عطلة امتد األجل إلى أول يوم عمل بعده"‪.‬‬
‫‪3‬عبد العزيز الحضري‪" :‬محاضرات المسطرة المدنية"‪ ،‬موجهة لطلبة كلية الحقوق وجدة‪ ،‬سنة ‪ ،2015‬ص ‪.119‬‬
‫‪ 4‬عبد اللطيف اسماعيل‪" :‬زمن التبليغ القضائي بين المادة المدينة والتجارية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬فاس موسم الجامعي ‪ ،2020/2021‬ص‪.19‬‬
‫‪57‬‬
‫يجب اإلشارة في البداية إلى أن المشرع حدد لجميع طرق الطعن أجال تسقط بعدم ممارستها‬
‫خالله باستثناء تعرض الغير الخارج عن الخصومة الذي لم يحدد له أي أجل لهذا يجب الوقوف‬
‫على أجل محدد لكل طريق من طرق الطعن على الشكل التالي‪:‬‬

‫الطعن بالتعرض‪ :1‬ينص الفصل ‪ 130‬من ق‪.‬م‪.‬م على أنه‪" :‬يجوز التعرض على األحكام‬
‫الغيابية الصادرة عن المحكمة االبتدائية إذا لم تكن قابلة لالستئناف وذلك في أجل عشرة أيام‬
‫من تاريخ التبليغ الواقع طبقا للمفصل ‪.54‬‬

‫يجب تنبيه الطرف في وثيقة التبليغ إلى أنه بانقضاء األجل المذكور يسقط حقه في التعرض"‪.‬‬
‫ونفس المقتضى أكد عليه الفصل ‪ 3522‬من ق‪.‬م‪.‬م عندما يتعلق األمر باألحكام القابلة للتعرض‬
‫الصادرة عن محكمة االستئناف‪.‬‬

‫إذن يتضح من خالل الفصلين أن أجل التعرض هو عشرة أيام من تاريخ التبليغ الواقع طبقا‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 54‬من ق‪ .‬م‪ .‬م‪.‬‬

‫الطعن باالستئناف‪ :‬بخصوص الطعن باالستئناف فحسب الفقرة الرابعة من الفصل ‪134‬‬
‫من ق‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬فإن آجال االستئناف يبدأ في السريان من تاريخ تبليغ الحكم إلى الشخص نفسه أو‬
‫في موطنه الحقيقي أو المختار أو بالتبليغ في الجلسة إذا كان ذلك مقررا بمقتضى القانون‪.‬‬

‫كما أن سريان األجل تجاه الشخص الذي بلغ الحكم بناء على طلبه ابتداء من يوم التبليغ حيث‬
‫جاء في أحد قرارات محكمة النقض المغربية‪" :‬لما كان تبليغ القرارات يتم بناء على طلب‬
‫المحكوم له فإن أجل الطعن باالستئناف يسري في حقه باعتباره طالب التبليغ من يوم تبليغ‬
‫الحكم االبتدائي إلى الطرف اآلخر عمال بالفصل ‪ 134‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬والمحكمة لما قبلت استئناف‬

‫‪1‬التعرض هو طريق عادي للطعن في األحكام الغيابية يتقدم به المحكوم عليه الذي لم يدافع عن حقوقه أمام المحكمة المصدرة‬
‫للحكم المطعون فيه ‪ ،‬وذلك ليطلب منها إعادة النظر في حكمها بإلغائه أو تعديله على ضوء دفوعه ومطالبه المضمنة بمقال‬
‫التعرض وبذلك يختلف التعرض عن االستئناف الذي يرفع أمام المحكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف‬
‫كما يختلف عن تعرض الغير الخارج عن الخصومة في كون هذا األخير يمارس من طرف الغير أي من لم يكن ماثال أو‬
‫ممثال في الخصومة التي ان تهت بصدور الحكم المتعرض عليه‪ ،‬في حين يمارس التعرض من شخص كان طرفا فيها‪ ،‬ولكنه‬
‫لم يقدم دفوعه لسبب من األسباب‪ .‬أنظر إلى نور الدين الناصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪2‬ينص الفصل ‪ 352‬على أنه "تطبق أمام المحكمة المرفوع إليها االستئناف مقتضيات الفصل ‪ 130‬وما يليه"‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫طالب التبليغ بعلة أن الملف خال مما يفيد تبليغ الحكم االبتدائي إليه‪ ،‬تكون قد خرقت الفصل‬
‫المذكور"‪.1‬‬

‫الطعن بالنقض‪ :‬أما عن أجل الطعن بالنقض فإن مقتضيات الفصل ‪ 358‬من ق‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬نجدها‬
‫أشارت إلى أنه‪" :‬يحدد بصرف النظر في المقتضيات الخاصة أجل رفع الدعوى إلى المجلس‬
‫األعلى في ثالثين يوما من تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي‪.‬‬
‫ال يسري األجل با لنسبة للقرارات الغيابية إال من اليوم الذي يصبح فيه التعرض غير مقبول"‪.‬‬
‫يتبن إذا أن الطعن أمام محكمة النقض يتحدد في ثالثين يوما من تاريخ التبليغ باستثناء القرارات‬
‫الغيابية‪ ،‬حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض المغربية‪ 2‬ما يلي‪" :‬بمقتضى الفصل ‪358‬‬
‫من ق‪.‬م‪.‬م يحدد بصرف النظر عن المقتضيات الخاصة أجل رفع الدعوى إلى محكمة النقض‬
‫في ثالثين يوما من يوم تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي‪ .‬ال‬
‫يسري األجل بالنسبة للقرارات الغيابية إال من اليوم الذي يصبح فيه التعرض غير مقبول"‪.‬‬
‫والثابت من وثائق الملف أن القرار االستئنافي موضوع الطعن بالنقض صدر غيابيا في حق‬
‫الطالب‪ ،‬وال يوجد بالملف ما يفيد تبليغه به بصفة قانونية حتى يصبح نهائيا وقابال للطعن‬
‫بالنقض لذلك فهو غير مقبول"‪.‬‬

‫فمبدأ بدء سريان أجل الطعن بالنقض من تاريخ التبليغ يسري على طالب التبليغ كذلك حيث‬
‫جاء في حيثيات أحد قرارات محكمة النقض المغربية في إطار ردها على الطاعن ما يلي‪:‬‬
‫" بناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف نائب المطلوب والتي تمسك فيها بعدم قبول‬
‫الطعن لتقديمه خارج األجل القانوني إذ أن الطاعن بادر إلى سلوك مسطرة تبليغ القرار‬
‫المطعون فيه إليه وذلك بتاريخ ‪ 14/09/2017‬وأدلى إثباتا لذلك بصورة لشهادة التسليم وأصل‬
‫طي التبليغ موقع عليه من طرف عون التبليغ وأشير فيه إلى اسم المبلغ إليه ومراجع القرار‬
‫المبلغ وتاريخ التبليغ الذي يطابق المعلومات المشار إليها بشهادة التسليم‪.‬‬

‫‪1‬القرار عدد ‪ 241‬الصادر بتاريخ ‪ 01‬أبريل ‪ 2014‬في الملف المدني عدد‪ 1/2/2013/4321‬منشور في نشرة قرارات محكمة‬
‫النقض‪ ،‬الغرفة المدنية‪ ،‬العدد ‪ ،15‬سنة ‪.2014‬‬
‫‪2‬قرار محكمة النقض رقم ‪ 156‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ 2022‬في اللف المدني رقم ‪.409/1/9/2021‬‬
‫منشور في ‪ ،/https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموقع ‪ 2023/05/05‬على الساعة ‪ 10:20‬صباحا‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫وبناء على تعقيب الطاعن بأن المطلوب أثار الدفع بعدم القبول دون أن يدلي بما يفيد وقوع‬

‫الطعن خارج األجل القانوني وفي غياب إثبات كونه سلك مسطرة النقض خارج األجل ويبقى‬
‫الدفع غير ذي أساس‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬حيث ينص الفصل ‪ 380‬من ق‪.‬م‪.‬م على أن محكمة النقض تطبق القواعد العادية الخاصة‬
‫بمحاكم االستئناف فيما يخص جميع مقتضيات المسطرة الغير منصوص عليها في هذا الباب‪.‬‬
‫وعمال بالفصل ‪ 358‬من نفس القانون فإن أجل رفع الطعن إلى محكمة النقض محدد في ثالثين‬
‫يوما من يوم تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي‪ ،‬وعمال بالفصل‬
‫‪ 134‬من نفس القانون فإن أجل الطعن يبتدئ سريانه تجاه الشخص الذي بلغ الحكم بناء على‬
‫طلبه ابتداء من يوم التبلي غ وال يقيد تبليغ الحكم من طلبه ولو بدون تحفظ‪ .‬ولما كان الثابت من‬
‫وثائق الملف أن المطلوب بلغ بالقرار المطعون فيه بتاريخ ‪ 14/09/2017‬شخصيا وأن‬
‫الطالب لم يطعن في نفس القرار إال بتاريخ ‪ 13/11/2017‬ولم يبد أي تحفظ في أنه هو من‬
‫طلب تبليغ القرار فإن الطعن يكون مقدما خارج األجل القانوني المشار إليه"‪.1‬‬

‫إذن يتبين من خالل ما سبق أن مبدأ بدء سريان الطعن من تاريخ التبليغ يسري على كل من‬
‫المبلغ إليه وطالب التبليغ‪ ،‬وبالتالي عدم احترام اآلجال المحددة قانونا من لدن أحدهما يترتب‬
‫عنه سقوط الحق في الطعن على اعتبار أن المدة المحددة من قبل المشرع هي مدة حتمية وتمس‬
‫النظام العام‪ .‬ويمكن التمسك بعدم مراعاتها من قبل األطراف كما يحق للمحكمة من تلقاء نفسها‬
‫أن ترفض كل طعن قدم خارج األجل المحدد له‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬استثناءات سريان آجال الطعن من تاريخ التبليغ‪.‬‬

‫إذا كان األصل في قانون المسطرة المدنية المغربي أن سريان آجال الطعن يبدأ من تاريخ‬
‫التبليغ‪ ،‬فإنه في بعض الحاالت قد يحصل أثناء سريان هذا األجل أن يصاب أحد األطراف‬
‫ببعض العوارض التي تؤدي إلى وقف السريان بالنسبة إليه‪ ،‬ومن بين الحاالت نذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪1‬القرار عدد ‪ 471‬الصادر بتاريخ ‪ 10‬أبريل ‪ 2020‬في الملف المدني عدد‪1/9/2017/8997‬‬


‫منشور في ‪ ،/https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة ‪.2023/02/25‬على الساعة ‪ 22:00‬ليال‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫أ‪ -‬حالة تغيير أهلية أحد األطراف‬

‫حسب مقتضيات الفصل ‪ 139‬من ق‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬فإنه إذا وقع تغيير في أهلية أحد األطراف فإن‬
‫آجال االستئناف يتوقف وال يبتدئ سريانه من جديد إال بعد خمسة عشر يوما (‪ )15‬من تبليغ‬
‫الحكم لمن له الصفة في تسلم هذا التبليغ‪ ،‬ويؤدي نفس النتيجة بالنسبة للطعن بإعادة النظر‪،‬‬
‫ولكن ليس لها أي تأثير بالنسبة لألجل الذي يخضع له الطعن بتعرض الغير الخارج عن‬
‫الخصومة باعتبار األجل الذي يخضع له من قبيل التقادم المسقط وبالتالي يتوقف ميعاد الطعن‬
‫عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة لمصلحة القاصرين غير الراشدين وناقصي‬
‫األهلية اآلخرين إذا لم يكن لهم وصي أو مساعد قضائي أو مقدم وذلك إلى ما بعد بلوغهم سن‬
‫الرشد أو ترشيدهم أو تعيين نائب قانوني لهم‪ .‬أما بالنسبة للطعن بالنقض فإن الفصل ‪ 380‬من‬
‫ق‪ .‬م‪ .‬م‪ ،‬أكد على ضرورة تطبيق القواعد العادية المطبقة بمحاكم االستئناف فيما يخص‬
‫المقتضيات غير المنصوص عليها في الباب المتعلق بالطعن أمام محكمة النقض‪ ،‬وبذلك فإن‬
‫تغيير أهلية أحد األطراف خالل هذه المرحلة يجعل اآلجال تتوقف وال تسري إال بعد إعالم من‬
‫لهم الصفة بخمسة عشر يوما‪ .‬وهكذا فبإعادة تبليغ الحكم إلى من يقوم مقام المحكوم عليه يبدأ‬
‫أجل الطعن سريانه من جديد دون احتساب المدة الزمنية السابقة على االنقطاع‪ ،‬أما في حالة‬
‫وقف األجل فيعتد بالمدة السابقة على التوقف وتحسب في آجال الطعن‪.1‬‬

‫ب‪ -‬وفاة أحد األطراف‬

‫نصت المادة ‪ 137‬من ق‪.‬م‪.‬م على أنه " توقف وفاة أحد األطراف آجال االستئناف لصالح‬
‫ورثته‪ ،‬وال تقع مواصلتها من جديد إال بعد مرور ‪ 15‬يوما التالية لتبليغ الحكم للورثة بموطن‬
‫الشخص المتوفى طبقا للطرق المشار إليها في الفصل ‪.54‬‬

‫يمكن أن يقع هذا التبليغ إلى الورثة وممثليهم القانونيين جماعيا دون التنصيص على أسمائهم‬
‫وصفاتهم" نفس التوجه ذهب إليه المشرع المصري الذي نص من خالل المادة ‪ 216‬من قانون‬
‫المرافعات المصري على أن " ميعاد الطعن يقف بموت المحكوم عليه‪."......‬ويرى جانب من‬

‫‪1‬عبد اللطيف اسماعيل‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪61‬‬
‫الفقه المغربي‪ 1‬أنه يجب تمديد حكم نص المادة ‪ 137‬المتقدمة ليشمل سائر طرق الطعن وعليه‬
‫فإن آجال ممارسة الطعون ‪ -‬التعرض واالستئناف وإعادة النظر والنقض‪ -‬تتوقف في حالة وفاة‬
‫أحد أطراف الدعوى وال تبدأ في السريان من جديد إال بعد مرور خمسة عشر يوما التالية‬
‫لحصول تبليغ جديد للورثة بموطن الشخص المتوفى أما بالنسبة لطعن تعرض الخارج عن‬
‫الخصومة ال يخضع لهذه القواعد‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تبليغ األحكام من أجل التنفيذ‬

‫نظم المشرع المغربي كيفية تبليغ الحكم من أجل تنفيذه في الفصل ‪ 440‬من ق‪ .‬م‪ .‬م‪ .2‬وذلك‬
‫بأن كلف عون التنفيذ بتبليغ الحكم المكلف بتنفيذه إلى المحكوم عليه أو تعريفه بنواياه وذلك‬
‫خالل أجل ال يتعدى عشرة أيام من تاريخ طلب التنفيذ‪.‬‬

‫يستفاد من مقتضيات الفصل ‪ 440‬من ق‪.‬م‪.‬م المشار إليه أن تبليغ المحكوم عليه وإعذاره‬
‫يعتبر أمرا الزما قبل البدء في التنفيذ وهو ما أكده القضاء المغربي كذلك حيث جاء في قرار‬
‫صادر عن محكمة النقض‪ 3‬ما يلي‪" :‬إن تبليغ الحكم قبل مسطرة التنفيذ هو إجراء جوهري‬
‫وضروري ولو كان مشموال بالنفاذ المعجل‪ ،‬باستثناء األوامر التي تأمر فيها المحكمة بتنفيذها‬
‫بموجب األصل في حالة الضرورة القصوى"‪.‬‬

‫ألن احترام هذا اإلجراء يحقق غايتين أساسيتين‪ ،‬األولى تتمثل في تمكين المحكوم عليه من‬
‫تنفيذ الحكم اختياريا‪ ،‬لما في ذلك من تفادي نتائج التنفيذ الجبري‪ ،‬أما الغاية الثانية فتتجلى في‬
‫كون هذا اإلجراء‪ ،‬يثبت امتناع المحكوم عليه عن تنفيذ الحكم اختياريا‪ ،‬بمجرد عدم امتثاله‬
‫لمنطوق الحكم الذي تم تبليغه إليه وإعذاره به حيث ال يبقى أمامه إال التنفيذ الجبري‪.4‬‬

‫‪1‬نور الدين الناصري‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.164‬‬


‫‪2‬ينص الفصل ‪ 440‬من ق‪.‬م‪.‬م "يبلغ عون التنفيذ إلى الطرف المحكوم عليه‪ ،‬الحكم المكلف بتنفيذه ويعذره بأن يفي بما قضى‬
‫به الحكم حاال أو بتعريفه بنواياه وذلك خالل أجل ال يتعدى عشرة أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ"‪.‬‬
‫‪3‬القرار عدد‪ 1017‬المؤرخ في ‪ 22/9/2004‬الملف التجاري عدد ‪.2003/1613‬‬
‫منشور في ‪ ،/https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة ‪.2023/05/02‬على الساعة ‪ 12:00‬زواال‪.‬‬
‫‪4‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.252‬‬
‫‪62‬‬
‫بالرجوع إلى مشروع قانون المسطرة المدنية رقم ‪ 02.23‬نجد المشرع ينص من خالل‬
‫المادة ‪ 631‬على أنه‪" :‬تبلغ المقررات القضائية تلقائيا إلى األطراف عبر المنصة اإللكترونية‪،‬‬
‫وذلك في الحاالت التي ينص القانون على التبليغ التلقائي‪.‬‬

‫كما تبلغ المقررات القضائية من خالل الحساب المهني اإللكتروني للمحامي بناء على موافقته"‪.‬‬

‫باإلضافة إلى المادة ‪ 632‬التي تنص على أنه‪" :‬تباشر عبر المنصة اإللكترونية إجراءات‬
‫تبليغ وتنفيذ المقررات القضائية وتضمن بها جميع اإلجراءات المتخذة في هذا الشأن"‪ .‬يتضح‬
‫من خالل هذه المقتضيات القانونية أنه يمكن للمكلف بالتبليغ مباشرة عملية التبليغ من أجل‬
‫التنفيذ بطريقة إلكترونية‪.‬‬

‫ويرى أحد الباحثين‪ 1‬أنه‪ :‬ال يوجد مانع للقيام بالتبليغ من أجل التنفيذ بوسائل االتصال عن بعد‪،‬‬
‫فإذا تبين أن المعلن له مستعد لتنفيذ الحكم أو القرار‪ ،‬فبإمكان عون التنفيذ واستنادا إلى وسائل‬
‫االتصال عن بعد تحرير محضر بذلك مع تضمينه تعريف المحكوم عليه بنواياه‪ ،‬وإذا طلب‬
‫أجال ضمنه العون بالمحضر وأخبر رئيس المحكمة ليتخذ اإلجراء الذي يراه مناسبا باالستجابة‬
‫له تطبيقا لنظرة الميسرة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطعن في صحة التبليغ وبطالنه‬


‫إذا كان التبليغ العمود الفقري للدعوى بحيث ال يمكن أن تتخذ مجراها العادي بدونه‪ ،‬فإن‬
‫أهميته تبرز تحديدا عند عدم احترام إجراءاته لما يترتب عن ذلك من آثار سلبية‪ ،‬فكم من إجراء‬
‫قانوني ال يبلغ إلى صاحبه وتستمر إجراءات الدعوى في غيبته‪ ،‬ولم يتمكن من إبداء دفوعاته‬
‫في الشكل والموضوع‪ ،‬وال يستطيع تقديم حججه وأدلته‪ ،‬فتضيع حقوقه‪ ،‬وقد ال يتمكن من‬
‫الطعن في األحكام لفوات أجل الطعن‪.2‬‬

