You are on page 1of 78

‫إىــــــداء‬

‫بسم اهلل الرحمان الرحيم‬

‫إليي ال يطيب الميؿ إال بشكرؾ‪ ،‬كال يطيب النيار إال بطاعتؾ كال تطيب الدنيا إال‬

‫بذكرؾ‪ ،‬كال تطيب اآلخرة إال بعفكؾ إلى معنى الحب كالحناف كاألنس كاألماف إلى بسمة‬

‫الحياة كسر الكجكد إلى مف كاف دعاؤىا سر نجاحي‪ ،‬إلى أغمى الحبايب‬

‫" أمي كأبي يرحمو اهلل"‬

‫إلى صاحبة الفضؿ الجزيؿ كالدعـ المتكاصؿ إلى مف خطى لي المبادئ كاألخالؽ عمى‬

‫صفحة بيضاء‪.‬‬

‫"زكجتي الغالية كأبنائي األعزاء" إلى مف نشأت كترعرعت بينيـ إخكتي كأخكاتي سندم‬

‫في الحياة‪ .‬إلى جميع األصدقاء كاألىؿ كاألحباب إلى مف ىـ في قمبي كلـ يكتبيـ قممي‬

‫إلى كؿ مف كسعتيـ ذاكرتي كلـ تحمميـ مذكرتي إلى كؿ مف يساىـ في نشر رسالة‬

‫العمـ كالديف‪.‬‬

‫إلى كؿ ىؤالء اىدم ثمرة جيدم‪.‬‬

‫بوصبع بوجمعة وىبتون ىشام‬


‫شكر وتقدير‬

‫" الميـ لؾ الحمد حتى ترضى كلؾ الحمد في الرضا كلؾ الحمد إذا رضيت كلؾ الحمد‬

‫بعد الرضا كلؾ الحمد عمى كؿ حاؿ"‪.‬‬

‫أسمى عبارات الشكر كالتقدير‪ ،‬كأرقى معاني االمتناف الى األستاذ المشرؼ " الدكتكر‬

‫بكفاتح محمد بمقاسـ" الذم لـ يبخؿ عمينا بنصائحو كتكجيياتو في كؿ خطكة خطكناىا‬

‫إلنجاز ىذا البحث‪.‬‬

‫كأتقدـ بالشكر الى كؿ مف عممني حرفا مف االبتدائي إلى الجامعة‪.‬‬

‫أشكر كؿ مف ساعدني كلك بالدعاء‪ ،‬كأشكر مف أراد لي الخير مف قريب أك بعيد‪.‬‬

‫كما أتقدـ بخالص الشكر كالتقدير كاالحتراـ ألعضاء لجنة المناقشة عمى قبكليـ مناقشة‬

‫ىذه المذكرة‪.‬‬

‫كما أتكجو بالشكر المكصكؿ الى كؿ زمالء الدراسة‪.‬‬


‫مقدمة‬

‫مقدمة‬

‫الجريمة ىي ظاىرة قديمة قدـ البشرية‪ ،‬تصيب المجتمع ك تؤثر عمى نسيج عالقاتو‪،‬‬

‫فتضرب استق ارره االجتماعي كاالقتصادم كالسياسي‪ ،‬كيؤدم بقاءىا إلى المساس بمصالح كسالمة‬

‫المجتمع ما يدعك الى تدخؿ السمطات المختصة في الدكلة لمبحث عف الكسيمة الفعالة لمكافحة ىذه‬

‫الظاىرة أك الحد منيا‪ ،‬كلقد كانت العقكبة كال تزاؿ الذراع الكاقي الذم يعتمد عمييا المجتمع لمحيمكلة‬

‫دكف كقكع تمؾ المخاطر أك التقميص مف حجميا‪ ،‬كتحقيقا ليذا الغرض نجد المجتمعات منذ ظيكرىا‬

‫عرفت صكر عديدة لمعقكبة كىذا طبقا لطبيعة الجرائـ كمدل جسامتيا ك خطكرتيا عمى الجماعة‪.‬‬

‫كلطالما سعت التشريعات الجنائية الى ابتكار السبؿ الكفيؿ لمكاجو ىذه الظاىرة بطريقة‬

‫تتناسب مع تطكر السمكؾ االجرامي في المجتمع‪ ،‬كما سعت الدكؿ بكاؼ أجيزتيا لكضع‬

‫السياسات الالزـ لمحاربتيا‪ ،‬بداية مف كضع التدابير الكقائية كخطكة استباقية إلى سف الجيات‬

‫التشريعية القكانيف الالزمة لحماية الحقكؽ كصيانة المصالح مف أم تيديد أك انتياؾ‪.‬‬

‫غير أف المتتبع لمسياسات الجنائية لمدكؿ في حماية المجتمع مف الجانحيف‪ ،‬يالحظ أف‬

‫الظاىرة االجرامية تتزايد بشكؿ سريع‪ ،‬مما يؤكد اخفاقيا في أداء كظيفتيا بسبب تركيزىا فقط‬

‫عمى السياسة العقابية‪ ،‬كأماـ عجزىا عف التصدم لمظاىرة االجرامية‪ ،‬أصبح مف الضركرم عمى‬

‫المشتغميف في مجاؿ القانكف الجنائي اعادة النظر في ىذه المسألة‪ ،‬كالعمؿ عمى ايجاد ترتيبات‬

‫قانكنية جديدة مف أجؿ مكاكب انتشار الجريمة في المجتمع‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬

‫كقد قامت فمسفة القرف الثامف عشر عمى تحكيـ العقؿ في بحث كافة األمكر االجتماعية‬

‫مف جية كاستخداـ العاطفة اإلنسانية مف جية أخرل فأدل ذلؾ إلى النظر إلى العقكبات‬

‫بمنظار يختمؼ عما عيد في العصكر السابقة‪ ،‬كىذه الفمسفة المبنية عمى التسامح كالرحمة في‬

‫المسائؿ الجنائية كانت بمثاب ثكرة عمى قسكة العقكبات عامة‪ ،‬فخالؿ السنكات القميمة الماضية‪،‬‬

‫ظيرت عدة اتجاىات فقيية حيث دعت الى تأطير الجرائـ المستحدثة كتقرير عقكبات غير‬

‫تقميدية تتناسب مع أغراض العقكبة بمنظكر الفقو الجنائي الحديث ‪ ،‬كما دعت الى ايجاد سبؿ‬

‫جديدة في إدارة الدعكة العمكمية‪ ،‬ك األخذ عمى كجو السرعة بكسائؿ أكثر مركنة كأكثر قابمية‬

‫لمتطكر في فض الخالفات بأقؿ كمفة ك بأقؿ نفقة‪ ،‬ك عدـ تكدسيا في المحاكـ كتخفيؼ جزء‬

‫مف معاناة القضاء مف ازدياد الدعاكم كاالستمرار في تأجيميا‪.‬‬

‫كلعؿ اف الكساطة الجزائية تستجيب حتما ليذه المعطيات‪ ،‬ذلؾ انيا تعتبر الية مف‬

‫االليات الحديثة التي اقرتيا التشريعات المقارنة لحؿ المنازعات الجزائية‪ ،‬يقكـ جكىرىا عمى‬

‫تدخؿ طرؼ ثالث يككؿ لو القياـ بدكر الكسيط بيف الضحية كالمشتكى منو‪ ،‬كتقكـ عمى مبدأ‬

‫الرضائية بيف ىذيف االخيريف‪ ،‬كيترتب عمى نجاحيا تعكيض الضرر الكاقع عمى الضحية‬

‫كاعادة تأىيؿ المشتكى منو بطريقة كدية دكف الحاجة لمجكء إلى المتابعة الجزائية‪.‬‬

‫كتتضح أىمية الدراسة العممية مف خالؿ ما يحققو ىذا اإلجراء مف محافظة عمى بنية‬

‫المجتمع ك سالمة افراده مف االنحراؼ‪ ،‬كىك انعكاس كاضح لألبحاث كالدراسات العممية التي‬

‫تسعى جاىدة لتطكير أساليب مكاجيو الجريمة بطرؽ مستحدث تعطي أىمية كبيرة ألطراؼ‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬

‫الدعكل فال تتعسؼ في القصاص مف الجاني‪ ،‬كتحاكؿ في المقابؿ إعادة إصالحو كتأىيمو بما‬

‫يعيد تكيفو مع المجتمع مع احتراـ حقكؽ المجني عميو كتعكيضو عف األضرار التي لحقت بو‪،‬‬

‫مف منطمؽ أف حماية المجتمع تأتي مف حماية حقكؽ أفراده‪ ،‬كما تظير أىداؼ كمقاصد ىذه‬

‫الدراسة مف خالؿ تحديد ماىية الكساطة الجزائية كاىـ مراحؿ تطكرىا‪ ،‬ككذا التعرؼّ عمى‬

‫طبيعتيا القانكنية كخصائصيا‪ ،‬ك تبياف أىـ مراحؿ إجرائيا‪ ،‬كذكر مجاليا في التشريع الجنائي‬

‫الجزائرم ‪ ،‬كأخي ار تبياف اآلثار التي تترتب عنيا ‪.‬‬

‫كتجدر االشارة الى أف أسباب اختيارنا ليذا المكضكع تكمف في ككف أف الكساطة الجزائية‬

‫مكضكع جديد أتى بو التعديؿ األخير لقانكف االجراءات الجزائية‪ ،‬ىذا ما كلد ركح المبادرة فينا‬

‫لمبحث فيو‪ ،‬ك حتى يتسنى لنا اكتشاؼ حقائؽ عممية جديدة ليذا المكضكع مف جية‪ ،‬ك كي نساىـ‬

‫ك لك بصفة قميمة في إثراء المكتبة خاصة في ظؿ قمة المراجع كالكتب مف جية اخرل‪ ،‬أما السبب‬

‫األخر الذم دفعنا في البحث في ىذا المكضكع ىك الرغبة في االطالع عمى كيفية التكصؿ إلى‬

‫حؿ كدم يرضي اطراؼ الخصكـ (الضحية كالمشتكي منو)‪ ،‬ككذا إظيار أف ىذه اآللية ىدفيا‬

‫معالجة المنازعات القائمة بيف األفراد‪ ،‬مع التنكيو انو كاجيتنا بعض العراقيؿ كالصعكبات المتعمقة‬

‫أساسا في عدـ تكفر المادة العممية باعتبار أف الكساطة الجزائية مكضكع حديث في التشريع‬

‫الجنائي الجزائرم مما ادل إلى صعكب الحصكؿ عمى بعض األفكار التي يمكف أف تثرم ىذه‬

‫الرسالة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مقدمة‬

‫وعمى ىدى ما سبق ذكره نطرح االشكالية التالية‪:‬‬

‫في مكاجيو الجريمة‬ ‫م ىي إحدل االليات الحديثة التي اتى بيا المشرع الجزائرم‬
‫الكساطة الجزائة‬

‫كحماية المجتمع منيا كالسعي نحك تقميؿ عبء المجتمع مف زيادة الجرائـ بطريقة كدية تنبع مف‬

‫م التي تبناىا‬
‫صميـ إرادة األطراؼ‪ ،‬كىك ما يدفعنا لمتساؤؿ عف حقيقة دكر نمكذج الكساطة الجزائ ة‬

‫المشرع الجزائرم كبديؿ لممتابع كبالتالي‪:‬‬

‫ـ ما مفيوم الوساطة الجزائية؟ وما الفرق بينيا وبين األنظمة المشابية ليا؟ ما ىي‬

‫خصائصيا وما ىي طبيعتيا القانونية؟ وفيما تتمثل األحكام اإلجرائية الوساطة الجزائية في‬

‫قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري رقم ‪155/66‬؟ وىل تعد الوساطة الجزائية بديال رضائيا‬

‫فعاال لمعدالة العقابية؟ وىل تمس بحق الدولة في توقيع العقاب؟‬

‫لإلجابة عمى االشكالية المطركحة اعاله سكؼ نتعرض الى اإلطار التنظيمي‬

‫لمكساطة الجزائية في التشريع الجزائرم كتقدير مدل نجاعتيا في تحقيؽ الدكر المقرر ليا في‬

‫النظـ المعاصرة كذلؾ مف خالؿ تحديد مفيكميا كخصائصيا ككذا طبيعتيا القانكنية‪ ،‬كاجراءاتيا‬

‫كاخي ار آثارىا القانكنية‪ ،‬كمف أجؿ اإلحاطة بيذا المكضكع اعتمدنا أساسا عمى المنيج التحميمي‪،‬‬

‫كقسمت ىذه الدراسة إلى فصميف اثنيف‪ :‬تناكلنا في الفصؿ األكؿ ماىية الكساطة الجزائية‪ ،‬في‬

‫حيف خصصنا الفصؿ الثاني لمتطرؽ الى اإلطار االجرائي لمكساطة الجزائية في قانكف‬

‫‪ 02/15‬المعدؿ لقانكف‬ ‫‪ 155/66‬كالمستخدـ لقانكف رقـ‬ ‫اإلجراءات الجزائية الجزائرم رقـ‬

‫اإلجراءات الجزائية الجزائرم‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل االول‬

‫ماىية الوساطة الجزائية‬


‫الفصل األول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫الفصل األول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‪:‬‬

‫يمثؿ التشريع الجنائي كسيمة ىامة في مكاجية الجريمة كحماية المجتمع منيا كالسعي‬

‫نحك تقميؿ عدد الجرائـ مف خالؿ كضع قكاعد كآليات تفي بالغرض‪ ،‬ك شيدت النظـ الجنائية‬

‫في السنكات االخيرة تحكال مف العدالة العقابية التقميدية إلى العدالة الرضائية التي تقكـ عمى‬

‫مراعاة البعد االجتماعي‪ ،‬كالكساطة الجزائية تندرج ضمف التكجو الحديث لمعدالة الجزائية‪ ،‬فيي‬

‫إحدل الكسائؿ المستحدثة التي يمكف مف خالليا تقميؿ عبء المجتمع مف زيادة الجرائـ‪،‬‬

‫كبأعماليا يتحقؽ إصالح ذات البيف كتتحقؽ أغراض العقكبة التي لـ تعد تيدؼ إلى الردع فقط‬

‫بؿ تيدؼ الى إحالؿ الصمح بيف أطراؼ النزاع كاستمرار العالقات الكدية بينيـ‪ ،‬لذلؾ فإننا في‬

‫ىذا المبحث سكؼ نحاكؿ إلقاء الضكء عمى المقصكد مف الكساطة الجزائية مف خالؿ التطرؽ‬

‫إلى نشأتيا كتعريفيا مع ذكر خصائصيا ك طبيعتيا القانكنية في مبحثيف تناكلنا في المبحث‬

‫االكؿ نشأة الكساطة كمفيكميا كتناكلنا في المبحث الثاني خصائص الكساطة القانكنية كطبيعتيا‬

‫القانكنية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬نشأة الوساطة الجزائية ومفيوميا‪:‬‬

‫تطكرت الجريمة في السنكات األخيرة بشكؿ كبير‪ ،‬ما دفع المشتغميف في مجاؿ القانكف الجنائي‬

‫العمؿ عمى ايجاد ترتيبات غير تقميدية تتناسب مع أغراض العقكبة‪ ،‬فظير الفقو الجنائي الحديث‪ ،‬كدعا‬

‫الى ضركرة ايجاد سبؿ جديدة في إدارة الدعكل العمكمية كمف بيف اىـ اآلليات الحديثة التي أقرتيا‬

‫التشريعات المقارنة لحؿ المنازعات القضائية نجد الكساطة الجزائية ‪ ،‬كعميو سكؼ نتعرض في ىذا‬

‫‪8‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫المبحث إلى نشأة الكساطة الجزائية كمفيكميا في مطمبيف اثنيف خصصنا المطمب االكؿ لنشأتيا‬

‫كالمطمب الثاني الى تمييز الكساطة الجزةائيعف األنظمة المنشأة ليا‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬نشأة الوساطة الجزائية ‪:‬‬

‫مف أجؿ حماية المجتمع مف الجانحيف ك مف ظاىرة اإلجراـ التي تزايدت بشكؿ ممحكظ في السنكات‬

‫االخيرة‪ ،‬سعت معظـ التشريعات الحديثة الى ابتكار سبؿ كفيمة مكاجيتيا بحيث تتناسب مع تطكر العدالة‬

‫الجنائية ك مف بيف ىاتو السبؿ نجد الكساطة الجزائية‪ ،‬التي يقكـ جكىرىا عمى تدخؿ طرؼ ثالث‪ ،‬يككؿ لو‬

‫القياـ بدكر الكسيط بيف الضحية ك المشتكي منو‪ ،‬كقد كاف لمشريعة اإلسالمية فضؿ السبؽ في تبني فكرة‬

‫الكساطة الجزائية‪ ،‬لكف التطبيؽ القانكني لنظاـ الكساطة الجزائية ظير ألكؿ مرة في األنظمة األنجمكسكسكنية‬

‫في السبعينيات مف ىذا القرف في كندا ثـ في الكاليات المتحدة االمريكية ثـ امتد ىذا النظاـ في معظـ دكؿ‬

‫اكركبا‪ ،‬ليتسع بعد ذلؾ ك يشمؿ دكؿ أخرل كفرنسا كبمجيكا ك معظـ الدكؿ االكركبية غير أنو لـ يمقى أمده‬

‫كسط التشريعات العربي إال مؤخ ار فاعتنقو النظاـ التكنسي كالجزائرم ك لـ يمتد إلى التشريعات العربية األخرل‬

‫صراعات كاجراءقا ىك ما قد يرجح االعتماد عمى نظاـ الكساطة القضائية‪ ،‬ىذا ما‬
‫إف تقدير الزمف في حؿ اؿ‬

‫نصتبابفيالتاسع عمى تسكية‬


‫قد يستنتج مثال مف أحكاـ اتفاقية المؤسسة العربية لضماف االستثمار فقد اؿ‬

‫االستثمارات المؤمف عمييا أك المنازعات مع‬


‫المنازعات سكاء تعمؽ األمر حكؿ تفسير االتفاقية كتطبيقيا أك‬

‫المادة مف نفس االتفاقية التي سمحت بجكاز تسكية المنازعات بطريؽ‬


‫الغير ك بالرجكع كذلؾ لما تضمنتو ‪3‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫الكساطة في حاؿ فشؿ المفاكضات كذلؾ باتفاؽ بيف األطراؼ فإذا تعذر ىذا االتفاؽ تعيف المجكء إلى‬

‫التحكيـ‪.1‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نشأة الوساطة الجزائية في الشريعة اإلسالمية والقوانين العربية‬

‫المقارنة‬

‫أوال ـ الوساطة الجزائية في الشريعة اإلسالمية‪:‬‬

‫إف فكرة الكساطة الجزائية لـ تأت مف فراغ أك عدـ بؿ جاءت نتيجة اىتماـ مفكرم الفقو‬

‫الجنائي‪ ،‬بؿ أبعد مف ىذا مف اقتناع التشريعات الجنائية بتعكيض العدالة الزجرية بأخرل أكثر منيا‬

‫إنسانية كىي العدالة التصالحية‪ ،‬إال أف السبؽ في ذلؾ يبقى لمشريعة اإلسالمية الغراء التي تناكلت‬

‫م منذ أربعة عشرة قرنا‪ ،‬كدعت إلى الصمح كالكساطة ؼم الميداف الجزائي كساىمت‬
‫الكساطة الجزائة‬

‫بشكؿ كبير في مكافحة ظاىرة االجراـ كما سعت الى تحقيؽ االستقرار كاألمف قاؿ اهلل عزكجؿ " و‬

‫إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما "‪ ،2‬كقاؿ تعالى " والصلح خير"‪.3‬‬

‫ىذا كلقد اعتمد المسممكف كالعرب الكساطة لح ؿ النزاعات التي كانت تقكـ بيف القبائؿ‬

‫فكاف رئيس القبيمة ىك الفيصؿ الذم يحؿ الصراعات‪ ،‬كما دخمت الكساطة حي ز االسرة إذ كانت‬

‫المشاكؿ القائمة بيف افرادىا تحؿ بكاسطة كسيط مف أىؿ الزكج كأخر مف أىؿ الزكجة حفاظا عمى‬

‫كياف األسرة قاؿ عز كجؿ " إن يريد إصالحا يوفق هللا يبنهما " ‪ ،4‬فالكسيط في االسالـ قد يككف‬

‫‪ 1‬فنيش كماؿ‪ ،‬الكساطة –مقاؿ في مجمة المحكمة العميا عدد خاص‪ ،‬الجزء‪ ،2009 _2‬ص‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫سكرة الحجرات‪ ،‬اآلية ‪.09‬‬
‫‪3‬‬
‫سكرة النساء‪ ،‬اآلية ‪.12‬‬
‫‪4‬‬
‫سكرة النساء‪ ،‬اآلية ‪.128‬‬
‫‪10‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫قاضيا‪ ،‬كقد يككف شخصا أخر مف أىؿ الحكمة كالمعرفة‪ ،‬كيعتمد الكسيط في اإلسالـ عمى قكاعد‬

‫الشريعة اإلسالمية مف مبادئ كما كرسو الرسكؿ محمد صمى اهلل عميو كسمـ كالخمفاء مف بعده‪،‬‬

‫ىذا كقد حرصت الشريعة االسالمية عمى نزع اآلثار النفسية الناجمة عف الجريمة‪ ،‬كلقد عمؿ أمير‬

‫المؤمنيف عمر بف الخطاب رضي اهلل عنو عمى تحفيز المتخاصميف عمى الصمح‪ ،‬لما يحققو ىذا‬

‫االخير مف نزع الحقد مف نفكسيـ ك عكدة الكئاـ بينيـ‪ ،‬فقد كتب الى ابي مكسى االشعرم ما يؿ م‬

‫‪ " :‬رد الخصكـ حتى يصطمحكف فإف فصؿ القضاء يكرث الضغائف " ‪ ،1‬ىذا كقد أعطت الشريعة‬

‫االسالمية الخصكصيات لبعض المنازعات كمنيا الخصكـ بيف األرحاـ ذلؾ انو عمى القاضي أف‬

‫يتريث في الفصؿ فييا ليعطي فرص لمصمح كالتسامح كيشترط إدراؾ القاضي بعممو أف التسامح‬

‫بيف األطراؼ ممكف‪ ،‬غير أنو ال يترتب عميو ىضـ الحقكؽ عف طريؽ الكساطة‪ ،‬كاال فإف عمى‬

‫القاضي أف يقضي بما يراه حقا كعدال بعدما تبينت لو الحقيقة كما يتـ عمؿ الكسيط في الشريعة‬

‫اإلسالمية مف حيث تقديره بككنو يتضمف كجييف يتعمؽ الكجو األكؿ بتحديده بمدة معينة كينتيي‬

‫ىذا العمؿ بانتياء المدة دكف النظر إلى النتيجة أما الثاني تحديده بانتياء اليدؼ المعيف‪ ،‬ك مف‬

