You are on page 1of 96

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة احمد دراية – أدرار‬


‫كلية الحقوق والعلوم اإلنسانية‬

‫قسم الحقـ ـوق‬

‫دور المؤسسة العقابية في معالجة‬


‫الجريمة في الجزائر‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماستر مهني في تسيير المؤسسات‬
‫إشراف الدكتور ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبين‪:‬‬
‫‪ -‬علي محمد‬ ‫‪ -‬سحنين أمال‬
‫‪ -‬موساوي خالد‬
‫لجنة المناقشة‬
‫رئيسا‬ ‫جامعة أدرار‬ ‫د‪ .‬مزاولي محمد‬
‫مشرفا ومقررا‬ ‫جامعة أدرار‬ ‫د‪ .‬علـي محمـ ـد‬
‫عضو مناقش‬ ‫جامعة أدرار‬ ‫د‪ .‬ختير مسعود‬

‫الجامعية‪ 7102/7102 :‬م‬ ‫السنة‬


‫اإلهداء‬

‫أهدي هذا العمل املتواضع إىل ‪:‬‬

‫إىل من ال ميكن للكلمات أن تويف حقهما‬

‫إىل والدي العزيزين أطال اهلل عمرمها‬

‫اىل زوجيت ورفيقة دريب زوجيت العزيزة‬

‫اىل اوالدي كل بامسه‬

‫إىل إخويت وأخوايت كل واحد بامسه‬

‫وإىل مجيع األصدقاء‬

‫و كل من ساعدين من قريب أو من بعيد يف إجناز هذا‬


‫العمل‬

‫خالد‬
‫مقدمــــــــــــة‬

‫مقدمــــــــــــة‬
‫تع ــد الجريمة ظاىرة اجتماعية مرتبطة باإلنسان وعرفت منذ وجوده وتطورت وتعقدت‬
‫أشكاليا وتنوعت مناىجيا ووسائميا ‪ ،‬مع تقدم المجتمعات وتطورىا ونظ ار لما تخمفو ىذه‬
‫الظاىرة من أضرار عمى الدول بصفة عامة ‪ ،‬كانت والتزال محل إىتمام العديد من‬
‫الباحثين والدراسيين ورجال الفقو والقانون سعيا منيم في معالجتيا والقضاء عمييا‪.‬‬
‫فوضعت ليا في بداية األمر عقوبات كان ىدفيا اإلنتقام لمجماعة من المجرم‬
‫فإختمفت أساليب ىذا اإلنتقام بين القتل والتعذيب والنفي بل تعدت حتى إلى أىل المذنب‬
‫وقبيمتو ‪ ،‬فكانت تقام الحروب بين القبائل وتباد عمى أخرىا بسبب ذنب إرتكبو أحد أفرادىا‬
‫ومع تطور المجتمعات بدأت تتغير النظرة لمجريمة ‪ ،‬تحولت إلى اإلىتمام بالجاني وطرق‬
‫المعاممة معو‬
‫فظيرت أفكا ار جديدة لعل أىميا كان تفريد العقوبة وشخصية العقوبة وكذا‬
‫المسؤولية الجنائية مشكمة فيما بينيا ما يعرف بالسياسة الجنائية وبالرغم من تعدد فروعيا‬
‫وأىدافيا إال أن غايتيا األساسية ىي البحث في سبيل الوقاية ووسائل التكفل اإلجتماعي‬
‫بالجاني ‪ ،‬ىذا بإعادة إحتواءه ومنعو من إرتكاب الجريمة مرة اخرى من خالل تطبيق‬
‫البرامج العالجية والتأىيمية واإلصالحية التي تساعد عمى ذلك وتوفير وسائل الرعاية‬
‫المحقة لو بعد اإل فراج عنو ‪ ،‬وقد تمثل ىذا اإلتجاه بحركة الدفاع اإلجتماعي وغيره من‬
‫اإلتجاىات المعاصرة ‪ ،‬ويمكن القول أن المؤسسات العقابية لم تنجح إلى حد ما في‬
‫إصالح الجاني وتأىيمو ما يفسر عودتو إلى جرائمو بعد إستنفاذ عقوبتو السالبة لمحرية ‪،‬‬
‫ما دفع بالعديد من الفقياء إلى البحث عن بدائل ليذه العقوبات السالبة لمحرية لتفادي‬
‫مساوئيا ومخمفاتيا المادية والمعنوية‪.‬‬
‫إن عودة المجرم إلى إجرامو بعد إستنفاذ عقوبتو قد يفسر بفشل برامج الرعاية‬
‫بصورىا المختمفة عن إزدحام السجون ‪ ،‬واحتكاك المساجين فيما بينيم مما يؤدي بالسجين‬

‫‌أ‬
‫مقدمــــــــــــة‬

‫إلى تعمم طرق وميارات جديدة في ميدان اإلجرام ىذا أثناء تنفيذ العقوبة أما بعد إنقضاءىا‬
‫وخروج المجرم إلى المجتمع فسيقابل ال محالة بوضع أقصى من العقوبة في حد ذاتيا‬
‫وىي عقوبة المجتمع والنظرة الدونية التي يقابل بيا والتيميش حتى من طرف أصدقاءه‬
‫األمر الذي يقف حاج از دون إدماجو إجتماعيا ‪ ،‬فغمق األبواب في وجيو سيؤدي بو ال‬
‫محالة لمعودة إلى جرائمو حتى وغن نجحت برامج الرعاية واإلصالح بصورىا المختمفة ‪،‬‬
‫األمر الذي دفع الفقو العقابي الحديث إلى البحث عن بدائل العقوبات السالبة لمحرية‬
‫خاصة قصيرة المدة لما فييا من سمبيات تكون أنجع وبتكاليف أقل من أجل إصالح‬
‫المجرم واعادة إدماجو إجتماعيا‪.‬‬
‫وتكمن أىمية الموضوع في الخطوات ونذكر منيا ‪ ،‬الجيود المبذولة من‬
‫طرف الباحثين والدولة عمى حد سواء في إصالح المجرم والبحث عمى العقوبة األنجع‬
‫واألصمح لمنعو من العودة إلى إجرامو وجعمو بذلك فردا صالحا في المجتمع ‪ ،‬كما تبرز‬
‫أىمية ىذه الدراسة في اإللتفات إلى دور السياسة العقابية وكيفية معالجتيا في الجزائر ‪،‬‬
‫ويظير دور السياسات العقابية أو الوقائية في معالجة المجرم ومعاقبتو بالعقوبة المناسبة‬
‫إلصالحو واعادة إدماجو بالمجتمع‪ ،‬حيث خصصت الدولة الماليير من الدينارات في‬
‫سبيل إصالح المساجين إال أن ىناك فئة تعود إلى إجراميا بل ىناك حتى من يطور‬
‫إجرامو بعد إنقضاء العقوبة ولذلك كان إلزاما عمى الدولة أن تبحث عن العقوبات األنسب‬
‫واألنجع لمنع ىذه الظاىرة اليادفة إلى إصالح المجرم والقضاء عمى الحس اإلجرامي‬
‫بداخمو ‪.‬‬
‫تيدف ىذه الدراسة بالوقوف عمى دور السياسة العقابية التي إنتيجتيا الدولة‬
‫لمعالجة الجريمة في الجزائر واألساليب المتبعة في إصالح المجرم واعادة إدماجو‬
‫إجتماعيا سواءا من خالل العقوبات السالبة لمحرية أو العقوبات البديمة عنيا ‪.‬‬
‫وعن أسب ــاب اختيار الموضوع فيناك أسباب ذاتية وأسباب موضوعية‪.‬‬

‫‌ب‬
‫مقدمــــــــــــة‬

‫األسباب الذاتية‪ /‬السبب الرئيسي الذي دفعنا الختيار ىذا الموضوع ىو وجود مجموعة من‬
‫معتادي اإلجرام في منطقتنا أصبح السجن ال يشكل ليم أي حرج واليعير من نمط حياتيم‬
‫شيئا ‪ ،‬لذلك نجدىم تارة داخل السجن وتارة اخرى خارجو ما دفعنا لتساؤل عن عدم تأثير‬
‫العقوبة أو الحبس عمى سموكيم اإلجرامي‬
‫في حين األسباب الموضوعية‪ /‬بالرغم من اىتمام المشرع بإصالح المجرم‬
‫واعادة إدماجو اجتماعيا وذلك بوضعو لمقانون ‪ 00/00‬المتضمن قانون التنظيم السجون‬
‫واعادة اإلدماج االجتماعي لممسجونين إال أنو ىناك ارتفاع في معدالت الجريمة بصفة‬
‫عامة والعود إلييا عن وجو الخصوص ‪ ،‬وأن الموضوع اليزال يثير العديد من إشكاالت‬
‫البحث في المجال القانوني ويتطمب تحيين النصوص القانونية ‪.‬‬
‫و الموضوع يثير اإلشكال التالي ‪ :‬ما مدى فاعمية السياسة العقابية في مكافحة الجريمة‬
‫في الجزائر؟‬
‫ولإلجابة عن اإلشكالية إتباعنا الخطة التالية‪ /‬بحيث قمنا بتقسم البحث إلى‬
‫فصمين إثنيين ففي الفصل األول ماىية السياسة العقابية وذلك في مبحثين ‪ ،‬في المبحث‬
‫األول تطور السياسة العقابية في الجزائر أما المبحث الثاني نتناول تطور مفيوم العقوبة‬
‫من حيث مفيوميا وخصائصيا وكذا تقسيميا‪.‬‬
‫أما الفصل الثاني فتناول األنظمة العقابية في معالجة الجريمة في الجزائر‬
‫وذلك في مبحثين ‪ ،‬ففي المبحث األول تطرقنا إلى األنظمة العقابية الحديثة والمبحث‬
‫الثاني المؤسسات العقابية في إصالح و إدماج المحبوسين‬
‫كما اعتمدنا في موضوعنا عمى منيجين ؛ منيج وصفي و منيج تحميمي ففي المنيج‬
‫الوصفي يعرض المعمومات و المفاىيم المتعمقة بمعالجة ظاىرة اإلجرام ؛ أما المنيج‬
‫التحميمي فيتناسب مع طبيعة الدراسة و ال سيما تحميل النصوص القانونية و اآلراء الفقيية‬
‫و تقييم تطبيق السياسة العقابية ‪.‬‬

‫‌ج‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫الفصل األول‬

‫ماهية السياسة العقابية يف اجلزائر‬

‫‪4‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تطور السياسة العقابية في الجزائر‬


‫المطمب األول ‪ :‬مرحمة االحتالل الفرنسي (‪) 1962-1830‬‬
‫إف أوؿ امتداد تشريعي متعمؽ باإلدارة العقابية ‪ ،‬ىو إدخاؿ جزء مف التشريع الفرنسي‬
‫بموجب المرسوـ الصادر في ‪ 15‬جانفي ‪ 1921‬والمتعمؽ بقانوف العمؿ ‪ ،‬وكذلؾ المرسوـ‬
‫الصادر في ‪ 17‬مارس ‪ 1921‬والمتعمؽ بتطبيؽ قانوف ‪ 25‬مارس ‪ 1919‬عمي الجزائر ‪،‬‬
‫بحيث وسع ىذا القانوف االستفاد ة مف التعويض عف أخطار وحوادث العمؿ الذي يذىب‬
‫ضحيتيا السجناء‪.‬‬
‫وبقي الوضع عمي ما ىو عميو بالنسبة لمجزائر إلي أف صدر قانوف ‪ 20‬سبتمبر ‪1947‬‬
‫‪ ،1‬حيث تـ إدماج مصالح السجوف بالجزائر باإلدارة العقابية لو ازرة العدؿ الفرنسية‪.‬‬
‫في مجاؿ تنفيذ العقوبات اتسـ النظاـ العقابي الفرنسي بخاصيتيف ‪:‬‬
‫الخاصية األولى‪ :‬تمثمت في تنفيذ عقوبة السجف والحبس بتشغيؿ المحكوـ عمييـ بالعمؿ‬
‫الزراعي بعيدا عف وطنيـ ‪ ،‬اذ نص قانوف ‪ 26‬سبتمبر ‪ ، 1842‬عمي أف كؿ محكوـ عميو‬
‫مف األىالي بعقوبة تتجاوز ستة ‪ 06‬أشير حبسا ‪ ،‬ينقؿ إلي فرنسا ليقضي عقوبتو بالعمؿ‬
‫في الزراعة في جزيرة "كورسيكا" ‪ ،‬حيث استمر ىذا الوضع إلي غاية أوؿ جانفي ‪. 1901‬‬
‫‪ -‬الخاصية الثانية ‪ :‬تتعمؽ بتنفيذ األشغاؿ الشاقة ‪ ،‬حيث كاف المحكوـ عمييـ ينقموف إلي‬
‫"غيانا"وىذا الوضع لـ يدـ طويال ‪ ،‬فتقرر حبسيـ في السجوف داخؿ الجزائر ‪ ،‬وعمي‬
‫الخصوص بسجف "البرواقية" و" الحراش" و " لمبيز "‬
‫و بداية مف سنة ‪ ، 1947‬أصبحت اإلدارة العقابية في الجزائر تابعة لو ازرة العػػدؿ‬
‫الفرنسية ‪ ،‬فأحدثت عدة تغييرات في النظاـ القضائي بإنشاء محكمة االستئناؼ في الجزائر‬
‫العاصمة ‪ ،‬مع غرفة الشؤوف اإلسالمية كما أنشئت ‪ 17‬ىيئة محمفيف ‪ ،‬و ‪ 17‬محكمة‬
‫ابتدائية و ‪ 04‬محاكـ تجارية ‪ ،‬و ‪ 118‬محكمة صمح ‪ ،‬ويرجع ىذا التغيير إلي سياسة‬

‫‪1‬عمر خوري‪ ،‬السياسة العقابية في القانوف الجزائري‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬دراسة مقارنة الطبعة ‪، 1‬القاىرة‬
‫‪،2009،‬صفحة ‪.117‬‬

‫‪5‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫اإلدماج التي انتيجتيا فرنسا إلحباط الحركات الوطنية في الجزائر والتي كانت تناضؿ مف‬
‫أجؿ استقالؿ البالد‪.‬‬
‫في أوؿ مف نوفمبر ‪ 1954‬جاء تغيير الوضع تماما بسبب اندالع حرب التحرير ‪،‬‬
‫فأصبح لمسمطات العسكرية مطمؽ الحرية في التدخؿ في الشئوف القضائية ‪ ،‬وتأسست محاكـ‬
‫عسكرية في الجزائر العاصمة و وىراف و قسنطينة ‪ ،‬و أعطيت ليا صالحيات النظر في‬
‫‪1‬‬
‫جنايات وجنح القانوف العاـ‬
‫وفي سنة ‪ 1956‬أعطيت سمطات خاصة إلي الوزير المقيـ بالجزائر‪ ،‬والي الناحية‬
‫العسكرية العاشرة تخوؿ ليـ إقامة مؤسسات عقابية ومراكز سجف خاصة تسمي " بمراكز‬
‫االعتقاؿ " و " مراكز التجمع " ‪ ، 2‬ىذا النوع مف النظاـ العقابي ذو طابع حربي تيدؼ مف‬
‫ورائو فرنسا تحطيـ معنويات الشعب الجزائري ‪ ،‬حيث استعممت كؿ اساليب التعذيب و‬
‫اإلكراه ‪ ،‬خاصة بالنسبة لممحكوـ عمييـ المتيميف بعالقتيـ بجيش التحرير الوطني ‪ ،‬فانتيت‬
‫ىذه الوضعية بانتياء الحرب ‪ ،‬وحصوؿ الجزائر عمي استقالليا سنة ‪1962‬‬
‫المطمــب الثاني‪ :‬مـرحمـة ما بعـــد االستقــــالل‬
‫في ىذا الصدد نميز بيف مرحمتيف متميزتيف عرفتيما السياسة العقابية في الجزائر ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مرحمة ما بعد االستقالل إلى فبراير ‪: 1972‬‬
‫يعتبر وقؼ إطالؽ النار في ‪ 19‬مارس ‪ 1962‬بيف الحكومة الفرنسية وجبية التحرير‬
‫الوطني ‪ ،‬إعتماد فرنسا عمي التنظيـ المؤقت لمسمطات في انتظار ما تسفر عنو نتائج‬
‫استفتاء تقرير المصير‪ ،‬فقامت فرنسا بتشكيؿ ىيئة تنفيذية مؤقتة مزدوجة السمطات يترأسيا‬
‫محافظ سامي يبقي محتفظا بسمطات فرنسا في الجزائر في مجاؿ الدفاع واألمف وحفظ النظاـ‬
‫العاـ ‪ ،‬كما يبقي قطاع العدالة مف اختصاصو المباشر‪ ،‬و إستمر ىذا الوضع إلي غاية ‪03‬‬
‫جويمية ‪ ، 1962‬حيث تـ نقؿ السمطات إلي الييئة التنفيذية المؤقتة برئاسة " عبد الرحماف‬

‫‪ 1‬خمية التدريس ‪ ،‬كتاب التاريخ الجزائري‪ ،‬المعيد الوطني التربوي‪ ،‬طبعة ‪،1987/1986‬الجزائر ‪ ،‬ص ‪.68‬‬

‫‪6‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫فارس " مع تعييف " ساطور قدور " مدي ار لمعدالة ضمف ىيكؿ مندوبية الشئوف اإلدارية التي‬
‫يت رأسيا " عبد الرزاؽ شنتوؼ "‪.‬‬
‫وفي ‪ 13‬جويمية ‪ 1962‬أصدر رئيس الييئة التنفيذية المؤقتة تعميمة تضمنت‬
‫مواصمة العمؿ بالتشريع الموروث عف االستعمار المطبؽ عبر كامؿ التراب الوطني باستثناء‬
‫ما يتعارض منو مع السيادة الوطنية ‪ ،‬مع إبقاء تبعية السجوف لو ازرة العدؿ ‪ ،‬حيث تـ إنشاء‬
‫و ازرة العدؿ في الجزائر المستقمة في شير أكتوبر مف سنة ‪ 1962‬حيث تـ تعييف المحامي "‬
‫‪1‬‬
‫عمار بف تومي " عمي رأس الو ازرة‪.‬‬
‫أما فيما يخص وضع السجوف بعد حصوؿ الجزائر عمي االستقالؿ‪ ،‬فقد تميزت‬
‫باختفاء المعتقالت ومراكز الحجز اإلداري بسبب زواؿ مبرراتيا والتي كانت وليدة أحداث‬
‫حرب التحرير الوطني ‪ ،‬وأىـ ما ميز السجوف غداة االستقالؿ ىو رحيؿ كؿ الموظفيف‬
‫الفرنسييف خوفا مف انتقاـ الجزائرييف لممارسات التعذيب التي تعرضوا ليا خالؿ فترة‬
‫االحتالؿ ولسد ىذا الفراغ عمدت و ازرة العدؿ إلي توظيؼ قدماء محاربي جيش التحرير‬
‫الوطني والمساجيف السياسييف لما ليـ مف خيرة كونيـ عاشوا في السجوف وىـ أكثر دراية‬
‫‪2‬‬
‫بشئوف االحتباس وطرؽ تنظيمو ‪.‬‬
‫‪ -‬ظير أوؿ تنظيـ ىيكمي إلدارة السجوف في الجزائر في ‪ 19‬أبريؿ ‪ 1963‬تحت تسمية "‬
‫‪3‬‬
‫مديرية إدارة السجوف " مكونة مف أربعة مكاتب ‪:‬‬
‫‪ -‬مكتب النشاط االجتماعي والرعاية الالحقة ‪.‬‬
‫‪ -‬المكتب التقني الستغالؿ البيانات والصفقات ‪.‬‬
‫‪ -‬مكتب تطبيؽ العقوبات‬

‫‪1‬عمر خوري مرجع سابؽ ‪ ،‬الصفحة ‪120.‬‬


‫‪ 2‬بف يوسؼ بف خده ‪ ،‬اتفاقيات إيفياف ‪ ،‬نياية حرب التحرير في الجزائر ‪ ،‬ترجمة لحسف زغدار ‪ ،‬ديواف المطبوعات‬
‫الجزائرية ‪ ،1987 ،‬الجزائر ‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫‪3‬مرسوـ رقـ ‪ ،128-63‬المتضمف تنظيـ اإلدارة المركزية لو ازرة العدؿ ‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪ ،‬عدد ‪ ،23‬صادرة في‬
‫‪1963/04/19‬‬

‫‪7‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -‬مكتب الموظفيف والمحاسبة والميزانية ‪.‬‬


‫ولقد عرفت إدارة السجوف توسعا ممحوظا بصدور ثاني تنظيـ لإلدارة المركزية لو ازرة‬
‫العدؿ في ‪ 17‬نوفمبر ‪ 1965‬حيث تغيرت بموجبو تسمية " مديرية إدارة السجوف " إلي‬
‫مديرية التيذيب واعادة التأىيؿ االجتماعي تتكوف مف مديريتيف فرعيتيف ىما ‪:‬‬
‫المديرية الفرعية لتطبيؽ األحكاـ الجزائية‬
‫‪1‬‬
‫المديرية الفرعية لألحداث الجانحيف‪.‬‬
‫كما يعتبر نظاـ سير المؤسسات العقابية بما فيو ظروؼ االحتباس والحياة‬
‫اليومية لممساجيف ونظاـ الحراسة وكذا األساليب المعتمدة مف طرؼ إدارة المؤسسة ومسؾ‬
‫السجالت فكانت منقولة عف نظاـ سير السجوف الموروث مف االستعمار‪ ،‬حيث تـ االحتفاظ‬
‫بنفس أنواع السجوف و ىي ‪( :‬السجوف المركزية ‪ ،‬السجوف ‪ ،‬مالحؽ السجوف) ‪. 2‬‬
‫وفيما يخص دور السجوف بعد االستقالؿ في مجاؿ إصالح السجوف ‪ ،‬فمـ يوضع‬
‫لسببيف‪:‬‬ ‫وذلؾ‬ ‫اإلجرامي‬ ‫والعود‬ ‫الجنوحية‬ ‫لمحاربة‬ ‫رسمي‬ ‫برنامج‬ ‫أي‬
‫‪ -‬السبب األوؿ ارجع إلي أف الجزائر في تمؾ الفترة كانت في مرحمة بناء مؤسسات الدولة ‪،‬‬
‫وكانت شغميا األساسي ىو تنشيط المؤسسات العقابية بتوفير الشروط الضرورية لتسييرىا ‪.‬‬
‫– السبب الثاني راجع إلي أف الجزائر ورثت ىياكؿ عقابية مبنية وفؽ نموذج معماري يتمشي‬
‫األمف وارىاؽ الجزائرييف المجاؿ فيو لإلصالح‬ ‫وأىداؼ سياسية المستعمر في تشديد‬
‫واالندماج االجتماعي ‪ .‬لـ تعرؼ المؤسسات العقابية بعد االستقالؿ إال بعض النشاطات في‬
‫مجاؿ التعميـ ومحو األمية ‪ ،‬وأماـ النقص الكبير في المعمميف ‪ ،‬تطوع بعض الحراس‬
‫والمساجيف الذيف ليـ مستوي تعميمي معيف ‪ ،‬وكاف التعميـ يمقف المغتيف العربية والفرنسية ‪. 3‬‬

‫‪1‬مرسوـ رقـ ‪ ،282-65‬المتضمف تنظيـ اإلدارة المركزية لو ازرة العدؿ ‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،96‬صادرة في‬
‫‪.1965/11/13‬‬
‫‪2‬عمر خوري مرجع سابؽ ‪ ،‬الصفحة ‪120‬‬
‫‪3‬بف يوسؼ بف خده ‪ ،‬اتفاقيات إيفياف ‪ ،‬نياية حرب التحرير في الجزائر ‪ ،‬ترجمة لحسف زغدار ‪ ،‬ديواف المطبوعات‬
‫الجزائرية ‪، 1987 ،‬ص ‪129 .‬‬

‫‪8‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫أما في مجاؿ التكويف الميني لممساجيف وتشغيميـ في إطار العمؿ التربوي ‪ ،‬فمـ يكف‬
‫مطبقا إال في المؤسسات العقابية الكبيرة واقتصر عمي ما يمي ‪:‬‬
‫‪ -‬النشاط الفالحي والبستنة بالبرواقية ‪.‬‬
‫‪ -‬ورشة صناعة مواد البناء بتازولت لومباز‬
‫– ورشة الخياطة وصناعة األحذية بالحراش‬
‫خالؿ السنوات األولئ مف االستقالؿ لـ تضع و ازرة العدؿ سياسة عقابية تتجو نحو‬
‫إصالح السجوف ال مف حيث إصدار النصوص القانونية وال مف حيث توفير الظروؼ‬
‫‪1‬‬
‫واإلمكانيات والوسائؿ لتنظيـ المؤسسات العقابية مراعية في ذلؾ األولويات ‪.‬‬
‫بموجب األمر رقـ ‪ 278-65‬المؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ ، 1965‬المتضمف التنظيـ‬
‫القضائي تـ تأسيس ‪ 15‬مجمس قضائي و‪ 132‬محكمة في كامؿ التراب الوطني ‪ ،‬فكانت‬
‫النظرة إلي السجوف عمي أنيا المكاف المناسب إلدماج قدماء المجاىديف في ميداف الشغؿ‬
‫كونيا مراكز لحراسة ومراقبة المساجيف دوف إعطاء أي اىتماـ إلي الجانب اإلصالحي‪.2‬‬
‫وفي نياية سنة ‪ 1969‬وقع تغيير نسبي في نظاـ التوظيؼ ‪،‬حيث أصبحت إدارة‬
‫السجوف تشترط في المترشحيف مستوي تعميمي معيف مع تنظيـ اختيار القتناء أحسف‬
‫المرشحيف واجراء تربص بمدرستي سيدي بمعباس وعنابة ‪.‬‬
‫وفي مجاؿ التنظيـ العقابي ومعاممة المساجيف انضمت الجزائر إلي المنظمة العربية‬
‫في نطاؽ الجامعة العربية ‪.‬‬ ‫لمدفاع االجتماعي التي تأسست سنة ‪1964‬‬
‫تميزت المرحمة الممتدة بيف ‪ 1962‬وفبراير ‪ 1972‬بفراغ قانوني وتنظيمي في مجاؿ إصالح‬
‫السجوف في الجزائر كوف أف النصوص القانونية المأخوذة مف القانوف اإلجراءات الجزائية‬
‫الفرنسية لعاـ ‪ 1958‬لـ تجد مجاال لتطبيقيا النعداـ الق اررات التنفيذية‪.‬‬

‫‪1‬عمر خوري مرجع سابؽ ‪ ،‬الصفحة ‪122‬‬


‫‪2‬األمر رقـ ‪ 278-65‬المؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ ، 1965‬المتضمف التنظيـ القضائي (ممغى)‬

‫‪9‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬مرحمة ما بعد فبراير ‪: 1972‬‬


‫تميزت ىذه المرحمة بإىتماـ و ازرة العدؿ بمسألة المعاممة العقابية ونظاـ السجوف ‪،‬‬
‫فقامت بإصالحات جذرية أصدرت عمي إثرىا األمر رقـ ‪ 02-72‬المؤرخ في ‪ 10‬فبراير‬
‫‪ ، 1972‬المتضمف قانوف تنظيـ السجوف واعادة تربية المساجيف ‪ .‬وتمت ىذا األمر‬
‫النصوص التطبيقية التالية‪ - :‬المرسوـ رقـ ‪ 35-72‬المؤرخ في ‪ ،1972/02/10‬المتضمف‬
‫‪1‬‬
‫إنشاء لجنة التنسيؽ الخاصة بإعادة تربية المساجيف وتشغيميـ‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرسوـ رقـ ‪ 36-72‬المؤرخ في ‪ ،1972/02/10‬المتعمؽ بمراقبة المساجيف وتوجيييـ‪.‬‬
‫‪ -‬المرسوـ رقـ ‪ 37-72‬المؤرخ في ‪ ،1972/02/10‬المتعمؽ بإجراءات تنفيذ المق اررات‬
‫‪3‬‬
‫الخاصة باإلفراج المشروط‪.‬‬
‫فكؿ ىذه النصوص القانونية غيرت مف وجو السياسة العقابية في الجزائر ‪ ،‬حيث و ألوؿ‬
‫مرة في تاريخ الج ازئر ‪ ،‬أصبح المواطف الجزائري الذي يقع ضحية اإلجراـ ‪ ،‬يجد في العقوبة‬
‫كؿ معاني العدالة والمتمثمة في المعاممة اإلنسانية ‪ ،‬حيث لـ يعد اليدؼ مف سمب الحرية ىو‬
‫النيؿ مف كرامة المحبوسيف ‪ ،‬ولكف وسيمة إلعادة إصالحيـ وتأىيميـ وتربيتيـ إلعادة‬
‫إدماجيـ في المجتمع بعد اإلفراج عنيـ ‪.‬‬
‫لقد نصت المادة األولى مف قانوف تنظيـ السجوف واعادة تربية المساجيف عمى‬
‫معالـ السياسة العقابية في الجزائر بقوليا ‪" :‬إف تنفيذ األحكاـ الجزائية وسيمة لمدفاع‬
‫االجتماعي ‪ ،‬وىو يصوف النظاـ العاـ ومصالح الدولة ‪ ،‬ويحقؽ أمف األشخاص وأمواليـ ‪،‬‬
‫ويساعد األفراد الجانحيف عمي إعادة تربيتيـ وتكييفيـ بقصد إعادة إدراجيـ في بيئتيـ العائمية‬
‫والمينية واالجتماعية‪..‬‬

‫‪1‬المرسوـ رقـ ‪ 35-72‬المؤرخ في ‪،1972/02/10‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 15‬الصادرة في ‪ 1972/03/22‬المتضمف‬