‫‪ 1‬هشام بوحماد‪ :‬م س‪ ،‬ص‪.110‬‬


‫‪ 2‬عبد العالي العضراوي‪" :‬التبليغات القضائية بين الصحة والبطالن‪ ،‬دراسة ميدانية"‪ ،‬طبعة األولى لسنة ‪ ،2000‬ص‪.29‬‬
‫‪63‬‬
‫وإذا كان القانون قد أوجب التبليغ كإجراء ال مناط عنه ألجل ممارسة الدعوى‪ ،‬فقد خول‬
‫للمتضرر من التبليغ إمكانية التمسك ببطالنه‪ ،1‬ألن مخالفة الشكليات المفروضة على الخصوم‬
‫يجعل اإلجراء غير فعال ومجرد من اآلثار القانونية‪.‬‬

‫وعليه سنحاول من خالل هذا المطلب التطرق إلى ثالثة نقاط أساسية تتمثل في‪ :‬أسباب‬
‫موجبة لبطالن التبليغ (الفقرة األولى) ومدى اعتبار التبليغ القضائي من النظام العام (الفقرة‬
‫الثانية)‪ ،‬باإلضافة إلى الجهة المختصة بالبت في االدعاء ببطالن التبليغ (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أسباب بطالن التبليغ‬

‫نص المشرع المغربي على وجوب توافر التبليغ على شكليات معينة يحررها المبلغ عند‬
‫قيامه بعملية التبليغ‪ ،‬وهي ضمانة للمبلغ إليه ولحقه في الدفاع‪ ،‬إذ تهدف غالبا إما للتعريف‬
‫بالجهة المبلغة أو المتسلمة للتبليغ‪ ،‬وإما لتاريخ التبليغ أو مكانه‪ ،‬وإما لتنبيه المبلغ إليه بإمكانية‬
‫‪2‬‬
‫سلوك طريق من طرق الطعن داخل أجل معين أو تقديم دعوى أو قيام بعمل داخل أجل محدد‬
‫‪ ....‬الخ‪ ،‬فيما يأتي سنحاول التطرق إلى أهم أسباب بطالن التبليغ بشيء من التفصيل‪:‬‬

‫أ‪-‬عدم تضمين وثيقة التبليغ أحد البيانات الضرورية‬

‫بالرجوع إلى الفصول ‪ 36‬و‪ 37‬و‪ 38‬من‪ .‬ق‪.‬م‪.‬م نجد مشرع المغربي حث على ضرورة‬
‫تضمين وثيقة التبليغ مجموعة من البيانات األساسية التي لها أهمية في بيان مصير التبليغ‪،3‬‬
‫كاألسماء الشخصية والعائلية لألشخاص أو تضمين وثيقة التبليغ يوم وساعة الجلسة أو المحكمة‬
‫المختصة‪ ،‬ما يجب اإلشارة إليه أن هذه البيانات على سبيل المثال‪ ،‬فهناك بيانات أخرى إذا‬

‫‪ 1‬يعرف بعض الفقه البطالن اإلجرائي بكونه‪" :‬تكييف قانوني لعمل يخالف نموذجه القانوني مخالفة تؤدى إلى عدم إنتاج اآلثار‬
‫التي يرتبها عليه القانون إذا كان كامال" أنظر والي فتحي‪" :‬نظرية البطالن في قانون المرافعات " منشورات الحلبي الحقوقية‬
‫‪-‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثالثة لسنة ‪.1997‬ص‪.8‬‬
‫‪ 2‬يدان يوسف‪" :‬أحكام التبليغ وفق قانون المسطرة المدنية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل مكناس موسم الجامعي ‪ ،2019/2018‬ص‪.139‬‬
‫‪ 3‬الحسين غواغ‪" :‬التبليغات القضائية بين الصحة والبطالن في المادة المدنية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‬
‫ماستر القوانين اإلجرائية المدنية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض مراكش السنة الجامعية‬
‫‪ ،2012-2011‬ص‪ 79‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫تخلفت تكون سبب في بطالن التبليغ لم نعرج على ذكرها لكونها ترتبط بشكل مباشر بالتبليغ‬
‫التقليدي دون التبليغ اإللكتروني‪.‬‬

‫باإلضافة إلى البيانات العامة المنصوص عليها في المادة ‪ 36‬المشار إليه أعاله هناك‬
‫بيانات خاصة ببعض األحكام والقرارات القضائية كما هو الحال بالنسبة لتبليغ األحكام الغيابية‪،1‬‬
‫إذ تتميز إجراءات تبليغ هذه األحكام بضرورة تنبيه الطرف المبلغ إليه في وثيقة التبليغ إلى أنه‬
‫بانقضاء األجل المذكور يسقط حقه في التعرض‪ ،‬وأي إخالل بهذا التنبيه يؤدي إلى بطالن‬
‫التبليغ‪ 2‬الذي يصير غير معتد به‪ ،‬ويصبح من حق كل ذي مصلحة التعرض على الحكم الغيابي‬
‫ولو خارج األجل ‪ ،3‬في هذا الصدد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض المغربية‪ 4‬ما يلي‪:‬‬
‫"بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 230‬من ق‪.‬م‪.‬م يجب تنبيه الطرف في وثيقة التبليغ إلى أنه‬
‫بانقضاء أجل عشرة أيام من تاريخ التبليغ يسقط حقه في التعرض‪ ،‬وأنه بالرجوع إلى نسخة‬
‫القرار الغيابي المبلغة إلى الطاعن نجدها ال تشمل على التنبيه المذكور المنصوص عليه بصيغة‬
‫الوجوب وحيث إن التنبيه المشار إليه يمس بالنظام العام‪ ،‬وال يسري وقوع أجل التعرض إال‬
‫من تاريخ وقوع التبليغ الصحيح‪ ،‬وأنه في حالة اإلخالل بهذا المقتضى فإن التبليغ يكون باطال‬
‫وال ينتج أثره في مواجهة المتعرض الذي بقي أجل التعرض مفتوحا أمامه ولو انقضى أكثر‬
‫من عشرة أيام على وقوع التبليغ الغير الصحيح‪ ،‬وأن محكمة االستئناف لما اعتبرت تبليع‬
‫القرار الغيابي صحيح رغم عدم تضمين وثيقة التبليغ اإلنذار المذكور تكون قد خرقت مقتضيات‬
‫الفصل ‪ 130‬من ق‪.‬م‪.‬م"‪ ،‬ونفس األمر يؤكده كذلك القرار الصادر حديثا عن نفس الجهة‬
‫القضائية حيث جاء فيه‪" :‬طبقا للفقرة الثانية من الفصل ‪ 130‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬يجب‬
‫تنبيه الطرف في وثيقة التبليغ إلى أنه بانقضاء األجل المذكور يسقط حقه في التعرض‪،‬‬

‫‪1‬تنص الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 130‬من ق‪.‬م‪.‬م "يجب تنبيه الطرف في وثيقة التبليغ إلى أنه بانقضاء األجل المذكور يسقط‬
‫حقه في التعرض"‪.‬‬
‫‪2‬ينضاف إلى ذلك حالة الفصل ‪ 161‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ :‬جاء في هذا الفصل " تشتمل وثيقة التبليغ على نسخة من مقال وسند الدين‬
‫واألمر باألداء وإنذار المدين بوجوب تسديد مبلغ الدين والصوائر المحددة في األمر مع إشعاره بأنه إذا كان لديه وسائل دفاع‬
‫يريد استعمالها سواء فيما يتعلق باالختصاص أو الموضوع أن من الواجب عليه أن يقدم االستئناف في ظرف ‪ 8‬أيام طبقا‬
‫للقواعد المقررة في القسم الثالث المشار إليه أعاله وإال أصبح األمر باألداء مشموال بالتنفيذ المعجل"‬
‫‪3‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪4‬قرار عدد ‪ 544‬مؤرخ في ‪ ،29/12/1986‬ملف اجتماعي عدد ‪ ،3803‬أورده عادل األكحل ومحمد الدحمان "اجراءات‬
‫التبليغ في القضايا المدنية " بحث نهاية التدريب المعهد العالي القضائية‪ ،‬الرباط السنة الدراسية ‪ ،2003-2005‬ص ‪.61‬‬
‫‪65‬‬
‫والمحكمة مصدرة القرار لما اعتبرت اإلخالل بالتنبيه في طي التبليغ موجبا لبطالن التبليغ‬
‫وبقاء أجل التعرض مفتوحا ولو انقضى أجل عشرة أيام على التبليغ غير الصحيح وصرحت‬
‫بذلك ضمنيا النظر في المقال اإلضافي‪ ،‬مادام توفر لها ما يكفي لبناء قضائها عليه‪ ،‬فإنها جعلت‬
‫فيما قضت به أساسا وعللت قرارها بما يكفي ولم تخترق المحتج به‪ ،‬وما بالوسيلة على غير‬
‫أساس"‪.1‬‬

‫ب‪-‬الطعن في التبليغ لعيب في الجهة القائمة بالتبليغ‬

‫إن وثيقة التبليغ يجب تضمينها كذلك بيانات ترتبط بعون التبليغ حتى يتسنى معرفة الجهة‬
‫القائمة بالتبليغ‪ ،‬وهل لها الصفة في ذلك أم ال؟‪ .‬لذلك نص الفصالن ‪ 38‬و ‪ 39‬على ضرورة‬
‫تضمين توقيع العون أو السلطة القائمة بالتبليغ‪ ،‬فإذا تبين أن التبليغ الذي تم إجراؤه من طرف‬
‫من ليس له الصفة فإنه يعتبر باطال على اعتبار أن الجهات المكلفة بالتبليغ محددة على سبيل‬
‫الحصر تطبيقا لمبدأ شكلية التبليغ من جهة‪ ،‬أما من جهة أخرى فإن المبلغ يعتبر مرتكبا لجريمة‬
‫التزوير في وثيقة رسمية إذ هو قام بتغير الحقيقة‪ ،‬ويعتبر مرتكبا لهذه الجريمة كل من يقوم‬
‫بتزوير محضر التبليغ بالتغيير فيه أو تقليد اإلمضاء‪ ،‬لذا يتطلب من عون التبليغ بعد توقيعه‬
‫على المحضر المعني عدم إدخال أي تغيير للمعلومات التي عمل على تضمينها إياه‪.2‬‬

‫والقضاء المغربي بدوره أكد على ضرورة القيام بالتبليغ من قبل من له الصفة إذ جاء‬
‫في قرار صادر عن محكمة النقض المغربية‪ 3‬ما يلي‪" :‬إذا كانت المادة ‪ 23‬من القانون رقم‬
‫‪ 81.03‬أعطت الحق لألطراف في استبدال المفوض القضائي في أي مرحلة من مراحل‬
‫الدعوى أو اإلجراءات‪ ،‬فإنها قيدت ذلك بإشعار كل من المفوض القضائي السابق وكتابة الضبط‬
‫وال دليل يفيد قيام المعني باألمر بذلك‪ ،‬طالما أن شواهد التسليم المدلى بها أتت ال تتضمن توقيع‬
‫المفوض القضائي المنتدب من طرف المحكمة للقيام بعملية التبليغ‪ ،‬وإنما تضمنت توقيع كاتب‬

‫‪ : 1‬القرار عدد ‪ 84‬الصادر بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪ 2021‬في الملف الشرعي عدد ‪239/2/1/2018‬‬
‫منشور في ‪ / https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموقع ‪ .2023/02/20‬على الساعة ‪ 11:16‬صباحا‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد الحق المتوكل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.107‬‬
‫‪ 3‬القرار رقم ‪ 173/4‬المؤرخ في ‪ 14‬ماي ‪ 2013‬ملف مدني رقم ‪873/1/4/2012‬‬
‫منشور في ‪ ،/https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموقع ‪ .2023/02/20‬على الساعة ‪ 11:33‬صباحا‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫عون قضائي ومفوض قضائي ال صلة لهما بملف التبليغ ومن تم فإن عملية التبليغ تبقى مخالفة‬
‫للمقتضيات المنصوص عليها في القانون المذكور ويبقى التبليغ المتمسك به باطال"‪.‬‬

‫كما أنه ال يحق للمفوض القضائي‪ 1‬أو غيره ممن سمح لهم القانون بمباشرة عملية التبليغ‬
‫القيام به خارج دائرة اختصاصه‪ ،‬وإن حدث وتم خرق هذه المقتضيات حق للمتضرر التمسك‬
‫ببطالن هذا التبليغ‪ ،2‬وهنا يمكن أن نتساءل عن إمكانية تقييد االختصاص المكاني لألشخاص‬
‫القائمة على التبليغ إذا تم االعتماد على الطريقة اإللكترونية‪ ،‬خصوصا ً أن مفهوم المكان يصبح‬
‫افتراضيا عند استعمال الوسائل اإللكترونية‪.‬‬

‫يبدو أن فكرة التقيد باالختصاص المكاني ستبدد مع استعمال وسائل االتصال عن بعد‬
‫للقيام بالتبليغ ذلك أن الجهة المكلفة بالتبليغ ال تحتاج إلى التنقل المادي بل يمكنها القيام بمهامها‬
‫وهي بمكتبها‪ ،‬أي أنها ال تحتاج الخروج من دائرة نفوذها‪ ،‬خاصة وأن البريد اإللكتروني مثال‪،‬‬
‫كعنوان ليس له مكان حقيقي مرتبط بالتراب‪ ،‬بل يمكن االطالع عليه من أية نقطة في العالم‪،‬‬
‫ونظرا لذلك فإننا نقول بأن االختصاص المكاني سيتبدد مع التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية‪،‬‬
‫وبالتالي قد وجب على المشرع أن ينتبه لذلك ويحسم في هذه النقطة من خالل مشروع قانون‬
‫المسطرة المدنية قبل خروجه حيز التنفيذ‪.3‬‬

‫ج‪-‬عدم الموافقة على اعتماد طريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي‬

‫إن االعتماد على الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي يضيف سبب آخر إلى األسباب‬
‫الموجبة لبطالن التبليغ القضائي ويتعلق األمر هنا بالتصريح بقبول اعتماد الطريقة اإللكترونية‬
‫في التبليغ القضائي على اعتباره شرطا جوهريا في عملية التبليغ‪.‬‬

‫وإن كان االتفاق على أن التصريح بقبول اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي‬
‫مسألة ضرورية إال أن القضاء الفرنسي اختلف حول القبول الصريح والقبول الضمني وفي‬

‫‪1‬جاء في المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 81.03‬المتعلق بمهنة المفوضين القضائيين "تحدث بدوائر المحاكم االبتدائية مكاتب‬
‫المفوضين القضائيين للقيام بالمهام المنوطة بهم طبقا هذا القانون أمام مختلف المحاكم المملكة "‪.‬‬
‫‪ 2‬يدان يوسف‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.146‬‬
‫‪ 3‬هشام بوحماد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪67‬‬
‫هذا السياق اعتبرت محكمة االستئناف تولوز‪ 1‬أنه ال يعتد بالقبول الضمني العتماد الطريقة‬
‫اإللكترونية في التبليغ‪ ،‬وانما يعتد بالقبول الصريح‪.‬‬

‫في حين اعتبرت محكمة االستئناف بنيم‪ 2‬في قرار صادر عنها أن انتساب المحامي إلى‬
‫شبكة المحامين الخاصة االفتراضية (‪ )RPVA‬يعد بمثابة موافقة على اعتماد الطريقة‬
‫اإللكترونية في التبليغ وبالتالي ال يتطلب ذلك الموافقة الصريحة المنصوص عليها في المادة‬
‫التي‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 1-748‬من قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬ونفس التوجه ذهبت محكمة االستئناف بوردو‬
‫أكدت هي األخرى على أن انتساب المحامي إلى شبكة المحامين الخاصة االفتراضية‬
‫)‪ )RPVA‬يعتبر بمثابة موافقة على اعتماد الطريقة اإللكترونية وبالتالي ليس بضروري القبول‬
‫الصريح لتوجيه اإلجراءات بطريقة إلكترونية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مدى اعتبار الطعن في إجراءات التبليغ من النظام العام‬

‫يعتبر التبليغ الوسيلة اإلجرائية‪ ،‬والمفتاح الذي يتحقق بواسطته علم أطراف النزاع‪ ،‬لذلك‬
‫فسالمة اإلجراءات هو إقرار وحماية لمصالح هؤالء واإلخالل بأي مقتضي من مقتضياتها هو‬
‫مس بحق من حقوق الدفاع لذا فلحسن سير العدالة فإن األمر يقتضي تدخل الجهاز القضائي‬
‫لبسط رقابته باعتباره الضامن لحقوقهم‪ 4‬مما يطرح معه التساؤل حول مدى اعتبار التبليغ من‬
‫النظام العام‪.‬‬

‫من خالل االطالع على نصوص ق‪.‬م‪.‬م المغربي لم يتضمن أي نص صريح يقر أو ينفي‬
‫ارتباط الطعن في إجراءات التبليغ بالنظام العام‪ ،‬عكس بعض التشريعات التي سمحت للمحكمة‬
‫إذا تبين لها أن مسطرة التبليغ يشوبها عيب يبرر بطالنه فال ينبغي أن تتردد في تأجيل الدعوى‬
‫وإعادة التبليغ وفق ما هو مرسوم قانونا‪ ،‬و هذا ما عبر عنه المشرع المصري في المادة ‪85‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪Cour Toulouse.4 Décembre 2012.N-12-04955.‬‬


‫أودرته مايا مصطفى فوالدكادر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.194‬‬
‫‪2 Cour Nîmes, 4 décembre 2012, 11/05606, publié au Légifrance . la date de la visite du‬‬

‫‪site 02/01/2023.‬‬
‫‪3 Cour Bordeaux, 1 mars 2013, 12/07142, publié au Légifrance. la date de la visite du‬‬

‫‪site 02/01/2023.‬‬
‫‪ 4‬عبد الحق المتوكل‪ .‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪68‬‬
‫من قانون المرافعات بنصه على أنه "إذا تبينت المحكمة عند غياب المدعى عليه بطالن إعالنه‬
‫بالصحيفة وجب عليها تأجيل القضية إلى جلسة تالية يعلن لها إعالنا ً صحيحا بواسطة خصمه"‪،‬‬
‫يعد هذا تجسيد لمبدأ المواجهة بين الطرفين‪.1‬‬

‫وفي هذا الصدد يرى جانب من الفقه‪ :2‬أن البطالن المقرر بموجب القانون اإلجرائي‬
‫المغربي نتيجة مخالفة حكم من األحكام يعتبر من النظام العام‪ ،‬وبالنتيجة يتعين على المحكمة‬
‫التصريح بالبطالن من تلقاء نفسها‪ ،‬ولو لم يثار من طرف من له مصلحة في ذلك وال يشترط‬
‫‪3‬‬
‫في ذلك أن يكون لحقه ضرر من جراء ذلك‪ ،‬وعلى عكس من ذلك يرى جانب آخر من الفقه‬
‫أن المشرع المغربي يأخذ بالقاعدة العامة القائلة بأن بطالن التبليغ ليس من قبيل النظام العام‪،‬‬
‫فقد أخضعه لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل ‪ 49‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬التي لم تستثني الدفع ببطالن‬
‫التبليغ كدفع شكلي من قاعدة وجوب الدفع بالبطالن اإلجرائي إذا ما تضررت مصالح األطراف‬
‫قبل كل دفاع‪ ،‬في نفس التوجه هناك رأي آخر‪ 4‬قائل بأن مخالفة إجراء من اإلجراءات المتحدث‬
‫عنها ليس من النظام العام‪ ،‬وبذلك يجب على من يريد التمسك به أن يثيره مع إثبات الضرر‬
‫الذي أصابه‪ ،‬وأن محكمة الطعن وحدها التي يمكن أن تحكم ببطالن التبليغ بصفة تلقائية بصدد‬
‫مراقبة آجال الطعن ألن تلك المراقبة تتعلق باإلجراءات الشكلية األساسية لقانون المسطرة‬
‫المدنية مما يقتضي التأكد من صحة التبليغ باعتباره منطلقا الحتساب آجال الطعن التي تعتبر‬
‫من النظام العام فاألمر المتعلق بالنظام العام في هذه الحالة هو آجال الطعن وليس التبليغ‪.‬‬