‫جية اخرل تعمؿ الشريعة اإلسالمية عمى إزكاء ركح التآخي بيف أفراد المجتمع كالسعي عمى‬

‫إصالح ذات البيف بيف المتخاصميف ك ىك ما أكدت عميو السيرة النبكية حيث ركم عف أبي ىريرة‬

‫" الصمح جائز بين المسممين إال‬ ‫رضي اهلل عنو أف النبي محمد صمى اهلل عميو ك سمـ قاؿ ‪:‬‬

‫صمحا حرم حالال‪ ،‬أو أحل حراما "‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الحميد أشرؼ رمضاف‪ ،‬الجرائـ الجنائية كدكر الكساطة في انياء الدعكل الجنائية‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬دار الكتاب الحديثة‪ ،‬القاىرة‪ 2010 ، ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫سنف أبي داككد‪ ،‬سميماف ابف األشعث‪ ،‬دار إحياء السنة النبكية‪ ،‬الجزء ‪ ،3‬ص‪.304‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫كمما ىك معركؼ أف الجرائـ في التشريع الجنائي اإلسالمي تنقسـ بحسب طبيعة عقكبتيا‬

‫لثالثة أقساـ حدكد‪ ،‬كقصاص‪ ،‬كتعازير‪ ،‬كسأتناكؿ كؿ منيما بالشرح كمدل قبكؿ دخكؿ الكساطة‬

‫م فييا مف عدمو‪.‬‬
‫الجزائة‬

‫إف العقكبات حد مف حدكد اهلل أم متعمقة فال يجكز لمتشريع التدخؿ فييا كال الحكـ فييا كال‬

‫التدخؿ في تنفيذىا ذلؾ كموّ ألف حؽ العقاب فييا متعمؽ بحؽ اهلل تعالى كمصمحة العباد العامة‪،‬‬

‫كلمعرفة مدل قابمية تطبيؽ الكساطة ؼم الحدكد يتعيف عمينا أف نفرؽ بيف حالتيف‪:‬‬

‫اف الكساطة بي ف الجاني كالمجني عميو لمعفك عنو يعد أم ار‬ ‫أ‪/‬إذا لم يبمغ اإلمام الحد‪:‬‬

‫مستحسنا كجائ از ما داـ لـ يصؿ الحد إلى كلي األمر أك باألحرل لـ ترفع الدعكل إلى القضاء‬

‫بعد‪ 1‬عمال بقكؿ المكلى عز كجؿ‪ " :‬ان تبدوا خيرا او تخفوه أو تعفو عن سوء فإن هللا كان‬

‫‪2‬‬
‫عفوا قديرا "‬

‫ب‪/‬إذا بمغ اإلمام الحد ‪ :‬ال تجكز الكساطة ؼم الحد إذا بمغ كلي األمر حتى لك تنازؿ انى‬

‫عميو عف حقو أك عفا عنو‪ ،‬فال أثر ليذا التنازؿ أك العفك في الحد ‪ ،‬كمف ثـ ال تجك ز الكساطة‬

‫" من حالت شفاعتو‬ ‫أك الصمح بعد بمكغ األمر لمقضاء عمال لقكلو صمى اهلل عميو ك سمـ ‪:‬‬

‫دون حد من حدود اهلل فقد ضاد اهلل في معنى ذلك أنو متى دخل الحد في حوزة القضاء فال‬

‫يجوز لمقاضي أن يقبل شفاعة أحد فيوّ فقد ضاد اهلل في أمره " ‪ ،‬ك معنى ذلؾ أنو متى دخؿ‬

‫الحد في حكزة القضاء فال يجكز لمقاضي أنف يقبؿ شفاعة أحد فيو حتى كلك كاف كلي األمر‪ ،‬ك‬

‫‪1‬‬
‫ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ‪ ،‬الكساطة الجنائية في النظـ المعاصرة (دراسة تحميمية)‪ ،‬رسالة مقدمة إستكماال لمتطمبات الحصكؿ عمى درجة الماجستير‬
‫في العدالة الجنائية‪ ،‬جامعة نايؼ العربي لمعمكـ األمنية‪ ،‬كمية الدراسات العميا‪ ،‬قسـ العدالة الجنائية‪ ،‬الرياض‪ ،2011 ،‬ص ‪.147‬‬
‫‪2‬‬
‫سكرة النساء‪ ،‬اآلية ‪.149‬‬
‫‪12‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫ف الطبيعة‬ ‫يتعيف عميو أف يقيـ الحد عمى الجاني‪ ،‬كبالرغـ مف ذلؾ فقد قدر الفقياء المسممك‬

‫الخاصة التي تنطكم عمى المساس بحقكؽ مقدرة لمعباد إلى جانب حقكؽ اهلل كجريمتي السرؽ ك‬

‫القذؼ ‪ ،‬المتا ف تشكالف إعتداء عمى الماؿ المجني عميو كسمعتو ككرامتو كصنفيا بعض الفقياء‬

‫ضمف الجرائـ التي يشترؾ فييا بيف حؽ اهلل كالعبد كحؽ العبد غالب‪ ،‬لذلؾ أجازكا فييا العفك‬

‫كالصمح ك الكساطة‪.1‬‬

‫بالنسبة لجريمة السرقة‪ :‬اجمع الفقياء عمى جكاز العفك عف السرقة قبؿ الترافع أماـ‬

‫القضاء‪ ،‬أك بعد الترافع ك قبؿ االثبات‪ ،‬فإذا كقع العفك في ىذه المرحمة سقط الحد الف التسامح‬

‫مع الجاني قد يفضي إلى تكبتوّ كدمجو في المجتمع إال إذا كاف السارؽ ممف عرؼ عنيـ‬

‫الفساد ك الشر كتكرار السرقة فيذا ال يجكز التشفع لصالحو بؿ يترؾ حتى يقاـ عميو الحد‪ ،‬ك‬

‫بالطبع فإف تأثير العفك في ىذه المرحمة يقتصر عمى منع إقامتو أما الجريمة ذاتيا فال يزيميا العفك‬

‫بؿ تبقى قائمة ك قابمة ألف تككف محال لعقكبة الحد تعزيرية خاصة إذا كاف الجاني ممف اعتادكا‬

‫السرقة ‪.‬‬

‫كقد ذىب فقياء الحنفية الى انو يممؾ اسقاط حد السرؽ بالرغـ مف اثباتو كصدكر حكما‬

‫القاضي كلكف ليس بالعفك أك الصمح‪ ،‬إنما بالتمميؾ عف طريؽ اليبة أم أف ييب المالؾ إلى‬

‫السارؽ الماؿ‪ ،‬أما الجريمة فتبقى قائمة ك يمكف أف تبقى محال لمتعزير‪ ،‬كلكف جميكر الفقياء‬

‫خافكا ما انتيى عميو الحنفية فاعتبركا اف اليبة التي مف شأنيا إسقاط حد السرقة ىي تمؾ التي‬

‫تتـ قبؿ الترافع كالقضاء‪ ،‬اما ىبة الماؿ المسركؽ لمسارؽ بعد القضاء ك ثبكت الجريمة أك‬

‫‪1‬‬
‫عبد الحميد أشرؼ رمضاف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪13‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫صدكر الحكـ‪ ،‬فال يسقط الحد كما ركم عف ىشاـ بف سعد عف أبي حازـ‪ ،‬أف عميا رضي اهلل‬

‫عنو شفع في سارؽ فقيؿ لو أتشفع في سارؽ ‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬

‫" نعم ما لم يبمغ بو إمام فإذا بمغ بو اإلمام فال أعفاه اهلل إن عفا "‪.‬‬

‫بالنسبة لجريمة القذف‪ :‬القذؼ الذم يستكجب إقامة الحد فيو ىك رمي المحصف بالزنا أك‬

‫نفي نسبو ك ما دكف ذلؾ فقد إستكجب التعزير‪ ،‬كمف المتفؽ عميو فقييا أف جريمة القذؼ فييا‬

‫حقاف ‪ :‬حؽ اهلل كحؽ لممقذكؼ ك لكف الفقياء يختمفكف عمى أم الحقيف ىك األقكل كىذا‬

‫ف ىذه‬ ‫االختالؼ في ترجيح أحد الحقيف لو نتيجة فيما يتعمؽ بجكاز الصمح ك الكساطة ع‬

‫الجريمة‪ ،‬فكفقا لإلماـ أبي حنيفة فإف العفك أك الصمح أك الكساطة بالطب ع ال يجكز بعد ثبكت‬

‫جريمة القذؼ بالحجة ك صدكر الحكـ‪ ،‬ك كذلؾ ال يجكز العفك في ىذه الجريمة قبؿ الحكـ إذا‬

‫كاف ىذا العفك أك الصمح أك الكساطة بمقابؿ ماؿ ألف ذلؾ يعد رشكة‪ ،‬بالنسبة لمفقياء الذيف‬

‫يغمبكف حؽ المقذكؼ عمى حؽ اهلل في ىذه الجريمة كالشافعية كالحنابؿ ة ك بعض الحنفية‪ ،‬فقد‬

‫أجازكا لممقذكؼ العفك حتى كقت اقامة الحد أما بالنسب لممالكية فإف العفك جائز قبؿ الشككل‪.‬‬

‫القصاص‬ ‫الوساطة في جرائم القصاص والدية‪:‬‬

‫ىك العقكبة األصمية المقررة لجرائـ االعتداء عمى النفس‪ ،‬أما الدية فيي العقكبة األصمية المقررة لجرائـ‬

‫اإلعتداء عمى النفس‪ ،‬بشكؿ غير عمدم كيضيؼ الفقياء المسممكف جرائـ القصاص كالذم ضمف‬

‫الجرائـ التي يغمب فييا حؽ الفرد عمى حؽ اهلل تعالى‪ ،‬كىذه المسألة تبدك أىميتيا في جكاز الصمح‬

‫عف القصاص مف قبؿ المجني عميو في جرائـ اإليذاء أك مف قبؿ أكليائو في جرائـ القتؿ كذلؾ مقابؿ‬

‫الدية مع جكاز ذلؾ في أم مرحمة تككف عمييا الدعكل‪.‬‬


‫‪14‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫أما بالنسبة لمدية فإ ف إجازة الصمح في شأنيا إنما تستند إلى اآلية القرآنية‪ " :‬ومن قـتل‬

‫مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلم إلى أهله إلى أن يصدقوا "‪.1‬‬

‫الوساطة في جرائم التعازير‪:‬‬

‫ىي عقكبة بديمة رضائية ك يرل بعضيـ بحؽ أف اهلل شرع العفك في جرائـ القصاص‬

‫أف أبا‬
‫إلشفاء غيظ المجني عميو ك استئصاؿ غريزة االنتقاـ المتأصمة في النفس البشرية‪ ،‬ىذا ّ‬

‫حنيفة ك مالكا اتفقا مع ىذا الرأم فقد اشترطا عميو رضاء الجاني ك قبكلو بدفع الدية في حاؿ‬

‫الصمح‪ ،‬بينما ال ضركرة لمكافقتو في حاؿ العفك ‪ ،‬كالتعزير ىك عقكبة غير مقدرة الجرائـ غير‬

‫محددة بنص مف القرآف أك السف ة إنما ترؾ تحديد ىذه الجرائـ ك تقدير عقكبتيا لسمطة كلي‬

‫األمر‪ ،‬ك ذلؾ بحسب ما تقتضيو مصمحة المجتمع‪ ،‬كفؽ ضكابط محدكدة‪ ،‬ك بالطبع فإف ىذا ال‬

‫يعني أف الشريعة اإلسالمية غفمت عف مسألة تحديد جميع الجرائـ‪ ،‬كجرائـ الربا كالرشكة‪ ،‬كانما‬

‫تركت لكلي األمر سمطة تقدير العقاب المناسب ليذه الجرائـ‪ ،‬ك سمطة كلي األمر ليست مطمقة‬

‫بؿ مقيدة بالمقاصد العامة في الشريعة اإلسالمية كغاياتيا‪ ،‬ك جرائـ التعازير منيا ما يقع عمى‬

‫حؽ اهلل تعالى‪ ،‬ك منيا ما يقع عمى حؽ الفرد‪ ،‬فإذا كانت االكلى فإف االصؿ فييا عدـ جكاز‬

‫العفك كاف كاف يجكز لكلي األمر أف يعفك عنيا كفقا لمقتضيات الصالح العاـ اما جرائـ التعازير‬

‫التي تقع عمى حؽ الفرد كتمؾ التي يقع فييا االعتداء عمى جسـ الفرد أك مالو‪ ،‬فيجكز فييا‬

‫العفك في أم مرحمة تككف عمييا الدعكل ك حتى قبؿ التنفيذ سكاء بمقابؿ أك بدكف مقابؿ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سكرة النساء‪ ،‬اآلية ‪.92‬‬
‫‪15‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫كممخص القكؿ اف النظاـ الجنائي اإلسالمي أخذ كعمى نطاؽ كاسع مبدأ الرضائي كأسمكب‬

‫إلنياء النزاعات بيف أفراد المجتمع ك ذلؾ مف خالؿ الكساطة كالصمح حيث أعطى إلرادة المجني‬

‫عميو دك ار بار از في تحديد مصير الدعكل الجنائية‪ ،‬يصؿ إلى درجة إسقاط الحد كالقصاص‪ ،‬ك قد‬

‫إستطاع المشرع اإلسالمي مف خالؿ ىذه الخطة تحقيؽ أىداؼ عمى غاية كبيرة مف األىمية كالتيسير‬

‫عمى أفراد المجتمع ك العمؿ عمى دحض كؿ العكامؿ التي مف شأنيا خمؽ البغض ك الكراىية مما‬

‫يؤثر بالسمب عمى أمف ك سالمة المجتمع فضال عف إفشاء ركح التسامح كالتراحـ كالكد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوساطة الجزائية في القوانين العربية المقارنة (القانون التونسي)‪:‬‬

‫يعد القانكف التكنسي نمكذج التشريعات العربي التي أقرت نظاـ الكساطة الجزائية ضمف‬

‫قانكف اإلجراءات الجنائية‪ ،‬كقد تبنى المشرع التكنسي نظاـ الكساطة الجزائية ضمف قانكف‬

‫‪ ،1‬كقد تـ اعتماد‬ ‫اإلجراءات الجنائية كقانكف حماية الطفؿ كذلؾ تأث ار بالمشرع البمجيكي‬

‫الكساطة بصكرة تدريجية بداية ضمف القكانيف المتعمقة باالقتصاد العاـ لمدكؿ كقانكف المنافس‪،‬‬

‫‪17‬‬ ‫كاألسعار الصادرة بداية في ‪ 29‬جكيمية ‪ ،1991‬كقانكف حماية المستيمؾ الصادر في‬

‫نكفمبر‪.1996‬‬

‫كقد أقر المشرع التكنسي إجراء الصمح عف طريؽ الكساطة الجزائية‪ ،‬حسب القانكف رقـ‬

‫‪ 93‬لسنة ‪ 2002‬بإضافة بند تاسع عمى الكتاب الرابع مف مجمة اإلجراءات الجنائية التكنسية‬

‫م المادة الجزائي "‪ ،‬كقد تضمف ىذا الباب ست مكاد تتعمؽ بنطاؽ‬
‫بعنكاف‪" :‬الصمح ك بالكساطة ؼ‬

‫ك إجراءات كآثار الكساطة الجنائية في القانكف التكنسي‪ ،‬كقد عرؼ المشرع التكنسي الكساطة‬

‫‪1‬‬
‫رامي متكلي القاضي‪ ،‬إطالؿ عمى أنظمة التسكية في الدعكل الجنائية في القانكف الفرنسي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬ط ‪ ،1‬سنة ‪ ،2012‬ص‪.372‬‬
‫‪16‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫الجزائية في الفصؿ ‪ 113‬مف مجمة حماية الطفكلة تحديدا في الباب الثالث المتعمؽ بحماية الطفؿ‬

‫الجانح سنة ‪ 1995‬بأنيا" الية ترمي الى ابراـ الصمح بيف الطفؿ الجانح كمف يمثمو قانكنا كبيف‬

‫المتضرر اك مف ينكب عنو اك كرثتو كتيدؼ الى ايقاؼ التبعات الجزائية اك المحاكمة اك التنفيذ‬

‫"‪ ،‬ثـ اضاؼ المشرع التكنسي نظاـ الصمح بالكساطة ؼ م المادة الجزائية بالنسب لألشخاص‬

‫الراشديف كذلؾ مف خالؿ الفانكف رقـ ‪ 93‬الصادر في ‪ 29‬اكتكبر ‪ 2002‬حيث حدد ىذا القانكف‬

‫شركط الصمح بالكساطة الجزائية كاإلجراءات التي تخضع ليا ىذا ك قد كضح المشرع التكنسي اف‬

‫اليدؼ مف إقرار الكساطة الجنائية ىك ضماف تعكيض األضرار الناجمة عف الجريمة‪ ،‬كاعادة‬

‫ادماج الجناة في المجتمع‪ ،‬ك تدعيـ الشعكر لدييـ بالمسؤكلية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نشأة الوساطة الجزائية في القانون الالتيني والقوانين المقارنة‪:‬‬

‫تعتبر الكساطة الجزائية أحد الحمكؿ البديمة عف الدعكل العمكمية لحؿ النزاعات الجزائية‪،‬‬

‫كذلؾ استجابة لضركرة تبني سياسة جنائية تقكـ عمى المصالح بيف افراد المجتمع كجبر الضرر‬

‫بالنسب لمضحية كاعادة تأىيؿ الجاني كتعتبر التجربة الفرنسية رائدة في مجاؿ الكساطة‬

‫الجزائية‪.‬‬

‫أوال ـ الوساطة الجزائية في القانون الالتيني الفرنسي‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫تعد التجربة الكساطة الجنائية في فرنسا مف أىـ التطبيقات التشريعية لمكساطة الجنائية‬

‫في القكانيف الكضعية‪ ،‬ألف التجربة الفرنسية تعد أكلى التجارب لمكساطة الجنائية المقننة في‬

‫أكركبا‪ ،1‬كقد مرت الكساطة الجنائية في فرنسا بمرحمتيف‪:‬‬

‫المرحمة األولى ‪:‬مرحؿ ما قبؿ عاـ‪ 1993‬حيث كانت العديد مف القضايا‪ ،‬التي كاف يتـ المجكء فييا‬

‫لمكساطة الجنائية دكف أف يككف ىناؾ نص تشريعي يسعؼ القاضي‪ ،‬ككانت المؤسسات كالجمعيات‬

‫الخيرية تمعب دك ار كاضحا في العناية بضحايا الجريمة‪ ،‬كقد صدر خالؿ ىذه الفترة العديد مف‬

‫التعميمات كالمذكرات عف ك ازرة العدؿ تتضمف التعريؼ بالكساطة الجنائية كضكابطيا‪ ،‬ككانت تدعك‬

‫‪ 1986‬كأطمؽ عمييا‬
‫إلى المجكء لمكساطة الجنائية ما أمكف‪ ،‬كمف بيف تمؾ التعميمات التي صدرت عاـ‬

‫االجتماعية كقد شيد عاـ‪ 1985‬تطبيؽ أكؿ حاالت الكساطة الجنائية‪.‬‬


‫"‪،‬‬ ‫" الضكابط القضائية لمثقافة‬

‫‪ 93‬ػ ‪2‬‬ ‫المرحمة الثانية ‪ :‬كىي مرحمة ما بعد سنة ‪ 1993‬حيث تـ تقنيف تشريع قانكف رقـ‬

‫كالقانكف الصادر في ‪ 4‬جكيمية ‪ 1993‬كأجرل مجمكع مف التعديالت عمى قانكف اإلجراءات‬

‫الجنائية الفرنسية ككضع الكساطة الجنائية في إطار قانكني ككاف ىذا القانكف خاص بإقرار‬

‫‪-2007‬‬ ‫الكساطة الجنائية كالمعدؿ لممادة ‪ 41‬إجراءات جنائية فرنسي إلى آخر تعديؿ رقـ‬

‫‪ 1787‬بمقتضاه " يستطيع مدعي الجميكرم مباشرة أك عف طريؽ مأمكر الضبط القضائي أك‬

‫مفكض أك كسيط‪ ،‬كقيؿ أثناء ق ارره في الدعكل الجنائية إذا تبيف لو أف مثؿ ىذا اإلجراء يمكف‬

‫أف يضمف تعكيض الضرر الذم أصاب المجنى االضطراب الناتج عف الجريمة‪ ،‬كيساىـ في‬

‫كف‬ ‫تأىيؿ مرتكب الجريمة " ىذا كقد حدد المشرع الفرنسي شركط تطبيؽ الكساطة الجزائية د‬

‫‪1‬‬
‫رامي متكلي القاضي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.252‬‬
‫‪18‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫تحديد الجرائـ التي تخضع ليا‪ ،‬بؿ ترؾ ذلؾ لتقدير النيابة العامة‪ ،‬كتتمثؿ عمكما ىذه الشركط‬

‫‪ 1-41‬مف قانكف االجراءات‬ ‫في شركط متعمقة بأىداؼ الكساطة كأخرل بالكسيط في المادة‬

‫ة كانياء االضطراب الناتج عف‬ ‫الجنائية كالمتمثؿ في إصالح الضرر الذم لحؽ بالضحي‬

‫الجريمة كاعادة ادماج الجاني‪ ،‬كما نظـ المشرع الفرنسي اجراءات الكساطة الجنائية في مرحمتيف‬

‫‪ :‬األكلى تتمثؿ في اجراءات تمييدية لمكساطة الجنائية‪ ،‬كالثاني تتجمى في مرحمة مفاكضات‬

‫الكساطة الجزائية كنيايتو ا‪.‬‬

‫ثانيا ـ الوساطة الجزائية في القانون الكندي‪:‬‬

‫ظيرت الكساطة الجزائية ألك ؿ مرة بدكؿ كندا في محافظة اكنتاريك‪ ،‬كقد بدأت مع قضية‬

‫كيننشتر في عاـ ‪ ،1974‬كىك أكؿ برنامج لمكساطة الجنائية عمى الرغـ مف اف الحديث في‬

‫ذلؾ الكقت كاف عف المصالحة كليس الكساطة الجنائية مف خالؿ تحديد لقاء بيف المتيميف‬

‫كالمجني عمييـ‪ ،‬حيث ترؾ ليـ القاضي ميمة ثالثة أشير ‪.1‬‬

‫ككاف ذلؾ عمى يد احد مكظفي الدكلة المنكط بيـ اثبات البالغات عف الجرائـ حيث قاـ‬

‫شابيف في حالة السكر كالييجاف الشديد إلتالؼ كالحاؽ اضرار بممتمكات اثناف كعشركف‬

‫شخصا‪ ،‬كعند لقاء المتيميف بالمجني عمييـ تـ التكصؿ الى تكافؽ فيما بينيـ بمكجبو قاـ‬