‫إنشاء لجنة التنسيؽ الخاصة بإعادة تربية المساجيف وتشغيميـ‬
‫‪ 2‬المرسوـ رقـ ‪ 36-72‬المؤرخ في ‪ ،1972/02/10‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 15‬الصادرة في ‪ 1972/02/22‬المتعمؽ‬
‫بمراقبة المساجيف وتوجيييـ‬
‫‪3‬المرسوـ رقـ ‪ 37-72‬المؤرخ في ‪ ،1972/02/10‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 15‬الصادرة في ‪ 1972/02/22‬المتعمؽ‬
‫بإجراءات تنفيذ الق اررات الخاصة باإلفراج‬

‫‪10‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫إف إصالح المحكوـ عميو واعادة تربيتو ‪ ،‬إذ يكوناف القصد المرتجي مف تنفيذ‬
‫األحكاـ الجزائية ‪ ،‬فإنيما يرتكزاف عمي رفع المستوي الفكري والمعنوي لممسجوف بصفة دائمة‬
‫‪ ،‬وعمي تكوينو الميني وعممو والسيما بمشاركة في مياـ تعود بالنفع العاـ"‪.‬‬
‫يتضح مف نص ىذه المادة أف النظاـ العقابي في الجزائر يتصؼ بالعدؿ ‪ ،‬بحيث‬
‫استبعد فكرة اإليالـ واالنتقاـ مف المجرـ ‪ ،‬ألف الغرض مف تنفيذ العقوبات السالبة لمحرية‬
‫عمي المحكوـ عميو ىو إعادة اإلصالح واعادة التربية واعادة التأىيؿ ‪ ،‬ولف يتحقؽ ذلؾ إال‬
‫برفع المستوي الفكري واألخالقي لممسجوف باستمرار وعمي تكوينو والعمؿ عمي إشعاره‬
‫بالمسئولية حتي يمكف إعادة إدماجو في الحياة االجتماعية والمينية بعد إنقضاء مدة‬
‫العقوبة‪.1‬‬
‫البد مف اإلشارة إلي أف نصوص قانوف تنظيـ السجوف واعادة تربية المساجيف‪،‬‬
‫ىي مستوحاة مف توصيات منظمة األمـ المتحدة والسيما الق اررات الصادرة في ‪ 30‬أوت‬
‫‪ 1955‬بجنيؼ والتي صادؽ عمييا المجمس االقتصادي واالجتماعي لألمـ المتحدة بتاريخ‬
‫‪2‬‬
‫‪ 31‬يوليو ‪ 1957‬والمتضمنة " مجموعة قواعد الحد األدني لمعاممة المسجونيف"‪.‬‬
‫وظؿ قانوف تنظيـ السجوف واعادة تربية المساجيف لعاـ ‪ 1972‬مطبقا لمدة ‪33‬سنة‬
‫دوف أف يط أر عميو أي تعديؿ يذكر إلي أف صدر قانوف رقـ ‪ 04-05‬مؤرخ في ‪ 06‬فبراير‬
‫‪ 2005‬يتضمف قانوف تنظيـ السجوف واعادة اإلدماج االجتماعي لممحبوسيف ‪ 3،‬حيث تمت‬
‫ىذا القانوف النصوص التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 180-05‬مؤرخ في ‪ 17‬مايو ‪ 2005‬يحدد تشكيمة لجنة تطبيؽ‬
‫العقوبات وكيفية سيرىا‬

‫‪1‬عمر خوري مرجع سابؽ ‪ ،‬الصفحة ‪124‬‬


‫‪ 2‬أبو المعاطي حافظ أبو الفتوح ‪ ،‬سمب الحرية في الشريعة والقانوف الوضعي‪ ،‬المجمة العربية لمدفاع اإلجتماعي ‪ ،‬العدد‬
‫‪ ، 15‬يناير ‪ ، 1983‬ص ‪.230‬‬
‫‪ 3‬قانوف رقـ ‪ 04-05‬مؤرخ في ‪ 06‬فبراير ‪ 2005‬يتضمف قانوف تنظيـ السجوف واعادة اإلدماج االجتماعي لممحبوسيف‬
‫‪ ، .‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ، 12‬المعدؿ والمتمـ لمقانوف ‪ 18/01‬المؤرخ في ‪ 012018/30‬الجريدة الرسمية العدد‪5‬‬
‫‪3‬الصادرة في ‪2018/01/30‬‬

‫‪11‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 811-05‬مؤرخ في ‪ 17‬مايو ‪ 2005‬يحدد تشكيمة لجنة تكييؼ‬


‫‪1‬‬
‫العقوبات وتنظيميا وسيرىا‪.‬‬
‫‪ -‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 429-05‬مؤرخ في ‪ 08‬نوفمبر ‪ 2005‬يحدد تنظيـ المجنة الو ازرية‬
‫المشتركة لتنسيؽ نشاطات إعادة تربية المحبوسيف واعادة‪2.‬االجتماعي ومياميا وسيرىا‬
‫‪ -‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 430-05‬مؤرخ في ‪ 08‬نوفمبر ‪ 2005‬يحدد وسائؿ االتصاؿ عف‬
‫بعد وكيفية استعماليا مف المحبوسيف‬
‫‪ -‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 431-05‬مؤرخ في ‪ 08‬نوفمبر ‪ 2005‬يحدد شروط وكيفية منح‬
‫المساعدة االجتماعية والمالية لفائدة المحبوسيف المعوزيف عند اإلفراج عنيـ ‪.3‬‬
‫‪ -‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 109-06‬مؤرخ في ‪ 08‬مارس ‪ 2006‬يحدد كيفية تنظيـ المؤسسة‬
‫‪4‬‬
‫العقابية وسيرىا‪.‬‬
‫‪ -‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 284-06‬مؤرخ في ‪ 21‬أوت ‪ 2006‬يتضمف تنظيـ المفتشية‬
‫‪5‬‬
‫العامة لمصالح السجوف وسيرىا ومياميا‪.‬‬
‫تيدؼ كؿ ىذه القوانيف إلي تكريس مبادئ وقواعد إلرساء السياسة العقابية في‬
‫الجزائر تقوـ عمي أساس فكرة الدفاع االجتماعي التي تجعؿ مف تطبيؽ العقوبة وسيمة لحماية‬
‫المجتمع بواسطة إعادة التربية واإلدماج االجتماعي لممحبوسيف ‪ .‬حيث يعامؿ المحبوسوف‬
‫داخؿ المؤسسات العقابية معاممة تصوف كرامتيـ اإلنسانية ٍ‪ ،‬وتعمؿ عمي الرفع مف مستواىـ‬
‫الفكري والمعنوي بصفة دائمة ‪ ،‬دوف تمييز بسبب العرؽ أو الجنس أو المغة أو الديف أو‬

‫‪1‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 180-05‬مؤرخ في ‪ 17‬مايو ‪ 2005‬يحدد تشكيمة لجنة تطبيؽ العقوبات وكيفية سيرىا‬
‫‪2‬‬
‫المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 429-05‬مؤرخ في ‪ 08‬نوفمبر ‪ 2005‬يحدد تنظيـ المجنة الو ازرية المشتركة لتنسيؽ نشاطات‬
‫إعادة تربية المحبوسيف واعادة‬
‫‪ 3‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 431-05‬مؤرخ في ‪ 08‬نوفمبر ‪ 2005‬يحدد شروط وكيفية منح المساعدة االجتماعية والمالية‬
‫لفائدة المحبوسيف المعوزيف عند اإلفراج عنيـ ‪،‬ج ع ‪ 74‬المؤرخ في ‪2005/11/13‬‬
‫‪3‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 109-06‬مؤرخ في ‪ 08‬مارس ‪، 2006‬الجريدة الرسمية عدد‪ 15‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 2006/03/12 4‬يحدد كيفية تنظيـ المؤسسة العقابية وسيرىا‬
‫‪4‬المرسوـ التنفيذي رقـ ‪ 284-06‬مؤرخ في ‪ 21‬أوت ‪، 2006‬ج ع ‪ 53‬الصادرة بتاريخ ‪ ، 2006/08/30‬يتضمف‬
‫تنظيـ المفتشية العامة لمصالح السجوف وسيرىا وميامو‬

‫‪12‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫الرأي ‪ ،‬فمف أجؿ بموغ ىدؼ إعادة إصالح وتربية المحبوسيف إلدماجيـ في الحياة‬
‫االجتماعية والمينية بعد انتياء مدة العقوبة ‪ ،‬البد مف محاولة خمؽ ظروؼ حياة شبو عادية‬
‫‪1‬‬
‫داخؿ المؤسسة العقابية تشبو الحياة في المجتمع بقدر اإلمكاف‪.‬‬
‫المبحث الثانـــي ‪ :‬تطور مفهوم العقوبـــــة‪.‬‬
‫تتفاوت العقوبات بحسب شدتيا وقد تشمؿ العقوبات مثؿ التوبيخ والحرمناف مف‬
‫االمتيازات او الحرية او الغرمات او الحجز او النفي و ايقاع االلـ وعقوبة االعداـ وقد يكوف‬
‫العقاب جزاء ال يتجزاء مف التنشئة االجتماعية ومف تـ تمثؿ معاقبة السموكيات الغير‬
‫المرغوبة ج ازء غالب مف نظامف التربية او التعديؿ السموكي الذي يتضمف االنابة ايضا ‪.‬‬
‫المطمب األول ‪ :‬مفهـوم العقوبــة‪:‬‬
‫عند الحديث عف الجريمة ينصرؼ الذىف مباشرة عمى العقوبة بإعتبارىا الجزاء‬
‫الجنائي الداؿ عمييا حتى أف الجريمة ولوقت غير بعيد كانت تعرؼ الجريمة بالنظر إلى‬
‫األثر المترتب عمييا وىو العقوبة التي يستحقيا مرتكبيا وىو ليس تعريفا لذاتية الجزاء‬
‫الجنائي وانما ىو تعريفو بإعتباره أث ار لمجريمة ‪ ،‬إضافة إلى داللة الجزاء الجنائي عمى العقوبة‬
‫بإعتبارىا مترادفيف مف شأنو أف يسقط جزاء مف رد الفعؿ اإلجتماعي إزاء الجريمة التي‬
‫‪2‬‬
‫التصمح في شأنيا العقوبة وىو التدابير اإلحت ارزية‪(.‬دكتور سعداوي محمد صغير)‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف العقوبة‬
‫يعتبر رد الفعؿ اإلجتماعي إزاء الجريمة إحدى الصورتيف ‪ :‬األولى‪ :‬ىي العقوبة وتتسـ‬
‫البحثية في مواجية جريمة سابقة والثانية ىي التدابير اإلحترازي والذي يتسـ‬ ‫بالصبغة‬
‫بالصبغة الوقائية ‪ ،‬ودقو مواجية الخطورة اإلجرامية المتمثمة في جريمة محتممة ‪ ،‬ومنو فإف‬
‫الجزاء الجنائي بالمفيوـ التقميدي يفترض أف رد الفعؿ يواجو جريمة كاممة األركاف وتوافرت‬

‫‪1‬أبو المعاطي حافظ أبو الفتوح ‪ ،‬سمب الحرية في الشريعة والقانوف الوضعي‪ ،‬المجمة العربية لمدفاع اإلجتماعي العدد‬
‫‪ ، 15‬يناير ‪ ، 1983‬ص ‪230‬‬
‫‪2‬‬
‫سعداوي محمد صغير ‪ ،‬العقوبة وبدائميا في السياسة الجنائية المعاصرة لطمبة الحقوؽ والباحثيف في عمـ اإلجراـ‬
‫والعقاب ‪ ،‬دار الخمدونية الطبعة ‪ ، 2012‬ص ‪.14/13‬‬

‫‪13‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫بشأنيا عناصر المسؤولية الجنائية ليتواصؿ بعد ذلؾ ليشمؿ ردود األفعاؿ التي تواجو حاالت‬
‫ال تكتمؿ فييا عناصر البنياف القانوني لمجريمة ‪ ،‬إما ألف الييكؿ المادي ليذه األخيرة قد‬
‫صدر عف شخص يفتقر لألىمية الجنائية ‪ -‬كالمجنوف‪ -‬واما ألف الفعؿ في ذاتو يفتقد كؿ‬
‫‪1‬‬
‫المظاىر المادية لمجريمة كالتدابير لمواجية المجرميف المدمنيف ‪.‬‬
‫إال أنو حتى يحقؽ الجزاء الجنائي أىدافو البد أف تكوف لو طبيعة فعمية تنفيذية تتخذ مظي ار‬
‫ماديا ممموسا يتحقؽ بو معنى القسر واإلجبار‪.‬‬
‫وبإعتبار التدابير اإلحت ارزية ذات طبيعة وقائية ‪ ،‬فتجدر اإلشارة إلى أف رد الفعؿ اإلجتماعي‬
‫بالمفيوـ التقميدي كاف يتمثؿ في العقوبة أساسا فكاف عقابيا ‪ ،‬وىو يختمؼ عف رد اإلجتماعي‬
‫الوقائي التي يتضمف بناءا عمى التطورات الحاصمة في السياسة الجنائية ‪ ،‬التدابير العامة‬
‫لموقاية اإلجتماعية ‪ ،‬وىي تدابير مانعة لمجريمة كحؿ أزمة السكف واعداد جياز أمف فعاؿ‬
‫وتعميـ إضاءة المدف والشوارع والطرقات وتوفير وتجييز مؤسسات الرعاية المختصة واحتراـ‬
‫الحريات وكفالة التشغيؿ وغيرىا ‪ ،‬فالعقوبة ىي الجزء األساسي لمجزاء الجنائي ‪ ،‬وعميو يمكف‬
‫تعريؼ العقوبة الجنائية بأنيا " إيالـ وزجر قسري مقصود يحمؿ معنى الموـ األخالقي‬
‫واإلستيجاف اإلجتماعي ‪ ،‬تستيدؼ أغراضا أخالقية ونفعية محددة سمفا بناءا عؿ قانوف ‪،‬‬
‫تنزلو السمطة العامة في مواجية الجميع بحكـ قضائي عمى مف تثبت مسؤولية عف الجريمة‬
‫‪2‬‬
‫وبالقد الذي يتناسب معيا‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬خصائص العقوبة‪:‬‬
‫اوال ‪ /‬صفة اإليالم المقصود‪:‬‬
‫ىو تكبيد المجرـ مشقة محددة تشعره بوطأة األثر الذي يرتد غميو مف جراء جريمتو و يوجو‬
‫اإليالـ نحو حؽ مف حقوؽ المجرـ أوؿ نحو مجموعة حقوؽ وتتعدد حقوؽ الفرد التي يتصور‬
‫فرض اإليالـ إنتقاضا منيا واختيار أكثر الحقوؽ صالحية لإلنتقاض مف طرؼ المشرع ‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد عبد العزير محمد السيد الشريؼ ‪ ،‬مدى مالئمة الجزاءات الجنائية اإلقتصادية في ظؿ السياسة الجنائية‬
‫المعاصرة ‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كمية الحقوؽ ‪ ،‬جامعة القاىرة‪ ،‬طبع ‪ ، 2005‬ص‪11‬‬
‫‪2‬سعداوي محمد صغير ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪17/16/15‬‬

‫‪14‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫وىو بصدد وضع سياستو ا لجنائية دفاعا عف المجتمع وتأديبا لمجاني ‪ ،‬والمشرع يختار عادة‬
‫الحقوؽ التي يحرص عمييا الفرد كحقو في الحياة وحقو في سالمة جسمو وفي حريتو‬
‫وسمعتو وذمتو المالية وترتبط شدة العقوبة بشدة الجريمة ويرتبط مقدار اإليالـ بشدة العقوبة‪.‬‬
‫كما يشر المشرع أف اإليالـ عمى المستوى التشريعي بطريقة مجردة ‪ ،‬وفقا لما يتبناه‬
‫لمعايير عامة في سياسة التجريـ والعقاب وعمى أساس ذلؾ يتـ تكييؼ العقوبة وتصنيفيا عف‬
‫درجة اإليالـ التي يستشعرىا المحكوـ عميو مف الناحية الواقعية ‪ ،‬فقد يتبف في حالة محددة‬
‫أف اإليالـ الذي تتضمنو عقوبة ماغير موجع بالنسبة لممحكوـ عميو بيا اال أف ذلؾ ال ينفي‬
‫عنيا صفة العقوبة ‪ ،‬وقد يستشعر المحكوـ عميو أخر اإليالـ الذي تضمنتو عقوبة أخرى‬
‫بطريقة أشد ما يفترضو النموذج التشريعي لمعقوبة ومع ذلؾ يضؿ لمعقوبة وفقا لقدر اإليالـ‬
‫الذي قرره المشرع‪.‬‬
‫وفي األنظمة الحديثة يكاد القاضي يجد نفسو أماـ إختيار مقيد تشريعيا بيف الغرامة‬
‫المالية والعقوبة السالبة لمحرية (السجف أو الحبس) وىو ما دعى بالفقو الجنائي إلى زيادة‬
‫‪1‬‬
‫الدفع بالعقوبات البديمة‪.‬‬
‫ويتربط اإليالـ ‪ -‬بإعتباره جوىر العقوبة – بالتطور الذي حصؿ في األغراض التي يستيدفيا‬
‫المجتمع بالعقاب فكؿ مجتمع يختار الطريقة التي يراىا مناسبة إلشعار المحكوـ عميو‬
‫بالعقوبة ‪.‬‬
‫واليكفي لمعقوبة أف يتوافر فييا عنصر اإليالـ فقط بؿ يجب أف يكوف مقصودا بو عقابيا‬
‫معب ار عف سخط إجتماعي كجزاء مح دد إتجاه الجاني وتبعا لذلؾ التعتبر عقوبة اإلجراءات‬
‫ضد المشتبع فيو كإلجراءات القبض وتفتيش بيتو وحبسو مؤقتا بإعتباره متيما وليس محكوـ‬
‫عميو فيذه اإلجراءات ينتفي فييا العقاب واف كانت تتضمف ألما معيف‪.‬‬
‫وقد كاف اإليالـ مقصودا لذاتو سابقا حيث كاف قدار العقوبة ىو تحقيؽ أكبر قدر‬
‫مف الردع وكاف المحكوـ عميو شخصا متحق ار منبوذا فكاف اإليالـ تعبي ار عف ذلؾ اإلحتقار‬

‫‪1‬‬
‫سعداوي محمد صغير‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪17/16/15‬‬

‫‪15‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫اال انو مع تطور الغرض مف العقاب فقد أصبح اإليمـ مقصور إلصالح المحكوـ عمية‬
‫وتفادي عودتو إلى الجريمة ومع ذلؾ ال يخفى أف تحقيؽ اإلصالح عف طريؽ اإليالـ مسألة‬
‫شائكة فما لـ تنضـ مسألة اإليالـ في إطار معاممة عقابية صائبة فإف قدرة العقوبة وعمى‬
‫وجو الخصوص السالبة لمحرية منيا عمى تحقيؽ أغراضيا الجديدة فسوؼ تضعؼ إلى أبعد‬
‫‪1‬‬
‫الحدود وىذه أكثر مشكالت عمـ العقاب تعقيدا وىي ما يطمؽ عيو التناقض في عمـ العقاب‪.‬‬
‫ثانيا ‪ /‬داللة العقوبة عمى الموم األخالقي واإلستهجان اإلجتماعي لمجريمة‪ :‬يعبر المجتمع‬
‫عف لومو لمجاني وعف إستيجانو لذلؾ السموؾ فمعاقبة الجاني معناه أف المجتمع قيـ سموؾ‬
‫الجاني أخالقيا فإتضح أف الجاني قد حو إرادتو توجييا خاطئا فألحؽ ضر ار بقيمة إجتماعية‬
‫تحمييا قاعدة قانونية ‪ ،‬وكمما إرتفع ما تتضمنو العقوبة مف إيالـ كمما درجة تعبيره عف الموـ‬
‫وحدة كشفيا عف الوصمة اإلجتماعية وىنا تظير أىمية عنصر اإلستيجاف اإلجتماعي العاـ‬
‫في وضع قواعد التجريـ والعقاب في السياسة الجنائية لمدولة‬
‫ومتى كانت السياسة التشريعية غير قادرة عمى إحداث اإلنسجاـ بيف درجة اإليالـ‬
‫واإلستيجاف اإلجتماعي فإف ىذه السياسة التكوف ردة فعؿ إجتماعي تعبر عف الشعور العاـ‬
‫وانما ىي األقرب إلى الرغبة الشخصية لممشرع أو ىي اإليالـ يعبر عف اإلستيجاف‬
‫اإلجتماعي لمجتمع أخر لمثؿ ىذه الجريمة وىذا ما نالحظو في التشريعات التي تستورد‬
‫سياستيا الجنائية كما تستورد السمع الغذائية بالرغـ مف إتفاؽ جميع فقياء السياسة الجنائية‬
‫‪2‬‬
‫في ذاتيا وخصوصياتيا ووطنتييا‪.‬‬
‫ثالثا ‪ /‬إستهداف العقوبة أغراضا نفعية وأخالقية ‪:‬يسيدؼ أغراضا تنسجـ مع طبيعة القانوف‬
‫الجنائي ومع أىمية النتيجة التي تحدثيا العقوبة عمى السموؾ اإلنساني لممجرـ وعمى الشعور‬
‫العاـ بإرساء قواعد العدالة وقياميا وتتربط أغراض العقوبة بإعتبارىا وسيمة إرتباطا وثيقا‬
‫بتطور العقوبة وتطور السياسة الجنائية وقد إختمفت تمؾ األغراض في األسس التي إستندت‬

‫‪1‬‬
‫محمد عبد العزيز محمد السيد لشريؼ ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫سعداوي محمد صغير مرجع سابؽ ص ‪.21/ 20//19/18/17‬‬

‫‪16‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫إلييا واستمدت منيا وجودىا وفي مرحمة معينة كاف غرض العقوبة اإلنتقاـ الفردي ‪ ،‬وكاف‬
‫ذالؾ قبؿ مفيوـ الدولة وىو رد غريزي ال يستند إلى أسس فمسفية والفكرية ومف األسس ما‬
‫كاف وليد ظروؼ تاريخية معينة خاصة بحقبة بعينيا إال أف معظـ األغراض ألخرى كانت‬
‫نتيجة تأصيؿ فقيي ودراسات تجريبة ‪ ،‬ويمكف اإلستطالع عمى المجموعة األولى باألغراض‬
‫اإلنتقامية ‪ ،‬أما المجموعة الثانية التي ليا أساس فكري وفمسفي فتقسـ إلى مجموعتيف‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫األغراض األخالقية لمعقوبة (تحقيؽ العدالة) واألغراض النفعية لمعقوبة (تحقيؽ الردع)‪.‬‬
‫رابعا ‪ /‬شرعية العقوبة‪ :‬تجمع التشريعات الجنائية الحديثة عمى قاعدة الجريمة والعقوبة إال‬
‫بنص وقد جسدت التشريعات ىذه القاعدة في قوانينيا واعتبرتيا قاعدة دستورية كما ىو الحاؿ‬
‫‪2‬‬
‫عند المشرع الجزائري‪.‬‬
‫إال أف التحديد المسبؽ لمعقوبة واف كاف يخدـ الردع العاـ بسابؽ اإلعالف إال انو‬
‫ال ينسجـ مع غرض التأىيؿ واإلصالح ألنو عند حيف يكوف الغرض مف العقوبة ىو‬
‫إلصالح فإف المنطؽ ىنا يقتضي أحد األمريف إما أف يكوف كؿ مف القاضي والمشرع عمى‬
‫عمـ بمقدار العقوبة الكافية لكؿ مجرـ عمى حد وىذا مستحيؿ وتواجيو إشكالية عممية ىي‬
‫كوف العممية قاعدة مجردة والحاؿ ىنا تقتضي تفريد العقوبة واما أف يمتمؾ القاضي سمطة في‬
‫تق رير العقوبة المناسبة بعد تكامؿ معموماتو عف المجرـ والثانية أولى وأقرب إلى المنطؽ وىي‬
‫التقنية التي تبنى عمييا الشريعة اإلسالمية سياستيا الجنائية بشأف جرائـ التعزيز ‪ ،‬كما أف‬
‫بعض التشريعات المعاصرة تعمد عمى إضفاء بض المرونة عمى صفة التحديد المسبؽ‬
‫لمعقوبة كمما إرتفع ت قيمة التأىيؿ واإلصالح كغرض لمعقوبة حيث تترؾ بيف أيدي القضاة‬
‫سمطة تفريد النطؽ بالعقاب بإختيار القدر المناسب منو لحالة المتيـ في إطار الحدود التي‬
‫ينص عمييا القانوف ‪.‬‬

‫‪ 1‬أحمد عوض بالؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.150‬‬


‫‪2‬المادة ‪ 01‬مف قانوف العقوبات الجزائري ‪ ،‬االمر رقـ ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر ‪ 1386‬الموافؽ ؿ ‪ 08‬ينويو‬
‫‪ 1966‬الدي يتضمف قانوف العقوبات المعدؿ والمتمـ ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫إال أف التشريعات تراوحت بيف تشريعات يسمح لمقاضي بتخفيؼ العقوبة دوف‬
‫الحد األدنى المنصوص عميو أو تشديدىا فوؽ الحد المقرر ومنيا تمنحو سمطة اإلعفاء‬
‫القضائي ومنيا التي تعطيو سمطة في إختيار الطريقة التي يتـ بيا تنفيذ العقوبة ومنيا تخولو‬
‫النطؽ بالعقوبة ووقؼ تنفيذىا وقد يسمح لمقاضي أحيانا بالجمع بيف أكثر مف وسيمة وتفردت‬
‫الشريعة اإلسالمية بمنيجيا في منح القاضي سمطة العقاب في جرائـ التعزيز وتقرف ذلؾ‬
‫بتشديدىا في شروط ميمة القضاء ‪ ،‬ويعتبر المشرع الجزائري مف المشرعيف الذيف لـ يعطوا‬
‫لمقاضي سمطة تقرير العقوبة وانما تولي المشرع ذلؾ ‪ ،‬إال اف لمقاضي سمطة في إختيار‬
‫العقوبة التي يراىا مناسب ة مف بيف العقوبات التي حددىا المشرع لمجريمة كاإلختيار بيف‬
‫العقوبة السالبة لمحرية وبيف الغرامة ف كما أجاز الجمع بيف العقوبتيف معا ‪ ،‬كما أعطاه‬
‫سمطة تخفيؼ وتشديد العقوبة ‪ ،‬كما أعطاه سمطة النطؽ بالعقوبة ووقؼ تنفيذىا كما ىو‬
‫الحاؿ في عقوبة اإلعداـ‪.‬‬
‫خامسا ‪ /‬شخصية العقوبة ‪:‬القاعدة أف اإليالميمحؽ بمف تثبت مسؤوليتو عف الجريمة دوف‬
‫أي شخص أخر ميما كانت عالقتو بو ‪ ،‬ذاؾ أف اإليالـ يقصد بو تحقيؽ أغراض أخالقية‬
‫ونفعية محددة محميا شخصية المجرـ وليس غيره وىذه القاعدة مستمدة مف قاعدة شخصية‬
‫المسؤولية الجنائية التي مفادىا أف اليداف شخص عف فعؿ ليس مف صنعو وىي قاعدة‬
‫عرفتيا الشرائع السماوية ومنيا اإلسالـ ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أف الطابع الشخصي لمعقوبة مف النظاـ العاـ فيو ليس مقرر لصالح‬
‫األفراد حتى يسمح ليـ باإلتفاؽ عمى مخالفتو‪.‬إال أف المبدأ بعض الإلستثنئات أىميا أرباب‬
‫األعماؿ أو األشخاص المعنوية دفع العقوبة المالية (الغرامة) المحكوـ بيا عمى تابعييـ أو‬
‫العامميف لدييـ ومف ذلؾ ما تقتضي بو المادة ‪ 21‬مف قانوف المرور الفرنسي مف أنو يجوز‬
‫لممحكمة أف تمزـ رب العمؿ بدفع الغرامات المحكوـ بيا عف المخالفات التي يرتكبيا السائؽ‬

‫‪18‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫وفي الحاالت ليس ىناؾ بمبدأ شخصية المسؤولية الجنائية ‪ ،‬فرب العمؿ ىنا ال يمثؿ أما‬
‫‪1‬‬
‫محكمة جنائية واليسجؿ حكـ اإلدانة في صفيحة سوابقو وانما ىو ضامف لتفيذ العقوبة‪.‬‬
‫سادسا ‪ /‬أمام العقوبة ‪ :‬ىي إنعكاس الخاصية مف خصائص القاعدة القانونية وىي‬
‫العمومية ومفاد ذلؾ أف نصوص القانوف التي تقرر العقوبات تسري عمى جميع األفراد دوف‬
‫تفرقة بينيـ والتعني المساواة خرقا لمبدأ تفريد العقوبة فالقاضي سمطة تقديرية تتيح لو أف‬
‫يتخير لكؿ مف المجرميف العقوبة األكثر مالئمة لظرفو وتكوينو ولو كانوا إرتكبوا نفس الفعؿ‬
‫بشرط أف ال يتجاوز الحدود القانونية لمعقوبة ورغـ تسميـ الفقو بيذه الخصيصة إلى حد‬
‫إعتبارىا أحد مبادئ القانوف الجنائي فإف البعض يشكؾ في واقعية المساواة في الخضوع‬
‫‪2‬‬
‫لمعقوبة ‪ ،‬فالمشرع نفسو يتنكر ليذا المبدأ أحيانا عف طريؽ تقرير حؽ العفو‪.‬‬
‫ىذا المبدأ دستوري تقرره الدساتير الحديثة التي توجب المساواة بيف الناس في‬
‫الحقوؽ والواجبات ويحافظ مبدأ المساواة عمى شرعيتو و قوتو في مواجية مف يتمتعوف‬
‫بالحضانة فالحضانة الترتب إعفاءا موضوعيا في العقاب وانما إجرائي إلعتبارات المالئمة‬
‫والتعني المساواة أف ذات العقوبة يجب النطؽ بيا عمى ذات النحو وبذات القدر عمى كافة‬
‫المتيميف بإرتكاب جريمة معينة في الحاالت الواقعية عمى إختالفيا وال أف ذات الكفية في‬
‫التنفيذ يمزـ إتباعيا في مواجية كافة المحكوـ عمييـ بنفس العقوبة عمى مثؿ تمؾ الجريمة‬
‫‪3‬‬
‫وغنما ىي التعامؿ مع كؿ حالة بمقتضاىا‪.‬‬
‫سابعا ‪ /‬التناســـب‪ :‬يعتبر التناسب أحد أكبر المبادئ الكبرى في عمـ العقاب وقد تعاظمت‬
‫أىمية مبدأ التناسب حتى صار أحد مقومات السياسة الجنائية الرشيدة ‪ ،‬إذا كمما تناسبت‬
‫العقوبة الحمكوـ بيا مع درجة الجرـ المرتكب كمما زاد ذلؾ مف القيمة اإلقناعية لمقاعدة‬
‫الجنائية بما يكفؿ تحقيقيا لوظيفة الردع المرجوة منيا والثابت أف مقدار اإليالـ ىو تعبير عف‬

