Professional Documents
Culture Documents
إليي ال يطيب الميؿ إال بشكرؾ ،كال يطيب النيار إال بطاعتؾ كال تطيب الدنيا إال
بذكرؾ ،كال تطيب اآلخرة إال بعفكؾ إلى معنى الحب كالحناف كاألنس كاألماف إلى بسمة
الحياة كسر الكجكد إلى مف كاف دعاؤىا سر نجاحي ،إلى أغمى الحبايب
إلى صاحبة الفضؿ الجزيؿ كالدعـ المتكاصؿ إلى مف خطى لي المبادئ كاألخالؽ عمى
صفحة بيضاء.
"زكجتي الغالية كأبنائي األعزاء" إلى مف نشأت كترعرعت بينيـ إخكتي كأخكاتي سندم
في الحياة .إلى جميع األصدقاء كاألىؿ كاألحباب إلى مف ىـ في قمبي كلـ يكتبيـ قممي
إلى كؿ مف كسعتيـ ذاكرتي كلـ تحمميـ مذكرتي إلى كؿ مف يساىـ في نشر رسالة
العمـ كالديف.
" الميـ لؾ الحمد حتى ترضى كلؾ الحمد في الرضا كلؾ الحمد إذا رضيت كلؾ الحمد
أسمى عبارات الشكر كالتقدير ،كأرقى معاني االمتناف الى األستاذ المشرؼ " الدكتكر
بكفاتح محمد بمقاسـ" الذم لـ يبخؿ عمينا بنصائحو كتكجيياتو في كؿ خطكة خطكناىا
كما أتقدـ بخالص الشكر كالتقدير كاالحتراـ ألعضاء لجنة المناقشة عمى قبكليـ مناقشة
ىذه المذكرة.
مقدمة
الجريمة ىي ظاىرة قديمة قدـ البشرية ،تصيب المجتمع ك تؤثر عمى نسيج عالقاتو،
فتضرب استق ارره االجتماعي كاالقتصادم كالسياسي ،كيؤدم بقاءىا إلى المساس بمصالح كسالمة
المجتمع ما يدعك الى تدخؿ السمطات المختصة في الدكلة لمبحث عف الكسيمة الفعالة لمكافحة ىذه
الظاىرة أك الحد منيا ،كلقد كانت العقكبة كال تزاؿ الذراع الكاقي الذم يعتمد عمييا المجتمع لمحيمكلة
دكف كقكع تمؾ المخاطر أك التقميص مف حجميا ،كتحقيقا ليذا الغرض نجد المجتمعات منذ ظيكرىا
عرفت صكر عديدة لمعقكبة كىذا طبقا لطبيعة الجرائـ كمدل جسامتيا ك خطكرتيا عمى الجماعة.
كلطالما سعت التشريعات الجنائية الى ابتكار السبؿ الكفيؿ لمكاجو ىذه الظاىرة بطريقة
تتناسب مع تطكر السمكؾ االجرامي في المجتمع ،كما سعت الدكؿ بكاؼ أجيزتيا لكضع
السياسات الالزـ لمحاربتيا ،بداية مف كضع التدابير الكقائية كخطكة استباقية إلى سف الجيات
غير أف المتتبع لمسياسات الجنائية لمدكؿ في حماية المجتمع مف الجانحيف ،يالحظ أف
الظاىرة االجرامية تتزايد بشكؿ سريع ،مما يؤكد اخفاقيا في أداء كظيفتيا بسبب تركيزىا فقط
عمى السياسة العقابية ،كأماـ عجزىا عف التصدم لمظاىرة االجرامية ،أصبح مف الضركرم عمى
المشتغميف في مجاؿ القانكف الجنائي اعادة النظر في ىذه المسألة ،كالعمؿ عمى ايجاد ترتيبات
3
مقدمة
كقد قامت فمسفة القرف الثامف عشر عمى تحكيـ العقؿ في بحث كافة األمكر االجتماعية
مف جية كاستخداـ العاطفة اإلنسانية مف جية أخرل فأدل ذلؾ إلى النظر إلى العقكبات
بمنظار يختمؼ عما عيد في العصكر السابقة ،كىذه الفمسفة المبنية عمى التسامح كالرحمة في
المسائؿ الجنائية كانت بمثاب ثكرة عمى قسكة العقكبات عامة ،فخالؿ السنكات القميمة الماضية،
ظيرت عدة اتجاىات فقيية حيث دعت الى تأطير الجرائـ المستحدثة كتقرير عقكبات غير
تقميدية تتناسب مع أغراض العقكبة بمنظكر الفقو الجنائي الحديث ،كما دعت الى ايجاد سبؿ
جديدة في إدارة الدعكة العمكمية ،ك األخذ عمى كجو السرعة بكسائؿ أكثر مركنة كأكثر قابمية
لمتطكر في فض الخالفات بأقؿ كمفة ك بأقؿ نفقة ،ك عدـ تكدسيا في المحاكـ كتخفيؼ جزء
كلعؿ اف الكساطة الجزائية تستجيب حتما ليذه المعطيات ،ذلؾ انيا تعتبر الية مف
االليات الحديثة التي اقرتيا التشريعات المقارنة لحؿ المنازعات الجزائية ،يقكـ جكىرىا عمى
تدخؿ طرؼ ثالث يككؿ لو القياـ بدكر الكسيط بيف الضحية كالمشتكى منو ،كتقكـ عمى مبدأ
الرضائية بيف ىذيف االخيريف ،كيترتب عمى نجاحيا تعكيض الضرر الكاقع عمى الضحية
كاعادة تأىيؿ المشتكى منو بطريقة كدية دكف الحاجة لمجكء إلى المتابعة الجزائية.
كتتضح أىمية الدراسة العممية مف خالؿ ما يحققو ىذا اإلجراء مف محافظة عمى بنية
المجتمع ك سالمة افراده مف االنحراؼ ،كىك انعكاس كاضح لألبحاث كالدراسات العممية التي
تسعى جاىدة لتطكير أساليب مكاجيو الجريمة بطرؽ مستحدث تعطي أىمية كبيرة ألطراؼ
4
مقدمة
الدعكل فال تتعسؼ في القصاص مف الجاني ،كتحاكؿ في المقابؿ إعادة إصالحو كتأىيمو بما
يعيد تكيفو مع المجتمع مع احتراـ حقكؽ المجني عميو كتعكيضو عف األضرار التي لحقت بو،
مف منطمؽ أف حماية المجتمع تأتي مف حماية حقكؽ أفراده ،كما تظير أىداؼ كمقاصد ىذه
الدراسة مف خالؿ تحديد ماىية الكساطة الجزائية كاىـ مراحؿ تطكرىا ،ككذا التعرؼّ عمى
طبيعتيا القانكنية كخصائصيا ،ك تبياف أىـ مراحؿ إجرائيا ،كذكر مجاليا في التشريع الجنائي
كتجدر االشارة الى أف أسباب اختيارنا ليذا المكضكع تكمف في ككف أف الكساطة الجزائية
مكضكع جديد أتى بو التعديؿ األخير لقانكف االجراءات الجزائية ،ىذا ما كلد ركح المبادرة فينا
لمبحث فيو ،ك حتى يتسنى لنا اكتشاؼ حقائؽ عممية جديدة ليذا المكضكع مف جية ،ك كي نساىـ
ك لك بصفة قميمة في إثراء المكتبة خاصة في ظؿ قمة المراجع كالكتب مف جية اخرل ،أما السبب
األخر الذم دفعنا في البحث في ىذا المكضكع ىك الرغبة في االطالع عمى كيفية التكصؿ إلى
حؿ كدم يرضي اطراؼ الخصكـ (الضحية كالمشتكي منو) ،ككذا إظيار أف ىذه اآللية ىدفيا
معالجة المنازعات القائمة بيف األفراد ،مع التنكيو انو كاجيتنا بعض العراقيؿ كالصعكبات المتعمقة
أساسا في عدـ تكفر المادة العممية باعتبار أف الكساطة الجزائية مكضكع حديث في التشريع
الجنائي الجزائرم مما ادل إلى صعكب الحصكؿ عمى بعض األفكار التي يمكف أف تثرم ىذه
الرسالة.
5
مقدمة
في مكاجيو الجريمة م ىي إحدل االليات الحديثة التي اتى بيا المشرع الجزائرم
الكساطة الجزائة
كحماية المجتمع منيا كالسعي نحك تقميؿ عبء المجتمع مف زيادة الجرائـ بطريقة كدية تنبع مف
م التي تبناىا
صميـ إرادة األطراؼ ،كىك ما يدفعنا لمتساؤؿ عف حقيقة دكر نمكذج الكساطة الجزائ ة
ـ ما مفيوم الوساطة الجزائية؟ وما الفرق بينيا وبين األنظمة المشابية ليا؟ ما ىي
خصائصيا وما ىي طبيعتيا القانونية؟ وفيما تتمثل األحكام اإلجرائية الوساطة الجزائية في
قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري رقم 155/66؟ وىل تعد الوساطة الجزائية بديال رضائيا
لإلجابة عمى االشكالية المطركحة اعاله سكؼ نتعرض الى اإلطار التنظيمي
لمكساطة الجزائية في التشريع الجزائرم كتقدير مدل نجاعتيا في تحقيؽ الدكر المقرر ليا في
النظـ المعاصرة كذلؾ مف خالؿ تحديد مفيكميا كخصائصيا ككذا طبيعتيا القانكنية ،كاجراءاتيا
كاخي ار آثارىا القانكنية ،كمف أجؿ اإلحاطة بيذا المكضكع اعتمدنا أساسا عمى المنيج التحميمي،
كقسمت ىذه الدراسة إلى فصميف اثنيف :تناكلنا في الفصؿ األكؿ ماىية الكساطة الجزائية ،في
حيف خصصنا الفصؿ الثاني لمتطرؽ الى اإلطار االجرائي لمكساطة الجزائية في قانكف
6
الفصل االول
يمثؿ التشريع الجنائي كسيمة ىامة في مكاجية الجريمة كحماية المجتمع منيا كالسعي
نحك تقميؿ عدد الجرائـ مف خالؿ كضع قكاعد كآليات تفي بالغرض ،ك شيدت النظـ الجنائية
في السنكات االخيرة تحكال مف العدالة العقابية التقميدية إلى العدالة الرضائية التي تقكـ عمى
مراعاة البعد االجتماعي ،كالكساطة الجزائية تندرج ضمف التكجو الحديث لمعدالة الجزائية ،فيي
إحدل الكسائؿ المستحدثة التي يمكف مف خالليا تقميؿ عبء المجتمع مف زيادة الجرائـ،
كبأعماليا يتحقؽ إصالح ذات البيف كتتحقؽ أغراض العقكبة التي لـ تعد تيدؼ إلى الردع فقط
بؿ تيدؼ الى إحالؿ الصمح بيف أطراؼ النزاع كاستمرار العالقات الكدية بينيـ ،لذلؾ فإننا في
ىذا المبحث سكؼ نحاكؿ إلقاء الضكء عمى المقصكد مف الكساطة الجزائية مف خالؿ التطرؽ
إلى نشأتيا كتعريفيا مع ذكر خصائصيا ك طبيعتيا القانكنية في مبحثيف تناكلنا في المبحث
االكؿ نشأة الكساطة كمفيكميا كتناكلنا في المبحث الثاني خصائص الكساطة القانكنية كطبيعتيا
القانكنية.
تطكرت الجريمة في السنكات األخيرة بشكؿ كبير ،ما دفع المشتغميف في مجاؿ القانكف الجنائي
العمؿ عمى ايجاد ترتيبات غير تقميدية تتناسب مع أغراض العقكبة ،فظير الفقو الجنائي الحديث ،كدعا
الى ضركرة ايجاد سبؿ جديدة في إدارة الدعكل العمكمية كمف بيف اىـ اآلليات الحديثة التي أقرتيا
التشريعات المقارنة لحؿ المنازعات القضائية نجد الكساطة الجزائية ،كعميو سكؼ نتعرض في ىذا
8
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
المبحث إلى نشأة الكساطة الجزائية كمفيكميا في مطمبيف اثنيف خصصنا المطمب االكؿ لنشأتيا
مف أجؿ حماية المجتمع مف الجانحيف ك مف ظاىرة اإلجراـ التي تزايدت بشكؿ ممحكظ في السنكات
االخيرة ،سعت معظـ التشريعات الحديثة الى ابتكار سبؿ كفيمة مكاجيتيا بحيث تتناسب مع تطكر العدالة
الجنائية ك مف بيف ىاتو السبؿ نجد الكساطة الجزائية ،التي يقكـ جكىرىا عمى تدخؿ طرؼ ثالث ،يككؿ لو
القياـ بدكر الكسيط بيف الضحية ك المشتكي منو ،كقد كاف لمشريعة اإلسالمية فضؿ السبؽ في تبني فكرة
الكساطة الجزائية ،لكف التطبيؽ القانكني لنظاـ الكساطة الجزائية ظير ألكؿ مرة في األنظمة األنجمكسكسكنية
في السبعينيات مف ىذا القرف في كندا ثـ في الكاليات المتحدة االمريكية ثـ امتد ىذا النظاـ في معظـ دكؿ
اكركبا ،ليتسع بعد ذلؾ ك يشمؿ دكؿ أخرل كفرنسا كبمجيكا ك معظـ الدكؿ االكركبية غير أنو لـ يمقى أمده
كسط التشريعات العربي إال مؤخ ار فاعتنقو النظاـ التكنسي كالجزائرم ك لـ يمتد إلى التشريعات العربية األخرل
صراعات كاجراءقا ىك ما قد يرجح االعتماد عمى نظاـ الكساطة القضائية ،ىذا ما
إف تقدير الزمف في حؿ اؿ
9
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
الكساطة في حاؿ فشؿ المفاكضات كذلؾ باتفاؽ بيف األطراؼ فإذا تعذر ىذا االتفاؽ تعيف المجكء إلى
التحكيـ.1
المقارنة
إف فكرة الكساطة الجزائية لـ تأت مف فراغ أك عدـ بؿ جاءت نتيجة اىتماـ مفكرم الفقو
الجنائي ،بؿ أبعد مف ىذا مف اقتناع التشريعات الجنائية بتعكيض العدالة الزجرية بأخرل أكثر منيا
إنسانية كىي العدالة التصالحية ،إال أف السبؽ في ذلؾ يبقى لمشريعة اإلسالمية الغراء التي تناكلت
م منذ أربعة عشرة قرنا ،كدعت إلى الصمح كالكساطة ؼم الميداف الجزائي كساىمت
الكساطة الجزائة
بشكؿ كبير في مكافحة ظاىرة االجراـ كما سعت الى تحقيؽ االستقرار كاألمف قاؿ اهلل عزكجؿ " و
إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " ،2كقاؿ تعالى " والصلح خير".3
ىذا كلقد اعتمد المسممكف كالعرب الكساطة لح ؿ النزاعات التي كانت تقكـ بيف القبائؿ
فكاف رئيس القبيمة ىك الفيصؿ الذم يحؿ الصراعات ،كما دخمت الكساطة حي ز االسرة إذ كانت
المشاكؿ القائمة بيف افرادىا تحؿ بكاسطة كسيط مف أىؿ الزكج كأخر مف أىؿ الزكجة حفاظا عمى
كياف األسرة قاؿ عز كجؿ " إن يريد إصالحا يوفق هللا يبنهما " ،4فالكسيط في االسالـ قد يككف
1فنيش كماؿ ،الكساطة –مقاؿ في مجمة المحكمة العميا عدد خاص ،الجزء ،2009 _2ص.5
2
سكرة الحجرات ،اآلية .09
3
سكرة النساء ،اآلية .12
4
سكرة النساء ،اآلية .128
10
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
قاضيا ،كقد يككف شخصا أخر مف أىؿ الحكمة كالمعرفة ،كيعتمد الكسيط في اإلسالـ عمى قكاعد
الشريعة اإلسالمية مف مبادئ كما كرسو الرسكؿ محمد صمى اهلل عميو كسمـ كالخمفاء مف بعده،
ىذا كقد حرصت الشريعة االسالمية عمى نزع اآلثار النفسية الناجمة عف الجريمة ،كلقد عمؿ أمير
المؤمنيف عمر بف الخطاب رضي اهلل عنو عمى تحفيز المتخاصميف عمى الصمح ،لما يحققو ىذا
االخير مف نزع الحقد مف نفكسيـ ك عكدة الكئاـ بينيـ ،فقد كتب الى ابي مكسى االشعرم ما يؿ م
" :رد الخصكـ حتى يصطمحكف فإف فصؿ القضاء يكرث الضغائف " ،1ىذا كقد أعطت الشريعة
االسالمية الخصكصيات لبعض المنازعات كمنيا الخصكـ بيف األرحاـ ذلؾ انو عمى القاضي أف
يتريث في الفصؿ فييا ليعطي فرص لمصمح كالتسامح كيشترط إدراؾ القاضي بعممو أف التسامح
بيف األطراؼ ممكف ،غير أنو ال يترتب عميو ىضـ الحقكؽ عف طريؽ الكساطة ،كاال فإف عمى
القاضي أف يقضي بما يراه حقا كعدال بعدما تبينت لو الحقيقة كما يتـ عمؿ الكسيط في الشريعة
اإلسالمية مف حيث تقديره بككنو يتضمف كجييف يتعمؽ الكجو األكؿ بتحديده بمدة معينة كينتيي
ىذا العمؿ بانتياء المدة دكف النظر إلى النتيجة أما الثاني تحديده بانتياء اليدؼ المعيف ،ك مف
جية اخرل تعمؿ الشريعة اإلسالمية عمى إزكاء ركح التآخي بيف أفراد المجتمع كالسعي عمى
إصالح ذات البيف بيف المتخاصميف ك ىك ما أكدت عميو السيرة النبكية حيث ركم عف أبي ىريرة
" الصمح جائز بين المسممين إال رضي اهلل عنو أف النبي محمد صمى اهلل عميو ك سمـ قاؿ :
1
عبد الحميد أشرؼ رمضاف ،الجرائـ الجنائية كدكر الكساطة في انياء الدعكل الجنائية ،الطبعة ،1دار الكتاب الحديثة ،القاىرة 2010 ، ،ص .12
2
سنف أبي داككد ،سميماف ابف األشعث ،دار إحياء السنة النبكية ،الجزء ،3ص.304
11
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
كمما ىك معركؼ أف الجرائـ في التشريع الجنائي اإلسالمي تنقسـ بحسب طبيعة عقكبتيا
لثالثة أقساـ حدكد ،كقصاص ،كتعازير ،كسأتناكؿ كؿ منيما بالشرح كمدل قبكؿ دخكؿ الكساطة
م فييا مف عدمو.
