You are on page 1of 48

‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................

‬عماد أكضيض‬

‫عماد أكضيض‬

‫خريج ماستر العلوم الجنائية وألامنية‬

‫كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‬

‫جامعة القاض ي عياض مراكش‬

‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‬


‫‪ ‬النموذج التنموي والعدالة‬
‫‪ ‬التأكيد على انخراط العدالة في تنزيل النموذج التنموي الجديد‬
‫‪ ‬آليات تفعيل النموذج التنموي‬
‫‪ ‬النموذج التنموي والنجاعة القضائية‬
‫‪ ‬كلمة السيد رئيس النيابة العامة في ندوة مرفق العدالة على ضوء تقرير النموذج التنموي‬
‫الجديد‬
‫‪ ‬كلمات السيد الرئيس املنتدب للمجلس ألاعلى للسلطة القضائية‬

‫‪0200/0202‬‬

‫‪1‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫النموذج التنموي والعدالة‬


‫‪-----------------------------------‬‬

‫عقدت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي‪ ،‬يوم الجمعة بالرباط‪ ،‬لقاء تواصليا مع المجلس‬
‫األعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة لتقديم خالصات تقريرها العام حول النموذج التنموي‬
‫الجديد‪ ،‬والسيما في الجوانب المتعلقة بمنظومة العدالة‪ .‬وخالل هذا اللقاء الذي شارك فيه على‬
‫الخصوص‪ ،‬السيد محمد عبد النباوي‪ ،‬الرئيس األول لمحكمة النقض‪ ،‬الرئيس المنتدب للمجلس‬
‫األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض‪ ،‬رئيس النيابة العامة‪ ،‬السيد‬
‫الحسن الداكي‪ ،‬عرض رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي‪ ،‬السيد شكيب بنموسى‪،‬‬
‫التشخيص الذي قامت به اللجنة لمنظومة العدالة‪ ،‬واقتراحاتها لرفع وتيرة إصالحها من أجل‬
‫تعزيز دولة الحق والقانون‪ ،‬واستعادة ثقة المواطنين في القضاء‪.‬‬

‫وأشار السيد بنموسى‪ ،‬خالل هذا اللقاء الذي حضره‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬وسيط المملكة‪،‬‬
‫السيد محمد بنعليلو‪ ،‬وعدد من أعضاء اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي‪ ،‬إلى أن التقرير‬
‫أوصى بتوطيد عدالة ناجعة ونزيهة‪ ،‬وسن قوانين واضحة ال يكتنفها غموض‪ ،‬وترسيخ وحماية‬
‫الحريات‪ ،‬من أجل تحرير طاقات المواطنين والمقاوالت وتحقيق عدالة حامية للحريات ومصدر‬
‫لألمان‪.‬‬

‫وأضاف أن التقرير أوصى كذلك بضرورة استكمال إصالح القضاء بشكل كامل‪ ،‬طبقا‬
‫لتوصيات ميثاق إصالح منظومة العدالة‪ ،‬قصد تحسين أدائه والتقليل من بطئه‪ ،‬ومحاربة‬
‫الرشوة على جميع المستويات‪ ،‬بصفتها مصد ار للتعسف وانعدام الحماية لدى المواطنين‪ ،‬مبر از‬
‫أن المواطنين لم يالمسوا بعد نتائج ميثاق إصالح منظومة العدالة رغم صدوره منذ سنة ‪.3102‬‬
‫وسجل السيد بنموسى أن التقرير حول النموذج التنموي الجديد يوصي كذلك بتسريع وتيرة رقمنة‬
‫المساطر الداخلية ونشر المقررات القضائية إلضفاء الشفافية عليها‪ ،‬واحداث منصة رقمية‬
‫قضائية توفر خدمة قضائية فعالة‪ ،‬سريعة وعن قرب‪ ،‬بما في ذلك التبليغ اإللكتروني‪ ،‬مشي ار‬
‫إلى ضرورة تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في السلطة القضائية للوصول إلى نظام‬

‫‪2‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫قضائي ناجع وشفاف‪ .‬ودعا إلى معالجة االختالالت التي تعيق النظام القضائي‪ ،‬والسيما‬
‫صعوبة احترام تراتبية القواعد القانونية‪ ،‬وضعف مالءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية‪،‬‬
‫وعدم تطبيق مجموعة من القوانين‪ ،‬وكذلك الهوة الموجودة بين القوانين والواقع‪.‬‬

‫من جانبه‪ ،‬أكد السيد محمد عبد النباوي‪ ،‬وجود أزمة ثقة بين المواطنين والنظام القضائي‪،‬‬
‫موضحا أن هذه األزمة تتعلق بأعطا ب اجتماعية أكثر من كونها أعطاب قضائية‪ ،‬وأنها ال‬
‫تتعلق بأداء العدالة‪ .‬وأضاف السيد عبد النباوي أن أزمة الثقة الحالية مرتبطة كذلك بوسائل‬
‫تقييم األداء القضائي‪ ،‬موضحا أن تطبيق القانون هو المعيار الوحيد لتقييم أداء القضاء‪ ،‬وهو‬
‫المعيار الذي ال يأخذه الرأي العام في االعتبار‪ .‬وسجل أن المجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫يتوفر على آليات للتفتيش والمراقبة يقوم من خاللها بمتابعة شكايات المواطنين‪ ،‬مبر از أن أكثر‬
‫من ‪ 01‬في المائة من هذه الشكايات يكون فيها الحكم القضائي منسجما مع القانون‪ ،‬داعيا‬
‫إلى االبتعاد عن التقييم الجزافي ألداء النظام القضائي الذي ال يستند ألي معطيات‪.‬‬

‫وأكد السيد عبد النباوي أن أزمة الثقة مرتبطة بجهات خارجة عن السلك القضائي‪ ،‬ألن‬
‫القرار القضائي تشارك فيه فعاليات أخرى‪ ،‬من محامين وكتاب ضبط ومفوضين قضائيين‪،‬‬
‫وكذلك المشتكين الذين يفتعلون في بعض األحيان قضايا وهمية‪ ،‬أو شهود يدلون بشهادات‬
‫زور‪ ،‬معلنا بالمناسبة تكوين ناطقين باسم المحاكم من أجل تنوير الرأي العام عندما يتطلب‬
‫األمر ذلك‪.‬‬

‫وبخصوص تخليق الحياة العامة‪ ،‬أشار إلى الدور الكبير التي تقوم به السلطة القضائية‬
‫في هذا المجال‪ ،‬حيث تم على مستوى النيابة العامة إحداث رقم خاص لتلقي التبليغات حول‬
‫حاالت االرتشاء‪ ،‬حيث يتم فو ار إيقاف المشتبه فيهم بغض النظر عن مناصبهم‪ ،‬وسواء كانوا‬
‫في جسم العدالة أو خارجه‪.‬‬

‫من جانبه‪ ،‬أشار السيد الحسن الداكي‪ ،‬إلى وجود اختالالت في بعض القوانين المؤطرة‬
‫للمنظومة القضائية التي يحب تداركها من أجل النهوض بالعمل القضائي واستعادة ثقة‬
‫المواطنين في القضاء‪ .‬وسجل السيد الداكي الخصاص الموجود في عدد القضاة‪ ،‬الذي يؤثر‬

‫‪3‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫سلبا على الزمن القضائي وال يسعف في إنتاج عدالة ذي جودة‪ ،‬موضحا أن القاضي المغربي‬
‫يعالج عدد كبي ار من الملفات سنويا‪ ،‬مما يفوق المعيار الدولي المعتمد في المجال‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬دعا رئيس النيابة العامة إلى تخصيص طاقم خاص من قضاة النيابة‬
‫العامة لمعالجة الشكايات والتظلمات‪ ،‬والرفع من عدد قضاة هذه الهيئة لرفع إشكالية مراقبة‬
‫المهن التنظيمية التي تسند للنيابة العامة‪ ،‬من قبيل مهنة الموثقين‪.‬‬

‫وتطرق السيد الداكي كذلك إلى إشكالية تبليغ الدعوى واألحكام التي توجد في يد المفوضين‬
‫القضائيين‪ ،‬معتب ار أن بعض إضرابات هذه الهيئة عن العمل تعطل في بعض األحيان مسار‬
‫القضايا الجنائية وتتسبب في تراكم الملفات القضائية وتعطيل العدالة‪ .‬كما دعا لتعزيز تكوين‬
‫جميع مكونات العدالة للرقي بجودة أداء القضاء‪ .‬وكان صاحب الجاللة الملك محمد السادس‪،‬‬
‫قد ترأس يوم الثالثاء ‪ 32‬ماي ‪ ، 3130‬بالقصر الملكي بفاس‪ ،‬حفل تقديم التقرير العام الذي‬
‫أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي‪ ،‬واستقبل بهذه المناسبة السيد بنموسى الذي قدم لجاللته‬
‫نسخة من التقرير‪.‬‬

‫وأم ر جاللة الملك بهذه المناسبة‪ ،‬بنشر تقرير اللجنة الخاصة للنموذج التنموي‪ ،‬ووجه اللجنة‬
‫إلجراء عملية واسعة لتقديم أعمالها‪ ،‬وشرح خالصاتها وتوصياتها للمواطنين ومختلف الفاعلين‪،‬‬
‫بكل جهات المملكة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫التأكيد على انخراط العدالة في تنزيل النموذج التنموي الجديد‬


‫‪------------------------------‬‬

‫أكد الرئيس األول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية‪،‬‬
‫محمد عبد النباوي‪ ،‬والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة موالي الحسن‬
‫الداكي‪ ،‬اليوم الخميس بالعيون‪ ،‬عزم جميع هيئات ومهن العدالة على االنخراط بشكل قوي في‬
‫تنزيل النموذج التنموي الجديد‪.‬‬

‫وسجل السيد عبد النباوي‪ ،‬في مداخلة خالل الملتقى الثالث للعدالة حول موضوع “العدالة‬
‫في النموذج التنموي الجديد” ‪ ،‬أن العدالة تتبوأ مكانة بارزة ضمن التقرير الختامي للجنة الخاصة‬
‫بالنموذج التنموي الجديد‪ ،‬مؤكدا أن هذا التقرير قدم عدة توصيات للعدالة لكي تضطلع بدورها‬
‫الكامل في التنمية‪ ،‬السيما تعزيز الحقوق والحريات وتقليص آجال البت في القضايا‪ ،‬وتبسيط‬
‫المساطر ورقمنتها وتخليق منظومة العدالة‪.‬‬

‫وأضاف أن السلطة القضائية بصدد إطالق عدة مشاريع تهدف إلى استكمال البناء‬
‫المؤسساتي للسلطة القضائية وتعبئة الموارد المادية والمالية للسهر على حسن سيرها‪ ،‬وتأمين‬
‫الحقوق والحريات‪ ،‬وضمان أن تشكل العدالة مصدر ثقة للمواطنين والمستثمرين وفق أهداف‬
‫النموذج التنموي الجديد‪.‬‬

‫وأشار إلى أن االرتقاء باألداء القضائي وتسريع وتيرة البت في القضايا يرتبطان بالتحول‬
‫إلى الرقمنة من أجل تقليل التأخير والقضاء على تراكم القضايا داخل المحاكم‪ ،‬وضمان نجاعة‬
‫العدالة‪ ،‬موضحا أن السلطة القضائية عملت على تنويع برامج التكوين المستمر الذي توفره‬
‫للقضاة في مجال حقوق اإلنسان وغسل األموال والمادة التجارية‪ ،‬وفق ما أوصى به في تقرير‬
‫اللجنة الخاصة‪.‬‬

‫وفيما يخص تخليق العدالة‪ ،‬أوضح السيد عبد النباوي أن المجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫شرع‪ ،‬بتنسيق مع رئاسة النيابة العامة‪ ،‬في مسلسل تعزيز األخالقيات في هيئة العدالة‪ ،‬من‬
‫خالل تفعيل مدونة األخالقيات القضائية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫من جانبه‪ ،‬أكد السيد الداكي أن رئاسة النيابة العامة قامت‪ ،‬وعيا منها بأهمية االنخراط في‬
‫تنزيل النموذج التنموي الجديد‪ ،‬بتشخيص الوضع القضائي الراهن وأنجزت تصو ار حول‬
‫الموضوع‪ ،‬واقترحت مجموعة من اإلجراءات التي تعتبرها كفيلة بالرفع من مستوى مساهمة‬
‫القضاء في تحقيق التنمية‪.‬‬

‫وأبرز‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬أهمية الدور الذي يضطلع به القضاء في تحقيق التنمية‪ ،‬وتحفيز‬
‫وتشجيع االستثمار وحماية ممتلكات األفراد والجماعات وتأمين المعامالت وضمان الحقوق‬
‫والحريات األساسية وارساء مناخ يشجع على اإلبداع واالبتكار‪ ،‬باعتبارها مقومات رئيسية‬
‫لتحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬مضيفا أنه ال يمكن تصور تحقيق تنمية دون توفير شرط األمن‪،‬‬
‫وهو ما تساهم النيابة العامة في تحقيقه من خالل تنفيذها للسياسة الجنائية وردع كل أشكال‬
‫السلوكات التي تمس باألمن والنظام العام‪.‬‬

‫وشدد رئيس النيابة العامة على ضرورة تعزيز ثقة المواطنين في عدالة بالدهم‪ ،‬عبر بناء‬
‫جسور التواصل وتحصين العمل بالقيم والممارسات الفضلى وجعل المحاكم فضاءات إلنتاج‬
‫عدالة ناجعة وقريبة من انتظارات المواطنين‪ ،‬وفضاءات للثقة واالطمئنان‪ ،‬موضحا أن ذلك‬
‫مرتبط بتحديث منظومة العدالة ورقمنتها‪ ،‬وتكريس األمن القضائي والتطبيق السليم والعادل‬
‫للقانون والفصل في المنازعات والدعاوى داخل آجال معقولة‪.‬‬

‫وتميز افتتاح هذا الملتقى‪ ،‬الذي حضره على الخصوص والي جهة العيون – الساقية الحمراء‬
‫عامل إقليم العيون عبد السالم بكرات‪ ،‬ورئيس المجلس الجهوي سيدي حمدي ولد الرشيد‪،‬‬
‫بالتوقيع على اتفاقية شراكة بين هيئة المحامين لدى محاكم االستئناف بأكادير وكلميم والعيون‬
‫وهيئة المحامين بموروني (اتحاد جزر القمر‪.‬‬

‫ويتضمن برنامج هذا المنتدى‪ ،‬المنظم تخليدا للذكرى السادسة واألربعين للمسيرة الخضراء‪،‬‬
‫عدة مداخالت حول “العدالة في النموذج التنموي الجديد”‪ ،‬و”آفاق النهوض بالعدالة والمحاماة‬
‫في النموذج التنموي الجديد”‪" ،‬ودولة الحق والقانون واصالح العدالة رافعة للتنمية”‪ ،‬و”انتظارات‬
‫العدالة في النموذج التنموي الجديد‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫مكونات العدالة تناقش"مرفق العدالة على ضوء تقرير النموذج التنموي‬


‫الجديد"‪.‬‬
‫"الداكي‪" :‬العدالة ليست شأنا قضائيا صرفا بل أيضا مجتمعيا‬
‫‪--------------------------------------------‬‬

‫قال الحسن الداكي‪ ،‬الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض‪ ،‬رئيس النيابة العامة‪ ،‬إن العدالة‬
‫ال تعد شأنا قضائيا صرفا وانما هي أيضا شأن مجتمعي ومجال خصب لعدة متدخلين‪ ،‬ما‬
‫يجعل أزمة الثقة فيها تتقاسمها كل األطراف المتدخلة في العملية القضائية‪".‬‬

‫وأضاف الداكي‪ ،‬في معرض كلمته‪ ،‬اليوم األربعاء‪ ،‬بالرباط‪ ،‬في ندوة "مرفق العدالة على‬
‫ضوء تقرير النموذج التنموي الجديد" أن ذلك "يجعل تحمل المسؤولية فيها (العدالة) بصفة‬
‫جماعية لرفع التحدي وكسب رهان تحقيق النموذج التنموي الذي يتطلع إليه جاللة الملك‪".‬‬

