You are on page 1of 23

Tikrit University Journal For Rights Year (6) Vol (6) NO (3) Part (1) (2022) 138-160

831 ISSN: 2519 – 6138 (Print)


E-ISSN: 2663 – 8983(On Line)

)Legislative Inflation in penal Legislation(


Consequences,Effects and lmplications for Deterrence
and Reform The Iraq Penal code as a model
-A Critical Analysis Study-
Dr. Moamar Khalid Abdulhmeed
College of Rights, Tikrit University, Salahaddin, Iraq
dr.moamaralkhalid@tu.edu.iq
A r t i c l e i n f o. Abstract: Legislative stability is one of the most important guarantees that are
indispensable in achieving legal security, which all countries of the world, without
Article history: exception, seek to achieve. That this does not necessarily mean the success of
- Received 21 Nov 2021 these endeavors, because achieving this endeavor is not a matter, as the legislator
- Accepted 14 Dec 2021 often faces during the performance of this task a lot of difficulties and obstacles,
- Available online 1 Mar 2022 which come on top of which is that the legislator does not go beyond being a
human being who mistakes one time, and right in another's .and Then the
permanent need to keep pace with the development of society and the world in an
Keywords: effort to give justice the feature of discipline, which pushes legislator to amend and
supplement legislation the law, considering This issue as one of the most important
- Legislative inflation.
tools used by the legislator to adjust the impact of the legislation with the reality
- Legislative vacuum. and circumstances of society when the legislator fails to accomplish this task. we
- Incrimination. have the result of the phenomenon of legislative inflation that afflicts most of the
countries of the contemporary world. Penal legislation, as a legislation, is not
- Punishment. exempt from falling victim to the clawing amendments and supplements despite the
- Deterrence. specificity that is unique to all other legislation, because it is a law that is strictly
- Fix. subject to the principle of legality of crimes and penalties or The text of crimes and
penalties, the Penal code, amended by the Iraqi Penal Code in force No. 111 of
1969 is therefore a shield protects sovereignty and legal security of the state, so as
not to deprive it of its legitimacy on the one hand, and to protects the rights and
freedoms of individuals from being violated On the other hand, and to protect the
rights and freedoms of individuals from being violated, on the other hand , the
amended Iraqi Penal Code in force, which was enacted to achieve the desire
legislator’s desire to keep pace with development and adapt of circumstances and
reality of societyis designed to embody the principle of uniformity of rulings and
terms .it has not been exempt from intensive amendments, which than twice the
size the legislation.
The legislature has focused on criminalizing acts and imposing penalties and
amending them accordingly, ignoring the reality of the regulations.
Punitive law and its institutions that need to be reviewed, ignoring contemporary
criminal policies that have tended to find alternative means and solutions to the
reduction of criminality and punishment.

© 2022 TUJR, College of Right, Tikrit University


‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪931‬‬

‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬معمر خالد عبدالحميد‬


‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة تكريت‪ ،‬صالح الدين‪ ،‬العراق‬
‫‪dr.moamaralkhalid@tu.edu.iq‬‬

‫الخالصة‪ :‬يعد االستقرار التشريعي من اهم الضمانات التي ال غنى عنها في تحقيق االمن القانوني‪,‬‬ ‫معلومات البحث ‪:‬‬
‫والذي تسعى جميع دول العالم بال استثناء الى تحقيقه‪ ,‬اال ان ذلك ال يعني بالضرورة نجاح تلك‬ ‫تواريخ البحث‪:‬‬
‫المساعي‪ ,‬ذلك ان تحقيق هذا المسعى ليس باالمر ِّ‬
‫الهين‪ ,‬اذ غالبا ما تواجه المشرع اثناء ادائه لهذه‬ ‫االستالم ‪ / 11 :‬تشرين الثاني ‪1211 /‬‬ ‫‪-‬‬
‫المهمة الكثير من المصاعب والمعوقات‪ ,‬والتي يأتي على رأسها ان المشرع ال يخرج عن كونه انسان ًا‬ ‫‪ -‬القبول ‪ / 11 :‬كانون االول ‪1211 /‬‬
‫‪ -‬النشر المباشر ‪ /1 :‬آذار ‪1211/‬‬
‫يخطأ تارة‪ ,‬ويصيب في أخرى‪ ,‬ثم تأتي الحاجة الدائمة لمجاراة تطور المجتمع والعالم سعياً العطاء‬
‫العدالة سمة االنضباط‪ ,‬مما يدفع المشرع الى التعديل والتكميل في التشريعات القانونية بأعتبار هذه‬
‫الكلمات المفتاحية ‪:‬‬
‫المسألة من اهم االدوات التي يستعين بها المشرع لضبط وقع التشريع مع واقع المجتمع وظروفه‪,‬‬
‫‪ -‬التضخم التشريعي‪.‬‬
‫وعندما ُيخفق المشرع في هذه المهمة تنتج لدينا بالمحصلة ظاهرة التضخم التشريعي‪ ,‬والتي تعاني‬
‫‪ -‬الفراغ التشريعي‪.‬‬
‫منها اغلب دول العالم المعاصر‪ ,‬التشريع العقابي بإعتباره تشريعاً قانونياً‪ ,‬فلم يسلم هو اآلخر من‬ ‫‪ -‬التجريم‪.‬‬
‫الوقوع فريس ًة تتناوشها مخالب هذه التعديالت والتكميالت على الرغم من الخصوصية التي ينفرد بها‬ ‫‪ -‬العقاب‪.‬‬

‫عن سائر التشريعات االخرى‪ ,‬ذلك انه قانون خاضع وبشكل مطلق لمبدأ قانونية الجرائم والعقوبات أو‬ ‫‪ -‬الردع‪.‬‬
‫‪ -‬اإلصالح‪.‬‬
‫نصيَّة الجرائم والعقوبات‪ ,‬التي نص عليها قانون العقوبات العراقي المعدل النافذ رقم ‪ 111‬لسنة‬
‫‪ 1191‬في المادة (‪ )1‬منه‪ ,‬ولذلك يعد التشريع العقابي‪ ,‬الدرع الذي يحمي سيادة الدولة وامنها‬
‫القانوني‪ ,‬كي ال تُسلب من السلطة مشروعيتها من جهة‪ ,‬ويحمي حقوق االفراد وحرياتهم من االنتهاك‬
‫من جهة اخرى‪ ,‬قانون العقوبات العراقي المعدل النافذ‪ ,‬الذي ُس َّن لتحقيق رغبة المشرع في مواكبة‬
‫التطور ومالئمته مع ظروف المجتمع وواقعه‪ ,‬لتجسيد مبدأ توحيد االحكام والمصطلحات‪ ,‬لم يسلم من‬
‫المكثفة‪ ,‬التي فاق حجمها اكثر من ضعفي حجم التشريع االصلي‪,‬‬
‫الوقوع في هاوية التعديالت ُ‬
‫مضافا اليها التكميالت التي لحقته من قوانين عقابية خاصة‪ ,‬والتي انعكست سلب ًا على االغراض‬
‫المتوخاة من تشريعه‪ ,,‬موقعة إياه في ِّشباك ظاهرة التضخم التشريعي‪ ,‬والتي تعاني منها اليوم اغلب‬
‫التشريعات في العالم‪ ,‬حيثُ ُعدَّل هذا القانون اكثر من (‪ )11‬مرة‪ ,‬ولحقته عشرات التكميالت من‬
‫القوانين الخاصة‪ ,‬فنتج عنه اثر وانعكاس على المرامي واالغراض الي يرنو المشرع لتحقيقها‪ ,‬وعلى‬
‫رأسها خاصيتي الردع واالصالح ‪.‬‬
‫فقد انصب توجه المشرع على تجريم االفعال وفرض العقوبات وتعديلها بناءًا على ذلك‪ ,‬متناسياً‬
‫واقع االنظمة العقابية ومؤسساتها التي تحتاج العادة النظر فيها‪ ,‬ومتجاهال السياسات الجنائية‬
‫المعاصرة التي ذهبت بأتجاه ايجاد وسائل وحلول بديلة من اهمها وسيلة الحد من التجريم والعقاب ‪.‬‬
‫© ‪ ,2222‬كلية الحقوق‪ ,‬جامعة تكريت‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪941‬‬

‫املقدمة ‪:‬‬
‫وعظيم سلطانه‪ ,‬ثم الصالة والسالم على من‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وجهه‪,‬‬ ‫ِّ‬
‫لجالل‬ ‫الحمد هلل‪ ,‬حمدًا كثي ًار‪ ,‬كما ينبغي‬
‫ِّ‬
‫بهديه معالم الطريق‪ ,‬لمكارم‬ ‫ستدل‬ ‫ِّ‬
‫أمرهُ ربه بالقراءة‪ ,‬فق أر‪ ,‬فكان نو ًار ُيهتدى به من ظالم الجهل‪ ,‬وقبسًا ُت ُ‬
‫العلم‪ ,‬إجتهاداً ومثابرًة‪ ,‬لتزدهر الحياة‪ ,‬وتستمر‪ ,‬كما ارَاد لها ِّ‬
‫بارئها‪,‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الحسنة‪ ,‬وطلب‬ ‫االخالق‪ ,‬والتر ِّ‬
‫بية‬
‫يوم الدين‪ ,‬وبعد ‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بإحسان الى ِّ‬ ‫تبعه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫فكان حقًا ويقينًا رحم ًة للعالمين‪ ,‬وعلى آله وصحبه‪ ,‬ومن ُ‬
‫البقرة ‪871‬‬ ‫قال تعالى ‪ :‬ولكم في القصاص حياة يا اولي االلباب لعلكم تتقون‬

‫التضخم التشريعي‪ ,‬ظاهرة تعاني منها في عصرنا الراهن الكثير من التشريعات‪ ,‬ونقصد بهذه‬
‫الظاهرة‪ ,‬تنامي حجم القواعد القانونية بالشكل الذي يعطي انطباعًا بخروج هذه القواعد عن زمام تحكم‬
‫المختصين‪ ,‬وقد تطاولت مخالب هذه الظاهرة حتى تناوشت جسد التشريع العقابي‪ ,‬الذي لم يسلم هو‬
‫اآلخر من الوقوع فيها السباب متعددة‪ ,‬لذا انصب موضوع بحثنا على التشريع العقابي العراقي‪ ,‬الذي‬
‫يتربع على رأس هرمه قانون العقوبات العراقي رقم ‪ 111‬لسنة ‪ 1191‬المعدل النافذ‪ ,‬بسبب تعرضه‬
‫للكثير من التعديالت‪ ,‬التي بلغت من الكثرة مبلغاً يمكننا اعتباره مؤش اًر على مدى ايغال هذه الظاهرة فيه‬
‫على الرغم من خصوصيته‪ ,‬الن التشريع العقابي‪ ,‬تشريع تنبثق اهميته من تعلقه بسيادة الدولة وامنها‬
‫القانوني‪ ,‬وحقوق االفراد وحرياتهم ‪.‬‬
‫اسباب اختيار الموضوع‬
‫تعددت االسباب التي دعتنا لتناول هذا الموضوع بالبحث‪ ,‬والتي كان اهمها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬تعرض قانون العقوبات العراقي المعدل النافذ لتعديالت تجاوز مجموعها الواحد وثالثون تعديال‪ ,‬حيث‬
‫تفاقم حجم هذه التعديالت الى ضعفي حجم التشريع االصلي ‪.‬‬
‫‪ .1‬سن الكثير من التشريعات الخاصة المكملة لقانون العقوبات‪ ,‬والتي تدخل في دائرة التشريع العقابي ومن‬
‫امثلتها قانون مكافحة االرهاب رقم ‪ 11‬لسنة ‪ ,1222‬وقانون حظر البعث والكيانات واالحزاب واالنشطة‬
‫العنصرية واالرهابية والتكفيرية رقم ‪ 11‬لسنة ‪ ,1219‬وغيرها من القوانين ‪.‬‬
‫وغير ذلك من االسباب التي تدعونا للتساؤل عن‪ ,‬مدى امكانية وقوع التشريع العقابي في متناول‬
‫ظاهرة التضخم التشريعي‪ ,‬لخطورة آثار هذه الظاهرة وانعكساتها الخطيرة على االغراض والمرامي التي‬
‫توخى المشرع تحقيقها عند َّ‬
‫سنه لقانون العقوبات والتشريعات الخاصة المكملة له‪ ,‬وخصوصا تلك‬
‫المتعلقة بخاصيتي الردع واالصالح‪ ,‬بأعتبارها اهم ما يميز التشريع العقابي عن غيره من التشريعات ‪.‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪949‬‬

