Professional Documents
Culture Documents
دور العدالة الجنائية التصالحية في الحد من أزمة العدالة الجنائية
دور العدالة الجنائية التصالحية في الحد من أزمة العدالة الجنائية
وبغية اإللمام واإلحاطة بجوانب الموضوع وتحليل أبعادة القانونية ومحاولة شرح اإلجراءات القبول 2020-11-06 :
القانونية ذات الصلة وتبسيطها ،استلزم البحث اعتماد املنهج الوصفي واملنهج التحليلي ،وذلك بعرض الكلمات املفتاحية:
وصفي للظاهرة مع تحليل دقيق للبيانات والمعلومات. -أزمة العدالة
وقد توصلنا إىل ّأنه ورغبة في التخفيف من هذا العبء وتحقيق عدالة ناجحة وسريعة ،اتجهت الجنائية
التشريعات الجنائية إلى اللجوء إلى نمط من العدالة التصالحية ،تسعى من خاللها إلى -العدالة التصالحية
توجيه السياسة العقابية من طابعها الردعي إلى تسوية النزاع القائم بين أطراف الدعوى
العمومية ،بطرق رضائية دون المرور بالمراحل اإلجرائية ،وذلك بسلك طريق اإلصالح -الدعوى العمومية
وأن السياسة الجنائية تتطلب األخذ على وجه السرعة وسائل أكثر والتصالح ،خاصة ّ -السياسة الجنائية.
مرونة وقابلية للتطور في حل المنازعات الجنائية ،والتي من شانها أن تساهم في عالج
مشكلة الزيادة الهائلة في عدد الجرائم.
331
* Corresponding author at : The University 8 Mai 1945, Guelma - ALGERIA
Email : : manlaar94@gmail.com
م .عرابة ،س .الـعايب | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 13العدد | ) 2021 ،01القسم(أ) العلوم اإلقتصادية و القانونية ،ص،ص341 - 331 :
املوضوعي القواعد اليت حتدد صور اجلرائم والعقوبات املقررة السعيد معيزة ،املرجع السابق ،ص .) 273
هلا حبيث انه حينما تقع اجلرمية يف اجملتمع يتولد للدولة يف ُتع ّد مشكلة احلبس قصري املدة ،أو مشكلة العقوبة السالبة
مواجهة مرتكب اجلرمية حق يسمى باحلق يف العقاب والذي للحرية قصرية املدة من أهم مشاكل السياسة العقابية
تقتضيه عن طريق مباشرة إجراءات الدعوى العمومية( .مراد احلديثة اليت نشأت بسبب النصوص اجلنائية ،أو بسبب توجه
بلهومي ،2018 ،ص )07أخذت الدولة توسع من استعمال القضاة يف الغالب للحكم باحلد األدنى للعقوبة يف اجلرائم
آليتها العقابية بالتجريم مع التطور السريع للجرمية البسيطة حبكم السلطة التقديرية الواسعة اليت يتمتعون بها
وازديادها ،نتيجة لذلك اتسع نطاق التجريم ليشمل أفعاال يف تفريد العقوبة ،ولتأثرهم أيضا بعقدة احلد األدنى ،واحلد
ليست باخلطورة الكبرية ،أدى هذا التوسع بدورة إىل خلق األدنى يف الغالب هو العقوبة قصرية املدة.
مشكلة أخرى وهي احلبس قصري املدة بسبب توجه القضاة يف
(عمر سامل ، 2008 ،ص .) 27 الغالب باحلكم باحلد األدنى للعقوبة يف اجلرائم البسيطة.
ولقد كشفت التجربة الطويلة اليت مرت بها العقوبات السالبة أوال :ظاهرة التضخم التشريعي
للحرية بأن هلا آثار سلبية جد سيئة السيما قصرية املدة منها،
تعد األسوء واألكثر ضررا (منصور رمحاني ،2006 ،ص شهدت خمتلف التشريعات حتوال جذريا يف سياسة التجريم إذ ُّ
املنتهجة حنو التوسع ،ولعل أبرز ما يدل على ذلك هو ما بات ،)306إذ هلا آثارا سيئة على الشخص احملكوم عليه وعلى أسرته
ألنه يصفه بصفة اإلجرام وخيرجه من اجملتمع األخيار ويزج يعرف لدى الفقه بظاهرة التضخم التشريعي.
يقصد"بالتضخم التشريعي"كثرة القواعد القانونية اجلنائية به زمرة األشرار ،كما يرتتب على احلبس مهما قصرت مدته
وتفاقمها بصورة ال مثيل هلا يف العقود السابقة ،فقد صدر يف أن يفقد احملكوم عليه عمله هذا ما قد يكون سببا يف حرمان
غضون السنوات القليلة املاضية ،كما هائال من النصوص أسرته منه ،خاصة إذا كان هو العامل الوحيد لألسرة وليس
اجلنائية ،وال يزال يصدر بوترية متزايدة باستمرار ،إذ أن هلا مورد رزق غري عمله ،فيكون قد سلب على أسرة احملكوم
النزعة التجرميية اجلديدة املهيمنة على السياسة اجلنائية عليه مصدر الرزق ،مما قد تضطرها احلاجة وبالتبعية تقل
املنتهجة يف أغلب التشريعات يف احلقبة الراهنة احدث تكدسا ،الرقابة على األبناء ،مما يسهل احنرافهم وسقوطهم إىل هاوية
اجلرائم. بل فوضى يف اجملال اجلنائية.