‫وأوضح الداكي‪ ،‬خالل الندوة المنظمة من طرف المكتب المركزي لودادية موظفي العدل‪،‬‬
‫بتنسيق مع و ازرة العدل‪ ،‬بالمعهد العالي للقضاء‪ ،‬أن "األمر يتعلق بعدالة قادرة على كسب‬
‫رهان التنمية لتكون في مستوى انتظارات المغاربة‪ ،‬قائال "عدالة تحظى بالمصداقية والثقة‪،‬‬
‫عدالة مستقلة وفعالة‪ ،‬تربط تحقيق النتائج باألهداف في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬عدالة‬
‫قادرة على أن تكون قاطرة لتحقيق التنمية بمختلف تجلياتها‪".‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أبرز الداكي أن مكونات السلطة القضائية بما فيها رئاسة النيابة العامة‪،‬‬
‫منكبة على دراسة وتحليل الخالصات التي وردت في التقرير العام للجنة النموذج التنموي‬
‫الجديد‪ ،‬مشددا على أن الهدف هو "تعميق تشخيص الواقع الحالي لمنظومة العدالة بالمملكة‪،‬‬
‫والبحث عن مختلف الصيغ المناسبة واآلليات الممكنة لتجاوز كل االختالالت‪ ،‬حتى تكون‬
‫السلطة القضائية في الموعد من أجل كسب رهان التنمية بالمغرب‪.‬‬

‫وعرج رئيس النيابة العامة على مضامين الندوة‪ ،‬مؤكدا أنها تأتي في سياق التفاعل مع‬
‫مخرجات التقرير العام الذي قدمه رئيس لجنة النموذج التنموي الجديد بين يدي صاحب الجاللة‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫قائال إنه "خلص إلى أن بنية العدالة بالرغم من اإلصالحات التي عرفتها إال أنها مع ذلك ما‬
‫زالت تعاني من بعض األعطاب‪ ،‬مثل طول أمد البت في الملفات القضائية‪ ،‬والنقص في‬
‫الكفاءات‪ ،‬وضعف الشفافية وغيرها‪".‬‬

‫وأشار في هذا الصدد إلى أن "ذلك يفرض على كل مكونات العدالة من قضاة وموظفي‬
‫كتابة الضبط ومحامين وخبراء وعدول وتراجمة ومفوضين قضائيين‪ ،‬وشرطة قضائية وغيرهم‬
‫من مساعدي العدالة‪ ،‬المشاركة في ورش إصالح القطاع عبر االنخراط الجاد والمسؤول في‬
‫إرساء دعائم التخليق وتكريس قيم الحياد والنزاهة وخدمة الصالح العام‪ ،‬وتعزيز ثقة المواطن‬
‫والمستثمر في عدالتنا‪".‬‬

‫وأكد أن "الرغبة األكيدة للمغرب في بناء عدالة نزيهة وفعالة قريبة من انشغاالت المواطن‪،‬‬
‫تجسد من خالل اإلرتقاء بالقضاء إلى سلطة في ظل دستور ‪ ،2011‬والذي أقر استقالل هذه‬
‫السلطة القضائية عن باقي السلط‪ ،‬ثم تال ذلك استقالل النيابة العامة عن السلطة الحكومية‪".‬‬

‫ومن جانبه‪ ،‬قال محمد العمراني بوخبزة‪ ،‬عضو اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي‪ ،‬إن تنظيم‬
‫هذه الندوة يأتي ضمن التوجه الذي اختاره جاللة الملك للنموذج التنموي‪ ،‬مضيفا أن جاللته‬
‫طالب أعضاء اللجنة بالقيام بلقاءات تواصلية من أجل شرح مضامين التقرير‪ ،‬وتمكين جميع‬
‫مكونات المجتمع من فهم مضامينه‪ ،‬واالنخراط الكامل في تنزيل وتفعيل مضامين النموذج‬
‫التنموي‪.‬‬

‫وأوضح عضو اللجنة الخاصة‪ ،‬خالل الندوة ذاتها‪ ،‬أن ما ميز المداخالت خالل الندوة هو‬
‫وجود اللتقائية بين جميع المكونات حول مضامين التقرير الذي جرت صياغته بمنطق‬
‫التشاركية‪ ،‬حيث سمح لجميع مكونات العدالة بأن تدلي بدلوها‪.‬‬

‫واعتبر المتحدث أن هذه االلتقائية بالمهمة واإليجابية التي تكشف استعداد مكونات منظومة‬
‫العدالة للتفاعل اإليجابي مع مضمون التقرير فيما يخص مرفق العدالة‪ ،‬الذي أشار إلى نقطة‬
‫محوية وهي ربط منظومة العدالة بتحرير الطاقات‪ ،‬واقامة دولة الحق والقانون‪ ،‬مبر از أن ذلك‬
‫يشكل رسالة قوية لتشكيل مجتمع قوي له الثقة في مؤسساته خاصة مؤسسة العدالة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫وقال بوخبزة "نعتبر أننا في السياق السليم إلنجاح وتفعيل كل مضامين التقرير بشكل تشاركي‬
‫وفق منهجية خطها جاللة الملك على أساس أن تكون األمور واضحة دون لغة خشب وأن‬
‫يتملك جميع المغاربة هذا التقرير‪".‬‬

‫محمد عبد الصادق السيعيدي‪ ،‬الكاتب العام لودادية موظفي العدل‪ ،‬المنظمة للندوة‪ ،‬قال إن‬
‫التقرير أشار إلى قضايا قوية تهم مكونات العدالة بشكل كبير‪ ،‬واصفا إياها بـ "القضايا المؤلمة‬
‫والقاسية والبد أن نتحملها جميعا خاصة انخفاض منسوب ثقة المواطن في العدالة‪".‬‬

‫واعتبر السعيدي أن "انخفاض هذا المنسوب ال يتحمله القاضي أو كاتب الضبط لوحدهما‬
‫بل يتحمل مسؤوليته الجميع"‪ ،‬موضحا أن "هذا يتطلب من الجميع المزيد من العطاء ومعرفة‬
‫األسباب التي تجعل المواطن المغربي اليوم متخاصما مع عدالته‪ ،‬وتجعله يفكر في أن العدالة‬
‫فيها الفساد والرشوة ومن الصعب الولوج إليها"‪ ،‬مؤكدا أن الجواب عن هذه األسئلة هو محور‬
‫الندوة المنظمة واللقاء مع ممثل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫كلمة السيد رئيس النيابة العامة في ندوة مرفق العدالة على ضوء تقرير‬
‫النموذج التنموي الجديد‬
‫‪----------------------------‬‬
‫بسم اهلل الرحمان الرحيم والصالة والسالم على موالنا رسول اهلل وآله وصحبه‪،‬‬

‫‪ -‬السيد الرئيس األول لمحكمة النقض‪ ،‬الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬السيد وزير العدل‬
‫‪ -‬السيد رئيس ودادية موظفي العدل‬
‫‪ -‬حضرات السيدات والسادة كل باسمه وصفته واالحترام والتقدير الواجب لشخصه‪.‬‬

‫إنه لمن دواعي السرور واالعتزاز‪ ،‬أن أشارك معكم في افتتاح أشغال هذه الندوة الهامة‬
‫المنظمة من طرف المكتب المركزي لودادية موظفي العدل‪ ،‬حول موضوع‪“ :‬مرفق العدالة على‬
‫ضوء تقرير النموذج التنموي الجديد”‪ ،‬وبهذه المناسبة أود أن أشكر السيد رئيس ودادية موظفي‬
‫العدل على هذه الدعوة الكريمة‪ ،‬كما أود أن أهنئكم على حسن اختيار موضوع الندوة والذي‬
‫يعكس الحس العالي لمنظميها من أجل تدارس موضوع في غاية األهمية له راهنية آنية ويحظى‬
‫باهتمام من طرف مختلف الفاعلين في البالد‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة‬

‫تعد العدالة من المرافق التي تحظى بأهمية بالغة داخل النسيج المجتمعي‪ ،‬بالنظر لدورها‬
‫في ضمان الحقوق‪ ،‬وصون الحريات‪ ،‬وحفظ األعراض واألموال‪ ،‬واشاعة قيم العدل بين األفراد‪،‬‬
‫والمساهمة في توفير مناخ آمن للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫ولما كان تحقيق هذه الغايات السامية يرتبط ببناء عدالة سليمة‪ ،‬تتميز بالفعالية والنجاعة‬
‫ونزاهة المنتسبين إليها‪ ،‬وتبسيط إجراءات الولوج إليها والقدرة على المساهمة في قيادة قاطرة‬
‫التنمية وتشجيع االستثمار‪ ،‬وهو الدور الذي ما فتئ صاحب الجاللة الملك محمد السادس‬
‫نصره اهلل وأ يده يؤكد عليه في خطبه السامية‪ ،‬حيث قال جاللته في كلمة وجهت للمشاركين‬

‫‪10‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫بمناسبة انعقاد الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة‪ ،‬الذي افتتحت أشغاله يوم االثنين ‪30‬‬
‫كتوبر ‪ 3100‬بمراكش‪ ،‬تحت شعار “العدالة واالستثمار‪ ..‬التحديات والرهانات( ”واذ نرحب‬
‫بكم ضيوفا كراما على أرض المملكة المغربية‪ ،‬فإننا نشيد باختياركم لهذه الدورة موضوع “العدالة‬
‫واالستثمار‪ :‬التحديات والرهانات”‪ .‬لما يجسده هذا الموضوع من وعي بأهمية االستثمار كرافعة‬
‫للتنمية‪ ،‬وبالدور الحاسم الذي تضطلع به العدالة في الدفع بالنمو االقتصادي‪ ،‬عبر تعزيز دولة‬
‫الحق والقانون‪ ،‬وضمان األمن القانوني والقضائي الالزم لتحقيق التنمية الشاملة )انتهى النطق‬
‫الملكي السامي‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة‬

‫إن الرغبة األكيدة لبالدنا في بناء عدالة نزيهة وفعالة قريبة من انشغاالت المواطن‪ ،‬تجسد‬
‫من خالل اإلرتقاء بالقضاء إلى سلطة في ظل دستور ‪ ،2011‬والذي أقر استقالل هذه السلطة‬
‫القضائية من باقي السلط‪ ،‬ثم تال ذلك استقالل النيابة العامة من السلطة الحكومية‪ .‬وهو ما‬
‫تمت ترجمته من خالل القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫والنظام األساسي لرجال القضاء‪ ،‬والقانون رقم ‪ 22.03‬المتعلق بنقل اختصاصات السلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالعدل إلى رئيس النيابة العامة‪.‬‬

‫وتعزي از لهذه المكتسبات‪ ،‬واستكماال للبناء المؤسساتي لمرفق العدالة ببالدنا‪ ،‬والتطلع نحو‬
‫إرساء أسسها الكفيلة بتحقيق الغايات المرجوة‪ ،‬والمساهمة في النموذج التنموي الذي تسعى‬
‫بالدنا إلى تحقيقه‪ .‬فقد بادرت رئاسة النيابة العامة إلى التفاعل إيجابا مع اللجنة المذكورة من‬
‫خالل تقديم ورقة حول تصورها بشأن دور القضاء في النموذج التنموي الجديد‪ ،‬تضمن تشخيصاً‬
‫واقعياً للعدالة مع إبراز ما تحقق‪ ،‬وما ينبغي أن يتحقق واإلكراهات والعوائق والحلول الممكنة‬
‫لذلك‪.‬‬
‫واألكيد أن ندوة هذا اليوم‪ ،‬تأتي في سياق التفاعل مع مخرجات التقرير العام الذي قدمه‬
‫رئيس لجنة النموذج التنموي الجديد بين يدي صاحب الجاللة يوم ‪ 32‬ماي ‪ 3130‬بالقصر‬

‫‪11‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫الملكي العامر بفاس‪ ،‬والذي خلص إلى أن بنية العدالة بالرغم من اإلصالحات التي عرفتها‪ ،‬إال‬
‫أنها مع ذ لك ما زالت تعاني من بعض األعطاب‪ ،‬مثل طول أمد البت في الملفات القضائية‪،‬‬
‫والنقص في الكفاءات‪ ،‬وضعف الشفافية وغيرها …‪ ،‬مما يفرض على كل مكوناتها من قضاة‬
‫وموظفي كتابة الضبط ومحامين وخبراء وعدول وتراجمة ومفوضين قضائيين‪ ،‬وشرطة قضائية‬
‫وغيرهم من مساعدي العدالة المشاركة في ورش إصالح العدالة عبر االنخراط الجاد والمسؤول‬
‫في إرساء دعائم التخليق وتكريس قيم الحياد والنزاهة وخدمة الصالح العام‪ ،‬وتعزيز ثقة المواطن‬
‫والمستثمر في عدالتنا‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة‬

‫إن رئاسة النيابة العامة‪ ،‬و انطالقا من وعيها بالمسؤولية الملقاة على عاتقها في هذه المرحلة‬
‫الدقيقة التي تمر بها بالدنا والتي تتميز بعدة تحديات‪ ،‬واعية بقيمة انخراط مختلف مكونات‬
‫العدالة من أجل المساهمة الفعالة في تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد‪ ،‬وفي هذا اإلطار‬
‫لقاء تواصلياً مع السيد رئيس لجنة‬
‫عقد المجلس األعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ً‬
‫النموذج التنموي الجديد رفقة بعض أعضائها بتاريخ ‪ 32‬يونيو ‪ ،3130‬قدمت خالله اللجنة‬
‫خالصاتها حول ما جاء به التقرير العام بالنسبة لمنظومة العدالة‪ ،‬وقد كان هذا اللقاء مناسبة‬
‫إلطالع اللجنة على بعض المعيقات الواقعية والقانونية واللوجستيكية التي تحول دون الوصول‬
‫إلى عدالة قوية ومتراصة‪ ،‬واقتراح الحلول الكفيلة بمعالجتها‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة‬

‫إيمانا بمحورية االهتمام بالمواطن ضمن أولويات اشتغالها باعتباره يشكل صلب النموذج‬
‫التنموي‪ ،‬فإن رئاسة النيابة العامة وضعت استراتيجية عمل للمرحلة ترتكز باألساس على تعزيز‬
‫ثقة المواطن والرفع من مستواها وتبسيط إجراءات الولوج إلى الخدمات التي تقدمها‪ ،‬والتعاطي‬
‫إيجابا مع تظلماتهم وشكاياتهم وطلباتهم‪ ،‬والسهر على معالجتها داخل آجال معقولة‪ ،‬فضال‬
‫عن مساهمتها في تخليق الحياة العامة من خالل انخراطها في االست ارتيجية الوطنية لمكافحة‬
‫الفساد عبر التشجيع على التبليغ على كل أشكال الفساد واختالس المال العام‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫حضرات السيدات والسادة‬

‫إن العدالة ال تعد شأنا قضائيا صرفا‪ ،‬وانما هي شأن مجتمعي ومجال خصب لعدة متدخلين‪،‬‬
‫ما يجعل أزمة الثقة فيها تتقاسمها كل األطراف المتدخلة في العملية القضائية‪ ،‬وبالتالي تحمل‬
‫المسؤولية بصفة جماعية لرفع التحدي وكسب رهان تحقيق النموذج التنموي الذي يتطلع إليه‬
‫جاللته‪ ،‬عدالة قادرة على كسب رهان التنمية لتكون في مستوى انتظارات المغاربة‪ ،‬عدالة‬
‫تحظى بالمصداقية‪ ،‬والثقة‪ ،‬عدالة مستقلة وفعالة‪ ،‬تربط تحقيق النتائج باألهداف في إطار ربط‬
‫المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬عدالة قادرة على أن تكون قاطرة لتحقيق التنمية بمختلف تجلياتها‪.‬‬
‫وفي هذا السياق أود أن أؤكد لكم أن مكونات السلطة القضائية بما في ذلك رئاسة النيابة‬
‫العامة‪ ،‬منكبون على دراسة وتحليل الخالصات التي وردت في التقرير العام للجنة النموذج‬
‫التنموي الجديد‪ ،‬وذلك بهدف تعميق التشخيص الواقع الحالي لمنظومة العدالة ببالدنا والبحث‬
‫عن مختلف الصيغ المناسبة واآلليات الممكنة لتجاوز كل االختالالت‪ ،‬وتحقيق أقصى الغايات‬
‫واألهداف المرجوة من طرح تلك الخالصات أو من خالل ما قد يتم الوقوف عليه من معطيات‬
‫أخرى من شأنها تطوير وتجويد العدالة‪ ،‬وذلك حتى تكون السلطة القضائية في الموعد من‬
‫أجل كسب رهان التنمية ببالدنا‪.‬‬

‫ختاما أجدد شكري للمكتب المركزي لودادية موظفي العدل على تنظيم هذه الندوة‪ ،‬منوها‬
‫بأهمية موضوعها وتوقيته‪ ،‬آمال ألشغالها التوفيق والنجاح‪ ،‬والتوصل إلى توصيات وأفكار قابلة‬
‫للتطبيق‪ ،‬ويكون بمقدورها اإلسهام في تقويم العدالة ببالدنا وجعلها قادرة على رفع كل‬
‫التحديات ‪.‬‬
‫حفظ اهلل موالنا اإلمام جاللة الملك محمد السادس أعزه اهلل ونصره وأقر عينه بولي عهده‬
‫األمير الجليل موالي الحسن وشد أزره بصنوه الرشيد األمير موالي رشيد وكافة أسرته الشريفة‪،‬‬
‫إنه سميع الدعاء وباإلجابة جدير‪.‬‬