الجزائة
إف العقكبات حد مف حدكد اهلل أم متعمقة فال يجكز لمتشريع التدخؿ فييا كال الحكـ فييا كال
التدخؿ في تنفيذىا ذلؾ كموّ ألف حؽ العقاب فييا متعمؽ بحؽ اهلل تعالى كمصمحة العباد العامة،
كلمعرفة مدل قابمية تطبيؽ الكساطة ؼم الحدكد يتعيف عمينا أف نفرؽ بيف حالتيف:
اف الكساطة بي ف الجاني كالمجني عميو لمعفك عنو يعد أم ار أ/إذا لم يبمغ اإلمام الحد:
مستحسنا كجائ از ما داـ لـ يصؿ الحد إلى كلي األمر أك باألحرل لـ ترفع الدعكل إلى القضاء
بعد 1عمال بقكؿ المكلى عز كجؿ " :ان تبدوا خيرا او تخفوه أو تعفو عن سوء فإن هللا كان
2
عفوا قديرا "
ب/إذا بمغ اإلمام الحد :ال تجكز الكساطة ؼم الحد إذا بمغ كلي األمر حتى لك تنازؿ انى
عميو عف حقو أك عفا عنو ،فال أثر ليذا التنازؿ أك العفك في الحد ،كمف ثـ ال تجك ز الكساطة
" من حالت شفاعتو أك الصمح بعد بمكغ األمر لمقضاء عمال لقكلو صمى اهلل عميو ك سمـ :
دون حد من حدود اهلل فقد ضاد اهلل في معنى ذلك أنو متى دخل الحد في حوزة القضاء فال
يجوز لمقاضي أن يقبل شفاعة أحد فيوّ فقد ضاد اهلل في أمره " ،ك معنى ذلؾ أنو متى دخؿ
الحد في حكزة القضاء فال يجكز لمقاضي أنف يقبؿ شفاعة أحد فيو حتى كلك كاف كلي األمر ،ك
1
ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ ،الكساطة الجنائية في النظـ المعاصرة (دراسة تحميمية) ،رسالة مقدمة إستكماال لمتطمبات الحصكؿ عمى درجة الماجستير
في العدالة الجنائية ،جامعة نايؼ العربي لمعمكـ األمنية ،كمية الدراسات العميا ،قسـ العدالة الجنائية ،الرياض ،2011 ،ص .147
2
سكرة النساء ،اآلية .149
12
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
ف الطبيعة يتعيف عميو أف يقيـ الحد عمى الجاني ،كبالرغـ مف ذلؾ فقد قدر الفقياء المسممك
الخاصة التي تنطكم عمى المساس بحقكؽ مقدرة لمعباد إلى جانب حقكؽ اهلل كجريمتي السرؽ ك
القذؼ ،المتا ف تشكالف إعتداء عمى الماؿ المجني عميو كسمعتو ككرامتو كصنفيا بعض الفقياء
ضمف الجرائـ التي يشترؾ فييا بيف حؽ اهلل كالعبد كحؽ العبد غالب ،لذلؾ أجازكا فييا العفك
كالصمح ك الكساطة.1
بالنسبة لجريمة السرقة :اجمع الفقياء عمى جكاز العفك عف السرقة قبؿ الترافع أماـ
القضاء ،أك بعد الترافع ك قبؿ االثبات ،فإذا كقع العفك في ىذه المرحمة سقط الحد الف التسامح
مع الجاني قد يفضي إلى تكبتوّ كدمجو في المجتمع إال إذا كاف السارؽ ممف عرؼ عنيـ
الفساد ك الشر كتكرار السرقة فيذا ال يجكز التشفع لصالحو بؿ يترؾ حتى يقاـ عميو الحد ،ك
بالطبع فإف تأثير العفك في ىذه المرحمة يقتصر عمى منع إقامتو أما الجريمة ذاتيا فال يزيميا العفك
بؿ تبقى قائمة ك قابمة ألف تككف محال لعقكبة الحد تعزيرية خاصة إذا كاف الجاني ممف اعتادكا
السرقة .
كقد ذىب فقياء الحنفية الى انو يممؾ اسقاط حد السرؽ بالرغـ مف اثباتو كصدكر حكما
القاضي كلكف ليس بالعفك أك الصمح ،إنما بالتمميؾ عف طريؽ اليبة أم أف ييب المالؾ إلى
السارؽ الماؿ ،أما الجريمة فتبقى قائمة ك يمكف أف تبقى محال لمتعزير ،كلكف جميكر الفقياء
خافكا ما انتيى عميو الحنفية فاعتبركا اف اليبة التي مف شأنيا إسقاط حد السرقة ىي تمؾ التي
تتـ قبؿ الترافع كالقضاء ،اما ىبة الماؿ المسركؽ لمسارؽ بعد القضاء ك ثبكت الجريمة أك
1
عبد الحميد أشرؼ رمضاف ،المرجع السابؽ ،ص .130
13
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
صدكر الحكـ ،فال يسقط الحد كما ركم عف ىشاـ بف سعد عف أبي حازـ ،أف عميا رضي اهلل
" نعم ما لم يبمغ بو إمام فإذا بمغ بو اإلمام فال أعفاه اهلل إن عفا ".
بالنسبة لجريمة القذف :القذؼ الذم يستكجب إقامة الحد فيو ىك رمي المحصف بالزنا أك
نفي نسبو ك ما دكف ذلؾ فقد إستكجب التعزير ،كمف المتفؽ عميو فقييا أف جريمة القذؼ فييا
حقاف :حؽ اهلل كحؽ لممقذكؼ ك لكف الفقياء يختمفكف عمى أم الحقيف ىك األقكل كىذا
ف ىذه االختالؼ في ترجيح أحد الحقيف لو نتيجة فيما يتعمؽ بجكاز الصمح ك الكساطة ع
الجريمة ،فكفقا لإلماـ أبي حنيفة فإف العفك أك الصمح أك الكساطة بالطب ع ال يجكز بعد ثبكت
جريمة القذؼ بالحجة ك صدكر الحكـ ،ك كذلؾ ال يجكز العفك في ىذه الجريمة قبؿ الحكـ إذا
كاف ىذا العفك أك الصمح أك الكساطة بمقابؿ ماؿ ألف ذلؾ يعد رشكة ،بالنسبة لمفقياء الذيف
يغمبكف حؽ المقذكؼ عمى حؽ اهلل في ىذه الجريمة كالشافعية كالحنابؿ ة ك بعض الحنفية ،فقد
أجازكا لممقذكؼ العفك حتى كقت اقامة الحد أما بالنسب لممالكية فإف العفك جائز قبؿ الشككل.
ىك العقكبة األصمية المقررة لجرائـ االعتداء عمى النفس ،أما الدية فيي العقكبة األصمية المقررة لجرائـ
اإلعتداء عمى النفس ،بشكؿ غير عمدم كيضيؼ الفقياء المسممكف جرائـ القصاص كالذم ضمف
الجرائـ التي يغمب فييا حؽ الفرد عمى حؽ اهلل تعالى ،كىذه المسألة تبدك أىميتيا في جكاز الصمح
عف القصاص مف قبؿ المجني عميو في جرائـ اإليذاء أك مف قبؿ أكليائو في جرائـ القتؿ كذلؾ مقابؿ
أما بالنسبة لمدية فإ ف إجازة الصمح في شأنيا إنما تستند إلى اآلية القرآنية " :ومن قـتل
مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلم إلى أهله إلى أن يصدقوا ".1
ىي عقكبة بديمة رضائية ك يرل بعضيـ بحؽ أف اهلل شرع العفك في جرائـ القصاص
أف أبا
إلشفاء غيظ المجني عميو ك استئصاؿ غريزة االنتقاـ المتأصمة في النفس البشرية ،ىذا ّ
حنيفة ك مالكا اتفقا مع ىذا الرأم فقد اشترطا عميو رضاء الجاني ك قبكلو بدفع الدية في حاؿ
الصمح ،بينما ال ضركرة لمكافقتو في حاؿ العفك ،كالتعزير ىك عقكبة غير مقدرة الجرائـ غير
محددة بنص مف القرآف أك السف ة إنما ترؾ تحديد ىذه الجرائـ ك تقدير عقكبتيا لسمطة كلي
األمر ،ك ذلؾ بحسب ما تقتضيو مصمحة المجتمع ،كفؽ ضكابط محدكدة ،ك بالطبع فإف ىذا ال
يعني أف الشريعة اإلسالمية غفمت عف مسألة تحديد جميع الجرائـ ،كجرائـ الربا كالرشكة ،كانما
تركت لكلي األمر سمطة تقدير العقاب المناسب ليذه الجرائـ ،ك سمطة كلي األمر ليست مطمقة
بؿ مقيدة بالمقاصد العامة في الشريعة اإلسالمية كغاياتيا ،ك جرائـ التعازير منيا ما يقع عمى
حؽ اهلل تعالى ،ك منيا ما يقع عمى حؽ الفرد ،فإذا كانت االكلى فإف االصؿ فييا عدـ جكاز
العفك كاف كاف يجكز لكلي األمر أف يعفك عنيا كفقا لمقتضيات الصالح العاـ اما جرائـ التعازير
التي تقع عمى حؽ الفرد كتمؾ التي يقع فييا االعتداء عمى جسـ الفرد أك مالو ،فيجكز فييا
العفك في أم مرحمة تككف عمييا الدعكل ك حتى قبؿ التنفيذ سكاء بمقابؿ أك بدكف مقابؿ.
1
سكرة النساء ،اآلية .92
15
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
كممخص القكؿ اف النظاـ الجنائي اإلسالمي أخذ كعمى نطاؽ كاسع مبدأ الرضائي كأسمكب
إلنياء النزاعات بيف أفراد المجتمع ك ذلؾ مف خالؿ الكساطة كالصمح حيث أعطى إلرادة المجني
عميو دك ار بار از في تحديد مصير الدعكل الجنائية ،يصؿ إلى درجة إسقاط الحد كالقصاص ،ك قد
إستطاع المشرع اإلسالمي مف خالؿ ىذه الخطة تحقيؽ أىداؼ عمى غاية كبيرة مف األىمية كالتيسير
عمى أفراد المجتمع ك العمؿ عمى دحض كؿ العكامؿ التي مف شأنيا خمؽ البغض ك الكراىية مما
يؤثر بالسمب عمى أمف ك سالمة المجتمع فضال عف إفشاء ركح التسامح كالتراحـ كالكد.
يعد القانكف التكنسي نمكذج التشريعات العربي التي أقرت نظاـ الكساطة الجزائية ضمف
قانكف اإلجراءات الجنائية ،كقد تبنى المشرع التكنسي نظاـ الكساطة الجزائية ضمف قانكف
،1كقد تـ اعتماد اإلجراءات الجنائية كقانكف حماية الطفؿ كذلؾ تأث ار بالمشرع البمجيكي
الكساطة بصكرة تدريجية بداية ضمف القكانيف المتعمقة باالقتصاد العاـ لمدكؿ كقانكف المنافس،
17 كاألسعار الصادرة بداية في 29جكيمية ،1991كقانكف حماية المستيمؾ الصادر في
نكفمبر.1996
كقد أقر المشرع التكنسي إجراء الصمح عف طريؽ الكساطة الجزائية ،حسب القانكف رقـ
93لسنة 2002بإضافة بند تاسع عمى الكتاب الرابع مف مجمة اإلجراءات الجنائية التكنسية
م المادة الجزائي " ،كقد تضمف ىذا الباب ست مكاد تتعمؽ بنطاؽ
بعنكاف" :الصمح ك بالكساطة ؼ
ك إجراءات كآثار الكساطة الجنائية في القانكف التكنسي ،كقد عرؼ المشرع التكنسي الكساطة
1
رامي متكلي القاضي ،إطالؿ عمى أنظمة التسكية في الدعكل الجنائية في القانكف الفرنسي ،القاىرة ،دار النيضة العربية ،ط ،1سنة ،2012ص.372
16
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
الجزائية في الفصؿ 113مف مجمة حماية الطفكلة تحديدا في الباب الثالث المتعمؽ بحماية الطفؿ
الجانح سنة 1995بأنيا" الية ترمي الى ابراـ الصمح بيف الطفؿ الجانح كمف يمثمو قانكنا كبيف
المتضرر اك مف ينكب عنو اك كرثتو كتيدؼ الى ايقاؼ التبعات الجزائية اك المحاكمة اك التنفيذ
" ،ثـ اضاؼ المشرع التكنسي نظاـ الصمح بالكساطة ؼ م المادة الجزائية بالنسب لألشخاص
الراشديف كذلؾ مف خالؿ الفانكف رقـ 93الصادر في 29اكتكبر 2002حيث حدد ىذا القانكف
شركط الصمح بالكساطة الجزائية كاإلجراءات التي تخضع ليا ىذا ك قد كضح المشرع التكنسي اف
اليدؼ مف إقرار الكساطة الجنائية ىك ضماف تعكيض األضرار الناجمة عف الجريمة ،كاعادة
تعتبر الكساطة الجزائية أحد الحمكؿ البديمة عف الدعكل العمكمية لحؿ النزاعات الجزائية،
كذلؾ استجابة لضركرة تبني سياسة جنائية تقكـ عمى المصالح بيف افراد المجتمع كجبر الضرر
بالنسب لمضحية كاعادة تأىيؿ الجاني كتعتبر التجربة الفرنسية رائدة في مجاؿ الكساطة
الجزائية.
17
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
تعد التجربة الكساطة الجنائية في فرنسا مف أىـ التطبيقات التشريعية لمكساطة الجنائية
في القكانيف الكضعية ،ألف التجربة الفرنسية تعد أكلى التجارب لمكساطة الجنائية المقننة في
المرحمة األولى :مرحؿ ما قبؿ عاـ 1993حيث كانت العديد مف القضايا ،التي كاف يتـ المجكء فييا
لمكساطة الجنائية دكف أف يككف ىناؾ نص تشريعي يسعؼ القاضي ،ككانت المؤسسات كالجمعيات
الخيرية تمعب دك ار كاضحا في العناية بضحايا الجريمة ،كقد صدر خالؿ ىذه الفترة العديد مف
التعميمات كالمذكرات عف ك ازرة العدؿ تتضمف التعريؼ بالكساطة الجنائية كضكابطيا ،ككانت تدعك
1986كأطمؽ عمييا
إلى المجكء لمكساطة الجنائية ما أمكف ،كمف بيف تمؾ التعميمات التي صدرت عاـ
93ػ 2 المرحمة الثانية :كىي مرحمة ما بعد سنة 1993حيث تـ تقنيف تشريع قانكف رقـ
الجنائية الفرنسية ككضع الكساطة الجنائية في إطار قانكني ككاف ىذا القانكف خاص بإقرار
-2007 الكساطة الجنائية كالمعدؿ لممادة 41إجراءات جنائية فرنسي إلى آخر تعديؿ رقـ
1787بمقتضاه " يستطيع مدعي الجميكرم مباشرة أك عف طريؽ مأمكر الضبط القضائي أك
مفكض أك كسيط ،كقيؿ أثناء ق ارره في الدعكل الجنائية إذا تبيف لو أف مثؿ ىذا اإلجراء يمكف
أف يضمف تعكيض الضرر الذم أصاب المجنى االضطراب الناتج عف الجريمة ،كيساىـ في
كف تأىيؿ مرتكب الجريمة " ىذا كقد حدد المشرع الفرنسي شركط تطبيؽ الكساطة الجزائية د
1
رامي متكلي القاضي ،المرجع السابؽ ،ص .252
18
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
تحديد الجرائـ التي تخضع ليا ،بؿ ترؾ ذلؾ لتقدير النيابة العامة ،كتتمثؿ عمكما ىذه الشركط
1-41مف قانكف االجراءات في شركط متعمقة بأىداؼ الكساطة كأخرل بالكسيط في المادة
ة كانياء االضطراب الناتج عف الجنائية كالمتمثؿ في إصالح الضرر الذم لحؽ بالضحي
الجريمة كاعادة ادماج الجاني ،كما نظـ المشرع الفرنسي اجراءات الكساطة الجنائية في مرحمتيف
:األكلى تتمثؿ في اجراءات تمييدية لمكساطة الجنائية ،كالثاني تتجمى في مرحمة مفاكضات
ظيرت الكساطة الجزائية ألك ؿ مرة بدكؿ كندا في محافظة اكنتاريك ،كقد بدأت مع قضية
كيننشتر في عاـ ،1974كىك أكؿ برنامج لمكساطة الجنائية عمى الرغـ مف اف الحديث في
ذلؾ الكقت كاف عف المصالحة كليس الكساطة الجنائية مف خالؿ تحديد لقاء بيف المتيميف
كالمجني عمييـ ،حيث ترؾ ليـ القاضي ميمة ثالثة أشير .1
ككاف ذلؾ عمى يد احد مكظفي الدكلة المنكط بيـ اثبات البالغات عف الجرائـ حيث قاـ
شابيف في حالة السكر كالييجاف الشديد إلتالؼ كالحاؽ اضرار بممتمكات اثناف كعشركف
شخصا ،كعند لقاء المتيميف بالمجني عمييـ تـ التكصؿ الى تكافؽ فيما بينيـ بمكجبو قاـ
المتيميف بتعكيض المجني عمييـ كقد تـ االقرار مف طرؼ مكظؼ االثبات بيذا القرار كدكف ىذه
الكاقع بتفصيالتيا في سجؿ االثبات كقد تـ اعطاء صيغ نيائية مف طرؼ القاضي الذم عرضت
عميو الدعكل كمف ثـ شكمت ىذه القضية اكؿ ظيكر لمعدالة التعكيضية ،كبالتالي تككف كندا أكؿ
1
عبد الحميد أشرؼ رمضاف ،مرجع سابؽ ،ص .116
19
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
دكؿ تتبنى النظـ الجنائية غير التقميدية إلنياء الدعكل الجزائية ،كىي أكؿ دكلة طبقت السياسة
الجنائية الجديدة التي تتطمب مزيد مف الرعاية كاالىتماـ بحقكؽ المجنى .1
عميو
كقد كضعت المجنة المركزية لمشركع الكساطة معيا ار دقيقا يرتكز عمى ثالث ضكابط:
- 2أف يككف لمكسائؿ البديمة فاعمية يساعد عمى منع االنحرافات.