‫القضاء بدوره يؤكد على أن التبليغ ليس من النظام العام‪ ،‬إذ جاء في قرار صادر عن‬
‫محكمة النقض‪ 5‬في إطار ردها على الطاعن الذي عاب على القرار المطعون فيه بخرق الفصل‬
‫الثالث من قانون المسطرة المدنية إذ جاء في القرار"‪ ...‬حقا حيث إن محكمة االستئناف كدرجة‬
‫ثانية للتقاضي يقتصر نظرها على ما تناوله أسباب االستئناف من طلبات وال يجوز لها أن‬

‫‪1‬لحسن بوقين‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.269.‬‬


‫‪2‬عبد هللا العبدوني‪" :‬مسطرة بطالن إجراءات التبليغ في ضوء العمل القضائي"‪ ،‬مقال منشور في مجلة كتابة الضبط‪ ،‬العدد‬
‫مزدوج ‪ ،4/5‬ص‪.21‬‬
‫‪3‬محمد بفقير‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫‪4‬لحسن بوقين‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.275‬‬
‫‪5‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 27/07/83‬تحت عدد ‪ 1345‬في الملف المدني عدد ‪ 92404‬مشور بمجلة المحاكم‬
‫المغربية عدد ‪ 31‬ص ‪ 51‬وما يليها‪ .‬أورده محمد بفقير م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.277‬‬
‫‪69‬‬
‫تفصل في طلبات لم تطرح عليها من خالل مقال االستئناف إال ما كان له مساس بالنظام العام‬
‫وأنه بالرجوع إلى مقال االستئناف فإنه ينص على أن المطلوب في النقض لم يناقش السبب‬
‫الرئيسي الذي بني عليه طلب اإلفراغ وهو احتالله بدون حق وال سند لكونه لم يقم باستئناف‬
‫الحكم القاضي بصحة التنبيه باإلخالء و لم يناقش كونه لم يبلغ بالحكم المذكور لذلك فإن محكمة‬
‫االستئناف حينما بنت قرارها المطعون فيه على أن التبليغ الوارد في الحكم المبني عليه اإلفراغ‬
‫غير قانوني وغير منتج آلثاره القانونية تكون قد بنت خارج ما طرح عليها من خالل مقال‬
‫االستئناف و خرقت الفصل المحتج به األمر الذي يعرض قرارها للنقض"‪.‬‬

‫من وجهة نظري يمكن القول أنه إذا ما تم اإلقرار بأن التبليغ من النظام العام فإن ذلك‬
‫يؤدي حتما إلى إعفاء المتمسك ببطالن إجراءات التبليغ من إثبات الضرر وهو ما يخالف‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 49‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي يشترط وجود ضرر للمتمسك ببطالنه هذا من جهة‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن اإلقرار بكون مسطرة التبليغ من النظام العام يؤدي حتما إلى وجوب إثارة‬
‫بطالن التبليغ من قبل المحكمة ألي إغفال في مسطرة التبليغ وهذا يؤدي إلى كثرة اإللغاءات‬
‫لعملية التبليغ عندها تصبح مسطرة التبليغ وسيلة لعرقلة القضاء‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬المحكمة المختصة في الطعن في صحة التبليغ‬

‫حتى تكتمل األركان العامة للطعن في إجراءات التبليغ فمن المفروض معرفة الوجهة‬
‫القضائية التي يجب على المضرور ممارسة هذا الطعن أمامها‪ ،‬متجاوزا بذلك الدفع بعدم‬
‫االختصاص الذي يمكن أن تثيره المحكمة لكون النزاع ال يدخل ضمن اختصاصاتها النوعية‬
‫وقد كانت والزالت هذه اإلشكالية –إشكالية االختصاص‪-‬موضوع تساؤل في أواسط الفقه‬
‫والقضاء بمعنى هل الطعن في إجراءات التبليغ يتطلب رفع دعوى أصلية أمام المحكمة‬
‫االبتدائية مصدرة الحكم؟ أم أن األمر ال يتطلب ذلك ويقتصر االختصاص على محكمة‬
‫االستئناف باعتبار هذا اإلجراء من بين الدفوعات التي يتطلب إثارتها أمام محكمة االستئناف؟‬

‫‪70‬‬
‫من جهة ثانية المخاطب باإلجراء قد ال يقتصر عند المطالبة ببطالن الحكم أو اإلنذار‬
‫موضوع التبليغ بل قد يتعدى ذلك بادعائه زورية وثيقة التبليغ‪.1‬‬

‫لإلجابة عن التساؤالت المثارة أعاله سنحاول التطرق إلى الجهة المختصة بالطعن في إجراءات‬
‫التبليغ (أوال)‪ ،‬على أن نتطرق إلى المحكمة المختصة بالنظر في زورية وثيقة التبليغ (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجهة المختصة بالطعن في إجراءات التبليغ‬

‫بما أن مسطرة التبليغ من اإلجراءات المسطرية الشكلية‪ ،‬فإن اإلخالل بالمقتضيات القانونية‬
‫الواجبة اإلعمال يوجب الطعن فيها‪ ،‬في هذا الصدد نصت المادة ‪ 49‬من ق‪.‬م‪.‬م على أنه‪" :‬‬
‫يجب أن يثار في آن واحد وقبل كل دفاع في الجوهر الدفع بإحالة الدعوى على محكمة أخرى‬
‫لتقديمها أمام محكمتين مختلفتين أو الرتباط الدعوتين والدفع بعدم القبول وإال كان الدفعان غير‬
‫مقبولين‪.‬‬

‫يسري نفس الحكم بالنسبة لحاالت البطالن واالختالالت الشكلية والمسطرية التي ال تقبلها‬
‫المحكمة إال إذا كانت مصالح الطرف قد تضررت فعال "‪.‬‬

‫يتضح من خالل هذه المادة أن األصل في الطعن في صحة إجراءات التبليغ أن يتم عن‬
‫طريق دفع شكلي أمام المحكمة‪ ،‬ويجب أن يقدم هذا الدفع قبل مناقشة الجوهر مع إثبات الضرر‬
‫تحت طائلة عدم قبوله‪ ،‬ألن سكوت المعني باألمر عن إثارتها قبل أي دفع أو دفاع يعد بمثابة‬
‫تنازل عنها‪ ،‬ويرى أحد الفقه المغربي‪ 2‬أن هذا األمر موافقا للمنطق السليم‪ ،‬إذ ال يستساغ اإلبقاء‬
‫على إثارة مثل هذه الدفوع في كل مراحل الدعوى ألن من شان ذلك تأخير الفصل في الدعوى‪.‬‬

‫يمكن أن نستخلص من خالل ما سبق أن الطعن في التبليغ يمكن أن يتقدم به من له مصلحة‬


‫أمام المحكمة كدفع شكلي‪ ،‬سواء أمام محكمة االبتدائية‪ ،‬أو أمام محكمة االستئناف في حالة نشر‬

‫‪1‬عبد الحق المتوكل‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.109‬‬


‫‪2‬عبد الكريم طالب‪ :‬م‪..‬س‪.‬ص‪.224.‬‬
‫‪71‬‬
‫الدعوى أمام هذه األخيرة‪ ،‬كما يمكن الطعن في التبليغ أمام محكمة النقض باعتبارها محكمة‬
‫قانون تراقب عملية التبليغ‪.1‬‬

‫إال أنه في كثير من األحيان ما يلجأ الطاعن باالستئناف إلى تقديم دعوى مستقلة أمام المحكمة‬
‫االبتدائية الرامية إلى بطالن تبليغ الحكم االبتدائي‪ ،‬ملتمسا في ذات الوقت من محكمة االستئناف‬
‫بعد إدالءه بنسخة من مقال دعوى بطالن التبليغ إلى إيقاف البت في الدعوى إلى حين بت‬
‫المحكمة االبتدائية في دعوى البطالن‪.2‬‬

‫بالرجوع إلى النصوص القانونية نجد أن المشرع ال يمنع صراحة من له مصلحة في‬
‫الطعن ببطالن تبليغ الحكم القضائي قصد فتح أجل االستئناف بالمبادرة إلى رفع دعوى مستقلة‬
‫أمام المحكمة االبتدائية الرامية إلى بطالن تبليغ الحكم االبتدائي عوض الدفع بذلك أمام محكمة‬
‫االستئناف التي تنظر في استئنافه‪ ،‬ويرى األستاذ نور الدين البريس‪ 3‬أن ذلك ال يمكن أن‬
‫نستخلص منه أن المشرع يؤيد نظرية الخيار التي تسمح لمن له الحق في الطعن ببطالن تبليغ‬
‫الحكم القضائي بين اللجوء إلى المحكمة االبتدائية أو إثارة الدفع المذكور أمام محكمة االستئناف‬
‫أثناء النظر في استئنافه‪ .‬هناك جانب من الفقه يرى‪ 4‬أن االستئناف ينشر الدعوى من جديد‪،‬‬
‫وأن محكمة االستئناف هي التي لها صالحية النظر في صحة أو بطالن تبليغ االستدعاء أو‬
‫اإلنذار أو الحكم المؤسس عليهما المنشور أمامها ألنها محكمة األصل ومحكمة األصل هي‬
‫محكمة الفرع‪.‬‬

‫أما بخصوص العمل القضائي المغربي نجد مسألة تحديد الجهة المختصة بالبت في بطالن‬
‫إجراءات التبليغ شكلت نقطة تباين في العمل القضائي ويرجع السبب في إثارة هذه االختالفات‬
‫إلى الطاعن الذي يتقدم تارة بدعواه إلى المحاكم االبتدائية وتارة أخرى إلى محاكم االستئناف‪.‬‬
‫إذ جاء في أحد قرارات محكمة النقض المغربية في إطار ردها على الطاعن الذي عاب على‬
‫القرار ينقصان التعليل الموازي النعدامه وتحريف الوقائع ذلك أن الطاعن نفى نفيا قاطعا‬

‫‪1‬عبد العالي العضراوي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪ 33‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪2‬محمد بفقير‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.231‬‬
‫‪3‬نور الدين لبريس‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.167‬‬
‫‪4‬عبد العالي العضراوي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫‪72‬‬
‫توصله بأية رسالة مضمونة تحمل رقم ‪ 743‬من طرف البريد أو وقع على أية وثيقة من‬
‫مصلحة البريد وطلب من المحكمة إيقاف البت في النازلة إلى حين البت في دعوى إبطال‬
‫التبليغ التي تقدم بها‪ ،‬وأن المحكمة حرفت الوقائع واعتبرت أن الطاعن التمس منها إجراء بحث‬
‫مع موظف البريد فيما يخص الرسالة المضمونة‪ ،‬مما عرضت قرارها للنقض‪.‬‬

‫حيث يتجلى من مذكرة التعقيب المؤرخة في ‪ 25/10/90‬والتي تتضمن وحدها جواب‬


‫الطاعن عن الدفع بعدم قبول االستئناف أن هذا األخير لم يطلب فيها إال إيقاف البت في النازلة‬
‫إلى حين البت في دعوى إبطال التبليغ وأن محكمة االستئناف التي كان عليها بناءا على ذلك‬
‫االطالع على ملف التبليغ واتخاذ اإلجراءات القانونية للبت في الدفع بعدم قبول االستئناف على‬
‫ضوء التعقيب المذكور‪ ،‬اعتبرت وعن خطأ أن طلب الطاعن يرمي إلى إجراء بحث مع موظف‬
‫البريد وبنت قضاءها باعتبار التبليغ واقعا بصفة صحيحة على هذا التحريف‪ ،‬مما كان معه‬
‫قرارها فاسد التعليل الموازي النعدامه وبالتالي معرضا للنقض"‪ .1‬كما جاء في قرار آخر‬
‫صادر عن محكمة النقض المغربية‪ 2‬ما يلي‪" :‬حيث يعيب الطاعن على القرار خرق الفصل‬
‫‪ 38‬من ق‪.‬م‪.‬م وانعدام التعليل‪ ،‬ذلك أنه اعتبر (أن تبليغ الحكم االبتدائي عدد ‪ 90/07‬حسب‬
‫ملف التبليغ عدد ‪ 299/08‬تم بالعنوان الذي يقطنه الطاعن وأن التبليغ كان لشخص يقيم معه‬
‫ومن أقاربه باعتباره أخ المبلغ إليه الذي رفض التوقيع)‪ ،‬في حين أن المفوض القضائي الذي‬
‫قام بالتبليغ لم يتحقق من هوية الشخص الذي رفض التوقيع بأية وسيلة من الوسائل التي تفيد‬
‫إثبات الهوية كما لم يتحقق من أن المسمى محمد (ز) الذي ادعى أنه أخ الطاعن و يقيم معه‬
‫بمنزله‪ ،‬كما أن التبليغ لم يتم بمقر سكنى الطاعن على اعتبار أن العنوان المضمن بالمقال‬
‫االفتتاحي والمقال االستئنافي يشمل مجموعة من ساكنة الدوار‪ ،‬وأن المبلغ إليه الذي رفض‬
‫التوقيع ال يسكن مع الطاعن‪.‬‬

‫‪1‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 12/07/95‬تحت عدد ‪ 3854‬في الملف المدني عدد ‪ 2661/93‬منشور بمجلة قضاء‬
‫المجلس األعلى عدد ‪ 49‬و ‪ 50‬ص ‪ 72‬وما يليها أورده محمد بفقير‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.299‬‬
‫‪ 2‬قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 27/03/12‬تحت عدد ‪ 1622‬في الملف عدد ‪ 1948/11‬منشور بمجلة قضاء‬
‫محكمة النقض عدد ‪ ،75‬ص ‪ 47‬وما يليها‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫لكن‪ ،‬حيث إن غاية الطعن في التبليغ هو أن يكون الطعن في الحكم داخل أجله‪ ،‬وبذلك فإن‬
‫الجهة التي يمكنها أن تنظر في مثل هذه الدعوى هي التي تنظر في االستئناف أو التعرض‪ ،‬ما‬
‫دام أن تبليغ األحكام القضائية الصادرة عن قضاء الموضوع في إطار الفصول ‪ 54‬و ‪349‬‬
‫من ق‪.‬م‪.‬م مقرر من أجل انطالق وحساب آجال الطعون التي نص القانون على إمكانية‬
‫ممارستها‪ ،‬وبذلك فال مجال لمناقشة عدم صحة تبليغ الحكم إال من أجل التمسك بكون الطعن‬
‫في الحكم (بالتعرض أو االستئناف أو النقض) لم يكن خارج أجله‪ ،‬وما دام الطعن في الحكم لم‬
‫يمارس فال مصلحة من الطعن في إجراءات تبليغه‪ ،‬وبهذه العلة القانونية المحضة المستمدة من‬
‫الفصول ‪ 1‬و ‪ 54‬و ‪ 134‬و ‪ 358‬و ‪ 349‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬تعوض محكمة النقض العلة المنتقدة‬
‫والخاطئة بالوسيلة مما يكون معه منطوق القرار معلال والوسيلة على غير أساس"‪.‬‬

‫إال محكمة النقض المغربية لم تستقر على نفس الموقف بل ذهبت في قرار آخر تاصادر‬
‫عنها‪ ،‬إلى أن " محكمة االستئناف هي المختصة بالنظر في الدفع ببطالن التبليغ مادام النزاع‬
‫نشر برمته أمامها ألن المتفق عليه فقها وقضاءا عدم جواز ايقاف محكمة االستئناف البت في‬
‫الطعن بسبب رفع دعوى ترمي إلى بطالن التبليغ"‪ .1‬ونفس التوجه ذهبت إليه محكمة النقض‬
‫المغربية‪ 2‬في قرار آخر لها حيث جاء فيه ما يلي‪" :‬جواب محكمة االستئناف عن دفع المكتري‬
‫الرامي إلى عدم قانونية تبليغه باإلنذار باألداء والفسخ استنادا إلى قاعدة (قاضي الدفع قاضي‬
‫الموضوع) التي تخول لها الصالحية للبت في الدفع المذكور‪ ،‬وبالتالي لم تكن في حاجة‬
‫لالستجابة للطلب الرامي إلى إيقاف البت في النازلة إلى حين البت في دعوى بطالن إجراءات‬
‫التبليغ بما يعتبر رفضا ضمنيا للطلب المذكور"‪.‬‬

‫من وجهة نظري أرى أن إمكانية رفع دعوى مستقلة أمام المحكمة اإلبتدائية رامية إلى‬
‫بطالن التبليغ من شأنها إطالة أمد الخصومة‪ ،‬وبالتالي من صواب تحديد جهة المختصة في‬
‫المحكمة المعروض عليها النزاع‪.‬‬

‫‪1‬قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2012/2/23‬تحت عدد ‪ 183‬في ملف تجاري عدد ‪ 11/2/3/654‬أورده محمد‬
‫بفقير‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.300‬‬
‫‪2‬القرار عدد ‪163‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬مارس ‪ 2014‬في الملف التجاري عدد ‪.1145/3/2/2013‬‬
‫منشور في ‪ ./https://juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموقع ‪ 2023/05/21‬على الساعة ‪ 11:10‬صباحا‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫ثانيا‪ :‬المحكمة المختصة في طعن بزورية وثائق التبليغ‬

‫باعتبار وثيقة التبليغ من المحررات الرسمية التي ال يمكن الطعن فيها إال بالزور‪ ،‬فإن‬
‫المدعي بزوريتها يتوجب عليه الطعن أمام الجهة المختصة وهو يملك االختيار بين أحد طرق‬
‫التالية‪:‬‬

‫اختيار المعني باإلجراء عرض دعواه على المحكمة الزجرية في إطار ما يسمى بالدعوى‬
‫العمومية‪ ،‬وتطبيقها لقاعدة الجنائي يعقل المدني‪ 1‬فإن بت المحكمة المدنية في صحة التبليغ من‬
‫عدمه متوقف عما انتهت إليه الدعوى العمومية التي تنظر في زورية نفس المحرر‪ ،‬لتصبح إذا‬
‫قاعدة قاضي الدفع هو قاضي الموضوع غير منتجة ألي أثر‪ .2‬إذ يقضي الفصل ‪ 102‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م بأنه‪" :‬إذا رفعت إلى المحكمة الزجرية دعوى أصلية بالزور مستقلة عن دعوى الزور‬
‫الفرعي فإن المحكمة توقف البت في المدني إلى أن يصدر حكم"‪.‬‬