‫والسالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‬

‫‪13‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫آليات تفعيل النموذج التنموي الجديد‬


‫‪-------------------------‬‬
‫وضعت اللجنة الخاصة‪ ،‬لتفعيل النموذج التنموي الجديد‪ ،‬آليتين سـتدعي قيـادة قـادرة علـى‬
‫خلـق ظـروف التملـك الجماعـي مـن طـرف كافـة القـوى الحيـة لهـذا النمـوذج‪ ،‬وضمـان تتبـع‬
‫تنفيـذه‪ ،‬موضحة أنها هـذه القيـادة ترتكز علـى خصوصيـة المغـرب بالنظر إلـى المكانـة المركزيـة‬
‫للمؤسسـة الملكيـة‪ ،‬لكونهـا حاملـة للرؤيـة التنمويـة ولـألوراش االستراتيجية ذات البعـد الزمنـي‬
‫الطويـل‪ ،‬زيادة على حرصـها وتتبعهـا وتنفيذهـا بمـا يضمـن مصلحـة المواطنيـن‪.‬‬

‫وتقترح اللجنة‪ ،‬في هذا االطار آليتين لمواكبة تنزيل النموذج التنموي الجديد‪ ،‬حيث تتمثـل‬
‫اآللية األولى فـي ميثـاق وطنـي للتنميـة‪ ،‬يهـدف إلـى تكريـس التـزام كافـة القـوى الحيـة للبالد‪ ،‬في‬
‫اتجـاه أفـق تنمـوي جديـد‪ ،‬ومرجعيـة مشـتركة‪ .‬وسيشـكل هـذا الميثـاق اإلطار العـام لتناسـق وتظافـر‬
‫الجهـود بيـن مجمـوع الفاعليـن‪ ،‬ولتحديـ د األولويات االستراتيجية التـي تؤطـر عمليـة تخصيـص‬
‫المـوارد‪.‬‬

‫وأضافت اللجنة‪“ :‬يرتكـز الميثـاق أيضـا علـى الخيـارات األساسية للتنميـة‪ ،‬باعتبارهـا قاعـدة‬
‫مشـتركة بيـن مكونـات األمة‪ ،‬وذلـك مـن أجـل فسـح المجـال للخيـارات المتعـددة للفاعليـن‬
‫السياسـيين‪ ،‬فيمـا يخـص تفعيـل السياسـات العموميـة‪ .‬ومن خـال قدرته علـى توفيـر قـراءة واضحـة‬
‫للخيـارات التنمويـة الكبـرى للبالد علـى المـدى المتوسـط والبعيـد‪ ،‬وسيسـاهم هـذا الميثـاق فـي‬
‫اإلشعاع الدولـي للمملكـة والرفـع مـن جاذبيتهـا‪”.‬‬

‫وتابعت“ ‪:‬مـن الممكـن اعتمـاد هـذا الميثـاق بصفـة علنيـة مـن طـرف المعنييـن‪ ،‬إذ سيشـكل‬
‫الت ازمـا سياسـيا ومعنويا قويـا أمـام الملـك وأمـام األمة برمتها ‪.‬وسـيكون هـذا الميثـاق أداة لتجديد‬
‫عالقة الدولـة بالفاعلين فـي مجـال التنميـة‪ ،‬وسـيمهد الطريـق لمرحلـة تاريخيـة جديـدة فـي مسـار‬
‫التنميـة بالبالد‪ ،‬سـواء علـى مسـتوى رمزيتـه أو طابعـه االستراتيجي وخاصيتـه الوظيفية‪”.‬‬

‫وزاد المصدر‪ “ :‬يتمثــل المقتــرح الثانــي فــي إحــداث آليــة‪ ،‬تحــت إش ـراف الملــك‪ ،‬لتتبــع وتحفيــز‬
‫األوراش االستراتيجية وقيـادة التغييـر‪ .‬ومـن خ العمـل علـى االنسجام الشـمولي والموائمـة‬

‫‪14‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫االستراتيجية فـي اتجـاه األفق المنشـود‪ ،‬عبـر تحفيـز ودعـم اإلصالحات التحوليـة‪ ،‬حيث سـتمكن‬
‫هـذه اآللية مـن تكريـس مسـؤولية الجهــات المعنيــة وتعزيــز األداء العــام‪”.‬‬

‫وواصلت اللجنة الخاصة‪“ :‬ومـن شـأن هـذه اآللية أن تضطلـع بالمهـام التاليـة‪:‬‬

‫‪ -0‬التعريـف بالنمـوذج التنمـوي الجديد‪“ ،‬المرجعيـة والميثاق الوطنـي للتنميـة”‪ ،‬وضمـان نشـره‬
‫علـى نطـاق واسـع عبـر مختلـف وسـائل االتصال واالعالم‪،‬‬

‫‪ -3‬وضـع تصـور لــأدوات المنهجيــة الهادفــة إلــى تيســير ســبل التنفيــذ المنســجم والفعــال للنمــوذج‬
‫التنمــوي‪ ،‬ووضعهــا رهــن إشـارة الهيئـات والسـلطات المعنيـة‪،‬‬

‫‪ -2‬ضمـان تجانـس االستراتيجيات واإلصالحات المقترحـة إلرساء النمـوذج التنمـوي الجديـد‪،‬‬


‫مـع اإلطار المرجعـي‪ ،‬والميثـاق الوطنـي للتنميـة وذلـك قبـل اعتمادهـا مـن طـرف السـلطات‬
‫المختصــة مــن خــال صياغــة اآلراء والتوصيــات‪،‬‬

‫‪ -4‬العمــل علــى تتبــع تنفيــذ المشــاريع االستراتيجية التــي تقودهـا السـلطات المسـؤولة ورفـع‬
‫تقريـر بخصـوص هـذه المشـاريع إلـى الملك‪،‬‬

‫‪ -2‬مواكبـة قيـادة التغييـر وفقـا للتعليمـات الملكيـة السـامية‪ ،‬مـن خالل المسـاهمة في إعداد‬
‫مشـاريع اسـتراتيجية لدعم السـلطات والهيئـات المختصـة‪ ،‬ولتجريـب األوراش المبتكـرة‪ ،‬ولتطويـر‬
‫مسـالك تنفيذيـة متعلقـة بالتكويـن الميدانـي وادارة التغييـر داخـل الجامعـات ومعاهـد التكويـن‬
‫المتخصصـة‪”.‬‬

‫وخلص المصدر‪“ :‬إن اقتـراح النمـوذج التنمـوي يرتكـز علـى طمـوح مشـترك ومسـار مـن أجـل‬
‫تحقيقـه‪ .‬وبإمـكان المغـرب‪ ،‬مـن خــالل تعبئــة كافــة مؤهالته وطاقــات نســائه ورجالــه‪ ،‬أن يحقــق‪،‬‬
‫تحــت القيــادة الحكيمــة للملك محمد السادس‪ ،‬قفـزة نوعيـة تمكنـه مـن االنتقال الـى مرحلـة جديـدة‬
‫فـي مسـاره التنمـوي‪ .‬كمـا هـو الشـأن خـالل المحطـات الكبــرى التــي عرفهــا التاريــخ العريــق‬
‫للمملكــة‪ ،‬بإمــكان هــذه المرحلــة أن تشــكل نقطــة انطــاق ديناميــة حميـدة‪ ،‬تخلـق الثقـة وتترتـب‬
‫عنهـا آثـا ار إيجابيـة وملموسـة مـن حيـث ازدهـار ورفـاه المواطنـات والمواطنيـن المغاربـة‪ ،‬متحديـن‬

‫‪15‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫ضمـن تعد ديتهـم‪ ،‬يجسـدون مثاال للحـوار والسـلم والبنـاء المشـترك مـع األمم األخرى لعالـم‬
‫أفضـل‪”.‬‬

‫المصدر‪https://sahelpress.com/single-post.php?id=1442 :‬‬

‫‪16‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫النموذج التنموي الجديد والنجاعة القضائية‬

‫‪------------‬‬

‫ذ‪ /‬الحسين بكار السباعي‬

‫محام وباحث في اإلعالم والهجرة وحقوق اإلنسان‬

‫المصدر‪https://agadir24.info/ :‬‬

‫بناء أي نموذج تنموي‪ ،‬يستلزم المراهنة على كل المقومات والقدرات االقتصادية التي‬
‫يمتلكها كل بلد ‪ ،‬دون إغفال ضرورة مراجعة الخيارات واألهداف االستراتيجية التنموية‪ ،‬إذ ال‬
‫يمكن وضع الخيارات االقتصادية الكبرى وتنزيلها‪ ،‬إال بتوفير فضاء سياسي ومؤسساتي واضح‬
‫محفز‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق ‪ ،‬يعد النموذج التنموي الجديد دعامة أساسية في بناء مغرب الغد الذي‬
‫يتوق إليه الجميع‪ ،‬فهو ثمرة ونتاج تفاعل واسع مع عدة شرائح اجتماعية من مختلف جهات‬
‫المغرب وخاصة المناطق االمس حاجة على تنمية مجالية ‪.‬ويجسد النموذج التنموي الجديد‬
‫مقترح نراه واقعي لمسار تنموي جديد طال انتظاره ‪،‬نموذج يعكس الرغبة الملحة للمشاركة‬
‫واالندماج واالستقاللية‪ ،‬خاصة لفئات الشباب المتحمس للتغيير واإلصالح‪.‬‬

‫فالنموذج التنموي الجديد لم يأت من فراغ‪ ،‬بل تمخض عن رغبة ملكية ملحة في إحداث‬
‫قطيعة مع الماضي‪ ،‬بعد أن أصبح النموذج التنموي المعمول به متجاو از ‪،‬و عاج از عن تلبية‬
‫انتظارات المغاربة وحاجياتهم المتزايدة‪ .‬حيث دعا الملك في أكتوبر ‪ 3103‬أمام البرلمان إلى‬
‫اعتماد نموذج تنموي جديد ‪ ،‬يكون بمقدوره إيجاد حلول عملية كفيلة بحل المشاكل المطروحة‬
‫‪ ،‬ليشكل قاطرة للتنمية االقتصادية ويضمن تحقيق نمو مستدام ‪ ،‬يحد من التفاوتات االجتماعية‬
‫والمجالية ويحقق العدالة اإلجتماعية والمالية على حد سواء ‪ .‬ثم عاد جاللته في خطاب العرش‬
‫لسنة ‪ ، 3102‬لليشدد من جديد على ضرورة إعادة النظر في النموذج التنموي ‪ ،‬بعدما اتضح‬

‫‪17‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫أن المغاربة صاروا أكثر حاجة إلى تنمية متوازنة ومنصفة‪ ،‬تؤمن لهم الكرامة وتوفر الدخل‬
‫وفرص الشغل لفئات عريضة من الشباب العاطلين من خريحي مختلف الجامعات والمعاهد‪.‬‬

‫نموذج يساعد على إشاعة االطمئنان واالستقرار واالندماج في الحياة المهنية والعائلية‬
‫واالجتماعية وفق ما يتطلع إليه المواطن المغربي ‪ ،‬من تعميم للتغطية الصحية وتيسير لعملية‬
‫ولوج الخدمات االستشفائية الجيدة و كذا ضمان استقاللية القضاء ونزاهته و شفافيته وهو ما‬
‫سنركز عليه في قراءتنا المتواضعة للنموذج التنموي الجديد‪.‬‬

‫ال يخفى على أحد المالمح الكبرى ‪ ،‬التي ساعد في صياغة النموذج التنموي الجديد ‪،‬‬
‫واهمها الح ادث الفجائي الذي هز العالم وال زالت آثاره مستمرة ‪ ،‬وهو تفشي جائحة “كوفيد ‪-‬‬
‫‪ ”00‬التي كشفت عن العديد من االختالالت التي خلفت تداعيات اجتماعية واقتصادية عميقة‪،‬‬
‫تتطلب وقتا طويال لتجاوزها‪.‬‬

‫المغرب الذي حقق وباجماع المنتظم الدولي تمي از وريادة في مواجهة الوباء وتداعياته‬
‫االجتماعية واالقتصادية ‪ ،‬لتضح معه للمنطقة االقليمية والدولية بروز دولة مقبلة على ثورة‬
‫اقتصادية حقيقية في كل المجاالت‪.‬‬

‫غير ان هذا التميز والدور الريادي والذي سيشكل فضاء مالئما للمستثمرين المغاربة كما‬
‫االجانب ويكون موردا مهما لتوفير موارد انج اع كل مبادرة تنموية ‪ ،‬يجعلنا كما غيرنا ممن‬
‫استهواهم ركب أمواج االستثمار واالعمال في ميادين اقتصادية مختلفة عن الدور الذي يمكن‬
‫أن تلعبه المؤسسة القضائية في تلبية تلبي تطلعات رجال المال واالعمال وقبلهم المواطن‬
‫المغربي محور كل عملية تنموية ‪ ،‬في مدى فعالية الترسانة القانونية ونجاعة االحكام القضائية‬
‫في محاربة الفساد بجميع أصنافه و الدفع باإلرساء العملي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة‬
‫‪،‬لكي ال يبقى مجرد شعار براق تزين به خطابات مختلف المسؤولين‪.‬‬

‫إن متطلبات التنمية االقتصادية التي هي أساس وضع النموذج التنموي الجديد‪ ،‬ترتبط‬
‫بتوفير األمن واالستقرار‪ ،‬وبقضاء مستقل يحمي حقوق المستثمرين بمناسبة معاملتهم‬
‫االقتصادية‪ ،‬سواء فيما بينهم أوفي تعاملهم مع الدولة‪ ،‬مما يؤجج الطمأنينة بينهم ‪ ،‬ويشجعهم‬

‫‪18‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫على القيام بمزيد من األنشطة االستثمارية ‪.‬و من المعلوم أن الرأسمال األجنبي هو مال حذر‪،‬‬
‫إذا ما أحس بالخوف على مصالحه يهرب إلى مالذ آمن ‪ ،‬لذا كان للتركيز على أهمية القضاء‬
‫في تحقيق التنمية التي يصبو إليها النموذج التنموي الجديد ما يبرره ‪ ،‬فهو المالذ األخير‬
‫للمظلومين ‪ ،‬فإذا لم يكن منصفا وعادال في جميع المجاالت‪ ،‬المالة سيؤدي الى زيادة العبء‬
‫على المستثمرين ‪ ،‬بسبب غياب الشفافية و المنافسة والمساواة ‪ ،‬والتي تشكل الشروط الجوهرية‬
‫لجذب االستثمار‪ .‬أمر ينعكس في النهاية على الشغل‪ ،‬فتكثر البطالة ويسود الفقر شرائح‬
‫المجتمع ويؤثر ذلك في النهاية على موارد الدولة وتقل المشاريع‪ .‬وبدل تحقيق التنمية يغرق‬
‫المجتمع في ظالم التخلف وغيابات الفقر و الهشاشة و يقبع في مستنقع الالعدالة‪.‬‬

‫وعليه فإن القضاء يساهم في تأطير األنشطة االقتصادية من خالل ضبط قواعد التعامل‬
‫حتى تسودها الشفافية‪ ،‬ومن تم كان تحقيق التنمية رهين بمدى نجاعة المنظومة القضائية وكذا‬
‫فعاليتها ونجاعتها على ضمان تكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق والحريات‪.‬‬
‫ونهوضا بأهمية دور القضاء واستثمار إنعكاس النجاعة القضائية على التنمية االقتصادية‬
‫واستقرارها ‪ ،‬فقد إنخرط المغرب في مسلسل إصالح القضاء ‪ ،‬وهو ما عبرت عنه االرادة‬
‫الملكية السامية وتوج بالتغيرات الدستورية األخيرة ‪ ،‬و التي سيكون لها األثر البالغ إذا ما تم‬
‫تفعيل النصوص الدستورية المؤكدة إلستقالل القضاء ‪ ،‬بشكل يضمن تنزيل المبادئ الدستورية‬
‫وتطبيقها على أرض الواقع القضائي بأثرها المباشر ‪ ،‬على إعتبار أن الغاية من االستقاللية‬
‫هي حفظ حق المواطن داخل مجتمع ديمقراطي يتمتع بسلطة قضائية مستقلة عن السلطتين‬
‫التشريعية والتنفيذية دون أن يعني تمتع القاضي في حد ذاته بأي امتياز‪ ،‬ومنه فعالقة القضاء‬
‫باالستثمار واسعة ومتشبعة تشمل جل فروعه وال تقتصر علي القضاء التجاري فحسب ‪ ،‬واذا‬
‫كان ارتباط االستثمار بالقضاء التجاري أساسي ووثيق فإنه مرتبط كذلك بالقضاء في المادة‬
‫اإلدارية والسيما ما تعلق منها بالضرائب والجبايات‪ ،‬ومرتبط أيضا بالمادة العقارية ألن الوعاء‬
‫العقاري هو مناط كل استثمار ومرتبط بالمادة االجتماعية فيما بتعلق بقضايا الشغل وعالقة‬
‫اإلجراء مع أرباب العمل‪ ،‬ونفس األمر بالنسبة للقضاء الجنائي فيما يتعلق بالجرائم المالية‬
‫والتدابير المتعلقة بحماية المعامالت‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫فهل سيعمل مهندسو تنزيل النموذج التنموي الجديد ‪ ،‬من خالل عملهم على تتبع هذا الورش‬
‫الوطني ‪ ،‬على إرجاع الثقة للمواطنين والمستثمرين مغاربة واجانب في الدور المهم الذي تلعبه‬
‫النجاعة القضائية في التنمية ؟ خاصة القضاء التجاري باعتباره المحفز االول لالستثمار‪،‬‬
‫وكذلك ما للقضاء االداري من ادوار مهمة ‪ ،‬بخصوص المنازعات المتعلقة بالعقود االدارية و‬
‫المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية‪ .‬هذا ما سنقف عليه في مقالنا المقبل‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫كلمات السيد الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية‬