‫المتيميف بتعكيض المجني عمييـ كقد تـ االقرار مف طرؼ مكظؼ االثبات بيذا القرار كدكف ىذه‬

‫الكاقع بتفصيالتيا في سجؿ االثبات كقد تـ اعطاء صيغ نيائية مف طرؼ القاضي الذم عرضت‬

‫عميو الدعكل كمف ثـ شكمت ىذه القضية اكؿ ظيكر لمعدالة التعكيضية‪ ،‬كبالتالي تككف كندا أكؿ‬

‫‪1‬‬
‫عبد الحميد أشرؼ رمضاف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫‪19‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫دكؿ تتبنى النظـ الجنائية غير التقميدية إلنياء الدعكل الجزائية‪ ،‬كىي أكؿ دكلة طبقت السياسة‬

‫الجنائية الجديدة التي تتطمب مزيد مف الرعاية كاالىتماـ بحقكؽ المجنى ‪.1‬‬
‫عميو‬

‫كقد كضعت المجنة المركزية لمشركع الكساطة معيا ار دقيقا يرتكز عمى ثالث ضكابط‪:‬‬

‫‪- 1‬إف الجريمة مف الجرائـ البسيط كيطالب المجتمع بالمحاكمة‪.‬‬

‫‪- 2‬أف يككف لمكسائؿ البديمة فاعمية يساعد عمى منع االنحرافات‪.‬‬

‫‪- 3‬ضركرة كجكد عالقة بيف الجاني كالمجني عميو كأف يتـ االتفاؽ بينيما عمى حؿ النزاعذلؾبالكساطة‪.‬‬

‫أغمب القضايا التي تـ إنياؤىا بكاسطة الكساطة الجنائية كانت جرائـ بسيطة كالسرقات البسيطة‬

‫أك اإلتالؼ العمدم أك التعدم أك التزكير أك حيازة بضائع مسركقة كقد تبيف فما بعد إف جمع المتيـ‬

‫كالمجنى عميو في لقاء كانت ال تقيد في قضايااإلعتداء الجسيـ فمف بيف اربعكخمسيف قضي نجحت‬

‫جيكد الكساطة في حسـ اثنيف كخمسيف قضية منيا األمر الذم دفع المجنة المركزية التشريعية الى مطالبة‬

‫عمى ذلؾ كساعدت عمىتعميميا في كافة أرجاءكندا‬


‫الحككـ‬
‫الحككـة بتقديـ منحة ليذا المشركع ككافقت ة‬

‫كيقكؿ الدكتكر أشرؼ رمضاف عبد الحميد" أف كندا تتجو نحك التحكؿ مف عدالة عقابية إلى عدالة‬

‫رضائية‪ ،‬تقكـ عمى مراعاة البعد االجتماعي في المنازعات "‪.2‬‬


‫الجنائية‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تعريف الوساطة الجزائية في المغة واالصطالح والفقو‪:‬‬

‫أوال ـ التعريف المغوي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫رامي متكلي القاضي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الحميد أشرؼ رمضاف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪20‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫‪ - 1‬تعريف الوساطة‪ :‬الكساطة في المغة ىي اسـ لفعؿ كسط ككسط الشيء أم صار في‬

‫كسطو فيك كاسط كالتكسيط ىك مقطع الشيء نصفيف‪ ،‬ككسط القكـ‪ ،‬كفييـ كسط أم التكسط‬

‫بينيـ بالحؽ كالعدؿ‪ ،‬كمنو قكلو تعالى " وكذلك جعمناكم أم وسطا‪.1"...‬‬

‫كالتكسط بيف أمريف اك شخصيف لفض نزاع قائـ بينيما بالتفاكض‪ ،‬كالكسيط ىك المتكسط‬

‫بيف المتخاصميف ‪ ،2‬كتعني الكساطة في المغ ة الالتينية ‪ médiato‬مف كمـ ة بمعنى تكسط‪،‬‬

‫كيقاؿ‪ médiateur :‬بمعنى الشخص الكسيط أك المكفؽ‪ ،‬كالكساطة في المغة العربية كممة‬

‫مشتقة مف الكسط التي تدؿ عمى الشيء الكاقع بيف طرفيف ‪.3‬‬

‫‪ 2‬ـ تعريف الجزائية‪:‬‬

‫الجزائي مأخكذة مف الجزاء‪ ،‬لغة مصدر مشتؽ مف الفعؿ الثالثي جزل الشيء كيقاؿ ىذا‬

‫‪4‬‬
‫جزاء ما فعؿت يداه‪ :‬عقابو‪ ،‬ناؿ جزاء اجتياده كاخالصو‪ :‬المكافأة‪.‬‬

‫ثانيا ـ التعريف االصطالحي‪:‬‬

‫تعرؼ الكساطة بأنيا االجراء الذم بمكجبو يحاكؿ شخص مف الغير‪ ،‬بناءا عمى اتفاؽ‬

‫األطراؼ كضع حد كنياية لحالة االضطراب التي أحدثتيا الجريمة عف طريؽ حصكؿ المجني‬

‫عميو عمى تعكيض كافة االضرار التي لحقت بو‪ ،‬فضال عف إعادة تأىيؿ الجاني ‪ ،5‬كتعرؼ‬

‫‪1‬‬
‫سكرة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.134‬‬
‫‪2‬‬
‫المعجـ الكجيز‪ ،‬الييئة العامة لشؤكف المطابع األميرية‪ ،‬مجمع المغة العربية‪ ،‬مصر سنة ‪ ،1977‬ص‪.668‬‬
‫‪3‬‬
‫الخميؿ ابف أحمد الفراىيدم‪ ،‬كتاب العيف‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬مكتب لبناف‪ ،‬بيركت‪ ،2004 ،‬ص‪.901‬‬
‫‪4‬‬
‫مجد الديف محمد يعقكب‪ ،‬القامكس المحيط‪ ،‬الطبعة السابعة‪ ،‬مؤسس الرسالة‪ ،‬بيركت‪ ،2003 ،‬ص ‪.1271‬‬
‫‪5‬عبد الحميد أشرؼ رمضاف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪21‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫أيضا بأنيا اجراء لتسكية النزاعات يقكـ عمى تدخؿ طرؼ ثالث محايد يتكلى اقتراح حؿ تكفيقي‬

‫عمى األطراؼ لتسكية النزاع كديا‪.1‬‬

‫ثالثاـ التعريف الفقيي‪:‬‬


‫‪2‬‬
‫بالنظر إلى‬ ‫إختمؼ الفقياء في تعريؼ الكساطة‪ ،‬حيث يعرفيا اتجاه في الفقو الفرنسي‬

‫مكضكعيا عمى انيا نظاـ يستيدؼ الكصكؿ إلى اتفاؽ أك مصالحة أك تكفيؽ بيف أشخاص أك‬

‫أطراؼ كيستمزـ شخص أك أكثر لحؿ المنازعات بالطرؽ الكدية كيعرفيا طرؼ اخر في نفس‬

‫االتجاه انيا حاؿ بحث عف حؿ تفاكضي بيف أطراؼ نزاع متكلد عف جريمة بفضؿ تدخؿ الغير‪.‬‬

‫نستنتج مف التعريفيف السابقيف أنيما يتفقاف حكؿ مضمك ف الكساطة بأنيا حؿ تفاكضي‬

‫بيف طرفي النزاع يعتمد عمى تدخؿ طرؼ ثالث‪ ،‬كيعرفيا اتجاه ثاني بالنظر إلى الغاية منيا‬

‫عمى انيا ذلؾ " اإلجراء الذم ييدؼ إلى البحث بمساعدة طرؼ ثالث عمى حؿ انبثؽ عف‬

‫تفاكض حر بيف طرفي النزاع الناشئ عف الجريمة المرتكبة "‪.‬‬

‫كفي نفس السياؽ يعرفيا كذلؾ آخركف " بأنيا اجراء يتكصؿ بمقتضاه شخص محايد الى‬

‫التقريب بيف طرفي القضية بغية السماح ليما بالتفاكض عمى اآلثار الناشئة عنيا الجريمة‪ ،‬أمال‬

‫في إنياء النزاع الكاقع بينيما ‪ ،3‬ىذه التعاريؼ تركز عمى الغرض مف الكساطة الجزائية كلي س‬

‫إجراءاىا أك مكضكعيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نقال عف خالؼ فاتح‪ ،‬مكاف الكساطة لتسكية النزاع اإلدارم في القانكف الجزائرم‪ ،‬رساؿ دكتكراه‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،2015.2014 ،‬ص‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Paul Mbanzoulou, La Médiation Pénale, 2ème édition, L’Harmattan, 2012, p18.‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد أبك العال‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.24‬‬
‫‪22‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫يعرؼ الفقو المصرم الكساطة الجزائية بأنيا‪ " :‬اجراء يتكسؿ بمقتضاه شخص محايد‬

‫(الكسيط) الى التقريب بيف طرفي الخصكمة الجزائية بغية السماح ليـ بالتفاكض عمى االثار‬

‫الناشئة عف الجريمة‪ ،‬اصال في انياء النزاع الكاقع بينيـ "‪.1‬‬

‫كىناؾ اتجاه تكفيقي يعرؼ الكساطة الجزائية بالنظر الى اجرائيا كالى المعياريف السابقيف‬

‫عمى انيا اجراء يتـ قبؿ تحريؾ الدعكل الجزائية بمقتضاه تخكؿ النيابة العامة جية الكساطة أك‬

‫شخص تتكفر فيو شركط خاصة بمكافقة األطراؼ االتصاؿ بالجاني كالمجني عميو كااللتقاء لتسكية‬

‫اآلثار الناجمة عف طائفة مف الجرائـ التي تتسـ ببساطتيا أك بكجكد عالقات دائمة بيف أطرافيا‬

‫كتسعى لتحقيؽ أىداؼ محددة نص عمييا القانكف‪ ،‬كيترتب عمى نجاحيا عدـ تحريؾ الدعكل‬

‫الجنائية "‪.2‬‬

‫كيعرفيا األستاذ عبد الرحماف بربارة بأنيا " أسمكب مف أساليب الحمكؿ البديمة لحؿ النزاعات‬

‫تقكـ عمى إيجاد حؿ كدم لمنزاع خارج مرفؽ القضاء عف طريؽ الحكار كتقريب كجيات النظر‬

‫بمساعدة شخص محايد "‪ ،3‬كىذا التعريؼ يتفؽ مع غالبية التعاريؼ الفقيية التي أعطيت لمكساطة‬

‫كيختمؼ عف مكقؼ التشريع الجزائرم مف الكساطة التي يعتبرىا ذات طبيعة قضائية‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬التعريف التشريعي لموساطة الجزائية‪:‬‬

‫لقد استحدث المشرع الجزائرم نظاـ الكساطة الجزائية ؼ م األمر رقـ ‪ 02-15‬المؤرخ‬

‫‪ 155-66‬المؤرخ في ‪ 08‬يكنيك ‪1966‬‬ ‫في ‪ 23‬يكليك ‪ 2015‬المعدؿ كالمتمـ لألمر رقـ‬

‫‪1‬‬
‫رامي متكلي القاضي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪2‬‬
‫العيد ىالؿ‪ ،‬الكساطة في قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬مجمة المحامي‪ ،‬عدد ‪ ،25‬منظمة المحاميف لناحية سطيؼ‪ ،2015 ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد الرحماف بربارة‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشكرات بغدادية‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.522‬‬
‫‪23‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫‪ 12 -15‬المؤرخ في ‪ 15‬يكليك‬ ‫المتضمف قانكف اإلجراءات الجزائية كمف بعده القانكف رقـ‬

‫‪ 2015‬المتعمؽ بحماية الطفؿ‪ ،‬لكنو عمى غرار التشريعات لـ يعرؼ الكساطة سكاء في قانكف‬

‫اك قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬تاركا األمر لمفقو كالقضاء‪،‬‬ ‫االجراءات المدنية كاإلدارية‪،‬‬

‫باإلضافة الى اف عدـ تعريفو لمكساطة راجع الى سبؽ تعريفيا في قانكف حماية الطفؿ الذم‬

‫اعتمد أكال نظاـ الكساطة ذات الكصؼ الجزائي في مجاؿ األحداث‪ ،‬ك اكتفى بكضع شركط‬

‫‪ 2‬مف‬ ‫كآليات ممارستيا مف خالؿ النص عمى كيفية تنظيميا عمى خالؼ ما فعؿ في المادة‬

‫القانكف رقـ ‪15‬ػ ‪ ،12‬المؤرخ ‪ 28‬رمضاف عاـ ‪ ،1436‬المكافؽ ؿ ‪ 15‬جكيمية ‪ ،2015‬عمى‬

‫انيا " الية قانكنية تيدؼ إلى إبراـ اتفاؽ بيف الطفؿ الجانح كممثمو الشرعي مف جية‪ ،‬كبيف‬

‫الضحية أك ذكم حقكقيا مف جية أخرل‪ ،‬تيدؼ إلى انياء المتابعات كجبر الضرر الذم‬

‫الضحي ‪ ،‬ككضع حد آلثار الجريمة كالمساىمة في إعادة إدماج الطفؿ "‪.‬‬


‫ة‬ ‫تعرضت لو‬

‫كانطالقا مف ىذا التعريؼ التشريعي يمكننا اف نعرؼ الكساطة في المادة الجزائية بأنيا‪:‬‬

‫" آلية قانكنية تيدؼ الى ابراـ اتفاؽ بيف الضحية كالمشتكى منو‪ ،‬قد يمتجئ الييا ككيؿ‬

‫الجميكرية بغرض انياء المتابعات كجبر الضرر الذم تعرضت لو الضحية ككضع حد ألثار‬

‫الجريمة كالمساىمة في اعادة ادماج الجانح "‪.‬‬

‫فالكساطة إجراء اختيارم رضائي يسعى مف خاللو طرفي النزاع بمساعدة طرؼ ثالث‬

‫ة الجريمة المرتكبة كذلؾ عف طريؽ تعكيض‬ ‫(الكسيط) ايجاد حؿ لمنزاع القائـ بينيما نتيج‬

‫النياب العامة في‬


‫ة‬ ‫الضحية‪ ،‬كما يمكننا تعريؼ الكساطة الجزائية عؿل انيا اجراء يتـ قبؿ تصرؼ‬

‫الدعكل العمكمية أك الحكـ فييا‪ ،‬يقتضي قياـ النياب ة العامة بعرض الكساطة عمى أطراؼ‬
‫‪24‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫القضية مف تمقاء نفسيا أك بناءا عمى طمب أحدىـ‪ ،‬ثـ القياـ باالتصاؿ كاالجتماع بطرفي‬

‫الجريمة مف أجؿ التكصؿ إلى حؿ كدم إلنياء النزاع كيترتب عمى نجاحيا انقضاء الدعكل‬

‫العمكمية كتعكيض المتضرر مف الجريمة‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تمييز الوساطة الجزائية عن األنظمة المشابية ليا‪:‬‬

‫تتجمى الكساطة كأحد مالمح اإلجراءات الجنائية الحديثة في الكقت الراىف ألنيا مف أحد‬

‫أىـ آليات التخفيؼ عف كاىؿ الجياز القضائي في الدكؿ‪ ،‬فدكرىا لـ يقؼ عند حد المساىمة‬

‫مع غيرىا في تحسيف صكرة العدالة الجزائية‪ ،‬بؿ تجاكز ذلؾ ليصؿ إلى مقاسمة العدالة التقميدية‬

‫في مكافحتيا الجريمة مف خالؿ ما تحققو مف تنظيـ لمركابط االجتماعية‪ ،‬كسكؼ نقكـ في ىذا‬

‫المطمب بمقارنة الكساطة مع غيرىا مف بدائؿ الدعكل االخرل كالكساطة القضائية المدنية‪،‬‬

‫الصمح التحكيـ‪ ،‬كاألمر الجزائي في أربعة فركع عمى التكالي‪:‬‬

‫القضائي المدنية‪:‬‬
‫ة‬ ‫الفرع األول‪ :‬الوساطة الجزائية والوساطة‬

‫تعرؼ الكساطة القضائية عمى أنيا‪ " :‬اإلجراء الذم يقكـ بمكجبو قاضي الحكـ أك تشكيمة‬
‫ّ‬

‫الحكـ بعرض إجراء الكساطة عمى األطراؼ ليتـ إف قبمكا بيا‪ ،‬األمر بتعييف شخص معتمد‬

‫قضائيا الذم يكمؼ باتخاذ كؿ اإلجراءات الكاجبة لمتكفيؽ بيف الخصكـ في المكضكع يعرؼ‬

‫بالكسيط القضائي‪ ،‬المعركض عمى العدالة "‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫األخضر قكادرم‪ ،‬الكجيز الكافي في إجراءات التقاضي (في األحكاـ العامة لمطرؽ البديمة في حؿ النزاعات)‪ ،‬دار اليكمة‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪25‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫أوجو التشابو بين الوساطة القضائية الجزائية والوساطة المدنية‪:‬‬

‫ف يجداف‬ ‫أف كال مف الكساطتيف يعتبراف مف الكسائؿ كالطرؽ البديمة لحؿ النزاعات‪ ،‬فيما إجراءا‬

‫مكانيما خارج نطاؽ الشرعية القضائية‪ ،‬كيشترط في كالىما خضكعيما إلى إطار قانكني ‪.1‬‬

‫‪ -‬كما تتشابياف في اف كال منيما يقكـ عمى رضاء األطراؼ بمعنى يشترط في كالىما‬

‫مكافقة الخصكـ لمكساطة أم قبكليـ ليا بالنسب لمجية المكمفة بالكساطة أم الكسيط‪ ،‬في كال‬

‫الكساطتيف يمكف أف يككف الكسيط شخصا طبيعيا أك شخصا معنكيا‪.‬‬

‫‪-‬يشترط في الكسيط في كؿ مف الكساطتيف أف تككف متمتعا باألىمية‪ ،‬كىذه األخيرة ال تثبت‬

‫الكفاءكالقدرة عمى حؿ مختمؼ‬


‫لإلنساف إال بجممة مقاييس ال يمكف تصكرىا إال في األمكر التالية‪ :‬ة‬

‫النزاعات مف أجؿ تسكيتيا‪ ،‬بالنظر لمكانتيـ االجتماعية كامكانية الحيازة عمى تككيف عاؿ في‬

‫بعض النزاع المطركح عمى العدالة لينظر فيو قانكنيا طالما أف التخصصات خاصة القانكنية منيا‪.‬‬

‫‪-‬أف يككف الكسيط ذا خبرة التي تعني الحنكة في إدارة ممفات الكساطة المعركضة عميو‬

‫ة الخاصة‬ ‫معنى ذلؾ أف يستعمؿ أنجع األساليب في كيفيات التعاطي مف مختمؼ األمزج‬

‫بالمتنازعيف‪ ،‬كيممؾ فنيات االستقباؿ الفردم كالجماعي‪.‬‬

‫‪-‬في كال الكساطتيف يشترط في الكسيط أف يتمتع بالحياد كاالستقالؿ كيقصد بالحياد بأف‬

‫يككف الكسيط غير مائؿ لفائدة أم طرؼ‪ ،‬أك ضد الطرؼ األخر أم عدـ انحيازه ألم طرؼ‬

‫مف طرفي الخصكمة عمى حساب األخر ‪ ،2‬أما شرط االستقاللية فيقصد بو اف يككف مستقال‬

‫‪1‬‬
‫صباح أحمد نادر‪ ،‬التنظيـ القانكني لمكساطة الجنائية كامكانية تطبيقيا في القانكف العراقي (دراسة مقارنة)‪ ،‬بحث مقدـ إلى قضاء في إقميـ كردستاف‪،‬‬
‫كجزء مف متطمبات الترقية مف الصنؼ الرابع‪ ،‬إلى الصنؼ الثالث مف أصناؼ اإلدعاء العاـ‪ ،‬محكمة جنح أربيؿ‪ ،‬العراؽ ‪ ،2014 ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪2‬‬
‫ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪26‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫فيما يفعؿ عف غيره بأف ال يككف ذم فائدة خفية أك ظاىرة مع أحد الخصكـ أم منفصال بذاتو‬

‫عف طرفي الخصكمة‪ ،‬فيك ال يخضع لتأثيرىـ أك أم إمالء صادر منيـ ‪.1‬‬

‫‪-‬التزاـ الكسيط بالتنحي عف اإلستمرار في ميمتو في كمتا الكساطتيف في حاؿ كجكد مانع‬

‫‪2‬‬
‫تربط بينيـ كبيف أحد طرفي‬ ‫مف المكانع أك كانت ىناؾ عالقة صداقة أك قرابة أك مصاىرة‬

‫الكساطة‪.‬‬

‫‪-‬في كال الكساطتيف فإف دكر الكسيط ينحصر فقط في تقريب كجيات النظر كاستطالع‬

‫أراء الخصكـ كتحقيؽ التكازف بينيما بمعنى إعطاء كؿ طرؼ الفرصة في الحديث‪ ،‬مع التزامو‬

‫بالسر الميني بمعنى عدـ إفشاء ما يصؿ إلى عممو مف معمكمات شخصية عف الخصكمة‪.‬‬

‫‪-‬اما فيما يخص محضر إتفاؽ الكساطة يجب في حاؿ إتفاؽ األطراؼ كفي كمتا‬

‫الكساطتيف تحرير الكسيط تقرير لمكساطة يسمى محضر اإلتفاؽ‪ ،‬كمفاده ذلؾ أف إرادة أطراؼ‬

‫الخصكمة قرركا معا بمكجب اتفاقيـ عمى حؿ معيف لمنزاع بكؿ طكاعي ة كراحة ضمير‪ ،‬كيدكف‬

‫فيو ما تـ إتخاذه مف إجراءات لمتكفيؽ بيف األطراؼ كمكقؼ كؿ طرؼ مف ىذه اإلجراءات‪،‬‬

‫كيمتزـ الكسيط بإعداد تقرير الكساطة‪ ،‬سكاءا في حاؿ نجاحيا أك فشميا ‪ .3‬كتجدر اإلشارة أف‬

‫كؿ مف إتفاؽ الكساطة الجزائية كالكساطة القضائية المدنية غير قابمة لمطعف‪ ،‬سكاءا بطرؽ‬

‫الطعف العادية كغير العادية كأنو يعتبر سندا تنفيذيا يجعؿ النزاع محسكـ بصفة دائمة‪ ،‬كيككف‬

‫‪1‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫‪2‬‬
‫األخضر قكادرم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪3‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.155‬‬
‫‪27‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫تنفيذه سيال ممتنعا ألف ما ينفذ يتعمؽ مكضكعو بمراكز قانكنية معينة كمحددة متفؽ عمييا بيف‬