- 3ضركرة كجكد عالقة بيف الجاني كالمجني عميو كأف يتـ االتفاؽ بينيما عمى حؿ النزاعذلؾبالكساطة.
أغمب القضايا التي تـ إنياؤىا بكاسطة الكساطة الجنائية كانت جرائـ بسيطة كالسرقات البسيطة
أك اإلتالؼ العمدم أك التعدم أك التزكير أك حيازة بضائع مسركقة كقد تبيف فما بعد إف جمع المتيـ
كالمجنى عميو في لقاء كانت ال تقيد في قضايااإلعتداء الجسيـ فمف بيف اربعكخمسيف قضي نجحت
جيكد الكساطة في حسـ اثنيف كخمسيف قضية منيا األمر الذم دفع المجنة المركزية التشريعية الى مطالبة
كيقكؿ الدكتكر أشرؼ رمضاف عبد الحميد" أف كندا تتجو نحك التحكؿ مف عدالة عقابية إلى عدالة
1
رامي متكلي القاضي ،مرجع سابؽ ،ص .36
2
عبد الحميد أشرؼ رمضاف ،مرجع سابؽ ،ص .11
20
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
- 1تعريف الوساطة :الكساطة في المغة ىي اسـ لفعؿ كسط ككسط الشيء أم صار في
كسطو فيك كاسط كالتكسيط ىك مقطع الشيء نصفيف ،ككسط القكـ ،كفييـ كسط أم التكسط
بينيـ بالحؽ كالعدؿ ،كمنو قكلو تعالى " وكذلك جعمناكم أم وسطا.1"...
كالتكسط بيف أمريف اك شخصيف لفض نزاع قائـ بينيما بالتفاكض ،كالكسيط ىك المتكسط
بيف المتخاصميف ،2كتعني الكساطة في المغ ة الالتينية médiatoمف كمـ ة بمعنى تكسط،
كيقاؿ médiateur :بمعنى الشخص الكسيط أك المكفؽ ،كالكساطة في المغة العربية كممة
مشتقة مف الكسط التي تدؿ عمى الشيء الكاقع بيف طرفيف .3
الجزائي مأخكذة مف الجزاء ،لغة مصدر مشتؽ مف الفعؿ الثالثي جزل الشيء كيقاؿ ىذا
4
جزاء ما فعؿت يداه :عقابو ،ناؿ جزاء اجتياده كاخالصو :المكافأة.
تعرؼ الكساطة بأنيا االجراء الذم بمكجبو يحاكؿ شخص مف الغير ،بناءا عمى اتفاؽ
األطراؼ كضع حد كنياية لحالة االضطراب التي أحدثتيا الجريمة عف طريؽ حصكؿ المجني
عميو عمى تعكيض كافة االضرار التي لحقت بو ،فضال عف إعادة تأىيؿ الجاني ،5كتعرؼ
1
سكرة البقرة ،اآلية .134
2
المعجـ الكجيز ،الييئة العامة لشؤكف المطابع األميرية ،مجمع المغة العربية ،مصر سنة ،1977ص.668
3
الخميؿ ابف أحمد الفراىيدم ،كتاب العيف ،الطبعة األكلى ،مكتب لبناف ،بيركت ،2004 ،ص.901
4
مجد الديف محمد يعقكب ،القامكس المحيط ،الطبعة السابعة ،مؤسس الرسالة ،بيركت ،2003 ،ص .1271
5عبد الحميد أشرؼ رمضاف ،المرجع السابؽ ،ص .18
21
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
أيضا بأنيا اجراء لتسكية النزاعات يقكـ عمى تدخؿ طرؼ ثالث محايد يتكلى اقتراح حؿ تكفيقي
مكضكعيا عمى انيا نظاـ يستيدؼ الكصكؿ إلى اتفاؽ أك مصالحة أك تكفيؽ بيف أشخاص أك
أطراؼ كيستمزـ شخص أك أكثر لحؿ المنازعات بالطرؽ الكدية كيعرفيا طرؼ اخر في نفس
االتجاه انيا حاؿ بحث عف حؿ تفاكضي بيف أطراؼ نزاع متكلد عف جريمة بفضؿ تدخؿ الغير.
نستنتج مف التعريفيف السابقيف أنيما يتفقاف حكؿ مضمك ف الكساطة بأنيا حؿ تفاكضي
بيف طرفي النزاع يعتمد عمى تدخؿ طرؼ ثالث ،كيعرفيا اتجاه ثاني بالنظر إلى الغاية منيا
عمى انيا ذلؾ " اإلجراء الذم ييدؼ إلى البحث بمساعدة طرؼ ثالث عمى حؿ انبثؽ عف
كفي نفس السياؽ يعرفيا كذلؾ آخركف " بأنيا اجراء يتكصؿ بمقتضاه شخص محايد الى
التقريب بيف طرفي القضية بغية السماح ليما بالتفاكض عمى اآلثار الناشئة عنيا الجريمة ،أمال
في إنياء النزاع الكاقع بينيما ،3ىذه التعاريؼ تركز عمى الغرض مف الكساطة الجزائية كلي س
إجراءاىا أك مكضكعيا.
1
نقال عف خالؼ فاتح ،مكاف الكساطة لتسكية النزاع اإلدارم في القانكف الجزائرم ،رساؿ دكتكراه ،جامعة محمد خيضر ،كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية،
بسكرة ،2015.2014 ،ص.5
2
Paul Mbanzoulou, La Médiation Pénale, 2ème édition, L’Harmattan, 2012, p18.
3
محمد أبك العال ،شرح قانكف اإلجراءات الجزائية ،القاىرة ،دار النيضة العربية ،الطبعة الثانية ،سنة ،2001ص .24
22
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
يعرؼ الفقو المصرم الكساطة الجزائية بأنيا " :اجراء يتكسؿ بمقتضاه شخص محايد
(الكسيط) الى التقريب بيف طرفي الخصكمة الجزائية بغية السماح ليـ بالتفاكض عمى االثار
كىناؾ اتجاه تكفيقي يعرؼ الكساطة الجزائية بالنظر الى اجرائيا كالى المعياريف السابقيف
عمى انيا اجراء يتـ قبؿ تحريؾ الدعكل الجزائية بمقتضاه تخكؿ النيابة العامة جية الكساطة أك
شخص تتكفر فيو شركط خاصة بمكافقة األطراؼ االتصاؿ بالجاني كالمجني عميو كااللتقاء لتسكية
اآلثار الناجمة عف طائفة مف الجرائـ التي تتسـ ببساطتيا أك بكجكد عالقات دائمة بيف أطرافيا
كتسعى لتحقيؽ أىداؼ محددة نص عمييا القانكف ،كيترتب عمى نجاحيا عدـ تحريؾ الدعكل
الجنائية ".2
كيعرفيا األستاذ عبد الرحماف بربارة بأنيا " أسمكب مف أساليب الحمكؿ البديمة لحؿ النزاعات
تقكـ عمى إيجاد حؿ كدم لمنزاع خارج مرفؽ القضاء عف طريؽ الحكار كتقريب كجيات النظر
بمساعدة شخص محايد " ،3كىذا التعريؼ يتفؽ مع غالبية التعاريؼ الفقيية التي أعطيت لمكساطة
كيختمؼ عف مكقؼ التشريع الجزائرم مف الكساطة التي يعتبرىا ذات طبيعة قضائية.
لقد استحدث المشرع الجزائرم نظاـ الكساطة الجزائية ؼ م األمر رقـ 02-15المؤرخ
1
رامي متكلي القاضي ،المرجع السابؽ ،ص .44
2
العيد ىالؿ ،الكساطة في قانكف اإلجراءات الجزائية ،مجمة المحامي ،عدد ،25منظمة المحاميف لناحية سطيؼ ،2015 ،ص .48
3
عبد الرحماف بربارة ،شرح قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية ،الطبعة الثالثة ،منشكرات بغدادية ،الجزائر ،2011 ،ص .522
23
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
12 -15المؤرخ في 15يكليك المتضمف قانكف اإلجراءات الجزائية كمف بعده القانكف رقـ
2015المتعمؽ بحماية الطفؿ ،لكنو عمى غرار التشريعات لـ يعرؼ الكساطة سكاء في قانكف
اك قانكف اإلجراءات الجزائية ،تاركا األمر لمفقو كالقضاء، االجراءات المدنية كاإلدارية،
باإلضافة الى اف عدـ تعريفو لمكساطة راجع الى سبؽ تعريفيا في قانكف حماية الطفؿ الذم
اعتمد أكال نظاـ الكساطة ذات الكصؼ الجزائي في مجاؿ األحداث ،ك اكتفى بكضع شركط
2مف كآليات ممارستيا مف خالؿ النص عمى كيفية تنظيميا عمى خالؼ ما فعؿ في المادة
انيا " الية قانكنية تيدؼ إلى إبراـ اتفاؽ بيف الطفؿ الجانح كممثمو الشرعي مف جية ،كبيف
الضحية أك ذكم حقكقيا مف جية أخرل ،تيدؼ إلى انياء المتابعات كجبر الضرر الذم
كانطالقا مف ىذا التعريؼ التشريعي يمكننا اف نعرؼ الكساطة في المادة الجزائية بأنيا:
" آلية قانكنية تيدؼ الى ابراـ اتفاؽ بيف الضحية كالمشتكى منو ،قد يمتجئ الييا ككيؿ
الجميكرية بغرض انياء المتابعات كجبر الضرر الذم تعرضت لو الضحية ككضع حد ألثار
فالكساطة إجراء اختيارم رضائي يسعى مف خاللو طرفي النزاع بمساعدة طرؼ ثالث
ة الجريمة المرتكبة كذلؾ عف طريؽ تعكيض (الكسيط) ايجاد حؿ لمنزاع القائـ بينيما نتيج
الدعكل العمكمية أك الحكـ فييا ،يقتضي قياـ النياب ة العامة بعرض الكساطة عمى أطراؼ
24
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
القضية مف تمقاء نفسيا أك بناءا عمى طمب أحدىـ ،ثـ القياـ باالتصاؿ كاالجتماع بطرفي
الجريمة مف أجؿ التكصؿ إلى حؿ كدم إلنياء النزاع كيترتب عمى نجاحيا انقضاء الدعكل
تتجمى الكساطة كأحد مالمح اإلجراءات الجنائية الحديثة في الكقت الراىف ألنيا مف أحد
أىـ آليات التخفيؼ عف كاىؿ الجياز القضائي في الدكؿ ،فدكرىا لـ يقؼ عند حد المساىمة
مع غيرىا في تحسيف صكرة العدالة الجزائية ،بؿ تجاكز ذلؾ ليصؿ إلى مقاسمة العدالة التقميدية
في مكافحتيا الجريمة مف خالؿ ما تحققو مف تنظيـ لمركابط االجتماعية ،كسكؼ نقكـ في ىذا
المطمب بمقارنة الكساطة مع غيرىا مف بدائؿ الدعكل االخرل كالكساطة القضائية المدنية،
القضائي المدنية:
ة الفرع األول :الوساطة الجزائية والوساطة
تعرؼ الكساطة القضائية عمى أنيا " :اإلجراء الذم يقكـ بمكجبو قاضي الحكـ أك تشكيمة
ّ
الحكـ بعرض إجراء الكساطة عمى األطراؼ ليتـ إف قبمكا بيا ،األمر بتعييف شخص معتمد
قضائيا الذم يكمؼ باتخاذ كؿ اإلجراءات الكاجبة لمتكفيؽ بيف الخصكـ في المكضكع يعرؼ
1
األخضر قكادرم ،الكجيز الكافي في إجراءات التقاضي (في األحكاـ العامة لمطرؽ البديمة في حؿ النزاعات) ،دار اليكمة ،الجزائر ،2013 ،ص .113
25
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
ف يجداف أف كال مف الكساطتيف يعتبراف مف الكسائؿ كالطرؽ البديمة لحؿ النزاعات ،فيما إجراءا
مكانيما خارج نطاؽ الشرعية القضائية ،كيشترط في كالىما خضكعيما إلى إطار قانكني .1
-كما تتشابياف في اف كال منيما يقكـ عمى رضاء األطراؼ بمعنى يشترط في كالىما
مكافقة الخصكـ لمكساطة أم قبكليـ ليا بالنسب لمجية المكمفة بالكساطة أم الكسيط ،في كال
النزاعات مف أجؿ تسكيتيا ،بالنظر لمكانتيـ االجتماعية كامكانية الحيازة عمى تككيف عاؿ في
بعض النزاع المطركح عمى العدالة لينظر فيو قانكنيا طالما أف التخصصات خاصة القانكنية منيا.
-أف يككف الكسيط ذا خبرة التي تعني الحنكة في إدارة ممفات الكساطة المعركضة عميو
ة الخاصة معنى ذلؾ أف يستعمؿ أنجع األساليب في كيفيات التعاطي مف مختمؼ األمزج
-في كال الكساطتيف يشترط في الكسيط أف يتمتع بالحياد كاالستقالؿ كيقصد بالحياد بأف
يككف الكسيط غير مائؿ لفائدة أم طرؼ ،أك ضد الطرؼ األخر أم عدـ انحيازه ألم طرؼ
مف طرفي الخصكمة عمى حساب األخر ،2أما شرط االستقاللية فيقصد بو اف يككف مستقال
1
صباح أحمد نادر ،التنظيـ القانكني لمكساطة الجنائية كامكانية تطبيقيا في القانكف العراقي (دراسة مقارنة) ،بحث مقدـ إلى قضاء في إقميـ كردستاف،
كجزء مف متطمبات الترقية مف الصنؼ الرابع ،إلى الصنؼ الثالث مف أصناؼ اإلدعاء العاـ ،محكمة جنح أربيؿ ،العراؽ ،2014 ،ص .6
2
ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ ،المرجع السابؽ ،ص .17
26
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
فيما يفعؿ عف غيره بأف ال يككف ذم فائدة خفية أك ظاىرة مع أحد الخصكـ أم منفصال بذاتو
عف طرفي الخصكمة ،فيك ال يخضع لتأثيرىـ أك أم إمالء صادر منيـ .1
-التزاـ الكسيط بالتنحي عف اإلستمرار في ميمتو في كمتا الكساطتيف في حاؿ كجكد مانع
2
تربط بينيـ كبيف أحد طرفي مف المكانع أك كانت ىناؾ عالقة صداقة أك قرابة أك مصاىرة
الكساطة.
-في كال الكساطتيف فإف دكر الكسيط ينحصر فقط في تقريب كجيات النظر كاستطالع
أراء الخصكـ كتحقيؽ التكازف بينيما بمعنى إعطاء كؿ طرؼ الفرصة في الحديث ،مع التزامو
بالسر الميني بمعنى عدـ إفشاء ما يصؿ إلى عممو مف معمكمات شخصية عف الخصكمة.