‫إلى جانب دعوى الزور األصلية يمكن للمعني باألمر سلوك دعوى أخرى أطلق عليها‬
‫المشرع المغربي دعوى الزور الفرعي من أجل الطعن بالزور في وثيقة التبليغ‪ ،‬وقد تطرق‬
‫إليها المشرع المغربي في الفصول ‪ 92‬إلى ‪ 102‬من ق‪.‬م‪.‬م في الشق المتعلق بإجراءات تحقيق‬
‫الدعوى أمام المحكمة االبتدائية والمسطرة ذاتها أحالت عليها مقتضيات الفصل ‪ 136‬من ق‪.‬م‪.‬م‬
‫حينما يتعلق األمر بالطعن بالزور أمام محكمة االستئناف‪ ،‬في حين تم تنظيم هذه المسطرة‬
‫بمقتضيات خاصة أمام محكمة النقض‪ ،‬وإذا كان المشرع لم يشر صراحة إلى إمكانية سلوك‬
‫دعوى الزور الفرعي عندما يتعلق األمر بالوثائق الرسمية كشهادة التسليم فإن القضاء أقر هذه‬
‫اإلمكانية‪ ،‬حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض‪ 3‬ما يلي‪" :‬بصرف النظر عن طلب الزور‬
‫الفرعي من طرف المحكمة بعلة "إن شهادة التسليم هي وثيقة رسمية وال يمكن الطعن فيها إال‬

‫‪1‬وتجدر اإلشارة أن إعمال قاعدة الجنائي يعقل المدني بخصوص الدفع ببطالن التبليغ المثار أمام المحكمة المدنية متوقف على‬
‫شريط أساسي‪ ،‬يتمثل في كون الطعن بالزور في صحة إجراءات التبليغ يجب أن يكون منتجا في الدفع المنار أمام المحكمة‬
‫المدنية‪ ،‬أما إذا كان غير منتج‪ ،‬كما إذا كان التبليغ في أساسه غير نظامي أو شاب إجراءاته عيبا يؤدي إلى بطالنه دون حاجة‬
‫إلى الطعن فيه بالزور أو كان الطعن أو الدعوى مرفوعين خالل األجل غير القانوني‪ ،‬فإن المحكمة المدنية ال تتقيد بدعوى‬
‫الزور العمومية وإنما تتصدى للدفع وتفصيل فيه وفق القانون ‪:‬راجع الحسن بوقين ‪.‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪2‬عبد الحق المتوكل‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪3‬القرار عدد ‪ 108‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪ 2014‬في الملف التجاري عدد ‪ ،2012/1/3/572‬منشور في نشرة قرارات‬
‫محكمة النقض الغرفة التجارية العدد ‪ 17‬سنة ‪ ،2014‬ص ‪.173‬‬
‫‪75‬‬
‫عن طريق دعوى زور أصلية" دون مراعاة أن دعوى الزور الفرعي هي وسيلة خول‬
‫بمقتضاها الفصل ‪ 92‬من ق‪.‬م‪.‬م ألحد األطراف إمكانية الطعن أثناء سريان الدعوى في أحد‬
‫المستندات التي يدلي بها خصمه ويرى أنها مزورة دون تمييز بين الوثائق الرسمية أو العرفية‪،‬‬
‫وإن أقيمت إلى جانبها دعوى أصلية بالزور أمام المحكمة الزجرية فإنه يتوجب على القضاء‬
‫المدني أن يؤجل النظر في دعوى الزور الفرعي إلى أن تصدر المحكمة الزجرية حكمها كما‬
‫ينص على ذلك الفصل ‪ 102‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬فتكون بمنحاها المذكور قد خرقت الفصل ‪ 92‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م الذي ليس من بين مقتضياته ما ينص على أن الوثائق الرسمية غير خاضعة للطعن‬
‫بالزور الفرعي"‪ ،‬وفي نفس التوجه ذهبت من خالل قرار آخر لها حيث جاء فيه ما يلي‪" :‬إن‬
‫المحكمة مصدرة القرار المطع ون فيه لما بتت فيما كان معروضا عليها‪ ،‬وال يوجد أي نص‬
‫قانوني يلزمها برفع اليد عن النزاع لعرضه على جهة قضائية أخرى‪ ،‬مادام أن الفصل ‪ 92‬من‬
‫ق م م‪ ،‬يعطي الصالحية للبت في دعوى الزور الفرعي للجهة القضائية المعروض عليها‬
‫النزاع بغض النظر عن أنها بتت بصفة استعجالية أو في الموضوع‪ ،‬ونفس الشيء يصدق على‬
‫المخول لها قانونا‪ ،‬والوسيلة على غير‬
‫ّ‬ ‫المنازعات في التبليغ فإنها لم تتجاوز االختصاص‬
‫أساس"‪.1‬‬

‫وتطبيقا لهذه المسطرة فإن ثبوت الزور الفرعي يلزم المحكمة بضرورة إحالة الملف على‬
‫النيابة العامة من أجل متابعة الجريمة مرتكبة بالنظر لخطورة الفعل اإلجرامي وهو ما أكده‬
‫القضاء المغربي حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض‪" 2‬لما اعتبرت المحكمة أن األمر‬
‫يتعلق بدعوى الزور الفرعي‪ ،‬وقررت على إثر ذلك الحكم برفضها وإيقاف البت في الدعوى‬
‫األصلية إلى حين صيرورة قرارها في جانبه المتعلق بالزور الفرعي باتا ولم تقم بإحالة الملف‬
‫على النيابة العامة لوضع مستنتجاتها‪ ،‬يكون قرارها خارقا للقانون"‪.‬‬

‫‪1‬القرار عدد ‪ 83‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬فبراير ‪ 2021‬في الملف التجاري عدد ‪3/1/2019/828‬‬
‫منشور في ‪ ./juriscassation.cspj.ma‬تاريخ زيارة الموقع ‪ 2023/05/21‬على الساعة ‪ 9:50‬صباحا‪.‬‬
‫‪2‬قرار عدد ‪ 9‬الصادر بتاريخ ‪ 8‬يناير ‪ 2015‬في الملف التجاري عدد‪،2012/1/3/1559‬‬
‫منشور في نشرة قرارات محكمة النقض الغرفة التجارية العدد ‪ 23‬سنة ‪ ،2015‬ص ‪.141‬‬
‫‪76‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬آثار التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية على منظومة العدالة‬
‫ومعيقاته‬
‫أوصت الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصالح منظومة العدالة على تبني الرقمنة من‬
‫خالل تقوية البنية التكنولوجية لإلدارة القضائية‪ ،‬وكذا تعديل النصوص القانونية المرتبطة‬
‫بالمساطر التي يمكن مباشرتها إلكترونيا لتسهيل خدمة المتقاضين وكل المتدخلين في مجال‬
‫العدالة إذ يتعلق الهدف الرئيسي السادس من ميثاق إصالح منظومة العدالة بتحديث اإلدارة‬
‫القضائية وتعزيز حكامتها اذ جاء فيه‪" :‬تقتضي عصرنة أساليب اإلدارة القضائية معالجة‬
‫جوانب هيكلية وتنظيمية‪ ،‬في هذه اإلدارة‪ ،‬تمكنها من تسهيل أداء القضاء لمهمته على الوجه‬
‫األكمل‪ ،‬وتلبية حاجيات المواطنين بنجاعة وفعالية‪.‬‬

‫ولبلوغ هذا الهدف يتعين النهوض بالبنية التحتية للمحاكم لتوفير ظروف مالئمة للعمل‬
‫واالستقبال وتحديث أساليب اإلدارة القضائية‪ ،‬بما يكفل عقلنة تدبير مواردها البشرية والمادية‪،‬‬
‫واالرتقاء بأدائها‪ ،‬مع ارتكازها على استخدام التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬كخيار استراتيجي من أجل‬
‫تحقيق العدالة الرقمية‪ ،‬والحوسبة الشاملة لإلجراءات والمساطر القضائية‪ ،‬وضمان االنخراط‬
‫كل مكونات اإلدارة القضائية في التطوير النوعي لخدمات منظومة العدالة"‪.‬‬

‫فاعتماد التكنولوجيا الحديثة في إجراءات التبليغ كصورة من صور عصرنة اإلدارة‬


‫القضائية من شأنه أن يساهم ولو بشكل نسبي في تحقيق األهداف المشار إليها أعاله (المطلب‬
‫األول) غير أن تحقيق ذلك لم ولن يكون بأمر يسير نظرا لما قد يواجه الطريقة اإللكترونية في‬
‫التبليغ من تحديات (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬آثار التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية على منظومة العدالة‬
‫يعد ضمان الوصول إلى عدالة جيدة المرتكز األساس لجميع الدول‪ ،‬ومن أجل ذلك تسعى‬
‫كل الدول لتنظيم اللجوء إلى العدالة‪ ،‬والعمل على إصالح وتحديث إدارتها تدبيرا وتسييرا‬
‫والمراجعة الدورية لركائزها األساسية خاصة منها المادية واللوجستيكية‪ ،‬ويعد التحول الرقمي‬
‫من أبرز األليات التي راهنت عليها كل دول العالم بصفة عامة والمغرب بصفة خاصة‪ ،‬وذلك‬

‫‪77‬‬
‫من أجل إدخال وسائل االتصال الحديثة في إجراءات التقاضي لما لهذه الوسائل المتاحة من‬
‫آثار إيجابية على منظومة العدالة‪ ،‬ويري األستاذ حسن الرحية‪ 1‬أن تقنيات االتصال الحديثة‬
‫تهدف إلى تطوير خدمات المتقاضين بدءا ً من سرعة المعامالت وتقليل المدة الزمنية بين‬
‫الجلسات للمحاكمة والبت في أجل معقول وهذا يذهب بنا فيما الريب فيه لشك بأن اعتماد هذه‬
‫التقنيات سيسهم بشكل واضح في تقليل األعباء المادية على أطراف الدعوى‪.‬‬

‫وعليه سنتطرق إلى آثار التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية من خالل ترشيد الزمن‬
‫القضائي (الفقرة األولى)‪ ،‬وتقريب القضاء من المواطن (الفقرة الثانية) باإلضافة إلى تحقيق‬
‫النجاعة القضائية (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دور التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية في ترشيد الزمن القضائي‬

‫يحتل مفهوم الزمن القضائي‪ 2‬أهمية بالغة ضمن الحقل المعرفي للقانون‪ ،‬فالمحاكمة العادلة‬
‫بما تحمله من حقوق للمتقاضين يجب البت فيها في زمن معقول‪ ،‬وإال سينتج عن اإلخالل بذلك‬
‫أ ضرارا جسيمة بحقوق المتقاضين‪ ،‬والحال أن منطق تدبير الزمن القضائي يجد أساسا قانونيا‬
‫باإلعالنات واالتفاقيات الدولية واإلقليمية والتي نصت على أهمية إجراء المحاكمة في زمن‬
‫معقول‪ ،‬أما على المستوى الوطني نجد الفصل ‪120‬من الدستور‪ 3‬أكد على أن إصدار األحكام‬
‫القضائية داخل أجل معقول حقا من حقوق المتقاضين‪ .4‬وأيضا الرسالة الملكية الموجهة إلى‬
‫المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة بمراكش والتي جاء فيها‪" :‬ندعو الستثمار‬
‫ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬وتبني‬
‫خيار تعزيز وتعميم المادية اإلجراءات والمساطر القانونية والقضائية‪ ،‬والتقاضي عن بعد‬

‫‪1‬مداخلة األستاذ حسن الرحية‪ :‬في الندوة الوطنية عن بعد بعنوان‪" :‬األمن القانوني والقضائي في ظل حالة طوارئ الصحية‬
‫بالمغرب" المنظمة من قبل المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية ومجلة القانون واألعمال الدولية يوم السبت‬
‫‪16‬ماي ‪.2020‬‬
‫‪2‬يقصد بالزمن القضائي ذلك األمد الذي تستغرقه الخصومة القضائية والذي يمتد من تاريخ تقييدها في السجالت الرسمية‬
‫للمحكمة وإلى غاية استيفاء الحق المحكوم به من خالل مسطرة التنفيذ راجع بهذا الخصوص يونس الرياحي‪" :‬العدالة الرقمية‬
‫وعدم هدر الزمن القضائي"‪ ،‬مقال منشور في مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية عدد‪ 12‬فبراير ‪ 2021‬ص ‪.360‬‬
‫‪3‬ينص الفصل ‪ 120‬من الدستور المغربي على أنه‪" :‬لكل شخص الحق في محاكمة عادلة‪ ،‬وفي حكم يصدر داخل أجل‬
‫معقول‪."...‬‬
‫‪ 4‬هشام الراشدي‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪ 317‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة وذلك انسجاما مع متطلبات منازعات‬
‫المال واألعمال مع الحرص على تقعيدها قانونيا‪ ،‬وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في‬
‫ورش التحول الرقمي"‪.1‬‬

‫ال شك أن تكنولوجيا المعلومات وثورة االتصاالت الهائلة التي شهدها العالم مؤخرا انعكست‬
‫على مناحي الحياة كافة‪ ،‬ولم يكن القضاء وإجراءاته بمنأى عن هذه الثورة والطفرة الكبيرة‪،‬‬
‫ومن ثم تطوير القضاء تحويله إلى التقنيات اإللكترونية‪ ،‬فحلت نظم الدعاوى المعلوميات‬
‫واالتصاالت محل اآلليات التقليدية التي اعتاد المتخاصمون القيام بها لتحريك ورفع ومباشرة‬
‫أمام المحاكم المختصة‪ ،‬ومتابعة ما يستجد فيها من قرارات أو إجراءات قضائية حتى صدور‬
‫الحكم والطعن فيه بل حتى مباشرة إجراءات تنفيذه‪.‬‬

‫فتحل الوسائل اإللكترونية محل الوثائق والمستندات الورقية‪ ،‬وهو األمر الذي يتيح سرعة‬
‫الوصول إلى المعلومات واسترجاعها والربط بينها من خالل إدارة األداء في مرفق العدالة‪،‬‬
‫وال شك أنها وسيلة فعالة إلدارة الوقت من ثم فإن هذه المنظومة القضائية اإللكترونية تُعد‬
‫صياغة أو هيكلة جديدة لإلجراءات القضائية‪ ،‬مما يحسن ويجود الخدمة القضائية‪.2‬‬

‫إذ أدى التقدم العلمي في مجال المعلوميات وأجهزتها المختلفة إلى تبسيط العديد من المعامالت‬
‫القانونية‪ ،3‬خاصة منها اإلجرائية‪ .‬وغني عن البيان أنه أصبح من الممكن القيام بإجراءات تبليغ‬
‫الدعوى وتبادل المذكرات بين الطرفين في ثوان معدودة‪ ،‬ودون الحاجة إلى متدخلين مساعدين‬
‫يتوسطون هذه العمليات في العديد من الدول المتقدمة‪.‬‬

‫‪1‬مقتطف من الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة‪ ،‬مراكش‪ ،‬االثنين ‪12‬‬
‫أكتوبر ‪.2019‬‬
‫‪2‬إيمان بنت محمد بن عبد هللا القثامي‪" :‬التقاضي عن بعد‪ :‬دراسة فقهية تطبيقية على النظام السعودي"‪ ،‬مقال منشور في مجلة‬
‫علوم الشريعة والدراسات اإلسالمية العدد ‪ 84‬مارس ‪ ،2021‬ص ‪.979-988‬‬
‫‪3‬للمزيد أكثر راجع إبراهيم الدسوقي أبو الليل‪" :‬الجوانب القانونية للتعامل اإللكتروني"‪ ،‬مجلس النشر العلمي‪ ،‬جامعة الكويت‪،‬‬
‫طبعة األولى لسنة ‪ ،2003‬ص ‪.325‬‬
‫‪79‬‬
‫فاعتماد التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية كإجراء من إجراءات التقاضي سيساهم‬
‫ال محال في ترشيد الزمن القضائي‪ .‬ألن رقمنة إجراءات التبليغ ستمكن المتقاضين من الحصول‬
‫على خدمة التبليغ التي يقدمها مرفق القضاء في أجل مقبول ودون انتظار‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية في تقريب القضاء من المواطن وترشيد‬
‫النفقات‬

‫التحول الرقمي كمفهوم جديد أصبح من عناوين اإلصالح والتغيير‪ ،‬بالنسبة لكافة المرافق‬
‫العمومية والهيئات التي تسعى إلى تطوير وتحسين خدماتها وتسهيل وصولها للمرتفق أو‬
‫المستفيد من الخدمة‪ .‬والتغيير في المرفق العمومي من خالل موجة المكننة واستعمال التقنية‬
‫الحديثة كآلية مساعدة للتدبير‪ ،‬ال يعني فقط تطبيق التكنولوجيا داخل المرفق بل هو برنامج‬
‫شامل يمس المرفق ويمس طريقة وأسلوب عمله داخليا وأيضا كيفية تقديم خدماته للمرتفقين‬
‫وجعلها تتم بشكل أسهل وأسرع‪ .‬واإلدارة القضائية بالمغرب لم تكن بمنأى عن هذه التطورات‬
‫واستيعابها والتفاعل معها باعتبارها جزءا ال يتجزأ من منظومة العمل الحديث الذي يتطلب‬
‫مواكبة التحول الرقمي والتفاعل معه‪ ،‬وكذا جعله مكونا أساسيا في خطاب إصالح منظومة‬
‫العدالة‪.1‬‬

‫يتمثل تقريب اإلدارة من المواطنين باستغالل وسائل االتصال الحديثة من خالل تمكين‬
‫عموم المتقاضين من التواصل مع المحكمة من داخل موطنهم ودون الحاجة إلى التنقل إلى‬
‫المحكمة لتقديم مقال الدعوى أو مذكرة جوابية أو تعقيبية أو الحصول على أي وثيقة منها‪ ،‬بل‬
‫يكفي استعمال هذه الوسائل للقيام بأي إجراء‪ .‬وهذا األمر مسموح به اآلن في بعض الدول التي‬
‫تعتمد التبليغ بوسائل االتصال الحديثة‪ ،‬وبالتالي اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ كصورة‬
‫‪.2‬‬
‫من صور الرقمنة إلجراءات التقاضي يساهم ال محال في تقريب القضاء من المواطن‬

‫‪1‬سعاد أغانيم‪" :‬اإلدارة القضائية وتحديات التحول الرقمي‪ :‬التجربة المغربية نموذجا"‪ ،‬مقال منشور في مجلة قانون األعمال‪،‬‬
‫العدد‪ 44‬ماي ‪ ،2019‬ص‪.160‬‬
‫‪2‬يعد تقريب القضاء من المواطنين من بين األهداف الفرعية للهدف الرئيسي الرابع من الجزء الثاني من ميثاق إصالح منظومة‬
‫العدالة‪ ،‬يوليوز ‪.2013‬‬
‫‪80‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق يمكن أن تساهم رقمنة إجراءات التقاضي في تقليص من التكاليف‬
‫القضائية سواء التي هي على عاتق الدولة أو التي على عاتق المتقاضي‪ ،‬ذلك من خالل تخفيض‬
‫استهالك أدوات المكتبيات المتعلق بنسخ الوثائق القضائية وتخفيض عدد الموارد البشرية‬
‫المسخرة لإلجراءات القضائية‪ ،‬وإعفاء شبه تام للمواطنين عموما من عبء التنقل إلى المحاكم‬
‫للقيام باإلجراءات المسطرية‪ ،‬واإلعفاء كذلك من المصاريف اإلضافية لتنقل المكلف بالتبليغ‬
‫وتحمل فقط مصاريف التبليغ األصلية‪.‬‬