‫الطرفيف إتفاقا محسكما بينيما‪.‬‬

‫القضائي المدنية‪:‬‬
‫ة‬ ‫أوجو اإلختالف بين الوساطة الجزائية والوساطة‬

‫‪-‬الكساطة الجزائية قم الكساطة جكازية عمى خالؼ الكساطة القضائية المدنية كجكبية‪،‬‬

‫لكف كجكبيا ال يتجاكز قياـ القاضي المختص بعرض إجراء الكساطة عمى الخصكـ‪.‬‬

‫‪-‬أما فيما يخص مجاؿ تطبيؽ الكساطة‪ ،‬فإ ف الكساطة الجزائية تطبؽ في الجنح المذككرة‬

‫عمى سبيؿ الحصر كالمخالفات غير محددة‪ ،‬عمى خالؼ الكساطة القضائية المدنية التي تطبؽ‬

‫‪ 994‬مف‬ ‫في جميع المكاد اال في الحاالت الثالث التي استثناىا المشرع بمكجب نص المادة‬

‫قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية‪.‬‬

‫‪-‬الكسيط في الكساطة المدنية يعيف مف طرؼ القاضي عمى خالؼ الكسيط في الكساطة‬

‫الجزائية فيك متمثؿ في شخص ككيؿ الجميكرية‪ ،‬كما يشترط عمى الكسيط في الكساطة المدنية‬

‫أداء اليميف قبؿ‪ ،‬عمى خالؼ الكسيط في الكساطة الجزائية الذ م ال يشترط عميو أداء اليميف‪.1‬‬

‫‪-‬ال كجكد لقانكف ينظـ مينة الكسيط في الكساطة الجزائية‪ ،‬عمى خالؼ الكساطة المدنية‬

‫حيث يكجد المرسكـ التنفيذم رقـ ‪ 100-09‬المؤرخ في ‪ 10‬مارس ‪ ،2009‬المتضمف تحديد‬

‫كيفيات تعييف الكسيط القضائي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪28‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫‪-‬اما فيما يخص مدة الكساطة فبالنسبة لمكساطة القضائية المدنية فإف المدة تتجاكز‪ 3‬أشير‬

‫قابمة لمتجديد بنفس المدة مرة كاحدة بطمب مف الكسيط‪ ،‬عند االقتضاء بعد مكافقة الخصكـ‪ 1‬المادة‬

‫‪ 996‬مف قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية‪ ،‬عمى خالؼ الجزائية فمـ تحدد ليا مدة معينة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية والصمح‪:‬‬

‫يعرؼ الصمح في القانكف الجنائي عمى أنو " تالقي إرادة المتيـ كالمجني عميو " كيعتبره‬

‫البعض " أسمكبا انياء المنازعات بطريقة كدية "‪.2‬‬

‫كيعرؼ الصمح عمى أنو‪ " :‬أسمكب قانكني غير قضائي إلدارة الدعكل الجنائية يتمثؿ في دفع‬

‫الماؿ لمدكلة اك تعكيض المجني عميو أك قبكؿ تدابير أخرل بمقابؿ انقضاء الدعكل الجنائية"‪.‬‬

‫كيعتبر الفقو كؿ مف الصمح كالكساطة الجزائية انيـ ا بمثابة كسائؿ غير تقميدية في حؿ‬

‫بعض المنازعات الجزائية الناشئة عف جرائـ ذات خطكرة محدكدة ‪ ،3‬كىما كسيمتاف مف شانيما‬

‫ازالة أسباب االضطراب الذم أحدثتو الجريمة في المجتمع‪ ،‬كما تؤدم إلى زكاؿ األحقاد‬

‫كالضغائف بيف الجاني ك المجني عميو ىذا مف جانب‪ ،‬كمف جانب آخر فيما كسيمتاف مف‬

‫شأنيما تقميؿ عدد القضايا التي تحاؿ الى المحاكـ ك تخفيؼ العبء عف القضاة حتى ال تتراكـ‬

‫القضايا ك يتأخر الفصؿ فييا‪ ،‬باإلضاؼة الى اف جكىر كؿ منيما يقكـ عمى حصكؿ المجني‬

‫عميو عمى تعكيض عادؿ يرأب الضرر الناشئ عف الجريمة ‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫األخضر قكادرم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد حكيـ حسيف الحكيـ‪ ،‬النظرم العاـ لمصمح كتطبيقاتيا في المكاد الجنائية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الكتب القانكنية‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪3‬‬
‫ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد الحميد أشرؼ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪29‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫أوجو التشابو بين الصمح والوساطة الجزائية‪:‬‬

‫‪ -‬أنيما بمثابة كسائؿ غير تقميدية في حؿ بعض المنازعات الجزائية الناشئة عف جرائـ‬

‫ذات خطكرة محدكدة ‪ ،1‬كىي كسائؿ مف شأنيا إزالة أسباب االضطراب الذم أحدثتو الجريمة في‬

‫المجتمع‪ ،‬كما تؤدم إلى زكاؿ األحقاد كالضغائف بيف الجاني كالمجني عميو االمر الذم يساعد‬

‫في القضاء عمى اسباب االجراـ في المجتمع ىذا مف جانب كمف جانب آخر فيي كسائؿ مف‬

‫شأنيا تقميؿ عدد القضايا التي تحاؿ إلى المحاكـ كتخفيؼ العبء عف القضاة حتى ال تتراكـ‬

‫القضايا كيتأخر الفصؿ فييا‪.‬‬

‫‪-‬أف جكىر كؿ منيما حصكؿ المجني عميو عمى تعكيض عادؿ يجب الضرر الناشئ عف‬

‫الجريمة‪ ،2‬دكف أف يكبد في ذلؾ مشاؽ التقاضي كطكؿ اإلجراءات فضال عف تجنيب الجاني‬

‫مساكئ الجريمة عقكبة الحبس قصير المدة ‪.3‬‬

‫‪ ،4‬كما‬ ‫‪-‬كيتفؽ الصمح كالكساطة الجزائية ؼ م أنيما يعداف غير ممزميف لطرفي النزاع‬

‫يتشابو كؿ مف الصمح كالكساطة الجزائية كؿ منيما يقكـ عمى رضا األطراؼ بمعنى‪ ،‬يتكقؼ‬

‫تماميما عمى رضا المجني عميو اك كليو ككذا ارادة األطراؼ‪ ،‬فجكىر كؿ منيما ىك الرضائية‪.‬‬

‫أوجو االختالف بين الصمح والوساطة الجزائية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الحميد أشرؼ‪ ،‬المرجع نفسو‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪3‬عبد الحميد أشرؼ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ 4‬محمد عمي عبد الرضا عفمكؾ‪ ،‬ياسر عطيكم عبكد الزبيدم‪ ،‬الكساطة في حؿ النزاعات بالطرؽ السممية في التشريع العراقي (دراسة مقارنة )‪ ،‬مجمة‬
‫رسالة الحقكؽ‪ ،‬كمية القانكف‪ ،‬جامعة البصرة‪ ،‬العدد الثاني‪ ،2015 ،‬ص ‪. 194‬‬
‫‪30‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫‪-‬اف الصمح إجراء كجكبي‪ ،‬عمى خالؼ الكساطة الجزائيةذ إأنيا إجراء جكازم كيككف في أم‬

‫مرحة تككف عمييا الدعكل حتى كاف كانت منظكرة أماـ القضاء‪ ،‬بؿ إف بعض التشريعات التي‬

‫إعترفت بإجراء الكساطة‪ ،‬كضعت مجمكعة مف الشركط كالضكابط أبرزىا أف تتـ قبؿ صدكر‬

‫الحكـ‪ ،‬بؿ أف المشرع الفرنسي يشترط إجراء الكساطة أف تتـ قبؿ تحريؾ النيابة العامة لمدعكل‬

‫الجنائية‪.1‬‬

‫‪ -‬أف الكساطة الجنائية تتـ عف طريؽ تدخؿ شخص ثالث الكسيط‪ ،‬الذم يقكـ بالدكر الرئيسيّ في‬

‫الكصكؿ إلى إتفاؽ لمكساطة بيف أطراؼ النزاع‪ ،‬كما أنو يقكـ بمتابعة تنفيذ ىذا االتفاؽ حتى النياية في حيف‬

‫أف الصمح ال يككف عف طريؽ كسيط إنما يتـ مباشرة بيف الجاني كالمجني عميو اك ككيمو الخاص‪.‬‬

‫‪ -‬يترتب عمى الصمح انقضاء الدعكل العامة بقكة القانكف‪ ،‬كىك مف اآلثار المتعمقة‬

‫بالنظاـ العاـ مف دكف أف يككف لمنيابة العامة أك المحكمة بحسب األحكاؿ أم سمطة تقديرية في‬

‫ىذا شأف‪ ،‬في حيف اف الكساطة ال ترتب مثؿ ىذا األمر مباشرة ذلؾ أف الكسيط بعد أف يفرغ مف‬

‫ميمتو يقدـ تقري ار مكتكبا حكؿ نتائج ىذه الميمة كعمى ضكء التقرير يككف تصرؼ النيابة العامة‬

‫إما بحفظ الدعكل أك بالمالحقة الجزائية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الوساطة الجزائية والتحكيم‪:‬‬

‫التحكيم‪ " :‬ىك كسيمة لحؿ المنازعات تمكف الطرفيف مف االتفاؽ عمى حسـ ما يثكر بينيما مف‬

‫‪ -1‬ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.86‬‬


‫‪31‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫منازعات حالة أك محتممة عف طريؽ التحاكـ بثالث‪ ،‬محكـ أك محكميف أك منظـ متخصص‬

‫يختاره الطرفاف‪ ،‬كىذا كمو في إطار الضكابط كالحدكد المقررة شرعا كنظاما "‪.1‬‬

‫أوجو التشابو بين الوساطة الجزائية والتحكيم‪:‬‬

‫يعداف مف الكسائؿ السممية في حؿ المنازعات المطركحة بيف األطراؼ يجداف أصميما‬

‫في إتفاؽ يعبر عف رغبة أطرافيـ في حؿ النزاع بعيدا عف قضاء الدكؿ‪.‬‬

‫يحتاجاف إلى طرؼ ثالث المحكـ أك الكسيط لمفصؿ في النزاع‪.‬‬

‫يحتاجاف أيضا إلى تذييؿ الحكـ أك كثيقة الكساطة بالصيغة التنفيذية كيكتسي عمميا‬

‫الشيء المقضي فيو‪.‬‬

‫أوجو اإلختالف بين الوساطة الجزائية والتحكيم‪:‬‬

‫يختمؼ التحكيـ عف الكساطة الجزائية ـ ف حيث الكسيمة التي تتـ بمكجبيا تعييف كؿ مف‬

‫المحكـ ك الكسيط ثـ مف حيث نطاؽ سمطة كؿ منيما‪ ،‬يجكز لممحكـ أف يتصدل لنظر النزاع‬

‫مف تمقاء نفسو أك بتفكيض مف جية حككمية‪ ،‬إذ أف األصؿ أف يختص األفراد دكف غيرىـ‬

‫باالتفاؽ مع المحكـ الذم سيفصؿ في مكضكع النزاع‪ ،‬عمى عكس مف ذلؾ في الكساطة فإنو‬

‫ال يجكز لمخصكـ المشاركة في اختيار الكسيط‪ ،‬كما اف سمطة المحكـ تختمؼ عف سمطة‬

‫الكسيط فيما يتعمؽ بحؽ كؿ منيما في فرض قرار عمى أطراؼ الخصكمة‪ ،‬إذ يختص األكؿ‬

‫أساسا بالفصؿ في مكضكع النزاع بنفسو ك يصدر حكما ممزما الكسيط ألطرافو ك مف ثـ كاف‬

‫دكر إيجابي في إنياء النزاع‪ ،‬شأنو في ذلؾ القاضي الذم يصدر الحكـ أما فيك ذك دكر‬

‫‪1‬‬
‫محمد عمي عبد الرضا عفمكؾ‪ ،‬ياسر عطيكم عبكد الزبيدم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.194‬‬
‫‪32‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫متكاضع يقؼ عند حد بناء الركابط بيف الجاني ك المجني عميو‪ ،‬دك أف يفرض عمييما حؿ‬

‫معيف لمكضكع الخصكمة الجزائية‪ ،‬فيك شخص محايد تختصر ميمتو عمى تقريب اآلراء‬

‫المتعارضة‪ ،‬لمخصكـ دكف أف يككف لو تأثير في اختيار أم مف الحمكؿ المتاحة لمنزاع‪ ،‬عمى‬

‫خالؼ الكساطة يجكز اف يطعف في التحكيـ بطرؽ الطعف المقررة قانكنا‪.‬‬

‫كعميو فاف كال مف الكساطة الجزائية كالتحكيـ يعداف مف الكسائؿ السممية في حؿ‬

‫المنازعات المطركحة بيف األطراؼ‪ ،‬يجداف أصميما في إتفاؽ يعبر عف رغبة أطرافيـ في حؿ‬

‫النزاع بعيدا عف قضاء الدكلة‪ ،‬ك يحتاجاف إلى طرؼ ثالث المحكـ أك الكسيط لمفصؿ في‬

‫النزاع‪ ،‬كما يحتاجاف أيضا إلى تذييؿ الحكـ أك كثيقة الكساطة بالصيغة التنفيذية ك يكتسي‬

‫عمميا الشيء المقضي فيو‪ ،‬ك يختمؼ التحكيـ عف الكساطة الجزائية ـ ف حيث الكسيمة التي يتـ‬

‫بمكجبيا تعييف كؿ مف المحكـ ك الكسيط ثـ مف حيث نطاؽ سمطة كؿ منيما‪ ،‬كما يختمفاف مف‬

‫جية الطعف فييما فالتحكيـ يقبؿ الطعف فيو بطرؽ الطعف المقررة قانكنا عمى خالؼ الكساطة‬

‫الجزائية التم ال يجكز الطعف فييا بأم طريقة مف طرؽ الطعف‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الوساطة الجزائية واألمر الجزائي‪:‬‬

‫يعد األمر الجزائي مف األنظـ ة المبسطة إلدارة الدعكل الجنائية في جرائـ تتصؼ بكثرتيا‬
‫ّ‬

‫كقؿ أىميتيما كيحقؽ ىذا النظاـ االقتصاد في النفقات كالكقت كيسمح لألجيزة القضائية لمتفرغ‬

‫لمجرائـ اليامة التي تمس بأمف كاستقرار المجتمع ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد حكيـ حسيف الحكيـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.414‬‬
‫‪33‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫يعرؼ الفقو االمر الجزائي بأنوّ‪ " :‬أمر قضائي يفصؿ في مكضكع الدعكل الجنائية دكف‬

‫قكتو بعدـ االعتراض عميو خالؿ‬


‫أف تسبقو إجراءات محاكمة جرت كفقا لمقكاعد العامة كترتيف ّ‬

‫يحدده القانكف "‪ ،1‬ك األمر الجزائي ىك قرار قضائي يصدر مف القاضي بغير‬
‫الميعاد ال ّذم ّ‬

‫تحقيؽّ أك مرافع في المخالفات كالجنح البسيطة التي حددىا القانكف عمى سبيؿ الحصر‪،‬‬

‫كبيذا فيك يتشابو في ىذا االمر مع الكساطة التي تعتبر كسيمة بديمة لحؿ النزاع الناشئ عف جرائـ‬

‫المخالفات كالجنح البسيطة‪ ،‬لكنيما يختمفاف مف حيث العقكبة‪ ،‬اذ اف عقكبة األمر الجزائي ىي‬

‫الغرامة ك العقكبات التكميمية‪ ،‬اما الكساطة فيي تصؿ إلى تعكيض المجني عميو أك تقديـ خدمات‬

‫اجتماعية‪.‬‬

‫مما سبؽ يتبيف لنا اف نظاـ الكساطة الجزائية ق ك نظاـ مستقؿ‪ ،‬لو مف الخصكصية ما‬

‫يجعؿ منو نظاما قائما بذاتو‪ ،‬كلقد إستحدثتو التشريعات ليككف إلى جانب أنظمة أخرل كالصمح‬

‫كاألمر الجزائي كالتحكيـ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬خصائص الوساطة الجزائية وطبيعتيا القانونية‪:‬‬

‫لمكساطة الجزائية جمؿ مف الخصائص تميزىا عف بعض اآلليات األخرل التي قد‬

‫تتشابو معيا‪ ،‬كما أف استحداث الكساطة كأسمكب لحؿ المنازعات الجزائية اثار جدؿ فقياء‬

‫القانكف الجنائي في تحديد طبيعتيا القانكنية‪ ،‬لذلؾ ارتأينا اف نقسـ ىذا المبحث الى مطمبيف‬

‫اثنيف‪ :‬تناكلنا في المطمب االكؿ منو خصائص الكساطة الجزائية كتناكلف ا في المطمب الثاني‬

‫منو الطبيعة القانكنية لمكساطة الجزائية عمى الترتيب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نقال عف محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،1988 ،‬ص ‪.97‬‬
‫‪34‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫المطمب األول‪ :‬خصائص الوساطة الجزائية‪:‬‬

‫تتميز الكساطة الجزائية بعدة خصائص تناكلنا اىميا في اربعة فركع‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬سرعة وبساطة ومرونة الفصل في النزاع‪:‬‬

‫إف مف شأف الكساطة الجزائية أف تحقؽ سرعة الفصؿ في المنازعة الجزائية كىك تكريس‬

‫"حيث تجنب‬ ‫ألحد أىـ متطمبات المحاكمة العادلة كىك " سرعة الفصؿ في القضية الجزائية‬

‫الكساطة اإلجراءات الجزائية التقميدية المعقدة كالطكيمة المقررة في حاؿ ما اتبعنا المسار العادم‬

‫لمخصكمة الجزائية حتى يفصؿ في الدعكل العمكمية كيصدر الحكـ فييا‪.‬‬

‫كتحقؽ الكساطة الجزائية سر عة الفصؿ في النزاع الجزائي بسبب سيكلة اجراءاتو‪،‬‬

‫فالكساطة الجزائية قم اجراء ييدؼ الى تعكيض سريع لممجني عميو عف االضرار الكاقعة عميو‬

‫كبالتالي يفترض فييا اف تتـ عمى نحك أسرع مما عميو الحاؿ في اجراءات الدعكل العمكمية كقد‬

‫اثبتت الدراسات في فرنسا أف أكثر مف خمسيف بالمائة مف حاالت الكساطة كانت كافية لتسكية‬

‫كيرل جانب مف الفقو‬ ‫النزاع في معظـ قضايا مكضكع الكساطة‪.1‬‬

‫اف السرعة في اإلجراءات الجزائي تعني االختصار كاإلسراع فييا عف طريؽ التبسيط كمما‬

‫اقتضى األمر ذلؾ ‪ 2‬كمع ذلؾ نرل اف عدـ تحديد المشرع الجزائرم لمدة زمنية محددة لحؿ‬

‫النزاع عف طريؽ الكساطة الجزائية ؽ د يحكؿ دكف تحقيؽ ىذه الخاصية مف الناحية الكاقعية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رامي متكلي القاضي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.155‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ،1‬كمية الحقكؽ‪،2015 ،‬‬ ‫جديدم طالؿ‪ ،‬السرعة في اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائرم‪ ،‬رسالة ماجستير تخصص قانكف جنائي‪ ،‬جامعة الجزائر‬
‫ص‪.12‬‬
‫‪35‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫باإلضافة الى كؿ ىذا تتميز اجراءات الكساطة الجزائية عف إجراءات المتابع العادم‬

‫بالمركنة ك عدـ ارتباطيا بشكميات محددة مسبقا‪ ،‬كال يكجد فييا أم إجراء يترتب عمى مخالفتو‬

‫البطالف‪ ،‬كانما كؿ إجراء غير مخالؼ لمقانكف كمف شأنو أف يؤدم لحؿ النزاع كديا يعتبر مقبكال‬

‫‪ ،1‬كما تكمف اىمي الكساطة الجزائية ؼم مجانتييا اذ تتـ دكف رسكـ أك مصاريؼ قضائية‪ ،‬كىي‬

‫مسأؿ في غاية األىمية في نظر المتقاضيف‪ ،‬فال يطمب منيـ دفع أم رسكـ أك مصاريؼ‬
‫ة‬

‫خاصة‪ ،‬باستثناء الحاؿ التي يقرر فييا أطراؼ النزاع االستعانة بمحامي‪ ،‬ىنا يككف عمييـ دفع‬

‫أتعاب مقابؿ خدمات ىذا األخير‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التنفيذ الرضائي لموساطة الجزائية‪:‬‬

‫إف الكساطة الجزائية إج ار ء رضائي مف بدايتيا إلى غاية نيايتيا‪ ،‬حيث ال يسير ككيؿ‬

‫الجميكرية في إجراءاىا إال بعد مكافقة كؿ األطراؼ‪ ،‬كيبقى ليـ في األخير قبكؿ أك رفض الحؿ‬

‫المقترح مف قبؿ ككيؿ الجميكرية‪ ،‬كذلؾ خالفا لألحكاـ القضائية التي يتـ تنفيذىا جب ار كلك كاف‬

‫بغير رضا أطراؼ القضية‪ ،‬كما تتحقؽ ىذه الرضائية مف خالؿ تجريد ككيؿ الجميكرية مف‬

‫سمطات اإلجبار في قبكؿ الكساطة أك االستمرار فييا‪ ،‬بحيث يقتصر عممو عمى تقريب كجيات‬

‫النظر بيف المتخاصميف‪ ،‬كىما مف يممكاف حؽ رفض أك قبكؿ اقتراحاتو ‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫عركم عبد الكريـ‪ ،‬الطرؽ البديمة في حؿ النزاعات القضائية‪ ،‬الصمح كالكساطة القضائية طبقا لقانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،1‬بف عكنكف‪ ،2012 ،‬ص‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫‪8‬‬ ‫يعقكب فايزم‪ ،‬محمد مكادف‪ ،‬نظاـ الكساطة القضائية في التشريع الجزائرم‪ ،‬مذكرة ماستر في قانكف األعماؿ‪ ،‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫مام ‪ ،1945‬قالمة‪ ،2016,2015 ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪36‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫غير أف مبدأ الرضائية اثار عدة اشكاليات قانكنية ألنو يؤدم لمتخمي عف الصبغة‬

‫المكضكعية لقانكف العقكبات التي تقكـ عمى السمكؾ االجرامي كالعقكبة طبقا لمبدأ الشرعية‬

‫كمف الناحية االجرائية تغيير النظاـ االجرائي مف النظاـ التنقيبي الى النظاـ االتيامي‪ ،‬اذ كيؼ‬

‫تتالقى ارادة الجاني كالمجني عميو كالنيابة العاـ لشؿ القكاعد الجزائية رغـ اعتبارىا مف النظاـ‬

‫العاـ‪ ،‬لكف تطكرت فكرة الرضائية في نظاـ العدالة الجزائية ككجدت مف يناصرىا في ظؿ‬