‫اهمية البحث‬
‫تستمد اهمية البحث روحها من الخصوصية التي يتمتع بها التشريع العقابي‪ ,‬واالغراض والمرامي التي‬
‫يستهدف تحقيقها‪ ,‬ذلك ان التشريع العقابي يعد درعا واقيا لحماية المجتمع وحقوق االفراد وحرياتهم من‬
‫تصور ان ينقلب التشريع العقابي جالداً ينتهك بنفسه هذه الحقوق والحريات من جهة‪,‬‬
‫االنتهاك‪ ,‬فال ُي َّ‬
‫والعتباره سالحًا فتاكًا دائما ما تشهره الدولة بوجه كل فعل من شأنه المساس بسيادتها‪ ,‬وبالتالي َّ‬
‫فأن اي‬
‫اعراض مرضية تظهر على جسد هذا التشريع العظيم االهمية‪ ,‬يجعل من الضروري التصدي لها‬
‫بالعالج السريع العاجل من جهة‪ ,‬والنافع الناجع من جهة اخرى‪ ,‬كي ال ُت َّ‬
‫فرغ االغراض والمرامي من‬
‫ال يهدد كيان الدولة والمجتمع ‪.‬‬
‫معانيها‪ ,‬فينقلب التشريع العقابي وبا ً‬
‫اشكالية البحث‬
‫يصوب البحث بندقية االفتراض والتساؤل عن مدى تأثير التعديالت التي لحقت التشريع العقابي على‬
‫ُّ‬
‫االغراض والمرامي التي يهدف التشريع تحقيقها وعلى رأسها الردع واالصالح ؟‬
‫وهل ساهمت هذه التعديالت المتكررة في احداث تأثير ايجابي على التشريع‪ ,‬ام العكس ؟‬
‫ثم محاولة معرفة الحجم الحقيقي لمشكلة التضخم التشريعي في حال وجودها‪ ,‬إلعطاء تصور قانوني‬
‫يمكن من خالله ايجاد حلول لها ما وفقنا هللا الى ذلك ‪.‬‬
‫منهجية البحث‬
‫اعتمد البحث على المنهج التحليلي الوصفي من خالل استعراض عينة من التشريعات الخاصة‬
‫المكملة التي لحقت التشريع العقابي بالمجمل‪ ,‬وعينة من التعديالت التي لحقت القواعد القانونية لقانون‬
‫العقوبات العراقي رقم ‪ 111‬لسنة ‪ 1191‬المعدل النافذ‪ ,‬ذلك ان المشرع غالبا ما كان يبرر اجراء‬
‫التعديالت بضرورة اعادة صياغته القانونية لتحقيق اغراض التشريع العقابي المتعلقة خصوصا بخاصيتي‬
‫الردع واالصالح ‪.‬‬
‫هيكلية البحث‬
‫لتحقيق االحاطة بموضوع البحث‪ ,‬فقد ارتأينا تقسيمه وفقا للهيكلية اآلتية ‪:‬‬
‫المبحث االول ‪ :‬ماهية التضخم التشريعي‬
‫المطلب االول ‪ :‬التعريف بالتضخم التشريعي لغة واصطالحًا‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التمييز بين التضخم التشريعي والمفاهيم المشابهة‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬اسباب التضخم التشريعي‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪941‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬عواقب وآثار وإنعكاسات التضخم في التشريع العقابي على خاصيتي الردع واالصالح‬
‫المطلب االول ‪ :‬مفهوم الردع واالصالح‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬عواقب وآثار وانعكاسات التضخم على الردع واالصالح‬
‫الخاتمة ( النتائج والمقترحات )‬
‫قائمة المصادر‬

‫المبحث االول‬
‫هية التضخم التشريعي‬
‫ما َّ‬
‫يع قانوني بشكل عام‪ ,‬ينبغي علينا اوال ان نوضح المعنى‬ ‫ماهية التضخم التشريعي في ِّ‬
‫اي تشر ٍ‬ ‫لبيان َّ‬
‫نصف من خالله حالة معينة‬
‫ُ‬ ‫كمصطلح‬
‫ٍ‬ ‫اللغوي لمفردة التضخم‪ ,‬لمعرفة مدى انطباقها عند ايرادها‬
‫يف اصطالحي له‪ ,‬ينطوي على بيان خصائص التضخم‬ ‫تصيب التشريع‪ ,‬كي يتسنى لنا ايراد تعر ٍ‬

‫وسماته‪ ,‬ليمكننا في المحصلة‪ ,‬تشخيص وجوده من عدمه في اي تشريع‪ ,‬وعلى وجه الخصوص‪,‬‬
‫التشريع العقابي‪ ,‬بصفته محل بحث هذه الدراسة‪ ,‬وبناءًا على ما تقدم‪ ,‬سنخصص لكل مسألة‪ ,‬مطلبا‬
‫مستقال ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ /‬التعريف بالتضخم التشريعي لغة واصطالحا‬
‫للتعريف بالتضخم التشريعي سنقسم هذا المطلب على فرعين‪ ,‬نبين في االول التعريف اللغوي للتضخم‪,‬‬
‫ونعرج في الثاني على التعريف االصطالحي للتضخم التشريعي‬
‫َّ‬
‫الفرع االول ‪ /‬التضخم لغة‬
‫غلظ ُة‪ ,‬واليمين الم َّ‬
‫غلظة(‪ ,)1‬بمعنى اليمين‬ ‫الدي ُة الم َّ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ِّ‬
‫ُ ُ‬ ‫ظ من كل شئ ‪ ,‬ومنه َّ ُ‬
‫ُيقال ‪ :‬الضخم‪ ,‬الغلي ُ‬
‫(القرَهب) على الثور‬
‫المشددة‪ ,‬اي‪ ,‬الشديدة الوقع على من ينطقها فيما اذا خالف‪ ,‬كما تطلق العرب اسم َ‬
‫ُ‬
‫(البرشع) على الرجل‬
‫ُ‬ ‫سن الكبير الضخم(‪ ,)1‬وتطلق اسم (البرشاع) على الرجل المنتفخ الجوف‪ ,‬و‬‫الم ِّ‬
‫ُ‬
‫(البِّت ِّع) على الغليظ الكثير اللحم من الرجال(‪,)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫االهوج الطويل الضخم الجافي المنتفخ ‪ ,‬وتطلق اسم َ‬
‫وتسمي غليظ الشفتين (باألبلم)(‪)9‬والشفة الضخمة (براطم)(‪ ,)1‬لذا فأن مدار معنى لفظ التضخم في اللغة‪,‬‬
‫الشدة والكثرة‪ِّ ,‬‬
‫وكبر الحجم ‪.‬‬ ‫يفيد الغلظة و َّ‬

‫(‪ )1‬دمحم بن ابي بكر الرازي ‪ :‬مختار الصحاح ‪ ,‬دار الرضوان ‪ ,‬حلب ‪ ,‬سوريا ‪ , 2222 ,‬ص‪. 222‬‬
‫(‪ )2‬المصدر ذاته ‪ :‬ص‪. 331‬‬
‫(‪ )3‬الفيروز آبادي ‪ :‬القاموس المحيط ‪ ,‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر ‪,‬بيروت ‪ ,‬لبنان ‪ ,‬ط‪ ,2222 , 8‬ج‪ ,1‬ص‪.121‬‬
‫(‪ )1‬ابن منظور ‪ :‬لسان العرب ‪ ,‬دار المعارف ‪ ,‬القاهرة ‪ ,‬مصر ‪ ,‬ج‪,1‬ص‪. 222‬‬
‫(‪ )2‬المصدر ذاته ‪ :‬ص‪. 222‬‬
‫(‪ )2‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة ‪ :‬المعجم الوسيط ‪ ,‬دار الدعوة ‪ ,‬ج‪ , 1‬ص‪.22‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪943‬‬