‫‪-------------------------------------‬‬
‫المصدر‪https://www.cspj.ma/actualites/categorie/?iddossier=10 :‬‬

‫كلمة السيد الرئيس املنتدب للمجلس ألاعلى للسلطة القضائية بمناسبة املشاركة في الندوة‬
‫الوطنية حول" ‪:‬املحاكمة العادلة في ظل دستور ‪ 1122‬عقب عشر سنوات من نفاذ مفعوله "املنظمة‬
‫بشراكة بين املجلس ألاعلى للسلطة القضائية وهيئة املحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير وكلميم‬
‫والعيون‪ .‬ألقاها بالنيابة عن السيد الرئيس املنتدب السيد الرئيس ألاول ملحكمة الاستئناف بأكادير‬
‫يوم ‪ 21‬يوليوز ‪. 1112‬‬

‫‪-----------------------------------------------‬‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫ص‬‫ص َ‬ ‫ٍ‬
‫خطاب لألمة‪ُ ،‬خ ِّ‬ ‫في يوم ‪ 03‬يونيو سنة ‪ ،3100‬أعلن جاللة الملك حفظه اهلل‪ ،‬في‬
‫لتقديم دستور ‪ ،3100‬أن القانون األساسي المعروض على االستفتاء‪ ،‬عمد إلى " دسترة كافة‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬كما هي متعارف عليها عالمياً‪ ،‬بكل آليات حمايتها وضمان ممارستها‪ .‬وهو‬
‫ما سيجعل من الدستور المغربي‪ ،‬دستو ار لحقوق اإلنسان‪ ،‬وميثاقا لحقوق وواجبات‬
‫المواطنة‪".‬‬

‫ولم تكتف المملكة بدسترة حقوق اإلنسان‪ ،‬ولكنها وضعت لها هيئات ومؤسسات لحمايتها‬
‫ونشرها واشاعتها‪ .‬وقد دعا جاللة الملك هذه المؤسسات في رسالته السامية الموجهة بمناسبة‬
‫الذكرى السبعين إلقرار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بالقول السامي "‪:‬أدعو جميع‬
‫المؤسسات والهيئات المعنية‪ ،‬لمواصلة الجهود من أجل القيام بدورها في الدفاع عن حقوق‬
‫اإلنسان في كل أبعادها‪ ،‬وزيادة إشعاعها‪ ،‬ثقاف ًة وممارس ًة‪ ،‬وذلك في نطاق االلتزام بروح‬
‫المسؤولية والمواطنة‪ ،‬التي تتالءم فيها ممارسة الحقوق والحريات بأداء الواجبات‪".‬‬

‫‪21‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫أنا سعيد باستذكار هذه الدرر الغالية في بداية هذه الكلمة‪ ،‬لكونها تُ َؤطر لموضوع هذا اللقاء‪.‬‬
‫جدا بتواجدي بينكم اليوم لحضور فعاليات هذه الندوة الوطنية الهامة‪ ،‬التي‬ ‫كما أنني سعيد ًّ‬
‫ستضيف‪ ،‬ال محالة‪ ،‬لبنة جديدة إلى بنيات المحاكمة العادلة‪ ،‬وتعزز تماسك صفوف الجهات‬
‫أغتنمها ألعرب‬
‫ُ‬ ‫األساسية المعنية بها (القضاء والدفاع)‪ ،‬لترسيخها وتقوية أسسها‪ .‬وهي مناسبة‬
‫للسيد نقيب هيئة المحامين بأكادير كلميم العيون‪ ،‬ولكافة أعضاء هيئة الدفاع بها‪ ،‬عن خالص‬
‫الشكر واالمتنان على هذه المبادرة القيمة التي تتيح لنا مجددا التأكيد على أهمية دور المحاماة‬
‫في خدمة العدالة والدفاع عن الحقوق والحريات امتثاال للواجب المهني النبيل ‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة الكرام؛‬

‫ال شك أن تنظيم ندوة وطنية بشراكة بين السلطة القضائية وأسرة الدفاع‪ ،‬لهو فرصة لتدارس‬
‫جانب هام من شؤون العدالة ببالدنا‪ ،‬في موضوع يهمهما رَّبما أكثر من غيرهما من المعنيين‬
‫بفض النزاعات وتدبير المحاكمات‪ ،‬أال وهو موضوع "المحاكمة العادلة"‪ .‬ولعل التطرق لهذا‬
‫الموضوع في لقاءات علمية متوالية بحضور مجموعة من الفاعلين في مجال العدالة‪ ،‬إنما‬
‫يعكس إيماننا الثابت وقناعتنا الراسخة بأن المحاكمة العادلة هي عماد دولة القانون‪ ،‬ألنها‬
‫تختزل االنتصار للمبادئ اإلنسانية السامية التي تكرس مبادئ العدالة واإلنصاف‪.‬‬

‫ولعل تناول موضوع "المحاكمة العادلة في ظل دستور ‪ ،3100‬بعد عشر سنوات من نفاذ‬
‫مفعوله"‪ ،‬يعود بنا إلى الدور المتميز‪ ،‬الذي قام به رجال القانون المتمرسين‪ ،‬وفي مقدمتهم‬
‫القضاة والمحامون‪ ،‬الذين ساهموا بأحكامهم ومذكراتهم ومرافعاتهم وكتاباتهم‪ ،‬في النقاش‬
‫الحقوقي الذي واكب إصدار قانون المسطرة الجنائية سنة ‪ .3112‬وقاموا بطرح اإلكراهات‬
‫العملية وابراز جوانب القوة والقصور في مقتضيات قانون المسطرة الجنائية السابق‪ ،‬وقانون‬
‫اإلجراءات االنتقالية لسنة ‪ .0034‬وما زال الكم الهائل من المقاالت والمذكرات واآلراء التي‬
‫دبجها نخبة من القضاة والمحامين بالتزامن مع مناقشة مشروع القانون المذكور‬

‫‪22‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫حاض اًر‪ .‬باإلضافة إلى مشاركاتهم القيمة في عدة ندوات وأيام دراسية ولقاءات ُنظمت على‬
‫هامش ذلك‪.‬‬

‫وهو ما جعل المغرب يتوفر على قانون إجرائي متقدم وفي مستوى المكانة واالعتبار اللذين‬
‫تحظى بهما حقوق اإلنسان ببالدنا‪ ،‬يتضمن رصيداً واف اًر من المبادئ والضمانات األساسية‬
‫للمحاكمة العادلة ‪.‬بحيث أقر مبدأ قرينة البراءة في مادته األولى‪ ،‬ورتب عنه عدة مقتضيات‬
‫إجرائية تحمي حقوق وحريات المشتبه فيهم والمتهمين‪ .‬مما جعل قرينة البراءة تالزمهم إلى‬
‫دور فعاال في مراقبة وتقييم‬
‫حين نهاية اإلجراءات بحكم قطعي باإلدانة‪ .‬كما منح للقضاء ا‬
‫وسائل اإلثبات‪ ،‬وعمل على تقوية دور المحامي أثناء البحث التمهيدي وخالل مراحل سير‬
‫الدعوى العمومية‪ .‬ونظم حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين‪ ،‬وما إلى ذلك من المبادئ‬
‫والضمانات‪ ،‬التي ال شك سيتوسع المتدخلون في هذه الندوة في تحليل مضامينها وحدودها‬
‫وآفاق تطويرها‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫لئن كانت المحاكمة العادلة في بعدها القانوني تستلزم من القضاء والدفاع الحرص على‬
‫التفعيل الجيد والدقيق للضمانات القانونية المقررة للمتهمين وباقي األطراف‪ ،‬بما يستلزم من‬
‫المحاكم الدراسة المعمقة للملفات واالستماع بعناية للطلبات‪ ،‬والتطبيق العادل للقانون بشأنها‬
‫وفي األمد المعقول‪ .‬كما تَستلزم من أعضاء الدفاع بذل العناية الالزمة لمؤازرة موكليهم‪،‬‬
‫والسعي بالوسائل القانونية المقررة‪ ،‬للبحث عن الحقيقة‪ ،‬بما يقتضيه ذلك من عرض األدلة‬
‫ومناقشة الوقائع والنصوص المطبقة عليها‪ ،‬فإنها تقتضي من كل طرف الوفاء بالتزاماته‬
‫القانونية‪ ،‬وأداء الدور المنوط به بعناية واهتمام‪ .‬بما في ذلك االنصياع اإلرادي لق اررات‬
‫المحكمة‪ ،‬ولو في حالة عدم قبولها‪.‬‬

‫فدولة القانون والمؤسسات تعني االحتكام إلى القانون باعتباره أسمى تعبير عن ضمير‬
‫األمة‪ ،‬واحترام أحكام القضاء‪ ،‬حتى في حالة المجادلة فيها‪ ،‬هذه المجادلة التي يجب أن تتم‬
‫وفقا لما ينص عليه القانون‪ .‬وقد قرر الدستور مبدأ استقالل القضاء ليتمكن القضاة من النطق‬

‫‪23‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫بأحكامهم تحت تأثير التطبيق العادل للقانون وحده‪ .‬والتطبيق العادل للقانون‪ ،‬ال يتوقف على‬
‫استقالل القضاة في أحكامهم عن السلطتين التشريعية والتنفيذية من جهة‪ ،‬وعن سلطة رؤسائهم‬
‫القضائيين فقط‪ ،‬ولكن كذلك عن كل التأثيرات األخرى‪ ،‬التي قد تمارسها جهات أخرى خارج‬
‫السلطة بوسائل مختلفة‪ ،‬كالتهديدات والتشهير‪ ،‬أو عن طريق حشد الجمهور أو تغليط الرأي‬
‫العام أو غيرها من الوسائل التي تستهدف توجيه القضاة في أحكامهم التجاه معين‪ ،‬أو صرفهم‬
‫عنه‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫لقد شكلت سنة ‪ 3100‬منعطفاً هاماً في دعم وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة ببالدنا‪.‬‬
‫فقبل عشر سنوات مضت‪ ،‬وبإرادة مولوية مباركة‪ ،‬تم استفتاء األمة المغربية في إصدار دستور‬
‫جديد‪ ،‬شكل ميثاقاً حقيقياً للحقوق والحريات األساسية‪ ،‬يتالءم مع المرجعية الكونية‪ ،‬ويساير‬
‫عزم صاحب الجاللة نصره اهلل وتطلعه الدائم إلى استكمال منجزات أسالفه المنعمين في بناء‬
‫دولة القانون والمؤسسات‪ .‬وهو الدستور الذي كرس االستقالل الفعلي للسلطة القضائية‪ ،‬وشكل‬
‫تصديره وفصوله مرجعاً أساسياً في صيانة الحقوق والحريات‪ ،‬وال سيما دعم حقوق المتقاضين‬
‫وحسن تطبيق قواعد سير العدالة‪.‬‬

‫وبالنظر لالرتباط الوثيق بين موضوع المحاكمة العادلة وحماية الحقوق والحريات‪ ،‬فقد أخذ‬
‫مفهوم هذه الحقوق ومغزاها‪ ،‬بعداً استراتيجياً جديداً في هذا الدستور‪ .‬الذي شكل مناسبة لتأكيد‬
‫تشبث بالدنا بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها دولياً‪ .‬وأتاح إرساء أهم مداخل احترام‬
‫هذه الحقوق والحريات‪ ،‬بسن مبادئ وضمانات دستورية ذات أبعاد قانونية وقضائية‪ .‬تهدف‬
‫في مقاصدها الكبرى إلى تكريس ضمانات محاكمة عادلة‪ .‬لعل أهمها يتمثل في ترسيخ مبادئ‬
‫حماية حقوق المتقاضين وحسن تطبيق قواعد سير العدالة‪ ،‬وضمان الرقابة البعدية للمقتضيات‬
‫القانونية الماسة بالحقوق والحريات المضمونة في الدستور‪ ،‬من خالل آلية "الدفع بعدم دستورية‬
‫القانون"‪ .‬عالوة على إرساء مبدأي "قرينة البراءة" و"إصدار الحكم داخل أجل معقول"‪ ،‬وجعلهما‬
‫أبرز مؤشرات العدالة الناجزة انطالقا من الفصول ‪ 000 ،32‬و‪.031‬‬

‫‪24‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫واقتناعاً من المجلس األعلى للسلطة القضائية بأن حسن تدبير الزمن القضائي وتصفية الملفات‬
‫يعتبران من أبرز آليات تعزيز الثقة في العدالة وتكريس المحاكمة العادلة‪ ،‬فقد جعل مدى تقيد‬
‫المحاكم باألعمار االفتراضية للقضايا أحد أهم انشغاالته‪ ،‬معتمدًا إياه معيا اًر أساسياً في تقييم‬
‫األداء المهني للقضاة وتتبع مؤشراته ‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫اجب دستوري يهدف إلى أنسنة المنازعات‬


‫إن المحاكمة العادلة ليست ترفاً حقوقياً‪ ،‬ولكنها و ٌ‬
‫القضائية‪ ،‬وحماية حقوق األطراف في الدعاوى الجنائية‪ ،‬سواء المتهمين أو الضحايا‪ .‬وتمكين‬
‫كل طرف من الدفاع عن موقفه في ظروف مناسبة ‪.‬مما يعزز مناخ الثقة وتحرير الطاقات‪.‬‬
‫كما خلص إلى ذلك تقرير النموذج التنموي الجديد‪ ،‬والذي نحن مدعوون جميعاً‪ ،‬إلى التعبئة‬
‫الشاملة للتفاعل اإليجابي مع مضامينه‪ ،‬واقرارها في خطط عملنا‪ .‬للسير قُ ُدماً ببالدنا إلى‬
‫مستوى تطلعات صاحب الجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل وأيده‪ ،‬والتي تكرس انتظارات‬
‫المغاربة قاطبة‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫رغم الرصيد التشريعي الهام لمنظومتنا القانونية في مجال الحقوق والحريات‪ ،‬فإن الحاجة ما‬
‫تزال ماس ة الستكمال المبادرات التشريعية‪ ،‬وتجويد القوانين ومالءمتها مع دستور البالد‬
‫والمواثيق الدولية‪ .‬واصدارها في ُحلل حقوقية ترقى بها إلى مستوى المبادئ والضمانات‬
‫الدستورية‪ .‬وتنهل أيضا من التجارب المقارنة الرائدة والمتميزة في ضمان حقوق الدفاع‪ ،‬وتوفير‬
‫ظروف المحاكمة العادلة ‪.‬‬

‫ولعل هاجس بلوغ هذه األهداف هو ما يجعل السلطة القضائية‪ ،‬ومعها هيئة الدفاع‪ ،‬تُتابعان‬
‫باهتمام كبير المسار التشريعي لعدد من مشاريع القوانين التي تتصل بشكل مباشر بالحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬وفي مقدمتها مشاريع قانون المسطرة الجنائية ومجموعة القانون الجنائي والقانون‬
‫المتعلق بالتنظيم القضائي والقانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط واجراءات الدفع بعدم‬
‫دستورية قانون ‪.‬والتي ننتظر أن تضيف نفَساً حقوقياً إلى المنظومة التشريعية القائمة‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫إن من أهم شروط تكريس ضمانات المحاكمة العادلة‪ ،‬وجود قضاة أكفاء متشبعين بثقافة حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وساعين إلى التطبيق السليم للقانون‪ .‬كما يتوقف على محامين ُجبلوا على روح الدفاع‬
‫عن الحقوق والحريات‪ ،‬والمساهمة بمرافعاتهم ودفوعاتهم ومذكراتهم في تكريس مبادئ قضائية‬
‫راسخة‪ ،‬في حسن إجراءات سير العدالة وحماية حقوق المتقاضين‪.‬‬