‫االسباب كالمبررات كالمشاكؿ التي تعاني منيا العدالة الجزائية ‪.1‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬استمرار العالقات الودية بين طرفي النزاع‬

‫تسمح الكساطة الجزائية لمجافم كالمجني عميو بالجمكس عمى طاكلة التفاكض مف أجؿ‬

‫مناقشة جميع المسائؿ الشائكة كالمتعمقة بالنزاع‪ ،‬كمحاكلة تقريب كجيات النظر بمساعدة‬

‫الكسيط مف أجؿ الكصكؿ إلى مصالح كحؿ يرضي جميع أطراؼ النزاع‪ ،‬كيعيد العالقات‬

‫الكدية بينيـ‪ ،‬لذا نجد أف غالبية التشريعات التي أخذت بالكساطة الجزائية طبقتيا مف حيث‬

‫المكضكع عمى جرائـ بسيطة ترتكب بيف أشخاص تربطيـ في الغالب عالقات قرابة أك جكار‪،‬‬

‫فالميزة الرئيسية لمكساطة ىي اف لمكسيط القدرة عمى اعادة تكجيو االطراؼ كؿ نحك االخر ‪.‬‬

‫فالكساطة الجزائية تندرج ضمف التكجو الحديث لمعدالة الجزائية‪ ،‬عدالة تصالحية تكمؿ‬

‫العدالة الجنائية التقميدية فيذه األخيرة تنتيي دائما بالمتابعة الجزائية فييا بانتصار طرؼ كخسارة‬

‫الطرؼ اآلخر‪ ،‬ما يترتب عنو انقطاع ركابط الكد بشكؿ نيائي عمى عكس الحاؿ في حاؿ اعماؿ‬

‫الكساطة الجزائية‪ ،‬كالتي بإقرارىا يتحقؽ إصالح ذات البيف كتحقيؽ أغراض العقكبة التي لـ تعد‬

‫‪1‬‬
‫محمد سامي الشكاف‪ ،‬الكساطة كالعدالة الجنائية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬مصر ‪ ،1998‬ص‪.9‬‬
‫‪37‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫ترمي إلى الردع فقط‪ ،‬بؿ إحالؿ الصمح بيف أطراؼ النزاع‪ ،‬كاستمرار العالقات الكدم بينيما‪ ،‬كىك‬

‫التكجو الذم أقر معالمو مؤتمر األمـ المتحدة العاشر لمنع الجريمة كمعاممة المجرميف مؤكدا ذلؾ‬

‫إعالف فيينا في أبريؿ‪ 2000‬الذم قرر استحداث خط عمؿ كطني كاقميمي كدكلي لدعـ ضحايا‬

‫‪ 2002‬األجؿ الزمني‬ ‫الجريمة تشمؿ آليات لمكساطة كالعدالة التصالحية كقرر أف يككف عاـ‬

‫لتحقيؽ ىذه الغاية‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬السرية والخصوصية‪:‬‬

‫تتميز الكساطة بقدر مف السرية كالخصكصية ألطراؼ النزاع طالما أنيا ال تجرم أماـ‬

‫المأل مما يصكف معيا سمع أطراؼ القضية إذ تتـ اإلجراءات عادة في مكتب السيد ككيؿ‬

‫الجميكرية في غياب الجميكر كفي ظؿ سرم تاـ كال يحضرىا إال أطراؼ القضية بما فييـ‬

‫ككيؿ الجميكرية كالمحامي في حاؿ االستعانة بو‪ ،‬مما يجنب األطراؼ مساكئ اإلجراءات‬

‫العمنية التي ىي مف سمات المحاكمة القضائية التي تتـ في قاعة الجمسات كيحضرىا الجميكر‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لموساطة‪:‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫لـ يتفؽ فقياء القانكف الجنائي حكؿ تحديد الطبيعة القانكنية لمكساطة الجزائية‪ ،‬كترتب‬

‫عمى ذلؾ ظيكر عدة أراء بحسب اختالؼ األسس القانكنية التي استندكا عمييا‪ ،‬كتتراكح ىذه‬

‫اآلراء في أربع أراء فقيية‪ ،‬حيث ذىب الرأم األكؿ إلى القكؿ بأف الكساطة الجزائية ذا ت طابع‬

‫اجتماعي‪ ،‬كاعتبرىا رأم آخر انيا صكرة مف صكر الصمح‪ ،‬في حيف ذىب رأم ثالث إلى القكؿ‬

‫انيا ذات طبيع إدارم‪ ،‬كأخير اعتبرىا رأم رابع مف بدائؿ الدعكل العمكمية كذلؾ عمى النحك‬

‫التالي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الوساطة الجزائية ذات طابع اجتماعي‪:‬‬

‫يرل جانب مف الفقو أف الكساطة الجزائية ذا ت طبيعة اجتماعية كىي نمكذج لمتنظيـ‬

‫االجتماعي الذم يسعى إلى تحقيؽ السالـ االجتماعي كمساعدة أطراؼ النزاع في تسكيتو بشكؿ‬

‫كدم بعيدا عف ساحات المحاكـ ‪ ،1‬فمف خالؿ الكساطة الجزائية يتكص ؿ طرفي الخصكمة الى‬

‫تسكية المنازعات الناشئة بينيما بشكؿ كدم كبطريقة انسانية بعيدا عف التعقيدات الشكمية‬

‫لمتقاضي‪ ،‬كيستند ىذا الرأم عمى نمكذج كساطة األحياء كمكاتب القانكف المطبقة في فرنسا‪،‬‬

‫كنمكذج مراكز عداؿ الجكار في الكاليات المتحدة األمريكية كىي ىياكؿ الكساطة ذات صبغ‬

‫اجتماعية تيدؼ إلى تحقيؽ السالـ االجتماعي في األحياء مف خالؿ دعكة األطراؼ المتنازعة‬

‫ىذه المراكز مف أجؿ تسكية الخالؼ قبؿ الشركع في اإلجراءات القانكنية ‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫أشرؼ رمضا عبد الحميد‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪2‬‬
‫عماد الفقي‪ ،‬االتجاىات الحديث في إدارة الدعكل الجنائية دراسة في النظاـ اإلجرائي الفرنسي القاىرة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪39‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫يرل البعض اف ىذا الرأم صحيح جزئيا مف جانب أف الكساطة الجزائية فعال ذات‬

‫طبيعة اجتماعية بالنظر إلى الغاية منيا بحيث انيا حقيقة تساىـ في تحقيؽ األمف كالكئاـ‬

‫االجتماعي‪ ،‬كمع ذلؾ يبقى ىذا الرأم ضيؽ النطاؽ بالنظر إلى نماذج الكساطة الجزائية‬

‫المنتشرة في التشريعات المقارنة‪ ،‬حيث الكثير منيا جعمت الكساطة مف اختصاص النيابة‬

‫العامة كالمشرع الجزائرم‪ ،‬كالبعض اآلخر اشترط اشراؼ كرقابة القضاء كاف كاف مف يتكلى‬

‫الكساطة شخص ال يمارس مينة قضائية كالمشرع الفرنسي كبالتالي فإف تدخؿ القضاء في‬

‫الحالتيف بصؼ مباشرة أك غير مباشرة يجعؿ الطبيعة التي ينادم بيا ىذا الرأم غير صائبة‪،‬‬

‫كما يعاب عمى ىذا االتجاه انو اغفؿ الغاية مف اجراء الكساطة في انياء الخصكمة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية صورة من صور الصمح‪:‬‬

‫يرل جانب اخر مف الفقياء اف الكساطة الجزائية صكر ة مف صكر الصمح ألف كالىما‬

‫‪1‬‬
‫كالىما طريقاف غير‬ ‫يرتكز عمى تكافؽ إرادة األطراؼ‪ ،‬كيرل البعض االخر أف الكساطة كالصمح‬

‫تقميدييف في حاؿ انعداـ ىذه اإلرادة فال مجاؿ لمكساطة أك الصمح في انياء الخصكمة الجزائية ‪.2‬‬

‫رغـ صحة ىذا الرأم في جانب منو إال انو تعرض الى جممة مف االنتقادات مف قبؿ‬

‫الفقو‪ ،3‬كذلؾ بسبب اآلثار المترتبة عمى كمييما‪ ،‬إذ أ ف الصمح الجزائي ينتج أثره في انقضاء‬

‫الدعكل العمكمية سكاء قبؿ أك بعد رفع الدعكل العمكمية كبذلؾ يعتبر الصمح سببا مف أسباب‬

‫انقضائيا في حيف يجب أف تتـ الكساطة قبؿ تحريؾ الدعكل كالعمكمية كما ال تعتبر الكساطة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -1‬أشرؼ رمضاف عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابؽ ‪،‬ص ‪.30‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.35‬‬ ‫‪ -1‬عماد الفقي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‬
‫‪3‬‬
‫‪ -1‬محمد عمي عبد الرضا عفمكؾ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 9‬‬
‫‪40‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫سببا مف أسباب انقضاء الدعكل العمكمية في بعض التشريعات كيمكف أف نضيؼ كسند ليذا‬

‫الرأم أف الصمح ممكف التكصؿ إليو مف خالؿ طرفي النزاع دكف االعتماد عمى طرؼ ثالث‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الوساطة الجزائية ذات طبيعة إدارية‪:‬‬

‫يرل أنصار ىذا االتجاه اف الكساطة الجزائية ق م مجرد إجراء إدارم كباقي اجراءات‬

‫االتياـ التي تمارسيا النيابة العامة في الدعكل العمكمية‪ ،‬فيي ال تتكقؼ عمى مكافقة الجاني‬

‫كالمجني عميو كانما تخضع لتقدير النيابة العامة في اطار سمطتيا المستمدة مف القانكف‪ ،‬كالتالي‬

‫فيي جزء مف نسيج ىذه الدعكل ك ليست بديال عنيا‪ ،‬فيي ال تتكقؼ عمى مكافقة الجاني‬

‫كالمجني عميو كّ إّنما تخضع لتقدير النيابة العامة في إطار سمطتيا‪ ،‬فيي ال تتكقؼ عمى مكافقة‬

‫الجاني كالمجني عميو عمى أساس أف الكساطة في حد ذاتيا ليست ممزمة لككيؿ الجيكرية بؿ‬

‫ىي مجرد خيار ثالث يمجا اليو‪ ،‬اضاؼ الى اف اتفاؽ الكساطة ال يتحكؿ إلى سند تنفيذم إال‬

‫بعد مكافقة كتكقيع ككيؿ الجميكرية عمى محضر تنفيذ الكساطة‪ ،‬كبناءا عمى ذلؾ تصدر النيابة‬

‫العامة ق ار ار بعدـ المتابعة بشرط حصكؿ المجني عميو عمى التعكيض المناسب‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الوساطة الجزائية احدى بدائل الدعوى العمومية‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫اذ يرل أنصار ىذا الرأم اف الكساطة الجزائية مف‬ ‫يعتبر ىذا االتجاه ىك الرأم الغالب في الفقو‬

‫بدائؿ الدعكل العمكمية إلنياء الخصكمة الجزائية‪ ،‬فالكساطة الجزائية ىي طريؽ خاص الستعادة‬

‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬اك ىي بديؿ عف المالحقات القضائية‪ ،‬كىي مف بدائؿ رفع الدعكل الجنائية‬

‫التي تيدؼ إلى تعكيض الضحية‪ ،‬كىذا ما ذىب اليو المشرع الجزائرم بحيث اعتبر نظاـ الكساطة‬

‫‪1‬‬
‫رامي متكلي القاضي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪41‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫آلي بديؿ لممتابعة الجزائية في مادة المخالفات كبعض الجنح البسيط التي ال تمس النظاـ العاـ‬

‫‪ 37‬مكرر ‪ 4‬مف األمر رقـ‬ ‫كالتي حددىا مشركع األمر عمى سبيؿ الحصر كما نص في المادة‬

‫‪ 15-02‬الدعكل الجنائية تيدؼ إلى تعكيض الضحية‪.‬‬

‫مف خالؿ استعراضنا لمجمؿ اآلراء الفقيي‪ ،‬كأماـ اختالؼ الفقو الجنائي حكؿ الطبيعة‬

‫القانكني لمكساطة الجزائية‪ ،‬ما بيف مف يعتبرىا صكرة مف صكر الصمح كبيف مف يعتبرىا‬

‫إجراءا إداريا‪ ،‬ك مف يعدىا ذات طابع اجتماعي كاآلخر يراىا بديؿ لمدعكل الجزائية كّ مفاد ما‬

‫عرضناه نرل أف الكساطة الجزائية إجراء يدخؿ في منطكؽ الحمكؿ الرضائي لممنازعات في‬

‫قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كىي نظاـ قانكني جنائي يجعمو ممي از عف غيره مف اإلجراءات‬

‫التكفيقية المعركفة في حؿ المنازعات‪ ،‬كىي بديؿ مف بدائؿ الدعكل العمكمية لو اثر اجتماعي‬

‫اقكل مف المجكء الى الطريؽ القضائي خاصة في التعامؿ مع الجرائـ البسيطة كالتي تثقؿ كاىؿ‬

‫المحاكـ بالشكؿ الذم يحقؽ تطكر في نظاـ العدالة الجنائية كىك ما أخذ بو المشرع الفرنسي‬

‫الذم اعتبر الكساطة احد بدائؿ المالحقة القضائية‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫خالصة الفصل األول‪:‬‬

‫بيدؼ تطكير المنظكمة القانكنية‪ ،‬قاـ المشرع الجزائرم بتعديؿ قانكف االجراءات الجزائية‪ ،‬كىذا‬

‫بمكجب األمر‪ 02-15‬كالذم مف خاللو أعطى لمنيابة العامة صالحيات جديدة ىدفيا الحد مف عدد‬

‫القضايا التي تحاؿ عمى القضاء الجزائي‪ ،‬كمف بينيا الكساطة الجزائية التي تعتبر آلية قانكنية اختيارية‬

‫‪ 02-15‬ككذا مف‬
‫‪37‬اد مكرر كما يمييا مف األمر‬
‫منحيا المشرع لككيؿ الجميكرية‪ ،‬كنص عمييا في المك‬

‫خالؿ قانكف حماية الطفؿ‪ ،‬كالفقو الجنائي لـ يتكصؿ إلى اتفاؽ حكؿ تحديد طبيعتيا القانكنية فيناؾ مف يرل‬

‫أنيا ذات طبيعة اجتماعية‪ ،‬كىناؾ مف يرل أنيا ذات طبيعة إدارية‪ ،‬كىناؾّ مف يرل انيا صكرة مف صكر‬

‫العمكمية‬
‫الصمح‪ ،‬ك كىناؾ مف يعتبرىا بديؿ مف بدائؿ الدعكل ‪.‬‬

‫ك تعتبر الشريعة اإلسالمية السباقة في غرس الفكر التصالحي في المجاؿ الجنائي‪ ،‬كلكف‬

‫التطبيؽ القانكني ليا ظير في األنظمة األنجمكسكسكنية في السبعينات‪ ،‬كالذم إمتد بدكره إلى معظـ‬

‫الدكؿ األكركبية‪ ،‬كالكساطة الجزائية تختمط مع كثير مف المفاىيـ المشابية ليا كالتي تسعى الى حؿ‬

‫الخصكمات بعيدا عف القضاء‪ ،‬فيي تتشابو مع المصالحة الجزائية في بعض األمكر مف جية‬
‫‪43‬‬
‫الفصل االول‪ :‬ماىية الوساطة الجزائية‬

‫كتختمؼ معيا في أمكر مف جية أخرل‪ ،‬كما تمتقي أيضا الكساطة الجزائية مع الكساطة المدنية‬

‫في بعض النقاط كتختمؼ كذلؾ معيا في نقاط أخرل‪ ،‬كباإلضافة ىذا فإنيا تتشابو مع الصمح‬

‫المدني كتختمؼ معو في بعض األمكر‪ ،‬كىذا كمو أشرنا إليو في الفصؿ األكؿ مف ىذه الدراسة‪،‬‬

‫بحيث استعرضنا فيو ىيكؿ الكساطة الجزائية ـف حيث مفيكميا كنشأتيا ك تعريفيا مع تمييزىا عف‬

‫باإلضاؼإلى ذكر خصائصيا كطبيعتيا القانكنية‪.‬‬


‫ة‬ ‫األنظـة المشابية ليا‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الوساطة الجزائية في األمر‪155/66‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪:155/66‬‬

‫بعدما ما كرس المشرع الجزائرم الكساطة في المنازعات المدنية بمكجب قانكف اإلجراءات‬

‫المدنية كاإلدارية رقـ ‪ 09- 08‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪ 2008‬في المكاد مف ‪ 994‬إلى ‪1005‬‬

‫منو كالقانكف ‪ 12-15‬المتعمؽ بحماية الطفؿ المؤرخ في ‪ 19‬يكليك ‪ 2015‬في مكاده مف ‪ 110‬إلى‬

‫‪ 115‬ىا ىك اآلف يكرسيا في تعديؿ قانكف اإلجراءات الجزائية الصادرة بمكجب األمر رقـ‪02-15‬‬

‫المؤرخ في‪ 23‬جكيمية ‪ 2015‬المنشكر في الجريدة الرسمية رقـ ‪ ،40‬قاـ المشرع بمكجب المادة‬

‫الثامنة مف ىذا األمر بإتماـ الباب األكؿ مف الكتاب مف األمر رقـ‪ 155-66‬المؤرخ في ‪ 08‬يكليك‬

‫‪ 1966‬المتضمف قانكف اإلجراءات الجزائية بإضافة فصؿ ثاني مكرر تحت عنكاف " الكساطة " مف‬

‫المادة ‪ 37‬مكرر إلى غام المادة ‪ 37‬مكرر ‪ ،09‬كبالرجكع الى مجمؿ ىذه المكاد فإف القانكف‬

‫اقتصر فقط عمى تحديد اطراؼ الكساطة كالجية المؤىمة إلجرائيا‪ ،‬كما حدد الكساطة مف حيث‬

‫المكضكع ‪.‬‬

‫المبحث االول‪ :‬اجراءات اعمال الوساطة الجزائية‪:‬‬

‫إف اليدؼ أك الغاية مف اعماؿ اجراءات الكساطة الجزائية ق ك جبر األضرار الحاصمة‬

‫لممتضرر نتيجة األفعاؿ المنسكب لممشتكي منو‪ ،‬كمف ثـ يشترط المشرع في الكساطة الجزائية‬

‫كجكد جريمة معينة منسكبة لشخص معيف مشتكي منو أدت إلى حصكؿ أضرار لشخص‬

‫الضحي ‪ ،‬كما يشترط القانكف في نظاـ الكساطة الجزائية الرضا الصادر مف الجاني في اإلجراء‬
‫ة‬

‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫الجزائي كما يعتمد عمى الرضا الصادر عميو كىنا سنتناكؿ أطراؼ الكساطة الجزائية كدكر كؿ‬

‫طرؼ فييا‪ ،‬كأىدافيا كمجاؿ تطبيقيا‪ ،‬كؿ ذلؾ سنحاكؿ طرحو في مطمبيف اثنيف‪.‬‬

‫المطمب االول‪ :‬أطراف الوساطة الجزائية وأىدافيا‪:‬‬

‫يككف إجراء الكساطة الجزائية بمبادر ة مف ككيؿ الجميكرية أك بناءا عمى طمب الضحية‬

‫‪ 37‬مف األمر يجكز لككيؿ الجميكرية قبؿ أم‬ ‫أك المشتكي منو كىك ما نصت عميو المادة‬

‫متابعة جزائية أف يقرر بمبادرة منو أك بناء عمى طمب الضحية أك المشتكي منو إجراء الكساطة‬

‫عندما يككف مف شأنيا كضع حد لإلخالؿ الناتج عف الجريمة أك جبر الضرر المترتب عمييا‪،‬‬

‫كىك ما سنتعرض لو في الفرعيف المكالييف‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أطراف الوساطة الجزائية‪:‬‬

‫إف المشرع الجزائرم لـ يسف نصكص تفصيمية تنظـ إجراءات الكساطة الجزائية كلـ يحدد‬

‫كذلؾ الضكابط التي يجرل بمقتضاىا حكار الكساطة‪ ،‬كما لـ يعط تعريفا ليا كانما اكتفى بذكر‬

‫كبياف أطرافيا كمكضكعيا‪ ،‬ككاف األجدر أف يقدـ تعريفا ليذه الكسيمة في حؿ المنازعات‬

‫الجنائية خاصة كأنيا دخيمة عمى النظاـ اإلجرائي الجزائرم‪ ،‬إال أنو كمف المتعارؼ عميو كالمسمـ‬

‫بو أف التشريع ال ييتـ بصكرة أكلى بالتعريفات كانما تككؿ كتناط ىذه الميمة بالفقو كالقضاء‪،‬‬

‫كقد استعمؿ المشرع الجزائرم مصطمح الضحية كالمشتكى منو أك مرتكب األفعاؿ المجرمة‬

‫كحينئذ يجب الكقكؼ عند ىذه األطراؼ الثالثة كذلؾ بتكضيح معنى كؿ طرؼ ‪:‬‬

‫أوال‪ -‬وكيل الجميورية(الوسيط)‪:‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫يقصد بالكسيط المشرؼ كالمنسؽ كالمراقب كالمحرؾ األساسي لعممية الكساطة الجزائية‬

‫مف بدايتيا كحتى نيايتيا ‪ ،1‬كما يقصد بو ىك ذلؾ الشخص الذم يتكلى ميمة التكفيؽ بيف‬

‫مصمحتيف الجاني كالمجني عميو‪ ،‬أك باألحرل ىك ذلؾ الشخص الذم يتعيف أف تتكفر فيو‬

‫شركط معينة تمكنو مف القياـ بميمة التكفيؽ بيف مصمحتي الجاني كالمجني عميو ‪.2‬‬

‫ة‬ ‫كالكسيط في التشريع الجنائي الجزائرم ىك ممثؿ الحؽ العاـ كالمجتمع كممثؿ النياب‬

‫العامة كىك أىـ أطراؼ الدعكل الجزائية ك الجية المختصة بتحريؾ الدعكل كمباشرتيا في‬

‫غالبية التشريعات الجنائية المقارفة ‪ ،‬فقد يترتب عمى كقكع الجريمة تكلد حؽ إجرائي لمدكلة في‬

‫مباشرة الدعكل يجسده ككيؿ الجميكرية بصفتو نائبا عف المجتمع‪ ،‬كقبؿ صدكر األمر رقـ ‪-15‬‬

‫‪ 02‬كاف لككيؿ الجميكرية خياريف إما متابعة مقترؼ الجريمة أك حفظ الممؼ‪ ،‬كبصدكر ىذا‬

‫االمر أتيح لو خيار ثالث كىك إج ار ء الكساطة بيف طرفي الدعكل أم الضحي ة كالمشتكى منو‬

‫كبنجاحيا كتكفيقيا تنتيي الدعكل كعندئذ يصح القكؿ أف الكساطة مف بدائؿ الدعكل الجزائية‬