-اما فيما يخص محضر إتفاؽ الكساطة يجب في حاؿ إتفاؽ األطراؼ كفي كمتا
الكساطتيف تحرير الكسيط تقرير لمكساطة يسمى محضر اإلتفاؽ ،كمفاده ذلؾ أف إرادة أطراؼ
الخصكمة قرركا معا بمكجب اتفاقيـ عمى حؿ معيف لمنزاع بكؿ طكاعي ة كراحة ضمير ،كيدكف
فيو ما تـ إتخاذه مف إجراءات لمتكفيؽ بيف األطراؼ كمكقؼ كؿ طرؼ مف ىذه اإلجراءات،
كيمتزـ الكسيط بإعداد تقرير الكساطة ،سكاءا في حاؿ نجاحيا أك فشميا .3كتجدر اإلشارة أف
كؿ مف إتفاؽ الكساطة الجزائية كالكساطة القضائية المدنية غير قابمة لمطعف ،سكاءا بطرؽ
الطعف العادية كغير العادية كأنو يعتبر سندا تنفيذيا يجعؿ النزاع محسكـ بصفة دائمة ،كيككف
1
نفس المرجع ،ص.98
2
األخضر قكادرم ،المرجع السابؽ ،ص .119
3
نفس المرجع ،ص .155
27
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
تنفيذه سيال ممتنعا ألف ما ينفذ يتعمؽ مكضكعو بمراكز قانكنية معينة كمحددة متفؽ عمييا بيف
القضائي المدنية:
ة أوجو اإلختالف بين الوساطة الجزائية والوساطة
-الكساطة الجزائية قم الكساطة جكازية عمى خالؼ الكساطة القضائية المدنية كجكبية،
لكف كجكبيا ال يتجاكز قياـ القاضي المختص بعرض إجراء الكساطة عمى الخصكـ.
-أما فيما يخص مجاؿ تطبيؽ الكساطة ،فإ ف الكساطة الجزائية تطبؽ في الجنح المذككرة
عمى سبيؿ الحصر كالمخالفات غير محددة ،عمى خالؼ الكساطة القضائية المدنية التي تطبؽ
994مف في جميع المكاد اال في الحاالت الثالث التي استثناىا المشرع بمكجب نص المادة
-الكسيط في الكساطة المدنية يعيف مف طرؼ القاضي عمى خالؼ الكسيط في الكساطة
الجزائية فيك متمثؿ في شخص ككيؿ الجميكرية ،كما يشترط عمى الكسيط في الكساطة المدنية
أداء اليميف قبؿ ،عمى خالؼ الكسيط في الكساطة الجزائية الذ م ال يشترط عميو أداء اليميف.1
-ال كجكد لقانكف ينظـ مينة الكسيط في الكساطة الجزائية ،عمى خالؼ الكساطة المدنية
1
ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ ،المرجع السابؽ ،ص .103
28
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
-اما فيما يخص مدة الكساطة فبالنسبة لمكساطة القضائية المدنية فإف المدة تتجاكز 3أشير
قابمة لمتجديد بنفس المدة مرة كاحدة بطمب مف الكسيط ،عند االقتضاء بعد مكافقة الخصكـ 1المادة
996مف قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية ،عمى خالؼ الجزائية فمـ تحدد ليا مدة معينة.
يعرؼ الصمح في القانكف الجنائي عمى أنو " تالقي إرادة المتيـ كالمجني عميو " كيعتبره
كيعرؼ الصمح عمى أنو " :أسمكب قانكني غير قضائي إلدارة الدعكل الجنائية يتمثؿ في دفع
الماؿ لمدكلة اك تعكيض المجني عميو أك قبكؿ تدابير أخرل بمقابؿ انقضاء الدعكل الجنائية".
كيعتبر الفقو كؿ مف الصمح كالكساطة الجزائية انيـ ا بمثابة كسائؿ غير تقميدية في حؿ
بعض المنازعات الجزائية الناشئة عف جرائـ ذات خطكرة محدكدة ،3كىما كسيمتاف مف شانيما
ازالة أسباب االضطراب الذم أحدثتو الجريمة في المجتمع ،كما تؤدم إلى زكاؿ األحقاد
كالضغائف بيف الجاني ك المجني عميو ىذا مف جانب ،كمف جانب آخر فيما كسيمتاف مف
شأنيما تقميؿ عدد القضايا التي تحاؿ الى المحاكـ ك تخفيؼ العبء عف القضاة حتى ال تتراكـ
القضايا ك يتأخر الفصؿ فييا ،باإلضاؼة الى اف جكىر كؿ منيما يقكـ عمى حصكؿ المجني
1
األخضر قكادرم ،المرجع السابؽ ،ص .11
2
محمد حكيـ حسيف الحكيـ ،النظرم العاـ لمصمح كتطبيقاتيا في المكاد الجنائية ،دراسة مقارنة ،دار الكتب القانكنية ،مصر ،2002 ،ص .33
3
ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ ،المرجع السابؽ ،ص .67
4
عبد الحميد أشرؼ ،المرجع السابؽ ،ص .60
29
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
-أنيما بمثابة كسائؿ غير تقميدية في حؿ بعض المنازعات الجزائية الناشئة عف جرائـ
ذات خطكرة محدكدة ،1كىي كسائؿ مف شأنيا إزالة أسباب االضطراب الذم أحدثتو الجريمة في
المجتمع ،كما تؤدم إلى زكاؿ األحقاد كالضغائف بيف الجاني كالمجني عميو االمر الذم يساعد
في القضاء عمى اسباب االجراـ في المجتمع ىذا مف جانب كمف جانب آخر فيي كسائؿ مف
شأنيا تقميؿ عدد القضايا التي تحاؿ إلى المحاكـ كتخفيؼ العبء عف القضاة حتى ال تتراكـ
-أف جكىر كؿ منيما حصكؿ المجني عميو عمى تعكيض عادؿ يجب الضرر الناشئ عف
الجريمة ،2دكف أف يكبد في ذلؾ مشاؽ التقاضي كطكؿ اإلجراءات فضال عف تجنيب الجاني
،4كما -كيتفؽ الصمح كالكساطة الجزائية ؼ م أنيما يعداف غير ممزميف لطرفي النزاع
يتشابو كؿ مف الصمح كالكساطة الجزائية كؿ منيما يقكـ عمى رضا األطراؼ بمعنى ،يتكقؼ
تماميما عمى رضا المجني عميو اك كليو ككذا ارادة األطراؼ ،فجكىر كؿ منيما ىك الرضائية.
1
عبد الحميد أشرؼ ،المرجع نفسو.
2
ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ ،المرجع السابؽ ،ص .68
3عبد الحميد أشرؼ ،المرجع السابؽ ،ص .61
4محمد عمي عبد الرضا عفمكؾ ،ياسر عطيكم عبكد الزبيدم ،الكساطة في حؿ النزاعات بالطرؽ السممية في التشريع العراقي (دراسة مقارنة ) ،مجمة
رسالة الحقكؽ ،كمية القانكف ،جامعة البصرة ،العدد الثاني ،2015 ،ص . 194
30
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
-اف الصمح إجراء كجكبي ،عمى خالؼ الكساطة الجزائيةذ إأنيا إجراء جكازم كيككف في أم
مرحة تككف عمييا الدعكل حتى كاف كانت منظكرة أماـ القضاء ،بؿ إف بعض التشريعات التي
إعترفت بإجراء الكساطة ،كضعت مجمكعة مف الشركط كالضكابط أبرزىا أف تتـ قبؿ صدكر
الحكـ ،بؿ أف المشرع الفرنسي يشترط إجراء الكساطة أف تتـ قبؿ تحريؾ النيابة العامة لمدعكل
الجنائية.1
-أف الكساطة الجنائية تتـ عف طريؽ تدخؿ شخص ثالث الكسيط ،الذم يقكـ بالدكر الرئيسيّ في
الكصكؿ إلى إتفاؽ لمكساطة بيف أطراؼ النزاع ،كما أنو يقكـ بمتابعة تنفيذ ىذا االتفاؽ حتى النياية في حيف
أف الصمح ال يككف عف طريؽ كسيط إنما يتـ مباشرة بيف الجاني كالمجني عميو اك ككيمو الخاص.
-يترتب عمى الصمح انقضاء الدعكل العامة بقكة القانكف ،كىك مف اآلثار المتعمقة
بالنظاـ العاـ مف دكف أف يككف لمنيابة العامة أك المحكمة بحسب األحكاؿ أم سمطة تقديرية في
ىذا شأف ،في حيف اف الكساطة ال ترتب مثؿ ىذا األمر مباشرة ذلؾ أف الكسيط بعد أف يفرغ مف
ميمتو يقدـ تقري ار مكتكبا حكؿ نتائج ىذه الميمة كعمى ضكء التقرير يككف تصرؼ النيابة العامة
التحكيم " :ىك كسيمة لحؿ المنازعات تمكف الطرفيف مف االتفاؽ عمى حسـ ما يثكر بينيما مف
منازعات حالة أك محتممة عف طريؽ التحاكـ بثالث ،محكـ أك محكميف أك منظـ متخصص
يختاره الطرفاف ،كىذا كمو في إطار الضكابط كالحدكد المقررة شرعا كنظاما ".1
يحتاجاف أيضا إلى تذييؿ الحكـ أك كثيقة الكساطة بالصيغة التنفيذية كيكتسي عمميا
يختمؼ التحكيـ عف الكساطة الجزائية ـ ف حيث الكسيمة التي تتـ بمكجبيا تعييف كؿ مف
المحكـ ك الكسيط ثـ مف حيث نطاؽ سمطة كؿ منيما ،يجكز لممحكـ أف يتصدل لنظر النزاع
مف تمقاء نفسو أك بتفكيض مف جية حككمية ،إذ أف األصؿ أف يختص األفراد دكف غيرىـ
باالتفاؽ مع المحكـ الذم سيفصؿ في مكضكع النزاع ،عمى عكس مف ذلؾ في الكساطة فإنو
ال يجكز لمخصكـ المشاركة في اختيار الكسيط ،كما اف سمطة المحكـ تختمؼ عف سمطة
الكسيط فيما يتعمؽ بحؽ كؿ منيما في فرض قرار عمى أطراؼ الخصكمة ،إذ يختص األكؿ
أساسا بالفصؿ في مكضكع النزاع بنفسو ك يصدر حكما ممزما الكسيط ألطرافو ك مف ثـ كاف
دكر إيجابي في إنياء النزاع ،شأنو في ذلؾ القاضي الذم يصدر الحكـ أما فيك ذك دكر
1
محمد عمي عبد الرضا عفمكؾ ،ياسر عطيكم عبكد الزبيدم ،المرجع السابؽ ،ص .194
32
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
متكاضع يقؼ عند حد بناء الركابط بيف الجاني ك المجني عميو ،دك أف يفرض عمييما حؿ
معيف لمكضكع الخصكمة الجزائية ،فيك شخص محايد تختصر ميمتو عمى تقريب اآلراء
المتعارضة ،لمخصكـ دكف أف يككف لو تأثير في اختيار أم مف الحمكؿ المتاحة لمنزاع ،عمى
كعميو فاف كال مف الكساطة الجزائية كالتحكيـ يعداف مف الكسائؿ السممية في حؿ
المنازعات المطركحة بيف األطراؼ ،يجداف أصميما في إتفاؽ يعبر عف رغبة أطرافيـ في حؿ
النزاع بعيدا عف قضاء الدكلة ،ك يحتاجاف إلى طرؼ ثالث المحكـ أك الكسيط لمفصؿ في
النزاع ،كما يحتاجاف أيضا إلى تذييؿ الحكـ أك كثيقة الكساطة بالصيغة التنفيذية ك يكتسي
عمميا الشيء المقضي فيو ،ك يختمؼ التحكيـ عف الكساطة الجزائية ـ ف حيث الكسيمة التي يتـ
بمكجبيا تعييف كؿ مف المحكـ ك الكسيط ثـ مف حيث نطاؽ سمطة كؿ منيما ،كما يختمفاف مف
جية الطعف فييما فالتحكيـ يقبؿ الطعف فيو بطرؽ الطعف المقررة قانكنا عمى خالؼ الكساطة
يعد األمر الجزائي مف األنظـ ة المبسطة إلدارة الدعكل الجنائية في جرائـ تتصؼ بكثرتيا
ّ
كقؿ أىميتيما كيحقؽ ىذا النظاـ االقتصاد في النفقات كالكقت كيسمح لألجيزة القضائية لمتفرغ
1
محمد حكيـ حسيف الحكيـ ،المرجع السابؽ ،ص .414
33
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
يعرؼ الفقو االمر الجزائي بأنوّ " :أمر قضائي يفصؿ في مكضكع الدعكل الجنائية دكف
يحدده القانكف " ،1ك األمر الجزائي ىك قرار قضائي يصدر مف القاضي بغير
الميعاد ال ّذم ّ
تحقيؽّ أك مرافع في المخالفات كالجنح البسيطة التي حددىا القانكف عمى سبيؿ الحصر،
كبيذا فيك يتشابو في ىذا االمر مع الكساطة التي تعتبر كسيمة بديمة لحؿ النزاع الناشئ عف جرائـ
المخالفات كالجنح البسيطة ،لكنيما يختمفاف مف حيث العقكبة ،اذ اف عقكبة األمر الجزائي ىي
الغرامة ك العقكبات التكميمية ،اما الكساطة فيي تصؿ إلى تعكيض المجني عميو أك تقديـ خدمات
اجتماعية.
مما سبؽ يتبيف لنا اف نظاـ الكساطة الجزائية ق ك نظاـ مستقؿ ،لو مف الخصكصية ما
يجعؿ منو نظاما قائما بذاتو ،كلقد إستحدثتو التشريعات ليككف إلى جانب أنظمة أخرل كالصمح
لمكساطة الجزائية جمؿ مف الخصائص تميزىا عف بعض اآلليات األخرل التي قد
تتشابو معيا ،كما أف استحداث الكساطة كأسمكب لحؿ المنازعات الجزائية اثار جدؿ فقياء
القانكف الجنائي في تحديد طبيعتيا القانكنية ،لذلؾ ارتأينا اف نقسـ ىذا المبحث الى مطمبيف
اثنيف :تناكلنا في المطمب االكؿ منو خصائص الكساطة الجزائية كتناكلف ا في المطمب الثاني
1
نقال عف محمكد نجيب حسني ،شرح قانكف اإلجراءات الجنائية ،الطبعة الثانية ،دار النيضة العربية ،1988 ،ص .97
34
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
إف مف شأف الكساطة الجزائية أف تحقؽ سرعة الفصؿ في المنازعة الجزائية كىك تكريس
"حيث تجنب ألحد أىـ متطمبات المحاكمة العادلة كىك " سرعة الفصؿ في القضية الجزائية
الكساطة اإلجراءات الجزائية التقميدية المعقدة كالطكيمة المقررة في حاؿ ما اتبعنا المسار العادم
فالكساطة الجزائية قم اجراء ييدؼ الى تعكيض سريع لممجني عميو عف االضرار الكاقعة عميو
كبالتالي يفترض فييا اف تتـ عمى نحك أسرع مما عميو الحاؿ في اجراءات الدعكل العمكمية كقد
اثبتت الدراسات في فرنسا أف أكثر مف خمسيف بالمائة مف حاالت الكساطة كانت كافية لتسكية
اف السرعة في اإلجراءات الجزائي تعني االختصار كاإلسراع فييا عف طريؽ التبسيط كمما
اقتضى األمر ذلؾ 2كمع ذلؾ نرل اف عدـ تحديد المشرع الجزائرم لمدة زمنية محددة لحؿ
النزاع عف طريؽ الكساطة الجزائية ؽ د يحكؿ دكف تحقيؽ ىذه الخاصية مف الناحية الكاقعية.
