Professional Documents
Culture Documents
التحفيظ العقاري بين الاختيارية والاجبارية على ضوء القانون
التحفيظ العقاري بين الاختيارية والاجبارية على ضوء القانون
في موضوع
التحفيظ العقاري بين االختيارية واالبجبارية لى وو القاوون
14.07
من المشاريع وتشجيع االستثمارات األجنبية وتقتضي مساهمته بشكل فعال في البناء
االقتصادي ،ضرورة الحفاظ على استق ارره وثباته القانوني وذلك عن طريق وضع ترسانة قانونية
تضمن الحماية للمالك وأصحاب الحقوق المجاورة ضد عمليات الغصب واالستحواذ غير
المشروع ،من غش وسطو فاإلنسان ارتبط باألرض مند ليالي التاريخ األولى فردا وجماعة
وجودتا واعما ار فسعى إليها حائ از أو مالكا او غاصبا مبتدعا في ذلك قواعد تنظم له استعمالها
واستغاللها والتصرف فيها ،1والنظام العقاري في المغرب يتصف باالزدواجية بين عقارات
محفظة تخضع لقانون التحفيظ العقاري وعقارات غير محفظة تستمد قواعدها من مبادئ
الشريعة اإلسالمية وبعض قواعد قانون االلتزامات والعقود ،وهو يتميز بطابع االختيارية في
التحفيظ حاليا وقد عرف القانون العقاري تطو ار تاريخيا مهما يبتدئ من دخول الحماية إلى
المغرب ،حيث لم يكن هناك قانون ينظم تسيير العقارات ولكن بعد دخول الحماية الفرنسية
للمغرب سنة 9191بعد ما كان المغرب محطة أطماع عدة دول تم تأسيس ظهير التحفيظ
1منشورات خوخي ياسين " :نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية " ،سلسلة دفاتر محكمة النقض عدد ، 21
مطبعة األمنية الرباط ،سنة ، 2015ص . 7 :
2ظهير 09رمضان 9119هجرية ( 91غشت ، )9191المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم
90.41الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 9.99.911في 12من ذي الحجة 11( 9011نوفمبر .)1499
1
الخليفية ،أما منطقة طنجة فبقيت خاضعة لنظام دولي لكن سرعان ما أخذ المغرب استقالله
أصبح نطاق تطبيق ظهير التحفيظ العقاري يشمل كل المناطق المغربية بما في ذلك الصحراء
المسترجعة والتي كانت خاضعة للحماية االسبانية ،ويخضع القانون العقاري المغربي لنظام
التسجيل العيني ،المأخوذ من نظام تورانس األسترالي نسبة إلى واضعه روبير تورانس الذي
كان يشغل مدير التسجيالت بأستراليا ،وذلك لما يتميز به هذا النظام من مميزات عديدة تفي
بجميع المتطلبات الضرورية ،وقد عبر الدكتور عبد الرزاق السنهوري عن ذلك بقوله "1إن نظام
التسجيل العيني للعقارات ليعتبر بحق من أحسن القوانين المعاصرة التي تفي بالمطالب
النظرية والعملية لنظام متقن للشهر" ،لكن المشرع الفرنسي اتخذ منحى أخر عكس الذي
سلكه المشرع المغربي حيث أخد بنظام التسجيل الشخصي وفي سنة 1441تم تأسيس الوكالة
المالي وقد أدى إنشاء هذه الوكالة إلى اعطاء رؤية جديدة إلدارة المحافظة العقارية وحاف از قويا
على تطوير طريقة عمل أطرها ومستخدميها وقد بلغ عدد المحافظات بالمغرب سنة 1440
حسب إحصائيات الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية 12محافظة و لقد عمل المشرع وبعد
سنوات طويلة من االنتظار على مراجعة ظهير 91غشت 9191المتعلق بالتحفيظ العقاري
ليصبح مواكبا للتطورات والمستجدات الحاصلة في ميدان المعامالت العقارية ،والعمل على
عبد الرزاق السنهوري " :الوسيط في شرح القانون المدني" ،الجزء التاسع ،ص ، 341 :أورده األستاذ عبد الكريم شهبون 1
في كتابه الشافي في شرح قانون التحفيظ العقاري الجديد رقم ، 14-07في الصفحة . 9 :
2القانون رقم 20.44القاضي بإحداث الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية الصادر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 9.41.912بتاريخ فاتح ربيع اآلخر 91( 9011يونيو . )1441
2
اصدار قانون جديد موحد يأتي بتغييرات وتعديالت إيجابية تهدف إلى تسريع وتبسيط مسطرة
التحفيظ العقاري فأصدر المشرع المغربي قانون نظام التحفيظ العقاري الجديد رقم ،90.41
الصادر في إطار مخطط إصالح الترسانة التشريعية بالعقار بالمغرب و يكتسي الموضوع
الماثل أمامنا التحفيظ العقاري بين االختيارية واإلجبارية على ضوء القانون 90.41أهمية
ومن دواعي اختيارنا لهذا الموضوع وتشجيعا للبحث العلمي ومواكبة لكل ما يروج في
الساحة القانونية ،كان لزاما محاولة البحث في جوانب التحفيظ العقاري ،والطابع الذي يتميز
به واألفق المستقبلية التي تساعد على تعزيز الترسانة القانونية عامة والعقارات بصفة خاصة،
بعد هذا التمهيد نكون أمام طرح إشكالية محورية :إلى أي حد استطاع المشرع المغربي التوفيق
ولتدليل صعوبة الموضوع واإلجابة على اإلشكالية محل البحث كان ال بد من توظيف
3
المبحث األول :التحفيظ عمل اختياري
يمكن القول بداية أن التحفيظ عمل اختياري في األصل فال يتسم بطابع إلزامي بل هو
مبدئيا عمل اختياري ،ولم يجعله المشرع إجباريا إال في حاالت معينة طبقا لما نص عليه
يصب في اتجاه واحد إما الدخول في نظام التحفيظ العقاري أو البقاء في نظام العقارات غير
المحفظة الذي يعتبر أصال فصاحب العقار الغير المحفظ هو الذي يتمتع بهذا االختيار على
اعتبار أن عقاره يخضع منذ األصل لقواعد الشريعة اإلسالمية أما صاحب العقار المحفظ فهو
ال يتمتع بهذه االمكانية وال يمكن له المطالبة بإرجاع عقاره الى نظام العقارات الغير محفظة
4
المطلب األول :التحفيظ أمر اختياري مبدئيا
سنتناول مفهوم التحفيظ االختياري في (الفقرة األولى) ،ثم مميزات التحفيظ االختياري في
(الفقرة الثانية).
إن التحفيظ العقاري أمر اختياري وقد نص الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري
المعدل والمتمم بالقانون رقم 90.41على ما يلي " 1إن التحفيظ أمر اختياري غير أنه إذا
فكل مالك عقار أوكل صاحب حق عيني عقاري يستطيع إذا أراد أن يتقدم بمطلب
التحفيظ بغية إخضاع عقاره أو الحق العيني الذي له عليه إلى نظام السجل العقاري وجني
فوائد هذا النظام أما إذا لم يرغب في تقديم هذا الطلب فال سبيل إلرغامه على ذلك.
أن الموقف الذي اتخذه المشرع المغربي هو موقف حكيم ،على 2
في حين يرى بعض الفقه
نظام التحفيظ ألن طابع االختيارية يساعد على نشر التوعية بين المواطنين ،من أجل أن يألفوا
ظهير شريف رقم 9.99.911صادر في 12من ذي الحجة 11( 9011نوفمبر )1499بتنفيذ القانون رقم 90.41 1
بمقتضاه الظهير الشريف الصادر في 1رمضان 91( 9119أغسطس )9191المتعلق بالتحفيظ العقاري.