(إسحاق إبراهيم منصور ، 2009 ،ص ص .)151-150 ( رضا السعيد معيزة ، 2016 ،ص .) 113
أما على املستوى االقتصادي ،فالتكلفة اليت تتحملها الدولة فالتضخم التشريعي اجلنائي يعكس نشوء عالقة عدم التوازن
على املسجون جد باهضة ،ولن نتحدث عن تكاليف بناء بني جهة احلاجات من التجريم ،والقدرة على امتصاص
السجون وامليزانية الضخمة اليت ترصدها الدولة للوزارات املستهلكني للقانون اجلنائي (املتمثل يف اجملتمع اي األفراد
واملوظفني ،وإمنا يكفي احلديث على تكلفة نفقات املساجني املكونني له) ،ومن جهة أخرى كمية القواعد اجلنائية
،أهمها أنه كلما زاد عدد احملكوم عليهم بعقوبة احلبس قصرية الصادرة ،والشك انه من غري املمكن هنا تفسري اخللل الذي
املدة إزدمحت بهم السجون واملؤسسات العقابية ،فكان العبث يف يشوب العالقة إال على ضوء مبدأ الضرورة الذي حيكم
برامج التأهيل (،منصور رمحاني ،املرجع السابق ،ص،)306 التجريم والعقاب (.رضا السعيد معيزة ،املرجع السابق ،ص
فرتتب عنه فشل التأهيل واإلدماج للمحبوسني يف اجملتمع إذ .)115
ثبت أن املؤسسات العقابية يف الغالب تفسد اجملرم املبتدئ بدل ثانيا :ظاهرة احلبس قصري املدة
إصالحه ،وهذا بدل أن يصبح السجن مكانا لإلصالح حتول إىل
مكان لتفريغ جمرمني مبؤهالت أعلى وخربات أكثر ،تدفعهم يُعد احلبس قصري املدة من أبرز أسباب أزمة العدالة اجلنائية
إىل ارتكاب جرائم اشد خطورة مبجرد خروجهم من السجن. الراهنة ،ومشكلة من أعقد املشكالت اليت تواجهها التشريعات
العقابية حاليا والتشريع العقابي اجلزائري خصوصا ،ملا يرتتب
عليه من آثار سلبية وأضرار بالغة مل تسلم منها حتى الدول (عبد اللطيف يوسري ،املرجع السابق ،ص .) 10
األكثر تقدما( .عبد اللطيف يوسري ،املرجع السابق ،ص .2.1.2 .)273األسباب اإلجرائية
يكون احلكم القضائي على اجلاني حماطا بإجراءات جزائية ال وجود للحبس قصري املدة أو ما يصطلح عليه أيضا بالعقوبة
هدفها الوصول غلى احلقيقة واإلنصاف بني اجلاني و الضحية السالبة للحرية قصرية املدة ،بهذه الصيغة أو التعبري يف
أو اجملتمع ،وقد تضمن القانون التفاصيل وحدد مددا معينة التشريعات اجلزائية(مبا فيها التشريع اجلزائري ) يف احلقيقة،
هلذه اإلجراءات ،فإذا مل حترتم أدت إىل دور عكسي بالنسبة بل هي حمض تسمية فقهية درج الفقه اجلنائي على تداوهلا
ملكافحة اجلرمية( ،منصور رمحاني ،املرجع السابق،ص،)309 منذ أواخر القرن التاسع عشر ،إىل أن استقرت كمصطلح من
إّ
ال أن تنوع وتعدد العوامل املعرقلة لسري العدالة اجلنائية زاد مصطلحات علم العقاب و احتلت مكانة جد هامة فيه السيما
اإلجراءات اجلزائية تعقيدا ومتثل أكثر يف البطء الناتج عن يف الوقت الراهن ،حيث كثر االهتمام بهذه العقوبة ( .رضا
333
م .عرابة ،س .الـعايب | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 13العدد | ) 2021 ،01القسم(أ) العلوم اإلقتصادية و القانونية ،ص،ص341 - 331 :
كثرة الشكليات ،إضافة إىل اإلسراف يف استخدام املفرط معاجلة هذا النقص .
للدعوى العمومية ذات اإلجراءات الطويلة كل ذلك اخل بهذا (امحد حممد براك،املرجع السابق،ص ص)3-2
كان على السياسة اجلنائية أمام املؤشرات اخلطرية أن تعيد التوازن و شل جهاز القضاء.
يف إسرتاتيجياتها يف مكافحة اجلرمية ،حيث بدأت السياسة أوال :اإلغراق يف الشكليات
إن اهلدف العام لقانون اإلجراءات اجلزائية يف إطار الشرعية اجلنائية يف حماولة اخلروج عن العدالة التقليدية النعدام ّ
الدستورية هو ختفيف التوازن بني املصلحة العامة و احلرية فاعلية عملية هلا ،والتوجه إىل عدالة حتقق األهداف اليت
تصبو إليها السياسة اجلنائية املعاصرة (مراد بلهومي ،املرجع الشخصية
السابق ،ص ص .)4-3
وغريها من حقوق اإلنسان مبا يكشف التوازن بني هدفني هما
فاعلية العدالة اجلنائية ،واحلرية الشخصية و غريها من تطورت العدالة اليت كانت يف البداية عدالة عقابية ترتكز
حقوق اإلنسان ،ومن ثم فإن أي تشريع إجرائي يتوقف على حول السلوك اجملرم والعقوبة املناسبة له ،إىل عدالة تأهيلية
مدى قدرته يف التوفيق بني الضمانات اليت تكفل صحة احلكم ترتكز على اجملرم وسبل تأهيله وإعادة إدماجه اجتماعيا،
واإلجراءات اليت تضمن عدم اإلبطاء يف إصداره (علي بن صاحل ،لتظهر أخريا ما يطلق عليه بالعدالة التصاحلية اليت ترتكز
على االهتمام بكافة أطراف الدعوى العمومية . ، 2018ص .)97
. 1.2.2تعريف العدالة اجلنائية التصاحلية غري أن التوسع يف التجريم الذي عرفه قانون العقوبات أدّى
يعترب مصطلح العدالة اجلنائية التصاحلية من املصطلحات إىل اإلسراف يف استخدام الدعوى العمومية باعتبارها األداة
املستحدثة يف البحوث اجلنائية ،وقد متت مناقشة هذه املسألة اليت يتم من خالهلا اقتضاء الدولة حق العقاب ،مما نتج عن
يف مؤمتر األمم املتحدة العاشر ملنع اجلرمية ومعاملة اجملرمني ذلك شل اجلهاز القضائي نظرا لطول إجراءاتها ،حيث شهدت
،الذي عقد يف فينا عام (.2000إعالن فينا بشأن اجلرمية وضعية احملاكم تكدسا كبريا يف القضايا اجلزائية اليت
والعدالة ،صدر عن األمم املتحدة العاشر ملنع اجلرمية ومعاملة تعرض عليها رغم بساطتها ،كل ذلك انعكس سلبا على أداء
اجملرمني ،املنعقد يف فينا 17 /10ابريل . ) 2000 القضاء اجلزائي فرتتب على ذلك تأخر الفصل يف القضايا،
يقصد بالعدالة التصاحلية " جعل املعتدي مسؤوال عن اصالح واإلخالل حبق املتهم يف احملاكمة خالل مدة معقولة إضافة
الضرر الذي سببته اجلرمية ومنحه الفرصة إلثبات قدراته إىل البطء يف اإلجراءات .