‫‪1‬‬
‫أحمد عوض بالؿ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪2‬سميماف عبد المنعـ ص ‪437‬‬


‫‪3‬سميماف عبد المنعـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪437‬‬

‫‪19‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫رد الفعؿ اإلجتماعي وعميو فإف المجتمعات تختمؼ في قيمة رد الفعؿ لكنيا تتفؽ في مبدأ‬
‫التن اسب وكما ىو الحاؿ عند المشرع الجزائري في جريمة الزنا حيث قرر ليا الحبس مف‬
‫سنة إلى سنتيف في المادة ‪ 339‬مف ؽ ع الحالي فال تناسب بيف ما تخمقو الجريمة مف‬
‫ضرر إجتماعي وبيف العقوبة المقررة ليا ‪.‬‬
‫فالتناسب يقوـ عمى دعامتيف ‪ :‬التفريد التشريعي والتفريد القضائي ‪ ،‬ففي التفريد التشريعي‬
‫يراع المشرع مدى التناسب بيف األفعاؿ المجرمة والعقوبات المقررة ليا أما التفريد القضائي‬
‫فمحورة شخصية الجاني ‪ ،‬فيراعي القاضي فيو ما ىي العقوبة األنسب ليذا المجرـ مف بيف‬
‫‪1‬‬
‫العقوبات التي قررىا المشرع لذلؾ الجرـ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ /‬قضائية العقوبة‪ :‬مف أىـ ضمانات العقوبة وسماتيا األساسية أنيا ال توقع إال بحكـ‬
‫قضائي يعقد المسؤولية الجنائية لمجاني ويقرر لو العقاب الالزـ ويكوف ىذا الحكـ ىو السند‬
‫التنفيذي الذي يستعمؿ لتستوفي الدولة حقيا مف المجرـ ‪ ،‬ومعنى ذلؾ أف ليس ىناؾ مف‬
‫وسيمة أخرى يتقرر بيا العقاب عدا الحكـ القضائي الصادر مف المؤسسة القضائية بإعتبارىا‬
‫سمطة مف السمطات العامة التي تحكـ بإسـ المجتمع تتوافر فييا الحيدة والنزاىة والتخصص‬
‫ومف مظاىر الخروج أيضا عمى بدأ قضائية العقوبة في بعض التشريعات أف يعيد إال جيات‬
‫إدراية ذات إختصاص قضائي سمطة النطؽ بالعقوبات الجنائية‪.‬‬
‫المطمب الثاني ‪ :‬تقسيم العقوبـــات‪:‬‬
‫لمعقوبة عدة تقسيمات نوجزىا فيما يمي مف حيث جسامتيا تقسـ إلى عقوبات الجنايات‬
‫وعقوبات الجنح وعقوبات المخالفات وىو مايعرؼ بالتقسيـ الثالثي لمجرائـ والعقوبات ومف‬
‫حيث محميا تنقسـ إلى عقوبات بدنية وعقوبات ماسة بالحرية وعقوبات بالحقوؽ أو الشرؼ‬
‫أو اإلعتبار فمف حيث مدتيا تقسـ إلى عقوبات مؤبدة عقوبات مؤقتة أما مف حيث أصمتيا‬
‫أو تبعيتيا فتقسـ إلى عقوبات أصمية و تكميمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سعداوي محمد صغير مرجع سابؽ ص ‪25/24/23‬‬

‫‪20‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العقوبة السالبة لمحرية‪:‬‬


‫في الوقت الذي كانت تسود فيو العقوبات البدنية إباف العصور الوسطى مثؿ‬
‫اإلعداـ وبتر األعضاء والجمد ‪ ،‬لـ تكف الدرسات العقابية لتشغؿ باؿ الفالسفة والفقياء‪ ،‬حيث‬
‫إف تنفيذ العقوبات لـ يطرح أي إشكاؿ يستدعي الدراسة ‪ ،‬كما أف تنفيذىا كاف اليستغرؽ وقتا‬
‫طويال ألف السجوف في تمؾ الفترة لـ تكف مكانا تنفذ فيو العقوبة بؿ مجرد ممجأ لمفقراء‬
‫والمتشرديف أو مكانا لمتحفظ عمى المتيميف في إنتظار محاكمتيـ وتنفيذ العقوبة البدنية عمييـ‬
‫‪ ،‬وعميو فإف بداية ظيور مالمح السياسة العقابية يرتبط إرتباطا وثيقا بظيور العقوبات‬
‫السالبة لمحرية في أوخر القرف الثامف عشر ‪ ،‬حيث بدأ إىتماـ الفالسفة والفقياء ورجاؿ‬
‫القانوف بالسجوف ومعاممة المساجيف حيث إعتبروا السجف بمثابة األداة الرئيسية لتنفيذ‬
‫العقوبات فيو ف حيث كانت نقطة اإلنطالؽ الحقيقي في ظيور السياسة العقابية عندما بدأت‬
‫الدراسات تيتـ بفكرة اإلصالح لمجاني وتيذيبو التي أخذت مكانيا في الفكر العقابي حيث‬
‫أصبحت اليدؼ الرئيسي مف العقوبة فتغيرت النظرة إلى المجرـ عمى أنو شخص عاديا دفعتو‬
‫ظروؼ إجتماعية ونفسية إلرتكاب الجريمة ومف ىنا بدأت الدراسات العقابية تولي عناية‬
‫خاصة لفكرة عالج واصالح المحكوـ عمييـ وتأىيميـ مف أجؿ إعادة إدماجيـ في المجتمع‬
‫‪1‬‬
‫بعد اإلفراج عنيـ حتى يكونوا في المستقبؿ أفراد صالحيف‪.‬‬
‫وىناؾ عدة عوامؿ ساىمت في ظيور وتطور الدراسات العقابية نذكر منيا‪:‬‬
‫أ‪ /‬العامل الديني ‪ :‬لقد كاف ظيور الديانة المسيحية أثره إيجابي في تغيير النظرة إلى المجرـ‬
‫مف شخص منبوذ وشرير سيطرت عميو االرواح الشريرة والجدوى في عالجو إلى شخص‬
‫مذنب يمكف إعادتو لمطريؽ الرشاد والتوبة ‪ ،‬و في ظؿ ىذه الظروؼ ظيرت فكرة "العزؿ في‬
‫الزنزانة" التي ترمي إلى تذكير المذنب بجريمتو ودفعو إلى التأمؿ فيما إقترفو مف ذنب مف‬
‫أجؿ التوبة والندـ وىكذا نشأت السجوف اإلنفرادية ويرجع الفضؿ في ظيور ىذه الفكرة إلى‬
‫" حيث جاء في مؤلفة " تأمالت حوؿ‬ ‫القديس "جاف مابيوف ‪JEAN MABILLON‬‬

‫‪1‬‬
‫عمر خوري ‪ ،‬مرجع سابؽ ص ‪.23 -22‬‬

‫‪21‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫السجوف الدينية" بفكرة السجف اإلنفرادي لما لو مف دور إيجابي في إصالح وتقويـ المحكوـ‬
‫‪1‬‬
‫عميو مع مراعاة إصالح أحوالو بتوفير الظرؼ الصحية داخؿ السجف‪.‬‬
‫ب‪ /‬العامل السياسي‪ :‬شيدت دوؿ أروبا في أواخر القرف الثامف عشر تطو ار كبي ار في المجاؿ‬
‫اليساسينتيج ة لغنتشار المبادئ الديمقراطية التي نادى بيا العديد مف الفالسفة ‪،‬والمفكريف‬
‫خاصة ما تعمؽ منيا بمفيوـ الحريات الفردية والمساواة بيف األفراد في الخقوؽ والواجبات‬
‫والفضؿ في ذلؾ يرجع إلى كؿ مف " روسو " و " فولتير" و "مونتيسكيو" فكاف مف الضروري‬
‫وفيؤ ظؿ األفكار الجديدة أف تتطور الدراسات العقابية واف تتغير النظرة إلى المجرـ ‪ ،‬فمـ‬
‫يعد الجاني مواطنا مف الدرجة الثانية بؿ أصبح مواطنا مثمو مثؿ بقية أفراد المجتمع لو ما‬
‫ليـ مف حقوقو وعميو ما عمييـ مف واجبات ‪ ،‬لذا تـ اإلعتراؼ لممحكوـ عمييـ بكافة الحقوؽ‬
‫كالحؽ في التعميـ والحؽ في الرعاية الصحية والحؽ في العمؿ واإلعتراؼ بيذه الحقوؽ ألقى‬
‫عمى كاىؿ الدولة واجب الرعاية لممحكوـ عمييـ واصالحيـ وأىيميـ وتيذيبيـ إلعادة إدماجيـ‬
‫‪2‬‬
‫بالمجتمع‪.‬‬
‫ج‪/‬عامل تطور العموم اإلنسانية‪ :‬لقد ساىـ التطور الكبير الذي عرفتو العموـ اإلنسانية في‬
‫تطور‪ ،‬وتقدـ الدراسات العقابية واألسس التي كانت تحطـ تنفيذ العقوبات ويعتبر عمـ اإلجراـ‬
‫مف بيف مف أىـ العموـ التي ساىـ تطورىا في تقدـ الدراسات واألبحاث العقابية حيث إنصب‬
‫ىذ ا العمـ في البحث والكشؼ عف أسباب الظاىرة اإلجرامية بإعتبارىا ظاىرة إجتماعية ‪،‬‬
‫سواءا كانت أسبابا شخصية تتصؿ بالجاني نفسو أو أسبابا إجتماعية تتصؿ بالمحيط الذي‬
‫يعيش فيو الجاني بيذه الطريقة ساعد عمـ اإلجراـ في توجيو المعاممة العقابية نحو إستئصاؿ‬
‫أسباب الجريمة ودراسة حالة كؿ جاني وىذا ما يسمى بنظاـ " تصنيؼ المحكوـ عمييـ " تبعا‬
‫لنوع العوامؿ اإلجرامية التي دفعتو إلى إرتكاب الجريمة وبما يتفؽ وشخصية وظروؼ كؿ‬
‫جاني ‪ ،‬وما كاف لمدرسات العقابية أف تتقدـ إال بظيور عمـ النفس الذي ساعد الباحثيف عمى‬

‫‪ 1‬محمود نجيب حسني ‪ ،‬دروس في عمـ اإلجراـ والعقاب ‪ ،‬دار النيضة العربية القاىرة ‪ 1982 ،‬ص ‪.218‬‬
‫‪2‬‬
‫عمر خوري ‪ ،‬مرجع سابؽ ص ‪.24‬‬

‫‪22‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫التعرؼ عمى الظروؼ النفسية لممحكوـ عمييـ حسب كؿ جريمة وعمـ اإلجتماع الذي ساعد‬
‫الباحثيف في مجاؿ الدراسات العقابية في تحديد العوامؿ التي تؤثر عمى عالقة الجاني بالبيئة‬
‫اإلجتماعية ال تي يعيش فييا والتي يمكف أف تجعؿ مف الجاني فردا صالحا في المجتمع‬
‫‪1‬‬
‫تجعؿ منو فردا خطي ار ييدد الكياف اإلجتماعي المحيط بو‪.‬‬
‫ما مف شكفي أف القانوف يعتبر أولى اإلبتكارات الجادة لمواجية الجريمة بشكؿ‬
‫واقعي ‪ ،‬وعمى أساس ذلؾ فقد إىتمت النظـ القانونية القديمة إىتماما شديدا لمسألة تحديد‬
‫الجرائـ والعقوبات التي توقع عمى مرتكبييا وكانت العقوبات في تمؾ القوانيف أقؿ ما يقاؿ‬
‫عمييا ‪،‬أنيا بدائية وقاسية وتتخطى جسامة الفعؿ المرتكب في بعض األحياف ‪ ،‬لكف تطرىا‬
‫تدريجيا لتخؼ حدتيا وتنجسـ مع األىداؼ المرجوة مف توقيعيا خصاصة مع ظيور‬
‫العقوبات السالبة لمحرية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مفهوم العقوبات السالبة لمحرية‪ :‬يعد السجف مف المصطمحات تحمؿ معنييف أحدىما‬
‫عضوي ‪ ،‬و األخر موضوعي إذ يدؿ في الوقت ذاتو عمى العقوبة التي تفرض عمى الجاني‬
‫والمكاف الذي يقضي فيو عقوبتو ‪ ،‬أما يخص تعريفو فقد وردت في شأنو تعريفات قميمة نذكر‬
‫منيا تعريؼ بني تيمية والذي قاؿ فية أنو ىو تعويؽ الشخص ومنعو مف التصرؼ وعرفو‬
‫الكساني عمى أنو ىو منع الشخص مف الخروج إلى أشغالو وميماتو الدينية واإلجتماعية ‪،‬‬
‫وأما قانونا فيعرؼ عمى أنو األداة القانونية التي أوجدىا المشرع لتنفيذ أحكامو وق ارراتو‬
‫الصادر ضد المتمرديف عمى أمره عمى العاصيف والخارجيف عمى المجتمع كما تقوؿ المدرسة‬
‫القانونية عمى أف السجف ىو المكاف المخصص لتنفيذ العقوبات السالبة لمحرية‬
‫أما العقوبة السالبة لحرية في حد ذاتيا فإنيا تعرؼ بصفة عامة بإنيا تمؾ العقوبة‬
‫التي تقوـ عمى إحتجاز المحكوـ عميو في مكاف معد لذلؾ طيمة مدة العقوبة ويمتزـ بالخضوع‬
‫أثناء ذلؾ إلى برنامج إصالحي تربوي يومي ومحدد أما إجرائيا فتعرؼ عمى أنيا مايصدر ف‬

‫‪ 1‬محمود نجيب حسني ‪ ،‬دروس في عمـ اإلجراـ والعقاب ‪ ،‬دار النيضة العربية القاىرة ‪ 1982 ،‬ص ‪.218‬‬

‫‪23‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫المؤسسة القضائية مف أحكاـ في حؽ المذنبيف والتي تقضي بحرماف المحكوـ عمييـ مف‬
‫حريتيـ وذلؾ بإيداعيـ في مؤسسة عقابية بقصد إصالحيـ وتأىيميـ ‪.‬‬
‫إف تسمية العقوبة السالبة لمحرية تأخذ مصدرىا مف طبيعة الموضوع الذي تنصب‬
‫عميو إذا ىي تقع عمى حؽ مف الحقوؽ أال وىو الحؽ في حرية التنقؿ والحركة ‪ ،‬فيذه‬
‫العقوبة تأتي لتضع إعاقة عوقيد عمى ىذا الحؽ فتمنع الشخص مف التنقؿ والحركة لفترة‬
‫زمنية تكوف محددة وفقا لمقانوف (مبدأ شرعية العقوبة) ويقررىا بناءا عمى ذلؾ الحكـ القضائي‬
‫(مبدأ قضائية العقوبة) وفقا لذلؾ يتـ إلزاـ المعني إقامة جب ار السجف ويتـ إخضاعو خالؿ تمؾ‬
‫الفترة إلى برامج اإلصالح والتيذيب الكفيمة إلعادة تأىميو وادماجو في المجتمع و يقصد‬
‫بالعقوبات السالبة لمحرية حرماف المحبوس مف حريتو عف طريؽ إيداعو مؤسسة عقابية بناء‬
‫‪1‬‬
‫عمى حكـ قضائي صادر بإدانتو‪.‬‬
‫كما أف أغمب التشريعات تميزبيف نوعيف مف العقوبات السالبة لمحرية وىي السجف‬
‫الذي يكوف لمدة معتبرة قد تصؿ في بعض التشريعات عمى المؤبد مقارنة بالحبس الذي تبدو‬
‫مدتو أقؿ طوال ‪ ،‬بينما في بعض التشريعات األخرى تزيد إضافة إال ماسبؽ األعماؿ الشاقة‬
‫كحاؿ المشرع التونسي فيؤ حاؿ تجاوز مدة األسر أكثر مف ‪ 10‬سنوات بينما نجد القانوف‬
‫‪2‬‬
‫الكويتي اليميز بتاتا بيف ىذه المدد ويدخميا جميعيا في مصاؼ الحبس‬
‫فالذي يعنينا أكثر ىو خاصة الحبس القصير المدة ويمكف تعرؼ الحبس طبقا‬
‫لمقتضيات ؽ ع ج (بأنو عقوبة تقضي سمب حرية المحكوـ عميو بيا طيمة المدة المححدة‬
‫في الحكـ ) والتي تترواح بيف يواـ واحد و‪ 05‬سنوات ما عدا الحالة التي يقر فيو القانوف‬
‫حدودا أخرى ‪ -‬المؤسسات العقابية – واخضاعو أثناء برنامج اإلصالح المقررة مف ىذه‬
‫‪3‬‬
‫األخيرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد اهلل بف عمي الخثمي ‪ ،‬بدائؿ العقوبات السالبة لمحرية بيف الواقع والمأموؿ ‪ ،‬دراسة ميدانية في القضاء السعودي‬
‫والعدالة الجنائية ‪ ،‬جامع نايؼ العربية لمعموـ األنية ‪ 2008‬ص ‪.25‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد عوض بالؿ ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪333‬‬
‫‪ 3‬محمود نجيب حسني ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪423 - 206‬‬

‫‪24‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫خصائص العقوبات السالبة لمحرية‪ -01 :‬أنيا عقوبة جاءت كبديؿ لمعقوبة البددنية التي‬
‫كانت معروفة في األنظمة القديمة وأنيا كانمت في البداية عبارة إجراء مؤقت بحيث يتمحجز‬
‫المتيـ في مكاف ما ريثما يتـ تقرير العقوبة وتطبيقيا عميو‪.‬‬
‫‪ -02‬أنيا عقوبات تنصب عمى حرية األشخاص فتعيؽ حركاتييـ وتنقالتيـ وحتى تعبيرىـ‬
‫وذلؾ مف خالؿ وضع المدانة مف مكاف اليتطيع التواصؿ فيو مع العالـ الخارجي إال مف‬
‫خالؿ الزيارات التي يسمح بيا لذويو ولمف أراد ذلؾ بشكؿ عاـ ‪ ،‬وىذا يجعؿ المحبوس في‬
‫وضعية اليستطيع فيو القائـ باألمور التي تدخؿ في الحياة العادية لألفراد والتي كاف يقوـ بيا‬
‫قبؿ ذلؾ‪..‬‬
‫‪ -03‬أنيا تختمؼ بإختالؼ جسامة الفعؿ المرتكب وعمى أساس ذلؾ فكمما كاف العمؿ شنيعا‬
‫كمما زادت مدة العقوبة‪ ،‬وعمى أساس تمؾ الجسامة يميز القانوف في العادة بيف الجنايات‬
‫والجنح والمخالفات ويفرد ليا سمبا لمحرية تزداد مدتو كمما زادت جسامة الفعؿ وىذا ماتبناه‬
‫‪1‬‬
‫المشرع الجزائري في المادة ‪ 5‬مف ؽ ع ج‪.‬‬
‫‪ -04‬تتسـ العقوبات السالبة لمحرية بأنيا عقوبات اصمية وليست تكميمية إذ يجوز الحكـ بيا‬
‫دوف أف تقترف بيا أي عقوبة أخرى عمى عكس العقوبة التكميمة التي اليجوز الحكـ بيا‬
‫مستقمة عف العقوبة األصمية فيما عدا الحاالت التي ينص عمييا قانوف العقوبات في المادة‬
‫(‪ ، 2)03-02/04‬ومف ىنا يتجمى اإلختالؼ الموجود بيف العقوبات السالبة لمحرية وبعض‬
‫األنظمة المماثمة لو كالحجز والحبس المؤقت وأنو لمف األىمية لذلؾ أف نميز بيف العقوبات‬
‫‪3‬‬
‫السالبة لمحرية طويمة والعقوبات السالبة لمحرية القصيرة المدة‪.‬‬
‫لقد ثار جدؿ فقيي حوؿ مدى جدوى تعدد ىذه العقوبات مف جية وحوؿ إلغاء‬
‫العقوبات السالبة لمحرية قصيرة المدة أو اإلبقاء عمييا ف جية أخرى‪.‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 5‬مف ؽ ع ج‪ .‬مرجع سابؽ ‪.‬‬


‫‪ 2‬القانوف ‪ 02-04‬فقرة ‪ 03‬ؽ ع ج‪ ،‬مرجع سابؽ ‪.‬‬
‫‪ 3‬الدكتور عبد الرحماف خمفي ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪،‬ص ‪.23‬‬

‫‪25‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ /01‬العقوبات السالبة لمحرية بين التوحيد والتعدد‪ :‬لتوضيح مشكمة توحيد العقوبات السالبة‬
‫لمحرية ‪ ،‬يتعيف عمينا تبياف مضموف مشكمة التوحيد وتطورىا ‪ ،‬ثـ حجج المؤيديف‬
‫والمعارضييف وفي األخير موقؼ التشريعات المقارنة‪.‬‬
‫‪ /02‬مضمون مشكمة التوحيد وتطورها‪ :‬ثار خالؼ فقيي مسألة تعدد العقوبات السالبة‬
‫لمحرية تبعا لجسامة الجريمة أو توحيد العقوبات السالبة في عقوبة واحدة بتسمية موحدة‬
‫تتفوت مدتيا مف جريمة إلمى أخرى ومف مجرـ ألخروظيرت ىذه المشكمة لدى اإلتجاه‬
‫الحديث الذي يتبنى القسـ الثالثي لمجريمة حسب نوع ومقدار العقوبة عمى أف تختمؼ المدة‬
‫بإختالؼ الظرؼ المثصمة بجسامة الجريمة وحالة الجاني اإلجتماعية والشخصية‪.‬‬
‫موقف المشرع الجزائري من فكرة التوحيد‪ :‬إف موقؼ المشرع مف فكرة توحيد العقوبات‬
‫السالبة لمحرية في عقوبة موحدة مف اإلتجاىيف ‪ :‬فبالرجوع إلى المادة ‪ 05‬مف قانوف‬
‫العقوبات التي تنص عمى مايمي‪:‬‬
‫‪ -‬العقوبات األصمية في مواد الجنايات‪:‬‬
‫‪ -01‬اإلعػ ػ ػ ػػداـ‪.‬‬
‫‪ -02‬السجػف المػؤبػد‪.‬‬
‫‪ -03‬السجف المؤقت لمدة تترواح بيف ‪ 05‬سنوات و‪ 20‬سنة‪.‬‬
‫‪ -‬العقوبات األصمية في مادة الجنح‪:‬‬
‫‪ -01‬الحبس لمدة تتجاوز شيريف إلى ‪ 05‬سنوات ماعدا الحاالت التي يقرر فييا القانوف‬
‫حدود اخرى‪.‬‬
‫‪ -02‬الغرامة المالية التي تتجاوز ‪20000‬دج‪.‬‬
‫‪ -‬العقوبات األصمية في مادة المخالفات ‪:‬‬
‫‪ -01‬الحبس مف يوـ واحد عمى األقؿ إلى شيريف عمى األكثر‪.‬‬
‫‪ -02‬الغرامة مف ‪2000‬دج إلى ‪20000‬دج‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات السالبة لمحرية قصيرة المدة‪:‬‬


‫تمثؿ مشكمة العقوبات السالبة لمحرية قصيرة المدة أىـ المشكالت التي واجيت‬
‫السياسة العقابية الحديثة ‪ ،‬لما تثيره مف تعقيدات وصعوبات تتعمؽ بفاعمية ىذه السياسة في‬
‫‪1‬‬
‫تحقيؽ أغراض العقوبة المختمفة خاصة الغرض اإلصالحي والتربوي والتأىيؿ‪.‬‬
‫*األثار السمبية لمعقوبة السالبة لمحرية ‪:‬األثار السمبية لمعقوبات السالبة لمحرية تعود إما‬
‫عمى السجيف فتؤثر في شخصيتو بصرورة فردية واما أف تعود عمى األسرة والمجتمع فتؤثر‬
‫حتى عمى األشخاص العالقة بيـ مع ىذه العقوبة غير أنو ىناؾ تكامؿ بيف العقوبات التي‬
‫تؤثر عمى السجيف وعمى أسرتو أو المجتمع الذي يعيش فيو‪:‬‬
‫أوال‪ /‬األثار السمبية لمعقوبات السالبة لمحرية عمى السجين‪ :‬وتتمثؿ أساسا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ /1‬العود‪ :‬عند اإلفراج عف المحكوـ عميو يكوف محال بكثير مف مشاعر القمؽ والتوتر حوؿ‬
‫كيفية إستقبالو لموسط الحر مف جديد مع ضعؼ قدراتو عمى اإلندماج اإلجتماعي ‪ ،‬يضاؼ‬
‫إلى ذلؾ مجموع القيـ الفاسدة والخبرات اإلجرامية التي يتزود بيا المحكوـ عميو خالؿ فترة‬
‫الحياة داخؿ المؤسسة العقابية فإذا لـ يجد مف المجتمع اإلستعداد الكافي لتخفي اإلندماج‬
‫والتواصؿ فإف ذلؾ القمؽ سيتفاعؿ مع مخزونو مف الخبرات اإلجرامية مما يزيد مف إحتماالت‬
‫‪2‬‬
‫عودتو إلى درب الجريمة مرة أخرى وىو ما يطمؽ عميو عمماء عمـ العقاب إشكالية العود‬
‫‪ -02‬سرعة التأثير بالسجناء األخرين‪:‬‬
‫إف السجف يدخمو أناس متمردوف عف النظاـ عاثوا في األرض فسادا ‪ ،‬فنقمو إجراميـ‬
‫الخارجي إلى داخؿ السجف وأثروا بذلؾ عمى السجناء الجدد أو البسطاء الذيف يروف أف ىـ‬
‫بإمكانيـ التأثير عمييـ‪.‬‬

‫‪1‬عبد الرحماف خمفي‪ ،‬مرجع سابؽ ص‪.349/348/347‬‬


‫‪2‬‬
‫عبد اهلل بني عمي الخثمي ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 55‬إلى ‪.57‬‬

‫‪27‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -03‬التأثير بالظواهر اإلجتماعية‪:‬‬


‫إف السجف يساىـ بشكؿ كبير ومباشر في إزدياد عدد الجرائـ ‪ ،‬ولعمى إنتشارالبطالة أو‬
‫المخدرات التي تشؿ التفكير ‪ ،‬ليو السب الرئيس في ذلؾ ‪ ،‬إضافة إلى محترفي اإلجراـ‬
‫وسوؼ ينتقيموف مف المجتمع‪.‬‬
‫‪ -04‬إنخفاض المستوى الصحي والخمقي لممسجونين‪:‬‬
‫مجتمع السجف ىو مجتمع أكثر إنحطاطا ونجد بالمقابؿ أف ىناؾ مساجيف يدخموف السجف‬
‫نتيجة لظرؼ خارجة عف إرادتيـ ‪ ،‬سواء في قضية مالية أو قضية الدفاع عف الشرؼ أو‬
‫النفس والعرض و إجتماع المساجيف في مكاف واحد يؤث عمى المساجيف األخريف السيما‬
‫نقؿ األمراض المتفشية واألوبئة مف السجيف المريض إلى السميـ ويزداد التحرش الجنسي‬
‫وارتكاب جرائـ أخالقية‪.‬‬
‫‪ -05‬إكتساب خبرات إجرامية وسموكات فاسدة‪:‬‬
‫السجيف يتعمـ ساوكا فاسدا في السجف خاصة السجناء المبتدئيف ومف بينيا مايمي‪:‬‬
‫أ‪ /‬العنؼ‪ :‬المساجيف عند إكتظاظيـ يسعوف إلى إيجاد جو عدـ اإلستقراروالألمف داخؿ‬
‫المؤسسة العقابية واستعماؿ القوة لمدفاع عف النفس ألف الفشؿ في ىذه الحالة ىو فقد مكانة‬
‫السجيف بيف زمالءه في السجف ‪.‬‬
‫ب‪ /‬التدخيف‪ :‬يعتبر عند المساجيف وسيمة لمتغمب عمى اليموـ ‪.‬‬
‫ت‪ /‬تعاطي المخدرات والكحوؿ‪ :‬لوجود المجرميف الكبار في السجف مثؿ مروجي المخدرات‬
‫يحتكوف باألخريف لتعميميـ إستيالؾ المخدرات والتأثير فييـ وىذا يسبب اإلنتحار واإلصابة‬
‫باألمراض المستعصية‪.‬‬
‫ث‪ /‬القمار‪ :‬في السجف المسجونيف عادة ما يقضوف وقت فراغيـ في لعب القمار والم ارىنة‬
‫وتغميب الطرؼ عمى األخر ينتج عنو الشحناء والبغضاء ويؤدي إلى إرتكاب جرائـ كالقتؿ‬
‫والضرب ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫ج‪ /‬اإلستغالؿ‪ :‬المؤسسات العقابية التوفر جميع اإلحتجاجات لمسجناء ‪ ،‬لذلؾ يمجأ البعض‬
‫لزمالئيـ إلشباع حاجياتيـ وفي سبيؿ ذلؾ يتعرض لإلستغالؿ ويصؿ في بعض األحياف إلى‬
‫‪1‬‬
‫سموؾ جنسي شاذ‬
‫ثانيا ‪ :‬األثار السمبية لمعقوبات السالبة لمحرية عمى االسرة والمجتمع‪:‬‬
‫‪ -01‬نشر الجريمة وافساد المجتمع‪:‬ىناؾ سجناء بسطاء أو مبتدئيف (مرتكبيف لجرائـ‬
‫بسيطة مثؿ مخالفات المرور) وقد يكوف السجيف مسؤوؿ عف أسرة‪ ،‬فعندما يدخؿ السجف‬
‫ينقطع مورد األسرة‪ ،‬و تسقط رقابتو عمييا‪ ،‬فتضطر األسرة إلى الحاجة ثـ إلى اإلنحراؼ "إذا‬
‫‪2‬‬
‫غاب الراعي ضاعت الرعرية"‪ :‬و بيذا أسرتو أكرىت عمى الفسؽ و الفساد‪.‬‬
‫‪ - 02‬إستنزاف خزينة الدولة‪:‬‬
‫إف إنشاء السجوف و إدارتيا و المشرفيف عمييا‪ ،‬يحتاجوف إلى أمواؿ طائمة مقتطعة مف‬
‫ميزانية الدولة و وجود المسجونيف في السجف يحتاجوف إلى برامج تأىيمية بأمواؿ ضخمة‪،‬‬
‫لتتمكف الدولة إعادة إدماجيا في الحياة اإلجتماعية و نجد بعض الدوؿ غير قادرة عمى‬
‫األإنفاؽ عمى المساجيف لكثرتيـ و إكتظاظ السجوف بيـ‪.‬‬
‫‪ -03‬إزدياد سمطان المجرمين‪:‬‬
‫عندما يغادر السجيف سجنو يصبح عالة عمى المجتمع و يستغؿ جريمتو السابقة الخافة‬
‫الناس و إرىابيـ و إبتزاز أمواليـ و بعض المجرميف أصبحوا ذو الكممة النافذة و األمر‬
‫المطاع‪.‬‬
‫‪ -04‬تفكيك أسرة السجين و إنقطاع المورد المالي ‪:‬‬
‫بعض الزوجات ترى أف دخوؿ الزوج إلى السجف يسبب وصمة عار سيئة تحمميا األسرة‬
‫عمى جبينيا مما يترتب عميو التطميؽ أو الطالؽ‪ .‬و ىناؾ مف الزوجات المواتي تحاولف‬
‫تجنب أفراد المجتمع وعدـ اإلختالط بيـ خشية تعرضيا لعبارات بذيئة وجارحة تمس‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحماف خمفي‪ ،‬مرجع سابؽ ص ‪350 -349‬‬
‫‪ 2‬عبد اهلل بني عمي الخثمي ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 55‬إلى ‪.57‬‬