‫كذلؾ لتخفيؼ العبء عف كاىؿ النيابة العامة كالمحاكـ‪ ،‬كلتفادم شكميات المتابعة الجزائية مف‬

‫الضحي ‪.‬‬
‫ة‬ ‫طرؼ رافع الدعكل أم‬

‫تجدر اإلشارة أف ككيؿ الجميكرية ىك الجية المنكط بتقدير إحاؿ ة النزاع لمكساطة مف‬

‫خالؿ تقدير مدل تكافر الظركؼ المالئمة لحؿ النزاع عف طريؽ الكساطة كىك ما تـ اإلفصاح‬

‫‪1‬‬
‫عبد الحميد أشرؼ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫عنو في المادة ‪ 37‬مكرر عندما يككف مف شأ ف الكساطة كضع حد لإلخالؿ الناتج عف الجريمة‬

‫أك جبر الضرر المترتب عمييا‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬مرتكب األفعال المجرمة أو المشتكى منو‪:‬‬

‫نصت عميو المادة ‪ 37‬مكرر مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كيعرؼ الجاني " بأنو كؿ‬

‫شخص كانت لو إرادة معتبرة اتجيت اتجاىا مخالفا لمقانكف "‪ ،1‬كيقصد بو أيضا الشخص الذم‬

‫ارتكب فعال مككنا ألركاف الجريمة مف الجرائـ ىك الشخص مقترؼ الجريمة سكاء كاف فاعال‬

‫أصميا أـ شريكا‪ ،‬كقد عرؼ الفقو الكساطة الجزائية بمصطمحي ف قانكنييف يسير كؿ منيا إلى‬

‫ذات الشخص كىما المتيـ كالمشتبو فيو‪ ،‬أما المتيـ فيك الشخص الذم تكجد دالالت كافية عمى‬

‫ارتكابو الجريمة كىذه الصفة يكتسبيا ىذا الشخص في حاؿ قياـ النياب ة العامة بتحريؾ الدعكل‬

‫الجزائية ضده‪ ،‬كتظؿ ىذه الصفة مالزمة لذلؾ الشخص طكاؿ فترة التحقيؽ كالمحاكمة‪ ،‬اما‬

‫بالنسب لممشتبو فيو فيقصد بو الشخص الذم يكدع ضده بالغ أك شككل أك يجرل معو تحريات‬

‫بغية تقكية دالئؿ اتصالو بالجريمة المرتكبة‪ ،‬لقد ذىب المشرع الجزائرم إلى استخداـ مصطمح‬

‫المشتكى منو أك مرتكب األفعاؿ المجرمة في مرحمة ما قبؿ تحريؾ الدعكل كىذا ىك الذم يتفؽ‬

‫مع مجاؿ تطبيؽ الكساطة الجزائية ذؿ ؾ أف تمؾ األخيرة تتجو لمبحث عف حمكؿ كدية تعالج‬

‫المسؤكلي الجنائية لمرتكب الجريمة‪.‬‬


‫ة‬ ‫كتغطي آثار الجريـ ة دكف البحث في‬

‫‪1‬‬
‫عادؿ يكسؼ عبد النبي‪ ،‬الكساطة الجنائية كسيمة مستحدثة كبديمة لحؿ المنازعات الجنائية كالمجتمعات‪ ،‬مجمة ككفة‪ ،‬كمية القانكف كالعمكـ السياسية‪،‬‬
‫جامعة الككفة‪ ،‬العدد ‪ ،09‬ص ‪.69‬‬
‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫كتتضمف الكساطة جممة مف الضمانات لممشتبو فيو فككنيا اجراء رضائي يترتب عف ىذا‬

‫نتيجة ميمة تتمثؿ في عدـ ارغاـ المتشبو فيو عمى قبكؿ الكساطة لما في ذلؾ مف تعارض مع‬

‫مبدأ حؽ المجكء الى القاضي الطبيعي فالكساطة يمجأ الييا المشتبو فيو تجنبا لمساكئ العدالة‬

‫التقميدية أما بطمب مف ككيؿ الجميكرية أك الضحية اك المشتكى منو كبالنسب لمطفؿ الجانح فمو‬

‫الحؽ أف يطمبيا ىك بنفسو أك ممثمو الشرعي اك محاميو‪.‬‬

‫ثالثاـ الضحية (المجني عميو)‪:‬‬

‫لـ يرد في أغمب التشريعات الجنائية المقارنة تعريؼ تشريعي لممجني عميو ‪ ،1‬بينما عرفو‬

‫الفقو بأنو‪ " :‬الشخص الذم كقؼ عميو نتيج ة الجريمة أك الذم اعتدل عمى حقو الذم يحميو‬

‫القانكف نالو ضرر مادم أك معنكم أك أدبي أك لـ يصبو أم ضرر "‪ ،2‬بينما ذىب رأم آخر مف‬

‫الفقو إلى تعريؼ المجني عميو انو ذلؾ الشخص الطبيعي اك المعنكم الذم أىدرت الجريمة‬

‫إحدل مصالحو المحمية بنصكص التجريـ في قانكف العقكبات ‪.3‬‬

‫الضحي لكف بتعديؿ‬


‫ة‬ ‫بالنسبة لممشرع الجزائرم فانو لـ يستعمؿ اصال في البدامة مصطمح‬

‫‪37‬‬ ‫قانكف االجراءات الجزائية الجزائرم نجد استعمالو ليذا المصطمح في العديد مف المكاد‬

‫مكرر ك ‪ 37‬مكرر ‪ 1‬كفي الفصؿ السادس المستحدث مف الباب الثاني مف الكتاب األكؿ حكؿ‬

‫حماية الشيكد كالخبراء كالضحايا كأشار الى مصطمح الضحية ايضا في القانكف المتعمؽ بحماية‬

‫الطفؿ رقـ ‪ 12-15‬المؤرخ في ‪ 15‬جكيمية ‪ ،2015‬ما يحسب لممشرع الجزائرم انو لـ يكرد‬

‫‪1‬‬
‫ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪2‬‬
‫عادؿ يكسؼ عبد النبي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪3‬‬
‫ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫تعريفا لمضحية غاية ذلؾ تفادم االختالؼ في التطبيؽ كاستعماؿ مصطمح الضحي ة في تعديؿ‬

‫القانكف الجزائرم قد يؤدم الى استغنائو كلك تدريجيا عف العديد مف المصطمحات المشابية‬

‫الضحي مصطمح أشمؿ‪.‬‬


‫ة‬ ‫لمضحي كالمضركر كالمجني عميو ككف‬
‫ة‬

‫ك تعد الضحية أم شخص سكاء كانت شخصا طبيعيا اك معنكيا لحقو ضرر مف‬

‫الجريمة كالتي مست حقا مف حقكقو أك مف حرياتو االساسية كىي مف أىـ أطراؼ عممية‬

‫ة‬ ‫الكساطة الجزائية ذؿؾ أف ىذه االخيرة تيدؼ في المقاـ األكؿ إلى ضماف تعكيض الضحي‬

‫المتضررة جراء ارتكاب المشتكى منو لجريمة ما‪ ،‬حيث في ىذا الصدد يتـ تفعيؿ مشاركتو في‬

‫اإلجراءات الجزائية فال يتصكر كجكد الكساطة الجزائية في غياب الضحية فقد جاء النص في‬

‫المادة ‪ 37‬مكرر مف األمر ‪ 02-15‬السابؽ الذكر عمى جكاز المجكء إلى الكساطة عندما يمكف‬

‫أف تحقؽ تعكيض أك جبر الضرر المترتب عف الجريمة الذم ارتكبو المشتكى منو في حؽ‬

‫الضحية‪ ،‬ىذا ك تذىب أغمب التشريعات الجنائية المقارنة إلى اعتبار الضحي ة كؿ شخص كقع‬

‫عمى مصمحتو المحمية فعؿ يجرمو القانكف سكاء ألحؽ بو ىذا الفعؿ ضررا‪ ،‬أك قد يعرضو‬

‫لمخطر أك أنو الشخص الذم يقع عميو الفعؿ المؤلـ قانكنا‪ ،‬مف خالؿ ما تقدـ يمكننا استنباط‬

‫فكرة أخرل تصب في سياؽ الكساطة دائما تتمثؿ في اعتبار ىػ ػػذا اإلجراء إجراء قضائي ألنو‬

‫يجرل أماـ أك عف طريؽ تدخؿ النيابة العامة أم ككيؿ الجميكرية كتحت رقابة قضائية‪ ،‬كما أف‬

‫ىذه الكساطة تمقائية أم بتدخؿ ككيؿ الجميكرية في ىذا اإلجراء يصبح تمقائي بعد حصكلو‬

‫عمى قبكؿ الطرفيف التفاكض إلنياء النزاع دكف تدخؿ جية تختص بالتكفيؽ بيف الطرفيف‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اىداف الوساطة الجزائية‪:‬‬


‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫اف ىدؼ الكساطة الجزائية كفؽ ا لقانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬يتمثؿ خصكصا في إعادة‬

‫األمكر إلى نصابيا‪ ،‬كاصالح الضرر كجبره ككذا حصكؿ الضحي ة عمى تعكيض سكاء كاف‬

‫تعكيض مالي أك عيني عف األضرار التي تسبب فييا المشتكى منو‪ ،‬كىذا ما أشارت إليو المادة‬

‫‪ 37‬مكرر ‪ 04‬التي تنص عمى ما يمي‪ " :‬يتضمف اتفاؽ الكساطة عمى الخصكص ما يمي‪:‬‬

‫‪- 1‬إعادة الحاؿ الى ما كافت عميو‪.‬‬

‫‪- 2‬تعكيض مالي‪ ،‬اك عيني عف الضرر‪.‬‬

‫‪- 3‬اتفاؽ اخر غير مخالؼ لمقانكف يتكصؿ اليو االطراؼ ‪."1‬‬

‫يدفع مبمغ مف الماؿ إلى المدعي المدني كتعكيض عما ألحقتو الجريمة بو مف ضرر‪،‬‬

‫كيشمؿ ىذا المقابؿ ما فات المدعي المدني مف كسب ك ما لحقو مف خسارة‪ ،‬كمنيا قيمة ىذا‬

‫الضرر ك تقييمو‪ ،‬أم الزاـ المتيـ أك المسؤكؿ عف الحقكؽ المدنية بدفع مبمغ مف النقكد الى‬

‫الشخص المضركر مف الجريمة كيمكف تسديد ىذا المبمغ مباشرة نقدا أك عف طريؽ الشيؾ اك‬

‫عف طريؽ حكالة كىي افضؿ كسيمة‪ ،‬كعميو فإف الكساطة الجزائية تيد ؼ إلى إمكانية إصالح ما‬

‫لحؽ المجني عميو مف الضرر ك ضماف تعكيضو الضرر الذم أصابو جراء الفعؿ الذم أتاه‬

‫الجاني فإصالح الضرر كجبره مف األىداؼ األساسية ‪ ،2‬ك ىذا الجبر ال يتـ فقط بالتعكيض‬

‫المالي الذم تقدره الضحية ‪ 3‬الذم تعتبره مف أىـ مظاىر إصالح الضرر لمكساطة الجنائية‪،‬‬

‫كيككف الكساطة بيف الجاني ك الضحي ة ‪ ،‬أما إذا نشأ الضرر عف الجريمة تعدد المتيمك ف أك‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 37‬مكرر ‪ 3‬مف االمر ‪.22/15‬‬
‫‪2‬‬
‫احمد نادر الصباح‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪3‬‬
‫ليمى القايد‪ ،‬الصمح في جرائـ االعتداء عمى األفراد فمسفتو كتطبيقو في القانكف الجنائية المقارف‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،2001 ،‬ص‪.291‬‬
‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫الجناة فييا التزمكا متضامنيف بالتعكيض ك إف لـ يكجد بينيـ إتفاؽ أك تخمؼ خطأ كؿ منيـ عف‬

‫غيره مادامت ىذه جميعا قد ساىمت في حدكث الضرر ‪ ،1‬ىذا كيمكف لمتعكيض أف يأخذ أشكاال‬

‫ة كما يتخذ‬ ‫مختمفة مثؿ االعتذار الكتابي أك الشفيي أك قياـ الجاني بعمؿ لصالح الضحي‬

‫التعكيض صكرة أخرل كالنشر في الصحؼ أك التعميؽ في أماكف معينة ك غالبا ما يطمبو‬

‫المدعي المدني في الجرائـ الماسة بالشرؼ ك االعتبار كالقذؼ‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬مجال تطبيق الوساطة الجزائية واجراءاتيا‪:‬‬

‫م جديدة إلنياء المتابعة الجزائية لكف لـ‬


‫نص المشرع الجزائرم عمى الكساطة الجزائية كآؿة‬

‫يطمؽ العناف ليا ‪ ،‬بؿ عمؿ عمى تحديد نطاقيا كذلؾ في الجرائـ الغير خطيرة كالغير الماسة‬

‫بالنظاـ العاـ كذلؾ في الجنح كالمخالفات كما أنو حدد مضمكنيا كذلؾ عف طريؽ التعكيض أك‬

‫إعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو أك أم إتفاؽ غير مخالؼ لمقانكف كىك ما سكؼ نتعرض لو في‬

‫الفرعيف المكالييف‪.‬‬

‫الفرع االول‪ :‬مجال تطبيق الوساطة الجزائية‪:‬‬

‫إف المنطؽ القانكني يتطمب تحديد دائرة تجريمية ينطبؽ عمييا نظاـ الكساطة الجزائية‬

‫باعتباره ا نظاـ إجرائي شرع مف أجؿ التبسيط كاإليجاز كالتيسير فيي تقكـ عمى قكاعد في إدارة‬

‫الدعكل تختمؼ كميا عف القكاعد المتبعة في المحاكمة العادية الجزائية‪ ،‬كىك ما يثير التساؤؿ‬

‫حكؿ ماىية الجرائـ محؿ تطبيؽ الكساطة الجنائية عمما أنيا ال تطبؽ عمى جميعيا‪ ،‬إنما عمى‬

‫طائفة معينة منيا كالتي تتسـ بخصائص تتفؽ مع طبيعتيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد شكقي‪ ،‬الشمقاني‪ ،‬مبادئ الجزائية في التشريع الجزائرم‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية الجزائرية‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫مف ىذا المنطمؽ ذىب المشرع الجزائرم عند اخذه بنظاـ الكساطة في المكاد الجزائية الى‬

‫حصر نطاقيا في الجرائـ البسيطة كىي المخالفات كبعض الجنح‪ ،‬كىي جرائـ غير ماسة‬

‫بالنظاـ العاـ كىك ما نتعرض لو في الفرعيف المكالييف‪ :‬مف غير ذلؾ لـ يدرج ىذا االجراء‬

‫ضمف الجنايات ‪ 1‬التي ال سبيؿ ليا في ىذا الشأ ف إال إتباع القكاعد العادية بما ليا مف مساس‬

‫بالتكازف بيف الحقكؽ كالحريات كالمصمحة العامة‪ ،‬كىك ما سكؼ نعمؿ عمى تفصيمو مف خالؿ‬

‫النقاط التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬اقرار الوساطة الجزائية في مواد الجنــح‪:‬‬

‫إف البحث عف التبسيط كاإليجاز يصبح في حد ذاتو ىدفا أساسيا مف أجؿ تحقيؽ حد‬

‫ف أحد األنظـ ة اإلجرائية الصالحة‬ ‫أقصى مف الفاعمية لمعدالة الجنائية‪ ،‬فالكساطة الجزائية ـ‬

‫لمتطبيؽ عمى الجنح كالمخالفات استنادا ليذا اليدؼ‪ ،‬كعمى ىذا النيج سار المشرع الجزائرم‬

‫حينما حدد نطاؽ تطبيؽ الكساطة الجزائية بالتعر ض لمجرائـ محؿ إجراء ىذا صراح بمقتضى‬

‫األمر رقـ ‪ 02-15‬المعدؿ كالمتمـ لؽ‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ ،.‬كخص بيا بعض النظاـ الجنح الكاردة عمى‬

‫سبيؿ الحصر بمكجب المادة ‪ 37‬مكرر كجميع المخالفات دك تمييز‪.‬‬

‫م الجنح كحصرتيا في ج ارئػـ‪:‬‬


‫حددت المادة ‪ 37‬مكرر ‪ 2‬نطاؽ الكساطة الجزائية ؼ‬

‫‪- 1‬السب‪.‬‬

‫‪- 2‬القذؼ‪.‬‬

‫‪- 3‬االعتداء عمى الحياة الخاصة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رامي متكلي القاضي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ ،159‬الفصؿ الثاني القكاعد الخاص بالكساطة الجزائية ‪.52‬‬
‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫‪- 4‬التيديد‪.‬‬

‫الكشام الكاذبة‪.‬‬
‫ة‬ ‫‪-5‬‬

‫‪- 6‬ترؾ األسرة‪.‬‬

‫‪- 7‬االمتناع العمدم عف تسديد النفقة‪.‬‬

‫‪- 8‬عدـ تسميـ طفؿ‪.‬‬

‫‪- 9‬اإلستيالء بطريؽ الغش عمى أمكاؿ اإلرث قبؿ قسمتيا أك عمى أمكاؿ مشتركة أك أمكاؿ الشركة‪.‬‬

‫‪- 10‬اصدار شيؾ بدكف رصيد‪.‬‬

‫‪- 11‬التخريب اك االتالؼ العمدم ألمكاؿ الغير‪.‬‬

‫السالح‪.‬استعما‬
‫الترصد أك‬
‫‪- 12‬جنح الضرب كالجركح غير العمدية‪ ،‬كالعمدية المرتكبة بدكف سبؽ اإلصرار ك ؿ‬

‫‪- 13‬جرائـ التعدم عمى الممكية العقارية كالمحاصيؿ الزراعية‪.‬‬

‫‪- 14‬استيالؾ مأككالت أك مشركبات أك االستفادة مف خدمات أخرل عف طريؽ التحايؿ‪.‬‬

‫‪- 15‬الرعي في ممؾ الغير‪.‬‬

‫نالحظ أف المشرع الجزائرم قد حصر في قانكف اإلجراءات الجزائية الجنح التي يجكز‬

‫فييا عمؿ الكساطة الجزائية د كف أف يبيف المعيار الذم اعتمده في ذلؾ‪ ،‬كقد تعكد أسباب ىذا‬

‫الحصر إلى بساطتيا كعدـ مخالفتيا لمنظاـ العاـ كأنيا جرائـ يترتب عنيا ضرر‪ ،‬كبالنظر إلييا‬

‫نجد أنيا جرائـ غير خطيرة يكفي فييا جبر الضرر لكضع حد لإلخالؿ الناتج عف ارتكاب‬

‫الجريمة مكضكع الكساطة‪ ،‬كأف ىذا األخير يمكف جبره كاعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو قبؿ كقكع‬

‫الجريـ ة كأنيا مف الجرائـ التي يجكز فييا الصمح عف طريؽ الكساطة‪.‬‬


‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫ثانيا‪ :‬اقرار الوساطة الجزائية في مواد المخالفات‪:‬‬

‫نصت المادة ‪ 37‬مكرر ‪ 02/02‬عمى أنو يمكف أف تطبؽ الكساطة في المخالفات دكف أف‬

‫تحدد لنا ىذه الفقرة نكع المخالفات‪ ،‬كمف ثـ كبمفيكـ المخالفة يمكف إجراء الكساطة الجزائيةمؼأم‬

‫مخالفة سكاء المخالفات المنصكص عمييا في القانكف العاـ أك المخالفات المنصكص عمييا في‬

‫الجنايات فقد‬
‫القكانيف الخاصة‪ ،‬إلى ما سبؽ استنادا يظير أنو ال مجاؿ لتطبيؽ الكساطة الجزائيةم ؼ‬

‫قررت معظـ التشريعات المقارنة عمى اختالؼ نظميا استبعاد إجراء الكساطة الجزائية في مجاؿ‬

‫الجنايات ك الجنح الخطيرة كتطبيقيا في الجنح البسيطة كالتي ال تشكؿ خط انر كبي ار عمى المجتمع‪.‬‬

‫خالصة القكؿ إف المشرع الجزائرم قد ركز في رسـ دائرتو التجريمية التي تصمح مجاؿ‬

‫الكساطة عمى الجنح كالمخالفات‪ ،‬كأستبعد الجنايات مف ىذه الدائرة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اجراءات الوساطة الجزائية‪:‬‬

‫نظـ المشرع الجزائرم الكساطة الجزائية ؼم المكاد مف ‪ 37‬مكرر إلى ‪ 37‬مكرر ‪ 9‬مف‬

‫‪ 110‬إلى ‪ 115‬مف قانكف حماية الطفؿ‪ ،‬كىذه‬ ‫قانكف اإلجراءات الجزائية كالمكاد مف‬

‫اإلجراءات تعتبر في حقيقة األمر عف المراحؿ التي تمر بيا الكساطة كالتي يمكننا حصرىا‬

‫في اإلجراءات التالية‪:‬‬

‫أوالـ إجراء اقتراح الوساطة‪:‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫أجاز المشرع الجزائرم لكؿ مف النيابة العامة كالضحية كالمشتكى منو المبادرة باقتراح أك‬

‫طمب الكساطة كىك ما يستشؼ مباشرة مف نصكص القانكف فنصت الفقرة األكلى مف المادة‬

‫‪ 37‬مكرر مف قانكف اإلجراءات الجزائية عمى أنو يجكز لككيؿ الجميكرية قبؿ أم متابعة‬

‫جزائية‪ ،‬أف يقرر بمبادرة منو أك بناء عمى طمب الضحية أك المشتكى منو إجراء الكساطة‪،‬‬

‫كتككف المبادرة بالنسب لجرائـ األحداث مف طرؼ النيابة العامة تمقائيا أك بطمب مف الطفؿ أك‬

‫‪ 111‬مف قانكف حماية‬ ‫ممثمو الشرعي أك محاميو‪ ،‬كفقا لما جاء في الفقرة الثانية مف المادة‬

‫الطفؿ كعميو كيؼ يمكف عمميا أف يقدـ الطفؿ طمب الكساطة إلى ككيؿ الجميكرية كىك لـ يبمغ‬

‫سف الرشد الذم يتيح لو التقاضي بمفرده دكف االستعانة بممثمو القانكني أك محاميو كىنا نستنتج‬

‫أف المشرع أجاز لككيؿ الجميكرية اقتراح الكساطة سكاء في جرائـ البالغيف أك األحداث كىي‬

‫مسألة جكازية بالنسب لو‪ ،‬كيمكنو أف يرفضيا حتى لك طمبيا أك قبميا جميع أطراؼ القضية‬

‫باعتباره الجية التي تممؾ سمطة المالئمة كاذا قررت النيابة العامة السير في الكساطة يعد ذلؾ‬