‫الفرع الثاني ‪/‬التضخم اصطالحا‬


‫مصطلح التضخم من المصطلحات التي غالبا ما تقترن باالقتصاد‪ ,‬فيما تعارف عليه فقه االقتصاد‬
‫بـ (التضخم االقتصادي )‪ ,‬والذي هو نقيض االنكماش االقتصادي‪ ,‬وهو ايضًا‪ ,‬من المصطلحات التي‬
‫تقترن بالطب‪ ,‬فيما توصف فيه الحالة المرضية‪ ,‬لالعضاء البشرية عند التشخيص الطبي‪ ,‬فيقال ‪:‬‬
‫تضخم الكبد‪ ,‬الذي معناه تنامي حجمه بشكل كبير خارج عن المألوف نتيجة المرض ‪.‬‬
‫والمالحظ ان ربط مصطلح التضخم بالتشريع‪ ,‬يقصد به تنامي حجم التشريع بالشكل الذي يخرجه‬
‫عن المألوف‪ ,‬بما يضيع الهدف المنشود والغاية المبتغاة من ِّ‬
‫سنه‪ ,‬وهذا المعنى َّبينه الفقيه الفرنسي‬
‫(سافاتييه) قائال‪" :‬تتجلى الظاهرة التضخمية سواء من خالل ازدياد عدد القوانين الصادرة في كل سنة‪ ,‬ام‬
‫من خالل تكدس النصوص مع مرور الزمن‪ ,‬وتطويل القوانين التي تشرد في اغلب االحيان خارج‬
‫ميدانها‪ ,‬او تتيه في الثرثرة‪ ,‬وهي تسهم في جعل القانون صعب المنال الى ٍ‬
‫حد ما‪ ,‬وغير مستقر"(‪.)1‬‬
‫نفهم من هذا‪ ,‬ان المراد بالتضخم التشريعي ‪ :‬هو االكثار من النصوص القانونية التي تنظم مسألة‬
‫معينة اما بالتعديل في صياغة النصوص‪ ,‬او االضافة اليها‪ ,‬او بتكميلها بأصدارات قانونية جديدة‪ ,‬الي‬
‫ٍ‬
‫بشكل غير مرغوب فيه ويوحي بعدم قدرة‬ ‫سبب من االسباب بالشكل الذي يؤدي الى زيادة حجم التشريع‬
‫المختصين على التحكم به‪ ,‬سواء كان في تشريع واحد‪ ,‬ام في مجمل التشريعات ‪.‬‬
‫تجعله مختلفا عن غيره من التشريعات االخرى‪ ,‬الرتباطه بشكل وثيق‬
‫ُ‬ ‫وللتشريع العقابي خصوصية‬
‫بسيادة الدولة من جهة‪ ,‬ولتضمنه نصوصا تمس حريات االفراد وحقوقهم من جهة اخرى‪ ,‬اضافة الى ان‬
‫(‪)1‬‬
‫والتي‬ ‫التشريع العقابي‪ ,‬يرتكز على دعامتين اساسيتين‪ ,‬ونقصد بها نصية الجرائم‪ ,‬ونصية العقوبات‬
‫قيدت القائمين على تنفيذه‪ ,‬بتنفيذه وفقا للصور الجرمية والعقابية التي نص عليها‪ ,‬وكل ذلك بغية تحقيق‬
‫غايتين اساسيتين هما ‪ :‬الردع واالصالح‪ ,‬للحفاظ على النظام العام وحمايته‪ ,‬بغية تحقيق االستقرار‬
‫واالمن السيادي والمجتمعي واالقتصادي في آن واحد ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المصدر ذاته ‪ :‬ص‪. 22‬‬
‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬عبد الكريم صالح عبد الكريم ‪ ,‬د‪ .‬عبد هللا فاضل حامد ‪ :‬تضخم القواعد القانونية التشـريعية ‪ ,‬مجلـة جامعـة تكريـت‬
‫للعلوم القانونية ‪ ,‬ع ‪ , 1211 , 11‬ص‪. 171‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وقد تضمن قانون العقوبات العراقي رقـم ‪ 111‬لسـنة ‪ 1191‬المعـدل النافـذ هـذا المبـدأ فـنص فـي المـادة رقـم (‪ )1‬علـى ‪:‬‬
‫(ال عقاب علـى فعـل او امتنـاع اال بنـاءا علـى قـانون يـنص علـى تجريمـه وقـت اقت ارفـه ‪ ,‬وال يجـوز توقيـع عقوبـات او‬
‫تدابير احت ارزية لم ينص عليها القانون ) ‪.‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪944‬‬

‫تطبيق عملي ‪:‬‬


‫من خالل تحليلنا لما ورد في نص المادة ‪ 111‬من قانون العقوبات المعدل النافذ(‪ ,)1‬ومقارنتها بما‬
‫(‪)1‬‬
‫وفقًا للمعيار الذي اوردته المادة ‪ 12‬من نفس القانون‪ ,‬حين عرفت الركن‬ ‫جاء في نص المادة ‪111‬‬
‫المادي للجريمة بقولها ‪ ( :‬الركن المادي هو سلوك اجرامي بارتكاب فعل جرمه القانون او االمتناع عن‬
‫فعل امر به القانون )‪ ,‬سنجد ان المادة ‪ 111‬قد اوردت الشق االيجابي من السلوك‪ ,‬فيما اوردت المادة‬
‫‪ 111‬الشق السلبي من السلوك‪ ,‬والذي نقصد به االمتناع‪ ,‬فأصبحت المادتين (‪ 111‬و ‪ ) 111‬وجهان‬
‫غ صياغة سليمة في مادة واحدة‪ ,‬اذ‬
‫لعملة واحدة‪ ,‬وتكرار لنفس الغرض‪ ,‬والذي كان االجدر فيه ان يصا َ‬
‫ان تكرار الصور الجرمية على هذا النسق يجعل من التوصيف او التكييف القانوني الذي تقوم به محاكم‬
‫التحقيق او محاكم الموضوع‪ ,‬ام ًار معقدا‪ ,‬يجعل القضاء فريسة سهلة الوقوع في فخ الخطأ وبالتالي‬
‫حصول التأخير في حسم القضايا‪ ,‬وانتهاك لقدسية العدالة واخالال بسيرها على نهج قويم‪ ,‬وانتهاكا‬
‫لحقوق االفراد وحرياتهم‪ ,‬وغيرها من النتائج الوخيمة االخرى ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ /‬التمييز بين التضخم التشريعي والمفاهيم المشابهة‬
‫خلصنا الى ان التضخم التشريعي كمفهوم‪ ,‬هو وجود كم كبير من القوانين المتشابهة التي ال تتفق‬
‫في صياغتها القانونية‪ ,‬والتي ينتج عنها اختالف المحاكم في تفسيرها للقضايا المتشابهة(‪.)1‬‬
‫وتعاني دول كثيرة من قضية التضخم التشريعي‪ ,‬كمصر وفرنسا‪ ,‬اما في العراق‪ ,‬فال توجد‬
‫احصائيات دقيقة عن التشريعات العراقية النافذة‪ ,‬اال ان برنامج االمم المتحدة االنمائي (‪ )UNDP‬انشأ‬
‫قاعدة اكترونية جمع فيها التشريعات العراقية في العام ‪ ,1221‬والذي نشر في العام ‪ 1222‬ما يقارب‬

‫(‪)1‬‬
‫نصــت المــادة ‪ 111‬مــن قــانون العقوبــات الع ارقــي رقــم ‪ 111‬لســنة ‪ 1191‬المعــدل النافــذ علــى ‪( :‬يعاقــب باالعــدام او‬
‫السجن المؤبد كل من تولى لغرض اجرامي قيادة ق سم من القوات المسلحة او نقطة عسكرية او ميناء او مدينة بغيـر‬
‫تكليف من الحكومة ‪ .‬ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من استمر في قيادة عسكرية ايا كانت خالفا لالمر الصادر له من‬
‫الحكومــة وكــذلك كــل رئــيس قــوة اســتبقى جنــده تحــت الســالح او محتشــدين بعــد صــدور امــر الحكومــة بتس ـريحهم او‬
‫تفريقهم )‬
‫(‪)1‬‬
‫نصت المادة ‪ 111‬من قانون العقوبات الع ارقـي رقـم ‪ 111‬لسـنة ‪ 1191‬المعـدل النافـذ علـى ‪ ( :‬يعاقـب بالسـجن المؤبـد‬
‫او المؤقــت كــل شــخص لــه حــق االمــر فــي اف ـراد الق ـوات المســلحة طلــب الــيهم او كلفهــم العمــل علــى تعطيــل اوامــر‬
‫الحكومة اذا كان ذلك لغرض اجرامي فاذا ترتـب علـى ذلـك تعطيـل تنفيـذ اوامـر الحكومـة عوقـب باالعـدام او بالسـجن‬
‫المؤبد وعوقب من هو دونه من رؤساء الجند او قوادهم الذين اطاعوه بالسجن المؤبد او المؤقت )‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المستشـ ـ ـ ــار ممـ ـ ـ ــدوح حسـ ـ ـ ــين ‪ :‬ازمـ ـ ـ ــة الق ـ ـ ـ ـوانين المصـ ـ ـ ـ ـرية وسـ ـ ـ ــبل مواجهتهـ ـ ـ ــا ‪ ,‬موقـ ـ ـ ــع اخبـ ـ ـ ــار مصـ ـ ـ ــر ب ـ ـ ـ ــالرابط ‪:‬‬
‫‪ , www.egynews.net‬تأريخ الزيارة ‪. 1211/7/1‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪941‬‬

‫(‪ )17211‬تشريعا متنوعا ما بين قانون ونظام وتعليمات‪ ,‬وهذا مؤشر واضح ينبئنا بمقدار شراهة السلطة‬
‫التشريعية في اصدار القوانين(‪.)1‬‬
‫اما الفراغ التشريعي‪ ,‬فقد ذهب جانب من الفقه القانوني الى تعريفه بأنه ‪ " :‬حصول فراغ في القانون‬
‫عندما ُيفتقد الحكم التشريعي‪ ,‬بحيث ان النظام القانوني بمجموعه من النظم القانونية الفوقية واالفكار‬
‫القانونية المستمدة من طبيعة االمور تقتضي وجود هذا الحكم التشريعي "(‪ ,)1‬وبعبارة ابسط‪ ,‬هو افتقاد‬
‫القانون لحكم تشريعي يقتضي المنطق وجود قاعدة قانونية تنظمه ‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق‪ ,‬يبدو الفرق واضحا في ان التضخم التشريعي والفراغ التشريعي على طرفي‬ ‫ً‬
‫نقيض من حيث المفهوم‪ ,‬اال ان وجود اعتالل في النظام القانوني او التشريعي في الدولة هي الصفة‬
‫التي تجمعهما‪ ,‬اما بالزيادة في حالة التضخم‪ ,‬او النقص في حالة الفراغ ‪.‬‬
‫ومما تجدر االشارة اليه‪ ,‬ان حصول الفراغ التشريعي في القانون العقابي‪ ,‬يختلف عن حصوله في‬
‫النصية فال مجال لالجتهاد‬
‫َّ‬ ‫القواعد العامة المدنية او االدارية‪ ,‬ذلك ان التشريع العقابي‪ ,‬يستمد روحه من‬
‫او القياس او التأويل في ما لم يرد به نص يحكمه‪ ,‬اذ الجريمة وال عقوبة اال بنص القانون‪ ,‬لذلك فأن‬
‫اء كان هذا التعديل منصبا‬ ‫ن‬
‫الحل الوحيد لمعالجة الفراغ التشريعي في القانو العقابي هو التعديل‪ ,‬سو ً‬
‫على الصياغة فقط‪ ,‬ام على تكميل التشريع بإضافة احكام جديدة اليه‪ ,‬او اصدار تشريعات ُمكملة له‪,‬‬
‫بغية االحاطة باالفعال التي يمكن ادخالها في دائرة التجريم او اخراجها منها‪ ,‬حسب مقتضى الحال ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ /‬اسباب التضخم التشريعي‬
‫هناك اسباب كثيرة تقف وراء حدوث التضخم التشريعي‪ ,‬فقد ترجع الى تزاحم النصوص الثانوية‬
‫وكثرتها بسبب تعدد مصادر القانون‪ ,‬او قصور مالئمة االحكام القانونية نتيجة تقدم الزمن واحداثه‪ ,‬او‬
‫للجوء المشرع الى االستثناءات التشريعية على القاعدة القانونية‪ ,‬وللتشريع العقابي اسباب اخرى يمكن ان‬
‫نعزو اهمها‪ ,‬في تأثره بااليدلوجية السياسية لنظام الحكم وفلسفة الدولة وسياساتها‪ ,‬ولتشعب هذه المسألة‬
‫فسنتناولها من خالل اربعة فروع لبيانها بشئ من التفصيل ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬عبد الكريم صالح عبد الكـريم ‪ ,‬د‪ .‬عبـد هللا فاضـل حامـد ‪ :‬مصـدر سـابق ‪ ,‬ص‪ . 111‬ولمزيـد مـن التفاصـيل يمكـن‬
‫زيارة قاعدة التشريعات العراقية من خالل محرك البحث جوجل ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كاناريز ‪ :‬سد الفراغ في القانون وموقف النظام القانوني االلمـاني منـه ‪ ,‬المركـز القـومي لبحـوث المنطقـة فـي بروكسـل ‪,‬‬
‫ترجمة د‪ .‬عبد الرسول الحصاني ‪ ,‬مجلة القضاء العراقي ‪ ,‬ع االول ‪ , 1171 ,‬ص‪ 71‬وما بعدها ‪.‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪941‬‬