‫ويرى أحد الباحثين‪ 1‬أنه إذا ما أردنا التمثل لذلك عمليا فإن ما كان يتطلبه إجراء التبليغ‬
‫من وقت قد يتعدى اليوم الواحد قبل الحصول على طي التبليغ بدءا بسحب الملف من شعبة‬
‫الجلسات وإحالته على شعبة التبليغ‪ ،‬وما يتعلق بهذه المرحلة في حد ذاتها من صعوبة ليس أقلها‬
‫عدم وجود أعوان كفاية لتلبية نداءات المواطين المختلفة اختالف المهام المنوطة بهم‪ ،‬وانتهاءا‬
‫بطبع طي التبليغ وما يرافق هذه المرحلة بدورها من صعوبات لوجيستيكية وما يتطلبه من‬
‫طابعات و مداد سرعان ما ينفذ وعلب أوراق قد تنتظر دورك لتصلك واحدة إلى غير ذلك من‬
‫الصعوبات التقنية‪ ،‬ومرورا برقن أسماء األطراف وما يستنكف ذلك من خطر وقوع أخطاء‬
‫مادية بسب ضغط الوقت وكثرة العمل ما قد تنسف عملية التبليغ برمتها‪ .‬ما يعطي فكرة عن‬
‫حجم المجهود الذي يمكن أن نستعيض عنه بنقرة واحدة في حاسوب المحكمة ونقرتين في‬
‫حاسوب المفوض القضائي بعد ربطهما بشبكة داخلية للتواصل أو حتى بواسطة الشبكة‬
‫العنكبوتية (األنترنيت) إذا ما اعتمدت أنظمة خاصة للتبادل اإللكتروني للوثائق والمعطيات‬
‫اإلجرائية بين الموظفين وباقي المهن المتدخلة في حقل العدالة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬دور التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية في تحقيق النجاعة القضائية‬

‫كما هو معلوم فإن التبليغ التقليدي يطرح العديد من اإلشكاالت فعلى سبيل المثال ال الحصر‬
‫نذكر مقتضيات الفقرة األولى من الفصل ‪ 38‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬حيث نصت على أنه "يسلم االستدعاء‬
‫والوثائق إلى الشخص نفسه أو في موطنه أو في محل عمله أو في أي مكان آخر يوجد فيه‪،‬‬

‫‪1‬مصطفى صادق‪" :‬التبليغ اإللكتروني وسؤال األمن االجرائي"‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية العدد‬
‫‪ 35‬الشهر اكتوبر ‪ ،2021‬ص‪.235-234‬‬
‫‪81‬‬
‫ويجوز أن يتم التسليم في الموطن المختار"‪ ،‬فإنها أغفلت تحديد من لهم الصفة في التوصل‬
‫باالستدعاء أو الورقة القضائية نيابة عن المبلغ إليه بموطنه‪ .1‬باإلضافة إلى طرق التبليغ‬
‫المساعدة عندما يتعلق األمر بالتبليغ بالطريق اإلداري‪ ،2‬فهذه الطريقة أبانت عن فاشلها من‬
‫جميع النواحي‪ ،‬فكثير من األحيان ترجع شواهد التسليم خالية من البيانات اإللزامية المحددة‬
‫قانونا وترجع كذلك بدون مالحظات‪ ،‬وهذا راجع إما لعدم إلمامهم بمسطرة التبليغ أو لعدم‬
‫تفرغهم لمثل هذه اإلجراءات اذ يعتبر بعضهم مهمة التبليغ زائدة عن وظيفته وال يترتب على‬
‫القيام بها أي جزاء مما يطرح إشكالية التبليغ بالمناطق النائية‪ ،‬وهذا راجع إلى انعدام عناوين‬
‫دقيقة وبعدها عن مقرات المحاكم مما أدى إلى فشل هذه الطريقة في التبليغ‪ ،‬مثل هذا اإلشكاالت‬
‫تأثر سلبا على مسطرة التبليغ التي تكون معرضة للبطالن لعدم احترامها لشكليات التبليغ المحدد‬
‫قانونا وبالتالي تكون عائقا مباشرا أمام مسطرة التقاضي‪.‬‬

‫نظرا لتسارع عجلة التطور وازدياد المنازعات بين األفراد وبطء إجراءات التقاضي أصبح‬
‫من الضروري إيجاد وسائل تتسم بالدقة والسرعة في حل المنازعات‪ ،‬وهو ما يشجع على‬
‫توظيف وسائل االتصال الحديثة في مجال التبليغات القضائية نظرا للمزايا والخصائص التي‬
‫تتسم بها تلك الوسائل والتي قد تذلل الكثير من العقبات التي تعترض سير التبليغات وفق الوضع‬
‫التقليدي‪ ،‬وما لذلك من األثر البالغ على سير الدعوى‪ ،3‬لذلك تراهن معظم بلدان العالم الحصول‬
‫على النجاعة القضائية‪ ،‬وذلك لخلق الجو المالئم بين المحكمة والمتقاضي وزرع الثقة بين‬
‫جميع الفاعلين في المنظومة القضائية بما فيهم المتقاضين أساسا‪ ،‬ولن يتحقق ذلك إال بإدخال‬
‫التقنيات الحديثة في مجال العدالة‪ ،‬في هذا السياق ترى األستاذة لبنى الفريالي أنه‪ :‬من أجل‬
‫توفير مقومات جودة األداء القضائي يجب عقلنة الخريطة القضائية بما يتناسب مع معطى‬

‫‪1‬محمد بفقير‪ :‬م‪ .‬س‪ .‬ص‪.11‬‬


‫‪2‬حسب مقتضيات الفصل ‪ 37‬من ق‪.‬م‪.‬م فإنه يمكن القيام بعملية التبليغ عن طريق السلطة اإلدارية وفي الواقع العملي غالبا ما‬
‫تلتجأ المحاكم إلى السلطات المحلية لمساعدتها على التبليغ وخاصة بالنسبة لألحياء والمناطق التي توجد خارج الدائرة الحضرية‬
‫أو بالمناطق القروية والنائية حيث تبعث باالستدعاءات والطلبات القضائية للمقاطعات والباشوات والعماالت لتوزيعها بواسطة‬
‫الشيوخ والمقدمين وكما يمكن إسناد مهمة التبليغ إلى عناصر الشرطة القضائية المتمثلة في رجال الدرك الملكي ورجال األمن‪.‬‬
‫‪3‬حاسم حامد عبيد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.317‬‬
‫‪82‬‬
‫المحكمة الرقمية‪ ،‬وذلك بتحرير الخصومة من آليات التبليغ التقليدي و االعتماد على التبليغ‬
‫بالطريقة اإللكترونية‪.1‬‬

‫يتبين إذن أن من بين الحلول التي ستمكن من الرقي بالنجاعة القضائية الركون إلى إدخال‬
‫وسائل االتصال عن بعد ضمن آليات عمل اإلدارة القضائية‪ ،‬وتمكين المواطنين من االستفادة‬
‫من مزاياها‪.2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تحديات التبليغ الموجه بالطريقة اإللكترونية‬


‫إن اعتماد التكنولوجيا في إجراءات التقاضي ليس مسألة سهلة بل هناك مجموعة من العوامل‬
‫السلبية التي تؤثر على االستغالل األمثل لوسائل االتصال الحديثة‪ ،‬والتي تضفي نتائج سلبية‬
‫ولعل أبرز التحديات التي تواجه التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية كإجراء من إجراءات‬
‫التقاضي نجد تهديد المحيط باألمن المعلوماتي (الفقرة األولى)‪ ،‬وكذلك وجود الفجوة الرقمية‬
‫(الفقرة الثانية)‪ ،‬بإضافة إلى ضعف اإلثبات اإللكتروني (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تهديد المحيط باألمن المعلوماتي‬

‫في الوقت الذي ينحصر فيه النقاش حول فعالية ومالءمة آليات الرقمنة للنهوض بقطاع‬
‫العدالة‪ ،‬هناك جانب آخر لم يسلط عليه الضوء إلى حد اآلن بما فيه الكفاية‪ ،‬وهو الذي يتعلق‬
‫بمدى تحصين اإلدارة القضائية لمعامالتها الرقمية من اختراقات القراصنة‪ 3‬وتحقيق األمن‬
‫المعلوماتي‪.‬‬

‫فاألمن المعلوماتي من زاوية أكاديمية هو العلم الذي يبحث في نظريات واستراتيجيات توفير‬
‫الحماية للمعلومات من المخاطر التي تهددها ومن أنشطة االعتداء عليها‪ ،‬ومن زاوية تقنية هو‬
‫الوسائل واألدوات واإلجراءات الالزم توفيرها لضمان حماية المعلومات من األخطار الداخلية‬

‫‪ 1‬لبنى الفريالي‪" :‬نجاعة الزمن القضائي"‪ ،‬مقال منشور في المجلة المغربية للحكامة القانونية والقضائية العدد ‪ ،2‬ص‪.106‬‬
‫‪ 2‬بوحماد‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪.30-29‬‬
‫‪ 3‬المهدي أفشون‪ :‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪83‬‬
‫والخارجية من الزاوية القانونية هو تلك التشريعات التي تهدف إلى مكافحة االعتداء على‬
‫المعلومات ومعاقبة مرتكبي االعتداء بهدف توفير الردع‪.1‬‬

‫ويتحقق األمن المعلوماتي إذا توفرت العناصر التالية‪:‬‬

‫السرية‪ :‬نظام األمن المعلوماتي هو النظام الذي يضمن سرية وخصوصية البيانات المخزنة‬
‫فيها‪ ،‬إذ يتيح هذه البيانات فقط ألصحابها المصرح لهم بالتعامل معها‪ .‬وحمايتها من القراءة‬
‫أثناء نقلها عبر شبكة االتصال وتبادلها‪.‬‬

‫التكاملية‪ :‬يقصد بالتكاملية حماية البيانات من عمليات الحذف والتخريب والتعديل‪ ،‬باستخدام‬
‫بعض الخوارزميات‪ ،‬تؤمن مرور هذه الرسالة مع كل رسالة ترسل عبر الشبكة‪ ،‬وبالتالي التأكد‬
‫من أن الرسالة صحيحة ولم يتم العبث بها‪.‬‬

‫التوفر واإلتاحة‪ :‬يؤمن نظام األمن المعلوماتي استمرارية وصول المستخدمين إلى المعطيات‬
‫الخاصة بهم‪. 2‬‬

‫بالرغم مما وصلت إليه األجهزة الحديثة لالتصال عن بعد في مجال االتصال والمعلومات‬
‫من تقدم‪ ،‬إال أنها تفتقر في بعض الحاالت إلى األمن والسرية والمصداقية‪ ،3‬مما يهدد المعامالت‬
‫والعالقات بين األشخاص‪ .‬لعل من أخطر االعتداء الذي تتعرض له المواقع على االنترنت‬
‫والحسابات والبرامج هو ما يسمى بالفيروس‪ 4‬الذي يتسبب في تدمير األجهزة والبرامج‬
‫والمعلومات‪.‬‬

‫‪1‬مصطفى ايت الحاج‪" :‬الحماية القانونية والتقنية للعقد اإللكتروني"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬موسم الجامعي ‪ ،2012/2011‬ص‪.57‬‬
‫‪2‬خالد حسن أحمد لطفي‪" :‬التقاضي اإللكتروني كنظام قضائي معلوماتي بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬مطبعة دار فكر الجامعي‬
‫دون ذكر رقم الطبعة‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪3‬لالطالع أكثر راجع ممدوح محمد الجنيبي‪" :‬جرائم االنترنت والحاسب اآللي ووسائل مكافحتها"‪ ،‬مطبعة دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬طبعة األولى ‪ ،2006‬ص‪.67‬‬
‫‪ 4‬إن استخدام لفظ الفيرو س في مجال الحاسب يعد من قبيل المجاز حيث يتعلق األمر ببرنامج للحاسب اآللي مثل أي برنامج‬
‫آخر‪ ،‬إال أنه يتسم بالقدرة التدميرية والوظائف التخريبية‪ ،‬كاإلتالف والحذف والتعديل والنسخ‪ ،‬فهو ليس فيروسا ً بالمعنى‬
‫العضوي أو البيولوجي‪ ،‬إال أنه يشترك معه في نفس الخصائص تقريباً‪ ،‬فهو يهدف إلى إحداث أكبر ضرر بنظام الحاسب الذي‬
‫يعمل عليه وأي نظام آخر متصل به في أي مكان في العالم‪ .‬راجع محمد حسين منصور‪" :‬المسؤولية اإللكترونية"‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة للنشر‪ ,‬بدون ذكر الطبعة‪ ،‬سنة ‪ ، 2007‬ص‪.292‬‬
‫‪84‬‬
‫باإلضافة إلى أن المعلوميات بما تملكه من قدرات تقنية تبرز خطورة التهديد الماس بالحياة‬
‫الخاصة والمعلومات المتعلقة باألفراد على وجه التحديد‪ ،‬مما أبرز العديد من اآلثار السلبية‬
‫على الحقوق والحريات‪ ،‬بفعل المساس بالحياة الشخصية عن طريق أجهزة التصنت‪ ،‬والتسجيل‬
‫خارج نطاق القانون والتسلل لبنوك المعلومات والشبكات‪ ،‬ونقل ذلك عبر شبكة األنترنيت‪ ،‬وفي‬
‫هذا ضرب مباشر للخصوصية المادية والمعنوية لألفراد‪ ،‬باعتبار البيانات والمعطيات ذات‬
‫الطابع الشخصي صورة لها‪.1‬‬

‫بما أن وثائق التبليغ القضائي تتضمن العديد من البيانات ذات الطابع الشخصي‪ 2‬فتوجيهها‬
‫إلكترونيا قد يهدد سريتها وفي هذا السياق عمل المشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة‬
‫في وضع آ ليات قانونية بهدف تحقيق األمن المعلوماتي بدأت مع القانون رقم ‪ 07.03‬المتمم‬
‫للقانون الجنائي والمتعلق بالجرائم المتعلقة بالمعالجة اآللية للمعطيات الصادر سنة ‪2003‬‬
‫ليعقبه بعد ذلك القانون رقم‪ 53.05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية والصادر‬
‫سنة ‪ 2007‬كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلق بالثقة في االقتصاد‬
‫الرقمي إذ تضمن هذا األخير مجموعة من النصوص الزجرية ‪ ،‬والتي تساهم في مكافحة‬
‫الجرائم المعلوماتية‪ ،‬فضال عن القانون ‪ 08.09‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين اتجاه معالجة‬

‫‪1‬عبد المجيد كوزي‪" :‬الحماية القانونية للمعطيات الشخصية بالمغرب ‪-‬دراسة مقارنة"‪ ،‬مطبعة ‪ ،PIXALIS‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2021‬ص‪.58‬‬
‫‪ 2‬يعرف أحد الفقه المغربي المعطيات ذات الطابع الشخصي أو البيانات الشخصية أنها "كل بيان‪-‬مهما كان مصدره أو شكله‬
‫من شأنه أن يؤدي إلى معرفة الفرد على وجه التحديد‪ ،‬أو يجعله قابالً للتعرف عليه بصفة مباشرة أو غير مباشرة عند دمجه‬
‫مع بيانات أخرى‪ .‬ويشمل ذلك على سبيل المثال ال الحصر االسم‪ .‬أرقام الهوية الشخصية أرقام الحسابات البنكية والمصرفية‬
‫الصور الشخصية الشهادات الدراسية‪ ،‬العناوين الرسائل الشخصية الفيديوهات العالقات األبحاث المسودات أي كل ما يقوم به‬
‫االنسان من نشاط يعتبره خاص به شخصيا ً وقد تكون هذه البيانات أو المعطيات لها صفة الحساسية بحيث تحتوي على بيانات‬
‫ذات طابع يتضمن اإلشارة إلى أصل الفرد العرفي أو القبلي‪ ،‬أو معتقده الديني أو الفكري أو السياسي أو االجتماعي أو ما يدل‬
‫على عضويته في جماعة أو جمعيات أو مؤسسات أهلية وكذلك البيانات اللصيقة بالحالة الشخصية كصحيفة الحالة الجنائية أو‬
‫التقارير السرية في العمل أو في المؤسسات األمنية ذات السمات الحيوية التي من شأنها أن تعيق أو تعرقل الوصول إلى‬
‫مناصب سيادية أو اجتماعية وكذلك البيانات الوراثية والتقارير الطبية والصحية وكذلك بيانات تحديد الموقع أو تحديد النسب‬
‫أو التي تشير إلى حالة التبني أو اللقطاء أو مجهولي األبوين أو كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الدمار النفسي واالجتماعي‬
‫والمادي والوظيفي لكل من يقع عليه هذا الفعل"‪ .‬مقتطف من مداخلة األستاذة أمنية ايت حسين‪ :‬في المؤتمر العلمي الدولي‬
‫تحت عنوان‪ :‬الرقمنة والقانون تطلعات المستقبل في الدول العربية‪ ،‬المنظم بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش يوم ‪15‬و‪ 16‬يوليوز‪.2022‬‬
‫‪85‬‬
‫المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ 1‬هذا األخير الذي يعد أحد األجهزة أو اآلليات التي ينهض‬
‫عليها األمن السيبراني فيما يخص المس بالمعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬ثم أخيرا صدر‬
‫القانون ‪ 05.20‬المتعلق باألمن السيبراني‪ 2‬الذي فرضه التطور التكنولوجي الذي عرفه العالم‬
‫بصفة عامة‪،3‬هذا األخير الذي جاء من أجل تعزيز أمن نظم المعلومات سواء في إدارات الدولة‬
‫ومؤسساتها أو في المقاوالت العمومية والمقاوالت التجارية والشركات التجارية خاصة المتعقلة‬
‫بمجال الخدمات وبصفة عامة كل شخص يدخل في إطار القانون العام أو القانون الخاص والذي‬
‫يتعلق مجال عملهم بقطاع الخدمات التي تستلزم معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪.‬‬

‫من خالل استعراض بعض النماذج التشريعية ذات الصلة يبدو جليا أن المشرع المغربي‬
‫يتجه بشكل متدرج نحو تنظيم وحماية المجال الرقمي الذي أضحى أحد ركائز التنمية‪ ،‬وأكيد‬
‫أن هذه المستجدات القانونية تندرج وتتماشى مع استراتيجية المغرب الرقمي التي تهدف‬
‫[‪]4‬‬
‫بالدرجة األولى إلى جعل المغرب مركزا إقليميا في مجال تكنولوجيا المعلومات واالتصال‬

‫وعلى الرغم من كل ذلك يبقى تهديد محيط األمن المعلوماتي واردا ألن القانون وحده ال ولن‬
‫يكون وازعا وال رادعا لالستعمال المفرط للذكاء االصطناعي المتنامي بشكل مستمر وبال‬
‫هوادة‪ ،‬فالعالم الحديث بات اليوم رهين مسارات وتطبيقات الذكاء االصطناعي في مختلف‬
‫مناحي المعرفة وفي أدق تفاصيلها‪ .‬حيث أثبتت كل القوانين بما فيها األكثر تقدما عن محدوديتها‬