‫‪29‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫مشاعرىا وكرامتيا و حتى أبناء السجيف يشعروف باإلىانة نتيجة النظرة الحقيرة إلييـ وقد‬
‫يمجؤوف إلى اإلنتقاـ مف المجتمع و ربما تستمر نظرة المجتمع إلى السجيف فيتولد لديو‬
‫الشعور كأنو شخص غير مرغوب فيو‪.‬و إنقطاع المورد المالي الالزـ إلعالة السجيف يؤدي‬
‫‪1‬‬
‫إلى الحرماف اإلقتصادي لألسرة‪ ،‬فيترتب عف ذلؾ التسوؿ و الجرائـ األخالقية‪.‬‬
‫و السجيف المتزوج يحرـ مف المتعة الجنسية المشروعة‪ ،‬فينعكس بالسمب فيتحوؿ إلى‬
‫إرتكاب جرائـ غير مشروعة مثؿ الجنسية المثيمة (المواط) كوف المكاف يحتوي عمى جنس‬
‫واحد فقط‪.‬‬
‫‪ -05‬انتشار البطالة و إضعاف الشعور بالمسؤولية ‪:‬‬
‫عقوبة السجف تؤد ي إلى إضعاؼ الشعور بالمسؤولية في نفس المجرميف و تحبب إلييـ‬
‫التعطؿ عف العمؿ و ىناؾ مف يكرىوف أف يخرجوا مف السجف ليواجيوا حياة العمؿ مف جديد‬
‫فيموت فييـ الشعور بالمسؤولية نحو أسرىـ‪،‬فال يكادوف يخرجوف مف السجف حتو يعود إليو‬
‫ال حبا في الجريمة و إنما حبا في العودة إلى السجف و حرسا عمى حياة البطالة‪.‬‬
‫‪ -06‬غياب القوة الممزمة لمردع بالعقوبة الجنائية‪:‬‬
‫إف العقوبات السالبة أصبحت غير رادعة لتوافر برامج التأىيؿ والراحة ‪ ،‬مف خالؿ كؿ ىذه‬
‫العراقيؿ والعقبات نستنتج أف العقوبات السالبة لمحرية تنعكس بأثار سمبية عمى السجيف أو‬
‫عم ى أسرتو وبالتالي المجتمع وتميد ليا الطريقة أماـ الولوج إلى عالـ الجريمة مف باب واسع‬
‫‪2‬‬
‫‪ ،‬لذا يستدعي األمر بالتفكير في العقوبات الغير السالبة لمحرية ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات الغير السالبة لمحرية ‪:‬‬
‫لقد تـ طرح فكرة الحد مف العقاب أوؿ مرة في مؤتمر بيالجيو سنة ‪ ، 1973‬ثـ تتالى‬
‫بعد ذلؾ بحث ذات الفكرة في العديد مف المؤتمرات والدراسات الفقيية في ظؿ تعاظـ‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحماف خمفيف مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪.351/350‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد اهلل بني عمي الخثمي ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.59 -57‬‬

‫‪30‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫اإلحساس بضرروة إعادة النظر في النظاـ العقابي لفشمو في حماية القيـ والمصالح والحد‬
‫مف الجريمة‪.‬‬
‫مفهوم العقوبات الغير سالبة لمحرية ‪ :‬ىي الحد مف العقاب الذي يرتبط باإلتجاه الشخصي‬
‫في تفريد العقوبة والذي نادى بضرورة األخذ بعيف اإلعتبار ظروؼ المجرـ النفسية‬
‫واإلجتماعية و اإلقتصادية ‪ ،‬وقد طرحت فكرة الحد مف العقاب أوؿ مرة في مؤتمر بيالجيو‬
‫سنة ‪ 1973‬ثـ تتالى بعد ذلؾ بحث ىذ الفكرة في عديد مف المؤتمرات والدراسات الفقيية في‬
‫ظؿ تعاظـ اإلحساس بضرورة إعادة النظاـ العقابي لفشمو في حماية القيـ والمصالح والحد‬
‫مف الجريمة وتستمد معايير الحد مف العقاب إبتداء بالرجوع إلى أغراض العقاب فأغراض‬
‫العقوبة طبقا لما إنتيت إليو دراسات اإلتجاىات الكبرى لمجزاء الجنائي ىي تحقيؽ العدالة‬
‫وارضاء الشعور العاـ والردع الخاص وبسط سياسة التأىيؿ واإلصالح واضافة إلى إرتباط‬
‫العقاب بمبدأ الضرورة فيو يرتبط بمبدأ التناسب بيف العقوبة والخطورة اإلجرامية ‪.‬‬
‫‪ - 1‬العقوبة البديمة في التشريع الجزائري‪ :‬إف العقوبة المقررة في الحكـ يجب أف تتناسب‬
‫مع ضرورة قمع الجرائـ ‪ ،‬أي البحث عف فعالية العقوبة وفي ىذا المنحى قد يكوف عمى‬
‫عاتؽ الدولة أف تفرض عقوبات أو إختصاص في المعاقبة وفقا لسيمسة جنائية فعالة‬
‫والعقوبات البديمة في التشريع الجزائري حديثة العيد تماشيا مع التحوؿ القائـ في الترسانة‬
‫القانونية الجزائرية والحاجة الممحة في أعماؿ ىذه البدائؿ والتي تتجو نحو تعميـ تطبيؽ‬
‫‪1‬‬
‫العقوبات البديمة‪.‬‬
‫ا‪ /‬عقوبة النفع العام ‪ :‬إف المشرع الجزائري وسعيا منو في مواكبة العالمية فإنو‬
‫حذا حذوىا في سف العقوبات البديمة وذلؾ بالنص عمييا بالمادة ‪ 05‬مف القانوف ‪04/05‬‬
‫المؤرخ في ‪ 06‬فبراير ‪ 2005‬المتضمف قانوف تنظيـ السجوف واعادة اإلدماج اإلجتماعي‬
‫لممحبوسيف‪ " 2‬تتولى إدارة السجوف ضماف تطبيؽ العقوبات السالبة لمحرية والتدابير األمنية‬

‫‪1‬سعداوي محمد صغير ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪.57‬‬


‫القانوف ‪ 04/05‬المؤرخ في ‪ 06‬فبراير ‪ 2005‬المتضمف قانوف تنظيـ السجوف واعادة اإلدماج اإلجتماعي لممحبوسيف‬

‫‪31‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫والعقوبات البديمة وفقا لمقانوف" وتبعا لذلؾ جاء القانوف ‪ 01/09‬المؤرخ في‪2009/02/25:‬‬
‫المعدؿ لألمر رقـ ‪ 156/66‬المتضمف قانوف العقوبات إلضافة المادة ‪ 05‬مكرر ‪ 1‬وما يمييا‬
‫والتي تنص عمى العقوبة البديمة المتمثمة في العمؿ لمنفع العاـ وىي العقوبة الوحيدة التي‬
‫نص عمييا المشرع الجزائري ‪ ،‬وفي المادة ‪ 05‬مكرر‪ 1‬لـ يعرفيا تعريفا صريحا إال أننا نقوؿ‬
‫أف عقوبة العمؿ لمنفع العاـ ىي قياـ الجانح بعمؿ يعود بالفائدة عمى المجتمع تكفي ار عف‬
‫الخطأ المرتكب مف طرفو وذلؾ دوف أف يكوف مقابؿ أجرة‪ ،‬قد خالؼ المشرع الجزائري في‬
‫تصنيؼ ىذه العقوبة أي العمؿ لمنفع العاـ عف باقي التشريعات المقارنة واعتبرىا عقوبة بديمة‬
‫لمعقوبة السالبة لمحرية ‪ ،‬في حيف أف بعض التشريعات المقارنة إعتبرت عقوبة العمؿ لمنفع‬
‫العاـ عقوبة تكميمية وأخرى إعتبرتياعقوبة تبعية لمعقوبة الحبسية بعد فترة إختبار أو عقوبة‬
‫‪2‬‬
‫أصمية وىو ماذىبت إليو أغمب التشريعات المقارنة‪.‬‬
‫وبعض التشريعات المقارنة إعتبرت عقوبة العمؿ لمنفع العاـ عقوبة تكميمية ‪،‬‬
‫وأخرى إعتبرتيا تبعية لمعقوبة بعد فترة إختبار أو عقوبة أصمية وىو ماذىبت غميو أغمب‬
‫التشريعات المقارنة‪.‬‬
‫‪ -01‬إيقاف التنفيذ(تعميق تنفيد األحكام عمى شرط)‪:‬‬
‫يعد إيقاؼ التن فيذ مف أقدـ البدائؿ التي لجأت إلييا التشريعات لمتخفيؼ مف األثر السمبية‬
‫لمعقوبة السالبة لمحرية ويقصد بيذا البديؿ السماح لمقاضي بأف يصدر حكمة العقوبة مع‬
‫تضمف ىذا الحكـ أم ار بتعميؽ تنفيذىا وذلؾ حاؿ توافرت ظروؼ معينة مف حيث نوع‬
‫الجريمة وشخصية المجرـ ومدة العقوبة المحكوـ بيا ‪ ،‬فإذا كاف الحكـ صاد ار بالغرامة إمتنع‬
‫أدائيا واذا كاف صاد ار بعقوبة سالبة لمحرية أفرج عف المحكوـ عميو وترؾ ح ار اإل إذا ما‬
‫أنقضت المدة الموقوؼ تنفيذ الحكـ خالليا دوف أف يمغى إيقاؼ التنفيذ سقط الحكـ بالعقوبة‬
‫وأعتبر كأف لـ يكف وغال نفذت العقوبة الموقوؼ تنفيذىا مع العقوبة الجديدة‪.‬‬

‫‪ 1‬القانوف ‪ 01/09‬المؤرخ في‪ 2009/02/25:‬المعدؿ لألمر رقـ ‪ ،156/66‬ج ر عدد ‪ 15‬بتاريخ ‪.2009/03/08‬‬
‫‪2‬‬
‫محمود نجيب حسني ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪105‬‬

‫‪32‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫فكاف إيقاؼ التنفيذ ىو تعميؽ العقوبة المحكوـ بيا عمى شرط واقؼ خالؿ مدة معينة‬
‫يحددىا القانوف ‪ ،‬فإذا لـ يتحقؽ الشرط أعفى المحكوـ بيا والحكمة مف ىذا النظاـ تظير‬
‫بوضوح في حاالت اإلجراـ بالصدفة الناشئ عف ضغوط بعض الظروؼ اإلجتماعية عمى‬
‫الشخص فتدفعو إلى إرتكاب الجريمة ‪ .‬فيذا النوع مف اإلجراـ غير المتأصؿ في نفس مف‬
‫يرتكبو يعود إلى ظروؼ خارجة في العادة عف إرادة الجاني ومف ثـ فإف السياسة العقابية‬
‫الحديثة توجب منع المحكوـ عميو بعقوبة سالبة لمحرية قصير المدة عف جريمة حدثت‬
‫‪1‬‬
‫لظروؼ خارجة عف إرادة الجاني‪.‬‬
‫قد ظير ىذا النظاـ أوؿ ما ظير في أوربا وبالتحديد في القانوف البمجيكي عاـ ‪1888‬‬
‫ثـ تبناه المشرع الفرنسي بالقانوف الصادر في ‪ 26‬مارس ‪ 1891‬ومنو تحت تأثير اإلنتماء‬
‫لذات العائمة القانونية إنتقؿ إلى التشريع المصري بدءا مف قانوف العقوبات الصادر في عاـ‬
‫‪ 1904‬ويكاد اليوجد تشريع عقابي معاصر اليسمح بتمؾ الرخصة لمقاضي ‪ ،‬إفادة لصنؼ‬
‫مف المجرميف متوسطي وعديمي الخطورة الغجرامية‬
‫‪ - 2‬الوضع تحت اإلختبار (اإلختبار القضائي)‪:‬‬
‫يقصد بو عدـ الحكـ عمى المتيـ بعقوبة ما مع تقرير وضعو مدة معينة تحت إشراؼ ورقابة‬
‫جيات معينة ‪ ،‬فإذا مرت تمؾ المدة ووفى المحكوـ عميو باإللتزامات المفروضة عميو فإف‬
‫الحكـ الصادر باإلدانة يعتبر كأف لـ يكف ‪ ،‬أما إذا أخؿ المحكوـ عميو باإللتزاـ خالؿ المدة‬
‫فإجرءات المحاكمة والحكـ عمى المتيـ بالعقوبة ‪ .‬فكأف نظاـ اإلختبار‬
‫ا‬ ‫فإنو يتعيف إستئناء‬
‫القضائي أو الوضع تحت اإلختبار يتضمف إيقاؼ مؤقت إلجراءات المحاكمة عند حد معيف‬
‫وا رجاء النطؽ بالحكـ إلى فترة الحقة مع إخضاع المتيـ خالؿ تمؾ الفترة إلى عدد مف‬
‫اإللتزامات التي يمكف أف يترتب عمى اإلخالؿ بيا أف تسمب حريتو ‪ ،‬فيـ نظاـ يحقؽ الدفاع‬

‫‪1‬سعداوي محمد صغير ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪.56/55‬‬

‫‪33‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫عف المجتمع عف طريؽ حماية نوع مف المجرميف المنتقيف بتجنيبيـ دخوؿ السجف وتقديـ‬
‫‪1‬‬
‫المساعدة اإليجابية ليـ تحت التوجيو واإلشراؼ والرقابة‪.‬‬
‫حيث نشأ ىذا النظاـ أوال في الدوؿ ذات النظاـ األنجموأمريكي ‪ ،‬فطبؽ في إنجمت ار عاـ‬
‫‪ 1820‬بيدؼ إنقاذ األحداث الجانحيف مف دخوؿ المؤسسات العقابية وكاف يجوز لقاضي‬
‫الصمح أف يمزـ مف إرتكب جريمة ما تخؿ باألمف العاـ أف يكتب تعيدا يمتزـ فيو بإحتراـ‬
‫األمف وأف يسمؾ سموكا حسنا مقابؿ إطالؽ سراحو ‪ ،‬فمف خاؼ ذلؾ أمكف توقيع العقوبة‬
‫إجرءات رقابية و إشرافية مف‬
‫عميو أو إبداليا بمبمغ مالي ‪ ،‬ثـ إستبدؿ بيذا التعيد فيما بعد ا‬
‫‪2‬‬
‫قبؿ الشرطة لمتحقؽ مف سموؾ المتيـ‪.‬‬
‫وكانت ىذه ىي بداية ظيور نظاـ الوضع تحت اإلختبار بمعناه الدقيؽ وقد أخذت‬
‫بعض الواليات المتحدة األمريكية بفكرة الوضع تحت اإلختبار منيا والية ماسا شوشتس عاـ‬
‫‪ 1841‬إلى أف أقر القانوف الفيدرالي ىذا النظاـ بصفة عامة في عاـ ‪ 1925‬ومف دوؿ‬
‫القانوف العاـ عمى دوؿ أوربا إنتقؿ ىذا النظاـ فأخذ بو التشريع األلماني عاـ ‪1953‬‬
‫والفرنسي ‪ 1957‬ويتعمؽ نظاـ الوضع تحت اإلختبار بفئة المجرميف الذيف يقتضي إصالحيـ‬
‫إبعادىـ عف محيط المؤسسات العقابية أي فئة مف المجرميف يعتقد مف خالؿ ظرفيـ وفحص‬
‫شخصيتيـ أنيـ قابميف لإلصالح وعدـ العودة لسبيؿ الجريمة دوف الخضوع لعقوبة سالبة‬
‫لمحرية وعمى ىذا فالينظر لنوع الجريمة المرتكبة أو لجسامو الواقعة بقدر ما ينظر إلى‬
‫شخصية المحكوـ عميو ودى إمكانية تأىميو في الوسط الحر خارج السجف ومدى إستعداده‬
‫‪3‬‬
‫لتنفيذ اإللتزامات المفروضة عميو‪.‬‬
‫حيث نشأ ىذا النظاـ أوال في الدوؿ ذات النظاـ األنجموأمريكي ‪ ،‬فطبؽ في إنجمت ار عاـ‬
‫‪ 1820‬بيدؼ إنقاذ األحداث الجانحيف مف دخوؿ المؤسسات العقابية وكاف يجوز لقاضي‬
‫الصمح أف يمزـ مف إرتكب جريمة ما تخؿ باألمف العاـ أف يكتب تعيدا يمتزـ فيو بإحتراـ‬

‫‪1‬الحويتي أحمد ‪ ،‬الفكر الشرطي ‪ ،‬أبو ظبي ‪ ،‬اإلمارت العربية ‪ 1993‬ص‪.124‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬اإلختبار القضائي‪ ،‬ط‪ 2‬دار النيضة العربية ‪ ،1969‬ص ‪.70‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد المنجي ‪،‬اإلختبار القضائي ‪،‬ط‪ 1‬منشأة المعارؼ ‪ ، 1982‬ص ‪.53‬‬

‫‪34‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫األمف وأف يسمؾ سموكا حسنا مقابؿ إطالؽ سراحو ‪ ،‬فغف خاؼ ذلؾ أمكف توقيع العقوبة‬
‫إجرءات رقابية و إشرافية مف‬
‫عميو أو إبداليا بمبمغ مالي ‪ ،‬ثـ إستبداؿ بيذا التعيد فيما بعد ا‬
‫قبؿ الشرطة لمتحقؽ مف سموؾ المتيـ وكانت ىذه ىي بداية ظيور نظاـ الوضع تحت‬
‫اإلختبار بمعناه الدقيؽ وقد أخذت بعض الواليات المتحدة األمريكية بفكرة الوضع تحت‬
‫اإلختبار منيا والية ماسا شوشتس عاـ ‪ 1841‬إلى أف أقر القانوف الفيدرالي ىذا النظاـ‬
‫بصفة عامة في عاـ ‪ 1925‬ومف دوؿ القانوف العاـ عمى دوؿ أوربا إنتقؿ ىذا النظاـ فأخذ‬
‫بو التشريع األلماني عاـ ‪ 1953‬والفرنسي ‪ 1957‬ويتعمؽ نظاـ الوضع تحت اإلختبار بفئة‬
‫المجرميف الذيف يقتضي إصالحيـ إبعادىـ عف محيط المؤسسات العقابية أي فئة مف‬
‫المجرميف يعتقد مف خالؿ ظرفيـ وفحص شخصيتيـ أنيـ قابميف لإلصالح وعدـ العودة‬
‫لسبيؿ الجريمة دوف الخضوع لعقوبة سالبة لمحرية وعمى ىذا فالينظر لنوع الجريمة المرتكبة‬
‫أو لجسامو الواقعة بقدر ما ينظر إلى شخصية المحكوـ عميو ودى إمكانية تأىميو في الوسط‬
‫‪1‬‬
‫الحر خارج السجف ومدى إستعداده لتنفيذ اإللتزامات المفروضة عميو‪.‬‬
‫‪ -03‬وقف التنفيذ المقترن بالوضع تحت اإلختبار‪:‬‬
‫فضال عف نظاـ وقؼ التنفيذ البسيط يعرؼ التشريع الفرنسي نظاـ الجمع بيف إيقاؼ‬
‫التنفيذ والوضع تحت اإلختبار (المواد‪ 738‬إلى ‪ 747‬إجراءات جنائية فرنسي ) ووفؽ ىذا‬
‫النظاـ يجوز لمقاضي أف يحكـ ب العقوبة الجنائية مع إيقاؼ تنفيذىا مد معينة ‪ ،‬في خالليا‬
‫يخضع الموقوؼ تنفيذ العقوبة قبمو لعدد مف القيود واإللتزامات والواقع أف ىذا الجمع أريد بو‬
‫تفادي ماقيؿ في شأف إيقاؼ التنفيذ البسيط مف كونو يقتصر عمى القياـ بدور سمبي محض‬
‫‪ ،‬ىو مجرد التيديد بتفيذ العقوبة في المحكوـ عميو إذا صدر عنو ما يجعمو غير جدير‬
‫بإيقافيا دوف أف يخضع الموقوؼ ضده العقوبة لنوع مف تدابير المساعدة أو الرقابة فالمحكوـ‬
‫عميو في حالة إيقاؼ التفيذ العادي يترؾ وشأنو دوف إعانتو ومساعدتو عمى مقاومة العوامؿ‬
‫اإلجرامية الكامنة داخمو أو المحيطة بو‬

‫‪ 1‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.70‬‬

‫‪35‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫وترجع بدايات ىذا النظاـ إلى عاـ ‪ 1952‬عندما قامت الحكومة الفرنسية‬
‫مشروع قانوف ييدؼ إؿ األخذ بنظاـ الوضع تحت اإلختبار مقترنا بإيقاؼ التنفيذ وقد تـ إقرار‬
‫ىذا القانوف مف قبؿ الجمعية الوطنية عاـ ‪ 1957‬وتـ إدماجو في قانوف اإلجراءات الجنائية‬
‫الفرنسي في المواد ‪ 738‬وما بعدىا والتي أعيد األخذ بيا في القانوف الجديد في ‪22‬‬
‫‪1‬‬
‫يوليو‪ 1992‬بالمواد ‪ 40‬إلى ‪132‬بعد إجراء بعض التعديالت التطبيقية‪.‬‬
‫‪ -04‬اإلعفاء من العقوبة وتأجيل النطق بها‪:‬‬
‫جاىدت بعض التشريعات لمحد مف سمبيات العقوبات السالبة لمحرية قصيرة المدة‬
‫بإتباع بعض وسائؿ المعاممة العقابية التي تتمثؿ في العفو أو تأجيؿ النطؽ بيا وغمى ىذيف‬
‫النظاميف ذىب المشرع الفرنسي في قانوف العقوبات الفرنسي الجديد فقد أجازت المادة ‪-132‬‬
‫‪ 59‬لمحكمة الجنح أف تعفى المتيـ مف العقوبات إذا تبيف اف تأىيؿ المتيـ قد تحقؽ وأف‬
‫الضرر الناتج عف الجريمة قد عوض وأف اإلضطراب الذي أحدثتو الجريمة توقؼ كما أجاز‬
‫‪2‬‬
‫المشرع الفرنسي تأجيؿ النطؽ بالعقوبة وليذا التأجيؿ ثالث صور‪:‬‬
‫‪ -01‬فإما أف يكوف ىذا التأجيؿ بسيطا إذا ظير أف المتيـ في سبيمو إلى التأىيؿ وأف‬
‫الضرر الناجـ عف الجريمة في سبيمو لإلصالح واف اإلضطراب الذي أحدثتو الجريمة عمى‬
‫وشؾ التوقؼ ويشترط في جميع األحواؿ حضور الشخص بنفسو أماـ المحكمة أو ممثمو إذا‬
‫كاف الشخص معنويا (المادة ‪ 132-60‬مف ؽ ع ؼ) ‪.‬‬
‫‪ -02‬كما قد يكوف التأجيؿ مع الوضع تحت اإلختبارقيجوز لممحكمة في مواجية المتيـ‬
‫الحاضر لمجمسة أف تؤجؿ النطؽ بالعقوبة تجاىو مع إخضاعو لعدة قيود والتزامات وفقا لما‬
‫ىو معموؿ بو في نظاـ الوضع تحت اإلختبار‬
‫‪ -03‬وأخي ار ىناؾ نظاـ التأجيؿ مع األمر ويتعمؽ ىذا النظاـ باألحواؿ التي توجد فييا قوانيف‬
‫ولوائح خاصة تفرض عقوبات معينة نتيجة اإلخالؿ بإلتزاـ معيف ‪ ،‬في تمؾ الحالة يجوز‬

‫‪1‬‬
‫حسف عالـ ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪ 2‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪70‬‬

‫‪36‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫لمقاضي الجنائي أف يؤجؿ النطؽ بالعقوبة المفروضة في تمؾ القوانيف والموائح مع إلزاـ‬
‫المحكوـ عميو بتنفيذ اإللتزاـ الوارد في القانوف أو في الالئحة وىذا يفرض عمى المحكمة أف‬
‫تحدد في األمر طبيعة اإللتزامات والتعميمات اليت يجب اإلمتثاؿ ليا والقياـ بتنفيذىا وكذلؾ‬
‫يفرض عمييا أف تحدد معياد لمتنفيذ يختمؼ عف ميعاد التأجيؿ ‪ ،‬واليصدر الحكـ بالتأجيؿ مع‬
‫األمر إال في الجنح والمخالفات دوف الجنايات واليشترط فيو حضور المتيـ أوأو ممثؿ‬
‫الشخص المعنوي ويجوز لممحكمة أف تصدر التأجيؿ مع األمر مقرونا بغرامة تيديدية إذا‬
‫كاف القانوف أو الالئحة الذي تمت مخالفتو يقرر ذلؾ ويمتنع تنفيذ ىذه الغرامة إذا نفذ‬
‫المحكوـ عميو اإللتزامات المقررة في القانوف أو الالئحة وكبقية أنواع التأجيؿ فإف التأجيؿ مع‬
‫األمر يتقرر لمدة سنة أو عمى األكثر غير أف ىذه المدة عمى خالؼ األنواع األخرى مف‬
‫التأجيؿ ال تمتد إذا تـ تحديدىا مف قبؿ المحكمة ‪ ،‬فإذا تـ تنفيذ التعميمات الواردة باألمر في‬
‫الميعاد المحدد فإف المحكمة الحؽ في أف تعفي المتيـ مف العقوبة المقررة في القانوف أو‬
‫‪1‬‬
‫الالئحة أو تؤجؿ مرة ثانية النطؽ بيا‪.‬‬
‫‪ -05‬نظـام شبـه الحـريـة‪ :‬يقصد بو إلحاؽ المحكوـ عميو بعقوبة قصيرة المدة بعمؿ خارج‬
‫المؤسسة العقابية دوف إخضاعو لرقابة جية الغدارة مع إلزامو بالعودة إلى المؤسسة العقابية‬
‫كؿ مساء وقضاء فترة العطالت فييا ‪ ،‬كؿ ذلؾ طيمة مدة العقوبة وعادة ما يكوف ىذا النظاـ‬
‫أسموبا تدريجيا يمجأ إليو المحكوـ عمييـ الذيف قرب موعد اإلفراج عنيـ أو مف أجؿ تمكيف‬
‫المحكوـ عمييـ مف متابعة دراسة معينة أو مينة معينة أو الخضوع لعالج معيف أو المشاركة‬
‫في حياتو األسرية (ـ ‪ 25 -132‬ؽ ع ؼ) ويخضع المحكوـ عميو في ىذا النظاـ لذات‬
‫األوضاع التي يعمؿ فييا أي عامؿ حر غير محكوـ عميو وباالتالي فيو يخضع لعقد عمؿ‬
‫حقيقي ولمظمة التأميف اإلجتماعي ‪ ،‬غير اف الخاضع ليذا النظاـ ال يتقاض أجره مف رب‬
‫العمؿ مباشرة وغنا يتقاضاه مف مدير السجف عمى اف يستقطع مف ىذا األجر مبمغا يخصص‬