مأمون الكزبري " :التحفيظ العقاري و الحقوق العينية األصلية و التبعية في ضوء التشريع المغربي " ،العربية للطباعة و 2
5
رويدا رويدا النظام الجديد المحدث ويقدموا تلقائيا مع الزمن على اتباعه عندما يلمسون محاسنة
وفوائده .وبعدما أدرك الجميع فوائد هذا النظام ،أصبح المتعاملون العقاريين يفضلون العقارات
المحفظة التي تتميز بخلوها من النزعات المتعلقة بملكيتها ،أظف إلى ذلك أن جعل هذا النظام
إلزاميا يتطلب بالضرورة أطر تقنية وقانونية تتميز بالكفاءة والخبرة وليس من السهل توفير هذه
وتجدر اإلشارة إلى أن العبارة األخيرة من المادة المشار إليها " فإنه ال يمكن مطلقا
سحبه" تفيد التشدد الذي يريده المشرع من وراء عملية التحفيظ حتى ال يصبح التحفيظ وسيلة
للتالعب أو التردد من طرف طالبي التحفيظ فال يستطيع مطلقا العدول عنه واسترداده وقد تم
إدخال هذه المادة ضمن ظهير التحفيظ العقاري بمقتضى ظهير 12غشت .9120
فصاحب العقار الغير المحفظ هو الذي يتمتع بهذا االختيار أما صاحب العقار المحفظ
فيكون مقيدا بطلبه وال يمكنه التراجع عنه فبمجرد تقديمه هذا الطلب إلى المحافظة العقارية
فإنه ال يمكن له أن يتراجع عنه ويجد ذلك سنده باألساس من مضمون المادة األولى من
ظهير التحفيظ العقاري التي أكدت على "يرمي التحفيظ إلى جعل العقار خاضعا للنظام المقرر
في هذا القانون من غير أن يكون في اإلمكان إخراجه منه فيما بعد" فتكريس المشرع المغربي
لمبدأ االختيارية في التحفيظ هدفه األسمى هو التخلي عن تطبيق نظام العقارات غير المحفظة
1محمد خيري " :العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي من خالل القانون الجديد رقم 90.41المتعلق
بالتحفيظ العقاري " ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،الطبعة الثانية ،سنة ،1490ص.911 :
6
والخضوع للظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري وفي سياق هذا الحديث ورد في أحد القرارات
القضائية الصادرة عن محكمة النقض على أن العقارات الجارية بشأنها مسطرة التحفيظ تطبق
بشأنها قواعد الفقه اإلسالمي قبل احالتها على محكمة التحفيظ للنظر في النزاعات ومن حيثياته
"ومن جهة أخرى فإن مسطرة التحفيظ التي يقصدها الفصل 24من ظهير التحفيظ
تبتدئ من إحالة الملف على المحكمة ومحكمة االستئناف التي كانت تنظر في الدعوى في
إطار االحتالل بدون سند ناقشت دفوع الطرفين ،وجاء في قرارها بأن المستأنفة فضال عن
الشهادة المستخرجة من المحافظة والمتعلقة بمطلب التحفيظ أدلت برسم شراء مضمن تحت
عدد 92ص 74بتاريخ 9محرم 1419يفيد شراءها للعقار المذكور من زوجها… المملوك
له بموجب رسم ملكية مضمن بعدد 388ص 367بتاريخ 1994/12/16وان القضاء
والفقه استق ار على أن العقارات الجارية بشأنها مسطرة التحفيظ تطبق بشأنها قواعد الفقه
اإلسالمي قبل احالتها على محكمة التحفيظ للنظر في النزاعات والتعرضات المقيدة على
1قرار محكمة االستئناف بالجديدة ،عدد ، 1512الصادر بتاريخ ، 2008/04/23ملف مدني عدد :
، 2006/3/1/3760المنشور في الموقع االلكتروني ، www. La jurisprudence Maroc .COM :تم الدخول في
، 1/03/2019على الساعة . 18.42 :
7
يتميز التحفيظ العقاري بطابع االختيارية كما نص عليها الفصل السابق ذكره وهذا من
حسنات المشرع المغربي الذي ترك الباب مفتوحا للجميع من أجل اإلقدام على تحفيظ عقارتهم،
أمام المحاكم الشيء الذي سيؤدي إلى عرقلة سيرها ونظ ار لعدم توفر األطر التقنية من مهندسين
واألطر القانونية المختصة أظف إلى ذلك أن الدولة ستحتاج الى أموال طائلة إلنجاز عمل
ضخم يقدر بتحفيظ جميع األمالك العقارية ،بحيث ترك المشرع المغربي المجال مفتوحا ولم
يتم تقييده ويمكن القول أن هذه الفكرة التي أقدم عليها المشرع ستشجع مستقبال أصحاب
العقارات الغير المحفظة والخاضعة لقواعد الشريعة اإلسالمية ومدونة الحقوق العينية1على
تحفيظ عقاراتهم ،وتجدر اإلشارة الى أن المشرع سمح بإقامة عمارات وانشاءات على عقارات
محفظة وعلى عقارات غير محفظة بمقتضى القانون رقم 18.00المتعلق بنظام الملكية
المشتركة للعقارات المبنية 2وكذلك بيع العقارات في طور اإلنجاز بمقتضى القانون 44.00
ولعل عمله هذا جاء تجاوبا مع الطلب المتزايد على العقارات المبنية .
1القانون 11.40المتعلق بمدونة الحقوق العينية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ، 1.11.178بتاريخ 25من ذي
الحجة 22( 1432نوفمبر . )2011
2ظهير شريف رقم ، 1.02.298الصادر في 25من رجب 3 ( ،1423أكتوبر ، ) 2002بتنفيذ القانون رقم
، 18.00المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية .
8
إذن فرؤية المشرع المغربي تتجه إلى نهج سياسة منظمة بدأ من الجزء إلى الكل وحسب
إحصائيات مديرية المحافظة على األمالك العقارية إلى غاية سنة 11444نجد أن عدد
العقارات التي هي في طور التحفيظ أكثر من عدد العقارات المحفظة ،مما يدل داللة قاطعة
على أن التحفيظ االختياري بالنسبة للعقارات يجعل صاحب العقار في حالة اختيار ،بين عملية
تقديم مطلب للتحفيظ عند استشعاره بفوائد التحفيظ بحيث سترفع له من ثمن العقار إن أراد
بيعه وغني عن البيان أن التحفيظ العقاري يعتبر إحدى الركائز األساسية للتقدم االقتصادي
واالجتماعي للبالد وبصفة عامة للتنمية المحلية القروية والحظرية ،فبالنسبة للمجال القروي
نجد أن تطهير العقارات من كل النزاعات يؤدي إلى الزيادة في قيمتها والى الرفع من ثمنها
ويشجع أصحاب رؤوس األموال على إقامة مشاريعهم في البادية بدل االنتقال إلى المدينة كما
أن تأمين مالك العقار عن طريق رسم عقاري من كل تشويش يجعل الفالح يزداد تثبتا بأرضه
ويحد بالتالي من هجرة أهل البادية للبحث عن العمل في المدينة كما أن التحفيظ العقاري يلعب
دو ار كبي ار في تنمية المجال الحضري كذلك اذ أن إعطاء العقار رسما عقاريا يطهره من كل
النزاعات كما أن الثقة التي يقدمها الرسم العقاري للمتعامل تؤدي إلى تشجيع االئتمان العقاري
وانتشار المؤسسات المالية وتوسيع نشاطها ضمن إطار من الطمأنينة واألمان نظ ار للدور الذي
تبلغ المساحة اإلجمالية للعقارات المحفظة 1044444هكتار كما تبلغ المساحة اإلجمالية للعقارات التي هي في طور 1
التحفيظ 1044444هكتار (حسب إحصائيات مديرية المحافظة العقارية إلى غاية سنة ، )1444أورده األستاذ محمد
خيري في المرجع السابق دكره ،على الصفحة .128 :
9
المطلب الثاني :استثناءات مبدأ التحفيظ االختياري
سنحاول التطرق إلى حاالت تقديم مطلب التحفيظ (كفقرة أولى) وسنتناول حاالت التحلل
علما بأن التحفيظ العقاري بالمغرب هو أمر اختياري في األصل غير أنه إذا وضع
مطلب التحفيظ بالمحافظة العقارية فإنه ال يمكن سحبه بعد ذلك إال في الحاالت التي يتخذ
فيها المحافظ قرار بإلغاء مطلب التحفيظ ،ألسباب مبررة أي أن االختيار يصبح نهائيا وال
رجعت فيه وقد أشارت المادة السادسة ،من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم بالقانون
90.41بصفة صريحة إلى عدم إمكانية التراجع عن مطلب التحفيظ حيث جاء فيه ما يلي :
" إن التحفيظ أمر اختياري غير أنه إذا قدم مطلب بالتحفيظ فإنه ال يمكن مطلقا سحبه"
وقد جاء في هذا الصدد قرار محكمة النقض 1الذي ينص على أن تقديم مطلب التحفيظ
1قرار محكمة االستئناف بسطات ،عدد ،3105الصادر بتاريخ ، 2008/9/17ملف مدني عدد ، 2007/3/1/3990:
المنشور في الموقع االلكتروني ، www. La jurisprudence Maroc .COM :تم الدخول في ، 1/03/2019على
الساعة. 18.42 :
10
"وعن التمسك بمطلب التحفيظ ردت عن صواب بأن انشاء المطلب يعد إجراءا إداريا ال يمنع
صاحب الحجة من الذود عن ملكه الثابت بمقتضى رسم الصدقة ولرسم المعاوضة وكذا
القرار االستئنافي عدد 05/519والمحكمة بناءا على ما تقدم تكون قد عللت قرارها تعليال
كافيا ولم تخرق القانون وكأن ما بالوسيلتين غير جدير باالعتبار فقضت برفض الطلب".