‫‪1‬القانون رقم ‪ 09.08‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1.09.15‬صادر في ‪ 22‬من صفر ‪ 18( 1430‬فبراير (‪ ،)2009‬الجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪27‬‬
‫صفر ‪ 23( 1430‬فبراير ‪ ،)2009‬ص ‪.552‬‬
‫‪2‬وتجدر اإلشارة إلى أنه من أجل تنزيل أمثل للقانون السبراني تم إحداث مجموعة من األجهزة التي تعنى بمهمة الدفاع واألمن‬
‫المعلوماتي من بينها المجلس الوطني لألمن السيبراني والمركز الوطني لألمن السيبراني المتمتع بشخصية اعتبارية ذات‬
‫استقالل مالي وإداري هدفهما األساسي حماية األمن االقتصادي والقومي والمنظومة المعلوماتية بصفة عامة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى إحداث لجنة استراتيجية لألمن السيبراني ولجنة تابعة لها إلدارة األزمات واألحداث السيبرانية الحسيمة ثم‬
‫السلطة الوطنية لألمن السيبراني بما يشكل هيئات متكاملة فيما بينها من أجل رد الهجمات األمنية اإللكترونية‪.‬‬
‫‪3‬زهرة خلوق‪" :‬األمن السيبراني وسالمة المعطيات ذات طابع شخصي"‪ ،‬مقال منشور في مجلة القانون واألعمال الدولية‪،‬‬
‫عدد خاص بالمؤتمر العلمي الدولي تحت عنوان "األمن السيبراني في تشريعات العربية" المنعقد يومي ‪16‬و‪ 17‬يوليو‪.‬‬
‫‪ .2021‬بنادي المحامين تاركة مراكش ص‪.314-313:‬‬
‫‪ 4‬أحمد أنور الناجي وأمين أعزان‪" :‬التوجهات الحديثة للمشرع المغربي في المجال الرقمي"‪ ،‬مقال منشور في مجلة العدالة‬
‫للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد الثالث لسنة ‪ ،2020‬ص‪.111‬‬
‫‪86‬‬
‫في مسايرة كل استعماالت الذكاء االصطناعي واإلحاطة بها‪ ،‬وحتى معرفتها وزمن تواجدها‬
‫في الواقع العملي واالفتراضي على حد سواء‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الفجوة الرقمية‬

‫نتج عن الثورة في تكنولوجيا االتصاالت والمعلومات العديد من التحديات ومن بينها‬


‫التحدي المتعلق بتضييق الفجوة الرقمية بين الدول النامية والدول المتقدمة‪ ،‬وهي الفجوة التي‬
‫تتمثل في انخفاض متوسط عدد خطوط التليفونات وعدد أجهزة الحاسب‪ ،‬وعدد مستخدمي‬
‫االنترنت كنسبة من عدد السكان وضعف البنية األساسية لالتصاالت والمعلومات والتنمية‬
‫البشرية في هذا المجال وغيره‪ .‬إذ ترجع فكرة الفجوة الرقمية سواء كان األمر على مستوى‬
‫األفراد أو المنظمات أو التكتالت الجيوسياسية أو المناطق الجغرافية أو التجمعات إلى وجود‬
‫االنقسام إلى مجموعتين فئة من يمتلكون ميزة االستفادة من االقتصاد الرقمي‪ ،‬وأولئك الذين‬
‫يفتقرون إلى استخدامه والتمتع بفوائده‪ ،‬ومن تم تظهر الفجوة الرقمية الناتجة عن التحكم في‬
‫استخدام تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪.2‬‬

‫ويرى أحد الباحثين‪ 3‬أن استغالل التقنيات الحديثة لإلعالم واالتصال مثل المشاركة في‬
‫تدبير الشأن العام‪ ،‬يحتاج لتكامل المعرفة والوفرة المادية ولو نسبيا‪ ،‬وذلك ألن هذه التقنيات‬
‫تشهد ترابطا وثيقا بين المضمون والقالب ووسائط االتصال وهي عناصر تظهر من خالل‬
‫اطالع بسيط عليها‪ ،‬فمن ضرورة توفر العلم بوسائل االتصال الحديثة ‪ ،‬فمن ال يعرف استعمال‬
‫الوسائط وال تحليل المضمون يجد نفسه مقصيا من المضمار الذي ترسم خطوطه وحدوده هذه‬
‫التقنيات‪ ،‬وإن واقع اإلقصاء من هذا المضمار يظهر من خالل مقارنة حجم ونسب استعمال‬
‫اإلنترنت في المغرب مقاربة مع األحجام والنسب العالمية والتي تظهر تدني مستوى استعمال‬
‫هذه التقنيات عندنا‪.‬فبالرغم مما وصلت إليه األمم من تقدم‪ ،‬وتقلص مستوى األمية في األقطار‪،‬‬

‫‪1‬عبد المجيد كوزي‪" :‬حماية الحياة الخاصة في الزمن المعلوماتي وتحديات الذكاء االصطناعي"‪ ،‬مقال منشور في مجلة القانون‬
‫واألعمال الدولية العدد ‪ ،41‬لسنة ‪ ،2022‬ص‪.27‬‬
‫‪2‬نجاة كورتل‪ ،‬ولمياء بوعروج‪ ،‬روفية نجار‪" :‬تأثير الفجوة الرقمية على التبادل التجاري اإللكتروني الدولي"‪ ،‬مجلة الدراسات‬
‫االقتصادية المجلد ‪ 9‬العدد ‪ ،2022-1‬ص ‪.194‬‬
‫‪3‬عماد يعقوبي‪" :‬اإلدارة اإللكترونية في ظل الفجوة الرقمية ضرورة تأهيل البيئة الخارجية لإلدارة الستقبال تقنيات اإلعالم‬
‫واإلتصال"‪ ،‬مقال منشور في مجلة القانون المغربي العدد ‪ ،17‬لسنة ‪ ،2017‬ص‪.127‬‬
‫‪87‬‬
‫إال أن التقدم التكنولوجي الحاصل والمتزايد‪ ،‬أدى إلى ظهور وسائل اتصال عن بعد تشكل حدا‬
‫للمواكبة من قبل العديد من أفراد المجتمع بما فيهم الفاعلين في المنظومة القضائية‪ ،‬وبالتالي‬
‫عجز فئة مهمة من مواكبة التقنيات الجديدة لالتصال‪ ،‬مما ينتج عنه سوء استخدام هذه األجهزة‬
‫نظرا لكونها تحتاج لتكوين‪.‬‬

‫إذن ف األمية الحاسوبية وعدم إمكانية الوصول إلى األدوات التكنولوجية يشكالن عقبة حقيقية‬
‫أمام تطوير التكنولوجيا الرقمية في نظام العدالة‪ ،1‬بالتالي عدم الوصول إلى األهداف المتوخاة‬
‫من اعتماد التكنولوجيا في إجراءات التقاضي‪ ،‬وفي هذا السياق ثم إحداث وكالة التنمية الرقمية‬
‫بموجب القانون ‪ ،61.16‬والذي يتكون من ‪ 21‬مادة وستة أبواب‪ ،‬تحتوي على مهام الوكالة‬
‫والغرض من إنشائها وكذا أجهزة اإلدارة والتسيير والتنظيم المالي للوكالة الرقمية‪.2‬‬

‫فوكالة التنمية الرقمية هي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية االعتبارية واالستقالل المالي‪،‬‬
‫وتخضع لوصاية الدولة‪ .‬يوكل إليها حسب المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ ،61.16‬في تنفيذ‬
‫استراتيجية الدولة في مجال التنمية الرقمية‪ ،‬وكذا تشجيع نشر الوسائل الرقمية وتطوير‬
‫استخدامها بين المواطنين‪.‬‬

‫وعليه فتطور قطاع تكنولوجيا المعلومات واالتصال من خالل االستراتيجية المقبلة للمغرب‬
‫الرقمي رهين بتفعيل وكالة التنمية الرقمية‪ ،‬وقيامها بالمهام الموكول إليها‪ ،‬سواء على مستوى‬
‫تنمية القطاع‪ ،‬وتقديم االقتراحات والبرامج المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬ضعف اإلثبات اإللكتروني‬

‫علي الرغم من أن المشرع المغربي وعلى غرار التشريعات المقارنة ‪ 3‬أولى اهتماما كبيرا‬
‫بالمحرر اإللكتروني من خالل قانون رقم ‪ 53-05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات‬

‫‪1‬‬ ‫‪Dvid kwizera.Meryam Al Habous. Akkour soumaya : "De la dématérialisation des procédures‬‬
‫‪judiciaires à une justice digitalisée : une aubaine pour les acteurs de la chaine judiciaire", Revue‬‬
‫‪Internationale du Chercheur,Volume 3: Numéro 4,p251.‬‬
‫‪2‬القانون رقم ‪ 61.16‬المحدثة بموجبه وكالة التنمية الرقمية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.17.27‬صادر في ‪8‬‬
‫ذي الحجة ‪ 30( 1438‬أغسطس ‪ ،)2017‬بالجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 6604‬بتاريخ ‪ 23‬ذي الحجة ‪ 14( 1438‬سبتمبر‬
‫‪ ،)2017‬ص‪.5057‬‬
‫‪3‬إيمان السائح‪ :‬مرجع سابق ص ‪.241-240‬‬
‫‪88‬‬
‫القانونية كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلق بخدمات الثقة بشأن‬
‫المعامالت اإللكترونية‪ ،‬إذ حاول منحه أكبر قدر من الحماية القانونية سواء من خالل مجموع‬
‫الشروط الدقيقة التي وضعها أو من خالل اإلجراءات والشروط المتطلبة في التصديق‬
‫اإللكتروني ومقدمي هذه الخدمة‪ ،‬أو من خالل العقوبات التي وضعها في مواجهة كل من يمس‬
‫الحماية المفروضة للتوقيع اإللكتروني‪ ،‬إال أن ذلك غير كافي في ظل التطورات التي تعرفها‬
‫الجريمة اإللكترونية خاصة جريمة التزوير اإللكتروني‪ .1‬إذ يتميز التزوير في المحرر‬
‫اإللكتروني بعدم ترك أثر مادي على المحرر المزور كما هو الحال في المحرر الورقي‪ ،‬حيث‬
‫قد تظهر آثار التغيير باإلضافة أو الحذف باستخدام أدوات أو مواد كيميائية‪ ،‬بينما ال تظهر هذه‬
‫اآلثار في النوع األول حيث تتم الجريمة من خالل الوصول إلى المعلومات وتغيير مضمونها‪،‬‬
‫فهي جريمة فنية غير ملموسة‪ 2.‬وبالتالي وجود صعوبات تحول دون إثبات التزوير االلكتروني‬
‫منها ما يرجع إلى ضعف تكوين العنصر البشري من قضاة ومحققين وعدم اإللمام بالبرامج‬
‫الخاصة بالتعدي واالختراق والتزوير المعلوماتي‪ ،‬باإلضافة إلى قلة اإلمكانات الفنية الالزمة‬
‫إلثبات جرائم التزوير اإللكتروني حيث يحتاج اكتشاف جريمة التزوير اإللكتروني تقنيات تتبع‬
‫وتقنيات استرجاع المعلومات وغيرها من التقنيات التي تهدف إلى تتبع مصدر االختراق‬
‫والتعدي‪.‬‬

‫إضافة إلى ما سبق هناك صعوبة التحقق من هوية صاحب الحساب اإللكتروني وفي هذا السياق‬
‫جاء في حيثيات قرار‪ 3‬صادر عن محكمة االستئناف بالبيضاء ما يلي "حيث تمسك الطاعنان‬
‫بأن الحكم االبتدائي جانب الصواب لما اعتمد على حيثية واحدة وهي أن الطرف المشتري لم‬

‫‪1‬يقع التزوير المعلوماتي إما ماديا عن طريق التدخل من خالل النظام المعلوماتي‪ ،‬وذلك بتغيير المحررات عن طريق الحذف‬
‫بإزالة كلمة أو رقم أو رمز معين‪ ،‬أو عن طريق اإلضافة بزيادة رقم على مبلغ معين أو بإضافة عبارات أو بيانات غير‬
‫صحيحة أو بخلق محرر لم يكن له وجود من قبل ونسبتها كذبا إلى غير مصدره وإما يقع معنويا‪ ،‬وذلك بتسجيل بيانات لم‬
‫تصدر عن المتعاقدين وأولي الشأن أو إثبات وقائع كاذبة أو غير معترف بها‪ ،‬أو إغفال معلومة أو إيرادها على وجه غير‬
‫صحيح‪ .‬أنظر عبد اللطيف بن موسى‪" :‬الحماية الجنائية المحرر من التزوير المعلوماتي"‪ ،‬مقال منشور في مجلة العلوم‬
‫الجنائية‪ ،‬العدد االول ‪ 2014‬ص‪.93‬‬
‫‪2‬أسامة طلحي‪" :‬جريمة التزوير المعلوماتية"‪ ،‬مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات نيل شهادة ماستر مهني في الحقوق تخصص‪:‬‬
‫قانون إعالم آلي وانترنت‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد البشير اإلبراهيمي‪ ،‬برج بوعريريج‪ ،‬الموسم الجامعي‬
‫‪ ،2022-2021‬ص ‪.17‬‬
‫‪3‬قرار محكمة االستئناف بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 05/03/2015‬في ملف مدني رقم ‪2014/1201/5436‬‬
‫أنظر ملحق رقم ‪.1‬‬
‫‪89‬‬
‫يقم بتوجيه اإلنذار بواسطة البريد المضمون وفق مقتضيات العقد االبتدائي‪ ،‬وأنهما وجها‬
‫للمستأنف عليها إنذارا عن طريق البريد اإللكتروني التي توصلت به وأجابت عنه‪.‬‬

‫لكن حيث أن العقد األولي المبرم بين الطرفين والمدلى بنسخة منه رفقة ترجمتها يحصر طريق‬
‫تبليغ اإلنذار في حالتين اثنتين دون سواهما وهما أوال توجيه رسالة بالبريد المضمون مع‬
‫اإلشعار باالستالم ‪ ،‬وثانيا تبليغ حكم بواسطة المفوض القضائي وأما ما تمسك به المستأنفان‬
‫بكونهما وجها رسالة للشركة البائعة بواسطة البريد اإللكتروني فإن ذلك ال يسعفهما في إثبات‬
‫تحقيق الشروط الحصرية المبنية في عقد البيع األولي المبرم بين الطرفين من أجل تبليغ اإلنذار‬
‫والتي ال يدخل ضمنها البريد اإللكتروني ومن جهة ثانية فإن المستأنف عليها في مذكرتها‬
‫الجوابية االستئنافية تنفي توصلها بأي بريد إلكتروني صادر عن المستأنفين وال يمكن دحض‬
‫هذا النفي بصورتي البريد اإللكتروني المدلى بهما من طرف المستأنفين ألن تلك الوثيقتين ال‬
‫تتوفر فيهما الشروط القانونية لكي تكون حجة كتابية يعتد بها وال يمكن التحقق بصفة قطعية‬
‫من هوية المرسل والمرسل إليه وهذا يجعل حجيتها منعدمة وبالتالي يبقى الحكم االبتدائي‬
‫مصادفا للصواب لما قضى برفض الطلب وتبقى الدفوع أعاله عديمة األساس القانوني يتعين‬
‫ردها"‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫كخالصة لهذا الفصل يمكن القول إنه إذا ما تم التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‬
‫بشكل صحيح رتب مجموعة من اآلثار على أطراف الخصومة‪ ،‬تتجلى أساسا في إعطاء‬
‫الوصف للحكم‪ ،‬هل هو حضوري أم بمثابة حضوري أم غيابي‪ ،‬فهذا الوصف يكون مرتبط‬
‫بالطريقة التي تسلم بها المعني باألمر ورقة االستدعاء وبحضوره وغيابه لجلسة الحكم‪.‬‬

‫من آثار التبليغ كذلك‪ ،‬تلك المتمثلة في تحريك أجل ممارسة الطعن‪ ،‬ألن القاعدة العامة‬
‫للطعن في األحكام بمختلف طرق الطعن هي أن المهل المحددة من قبل المشرع ال يبدأ سريانها‬
‫إال من تاريخ تبليغ األحكام إلى أصحابها تبليغا صحيحا‪ ،‬ويعتبر كل عيب أو خلل في التبليغ‬
‫مبطال للتبليغ‪ ،‬وبالتالي ال يكون له أي أثر على بداية هذه المواعيد‪ ،‬فهذا المبدأ العام يسري‬
‫على المبلغ إليه وعلى المبلغ أيضا المستفيد منه‪ .‬مع وجود استثناءات ترد على المبدأ العام‬
‫بحيث قد يحصل أثناء سريان هذا األجل أن يصاب أحد األطراف ببعض العوارض التي تؤدي‬
‫إلى وقف السريان بالنسبة إليه‪ ،‬ومن بين الحاالت نذكر حالة تغيير أهلية أحد األطراف فإذا‬
‫وقع تغيير في أهلية أحد األطراف فإن أجل االستئناف يتوقف وال يبتدئ سريانه من جديد إال‬
‫بعد خمسة عشر يوما (‪ )15‬من تبليغ الحكم لمن له الصفة في تسلم هذا التبليغ‪ .‬أما في حالة‬
‫وفاة أحد األطراف توقف أجل االستئناف لصالح ورثته‪ ،‬وال تقع مواصلتها من جديد إال بعد‬
‫مرور خمسة عشر يوما (‪ )15‬يوما التالية لتبليغ الحكم للورثة‪.‬‬

‫من آثار تبليغ الحكم إلى المحكوم عليه البدء في التنفيذ ألن تبليغ الحكم قبل مسطرة التنفيذ هو‬
‫إجراء جوهري وضروري ولو كان مشموال بالنفاذ المعجل‪ ،‬باستثناء األوامر التي تأمر فيها‬
‫المحكمة بتنفيذها بموجب األصل في حالة الضرورة القصوى‪.‬‬

‫عند عدم احترام إجراءات التبليغ يترتب عنه آثار سلبية تتمثل في بطالن اإلجراء‪ ،‬إذ تتعدد‬
‫أسباب بطالن التبليغ نذكر منها عدم تضمين االستدعاء أحد البيانات الضرورية‪ ،‬أوعدم وجود‬
‫تصريح مسبق بقبول اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ‪ ،‬أو توجيه اإلجراء في عنوان‬
‫إلكتروني غير مصرح به من قبل صاحب الشأن‪ .‬باإلضافة إلى الطعن في التبليغ لعيب في‬
‫الجهة القائمة بالتبليغ القضائي‪ ،‬أو الطعن في صفة تسليم اإلجراء‪ .‬إذا ما توفرت أحد أسباب‬
‫بطالن التبليغ يمكن التمسك بها مع ضرورة إثبات الضرر‪ ،‬ما لم يكون السبب الموجب للبطالن‬
‫‪91‬‬
‫من النظام العام كما هو الحال بالنسبة لعدم احترام آجال التبليغ‪ ،‬إذ يتوجب على المحكمة أن‬
‫تقضي ببطالن التبليغ من تلقاء نفسها كلما تبين لها عدم احترام آجال التبليغ‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالجهة المختصة‪ ،‬فالطعن في التبليغ القضائي يمكن أن يتقدم به من له المصلحة‬
‫أمام المحكمة المعروض عليها النزاع كدفع شكلي بحسب الفصل ‪ 29‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬مع إمكانية‬
‫رفع دعوى مستقلة أمام المحكمة االبتدائية الرامية إلى بطالن التبليغ في ظل سكوت المشرع‪،‬‬
‫مع وجود تباين في المواقف الفقهية والقضائية بخصوص الجهة المختصة‪ .‬أما الطعن بالزور‬
‫في وثيقة التبليغ فإن المدعي يملك االختيار بين عرض دعواه على المحكمة الزجرية أو سلوك‬
‫دعوى الزور الفرعي‪.‬‬

‫إن التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية ينتظر منه تحقيق آثار إيجابية على منظومة العدالة لعل‬
‫أبرزها ترشيد الزمن القضائي ألن اعتماد على الوسائل االتصال الحديثة في التبليغ القضائي‬
‫ستمكن من حصول إجراء التبليغ القضائي في وقت وجيز‪ ،‬كما أن قيام بالتبليغ ال تتطلب أي‬
‫تنقل هذا يعتبر صورة من صور تقريب القضاء من المواطن‪ ،‬ناهيك عن التقليص من التكاليف‬
‫القضائية‪ ،‬وبما أن الطريقة اإللكترونية تتسم بالدقة والسرعة ستساهم ال محال في تحقيق النجاعة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫غير أن اعتماد التكنولوجيا في إجراءات التقاضي ليس مسألة سهلة بل هناك مجموعة من‬
‫العوامل السلبية التي تؤثر على االستغالل األمثل للوسائل االتصال الحديثة‪ ،‬ولعل أبرز‬
‫التحديات التي تواجه التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية كإجراء من إجراءات التقاضي‬
‫نجد تهديد المحيط باألمن المعلوماتي‪ ،‬وكذلك وجود الفجوة الرقمية باإلضافة إلى ضعف اإلثبات‬
‫اإللكتروني‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫خاتمة‬
‫من خالل هذه الدراسة تبين لنا على أن التبليغات القضائية تحظى بأهمية بالغة في صون‬
‫حقوق األطراف ‪ ،‬ولما ال وهي تجسد القلب النابض للعدالة‪ ،‬وترتبط بالدعوى منذ بدايتها إلى‬
‫حين تنفيذ األحكام‪.‬‬