‫الفرع األول ‪ /‬تعدد مصادر القانون‬

‫يلتقي التشريع العقابي في استقائه االحكام من بعض المصادر مع غيره من التشريعات كالرجوع الى‬
‫قواعد العدالة‪ ,‬اال انه يختلف في مصادر اخرى عن غيره من التشريعات كالقانون المدني مثال‪ ,‬ذلك ان‬
‫(‪)1‬‬
‫اال ان هذا ال يعني‬ ‫التشريع العقابي كما اسلفنا يخضع لمبدأ ( قانونية او نصية الجرائم والعقوبات )‬

‫عدم وجود تأثر بالمصادر والعلوم االخرى التي قد يستقي منها المشرع افكاره‪ ,‬فيسبغ ً‬
‫بناء عليها على‬
‫بعض االفعال واالمتناعات صفة التجريم‪ ,‬فلقانون العقوبات صلة بجميع الفروع االخرى من القوانين‬
‫ذات الطابع المدني والتي نراها ظاهرة كلما دعت الحاجة لحماية قواعدها من خالل تدعيمها بالعقاب(‪.)1‬‬
‫كما ان لقانون العقوبات عالقة بكثير من العلوم االخرى‪ ,‬التي تساعد المشرع في صياغة التشريع‬
‫العقابي من حيث المواضيع الي يتكفلها التشريع العقابي بالحماية الجنائية‪ ,‬كعلم االجرام‪ ,‬وعلوم التحقيق‬
‫الجنائي‪ ,‬وعلوم الطب العدلي‪ ,‬وفنون التشريح‪ ,‬وعلوم االجتماع واالخالق واالداب‪ ,‬وكذلك يمكن للتشريع‬
‫العقابي ان يستمد تجريمه لالفعال واالمتناعات بالرجوع الحكام الشريعة االسالمية من خالل تحريمها‬
‫لبعض االفعال‪ ,‬وتحديد الجزاءات فيما يطلق عليه بالحدود و التعازير‪ ,‬كتجريم السرقة‪ ,‬واالحتيال‪ ,‬والزنا‬
‫وغيرها من االفعال التي عدها قانون العقوبات جرائم تستحق العقاب ‪.‬‬
‫يتضح مما سبق ان هذه العالقة الوثيقة بين التشريع العقابي‪ ,‬ومصادره المتنوعة‪ ,‬تجعل المشرع ملزما‬
‫تجعله مجب ار الن يعيد النظر‬
‫ُ‬ ‫الن يواكب التطور الذي يط أر على جميع هذه العلوم والمصادر‪ ,‬وبالتالي‬
‫في احكام التشريع العقابي‪ ,‬من خالل التعديل والتكميل‪ ,‬فقد يكون الفعل ُم َّ‬
‫جرما في زمن‪ ,‬ومباحا في‬
‫آخر ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ /‬اإلكثار من النصوص القانونية‬
‫للدساتير اثر كبير على جميع التشريعات بصفتها القواعد التي تجتمع فيها القيم والمصالح والعليا‬
‫للمجتمع وللدولة‪ ,‬والتي تنص اغلبها وبشكل صريح على عدم جواز سن تشريعات تخالفها او تتعارض‬
‫معها ‪ .‬ومنها الدستور العراقي المؤقت لعام ‪ ,1172‬فهذا الدستور بالذات كان له اشد االثر في زيادة‬
‫عدد التعديالت التي لحقت بالتشريع العقابي‪ ,‬ذلك انه اعطى لمجلس قيادة الثورة آنذاك الحق في اصدار‬
‫ق اررات لها قوة القانون عند التنفيذ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬علي حسين الخلف ‪ ,‬د‪ .‬سلطان عبد القادر الشاوي ‪ :‬المبـاد العامـة فـي قـانون العقوبـات ‪ ,‬ط‪ , 1‬المكتبـة لقانونيـة‬
‫‪ ,‬بغداد ‪ ,‬العراق ‪ , 1212 ,‬ص‪. 11‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المصدر ذاته ‪ ,‬ص‪. 2‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪941‬‬

‫وال ينكر ان هذا المجلس كان يمارس الدور التشريعي بصفة اصيلة‪ ,‬تماثل دور البرلمان في وقتنا‬
‫الحالي‪ ,‬اال انه كان يختلف بشكل استثنائي في اسناد مهمة اصدار التعليمات اليه ايضا‪ ,‬والتي يعد‬
‫اصدارها من صميم اختصاص السلطة التنفيذية‪ ,‬النها انما تصدر تسهيال لتنفيذ وتطبيق القانون بشكل‬
‫سليم(‪.)1‬‬
‫فقد صدرت عن هذا المجلس تعديالت كثيرة على قانون العقوبات‪ ,‬حتى بلغ حجمها ضعفي حجم‬
‫القانون االصلي‪ ,‬والتي استمرت حتى بعد تغيير النظام الحاكم في العراق بعد العام ‪ ,)1(1221‬والتي‬
‫تجاوز عددها الواحد وثالثون تعديال‪ ,‬تسع وعشرون منها كانت قبل العام ‪ ,1221‬وتعديالن لحقا القانون‬
‫بعد العام ‪ ,1221‬حيث ان هذا الكم الهائل من التعديالت انصب فقط على تجريم االفعال واالمتناعات‪,‬‬
‫دون ان يتطرق لمشاكل اخرى اشد خطورة من مجرد التجريم‪ ,‬التي ينتج عنها زج عدد هائل من الناس‬
‫في المواقف والسجون واالصالحيات‪ ,‬وتكدسهم فيها‪ ,‬اذ ال ننسى ان العراق الزال لآلن يعتمد عند تنفيذه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫للعقوبات على النظام الجمعي في المؤسسات العقابية المغلقة‬
‫الفرع الثالث ‪ /‬آيدلوجية نظام الحكم وفلسفة الدولة وسياساتها‬
‫من الضروري والمنطقي ان يكون لكل دولة فلسفة وسياسة وآيدلوجية تتبناها في ادارتها‪ ,‬ومن المهم‬
‫ان تكون ادارتها تبعًا لذلك واضح ًة وشفاف ًة‪ ,‬كي تنعكس ايجابا على قوانينها وتشريعاتها‪ ,‬لتحقيق امنها‬
‫واستقرارها‪ ,‬وبالتالي ازدهارها وتطورها‪ ,‬اال ان هذا الحال ال يمكن تعميمه‪ ,‬فقد يكون هذا االنعكاس‬
‫سلبيا‪ ,‬فينتج عنه ثمار مشوهة‪ ,‬ال تحقق الفائدة المرجوة ‪.‬‬
‫مر بمراحل كثيرة‪ ,‬اثناء هذا المخاض االيدلوجي الفلسفي للدولة‪ ,‬وصوال‬
‫التشريع العقابي في العراق َّ‬
‫الى تشريع القانون المعدل النافذ رقم ‪ 111‬لسنة ‪ ,1191‬والذي تعرض للكثير من التعديالت كما َّ‬
‫بينا‬

‫(‪)1‬‬
‫نصت المادة الثانية واالربعون من الدستور العراقي المؤقت (الملغي) لسنة ‪ 1172‬على ‪ ( :‬يمارس مجلس قيـادة الثـورة‬
‫المنحــل الصــالحيات التاليــة ‪ :‬أ‪ .‬اصــدار الق ـوانين والق ـ اررات التــي لهــا قــوة القــانون ‪ .‬ب‪ .‬اصــدار الق ـ اررات فــي كــل مــا‬
‫تستلزمه ضرورات تطبيق احكام القوانين النافذة ‪)...‬‬
‫(‪)1‬‬
‫القاضــي نبيــل عبــد الــرحمن حيــاوي ‪ :‬قــانون العقوبــات الع ارقــي رقــم ‪ 111‬لســنة ‪ 1191‬وتعديالتــه ‪ ,‬العاتــك للطباعــة‬
‫والنشر ‪ ,‬بغداد ‪ ,‬ط‪ , 1222 , 1‬ص‪. 1‬‬
‫(‪)1‬‬
‫النظام الجمعي ‪ :‬يعد من اقدم االنظمـة المتبعـة فـي المؤسسـات العقابيـة واسـوءها ‪ ,‬واشـدها خطـ ًار علـى غايـة اإلصـالح‬
‫المرجو من العقاب ‪ ,‬ويقوم على اساس االختالط بين النزالء داخل المؤسسة العقابية ليال ونها ار في ابنيـة كبيـرة وفـق‬
‫تصنيفات معينـة تأخـذ بنظـر االعتبـار فيهـا عـزل االحـداث عـن كبـار السـن ‪ ,‬والنسـاء عـن الرجـال ‪ ,‬اال انهـا الت ارعـي‬
‫نوع الجرائم المنسـوبة للنزيـل ‪ ,‬فيخـتلط فيهـا القاتـل والسـارق والخـائن والمنحـرف بالنزيـل المحكـوم عليـه بجنحـة بسـيطة‬
‫كالمشــاجرة مــثال ‪ ,‬ممــا يــؤدي ال ــى تفشــي ج ـرائم اكثــر كاالدمــان عل ــى المخــدرات والكبســلة واللـ ـواط وانتقــال الفك ــر‬
‫االجرامي من المجرم الخطير الى المجرم العرضي ‪.‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪941‬‬