‫بمثابة لحظة ميالد الكساطة الجزائية أك إشارة انطالؽ لبدء إجراءات الكساطة ‪.1‬‬

‫ثانيا ـ إجراء االتصال بأطراف القضية‪:‬‬

‫عندما يقرر ككيؿ الجميكرية المجكء إلى الكساطة أك قبكؿ طمب الكساطة المقدـ‪ ،‬يقكـ باستدعاء‬

‫أطراؼ القضية مف أجؿ الحصكؿ عمى مكافقتيـ عمى مسألة حميا كديا عف طريؽ الكساطة‪ ،‬كيجب أف‬

‫االستعافبمحاـ كىك ما يفيـ صراحة مف نص الفقرتيف األكلى كالثانية مف‬


‫ة‬ ‫يحيطيـ عمما بحقيـ في‬

‫‪1‬‬
‫محمد صالح عبد الرؤكؼ الدمياطي‪ ،‬بدائؿ الدعكل الجزائية كدكرىا في تحقيؽ العدالة في فمسطيف‪ ،‬رسالة ماجستير في القانكف العاـ‪ ،‬كمية الشريعة‬
‫كالقانكف‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪ ،2013 ،‬ص‪.85‬‬
‫‪57‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫الضحي‬
‫المادة ‪ 37‬مكرر‪ 1‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية كالتي جاء فييما شرط إلجراء الكساطة قبكؿ ة‬

‫االستعاف بمحاـ‪ ،‬كىذا كلـ يكضح المشرع بالنسبة لمبالغيف دكر‬


‫ة‬ ‫كالمشتكى منو‪ ،‬كيجكز لكؿ منيما‬

‫المحامي في إجراء الكساطة كما لـ يبيف إف كاف لو الحؽ في طمبيا اك المكافقة عمييا‪ ،‬عمى خالؼ ما‬

‫فعؿ بالنسبة لألحداث في الفقرة‪ 2‬مف المادة سالفة الذكر كالتي يعترؼ فييا لممحامي بحؽ تقديـ طمب‬

‫الكساطة‪.1‬‬

‫ثالثا ـ إجراء التفاوض بين أطراف القضية‪:‬‬

‫تقتضي الكساطة أف يتكلى ككيؿ الجميكرية عممية الكساطة مف خالؿ استطالع رأم‬

‫أطراؼ القضية حكؿ مكضكع الكساطة كالعمؿ عمى تقريب كجيات النظر مف أجؿ حؿ النزاع‬

‫كديا‪ ،‬كيتكلى ذلؾ شخصيا بالنسبة لمبالغيف أك يكمؼ أحد مساعديو أك أحد ضباط الشرطة‬

‫‪ 111‬سالفة الذكر‪ ،‬ىذا ك لـ‬ ‫القضائية في حاؿ األحداث طبقا لنص الفقرة األكلى مف المادة‬

‫يبيف المشرع نصكص كيفية إجراء الكساطة سكاء مف حيث عدد جمساتيا أك ميعاد عقدىا أك‬

‫طبيعة الحكار الذم يتـ خالليا مما يفيـ انيا مسألة تقديرية تركيا المشرع لمنيابة العامة تديرىا‬

‫كفقا لما تراه مناسبا بالنظر لطبيعة الجريمة المرتكبة كشخصية أطراؼ القضية‪.‬‬

‫رابعا ـ إجراء تحرير اتفاق الوساطة‪:‬‬

‫تيدؼ الكساطة إلى حؿ النزاع بشكؿ كدم كاذا تـ التكصؿ إليو يحرر بمضمكنو محضر‬

‫رسمي يتضمف لزكما جممة مف البيانات تتمثؿ في ىكية كعنكاف األطراؼ كعرضا كجي از لألفعاؿ‬

‫‪1‬‬
‫تجدر اإلشارة ىنا حضكر المحامي مع الطفؿ في إجراءات الكساطة كجكبية‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 67‬مف قانكف حماية الطفؿ‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫‪ ،1‬ك مكقعا مف طرؼ ككيؿ‬ ‫كتاريخ كمكاف كقكعيا كمضمكف اتفاؽ الكساطة كآجاؿ تنفيذه‬

‫الجميكرية كأميف الضبط كاألطراؼ عمى أف تسمـ نسخة منيا لكؿ األطراؼ‪ ،‬ىذا بالنسبة‬

‫لمبالغيف‪ ،2‬اما بالنسبة لألحداث في حاؿ ما تمت الكساطة مف قبؿ ضابط الشرطة القضائية‬

‫يضاؼ ليذه البيانات تكقيع ىذا األخير ككذا تكقيع ككيؿ الجميكرية المختص عمال بنص الفقرة‬

‫الثاني مف المادة ‪ 112‬مف قانكف حماية الطفؿ‪ ،‬أما بالنسبة لمضمك ف اتفاؽ الكساطة فقد‬

‫نصت عميو المادة ‪ 37‬مكرر‪ 4‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية كيتمثؿ عمى الخصكص في إعادة‬

‫الحاؿ إلى ما كانت عميو مف قبؿ ارتكاب الجريـ ة تعكيض مالي أك عيني عف الضرر ككؿ‬

‫اتفاؽ آخر غير مخالؼ لمقانكف تـ التكصؿ إليو بيف األطراؼ‪ ،‬كالمالحظ أف اتفاؽ الكساطة‬

‫بالنسبة لمبالغيف قد خال مف أم التزاـ يضـ إعادة تأىيؿ الجاني اجتماعيا‪ ،‬عمما أف جؿ‬

‫التشريعات التي تأخذ ىذا النظاـ تنص عمى ذلؾ كأحد مبررات األساسية لمجكء إلى الكساطة‬

‫في المكاد الجزائية كذلؾ مف أجؿ المحافظة عمى الطابع الجزائي لمكساطة كعدـ تحكيميا إلى‬

‫دعكل مدنية صرفة‪ ،‬كىك األمر الذم أىممو المشرع الجزائرم في قانكف اإلجراءات الجزائية‬

‫كتداركو بعض الشيء بالنسبة لألحداث في قانكف حماية الطفؿ بمكجب المادة ‪ 114‬منو‪ ،‬كالتي‬

‫الكساطة تعيد الطفؿ تحت ضماف ممثمو الشرعي تنفيذ‬ ‫أضافت أنو يمكف أف يتضمف اتفاؽ‬

‫التزاـ كاحد أك أكثر مف االلتزامات اآلتية في اآلجؿ المحدد في االتفاؽ ‪:‬‬

‫‪- 1‬إجراء مراقبة طبية أك الخضكع لمعالج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 37‬مكرر‪ 3‬مف األمر ‪02‬ػ‪ 15‬المتضمف تعديؿ قانكف اإلجراءات الجزائرم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الفقرة ‪ 2‬مف المادة ‪ 37‬مكرر‪ 3‬مف األمر ‪02‬ػ‪ 15‬المتضمف تعديؿ قانكف اإلجراءات الجزائي‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫‪- 2‬متابعة الدراسة أك تككيف متخصص‪.‬‬

‫‪- 3‬عدـ االتصاؿ بأم شخص قد يسيؿ عكدة الطفؿ لإلجراـ‪.‬‬

‫كباإلضافة الى ما سبؽ ذكره تجدر االشارة الى أف اتفاؽ الكساطة يعتبر سندا تنفيذيا‪ ،‬ال يجكز‬

‫الطعف فيو بأم طريقة مف طرؽ الطعف كعميو يعتبر محضر اتفاؽ الكساطة حائز لقكة الشيء المقضي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االثار القانونية الناتجة لموساطة الجزائية‪:‬‬

‫يترتب عمى الكساطة الجزائية جممة مف النتائج تختمؼ بحسب نجاح الكساطة أك عدـ‬

‫تنفيذ اتفاؽ الكساطة‪.‬‬

‫المطمب االول‪ :‬محضر الوساطة الجزائية واثاره عمى الدعوى العمومية‪:‬‬

‫ؼم حالة نجاح مساعي الكساطة كتكصؿ األطراؼ إلى اتفاؽ نيائي حكليا يتـ تحرير‬

‫محضر رسمي يحدد مضمكف اتفاؽ الكساطة كأجؿ تنفيذه‪ ،‬كيعتبر محضر الكساطة سندا تنفيذيا‪،‬‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 37‬مكرر ‪ 6‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية بالنسبة لقضايا البالغيف ميما كاف‬

‫مضمكف ىذا السند‪ ،‬في حيف بالنسبة لقضايا األحداث‪ ،‬فال يعتبر كذلؾ إال إذا تضمف تقديـ‬

‫تعكيض لمضحية أك ذكم حقكقيا عمال بنص المادة‪ 113‬مف قانكف حماية الطفؿ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬محضر الوساطة الجزائية‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫بعد التكصؿ إلى اتفاؽ الكساطة بيف األطراؼ المتنازع فإنو يتـ تحرير كافة االجراءات‬

‫المتعمقة بالكساطة في محضر رسمي متضمنا ما تـ االتفاؽ عميو كىك ما يسمى بمحضر‬

‫الكساطة‪ ،‬كيجب أف يتـ تحريره كتابيا مبيننا عمى الخصكص ما يمي‪:‬‬

‫‪- 1‬ىكية األطراؼ كعناكينيـ‪.‬‬

‫‪- 2‬عرض مكجز لمكقائع‪ ،‬كتاريخ كمكاف كقكعيا‪.‬‬

‫‪- 3‬مضمكف إتفاؽ الكساطة كاآلجاؿ المحددة لتنفيذه‪.‬‬

‫كيتـ تكقيع ىذا المحضر مف طرؼ ككيؿ الجميكرية كأميف الضبط كاألطراؼ (الضحية‬

‫كالمشتكي منو) كبعد ذلؾ يتـ تسميـ نسخ لكؿ طرؼ في اتفاؽ الكساطة‪ ،‬كيعد محضر اتفاؽ‬

‫الكساطة سندا تنفيذيا كاذا لـ ينفذ اتفاؽ الكساطة في اآلجاؿ المحددة فإنو تتـ المتابعة الجزائية‬

‫باإلضاؼ إلى مضمكف‬


‫ة‬ ‫مف طرؼ ككيؿ الجميكرية لمشخص الممتنع عف تنفيذ اتفاؽ الكساطة‪،‬‬

‫اتفاؽ الكساطة‪ ،‬كمضمكف االتفاؽ ىك ما تكصؿ إليو أطراؼ الكساطة مف حمكؿ لكضع حد لإلخالؿ‬

‫الناتج عف الجريمة المرتكبة كجبر الضرر المترتب عنيا كذلؾ إما‪:‬‬

‫إلعادة الحاؿ إلى ما كانت عمييا أك تعكيض مالي أك عيني عف الضرر اك أم أتفاؽ‬

‫آخر غير مخالؼ لمقانكف يتكصؿ إليو األطراؼ فمضمكف االتفاؽ يككف حسب الجنحة أك‬

‫المخالفة المرتكبة كما تكصؿ إليو أطراؼ الكساطة مف اتفاؽ حكؿ جبر الضرر المترتب عف‬

‫الجريمة‪ ،‬باإلضافة الى كؿ ىذا فإف اتفاؽ الكساطة ىك اتفاؽ ال يجكز الطعف فيو بأم طريقة‬

‫مف طرؽ الطعف سكاء طرؽ الطعف العادية أك غير العادية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اثار الوساطة عمى الدعوى العمومية‪:‬‬


‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫إف تحققت نتائج الكساطة إنقضت الدعكة العمكمية كتـ تعكيض الضحية‪ ،‬كيترتب عمى‬

‫الكساطة الجزائية جـ ؿة مف النتائج في حاؿ نجاح مساعييا كتكصؿ األطراؼ إلى اتفاؽ نيائي‬

‫حكليا يتـ تحرير محضر رسمي يحدد مضمك ف إتفاؽ الكساطة كأجؿ تنفيذه‪ ،‬كيعتبر محضر‬

‫الكساطة سندا تنفيذيا‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 37‬مكرر‪ 6‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية بالنسبة لقضايا‬

‫البالغيف ميما كاف مضمكف ىذا السند في حيف بالنسبة لقضايا األحداث فال يعتبر كذلؾ إال إذا‬

‫تضمف تقديـ تعكيض لمضحية أك ذكم حقكقيا‪ ،‬عمال بنص المادة ‪ 113‬مف قانكف حماية الطفؿ‪،‬‬

‫كاذا تحقؽ كؿ ما سبؽ تترتب اآلثار التالية‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬وقف سريان تقادم الدعوى العمومية‪:‬‬

‫تؤدم الكساطة الجزائية إؿل كقؼ سرياف تقادـ الدعكل العمكمية خالؿ اآلجاؿ المحددة‬

‫لتنفيذ اتفاؽ الكساطة ابتداء مف تاريخ إصدار ككيؿ الجميكرية لمقرر إجراء الكساطة كبالتالي‬

‫يكمؿ احتساب مدة التقادـ اعتبا ار مف التاريخ التالي لفشؿ إجراء الكساطة‪ ،‬عمال بنص المادة‬

‫‪ 37‬مكرر ‪ 7‬مف قانكف اإلجراءات الجزائي ‪ ،1‬كالفقرة الثالثة مف المادة ‪ 110‬مف قانكف حماية‬

‫الطفؿ‪ ،‬كبذلؾ يككف المشرع الجزائرم قد قطع الطريؽ اماـ كؿ مف استغؿ اجراء الكساطة سببا‬

‫لمتماطؿ كلمتأخير‪ ،‬كقد حدد المشرع التقادـ في الجنح بثالثة سنكات كسنتيف بالنسبة لممخالفات‬

‫‪1‬‬
‫نص المادة ‪ 110‬فقرة ‪ 02‬مف قانكف حماية الطفؿ عمى ما يمي‪ ":‬المجكء إلى الكساطة يكقؼ تقادـ الدعكل العمكمية إبتداءا مف تاريخ إصدار ككيؿ‬
‫الجميكرية لمقرر إجراء الكساطة "‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫كعميو يتعيف تحقيؽ األغراض المقررة في اتفاؽ الكساطة ىذا إذا تـ تنفيذ اتفاؽ الكساطة‪ ،‬فيذا‬

‫يعني ضركرة قياـ المشتكى منو المستفيد مف الكساطة تنفيذ مضمكف الكساطة كالمحدد بالنسبة‬

‫‪ 37‬مكرر ‪ 4‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كأما‬ ‫لمبالغيف في األغراض المقررة في المادة‬

‫‪ 113‬ك ‪ 114‬مف قانكف حماية الطفؿ السابؽ‬ ‫بالنسبة لألحداث في تمؾ المحددة في المادتيف‬

‫اإلشارة ليما‪ ،‬كيعد المقرر الذم يصدره ككيؿ الجميكرية بخصكص اجراء الكساطة بمثابة‬

‫اجراءات االستدالؿ التي قد تتخذ في مكاجية مرتكب الجريمة‪ ،‬كبالتالي تككف سببا في كقؼ‬

‫تقادـ الدعكة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬انقضاء الدعوى العمومية‪:‬‬

‫أصبح إجراء الكساطة في المادة الجزائية حسب التعديؿ االخير لقانكف االجراءات‬

‫‪ 6‬مف قانكف‬ ‫الجزائية سببا مف انقضاء الدعكل العمكمية‪ ،‬عمال بحكـ الفقرة الثالثة مف المادة‬

‫اإلجراءات الجزائية المعدؿ باألمر ‪ ،02/15‬كنفس الحكـ كرد في الفقرة األكلى مف المادة ‪115‬‬

‫ة ينيي‬ ‫مف قانكف حماية الطفؿ‪ ،‬كالتي نصت صراحة عمى ما يمي‪ ":‬أف تنفيذ محضر الكساط‬

‫المتابعة الجزائية"‪ .......‬كعميو فإف تنفيذ اتفاؽ الكساطة سببا مف أسباب انقضاء الدعكل‬

‫العمكمية بقكة القانكف‪ ،‬كليس مجرد سبب لألمر بحفظ األكراؽ مما يفيـ معو عدـ امكانية النيابة‬

‫فتح القضية مف جديد استنادا لسمطة المالئمة لسبؽ الفصؿ فييا‪ ،‬كعمى ككيؿ الجميكرية كبحكـ انو‬

‫المختص بالقياـ بالكساطة أف يتأكد مف تنفيذ بنكد االتفاؽ بعد أف استجمع جميع شركطو‪ ،‬كمادامت‬

‫المسألة عممية فيمكف اثبات ىذا التنفيذ بمقرر يدكف فيو ما تـ الكقكؼ عميو‪ ،‬كما يبقى عمى ككيؿ‬

‫‪63‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫الجميكرية إال اصدار قرار بانقضاء الدعكل العمكمية بالنسبة لممشتكى منو بعد تنفيذه التفاؽ‬

‫الكساطة‪.‬‬

‫ثالثا – عدم التسجيل في صحيفة السوابق العدلية‪:‬‬

‫إف انتياء المنازعة الجزائية عف طريؽ الكساطة يرتب أثر ىاـ بالنسبة لممشتكى منو‬

‫المستفيد مف أحكاميا‪ ،‬كىك أف ال يذكر إجراء الكساطة كما ترتب عنو في صحيفة سكابقو‬

‫العدلية كبالتالي ال يعتد بالكاقع كسابقة في العكد‪ ،‬كيرل بعض الفقياء انطالقا مف تكييفيـ‬

‫التفاؽ الكساطة عمى انو حكـ مدني نيائي كبات ليس لو كصؼ جزائي‪ ،‬كال يتـ تنفيذه باإلكراه‬

‫البدني‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬االثار المترتبة عمى عدم تنفيذ اتفاق الوساطة‪:‬‬

‫رتب المشرع الجزائرم آثار قانكنية ىامة عمى عدـ تنفيذ اتفاؽ الكساطة في اآلجاؿ‬

‫المحددة‪ ،‬كالذم يككف لألطراؼ يد في كضعو إف سمح لككيؿ الجميكرية باتخاذ االجراء‬

‫المناسب مف اجراءات المتابعة كذلؾ عمى النحك التالي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اتخاذ وكيل الجميورية لما يراه مناسبا‪:‬‬

‫في حاؿ عدـ تنفيذ اتفاؽ الكساطة يسترجع ككيؿ الجميكرية سمطتو التقديرية بالتصرؼ في‬

‫الدعكل العمكمية بشأف الجريمة األصمية محؿ الكساطة كفقا إلجراءات المتابعة التي يراىا‬

‫‪ 37‬مكرر ‪ 8‬مف قانكف‬ ‫مناسبة لطبيعة الجريـ المقترؼ كظركؼ ارتكابيا‪ ،‬كفقا لحكـ المادة‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫اإلجراءات الجزائية كالفقرة الثانية مف المادة ‪ 115‬مف قانكف حماية الطفؿ كالمشترؾ في النصيف‬

‫أف المشرع لـ يرتب ىذا األثر في حاؿ فشؿ الكساطة قبؿ كصكليا لمرحمة تنفيذ االتفاؽ كبالتالي‬

‫ليا أف تتساءؿ عف حكـ ىذه الحالة‪ ،‬أما الفارؽ بيف النصيف أف المشرع رتب أثر المتابعة في‬

‫قانكف اإلجراءات الجزائية في حاؿ عدـ نفيذ اتفاؽ الكساطة بشكؿ عاـ سكاء بسبب الضحية أك‬

‫المشتكى منو‪ ،‬عمى خالؼ قانكف حماية الطفؿ الذم يستمزـ أف يككف سبب عدـ التنفيذ يعكد‬

‫لمطفؿ المشتكى منو‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التعرض لمعقوبات المنصوص عمييا في المادة ‪ 01/147‬من قانون‬

‫العقوبات‪:‬‬

‫في حاؿ ما امتنع أحد أطراؼ الكساطة أك كالىما عف تنفيذ عمدا مضمك ف الكساطة كؿ فيما‬

‫يخصو‪ ،‬يتعرض لمعقكبات المقررة في المادة ‪ 147‬مف قانكف العقكبات ‪ ،1‬كفقا لممادة ‪ 37‬مكرر‪9‬‬

‫مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ىذا الجزاء مقرر لممشتكى منو البالغ أما بالنسبة لمحدث المشتكى‬

‫منو‪ ،‬فيكتفى ككيؿ الجميكرية بمتابعتو عف الجريمة األصمية التي جرت بشأنيا الكساطة عمال‬

‫بحكـ الفقرة ‪ 2‬مف المادة ‪ 115‬مف قانكف حماية الطفؿ‪.‬‬

‫ك طبقا لنص المادة ‪ 37‬مكرر ‪ 9‬مف قانكف االجراءات الجزائية‪ ،‬في حالة عدـ تنفيذ‬

‫الجاني التفاؽ الكساطة عمدا يحؽ لككيؿ الجميكرية مالحقتو بجنحة التقميؿ مف األحكاـ القضائية‬

‫التي تتعمؽ كجكد أحكاـ قضائية قابمة لمتنفيذ أك حتى صادرة في دعكة معينة ميما كانت مدنية أك‬

‫‪1‬‬
‫تتعمؽ المادة ‪ 147‬مف قانكف العقكبات بتجريـ األفعاؿ كاألقكاؿ كالكتابات العمنية التي يككف الغرض منيا التأثير عمى أحكاـ القضاة طالما أف الدعكل لـ‬
‫يفصؿ فييا نيائيا‪ ،‬كاألفعاؿ كاألقكاؿ كالكتابات العمنية التي يككف الغرض منيا التقميؿ مف شأ ف األحكاـ القضائية كالتي يككف مف طبيعتيا المساس بسمطة‬
‫القضاء كاستقاللو‪ ،‬كيعاقب عمييا بالحبس مف شيريف إلى سنتيف كالغرامة مف ‪1000‬دج إلى ‪ 500000‬دج أك إحدل العقكبتيف‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫جزائية‪ ،‬كيتـ التقميؿ منيا بأم كالـ استيزائي أك كالـ بذمء‪ ،‬باإلضافة إلى إمكانية أف يككف‬

‫التقميؿ مف شأف األحكاـ القضائية بالكتابة كاألفعاؿ كليس التي تنص عمى أف‪ ":‬األفعاؿ اآلتية‬

‫تعرضّ باألقكاؿ فقط‪ ،‬كىذا طبقا لممادة ‪ 2/147‬مف قانكف االجراءات الجزائية مرتكبييا لمعقكبات‬

‫المقررة في الفقرتيف ‪ 1‬ك ‪ 3‬مف المادة ‪ 144‬األفعاؿ كاألقكاؿ كالكتابات العمنية التي يككف الغرض‬

‫منيا التقميؿ مف شأف األحكاـ القضائية كالتي يككف مف طبيعتيا المساس بسمطة القضاء أك‬

‫استقاللو"‪.‬‬

‫كبذلؾ يتعرض الجاني لمعقكبة المنصكص عمييا في الفقرة ‪ 1‬مف المادة ‪ 144‬مف ؽ‪.‬ع‬