1
رامي متكلي القاضي ،المرجع السابؽ ،ص .155
2
،1كمية الحقكؽ،2015 ، جديدم طالؿ ،السرعة في اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائرم ،رسالة ماجستير تخصص قانكف جنائي ،جامعة الجزائر
ص.12
35
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
باإلضافة الى كؿ ىذا تتميز اجراءات الكساطة الجزائية عف إجراءات المتابع العادم
بالمركنة ك عدـ ارتباطيا بشكميات محددة مسبقا ،كال يكجد فييا أم إجراء يترتب عمى مخالفتو
البطالف ،كانما كؿ إجراء غير مخالؼ لمقانكف كمف شأنو أف يؤدم لحؿ النزاع كديا يعتبر مقبكال
،1كما تكمف اىمي الكساطة الجزائية ؼم مجانتييا اذ تتـ دكف رسكـ أك مصاريؼ قضائية ،كىي
مسأؿ في غاية األىمية في نظر المتقاضيف ،فال يطمب منيـ دفع أم رسكـ أك مصاريؼ
ة
خاصة ،باستثناء الحاؿ التي يقرر فييا أطراؼ النزاع االستعانة بمحامي ،ىنا يككف عمييـ دفع
إف الكساطة الجزائية إج ار ء رضائي مف بدايتيا إلى غاية نيايتيا ،حيث ال يسير ككيؿ
الجميكرية في إجراءاىا إال بعد مكافقة كؿ األطراؼ ،كيبقى ليـ في األخير قبكؿ أك رفض الحؿ
المقترح مف قبؿ ككيؿ الجميكرية ،كذلؾ خالفا لألحكاـ القضائية التي يتـ تنفيذىا جب ار كلك كاف
بغير رضا أطراؼ القضية ،كما تتحقؽ ىذه الرضائية مف خالؿ تجريد ككيؿ الجميكرية مف
سمطات اإلجبار في قبكؿ الكساطة أك االستمرار فييا ،بحيث يقتصر عممو عمى تقريب كجيات
1
عركم عبد الكريـ ،الطرؽ البديمة في حؿ النزاعات القضائية ،الصمح كالكساطة القضائية طبقا لقانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية ،رسالة ماجستير،
جامعة الجزائر ،1بف عكنكف ،2012 ،ص.91
2
8 يعقكب فايزم ،محمد مكادف ،نظاـ الكساطة القضائية في التشريع الجزائرم ،مذكرة ماستر في قانكف األعماؿ ،كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية ،جامعة
مام ،1945قالمة ،2016,2015 ،ص .26
36
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
غير أف مبدأ الرضائية اثار عدة اشكاليات قانكنية ألنو يؤدم لمتخمي عف الصبغة
المكضكعية لقانكف العقكبات التي تقكـ عمى السمكؾ االجرامي كالعقكبة طبقا لمبدأ الشرعية
كمف الناحية االجرائية تغيير النظاـ االجرائي مف النظاـ التنقيبي الى النظاـ االتيامي ،اذ كيؼ
تتالقى ارادة الجاني كالمجني عميو كالنيابة العاـ لشؿ القكاعد الجزائية رغـ اعتبارىا مف النظاـ
العاـ ،لكف تطكرت فكرة الرضائية في نظاـ العدالة الجزائية ككجدت مف يناصرىا في ظؿ
تسمح الكساطة الجزائية لمجافم كالمجني عميو بالجمكس عمى طاكلة التفاكض مف أجؿ
مناقشة جميع المسائؿ الشائكة كالمتعمقة بالنزاع ،كمحاكلة تقريب كجيات النظر بمساعدة
الكسيط مف أجؿ الكصكؿ إلى مصالح كحؿ يرضي جميع أطراؼ النزاع ،كيعيد العالقات
الكدية بينيـ ،لذا نجد أف غالبية التشريعات التي أخذت بالكساطة الجزائية طبقتيا مف حيث
المكضكع عمى جرائـ بسيطة ترتكب بيف أشخاص تربطيـ في الغالب عالقات قرابة أك جكار،
فالميزة الرئيسية لمكساطة ىي اف لمكسيط القدرة عمى اعادة تكجيو االطراؼ كؿ نحك االخر .
فالكساطة الجزائية تندرج ضمف التكجو الحديث لمعدالة الجزائية ،عدالة تصالحية تكمؿ
العدالة الجنائية التقميدية فيذه األخيرة تنتيي دائما بالمتابعة الجزائية فييا بانتصار طرؼ كخسارة
الطرؼ اآلخر ،ما يترتب عنو انقطاع ركابط الكد بشكؿ نيائي عمى عكس الحاؿ في حاؿ اعماؿ
الكساطة الجزائية ،كالتي بإقرارىا يتحقؽ إصالح ذات البيف كتحقيؽ أغراض العقكبة التي لـ تعد
1
محمد سامي الشكاف ،الكساطة كالعدالة الجنائية ،دار النيضة العربية ،مصر ،1998ص.9
37
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
ترمي إلى الردع فقط ،بؿ إحالؿ الصمح بيف أطراؼ النزاع ،كاستمرار العالقات الكدم بينيما ،كىك
التكجو الذم أقر معالمو مؤتمر األمـ المتحدة العاشر لمنع الجريمة كمعاممة المجرميف مؤكدا ذلؾ
إعالف فيينا في أبريؿ 2000الذم قرر استحداث خط عمؿ كطني كاقميمي كدكلي لدعـ ضحايا
2002األجؿ الزمني الجريمة تشمؿ آليات لمكساطة كالعدالة التصالحية كقرر أف يككف عاـ
تتميز الكساطة بقدر مف السرية كالخصكصية ألطراؼ النزاع طالما أنيا ال تجرم أماـ
المأل مما يصكف معيا سمع أطراؼ القضية إذ تتـ اإلجراءات عادة في مكتب السيد ككيؿ
الجميكرية في غياب الجميكر كفي ظؿ سرم تاـ كال يحضرىا إال أطراؼ القضية بما فييـ
ككيؿ الجميكرية كالمحامي في حاؿ االستعانة بو ،مما يجنب األطراؼ مساكئ اإلجراءات
العمنية التي ىي مف سمات المحاكمة القضائية التي تتـ في قاعة الجمسات كيحضرىا الجميكر.
38
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
لـ يتفؽ فقياء القانكف الجنائي حكؿ تحديد الطبيعة القانكنية لمكساطة الجزائية ،كترتب
عمى ذلؾ ظيكر عدة أراء بحسب اختالؼ األسس القانكنية التي استندكا عمييا ،كتتراكح ىذه
اآلراء في أربع أراء فقيية ،حيث ذىب الرأم األكؿ إلى القكؿ بأف الكساطة الجزائية ذا ت طابع
اجتماعي ،كاعتبرىا رأم آخر انيا صكرة مف صكر الصمح ،في حيف ذىب رأم ثالث إلى القكؿ
انيا ذات طبيع إدارم ،كأخير اعتبرىا رأم رابع مف بدائؿ الدعكل العمكمية كذلؾ عمى النحك
التالي:
يرل جانب مف الفقو أف الكساطة الجزائية ذا ت طبيعة اجتماعية كىي نمكذج لمتنظيـ
االجتماعي الذم يسعى إلى تحقيؽ السالـ االجتماعي كمساعدة أطراؼ النزاع في تسكيتو بشكؿ
كدم بعيدا عف ساحات المحاكـ ،1فمف خالؿ الكساطة الجزائية يتكص ؿ طرفي الخصكمة الى
تسكية المنازعات الناشئة بينيما بشكؿ كدم كبطريقة انسانية بعيدا عف التعقيدات الشكمية
لمتقاضي ،كيستند ىذا الرأم عمى نمكذج كساطة األحياء كمكاتب القانكف المطبقة في فرنسا،
كنمكذج مراكز عداؿ الجكار في الكاليات المتحدة األمريكية كىي ىياكؿ الكساطة ذات صبغ
اجتماعية تيدؼ إلى تحقيؽ السالـ االجتماعي في األحياء مف خالؿ دعكة األطراؼ المتنازعة
ىذه المراكز مف أجؿ تسكية الخالؼ قبؿ الشركع في اإلجراءات القانكنية .2
1
أشرؼ رمضا عبد الحميد ،المرجع السابؽ ،ص .30
2
عماد الفقي ،االتجاىات الحديث في إدارة الدعكل الجنائية دراسة في النظاـ اإلجرائي الفرنسي القاىرة ،دار النيضة العربية ،ص .35
39
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
يرل البعض اف ىذا الرأم صحيح جزئيا مف جانب أف الكساطة الجزائية فعال ذات
طبيعة اجتماعية بالنظر إلى الغاية منيا بحيث انيا حقيقة تساىـ في تحقيؽ األمف كالكئاـ
االجتماعي ،كمع ذلؾ يبقى ىذا الرأم ضيؽ النطاؽ بالنظر إلى نماذج الكساطة الجزائية
المنتشرة في التشريعات المقارنة ،حيث الكثير منيا جعمت الكساطة مف اختصاص النيابة
العامة كالمشرع الجزائرم ،كالبعض اآلخر اشترط اشراؼ كرقابة القضاء كاف كاف مف يتكلى
الكساطة شخص ال يمارس مينة قضائية كالمشرع الفرنسي كبالتالي فإف تدخؿ القضاء في
الحالتيف بصؼ مباشرة أك غير مباشرة يجعؿ الطبيعة التي ينادم بيا ىذا الرأم غير صائبة،
كما يعاب عمى ىذا االتجاه انو اغفؿ الغاية مف اجراء الكساطة في انياء الخصكمة.
يرل جانب اخر مف الفقياء اف الكساطة الجزائية صكر ة مف صكر الصمح ألف كالىما
1
كالىما طريقاف غير يرتكز عمى تكافؽ إرادة األطراؼ ،كيرل البعض االخر أف الكساطة كالصمح
تقميدييف في حاؿ انعداـ ىذه اإلرادة فال مجاؿ لمكساطة أك الصمح في انياء الخصكمة الجزائية .2
رغـ صحة ىذا الرأم في جانب منو إال انو تعرض الى جممة مف االنتقادات مف قبؿ
الفقو ،3كذلؾ بسبب اآلثار المترتبة عمى كمييما ،إذ أ ف الصمح الجزائي ينتج أثره في انقضاء
الدعكل العمكمية سكاء قبؿ أك بعد رفع الدعكل العمكمية كبذلؾ يعتبر الصمح سببا مف أسباب
انقضائيا في حيف يجب أف تتـ الكساطة قبؿ تحريؾ الدعكل كالعمكمية كما ال تعتبر الكساطة
1
-1أشرؼ رمضاف عبد الحميد ،مرجع سابؽ ،ص .30
2
.35 -1عماد الفقي ،مرجع سابؽ ،ص
3
-1محمد عمي عبد الرضا عفمكؾ ،المرجع السابؽ ،ص . 9
40
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
سببا مف أسباب انقضاء الدعكل العمكمية في بعض التشريعات كيمكف أف نضيؼ كسند ليذا
الرأم أف الصمح ممكف التكصؿ إليو مف خالؿ طرفي النزاع دكف االعتماد عمى طرؼ ثالث.
يرل أنصار ىذا االتجاه اف الكساطة الجزائية ق م مجرد إجراء إدارم كباقي اجراءات
االتياـ التي تمارسيا النيابة العامة في الدعكل العمكمية ،فيي ال تتكقؼ عمى مكافقة الجاني
كالمجني عميو كانما تخضع لتقدير النيابة العامة في اطار سمطتيا المستمدة مف القانكف ،كالتالي
فيي جزء مف نسيج ىذه الدعكل ك ليست بديال عنيا ،فيي ال تتكقؼ عمى مكافقة الجاني
كالمجني عميو كّ إّنما تخضع لتقدير النيابة العامة في إطار سمطتيا ،فيي ال تتكقؼ عمى مكافقة
الجاني كالمجني عميو عمى أساس أف الكساطة في حد ذاتيا ليست ممزمة لككيؿ الجيكرية بؿ
ىي مجرد خيار ثالث يمجا اليو ،اضاؼ الى اف اتفاؽ الكساطة ال يتحكؿ إلى سند تنفيذم إال
بعد مكافقة كتكقيع ككيؿ الجميكرية عمى محضر تنفيذ الكساطة ،كبناءا عمى ذلؾ تصدر النيابة
العامة ق ار ار بعدـ المتابعة بشرط حصكؿ المجني عميو عمى التعكيض المناسب.
بدائؿ الدعكل العمكمية إلنياء الخصكمة الجزائية ،فالكساطة الجزائية ىي طريؽ خاص الستعادة
اإلجراءات الجزائية ،اك ىي بديؿ عف المالحقات القضائية ،كىي مف بدائؿ رفع الدعكل الجنائية
التي تيدؼ إلى تعكيض الضحية ،كىذا ما ذىب اليو المشرع الجزائرم بحيث اعتبر نظاـ الكساطة
1
رامي متكلي القاضي ،المرجع السابؽ ،ص .67
41
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
آلي بديؿ لممتابعة الجزائية في مادة المخالفات كبعض الجنح البسيط التي ال تمس النظاـ العاـ
37مكرر 4مف األمر رقـ كالتي حددىا مشركع األمر عمى سبيؿ الحصر كما نص في المادة
مف خالؿ استعراضنا لمجمؿ اآلراء الفقيي ،كأماـ اختالؼ الفقو الجنائي حكؿ الطبيعة
القانكني لمكساطة الجزائية ،ما بيف مف يعتبرىا صكرة مف صكر الصمح كبيف مف يعتبرىا
إجراءا إداريا ،ك مف يعدىا ذات طابع اجتماعي كاآلخر يراىا بديؿ لمدعكل الجزائية كّ مفاد ما
عرضناه نرل أف الكساطة الجزائية إجراء يدخؿ في منطكؽ الحمكؿ الرضائي لممنازعات في
قانكف اإلجراءات الجزائية ،كىي نظاـ قانكني جنائي يجعمو ممي از عف غيره مف اإلجراءات
التكفيقية المعركفة في حؿ المنازعات ،كىي بديؿ مف بدائؿ الدعكل العمكمية لو اثر اجتماعي
اقكل مف المجكء الى الطريؽ القضائي خاصة في التعامؿ مع الجرائـ البسيطة كالتي تثقؿ كاىؿ
المحاكـ بالشكؿ الذم يحقؽ تطكر في نظاـ العدالة الجنائية كىك ما أخذ بو المشرع الفرنسي
42
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
بيدؼ تطكير المنظكمة القانكنية ،قاـ المشرع الجزائرم بتعديؿ قانكف االجراءات الجزائية ،كىذا
بمكجب األمر 02-15كالذم مف خاللو أعطى لمنيابة العامة صالحيات جديدة ىدفيا الحد مف عدد
القضايا التي تحاؿ عمى القضاء الجزائي ،كمف بينيا الكساطة الجزائية التي تعتبر آلية قانكنية اختيارية
02-15ككذا مف
37اد مكرر كما يمييا مف األمر
منحيا المشرع لككيؿ الجميكرية ،كنص عمييا في المك
خالؿ قانكف حماية الطفؿ ،كالفقو الجنائي لـ يتكصؿ إلى اتفاؽ حكؿ تحديد طبيعتيا القانكنية فيناؾ مف يرل
أنيا ذات طبيعة اجتماعية ،كىناؾ مف يرل أنيا ذات طبيعة إدارية ،كىناؾّ مف يرل انيا صكرة مف صكر
العمكمية
الصمح ،ك كىناؾ مف يعتبرىا بديؿ مف بدائؿ الدعكل .
ك تعتبر الشريعة اإلسالمية السباقة في غرس الفكر التصالحي في المجاؿ الجنائي ،كلكف
التطبيؽ القانكني ليا ظير في األنظمة األنجمكسكسكنية في السبعينات ،كالذم إمتد بدكره إلى معظـ
الدكؿ األكركبية ،كالكساطة الجزائية تختمط مع كثير مف المفاىيـ المشابية ليا كالتي تسعى الى حؿ
الخصكمات بعيدا عف القضاء ،فيي تتشابو مع المصالحة الجزائية في بعض األمكر مف جية
43
الفصل االول :ماىية الوساطة الجزائية
كتختمؼ معيا في أمكر مف جية أخرل ،كما تمتقي أيضا الكساطة الجزائية مع الكساطة المدنية
في بعض النقاط كتختمؼ كذلؾ معيا في نقاط أخرل ،كباإلضافة ىذا فإنيا تتشابو مع الصمح
المدني كتختمؼ معو في بعض األمكر ،كىذا كمو أشرنا إليو في الفصؿ األكؿ مف ىذه الدراسة،
بحيث استعرضنا فيو ىيكؿ الكساطة الجزائية ـف حيث مفيكميا كنشأتيا ك تعريفيا مع تمييزىا عف
44
الفصل الثاني
الوساطة الجزائية في األمر155/66
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
بعدما ما كرس المشرع الجزائرم الكساطة في المنازعات المدنية بمكجب قانكف اإلجراءات
المدنية كاإلدارية رقـ 09- 08الصادر بتاريخ 25فبراير 2008في المكاد مف 994إلى 1005
منو كالقانكف 12-15المتعمؽ بحماية الطفؿ المؤرخ في 19يكليك 2015في مكاده مف 110إلى
115ىا ىك اآلف يكرسيا في تعديؿ قانكف اإلجراءات الجزائية الصادرة بمكجب األمر رقـ02-15
المؤرخ في 23جكيمية 2015المنشكر في الجريدة الرسمية رقـ ،40قاـ المشرع بمكجب المادة
الثامنة مف ىذا األمر بإتماـ الباب األكؿ مف الكتاب مف األمر رقـ 155-66المؤرخ في 08يكليك
1966المتضمف قانكف اإلجراءات الجزائية بإضافة فصؿ ثاني مكرر تحت عنكاف " الكساطة " مف
المادة 37مكرر إلى غام المادة 37مكرر ،09كبالرجكع الى مجمؿ ىذه المكاد فإف القانكف
اقتصر فقط عمى تحديد اطراؼ الكساطة كالجية المؤىمة إلجرائيا ،كما حدد الكساطة مف حيث
المكضكع .
إف اليدؼ أك الغاية مف اعماؿ اجراءات الكساطة الجزائية ق ك جبر األضرار الحاصمة
لممتضرر نتيجة األفعاؿ المنسكب لممشتكي منو ،كمف ثـ يشترط المشرع في الكساطة الجزائية
كجكد جريمة معينة منسكبة لشخص معيف مشتكي منو أدت إلى حصكؿ أضرار لشخص
الضحي ،كما يشترط القانكف في نظاـ الكساطة الجزائية الرضا الصادر مف الجاني في اإلجراء
ة
46
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
الجزائي كما يعتمد عمى الرضا الصادر عميو كىنا سنتناكؿ أطراؼ الكساطة الجزائية كدكر كؿ
طرؼ فييا ،كأىدافيا كمجاؿ تطبيقيا ،كؿ ذلؾ سنحاكؿ طرحو في مطمبيف اثنيف.