‫لذا نجد جل التشريعات ومن بينها المشرع المغربي سعت وال زالت تسعى إلى تحصين‬
‫مؤسسة التبليغ من خالل وضع ضمانات تكفل سالمة إجراءاتها وتحسين مردوديتها وتجاوز‬
‫العقبات والعراقيل التي تحول دون تحقيق األهداف المرجوة منها‪.‬‬

‫ومن هنا كان التفكير في إدماج التكنولوجيا الحديثة في تدبير اإلدارة القضائية ورقمنة‬
‫إجراءات التقاضي وبالنتيجة اعتماد الطريقة اإللكترونية كأسلوب جديد في التبليغات القضائية‪.‬‬
‫بحيث نجد بعض الدول كفرنسا والمملكة العربية السعودية واإلمارات العربية المتحدة وغيرها‬
‫من الدول أقدمت على تفعيل الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي من خالل إضفاء الشرعية‬
‫وسن قواعد قانونية خاصة به‪ ،‬في حين نجد بعض الدول تحاول مسايرة التشريعات المقارنة‬
‫من خالل إبداء نيتها في اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي إذ نجد قواعده في طور‬
‫الصنع كما هو الحال بالنسبة للتشريع المغربي والتشريع المصري‪.‬‬

‫لهذا حاولت توضيح طبيعة هذه طريقة الجديدة في التبليغ القضائي والقواعد التي تحكمها‪،‬‬
‫باإلضافة إلى التعرف على آلية العمل بها مرورا باآلثار المترتبة عنها وخلصت إلى العديد من‬
‫النتائج يمكن إجمالها فيما يأتي‪:‬‬

‫النتيجة األولى‪ :‬لكل من التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية والتبليغ التقليدي أوجه التطابق وأوجه‬
‫االختالف‪.‬‬

‫التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية يتم على دعامة إلكترونية والتي يتم توجيهها‬
‫عبر الوسيلة اإللكترونية للمبلغ إليه‪ ،‬في حين التبليغ القضائي التقليدي يتم على دعامة ورقية‬
‫كما أن توجيهها يتطلب الوجود الشخصي للمكلف بالتبليغ إذ يحتم عليه التنقل المادي إلى عين‬

‫‪93‬‬
‫المكان للتسليم التبليغ إلى المبلغ إليه‪ .‬ومن هنا كان لألول طبيعة إلكترونية أما الثاني يعتبر ذو‬
‫طبيعة مادية‪.‬‬

‫التبليغ القضائي التقليدي ال يتطلب من المرسل إليه أي تصريح مسبق عكس التبليغ القضائي‬
‫الموجة بالطريقة اإللكترونية الذي يتطلب كقاعدة عامة تصريحا مسبقا يعبر فيه المبلغ إليه عن‬
‫رغبته في اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ‪ ،‬ويرد على هذه القاعدة استثناءات التي يكون‬
‫فيها التبليغ القضائي إلزاميا‪.‬‬

‫عندما يتعلق األمر بالتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية فإن إثباته يتم بواسطة إشعار‬
‫بالتوصل الذي يعتبر بمثابة شهادة التسليم‪ ،‬في حين تعتبر هذه األخيرة وسيلة إثبات التبليغ‬
‫القضائي التقليدي‪.‬‬

‫سواء كان التبليغ بطريقة إلكترونية أو تقليدية فإنه يجب احترام اآلجال المحددة لألطراف‬
‫سواء للحضور أو للطعن أو التنفيذ إال أنهما يختلفان من حيث بداية احتساب أجل حصول التبليغ‬
‫وإن كان ال يطرح إشكال عند سلوك التبليغ القضائي التقليدي على اعتبار أنه يبدأ من تاريخ‬
‫التسليم المضمن في شهادة التسليم فإن األمر على خالف ذلك عندما يتعلق بالتبليغ الموجه‬
‫بطريقة إلكترونية فإن احتساب األجل يبدأ من تاريخ اإلشعار بالتوصل أو من تاريخ ارسال‬
‫اإلجراء في الحساب اإللكتروني للمبلغ إليه في ظل الغموض الذي يشوب م‪.‬ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬ينضاف‬
‫إلى ذلك األوقات المسموح بها إجراء عملية التبليغ عند توجيهه اإلجراء إلكترونيا‪ ،‬والتي لم‬
‫تخضع ألي قيود‪ ،‬عكس الطرق التقليدية التي تتم في أوقات محددة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بمكان التبليغ فهناك فرق شاسع‪ ،‬إذ أن مكان التبليغ القضائي بالطريقة‬
‫التقليدية يتحدد حسب الموقع الجغرافي الملموس كمحل العمل أو مكان اإلقامة‪ ،‬في حين مكان‬
‫التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية فهو موطن افتراضي مجرد كالحساب اإللكتروني أو‬
‫الهاتف المحمول‪...‬الخ‪.‬‬

‫التبليغ القضائي بالطرق التقليدية يتطلب التواجد المادي للمكلف بالتبليغ مما يسمح له‬
‫بالتأكد بأن المبلغ إليه قد أخد العلم باإلجراء وخاصة في حالة التوصل الشخصي‪ ،‬في حين نجد‬

‫‪94‬‬
‫التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية ال يسمح للمكلف بالتبليغ التأكد من أن المرسل إليه‬
‫قد أخد العلم باإلجراء المراد تبليغه كما في حالة فتح الرسالة التبليغ من قبل شخص آخر غير‬
‫صاحب الحساب اإللكتروني‪ ،‬أو حدوث عطب في الوسيلة اإللكترونية يحول دون وصول‬
‫الرسالة أو وصولها معيبة‪.‬‬

‫إن التبليغ القضائي سواء تم بالطرق التقليدية أو اإللكترونية فإنه يرتب نفس اآلثار على‬
‫أطرافه شريطة احترام الضوابط والشكليات المحددة قانونا‪ ،‬أما عدم احترامها يجعلها معيبة‪،‬‬
‫وبالتالي تكون عرضة للطعن بالبطالن من قبل من له مصلحة في ذلك‪ ،‬غير أن التبليغ القضائي‬
‫الموجه بطريقة إلكترونية من شأنه أن يرتب آثار مهمة على منظومة العدالة لعل أبرزها ترشيد‬
‫الزمن القضائي وتحقيق نجاعة قضائية وتقريب القضاء من المواطن‪...‬إلخ‪.‬‬

‫النتيجة الثانية‪ :‬اختلفت كيفية تنزيل الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي إذ تبنت بعض‬
‫األنظمة التشريعية استراتيجية التدرج في تنزيله‪ ،‬حيث اقتصر على بعض المحاكم في البداية‬
‫ليتم بعدها تعميمه على كل المحاكم كما هو الحال بالنظام الفرنسي‪ ،‬في حين نجد بعض األنظمة‬
‫التشريعية تبنت الطريقة اإللكترونية في كل المحاكم دون األخذ بمبدأ التدرج كما هو الحال‬
‫بالنسبة للتشريع السعودي‪ ،‬وهو ما يطرح معه التساؤل حول الطريقة المناسبة عند تنزيل التبليغ‬
‫القضائي الموجه بطريقه إلكترونية من لدن النظام المغربي‪.‬‬

‫النتيجة الثالثة‪ :‬اعتماد التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية تتمدد معه الحدود‬
‫الجغرافية مما يطرح معه إشكالية االختصاص المكاني للجهة المكلفة بالتبليغ‪.‬‬

‫النتيجة الرابعة‪ :‬هناك أنظمة قانونية حددت الوسائل التي يمكن اعتمادها في التبليغ القضائي‬
‫الموجه بطريقة إلكترونية على سبيل الحصر كالمشرع السعودي الذي حددها في الرسائل‬
‫النصية المرسلة عبر الهاتف المحمول الموثوق‪ ،‬أو البريد اإللكتروني‪ ،‬أو الحسابات المسجلة‬
‫في أي األنظمة اآللية للحكومة‪ ،‬في حين نجد بعض األنظمة تركت األمر مفتوحا بحيث يمكن‬
‫اعتماد أي وسيلة من الوسائل الممكنة‪ ،‬عكس المشرع المغربي الذي اقتصر على الحساب‬

‫‪95‬‬
‫اإللكتروني المصرح به دون تحديد المقصود بالحساب اإللكتروني‪ ،‬مع اإلشارة إلى كل من‬
‫البريد اإللكتروني والهاتف‪.‬‬

‫الخامسة‪ :‬يطرح التبليغ الموجه بطريقة إلكترونية عدة إشكاالت من بينها ضعف‬ ‫النتيجة‬
‫األمن المعلوماتي‪ ،‬وجود فجوة رقمية نتيجة األمية الرقمية وضعف الثقة في المعامالت‬
‫اإللكترونية وضعف البنية التقنية نتيجة األعطاب واإلنقطاعات المستمرة‪...‬إلخ‪.‬‬

‫وعليه نقدم المقترحات التالية‪:‬‬

‫• ضرورة االنفتاح على التجارب المقارنة واألخذ بأفضلها عند إعداد الصيغة النهائية‬
‫لمشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية‪ ،‬مع تبني مفاهيم واضحة وتحديد دقيق لكل‬
‫اإلجراءات الخاصة بالتبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‪.‬‬
‫• التسريع في إخراج القانون حيز الوجود يضفي على الطريقة اإللكترونية في التبليغ‬
‫القضائي الشرعية‪.‬‬
‫• تبني استراتيجية التدرج في تنزيل التبليغ القضائي الموجه بطريقة إلكترونية‪.‬‬
‫• عدم تقييد القيام بعملية التبليغ القضائي بالطريقة اإللكترونية بوقت محدد‪.‬‬
‫• التحديد بشكل صريح االختصاص المكاني للجهة المكلفة بالتبليغ عند سلوك الطريقة‬
‫اإللكترونية في التبليغ القضائي‪.‬‬
‫• حصر بشكل صريح الوسائل اإللكترونية التي يمكن االعتماد عليها في التبليغ القضائي‪.‬‬
‫• تحديد الحالة التي يكون فيها اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ إلزاميا كاستثناء‬
‫وتبني مبدأ االختيارية كقاعدة عامة‪.‬‬
‫• تأهيل الموارد البشرية‪ ،‬وتوفير البنية التحتية‪.‬‬
‫وصفوة القول إن اعتماد الطريقة اإللكترونية في التبليغ القضائي لها مزايا ملحوظة‬
‫كما لها عيوب ال مفر منها‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫الئحة المراجع‬
‫المصادر‪:‬‬
‫✓ سورة الجن‪ ،‬اآلية ‪.23‬‬

‫✓ سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.99‬‬

‫✓ سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية ‪.15‬‬

‫✓ سورة النساء‪ ،‬اآلية رقم ‪.161‬‬

‫✓ سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.67‬‬

‫✓ سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.79‬‬

‫المراجع‬
‫المراجع العامة‬
‫✓ إبراهيم الدسوقي أبو الليل‪" :‬الجوانب القانونية للتعامل اإللكتروني"‪ ،‬مجلس النشر العلمي‪،‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬طبعة األولى لسنة ‪.2003‬‬
‫✓ جالل محمد الرعبي وأسامة أحمد المناعسة‪" :‬جرائم تقنية نظم المعلومات اإللكترونية‪:‬‬
‫دراسة مقارنة"‪ ،‬مطبعة دار الثقافة عمان طبعة األولى ‪..2010‬‬
‫✓ جواد أمهلول "الوجيز في قانون المسطرة المدنية " مطبعة أمنية الرباط دون ذكر الطبعة‬
‫‪.2015‬‬
‫✓ حفيظ علوي قادري‪" :‬إشكالية التعاقد في التجارة اإللكترونية"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2012‬‬
‫✓ خالد حسن أحمد لطفي‪" :‬التقاضي اإللكتروني كنظام قضائي معلوماتي بين النظرية‬
‫والتطبيق"‪ ،‬مطبعة دار فكر الجامعي دون ذكر رقم الطبعة‪.‬‬
‫✓ الرومي‪ ،‬محمد أمين‪" :‬النظام القانوني للتوقيع اإللكتروني"‪ ،‬دار الفكر الجامعي االسكندرية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬للسنة ‪.2006‬‬

‫‪97‬‬
‫✓ الشرعة حازم‪" :‬التقاضي اإللكتروني والمحاكم اإللكترونية"‪ ،‬عمان دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع بدون ذكر طبعة‪ ،‬سنة ‪.2010‬‬
‫✓ شكيب عبد الحفيظ‪" :‬شرح مدونة المسطرة المدنية"‪ ،‬دون ذكر الطبعة‪ ،‬والمطبعة‪ ،‬سنة‬
‫‪.2017‬‬
‫✓ عبد الحكيم زروق‪" :‬التنظيم القانوني للمغرب الرقمي" مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪.2013‬‬
‫✓ عبد الرحمان الشرقاوي‪" :‬قانون المسطرة المدنية دراسة فقهية وعملية مقارنة مع مسودة‬
‫مشروع قانون المسطرة المدنية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪.2018‬‬
‫✓ عبد العزيز توفيق‪" :‬شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي معلقا عليه بأحكام‬
‫محاكم النقص العربية"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دون ذكر المطبعة‪ ،‬طبعة الثانية لسنة ‪.2000‬‬
‫✓ عبد الكريم الطالب‪ :‬شرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء الطبعة التاسعة ‪.2019‬‬
‫✓ عبد اللطيف خالفي‪" :‬االجتهاد القضائي في قانون المسطرة المدنية"‪ .‬جزء األول‪ ،‬المطبعة‬
‫والورقة الوطنية مراكش‪ ،‬دون ذكر الطبعة‪.2004 ،‬‬
‫✓ عبد المجيد كوزي‪" :‬الحماية القانونية المعطيات الشخصية بالمغرب ‪-‬دراسة مقارنة"‪،‬‬
‫مطبعة ‪ ،PIXALIS‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2021‬‬
‫✓ عبد الهادي فوزي العوضي‪" :‬الجوانب القانونية للبريد اإللكتروني" دار النهضة العربية‪،‬‬
‫طبعة األولى‪.2005 ،‬‬
‫✓ محمد حسين منصور‪" :‬المسؤولية اإللكترونية"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬بدون ذكر‬
‫الطبعة ‪.2007‬‬
‫✓ المختار بن أحمد عطار‪" :‬العقد اإللكتروني"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪.2010‬‬
‫✓ ممدوح محمد الجنيبي‪" :‬جرائم االنترنت والحاسب اآللي ووسائل مكافحتها"‪ ،‬مطبعة دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية طبعة األولى ‪.2006‬‬

‫‪98‬‬
‫✓ نور الدين الناصري‪" :‬الموجز في المسطرة المدنية"‪ ،‬دون ذكر المطبعة‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪.2019‬‬
‫✓ نور الدين لبريس‪" :‬نظريات في قانون المسطرة المدنية " مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪.2012‬‬
‫✓ والي فتحي‪" :‬نظرية البطالن في قانون المرافعات " منشورات الحلبي الحقوقية ‪-‬القاهرة‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة لسنة ‪.1997‬‬
‫المراجع الخاصة‪:‬‬
‫✓ بوبكر بهلول "مسطرة التبليغ والتبليغ اإللكتروني"‪ :‬سلسلة اإلدارة القضائية‪ :‬العدد الرابع‬
‫يونيو ‪ 2005‬مكتبة دار السالم ‪-‬الرباط‪.‬‬
‫✓ الحسن بوقين‪ ":‬إجراءات التبليغ فقها وقضاء" مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء بدون‬
‫ذكر طبعة ‪.1999‬‬
‫✓ رشيد حوبابي‪" :‬احكام التبليغ بين النظر الفقهي والعمل القضائي في القانون المغربي‬
‫والمقارن" الطبعة األولى ‪.2009‬‬
‫✓ عبد العالي العضراوي‪" :‬التبليغات القضائية بين الصحة والبطالن‪ ،‬دراسة ميدانية" طبعة‬
‫األولى لسنة ‪.2000‬‬
‫✓ فارس على عمر علي الجريري‪" ،‬التبليغات القضائية ودورها في حين إجراءات الدعوى‬
‫المدنية"‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪ ،‬بدون ذكر الطبعة ‪.2007‬‬
‫✓ مايا مصطفى فوالدكار‪" :‬النظام القانوني للتبليغ اإللكتروني في التشريع الفرنسي وفق‬
‫أحدث التعديالت " دار الجامعة الجديدة‪ ،‬دون ذكر الطبعة‪.2020 ،‬‬
‫✓ محمد بفقير "مبادئ التبليغ على ضوء قضاء محكمة النقض" مطبعة الناح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.2021‬‬
‫األطاريح والرسائل الجامعية‪:‬‬
‫األطاريح الجامعية‪:‬‬

‫‪99‬‬
‫✓ عريب‪" :‬النظام القانوني للبريد اإللكتروني "‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪،‬‬
‫جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة الموسم‬
‫الجامعي ‪.2015/2014‬‬
‫الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫✓ أسامة طلحي‪" :‬جريمة التزوير المعلوماتية"‪ ،‬مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات نيل شهادة‬
‫ماستر مهني في الحقوق تخصص‪ ،‬قانون إعالم آلي وانترنت‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة محمد البشير اإلبراهيمي‪ ،‬برج بوعريريج‪.‬‬
‫✓ الحسين غواغ‪" :‬التبليغات القضائية بين الصحة والبطالن في المادة المدنية"‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬ماستر القوانين اإلجرائية المدنية‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية جامعة القاضي عياض مراكش السنة الجامعية ‪.2012-2011‬‬
‫✓ عبد الحق المتوكل‪" :‬إشكاالت التبليغ"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة‪ ،‬موسم‬
‫‪.2011/2010‬‬
‫✓ عبد اللطيف اسماعيل‪ " :‬زمن التبليغ القضائي بين المادة المدينة والتجارية"‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كليو العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة‬
‫سيدي محمد بن عبد هللا فاس موسم الجامعي ‪.2020/2021‬‬
‫✓ عبد سالم البريمي‪" :‬التبليغ بين الصحة والبطالن"‪ :‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ :‬جامعة‬
‫القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مراكش‪ ،‬موسم الجامعي‬
‫‪.2011/2010‬‬
‫✓ فوغالي بسمة‪" :‬إثبات العقد اإللكتروني وحجيته في ظل عالم اإلنترنت"‪ ،‬بحث لنيل شهادة‬
‫الماجستير‪ ،‬تخصص قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد لمين‬
‫دباغيين‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2015/2014‬‬