‫وفي إطار سع ي المجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬منذ تنصيبه‪ ،‬إلى تطوير مهارات القضاة‬
‫واالنفتاح على الممارسات القضائية الفضلى‪ ،‬واالستفادة من الخبرة األجنبية‪ ،‬بادر إلى توقيع‬
‫اتفاقية توأمة مع المجلس األعلى للعدالة ببلجيكا‪ ،‬وهي االتفاقية التي وضعت ضمن أهدافها‬
‫تقوية القدرات والتكوين على أساس المعايير األوروبية في مجالي تعزيز آليات النجاعة القضائية‬
‫وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة بموازاة مع الفعالية‪ ،‬حيث تم الوقوف في عدة مناسبات‬
‫ُعقدت بمقر المجلس و بمقر محكمة النقض على تدارس الشروط النظرية والعملية للمحاكمة‬
‫العادلة‪ ،‬في ورشات عمل شارك فيها مسؤولون قضائيون وقضاة وخبراء من الطرفين‪ ،‬مكنت‬
‫من تسجيل اإليجابيات ورصد المعوقات إلدراجها ضمن برنامج العمل المشترك‪.‬‬

‫وقد أتاح المجلس مؤخ اًر لقضاة الحكم‪ ،‬المكلفين بالقضايا الجنائية المشاركة في دورات تكوينية‬
‫لرفع قدراتهم في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬يتم تنظيمها بشراكة مع رئاسة النيابة العامة‪ ،‬التي كانت‬
‫سباقةً إلى تنظيم دورات مماثلة خالل السنة الماضية‪ ،‬عرفت نجاحاً واقباالً منقطعي النظير‪،‬‬
‫مما يستوجب َّ‬
‫منا التنويه بهذه المبادرة وتقديم جزيل الشكر والثناء ألجله‪ ،‬إلى السيد رئيس‬
‫النيابة العامة‪ ،‬واألطر المشرفة على البرنامج واألساتذة الكبار المساهمين فيه‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أخي اًر إلى أنه خالل السنة الماضية‪ ،‬شاءت األقدار أن تشهد بالدنا‪ ،‬كباقي‬
‫بلدان العالم‪ ،‬تفشي جائحة فيروس كورونا ـ كوفيد ‪ 00‬ـ لزم معه الحفاظ على سير العدالة‬
‫بوتيرة ُمقنعة تؤمن تلبية الخدمات المطلوبة للمتقاضين بمستوى مقبول‪ ،‬حيث تم اتخاذ عدة‬
‫إجراءات من بينها‪ ،‬كما تعلمون‪ ،‬اللجوء إلى البت في قضايا المعتقلين بواسطة تقنية المحاكمة‬
‫عن بعد‪ ،‬وهو ما شكل محكاً حقيقياً ألسرة القضاء للحفاظ على ضمانات المحاكمة العادلة في‬

‫‪26‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫هذه الظروف االستثنائية والتي كان في مقدمتها احترام إرادة المعتقلين أنفسهم ودفاعهم لقبول‬
‫إجراء المحاكمات عن بعد ‪.‬‬

‫واذ أنوه بمستوى التضحيات التي بذلها السيدات والسادة المسؤولون القضائيون والقضاة (رئاسة‬
‫ونيابة عامة)‪ ،‬وأسرة الدفاع وأطر وموظفو كتابة الضبط والمؤسسات السجنية والشرطة القضائية‬
‫وباقي مساعدي القضاء‪ ،‬فإني أغتنم هذه المناسبة ألجدد شكري لهم على تفاعلهم اإليجابي‬
‫بما يمليه واجب االنخراط الجاد في تدبير األزمات والمخاطر‪ ،‬بضمير وطني ُمفعم بروح‬
‫التضامن واإلقدام‪ ،‬والذي أكدته النتائج المرضية التي حققتها العدالة منذ انطالق الجائحة إلى‬
‫اآلن‪ .‬كما أتوجه بجزيل الثنا ء لسيادة وزير العدل ومساعديه والسيد المندوب العام للسجون‬
‫ألجل العمل الجبار الذين قاموا به للتهيئ المادي والبشري لعقد هذه الجلسات‪.‬‬

‫وأخي اًر‪ ،‬إني لواثق من أن جمعكم المبارك هذا‪ ،‬والمبني على قناعة الحوار العلمي والتشبث‬
‫القوي بالمبادئ والضمانات الدستورية واحترام الرأي والرأي المخالف‪ ،‬سيشكل مناسبة هامة‬
‫لإلفادة واالستفادة وتقاسم األفكار والخالصات‪ ،‬في ضوء الرصيد العلمي والمهني الغزير الذي‬
‫راكمه المشاركون في هذه الندوة بعملكم المتواصل وعزمكم الدؤوب‪.‬‬

‫والشكر مرة أخرى للسيد النقيب وأعضاء مجلس هيئة أكادير على الدعوة‪ ،‬وألجل التنظيم الجيد‬
‫واالختيار الموفق للمواضيع ‪.‬‬

‫ولذلك أدعو اهلل تعالى أن يبارك مسعاكم‪ ،‬ويكلل مبادرتكم بالتوفيق‬

‫والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‬

‫‪27‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫كلمة السيد الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية في اجتماع‬


‫المسؤولين القضائيين عن محاكم االستئناف ‪-‬الرباط ‪ 01‬يونيو ‪.0100‬‬

‫‪------------‬‬

‫حضرات السيدات والسادة المسؤولين القضائيين؛‬

‫إن اجتماعنا في هذه الفترة مليء بالدالالت اإليجابية‪ .‬فهو يأتي عقب تعيين جاللة الملك‬
‫ألعضاء جدد بالمجلس األعلى للسلطة القضائية‪ِّ .‬‬
‫وتبني النموذج التنموي الجديد‪ ،‬وكذلك قَُبيل‬
‫إجراء االستحقاقات االنتخابية التشريعية والجهوية والمحلية‪ ،‬وفي أفق انتخاب ممثلي القضاة‬
‫بالمجلس األعلى للسلطة القضائية‪ .‬وهو ما يدل على أن السنة القضائية الجارية ستكون حافلة‬
‫بالمهام الجسام‪ ،‬التي يتعين على المحاكم االستعداد لها‪.‬‬

‫كما أن هذا االجتماع يأتي بعد صدور قرار جديد بإعادة تشكيل الهيأة المشتركة للتنسيق‬
‫في مجال اإلدارة القضائية‪ ،‬والذي عمل على تجميع مؤسسات العدالة الثالث العاملة بمحاكم‬
‫المملكة داخل نفس الهيأة من أجل التنسيق في مجال اإلدارة القضائية‪ .‬وهي الهيأة التي ضخت‬
‫دماء جديدة في قلب العدالة النابض‪ .‬وتعمل على دراسة مشاكل اإلدارة القضائية بتفان ونكران‬
‫ذات‪ ،‬وتبحث لها عن الحلول المالئمة باستحضار مصلحة العدالة وحقوق األطراف‪ .‬وذلك‬
‫منذ اجتماعها األول بمقر المجلس فور توقيع القرار المشترك يوم ‪ 12‬أبريل ‪. 3130‬وبذلك‬
‫تقدم مؤسسات العدالة الرسمية أول جواب على مالحظات اللجنة الخاصة بنموذج التنمية‬
‫الجديد التي اعتبرت فيها عدم التوزيع الواضح ألدوار الفاعلين المؤسساتيين‪ ،‬والغموض الذي‬
‫تتسم به العالقات بينها من أسباب ضعف النظام القضائي‪ ،‬والتي تجعل المجتمع المغربي‬
‫عاج اًز عن تحديد المسؤول عن االختالالت التي تشهدها العدالة‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن أول‬
‫الغيث قطرة‪ ،‬وأن جهود مؤسسات السلطة القضائية والو ازرة ستستمر لمأل الفراغات وتوفير‬
‫أدوات التعاون والتنسيق‪ ،‬والتي يتعين أن تشمل جميع مكونات العدالة‪ ،‬والسيما المهن القضائية‬
‫التي هي جزء أساسي وحاسم في منظومة العدالة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫واني ألجد المناسبة سانحة لتقديم جزيل الشكر للسيد رئيس النيابة العامة ومساعديه‪ .‬وكذا‬
‫لسيادة وزير العدل وادارة الو ازرة‪ ،‬وألعضاء المجلس وأطره‪ ،‬على التنسيق المحكم‪ ،‬والنقاش‬
‫الجدي والهادف‪ ،‬الذي يطبع اجتماعات الهيأة المشتركة‪ ،‬والذي نامل في جني أحسن ثماره في‬
‫القادم من األيام إن شاء اهلل‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن هذا االجتماع يأتي بعد مرور حوالي ثالثة أشهر على نشر مدونة‬
‫األخالقيات القضائية التي جعلت منكم – حضرات السيدات والسادة الرؤساء األولين والوكالء‬
‫العامين للملك بمقتضى مادتها الثالثة والثالثين مستشارين لألخالقيات‪ ،‬وأناطت بكم عدة مهام‬
‫ترمي إلى إشاعة وتعميم المبادئ األخالقية‪ ،‬والتحسيس بها‪ ،‬والحث على احترامها‪ .‬وكذلك‬
‫مساعدة القضاة بالنصح واإلرشاد‪ ،‬في حالة مواجهة صعوبات أو إشكاليات تتعلق بكيفيات‬
‫ُمَناء على األخالق القضائية في‬
‫تطبيق وتفسير التزاماتهم األخالقية‪ .‬كما جعلت المدونة منكم أ َ‬
‫دوائر نفوذكم‪ ،‬وبذلك فأنتم مدعوون إلى تبليغ لجنة األخالقيات بالمجلس بكل الخروقات‪،‬‬
‫وبتقديم تقرير سنوي عن حصيلة ما قمتم به في هذا الصدد‪.‬‬

‫ينضاف إلى كل هذه األحداث استمرار جائحة كوفيد ‪ 00‬في فرض إكراهاتها على الحياة‬
‫العامة ببالدنا وبمختلف دول المعمور‪ ،‬وهو ما أثر ويؤثر على سير منظومة العدالة‪َّ ،‬‬
‫وغير‬
‫من أساليب القضاء‪ ،‬حيث أصبحت المحاكم مضطرة لعقد بعض جلساتها عن بعد واستِح َداث‬
‫ب ضارة نافعة‪ ،‬فهذه مناسبة‬ ‫ور َّ‬ ‫ِ‬
‫أساليب رقمية تُغني عن التواصل الجسدي المباشر لألطراف‪ُ .‬‬
‫لكي يتم التقنين لرقمنة المحاكم‪ ،‬والتنظيم القانوني للمساطر واإلجراءات القضائية المعلوماتية‪،‬‬
‫التي تعتبر وجه العدالة في القادم من األيام بال ريب‪ .‬والفوز للسابقين‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة المسؤولين القضائيين؛‬

‫كما تالحظون فإن هذا اللقاء الذي يأتي في خضم األحداث المذكورة‪ ،‬ومع بداية االنفراج‬
‫الصحي الذي حققته بالدنا في محاربة الكوفيد‪ ،‬بقيادة جاللة الملك والحرص المتميز من جاللته‬
‫على صحة المواطنين وضرورة حمايتهم‪ ،‬لم ينقطع منذ ظهور الوباء خالل شهر مارس من‬
‫السنة الماضية‪ ،‬يجمع (هذا اللقاء )أطراف المحكمة الثالث الممثلين في الو ازرة المكلفة بالعدل‬

‫‪29‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫ورئاسة النيابة العامة والمجلس األعلى للسلطة القضائية‪ .‬وهي رسالة يود المسؤولون المركزيون‬
‫أن يوضحوها لكم أنتم المسؤولون عن القضاء في جهات المملكة‪ .‬والتأكيد لكم عن ضرورة‬
‫تآزر الجهود وتوحيدها ألجل السير السليم للمحاكم‪ ،‬التي وان كانت تؤدي خدمات قضائية‬
‫صرفة‪ ،‬فإنها محتاجة إلى إدارة قضائية وموارد بشرية ومادية للوفاء بمهامها‪ ،‬وتطبيق ب ارمجها‪.‬‬
‫وأنتم‪ ،‬تمثلون رمز القضاء في جهاتكم‪ ،‬ولكنكم كذلك مسؤولون عن اإلدارة القضائية‪ ،‬التي‬
‫تتطلب منكم حسن تدبير الموارد المختلفة الموضوعة رهن إشارتكم‪ ،‬وتسخيرها لخدمة قضايا‬
‫المتقاضين ومبادئ العدالة‪.‬‬

‫إن المسؤول القضائي قيمة قضائية عظمى تتقاطع فيها قيم العدالة الفضلى‪ ،‬وكفاءات التدبير‬
‫اإلداري المثلى‪ .‬فهو األستاذ في علوم القضاء المتملك لتقنيات القانون‪ ،‬يغدقها على مرؤوسيه‬
‫ومساعديه‪ ،‬بل على المحيط الذي يمارس فيه‪ .‬وهو رمز الخلق القضائي يجسد كرامة المهنة‬
‫ووقارها‪ ،‬ويمثل القدوة والنموذج في األخالقيات بسلوكه الجدير برمز قضائي ُيحتَدى به من‬
‫قبل َمن حولَه‪ .‬وهو الشجرة الوارفة الظِّالل التي ُيستَظَ ُّل بِظلها في التجربة والخبرة وحسن‬
‫المشورة وسداد الرأي‪ .‬كما أنه المدبر اإلداري القادر على حل األزمات وفظ النزاعات وتسوية‬
‫الخالفات‪ ،‬بما يمتلكه من حسن إصغاء وقرب من الناس حتى في بعده عنهم‪ .‬فهو يحس بهم‬
‫ويحسون بوجوده بينهم دون أن يختلط بهم أو يندمج معهم‪ .‬فهي مسافات تقاس باإلحساس‬
‫وليس باألرقام‪ ،‬يحس فيها القضاة والموظفون والمهنيون ومرتادو المحاكم بمختلف مشاربهم أن‬
‫المسؤول أب لهم يرعاهم ويسهر على راحتهم ويدبر مصالحهم العامة ويراعي احتياجاتهم‬
‫الخاصة‪ ،‬وأنه حاضر لسماع شكواهم وحل اإلشكاليات التي تعترضهم‪ ،‬فيتولد لديهم إحساس‬
‫بقبول مالحظاته كتوجيهات‪ ،‬ينفذونها برغبة أكثر مما يحسون بها أوامر ُينفذونها وهم كارهون‪.‬‬

‫المسؤول القضائي حضرات السيدات والسادة هو عصب الحياة في المحاكم ومحور سيرها‪ ،‬إذ‬
‫حوله تدور كل ذراتها‪ .‬فهو بمثابة صاحب مقاولة إنتاج في زمن الحرب‪ ،‬أو ربان سفينة في‬
‫أعالي البحار تتقاذفها األمواج‪ .‬إذا نجح َرئيس المقاولة ازداد إنتاجها وعلت قيمتها وغطت‬
‫منتجاتها احتياجات الناس ‪ ...‬واذا كان ربان السفينة ماه اًر في قيادتها تخطى بها األمواج‬

‫‪30‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫أجاد المسؤول القضائي تسيير‬


‫العاتية وأرساها في البر اآلمن بما حملت من بشر ومتاع‪ .‬واذا َ‬
‫محكمته‪ ،‬أعطى للناس اطمئناناً على حقوقهم وأمالً في قضاء بالدهم‪ ،‬وثقة في المحاكم‪،‬‬
‫تساعد كل مبادرات التنمية التي تنهجها الدولة على التطور واالزدهار‪.‬‬

‫المسؤول القضائي الناجح قادر على تكوين مساعديه الذين يحتاجون لتكوين ‪.‬وقادر على‬
‫غير مستقيم‪ ،‬وقادر على ضبط أداء محكمته ومحاكم دائرته إذا فرض‬
‫تعديل سلوك َمن سلو ُكهُ ُ‬
‫نظاماً للتسيير ونظاماً للمراقبة‪.‬‬

‫المسؤول القضائي الناجح‪ ،‬قادر على صنع الخلف وانتاج البذور الصالحة التي تمأل فضاء‬
‫العدالة في المستقبل وترفع من وثيرة أدائها ‪ ...‬فالعلم والمعرفة والخبرة هي وحدها الثروات التي‬
‫إذا أُع ِطيت أفادت الغير دون أي َينقُص رصيد مانحها‪.‬‬