ومساته االجيابية ،والتعامل مع مضاعر الذنب بطريقة بناءة ثانيا :ضعف أجهزة العدالة
،باإلضافة إىل إشرتاك آخرين يؤدون دورا يف حل النزاع مبن أدت التغريات االجتماعية املصاحبة للتطور االجتماعي،
فيهم الضحية و االهل وافراد االسرى املمتدة ...بعبارة اخرى واالقتصادي والسياسي إىل وضع مشكالت دقيقة أمام حتقيق
فإن العدالة التصاحلية هي نهج يف التعامل مع اجلرمية أهداف السياسة اجلنائية يف سباق مع الزمن ،فالسياسة
يعرتف بأثرها الضحية واملعتدي نفسه واجملتمع الذي وقت اجلنائية هلا أهدافها ،ولكن هذه األهداف مل تتحقق على النحو
فيه " ( ليلى بعتاش ، 2014 ،ص . )198 الواجب ،فازداد اإلجرام انتشارا وفشلت السجون يف حتقيق
كما يعرفها اآلخرون أنها "عملية االستجابة للجرمية أهدافها ،وازدادت عوامل اإلجرام وتعقدت سبل الوصول إىل
بطريقة تقرر إعادة احلالة إىل طبيعتها ،وتو ّفق بني مجيع احلقيقة وتعرضت ضمانات احلرية الشخصية للخطر ،وقد
األطراف املتضررة من اجلرمية ،وميكن من خالهلا املساعدة ظهر هذا اخللل واضحا يف أداء أجهزة العدالة اجلنائية فقد
على جتاوز أزمة العدالة اجلنائية اليت تعاني منها كافة أصابها الشلل واضعف من أداء دورها يف مكافحة اإلجرام (علي
اجملتمعات اإلنسانية ،وهي حبق تع ّد تعبريا عن حاجة لشكل بن صاحل ،املرجع السابق ،ص .) 98
جديد للعدالة ال حتققه اإلجراءات التقليدية ( .بلقاسم .2 .2مفهوم العدالة التصاحلية
سويقات ، 2018 ،ص .) 177
أدى التوسع يف التجريم إىل اإلسراف يف استخدام الدعوى
تعد العدالة التصاحلية أحد احللول النابعة ،اليت من شأنها ُّ اجلنائية لتحقيق سلطة الدولة يف العقاب ،وتزامن هذا
إخراج اجملتمعات اإلنسانية من دائرة العدالة التقليدية اليت اإلسراف مع اإلجراءات اجلنائية ،فأصبحت املعاناة ذات
أنهكتها األزمة ،فتعيد االعتبار للضحية باعتباره من وقع وجهني ،وجه عقابي سببه ظاهرة التضخم التشريعي كما
عليه اجلرم وتبعاته ،ولكونه مهمشا يف العدالة التقليدية اليت سبق بيانه ،ووجه إجرائي سببه الدعوى اجلنائية بإجراءاتها
كانت تولي ضمانات للمتهم عرب مراحل اّلدعوى العمومية ، الطويلة ،فظهرت أزمة العدالة اجلنائية ،وأثبتت التجربة
فمن بني آليات ووسائل عالج هذه األزمة الرتكيز على دور قصور العدالة التقليدية يف مواجهة ظاهرة تزايد املنازعات يف
اجملين عليه وحماولة امتصاص غضبه وسخطه وكذلك من النطاق اجلزائي ،ناهيك على أنها كشفت خطورة أزمة وسائل
أجل خلق بدائل جديدة ختص الدعوى العمومية . التنظيم االجتماعي ،فضال عن قصور السياسة اجلنائية يف
334
م .عرابة ،س .الـعايب | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 13العدد | ) 2021 ،01القسم(أ) العلوم اإلقتصادية و القانونية ،ص،ص341 - 331 :
الظاهرة اإلجرامية وازدياد عدد القضايا املعروضة أمام (أشرف رمضان عبد احلميد ، 2004 ،ص .)10
احملاكم ،ما أرهق كاهل القضاء نتيجة الكم اهلائل للقضايا . 2.2.2خصائص العدالة اجلنائية التصاحلية
ما تولد على ذلك اإلخالل حبق املتهم يف احملاكمة ،فأضحى
الوصول إىل عدالة ناجعة أمرا عسريا ،إضافة إىل تأخر حيرص نظام العدالة التصاحلية على تطبيق القواعد املنظمة
الفصل يف القضايا ،ونتيجة لتفاقم املشكلة اجلنائية و ارتفاع حلقوق املتهمني والضحايا بصفة عامة ،وبآليات حمددة قد
تكاليف مواجهتها املالية اجته الفقه والتشريع للبحث عن آليات تقتصر على األجهزة احلكومية ماجعل هلذا النظام ذاتيته
عديدة غري التقليدية بإنهاء الدعوى العمومية دون اللجوء إىل عن غريه من االنظمة املشابهة مثل ننظام العدالة املتوازية
إجراءات احملاكمة. الذي يهتم حبقوق الضحايا وحتريك كافة امكانات اجملتمع
احلكومية و األهلية ،لتوفري أسباب العدالة واملعاملة املنصفة
.1 .3آثار أزمة العدالة اجلنائية هلم يف إعالنات املم املتحدة للمبادى االساسية لتوفري العدالة
ترتب على أزمة العدالة اجلنائية نتائج وخيمة وكثرية ،سواء لضحايا اجلرمية وإساءة إستعمال السلطة ،وبصفة خاصة
على حقوق أطراف الدعوى اجلزائية ،أو يف حق اجملتمع ،مما تسهيل إستجابة اإلجراءات القصائية والغدارية الحتياجات
أسفر عن عدم إشباع غريزة العدالة لدى نفوس املتقاضني، الضحايا وتوفري املساعدات ومحاية خصوصيات الضحايا
واحنصرت أهم آثارها فيما يلي :البطء يف اإلجراءات الذي وأسرهم (.أمل فاضل عبد خشان عنوز ،2016،ص )22
تعترب العدالة اجلنائية التصاحلية من أهم الوسائل البديلة صاحبه لزاما اإلخالل مببدأ املساواة ،ونظرا لكثرة القضايا
اليت تقوي العالقة بني أطراف النزاع وبقية أفراد اجملتمع امللقاة على كاهل القضاء ترتب عن ذلك إجراء حفظ امللفات،
،كما تعترب طريقة غري تقليدية إلدارة الدعوى اجلنائية ،واحلد من قدرة اجلهاز القضائي على مواجهة اجلرمية.
ووسيلة ف ّعالة لتجاوز أزمة العدالة اجلنائية الستنادها إىل . 1.1.3البطء يف اإلجراءات واإلخالل مببدأ املساواة
فكرة احلد من اجلرمية ،وفكرة احلد من العقاب اللتان تصبان يتطلب تسيري إجراءات احملاكة اجلنائية إجراءات حتقيق
يف فكرة عامة وجمردة هي املساءلة غري القضائية للخصومات أولية وقضائية وجلسات حماكمة ،ناهيك عن اإلجراءات
التحفظية اليت تصاحب سري الدعوى ،كالتوقيف للنظر اجلنائية لتحقيق العدالة اآلمنة و الناجحة .