‫‪1‬‬
‫حسف عالـ ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪231‬‬

‫‪37‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫لممحكوـ عميو بعد إنتياء فترة شبو الحرية ‪ ،‬ويخصص لتعويض المضرور مف الجريمة‬
‫‪1‬‬
‫(المدعي بالحؽ المدني ) فيما ال يجاوز نسبة ‪ 10‬بالمئة ‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى إلتزاـ الخاضع لنظاـ شبو الحرية بالعودة إلى المؤسسة العقابية عقب‬
‫إنتي اء فترة العمؿ بالخارج ‪ ،‬فإف ىناؾ عدد أخر مف اإللتزامات قد تفرض عميو مف قبؿ‬
‫قاضي تطبيؽ العقوبات والتي أشرنا إلييا في نظاـ وقؼ التفيذ ومثاؿ ذلؾ إلزاـ المحكوـ عميو‬
‫بمراعاة ساعات الخروج والعودة التي يقرىا القاضي ومراعاة الضوابط المحددة بمعرفة و ازرة‬
‫العدؿ بشأف حسف الييئة والينداـ والمسمؾ الشخصي واإلنتظاـ في العمؿ وعدـ التخمؼ عنو‬
‫بدوف مبرر أو عذر‪.‬‬
‫‪ -06‬العمل لمصالح العام‪ :‬مف أجؿ تدارؾ عيوب العقوبات السالبة لمحرية قصيرة المدة‪،‬‬
‫أخذ المشرع الفرنسي في قانوف العقوبات الفرنسي الجديد بنظاـ العمؿ لمصالح العاـ (ـ‬
‫‪ 8 -131‬ؽ ع) بال مقابؿ لمصمحة شخصية معنوية عامة أو جمعية مخولة مباشرة أعماال‬
‫لممصمحة العامة وىو نفس المفيوـ الذي أعطاه لو المشرع الجزائري في المادة ‪ 05‬مكرر‪1‬‬
‫مف القانوف ‪ 01/09‬المعدؿ والمتمـ لمقانوف العقوبات الجزائري ‪.‬وتتمثؿ قيمتو العقابية في ‪:‬‬
‫تجنيب المحكوـ عميو مساوئ الحبس قصيرة المدة ومف أىميا اإلختالط بالمجرميف ‪ ،‬كما‬
‫يمنح ىذا النظاـ الجاني كثي ار مف الحرية مع حماية المجتمع في ذات الوقت مف أي سموؾ‬
‫غير سوي لمجاني ويساعده في سرعة تأىيمو إجتماعيا كـ يوسع أمامو فرص إيجاد مينة‬
‫يكتسب منيا مما يقمؿ فرص إرتكابو لمجرائـ‪.‬‬
‫‪ -07‬الوضع تحت المراقب اإللكترونية‪ :‬أصدر المشرع الفرنسي قانوف في ‪19‬‬
‫ديسمبر‪ 1997‬مف أجؿ إستحداث المواد ‪ 7/723‬إلى ‪ 12/723‬في قانوف اإلجرءات‬
‫الفرنسية بغية إبتداع بديؿ أخر مف بدائؿ العقوبات السالبة لمحرية في العقوبات التي التزيد‬
‫مدتيا عمى سنة واحدة ‪ ،‬والمراقبة اإللكترونية تطرح كوسيمة لمحد مف العقوبة السالبة لمحرية‬
‫وىي طريقة لتنفيذ بعض العقوبات السالبة لمحرية خارج السجف ‪ ،‬كما يجرى إستعماليا في‬

‫‪ 1‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪70‬‬

‫‪38‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫كؿ مف كندا و أمريكا و سويس ار و فرنسا و نيوزلندا وسنغافورة و أستراليا وتتمثؿ في إلزاـ‬
‫ال محكوـ عميو اإلقامة في مكاف معيف لمدة محددة وتتـ مراقبتو عف طريؽ جياز إلكتروني‬
‫‪1‬‬
‫يشبو الساعة يمزـ بحممو ويمكف ضبط اإلتصاؿ بو ومتابعتو‪.‬‬
‫السوار االلكتروني في القانون الجزائري ‪ :‬المادة ‪ 02‬مف ؽ ‪ 01/18‬المعدؿ المتمـ لمقانوف‬
‫‪ 04/05‬الوضع تحت المراقبة االلكترونية اجراء يسمح بقضاء المحكوـ عميو كؿ العقوبة او‬
‫جزء منيا خارج المؤسسة العقابية‬
‫تتمثؿ الوضع تحت المراقبة االلكترونية في حمؿ الشخص المحكوـ عميو طيمة المدة بسوار‬
‫الكتروني يسمح بمعرفة تواجده في مكاف تحديد االقامة في مقرر الوضع الصادر مف قاضي‬
‫‪2‬‬
‫تطبيؽ العقوبات ‪.‬‬
‫ضوابط بدائل العقوبات‪:‬‬
‫نظ ار لكوف التدابير البديمة عف عقوبة السجف قد تؤدي إلى عكس ما أريد منيا سواءا أكاف‬
‫ذلؾ بسسب سوء إستعماليا ‪ ،‬أـ كاف بسبب خطأ السطمة التي تتخذىا في تقديرىا ‪ ،‬مما‬
‫يعرض الجاني مف ضياع في حقو ‪ ،‬فالبد مف وضع ضوابط ليذه البدائؿ تكوف إطا ار شرعيا‬
‫اليمكف تجاوزه ومف أىـ ىذه الضوابط مايمي‪:‬‬
‫‪ -01‬إتفاؽ البدائؿ المراد تطبيقيا مع حقوؽ اإلنساف األساسية بحيث التحمؽ ضر ار جسيما‬
‫بمكانتو بالمجتمع‪.‬‬
‫‪ -02‬إتخاذ البدائؿ مف قبؿ مرجع قضائي تظؿ تحت الرقابة مف إعادة النظر فييا عند‬
‫الحاجة ووقفيا إذا تحققت الغاية منيا أو إبداليا بالحبس إذا تبيف أنيا غير مجدية‪.‬‬
‫‪ -03‬موافقة المحكوـ عميو عمى إخضاعو لمبديؿ والسيما إذا كاف البديؿ عمال لصالح‬
‫المجتمع ونحو ذلؾ ‪ ،‬إذا اليمكف األداء الصحيح لمعمؿ إذ لـ يكف الشخص موافقا عميو‬
‫إبتدائيا‪.‬‬

‫‪1‬سعداوي محمد صغير ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪99/79‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 20‬من قانون ‪ 28/81‬المعدل والمتمم للقانون ‪ . 20/20‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬ ‫الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ -04‬إعتبار الظروؼ الشخصية واإلجتماعية لممحكوـ عميو وكذلؾ إعتبار ظروؼ الجريمة‬
‫كي يكوف البديؿ متناسب مع حجـ الجريمة‪.‬‬
‫‪ -05‬البعد عف التشيير بالجاني وعف كؿ ما يسبب أثار سمبية مف وصـ واحراج أـ العائمة‬
‫‪1‬‬
‫واألقراف والجيراف وغيرىـ‪.‬‬
‫نجاعة تطبيق العقوبة البديمة‪ :‬يجب مراجعة بعض األمورلمعمؿ عمى التطبيؽ السميـ لمعقوبة‬
‫البديمة ومف بينيا مايمي‪:‬‬
‫‪ -01‬إعداد مسودة قانوف لمعقوبات البديمة ليحؿ محؿ العقوبات المعموؿ بيا في القوانيف‬
‫العقابية ‪ ،‬تتمحور حوؿ عدـ زج األشخاص الذيف خالفوا القوانيف في السجوف واإلصالحيات‬
‫وانما اإلستفادة مف قدراتيـ العممية والجسدية لمصالح العاـ عقابا ليـ‪.‬‬
‫‪ -02‬إصدار قوانيف تمزـ القضاة بإستخداـ العقوبات البديمة والتقميؿ مف إستخداـ عقوبة‬
‫السجف إالبصفة محدودة وىذا األمر قد يؤدي إلى تغيير أسموب الحكممدى القضاة وخاصة‬
‫أف لدييـ الحرية المطمقة في إختيار تطبيؽ العقوبة السالبة لمحرية أو العقوبات البديمة‪.‬‬
‫‪ -03‬وضع شروط محددة يمتزـ بيا القضاة لمحد مف عقوبة السجف إالفي الحالت المحدودة‬
‫وكذا تغيير سياسة وطريقة إصدار األحكاـ لدى القضاة بواسطة الجية المختصة بالقضاء‬
‫نفسيا بالعقوبة البديمة ووجود قناعة لدى تمؾ الجيات بأىمية الغقوبات البديمة‪.‬‬
‫‪ -04‬إستمرار سياسة بناء مدارس إعادة التربية أو توسيعيا مف طرؼ الييئة الوصية قد‬
‫تؤدي بالقاضي لمجوء إلى تطبيؽ عقوبة السجف ببساطة باإلضافة إلى كؿ الوسائؿ‬
‫الضرورية الموجودة داخؿ السجوف في اإليواء وأماكف الترفيو ومساحات خضراء وكذا برامج‬
‫تأىيؿ اليجدىا السجيف إال في السجف فيفضؿ البقاء فيو عوضا مف بقاءه دوف عمؿ أ و دوف‬
‫‪2‬‬
‫السكف فيرتكب جرائـ ليحاكـ عمييا بالظرؼ العود إلعادتو لمسجف‪.‬‬

‫‪ 1‬العوجي مصطفى ‪ ،‬التأىؿ اإلجتماعي في المؤسسات العقابية ‪ ،‬مؤسسة بخشوف لمنشر والتوزريع لبناف سنة ‪، 1993‬‬
‫ص ‪.197/196‬‬
‫‪2‬‬
‫الدكتور عبد الرحماف خمفي‪ ،‬مرجع سابؽ ‪،‬ص‪355 /354‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫الفصل الثاني‬

‫دور األنظمة العقابية احلديثة يف‬

‫معاجلة اجلرمية يف اجلزائر‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫ج ــاء قــانــون تنظيــم السجــون واعادة‬ ‫* المبحث األول‪:‬األنظمة العقابية الحديثة‪:‬‬


‫اإلدماج اإلجتماعي لممحبوسين بأحكام جديدة تيدف إلى إعادة إدماج المحبوس في‬
‫المجتمع ‪ ،‬ولعل أىم ىذه األنظمة ىي نطاق اإلفراج المشروط ونظام الحرية النصفية وكذا‬
‫نظام الورشات الخارجية ولكن سنتطرق إلى السياسة العقابية التقميدية‪.‬‬
‫ففي ىذه السياسة العقابية لم يكن اإلتجاه العقابي التقميدي موحدا بل إنقسم إلى‬
‫إتجاىين وىنا نميز بين المدرسة التقميدية التي ترى بأن اليدف االساسي من العقوبة ىو‬
‫تحقيق فكرة الردع العام وبين المدرسة التقميدية الجديدة التي أضافت ىدفا أخر لمقعوبة‬
‫‪1‬‬
‫تمثل في تحقيق فكرة العدالة إلى جانب تحقيق الردع العام‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المدرسة التقميدية‪ :‬نشأت المدرسة التقميدية في ظروف ساد فيو خمل كبير في النظام‬
‫العقابي حيث إتسمت العقوبات بالشدة والقسوة وعم التناسب مع مقدار الضرر الذي‬
‫أحدثتو الجريمة بالمجتمع ‪ ،‬كما تميز القضاء بالتحكم والتعسف واإلستبداد إلرضاء الحاكم‬
‫وبعيدا عن تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين‪.‬‬
‫ويرجع الفضل في اإلستنكار و التنديد بتعسف واستبداد القضاء إلى الفيمسوف اإليطالي‬
‫"سيزار بونزانا دي بيكاريا" من خالل إصدار مؤلفة الشيير " الجرائم والعقوبات لعام‬
‫‪ " 1767‬الذي يعد نقطة تحول في تاريخ السياسة العقابية وقد توالت محاوالت اخرى عمى‬
‫يد كل من العالم اإلنجميزي ‪ :‬جيرمي بنتام " والعالم األلماني " أنسمم فويرباخ" والعالم‬
‫‪2‬‬
‫اإليطالي " فيال ميجري "‪.‬‬
‫‪ -‬وفقا ليذه النظرية يرجع أساس حق الدولة في العقاب إلى تنازل االفراد عن بعض‬
‫حرياتيم وحقوقيم لصالح المجتمع مقابل المحافظة عمى باقي الحقوق والحريات ومن ثم‬
‫يكون جزاء الخروج عمى الجماعة بالقدر الالزم عمى باقي الحقوق فيذا القدر ىو ما يمزم‬

‫‪1‬عمر خوري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صفحة ‪30/29/28‬‬


‫‪ 2‬سيزار دي بكاريا ‪ ،‬الجرائم والعقوبات ‪ ،‬ترجمة د‪ ،‬يعقوب محمد حياتي ‪ ،‬مؤسسة الكويت لمتقدم العممي‪ ،‬الكويت ‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪.1985‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫حتما إلقامة السمطة في الجماعة حتى تتمكن من إقرار االمن والمحافظة عمى حقوق‬
‫وحريات األفراد فييا حيث تعاقدوا عمى العيش في أمن وسالم ووالء لسمطة موحدة وعميو‬
‫الجريمة تعتبر إخالل بيذا العقد وتوجب توقيع العقاب فيذا ىو التبرير لمعقاب في ظل‬
‫المدرسة التقميدية و يترتب عمى ىذا التبرير النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ -01‬الشرعية الجنائية كأساس لمعقاب (مدونة العقوبات الفرنسية عام ‪ 1791‬ىذا المبدأ)‬
‫‪ -02‬المنفعة العامة كأساس لمعقاب (الفيمسوف األلماني "جيرمي بنتام مؤلفة مبادئ‬
‫‪1‬‬
‫األخالق والتشريع ومؤلفة المدني والجنائي لعام ‪.)1881‬‬
‫‪ -03‬حرية اإلختبار المطمقة كأساس لقيام المسؤولية (المشرع الفرنسي بوضعو لقانون‬
‫العقوبات ‪.1791‬‬
‫المطمب األول‪ -:‬نظام اإلفراج المشروط ونظام الحرية النصفية‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬نظام اإلفراج المشروط‪:‬‬
‫ىو ذلك النظام الذي يسمح من خاللو بإطالق سراح المحكوم عميو الموقوف قبل إنتياء‬
‫مدة العقوبة المحكوم بيا عمييم مقابل الموافقة عمى شروط أو باألحرى ىو إجراء يسمح‬
‫باإلفراج عن المحكوم عمييم الذي يثبت حسن سيرتو وسموكو قبل ذات العقوبة ذلك‬
‫بإعفاءه من تنفيذ المدة المتبقية من العقوبة داخل المؤسسة العقابية وقد ظير ىذا النظام‬
‫قديما حيث عرف لدى اإلمبراطورية النمساوية ثم إنتشر ليشمل معظم التشريعات في‬
‫‪2‬‬
‫العالم‪.‬‬
‫*‪/‬اإلفراج المشروط في أصمو أن وسائل إعادة تربية المحبوسين تنفذ داخل‬
‫المؤسسات العقابية سواء في البيئة المغمقة أو نظام الورش الخارجية أو نظام الحرية‬
‫النصفية أو مؤسسة البيئة المفتوحة والتي تيدف إلى إعادة تربية المحبوسين واصالحيم‬

‫‪ 1‬عمي أحمد راشد ‪ ،‬القانون الجنائي وأصول النظرية العامة ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار النيضة العربية ‪ ،‬القاىرة ‪، 1974‬‬
‫ص‪.25‬‬
‫‪2‬‬
‫ياسر أنور عمي ‪،‬المدخل إلى دراسة القانون الجنائي ‪ ،‬القاىرة ‪ ، 1967 ،‬ص ‪49‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫وتأىيميم إلعادة إدماجيم في المجتمع بعد اإلفراج عنيم نيائيا والذي جاء عمى أثر‬
‫التطور الذي شيدتو السياسة العقابية ودورىا في التأىيل عمى وظيفتيا في تحقيق العدالة‬
‫والردع العام وقد ظيرت الدعوة ليذا النظام عمى يد القاضي دي مارساني في منتصف‬
‫القرن التاسع عشر ‪ ،‬وأخذ بو المشرع الفرنسي ألول مرة في القانون الصادر في ‪ 04‬أوت‬
‫‪ .1885‬وقد ورد ت بشأن اإلفراج المشروط عدة تعريفات نذكر منيا‪ :‬أ‪ /‬ىو إطالق سراح‬
‫المذنب من مؤسسة عقابية قضى فييا شط ار من العقوبة المحكوم عميو بيا شرط أن يبقى‬
‫عمى سموكو الحسن في رعاية وتحت رقابة المؤسسة أو أي جية أخر تعترف بيا الدولة‬
‫‪1‬‬
‫حتى يستوفي مدة عقوبتو‪.‬‬
‫ب‪ /‬تعميق تنفيذ الجزاء الجنائي قبل إنقضاء كل مدتو المحكوم بيا ‪ ،‬متى تحققت بعض‬
‫الشروط والتزام المحكوم عميو بإحترام ما يفرضو عميو من إجراءات خالل المدة المتبقية‬
‫من ذلك الجزاء‪.‬‬
‫ج‪ /‬إخالء سبيل المحكوم عميو الذي قضى فترة معينة من العقوبة قبل إنقضاء مدة العقوبة‬
‫تحت شرط أن يسمك سموكا حسنا أثناء وضعو تحت المراقبة و اإلختبار‪.‬‬
‫د‪ /‬إطالق سراح المسجون قبل إنتياء مدة عقوبتو إذا توافرت شروط معينة‪.‬‬
‫ه‪ /‬وقف تنفيذ المدة المتبقية من العقوبة السالبة لمحرية مصحوب بإجراءات الرقابة‬
‫والمساعدة يمنح لممحكوم عميو في حالة إحترامو لبعض الشروط‪.‬‬
‫ه‪ /‬نظام بمقتضاه تقوم اإلدارة العقابية باإلفراج عمى المحكوم عميو قبل إنتياء مدة‬
‫العقوبة‪.‬‬

‫‪ 1‬عمي بن عبد القادر القيوجي ‪ ،‬عمم اإلجرام وعمم العقاب الدار الجامعية باإلسكندرية بيروت العربية ‪ 1995‬ص‬
‫‪ 340‬المادة ‪ 138‬من ق ‪.04/05‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫و‪ /‬إخالء سبيل المحكوم عميو قبل إنتياء مدة عقوبتو إذا ثبت أن سموكو أثناء وجوده‬
‫بالسجن يدعو إل الثقة واصالح حالة ‪ ،‬شريطة أن يبقى المفرج عنو حسن السموك إلى ان‬
‫تنتيي المدة المتبقية من الحكم الصادر عميو واال أعيد ثانية لمسجن لتنفيذ المدة المتبقية‪.‬‬
‫ز‪ /‬أسموب من أساليب المعاممة خارج المؤسسات العقابية ‪ ،‬يجوز بمقتضاه إطالق سراح‬
‫المحكوم عمييم بعقوبة سالبة لمحرية ‪ ،‬قبل إنقضاء كل المدة المحكوم بيا عمييم‪.‬‬
‫ك‪ /‬إطالق سراح المحكوم عميو بعقوبة سالبة لمحرية قبل إنقضاء المدة المحكوم بيا‬
‫إطالق المحكوم بيا بشروط معينة تقيد من الحرية وفي حالة مخالفة ىذه الشروط يعاد‬
‫‪1‬‬
‫تنفيذ باقي مدة العقوبة المقضى بيا‪.‬‬
‫*‪ /‬بداية لذلك قام الدكتور(غابر يمميرابو) في نياية القرن ‪ 18‬م بدراسة حول‬
‫النظام المشروط وتقدم إلى الجمعية الوطنية الفرنسية سنة ‪ 1847‬وطبق ألول مرة بفرنسا‬
‫بتاريخ"‪ ، 1885/08/15‬كما سبق تطبيقو في إنجمت ار سنة ‪ 1803‬ليتنقل إل البرتغال ثم‬
‫ألمانيا وأخذ بو المشرع الجزائري من خالل قانون تنظيم السجون واعادة إدماج المحبوسين‬
‫في الفصل الثالث من الباب السادس من المواد ‪ 134‬إلى ‪ 150‬وبالتالي يعد منحة أجازىا‬
‫المشرع وجعميا مكافأة يجازي بيا المحبوس وفقا لمشروط المتوفرة فيو منيا الشروط‬
‫‪2‬‬
‫الشكمية والشروط الموضوعية‪.‬‬
‫أ‪ -‬الشروط الشكمية‪ :‬تتمثل في وجوب تقديم طمب من المحبوس شخصيا أو ممثمو‬
‫القانوني أو في شكل إقتراح من قاضي تطبيق العقوبات أو مدير المؤسسة العقابية‬
‫بمقتضى منصوص المادة ‪ 137‬من قانون تنظيم السجون واعادة اإلدماج اإلجتماعي‬
‫لممحبوسين‪ ،‬كما إشترطت المادة ‪ 140‬من نفس القانون تكوين ممف اإلفراج المشروط‬
‫وجوبا عمى تقرير مسبب لمدير المؤسسة أو مدير المركز حسب الحالة حول السيرة‬

‫‪1‬‬
‫عمي بن عبد القادر القيوجي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 340‬المادة ‪ 138‬من ق ‪.04/05‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الرحمان خمفي ‪ ،‬مرجع‪ ،‬ص ‪.345/344‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫والسموك والمعطيات الجدية لضمان إستقامة المحكوم عميو ومدى قابميتو لمتأىيل‬
‫واإلصالح اإلجتماعي (قانون ‪ 04/05‬من المرسوم التنفيذي ‪ 1)180/05‬ويصدر من‬
‫قاضي تطبيق العقوبات إذا كان باقي العقوبة يساوي أو يقل عن ‪ 24‬شي ار ‪ ،‬ومن خالل‬
‫المواد ‪ 134‬إلى ‪ 136‬نجد أن المشرع الجزائري وضع عدة شروط لتقرير اإلفراج‬
‫المشروط لممحكوم عميو بعضيا يتعمق إما بالمحكوم عميو واما مدة العقوبة واما‬
‫بااللتزامات المالية في ذمة المحكوم عميو ويحرر مقرر اإلفراج المشروط في ثالث نسخ‬
‫أصمية ويوقع من قاض تطبيق العقوبات أو وزير العدل حسب الحالة عمى نسخة واحدة‬
‫تحتفظ بيا اإلدارة العقابية المركزية وترسل الثانية إلى مدير المؤسسة العقابية والثالثة تسمم‬
‫‪2‬‬
‫لممفرج عنو‪.‬‬
‫‪ -‬كما يمكن لوزير العدل أن يصدر مقرر اإلفراج المشروط إذا كان باقي العقوبة أكثر‬
‫من سنتين طبقا لنص المادة ‪ 142‬من قانون تنظيم السجون ‪.04/05‬‬
‫ب‪ -‬الشروط الموضوعية‪ :‬نصت عمييا المادة ‪ 134‬وتتعمق بصفة المستفيد ومدة العقوبة‬
‫التي قضاىا والمحكوم بيا عميو و ىي ‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون المحكوم عميو بعقوبة سالبة لمحرية‪.‬‬
‫‪ -‬المحبوس الذي يبمغ عن حادث خطير‪.‬‬
‫‪ -‬حسن السيرة والسموك مع إظيار ضمانات إصالح حقيقة‪.‬‬
‫– المحبوس المصاب بالمرض‪.‬‬
‫‪ -‬المحبوس المبتدئ تحدد فترة اإلختبار بنصف الحرية‪.‬‬
‫‪ -‬المحبوس المعتاد تحدد فترة اإلختبار بثمثي العقوبة بيا عميو عمى أن ال تقل عن سنة‬
‫واحدة‪.‬‬
‫وتكون فترة اإلختبار لممحبوس المحكوم عميو بعقوبة السجن المؤبد بـ ‪ 15‬سنة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫قانون رقم ‪ ، 50/50‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫عمي عبد القادر القيوجي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 340‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫كما يمكن أن يستفيد من نظام اإلفراج المشروط دون شرط فترة اإلختبار‬
‫وذلك ألسباب صحية إذا كان المحبوس مصابا بمرض أو إعاقة دائمة تتنافى مع بقائو‬
‫في المؤسسة العقابية طبقا لنص ‪ 148‬قانون تنظيم السجون ومن أىداف نظام اإلفراج‬
‫المشروط وفق التعديالت الجديدة بذات القانون ىو إطالق سراح المحكوم عميو الذي‬
‫إستوفت فيو الشروط السالفة الذكر واعفائو من قضاء العقوبة المتبقية لو والغاية من ذلك‬
‫‪1‬‬
‫ىو مساعدتو عمى إعادة إدماجو بالمجتمع‪.‬‬
‫*‪ /‬الجهة المختصة باإلفراج المشروط ‪:‬‬
‫لم تنتيج التشريعات نيجا واحدا في الجية المختصة بتقرير اإلفراج المشروط‪:‬‬
‫ىناك من التشريعات من أوكل ىذا األمر إلى السمطة التنفيذية ممثمة في القائمين عمى‬
‫التنفيذ العقابي وىذا ما أخذ بو المشرع المصري الذي أناط اإلختصاص باإلفراج المشروط‬
‫لمدير عام السجون (المادة ‪ 53‬من قانون تنظيم السجون) كما أعطت المادة ‪ 03/63‬من‬
‫نفس القانون لمنائب ا لعام سمطة النظر في الشكاوي التي تقدم بشأن اإلفراج تحت شرط‬
‫واتخاذ ما يراه مناسبا فاإلفراج المشروط في القانون المصري طابع إداري أما تشريعات‬
‫تخول قاضي مختص بالتنفيذ سمطة إصدار قرار اإلفراج المشروط فمثال‪ :‬قانون‬
‫اإلجراءات الجنائية الب ارزيمي الذي أعطى ىذا اإلختصاص بناء عمى إقتراح المجمس‬
‫العقابي أو طمب المحكوم عميو ‪ ،‬وبعد أحذ رأي النيابة العامة ‪ ،‬وفي ألمانيا نص قانون‬
‫محاكم األحداث عمى إختصاص القاضي الذي يقع عميو عبء اإلشراف عمى تنفيذ‬
‫العقوبات بإصدار قرار منح اإلفراج المشروط بالنسبة لممحكوم عمييم األحداث(المادتان‬
‫‪ 88‬و‪ 89‬من قانون محاكم األحداث ) وىناك من التشريعات من لم يخول قاضي التنفيذ‬
‫سوى صفة إبداء الرأي بمنح اإلفراج المشروط مع جعل سمطة إصدار القرار في يد اإلدارة‬
‫العقابية وىذا ما ذىب إليو المشرع اإليطالي بالنسبة لقاضي اإلشراف (المادة‪176‬عقوبات‬

‫‪1‬‬
‫الدكتور عبد الرحمان خمفين مرجع سابق‪ ،‬ص ‪344‬و‪.345‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫إيطالي والمادة ‪ 144‬إ ج )أما المشرع الجزائري فقانون تنظيم السجون ‪ 05/04‬فقد منح‬
‫من قاضي تطبيق العقوبات ووزير العدل حق تقرير اإلفراج المشروط وذلل حسب المدة‬
‫المتبقية من العقوبة المحكوم بيا ‪ ،‬أما التشريع الفرنسي فكان يخول لقاضي تطبيق‬
‫العقوبات حق تقرير اإلفراج المشروط إذا لم تتجاوز مدة العقوبة السالبة لمحرية المحكوم‬
‫بيا ‪ 03‬سنوات (المادة ‪730‬إ ج المعدلة بقانون ‪ 1226 / 72‬الصادر في‬
‫‪ )1972/12/29‬إذا زادت مدة المحكوم بيا عن ذلك يرفع األمر إلى وزير العدل الذي لو‬
‫سمطة إصدار األمر باإلفراج المشروط بعد أخذ رأي المجنة االستشارية لإلفراج المشروط‬
‫‪1‬‬
‫في و ازرة العدل‪.‬‬
‫أثار اإلفراج المشروط ‪:‬‬
‫يترتب عمى اإلفراج المشروط التوقيف المؤقت لتنفيذ العقوبة السالبة لمحرية لمدة تسمى‬
‫بمدة اإلختبار‪.‬‬
‫ولقد إختمفت التشريعات العقابية في تحديد ىذه المدة‪:‬‬
‫ففي قانون السجون المصري حددت المدة بخمس سنوات في حمة السجن المؤبد محسوبة‬
‫من تاريخ اإلفراج المؤقت أو بقية مدة العقوبة في حالة العقوبات السالبة لمحرية األخرى‪،‬‬
‫أما في قانون اإلجراءات الفرنسي وطبقا لممادة ‪2/732‬و‪ 3‬من قانون اإلجراءات الجزائية ‪،‬‬
‫فإن مدة اإلختبار ىي المدة المتبقية من العقوبة إذا كانت ىذه األخيرة مؤقتة ويمكن زيادة‬
‫تمك المدة إلى سنة كحد أقصى ‪ ،‬أما إن كانت العقوبة مؤبدة فإن فترة اإلختبار تتراوح‬
‫بيت خمس إلى عشر سنوات‪.‬‬
‫ولعل أىم األثار التي يمكن أن تترتب عمى منح اإلفراج المشروط ‪ ،‬إمكانية‬
‫إخضاع المفرج عنو لعدد من تدابير المساعدة والرقابة ولعدد من اإللتزامات التي تعين‬
‫عمى إعادة اإلدماج اإلجتماعي لممفرج عنو ‪ ،‬غير ان التشريعات قد تباينت في ىذا نتيجة‬