‫ال يمكن للمسؤول القضائي أن ينجح في مهامه إذا لم تكن له لوحة قيادة تضبط خطوات‬
‫طريقه‪ ،‬وتبين األهداف والمؤشرات التي يقاس به خط سيره‪ ،‬فالوقت لم يعد مالئما لمسؤولين‬
‫ال يضعون أهدافاً لعملهم وال يرسمون معايير لقياس أدائهم‪ .‬وهي معايير مختلفة بعضها مادي‬
‫يتمثل في الوصول إلى نسبة معينة من القضايا المحكومة أو المنفذة للتعبير عن إنجاح‬
‫األهداف الكمية مثال‪ .‬وتخفيض نسبة األحكام الملغاة من قبل محاكم الطعن لقياس جودة األداء‬
‫ال ‪.‬وقد تتعدى ذلك لتالمس نسبة ثقة الرأي العام في العدالة‪ .‬والتي اعتبرها جاللة‬
‫النوعي مث ً‬
‫الملك في رسالته السامية لمؤتمر العدالة األول بمراكش سنة ‪ : "3102‬الحصن المنيع لدولة‬
‫القانون‪ ،‬والرافعة األساسية للتنمية "واعتبرها جاللته" ‪ :‬تحدياً آخر يجب رفعه بتطوير العدالة‬
‫وتحسين أدائها‪ ،‬لمواكبة التحوالت االقتصادية واالجتماعية‪".‬‬

‫رئيس المقاولة أو قائد السفينة لن يكون ناجحاً في مهمته إذا أغمض عينه وترك المخربين‬
‫يحطمون أدوات اإلنتاج أو يسرقون منتوجات المقاولة أو يحدثون ثقوبا في السفينة أو يتلفون‬
‫قوارب النجاة ‪ ..‬والمسؤول القضائي ال حظَّ له في النجاح إذا لم يواجه الفساد بصرامة قوية‬
‫وارادة صلبة وعزم ال يلين‪ .‬فدور المسؤول القضائي الذي يعلو على ِّ‬
‫كل أدواره األخرى‪ ،‬هو‬

‫‪31‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫نشر قيم النزاهة واالستقامة وحماية استقالل القضاء وحياد القضاة وتجردهم ‪ ..‬ولذلك فلن يقبل‬
‫من المسؤول أن يغض الطرف عما يخدش في هذه القيم‪ ،‬ويضر بتلك المبادئ‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة المحترمين؛‬

‫نحن جميعاً مستأمنون على مبادئ العدالة وقيم األخالق القضائية ‪ ..‬ولذلك فإن واجبنا حمايتها‬
‫وصيانتها والذوذ عنها بكل الوسائل المشروعة‪ .‬وان المجلس الذي يسعى إلى تقوية دور‬
‫المسؤول القضائي‪ ،‬باعتباره المؤطر المهني‪ ،‬ومستشار األخالقيات‪ ،‬والمسؤول عن حسن أداء‬
‫ٍ‬
‫ضبط أكثر الختياراته للمسؤولين القضائيين‪ ،‬عن‬ ‫المحاكم والقيِّم على إدارتها‪ ،‬يسعى كذلك إلى‬
‫طريق تأطيرها بالمعايير القانونية والواقعية واسنادها لمن يستحقها على أساس وضع اإلطار‬
‫المناسب في المكان المناسب‪ .‬وسنحرص – إن شاء اهلل – على جعل المسؤولية ميثاقاً وتعاقداً‬
‫على الوفاء بالبرنامج الذي يقدمه المترشح للمسؤولية يقاس على أساسه نجاحه أو إخفاقه في‬
‫مهمته‪ .‬ولذلك فإنه مطلوب منكم تحديد برامج عملكم وترتيب أولوياتكم في مختلف مجاالت‬
‫عملكم‪ ،‬والسعي إلى تحقيقها وفقاً لمؤشرات النجاح‪ ،‬فربط المسؤولية بالمحاسبة يقتضي محاسبة‬
‫الذات أوالً‪ ،‬ومحاسبة كل مسؤول عما عهد به إليه ثانياً‪.‬‬

‫إن المسؤولية تقتضي الحضور المتواصل بمكان العمل لتتبع األشغال واإلشراف على مرافق‬
‫الم حكمة وفتح األبواب أمام المتقاضين واالستماع للمساعدين والتدخل اآلني والمباشر‪ ،‬كلما‬
‫اقتضى الحال ذلك‪ .‬ولست أريد بهذه الكلمة أن أثبط عزم البعض‪ ،‬ولكني أريد فقط أن أقول‬
‫أن المرحلة الراهنة تقتضي تواجدكم بأماكن عملكم لالضطالع بمسؤوليتكم‪ .‬وأن النظام القضائي‬
‫يحتاج إلى جهودكم واشرافكم المستمر على مرافق محاكمكم بما يلزم من الحزم والحرص‪ ،‬وان‬
‫اقتضى الحال بقبضة حديدية عليها قفاز من حرير‪.‬‬

‫الدستور ال ُيلزم القضاة سوى بتطبيق القانون تطبيقاً عادالً‪ .‬وان التمعن في هذا المقتضى‬
‫الدستوري الذي نص عليه الفصل ‪ 001‬من دستور المملكة يؤدي إلى نتيجة هامة مؤداها‬
‫تسخير النص القانوني لتحقيق العدل واإلنصاف‪ .‬ولذلك فالقاضي مطلوب منه التحري عن‬
‫الحقائق والبحث عنها والحكم عليها بميزان العدل والنطق بها بلغة القانون‪ .‬والحاكم إذا اجتهد‬

‫‪32‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫فأخطأ له أجر واحد‪ ،‬وان أصاب له أجران ‪ ..‬والمغزى العميق لهذا الحديث الشريف‪ ،‬أن حكم‬
‫وعلم واجتهاد‪ ،‬وليس باستخفاف‬ ‫وتحر وبحث‪ ،‬وعن ٍ‬
‫فقه ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫القاضي البد أن يصدر بعد درس‬
‫وعدم عناية‪ ،‬أو بدون اهتمام أو دون تحقق أو درس عميق‪ .‬فاألحكام يجب أن تجيب على‬
‫كل الدفوع وترد على الطلبات وتناقش كل الوسائل‪ .‬ويتعين أن توفر حيثياتُها أجوبة على‬
‫تس اؤالت المنتقدين والدارسين‪ ،‬باإلضافة إلى دفوعات األطراف المعنيين‪ .‬وتكون مستندة‬
‫لنصوص القانون ولالجتهادات المستقرة‪ ،‬وتعكس منطق اإلنصاف ومبدأ العدل‪ .‬وهي فوق‬
‫ذلك يجب أن تَصدر في وقت معقول وأن تنفذ في زمن مالئم‪ .‬ودوركم هو المساهمة في نشر‬
‫هذه الثقافة والدفاع عنها وترسيخها بالتحسيس والترغيب‪ ،‬وان اقتضى الحال بالطرق القانونية‬
‫المناسبة‪.‬‬

‫ود َّل ‪.‬ولذلك أرجو أن يعتبر هذا‬


‫المجال الزمني ال يسمح بأكثر من هذا‪ .‬وخير المقال‪ ،‬ما َق َّل َ‬
‫اليوم منطلقا جديداً لنا جميعاً‪ ،‬نراجع فيه ما حققناه وما ُينتَظر َّ‬
‫منا تحقيقه‪ ،‬وأن نسعى إلى‬
‫تدارك ما فات‪ ،‬وزرع روح الجد واالجتهاد في القضاة والموظفين الذين يمارسون عمالً موسوماً‬
‫بالطبيعة القضائية‪ .‬وآمل أن تعلنوا في نهاية السنة عن نتائج جيدة‪ ،‬سواء من حيث الكم أو‬
‫الكيف‪ ،‬وأن تسعوا إلى تحسين منسوب الثقة في القضاء بكل الوسائل التي تحقق هذه الغاية‪.‬‬
‫صرح جاللته‬
‫حتى نكون جديرين بالرعاية الملكية التي يشمل بها جاللة الملك القضاء‪ ،‬والتي َّ‬
‫في الرسالة السامية لمؤتمر العدالة األول بقوله السديد أنها" ‪ :‬تعبي ارً عن المكانة المتميزة التي‬
‫تحظى بها السلطة القضائية لدينا‪ ،‬والعطف الموصول الذي نسبغه على مؤسساتها‬
‫وأعضائها ‪".‬وهو قول يدعونا للمزيد من العمل الستحقاقه‪.‬‬

‫وفقكم اهلل في مهامكم والسالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫كلمة السيد الرئيس األول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫بمناسبة الملتقى الثالث للعدالة المنظم يوم الخميس ‪ 00‬نونبر ‪ 0100‬بمدينة العيون حول‬
‫موضوع‪ :‬العدالة في النموذج التنموي الجديد‬

‫بسم اهلل الرحمان الرحيم والصالة والسالم على موالنا رسول اهلل وآله وصحبه أجمعين‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫مشاعر الفخر بتواجدي معكم في هذا الجزء الغالي من الوطن ال توصف‪ .‬وعبارات االمتنان‬
‫ألجل إشراك ا لمجلس األعلى للسلطة القضائية في فعاليات هذا الملتقى الثالث للعدالة بالعيون‪،‬‬
‫ال توفي هذا الحدث الهام حقه مهما أفاضت‪ .‬فالزمان والمكان يعكسان أجواء الفرحة واالزدهار‪.‬‬
‫الفرحة بأعياد الوحدة وجمع الشمل التي يعيشها المغاربة كلما حلت ذكرى المسيرة الخضراء‪.‬‬
‫والتي ترت بط هذه السنة برهان انتصار روح الديمقراطية والشفافية التي مرت فيها االستحقاقات‬
‫االنتخابية ببالدنا‪ .‬واالزدهار المنشود من وراء تنزيل البرامج التنموية الكبرى ومواصلة مسيرة‬
‫التنمية‪ .‬كما أكد ويؤكد على ذلك صاحب الجاللة الملك محمد السادس أيده اهلل بنصره وتمكينه‬
‫في كل مناسبة‪.‬‬

‫وقد شاءت الحكمة الملكية الرشيدة أن ندشن المرحلة الالحقة بتفعيل النموذج التنموي الجديد‪،‬‬
‫الذي عهد جاللته بوضعه إلى لجنة خاصة‪ .‬والذي استهدف وضع المغرب على مسار التقدم‬
‫وتلبية االحتياجات المتنامية للمواطنين‪ ،‬عبر إطالق جيل جديد من المشاريع واإلصالحات‬
‫المندمجة التي تجعل المواطن في صلب اهتمامها‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار اعتُبِ َرت العدالة محو اًر أساسياً من محاور تقرير النموذج التنموي الجديد ‪.‬‬
‫وقد ارتبط هدف إيجاد عدالة في خدمة المواطن‪ ،‬حسب التقرير المعد من طرف اللجنة الخاصة‪،‬‬
‫بضرورة استيعاب الفاعلين في مجال العدالة والمواطنين لمضامين دستور ‪. 3100‬‬
‫وقد وضع تقرير النموذج التنموي الجديد يده على مجموعة من العوائق‪ ،‬تحول دون الوصول‬
‫إلى نموذج العدالة الذي تصبو إليه بالدنا‪ .‬و تمحورت التوصيات المرتبطة بها أساسا‪ ،‬حول‬
‫تعزيز الحقوق والحريات‪ ،‬وتحسين آليات التنسيق الداخلي فيما بين الفاعلين والمتدخلين في‬

‫‪34‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫مجال العدالة والعمل في انسجام وشفافية بينها‪ .‬كما تم التأكيد على أهمية تحسين األداء‪،‬‬
‫والتقليص من بطء العدالة وتسريع وثيرتها‪ ،‬والرفع من قدرتها على تنفيذ أحكامها‪ .‬باإلضافة‬
‫إلى تخليق منظومة العدالة على جميع مستوياتها‪ .‬وفي هذا اإلطار تستعد السلطة القضائية‬
‫للمساهمة في عدة أوراش مشتركة مع و ازرة العدل‪ ،‬بدعم ُيش َكر من أجله السيد وزير العدل‬
‫األستاذ عبد اللطيف وهبي ‪.‬وتستهدف هذه األوراش‪ ،‬استكمال البناء المؤسساتي للسلطة‬
‫القضائية ودعم مؤسساتها بالوسائل القانونية والمادية والبشرية الالزمة لحسن سيرها‪ .‬وبما يسمح‬
‫بتحقيق عدالة حامية للحقوق والحريات والممتلكات‪ ،‬تكون مصدر ثقة وأمان للجميع‪ .‬كما يطمح‬
‫لذلك تقرير النموذج التنموي الجديد‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة األفاضل؛‬

‫لئن كان المجلس األعلى للسلطة القضائية قد حقق خطوات كثيرة في مسار بناء هيكلته‪،‬‬
‫بما يس اعده على االضطالع بمهامه األساسية في تدبير الوضعية المهنية للقضاة‪ ،‬وفي تفعيل‬
‫مدونة األخالقيات القضائية‪ .‬وهو ما أدى إلى حصول قفزة نوعية في تحسين الوعي الجماعي‬
‫تجسد من خالل تدبير مختلف مراحل‬‫ّ‬ ‫للقاضيات والقضاة بأهمية األخالق القضائية ‪.‬كما‬
‫االنتخابات المهنية للقضاة التي جرت مؤخ اًر‪ .‬والتي تميزت بالتزام جميع مكونات األسرة‬
‫القضائية بالواجبات القانونية والضوابط األخالقية‪ .‬فإن المجلس سيسعى خالل المرحلة المقبلة‬
‫إلى استكمال هيكلته من أجل االضطالع بالمهام القضائية المتعلقة بالولوج إلى العدالة‪ ،‬التي‬
‫كشف عنها قرار المحكمة الدستورية عدد ‪ 00/20‬بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪2019‬المتعلق بقانون‬
‫التنظيم القضائي‪ .‬وكذلك من أجل المساهمة في تدبير برامج النجاعة القضائية‪ ،‬التي تتطلبها‬
‫التدابير التي سيحرص المجلس بتنسيق وتعاون مع شركائه في مجال العدالة وال سيما و ازرة‬
‫العدل وهيئات الدفاع والمهن القضائية األخرى‪ ،‬على وضعها وتنفيذها من أجل الوفاء بالتزاماته‬
‫المرتبطة بالنموذج التنموي الجديد‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن االرتقاء باألداء القضائي وتسريع وثيرة البت في القضايا‪ ،‬والذي يدخل‬
‫في صلب أهداف النموذج التنموي الجديد‪ ،‬رهين باالنتقال من محكمة تقليدية إلى محكمة‬

‫‪35‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫إلكترونية‪ ،‬عبر اعتماد نظام معلوماتي خاص بالقضايا المعروضة على المحاكم‪ ،‬تتم عن‬
‫طريقه رقمنة اإلجراءات المتعلقة بتجهيز الملفات وتبادل الوثائق والمذكرات واألحكام‪ ،‬وتبليغ‬
‫الطيات واالستدعاءات والشواهد اإلدارية والقضائية‪ ،‬وتنظيم المحاكمة عن بعد‪ ،‬ونشر المقررات‬
‫القضائية إلضفاء الشفافية على العمل القضائي‪ .‬مع ما يتطلبه ذلك من مواكبة تشريعية‪ .‬وهي‬
‫اآلليات الضرورية لتقليص آجال البت والقضاء على تراكم القضايا داخل المحاكم‪ ،‬وتحسين‬
‫الجودة النوعية لألحكام‪ ،‬وضمان نجاعة قضائية تجمع بين السرعة والجودة‪ ،‬وتتحقق معها‬
‫العدالة الناجزة المبتغاة‪.‬‬

‫وأغتنم هذه المناسبة للتنويه بالمجهودات التي قامت بها و ازرة العدل في هذا المجال‪ .‬وكذلك‬
‫للثناء على المبادرات التشاركية التي أعلن عنها السيد وزير العدل عبد اللطيف وهبي‪ ،‬الذي‬
‫عبر منذ األيام األولى لتقلده لمهامه عن إرادة حقيقية لربح رهان رقمنة العدالة ‪.‬ونؤكد لسيادته‬
‫انخراطنا في هذا الورش ودعمنا له واستعدادنا للمشاركة فيه‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة األفاضل؛‬

‫ال يمكن لمشروع مجتمعي أن ينجح إذا لم يكن العنصر البشري جوهره ونواته‪ .‬وقد توقف‬
‫تقرير النموذج التنموي الجديد في توصياته عند ضرورة الرفع من مستوى التكوين وتطوير‬
‫الكفاءات المهنية للقضاة‪ .‬وذلك من خالل تنويع قنوات التوظيف وتكثيف التعاون الثنائي‬
‫واالستفادة من دورات تكوينية لدى المؤسسات الدولية‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن‬
‫السلطة القضائية بكل مكوناتها‪ ،‬عمدت إلى تنويع برامج التكوين المستمر الذي توفره للقضاة‬
‫بما يضمن توسيع مداركهم في المواد التي يمارسونها‪ .‬كما كان الشأن خالل هذه السنة بالنسبة‬
‫لحقوق اإلنسان وغسل األموال والمادة التجارية وغيرها من المواضيع‪ .‬غير أن التكوين بأنواعه‬
‫األساسي والمستمر والتخصصي‪ ،‬ما زال في حاجة إلى إيالئه العناية التي يستحقها والتي لن‬
‫تتحقق إال مع صدور القانون المتعلق بالمعهد العالي للقضاء إلى حيز الوجود‪ ،‬وفق المنظور‬
‫الذي جاء بميثاق إصالح منظومة العدالة ‪.‬ولذلك نأمل أن يكون هذا القانون من أولويات‬
‫اهتمام السيد وزير العدل‪ ،‬بالنظر ألهمية تكوين القضاة بالنسبة لتحقيق منظور النموذج التنموي‬