واجلبس املؤقت والرقابة القضائية وغريها ،باإلضافة إىل (أمل فاضل عبد حشان عنور ،املرجع السابق ،ص .) 34
طرق الطعن يف األحكام الصادرة فيها العادية و غري العادية أوال :العدالة الرضائية
،باإلضافة إىل طرق الطعن يف األحكام الصادرة فيها العادية
يقوم جوهر العدالة التصاحلية أو العدالة الرضائية على وغري العادية اليت تساهم بشكل واضح يف إطالة أمد النزاع
عنصر الرضا ،أي االعرتاف بإرادة أطراف الدعوى العمومية يف وبالتالي زيادة املال واجلهد على األطراف املتنازعة والدولة
وضع حد هلا يف بعض اجلرائم املاسة بهم ،أو املرتكبة من قبلهم والقضاء على السواء( .داود زمورة ، 2017 ،ص.)04
وذلك بإتباع إجراءات أخرى غري التقليدية ،وأحيانا يضاف إىل
إرادة طرف آخر يتمثل يف اجملتمع ممثال يف النيابة العامة ،أصبح قطاع العدالة يعاني من أزمة حقيقية ناجتة عن الكم
والذي يقدر مدى مالئمة إنهاء النزاع عن طريق العدالة اهلائل للدعاوي املطروحة عليه ،وعجز عن احتواءها بالفصل
التصاحلية ،ودون إتباع اإلجراءات املعتادة( ..مراد بهلولي فيها يف آجال معقولة ،نتيجة العبء الواقع على جهات سلطات
التحقيق ،حيث مير زمن طويل بني ارتكاب اجلرمية وحتى ،املرجع السابق ،ص.) 17
انتهاء التحقيق وإحالة امللف إىل احملكمة املختصة ،وإضافة
إىل األعباء امللقاة على النيابة العامة ،كل هذا أدى إىل ٌمع ّوقات ثانيا :إجراءات العدالة التصاحلية غري قضائية
تعد العدالة التصاحلية أسلوب قانوني غري قضائي إلدارة كبرية يف مباشرة التحقيق يف امللفات ،حتى إعداد الئحة اتهام ُّ
الدعوى العمومية ،بإعطاء دور أكرب ألطراف الدعوى وتقدميها ،كما أن قسم ال بأس به منها يتأخر عدة سنوات ،بل
اجلنائية من املتهم و اجملين عليه ومبشاركة اجملتمع يف إنهاء ميتد إىل مرحلة احملاكمة فبعد تقديم الئحة االتهام تستمر
الدعوى اجلزائية ،والسيطرة على جمرياتها ملواجهة الظاهرة اجللسات واملداوالت يف امللفات زمنا طويال جدا ويكون التأجيل
ملدة طويلة ( .حممد أمحد براك ،املرجع السابق ،ص .) 78 اإلجرامية.
إن التأجيالت أو البطء يف اإلجراءاتميكن القول عموما ّ (ليلى بعتاش ،املرجع السابق ،ص . )199
اجلزائية يرتتب عنه فقدان احلقوق الشخصية ،من زاوية
.3العدالة التصاحلية كعالج ألزمة العدالة اجلنائية
وضعه موضع االتهام وإخراجه من أصله الربيء ،كما مينع
كانت السياسة اجلزائية ترتكز على جتريم مجيع األفعال اجملتمع مكنة تطبيق العدالة والردع ،إذ أنه كلما كان هناك
اليت ينتج عنها إخالل يف النظام االجتماعي ،إىل درجة أن تأخري يف توقيع العقوبة علة املتهم ّ
مس بفاعلية هذه األخرية
املتمعن يف خمتلف نصوص القوانني جيد بأنه ال يكاد خيلو كأداة للردع لفقدها كثريا من قدرتها على الردع ،ألن
أي قانون من مادة جترم وتعاقب ،كل ذلك ترتب عليه تضخم
335
م .عرابة ،س .الـعايب | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 13العدد | ) 2021 ،01القسم(أ) العلوم اإلقتصادية و القانونية ،ص،ص341 - 331 :
.1.2.3املصاحلة اجلنائية املصلحة تتحقق بتوقيع العقوبة على املتهم على وجه السرعة
ليتبني االرتباط بني اجلرمية و العقوبة املنطوق بها.
ال متلك النيابة العامة التصرف يف الدعوى العمومية بالتنازل
أو التعهد بعدم حتريكها أو التخلي عن الطعن يف األحكام كما يصعب الوصول إىل احلقيقة عندما مرور وقت طويل من
الصادرة بشأنها كأصل عام يف التشريعات املعاصرة ،وهذا ارتكاب اجلرمية وعدم البت يف الدعوى العموميةّ ،
ألن احلقيقة
تطابقا مع قاعدة عدم قابلية الدعوى العمومية للتنازل عنها ، مع ّرضة ألن ختتفي وتتالشى لعدة أسباب من أهمها ،صعوبة
إّ
ال أن هدا املبدأ مل يظل على إطالقه يف املسائل اجلزائية ،فكثريا استدعاء الشهود أو حتى نسيان مجيع تفاصيل احلادث موضوع
من التشريعات مسحت بالصلح أو املصاحلة نظرا ملا حيققه من الشهادة المتداد املدة مابني ارتكاب اجلرم و جلسات احملاكمة .
مزايا . . 2.1.3احلد من قدرة اجلهاز القضائي على مواجهة اجلرمية
(عبد الرمحان خلفي ، 2015 ،ص . ) 200 خلق ضغط العمل وتأجيل النظر يف امللفات مشكلة أخرى وهي
جيد املتم ّعن يف نصوص القانون اجلنائي وقانون اإلجراءات نقص قدرة اجلهاز القضائي ،سواء النيابة العامة أو الضبطية
اجلزائية بأن املشرع اجلزائري مل يضع تعريفا للمصاحلة القضائية على معاجلة امللفات ،والتحقيق فيها وتقديم
اجلزائية مثله مثل املشرع الفرنسي واملصري ،وإمنا اكتفى لوائح االتهام ،حيث ينظر جهاز النيابة العامة إىل التخلي عن
بالنص على أحكامه وتطبيقه وترك تعريفه للفقه . التحقيق يف جزء كبري من امللفات نتيجة ضغط العمل يف إطار
املوارد القليلة واحملدودة ،حيث متيل النيابة العامة لتفضيل
يُع ّرف الفقه الصلح أو املصاحلة بأنها "إجراء يتم مبقتضاه
معاجلة امللفات البسيطة نسبيا على معاجلة ملف معقد
انقضاء الدعوى العمومية من غري أن ترفع على املتهم إذا مل
واحد حيتاج التحقيق فيه سنوات وتتطلب نفقات باهضة ،هلذا
يدفع مبلغا معينا للطرف عارض املصاحلة يف مدة حمددة".