وتفيد العبارة التي أشار إليها الفصل السالف ذكره "ال يمكن مطلقا سحبه" التشدد ،الذي
يريد المشرع من وراء عملية التحفيظ حتى ال يصبح التحفيظ وسيلة للتالعب أو التردد من
طرف طالبي التحفيظ ،1الشيء الذي يدل داللة قاطعة على أن المشرع المغربي ضيق المجال
أمام طالبي التحفيظ سيئي النية وتنبيههم إلى جدية مزاعمهم وذلك طبقا للقاعدة الفقهية المتعارف
وان دوافع إضافة هذه الفقرة ،هو تضييق مجال االختيار وحث الناس على الجدية في
التحفيظ وكما قال بعض الفقه على أن المالك أو صاحب الحق العيني ،إذا ما قدم مطلبا
بالتحفيظ فإنه يغدو مقيدا بمطلبه فال يستطيع مطلقا العدول عنه واسترداده نظ ار ألهمية وجدية
عملية التحفيظ ،وبالتالي ال يقدم عليها إال ذوي المصلحة غير أنه يمكن لطالب التحفيظ التحلل
من مطلب التحفيظ والتهرب من محتوى الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري عن طريق
مجموعة من الحاالت.
11
الفقرة الثانية :حاالت التحلل من مطلب التحفيظ
خول المشرع المغربي لطالب التحفيظ مجموعة من الحاالت التي يمكنه فيها أن يتحلل
من مطلبه من دون أي جزاء يترتب عن ذلك ،ويمكن حصرها في 1حاالت تجد سندها
لقد نص الفصل 11من ظهير التحفيظ العقاري بأنه " إذا لم يحظر طالب التحفيظ أو
من ينوب عنه في المكان والتاريخ والوقت المعين إلنجاز عملية التحديد ،فال يتم إنجازها
ويفهم من هذا بأن إجراءات التحفيظ ،تتعطل وال يمكن للمحافظ مباشرتها إال بحضور من
سبقت اإلشارة إلى أنه بعد استدعاء أطراف عملية التحديد يكون جميع من وجهت إليهم
الدعوة قد حظروا لذلك بوسائلهم الخاصة ،واذا لم يحظر أحدهم فإن ذلك ضد مصلحته ويكون
هو المسؤول عن ضياع حقه إذا لم يرد له ذكر أثناء االجتماع ولم يستطع الحصول عليه بعد
ذلك.
أما إذا لم يحضر طالب التحفيظ شخصيا وتخلف عن حضور عملية التحديد المؤقت
ولم يرسل نائبا عنه ،فإن المشرع في هذا الفصل موضوع الشرح نص على أن طالب التحفيظ
12
عند غيابه وغياب من ينوب عنه بدون عذر مقبول فإن عملية التحديد تتوقف وال تنجز أية
عملية بل يقتصر على تحرير محضر خاص يثبت فيه تغيب طالب التحفيظ أو من ينوب عنه
وقد يتعذر في بعض األحوال انجاز عملية التحديد في األجل المحدد له ألسباب عدة
يعاد التحديد مرة أخرى على نفقة الطالب بعد أن يحدد له المحافظ أجال ال يتجاوز الشهرين
كما جاء الفصل 11من نفس الظهير بأنه في "حاالت تغيب طالب التحفيظ أو من ينوب
عنه أو على عدم قيامه بما يلزم ألجراء عملية التحديد فإن مطلب التحفيظ يعتبر ال غيا
وكأن لم يكن إذا لم يذل بعذر مقبول داخل أجل شهر من تاريخ توصله باإلنذار".
أوضح هذا الفصل موضوع الشرح أنه في حياد ودون المساس بأحكام الفصل 6من
هذا القانون السابق شرحه والتي تتضمن أن التحفيظ مبدئيا عمل اختياري ،لكن اذا فتح مطلب
التحفيظ في المحافظة العقارية وطلب حاجته القيام بتحفيظ عقاره فال يمكن له أن يقوم بسحبه
على اإلطالق لذلك تبقى أحكام هذا الفصل السادس ملزمة لطالب التحفيظ وعليه فإذا نص
محضر التحديد المؤقت على أن طالب التحفيظ اذا تخلف شخصيا عن حضور عملية التحديد
ولم يرسل نائبه أو عدم قيامه بما يلزم إلجراء عملية التحديد فال تنجز أية عملية بل يقتصر
على تنظيم محضر يثبت فيه تغيب طالب التحفيظ فتحفظ المعاملة وتعتبر مجردة من أي أثر
قانوني .
13
وهو أمر محمود من المشرع المغربي ،فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 11قبل التعديل نجده
ينص على أنه" إذا نص المحضر على تغيب طالب التحفيظ يعتبر ملغى ويحفظ ملف
اإلجراءات" وبهذا حسم المشرع المغربي في القانون 90.41المغير والمتمم لظهير التحفيظ
العقاري 91غشت 9191التضارب الذي كان حاصال في السابق ،في مواقف بعض
المحافظين الذين كانوا يعملون على إلغاء مطلب التحفيظ دون اندار مسبقا عند ثبوت تغيب
طالب التحفيظ بمحظر التحديد ،خصوصا بعد إعمال نظام يقوم على تسلم طالب التحفيظ
وصل االستدعاء لعملية التحديد فور إدراج مطلب التحفيظ ،في حين الدورية عدد 101بتاريخ
اإلداري 1قد أشارت إلى ضرورة تنبيه طالب التحفيظ في الرسالة االنذارية إلى أنه في حالة
عدم حضوره شخصيا أو نائبه عملية التحديد الجديدة (المطلوبة من طرفه) سيتم إلغاء مطلب
أشار الفصل 10من ظهير التحفيظ العقاري بأنه " في حالة رفض مطلب التحفيظ ألي
سبب كان وفي أي مرحلة من مراحل المسطرة يكون التحديد الغيا ويلزم طالب التحفيظ بمحو
أثره وان لم يستجب بعد إنذار يوجه إليه فإن ذلك المحو يباشر على نفقته ولو استلزم األمر
بصري هشام" :مسطرة التحفيظ واشكاالتها العملية " ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،سنة 1
، 1491ص.09 :
14
تسخير القوة العمومية يستدعي المحافظ على األمالك العقارية األطراف لسحب الوثائق
المودعة من طرفهم بعد التحقق من هويتهم تتخذ نفس اإلجراءات في حالة رفض جزئي
بالنسبة ألجزاء العقار التي أخرجت من التحفيظ ويصحح التحديد وفقا لهذا اإلخراج " .
إذن فرفض مطلب التحفيظ كال أو بعضا من شأنه أن يرد طالب التحفيظ وجميع المعنيين
باألمر بالنسبة لكل العقار أو أجزائه المخرجة إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل الطلب غير
أن االحكام الصادرة في شأن التعرضات يكون لها فيما بين األطراف قوة الشيء المقضي به
وانطالقا من هذا المفهوم يمكن لطالب التحفيظ أن يعطل مفعول طلبه باالمتناع عن تقديم
الحجج التي تؤيد مطلبه ،أو االدعاء بعدم وجودها ،حيث يجوز للمحافظ في مثل هذه الحالة
إلغاء مطلب التحفيظ إذن يمكن أن نستشف من هذا الفصل أن المحافظ تبقي له السلطة
التقديرية عند د ارسته للوثائق المدلى بها والجزم بكفايتها وبعدم كفايتها ،لتأكيد مطلب التحفيظ
فعندما يتضح للمحافظ ،أن طالب التحفيظ قد امتنع عن تقديم الحجج المعززة لمطلب التحفيظ
يتخذ ق ارره إللغاء هذا الطلب وفي هذا الصدد جاء في أحد ق اررات محكمة النقض ما يلي:
"ومن جهة ثانية فإنه يتجلى من محضر التحديد المنجز بتاريخ 1999/12/10من طرف
مصلحة المسح العقاري التابع للمحافظة العقارية وبحضور الطاعن نفسه وتوقيعه عليه أن
أرض المطلب عدد 08/60238محل النزاع إنما هي عبارة عن غابة وأنه ليس في
مستندات الملف ما يفيد أن الطاعن أدلى أمام المحكمة بخالف ما جاء في المحضر
المذكور" .وأن الحيازة ال تستنتج من مجرد عقود الشراء ولذلك ولما للمحكمة من سلطة في
15
تقييم األدلة واستخالص قضائها منها فإنها حين عللت قضاءها بأن المنازعة المعروضة تتعلق
برفض المطلب من طرف المحافظ نظ ار لعدم كفاية الحجج المدلى بها ،وهذه السلطة التي
خولها القانون للمحافظ مستوحاة من مقتضيات الفصلين 96و 38من ظهير التحفيظ العقاري
تطبيق الضابط العقاري ،وان مطلب التحفيظ عدد 08/60338لم يرد بشأنه أي تعرض وأن
أعوان المحافظ أثناء قيامهم بعمليات القياس الحظوا أن العقار موضوع التحديد عبارة عن
غابة مغروسة من طرف إدارة المياه والغابات والذي حازته بموجب القرار الوزيري المؤرخ في
1945/09/10في إطار المنفعة العامة فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار المطعون فيه
أعاله معلال بما فيه الكفاية وباقي تعليالته المنتقدة تعتبر تعليالت زائدة يستقيم القضاء بدونها