‫‪1‬‬
‫عمي عبد القادر القيوجي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 340‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫إلختالف كل منيا في النظرة إلى اإلفراج المشروط ‪ ،‬فترى بعض التشريعات عدم فرض‬
‫إلتزامات عمى المفرج عنو عمى إعتبار أن حسن السموك لممحبوس داخل المؤسس ة‬
‫العقابية كافي لتوقع إستمرار المحكوم عميو في إحترام القانون بعد اإلفراج عنو فضال عمى‬
‫أن التيديد بإلغاء اإلفراج المشروط إذا وقعت من المفرج عنو جريمة في المستقبل ‪ ،‬كاف‬
‫ألن يسمك الطريق القويم وىذا اإلتجاه يتفق مع النظرة التقميدية لإلفراج المشروط بإعتباره‬
‫منحة اليدف منو مكافأة المحكوم عميو عمى حسن سموكو أثناء تنفيذ العقوبة المحكوم بيا‪.‬‬
‫كما أخذ قانون دولة رومانيا بعدم فرضو أي إلتزامات عمى المفرج عنو بشرط ‪ ،‬سوى عدم‬
‫‪1‬‬
‫إرتكاب جريمة جديدة قبل إنتياء المدة المتبقية من العقوبة المحكوم بيا‪.‬‬
‫غير أن المفيوم الحديث لإلفراج المشروط بإعتباره أسموبا إلعادة تربية‬
‫المحبوس في الوسط الحر ييدف إلى إعادة إدماج المحكوم عميو إجتماعيا ‪ ،‬يوجب‬
‫إخضاع المفرج عنو لمجموعة من اإللتزامات يتعين عميو إحتراميا حتى ال يتعرض إللغاء‬
‫اإلفراج المشروط‪.‬‬
‫وفي ظل ىذا المفيوم ‪،‬فإن كثير من التشريعات تذىب إلى فرض إلتزامات عمى المفرج‬
‫عنو بشرط لمساعدتو عمى اإلصالح والتأىيل ‪ ،‬وضمن ىذا اإلتجاه تذىب بعض‬
‫التشريعات كقانون األلماني والسويسري إلى إخضاع المفرج عنو لذات اإللتزامات التي‬
‫يجوز فرضيا عمى من يحكم عميو بالعقوبة مع إيقاف التنفيذ والوضع تحت اإلختبار‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمقانون الجزائري فبمجرد اإلفراج عن المحبوس فإنو يخضع لتدابير الرقابة‬
‫والمساعدة خالل المدة المتبقية من العقوبة (المادة ‪ 145‬من القانون ‪ 04/05‬تنظيم‬
‫السجون)‪ ، 2‬وعميو إذا أخمى المفرج عنو بشرط بأحد التدابير أو اإللتزامات العامة أو‬
‫الخاصة التي تضمنيا مقرر اإلفراج المشروط إ ذا إرتكب جريمة جديدة خالل ىذه الفترة‬

‫‪1‬‬
‫عمر خوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 433‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 500‬من ق ‪ ، 50/50‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫ترتب عمي إلغاء مقر اإلفراج المشروط حيث تتمثل اآلثار المترتبة عمى اإلفراج المشروط‬
‫‪1‬‬
‫في تدابير الوقاية المفروضة عمى المفرج عنو وفي إلغاء مقرر اإلفراج المشروط‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تدابير الرقابة والمساعدة‪:‬‬
‫تيدف ىذه تدابير التي تخضع ليا المفرج عنو بشرط إلى تسييل تأىيمو إلعادة إندماجو‬
‫في الحياة اإلجتماعية والمينية بعد اإلفراج النيائي وىناك نوعان من التدابير يخضع ليا‬
‫المفرج عنو بشرط تتمثل في تدابير الرقابة والمساعدة‬
‫ثانيا‪ :‬إلغاء مقرر اإلفراج المشروط ‪:‬أثناء مدة سريان تدابير الرقابة والمساعدة التي‬
‫حددىا مقرر اإلفراج المشروط إذا خالف المفرج عنو بشرط أحد ىذه التدابير أو أخل بأحد‬
‫اإللتزامات المفروضة عميو أو أرتكب جريمة أخرى وفقا لمحاالت التالية‪:‬‬
‫حاالت إلغاء مقرر اإلفراج المشروط ‪ :‬لقد نص المشرع الجزائري عمى حاالت ثالث‬
‫يجوز فييا إلغاء مقرر اإلفراج المشروط في المادة ‪ 147‬من قانون تنظيم السجون وتتمثل‬
‫في ‪ :‬حالة صدور حكم جديد وحالة إخالل أحد اإللتزامات العامة أو الخاصة‪.‬‬
‫أثار إلغاء مقرر اإلفراج المشروط‪ :‬إذا أصدر قاضي تطبيق لعقوبات أو وزير العدل‬
‫مقرر إلغاء اإلفراج المشروط‪ ،‬يترتب عمى ىذا المقرر إعادة المحبوس إلى المؤسس‬
‫العقابية لقضاء ما تبقى لو من مدة العقوبة إلى ان يفرج عنو نيائيا (المادة‪3/147‬‬
‫ق‪.‬ت‪.‬س)‪ ،‬أما بخصوص المدة المتبقية التي يقضييا المحبوس بعد إيداعو السجن مرة‬
‫ثانية فيي المدة التي قضاىا في نظام اإلفراج المشروط ‪ ،‬وىذا ما ستخمصو من نص‬
‫المادة ‪ 3/147‬السالفة الذكر‪،‬بمعنى أن المدة التي قضاىا المحبوس خارج المؤسس‬
‫العقابية قبل إلغاء اإلفراج المشروط تحسب‪.‬‬
‫إذا أعيد المحبوس إلى المؤسسة العقابية ‪ ،‬فيل يحوز منحو اإلفراج المشروط مرة ثانية‬
‫خالل المدة المتبقية من العقوبة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عمر خوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 435/434/433‬‬

‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫لم يرد نص في قانون تنظيم السجون بيذا الشأن وعميو فال يجوز منح اإلفراج مرة ثانية ‪،‬‬
‫إذا يتعين عمى المحبوس قضاء المدة خارج اإلفراج النيائي ‪ ،‬عكس المشرع المصري‬
‫حيث تنص المادة ‪ 62‬من قانون تنظيم السجون عمى إمكانية منح اإلفراج مرة ثانية‬
‫‪1‬‬
‫لممحكوم عميو متى توافرت شروطو‪.‬‬
‫وىذا ما نصت عميو المادة ‪ 61‬من قانون تنظيم السجون المصري والمادة ‪ 733‬الفقرة‬
‫األخيرة من قانون اإلجراءات الجزائية الفرنسي ‪ ،‬وعميو يجوز لإلدارة العقابية إلغاء اإلفراج‬
‫المشروط بعد إنقضاء المدة المتبقية من العقوبة المحكوم بيا عمى المفرج عنو نيائيا‬
‫واعادتو إلى المؤسسة العقابية‪.‬‬
‫ومما سبق ‪ ،‬يتضح لنا أن اإلفراج المشروط ىو أخر مرحمة من تنفيذ العقوبة السالبة‬
‫لمحرية قبل اإلفراج النيائي ‪ ،‬وىو أسموب متميز عن أساليب المعاممة األخرى كونو ينفذ‬
‫خارج المؤسسة العقابية مع تقييد حرية المفرج عنو بشرط بإخضاعو إلى تدابير المراقبة‬
‫والمساعدة و اإل لتزامات العامة والخاصة ‪ ،‬التي تضمنيا مقرر اإلفراج المشروط خالل‬
‫المدة المتبقية من العقوبة المحكوم بيا عميو و يبقى اليدف واحد ‪ ،‬ألن منح اإلفراج‬
‫المشروط يرمي إلى تشجيع المحبوس عمى إلتزام السموك الحسن داخل المؤسسة العقابية‬
‫وخارجيا ‪ ،‬كما يساىم في إصالحو واعادة تربيتو عمى الحياة اإلجتماعية والمينية العادية‬
‫فيسيل إندماجو في المجتمع بعد اإلفراج عنو نيائيا‪.‬‬
‫لقد أعطى القانون فرصة اإلستفادة من نظام اإلفراج المشروط لكل المحبوسين بدون‬
‫إستثناء حتى الذين حكم عمييم بعقوبة السجن المؤبد‪.‬‬
‫الفـرع الثاني‪ :‬نظام الحرية النصفية‪:‬‬
‫يعد نظام الحرية النصفية آخر مراحل النظام التدريجي باعتباره مرحمة وسط ما بين‬
‫الحبس والحرية ‪،‬حيث تسيل بمقتضاىا العودة لمحياة الطبيعية‪ ،‬بالنسبة لممحكوم عمييم‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 62‬من قانون تنظيم السجون‬

‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫بعقوبات طويمة‪ ،‬كما ّأنو ال يقل أىمية بالنسبة لممحكوم عميو بعقوبات قصيرة المدة‪ ،‬إذ‬
‫يسمح لو باالقتراب من الوسط االجتماعي وباالبتعاد عن البيئة المغمقة‪ ،‬التي قد تفسد‬
‫بعض السجناء أكثر ما تصمحيم‪ ،‬ويقوم نظام الحرية النصفية أساسا عمى مبدأ الثقة التي‬
‫يكسبيا المحكوم عميو انطالقا من انضباطو واستقامتو داخل المؤسسة العقابية‪ ،‬وفيما يمي‬
‫سنتعرض إلى مفيوم نظام الحرية النصفية والى االلتزامات التي تقع عمى عاتق المستفيد‬
‫من ىذا النظام‪.‬‬
‫كما نصت عميه المادة ‪ 104‬من قانون العقوبات ىو نظام الحرية النصفية‪ ،‬وضع‬
‫المحبوس المحكوم عميو نيائيا‪ ،‬خارج المؤسسة العقابية خالل النيار‪ ،‬بصفة انفرادية دون‬
‫كرس المشرع ىذا النظام لتحقيق‬
‫حراسة أو رقابة اإلدارة‪ ،‬ليعود إلييا مساء كل يوم‪ ،‬وقد ّ‬
‫غايات متعددة‪ ،‬بما فييا تأدية عمل‪ ،‬مزاولة الدروس في التعميم العام أو التقني‪ ،‬متابعة‬
‫دراسات عميا أو تكوين ميني حسب ما نصت عميو المادة ‪ 105‬من نفس القاتون‪ ،‬وىو‬
‫بذلك نظام بديل‪ ،‬يستبدل العقوبة السالبة لمحرية بعقوبة أخف منيا من خالل إلحاق‬
‫المحكوم عميو بالعمل وفقا لنفس األوضاع التي يعمل فييا العمال األحرار دون الخضوع‬
‫‪1‬‬
‫لرقابة مستمرة من قبل الموظفين داخل المؤسسة العقابية‪.‬‬
‫وتتمثل الفئات التي تستفيد من ىذا النظام‪ ،‬حسب المادة ‪ 106‬من القانون رقم ‪04-05‬‬
‫في المحبوس المبتدئ الذي لم يسبق الحكم عميو بعقوبة سالبة الحرية والذي بقي عمى مدة‬
‫العقوبة المحكوم بيا عميو أربعة وعشرين ‪ 24‬شيرا‪ ،‬المحبوس الذي سبق الحكم عميو‬
‫بعقوبة سالبة لمحرية والذي قضى نصف ½ العقوبة المحكوم بيا عميو‪ ،‬وبقي عمى‬
‫انقضائيا مدة ال تزيد عن أربعة وعشرين شيرا‪ 2،‬أما في ظل األمر رقم ‪ 02/72‬فإن‬
‫االستفادة من نظام الحرية النصفية تقتصر عمى المحكوم عمييم‪ ،‬الذين ال تزيد المدة‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 108 -105 – 104‬من قانون العقوبات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 106‬من القانون ‪. 05-04‬‬

‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫الباقية النقضاء عقوبتيم اثني عشر شي ار‪ 12‬شي اًر‪ ،‬وذلك عمى خالف القانون الجديد‪،‬‬
‫الذي حدد المدة المتبقية النقضاء عقوبة المحكوم عميو ‪.‬‬
‫يوضع المحبوس في نظام الحرية النصفية‪ ،‬بموجب مقرر استفادة يصدر عن‬
‫قاضي تطبيق العقوبات‪ ،‬بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات‪ ،‬مع إشعار المصالح‬
‫المختصة بو ازرة العدل‪ ،‬وذلك وفقا لنص المادة ‪ ،2/106‬في حين أنو منحت صالحية‬
‫إصدار مقرر االستفادة في ظل األمر رقم ‪( 02/72‬ممغى)‬
‫لوزير العدل بعد إشعاره من قاضي تطبيق األحكام الجزائية والذي يقدم اقتراحو بعد إشعار‬
‫لجنة الترتيب والتأديب‪ ،‬كما أن نظام الحرية النصفية يستمزم عمى السجين أن يممك مبمغا‬
‫من المال يسمح لو بالتنقل وتناول وجبة غذائية‪ .‬وفي سياق ىذا جاءت المادة ‪ 108‬التي‬
‫يؤذن بموجبيا المستفيذ من نظام الحرية النصفية ‪ ،‬بحيازة مبمغ مالي من مكسبو المودع‬
‫بحسابو ‪.‬‬
‫الجهات التي تصدر قرار الوضع في نظام الحرية النصفية ‪ :‬لقد منحت التشريعات‬
‫العقابية حق إصدار قرار الوضع في نظام الحرية النصفية في عدة جيات قد تكون‬
‫المحكمة الجنائية المختصة أو قاضي تطبيق العقوبات و وزير العدل ومن بينيا التشريع‬
‫الفرنسي الذي أعطى الحق لياتو الجيات‪.‬‬
‫نظامالحرية النصفية في القانون الجزائري‪ :‬لقد طبق النظام التدريجي في تنفيذ العقوبة‬
‫السالبة لمحرية حيث أخذ بنظام الحرية النصفية كمرحمة ثالثة بعد البيئة المغمقة و‬
‫الورشات الخارجية وبمقتضى نظام الحرية النصفية يسمح بإستخدام المحبوس خارج‬
‫المؤسسة لممارسة أي شغل أو لمزاولة دروس في التعميم العالي في إحدى الجامعات ‪ ،‬أو‬
‫لتمقي تكوين ميني دون مراقبة اإلدارة العقابية وفي ىذا الصدد تنص المادة ‪ 104‬من‬
‫قانون تنظيم السجون عمى ما يمي ‪ :‬يقصد بنظام الحرية النصفية وضع المحبوس‬

‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫المحكوم عميو نيائيا خارج المؤسسة خالل النيار منفردا ودون حراسة أو رقابة اإلدارة‬
‫‪1‬‬
‫ليعود إلييا مساء كل يوم ‪.‬‬
‫المادة ‪ 105‬تمنح اإلستفادة من نظام الحرية النصفية لممحبوس ن لتمكنو من تأدية عمل‬
‫أو مزاولة دروس في لتعميم العام أو التقني أو متابعة دراسات عميا أو تكوين ميني ويكون‬
‫وضع المحبوس في نظام الحرية النصفية بناء عمى مقرر صادر من قاضي تطبيق بعد‬
‫إستشارة لجنة تطبيق العقوبات التابعة لممؤسسة العقابية بعد إشعار المصالح المختصة‬
‫بو ازرة العدل طبقا لممادة ‪ 2*106‬والمادة‪ 4-24‬من قانون تنظيم السجون‪.‬‬
‫أ‪ /‬شروط الوضع في نظام الحرية النصفية‪ :‬طبقا لنص المادة ‪ 106‬من ذات القانون‬
‫فإنو يمكن أن يستفيد في نظام الحرية النصفية المحبوس‪ -:‬المحكوم عميو المبتدئ الذي‬
‫بقي عمى إنقضاء عقوبتو أربعة وعشرون شيرا‪.‬‬
‫‪ -‬المحكوم عميو الذي سبق الحكم عميو بعقوبة سالبة لمحرية ‪ ،‬وقضى نصف العقوبة‬
‫‪2‬‬
‫وبقي عمى إنقضائيا مدة ال تزيد عن أربعة وعشرون شيرا‪.‬‬
‫ب‪ /‬إجراءات الوضع في نظام الحرية النصفية‪:‬تتمثل فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬تعيين المحبوس المستفيد من الحرية النصفية بصفة منفردة‪.‬‬
‫‪ -‬تحرير صاحب العمل تصريح بتشغيل المحبوس تحت مسؤليتو‪.‬‬
‫‪ -‬قبل الخروج من المؤسسة تسميم لممحبوس المقبول في نظام الحرية النصفية وثيقة تثبت‬
‫شرعية وجوده خارج المؤسسة العقابية‪.‬‬
‫‪ -‬يمنح المحبوس مكافآت العمل المادة ‪.98‬‬
‫‪ -‬يغادر المحبوس المؤسسة وىو يرتدي المباس العادي ويحمل معو مبمغ مالي تدفعو‬
‫اإلدارة العقابية إلداء مصاريف النقل واإلطعام () المادة ‪01-108‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 550‬من القانون ‪. 50/50‬‬
‫‪2‬غبدالرحمان خمفي‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.343‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫ثانيا‪ :‬التزامات المسجون المستفيد من نظام الحرية النصفية‪.‬‬


‫بمجرد استفادة السجين من نظام الحرية النصفية يكون ممزما بإمضاء تعيد كتابي‪ ،‬يتقيد‬
‫من خاللو بالشروط المنصوص عمييا في مقرر االستفادة والتي تتعمق بسموكو خارج‬
‫المؤسسة العقابية‪ ،‬باإلضافة إلى حضوره الفعمي في أماكن العمل أو الدراسة أو التكوين‬
‫مع تحديد أوقات الدخول‪ ،‬كما يمتزم المحبوس بالرجوع إلى المؤسسة العقابية كل مساء‪،‬‬
‫كما يمتزم باحترام شروط التنفيذ الخاصة التي يتم تحديدىا بصفة فردية و بالنظر إلى‬
‫‪1‬‬
‫شخصية المحكوم عميو‬
‫جزاء اإلخالل باإللتزامات‪:‬‬
‫في حالة إخالل وخرق المحبوس المستفيد من النظام‪ ،‬إلحدى التزاماتو‪ ،‬يأمر مدير‬
‫المؤسسة العقابية بإرجاع المحبوس‪ ،‬كما يكون عميو إخبار قاضي تطبيق العقوبات‪ ،‬ليقرر‬
‫ىذا األخير‪ ،‬بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات‪ ،‬بإبقاء االستفادة من الحرية النصفية أو‬
‫وقفيا‪ ،‬ويمكن لو أن يمغييا بصفة نيائية‪.‬‬
‫ىذا وقد جاء في مضمون المادة ‪ 169‬من القانون رقم ‪ 04-05‬أن المحبوس الذي استفاد‬
‫من نظامالحرية النصفية ولم يرجع إلى المؤسسة العقابية‪ ،‬بعد انتياء المدة المحددة لو في‬
‫حالة فرار وىروب وبالتالي يتعرض لمعقوبات المنصوص عمييا في المادة ‪ 188‬من قانون‬
‫العقوبات‬
‫أن نظام الحرية النصفية من أىم األنظمة وأكثرىا فعالية‪ ،‬حيث‬
‫وبالتالي يمكن القول ّ‬
‫تساىم في عممية إدماج المحبوسين‪ ،‬سواء طبق ىذا األخير في مجال العمل‪ ،‬أين يتعود‬
‫المحبوس عمى الكسب الحالل ويقضي عمى الخمول واالكتئاب الذي قد يصيبو داخل‬
‫المؤسسة العقابية نتيجة الروتين اليومي‪ ،‬وذلك سواء طبق نظام الحرية النصفية في مجال‬

‫‪1‬‬
‫عمر خوري ‪ ، :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪392/391‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫التعميم والتكوين الميني‪ ،‬الذي يسمح ليم باكتساب مين وحرف تساىم في إبعادىم من‬
‫‪1‬‬
‫عالم اإلجرام‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظام إجازة الخروج‪ :‬يقصد بيذا النظام منح مكافأة لممحبوس حسن السيرة و السموك‬
‫أقصاىا ‪ 10‬أيام دون حراسة حيث تنص المادة ‪ 129‬عمى أنو‪ ((:‬يجوز لمقاضي تطبيق‬
‫العقوبات ‪ ،‬بعد أخذ رأي لجنة تطبيق العقوبات مكافأة المحبوس حسن السيرة والسموك‬
‫المحكوم عميو بعقوبة سالبة لمحرية لثالثة سنوات أو تقل عنيا بمنحو إجازة الخروج من‬
‫دون حراسة لمدة أقصاىا ‪ 10‬أيام ‪ ،‬في حين تمنح إجازة ‪30‬يوما أثناء فصل الصيف‬
‫لمحدث المحبوس من طرف كدير مركز إعادة التربي وادماج األحداث أو مدير المؤسسة‬
‫العقابية ‪ ،‬كما يستفيد من عطل إستثنائية بمناسبة األعياد الوطنية والدينية مع عائمتو في‬
‫حدود ‪ 10‬أيام في كل ثالثة أشير ‪ ،‬مكافأة لحسن سيرتو وسموكو حسب المادة ‪ 125‬من‬
‫نفس القانون ويمكن أن يتضمن مقرر منح إجازة الخروج شروط خاصة وتحدد بموجب‬
‫قرار من وزير العدل حافظ األختام))‬
‫وما يمكننا قولو في ىذا الصدد أن نظام إجازة الخروج جاء بو قانون ‪ 04/05‬ألول مرة‬
‫ولم يكن منصوص عميو من قبل في قانون تنظيم السجون الصادر في سنة ‪1972‬‬
‫ويعتبر ىذا النظام بمثابة عطمة تنمح لممحبوس مدتيا ‪ 10‬أيام دون أي حراسة ‪ ،‬يغادر‬
‫المؤسسة العقابية التجاه معموم محدود يقيد في مقرر إجازة الخروج ويشترط في المستفيد‬
‫من ىذا النظام أن يكون‪ :‬أ‪ -‬محكوم عميو نيائيا وحسن السيرة والسموك‪.‬‬
‫ب‪ -‬محكوم عميو بعقوبة تساوي أو تقل عن ‪ 03‬سنوات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رمسيس بينام ‪ :‬عمم اإلجرام ‪ ،‬الجزء الثاني والثالث من عمم اإلجتماع الجنائي وعمم السياسة الجنائية أو الوقاية‬
‫والتقويم ‪ ،‬الكتب القانونية ‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية ص ‪51-511‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫ج‪ -‬أن خروج المحبوس و إجتماعو بأسرتو يحقق فوائد عظيمة ‪ ،‬إذا يطمئن عمى‬
‫أحواليم وعمى أحوال المجتمع بصفة عامة فتيدأ نفسو وتثمر معو المعاممة العقابية مما‬
‫يساعد عمى تأىيمو واصالحو‪.‬‬
‫د‪ -‬إن إجازة الخروج تعد عطمة يكافأ من خالليا المحبوس والتي يستغميا في التقرب‬
‫من أىمو إن كانت ىناك مشاكل فيما بينيم قبل إعتقالو‪.‬‬
‫ف‪ -‬كما تعد إجازة الخروج في ظل السياسة العقابية الحالية المطبقة في النظام‬
‫الجزائري أنجع عالج لممشكمة الجنسية ‪ ،‬ذلك أن الحرمان الطويل من إشباع الرغبة‬
‫الجنسية وخصوصا في العقوبات الطويمة المدة كثي ار ما تنشأ عنو إضطرابات عصبية‬
‫ونفسية ويفضي إلى ظواىر شاذة كالعادة السرية والمواط ‪ ،‬السيما وأن المشرع الجزائري ال‬
‫يسمح بإباحة المحبوس زيارات زوجتو (حق الخموة) كما ىو في بعض األنظمة المقارنة‬
‫التي تسمح لممحبوس أن يجامع زوجتو إن كان متزوجا‪.‬‬
‫وقد سجمت نتائج إيجابية في تزايد ممحوظ حيث بمغت حصيمة نشاط لجان تطبيق‬
‫العقوبات منذ تاريخ شير جويمية ‪ 2005‬عمى مستوى المؤسسات العقابية حيث تم منح‬
‫‪ 1186‬إجازة والمشرع الجزائري بتبنيو ليذا النظام فيو يراعي من خاللو ظروف المحبوس‬
‫اإلجتماعية والعائمية وألسباب إنسانية ممحة تعترض حياة المحبوس أثناء تنفيذه لعقوبتو‬
‫وجدوه خارج أسوار السجن لممساىمة في تقديم ما تفرضو تمك األسباب أو الظروف من‬
‫واجبات فقد يمرض أحد أفراد أسرتو مرضا خطي ار يكشف عن دنو أجمو أو يموت أحدىم‬
‫فيكون من المناسب خروج المحبوس ليقف بجانب أسرتو في ىذا الظرف اإلنساني ويكمن‬
‫‪1‬‬
‫تعميق العقوبة مؤقتا لمناسبات سعيدة مثل تأدية اإلمتحانات مثال‪.‬‬
‫وفي األخير نشير أن المشرع إعتبر نظام الحرية النصفية مرحل ة إنتقالية بين البيئة‬
‫المغمقة والحياة الحرة مرو ار بنظام الورشات الخارجية ونظام البيئة المفتوحة ونظام اإلفراج‬

‫‪1‬‬
‫رمسيس بينام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪512-511‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫المشروط ولم يأخذ بو كنظام مستقل يخصص إلعتقال المحبوسين المحكوم عمييم بعقوبة‬
‫سالبة لمحرية قصيرة المدة بمجرد صدور الحكم ‪ ،‬فيذه الفئة من المحبوسين يتم وضعيا‬
‫في مؤسسات البيئة المغمقة كمؤسسات الوقاية واعادة التربية ومؤسسات إعادة التأىيل‬
‫‪1‬‬
‫بحسب مدة العقوبة المحكوم بيا طبقا لممادة ‪ 28‬من قانون تنظيم السجون‬
‫المطمب الثاني‪ - :‬نظام الورشات الخارجية‪:‬‬
‫يمكن لممحبوس المحكوم عميو العمل خارج البيئة المغمقة في ظل ثالثة أنظمة‬
‫والمتمثمة في نظام الورشات الخارجية‪ ،‬نظام الحرية النصفية ونظام مؤسسات البيئة‬
‫المفتوحة التي سنوضحيا فيما يمي‪:‬‬
‫يعد نظام الورشات الخارجية من أبرز األنظمة التي تقوم عمييا سياسة إعادة‬
‫تأىيل المساجين‪ ،‬حيث يقوم بموجبو المحكوم عميو بالعمل وفقا لظروف نفسية وبدنية‬
‫مختمفة عن ظروف المؤسسة المغمقة‪ 2.‬وفيما يمي سنتعرض إلى المقصود بنظام الورشات‬
‫الخارجية‪ ،‬ثم ندرج الفئات التي يمكنيا االستفادة منو كما سنتعرض إلى كيفية تنظيميا‪.‬‬
‫كما أنو ىو نظام مطبق بفرنسا منذ عام ‪ 1942‬حيث يشرف عمى المحكوم عمييم أثنا ء‬
‫تشغمييم خارج المؤسسة حراس وموظفو اإلدراة العقابية فيمتزم المساجين بدلة الحبس أثناء‬
‫العمل والخضوع لقواعد النظام المطبقة داخل المؤسسة‪.‬‬
‫وأمام الصعوبات التي واجيت اإلدراة العقابية في التكفل في حراسة المحكوم عمييم أغمقت‬
‫‪3‬‬
‫عام ‪ 1946‬حوالي ‪ 39‬ورشة خارجية والسبب راجع إلى التكمفة الباىظة ليذا النظام‪.‬‬
‫الفرع األول ‪:‬نظام الورشات الخارجية في القانون الفرنسي‪:‬يسمح ىذا النظام بإستخدام‬
‫المحكوم عمييم واحد او مجموعة خارج المؤسسة العقابية لمقيام بأعمال تحت رقابة اإلدراة‬

‫‪1‬‬
‫مقرر قانون تنظيم السجون ‪ ،‬يتضمن المحاضرات التي ألقيت عمى طمبة المدرسة الوطنية إلدراة السجون بسور‬
‫الغزالن ‪ 2007/2006‬ومدرسة الشرطة بعنابة في جوان ‪2007‬‬
‫‪2‬طاشور عبد الحفيظ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.108 .‬‬
‫‪3‬رمسيس بينام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪513‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫ىذا مانصت المادة ‪ 723‬ق إ ج ف ويكون ذلك لحساب المؤسسة أو إدارة عمومية أو‬
‫شخص طبيعي‪.‬‬
‫شروط الوضع في الورشات الخارجية‪ :‬إن الوضع في الورشمت الخارجية يقرره قاضي‬
‫تطبيق العقوبات بعد أحذ رأي مدير المؤسسة إذا توفرت الشروط التالية في المحكوم‬
‫عميو‪ -:‬من حيث مقدر العقوبة‪ :‬اال يتجاوز مدة العقوبة المتبقية ‪ 05‬سنوات ‪.‬‬
‫‪ -‬أاليكون قد حكم عمى السجين من قبل بعقوبة سالبة لمحرية تزيد عن مدة ‪ 06‬أشير‪.‬‬
‫‪ -‬كل محكوم عميو توافرت فيو شروط الوضع في نظام الحرية النصفية أو شروط‬
‫اإلستفادة من اإلفراج المشروط‪.‬‬
‫حسن سيرة المحكوم عميه‪ :‬يوضع ىذا النظام المحكوم عميو الذي يتحمى بالسموك الحسن‬
‫ويبدي إستخدامو الكامل بإلصالحو وتأىيمو ويقدم ضمنانات كافية لممحافظة عمى األمن‬
‫والنظام العام أثناء قيامو بالعمل خارج المؤسسة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نظام الورشات الخارجية في القانون الجزائري‪:‬لقد أخذ قانون تنظيم السجون‬
‫بنظام الورشات الخارجية ‪ ،‬واعتبره وسيمة إلعادة تربية المحبوسين خارج المؤسسات‬
‫العقابية ويتمثل في إستخدام المحكوم عمييم خارج المؤسسة العقابية لمقيام بأعمال لصالح‬
‫الجماعات والمؤسسات والمقاوالت العمومية أو الخاصة مع فرض رقابة عمييم ‪ ،‬حيث‬
‫تنص المادة ‪ 100‬من ىذا القانون عمى مايمي" يقصد بنظام الورشات الخارجية ‪ ،‬قيام‬
‫المحبوس المحكوم عميو نيائيا بعمل ضمن فرق خارج المؤسسة العقابية تحت مراقبة إدراة‬
‫السجون لحساب الييئات والمؤسسات العمومية ‪ ،‬كما يمكن تخصيص اليد العاممة من‬
‫المحبوسين ضمن نفس الشروط لمعمل في المؤسسات التي تساىم في إنجاز مشروعات‬
‫ذات منفعة عامة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫إن الوضع في نظام الورشات الخارجية يكون بناءا عمى مقرر يصدره قاضي تطبيق‬
‫العقوبات وشعر بو المصالح المختصة بو ازرة العدل طبقا لممادة ‪ 2/102‬والمادة ‪-24‬‬
‫البند ‪. 4‬‬
‫نظم المشرع الجزائري نظام الورشات الخارجية في المواد ‪ 100‬إلى ‪ 103‬من‬
‫القانون رقم ‪ 04-05‬حيث اعتبرىا وسيمة من وسائل العالج العقابي‪ ،‬وفي ىذا السياق‬
‫تنص المادة ‪100‬عمى أنو‪ " :‬يقصد بنظام الورشات الخارجية‪ ،‬قيام المحبوس المحكوم‬
‫عميه نهائيا بعمل ضمن فرق خارج المؤسسة العقابية‪ ،‬تحت مراقبة إدارة السجون‬
‫لحساب الهيئات والمؤسسات العمومية "‪ .1‬وباستقراء نص المادة نالحظ أن القطاع الذي‬
‫يمكن أن يستفيد من اليد العاممة العقابية ىو القطاع العام‪ ،‬وذلك كون عبارة المؤسسات‬
‫العمومية والييئات قد جاءت عمى سبيل الحص‪ ،‬مما يعني إقصاء واستبعاد القطاع‬
‫الخاص‪.‬إال أن المشرع الجزائري قد أورد استثناء عمى ىذا المبدأ في الفقرة الثانية من نفس‬
‫المادة‪ ،‬أال وىو إمكانية استفادة القطاع الخاص من اليد‬
‫العاممة العقابية‪ ،‬عمى أن تكون مساىمة في إنجاز مشاريع ذات مصمحة ومنفعة عامة‪،‬‬
‫ىذا وقد كان األمر‪ 02/72‬يخصص اليد العاممة لممحبوسين لفائدة اإلدارات ‪ ،‬الجماعات‬
‫ومؤسسات من القطاع العام ‪ ،‬مستبعدا في ذلك القطاع الخاص حماية لممساجين من‬
‫االستغالل وىذا وفقا لما نصت عميو م ‪.143‬‬
‫شروط الوضع في الورشات الخارجيــة‪:‬‬
‫ىناك شروط تتعمق بمدة العقوبة وأخرى تتعمق بحسن سيرة المحبوس‪.‬‬
‫أ‪ /‬الشروط المتعمقة بمدة العقوبة‪ :‬يستفيد من الوضع في الورشات الخارجية‪:‬‬
‫‪ -01‬المحبوس المبتدئ الذي قضى ثمثل العقوبة المحكوم بيا عميو‪.‬‬