انتشرت ظاهرة حفظ امللفات يف مجيع الدول املختلفة ،وهو ما
( عبد الرمحان خلفي ،املرجع السابق ،ص ،)201كما ع ّرفه
يظهر جليا من األرقام السوداء حلفظ امللفات ( .حممد أمحد
البعض األخر بأنة "اتفاق بني صاحب السلطة اإلجرائية يف
براك ،املرجع السابق ،ص ) 79
مالحقة اجلاني ،وبني هذا األخري يرتتب عليه إنهاء سري الدعوى
يقصد حبفظ امللف ذلك اإلجراء االستداللي الذي تلجأ إليه اجلنائي ،شريطة قيام هذا األخري بتنفيذ تدابري معينة" ( .مراد
النيابة العامة عندما تتصرف يف نتائج االستدالل ،وعلى الرغم بلهومي ،املرجع السابق ،ص .) 89
ال أنه ينطوي على قدر من من بساطة األحكام املنظمة له إ ّ
وعليه فنظام الصلح اجلنائي هو نظام إجرائي ،يهدف إىل
اخلطورة ،ويكفي أن قرار كهذا حيجب الدعوى العمومية
تبسيط آليات رد الفعل االجتماعي على مرتكب اجلرمية
عن القضاء ،لذلك فإن املشرع جيايف يف إصدار هذا القرار
للوصول إىل حل يرضي أطراف اخلصومة ،وهو بذلك يظهر
حقوق اجملين عليه أو املضرور من اجلرمية ،كما أن عدم
كأحد اآلليات اهلامة اليت تساهم يف حل أزمة العدالة اليت
إصداره يؤدي إىل اإلجحاف حبقوق املشتبه فيه ،ومن بني هذا
تعاني منها معظم الدول املعاصرة ،لذا البد من البحث عن
وذاك تظهر فطنة عضو النيابة العامة خالل مرحلة مجع
مشروعيته ،واجلرائم اليت جيوز فيها تطبيقه .
االستدالالت ( .علي مشالل ، 2016 ،ص ) 53 52-
أوال :مشروعية املصاحلة اجلنائية
كما أنه يوجد تأثري سليب آخر حلفظ امللفات ،حيث يؤدي
يُع ّد الصلح أو املصاحلة أحد توجهات السياسة اجلنائية حنو ضغط العمل إىل احلد من قدرة السلطات يف مواجهة اجلرمية،
خوصصة العدالة اجلنائية ،وما ينفك املشرع األخذ بها حتى ومينع إمكانية خلق جهاز تنفيذ عقابي نافع ورادع ،وإن عدم
يف جرائم القانون العام مثلما فعلت كثري من التشريعات ،منها قدرة احملكمة والنيابة على معاقبة املخالفني يضر كثريا
عممها يف مجيع املخالفات واجلنح اليتاملشرع املصري الذي ّ بعنصر الردع ،وبقدرة اجلهاز القضائي على منع اجلرمية،
تكون عقوبتها الغرامة فقط ،حبيث يتم التصاحل بني املخالفني وحينما يكون هناك نسبا كبرية من اجلرائم اليت هلا ردا أو أنها
والنيابة العامة ،وذلك باالتفاق على مبلغ من املال يوضع تلقى ردا حمدودا ،فذلك قد يؤدي تلقائيا إىل ازدهار اجلرمية .
باخلزينة العمومية ،ويرجع يف ذلك إىل نص املادة 18مكرر (حممد أمحد براك ،املرجع السابق ،ص . ) 80
يف القانون الصادر سنة 1998إجراءات جنائية مصري "جيوز
.2 .3آليات العدالة التصاحلية
التصاحل يف املخالفات ،وكذلك يف مواد اجلنح اليت يعاقب عليها
القانون بالغرامة فقط. تتطلب السياسة اجلنائية املعاصرة األخذ على وجه السرعة
بوسائل وآليات أكثر قابلية للتطور يف حل املنازعات اجلنائية
على مأمور الضبط القضائي املختص عند حترير احملضر أن
،واليت من شأنها املساهمة يف عالج األزمة اجلنائية ،وحرصا
يعرض التصاحل على املتهم أو وكيله فى املخالفات ويثبت
على ذلك قام املشرع اجلزائري باستحداث آليات تضع حدا
ذلك فى حمضره ويكون عرض التصاحل فى اجلنح من النيابة
لتعقيدات اإلجراءات متثلت يف الصلح اجلنائي إضافة إىل
العامة.
إجراء الوساطة اجلنائية ،بهدف حتقيق عدالة ناجحة.
336
م .عرابة ،س .الـعايب | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 13العدد | ) 2021 ،01القسم(أ) العلوم اإلقتصادية و القانونية ،ص،ص341 - 331 :
337
م .عرابة ،س .الـعايب | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 13العدد | ) 2021 ،01القسم(أ) العلوم اإلقتصادية و القانونية ،ص،ص341 - 331 :
(القانون رقم ،11 /90املؤرخ يف 21افريل 1990املتعلق ثانيا مكررا عنوانه "يف الوساطة " ،أين جند 10مواد جديدة
بعالقات العمل ،معدل ومتمم بالقانون ، 29-91جريدة منظمة هلذا اإلجراء انطالقا من املادة 37مكرر إىل املادة 37
مكرر ، 09واعتربها سببا خاصا يف انقضاء الدعوى العمومية رمسية عدد 68لسنة .)1991
تطبق أيضا يف اجلنح املاسة بقانون الصرف وحركة رؤوس ألنه حدده يف جرائم حمددة .
األموال من وإىل اخلارج ،الصادر على ضوء التعديل الصادر (قانون اإلجراءات اجلزائية الصادر مبوجب القانون رقم
باألمر 01/03املؤرخ يف ،2003/02/19املعدل لألمر 155/66 22/96املؤرخ يف 1966/03/04واملتمم باألمر رقم -15
أن املصاحلة تضع حدا للمتابعة عندما 12املؤرخ يف 28يوليو سنة ،2015جريدة رمسية العدد 41 يف نص املادة 9مكرر ،إذ ّ
يقوم املخالف بالتنفيذ الكامل لاللتزامات املرتتبة عليها ،وذلك ،الصادر يف 19يوليو . )2015
جاء ذكر الوساطة كذلك يف القانون املتعلق حبماية الطفل يف احلالة اليت تكون فيها املصاحلة ممكنة .