إن الحالة التي أشار إليها الفصل 24من ظهير التحفيظ العقاري ،تؤكد بدورها إمكانية
التراجع عن مطلب التحفيظ حيث ينص الفصل السابق ذكره" إن الطلب الرامي إلى التحفيظ
والعمليات المتعلقة به تعتبر وكأ ن لم يكن إذا لم يقم طالب التحفيظ بأي إجراء لمتابعة
المسطرة ،وذلك داخل ثالثة أشهر من يوم تبليغه إنذا ار من المحافظ بواسطة عون المحافظة
1قرار محكمة النقض عدد ، 3816المؤرخ في ، 2007/11/21 :ملف مدني عدد ، 2006/1/1/939منشور أورده
األستاذ عمر أزوكار في كتابه " :مستجدات التحفيظ في ضوء قانون 90.41ومدونة الحقوق العينية " ،منشورات دار
القضاء بالمغرب ،ص . 271 :
16
أو بالبريد المضمون ،أو عن طريق السلطة المحلية أو باي وسيلة أخرى للتبليغ" ،وقد قلص
ومرونة هذا النص قد تفتح الباب واسعا ،أمام المحافظ ليقوم بإلغاء مطلب التحفيظ في
كل حالة ال يستجيب فيها طالب التحفيظ إلى اإلجراءات المعقدة والطويلة أحيانا ويجدها هذا
األخير فرصة مواتية للتراجع عن مطلبه وبالتالي تعطيل مفعول المادة السادسة ،إما عن قصد
وقد ينصرف إعمال الفصل 24إلى جميع الحاالت التي حرر بشأنها محضر إيجابي
للتحديد من طرف المهندس المساح المنتدب ،وتعد لسبب أو ألخر ،مواصلة إجراءات التحفيظ
ومواصلتها ومن بين أهم صور عدم مواصلة إجراءات التحفيظ هي كاألتي:1
-9قد يسفر التصميم الهندسي المنجز من قبل المهندس المساح عن فرق زيادة في المساحة
بين ما هو مقرر واقعا وما وقع التصريح به من قبل طالب التحفيظ أثناء تقديمه لمطلب
التحفيظ ،أو ما ت ضمنته الوثائق المدلى بها ،وفي حالة االستجابة إلنذار المحافظة قد يجابه
عبد الكريم شهبون " :الشافي في شرح قانون التحفيظ العقاري الجديد رقم ، "90.41مطبعة الرشاد ،سطات ،الطبعة 1
17
"يجب االنتباه لمقتضيات الدورية عدد 102مكرر التي تنص على أن الفرق الواجب تبريره
هو ربع المساحة المصرح بها أو ما يفوقه وعليه كان الفرق الحاصل بخصوص المطلب هو
ربع المساحة المصرح بها أو ما يفوقه وعليه كان الفرق الحاصل بخصوص المطلب المذكور
لم يصل إلى الربع فإن األمر ال يحتاج أصال للمطالبة بحجج إضافية لتبريره." 1
"وهذا هو االتجاه الذي أيدته محكمة النقض في قرارها عدد 1847الصادر بتاريخ 21
أبريل 1999في الملف المدني رقم 97/1/1/1/279حيث جاء في منطوقه إذا كانت
العبرة في األراضي بالحدود ال بالمساحة فإن ذلك رهين بأن ال يكون الفرق كبي ار جدا بين
المساحة المبيعة المحددة في عقد البيع والمساحة الحقيقية التي أظهرها التحديد " . 2
-1قد يتعذر على طالب التحفيظ تبرير الفرق في المساحة ،ويطلب منه تعديل وعاء
التحفيظ باالقتصار على المساحة األصلية المبررة بالوثائق المدلى بها ويتوقف ملف التحفيظ
على الركون إلى هذا اإلجراء ،إذا في حالة سلبية طالب التحفيظ يجابه بإلغاء المطلب.
1عمر أزوكار " :مستجدات التحفيظ في ضوء قانون 90.41ومدونة الحقوق العينية " ،منشورات دار القضاء بالمغرب ،
ص . 95 :
2مراسلة المحافظ العام رقم 946بتاريخ ، 2006/02/22أوردها األستاذ عمر أزوكار في المرجع السابق ذكره في
الصفحة . 95 :
واذا زاد الفرق عما سطر أعاله ،ألزم طالب التحفيظ بإثبات الفرق الزائد.
جاء في فقه اإلدارة ما يلي الصادرة عن عمر أزوكار في المرجع السابق ذكره في الصفحة. 95 :
"يشرفني أن أحيطكم علما أنه يمكنكم فيما يخص مطالب التحفيظ التي أظهرت محاضر تحديدها والتصاميم المتعلقة بها
زيادة كبيرة في المساحة عما تم التصريح به في البداية مطالبة أصحابها بالحجج والوثائق التي تبرر ذلك الفرق . " ….
18
-1قد يتضح أثناء التحديد وفاة طالب التحفيظ ،ويحظر ورثته ،أو كل شخص يدعي أنه
تلقى الحق به بعوض أو بدون عوض ويدعي هؤالء إلى إيداع رسم اإل ارثة أو عقد التفويت
لمكا تب المحافظة العقارية من طرف الخلف العام أو الخاص الحاضرين ألشغال عملية
التحديد ،وذلك قصد تحيين مطالب التحفيظ وتأكيد الصفة التي باشروا بمقتضاها عملية
التحديد.1
-0قد يتبين أثناء دراسة الوثائق من قبل المحافظ عدم مطابقة اسم طالب التحفيظ مع
االسم المضمن بالوثائق والرسم لذا يطلب من طالب التحفيظ إصالح حالته المدنية.
أما مسطرة اإلنذار فيمكن القول على أنه بمقتضى قانون التحفيظ العقاري الجديد في الفصل
موضوع الشرح أنه ال يقع إ لغاء مطلب التحفيظ في حالة تخلف طالب التحفيظ عن مواصلة
إجراءات التحفيظ إال بعد احترام مسطرة اإلنذار وهي كما يلي: 2
-1ال يعتبر مطلب التحفيظ ال غيا إال بعد تبليغ طالب التحفيظ إنذا ار بمواصلة
-2يجب أن يقع التبليغ إلى طالب التحفيظ ال إلى المودع الذي بادر إلى إيداع عقوده
في إطار الفصل 84من ظهير التحفيظ العقاري وقد جاء في فقه اإلدارة ما يلي "اذا تبين من
1جاء في رسالة المحافظ العام التي أوردها األستاذ عمر أزوكار في المرجع السابق ذكره في الصفحة. 95 :
" أنه يحق للمحافظ وفق مقتضيات الفصلين 49و 50من الظهير األساسي للتحفيظ إلغاء المطلب وذلك بسبب امتناع
ورثة طالب التحفيظ عن إيداع عقدي اإلراثة والمخارجة " .
-رسالة عدد 661بتاريخ 1986/03/09أوردها األستاذ عمر أزوكار في المرجع السابق ذكره في الصفحة.95 :
2عبد الكريم شهبون ،مرجع سابق ،ص . 127 :
19
خالل دراسته للمحافظ أن الوثائق والمستندات المتعلقة بمطلب التحفيظ المذكور أنها غير
كافية إل تخاد قرار التحفيظ وأمام تماطل المعنيين باألمر عن متابعة اإلجراءات المسطرية
فإنه يمكن إلغاء هذا المطلب استنادا لمقتضيات الفصلين 50/38 :من ظهير التحفيظ
العقاري وتبليغه إلى المعنيين "وال يجبر المحافظ على اندار المودع ألنه أجنبي عن مسطرة
التحفيظ.
-3حدد قانون التحفيظ العقاري أجل ثالثة أشهر لطالب التحفيظ من أجل مواصلة
إجراءات التحفيظ تحت طائلة إلغاء مطلبه ويسري هذا األجل من تاريخ تبليغ اإلنذار إلى
طالب التحفيظ في الموطن المختار المتواجد داخل دائرة نفوذ المحافظة العقارية ما لم تكن
اإلقامة فيه.
-4عدد المشرع من وسائل التبليغ الموضوعة رهن إشارة المحافظ على األمالك العقارية
بواسطة أعوان تبليغ المحافظة العقارية أو البريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية أو
بأي وسيلة أخرى للتبليغ والمقررة في قانون المسطرة المدنية مع مالحظة أن النص استحدث
إمكانية التبليغ بواسطة أعوان تبليغ المحافظة العقارية ويجب على اإلدارة أن تضع رهن إشارة
هذه الفئة من الوسائل المادية واللوجيستيكية ما يمكنها أن تكون فعالة وناجحة بدل االكتفاء
20
-2إن قرار إلغاء مطلب التحفيظ من الق اررات الوقتية التي يمكن العدول عنها من طرف
السيد المحافظ تلقائيا أو بتوجيه من المحافظ العام أو تنفيذا لمقرر المحكمة اإلدارية
ويترتب عن عدول المحافظ عن قرار اإللغاء إعادة ادراج مطلب التحفيظ من غير أداء الرسوم
القضائية من جديد والحافظ على مركز طالب التحفيظ وخاصة في حالة المطالب المتدخلة
حيث يحتفظ بصفة المدعى عليه في االثبات وحقوق المتعرضين من جهة ثانية والمودعون
وتعتبر حاالت إ لغاء التحفيظ بمثابة جزاء من طرف المشرع عن تراخي طالب التحفيظ عن
السير حثيثا في مسطرة التحفيظ مما يؤدي إلى تفادي تجميد وعاء مطلب التحفيظ بدواعي
مسطرية.