‫‪36‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫الجديد‪ ،‬وبالنظر كذلك لضرورة إشراف السلطة القضائية على تكوين القضاة تكويناً أساسيا أو‬
‫متخصصا أو في إطار التكوين المستمر‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فَ ِأل َّ‬


‫َن التخليق هو دعامة أساسية لسيادة القانون والستقالل القضاء ونزاهته‪،‬‬
‫كما جاء في تقرير النموذج التنموي الج ديد‪ ،‬باعتباره المدخل الحقيقي لتخليق الحياة العامة‬
‫وتطهير األجواء ومالءمتها للرقي بالعدالة إلى مستوى التطلعات‪ ،‬فقد شرع المجلس األعلى‬
‫للسلطة القضائية بتنسيق مع رئاسة النيابة العامة في تفعيل مدونة األخالقيات القضائية‪ .‬وتم‬
‫تنظيم ندوة أولى في الموضوع‪ .‬كما أن لجنة األخالقيات بالمجلس تعكف حاليا على وضع‬
‫برنامج شامل لعملها بتنسيق مع مستشاري األخالقيات وهم المسؤولون القضائيون عن محاكم‬
‫االستئناف بالمملكة‪ ،‬وذلك من أجل جعل قواعد السلوك المضمنة في مدونة األخالقيات آلية‬
‫للرقابة الذاتية بالنسبة للقاضي‪ .‬الذي يتعين عليه الحرص على تطابق سلوكه مع تلك القواعد‬
‫واألخالقيات المقررة بها‪ .‬وذلك باإلضافة إلى حرص المجلس على االضطالع بدوره كامالً في‬
‫مجال التأديب والتأطير‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫إن المحور الذي اختاره المنظمون لهذا اللقاء المبارك ُلينم عن الوعي العام الذي أصبح‬
‫يحركنا جم يعا للرفع من أداء العدالة عبر التعاون المثمر والحوار البناء بين مكونات السلطة‬
‫أشد على أيديكم السيد‬
‫القضائية وباقي الفاعلين في مجال العدالة‪ .‬فاسمحوا لي مرة أخرى أن ّ‬
‫نقيب هياة المحامين باكادير كلميم العيون‪ ،‬وأُجزل شكركم على هذه المبادرات المتواصلة‬
‫والحفاوة ا ألخوية التي نحظى بها على الدوام‪ ،‬ونجدد التأكيد على أننا سنظل أوفياء للتعاون‬
‫والحوار وابداع الحلول المنسجمة مع روح ومضامين النموذج التنموي الجديد الجديرة بمغربنا‬
‫وبطموح ملكنا‪ ،‬ومن أجل تحقيق شعار "العدالة في خدمة المواطن‪".‬‬

‫والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫كلمة السيد الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية في الندوة الوطنية حول‬
‫موضوع" ‪:‬مدونة األخالقيات القضائية‪ .‬محطة هامة في تأطير السلوك القضائي ‪".‬الرباط‬
‫‪ 02-02‬يونيو ‪-0100 -‬‬

‫‪--------------‬‬

‫باسم اهلل الرحمان الرحيم‬

‫قال تعالى ‪" :‬وانك لعلى خلق عظيم" (القلم ‪)2‬‬

‫وقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق "‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫ال يخفى عليكم االهتمام المولوي المستمر بإصالح القضاء وتثبيت استقالله‪ ،‬ودعم نزاهة‬
‫واستقامة أعضائه‪ .‬وفي هذا الصدد قال جاللة الملك في خطاب العرش لسنة ‪ 3102‬للشعب‬
‫المغربي ‪" :‬ما فتئنا منذ تولينا أمانة قيادتك‪ ،‬نضع إصالح القضاء وتخليقه وعصرنته‪ ،‬وترسيخ‬
‫استقالله‪ ،‬في صلب اهتماماتنا‪ ،‬ليس فقط إلحقاق الحقوق ورفع المظالم‪ ،‬وانما أيضا لتوفير‬
‫مناخ الثقة كمحفز على التنمية واالستثمار‪".‬‬

‫وادراكاً من جاللة الملك ألهمية تخليق القضاء‪ ،‬وجه جاللته المجلس األعلى للقضاء السابق‬
‫في افتتاح دورته يوم ‪ 03‬أبريل ‪ 3114‬بالقول السديد" ‪ :‬إن التقدير الكبير والرعاية السامية‬
‫والموصولة التي تحظى بها أسرة القضاء لدى جاللتنا‪ ،‬وايثار العفو والتسامح فيما يقع فيه‬
‫البعض من هفوات أو أخطاء ممن أراد الحق فأخطأ سبيله‪ ،‬ال يعادله إالَّ دعوتنا المجلس‬
‫إلى الحزم والصرامة في التصدي لكل إخالل بضوابط وأخالقيات عضوية المجلس األعلى‬
‫للقضاء وأسرته في التزام بالقانون وحرص على حرمة القضاء وحصانته‪".‬‬

‫أيتها السيدات والسادة؛‬

‫‪38‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫إن افتتاح هذه الندوة األولى التي تعقدها مؤسسات السلطة القضائية بشأن مدونة األخالقيات‬
‫منا عن االنخراط في مخطط إصالح القضاء‬ ‫الدرر الملكية السامية‪ ،‬هو تعبير َّ‬
‫القضائية بهذه َ‬
‫الذي يقوده جاللة الملك منذ توليه أمانة قيادة بلدنا العزيز‪ .‬وان هذه الكلمات السامية تختزل‬
‫مبررات إصالح القضاء وتخليقه‪ ،‬باعتباره أداة ضرورية لتنمية الوطن‪ .‬وباعتبار تخليق المهنة‬
‫واجباً على الدولة وعلى القضاة أنفسهم‪ .‬وأنه ليس غاية في حد ذاته‪ .‬ولكنه وسيلة من الوسائل‬
‫بين يدي الوطن ليرتقي إلى مصاف األمم المتقدمة‪ .‬ولذلك فإن عقد هذه الندوة بمناسبة صدور‬
‫مدونة األخالقيات القضائية‪ ،‬هو حلقة إضافية لسلسلة تخليق الحياة العامة ببالدنا‪ ،‬ومهنة‬
‫القضاء بصفة خاصة‪.‬‬

‫وانني إذ أتقدم بالشكر الجزيل إلى جميع المشاركين في هذه الندوة‪ ،‬ولكل من ساهموا في‬
‫عقدها‪ ،‬ألجدد الشكر للحضور الكريم‪ ،‬سواء من يحضرون معنا في هذه القاعة‪ ،‬أو من يتابعون‬
‫اللقاء عن بعد‪ ،‬مؤكداً لهم أن تخليق القضاء‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لموضوع إصالحه‪ ،‬هو‬
‫مهمة جميع المغاربة‪ ،‬كل من موقعه وبوسائله المشروعة‪ .‬ولكنه يظل محو اًر أساسياً من‬
‫انشغاالت الدولة ممثلة في المجلس األعلى للسلطة القضائية الذي يرأسه جاللة الملك‪ ،‬والقضاة‬
‫الذين ينتمون لمهنة ال يستقيم دورها بدون أخالق ومبادئ‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة؛‬

‫إن "األخالق" هي منظومة القيم الفضلى التي تمثل أسمى صور الوعي البشري‪ ،‬وتعبر عن‬
‫تمسك اإلنسان بمبادئ الخير والصالح ونبذ نوازع الشر واألذى‪ .‬وهي بذلك مرجعية ثقافية‬
‫للبشرية تستهدف استنهاض السجايا الحسنة والطباع الفضلى من باطن اإلنسان‪ ،‬وجعلها مرك اًز‬
‫لسلوكه الظاهر في المجتمع‪ .‬لتطبيق قيم فضلى كالعدل والمساواة والسالم ِّ‬
‫وكل أعمال الخير‪.‬‬
‫حتى إِ َّن أرسطو أسس كتابه "األخالق النيقوماخية" الذي أهداه ألبنه "نيقوماخس" (‪ 240‬ق‪.‬م)‬
‫على فكرة تَعتَبِ ُر" أن كل فن‪ ،‬وكل فحص‪ ،‬وكذلك كل فعل واستقصاء ال يقصد به أن يستهدف‬
‫خي ارً ما‪ ،‬ولهذا السبب فقد قيل بحق‪ ،‬إن الخير هو ما يهدف إليه الجميع‪".‬‬

‫‪39‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫ولذلك سعت المجتمعات القديمة إلى التمسك باألخالق والتحسيس بأهميتها‪ ،‬وفرض تطبيقها‬
‫بعدة وسائل‪ ،‬كالقانون والدين ‪ ،..‬كما أخبرنا التاريخ عن ذلك في الحضارات الفرعونية واليونانية‬
‫والفارسية‪ ،‬التي خلقت آلهة للخير وآلهة للشر لتثبيت فكرة األخالق في المجتمع‪.‬‬

‫والواقع أن المجتمعات تحتاج إلى أكثر من نمط لضبط سلوكياتها‪ ،‬أهمها الضوابط القانونية‬
‫المستندة لجزاءات قانونية في شكل عقاب تتواله الدولة‪ ،‬والضوابط الدينية المستندة لجزاءات‬
‫عقائدية مبعثها اإليمان‪ ،‬والضوابط األخالقية المستندة لجزاءات الضمير والحس السليم لدى‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫ولئن كان تنفيذ االلتزامات القانونية يستند إلى الجزاءات التي يحددها القانون وينطق بها‬
‫القضاء‪ ،‬فإن االلتزامات األخالقية ال تسندها دائما جزاءات قانونية‪ ،‬ذلك أن احترامها ُمَناطٌ‬
‫بضمير الفرد ِ‬
‫وحسِّه السليم‪ .‬فهي مجرد قرار عقالني يتبنى سلوكات نموذجية ومثالية‪ .‬ولذلك‬
‫فإن احترامها قد يكون موضوع صراع َداخلي تضطرم به نفسية اإلنسان‪ ،‬ويتطلب منه التغلب‬
‫على النوازع الداخلية الرافضة لها‪ ،‬إذ في العادة ال توجد كوابح خارجية تحمي المبادئ‬
‫األخالقية‪.‬‬

‫واذا كان القول المأثور عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان "أن اهلل يزع بالسلطان ما ال يزع‬
‫بالقرآن"‪ ،‬يوضح بما ال يدع مجاالً للشك أن سلطة العقاب الدنيوي العاجل تكون أكثر ردعاً‬
‫لمن يكون إيمانهم ضعيفاً‪ .‬فإن القدرة الردعية لألخالقيات نفسها تحتاج إلى صحوة الضمير‬
‫وقوة الوازع الخلقي‪ .‬واذا كانت صحوة الضمير ترتبط بتربية اإلنسان المعني نفسه‪ ،‬ومدى تَقَي ِِّده‬
‫الخلُقي تتغدى من منبعين اثنين ‪ :‬منبعٌ داخلي‬
‫بالواجبات األخالقية واحترامه لها‪ ،‬فإن قوة الوازع ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان باحترام األخالقيات والتزامه بها‪ .‬ومنبع خارجي يرتبط بالجزاءات‬ ‫ِ‬
‫لدرجة تَ َشُّب ِع‬ ‫يعود‬
‫االجتماعية التي تترتب على خرق الواجبات األخالقية‪ ،‬وقد كانت في المجتمعات السابقة‬
‫تتجلى في نبذ المستهتر باألخالق ورفض التعامل معه‪ .‬وهو ما كان يشكل جزاء قاسياً‪ ،‬وبالتالي‬
‫يع ُّد ِ‬
‫صنفاً شديداً من الردع العام‪ .‬ولذلك فإن المهن المحترمة كانت تتشدد في معاملة اإلخالل‬ ‫َُ‬
‫بقواعد السلوك واألخالقيات المهنية المفروضة على أعضائها‪ ،‬لدرجة طرد المخالفين من‬

‫‪40‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫صفوفها ومنعهم من االنتماء إليها‪ ،‬ألنها تَعتَبِ ُر القواعد األخالقية أساسية الستمرارها‪ ،‬وضرورية‬
‫للحفاظ على سمعتها وكرامتها‪ .‬كما أنها تعتبر أن السمعة العامة للمهنة تتضرر باإلخالالت‬
‫الفردية للقواعد األخالقية‪.‬‬

‫ومن جهة ثانية يالحظ أن القواعد األخالقية وان كانت سمة عامة لمختلف المجتمعات‪،‬‬
‫رغم اختالفها بين مجتمع وآخر‪ ،‬فإن ازدهارها وتطورها وتنظيمها ارتبط بالمهن األكثر شرفاً‬
‫كالطب والقضاء والمحاماة والصحافة مثالً‪ ،‬باعتبارها مهناً فكرية يمارسها المثقفون والمفكرون‪،‬‬
‫الذين يكون الوازع الخلقي طاغياً على الصورة العامة لمهنتهم‪ ،‬باعتبارها مهنة شرف ووقار‪،‬‬
‫تتطلب توفر شروط معينة الحترامها وتقديرها‪ .‬ولذلك فإن قسم أبو قراط الذي اعتُ ِمد في القرن‬
‫الرابع قبل الميالد‪ ،‬هو عبارة عن التزام أخالقي يتعلق بمهنة الطب‪ .‬بل إنه كان هو منطلق‬
‫القواعد األخالقية لهذه المهنة‪.‬‬

‫والواقع أن الكثير من المهن قد طورت قواعد أخالقية خاصة بها اعتماداً على أعراف المهنة‬
‫نفسها وشروط ممارستها‪ .‬بل إن بعض مدونات األخالقيات المهنية أصبحت مادة قانونية‬
‫يترتب عن خرقها جزاءات قانونية‪.‬‬

‫ف األخالق المهنية في الوقت الحالي بكونها" ‪ :‬مجموع القواعد والواجبات التي تنظم‬
‫وتُ َع َّر ُ‬
‫اعتماداً على األخالق التزامات المنتمين لمهنة من المهن‪ ،‬أو الممارسين لوظيفة من‬
‫الوظائف في المجتمع‪ .‬سواء كانت مقررة بمقتضى القانون أو بدونه ‪".‬ومن المهن التي‬
‫أصبحت تتوفر على مدونات أخالقية‪ ،‬مهنة القضاء‪ .‬حيث أصبحت لها مدونات لألخالق‬
‫ببعض الدول‪ ،‬كما و ِ‬
‫ض َعت لها مبادئ بنغالور للسلوك القضائي (‪ )3112‬من طرف منظمة‬ ‫ُ‬
‫األمم المتحدة‪.‬‬

‫وأما في بالدنا فقد أصبحت مدونة األخالقيات القضائية مفروضة بمقتضى القانون‪ .‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 012‬من القانون التنظيمي للمجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬أن المجلس" يضع‬
‫بعد استشارة الجمعيات المهنية للقضاة مدونة لألخالقيات القضائية‪ ،‬تتضمن القيم والمبادئ‬

‫‪41‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫والقواعد التي يتعين على القضاة االلتزام بها أثناء ممارستهم لمهامهم ومسؤولياتهم‬
‫القضائية‪...".‬‬

‫وقد حددت المادة المذكورة أهداف مدونة األخالقيات في الحفاظ على استقاللية القضاة‬
‫ونزاهتهم وتجردهم من جهة‪ .‬وفي صيانة هبة القضاء‪ ،‬والتقيد بأخالقه النبيلة وااللتزام بحسن‬
‫تطبيق قواعد سير العدالة من جهة ثانية ‪.‬وحماية حقوق المتقاضين وحسن معاملتهم من جهة‬
‫ثالثة‪ .‬باإلضافة إلى استم اررية مرفق القضاء وضمان حسن سيره من جهة رابعة‪.‬‬

‫كما قررت نفس المادة (‪ 012‬من القانون التنظيمي للمجلس)‪ ،‬وضع لجنة خاصة باألخالقيات‬
‫بالمجلس‪ ،‬تتولى تتبع ومراقبة التزام القضاة بالمدونة المذكورة‪.‬‬