رقم 12-15املؤرخ يف 15جويلية 2010من املواد 110إىل (األمر رقم ،22/96املؤرخ يف 09يوليو 1996املتعلق مبخالفة
املادة ( 115القانون رقم 12-15مؤرخ يف 28رمضان عام التشريع اخلاصني بالصرف وحركة رؤوس األموال من وإىل
1436ه املوافق ل 15يوليو سنة ،1979املتعلق حبماية الطفل، اخلارج ،املعدل واملتمم باألمر رقم ،01-03املؤرخ يف 19فرباير
اجلريدة الرمسية عدد 93الصادر يف 19يوليو . )2015 ، 2003اجلريدة الرمسية عدد 12الصادر يف 23فرباير )2003
مل يُع ّرف قانون اإلجراءات اجلزائية الوساطة اجلنائية إ ّ
ال أن مل تعد املصاحلة جائزة مبوجب املادة 09مكرر 1املستحدثة
املادة 02من قانون محاية الطفل عرفتها بأنه ":آلية قانونية يف القانون 03/10املعدل لألمر ،22/96يف حال ما إذا كانت
تهدف إىل إبرام اتفاق بني الطفل اجلانح وممثلة الشرعي من قيمة حمل اجلنحة تفوق 20مليون دينارا ،أو كان املخالف قد
جهة ،وبني الضحية أو ذوي حقوقه من جهة أخرى ،تهدف إىل سبق له االستفادة من مصاحلة أو كان عائدا ،أو كانت جرمية
إنهاء املتابعات و جرب الضرر الذي تعرضت له الضحية ووضع الصرف مقرتنة جبرمية تبييض األموال أو املخدرات أو الفساد
حد آلثار اجلرمية واملساهمة يف إدماج الطفل ( .القانون رقم أو اجلرمية املنظمة أو اجلرمية العابرة للحدود الوطنية.
12-15مؤرخ يف 15يوليو سنة ، 1979املتعلق حبماية الطفل، فقد تراجع املشرع اجلزائري ومبوجب األمر 03/10املؤرخ
اجلريدة الرمسية عدد 93الصادر يف 19يوليو .)2015 يف 26أوت 2010عن جعل حتريك الدعوى العمومية مقيدة
تعترب الوساطة إجراء من إجراءات التصرف يف نتائج االستدالل بشكوى وزير املالية ممثال يف أحد أعوانه ،بل أعطى للنيابة
يلجأ إليها وكيل اجلمهورية كبديل للدعوى العمومية، العامة حق حتريك الدعوى العمومية حتى ولو كانت الشكوى
يف حال حصول تسوية بني اجلاني واجملين عليه من جهة ، موضوع دراسة إلجراء املصاحلة ،وذلك إذا كان املبلغ مليون
والنيابة العامة من جهة أخرى بهدف التوصل إىل جرب الضرر دينار جزائري أو يفوقه مع ارتباط ذلك بعمليات التجارة
املرتتب عن اجلرمية دون اللجوء إىل القضاء ( .علي مشالل، اخلارجية ،وإذا كانت مبلغ املخالفة 500ألف دينار أو تفوقها
املرجع السابق ،ص .) 69 يف احلاالت األخرى.
وبالتالي فالوساطة اجلزائية عبارة عن نظام تلجأ اليه النيابة (األمر 03-10املؤرخ يف 26أوت 2010املتعلق بقمع خمالفة
العامة للتصرف يف جرائم حمددة على سبيل احلصر يف املادة التشریع والتنظیم اخلاصنی بالصرف وحركة رؤوس األموال
37مكرر 02من قانون االجراءات اجلزائية ،وللنيابة العامة من وإىل اخلارج ،اجلریدة الرمسیة الصادرة يف 01سبتمرب
السلطة التقديرية يف مدى جدوى اللجوء إىل الوساطة إلنهاء ، 2010عدد .).50
الدعوى العمومية ،طبقا ملبدأ املالئمة متى تبني هلا أن اجلرمية باإلضافة إىل أن املصاحلة ال حتول دون اختاذ إجراءات
بسيطة و ميكن حلها بطريق ودي ،تتميز الوساطة يف شروط التحري اليت من شأنها الكشف عن وقائع أخرى ذات طابع
األخذ بها ،وكذا بطريقة تنفيذها وباآلثار اليت ترتبها . جزائي مرتبطة بها ،أو إذا كانت قيمة حمل اجلنحة تفوق
أوال :أحكام الوساطة اجلنائية 20مليون دينار ،أو إذا سبق للمخالف االستفادة من املصاحلة
يستوجب املشرع اجلزائري إلجراء الوساطة اجلنائية ضرورة أو إذا كان يف حالة عود ،أو إذا اقرتنت جرمية الصرف جبرائم
توافر مجلة من الشروط املوضوعية نص عليها يف املواد تبييض األموال واجلرمية املنظمة العابرة للحدود( .حمادي
37مكرر وكذا املادة 37مكرر ، 02إذ بالرجوع لنص املادة الطاهر ،2015 ،ص .)522
37مكرر اشرتط املشرع أن تتم الوساطة قبل حتريك الدعوى .2.2.3الوساطة اجلنائية
استحدث املشرع اجلزائري على غرار التشريعات اليت شهدتها العمومية ،كما أشارت املادة 110من قانون الطفل على نفس
اغلب الدول من خالل تعديل قانون اإلجراءات اجلزائية األمر إذ نصت على أنه ":ميكن إجراء الوساطة يف أي وقت من
مبوجب األمر 02-15املؤرخ يف 23جويلية ،2015فصال تاريخ ارتكاب الطفل للمخالفة أو اجلنحة قبل حتريك الدعوى
338
م .عرابة ،س .الـعايب | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 13العدد | ) 2021 ،01القسم(أ) العلوم اإلقتصادية و القانونية ،ص،ص341 - 331 :
تتم الوساطة مببادرة من وكيل اجلمهورية أو بطلب من ■ عدم االتصال بأي شخص قد يسهل عودة الطفل إىل اإلجرام.
الضحية أو املشتكي منه ومبوافقة كل منهما ،وبالنسبة
للطفل فتتم بطلب من الطفل أو ممثله الشرعي أو حماميه ،ثانيا :اآلثار املرتتبة عن الوساطة اجلزائية
أو تلقائيا جيريها وكيل اجلمهورية أو يكلف احد مساعديه أو يُعترب حمضر الوساطة سند تنفيذيا حيث نصت املادة 37مكرر
أحد ضباط الشرطة القضائية كما هو وارد يف نص املادة 1 111من قانون اإلجراءات اجلزائية ،شأنه شأن السندات التنفيذية
املنصوص عليها يف املادة 600من قانون اإلجراءات املدنية من قانون محاية الطفل رقم . 12-15
وعليه لقيام الوساطة بصورة قانونية ،ينبغي توفر رضا األطراف واإلدارية.
وذلك بقبول تسوية اخلصومة عن طريق الوساطة ،إذ تعترب يرتتب على هذا اإلجراء عدة آثار نص عليها املشرع يف املواد 37
مكرر 6إىل 37مكرر 9من قانون اإلجراءات اجلزائية ،واملادة موافقة األطراف شرط جوهري للسري يف عملية الوساطة.