‫حتى ُعَّلق‬ ‫(‪)1‬‬


‫سابقا‪ ,‬فلو وقفنا مثال على المادة ‪ 122‬منه‪ ,‬سنالحظ انها تعرضت للتعديل ثالث مرات‬
‫العمل بها باالمر الصادر عن سلطة االئتالف المنحلة رقم ‪ 7‬لسنة ‪ ,1221‬فهذه المادة وقعت تحت‬
‫سطوة التعديالت بالرغم من انها ُسَنت في زمن نظام حاكم واحد‪ ,‬والغريب انها الزالت تذكر في متن‬
‫القانون لحد اآلن دون اجراء اي تعديل لمضمونها‪ ,‬بالرغم من صدور قوانين كثيرة بعد العام ‪1221‬‬
‫تنظم ذات المسألة‪ ,‬كقانون حظر حزب البعث والكيانات واالحزاب واالنشطة العنصرية واالرهابية‬
‫والتكفيرية رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1219‬المتكون من ‪ 12‬مادة قانونية‪ ,‬وقانون مكافحة االرهاب رقم ‪ 11‬لسنة‬
‫‪ 1222‬المتكون من ‪ 9‬مواد قانونية‪ ,‬فكان االجدر بالمشرع تعديل مضمون المادة ‪ 122‬والمواد االخرى‬
‫الداخلة في حكمها بدال من قيامه بسن تشريعات خاصة مستقلة مضافة للتشريع العقابي ‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪/‬عدم مراعاة القواعد العامة للصياغة التشريعية والقانونية‬
‫ُيقصد بالصياغة التشريعية ‪ :‬الصياغة القانونية لالفكار التي يرغب المشرع التعبير عنها تمهيدا‬
‫الصدارها ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫اما الصياغة القانونية ‪ :‬فهي وضع الفكرة المراد التعبير عنها في عبارات وجمل قانونية منضبطة‬
‫ومن الضروري مراعاة القواعد العامة للصياغة التشريعية والقانونية عند وضع القواعد القانونية في اي‬
‫تشريع‪ ,‬النها من المسائل الفنية الضرورية التي يجب االنتباه لها عند صياغة النص ‪.‬‬
‫وللتشريع العقابي خصوصية عند قيام المشرع بصياغة نصوصه‪ ,‬وهذه الخصوصية مردها خطورة‬
‫التشريع العقابي‪ ,‬ذلك انها تجرم افعاال وامتناعات هي في اصلها مباحة‪ ,‬كمنع التجمهر والتظاهر‪ ,‬كما‬
‫تبيح افعاال وامتناعات هي في اصلها محظوره‪ ,‬كالقتل في حالة الدفاع الشرعي‪ ,‬او اثناء اداء الواجب‪,‬‬
‫كما وتخفف من وطأة افعال اخرى لظروف معينة‪ ,‬كمن يقتل احدى محارمه وشريكها اثناء مفاجأتها‬
‫متلبسة بواقعة الزنا‪ ,‬وبالتالي فهي تمس صميم حقوق الناس كما في عقوبة االعدام التي تمس حق‬
‫االنسان بالحياة‪ ,‬وحرياتهم كما في عقوبة الحبس والسجن ‪.‬‬
‫وفقهاء القانون يطلقون على عملية صياغة التشريع مصطلح ( الفن التشريعي )‪ ,‬ذلك انها يمكن‬
‫والمثل العليا الى قواعد قانونية عامة ومجردة‪ ,‬من خالل‬ ‫اعتبارها مهنة وظيفتها تحويل القيم والمباد‬

‫(‪)1‬‬
‫تم اجراء التعديل على المادة ‪ 122‬في االعوام ‪ 1171‬و ‪ 1179‬و‪ 1172‬بمعدل تعديل واحـد كـل سـنتين بالقـانون رقـم‬
‫‪ 127‬و ‪ 112‬و ‪ , 111‬وهذه المادة تنص على تجريم الجمع في االنتماء بين حزب البعث وحزب آخر ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬عبد الكريم صالح عبد الكريم ‪ ,‬و د‪ .‬عبد هللا فاضل حامد ‪ :‬مصدر سابق ‪ ,‬ص‪127‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪941‬‬

‫نحتها في شكل قابل للتطبيق(‪ ,)1‬النها تنطوي على مجمل المعارف واالساليب التي يمكن استخدامها‬
‫لصياغة القوانين واالنظمة(‪.)1‬‬
‫وهذا يعني ان لهذا الفن عناصر تكونه‪ ,‬التي كان من اوائل من اشاروا اليها الفقيه ( جورج كود )‬
‫فقسمها الى ثالث عناصر هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬الفاعل القانوني‪ ,‬وهو المخاطب بالقاعدة القانونية ‪.‬‬
‫‪ .1‬الفعل القانوني‪ ,‬ويقصد به محل القاعدة القانونية ‪.‬‬
‫‪ .1‬وصف الحالة التي ينطبق عليها الفعل القانوني(‪.)1‬‬
‫وفي هذا الصدد نورد بعض االمثلة عن المواد التي تم تعديلها الغراض اعادة الصياغة للفترة‬
‫المحصورة بين العام ‪ 1122‬ولغاية العام ‪ 1221‬ومنها ‪:‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1122‬الخاص بتعديل نص المادة ‪ 122‬من خالل تعديل عقوبة السماح بدخول‬
‫من لم يبلغ الحادية والعشرون من العمر الى الحانات او المشرب الليلي ‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1127‬والذي تضمن الغاء المادة ‪ 112‬واعادة صياغتها والخاصة بحكم عقد زواج‬
‫صحيح بين مرتكب احدى جرائم الفصل ( االعتداء الجنسي ) وبين المجني عليها ‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 7‬لسنة ‪ 1111‬الذي تضمن الغاء واعادة صياغة المادة ‪ 121‬المتعلقة بعقوبة اغتصاب‬
‫االموال واالشياء بالتهديد ‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 1221‬المتضمن الغاء واعادة صياغة المادتين ‪ 171‬و ‪ 171‬الخاصة باالعمال‬
‫التجارية التي تلحق اض ار ار بالوطن كاالستيراد والتصدير وغيرها في زمن الحرب ‪.‬‬
‫‪ -‬كما ونشير الى القانون رقم ‪ 127‬لسنة ‪ 1172‬الهميته‪ ,‬ذلك ان المشرع قد بين في اسبابه الموجبة‬
‫دواعي سن هذا القانون‪ ,‬والتي مفادها "تالفي نواقص وثغرات القانون حديث التشريع حيث ُعدلت‬
‫االحكام الخاصة بتحديد مدد الحد االقصى لعقوبة السجن ورفع التناقض بين بعض االحكام كالمادتين‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ 12‬و ‪ 11‬عند التطبيق واعادة صياغة لبعضها االخر ‪"...‬‬

‫(‪)1‬‬
‫حيدر سعدون المؤمن ‪ ,‬دراسة بعنوان ( مبـاد الصـياغة القانونيـة ) ‪ ,‬دائـرة الشـؤون القانونيـة ‪ ,‬قسـم اقتـراح التشـريعات‬
‫في العراق ‪ ,‬ص‪. 1‬‬
‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬ليــث كم ــال نصـ ـراوين ‪ :‬متطلب ــات الصــياغة التشـ ـريعية الجي ــدة واثره ــا علــى االص ــالح الق ــانوني ‪ ,‬الملح ــق الخ ــاص‬
‫بالمؤتمر السنوي الرابع ( القانون‪...‬اداة لالصالح والتطوير ) ‪, 1217 ,‬ع‪ , 1‬ج‪ ,1‬ص‪. 122‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المصدر ذاته ‪ ,‬ص‪. 112:119‬‬
‫(‪)1‬‬
‫لمزيـد مـن التفاصـيل ‪ ,‬انظــر قـرار مجلـس قيـادة لثــورة المنحـل المـرقم ‪ 1119‬لسـنة ‪ 1172‬المنشــور فـي الوقـائع العراقيــة‬
‫بالعدد ‪ 1117‬بتأريخ ‪. 1172/11/12‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪911‬‬

‫ان ما بيناه آنفا يعد مؤش ار على كثرة االخطاء التي تقع في الصياغة القانونية للتشريع العقابي‪ ,‬والتي‬
‫تسبب زيادة ُمطردة في حجم التعديالت وبالتالي عدم استقرار القانون وتشتيت الغاية المبتغاة من َّ‬
‫سنه‪,‬‬
‫كما نشير الى ان التوجهات الحديثة للسياسة الجنائية بدأت تذهب نحو التخفيف من المنع أو الحظر و‬
‫التقييد‪ ,‬في تجريم االفعال والمعاقبة عليها(‪ ,)1‬وانتهاج سياسات واساليب حديثة للحد من الجرائم دون‬
‫الحاجة لسن المزيد من التشريعات ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫عواقب وآثار وانعكاسات التضخم في التشريع العقابي على خاصيتي الردع واالصالح‬
‫يعد الردع واالصالح من اهم االهداف التي يحرص المشرع على تحقيقها عند تناوله للمسائل‬
‫(‪)1‬‬
‫واحيانا الزجر في التشريعات العقابية‬ ‫والمشكالت بالتنظيم القانوني‪ ,‬وقد تُصطلح للردع تسمية المنع‬
‫والذي يكون على صورتين‪ ,‬االولى منها تسمى الردع العام‪ ,‬والثانية تدعى الردع الخاص‪ ,‬اما االصالح‪,‬‬
‫فيمكن اعتباره السبب الذي يدفع المشرع لتناول مسألة ما‪ ,‬او مشكلة ما بالتنظيم القانوني‪ ,‬وبالتالي فأن‬
‫اي خلل يصيب التشريع‪ ,‬سواءا كان تضخما او فراغا‪ ,‬سيكون له عواقب وآثار‪ ,‬وانعكاسات على هاتين‬
‫الخاصيتين‪ ,‬ونقصد بهما ( الردع واالصالح ) ‪.‬‬
‫لذا سنقسم هذا المبحث على مطلبين‪ ,‬نتناول في االول مفهوم الردع االصالح‪ ,‬ونبين في الثاني‬
‫عواقب وآثار وانعكاسات التضخم التشريعي على خاصيتي الردع واالصالح ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ /‬مفهوم الردع واالصالح‬
‫نافع ناجع‪ ,‬سنقسم هذا المطلب على فرعين‪ ,‬نبين في االول‬
‫لبيان مفهوم هاتين الخاصيتين بشكل ٍ‬
‫مفهوم الردع وصوره‪ ,‬ونقف في الثاني على مفهوم االصالح والمعنى المقصود منه في خصوصية‬
‫تضخم التشريع العقابي ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ /‬مفهوم الردع وصوره‬
‫جاء في االسباب الموجبة لقانون تعديل الغرامات الواردة بقانون العقوبات العراقي رقم ‪ 111‬لسنة‬
‫‪ 1191‬المعدل النافذ ما نصه ( ان من اهم غايات التشريع العقابي الردع عن ارتكاب الفعل المضر‬
‫بالمجتمع ‪.)1()...‬‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬آمال بن جدو‪ :‬الحد من التجريم والعقاب في السياسة الجنائية المعاصرة ‪ ,‬مجلة الدراسات والبحوث القانونية ‪ ,‬كليـة‬
‫الحقوق ‪ ,‬جامعة الجزائر‪ ,1212, 1‬ع العاشر ‪ ,‬ص‪. 127‬‬
‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬علي حسين الخلف ‪ ,‬د‪ .‬سلطان عبد القادر الشاوي ‪ :‬مصدر سابق ‪ ,‬ص‪.112‬‬
‫(‪)1‬‬
‫القاضي نبيل عبد الرحمن حياوي ‪ :‬مصدر سابق ‪ ,‬ص‪. 122‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪919‬‬