وتجدر اإلشارة أنه قد كان حريا بالمشرع المغربي أن يتدخل لوضع حد لهذا التناقض حتى
يضمن بذلك للتحفيظ التكامل واالنسجام المطلوب ،ويبقي لمحتوى المادة السادسة ،األثر
الفعال ولو أقتضى األمر فرض عقوبات على كل من يتخذ من التحفيظ وسيلة للتالعب أو
21
ورغم ذلك فإن الحاالت المشار إليها ليست دائما في صالح طالب التحفيظ وان لجوئه إليها
إنما يعتبر دليال على سوء نيته وعلى عدم جدية مزاعمه ،أو أنه أراد بذلك التحايل على حقوق
الغير ،وان فرض عقوبات كما قال بعض الفقه في مثل هذه الحاالت ،سيكون وال شك ذا أثر
ومع ذلك فالتحفيظ يبقى دوما عمال اختياريا إال إذا تمت إجراءات التحفيظ وتم تأسيس الرسم
العقاري ففي هذه الحالة يتعذر على طالب التحفيظ التحلل من مطلبه أو التراجع عنه ألن
العقار يصبح له كيان قانوني جديد يستحيل إخراجه منه بعد ذلك سواء من طرف مالك العقار
22
المبحث الثاني :التحفيظ عمل إجباري
اعتبر المشرع المغربي أن التحفيظ العقاري أمر اختياري كقاعدة عامة وهو ما نص عليه
جليا مند صدور ظهير 12غشت 1913والمتعلق بالتحفيظ العقاري ،لكن هذه القاعدة تتخللها
مجموعة من االستثناءات لعل من أبرزها أن التحفيظ العقاري هو عمل اجباري ويأتي هذا
األمر تجاوبا مع اإلصالحات التشريعية التي قام بها المشرع المغربي في مجال القانون العقاري
علما بأن التحفيظ االجباري هو استثناء من القاعدة العامة حيث جعله المشرع اجباريا في
حاالت معينة نظ ار للطابع االجرائي الذي يتميز به هذا المفهوم وسط المجتمع وعليه سنتطرق
الى مفهوم التحفيظ االجباري (كفقرة أولى) على أن نتطرق لخصائص التحفيظ االجباري (كفقرة
ثانية) .
23
رغم الطابع اإلجرائي الذي يكتسيه التحفيظ االجباري إال أن المشرع المغربي لم يقم
بتعريفه ،سواء في الفصل 1أو الفصول من 29-9إلى 29-91من قانون رقم ،90-41و
إنما بين أحكامه فقط لكن بالرجوع إلى القانون ،90-41يمكن تعريف التحفيظ اإلجباري على
أنه إرادة الدولة في تحفيظ عقارات معينة بشكل إجباري ومجاني بإتباع مجموعة من
اإلجراءات التي تنتهي بتأسيس رسوم عقارية وتطهير الملكية من كل ادعاء 1إضافة إلى أنه
مجموعة من اإلجراءات والمساطر الخاصة ،الهادفة إلى تثبيت العقار من الناحية المادية
والقانونية ،وجعله خاضعا ألحكام ظهير التحفيظ العقاري جب ار وفقا إلجراءات مبسطة ومعفاة
من الرسوم غالبا ،وذلك بهدف المساهمة في تعميم نظام التحفيظ العقاري وتجنبا لمجموعة من
المشاكل التي تطرحها االختيارية وفي هذا الصدد نص الفصل السابع من الظهير السالف
ذكره على أنه "يكون التحفيظ اجباريا في الحاالت المنصوص عليها في قوانين خاصة وفي
المناطق التي سيتم فتحها لهذه الغاية بقرار يتخذه الوزير الوصي على الوكالة الوطنية
للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية بناء على اقتراح من مديرها ابتداءا من نشر
هذا القرار يمكن لمستخدمي الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية
ولكل األشخاص الذين تؤهلهم لذلك دخول العقارات المعنية للقيام باألبحاث واألشغال
1خالد العظيمي " :التحفيظ اإلجباري وفق قانون 90.41دراسة مقارنة بالتسجيل اإلجباري التونسي " ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،جامعة الحسن األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية -سطات ،السنة
الجامعية ،1491-1491ص.10 :
2عبد الكريم شهبون ،مرجع سابق ،ص . 40 :
24
الفقرة الثانية :خصائص التحفيظ االجباري
ينفرد نظام التحفيظ اإلجباري بمجموعة من الخصائص ،التي تجعله مختلفا عن المسطرة
العادية للتحفيظ وذلك نظ ار لألهمية القصوى التي يحظى بها ،والهدف األسمى الذي يرمي إليه
المشرع من خالل هذه المسطرة الفريدة في إجراءاتها ،والتي تميزها عن المسطرة االختيارية
-خاصية االجبارية:
ال أحد يجادل على أن األصل والقاعدة العامة في تقديم مطالب التحفيظ هو االختيارية،
وهو المبدأ المكرس في الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري ،لكن بالرغم من ذلك فإن
أول الخصائص التي تمتاز بها هذه المسطرة انطالقا من تسميتها هي اإلجبارية ،ففي هذه
المسطرة الجديدة التي جاء بها القانون 90.41مثال ،يتم اتخاذ قرار التحفيظ اإلجباري من قبل
السلطة العامة الممثلة في وزير الفالحة ،وال يملك أصحاب العقارات إلى تحفيظ أراضيهم،
وليس لهم حق معارضة التحفيظ أو تأجيله ،فالسلطة العامة تعمل من خالل عملية التحفيظ
25
على إحاطة حقوقهم بحماية قانونية تطهرها من شوائب المنازعة بحيث يكتسي التحفيظ
كما نجد أن المشرع المغربي في مضمون الفصل السابع ينص بصفة صريحة على أن التحفيظ
يكون إلزاميا في جميع العقارات ابتداءا من نشر قرار الوزير الوصي على الوكالة المذكورة
واشهار هذا القرار في اإلدارات المخصصة لذلك ،كما يمكن لكافة مستخدمي الوكالة الوطنية
للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية وكل من لهم األهلية والصفة لذلك دخول العقارات
المعنية للقيام باألبحاث واألشغال الطبغرافية التي تحتاجها عملية التحفيظ اإلجباري. 2
-خاصية المجانية:
خـالفا لمطالب التحفيظ االختيارية التي تستوجب أداء الرسـوم حسـب تعريفات محددة
وهذا ما تم التنصيص عليه في الفصل 7-51تحرر مطالب التحفيظ وتدرج تلقائيا في اسم
الملك الخاص للدولة بالنسبة للقطع التي لم يتم التعرف على مالكيها أثناء أشغال البحث
أما القطع التي تغيب أو تقاعس مالكوها فإن مطالب تحفيظها تحرر وتدرج تلقائيا في
اسمهم 3أي أن مطالب التحفيظ التي تهم المناطق المفتوحة للتحفيظ اإلجباري تكون مجانية
وبدون أداء أي مصاريف ،وهذا ما نصت عليه صراحة الفقرة األخيرة من الفصل 41من
1مقال منشور بمجلة المعرفة القانونية ،بعنوان " التحفيظ االجباري " ،بالموقع االلكتروني :
، WWW.ANIBRASS.BLOGSPOT.COMتم االطالع عليه يوم 2019/1/04على الساعة . 23:05 :
2عبد الكريم شهبون ،مرجع سابق ،ص . 41 :
3أنظر الفصل 1 -29من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم .90-41
26
قانون رقم 90 -41التي تنص على" أنه تدرج المطالب في المناطق التي سيتم فتحها
وعليه فإن إيداع مطالب التحفيظ وما يواكبها من أعمال تقوم بها مصالح الوكالة الوطنية
للمحافظة العقارية تكون بشكل مجاني ،كما أنه يمكن لكل شخص االطالع وبدون مقابل بمقر
السلطة المحلية والمحافظة العقارية على اللوائح والتصاميم التجزيئية المتعلقة بمناطق التحفيظ
اإلجباري 1وهذا اإلعفاء من تكاليف التحفيظ يشكل سببا من أسباب التشجيع على تحفيظ
العقارات خصوصا في المناطق القروية ليزداد الفالحون أكثر تشبتا بأراضيهم فال معنى
لإلجبارية إن لم تعفي جيوب المالك من أداء واجبات الرسوم التي تفرض في إجراءات التحفيظ
-خاصية السرعة:
من بين خصائص التحفيظ اإلجباري خاصية السرعة فبمجرد صدور قرار الوزير الوصي
على القطاع يتم تحضير منطقة التحفيظ اإلجباري ،وبعد تحديد المنطقة المزمع تحفيظها تجري
أشغال البحث التجزيئي والقانوني التي تتم حتى في غياب المالك ودون موافقتهم ،وتتجلى
أنظر الفصل 91-29من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون .90-41 1
2نجيب شوقي " :مسطرة التحفيظ االجباري بشأن ظم األراضي الفالحية بعضها الى بعض " ،ظهير 30يونيو 1992
وأثرها على التنمية في المجال القروي ،أشغال ندوة العقار واالستثمار المنظمة من طرف وحدتي التكوين والبحث لنيل
شهادة الدكتوراه ونيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون العقود والعقار في كلية الحقوق وجدة ،يومي 12و 20ماي
،ص . 22 :
27
خاصية السرعة في هذه المسطرة من خالل قيام المحافظ على األمالك العقارية ،داخل أجل
مطالب التحفيظ في سجل العمليات السابقة للتحفيظ بعد مرورها بالصندوق بمالحظة مجانية
األداء فيتم ترقيمها ترقيما تتابعيا وفحوى هذا الفصل تتجلى في أنه ينص على :تحيل مصالح
الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية على لجنة التحفيظ االجباري
تصميم يحدد محيط المنطقة مرتبط بنظام احداثيات ال مبير منجز وفق سلم معمول به
مطالب التحفيظ المحررة
العقود والوثائق التي أدلى بها المالكون وعند االقتضاء الشهادات اإلدارية للملكية المسلمة
الالئحة والتصميم التجزيئيان اللذان يعينان القطع الواقعة داخل منطقة التحفيظ االجباري
تصميم عقاري منجز وفق الضوابط الجاري بها العمل لكل عقار.