110يف فقرتها 2من قانون محاية الطفل ،تتعلق بوقف تقادم (هوام عالوة ، 2012 ،ص . )78
الدعوى العمومية خالل اآلجال احملددة لتنفيذ اتفاق الوساطة.
إضافة إىل الشروط املوضوعية اليت مت عرضها ،فإن املشرع
اشرتط معها توفر مجلة من الشروط الشكلية نصت عليها إذا قام املشتكى منه بتنفيذ االلتزامات الواقعة عليه مبوجب
املادة 37مكرر و 37مكرر ،03وكذلك نص املادة 111من اتفاق الوساطة وخالل األجل احملدد لذلك ،ترتب على ذلك
قانون محاية الطفل .فباستقراء نص املادة 37مكرر جند أن انقضاء الدعوى العمومية عمال بأحكام املادة 63من قانون
الوساطة اجلنائية يتم إجراءها من قبل وكيل اجلمهورية ،إذ اإلجراءات اجلزائية حسب التعديل اجلديد ،وكذلك املادة
يتمتع وكيل اجلمهورية بسلطة املالئمة يف إجراء الوساطة 115من قانون محاية الطفل الذي تنص بأن تنفيذ حمضر
اجلنائية والذي يظهر من خالل كلمة "جيوز" ،ومنه فإن له الوساطة ينهي املتابعة اجلزائية .
مطلق احلرية يف مالئمة اللجوء للوساطة فال جيوز لألطراف يرتتب على عدم تنفيذ حمضر الوساطة يف اآلجال املتفق عليها
إجبار النيابة العامة على قبول الوساطة ،كماال جيوز طرح اختاذ وكيل اجلمهورية إجراءات املتابعة املناسبة ،ويعرض
املمتنع للمساءلة اجلزائية طبقا للمادة 147من قانون النزاع للوساطة دون موافقة وكيل اجلمهورية.
ص .)51العقوبات . السابق، املرجع عالوة، (هوام
أما املادة 111من قانون محاية الطفل فقد نصت على " ضرورة (األمر رقم 156-66مؤرخ يف 8جوان 1966املتضمن قانون
339
م .عرابة ،س .الـعايب | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 13العدد | ) 2021 ،01القسم(أ) العلوم اإلقتصادية و القانونية ،ص،ص341 - 331 :
العقوبات املعدل واملتمم ،جريدة رمسية عدد 48الصادر يف 10العدالة التصاحلية مسايرة للسياسة اجلنائية املعاصرة.
-2وجوب التوسع يف دائرة إعمال نظام الوساطة اجلنائية جوان .)1966
يف الوقت الذي اعرتف التشريع اجلزائري بهذه األنظمة ،ليشمل مرحلة ما بعد حتريك الدعوى العمومية.
استحدث املشرع الفرنسي نظام التسوية اجلنائية بالقانون تضارب املصاحل
رقم 515-99الصادر يف 23يونيو 1999بشأن تدعيم فعالية
* يعلن املؤلفون أنه ليس لديهم تضارب يف املصاحل.
اإلجراءات اجلنائية ،ثم عدله بالقانون رقم 204الصادر يف 9
مارس ، 2004يتيح من خالله لنائب اجلمهورية أن يقرتح على -5املصادر واملراجع
الشخص الطبيعي البالغ الذي يعرتف بإرتكابه واحدة أو أكثر النصوص القانونية
من اجلنح املعاقب عليها كعقوبة أصلية بعقوبة الغرامة أو
-إعالن فينا بشأن اجلرمية و العدالة ،صدر عن األمم املتحدة العاشر ملنع
بعقوبة احلبس الذي ال تزيد مدته على مخس سنوات وكذلك اجلرمية و معاملة اجملرمني منعقد يف فينا 17 /10ابريل 2000
عند اإلقتضاء واحدة أو أكثر من املخالفات املرتبطة بهذه
-القانون رقم ، 07-79املؤرخ يف 26شعبان عام 1399ه املوافق ل 21يوليو سنة
1979املتضمن قانون اجلمارك املعدل واملتمم مبوجب القانون رقم 10-98املؤرخ اجلنح (ليلى بعتاش ،املرجع السابق ،ص.)7
يف 22أوت 1998املعدل واملتمم بالقانون 04-17املؤرخ يف 16أفريل ،2017 .4خامتة
جريدة رمسية عدد 11الصادر يف 19فرباير .2017
ال يعترب نظام العدالة التصاحلية نظاما جديدا جاء ليمحو
-قانون اإلجراءات اجلزائية الصادر مبوجب القانون رقم 155/66املؤرخ يف
1966/03/04واملتمم باألمر رقم 12-15املؤرخ يف 28يوليو سنة ،2015 النظام العدالة اجلنائية التقليدية الذي كان سائدا ،بل يعترب
جريدة رمسية العدد ، 41الصادر يف 19يوليو .2015 وسيلة رضائية مكملة للعدالة التقليدية يف بعض اجلرائم ،
-األمر رقم ، 156-66املؤرخ يف 18صفر عام 1386ه املوافق ل 8جوان 1966 مل يأت صدفة بل برز نتيجة عدة عوامل واعتبارات ،يهدف إىل
املتضمن قانون العقوبات املعدل واملتمم ،جريدة رمسية عدد 48الصادر يف 10 توجيه السياسة العقابية من طابعها الردعي إىل تسوية النزاع
جوان 1966 القائم بني أطراف الدعوى العمومية بإنهاء الدعوى العمومية
-القانون رقم ،11 /90املؤرخ يف 21افريل 1990املتعلق بعالقات العمل ،معدل بطرق رضائية بسلك طريق اإلصالح ،وبالتالي اخلروج قليال
ومتمم بالقانون ، 29-91جريدة رمسية عدد 68لسنة .)1991 عن املسالك املعتادة لتوقيع اجلزاء اجلنائي .
-األمر رقم ،22/96املؤرخ يف 23صفر 1417املوافق ل 09يوليو 1996املتعلق من خالل ما ّ
مت حتليله باقتضاب يف هذه الدراسة توصلنا إىل
مبخالفة التشريع اخلاصني بالصرف وحركة رؤوس األموال من وإىل اخلارج
املعدل واملتمم باألمر رقم 01-03املؤرخ يف 18ذي احلجة عام 1423ه املوافق ل أهم النتائج التالية :
19فرباير ، 2003اجلريدة الرمسية عدد 12الصادر يف 23فرباير . 2003 -1أمام عجز احملاكم من احتواء مشكل التضخم اليت تعانيه
-األمر 03-10املؤرخ يف 26أوت 2010املتعلق بقمع خمالفة التشریع والتنظیم ،كان من الضروري استحداث أنظمة جديدة ملسايرة تطور
اخلاصنی بالصرف وحركة رؤوس األموال من وإىل اخلارج ،اجلریدة الرمسیة اجلرمية و كثرتها ،تهدف هذه األخرية إىل إنهاء اخلصومة
الصادرة يف 01سبتمرب ، 2010عدد .50
اجلزائية دون التوجه للقضاء .