‫‪1‬المادة‪ 2/100‬من القانون رقم ‪ 04 -05‬عمى أنو‪ " :‬يمكن تخصيص اليد العاممة من المحبوسين ضمن نفس الشروط‪،‬‬
‫لمعمل في المؤسسات الخاصة التي تساىم في إنجاز مشاريع ذات منفعة عامة"‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫‪ -02‬المحبوس الذي سبق الحكم عميو بعقوبة سالبة لمحرية وقضى نصف العقوبة‬
‫المحكوم بيا عميو‪.‬‬
‫ب‪ /‬الشروط المتعمقة بحسن سيرة المحبوس‪ :‬يراعي في وضع المحبوس في نظام‬
‫الورشات الخارجية قدراتو وشخصيتو وسوكو وامكانيات إصالحو وتأىميو واعادة تربيتو‬
‫والضمانات التي يقدميا لحفظ األمن والنظام خارج المؤسسة أثناء العمل وىناك شرط‬
‫يتعمق بحفظ النظام حيث تستمر اإلدارة العقابية في تطبيق قواعد خارج المؤسسة وانو في‬
‫حالة اإلخالل باإللتزمات توقع التدابير التأدبية المنصوص عمييا في المادة ‪ 83‬والتي‬
‫سبق ذكرىا‪.‬‬
‫*‪ /‬إجراءات الوضع في الورشات الخارجية‪ :‬تتمثل فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -01‬توجو طمبات تخصيص اليد العاممة العقابية إلى قاضي تطبيق العقوبات‪.‬‬
‫‪ -02‬يحيل قاضي تطبيق العقوبات الطمبات إلى لجنة تطبيق العقوبات إلبداء الرأي مرفقا‬
‫بإقتراحاتو التي تقرر إما الموافقة أو الرفض‪.‬‬
‫‪ -03‬في حالة القبول تعرض عمى الييئة الطالبة إتفاقية تحدد فييا الشروط العامة‬
‫والخاصة إلستخدام المحبوسين‪.‬‬
‫‪ -04‬يوقع عمى اإلتفاقية كل من ممثل الييئة الطالبة ومدير المؤسسة العقابية المادة‬
‫‪. 103‬‬
‫أوال‪ :‬المقصود بنظام الورشات الخارجية‪.‬‬
‫نظم المشرع الجزائري نظام الورشات الخارجية في المواد ‪ 100‬إلى ‪ 103‬من القانون رقم‬
‫‪ 04-05‬حيث اعتبرىا وسيمة من وسائل العالج العقابي‪ ،‬وفي ىذا السياق تنص المادة‬
‫‪100‬عمى أنو‪ " :‬يقصد بنظام الورشات الخارجية‪ ،‬قيام المحبوس المحكوم عميه نهائيا‬
‫بعمل ضمن فرق خارج المؤسسة العقابية‪ ،‬تحت مراقبة إدارة السجون لحساب الهيئات‬
‫والمؤسسات العمومية "‪ .‬وباستقراء نص المادة نالحظ أن القطاع الذي يمكن أن يستفيد‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫من اليد العاممة العقابية ىو القطاع العام‪ ،‬وذلك كون عبارة المؤسسات العمومية والييئات‬
‫قد جاءت عمى سبيل الحص‪ ،‬مما يعني إقصاء واستبعاد القطاع الخاص‪.‬إال أن المشرع‬
‫الجزائري قد أورد استثناء عمى ىذا المبدأ في الفقرة الثانية من نفس المادة‪ ،‬أال وىو إمكانية‬
‫استفادة القطاع الخاص من اليد العاممة العقابية‪ ،‬عمى أن تكون مساىمة في إنجاز‬
‫مشاريع ذات مصمحة ومنفعة عامة‪ 1،‬ىذا وقد كان األمر‪ ،02/72‬يخصص اليد العاممة‬
‫لممحبوسين لفائدة اإلدارات‪ ،‬الجماعات‬
‫ثانيا‪ :‬الفئات المعنية بالعمل في الورشات الخارجية‬
‫تتجسد الفئات المعنية بالعمل في الورشات الخارجية وفقا لما جاء في نص المادة ‪1/101‬‬
‫من القانون رقم ‪ 04-05‬في كل من المحبوس المبتدئ الذي قضى ثمث(‪ 3/1‬العقوبة‬
‫المحكوم بيا عميو والمحبوس الذي سبق الحكم عميو بعقوبة سالبة لمحرية وقضى نصف‬
‫العقوبة المحكوم بيا عميو‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تنظيم وتشغيل اليد العاممة العقابية في الورشات الخارجية‬
‫وفقا لنص المادة ‪ 103‬فإن المحبوسين المحكوم عمييم يتم تشغيميم في الورشات‬
‫الخارجية‪ ،‬بموجب الطمب الذي تقدمو المؤسسات الطالبة لتخصيص يد عاممة من‬
‫المجتمع العقابي إلى قاضي تطبيق العقوبات‪ ،‬الذي بدوره يحيل الطمب إلى لجنة تطبيق‬
‫العقوبات إلبداء رأييا‪ ،‬بالتالي يقوم بالفصل سواء بالقبول أو الرفض‪ ،‬وفي حالة الموافقة‬
‫تبرم مع الييئة الطالبة اتفاقية يحدد من خالليا الشروط العامة والخاصة الستخدام اليد‬
‫العاممة من المحبوسين‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة في ىذه الحالة إلى َأنو في ظل األمر رقم ‪ 02/72‬كانت الطمبات توجو‬
‫إلى وزير العدل‪ ،‬الذي يؤشر عمييا ثم يحيميا إلى قاضي تطبيق األحكام الجزائية لإلدالء‬
‫برأيو‪ ،‬فيعاد الطمب مع االقتراحات الخاصة باستخدام اليد العاممة إلى وزير العدل‪ ،‬الذي‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 2/100‬من القانون رقم ‪04 -05‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫يقرر القبول أو الرفض‪ ،‬وذلك وفقا لما ورد في مضمون المادة ‪ 154‬فيذه اإلجراءات من‬
‫شأنيا أن تطيل من عممية دراسة ممفات المساجين الذين يمكنيم االستفادة من النظام‪.‬‬
‫وما يمكن استخالصو من خالل القانون الجديد مقارنة بالقانون القديم‪ ،‬أن المشرع اكتفى‬
‫بتبسيط اإلجراءات من خالل تعديمو الجديد‪ .‬بالنسبة لشروط االستفادة من النظام‪ ،‬فيمكن‬
‫استخالصيا من مضمون المواد ‪ ،103 ،102 ،101 ،100‬إذ يجب أن يصدر في حق‬
‫المحبوس المستفيد من نظام الورشات الخارجية حكم أو قرار نيائي‪ ،‬يقضي بعقوبة سالبة‬
‫لمحرية ‪ ،‬كما يجب أن يكون قد قضى فترة معينة داخل المؤسسة العقابية‪ ،‬و ىي التي‬
‫‪1‬‬
‫تختمف باختالف المحبوس إذا ما كان محبوسا مبتدئا أو سبق الحكم عميو‪.‬‬
‫وبالنسبة لتنظيم العمل في الورشات الخارجية‪ ،‬فإنو يكون بموجب اتفاقية يوقعيا مدير‬
‫المؤسسة العقابية وممثل المؤسسة الطالبة لميد العاممة‪ ،‬حيث يحدد في نص االتفاقية مدة‬
‫سريانيا إلى جانب أوقات عمل المحبوس‪ ،‬من أجل أن تتم متابعة رجوعو عمى المؤسسة‬
‫العقابية بعد انتياء المدة المتفق عمييا‪ ،‬كما يمكن االتفاق عمى إرجاع المحبوس إلى‬
‫المؤسسة العقابية كل يوم بعد انتياء المدة المتفق عمييا ‪،‬والخاصة بدوام العمل اليومي‪،‬‬
‫وقد رخص القانون لقاضي تطبيق العقوبات من خالل نص المادة ‪ 2/102‬من القانون‬
‫رقم ‪ 04-05‬فسخ االتفاقية‪.‬‬
‫أما عن مسؤولية حراسة المحبوسين المستفيدين من العمل في الورشات الخارجية‪ ،‬أثناء‬
‫نقميم وخالل أوقات الراحة‪ ،‬فإنيا تقع عمى عاتق أعوان المؤسسة العقابية التابع ليا‪ ،‬كما‬
‫يمكن إشراك الجية المستخدمة في الحراسة بصورة جزئية‪ ،‬شرط أن يرد ىذا البند في‬
‫‪2‬‬
‫االتفاقية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عمر خوري ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.261 .‬‬
‫‪2‬دردوس مكي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.179 .‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫وفي ىذا اإلطار استف ادت عدة مناطق بما فييا بمدية سكيكدة‪ ،‬مستشفى األمراض‬
‫العقمية أبو بكر الرازي‪ ،‬بمدية البوني‪ ...‬إلى غير ذلك‪ ،‬من خدمات ‪ 76‬مسجون في مجال‬
‫الصيانة العامة لمقراتيا‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المؤسسات العقابية في إصالح وادماج المحبوسين‪:‬‬
‫المطمب االول‪ :‬المؤسسات العقابية المفتوحة‪:‬‬
‫نظام مؤسسات البيئة المفتوحة من بين األنظمة التي أقرىا المشرع إلى جانب نظام‬
‫الورشات الخارجية ونظام الحرية النصفية في إطار عممية إصالح وا دماج المحبوسين‪،‬‬
‫وفيما يمي سنوضح المقصود بيذا النظام‪ ،‬كما سنتعرض إلى الشروط واإلجراءات التي‬
‫يقترن بيا اإليداع واالستفادة منو‪ ،‬إلى جانب تقدير النظام بتبيان مزاياه وعيوبو ‪ ،‬كما‬
‫تعتبر مؤسسة البيئة المفتوحة أحدث نظام عقابي توصمت إليو الدراسات األبحاث في‬
‫مجال السي اسة العقابية ويختمف تماما عن مؤسسة البيئة المغمقة حث أخذت بيا كل‬
‫‪1‬‬
‫التشريعات العقابية الحديثة ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المقصود بنظام مؤسسات البيئة المفتوحة‪.‬‬
‫يقصد بمؤسسات البيئة المفتوحة تمك المؤسسات التي تتجرد من العوائق المادية الالزمة‬
‫لعزل المحكوم عميو‪ ،‬عزال تاما عن العالم الخارجي‪ ،‬بما في ذلك األسوار العالية والحراسة‬
‫المشددة‪ ،‬حيث يقوم النظام المطبق داخميا عمى أساس الثقة بين النزالء وادارة السجون‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫مما يحول دون إخالليم ليذه الثقة‪.‬‬
‫عمى نحو يخمق لدى السجناء اإلحساس بالمسؤولية ّ‬
‫وتمتاز مؤسسات البيئة المفتوحة بجو اجتماعي مالئم لممارسة حياة شبو اعتيادية وىي‬
‫في ذلك أشبو بقرية صغيرة أو تجمع تسوده عالقة اجتماعية‪ ،‬تسمح بالحركة الحرة‬

‫‪1‬بريك الطاىر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.52 .‬‬


‫‪2‬‬
‫عادل يحي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.215 .‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫والمفتوحة لمسجناء‪ ،‬كما تغيب عنيا الحراسة والرقابة المشددة مما يسمح لممحكوم عميو‬
‫‪1‬‬
‫بأن يعيش حياة أقرب ما تكون حياة طبيعية‪.‬‬
‫وقد عرف المشرع الجزائري مؤسسات البيئة المفتوحة‪ ،‬من خالل المادة ‪ 109‬من القانون‬
‫رقم ‪ 04-05‬والتي تنص عمى ّأنو‪ " :‬تتخذ مؤسسات البيئة المفتوحة شكل مراكز ذات‬
‫طابع فالحي أو صناعي أو حرفي أو خدماتي‪ ،‬أو ذات منفعة‪ ،‬وتتميز بتشغيل وايواء‬
‫المحبوسين بعين المكان"‪ 2.‬وانطالقا من نص المادة نستنتج أن مؤسسات البيئة المفتوحة‬
‫تتميز بطابع جماعي من خالل اجتماع يد عاممة ناشطة في قطاعات مختمفة‪ ،‬وييدف‬
‫ىذا الن ظام إلى توجيو السجناء إلى طرق تتماشى ومؤىالتيم الشخصية‪ ،‬من خالل‬
‫اكتسابيم لمخبرات المينية مما يدفعيم بالضرورة إلى حب العمل‪ ،‬كما أن العمل في إطار‬
‫البيئة المفتوحة يحد من التوترات التي يعيشيا السجين وىو داخل المؤسسة العقابية‪.‬‬
‫كما عرف المؤتمر الجنائي والعقابي الدولي والذي إنعقد في الىاي الثاني‬
‫عشر سنة ‪ 1950‬المؤسسات البيئة المفتوحة عمى ّأنيا‪" :‬المؤسسات العقابية التي ال‬
‫تزود بعوائق مادية‪ ،‬ضد الهروب مثل الحيطان والقضبان واألقفال وتشديد الحراسة‪،‬‬
‫والتي ينبغي احترام النظام فيها من ذات النزالء بكل طواعية ودون حاجة إلى رقابة‬
‫صارمة ودائمة"‪ ،‬حيث يقوم ىذا النظام عمى تشجيع روح المسؤولية لدى النزيل وتعويده‬
‫عمى تقبل المسؤولية الذاتية‪ ،‬والذي تعود جذوره إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية‬
‫تمتم تحطيمو أثناء الحرب‪ ،‬وبالتالي تم‬
‫ّ‬ ‫والمجيودات التي بذلت من أجل إعادة ما‬
‫تخصيص فئات من المحكوم عمييم وتم إيداعيم داخل معسكرات ليقوموا بعمميات إعادة‬
‫البناء‪ ،‬وأمام النتائج التي حققيا النظام تبين مدى فعاليتو ونجاعة مؤسسات البيئة‬
‫المفتوحة‪ ،‬مما دفع األمم المتحدة إلى إصدار قواعد خاصة تحث من خالليا الدول إلى‬
‫اعتماد نظام مؤسسات البيئة المفتوحة‪ ،‬بيدف تقريب حياة السجين من الحياة الحرّ ة عن‬

‫‪1‬‬
‫عماد محمد ربيع‪ ،‬فتحي توفيق الفاعوري ‪،‬محمد عبد الكريم العفيف ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.199 .‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 551‬من القانو ‪ ، 50/50‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫طريق منح حرية نسبية لمسجناء‪ ،‬وبالخضوع إلى رقابة تقوم عمى مبدأ الثقة بين المحكوم‬
‫‪1‬‬
‫عميو وادارة المؤسسات العقابية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط واجراءات اإليداع في نظام مؤسسات البيئة المفتوحة‪:‬‬
‫عدة شروط‬
‫تتوقف عممية االستفادة من نظام مؤسسة البيئة المفتوحة عمى توفر ّ‬
‫تتمثل في أن يكون المحبوس محكوما عميو نيائيا‪ ،‬وذلك بأن يكون قد صدر في حقو حكم‬
‫أو قرار نيائي‪ ،‬ويتم إيداعو في المؤسسة العقابية من أجل تنفيذ الحكم‪ ،‬وأن يقضي فترة‬
‫معنية من العقوبة‪ ،‬حيث يجب أن يكون المحبوس المبتدئ قد قضى ثمث من العقوبة‬
‫المحكوم بيا عميو‪ ،‬أما بالنسبة لممحبوس الذي سبق الحكم عميو بعقوبة سالبة لمحرية‬
‫فيجب أن يكون قد قضى نصف العقوبة المحكوم بيا عميو‪ ،‬إضافة إلى صدور مقرر‬
‫اإليداع في نظام البيئة المفتوحة‪ ،‬حيث يتمتع قاضي تطبيق العقوبات بموجب المادة‬
‫بعد استشارتو لمجنة‬ ‫‪ 111‬بصالحية إصدار مقرر الوضع في نظام البيئة المفتوحة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫تطبيق العقوبات مع إشعار المصالح المختصة بو ازرة العدل‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة في ىذا المقام إلى ّأنو في ظل األمر رقم ‪ 02/72‬كما يتــم الوضع في‬
‫نظام البيئة المفتوحة بموجب قرار من وزير العدل‪ ،‬وباقتراح من قاضي تطبيق األحكام‬
‫الجزائية‪ ،‬وبعد أخذ رأي لجنة الترتيب والتأديب‪.‬‬
‫وقد جـاء في مضمون المــادة ‪ 2/111‬من القانون رقـم ‪ 04-05‬وأنــو في حالة اإلخـالل‬
‫بااللتزامات المفروضة عمى المحكوم عميو المستفيد من النظام يتم إرجاعو إلى المؤسسة‬
‫‪3‬‬
‫المغمقة بنفس اإلجراءات التي أتيحت لوضعو في نظام البيئة المفتوحة‪.‬‬
‫نموذج عن مؤسسة البيئة المفتوحة في الجزائر‪ :‬مؤسسة إعادة التربية بمسرغين وىران‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عمر خوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.393‬‬
‫‪1‬‬
‫فيد يوسف الكساسبة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪183 .‬‬
‫‪2‬دردوس مكي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪179 .‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 02/111‬من القانون ‪04/05‬‬

‫‪66‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫لقد حقق المركز الفالحي لمؤسسة إعادة التربية والتأىيل بمسرغين بوالية وىران‬
‫والذي أعيد فتحو ديسمبر‪ 2007‬في إطار عممية إعادة تييئة نتائج إعتبرت جد إيجابية‬
‫في مجال إعادة إدماج المحبوسين‪ ،‬حيث تتكفل بإيواء وتكوين المحبوسين بمسرغين ويعد‬
‫ىذا المركز في نظر القائ مين عميو نموذجا حيا لسياسة إصالح قطاع الدالة المنتيجة من‬
‫قبل الدولة والرامية إلى تثمين برنامج إعادة إدماج المحبوسين إجتماعيا وتكريس مبادئ‬
‫حقوق اإلنسان وقد تمثمت أول تجرب زراعية بيذا المركز الذي يتربع عمى مساحة ‪360‬‬
‫ىكتار الذي يتسع لـ ‪ 200‬محبوس لزراعة البطاطا والتي أعطت مردودا ‪ 117‬قنطار‬
‫وذلك بفضل عمل الجاد ليؤالء المحبوسين الذين أثبتوا قدرتيم عمى اإلندماج إجتماعيا‪.‬‬
‫يدخل عمل المركز في إطار برنامج توسيع نطاق النشاطات المنتجة وتشغيل‬
‫المساجين ‪ ،‬كما أن قيــام المحبوسين بالنشاط يسمح بإكتساب خبرة وتجربة في ميدان‬
‫الفالحة مما يؤىل نزالء المؤسسات العقابية لإلدماج إجتماعيا بعد خروجيم من السجن‬
‫وتحضيرىم لمخروج إلى المجتمع من خالل تكونييم في مختمف األنشطة الفالحية التي‬
‫تتطمب الصبر والدقة واإلتقان والراحة من الناحية السيكولوجية ‪ ،‬وىو ما أثبتتو التجارب‬
‫‪1‬‬
‫والدراسات النفسية المتخصص في ىذا المجال‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقييم نظام مؤسسات البيئة المفتوحة‪ :‬يترتب عمى نظام مؤسسات البيئة المفتوحة‬
‫عدة مزايا وعيوب‪ ،‬تتمثل فيما يمي‪ :.‬أ‪ -‬مزايا مؤسسة البيئة المفتوحة‪.‬‬
‫عدة مزايا‪ ،‬حيث ساىم بشكل فعال في تحقيق أغراض‬
‫لقد حقق نظام البيئة المفتوحة ّ‬
‫العقوبة‪ ،‬نظ ار لمقدر الكبير من الحر ية التي يتمتع بيا المحكوم عميو‪ ،‬مما يولد لديو الندم‬
‫عمى الجريمة التي اقترفيا والحرص عمى سموك السبيل القويم إلثبات جدارتو بالثقة‬
‫الممنوحة لو‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عمر خوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪401/400‬‬
‫‪2‬عماد محمد ربيع‪ ،‬فتحي توفيق الفاعوري ‪،‬محمد عبد الكريم العفيف ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪3‬لعروم أعمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫وعم ى اعتبار النظام السائد في مؤسسات البيئة المفتوحة أقرب إلى الحياة العادية‬
‫والطبيعية فإن ذلك من شأنو أن يحافظ عمى سالمتيم وصحتيم النفسية‪ ،‬والجسدية‬
‫والعقمية‪ ،‬وىذا ما يخفف من االضطرابات النفسية‪ ،‬التي غالبا ما يعاني منيا نزالء‬
‫المؤسسات العقابية المغمقة كأثر لممعاممة الصارمة التي تفرض عمييم داخل السجون‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك فإن نظام البيئة المفتوحة يعد أقل تكمفة مقارنة بالبيئة المغمقة‪ ،‬نظ ار‬
‫لبساطة إنشائيا وقمة االتفاق عمى بناياتيا وحراستيا التي ال تتطمب أن تكون قوية‬
‫ومدعمة‪.‬‬
‫لمدة‬
‫كما تساىم ىذه المؤسسات في تجنيب المحكوم عمييم بعقوبات سالبة لمحرية ّ‬
‫قصيرة أو المحكوم عمييم ألول مرة مخالطة معتادي اإلجرام في المؤسسات المغمقة وما‬
‫يرتبو ذلك من آثار سمبية‪ ،‬كما أن العمل في البيئة المفتوحة بمختمف قطاعاتو من شأنو‬
‫أن يدر ربحا ماليا‪ ،‬يستفيد من خاللو المحكوم عميو من منح مالية لسد حاجياتو من جية‬
‫وادخارىا لما بعد اإلفراج عنو‪.‬‬
‫ىذا وأن اكتساب الخبرات المينية من العمل تساعده في إيجاد العمل بعد اإلفراج عنو‬
‫كذلك‪ ،‬عمى اعتبار أن ظروف العمل داخل البيئة المفتوحة ال يختمف عن ظروف العمل‬
‫خارج المؤسسة العقابية‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن معظم المشاكل التي تواجو المفرج عنو‪،‬‬
‫ناجمة عن اختالف نظرة المجتمع إليو‪،‬الذي يراوده الشك في مدى تأىيمو واصالحو‪،‬‬
‫خاصة بعد أن أمضى فترة طويمة داخل السجن‪ ،‬أين اقتصرت معامالتو مع السجناء‪،‬‬
‫لذلك يؤكد عمماء العقاب‪ ،‬أن نظام مؤسسات البيئة المفتوحة يعد ىمزة وصل بين المجتمع‬
‫‪1‬‬
‫والمحبوسين ‪.‬‬

‫‪ 1‬فيد يوسف الكساسبة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.186‬‬

‫‪68‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫ب ‪ -‬عيوب مؤسسة البيئة المفتوحة‪:‬‬


‫بالرغم من المزايا الكثيرة التي تتمتع بيا ىذه المؤسسة إال أنو يمكن القول عنيا أنيا تقمل‬
‫وتضعف من القيمة الرادعة لمعقوبة وتحيل من دون تحقيق الغاية المنشودة من تسميطيا‬
‫عمى المحكوم عميو‪ ،‬حيث أن قيمة الردع تقل مع التسامح والتساىل‪ .‬كما أنيا تساعد عمى‬
‫اليروب كوني ا تطبق في مراكز فالحية ومؤسسات صناعية مفتوحة غير مزودة بعوائق وال‬
‫‪1‬‬
‫حواجز‪.‬‬
‫إالّ أن ىذه العيوب ال تقمل من دور مؤسسات البيئة المفتوحة‪ ،‬عمى اعتبار أن‬
‫النزالء المستفيدين من ىذا النظام يختارون ممن لدييم استعداد لمتأىيل وبعد دراسة‬
‫وفحص يمكن معو الوقوف عمى معالم شخصية المحكوم عميو وتحديد مدى قدر الثقة‬
‫التي يمكن أن توضع فيو‪ ،‬وبالنسبة لعدم ردع العقوبة نتيجة المعاممة الحسنة داخل‬
‫مؤسسة البيئة المفتوحة‪ ،‬فيمكن القول أن الردع العام لمعقوبة يتحقق بنطق بالعقوبة وليس‬
‫بطريقة تنفيذىا‪ ،‬كما أن الردع الخاص يتحقق بمجرد سمب الحرية‪.‬‬
‫نظام مؤسسات البيئة المفتوحة‪ :‬نظام مؤسسات البيئة المفتوحة من بين األنظمة التي‬
‫أقرىا المشرع إلى جانب نظام الورشات الخارجية ونظام الحرية النصفية في إطار عممية‬
‫إصالح وادماج المحبوسين‪ ،‬وفيما يمي سنوضح المقصود بيذا النظام‪ ،‬كما سنتعرض إلى‬
‫الشروط واإلجراء ات التي يقترن بيا اإليداع واالستفادة منو‪ ،‬إلى جانب تقدير النظام بتبيان‬
‫مزاياه وعيوبو‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المقصود بنظام مؤسسات البيئة المفتوحة‪.‬‬
‫يقصد بمؤسسات البيئة المفتوحة تمك المؤسسات التي تتجرد من العوائق المادية الالزمة‬
‫لعزل المحكوم عميو‪ ،‬عزال تاما عن العالم الخارجي‪ ،‬بما في ذلك األسوار العالية والحراسة‬