تغدو بساطة التحفيظ اإلجباري واضحة في عدم إلزام المالك بدعم مطالب تحفيظ عقاراتهم
بسندات الملكية ،إن لم يكونوا متوفرين عليها بحيث يتم االكتفاء بتحرير شهادات إدارية
28
للملكية أثناء البحث القانوني الذي تنجزه المصالح العقارية بعين المكان بحضور المالكين،
على أال يقل عدد شهود هذا العقد عن اللفيف العرفي في اثنى عشر شاهدا ،وتتم المصادقة
على هذا العقد من طرف ممثل السلطة المحلية وبالتالي فهذه المسطرة إذن تتميز بخاصية
مهمة أال وهي البساطة وعدم التعقيد نظ ار لكونها لم تشترط الوجود المسبق لسند الملكية والذي
بموجبه ألزمت بمقتضاه المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية أن يكون محر ار وفق شكليات
محددة . 1
تعتبر هذه الخاصية من مميزات التحفيظ اإلجباري وذلك بخالف باقي الحاالت األخرى
التي تستهدف عقارات محددة بعينها ،كما هو الشأن بالنسبة للتحفيظ اإلجباري لألراضي
الخاضعة للضم أو التحفيظ اإلجباري لعقارات الجمعيات النقابية للمالكين ،أو التجزئات
العقارية.2
ولقد كان لزاما على المشرع المغربي أن يحدد نوعية هذه العقارات المشمولة بالتحفيظ االجباري
حيث نجد أنه لم يحدد في هذه المسطرة طبيعة العقارات المعنية بقرار التحفيظ االجباري ،سواء
تعلق األمر بعقارات قروية أو حضرية .كما لم يعين المشرع أي أنظمة عقارية بعينها.
1راجع المادة 4من القانون ، 39.08المتعلق بمدونة الحقوق العينية والتي تم تتميمها بالقانون رقم . 69-16
2مقال منشور بمجلة المعرفة القانونية ،بعنوان " التحفيظ االجباري " ،بالموقع االلكتروني :
، WWW.ANIBRASS.BLOGSPOT.COMتم االطالع عليه يوم 2019/1/04على الساعة . 23:05 :
29
كما تتجلى أهمية هذه الخاصية في عدم ترك أي عقار يوجد داخل المنطقة المعينة دون
تحفيظ ،فحتى في حالة وجود عقار ولم يتم التعرف على مالكه ،فإنه يحرر مطلب للتحفيظ
بشأنه ويدرج تلقائيا في اسم ملك الدولة الخاص طبقا لمقتضيات الفصل 7-51من القانون
-خاصية الجماعية:
سمح المشرع المغربي في الفصل 16من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم بالقانون
14-07على أنه يمكن لمالكين متعددين أن يتفقوا على تحفيظ عقاراتهم في آن واحد إذا كانت
هذه العقارات متجاورة أو تفصل بينها فقط أجزاء من الملك العمومي وفي هذه الحالة تحرر
مطالب التحفيظ في صيغتها العادية وتضمن بها جميع البيانات المطلوبة في الفصل 13من
هذا القانون ،وذلك بالنسبة لكل واحد من طالبي التحفيظ أو لكل مجموعة من طالبي التحفيظ
على الشياع ،وبالنسبة لكل واحد من العقارات المطلوب تحفيظها ،ثم تودع جميع الطلبات
بالمحافظة العقارية مصحوبة بطلب مستقل وموحد ،موقع من طرف طالبي التحفيظ يرمي إلى
وبعدما يتوصل المحافظ على األمالك العقارية بهذا الطلب يجري في شأن مطالب التحفيظ
مجتمعة المسطرة العادية ،ويحرص على إنجاز اإلجراءات المتعلقة بها في وقت واحد ،وذلك
1ينص الفصل 7-51من القانون14-07على أنه " تحرر مطالب التحفيظ االجباري تلقائيا في إسم الملك الخاص للدولة
بالنسبة للقطع التي لم يتم التعرف على مالكيها أثناء أشغال البحث أما القطع التي تغيب أو تقاعس مالكوها فان مطالب
تحفيظها تحرر وتدرج تلقائيا في إسمهم " .
30
بأن يقوم باإلعالنات الواردة في الفرع الثالث بعده في نفس الوقت ،ويعين لعمليات التحديد
تاريخا واحدا ،وينتدب للقيام بها من ينوب عنه في مرة واحدة أو مرات متوالية بقدر ما تدعو
إليه الحاجة ويرفع المحافظ على األمالك العقارية في آن واحد عند االقتضاء ،إلى المحكمة
االبتدائية في الفصل 32من هذا القانون ملفات مطالب التحفيظ المثقلة بالتعرضات مجتمعة
ونستحضر هنا أول تجربة للتحفيظ الجماعي جملة من األمالك المتجاورة ،قد أنجزت في ناحية
مراكش (بأيت زياد) وكان هذا التحفيظ يتعلق بمساحة قدرها 400هكتار تقريبا موزعة على
وبالتالي هذا ما يسمح بالمعرفة واإلحاطة المسبقة بالمساحات المزمع تحفيظها ،وعدد المطالب
الواجب إيداعها ،وبالتبعية عدد الرسوم العقارية المفروض تأسيسها ،مما يجعل البرامج
1الفصل 16من الظهير الشريف رقم 9.99.911صادر في 12من ذي الحجة 11( 9011نوفمبر ، )1499بتنفيذ
القانون رقم 90.41بمقتضاه الظهير الشريف الصادر في 1رمضان 91( 9119أغسطس )9191المتعلق بالتحفيظ
العقاري.
محمد خيري ،مرجع سابق ،ص . 138 : 2
3محمد بلحاج السلمي" :سياسة التحفيظ العقاري في المغربي بين اإلشهار العقاري و التخطيط االجتماعي و االقتصادي" ،
ماي ،1441منشورات عكاظ -الرباط ،ص.144 :
31
المطلب الثاني :حاالت التحفيظ االجباري
كما سبق وتمت اإلشارة إليه فإن مفهوم التحفيظ اإلجباري هو استثناء من القاعدة العامة
طبقا لمبدأ لكل قاعدة استثناء فحاالت التحفيظ االجباري تنقسم إلى قسمين :الحاالت المنصوص
عليها في ظهير التحفيظ العقاري وسنقوم بالحديث عنها (كفقرة أولى) على أن نقوم بالحديث
نص المشرع المغربي صراحة في ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم بالقانون
14-07على مجموعة من الحاالت التي يكون فيها التحفيظ اجباريا ومن بينها ما يلي:
تنص المادة الثامنة من ظهير التحفيظ العقاري " بأن التحفيظ يكون إجباريا عندما
تأمر به المحاكم المختصة أثناء إجراءات الحجز العقاري في مواجهة المحجوز عليه " .