-القانون رقم ، 12-15املؤرخ يف 28رمضان عام 1436ه املوافق ل 15يوليو سنة
، 1979املتعلق حبماية الطفل ،اجلريدة الرمسية عدد 93الصادر يف 19يوليو -2أصبح نظام العدالة التصاحلية من أهم وسائل مواجهة
. 2015 أزمة العدالة اجلنائية ،ملا له من دور فعال يف إنهاء الدعاوى
-القانون املصري 174لسنه 1998اجلريدة الرمسية ،العدد 51مكرر فى العمومية مع اإلحتفاظ خبيار اللجوء للقضاء اذا تعذر اإلتفاق.
،1998/12/20قانون اإلجراءات اجلنائية طبقا ألحدث التعديالت بالقانون 95
لسنة . )2003
-3العدالة التصاحلية أعطت للمجين عليه الدور األكرب يف
الدعوى اجلنائية بعد أن كان األصل هو اإلهتمام باملتهم،
فئة الكتب
حيث أصبح هو األساس يف اإلجراءات اجلزائية يف ضوء
االجتاهات املعاصرة للسياسة اجلنائية القائمة على التصاحل -أحسن بوسقيعة( ، )2001املصاحلة يف املواد اجلزائية بشكل عام و يف املادة
اجلمركية بوجه خاص ،الطبعة األوىل ،الديوان الوطين لألشغال الرتبوية ،
اجلزائر .
و الرضائية.
-أمحد حممد براك ( ، )2017العقوبة الرضائية يف الشريعة اإلسالمية و -4ألساس الذي تقوم عليه العدالة الصاحلية هو الرضا بني
األنظمة اجلنائية املعاصرة ،دراسة مقارنة ،الدار العلمية الدولية للنشر أطراف الدعوى العمومية يف وضع حد هلا يف بعض اجلرائم
والتوزيع دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن. املرتكبة بينهم.
-أمحد فتحي سرور ( ،)1982أصول السياسة اجلنائية ،دار النهضة العربية ،
مصر.
إنطالقا مما مت تسجيله من نتائج نقرتح أهم التوصيات اليت قد
تسهم يف تفعيل العدالة التصاحلية واليت ميكن حصرها يف :
-أشرف رمضان عبد احلميد ( ،) 2004الوساطة اجلنائية ودورها يف إنهاء الدعوى
العمومية ،دراسة مقارنة ،الطبعة األوىل ،دار النهضة العربية ،مصر. -1التقليص من فرض العقوبات السالبة للحرية قصرية
-عبد الرمحان خلفي ( ،)2015قانون اإلجراءات اجلزائية يف التشريع اجلزائري املدة ،ملا ختلفه هذه األخرية من خملفات ،واالعتماد على نظام
340
م .عرابة ،س .الـعايب | األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ، 13العدد | ) 2021 ،01القسم(أ) العلوم اإلقتصادية و القانونية ،ص،ص341 - 331 :
واملقارن ،دار بلقيس للنشر ،اجلزائر.
كيفية اإلستشهاد بهذا املقال حسب أسلوب : APA -إسحاق إبراهيم منصور ( ،)2009علم اإلجرام وعلم العقاب ،الطبعة الرابعة ،
ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر .
-علي مشالل( ، )2016املستحدث يف قانون اإلجراءات اجلزائية ،الكتاب األول ،املؤلف منال عرابة ،سامية العايب ،)2021( ،دور العدالة اجلنائية
التصاحلية يف احلد من أزمة العدالة اجلنائية ،جملة األكادميية االستدالل واالتهام ،دار هومة ،اجلزائر .
-عمر سامل ( ، )2008مالمح جديد لنظام وقف التنفيذ يف القانون اجلنائي ،دار للدراسات االجتماعية واإلنسانية ،اجمللد ،13العدد ،01جامعة
حسيبة بن بوعلي بالشلف ،اجلزائر ،الصفحات.ص ص341-331 : النهضة العربية ،مصر.
-منصور رمحاني ( ، )2006علم اإلجرام والسياسة اجلنائية ،دار العلوم للنشر
،اجلزائر.
فئة الرسائل اجلامعية
-داود زمورة (" ،)2017الصلح كبديل للدعوى العمومية يف التشريع اجلزائري"
،أطروحة دكتوراه ،كلية احلقوق ،جامعة باتنة ، 1اجلزائر .
-رضا السعيد معيزة (" ،)2016ترشيد السياسة اجلنائية يف اجلزائر" ،أطروحة
دكتوراه ،كلية احلقوق ،جامعة اجلزائر ،01اجلزائر.
-عبد اللطيف يوسري ( ،)2017العقوبة الرضائية وأثرها يف ترشيد السياسة
العقابية ،رسالة دكتوراه ،كلية احلقوق ،جامعة باتنة ،1اجلزائر.
-مراد بلهومي (" ،)2018بدائل إجراءات الدعوى العمومية" ،رسالة دكتوراه ،
كلية احلقوق ،جامعة باتنة --1احلاج خلضر ،اجلزائر.
-هوام عالوة ( "،)2012الوساطة بديل حلل النزاع وتطبيقاتها يف الفقه اإلسالمي
وقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية" ،أطروحة دكتوراه ،كلية العلوم اإلنسانية
واالجتماعية ،جامعة باتنة 1-احلاج خلضر ،اجلزائر .
فئة املقاالت
-أمل فاضل عبد حشان عنور(" ، )2016العدالة اجلنائية التصاحلية" ،دراسة
مقارنة ،اجمللة االكادمية للبحث القانوني ،جملد ،13جانفي ،2016اجلزائر.
-بلقاسم سويقات (" ،)2018العدالة التصاحلية بني املعارضة و التأييد" ،دفاتر
السياسة و القانون ،عدد ، 19جوان ، 2018اجلزائر.
-علي بن صاحل (" ،)2018أزمة السياسة اجلنائية والوساطة اجلنائية " ،اجمللة
اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية ،العدد اخلامس ،جوان ، 2018اجلزائر.
-ليلى بعتاش ( "،)2014العدالة اجلنائية التصاحلية" ،جملة دفاتر للقانون ،
عدد ، 19ديسمرب ، 2014اجلزائر .
-حمادي الطاهر(" ،)2015إجراءات املتابعة واملصاحلة يف جرائم الصرف يف
التشريع اجلزائري" ،جملة املفكر ،جامعة حممد خيضر بسكرة ،اجمللد ، 10
العدد 12لسنة ، 2015اجلزائر .
341