‫ان هذا النص يثير في الذهن تساؤالت كثيرة‪ ,‬سنحاول هنا حصرها في تساؤلين هما ‪:‬‬
‫‪ .1‬ما هو الردع‪ ,‬وماهي صوره‪ ,‬ووسائله‪ ,‬وعناصره‪ ,‬واهدافه ؟‬
‫‪ .1‬ما هي االعتبارات والظروف التي ينبغي مراعاتها لكي يكو َن تحقيق الردع ُمنتجًا ؟‬
‫وهذا ما سنحاول االجابة عنه في الفقرتين التاليتين ‪:‬‬
‫اوال‪ :‬الردع وصوره ووسائله وعناصره واهدافه‬
‫محظور‬
‫ٌ‬ ‫يقصد بالردع ‪ :‬الزجر‪ ,‬الموجه للناس كافة من خالل تهديدهم بالعقاب عند اقدامهم على فعل‬
‫قانوناً‪.‬‬
‫وللردع صورتان هما ‪:‬‬
‫‪ .1‬الردع العام ‪ :‬ومفاده مواجهة الدوافع االجرامية بدوافع مضادة لالجرام للحد من الجريمة من خالل اشعار‬
‫المجتمع بعواقب اقدامهم عليها بتهديدهم بالعقاب‪.‬‬
‫‪ .1‬الردع الخاص ‪ :‬ومفاده منع مرتكب الفعل (الجاني) من االقدام مجددا على ارتكاب فعل يحظره القانون‬
‫(الجريمة) من خالل تقويم اعوجاج مرتكب الفعل بإزالة الخلل –الجسمي او النفسي او االجتماعي –‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الذي افضى به الى ارتكاب الفعل المحظور‬
‫ووسيلة تحقيق الردع هو الجزاء الذي له صور كثيرة‪ ,‬ففي التشريع الجنائي والتأديبي يسمى العقوبة‬
‫اما في التشريع المدني فيسمى التعويض(‪,)1‬‬
‫اما عناصر الردع التي يمكن ان نستشفها من تعريف الردع‪ ,‬فهي‪:‬‬
‫‪ .1‬التهديد بأيقاع االيالم (عنصر وقائي) ‪.‬‬
‫‪ .1‬وانفاذ العقوبة (عنصر عالجي ) ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪.‬علــي حســين الخلــف ‪ ,‬د‪ .‬ســلطان عبــد القــادر الشــاوي ‪ ,‬مصــدر ســابق ‪ ,‬ص‪ , 111-112‬ولمزيــد مــن التفاصــيل ‪,‬‬
‫انظر محمود نجيب حسني ‪ ,‬علم العقاب ‪ ,‬دار النهضة العربية ‪ , 1197 ,‬ص‪. 12‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يختلف الجزاء الجنائي (العقوبة الجنائية ) عن الجـزاء المـدني والجـزاء التـأديبي مـن حيـث الهـدف و المضـمون ‪ ,‬فهـدف‬
‫العقوبـة الجنائيــة ضـبط الســلوك االجتمـاعي لالفـراد لتحقيـق المصــلحة االجتماعيـة ‪ ,‬فيمــا ينصـرف هــدف المـدني الــى‬
‫مواجهــة االض ـرار المدنيــة التــي تصــيب المضــرور مــن خــالل رفــع الضــرر او التعــويض عنــه ‪ ,‬امــا هــدف العقوبــة‬
‫ال تأديبية فهو ضبط انتظـام سـير المرفـق العـام ‪ ,‬وحمايـة المؤسسـة او الهيئـة التـي تقـوم بخدمـة عامـة ‪ ,‬امـا مـن حيـث‬
‫المضمون فالعقوبة الجزائية تنفرد في انها قد تكون بدنيـة ‪ ,‬امـا الجـزاء المـدني والتـأديبي فغالبـا مـا ينصـب علـى النيـل‬
‫من الحقوق المادية والمعنويـة ‪ ,‬متمـثال بـالتعويض المـادي فـي االولـى واالنتقـاص مـن الحقـوق الوظيفيـة فـي الثانيـة ‪.‬‬
‫ولمزيــد مــن التفاصــيل انظــر د‪.‬علــي حســين الخلــف ‪ ,‬د‪ .‬ســلطان عبــد القــادر الشــاوي ‪ ,‬المبــاد العامــة فــي قــانون‬
‫العقوبات ‪,‬العاتك لصناعة الكتاب ‪ ,‬القاهرة ‪,‬ط‪ , 1212 , 1‬ص‪ 122‬وما بعدها ‪.‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪911‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ويهدف الردع لنفس االهداف الي ترمي اليها العقوبة‪ ,‬بأعتبارها اهم وسائله‬
‫ثانيا ‪ :‬االعتبارات والظروف التي ينبغي مراعاتها لكي يكو َن تحقيق الردع ُمنتجا‬
‫بين المشرع في االسباب الموجبة لتشريع قانون العقوبات العراقي المعدل النافذ ما يجب مراعاته من‬
‫االغراض والظروف ليكون التشريع العقابي ُمجدياً ومحققا لغاياته فنص على (‪ ...‬وقد جعل نصب العين‬
‫ان تكون احكام هذا القانون بقدر الحاجة اليها‪ ,‬متالئمة في الوقت ذاته واوضاع المجتمع وعالقاته‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ,‬مسايرة طموحه الى التقدم والتطور والسير دومًا نحو حياة افضل ‪.‬‬
‫ولتحقيق االغراض المتقدمة لوحظ قبل وضع اي نص من نصوص هذا القانون ممارسات القضاء‬
‫العراقي وموقفه واحكامه بشأن الوقائع التي يراد وضع نص لها في القانون‪ ,‬كما لوحظت احكام القوانين‬
‫العقابية التي طبقت في العراق وروجعت سنين طوال وروجعت مشروعات القوانين العقابية التي اريد لها‬
‫ان تشرع وروجعت كذلك القوانين العقوبات في البالد االخرى ‪-‬خصوصا البالد العربية‪ -‬وذلك لتشابه‬
‫االوضاع االجتماعية بينها وبين العراق وانسجاما مع المبدأ المقرر لوجوب توحيد االحكام والمصطلحات‬
‫في البالد العربية جهد المستطاع ‪.‬‬
‫وبعض القوانين العقابية في البالد االجنبية لالستنارة بما اخذت به في الموضوع الذي يراد وضع‬
‫نص يحكمه في القانون العراقي‪ ,‬فجاء هذا القانون في ضوء االعتبارات المتقدمة ليكون وافيا‬
‫(‪)1‬‬
‫بالمرام‪)...‬‬
‫وما نستخلصه من النص المذكور آنفا‪ ,‬ان المشرع اراد ان يراعي التطورات التي طرأت على‬
‫المجتمعات‪ ,‬والتي لم تستطع التشريعات العقابية السابقة االحاطة بها‪ ,‬وذلك من خالل ايجاد التناسب‬
‫بين االفعال التي يريد اسباغ صفة التجريم عليها وبين العقوبات التي سيفرضها على هذه االفعال‪,‬‬
‫ومالئمة كل ذلك مع اوضاع المجتمع وعالقاته االجتماعية واالقتصادية‪ ,‬بل وحتى السياسية التي اشرنا‬
‫اليها سابقا عندما تطرقنا لاليدولوجية والفلسفة التي ينتهجها النظام الحاكم في الدولة وعلى هذا االساس‬
‫قام المشرع بمراجعة القوانين العقابية السابقة‪ ,‬بل وحتى مشرعات القوانين العقابية التي لم ترى النور‪,‬‬

‫(‪)1‬‬
‫تهدف العقوبة في القانون العراقي الى انزال االلم بالجاني للتكفير عن فعله اآلثم من جهة ‪ ,‬وتهدأة شعور السخط الـذي‬
‫تحدثة الجريمة في الجماعة تحقيقا للعدالة ‪ ,‬ثم تحقيق المنـع العـام ‪ ,‬والمنـع الخـاص ‪ ,‬ولمزيـد مـن التفاصـيل ‪ ,‬انظـر‬
‫د‪.‬علي حسين الخلف ‪ ,‬د‪ .‬سلطان عبد القادر الشاوي ‪ ,‬المباد العامة في قانون العقوبات ‪,‬العاتك لصـناعة الكتـاب‬
‫‪ ,‬القاهرة ‪,‬ط‪ , 1212 , 1‬ص‪.111‬‬
‫(‪)1‬‬
‫القاضي نبيل عبد الرحمن حياوي ‪ :‬مصدر سابق ‪ ,‬ص‪.111‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪913‬‬

‫والقوانين العقابية للبلدان العربية خاصة واالجنبية بشكل عام‪ ,‬بغية الوصول الى االنسجام المنشود‬
‫والمصطلحات‪ ,‬فهل َّ‬
‫تمكن المشرع من تحقيق ذلك ؟‬ ‫(‪)1‬‬
‫والمتوافق مع مبدأ وجوب توحيد االحكام‬
‫الحقيقة ان كثرة التعديالت التي اصابت قانون العقوبات العراقي‪ ,‬والتي تحدثنا عنها بالتفصيل في‬
‫موضعها‪ ,‬ت عد مؤش ار على ان المشرع لم يتمكن من تحقيق غايته المنشودة وبالتالي انعكس ذلك سلبا‬
‫على خاصيتي الردع واالصالح والتي سنفصل الحديث عنها في موضعها ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ /‬مفهوم االصـــالح‬
‫(‪)1‬‬
‫كونها لفظة مشتقة عن ذات الكلمة ‪.‬‬ ‫الصالح ُّ‬
‫ضد الفساد‪ ,‬وبالتالي فإن اإلصالح ضد اإلفساد‬ ‫َّ‬
‫وقد جاء في االسباب الموجبة لقانون رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 1221‬الخاص بتعديل قانون العقوبات العراقي ما‬
‫نصه ( بالنظر لخطورة وجسامة جرائم القبض على االشخاص وحجزهم وخطفهم‪ ,‬المنصوص عليها في‬
‫المواد ‪ 111 ,111 ,111 ,111‬من قانون العقوبات المرقم ‪ 111‬لسنة ‪ ,1191‬وبغية حماية االمن‬
‫والنظام العام وتحقيق اغراض العقوبة في الردع واالصالح للحد من ارتكاب هذه الجرائم ‪)...‬‬
‫واالصالح المقصود في التشريع العقابي‪ ,‬هو االصالح الذي يجب ان تنتج عنه ثالث نتائج‪ ,‬االولى‬
‫تحقيق االستقرار القانوني‪ ,‬وبالتالي االمن القانوني‪ ,‬والثانية تحقيق االصالح على مستوى الجماعة‪ ,‬من‬
‫خالل حمايتهم من الجريمة والوقوع فيها حفاظا على النظام العام‪ ,‬والثالثة حماية مرتكب الجريمة من‬
‫ضعف نفسه التي تسول له ارتكاب الجريمة‪ ,‬واصالح وضعه النفسي والبدني واالجتماعي‪ ,‬كي ال ُيقدم‬
‫على ارتكاب الجريمة مرة اخرى ‪.‬‬
‫ومريدة وقاصدة احداث‬ ‫ومن البديهيات والمنطق ان ال تكون النوايا ُ‬
‫المعلنة من المشرع ُمتجهة ُ‬
‫مصالح معتب ٍرة‪ ,‬النه ُيعبر عن‬
‫ٍ‬ ‫االفساد‪ ,‬فإنما تنحصر ارادة المشرع في تحقيق االصالح حص ًار لحماية‬

‫(‪)1‬‬
‫ان ايـراد لفظــة توحيــد االحكــام الــى جانــب المصــطلحات امــر يحتــاج الــى اعــادة نظــر ‪ ,‬ذلــك ان توحيــد االحكــام ينــاقض‬
‫االخــتالف والتنــوع بــين المجتمعــا ت الناشــئ عــن تبــاين الثقافــات والتقاليــد واالع ـراف والقــيم وغيرهــا مــن المفــاهيم بــين‬
‫مجتمع وآخر ‪ ,‬والتي من المنطقي ان يترتب عليها اختالف في االحكام من دولـة الخـرى ‪ ,‬امـا توحيـد المصـطلحات‬
‫فهــو امــر يمكــن تحقيقــه فــي مجتمعــات متجانســة كالبلــدان العربيــة فيمــا لــو افترضــنا اجتمــاع ارادات هــذه الــدول علــى‬
‫تحقيقــه ‪ ,‬امــا أذا كــان قصــد المشــرع مــن ايـراد لفــظ االحكــام هــو توحيــدها علــى مســتوى الدولــة الواحــدة ‪ ,‬فهــذا امــر ال‬
‫يمكــن الحيــاد عنــه الن وجــوده مفتــرض اصــال وال يحتــاج لــذكره ‪ ,‬فمــثال فــي مجــال توحيــد االحكــام نجــد ان محكمــة‬
‫التمييـز جهــة رقابيـة فعالــة فــي هـذا المجــال بأعتبارهــا المرجـع الوحيــد العــادة النظـر فــي االحكــام الصـادرة عــن محــاكم‬
‫الجنايات ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫دمحم بن ابي بكر الرازي ‪:‬مصدر سابق ‪ ,‬ص‪121‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪914‬‬