‫وبتاريخ ‪ 2‬مارس ‪ُ 3130‬ن ِش َرت مدونة األخالقيات القضائية‪ ،‬بالجريدة الرسمية للمملكة‪ .‬وقد‬
‫ض َرت خالل وضع المدونة ويتعلق األمر ب‪:‬‬ ‫نصت ديباجتها على األسس التي استُح ِ‬

‫ٍ‬
‫معرفة أح َس َن للواجبات األخالقية لمهنتهم‪ .‬وتوفير إطار مرجعي‬ ‫‪ .0‬مساعدة القضاة على‬
‫يوجه سلوكهم األخالقي‪ ،‬بما يتالءم مع رسالة القضاء؛‬

‫‪ .3‬استحضار إكراهات العولمة التي تواجه بها مهمة إنتاج العدالة‪ .‬والسيما ما تطرحه‬
‫وسائل االتصال الحديثة والتكنولوجية وشبكات التواصل االجتماعي من صعوبات؛‬

‫‪ .2‬استحضار خصوصيات النظام القضائي بالمغرب‪ ،‬واعتماد الدستور والتوجيهات الملكية‬


‫والقانون التنظيمي للمجلس والنظام األساسي للقضاة‪ ،‬وااللتزامات الدولية للمملكة‪ ،‬في‬
‫إعداد المدونة؛‬

‫‪ .4‬فتح الباب في مرحلة اإلعداد‪" ،‬للجمعيات المهنية للقضاة لإلدالء بتقارير موضوعاتية‬
‫حول أخالقيات المهنة"؛‬

‫‪ .2‬دعم لجنة األخالقيات بمؤسسات جهوية تتمثل في المسؤولين القضائيين لمحاكم‬


‫االستئناف‪ ،‬الذين أَسندت لهم المدونة مهمة مستشاري األخالقيات‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫عد َد ِت المدونة تسعة مبادئ أساسية اعتبرتها مبادئ أخالقية تقوم عليها‬
‫ومن جهة أخرى فقد َّ‬
‫مهنة القضاء‪ ،‬ويتعين على القضاة االلتزام بها‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ .0‬االستقالل في ممارسة مهنة القضاء‪ ،‬وعدم الخضوع ألي سلطة سوى سلطة الضمير‬
‫والتطبيق العادل للقانون وااللتزام بقواعد العدالة واإلنصاف؛‬

‫‪ .3‬الحياد والتجرد في أداء الوظائف القضائية‪ ،‬دون تحيز أو تحامل أو محاباة تجاه أي‬
‫طرف‪ ،‬والتجرد من القناعات اإليديولوجية المختلفة؛‬

‫‪ .2‬المساواة بين األطراف دون تمييز كيفما كان أساسه؛‬

‫‪ .4‬النزاهة‪ ،‬التي تقتضي االبتعاد عن كل سلوك مشين‪ ،‬ورفض اإلغراءات؛‬

‫‪ .2‬الكفاءة واالجتهاد‪ ،‬األمر الذي َيقتضي مواكبة المستجدات القانونية واالجتهاد القضائي‬
‫والممارسات القضائية الفضلى‪ ،‬والحرص على ضمان جودة األحكام واعطاء العناية‬
‫للقضايا التي يكلف بها القاضي؛‬

‫‪ .2‬الجرأة والشجاعة األدبية‪ ،‬التي تتمثل في القدرة على التعبير عن القناعات القانونية‬
‫والدفاع عنها بشجاعة‪ .‬والقدرة على مقاومة الحرج والتردد في اتخاذ القرار المالئم‬
‫المستمد من الحق والقانون؛‬

‫العزوف‬
‫ُ‬ ‫حرص القاضي على االتزان والرصانة في سلوكه وتعبيره‪ ،‬و‬
‫ُ‬ ‫‪ .3‬التحفظ‪ ،‬ويقصد به‬
‫عن إبداء آراء أو مواقف يكون من شأنها المساس بثقة المتقاضي في استقالل وحياد‬
‫القضاء؛‬

‫امهُ بالقيم‬
‫‪ .2‬اللباقة وحسن المظهر‪ .‬ويراد بها – التصرف السليم للقاضي‪ ،‬الذي يجسد التز َ‬
‫اإلنسانية وآداب التعامل والتحلي بالخصال الحميدة‪ ،‬واظهار االحترام المتبادل مع‬
‫محيطه والحرص على الظهور بمظهر الئق؛‬

‫‪ .0‬التضامن‪ ،‬ويراد به وحدة الجسم القضائي وتضامن المنتمين إليه في تبادل النصح عند‬
‫اإلخالل بالمبادئ والقيم القضائية‪ ،‬واالمتناع عن المساس باستم اررية المرفق القضائي‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫وأخي اًر‪ ،‬فإن المدونة قد َّ‬


‫ذكرت بمقتضيات المادة ‪ 23‬من القانون التنظيمي للمجلس المتعلقة‬
‫بلجنة األخالقيات ودعم استقالل القضاء‪ ،‬وحددت مهامها في تلقي اإلحاالت التي يرفعها‬
‫القضاة للمجلس بشأن محاولة التأثير‪ .‬وعينت الرؤساء األولين لمحاكم االستئناف والوكالء‬
‫العامين لديها بمثابة مستشارين لألخالقيات بالدوائر االستئنافية‪ ،‬يناط بهم تعميم المدونة وحث‬
‫القضاة على االلتزام بمقتضياتها‪ ،‬ومساعدتهم بالنصح والتوجيه للوفاء بالتزاماتهم األخالقية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى إبالغ لجنة األخالقيات بالمجلس بالخروقات األخالقية‪ ،‬وتقديم المقترحات‬
‫والتوصيات المتعلقة بحسن تطبيق المدونة‪.‬‬

‫حضرات السيدات والسادة القاضيات والقضاة؛‬

‫ها هي مدونة األخالقيات قد أصبحت أم اًر ملموساً بين أيديكم‪ ،‬وتضمنت تطبيقات عملية‬
‫واضحة من شأنها رفع اللبس َعن التصرفات الماسة بشرف المهنة ووقارها‪ .‬فأرجو أن تعملوا‬
‫جميعاً على االلتزام بمقتضياتها بإرادتكم وعزيمتكم‪ ،‬وأن تعملوا على تقديم النصح لزمالئكم‬
‫وتحسيسهم بأهمية الوفاء لألخالقيات القضائية‪ .‬كما أدعو السادة الرؤساء األولين لمحاكم‬
‫االستئناف والوكالء العامين لديها – باعتبارهم مستشاري األخالقيات – إلى تنظيم حلقات‬
‫للدراسة والتكوين بشأن مدونة األخالقيات‪ .‬والى االضطالع بدورهم كمستشاري األخالقيات‬
‫القضائية بدوائر نفوذ محاكم االستئناف‪ ،‬وذلك لما سيترتب عن ذلك من أثر إيجابي على‬
‫األداء القضائي‪ .‬إذ أن كل مجهود في سبيل تحقيق المبادئ األساسية الناظمة لمهنة القضاء‪،‬‬
‫مثل االستقالل والحياد والتجرد والنزاهة واالستقامة‪ ،‬والعناية بالملفات‪ ،‬البد أن َيترتب عنه‬
‫تحسن سمعة القضاء وزيادة منسوب الثقة في أحكامه‪.‬‬

‫والسالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‬

‫‪44‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫كلمة الرئيس األول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية خالل‬
‫الندوة المنظمة من طرف محكمة االستئناف بالرباط والمكتب الجهوي للودادية الحسنية‬
‫للقضاة بشراكة مع المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالرباط خالل ندوة علمية حول‬
‫موضوع‪ " :‬النجاعة القضائية ودورها في تجويد الخدمات القضائية " األربعاء ‪ 01‬فبراير‬
‫‪ -0101‬المعهد العالي للقضاء‬

‫‪----------------‬‬

‫بسم اهلل الرحمان الرحيم‬

‫والصالة والسالم على سيد المرسلين وعلى أهله وصحبه أجمعين؛‬

‫اسمحوا لي أن أعبر لكم في مستهل هذه الكلمة عن اعتزازي بدعوتكم الكريمة للمشاركة‬
‫في هذا اللقاء العلمي الرصين الذي يتناول موضوعا يحمل الكثير من الدالالت ويعكس مدى‬
‫التفاعل اإليجابي لألسرة القضائية مع كل األوراش اإلصالحية ذات البعد التشريعي والتنظيمي‬
‫والحقوقي واإلداري والتي لها آثار واضحة على تنويع وتجويد الخدمات القضائية ببالدنا‪.‬‬

‫مبادرة تقتضي منا تقديم عبارات الشكر والتقدير على حسن اختيار المحاور العلمية‬
‫لهذه الندوة التي يؤطرها نخبة من القضاة واألكاديميون والمهنيون والحقوقيون الذين من خالل‬
‫آرائهم الرصينة ومالحظاتهم الموضوعية سيضيفون بكل تأكيد قيمة علمية ومهنية كبيرة ستساهم‬
‫في بلورة تصورات وآليات عملية جادة وستفتح آفاقا جديدة للحكامة والنجاعة القضائية ببالدنا‪.‬‬

‫فلكم جميعا منظمين ومشاركين وحضور كريم‪ ،‬كل عبارات الشكر والثناء والتقدير‬
‫واالمتنان‪.‬‬

‫الحضور الكريم؛‬

‫‪45‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫لقد راكمت بالدنا زخما معرفيا ورصيداً هاما من النصوص والوثائق والدراسات‬
‫محور‬
‫ًا‬ ‫واالجتهادات العملية والمهنية في موضوع النجاعة والجودة القضائية ‪ ،‬الذي شكل‬
‫اتيجيا بأشغال الحوار الوطني إلصالح منظومة العدالة و انبثق عنه عددا هاما من‬
‫استر ً‬
‫التوصيات واإلجراءات‪.‬‬

‫مما يسمح لنا بالقول بكل تأكيد أننا تجاوزنا مرحلة التشخيص‪ ،‬وأصبح مطلوبا منا اآلن‬
‫الحسم في الخيارات األساسية ذات األولوية ووضع اآلليات والبرامج الواقعية‪ ،‬بشكل يتالئم‬
‫مع الخطوات الكبرى التي خطتها بالدنا نحو إرساء دولة الحق والمؤسسات‪ ،‬وتكريس أسس‬
‫عدالة مواطنة‪ ،‬عدالة يريدها الجميع‪ ،‬أن تكون قريبة من المتقاضين إنسانيا وحقوقيا وقانونيا‬
‫ولوجيستيكيا‪ ،‬عدالة ناجعة تكرس األمن القضائي والقانوني بشكل ملموس حقيقي‪ ،‬من خالل‬
‫خدمات قضائية سريعة متطورة‪ ،‬وأحكام تضمن الحقوق لألفراد والجماعات في ظل محاكمات‬
‫عادلة وداخل آجال معقولة‪.‬‬

‫إنه رغم المجهودات األساسية المبذولة واإلنجازات اإليجابية المحققة فإننا أمام تحديات‬
‫مركبة واشكاالت مرتبطة بترشيد تدبير الزمن القضائي وعقلنة الخريطة القضائية وبصعوبة‬
‫وتعقد المساطر واإلجراءات القانونية وأمام معضلتي التبليغ والتنفيذ‪ ،‬وأجرأة االستقبال السلس‬
‫الفعال للمرتفقين وفي تيسير ولوجهم إلى القانون والعدالة وتقوية ودعم نظام المساعدة‬
‫القضائية والقانونية والتباين في مستويات تحديث وتأهيل بنيات المرافق المرتبطة بالعدالة وفي‬
‫تحفيز انخراط الجميع ببرامج تحديث الخدمات القضائية اإللكترونية ‪.‬‬

‫أيها السيدات والسادة األفاضل‪،‬‬

‫إن النجاعة والجودة المطلوبة بكل أبعادها وجزئياتها تعتبر هي التكريس الحقيقي‬
‫لمقتضيات الدستور المتعلقة بحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة‪ ،‬وهو ما يجعل أسر العدالة‬
‫بكافة مكوناتها مطالبة اليوم أن تعبأ كل إمكاناتها لتواجه تحديات هذا الورش بكل جرأة وجدية‬
‫وضمير مسؤول‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫الحضور الكريم؛‬

‫بلغة االرقام والمعطيات أكدت سنة ‪ 3100‬حجم المجهود الذي بذلته السلطة القضائية‬
‫من أجل رفع مؤشرات النجاعة والجودة من خالل اإلشتغال على عدد من األوراش بشكل‬
‫متوازن متكامل‪ ،‬همت العنصر البشري وتطوير بنيات العمل الهيكلية والحرص على تنفيذ‬
‫برامج للتكوين والتحديث وفتح منافذ متعددة للتواصل والولوج‪ ،‬وتفعيل آليات للتقييم‬
‫والتقويم والمراقبة والتنفيذ‪.‬‬

‫أوراش متعددة ‪-‬ال يمكن في هذا الحيز الزمني تفصيل جزئياتها‪ -‬برزت نتائجها‬
‫اإليجابية في الحصيلة المتميزة لعمل محاكم المملكة‪ ،‬وفي مؤشرات الثقة التي تظهر في اإلقبال‬
‫المتزايد على التقاضي أمام المحاكم حيث ارتفع على سبيل المثال‪ ،‬عدد القضايا المسجلة‬
‫بمحكمة النقض بنسبة وصلت إلى‪ ٪ 3،30‬كما تزايد عدد القضايا المحكومة بها بنسبة بلغت‬
‫‪.٪03.0‬‬

‫كما حققت محكمة النقض مستوى هاما وبمعايير دولية في مجال زمن التقاضي حيث‬
‫أن ‪ % 33‬من القضايا ال يتجاوز أمد البت فيها السنة‪ ،‬وذلك رغم كل اإلكراهات والمعيقات‬
‫متعددة األسباب والمصادر‪.‬‬

‫وذلك دون مساس بجودة وأهمية وقيمة الق اررات الصادرة عن مختلف غرفها وأقسامها‬
‫في مختلف المجاالت والتي تبين القراءة المق اصدية واالجتهاد الخالق لقضاتنا من أجل إيجاد‬
‫حلول متوازنة عملية لمختلف اإلشكاالت والنوازل وتفعيل قواعد المحاكمة العادلة‪.‬‬

‫واألكيد أن سنة ‪ ،3131‬ستكون محطة جديدة أمامنا نواصل خاللها إستراتيجيتنا في‬
‫تنفيذ هذه المشاريع اإلصالحية الواعدة من أجل تكريس ثقة المرتفقين‪ ،‬معتمدين في ذلك على‬
‫خيار المقاربة التشاركية ونهج الحكامة واالنفتاح على كل المبادرات التي من شأنها أن ترفع‬
‫مؤشرات النجاعة وجودة الخدمات القضائية ببالدنا ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫للمقبلين على مبارة الملحقين القضائيين‪.............................................‬عماد أكضيض‬

‫الحضور الكريم؛‬

‫إننا أمام محطة بطموحات كبرى وخيارات متعددة قابلة للتطوير والتجويد من خالل‬
‫العديد من اآلليات ومنها بكل تأكيد لقاءات علمية ومهنية رصينة مثل هذه الندوة الهامة التي‬
‫من شأنها إغناء التجربة الوطنية بتصورات واقتراحات موضوعية ‪.‬‬

‫وقناعتنا راسخة بأن الخيارات اإلستراتيجية مهما بلغت دقتها‪ ،‬فإن المتغيرات والتطورات‬
‫المتسارعة تجعل المعول عليه دائما في أي بناء مؤسساتي قانوني أو تنظيم إداري‬
‫وقضائي‪ ،‬هو الرأسمال البشري بكل حمولته العلمية والمهنية واألخالقية‪.‬‬

‫وسيبقى المجلس األعلى للسلطة القضائية دائما وفيا اللتزاماته ولقيمه كمؤسسة دستورية‬
‫تسهر على توفير كافة الضمانات والمساهمة بكل وطنية في جميع المشاريع اإلصالحية التي‬
‫تتيح ممارسة مهنية قضائية سليمة تنتج عدالة ناجعة جيدة وسريعة حتى نكون جميعا في‬
‫مستوى األمانة الملزمين بأدائها أمام اهلل والوطن‪ ،‬ونكون عند حسن ظن القاض األول رئيس‬
‫المجلس األعلى للسلطة القضائية جاللة الملك محمد السادس دام له النصر والتأييد‪.‬‬

‫وأبوابنا دائما مفتوحة أمام كل المبادرات الجادة ومشاريع العمل الرصينة في جو من‬
‫الحوار المفتوح البناء ‪.‬‬

‫وفي الختام؛‬

‫أجدد لكم شكري واعتزازي متمنيا ألشغال هذا اللقاء التوفيق والسداد‪.‬‬

‫والسالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‪.‬‬

‫انتهى بحول هللا وتوفيقه‬

‫‪ 11‬دجنبر ‪1112‬‬

‫‪48‬‬

You might also like