ويتضح من محتوى هذا النص أنه يجوز للمحاكم أن تشترط لبيع عقار محجوز أن يقع تحفيظه
سلفا بحيث ال يمكن بيعه إال بعد اإلدالء بشهادة التحفيظ األمر الذي يعطيه زيادة في القيمة
كما أن من رست عليه سمسرة عقار محجوز يمكنه أن يعلق أداء الثمن وتنفيذ شروط البيع
على تحفيظ العقار األمر الذي يسمح له بطلب تخفيض من ثمن السمسرة أو إلغائها إذا كان
32
فرق قيمة السمسرة يساوي واحدا من عشرين 1/20من قيمة البيع التي يسفر عنها التحفيظ
والمالحظ أن المشرع منح هذه اإلمكانية للمحكمة ولم يجبرها على ذلك وبمعنى أخر األمر
يبقى جوازيا بالنسبة للمحكمة حيث يمكنها أن تشترط التحفيظ إذا رأت مصلحة في ذلك ويمكنها
أال تشترط ذلك خاصة وأن العقار المحجوز يمكن أن يكون محل نزاع مما يتسبب في إثارة
تعرضات واطالة أمد مسطرة التحفيظ ومثل هذه اإلجراءات ستكون عرقلة يستفيد منها المدين
وتبعا لذلك توجه األستاذ إدريس الفاخوري إلى أن هذه الحالة لم يقصد بها المشرع اإلنتظار
إلى حد نهاية مسطرة التحفيظ العقاري وانشاء الرسم العقاري ،وانما تقديم مطلب التحفيظ فقط
واال سوف تساهم المحكمة في عرقلة مصلحة الدائن حينها لن يحصل على دينه في وقت
سريع مقابل استفادة المدين من إطالة مسطرة التحفيظ ،3وعملياً فإن المحكمة المختصة ال
1نظام التحفيظ العقاري بالمغرب (و ازرة الفالحة ،يونيو ،سنة ، )1957أورده األستاذ محمد خيري في المرجع السابق دكره
في الصفحة . 132
2محمد خيري ،مرجع سابق ،ص. 132 :
3إدريس الفاخوري " :نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ، " 14-07مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،طبعة
، 2013ص . 17 :
33
تباشر إجراءات تحفيظ العقار المحجوز ،ألن المسطرة تطول وتؤثر في تنفيذ الحجز العقاري
ثانيا :التحفيظ اإلجباري في حالة صدور قرار يقضي بذلك في بعض المناطق
أتى المشرع المغربي في الفصل السابع من الظهير السالف ذكره على أنه " يكون التحفيظ
اجباريا في الحاالت المنصوص عليها في قوانين خاصة وفي المناطق التي سيتم فتحها
لهذه الغاية بقرار يتخذه الوزير الوصي على الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بناء على
وقد أوجد المشرع مسطرة خاصة تخضع لها العقارات الموجودة بمناطق التحفيظ االجباري تم
العقاري. 2
وتبعا لذلك فإن قرار فتح منطقة التحفيظ اإلجباري يقوم باتخاذه وزير الفالحة حيث تعتبر
الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية إحدى المؤسسات العمومية التي تتمتع بالشخصية المعنوية
واالستقالل المالي حيث تخضع حاليا لوصاية و ازرة الفالحة وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع
المغرب ي لم يتطرق لكيفية اختيار منطقة التحفيظ اإلجباري وال لمساحتها أو مدارها غير أنه
1المختار بن أحمد عطار " :التحفيظ العقاري في ضوء التشريع المغربي (وفق أخر التعديالت)" ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،الطبعة االولى ، 1491ص .10 :
2محمد خيري ،مرجع سابق ،ص. 132 :
34
وقياسا على مساطر خاصة أخرى فإن اختيار هذه المنطقة يبقى خاضعا إلرادة اإلدارة نظ ار
للجانب التمويلي للعملية 1وهذه المنطقة قد تكون داخل المدار الحضري أو القروي.
بالرجوع إلى ظهير 1يناير 9190المتعلق بالتنظيم الخاص لتحديد أمالك الدولة
فإنه يحق لكل من له الحق على هذه األمالك أن يتعرض على تحديدها خالل 2
الخاصة
ثالثة أشهر من تاريخ نشر اإلعالن بالتحديد بالجريدة الرسمية ،وعليه أن يرفق تعرضه هذا
بجميع الحجج والمستندات التي تؤيد مزاعمه من قبل من له الحق على تلك األمالك وفي نفس
الوقت وخالل نفس المدة عليه أن يتقدم بطلب التحفيظ مؤيدا طلبه بنفس الحجج السابقة.
وتجدر اإلشارة أنه ال يمكن إلدارة أمالك الدولة اإلدعاء بحق الملكية لمجرد أن العقار موضوع
التصرف أو التعرض مسجل بسجل األمالك لديها ذلك أن التقييدات المضمنة في كناش
األمالك المخزنية من طرف ممثلي المخزن أو بناء على تصريحاتهم تعتبر غير كافية وهي
1شكيب حيمود " :التحفيظ اإلجباري وفق مقتضيات القانون "14-07الصادرة عن مجلة المنبر القانوني العدد ،1 :سنة
،2012مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،ص . 49 :
2
Dahir du 3 Janvier 1916 (26 safar 1334) portant règlement spécial sur la délimitation du
domaine de l'Etat (B.O. 10 janvier 1916).
35
مجردة بحد ذاتها من كل قوة اثباتية وليس لها على أكثر حد سوى قيمة مجرد معلومات بل
يتوجب أن تكون هذه التقييدات مبنية على رسم ملكية أصلي أو أن تكون مؤيدة بالحيازة الفعلية
وعليه ففي حالة التعرض على تحديد عقار من عقارات أمالك الدولة الخاصة ،فإن مثل هذا
التعرض ال يكون صحيحا وال يمكن أن يحدث نتيجته المطلوبة إال إذا كان مشفوعا بوضع
مطلب التحفيظ خالل الثالثة أشهر التالية لنشر إعالن التحديد اإلداري ويكون لطالب التحفيظ
في مثل هذه الحالة دور المدعي باالستحقاق وعليه يقع عبئ اثبات ما يدعيه . 2
تلقب هذه األراضي الموقع عليها التحفيظ اإلجباري بأراضي األجداد أو أراضي الجماعة
الساللية ،وهي أراضي مخصصة منفعتها للجماعات في شكل قبائل أو عشائر للتصرف فيها
للحرث أو الرعي أو الكراء للغير بواسطة مندوبيها وتحت وصاية و ازرة الداخلية بمقتضى
ظهير 27أبريل 1919وتبعا لألعراف المحلية وعادات القبائل الموجودة بها ،ووفقاً للقوانين
المنظمة لألراضي الجماعية والطبيعة القانونية لهذه األراضي تجعلها غير قابلة للتفويت وال
الحجز وال يسري عليها التقادم إال أنه وبصورة استثنائية فإن تفويت الملكية ممكن بالنسبة
1حكم محكمة االستئناف بالرباط في 9ماي ، 1923الوارد في كتاب إرشادات عملية لقاضي التحفيظ العقاري ،الصادر
عن و ازرة العدل ،أورده األستاذ محمد خيري ،في المرجع السابق دكره ،على الصفحة . 133 :
2محمد خيري ،مرجع سابق ،ص. 133 :
36
للدولة أو الجماعات أو المؤسسات العمومية أو الجماعات األصلية بمقتضى (ظهير6
1
فبراير )1963وتمثل المساحة االجمالية لهذه األراضي ما يناهز اثني عشر مليون هكتار
فهو ينظم التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات وبالرجوع إلى ظهير
91يونيه 1992والذي صدر بمقتضاه األمر بتنفيذ القانون رقم 12.14المتعلق بالتجزئات
والمجموعات السكنية ،ويمكن القول على أن تلك المساحات الكبرى التي يقوم مالكها بتجزئتها
قصد بيعها إلى قطع صغيرة أو متوسطة بقصد بيعها من أجل البناء سواء للسكن أو للصناعة
أو للتجارة تخضع للتحفيظ اإلجباري قبل القيام بأي بيع أو تقسيم ،والقانون المذكور أعاله
نص ضرورة على الحصول على ترخيص إداري قبل االقدام على مباشرة أشغال التجزئة او
التقسيم ومنح الرخصة اإلدارية مشروط بتوفر مجموعة من الشروط ومن بينها أن يكون العقار
4
موضوع التجزئة محفضا أو في طور التحفيظ وانتهى أجل التعرض(3المادة 5من القانون
(25-90وفي سياق هذا الكالم جاء في المناظرة الوطنية المتعلقة بالسياسة العقارية والمنعقدة
37
بالصخيرات في أحد توصياتها أنه يجب تعزيز آلية التجميع الفالحي كآلية للحد من تجزيئ
البنيات العقارية.1
لقد شرع المغرب في عملية ضم األراضي الفالحية المتفرقة منذ سنة 9121من أجل إعادة
ال أحسن.