‫َّ‬
‫المبطنة فهي من اختصاص الخالق جل وعال‪ ,‬فهو‬ ‫ارادة الجماعة التي تحكمها دولة معينة‪ ,‬اما النوايا‬
‫العالم بما تنطوي عليه السرائر ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بشكل ال يقبل‬ ‫متعلق باآلخر‬ ‫وعندما نتكلم عن التشريع العقابي‪ ,‬فإننا ال نكون اال امام امرين‪ ,‬احدهما‬
‫ٌ‬
‫االنفصال‪ ,‬ونقصد بهما الفعل المحظور المنسوب لفاعل‪ ,‬والعقوبة التي تلحق الفعل َّ‬
‫وتنفذ على من‬
‫ٍ‬
‫اوصاف محددة للفعل المحظور‪ ,‬وتحديد‬ ‫ٍ‬
‫صور و‬ ‫يرتكبه حص ًار لشخصيتها‪ ,‬وغاية المشرع من اعطاء‬
‫عقوبة معينة لكل صورة‪ ,‬ينصرف الى هدفين يحرص على تحقيقهما‪ ,‬ونقصد بهما االصالح ومنفعة‬
‫المجتمع‪ ,‬اال ان المشرع قد ال ُيفلح في بلوغ مقاصده وغاياته‪ ,‬نتيجة الخطأ في تقدير االمور الذي يمكن‬
‫ان ننسبه له الن المشرع في جميع االحوال‪ ,‬ال يخرج عن كونه انسانًا قد يصيب او يخطأ ‪ .‬ونتائج‬
‫تقديره الخاطئ لالمور‪ ,‬قد ينتج عنه الفساد بدال من االصالح وبالتالي ينعكس سلبًا على خاصية‬
‫االصالح‪ ,‬وهذا ما سنتناوله بالتفصيل في المطلب الثاني من هذه الدراسة ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪/‬عواقب وآثار وانعكاسات التضخم التشريعي على الردع واالصالح‬
‫تبحث السياسات الجنائية في عصرنا الحاضر عن وسائل بديلة تحمي القانون‪ ,‬الرتباطه بسيادة‬
‫الدولة من جهة‪ ,‬ولتحقيق المصالح العليا على مستوى المجتمع والفرد من جهة اخرى‪ ,‬فذهبت الى تبني‬
‫اسلوب جديد مبني على فكرة الحد من تجريم االفعال‪ ,‬وهي فكرة حديثة العهد والنشأة لم تتطرق لها‬
‫السياسات الجنائية للدول مسبقًا‪ ,‬فقبل ايجاد هذه الفكرة‪ ,‬كانت تسيطر على ذهن المشرعين فكرة واحدة‬
‫فقط اال وهي فكرة التجريم‪ ,‬والتي نقصد بها ( ادراج كل فعل مخالف للنظام االجتماعي في نص قانوني‬
‫ومن ثم ايقاع العقاب على مرتكبه )(‪.)1‬‬
‫اال ان هذه العملية ترتبت عليها نتائج وآثار خطيرة‪ ,‬اصابت خاصيتي الردع واالصالح في مقتل‪ ,‬والتي‬
‫من اهمها ‪:‬‬
‫‪ .1‬دفعت المشرع الى االكثار من النصوص القانونية على مستوى القانون الواحد‪ ,‬اضافة الى االكثار‬
‫المكملة للتشريع العقابي ‪.‬‬
‫من التشريعات الخاصة ُ‬
‫‪ .1‬عدم قدرة االفراد العاديين على االحاطة بالنصوص القانونية التي ضمنها مجمل التشريع العقابي‬
‫لتفرعها وتعددها وتنوعها بتنوع المجاالت التي تنظمها وتحيطها بالحماية‪ ,‬فأخل هذا االمر‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬آمال بن جدو‪ :‬مصدر سابق ‪ ,‬ص‪119‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪911‬‬

‫(‪)1‬‬
‫التشريع العقابي المتعلق بعدم جواز االحتجاج بالجهل بالقانون‬ ‫بمصداقية مبدأ مهم من مباد‬
‫بإفتراض علمهم به‪ ,‬في هذا تكليف للناس بما ال يطيقوه‪ ,‬النه يخل بمبدأ االمن القانوني الذي‬
‫يحرص المشرع على تطبيقه حماية للمجتمع ‪.‬‬
‫‪ .1‬افراط المشرع في استخدام بندقية والعقاب‪ ,‬بالشكل الذي يوحي بأن المشرع ال يرى الحل االمثل‬
‫لحل مشاكل المجتمع اال من خالل التجريم والعقاب ‪.‬‬
‫القانونية‬ ‫‪ .1‬حصول ظاهرة التضخم التشريعي‪ ,‬التي لها آثار وخيمة تتمثل في االخالل بأهم المباد‬
‫التي يجب ان يتضمنها التشريع العقابي‪ ,‬ويحرص على تطبيقها‪ ,‬وبالتالي فإن هذا ينعكس سلبا‬
‫على سيادة الدولة فقد ينتج عنه تمرد المجتمع‪ ,‬وقد يؤثر على الجناة انفسهم‪ ,‬من خالل تلقينهم‬
‫االجرام من قبل عناصر محترفة في االجرام‪ ,‬في ظل انظمة ومؤسسات عقابية يقبعون فيها ‪.‬‬
‫‪ .2‬يوحي التضخم التشريعي ايضاً‪ ,‬بأن تفاقم القواعد القانونية‪ ,‬يسبب عدم قدرة المختصين على‬
‫التحكم بها‪ ,‬وبالتالي تباين االحكام الصادرة عن المحاكم وتعارضها‪ ,‬مما يخل بتحقيق العدالة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وسيرها‬
‫والواضح لدينا من خالل استقراء ما بيناه في هذه الدراسة ان المشكلة الحقيقية التي تسبب حالة‬
‫تضخم التشريع العقابي َّ‬
‫مردها الى ثالث امور رئيسة‪ ,‬اولها قصور الصياغة القانونية والتشريعية‬
‫الطين َّبلة‪ ,‬وثانيها‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫متسرٍع ومتسارع الوقع مما يزيد‬ ‫التي تدفع المشرع للتعديل على القانون بشكل‬
‫وتدبر‪ ,‬وثالثهما اعتقاد المشرع‬
‫روية ُّ‬ ‫جنوح المشرع الى ِّ‬
‫سن القوانين الخاصة المكملة للتشريع دون َّ‬
‫ان الحل االمثل للحد من الجريمة ال يمكن تصوره اال في التجريم والعقاب‪ ,‬مما يدفعه لتجريم‬
‫المزيد من االفعال‪.‬‬
‫اما ما تم التأكد منه من خالل هذه الدراسة‪ ,‬فهي ان التشريع العقابي العراقي‪ ,‬يعاني من تضخم‬
‫شديد‪ ,‬يجب ان يتم االنتباه له‪ ,‬والبحث عن وسائل جديدة يمكن من خاللها تجديد النظر في‬
‫مضمونه‪ ,‬وفقًا للسياسات العقابية الحديثة‪ ,‬لحل هذه المشكلة‪ ,‬وتحديد مواطن القصور والضعف‬
‫بشكل دقيق يلبي الطموح‪ ,‬ويزيد من فاعلية خاصيتي الردع واالصالح‪ ,‬التي هي قوام اي تشريع‬
‫عقابي ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ومنــه مــا نصــت عليــه المــادة ‪ 1/17‬مــن قــانون العقوبــات الع ارقــي المعــدل النافــذ بــالقول ( لــيس الحــد ان يحــتج بجهلــه‬
‫باحكام هذا القانون او اي قانون عقابي آخر مالم يكن قد تعذر علمه بالقانون الـذي يعاقـب علـى الجريمـة بسـبب قـوة‬
‫قاهرة ) ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬آمال بن جدو‪ :‬مصدر سابق ‪ ,‬ص‪. 117‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪911‬‬

‫الخاتمة ‪:‬‬
‫بعد ان وفقنا هللا في استعراض مفهوم التضخم التشريعي واثره على خاصيتي الردع واالصالح في‬
‫بناء على ذلك جملة من الحلول‬
‫التشريع العقابي العراقي‪ ,‬فقد توصلنا الى جملة من النتائج‪ ,‬كما واقترحنا ً‬
‫المقترحة‪ ,‬والتي نأمل من المشرع اخذها بعين االعتبار ‪.‬‬
‫النتائج‬
‫‪ .1‬يقصد بالتضخم التشريعي‪ ,‬تنامي حجم التشريع وتفاقمه نتيجة االكثار من النصوص القانونية بسبب‬
‫التعديل او االضافة او التكميل‪ ,‬بالشكل الذي يوحي بعدم قدرة المختصين على التحكم به‪ ,‬ويشير‬
‫الى افراغه من االغراض والمرامي التي يرمي اليها‪.‬‬
‫‪ .1‬ان من اهم االسباب التي تقف وراء حصول ظاهرة التضخم التشريعي‪ ,‬هي االكثار من التعديالت او‬
‫التكميالت‪ ,‬وعدم مراعاة المباد العامة للصياغة القانونية والتشريعية ‪.‬‬
‫‪ .1‬يعاني التشريع العقابي العراقي من ظاهرة التضخم التشريعي‪ ,‬بدليل تعرضه للتعديل الكثر من (‪)11‬‬
‫مرة‪ ,‬بمعدل تعديل واحد لكل سنتين‪ ,‬باالضافة الى سن العشرات من التشريعات الخاصة المكملة‬
‫للتشريع العقابي‪ ,‬وذلك يعد مؤش اًر على عدم وجود سياسة تشريعية محكمة ‪.‬‬
‫‪ .1‬ان كثرة التعديالت والتكميالت التي تعرض لها التشريع العقابي اثرت سلبا على تحقيق الردع‬
‫واالصالح والذين يعتبران من اهم ادوات التشريع العقابي التي يمكن من خاللها تحقيق االهداف‬
‫اع عند التعديل او التكميل ظروف االنظمة والمؤسسات‬
‫التي ينشدها التشريع العقابي‪ ,‬اذ لم ير َ‬
‫اع التوجه الحديث للسياسات الجنائية المعاصرة التي تسعى‬
‫العقابية في العراق وواقعها‪ ,‬كما لم ير َ‬
‫اليوم الى الحد من التجريم والعقاب‪ ,‬وتحسين المؤسسات العقابية االصالحية‪ ,‬وهذا االمر له‬
‫عواقب ال تحمد عقباها‪ ,‬اذ قد تؤدي الى تمرد المجتمع‪ ,‬بسبب االخالل بمصداقية مبدأ عدم‬
‫جواز االحتجاج بالجهل بالقانون‪ ,‬وتفشي الجرائم‪ ,‬وتلقين االفراد ‪ -‬المحكوم عليهم بجرائم بسيطة‪-‬‬
‫لالجرام على ايدي مجرمين محترفين‪ ,‬يقضون عقوبتهم في ذات المؤسسة العقابية ‪.‬‬
‫المقترحات‬
‫‪ .1‬تحديد سقف زمني متزن وفقًا لسياسة جنائية ُمحكمة‪ ,‬الجراء التعديل على التشريع العقابي على ان ال‬
‫يقل َّ‬
‫حده االدنى عن خمس سنوات‪ ,‬وال يزيد عن العشر سنوات‪ ,‬للحفاظ على االستقرار التشريعي‪,‬‬
‫بصفته الدعامة االساسية لحفظ االمن القانوني ‪.‬‬
‫‪ .1‬التقليل من سن التشريعات الخاصة المكملة للتشريع العقابي‪ ,‬ووضع ضوابط خاصة القتراح تشريعها‪.‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪911‬‬