يككف إجراء الكساطة الجزائية بمبادر ة مف ككيؿ الجميكرية أك بناءا عمى طمب الضحية
37مف األمر يجكز لككيؿ الجميكرية قبؿ أم أك المشتكي منو كىك ما نصت عميو المادة
متابعة جزائية أف يقرر بمبادرة منو أك بناء عمى طمب الضحية أك المشتكي منو إجراء الكساطة
عندما يككف مف شأنيا كضع حد لإلخالؿ الناتج عف الجريمة أك جبر الضرر المترتب عمييا،
إف المشرع الجزائرم لـ يسف نصكص تفصيمية تنظـ إجراءات الكساطة الجزائية كلـ يحدد
كذلؾ الضكابط التي يجرل بمقتضاىا حكار الكساطة ،كما لـ يعط تعريفا ليا كانما اكتفى بذكر
كبياف أطرافيا كمكضكعيا ،ككاف األجدر أف يقدـ تعريفا ليذه الكسيمة في حؿ المنازعات
الجنائية خاصة كأنيا دخيمة عمى النظاـ اإلجرائي الجزائرم ،إال أنو كمف المتعارؼ عميو كالمسمـ
بو أف التشريع ال ييتـ بصكرة أكلى بالتعريفات كانما تككؿ كتناط ىذه الميمة بالفقو كالقضاء،
كقد استعمؿ المشرع الجزائرم مصطمح الضحية كالمشتكى منو أك مرتكب األفعاؿ المجرمة
كحينئذ يجب الكقكؼ عند ىذه األطراؼ الثالثة كذلؾ بتكضيح معنى كؿ طرؼ :
47
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
يقصد بالكسيط المشرؼ كالمنسؽ كالمراقب كالمحرؾ األساسي لعممية الكساطة الجزائية
مف بدايتيا كحتى نيايتيا ،1كما يقصد بو ىك ذلؾ الشخص الذم يتكلى ميمة التكفيؽ بيف
مصمحتيف الجاني كالمجني عميو ،أك باألحرل ىك ذلؾ الشخص الذم يتعيف أف تتكفر فيو
شركط معينة تمكنو مف القياـ بميمة التكفيؽ بيف مصمحتي الجاني كالمجني عميو .2
ة كالكسيط في التشريع الجنائي الجزائرم ىك ممثؿ الحؽ العاـ كالمجتمع كممثؿ النياب
العامة كىك أىـ أطراؼ الدعكل الجزائية ك الجية المختصة بتحريؾ الدعكل كمباشرتيا في
غالبية التشريعات الجنائية المقارفة ،فقد يترتب عمى كقكع الجريمة تكلد حؽ إجرائي لمدكلة في
مباشرة الدعكل يجسده ككيؿ الجميكرية بصفتو نائبا عف المجتمع ،كقبؿ صدكر األمر رقـ -15
02كاف لككيؿ الجميكرية خياريف إما متابعة مقترؼ الجريمة أك حفظ الممؼ ،كبصدكر ىذا
االمر أتيح لو خيار ثالث كىك إج ار ء الكساطة بيف طرفي الدعكل أم الضحي ة كالمشتكى منو
كبنجاحيا كتكفيقيا تنتيي الدعكل كعندئذ يصح القكؿ أف الكساطة مف بدائؿ الدعكل الجزائية
كذلؾ لتخفيؼ العبء عف كاىؿ النيابة العامة كالمحاكـ ،كلتفادم شكميات المتابعة الجزائية مف
الضحي .
ة طرؼ رافع الدعكل أم
تجدر اإلشارة أف ككيؿ الجميكرية ىك الجية المنكط بتقدير إحاؿ ة النزاع لمكساطة مف
خالؿ تقدير مدل تكافر الظركؼ المالئمة لحؿ النزاع عف طريؽ الكساطة كىك ما تـ اإلفصاح
1
عبد الحميد أشرؼ ،المرجع السابؽ ،ص .19
2
المرجع نفسو ،ص .19
48
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
عنو في المادة 37مكرر عندما يككف مف شأ ف الكساطة كضع حد لإلخالؿ الناتج عف الجريمة
نصت عميو المادة 37مكرر مف قانكف اإلجراءات الجزائية ،كيعرؼ الجاني " بأنو كؿ
شخص كانت لو إرادة معتبرة اتجيت اتجاىا مخالفا لمقانكف " ،1كيقصد بو أيضا الشخص الذم
ارتكب فعال مككنا ألركاف الجريمة مف الجرائـ ىك الشخص مقترؼ الجريمة سكاء كاف فاعال
أصميا أـ شريكا ،كقد عرؼ الفقو الكساطة الجزائية بمصطمحي ف قانكنييف يسير كؿ منيا إلى
ذات الشخص كىما المتيـ كالمشتبو فيو ،أما المتيـ فيك الشخص الذم تكجد دالالت كافية عمى
ارتكابو الجريمة كىذه الصفة يكتسبيا ىذا الشخص في حاؿ قياـ النياب ة العامة بتحريؾ الدعكل
الجزائية ضده ،كتظؿ ىذه الصفة مالزمة لذلؾ الشخص طكاؿ فترة التحقيؽ كالمحاكمة ،اما
بالنسب لممشتبو فيو فيقصد بو الشخص الذم يكدع ضده بالغ أك شككل أك يجرل معو تحريات
بغية تقكية دالئؿ اتصالو بالجريمة المرتكبة ،لقد ذىب المشرع الجزائرم إلى استخداـ مصطمح
المشتكى منو أك مرتكب األفعاؿ المجرمة في مرحمة ما قبؿ تحريؾ الدعكل كىذا ىك الذم يتفؽ
مع مجاؿ تطبيؽ الكساطة الجزائية ذؿ ؾ أف تمؾ األخيرة تتجو لمبحث عف حمكؿ كدية تعالج
1
عادؿ يكسؼ عبد النبي ،الكساطة الجنائية كسيمة مستحدثة كبديمة لحؿ المنازعات الجنائية كالمجتمعات ،مجمة ككفة ،كمية القانكف كالعمكـ السياسية،
جامعة الككفة ،العدد ،09ص .69
49
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
كتتضمف الكساطة جممة مف الضمانات لممشتبو فيو فككنيا اجراء رضائي يترتب عف ىذا
نتيجة ميمة تتمثؿ في عدـ ارغاـ المتشبو فيو عمى قبكؿ الكساطة لما في ذلؾ مف تعارض مع
مبدأ حؽ المجكء الى القاضي الطبيعي فالكساطة يمجأ الييا المشتبو فيو تجنبا لمساكئ العدالة
التقميدية أما بطمب مف ككيؿ الجميكرية أك الضحية اك المشتكى منو كبالنسب لمطفؿ الجانح فمو
لـ يرد في أغمب التشريعات الجنائية المقارنة تعريؼ تشريعي لممجني عميو ،1بينما عرفو
الفقو بأنو " :الشخص الذم كقؼ عميو نتيج ة الجريمة أك الذم اعتدل عمى حقو الذم يحميو
القانكف نالو ضرر مادم أك معنكم أك أدبي أك لـ يصبو أم ضرر " ،2بينما ذىب رأم آخر مف
الفقو إلى تعريؼ المجني عميو انو ذلؾ الشخص الطبيعي اك المعنكم الذم أىدرت الجريمة
37 قانكف االجراءات الجزائية الجزائرم نجد استعمالو ليذا المصطمح في العديد مف المكاد
مكرر ك 37مكرر 1كفي الفصؿ السادس المستحدث مف الباب الثاني مف الكتاب األكؿ حكؿ
حماية الشيكد كالخبراء كالضحايا كأشار الى مصطمح الضحية ايضا في القانكف المتعمؽ بحماية
الطفؿ رقـ 12-15المؤرخ في 15جكيمية ،2015ما يحسب لممشرع الجزائرم انو لـ يكرد
1
ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ ،المرجع السابؽ ،ص .117
2
عادؿ يكسؼ عبد النبي ،المرجع السابؽ ،ص .76
3
ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ ،المرجع السابؽ ،ص .118
50
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
تعريفا لمضحية غاية ذلؾ تفادم االختالؼ في التطبيؽ كاستعماؿ مصطمح الضحي ة في تعديؿ
القانكف الجزائرم قد يؤدم الى استغنائو كلك تدريجيا عف العديد مف المصطمحات المشابية
ك تعد الضحية أم شخص سكاء كانت شخصا طبيعيا اك معنكيا لحقو ضرر مف
الجريمة كالتي مست حقا مف حقكقو أك مف حرياتو االساسية كىي مف أىـ أطراؼ عممية
ة الكساطة الجزائية ذؿؾ أف ىذه االخيرة تيدؼ في المقاـ األكؿ إلى ضماف تعكيض الضحي
المتضررة جراء ارتكاب المشتكى منو لجريمة ما ،حيث في ىذا الصدد يتـ تفعيؿ مشاركتو في
اإلجراءات الجزائية فال يتصكر كجكد الكساطة الجزائية في غياب الضحية فقد جاء النص في
المادة 37مكرر مف األمر 02-15السابؽ الذكر عمى جكاز المجكء إلى الكساطة عندما يمكف
أف تحقؽ تعكيض أك جبر الضرر المترتب عف الجريمة الذم ارتكبو المشتكى منو في حؽ
الضحية ،ىذا ك تذىب أغمب التشريعات الجنائية المقارنة إلى اعتبار الضحي ة كؿ شخص كقع
عمى مصمحتو المحمية فعؿ يجرمو القانكف سكاء ألحؽ بو ىذا الفعؿ ضررا ،أك قد يعرضو
لمخطر أك أنو الشخص الذم يقع عميو الفعؿ المؤلـ قانكنا ،مف خالؿ ما تقدـ يمكننا استنباط
فكرة أخرل تصب في سياؽ الكساطة دائما تتمثؿ في اعتبار ىػ ػػذا اإلجراء إجراء قضائي ألنو
يجرل أماـ أك عف طريؽ تدخؿ النيابة العامة أم ككيؿ الجميكرية كتحت رقابة قضائية ،كما أف
ىذه الكساطة تمقائية أم بتدخؿ ككيؿ الجميكرية في ىذا اإلجراء يصبح تمقائي بعد حصكلو
عمى قبكؿ الطرفيف التفاكض إلنياء النزاع دكف تدخؿ جية تختص بالتكفيؽ بيف الطرفيف.
اف ىدؼ الكساطة الجزائية كفؽ ا لقانكف اإلجراءات الجزائية ،يتمثؿ خصكصا في إعادة
األمكر إلى نصابيا ،كاصالح الضرر كجبره ككذا حصكؿ الضحي ة عمى تعكيض سكاء كاف
تعكيض مالي أك عيني عف األضرار التي تسبب فييا المشتكى منو ،كىذا ما أشارت إليو المادة
37مكرر 04التي تنص عمى ما يمي " :يتضمف اتفاؽ الكساطة عمى الخصكص ما يمي:
- 3اتفاؽ اخر غير مخالؼ لمقانكف يتكصؿ اليو االطراؼ ."1
يدفع مبمغ مف الماؿ إلى المدعي المدني كتعكيض عما ألحقتو الجريمة بو مف ضرر،
كيشمؿ ىذا المقابؿ ما فات المدعي المدني مف كسب ك ما لحقو مف خسارة ،كمنيا قيمة ىذا
الضرر ك تقييمو ،أم الزاـ المتيـ أك المسؤكؿ عف الحقكؽ المدنية بدفع مبمغ مف النقكد الى
الشخص المضركر مف الجريمة كيمكف تسديد ىذا المبمغ مباشرة نقدا أك عف طريؽ الشيؾ اك
عف طريؽ حكالة كىي افضؿ كسيمة ،كعميو فإف الكساطة الجزائية تيد ؼ إلى إمكانية إصالح ما
لحؽ المجني عميو مف الضرر ك ضماف تعكيضو الضرر الذم أصابو جراء الفعؿ الذم أتاه
الجاني فإصالح الضرر كجبره مف األىداؼ األساسية ،2ك ىذا الجبر ال يتـ فقط بالتعكيض
المالي الذم تقدره الضحية 3الذم تعتبره مف أىـ مظاىر إصالح الضرر لمكساطة الجنائية،
كيككف الكساطة بيف الجاني ك الضحي ة ،أما إذا نشأ الضرر عف الجريمة تعدد المتيمك ف أك
1
المادة 37مكرر 3مف االمر .22/15
2
احمد نادر الصباح ،المرجع السابؽ ،ص .10
3
ليمى القايد ،الصمح في جرائـ االعتداء عمى األفراد فمسفتو كتطبيقو في القانكف الجنائية المقارف ،دار الجامعة الجديدة ،2001 ،ص.291
52
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
الجناة فييا التزمكا متضامنيف بالتعكيض ك إف لـ يكجد بينيـ إتفاؽ أك تخمؼ خطأ كؿ منيـ عف
غيره مادامت ىذه جميعا قد ساىمت في حدكث الضرر ،1ىذا كيمكف لمتعكيض أف يأخذ أشكاال
ة كما يتخذ مختمفة مثؿ االعتذار الكتابي أك الشفيي أك قياـ الجاني بعمؿ لصالح الضحي
التعكيض صكرة أخرل كالنشر في الصحؼ أك التعميؽ في أماكف معينة ك غالبا ما يطمبو
يطمؽ العناف ليا ،بؿ عمؿ عمى تحديد نطاقيا كذلؾ في الجرائـ الغير خطيرة كالغير الماسة
بالنظاـ العاـ كذلؾ في الجنح كالمخالفات كما أنو حدد مضمكنيا كذلؾ عف طريؽ التعكيض أك
إعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو أك أم إتفاؽ غير مخالؼ لمقانكف كىك ما سكؼ نتعرض لو في
الفرعيف المكالييف.
إف المنطؽ القانكني يتطمب تحديد دائرة تجريمية ينطبؽ عمييا نظاـ الكساطة الجزائية
باعتباره ا نظاـ إجرائي شرع مف أجؿ التبسيط كاإليجاز كالتيسير فيي تقكـ عمى قكاعد في إدارة
الدعكل تختمؼ كميا عف القكاعد المتبعة في المحاكمة العادية الجزائية ،كىك ما يثير التساؤؿ
حكؿ ماىية الجرائـ محؿ تطبيؽ الكساطة الجنائية عمما أنيا ال تطبؽ عمى جميعيا ،إنما عمى
1
أحمد شكقي ،الشمقاني ،مبادئ الجزائية في التشريع الجزائرم ،الجزء األكؿ ،ديكاف المطبكعات الجامعية الجزائرية ،ص .107
53
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
مف ىذا المنطمؽ ذىب المشرع الجزائرم عند اخذه بنظاـ الكساطة في المكاد الجزائية الى
حصر نطاقيا في الجرائـ البسيطة كىي المخالفات كبعض الجنح ،كىي جرائـ غير ماسة
بالنظاـ العاـ كىك ما نتعرض لو في الفرعيف المكالييف :مف غير ذلؾ لـ يدرج ىذا االجراء
ضمف الجنايات 1التي ال سبيؿ ليا في ىذا الشأ ف إال إتباع القكاعد العادية بما ليا مف مساس
بالتكازف بيف الحقكؽ كالحريات كالمصمحة العامة ،كىك ما سكؼ نعمؿ عمى تفصيمو مف خالؿ
النقاط التالية:
إف البحث عف التبسيط كاإليجاز يصبح في حد ذاتو ىدفا أساسيا مف أجؿ تحقيؽ حد
ف أحد األنظـ ة اإلجرائية الصالحة أقصى مف الفاعمية لمعدالة الجنائية ،فالكساطة الجزائية ـ
لمتطبيؽ عمى الجنح كالمخالفات استنادا ليذا اليدؼ ،كعمى ىذا النيج سار المشرع الجزائرم
حينما حدد نطاؽ تطبيؽ الكساطة الجزائية بالتعر ض لمجرائـ محؿ إجراء ىذا صراح بمقتضى
األمر رقـ 02-15المعدؿ كالمتمـ لؽ.إ.ج.ج ،.كخص بيا بعض النظاـ الجنح الكاردة عمى
- 1السب.
- 2القذؼ.
1
رامي متكلي القاضي ،مرجع سابؽ ،ص ،159الفصؿ الثاني القكاعد الخاص بالكساطة الجزائية .52
54
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
- 4التيديد.
الكشام الكاذبة.
ة -5
- 9اإلستيالء بطريؽ الغش عمى أمكاؿ اإلرث قبؿ قسمتيا أك عمى أمكاؿ مشتركة أك أمكاؿ الشركة.