‫كالمتمثمة في عقكبة الحبس مف شيريف إلى سنتيف كبغرامة مف ‪ 1000‬دج إلى ‪ 500000‬دج‬

‫أك بإحدل ىاتيف العقكبتيف أم أنو ال يشترط تنفيذ كال مف العقكبتيف بؿ يكفي تنفيذ إحداىما‪،‬‬

‫‪ 3‬مف نفس المادة سابقة الذكر‬ ‫كما أنو قد يتعرض لعقكبة اخرل طبقا لما نصت عميو الفقرة‬

‫عمى أنو يجكز لمقضاء في جميع الحاالت أف يأمر بنشر الحكـ كيعمؽ بالشركط التي حددت فيو‬

‫عمى نفقة المحككـ عميو دكف أف تتجاكز ىذه المصاريؼ الحد األقصى لمغرامة المبنية أعاله "‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوساطة الجزائية في األمر ‪155/66‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‪:‬‬

‫إف المشرع الجزائرم كغيره مف التشريعات األخرل‪ ،‬كضع بعض الشركط لتنفيذ الكساطة‬

‫الجزائية بصفة قانكنية‪ ،‬تتعمؽ أساسا بالتراضي أم ضركرة قبكؿ الضحية كالمشتكى منو إجراء‬

‫الكساطة‪ ،‬ككذا ضركرة تطبيقيا في المخالفات كبعض الجنح دكف الجنايات‪ ،‬ك تطبيقيا ينصب‬

‫أساسا في إجرائيا مف قبؿ ككيؿ قبؿ تحريؾ الدعكل العمكمية‪ ،‬كافراغيا في محضر الكساطة‬

‫الجزائية كقد تناكلنا في ىذا الفصؿ مراحؿ الكساطة الجزائية حتى كاف لـ يشر إلييا المشرع‬

‫الجزائرم إال أف استخمصناىا ضمنيا مف خالؿ المكاد القانكنية ك كذا مف خالؿ المراجع‪ ،‬كالتي‬

‫ىي مرحمة قبؿ ابراـ الكساطة الجزائية ك مرحمة تنفيذ إتفاؽ الكساطة‪ ،‬أما فيما يخص مرحمة‬

‫إبراميا كأخي ار اآلثار التي تترتب عمى انقضاءىا‪ ،‬كىي كقؼ تقادـ الدعكل العمكمية ‪ ،‬كحصكؿ‬

‫الضحية عمى تعكيض‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫الخاتمـة‬

‫في ختاـ ىذه الدراسة المتكاضعة نخمص إلى القكؿ بأنو تتمثؿ دراسة مكضكع الكساطة‬

‫الجزائية في اعتبارىا أحد المكاضيع التي حظيت باىتماـ أغمب التشريعات الجنائية المقارنة‪ ،‬لما‬

‫تعممو عمى تحقيؽ العديد مف المزايا العممية لكؿ مف نظاـ العدالة‪ ،‬الضحايا كالمشتكى منيـ‬

‫كالمجتمع ككنيا كسيمة ترمي لعالج الزيادة اليائمة كالمستمرة في عدد القضايا التي تختص بيا‬

‫المحاكمة عندما تمجأ النيابة العامة إلييا لتسكم القضايا المطركحة أماميا‪ ،‬كما أنيا تنشد إلى تنمية‬

‫ركح التصالح بيف أطراؼ الدعكل ذلؾ مف خالؿ االتفاؽ الناتج عنيا الذم يرضي الطرفيف دكف‬

‫الكلكج في الشكميات اإلجرائية المعقدة‪ ،‬كما أنو مف شأف ىذه الكساطة تحقيؽ العدالة السريعة حيث‬

‫يككف ردة الفعؿ االجتماعية سريعا كفي كقت قريب مف كقكع الجريمة‪ ،‬بالتالي تسيؿ عمى المتضرر‬

‫مف كقكعيا في حصكلو عمى التعكيض كىذا يبدك أنو أنسب الكسائؿ لعالج آثار الجريمة‪ ،‬لذلؾ تعد‬

‫الكساطة أحد نماذج العدالة التصالحية أك ما يسمى بالعقكبة الرضائية كىك الذم يقكـ عمى فكرة‬

‫إصالح مرتكب الجريمة ككذلؾ جبر الضرر المترتب عف كقكعيا‪ ،‬لكف بالرغـ مف كؿ ىذه‬

‫اإليجابيات التي تسعى الكساطة لتحقيقيا إال أف المشرع الجزائرم تأخر في تبنيو كتكريسو ليذا‬

‫النظاـ اإلجرائي‪ ،‬فبعدما ثبت نجاحو لدل معظـ التشريعات الجنائية المقارنة‪ ،‬اتخذه ىك اآلخر‬

‫الجزائر ال يزاؿ في‬


‫كنظاـ جديد لتسيير الدعكل العمكمية‪ ،‬مما يجعؿ الحديث عف نجاحيا كاقعيام ؼ‬

‫تقديرنا سابؽ ألكانو ككف ىذا اإلجراء دخيؿ عمى التشريع الجزائرم كال يزاؿ حديثا في القانكف‬

‫الجزائرم كغياب االحصائيات القضائية عف التطبيؽ العممي كالممارسة القضائية يحكؿ دكف تقييمو‬

‫‪68‬‬
‫‪– 08‬‬
‫بشكؿ مكضكعي‪ ،‬كما ىك الحاؿ بالنسبة لمكساطة في قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية رقـ‬

‫‪.09‬‬

‫إف اليدؼ األساس لجياز القضاء يكمف في تأميف السالـ االجتماعي كتحقيؽ العدالة‪ ،‬مف‬

‫خالؿ الكصكؿ إلى حؿ يككف نتاج إرادة المتقاضيف الشخصية بعد انتقاليـ مف مقاعد الخصكـ‬

‫بقاعة الجمسات العمنية حيث الترقب كالتكجس كاالنتظار‪ ،‬إلى مقاعد الحكـ بغرفة المشكرة حيث‬

‫السرية كالتحاكر لبناء الحيثيات كاصدار القرار‪ ،‬بما يحافظ عمى خصكصية النزاع فيثمر بذلؾ‬

‫تيدئة التكترات بينيـ‪ ،‬كيكلد لدييـ شعك ار بالمسؤكلية أضمف لتنفيذ الحكـ ألنيـ اختاركا العدالة‬

‫بأنفسيـ بدؿ الخضكع ليا‪.‬‬

‫كحصر دكر القاضي في رقابة شركط تنفيذ الكساطة دكف التعقيب عمى المكضكع أك التحقؽ‬

‫مف عدالتو ال يعتبر انتقاصا مف سمطتو أك تعديا عمى اختصاصو‪ ،‬كانما يجعمو يقكـ بدكر رئيسي في‬

‫إيجاد الحمكؿ البديمة كالتي أصبحت مصد ار لمشرعية في القضاء بكجو عاـ‪.‬‬

‫خالؿ‪:‬‬
‫كيمكننا تحديد أىمية الكساطة باعتبارىا أداة قانكنية لحسـ النزاع بشكؿ متميز مف‬

‫‪ -‬المساىمة في الحفاظ عمى الركابط االجتماعية مف خالؿ خصكصية النزاع كسريتو‪.‬‬

‫‪ -‬الحفاظ عمى المكاسب المشتركة لألطراؼ عمى أساس الرضائية‪.‬‬

‫‪ -‬تكفير إطار قانكني يضمف التنفيذ التمقائي لالتفاؽ‪.‬‬

‫‪ -‬إشاعة ثقافة الحكار كالسمـ االجتماعي مف خالؿ مشاركة األطراؼ في الحكـ‪.‬‬

‫‪ -‬تكفير الكقت كتقميص النفقات عمى الخصكـ‪.‬‬

‫‪ -‬تبسيط اإلجراءات كمركنتيا كتقميؿ المخاطر‪.‬‬


‫‪69‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪-1‬القراف الكريـ‪.‬‬

‫المصادر‬

‫‪- 1‬سنف ابي داككد‪ ،‬سميماف ابف األشعث‪ ،‬دار إحياء السنة النبكية‪ ،‬الجزء ‪.3‬‬

‫‪- 2‬قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية رقـ ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 25‬فبراير سنة ‪ ،2008‬الجريدة‬

‫الرسمية‪ ،‬عدد ‪.21‬‬

‫‪- 3‬قانكف العقكبات‪ ،‬رقـ ‪ 01-14‬المؤرخ في ‪ 4‬فبراير ‪ 2014‬سنة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬رقـ ‪.70‬‬

‫‪- 4‬قانكف اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬رقـ ‪ 02-15‬المؤرخ في ‪ 23‬جكيمية ‪ ،2015‬الجريدة الرسمية‪،‬‬

‫رقـ‪40.‬‬

‫‪- 5‬قانكف رقـ ‪ ،15-12‬المؤرخ في ‪ 03‬شكاؿ عاـ ‪ ،1436‬المكاؼؽ ؿ ‪ 19‬جكيمية سنة ‪،2015‬‬

‫يتضمف قانكف حماية الطفؿ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،39‬الصادر سنة ‪.2015‬‬

‫المراجـع‪:‬‬

‫الكتب العامة‪:‬‬

‫‪- 1‬أحمد شكقي‪ ،‬الشمقاني‪ ،‬المبادئ الجزائية في التشريع الجزائرم‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬ديكاف المطبكعات‬

‫الجامعية الجزائرم‪.2001 ،‬‬

‫‪- 2‬األخضر قكادرم‪ ،‬الكجيز الكافي في إجراءات التقاضي (في األحكاـ العامة لمطرؽ البديمة في‬

‫حؿ النزاعات)‪ ،‬دار اليكمة‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬

‫‪70‬‬
‫‪- 3‬الخميؿ ابف أحمد الفراىيدم‪ ،‬كتاب العيف‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬مكتب لبناف‪ ،‬بيركت‪.2004 ،‬‬

‫‪- 4‬رامي متكلي القاضي‪ ،‬إطالؿ عمى أنظـ التسكية في الدعكل الجنائية في القانكف الفرنسي‪،‬‬

‫‪- 5‬عبد الحميد أشرؼ رمضاف‪ ،‬الكساطة الجنائية كدكرىا في إنياء الدعكل العمكمية مصر‪ ،‬دار‬

‫أبك المجد لمطباعة كالنشر‪ ،‬الطبعة األكلى سنة ‪.2007‬‬

‫‪- 6‬عبد الرحما ف بربارة‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشكرات‬

‫ببغدادم‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬

‫‪- 7‬عقيدة محمد أبك العال‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬الطبعة‬

‫الثانية‪ ،‬سنة ‪.2001‬‬

‫‪- 8‬عماد الفقي‪ ،‬االتجاىات الحديثة في إدارة الدعكل الجنائية دراسة في النظاـ اإلجرائي الفرنسي‪،‬‬

‫القاىرة‪ ،‬دار النيضة العربية‪.2001 ،‬‬

‫‪- 9‬عماد الفقي‪ ،‬االتجاىات الحديثة في إدارة الدعكل الجنائية د ار سة في النظاـ اإلجرائي الفرنسي‪،‬‬

‫القاىرة‪ ،‬دار النيضة العربية‪.‬‬

‫القاىرة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬سنة ‪.2012‬‬

‫‪- 10‬ليمى القايد‪ ،‬الصمح في جرائـ اإلعتداء عمى األفراد‪ ،‬فمسفتو كتطبيقو في القانكف الجنائية‬

‫المقار‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ‪.2001،‬‬

‫‪- 11‬محمد حكيـ حسيف الحكيـ‪ ،‬النظرية العامة لمصمح كتطبيقاتيا في المكاد الجنائية‪ ،‬دراسة‬

‫مقارنة‪ ،‬دار الكتب القانكنية‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬

‫‪- 12‬محمد سامي الشكا‪ ،‬الكساطة كالعدالة الجنائية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬مصر ‪.1998‬‬
‫‪71‬‬
‫‪- 13‬عبد الحميد أشرؼ‪ ،‬الجرائـ الجنائية كدكر الكساطة في انياء الدعكل الجنائية‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬دار‬

‫الكتاب الحديثة‪ ،‬القاىرة‪.2010 ،‬‬

‫األطروحات‬

‫الدكتوراه‪:‬‬

‫‪1‬ػ خالؼ فاتح‪ ،‬مكاف الكساطة لتسكية النزاع اإلدارم في القانكف الجزائرم‪ ،‬رسالة دكتكراه‪ ،‬جاـ عة‬

‫محمد خيضر‪ ،‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬بسكرة‪.2014 -2015 ،‬‬

‫الماجستير‪:‬‬

‫‪- 1‬محمد صالح عبد الرؤكؼ الدمياطي‪ ،‬بدائؿ الدعكل الجزائية كدكرىا في تحقيؽ العدالة في فمسطيف‪،‬‬

‫‪.2013‬‬
‫رسالة ماجستير في القانكف العاـ‪ ،‬كمية الشريعة كالقانكف‪ ،‬الجامعة اإلسالمية بغزة‪،‬‬

‫(دراسة تحميمية)‪ ،‬رسالة‬ ‫‪- 2‬ياسر بف محمد سعيد بابصيؿ‪ ،‬الكساطة الجنائية في النظـ المعاصرة‬

‫مقدمة إستكماال لمتطمبات الحصكؿ عمى درجة الماجستير في العدالة الجنائية‪ ،‬جامعة نايؼ‬

‫العربية لمعمكـ األمنية‪ ،‬كمية الدراسات العميا‪ ،‬قسـ العدالة الجنائية‪ ،‬الرياض‪.2011 ،‬‬

‫‪- 3‬جديدم طالؿ‪ ،‬السرعة في اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائرم‪ ،‬رسالة ماجستير تخصص‬

‫قانكف جنائي‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كمية الحقكؽ‪.2015 ،‬‬

‫‪- 4‬عركم عبد الكريـ‪ ،‬الطرؽ البديمة في حؿ النزاعات القضائية‪ ،‬الصمح كالكساطة القضائية طبقا‬

‫لقانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬بف عكنكف‪.2012 ،‬‬

‫‪72‬‬
‫‪- 5‬بتشيـ بكجمعة‪ ،‬النظاـ القانكني لمكساطة القضائية‪ ،‬دراسة في القانكف المقارف رسالة ماجستير‬

‫في القانكف المقارف‪ ،‬جامعة تممساف‪ ،‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪.2011 ،‬ػ‪.2012‬‬

‫‪- 6‬عركم عبد الكريـ‪ ،‬الطرؽ البديؿة في حؿ النزاعات القضائية‪ ،‬الصمح كالكساطة القضائية طبقا‬

‫لقانكف اإلجراءات المدنية كاإلدارية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬بف عكنكف‪.2012 ،‬‬

‫‪- 7‬جديدم طالؿ‪ ،‬السرع ة في اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائرم‪ ،‬رسالة ماجستير تخصص‬

‫قانكف جنائي‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كمية الحقكؽ‪.2015،‬‬

‫‪- 8‬محمد صالح عبد الرؤكؼ الدمياطي‪ ،‬بدائؿ الدعكل الجزائية كدكرىا في تحقيؽ العدالة في فمسطيف‪،‬‬

‫‪.2013‬‬
‫رسالة ماجستير في القانكف العاـ‪ ،‬كمية الشريعة كالقانكف‪ ،‬الجامعة اإلسالمية بغزة‪،‬‬

‫‪- 9‬يعقكب فايزم‪ ،‬محمد مكادف‪ ،‬نظاـ الكساطة القضائية في التشريع الجزائرم‪ ،‬مذكرة ماستر في‬

‫قانكف األعماؿ كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬جامعة ‪ 8‬مام ‪ ،1945‬قالمة‪.2015-2016 ،‬‬

‫‪- 10‬يعقكب فايزم‪ ،‬محمد مكادف‪ ،‬نظاـ الكساطة القضائية في التشريع الجزائرم‪ ،‬مذكرة ماستر في‬

‫قانكف األعماؿ‪ ،‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬جامعة ‪ 8‬مام ‪ ،1945‬قالمة‪.2015,2016 ،‬‬

‫‪- 11‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الطبع الثانية‪ ،‬دار النيضة‬

‫العربية‪.1988،‬‬

‫المجـالت‪:‬‬

‫‪- 1‬فنيش كماؿ‪ ،‬الكساطة –مقاؿ في مجمة المحكمة العميا عدد خاص‪ ،‬الجزء ‪ ،2009 _2‬ص‪.5‬‬

‫‪- 2‬عادؿ يكسؼ عبد النبي‪ ،‬الكساطة الجنائية كسيمة مستحدثة كبديمة لحؿ المنازعات الجنائية‪،‬‬

‫مجمة ككفة‪ ،‬كمية القانكف كالعمكـ السياسية‪ ،‬جامعة الككفة‪ ،‬العدد ‪.09‬‬
‫‪73‬‬
‫‪- 3‬محمد عؿم عبد الرضا عفمكؾ‪ ،‬ياسر عطيكم عبكد الزبيدم‪ ،‬الكساطة في حؿ النزاعات بالطرؽ‬

‫السممية في التشريع العراقي (دراسة مقارنة)‪ ،‬مجمة رسالة الحقكؽ‪ ،‬كمية القانكف‪ ،‬جامعة البصرة‪،‬‬

‫العدد الثاني ‪.2015،‬‬

‫‪- 4‬العيد ىالؿ‪ ،‬الكساطة في قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬مجمة المحامي‪ ،‬عدد ‪ ،25‬منظمة المحاميف‬

‫لناحية سطيؼ‪.2015،‬‬

‫مقاالت‪:‬‬

‫‪ -1‬صباح أحمد نادر‪ ،‬التنظيـ القانكني لمكساطة الجنائية كامكانية تطبيقيا في القانكف العراقي‬

‫(دراسة مقارنة) ‪ ،‬بحث مقدـ إلى قضاء في إقميـ كردستاف‪ ،‬كجزء مف متطمبات الترقية مف الصنؼ‬

‫الرابع‪ ،‬إلى الصنؼ الثالث مف أصناؼ اإلدعاء العاـ‪ ،‬محكمة جنح أربيؿ‪ ،‬العراؽ‪.2014 ،‬‬

‫المعاجم‪:‬‬

‫‪.1977‬‬
‫‪- 1‬المعجـ الكجيز‪ ،‬الييئة العامة لشؤكف المطابع ألميرية‪ ،‬مجمع المغة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة‬

‫مجد الديف محمد يعقكب‪ ،‬القامكس المحيط‪ ،‬الطبعة السابعة‪ ،‬مؤسس الرسالة‪ ،‬بيركت‪.2003 ،‬‬

‫المراجع األجنبية‪:‬‬

‫‪1-Paul Mbanzoulou, La Médiation Pénale, 2ème édition, L’Harmattan, 2012.‬‬

‫المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫‪28/ Article droit.blogspot.com.‬‬ ‫‪29/ www.mohamet.net.‬‬

‫‪74‬‬
‫الفيـــــــــــرس‬

‫الصفحة‬ ‫المكضكع‬

‫‪3‬‬ ‫مقدمة‬

‫‪7‬‬ ‫الفصؿ األكؿ‪ :‬ماىية الكساطة الجزائية الجزائرم‬

‫‪8‬‬ ‫المبحث األكؿ‪ :‬نشأة الكساطة الجزائية كمفيكميا‬

‫‪9‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬نشأة الكساطة الجزائية‬

‫‪10‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬نشأة الكساطة في الشريعة االسالمية كالقكانيف المقارنة العربية‬

‫‪18‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬نشأة الكساطة في القانكف الالتيني كالقكانيف المقارنة‬

‫‪21‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬تعريؼ الكساطة الجزائية في المغة كاالصطالح كالفقو‬

‫‪24‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬التعريؼ التشريعي لمكساطة الجزائية‬

‫‪26‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬تمييز الكساطة الجزائية عف األنظمة المشابية ليا‬

‫‪26‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬الكساطة الجزائية كالكساطة القضائية المدنية‬

‫‪30‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الكساطة الجزائية كالصمح‬

‫‪32‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الكساطة الجزائية كالتحكيـ‬

‫‪34‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬الكساطة الجزائية كاألمر الجزائي‬

‫‪35‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬خصائص الكساطة الجزائية كطبيعتيا القانكنية‬

‫‪36‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬خصائص الكساطة الجزائية‬

‫‪75‬‬
‫‪36‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬سرعة كبساطة كمركنة اجراءات الفصؿ في النزاع‬

‫‪37‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التنفيذ الرضائي لمكساطة الجزائية‬

‫‪38‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬استمرار العالقات الكدية بيف طرفي النزاع‬

‫‪39‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬السرية كالخصكصية‬

‫‪40‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬الطبيعة القانكنية لمكساطة الجزائية‬

‫‪40‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬الكساطة الجزائية ذات طابع اجتماعي‬

‫‪41‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الكساطة الجزائية صكرة مف صكر الصمح‬

‫‪42‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الكساطة الجزائية ذات طبيعة ادارية‬

‫‪43‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬الكساطة الجزائية مف بدائؿ الدعكل العمكمية‬

‫‪45‬‬ ‫خالصة الفصؿ األكؿ‬

‫‪46‬‬ ‫الفصؿ الثاني‪ :‬الكساطة الجزائية في األمر ‪02/15‬‬

‫‪47‬‬ ‫المبحث األكؿ‪ :‬اجراءات اعماؿ الكساطة الجزائية‬

‫‪48‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬أطراؼ الكساطة الجزائية كأىدافيا‬

‫‪48‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬أطراؼ الكساطة الجزائية‬

‫‪53‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اىداؼ الكساطة الجزائية‬

‫‪54‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬مجاؿ تطبيؽ الكساطة الجزائية كاجراءاتيا‬

‫‪54‬‬ ‫الفرع االكؿ‪ :‬مجاؿ تطبيؽ الكساطة الجزائية‬

‫‪76‬‬
‫‪58‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اجراءات الكساطة الجزائية‬

‫‪61‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬االثار القانكنية الناتجة لمكساطة الجزائية‬

‫‪62‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬محضر الكساطة الجزائية كأثاره عمى الدعكل العمكمية‬

‫‪62‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬محضر الكساطة الجزائية‬

‫‪63‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اثار الكساطة الجزائية عمى الدعكل العمكمية‬

‫‪66‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬األثار المترتبة عمى عدـ تنفيذ اتفاؽ الكساطة الجزائية‬

‫‪66‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬اتخاذ ككيؿ الجميكرية لما يراه مناسبا‬

‫‪67‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التعرض لمعقكبات المقررة في المادة ‪ 17‬مف قانكف العقكبات‬

‫‪69‬‬ ‫خالصة الفصؿ الثاني‬

‫‪70‬‬ ‫الخاتمة‬

‫‪72‬‬ ‫قائمة المصادر كالمراجع‬

‫‪78‬‬ ‫الفيرس‬

‫‪77‬‬

You might also like