‫‪ .1‬تعديل نص المادة ‪ 122‬بما ينسجم مع مضمون القانون رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1219‬الخاص بحظر البعث‬
‫والكيانات واالحزاب واالنشطة العنصرية واالرهابية والتكفيرية او ضم مواده الثمانية عشر الى‬
‫قانون العقوبات‪ ,‬والغاءه ‪.‬‬
‫‪ .1‬دمج نص المادتين ‪ 111 ,111‬في مادة واحدة لتكون بالصياغة التالية ( يعاقب باالعدام او السجن‬
‫المؤبد او المؤقت كل شخص له حق االمر في القوات المسلحة او اي تشكيالت عسكرية اخرى‪,‬‬
‫تولى لغرض اجرامي قيادة قوة عسكرية مهما بلغ عدد افرادها‪ ,‬واينما كان محل تواجدها بغير‬
‫تكليف من الحكومة‪ ,‬او كلفهم بتعطيل اوامر الحكومة او عدم تنفيذها‪ ,‬ويعاقب بنفس العقوبة كل‬
‫رئيس استبقى جنده تحت السالح او محتشدين بعد صدور امر من الحكومة بتسريحهم او تفريقهم‪,‬‬
‫ويعاقب من هو دونه من رؤساء الجند او قوادهم الذين اطاعوه بالسجن المؤبد او المؤقت )‪.‬‬
‫‪ .2‬دمج المواد القانونية الستة لقانون مكافحة االرهاب رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1222‬ضمن المواد القانونية‬
‫لقانون العقوبات العراقي المعدل النافذ رقم ‪ 111‬لسنة ‪ ,1191‬والتي نقترح ان تكون ضمن المواد‬
‫المذكورة في الباب الثاني من الكتاب الثاني ( الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي ) ذلك ان هذا‬
‫الموضع اكثر انسجاما مع مضامين المواد القانونية لقانون مكافحة االرهاب‪ ,‬بغية الحد من تفاقم‬
‫حجم التشريعات الخاصة المكملة للتشريع العقابي‬
‫‪ .9‬حث الباحثين المختصين‪ ,‬بدراسة هذه الظاهرة في التشريع العقابي مستقبال بشكل مفصل يغطي‬
‫جميع المواد القانونية التي يتضمنها التشريع العقابي‪ ,‬بغية الوقوف على جميع مواطن الخلل فيه ‪.‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة (‪ )6‬المجلد (‪ )6‬العدد (‪ )2‬الجزء (‪162-183 )2222( )1‬‬
‫‪911‬‬

‫قائمة المصادر ‪:‬‬


‫اوال ‪ :‬الكتب‬
‫العامة في قانون العقوبات‪ ,‬ط‪,1‬‬ ‫‪ .1‬د‪ .‬علي حسين الخلف‪ ,‬د‪ .‬سلطان عبد القادر الشاوي ‪ :‬المباد‬
‫المكتبة القانونية‪ ,‬بغداد‪ ,‬العراق‪. 1212 ,‬‬
‫‪ .1‬القاضي نبيل عبد الرحمن حياوي ‪ :‬قانون العقوبات العراقي رقم ‪ 111‬لسنة ‪ 1191‬وتعديالته‪,‬ط‪,1‬‬
‫العاتك‪ ,‬بغداد‪ ,‬العراق‪. 1222 ,‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المعاجم اللغوية‬
‫‪ .1‬ابن منظور ‪ :‬لسان العرب‪ ,‬دار المعارف‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬المكتبة الشاملة‪ ,‬موافقة للمطبوع‪ ,‬دون‬
‫سنة نشر ‪.‬‬
‫‪ .1‬الفيروز آبادي ‪ :‬القاموس المحيط ‪,‬ج‪ ,1‬ط‪ ,2‬مؤسسة الرسالة‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪. 1222 ,‬‬
‫‪ .1‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة ‪ :‬المعجم الوسيط‪ ,‬ج‪ ,1‬دار الدعوة‪ ,‬المكتبة الشاملة‪ ,‬موافقة للمطبوع‪,‬‬
‫دون سنة نشر ‪.‬‬
‫‪ .1‬دمحم بن ابي بكر الرازي ‪ :‬مختار الصحاح‪ ,‬دار الرضوان‪ ,‬حلب‪ ,‬سوريا‪. 1222 ,‬‬
‫ثالثا ‪ :‬البحوث والرسائل واالطاريح‬
‫‪ .1‬د‪ .‬عبد الكريم صالح عبد الكريم‪ ,‬د‪ .‬عبد هللا فاضل حامد ‪ :‬تضخم القواعد التشريعية القانونية‪,‬‬
‫مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية‪ ,‬ع‪. 1211 ,11‬‬
‫‪ .1‬كاناريز ‪ :‬سد الفراغ في القانون وموقف القانون االلماني منه‪ ,‬المركز القومي لبحوث المنطقة في‬
‫بروكسل‪ ,‬ترجمة د‪ .‬عبد الرسول الحصاني‪ ,‬مجلة القضاء العراقي‪ ,‬ع‪. 1171 ,1‬‬
‫‪ .1‬حيدر سعدون المؤمن ‪ :‬مباد الصياغة القانونية‪ ,‬دائرة الشؤون القانونية‪ ,‬قسم اقتراح التشريعات في‬
‫العراق‪ ,‬دون سنة نشر ‪.‬‬
‫‪ .1‬ليث كمال نصراوين ‪ :‬متطلبات الصياغة التشريعية الجيدة واثرها في االصالح القانوني‪ ,‬الملحق‬
‫الخاص بالمؤتمر السنوي الرابع ( القانون اداة لالصالح والتطوير )‪ ,‬ع‪ ,1‬ج‪. 1217 ,1‬‬
‫‪ .2‬د‪ .‬آمال بن جدو ‪ :‬الحد من التجريم والعقاب في السياسة الجنائية المعاصرة‪ ,‬مجلة الدراسات‬
‫والبحوث القانونية‪ ,‬كلية الحقوق‪ ,‬جامعة الجزائر ‪ ,1‬ع‪.1212 ,12‬‬
162-183 )2222( )1( ‫) الجزء‬2( ‫) العدد‬6( ‫) المجلد‬6( ‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة‬
911

‫ المقاالت والمواقع االلكترونية‬: ‫رابعا‬


‫ موقع اخبار مصر بالرابط‬: ‫ ازمة القوانين المصرية وسبل مواجهتها‬,‫ المستشار ممدوح حسين‬.1
. www.egynews.net
‫ الدساتير والقوانين‬: ‫خامسا‬
. 1172 ‫ دستور العراق المؤقت لسنة‬.1
. 1222 ‫ دستور العراق لسنة‬.1
. ‫ المعدل النافذ‬1191 ‫ لسنة‬111 ‫ قانون العقوبات العراقي رقم‬.1
‫ لسنة‬11 ‫ قانون حظر البعث والكيانات واالحزاب واالنشطة العنصرية واالرهابية والتكفيرية رقم‬.1
. ‫ المعدل‬1219
. 1222 ‫ لسنة‬11 ‫ قانون مكافحة االرهاب رقم‬.2

List of sources:
First: the books
1. Dr. Ali Hussein Al-Khalaf, d. Sultan Abdul Qadir Al-Shawi: General
Principles in the Penal Code, 2nd Edition, Legal Library, Baghdad, Iraq,
2010.
2. Judge Nabil Abdel Rahman Hayawi: Iraqi Penal Code No. 111 of 1969 and
its amendments, 3rd Edition, Al-Atek, Baghdad, Iraq, 2005.
Secondly, dictionaries
1. Ibn Manzur: Lisan Al Arab, Dar Al Maaref, Cairo, Egypt, Al Shamil Library,
corresponding to the publication, without publication year.
2. Al-Fayrouz Abadi: The Ocean Dictionary, Volume 1, 8th Edition, Al-Resala
Foundation, Beirut, Lebanon, 2005.
3. The Arabic Language Academy in Cairo: Al-Mu’jam Al-Wasat, Part 1, Dar
Al-Da’wah, Comprehensive Library, approved for publication, without
publication year.
4. Muhammad bin Abi Bakr Al-Razi: Mukhtar Al-Sahah, Dar Al-Radwan,
Aleppo, Syria, 2005.
Third: Research, letters and theses
1. Dr. Abdul Karim Saleh Abdul Karim, d. Abdullah Fadel Hamid: Inflation of
legal legislative rules, Journal of Tikrit University for Legal Sciences, Vol.
23, 2014.
162-183 )2222( )1( ‫) الجزء‬2( ‫) العدد‬6( ‫) المجلد‬6( ‫مجلة جامعة تكريت للحقوق السنة‬
911

2. Canaris: Filling the Void in Law and the Position of German Law on it,
National Center for Regional Research in Brussels, translated by Dr. Abdul
Rasoul Al-Hasani, Journal of the Iraqi Judiciary, Volume 1, 1973.
3. Haidar Saadoun Al-Moamen: Principles of Legal Drafting, Department of
Legal Affairs, Section for Suggesting Legislation in Iraq, without
publication year.
4. Laith Kamal Nasraween: Requirements for good legislative drafting and its
impact on legal reform, supplement to the Fourth Annual Conference (Law
is a tool for reform and development), part 2, part 1, 2017.
5. Dr. Amal Ben Jeddou: Limiting Criminalization and Punishment in
Contemporary Criminal Policy, Journal of Legal Studies and Research,
Faculty of Law, University of Algiers 1, Vol. 10, 2018.
Fourth: Articles and websites
1. Counsellor Mamdouh Hussein, The Egyptian Law Crisis and Ways to
Confront It: Egypt News website with the link www.egynews.net.
Fifthly: Constitutions and laws
1. Iraq's provisional constitution for the year 1970.
2. Iraq's constitution for the year 2005.
3. The Iraqi Penal Code No. 111 of 1969, as amended and in force.
4. Law No. 32 of 2016 amending the Prohibition of the Baath, entities, parties
and racist, terrorist and expiatory activities.
5. Anti-Terrorism Law No. 13 of 2005.

You might also like