السالح.استعما
الترصد أك
- 12جنح الضرب كالجركح غير العمدية ،كالعمدية المرتكبة بدكف سبؽ اإلصرار ك ؿ
نالحظ أف المشرع الجزائرم قد حصر في قانكف اإلجراءات الجزائية الجنح التي يجكز
فييا عمؿ الكساطة الجزائية د كف أف يبيف المعيار الذم اعتمده في ذلؾ ،كقد تعكد أسباب ىذا
الحصر إلى بساطتيا كعدـ مخالفتيا لمنظاـ العاـ كأنيا جرائـ يترتب عنيا ضرر ،كبالنظر إلييا
نجد أنيا جرائـ غير خطيرة يكفي فييا جبر الضرر لكضع حد لإلخالؿ الناتج عف ارتكاب
الجريمة مكضكع الكساطة ،كأف ىذا األخير يمكف جبره كاعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو قبؿ كقكع
نصت المادة 37مكرر 02/02عمى أنو يمكف أف تطبؽ الكساطة في المخالفات دكف أف
تحدد لنا ىذه الفقرة نكع المخالفات ،كمف ثـ كبمفيكـ المخالفة يمكف إجراء الكساطة الجزائيةمؼأم
مخالفة سكاء المخالفات المنصكص عمييا في القانكف العاـ أك المخالفات المنصكص عمييا في
الجنايات فقد
القكانيف الخاصة ،إلى ما سبؽ استنادا يظير أنو ال مجاؿ لتطبيؽ الكساطة الجزائيةم ؼ
قررت معظـ التشريعات المقارنة عمى اختالؼ نظميا استبعاد إجراء الكساطة الجزائية في مجاؿ
الجنايات ك الجنح الخطيرة كتطبيقيا في الجنح البسيطة كالتي ال تشكؿ خط انر كبي ار عمى المجتمع.
خالصة القكؿ إف المشرع الجزائرم قد ركز في رسـ دائرتو التجريمية التي تصمح مجاؿ
نظـ المشرع الجزائرم الكساطة الجزائية ؼم المكاد مف 37مكرر إلى 37مكرر 9مف
110إلى 115مف قانكف حماية الطفؿ ،كىذه قانكف اإلجراءات الجزائية كالمكاد مف
اإلجراءات تعتبر في حقيقة األمر عف المراحؿ التي تمر بيا الكساطة كالتي يمكننا حصرىا
56
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
أجاز المشرع الجزائرم لكؿ مف النيابة العامة كالضحية كالمشتكى منو المبادرة باقتراح أك
طمب الكساطة كىك ما يستشؼ مباشرة مف نصكص القانكف فنصت الفقرة األكلى مف المادة
37مكرر مف قانكف اإلجراءات الجزائية عمى أنو يجكز لككيؿ الجميكرية قبؿ أم متابعة
جزائية ،أف يقرر بمبادرة منو أك بناء عمى طمب الضحية أك المشتكى منو إجراء الكساطة،
كتككف المبادرة بالنسب لجرائـ األحداث مف طرؼ النيابة العامة تمقائيا أك بطمب مف الطفؿ أك
111مف قانكف حماية ممثمو الشرعي أك محاميو ،كفقا لما جاء في الفقرة الثانية مف المادة
الطفؿ كعميو كيؼ يمكف عمميا أف يقدـ الطفؿ طمب الكساطة إلى ككيؿ الجميكرية كىك لـ يبمغ
سف الرشد الذم يتيح لو التقاضي بمفرده دكف االستعانة بممثمو القانكني أك محاميو كىنا نستنتج
أف المشرع أجاز لككيؿ الجميكرية اقتراح الكساطة سكاء في جرائـ البالغيف أك األحداث كىي
مسألة جكازية بالنسب لو ،كيمكنو أف يرفضيا حتى لك طمبيا أك قبميا جميع أطراؼ القضية
باعتباره الجية التي تممؾ سمطة المالئمة كاذا قررت النيابة العامة السير في الكساطة يعد ذلؾ
بمثابة لحظة ميالد الكساطة الجزائية أك إشارة انطالؽ لبدء إجراءات الكساطة .1
عندما يقرر ككيؿ الجميكرية المجكء إلى الكساطة أك قبكؿ طمب الكساطة المقدـ ،يقكـ باستدعاء
أطراؼ القضية مف أجؿ الحصكؿ عمى مكافقتيـ عمى مسألة حميا كديا عف طريؽ الكساطة ،كيجب أف
1
محمد صالح عبد الرؤكؼ الدمياطي ،بدائؿ الدعكل الجزائية كدكرىا في تحقيؽ العدالة في فمسطيف ،رسالة ماجستير في القانكف العاـ ،كمية الشريعة
كالقانكف ،الجامعة اإلسالمية ،غزة ،2013 ،ص.85
57
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
الضحي
المادة 37مكرر 1مف قانكف اإلجراءات الجزائية كالتي جاء فييما شرط إلجراء الكساطة قبكؿ ة
المحامي في إجراء الكساطة كما لـ يبيف إف كاف لو الحؽ في طمبيا اك المكافقة عمييا ،عمى خالؼ ما
فعؿ بالنسبة لألحداث في الفقرة 2مف المادة سالفة الذكر كالتي يعترؼ فييا لممحامي بحؽ تقديـ طمب
الكساطة.1
تقتضي الكساطة أف يتكلى ككيؿ الجميكرية عممية الكساطة مف خالؿ استطالع رأم
أطراؼ القضية حكؿ مكضكع الكساطة كالعمؿ عمى تقريب كجيات النظر مف أجؿ حؿ النزاع
كديا ،كيتكلى ذلؾ شخصيا بالنسبة لمبالغيف أك يكمؼ أحد مساعديو أك أحد ضباط الشرطة
111سالفة الذكر ،ىذا ك لـ القضائية في حاؿ األحداث طبقا لنص الفقرة األكلى مف المادة
يبيف المشرع نصكص كيفية إجراء الكساطة سكاء مف حيث عدد جمساتيا أك ميعاد عقدىا أك
طبيعة الحكار الذم يتـ خالليا مما يفيـ انيا مسألة تقديرية تركيا المشرع لمنيابة العامة تديرىا
كفقا لما تراه مناسبا بالنظر لطبيعة الجريمة المرتكبة كشخصية أطراؼ القضية.
تيدؼ الكساطة إلى حؿ النزاع بشكؿ كدم كاذا تـ التكصؿ إليو يحرر بمضمكنو محضر
رسمي يتضمف لزكما جممة مف البيانات تتمثؿ في ىكية كعنكاف األطراؼ كعرضا كجي از لألفعاؿ
1
تجدر اإلشارة ىنا حضكر المحامي مع الطفؿ في إجراءات الكساطة كجكبية ،طبقا لنص المادة 67مف قانكف حماية الطفؿ.
58
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
،1ك مكقعا مف طرؼ ككيؿ كتاريخ كمكاف كقكعيا كمضمكف اتفاؽ الكساطة كآجاؿ تنفيذه
الجميكرية كأميف الضبط كاألطراؼ عمى أف تسمـ نسخة منيا لكؿ األطراؼ ،ىذا بالنسبة
لمبالغيف ،2اما بالنسبة لألحداث في حاؿ ما تمت الكساطة مف قبؿ ضابط الشرطة القضائية
يضاؼ ليذه البيانات تكقيع ىذا األخير ككذا تكقيع ككيؿ الجميكرية المختص عمال بنص الفقرة
الثاني مف المادة 112مف قانكف حماية الطفؿ ،أما بالنسبة لمضمك ف اتفاؽ الكساطة فقد
نصت عميو المادة 37مكرر 4مف قانكف اإلجراءات الجزائية كيتمثؿ عمى الخصكص في إعادة
الحاؿ إلى ما كانت عميو مف قبؿ ارتكاب الجريـ ة تعكيض مالي أك عيني عف الضرر ككؿ
اتفاؽ آخر غير مخالؼ لمقانكف تـ التكصؿ إليو بيف األطراؼ ،كالمالحظ أف اتفاؽ الكساطة
بالنسبة لمبالغيف قد خال مف أم التزاـ يضـ إعادة تأىيؿ الجاني اجتماعيا ،عمما أف جؿ
التشريعات التي تأخذ ىذا النظاـ تنص عمى ذلؾ كأحد مبررات األساسية لمجكء إلى الكساطة
في المكاد الجزائية كذلؾ مف أجؿ المحافظة عمى الطابع الجزائي لمكساطة كعدـ تحكيميا إلى
دعكل مدنية صرفة ،كىك األمر الذم أىممو المشرع الجزائرم في قانكف اإلجراءات الجزائية
كتداركو بعض الشيء بالنسبة لألحداث في قانكف حماية الطفؿ بمكجب المادة 114منو ،كالتي
الكساطة تعيد الطفؿ تحت ضماف ممثمو الشرعي تنفيذ أضافت أنو يمكف أف يتضمف اتفاؽ
1
المادة 37مكرر 3مف األمر 02ػ 15المتضمف تعديؿ قانكف اإلجراءات الجزائرم.
2
الفقرة 2مف المادة 37مكرر 3مف األمر 02ػ 15المتضمف تعديؿ قانكف اإلجراءات الجزائي.
59
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
كباإلضافة الى ما سبؽ ذكره تجدر االشارة الى أف اتفاؽ الكساطة يعتبر سندا تنفيذيا ،ال يجكز
الطعف فيو بأم طريقة مف طرؽ الطعف كعميو يعتبر محضر اتفاؽ الكساطة حائز لقكة الشيء المقضي.
يترتب عمى الكساطة الجزائية جممة مف النتائج تختمؼ بحسب نجاح الكساطة أك عدـ
ؼم حالة نجاح مساعي الكساطة كتكصؿ األطراؼ إلى اتفاؽ نيائي حكليا يتـ تحرير
محضر رسمي يحدد مضمكف اتفاؽ الكساطة كأجؿ تنفيذه ،كيعتبر محضر الكساطة سندا تنفيذيا،
طبقا لنص المادة 37مكرر 6مف قانكف اإلجراءات الجزائية بالنسبة لقضايا البالغيف ميما كاف
مضمكف ىذا السند ،في حيف بالنسبة لقضايا األحداث ،فال يعتبر كذلؾ إال إذا تضمف تقديـ
تعكيض لمضحية أك ذكم حقكقيا عمال بنص المادة 113مف قانكف حماية الطفؿ.
60
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
بعد التكصؿ إلى اتفاؽ الكساطة بيف األطراؼ المتنازع فإنو يتـ تحرير كافة االجراءات
المتعمقة بالكساطة في محضر رسمي متضمنا ما تـ االتفاؽ عميو كىك ما يسمى بمحضر
كيتـ تكقيع ىذا المحضر مف طرؼ ككيؿ الجميكرية كأميف الضبط كاألطراؼ (الضحية
كالمشتكي منو) كبعد ذلؾ يتـ تسميـ نسخ لكؿ طرؼ في اتفاؽ الكساطة ،كيعد محضر اتفاؽ
الكساطة سندا تنفيذيا كاذا لـ ينفذ اتفاؽ الكساطة في اآلجاؿ المحددة فإنو تتـ المتابعة الجزائية
اتفاؽ الكساطة ،كمضمكف االتفاؽ ىك ما تكصؿ إليو أطراؼ الكساطة مف حمكؿ لكضع حد لإلخالؿ
إلعادة الحاؿ إلى ما كانت عمييا أك تعكيض مالي أك عيني عف الضرر اك أم أتفاؽ
آخر غير مخالؼ لمقانكف يتكصؿ إليو األطراؼ فمضمكف االتفاؽ يككف حسب الجنحة أك
المخالفة المرتكبة كما تكصؿ إليو أطراؼ الكساطة مف اتفاؽ حكؿ جبر الضرر المترتب عف
الجريمة ،باإلضافة الى كؿ ىذا فإف اتفاؽ الكساطة ىك اتفاؽ ال يجكز الطعف فيو بأم طريقة
إف تحققت نتائج الكساطة إنقضت الدعكة العمكمية كتـ تعكيض الضحية ،كيترتب عمى
الكساطة الجزائية جـ ؿة مف النتائج في حاؿ نجاح مساعييا كتكصؿ األطراؼ إلى اتفاؽ نيائي
حكليا يتـ تحرير محضر رسمي يحدد مضمك ف إتفاؽ الكساطة كأجؿ تنفيذه ،كيعتبر محضر
الكساطة سندا تنفيذيا ،طبقا لنص المادة 37مكرر 6مف قانكف اإلجراءات الجزائية بالنسبة لقضايا
البالغيف ميما كاف مضمكف ىذا السند في حيف بالنسبة لقضايا األحداث فال يعتبر كذلؾ إال إذا
تضمف تقديـ تعكيض لمضحية أك ذكم حقكقيا ،عمال بنص المادة 113مف قانكف حماية الطفؿ،
تؤدم الكساطة الجزائية إؿل كقؼ سرياف تقادـ الدعكل العمكمية خالؿ اآلجاؿ المحددة
لتنفيذ اتفاؽ الكساطة ابتداء مف تاريخ إصدار ككيؿ الجميكرية لمقرر إجراء الكساطة كبالتالي
يكمؿ احتساب مدة التقادـ اعتبا ار مف التاريخ التالي لفشؿ إجراء الكساطة ،عمال بنص المادة
37مكرر 7مف قانكف اإلجراءات الجزائي ،1كالفقرة الثالثة مف المادة 110مف قانكف حماية
الطفؿ ،كبذلؾ يككف المشرع الجزائرم قد قطع الطريؽ اماـ كؿ مف استغؿ اجراء الكساطة سببا
لمتماطؿ كلمتأخير ،كقد حدد المشرع التقادـ في الجنح بثالثة سنكات كسنتيف بالنسبة لممخالفات
1
نص المادة 110فقرة 02مف قانكف حماية الطفؿ عمى ما يمي ":المجكء إلى الكساطة يكقؼ تقادـ الدعكل العمكمية إبتداءا مف تاريخ إصدار ككيؿ
الجميكرية لمقرر إجراء الكساطة ".
62
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
كعميو يتعيف تحقيؽ األغراض المقررة في اتفاؽ الكساطة ىذا إذا تـ تنفيذ اتفاؽ الكساطة ،فيذا
يعني ضركرة قياـ المشتكى منو المستفيد مف الكساطة تنفيذ مضمكف الكساطة كالمحدد بالنسبة
37مكرر 4مف قانكف اإلجراءات الجزائية ،كأما لمبالغيف في األغراض المقررة في المادة
113ك 114مف قانكف حماية الطفؿ السابؽ بالنسبة لألحداث في تمؾ المحددة في المادتيف
اإلشارة ليما ،كيعد المقرر الذم يصدره ككيؿ الجميكرية بخصكص اجراء الكساطة بمثابة
اجراءات االستدالؿ التي قد تتخذ في مكاجية مرتكب الجريمة ،كبالتالي تككف سببا في كقؼ
تقادـ الدعكة.
أصبح إجراء الكساطة في المادة الجزائية حسب التعديؿ االخير لقانكف االجراءات
6مف قانكف الجزائية سببا مف انقضاء الدعكل العمكمية ،عمال بحكـ الفقرة الثالثة مف المادة
اإلجراءات الجزائية المعدؿ باألمر ،02/15كنفس الحكـ كرد في الفقرة األكلى مف المادة 115
ة ينيي مف قانكف حماية الطفؿ ،كالتي نصت صراحة عمى ما يمي ":أف تنفيذ محضر الكساط
المتابعة الجزائية" .......كعميو فإف تنفيذ اتفاؽ الكساطة سببا مف أسباب انقضاء الدعكل
العمكمية بقكة القانكف ،كليس مجرد سبب لألمر بحفظ األكراؽ مما يفيـ معو عدـ امكانية النيابة
فتح القضية مف جديد استنادا لسمطة المالئمة لسبؽ الفصؿ فييا ،كعمى ككيؿ الجميكرية كبحكـ انو
المختص بالقياـ بالكساطة أف يتأكد مف تنفيذ بنكد االتفاؽ بعد أف استجمع جميع شركطو ،كمادامت
المسألة عممية فيمكف اثبات ىذا التنفيذ بمقرر يدكف فيو ما تـ الكقكؼ عميو ،كما يبقى عمى ككيؿ
63
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
الجميكرية إال اصدار قرار بانقضاء الدعكل العمكمية بالنسبة لممشتكى منو بعد تنفيذه التفاؽ
الكساطة.
إف انتياء المنازعة الجزائية عف طريؽ الكساطة يرتب أثر ىاـ بالنسبة لممشتكى منو
المستفيد مف أحكاميا ،كىك أف ال يذكر إجراء الكساطة كما ترتب عنو في صحيفة سكابقو
العدلية كبالتالي ال يعتد بالكاقع كسابقة في العكد ،كيرل بعض الفقياء انطالقا مف تكييفيـ
التفاؽ الكساطة عمى انو حكـ مدني نيائي كبات ليس لو كصؼ جزائي ،كال يتـ تنفيذه باإلكراه
البدني.