‫‪100‬‬
‫✓ لحسن وتاب‪" :‬دور كتابة الضبط في وتفعيل مسطرة التبليغ والتنفيذ"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس السويسي الرباط‪ ،‬سنة الجامعة ‪.2010/2009‬‬
‫✓ محمد فواز عبد الفتاح حامد‪" :‬أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني" الرسالة استكماالً‬
‫لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون الخاص كلية الحقوق جامعة الشرق‬
‫األوسط ‪.25‬‬
‫✓ مصطفى ايت الحاج‪" :‬الحماية القانونية والتقنية للعقد اإللكتروني"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬موسم الجامعي ‪.2012/2011‬‬
‫✓ يدان يوسف‪" :‬أحكام التبليغ وفق قانون المسطرة المدنية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة موالي إسماعيل‪،‬‬
‫مكناس موسم الجامعي ‪.2019/2018‬‬
‫البحوث والدراسات‪:‬‬
‫✓ األكحل ومحمد الدحمان " إجراءات التبليغ في القضايا المدنية " بحث نهاية التدريب المعهد‬
‫العالي القضائية‪ ،‬الرباط السنة الدراسية ‪.2003-2005‬‬
‫✓ جمال غالب‪ " :‬خصوصية التبليغ والتنفيذ في قضايا األسرة" بحث نهاية التدريب بالمعهد‬
‫العالي للقضاء‪ ،‬لسنة ‪.2011‬‬
‫✓ ميثاق إصالح منظومة العدالة يوليوز‪.2013‬‬
‫✓ هشام بوحماد‪" :‬التبليغ القضائي في المادة المدنية بوسائل االتصال الحديثة"‪ ،‬بحث لنهاية‬
‫التكوين بالمعهد العالي للقضاء سنوات التكوين ‪.2017/2015‬‬
‫المقاالت‪:‬‬
‫✓ أحالم عليمي‪" :‬إشكالية االثبات في التعاقد اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور في مجلة المتوسط‬
‫للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ 7‬لسنة ‪.2019‬‬
‫✓ أحمد أنور الناجي وأمين أعزان‪" :‬التوجهات الحديثة للمشرع المغربي في المجال الرقمي"‬
‫مقال منشور في مجلة العدالة للدراسات القانونية والقضائية العدد الثالث لسنة ‪.2020‬‬
‫‪101‬‬
‫✓ ايمان السائح‪" :‬الحماية القانونية للتوقيع اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور في مجلة المنبر القانوني‬
‫العدد ‪ ،9‬لسنة ‪.2015‬‬
‫✓ ايمان بنت محمد بن عبد هللا القثامي‪" :‬التقاضي عن بعد‪ :‬دراسة فقهية تطبيقية على النظام‬
‫السعودي"‪ ،‬مقال منشور في مجلة علوم الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬العدد ‪ ،84‬مارس‬
‫‪.2021‬‬
‫✓ بدر بن عبد هللا محمد المطرودي‪" :‬أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور في‬
‫مجلة الجامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية العدد ‪.198‬‬
‫✓ بن حجوية محمد وعبدوني كافية "اإلدارة اإللكترونية في العالم العربي وسبل تطبيقها‬
‫(واقع وآفاق)"‪ ،‬مجلة األصيل للبحوث االقتصادية واإلدارية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬لسنة ‪.2017‬‬
‫✓ حاسم حامد عبيد‪" :‬فكرة التبليغ اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور في مجلة دراسات البصرة العدد‬
‫‪ ،34‬لسنة ‪.2019‬‬
‫✓ زهرة خلوق‪" :‬األمن السيبراني وسالمة المعطيات ذات طابع شخصي"‪ ،‬مقال منشور في‬
‫مجلة القانون واألعمال الدولية‪ ،‬عدد خاص بالمؤتمر العلمي الدولي تحت عنوان "األمن‬
‫السيبراني في التشريعات العربية"‪ ،‬المنعقد يومي ‪16‬و‪ 17‬يوليو ‪ ،2021‬بنادي المحامين‬
‫تاركة مراكش‪.‬‬
‫✓ سعاد أغانيم‪" :‬اإلدارة القضائية وتحديات التحول الرقمي‪ :‬التجربة المغربية نموذجا" مقال‬
‫منشور في مجلة قانون األعمال‪ ،‬العدد ‪ 44‬ماي ‪،2019‬‬
‫✓ عبد اللطيف بن موسى‪ ":‬الحماية الجنائية المحرر من التزوير المعلوماتي"‪ ،‬مقال منشور‬
‫في مجلة العلوم الجنائية‪ ،‬العدد ‪ ،1‬لسنة ‪.2014‬‬
‫✓ عبد هللا العبدوني‪" :‬مسطرة بطالن إجراءات التبليغ في ضوء العمل القضائي"‪ ،‬مقال منشور‬
‫في مجلة كتابة الضبط‪ ،‬العدد مزدوج ‪.4/5‬‬
‫✓ عبد المجيد كوزي‪" :‬حماية الحياة الخاصة في الزمن المعلوماتي وتحديات الذكاء‬
‫االصطناعي"‪ ،‬مقال منشور في مجلة القانون واألعمال الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،41‬لسنة ‪.2022‬‬

‫‪102‬‬
‫✓ عماد يعقوبي‪" :‬اإلدارة اإللكترونية في ظل الفجوة الرقمية ضرورة تأهيل البيئة الخارجية‬
‫لإلدارة الستقبال تقنيات اإلعالم واالتصال"‪ ،‬مقال منشور في مجلة القانون المغربي العدد‬
‫‪ ،17‬لسنة ‪.2017‬‬
‫✓ فوزي الشفعي‪" :‬التحديد القضائي لطبيعة اعمال هيئة كتابة الضبط"‪ ،‬مقال منشور في مجلة‬
‫الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،51‬لشهر فبراير ‪ 2023‬م‪.‬‬
‫✓ كريم لمحين‪" :‬قراءة في االختصاص المكاني للمفوض القضائي في التشريع المغربي"‪،‬‬
‫مقال منشور في مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،53‬لشهر‬
‫أبريل ‪ 2023‬م‪.‬‬
‫✓ لبنى الفريالي‪" :‬نجاعة الزمن القضائي"‪ ،‬مقال منشور في المجلة المغربية للحكامة القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬العدد ‪.2‬‬
‫✓ لمياء أبيدار‪" :‬حجبة التوقيع االلكتروني في اإلثبات"‪ ،‬مقال منشور في مجلة الباحث‬
‫للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية العدد ‪ ،55‬لشهر يونيو ‪ 2023‬م‪.‬‬
‫✓ مصطفى صادق‪" :‬التبليغ اإللكتروني وسؤال األمن االجرائي"‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات‬
‫واألبحاث القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،35‬لشهر أكتوبر ‪.2021‬‬
‫✓ نجاة كورتل و لمياء بوعروج و روفية نجار‪" :‬تأثير الفجوة الرقمية على التبادل التجاري‬
‫اإللكتروني الدولي"‪ ،‬مجلة الدراسات االقتصادية المجلد ‪ 9‬العدد ‪ ،1‬لسنة ‪ ،2022‬ص‬
‫‪.194‬‬
‫✓ نور عاكف الدباس‪" :‬أحكام التبليغ القضائي اإللكتروني في قانون أصول المحاكمات المدنية‬
‫األردني"‪ ،‬مقال منشور في مجلة البلقاء‪ ،‬مجلد ‪ 23‬العدد ‪.2‬‬
‫✓ هشام الرشيدي‪" :‬التحول الرقمي لمرفق العدالة بالمغرب"‪ ،‬مقال منشور في مجلة ألبحاث‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،45‬لشهر ‪.2022‬‬
‫المجالت‪:‬‬
‫✓ مجلة نشرة قرارات محكمة النقض عدد ‪ ،15‬لسنة ‪.2014‬‬
‫✓ مجلة قضاء محكمة النقض عدد‪ ،75‬لسنة ‪.2012‬‬

‫‪103‬‬
‫✓ مجلة نشرة قرارات محكمة النقض عدد ‪ ،17‬لسنة ‪.2014‬‬
‫✓ مجلة نشرة قرارات محكمة النقض عدد ‪ ،23‬لسنة ‪.2015‬‬
‫✓ مجلة نشرة قرارات محكمة النقض عدد‪ 30‬لسنة‬
‫محاضرات وندوات وأيام دراسية‪:‬‬
‫✓ عبد الحميد أخريف‪" :‬محاضرات في القانون المسطرة المدنية وفق إصالحات ‪،"2011‬‬
‫موجهة لطلبة كلية الحقوق بفاس‪ ،‬لسنة ‪.2014-2013‬‬
‫✓ عبد العزيز الحضري‪ :‬محاضرات المسطرة المدنية‪ ،‬موجهة لكلية الحقوق وجدة‪ .‬سنة‬
‫‪.2015‬‬
‫✓ مداخلة األستاذ محمد الرحية‪ :‬في الندوة الوطنية عن بعد بعنوان "األمن القانوني والقضائي‬
‫في ظل حالة طوارئ الصحية بالمغرب"‪ ،‬المنظمة من قبل المركز المتوسطي للدراسات‬
‫القانونية والقضائية ومجلة القانون واألعمال الدولية‪ ،‬يوم السبت ‪16‬ماي‪.2020‬‬
‫✓ مداخلة األستاذ مصطفى المرضي‪ :‬أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس‪ ،‬ندوة علمية عن‬
‫بعد بعنوان "قراءة نقدية في مشروعي التعديل الجزئي لقانون المسطرة المدنية والمسطرة‬
‫الجنائية في ظل حالة الطوارئ الصحية"‪ ،‬نظمتها نقابة المحامين بالمغرب فرع وجدة بتاريخ‬
‫‪.2020/05/18‬‬
‫✓ مداخلة األستاذ نايف أحمد ضاحي‪ :‬في المؤتمر العلمي الدولي تحت عنوان‪ :‬الرقمنة‬
‫والقانون تطلعات المس تقبل في الدول العربية‪ ،‬المنظم بكلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش يوم ‪15‬و‪ 16‬يوليوز‪.2022‬‬
‫✓ مداخلة األستاذة أمنية ايت حسين‪ :‬في المؤتمر العلمي الدولي تحت عنوان‪" :‬الرقمنة والقانون‬
‫تطلعات المستقبل في الدول العربية"‪ ،‬المنظم بكلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش يوم ‪15‬و‪ 16‬يوليوز‪.2022‬‬
‫القوانين‪:‬‬

‫‪104‬‬
‫✓ ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.74.447‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ )28( 1394‬شتنبر‬
‫(‪ )1974‬بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية المنشور في الجريدة الرسمية عدد‬

‫‪ 3230‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 13‬رمضان ‪ )3( 1394‬شتنبر (‪ ،)1974‬ص ‪.2741‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.22.38‬صادر في ‪ 30‬من ذي القعدة ‪ 30( 1443‬يونيو ‪،)2022‬‬


‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 38.35‬المتعلق بالتنظيم القضائي صدر بالجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪،7108‬‬

‫‪ 14‬ذو الحجة ‪14( 1443‬يوليو ‪ ،)2022‬ص‪.4568‬‬

‫✓ ظهير شريف رقم ‪ 1.07.129‬صادر في ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نوفمبر ‪)2007‬‬

‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 53.05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية الجريدة الرسمية‪:‬‬

‫عدد ‪ 25 ،5584‬ذو القعدة ‪ 6( 1428‬ديسمبر ‪ ،)2007‬ص‪.3879‬‬

‫✓ ظهير شريف رقم ‪ 1.06.23‬صادر في ‪ 15‬من محرم ‪ 14( 1427‬فبراير ‪ )2006‬بتنفيذ‬

‫القانون رقم ‪ 81.03‬بتنظيم مهنة المفوضين‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 5400‬بتاريخ فاتح‬

‫صفر ‪ 2( 1427‬مارس ‪ ،)2006‬ص ‪.559‬‬

‫✓ ظهير شريف رقم ‪ 1.97.162‬صادر في ‪ 2‬ربيع اآلخر ‪ 7( 1418‬أغسطس ‪ ،)1997‬بتنفيذ‬


‫القانون رقم ‪ 24.96‬المتعلق بالبريد والمواصالت الجريدة الرسمية‪ :‬عدد‪4518‬‬

‫(‪ ،)1997/09/18‬ص‪.3721‬‬

‫✓ ظهير شريف رقم ‪ 1.17.27‬صادر في ‪ 8‬ذي الحجة ‪ 30( 1438‬أغسطس ‪ )2017‬بتنقيد‬


‫القانون رقم ‪ 61.16‬المحدثة بموجبه وكالة التنمية الرقمية‪ ،‬صدر بالجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‬
‫‪ 6604‬بتاريخ ‪ 23‬ذي الحجة ‪ 14( 1438‬سبتمبر ‪ ،)2017‬ص‪.5057‬‬

‫‪105‬‬
‫✓ ظهير شريف رقم ‪ 1.20.100‬صادر في ‪ 16‬من جمادى األولى ‪ )31( 1442‬ديسمبر‬
‫(‪ )2020‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 43.20‬المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 27 ،6951‬جمادى األولى ‪ 11( 1442‬يناير ‪ ،)2021‬ص‪.271‬‬

‫✓ ظهير شريف رقم ‪ 1.09.15‬صادر في ‪ 22‬من صفر ‪ 18( 1430‬فبراير ‪ )2009‬بتنفيذ‬


‫القانون رقم ‪ 09.08‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع‬

‫الشخصي‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 27‬صفر ‪ 23( 1430‬فبراير ‪،)2009‬‬

‫ص ‪.552‬‬

‫✓ ظهير شريف رقم ‪ 1.20 .69‬صادر في ‪ 4‬ذي الحجة ‪ 25( 1441‬يوليو ‪ ،)2020‬بتنفيذ‬

‫قانون رقم ‪ 05.20‬المتعلق باألمن السيبراني‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ :‬عدد ‪ 9 ،6904‬ذو الحجة‬

‫‪ 30( 1441‬يوليو‪ ،)2020‬ص ‪.4160‬‬

‫مشاريع قوانين‪:‬‬

‫✓ مشروع قانون رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة المدنية‬

‫المراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬


‫‪✓ Bouras latifa: "La notification judiciaire électronique: Quelle‬‬
‫‪valeur juridique ?", Journal of legal and political thought,‬‬
‫‪Volume 6. N° 2.)2022( .‬‬
‫‪✓ Dvid kwizera.Meryam Al Habous. Akkour soumaya : "De la‬‬
‫‪dématérialisation des procédures judiciaires à une justice‬‬
‫‪digitalisée : une aubaine pour les acteurs de la chaine‬‬
‫‪judiciaire", Revue Internationale du Chercheur, Volume 3:‬‬
‫‪Numéro 4.‬‬

‫‪106‬‬
✓ Hélène PAULIAT: "justice et transformation numérique"
revue justice actualities. n° 26. ENM December 2021.
✓ Xavier.labbée: "Procédure civile: où est passée l’assignation
numérique?" Article publié sur le site : https://www.actu-
juridique.fr/civil/procedure-civile/procedure-civile-ou-est-
passee-lassignation-numerique/
Les sites web:

https://juriscassation.cspj.ma

www.legifrance.gouv.fr

:‫معجم‬

‫ دار لسان‬،‫ قدم له الشيخ عبد هللا العاليلي‬،‫ المجلد األول‬،‫ لسان العرب‬،‫العالمة ابن منظور‬
.‫ دون سنة نشر‬،‫ بيروت‬،‫العرب‬

107
‫المـــــلـــحـــــق‬

‫‪108‬‬
‫الملحق األول‪:‬‬

‫‪109‬‬
110
111
112
‫الملحق الثاني‪ :‬مقتطف من مشروع رقم ‪ 02.23‬المتعلق بالمسطرة المدنية‬

‫‪113‬‬
114
115
116
117
‫الملحق الثالث‪ :‬متعلق بمرسوم رقم م‪ 18/‬بشأن التبليغ اإللكتروني في النظام السعودي‬

‫‪118‬‬
119
120
121
‫الملحق الرابع‪ :‬مقتطف من قرار وزاري رقم ‪ 260‬لسنة ‪ 2019‬في شأن الدليل اإلجرائي‬
‫لتنظيم التقاضي باستخدام الوسائل اإللكترونية واالتصال عن بعد في اإلجراءات المدنية لدولة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫الملحق الخامس‪:‬‬

‫‪123‬‬
124
‫الفهرس‬
‫المقـدمـ ــة ‪1 ........................................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أحكام التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية ‪13 .......................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬شكليات التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية وكيفية إثباته ‪14 ..................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬شكليات التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية ‪14 ..................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬البيانات الواجب توافرها ف وثيقة التبليغ ‪14 ...............................................‬‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬مقتضيات خاصة بالتبليغ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية ‪16 ..................................‬‬
‫المطلب الثائ‪ :‬وسائل إثبات التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية ‪20 .............................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬إثبات التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية عن طريق اإلشعار بالتوصل ‪20 ......‬‬
‫اإللكتوئ ف إثبات التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية ‪22 ........‬‬ ‫ر‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬دور المحرر‬
‫المبحث الثائ‪ :‬نطاق التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية ‪28 ......................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نطاق التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية من حيث الزمان والمكان ‪29 ........‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬نطاق التبليغ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية من حيث الزمان ‪30 ..............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬نطاق التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية من حيث المكان ‪36 ...................‬‬
‫المطلب الثائ‪ :‬نطاق التبليغ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية من حيث األشخاص ‪41 .......................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬األشخاص المكلفون بالتبليغ القضائ ‪41 ....................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الجهة المخولة لها تسليم وثائق القضائية ‪45 ..............................................‬‬
‫الفصل الثائ‪ :‬آثار التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية ‪50 ..........................................‬‬
‫‪125‬‬
‫المبحث األول‪ :‬آثار التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية عىل أطرافه ‪51 .........................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬آثار التبليغ القضائ الصحيح ‪51 ............................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬آثار التبليغ عىل وصف الحكم ‪52 .............................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آثار التبليغ عىل أجل ممارسة الطعن‪57 .....................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تبليغ األحكام من أجل التنفيذ ‪62 ............................................................‬‬

‫المطلب الثائ‪ :‬الطعن ف صحة التبليغ وبطالنه ‪63 .........................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬أسباب بطالن التبليغ ‪64 .......................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مدى اعتبار الطعن ف إجراءات التبليغ من النظام العام ‪68 ...............................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬المحكمة المختصة ف الطعن ف صحة التبليغ ‪70 .........................................‬‬


‫المبحث الثائ‪ :‬آثار التبليغ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية عىل منظومة العدالة ومعيقاته ‪77 .............‬‬
‫المطلب األول‪ :‬آثار التبليغ القضائ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية عىل منظومة العدالة‪77 ...............‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬دور التبليغ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية ف ترشيد الزمن القضائ ‪78 .......................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور التبليغ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية ف تقريب القضاء من المواطي ‪80 ..............‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬دور التبليغ الموجه بطريقة ر‬
‫إلكتونية ف تحقيق النجاعة القضائية ‪81 .................‬‬
‫ر‬
‫اإللكتونية ‪83 .........................................‬‬ ‫المطلب الثائ‪ :‬تحديات التبليغ الموجه بالطريقة‬
‫ر‬
‫المعلومائ ‪83 .........................................................‬‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬تهديد المحيط باألمن‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الفجوة الرقمية ‪87 .............................................................................‬‬


‫ر‬
‫اإللكتوئ ‪88 ..................................................................‬‬ ‫الفقرة الثالثة‪ :‬ضعف اإلثبات‬
‫‪126‬‬
‫خاتمة ‪93 .........................................................................................................‬‬

‫الئحة المراجع ‪97 ................................................................................................‬‬

‫الملحق ‪109 .....................................................................................................‬‬

‫الفهرس ‪125 ......................................................................................................‬‬

‫‪127‬‬

You might also like