توزيعها بشكل يسمح باستغاللها استغال ً
ولقد دعت الضرورة إلى أن يقوم المشرع المغربي بتحفيظ هذه العقارات بشكل جماعي وبصفة
اجبارية بعدما أظهرت هذه التجربة فعالية ونجاعة أما بخصوص الجهة التي يمكن أن يقع
عليها هذا التحفيظ فهي تكون إما من طرف المعنيين باألمر أو تلقائياً من طرف المحافظ
(الفصل 0من ظهير يونيه )9101ويكون التحفيظ مجانيا بالنسبة للعقارات الواقعة في
ولقد اختار المغرب كميدان لتطبيق هذه السياسة بعض المناطق نذكر من بينها:2
1التقرير الختامي للمناظرة الوطنية في موضوع " السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية االقتصادية واالجتماعية "
المنعقدة بالصخيرات يومي 0و 1دجنبر . 2015
2محمد خيري ،مرجع سابق ،ص. 135 :
38
ومن إيجابيات هذه العمليات أنها أدت إلى تحفيظ ما يقارب 15236هكتار سنة 1952وسنة
. 1961
وأدى نجاح هذه العمليات الى إصدار ظهير 30يونيه 1962المعدل بموجب ظهير 25
يوليوز 1969والذي حدد الخطوط العريضة لسياسة ضم األراضي التي ترمي بطريقة رسمية
إلى جمع كل األراضي الموجودة في دائرة معينة قصد تعيينها ماديا وقانونيا ،وتحديدها هندسيا
بقصد استغاللها ا ستغالال أحسن وبالتالي تطبيق نظام التحفيظ العقاري عليها بصفة إجبارية
.1
وتبعا لذلك جاء في أحد التوصيات المنصوص عليها في المناظرة الوطنية المتعلقة بالسياسة
يجب متابعة مشاريع ضم األراضي الفالحية واحداث مناطق جديدة للضم ،واصالح القوانين
المتعلقة بهذه العملية بهدف تجاوز الصعوبات المسجلة في تطبيقها مراجعة الظهير الشريف
الصادر بتاريخ 30يونيو 1962كما تم تتميمه وتغييره والمتعلق بضم األراضي الفالحية.2
إن هذه العملية شبيهة إلى حد كبير بالتحفيظ اإلجباري في نطاق ضم األراضي الفالحية،
إال أن األمر يتعلق حتما بالمناطق السقوية وفي إطار قانون االستثمارات الفالحية سن المشرع
39
مسطرة خاصة لتحفيظ هذه األمالك بمقتضى ظهير 9.01.910بتاريخ يوليوز 9101ويعتبر
هذا الظهير متمم لظهير 14يونيه 9101والمتعلق بضم األراضي الفالحية . 1
وتتمثل مسطرة تحفيظ هذه العقارات في تعيين وزير الفالحة واإلصالح الزراعي المناطق التي
سيتم فيها التحفيظ اإلجمالي وذلك بقرار بالجريدة الرسمية ،ويكون للمعنيين باألمر أجل سنة
إليداع مطالب تحفيظ عقاراتهم ويمكن تمديد هذه األجالل لمدة ستة أشهر أخرى أما بعد
انصرام هذا األجل فيمكن للمحافظ تلقائيا مباشرة عمليات التحفيظ في المناطق المحددة .2
يعتبر نزع الملكية من أجل المنفعة العامة عمل تقوم به سلطات مختصة حددها
القانون والذي ينص على أنه يتم نزع الملكية ألجل المنفعة العامة بحكم قضائي ، 3كما أنه
بالرجوع إلى الفصل 11من ظهير 0ماي 9101فإنه أوجب على الجهة المختصة نازعة
الملكية المحددة في الفصل 1من نفس الظهير ،إيداع مطلب التحفيظ مشفوع بحكم قضائي
صادر بنقل الملكية ومحضر التحديد أنجزته السلطة النازعة وتصميم موقع عليه و مؤشر من
0 ، 9.09.120ماي .9101
40
طرفها وتباشر بشأنه مسطرة خاصة للتحفيظ بدون إشهار ،وأن الحكم القضائي بنقل الملكية
ال يجوز لو ازرة األوقاف بيع العقارات المحبسة تحبيساً عمومياً ،لكن يمكن لها المقايضة
عليها ،واذا كان العقار المحبس تحبيساً عمومياً المقايض به غير محفظ فقد أوجب المشرع
قبل إتمام المقايضة يجب القيام بتحفيظ هذا العقار ،إما بطلب من و ازرة األوقاف أو من صاحب
ويطبق نفس الحكم في الحاالت التي تقوم فيها و ازرة األوقاف بمقايضة 1
العقار المقايض به
مبلغ من المال بعقار ،حيث ال بد قبل إنجاز المبادلة من إنجاز تحفيظ العقار إذا كان غير
محفظ.2
41
خاتمة
خالصة لما سبق ذكره ال يسعنا إال أن نقول أن المشرع المغربي حاول جاهدا توعية
المواطنين بأهمية التحفيظ العقاري لما له من وقع إجابي في المعامالت خاصة ،فترك المشرع
المجال مفتوحا أمام الناس لتحفيظ عقارتهم بصفة اختيارية ليس من محض الصدفة وانما هو
سياسة تدريجية تهدف إلى أن يألف الناس التحفيظ العقاري أضف إلى ذلك أن مالمسة الناس
لكن على نقيض ذلك يمكن القول صراحة على أن ما يعاب على المشرع المغربي هو وجود
ثغرات داخل الفصول القانونية ،خاصة الفصل السادس والتي تمكن طالبي التحفيظ سيئ النية
من االلتجاء إليها واتخاذها وسيلة للتالعب ،حيث كان حريا بالمشرع أن يضع عقوبات قاسية
في حقهم كي ال يتخذوا عملية التحفيظ وسيلة مواتية لتحقيق نواياهم السيئة زد على ذلك أن
المشرع لم يجعل عملية التحفيظ اإلجباري إال بصفة استثنائية في بعض الفصول القانونية من
و يبقى التساؤل المطروح ألم يحن الوقت للتخلي عن مبدأ االختيارية في التحفيظ العقاري
وتكريس االستثناء الذي هو االجبارية في التحفيظ للحد من مبدأ سلطان اإلرادة رغم وجود عدة
-1الكتب :
مأمون الكزبري " :التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع
المغربي " ،العربية للطباعة والنشر ،الرباط ،الطبعة الثانيةّ ،سنة ،9101ص .90:
محمد خيري" :العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي من خالل القانون
الجديد رقم 90.41المتعلق بالتحفيظ العقاري " ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط،
الطبعة الثانية ،سنة ،1490ص.911 :
بصري هشام" :مسطرة التحفيظ واشكاالتها العملية " ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،الطبعة األولى ،سنة ، 1491ص .09 :
عبد الكريم شهبون " :الشافي في شرح قانون التحفيظ العقاري الجديد رقم ، "90.41
مطبعة الرشاد ،سطات ،الطبعة األولى ،سنة ، 1490ص .910:
بصري هشام ":إلغاء ورفض مطالب التحفيظ على ضوء القانون 90.41الجديد" ،
مجلة المحاكم المغربية ،العدد ، 910 -912 :ص .94:
عمر أزوكار" :مستجدات التحفيظ في ضوء قانون 90.41ومدونة الحقوق العينية "
،منشورات دار القضاء بالمغرب ،ص . 95 :
إدريس الفاخوري " :نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون ، " 14-07
مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،طبعة ، 2013ص . 17 :
43
المختار بن أحمد عطار " :التحفيظ العقاري في ضوء التشريع المغربي (وفق أخر
التعديالت)" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة االولى ، 1491ص :
.10
محمد محبوبي " :أساسيات في نظام التحفيظ العقاري والحقوق العينية وفق المستجدات
التشريعية للقانون رقم 41/90والقانون رقم ، " 40/11مطبعة المعارف الجديدة ،
الرباط ،الطبعة االولى ، 1490 ،ص .10 :
-2الرسائل :
خالد العظيمي " :التحفيظ اإلجباري وفق قانون 90.41دراسة مقارنة بالتسجيل
اإلجباري التونسي " ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة الحسن
األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سطات ،السنة الجامعية
،1491-1491ص .10 :
محمد بن الحاج السلمي " :سياسة التحفيظ العقاري بالمغرب " ،رسالة دبلوم المدرسة
الوطنية لإلدارات العمومية سنة (. )1978
محمد العرظاوي " :التحفيظ االجباري في التشريع العقاري بين االكراهات القانونية
والتحديات المستقبلية " ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار ،كلية
الحقوق جامعة محمد األول وجدة ،الموسم الجامعي . 2011/2010 :
-3المقاالت :
44
منشورات خوخي ياسين " :نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية " ،سلسلة
دفاتر محكمة النقض عدد ، 21مطبعة األمنية الرباط ،سنة ، 2015ص . 7 :
محمد بلحاج السلمي" :سياسة التحفيظ العقاري في المغربي بين اإلشهار العقاري و
التخطيط االجتماعي و االقتصادي" ،ماي ،1441منشورات عكاظ -الرباط ،ص:
.144
نجيب شوقي " :مسطرة التحفيظ االجباري بشأن ظم األراضي الفالحية بعضها الى
بعض " ،ظهير 30يونيو 1992وأثرها على التنمية في المجال القروي ،اشغال ندوة
العقار واالستثمار المنظمة من طرف وحدتي التكوين والبحث لنيل شهادة الدكتوراه ونيل
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون العقود والعقار في كلية الحقوق وجدة ،يومي
12و 20ماي ،ص . 22 :
شكيب حيمود " :التحفيظ اإلجباري وفق مقتضيات القانون "14-07الصادرة عن
مجلة المنبر القانوني العدد ،1 :سنة ،2012مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،
ص . 49 :
–4الدوريات :
_5المناظرات
45
التقرير الختامي للمناظرة الوطنية في موضوع "السياسة العقارية للدولة ودورها في
التنمية االقتصادية واالجتماعية "المنعقدة بالصخيرات يومي 0و 1دجنبر . 2015
46
الفهرس:
مقدمة9 ................................................................................ :
خاتمة01 ................................................................................
الفهرس01 .............................................................................:
47
48