رتب المشرع الجزائرم آثار قانكنية ىامة عمى عدـ تنفيذ اتفاؽ الكساطة في اآلجاؿ
المحددة ،كالذم يككف لألطراؼ يد في كضعو إف سمح لككيؿ الجميكرية باتخاذ االجراء
في حاؿ عدـ تنفيذ اتفاؽ الكساطة يسترجع ككيؿ الجميكرية سمطتو التقديرية بالتصرؼ في
الدعكل العمكمية بشأف الجريمة األصمية محؿ الكساطة كفقا إلجراءات المتابعة التي يراىا
37مكرر 8مف قانكف مناسبة لطبيعة الجريـ المقترؼ كظركؼ ارتكابيا ،كفقا لحكـ المادة
64
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
اإلجراءات الجزائية كالفقرة الثانية مف المادة 115مف قانكف حماية الطفؿ كالمشترؾ في النصيف
أف المشرع لـ يرتب ىذا األثر في حاؿ فشؿ الكساطة قبؿ كصكليا لمرحمة تنفيذ االتفاؽ كبالتالي
ليا أف تتساءؿ عف حكـ ىذه الحالة ،أما الفارؽ بيف النصيف أف المشرع رتب أثر المتابعة في
قانكف اإلجراءات الجزائية في حاؿ عدـ نفيذ اتفاؽ الكساطة بشكؿ عاـ سكاء بسبب الضحية أك
المشتكى منو ،عمى خالؼ قانكف حماية الطفؿ الذم يستمزـ أف يككف سبب عدـ التنفيذ يعكد
العقوبات:
في حاؿ ما امتنع أحد أطراؼ الكساطة أك كالىما عف تنفيذ عمدا مضمك ف الكساطة كؿ فيما
يخصو ،يتعرض لمعقكبات المقررة في المادة 147مف قانكف العقكبات ،1كفقا لممادة 37مكرر9
مف قانكف اإلجراءات الجزائية ،ىذا الجزاء مقرر لممشتكى منو البالغ أما بالنسبة لمحدث المشتكى
منو ،فيكتفى ككيؿ الجميكرية بمتابعتو عف الجريمة األصمية التي جرت بشأنيا الكساطة عمال
ك طبقا لنص المادة 37مكرر 9مف قانكف االجراءات الجزائية ،في حالة عدـ تنفيذ
الجاني التفاؽ الكساطة عمدا يحؽ لككيؿ الجميكرية مالحقتو بجنحة التقميؿ مف األحكاـ القضائية
التي تتعمؽ كجكد أحكاـ قضائية قابمة لمتنفيذ أك حتى صادرة في دعكة معينة ميما كانت مدنية أك
1
تتعمؽ المادة 147مف قانكف العقكبات بتجريـ األفعاؿ كاألقكاؿ كالكتابات العمنية التي يككف الغرض منيا التأثير عمى أحكاـ القضاة طالما أف الدعكل لـ
يفصؿ فييا نيائيا ،كاألفعاؿ كاألقكاؿ كالكتابات العمنية التي يككف الغرض منيا التقميؿ مف شأ ف األحكاـ القضائية كالتي يككف مف طبيعتيا المساس بسمطة
القضاء كاستقاللو ،كيعاقب عمييا بالحبس مف شيريف إلى سنتيف كالغرامة مف 1000دج إلى 500000دج أك إحدل العقكبتيف.
65
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
جزائية ،كيتـ التقميؿ منيا بأم كالـ استيزائي أك كالـ بذمء ،باإلضافة إلى إمكانية أف يككف
التقميؿ مف شأف األحكاـ القضائية بالكتابة كاألفعاؿ كليس التي تنص عمى أف ":األفعاؿ اآلتية
تعرضّ باألقكاؿ فقط ،كىذا طبقا لممادة 2/147مف قانكف االجراءات الجزائية مرتكبييا لمعقكبات
المقررة في الفقرتيف 1ك 3مف المادة 144األفعاؿ كاألقكاؿ كالكتابات العمنية التي يككف الغرض
منيا التقميؿ مف شأف األحكاـ القضائية كالتي يككف مف طبيعتيا المساس بسمطة القضاء أك
استقاللو".
كبذلؾ يتعرض الجاني لمعقكبة المنصكص عمييا في الفقرة 1مف المادة 144مف ؽ.ع
كالمتمثمة في عقكبة الحبس مف شيريف إلى سنتيف كبغرامة مف 1000دج إلى 500000دج
أك بإحدل ىاتيف العقكبتيف أم أنو ال يشترط تنفيذ كال مف العقكبتيف بؿ يكفي تنفيذ إحداىما،
3مف نفس المادة سابقة الذكر كما أنو قد يتعرض لعقكبة اخرل طبقا لما نصت عميو الفقرة
عمى أنو يجكز لمقضاء في جميع الحاالت أف يأمر بنشر الحكـ كيعمؽ بالشركط التي حددت فيو
عمى نفقة المحككـ عميو دكف أف تتجاكز ىذه المصاريؼ الحد األقصى لمغرامة المبنية أعاله ".
66
الفصل الثاني :الوساطة الجزائية في األمر 155/66
إف المشرع الجزائرم كغيره مف التشريعات األخرل ،كضع بعض الشركط لتنفيذ الكساطة
الجزائية بصفة قانكنية ،تتعمؽ أساسا بالتراضي أم ضركرة قبكؿ الضحية كالمشتكى منو إجراء
الكساطة ،ككذا ضركرة تطبيقيا في المخالفات كبعض الجنح دكف الجنايات ،ك تطبيقيا ينصب
أساسا في إجرائيا مف قبؿ ككيؿ قبؿ تحريؾ الدعكل العمكمية ،كافراغيا في محضر الكساطة
الجزائية كقد تناكلنا في ىذا الفصؿ مراحؿ الكساطة الجزائية حتى كاف لـ يشر إلييا المشرع
الجزائرم إال أف استخمصناىا ضمنيا مف خالؿ المكاد القانكنية ك كذا مف خالؿ المراجع ،كالتي
ىي مرحمة قبؿ ابراـ الكساطة الجزائية ك مرحمة تنفيذ إتفاؽ الكساطة ،أما فيما يخص مرحمة
إبراميا كأخي ار اآلثار التي تترتب عمى انقضاءىا ،كىي كقؼ تقادـ الدعكل العمكمية ،كحصكؿ
67
الخاتمـة
في ختاـ ىذه الدراسة المتكاضعة نخمص إلى القكؿ بأنو تتمثؿ دراسة مكضكع الكساطة
الجزائية في اعتبارىا أحد المكاضيع التي حظيت باىتماـ أغمب التشريعات الجنائية المقارنة ،لما
تعممو عمى تحقيؽ العديد مف المزايا العممية لكؿ مف نظاـ العدالة ،الضحايا كالمشتكى منيـ
كالمجتمع ككنيا كسيمة ترمي لعالج الزيادة اليائمة كالمستمرة في عدد القضايا التي تختص بيا
المحاكمة عندما تمجأ النيابة العامة إلييا لتسكم القضايا المطركحة أماميا ،كما أنيا تنشد إلى تنمية
ركح التصالح بيف أطراؼ الدعكل ذلؾ مف خالؿ االتفاؽ الناتج عنيا الذم يرضي الطرفيف دكف
الكلكج في الشكميات اإلجرائية المعقدة ،كما أنو مف شأف ىذه الكساطة تحقيؽ العدالة السريعة حيث
يككف ردة الفعؿ االجتماعية سريعا كفي كقت قريب مف كقكع الجريمة ،بالتالي تسيؿ عمى المتضرر
مف كقكعيا في حصكلو عمى التعكيض كىذا يبدك أنو أنسب الكسائؿ لعالج آثار الجريمة ،لذلؾ تعد
الكساطة أحد نماذج العدالة التصالحية أك ما يسمى بالعقكبة الرضائية كىك الذم يقكـ عمى فكرة
إصالح مرتكب الجريمة ككذلؾ جبر الضرر المترتب عف كقكعيا ،لكف بالرغـ مف كؿ ىذه
اإليجابيات التي تسعى الكساطة لتحقيقيا إال أف المشرع الجزائرم تأخر في تبنيو كتكريسو ليذا
النظاـ اإلجرائي ،فبعدما ثبت نجاحو لدل معظـ التشريعات الجنائية المقارنة ،اتخذه ىك اآلخر
تقديرنا سابؽ ألكانو ككف ىذا اإلجراء دخيؿ عمى التشريع الجزائرم كال يزاؿ حديثا في القانكف
الجزائرم كغياب االحصائيات القضائية عف التطبيؽ العممي كالممارسة القضائية يحكؿ دكف تقييمو
68
– 08
بشكؿ مكضكعي ،كما ىك الحاؿ بالنسبة لمكساطة في قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية رقـ
.09
إف اليدؼ األساس لجياز القضاء يكمف في تأميف السالـ االجتماعي كتحقيؽ العدالة ،مف
خالؿ الكصكؿ إلى حؿ يككف نتاج إرادة المتقاضيف الشخصية بعد انتقاليـ مف مقاعد الخصكـ
بقاعة الجمسات العمنية حيث الترقب كالتكجس كاالنتظار ،إلى مقاعد الحكـ بغرفة المشكرة حيث
السرية كالتحاكر لبناء الحيثيات كاصدار القرار ،بما يحافظ عمى خصكصية النزاع فيثمر بذلؾ
تيدئة التكترات بينيـ ،كيكلد لدييـ شعك ار بالمسؤكلية أضمف لتنفيذ الحكـ ألنيـ اختاركا العدالة
كحصر دكر القاضي في رقابة شركط تنفيذ الكساطة دكف التعقيب عمى المكضكع أك التحقؽ
مف عدالتو ال يعتبر انتقاصا مف سمطتو أك تعديا عمى اختصاصو ،كانما يجعمو يقكـ بدكر رئيسي في
إيجاد الحمكؿ البديمة كالتي أصبحت مصد ار لمشرعية في القضاء بكجو عاـ.
خالؿ:
كيمكننا تحديد أىمية الكساطة باعتبارىا أداة قانكنية لحسـ النزاع بشكؿ متميز مف
-1القراف الكريـ.
المصادر
- 1سنف ابي داككد ،سميماف ابف األشعث ،دار إحياء السنة النبكية ،الجزء .3
- 2قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية رقـ 09-08المؤرخ في 25فبراير سنة ،2008الجريدة
- 3قانكف العقكبات ،رقـ 01-14المؤرخ في 4فبراير 2014سنة ،الجريدة الرسمية ،رقـ .70
رقـ40.
- 5قانكف رقـ ،15-12المؤرخ في 03شكاؿ عاـ ،1436المكاؼؽ ؿ 19جكيمية سنة ،2015
يتضمف قانكف حماية الطفؿ ،الجريدة الرسمية ،عدد ،39الصادر سنة .2015
المراجـع:
الكتب العامة:
- 1أحمد شكقي ،الشمقاني ،المبادئ الجزائية في التشريع الجزائرم ،الجزء األكؿ ،ديكاف المطبكعات
- 2األخضر قكادرم ،الكجيز الكافي في إجراءات التقاضي (في األحكاـ العامة لمطرؽ البديمة في
70
- 3الخميؿ ابف أحمد الفراىيدم ،كتاب العيف ،الطبعة األكلى ،مكتب لبناف ،بيركت.2004 ،
- 4رامي متكلي القاضي ،إطالؿ عمى أنظـ التسكية في الدعكل الجنائية في القانكف الفرنسي،
- 5عبد الحميد أشرؼ رمضاف ،الكساطة الجنائية كدكرىا في إنياء الدعكل العمكمية مصر ،دار
- 6عبد الرحما ف بربارة ،شرح قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية ،الطبعة الثالثة ،منشكرات
- 7عقيدة محمد أبك العال ،شرح قانكف اإلجراءات الجزائية ،القاىرة ،دار النيضة العربية ،الطبعة
- 8عماد الفقي ،االتجاىات الحديثة في إدارة الدعكل الجنائية دراسة في النظاـ اإلجرائي الفرنسي،
- 9عماد الفقي ،االتجاىات الحديثة في إدارة الدعكل الجنائية د ار سة في النظاـ اإلجرائي الفرنسي،
- 10ليمى القايد ،الصمح في جرائـ اإلعتداء عمى األفراد ،فمسفتو كتطبيقو في القانكف الجنائية
- 11محمد حكيـ حسيف الحكيـ ،النظرية العامة لمصمح كتطبيقاتيا في المكاد الجنائية ،دراسة
- 12محمد سامي الشكا ،الكساطة كالعدالة الجنائية ،دار النيضة العربية ،مصر .1998
71
- 13عبد الحميد أشرؼ ،الجرائـ الجنائية كدكر الكساطة في انياء الدعكل الجنائية ،الطبعة ،1دار
األطروحات
الدكتوراه:
1ػ خالؼ فاتح ،مكاف الكساطة لتسكية النزاع اإلدارم في القانكف الجزائرم ،رسالة دكتكراه ،جاـ عة
الماجستير:
- 1محمد صالح عبد الرؤكؼ الدمياطي ،بدائؿ الدعكل الجزائية كدكرىا في تحقيؽ العدالة في فمسطيف،
.2013
رسالة ماجستير في القانكف العاـ ،كمية الشريعة كالقانكف ،الجامعة اإلسالمية بغزة،
(دراسة تحميمية) ،رسالة - 2ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ ،الكساطة الجنائية في النظـ المعاصرة
مقدمة إستكماال لمتطمبات الحصكؿ عمى درجة الماجستير في العدالة الجنائية ،جامعة نايؼ
العربية لمعمكـ األمنية ،كمية الدراسات العميا ،قسـ العدالة الجنائية ،الرياض.2011 ،
- 3جديدم طالؿ ،السرعة في اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائرم ،رسالة ماجستير تخصص
- 4عركم عبد الكريـ ،الطرؽ البديمة في حؿ النزاعات القضائية ،الصمح كالكساطة القضائية طبقا
لقانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية ،رسالة ماجستير ،جامعة الجزائر ،1بف عكنكف.2012 ،
72
- 5بتشيـ بكجمعة ،النظاـ القانكني لمكساطة القضائية ،دراسة في القانكف المقارف رسالة ماجستير
في القانكف المقارف ،جامعة تممساف ،كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية.2011 ،ػ.2012
- 6عركم عبد الكريـ ،الطرؽ البديؿة في حؿ النزاعات القضائية ،الصمح كالكساطة القضائية طبقا
لقانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية ،رسالة ماجستير ،جامعة الجزائر ،1بف عكنكف.2012 ،
- 7جديدم طالؿ ،السرع ة في اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائرم ،رسالة ماجستير تخصص
- 8محمد صالح عبد الرؤكؼ الدمياطي ،بدائؿ الدعكل الجزائية كدكرىا في تحقيؽ العدالة في فمسطيف،
.2013
رسالة ماجستير في القانكف العاـ ،كمية الشريعة كالقانكف ،الجامعة اإلسالمية بغزة،
- 9يعقكب فايزم ،محمد مكادف ،نظاـ الكساطة القضائية في التشريع الجزائرم ،مذكرة ماستر في
قانكف األعماؿ كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية ،جامعة 8مام ،1945قالمة.2015-2016 ،
- 10يعقكب فايزم ،محمد مكادف ،نظاـ الكساطة القضائية في التشريع الجزائرم ،مذكرة ماستر في
قانكف األعماؿ ،كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية ،جامعة 8مام ،1945قالمة.2015,2016 ،
- 11محمكد نجيب حسني ،شرح قانكف اإلجراءات الجنائية ،الطبع الثانية ،دار النيضة
العربية.1988،
المجـالت:
- 1فنيش كماؿ ،الكساطة –مقاؿ في مجمة المحكمة العميا عدد خاص ،الجزء ،2009 _2ص.5
- 2عادؿ يكسؼ عبد النبي ،الكساطة الجنائية كسيمة مستحدثة كبديمة لحؿ المنازعات الجنائية،
مجمة ككفة ،كمية القانكف كالعمكـ السياسية ،جامعة الككفة ،العدد .09
73
- 3محمد عؿم عبد الرضا عفمكؾ ،ياسر عطيكم عبكد الزبيدم ،الكساطة في حؿ النزاعات بالطرؽ
السممية في التشريع العراقي (دراسة مقارنة) ،مجمة رسالة الحقكؽ ،كمية القانكف ،جامعة البصرة،
- 4العيد ىالؿ ،الكساطة في قانكف اإلجراءات الجزائية ،مجمة المحامي ،عدد ،25منظمة المحاميف
لناحية سطيؼ.2015،
مقاالت:
-1صباح أحمد نادر ،التنظيـ القانكني لمكساطة الجنائية كامكانية تطبيقيا في القانكف العراقي
(دراسة مقارنة) ،بحث مقدـ إلى قضاء في إقميـ كردستاف ،كجزء مف متطمبات الترقية مف الصنؼ
الرابع ،إلى الصنؼ الثالث مف أصناؼ اإلدعاء العاـ ،محكمة جنح أربيؿ ،العراؽ.2014 ،
المعاجم:
.1977
- 1المعجـ الكجيز ،الييئة العامة لشؤكف المطابع ألميرية ،مجمع المغة العربية ،مصر ،سنة
مجد الديف محمد يعقكب ،القامكس المحيط ،الطبعة السابعة ،مؤسس الرسالة ،بيركت.2003 ،
المراجع األجنبية:
المواقع اإللكترونية:
74
الفيـــــــــــرس
الصفحة المكضكع
3 مقدمة
10 الفرع األكؿ :نشأة الكساطة في الشريعة االسالمية كالقكانيف المقارنة العربية
75
36 الفرع األكؿ :سرعة كبساطة كمركنة اجراءات الفصؿ في النزاع
76
58 الفرع الثاني :اجراءات الكساطة الجزائية
62 المطمب األكؿ :محضر الكساطة الجزائية كأثاره عمى الدعكل العمكمية
66 المطمب الثاني :األثار المترتبة عمى عدـ تنفيذ اتفاؽ الكساطة الجزائية
67 الفرع الثاني :التعرض لمعقكبات المقررة في المادة 17مف قانكف العقكبات
70 الخاتمة
78 الفيرس
77