‫‪ 1‬اسحاق ابراىيم منصور ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪83‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫المشددة‪ ،‬حيث يقوم النظام المطبق داخميا عمى أساس الثقة بين النزالء وادارة السجون‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫مم ا يحول دون إخالليم ليذه الثقة‪.‬‬
‫عمى نحو يخمق لدى السجناء اإلحساس بالمسؤولية ّ‬
‫وتمتاز مؤسسات البيئة المفتوحة بجو اجتماعي مالئم لممارسة حياة شبو اعتيادية وىي‬
‫في ذلك أشبو بقرية صغيرة أو تجمع تسوده عالقة اجتماعية‪ ،‬تسمح بالحركة الحرة‬
‫والمفتوحة لمسجناء‪ ،‬كما تغيب عنيا الحراسة والرقابة المشددة مما يسمح لممحكوم عميو‬
‫‪2‬‬
‫بأن يعيش حياة أقرب ما تكون حياة طبيعية‪.‬‬
‫وقد عرف المشرع الجزائري مؤسسات البيئة المفتوحة‪ ،‬من خالل المادة ‪ 109‬من القانون‬
‫رقم ‪ 04-05‬والتي تنص عمى ّأنو‪ " :‬تتخذ مؤسسات البيئة المفتوحة شكل مراكز ذات‬
‫طابع فالحي أو صناعي أو حرفي أو خدماتي‪ ،‬أو ذات منفعة‪ ،‬وتتميز بتشغيل وايواء‬
‫المحبوسين بعين المكان"‪ .‬وانطالقا من نص المادة نستنتج أن مؤسسات البيئة المفتوحة‬
‫تتميز بطابع جماعي من خالل اجتماع يد عاممة ناشطة في قطاعات مختمفة‪ ،‬وييدف‬
‫ىذا النظام إلى توجيو السجناء إلى طرق تتماشى ومؤىالتيم الشخصية‪ ،‬من خالل‬
‫اكتسابيم لمخبرات المينية مما يدفعيم بالضرورة إلى حب العمل‪ ،‬كما أن العمل في إطار‬
‫البيئة المفتوحة يحد من التوترات التي يعيشيا السجين وىو داخل المؤسسة العقابية‪.‬‬
‫كما عرف المؤتمر الجنائي الذي إنعقد في الىاي سنة ‪ 1950‬أن مؤسسات البيئة‬
‫المفتوحة عمى ّأنيا‪" :‬المؤسسات العقابية التي ال تزود بعوائق مادية‪ ،‬ضد الهروب مثل‬
‫الحيطان والقضبان واألقفال وتشديد الحراسة‪ ،‬والتي ينبغي احترام النظام فيها من ذات‬
‫النزالء بكل طواعية ودون حاجة إلى رقابة صارمة ودائمة"‪ ،‬حيث يقوم ىذا النظام عمى‬
‫تشجيع روح المسؤولية لدى النزيل وتعويده عمى تقبل المسؤولية الذاتية‪ 3،‬والذي تعود‬
‫تمتم‬
‫جذوره إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية والمجيودات التي بذلت من أجل إعادة ما ّ‬
‫‪1‬‬
‫عادل يحي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.215 .‬‬
‫‪2‬‬
‫عماد محمد ربيع‪ ،‬فتحي توفيق الفاعوري ‪،‬محمد عبد الكريم العفيف ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.199 .‬‬
‫‪3‬عاشور عبد الحفيظ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.112 .‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫تحطيمو أثناء الحرب‪ ،‬وبالتالي تم تخصيص فئات من المحكوم عمييم وتم إيداعيم داخل‬
‫معسكرات ليقوموا بعمميات إعادة البناء‪ ،‬وأمام النتائج التي حققيا النظام تبين مدى فعاليتو‬
‫ونجاعة مؤسسات البيئة المفتوحة‪ ،‬مما دفع األمم المتحدة إلى إصدار قواعد خاصة تحث‬
‫من خالليا الدول إلى اعتماد نظام مؤسسات البيئة المفتوحة‪ ،‬بيدف تقريب حياة السجين‬
‫من الحياة الحرّ ة عن طريق منح حرية نسبية لمسجناء‪ ،‬وبالخضوع إلى رقابة تقوم عمى‬
‫مبدأ الثقة بين المحكوم عميو وادارة المؤسسات العقابية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط واجراءات اإليداع في نظام مؤسسات البيئة المفتوحة‪ :‬تتوقف عممية‬
‫عدة شروط تتمثل في أن يكون‬
‫االستفادة من نظام مؤسسة البيئة المفتوحة عمى توفر ّ‬
‫المحبوس محكوما عميو ني ائيا‪ ،‬وذلك بأن يكون قد صدر في حقو حكم أو قرار نيائي‪،‬‬
‫ويتم إيداعو في المؤسسة العقابية من أجل تنفيذ الحكم‪ ،‬وأن يقضي فترة معنية من‬
‫العقوبة‪ ،‬حيث يجب أن يكون المحبوس المبتدئ قد قضى ثمث ‪ 3/1‬من العقوبة المحكوم‬
‫بيا عميو‪ ،‬أما بالنسبة لممحبوس الذي سبق الحكم عميو بعقوبة سالبة لمحرية فيجب أن‬
‫يكون قد قضى نصف العقوبة المحكوم بيا عميو‪ ،‬إضافة إلى صدور مقرر اإليداع في‬
‫نظام البيئة المفتوحة‪ ،‬حيث يتمتع قاضي تطبيق العقوبات بموجب المادة ‪ 111‬بصالحية‬
‫إصدار مقرر الوضع في نظام البيئة المفتوحة‪ ،‬بعد استشارتو لمجنة تطبيق العقوبات مع‬
‫‪1‬‬
‫إشعار المصالح المختصة بو ازرة العدل‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة في ىذا المقام إلى ّأنو في ظل األمر رقم ‪02/72‬وكما يتم الوضع في‬
‫نظام البيئة المفتوحة بموجب قرار من وزير العدل‪ ،‬وباقتراح من قاضي تطبيق األحكام‬
‫الجزائية‪ ،‬وبعد أخذ رأي لجنة الترتيب والتأديب‪.‬‬

‫‪1‬طريباش مريم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫وقد جاء في مضمون المادة ‪ 2/111‬من القانون رقم‪ 04-05‬و في حالة اإلخالل‬
‫بااللتزامات المفروضة عمى المحكوم عميو المستفيد من النظام يتم إرجاعو إلى المؤسسة‬
‫المغمقة بنفس اإلجراءات التي أتيحت لوضعو في نظام البيئة المفتوحة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تقييم نظام مؤسسات البيئة المفتوحة‬
‫يترتب عمى نظام مؤسسات البيئة المفتوحة عدة مزايا وعيوب‪ ،‬تتمثل فيما يمي‪.‬‬
‫مزايا مؤسسة البيئة المفتوحة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫عدة مزايا‪ ،‬حيث ساىم بشكل فعال في تحقيق أغراض‬
‫لقد حقق نظام البيئة المفتوحة ّ‬
‫العقوبة‪ ،‬نظ ار لمقدر الكبير من الحر ية التي يتمتع بيا المحكوم عميو‪ ،‬مما يولد لديو الندم‬
‫عمى الجريمة التي اقترفيا والحرص عمى سموك السبيل القويم إلثبات جدارتو بالثقة‬
‫الممنوحة لو‪.‬‬
‫وعمى اعتبار النظام السائد في مؤسسات البيئة المفتوحة أقرب إلى الحياة العادية‬
‫والطبيعية فإن ذلك من شأنو أن يحافظ عمى سالمتيم وصحتيم النفسية‪ ،‬والجسدية‬
‫والعقمية‪ ،‬وىذا ما يخفف من االضطرابات النفسية‪ ،‬التي غالبا ما يعاني منيا نزالء‬
‫المؤسسات العقابية المغمقة كأثر لممعاممة الصارمة التي تفرض عمييم داخل السجون‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك فإن نظام البيئة المفتوحة يعد أقل تكمفة مقارنة بالبيئة المغمقة‪،‬‬
‫نظ ار لبساطة إنشائيا وقمة االتفاق عمى بناياتيا وحراستيا التي ال تتطمب أن تكون قوية‬
‫ومدعمة ‪ ،‬كما تساىم ىذه المؤسسات في تجنيب المحكوم عمييم بعقوبات سالبة لمحرية‬
‫لمدة قصيرة أو المحكوم عمييم ألول مرة مخالطة معتادي اإلجرام في المؤسسات المغمقة‬
‫ّ‬
‫وما يرتبو ذلك من آثار سمبية‪ ،‬كما أن العمل في البيئة المفتوحة بمختمف قطاعاتو من‬
‫شأنو أن يدر ربحا ماليا‪ ،‬يستفيد من خاللو المحكوم عميو من منح مالية لسد حاجياتو من‬
‫جية وادخارىا لما بعد اإلفراج عنو‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫ىذا وأن إكتساب الخبرات المينية من العمل تساعده في إيجاد العمل بعد اإلفراج‬
‫عنو كذلك‪ ،‬عمى اعتبار أن ظروف العمل داخل البيئة المفتوحة ال يختمف عن ظروف‬
‫العمل خارج المؤسسة العقابية‪ 1،‬وتجدر اإلشارة إلى أن معظم المشاكل التي تواجو المفرج‬
‫عنو‪ ،‬ناجمة عن اختالف نظرة المجتمع إليو‪،‬الذي يراوده الشك في مدى تأىيمو واصالحو‪،‬‬
‫خاصة بعد أن أمضى فترة طويمة داخل السجن‪ ،‬أين اقتصرت معامالتو مع السجناء‪،‬‬
‫لذلك يؤكد عمماء العقاب‪ ،‬أن نظام مؤسسات البيئة المفتوحة يعد ىمزة وصل بين المجتمع‬
‫‪2‬‬
‫والمحبوس‪.‬‬
‫‪ -1‬عيوب مؤسسة البيئة المفتوحة‪:‬‬
‫بالرغم من المزايا الكثيرة التي تتمتع بيا ىذه المؤسسة إال أنو يمكن القول عنيا أنيا تقمل‬
‫وتضعف من القيمة ا لرادعة لمعقوبة وتحيل من دون تحقيق الغاية المنشودة من تسميطيا‬
‫عمى المحكوم عميو‪ ،‬حيث أن قيمة الردع تقل مع التسامح والتساىل‪ .‬كما أنيا تساعد عمى‬
‫اليروب كونيا تطبق في مراكز فالحية ومؤسسات صناعية مفتوحة غير مزودة بعوائق وال‬
‫‪3‬‬
‫حواجز‪.‬‬
‫إالّ أن ىذه العيوب ال تق مل من دور مؤسسات البيئة المفتوحة‪ ،‬عمى اعتبار أن‬
‫النزالء المستفيدين من ىذا النظام يختارون ممن لدييم استعداد لمتأىيل وبعد دراسة‬
‫وفحص يمكن معو الوقوف عمى معالم شخصية المحكوم عميو وتحديد مدى قدر الثقة‬
‫التي يمكن أن توضع فيو‪ ،‬وبالنسبة لعدم ردع العقوبة نتيجة المعاممة الحسنة داخل‬
‫مؤسسة البيئة المفتوحة‪ ،‬فيمكن القول أن الردع العام لمعقوبة يتحقق بنطق بالعقوبة وليس‬
‫‪4‬‬
‫بطريقة تنفيذىا‪ ،‬كما أن الردع الخاص يتحقق بمجرد سمب الحرية‪.‬‬

‫‪1‬لعروم أعمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬


‫‪2‬طريباش مريم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد أحمد المشيداني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.179 .‬‬
‫‪4‬‬
‫أسحق إبراىيم منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.83 .‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬المؤسسة العقابية المغمقــة‪:‬‬


‫ىناك العديد من أساليب إعادة التربية واإلدماج اإلجتماعي لممحبوسين في البيئة‬
‫المغمقة التي تشمل مجموعة مؤسسات البيئة المغمق نص عمييا المشرع الجزائري في‬
‫قانون تنظيم السجون الجديد لذلك سنتكمم عن مؤسسات البيئة المغمقة في الفرع االول ثم‬
‫عن مختمف األساليب المنتيجة في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعـــريف البيئة المغمقة‪:‬‬
‫لقد عرفيا عمماء العقاب بانيا سجون مرتفعة األسوار بشكل ممحوظ ‪ ،‬قاتمة‬
‫األلوان تعتمد نظام الحراسة المشددة والمكثفة في الداخل والخارج ‪ ،‬تكون معاممة‬
‫المساجين فييا قاسية و حريتيم مسموبة تمتما مع إخضاعيم لمجزاءات التأديبية في حالة‬
‫إخالليم بنظام اإلحتباس عمى أساس إن الرأي العام الزال ينطر إلى مرتكبي الجرائم عمى‬
‫أه أفرادا خطرون مما يمزم عزليم عن المجتمع تفاديا إلضرارىم وردعا ليم ‪ ،‬أما في‬
‫العصر الحديث فإن نظام البئية المغمقة يعد أسموبا من أساليب المعاممة العقابية ييدف‬
‫أساسا إلى تحقيق إعادة التأىيل اإلجتماعي لممساجين بإخضاعيم إلى طرق عالجية‬
‫داخمو ‪ ،‬عمى أن ىذا النظام اليعزل المحبوسين عزال تاما عن العالم الخارجي بل قرر ليم‬
‫حق الزيارات والمحادثة ‪،‬حق المرسالت ‪ ،‬حق الحصول عمى الجرائد والطرود والنقود‬
‫الضرورية إلستيالكيم الشخصي حيث صنف المشرع الجزائري مؤسسات البيئة المغمقة‬
‫‪1‬‬
‫إلى صنفين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬المؤسســات ‪ :‬وتشمل مايمي‪:‬‬
‫‪ -01‬مؤسسة الوقاية‪ :‬ىي المؤسسة التي نجدىا بدائرة إختصاص كل محكمة وتخصص‬
‫إلستقبال المحبوسين مؤقتا والمحكوم عمييم نيائيا بعقوبة سالبة لمحرية لمدة تساوي أو تقل‬

‫‪1‬محمد صبحي نجم‪ :‬المدخل إلى عمم اإلجرام وعمم العقاب الطبعة الثانية ‪ 1988‬ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر‬
‫ص ‪.76‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫عن سنتين ‪ ،‬كما تخصص إلستقبال المحبوسين الذين بقي إلنقضاء مدة عقوبتيم سنتان‬
‫‪1‬‬
‫او أقل والمحبوسن إلكراه بدني‪.‬‬
‫‪ -02‬مؤسسة إعادة التربية‪ :‬التي نجدىا بدائر ة إختصاص كل مجمس قضائي‬
‫وتخصص إلستقبال المحبوسين مؤقتا والمحكوم عمييم نيائيا بعقوبة سالبة لمحرية تساوي‬
‫أوتقل عن ‪ 05‬سنوات ومن بقي منيم إلنقضاء عقوبتو خمس سنوات أو أقل وكذلك‬
‫والمحبوسن إلكراه بدني‪.‬‬
‫‪ -03‬مؤسسة إعادة التأهيل‪ :‬ىي مخصصة لحبس المحكوم عمييم نيائيا بعقوبة الحبس‬
‫لمدة تفوق خمس سنوا ت وبعقوبة السجن وكذلك المحكوم عمييم معتادي اإلجرام والخطرين‬
‫ميما تكن مدة العقوبة المحكوم بيا عمييم وكذلك المحكوم عمييم باإلعدام‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المراكز المتخصصة‪ :‬وتنقسم إلى قسمين‬
‫‪ -01‬مراكز متخصصة لمنساء ‪:‬ىي مخصصة إلستقبال النساء المحبوسات مؤقتا‬
‫والمحكوم عميين نيائيا بعقوبة سالبة لمحرية ميما تكن مدتيا‪،‬كذلك المحبوسات إلكراه‬
‫البدني‪.‬‬
‫‪ -02‬مراكز متخصصة لألحداث‪ :‬ىي متخصصة إلستقبال األحداث الذين تقل اعمارىم‬
‫عن ‪ 18‬سنة المحبوسين مؤقتا والمحكوم عمييم نيائيا بعقوبة سالبة لمحرية ميما كانت‬
‫مدتيا‪.‬‬
‫كما ان نظام البيئة المغمقة ىو اكثر االنظمة العقابية إستعماال في النظام الجزائري ومرجع‬
‫ذلك النسبة العالية لمعقوبات القصيرة المدة الي تصدر عن المحاكم الجزائية سنويا والتي‬
‫اليمكن معيا تسطير عالج عقابي يتماشى والمفيوم المتعارف عميو ليذه العممية وقد‬
‫نظمت و ازرة العدل ندوة وطنية إلصالح العدالة يومي ‪ 28‬و‪ 29‬مارس ‪ 2005‬عمى شكل‬

‫‪1‬طاشورعبد الحفيظ ‪:‬دور قاضي قاضي تطبيق األحكام القضائية الجزائية في سياسة إعادة التأىيل اإلجتماعي في‬
‫التشريع الجزائري طبعة‪ 2001‬ص‪239‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫ورشات أىميا ورشة إصالح المنظومة العقابية والتي أوصت في ختام إنشغاليا ببناء‬
‫مؤسسات عقابية وفق المعايير الدولية الحديثة تضمن الظروف اإلنسانية لإلحتباس واعداد‬
‫خريطة عقابية تراعي نشاط الجيات القضائية والجانب الديمغرافي وتصنيف المساجين‬
‫‪1‬‬
‫واخراج السجون من الوسط العمراني‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أساليب المنتهجة في إعادة إصالح السجين‪ :‬من أجإلعادة إصالح‬
‫السجين وتسييل عممية تأىيمو وادماجو إجتماعياإعتمد المشرع الجزائري مجموعة من‬
‫‪2‬‬
‫األساليب التي من شأنيا إنجاح العممية وأىميا‬
‫تصنيف المحبوسين‪:‬‬
‫‪-01‬أ‪ /‬حسب الجنس‪ :‬يتم ترتيب المحبوسات النساء دون غيرىن من المحبوسين الرجال‬
‫بجناح خاص منعزل عن جناح الرجال واليمكن ألي كان الدخول إلى ىذا األخير ميما‬
‫كانا ألمر إال لمضرورة القصوى أو القوة القاىرة‪.‬‬
‫‪ -02‬ب‪ /‬حسب السن‪ :‬يتم ترتيب المحبوسين حسب سنيم كما يمي (جناح األحداث ‪،‬‬
‫جناح الجانحين البالغين من ‪ 18‬إلى ‪ 27‬سنة ‪ ،‬جناح الكيول)‬
‫‪ -03‬حسب الوضعية الجزائية‪ :‬ونميز في ىذا الصدد بين فئتين‪:‬‬
‫الفئ ــة األولى‪ :‬تتمثل في المتيمون حيث يخصص في كل مؤسسة جناح خاص‬
‫بالمحبوسين المتيمين وىم‪:‬‬
‫(المتمبسون بالجنح ‪ ،‬فئة التحقيق ‪ ،‬المحالون أمام محكمة الجنايات ولم يحاكموا بعد ‪،‬‬
‫المستأنفون ‪ ،‬الطاعنون بالنقض)‬

‫‪1‬مجمة رسالة اإلدماج‪ ،‬المديرية العامة إلدارة السجون واعادة اإلدماج ‪ ،‬العدد الثاني سنة‪،2005‬دار اليدى لمطباعة‬
‫والنشر ص ‪.17‬‬
‫‪ 2‬محمد صبحي نجم‪ ، :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.76‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫الفئ ــة الثانية‪ :‬المحكوم عمييم و ىم المحبوسين الذين صدرت في حقيم عقوبات سالبة‬
‫لمحرية نيائيا ال مجال فييا لإلستئناف و الطعن والنقض‪ ،‬و ىم ممزمون بارتداء المباس‬
‫‪1‬‬
‫العقابي دون غيرىم من المتيمين‪.‬‬
‫‪ -1‬د‪ :‬حسب خطورة الجريمة‬
‫حيث يمكن أن تخصص بمؤسسات إعادة التربية و كذلك مؤسسات إىادة التأىيل‬
‫أجنحة مدعمة أمنيا الستقبال المحبوسين الذين لم تجد معيم طرق إعادة التربية المعتادة‬
‫‪2‬‬
‫ووسائل األمن العادية‪ ،‬وذلك وفقا لنص المادة ‪ 28‬فقرة‪ 4‬من قانون تنظيم السجون‪.‬‬
‫فالمنطق يقتضي عدم الجمع بين المحبوسين الذين ارتكبوا الجرائم الماسة بأمن‬
‫الدولة أو جرائم القتل أو الجرائم المتعمقة بالمخدرات مثال‪ ،‬مع غيرىم من المحبوسين‬
‫الذين ارتكبوا جرائم السرقة أو الضرب و الجرح‪ ،‬و ذلك لتفادي العقاب التي تترتب عن‬
‫‪3‬‬
‫ىذا الجمع من جية‪ ،‬و تسييال لعممية إعادة التربية من جية أخرى‪.‬‬
‫‪ -1‬و‪ :‬حسب قدرة تحسين حالتيم‪ :‬يتم تصنيف المحبوسين حسب قابمية كل محبوس‬
‫لمتحسن و االستجابة لبرنامج إعادة اإلدماج‪ ،‬و ذلك من خالل سوابقو القضائية‪،‬‬
‫فالمبتدئون الذين ارتكبوا جريمة لممرة األولى نظ ار لكونيم أكثر مرونة و تقبال لمتأثير‬
‫اإليجابي المتمثل في إعادة إدماجيم‪ ،‬لذلك توجو إلييم معاممة خاصة بحيث يتم وضعيم‬
‫في أجنحة خاصة بيم‪ ،‬أما اإلنتكاسيون فيوضعون أيضا في جناح خاص بيم و ىو ما‬
‫نصت عميو المادة ‪ 49‬من قانون تنظيم السجون بنصيا‪" :‬يفصل المحبوس المبتدئ عن‬
‫باقي المحبوسين‪ ،‬و يتم إيواؤه وفق شروط مالئمة‪".‬‬

‫‪ 1‬عبد اهلل خميل و د – أمير سالم‪ :‬قوانين و لوائح السجون في مصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مركز الدراسات و المعمومات‬
‫القانونية لحقوق اإلنسان‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪1990،‬‬
‫‪2‬المادة ‪ 89‬من قانون تنظيم السجون‬
‫‪ 3‬عبد اهلل خميل و د ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪98‬‬

‫‪77‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫و بالتالي فإن ىذه التصنيفات ليا أىمية قصوى في تسييل تنفيذ برنامج إعادة التربية‬
‫من جية و من جية أخرى فإن اليدف من تطبيق العقوبة داخل المؤسسات ذات البيئة‬
‫المغمقة ىو تربية المحبوس و تنمية قدراتو و مؤىالتو الشخصية و الرفع المستمر من‬
‫مستواه الفكري و األخالقي و كذلك إحساسو بالمسؤولية و بعث الرغبة فيو لمعيش في‬
‫المجتمع في ظل احترام القانون‪ ،‬ىو اليدف الذي نصت عميو المادة ‪ 88‬من قانون تنظيم‬
‫السجون‪.‬‬
‫وألجل تحقيق ىذا اليدف ألزم قانون تنظيم السجون بضرورة توفر كل مؤسسة‬
‫عقابية سيما ذات البيئة المغمقة عمى مربون و أساتذة و مختصون في عمم النفس و‬
‫مساعدات و مساعدون اجتماعيون يوضعون تحت سمطة المدير و يباشرون مياميم تحت‬
‫رقابة قاضي تطبيق العقوبات‪ ،‬حيث يكمف المختصون في عمم النفس و المربون العاممون‬
‫في المؤسسة العقابية بالتعرف عمى شخصية المحبوس‪ ،‬و رفع مستوى تكوينو العام‬
‫ومساعدتو عمى حل مشاكمو الشخصية و العائمية‪ ،‬و تنظيم أنشطتو الثقافية و التربوية و‬
‫الرياضية‪ ،‬و عميو توكل ليم ميمة إعادة إدماج المحبوسين وفقا لبرامج عامة معدة سمفا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫طبقا لممادة ‪ 91‬من قانون تنظيم السجون‪.‬‬
‫و من أجل تدعيم عممية إعادة إدماج المحبوسين اجتماعيا ضمن نظام البيئة المغمقة‪ ،‬فقد‬
‫نصت المادة ‪ 90‬من نفس القانون عمى أنو‪ ":‬تحدث في كل مؤسسة عقابية مصمحة‬
‫مختصة ميمتيا ضمان المساعدة اإلجتماعية لممحبوسين‪ /‬و المساىمة في تييئة و تسيير‬
‫إعادة إدماجيم إجتماعيا‪".‬‬

‫‪1‬لمادة ‪ 88‬و ‪ 89‬و ‪ 91‬من القانون ‪ 04/05‬المعدل والمتمم بالقانون ‪01/18‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫‪ :2‬الرعايا النفسية و االجتماعية و الصحية‬


‫‪ -2‬أ‪ :‬الرعايا النفسية‪.‬‬
‫في داخل السجن تنشأ عالقات إنسانية عميقة بين المساجين انفسيم‪ ،‬أو بينيم و بين‬
‫األعوان‪ ،‬و بذلك بمعب السجن دو ار ىاما في إعادة بعث الميارات النفسية في نفوس‬
‫المساجين و منيا ميارة اإلتصال التي تساعدىم عمى حل أو تجنب المشكالت النفسية‬
‫الناجمة عن الجو المغمق الذي تفرضو ظروف اإلحتباس‪ ،‬مما يساعد عمى تنمية قدرات‬
‫السجناء العقمية التي تساعدىم في اعادة اإلندماج مستقبال في المجتمع‪.‬‬
‫والجل تحقيق ذلك‪ ،‬فقد تم تعيين مختصين في عمم النفس في كل مؤسسة عقابية تطبيقا‬
‫لنص المادة ‪ 89‬من قانون‪ 04/05‬و ىذا الجل االتصال بالمساجين‪ 1،‬و قد حددت المادة‬
‫‪ 91‬دور االخصائي في عمم النفس و المتمثل في التعرف عمى شخصية المحبوس و‬
‫رفع مستوى تكوينو العام و مساعدتو عمى حل مشاكمو الشخصية و العائمية ذلك من‬
‫خالل االتصال بالمساجين داخل القاعات أو الفناءات أو في أي مكان يتواجدون بو حيث‬
‫يالحظيم عن قرب و يتحدث معيم أو عن طريق المقاءات الفردية بمكتب الفحص و‬
‫العالج و اإلخصائي النفساني لنجاح ميمتو يعتمد عمى مجموعة من خالل اتصالو‬
‫بالمساجين و تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -‬ميارات االتصال المفظي‪:‬‬
‫يتم بمكتب الفحص و العالج حيث تكون لممسجون كامل الحرية في التعبير عن مشاعره‬
‫و افكاره و تطمعاتو‪ ،‬أين يقوم األخصائي النفساني باإلستماع إليو باىتمام و إعطائو‬
‫اإلعتبار الالزم من خالل التشجيع أحيانا و التوجيو أحيانا أخرى و تزويده بصورة عن‬
‫تصرفاتو الواجب التقيد ب يا اتجاه المجتمع محاوال بذلك تغيير فكرة شخصية المجرم التي‬

‫‪1‬المادة ‪ 89‬من قانون تنظيم السجون‬

‫‪79‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫يحمميا عن نفسو و التي نمت لديو داخل السجن‪ ،‬مما يبعث ثقة لديو تؤىمو لمتأقمم مع‬
‫‪1‬‬
‫ىذه مشاكل وال عقد نقص إتجاه اآلخرين و تساىم في إعادة إندماجو في المجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬ميارات اإلتصال الجسمي‪:‬‬
‫و تقوم عمى وضع السجين في حالة استرخاء تام فوق أريكة و دعوتو لمتخمي عن األفكار‬
‫المزعجة و المقمقة‪ ،‬حتى يتم إدخال أفكار سارة في تفكير المسجون باإلستعانة بالصور‬
‫الجميمىة و الموسيقى المريحة مع قيام اإلخصائي بتمرير يده من حين آلخر عمى جبيتو‬
‫أو يديو لتحسس الح اررة المتدفقة إلييا ‪.‬‬
‫‪ -‬ميارات االتصال الجماعي‪:‬‬
‫حيث يقوم اإلخصائي النفساني باصطحاب سجين أو أكثر لحضور الخطب و الدروس‬
‫الدينية التي يمقييا إمام منتدب من طرف مديرية الشؤون الدينية داخل السجن بما‬
‫يساعدىم عمى تحسين سموكيم و اإللتزام بتعاليم دينيم في السجن‪ ،‬كما يقوم بزيارات إلى‬
‫مختمف أجنحة السجن لموقوف عمى المشاكل الشخصية و االجتماعية لممساجين من‬
‫خالل محاورتيم و مشاركتيم بعض األلعاب و الجموس معيم في الفناء و في أوقات‬
‫تناول الوجبات الغذائية‪ ،‬فيحاول خمق جو من التآخي و التفاىم بينيم‪ .‬و بالنسبة‬
‫لممساجين الطمبة و الممتينين‪ ،‬يعمل األخصائي عمى تزويدىم بنصائح تخص كيفية‬
‫مراجعة الدروس و االستفادة منيا و التحضير لالمتحانات دون خوف‪ ،‬كما يقوم‬
‫باإلتصال بأىالي المساجين خالل محادثتيم فيتعرف عمى طرق التعبير لدى المساجين‬
‫‪2‬‬
‫من محيطيم األصمي وكذا سموكيم أمام أوليائيم فيقدم ليم بعض ‪.‬‬
‫ولتحديد معنى البيئة المغمقة البد من التطرق إلى مميزاتيا ‪.‬‬

‫‪1‬امزيان وناس‪ :‬دور األخصائي النفساني بالوسط العقابي‪ ،‬مقال منشور بمجمة رسالة اإلدماج ‪ ،‬العدد الثاني ‪ ،‬ص ‪28‬‬
‫‪2‬أمزيان وناس ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪28‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور االنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬

‫أوال‪:‬ممي از ت المؤسسة المغمقة‪:‬‬


‫التزال المؤسسات المغمقة ىي النوع االكثر إنتشا ار في المؤسسات العقابية حيث أن الكثير‬
‫من البمدان ال تعرف إالىذا النوع حت بعض الدول التي وصمت إلى درجة من التقدم‬
‫اإلقتصادي يتميز نظاميا العقابي بزيادة عدد المؤسسات العقابية وىي سجون ذات سعة‬
‫كبيرة تتمثل ىذه المؤسسات الصورة التقميدية لمسجون حيث تتميز بعزل المحكومين عمييم‬
‫عن المجتمع في سجن مغمق تحيط بو أسوار عالية وقبضبان حديدية من كل الجوابن‬
‫تحت حراسة ومراقبة شديدة من الداخل والخارج ويتميز النظام الداخمي لممؤسسة المغمقة‬
‫بالصارمة والحزم حيث توقع عقوبات تأديبة عمى كل مخالف ليذا النظام‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقييــم المؤسسات المغمقة‪:‬‬
‫المؤسسات العقابية المغمقة تصمح فقط إليواء المجرمين الخطرين إلشعارىم بإيالم العقوبة‬
‫من أجل كفالة ردعيم وتقويم سموكيم‪ ،‬كما أن التصميم المعماري ليذه المؤسسات يثير في‬
‫نفوس أفراد المجتمع الخوف والرعب وىذا ما يجعميم يبتعدون عن إرتكاب الجرائم‪.‬‬
‫إن الحراسة المشددة المفروضة عمى المحكوم عمييم يترتب عمييا فقدان الثقة في النفس‬
‫والشعور بالمسؤولية وكذلك إصابتيم بأمراض نفسية وعقمية ونتيجة كل ذلك ىي عدم‬
‫القدرة عمى التكيف مع الحياة اإلجتماعية بعد قضاء مدة العقوبة وبالتالي اليتحقق الغرض‬
‫من العقوبة السالبة لمحرية وىو إصالح وتأىيل وتيذيب المحكوم عمييم‪ .‬وزيادة عمى ذلك‬
‫فيذا النوع من المؤسسات العقابية يحمل الدولة نفقات ومصاريف باىظة من حيث بناء‬
‫‪1‬‬
‫المنشأت وادارتيا التي تتطمب وسائل بشرية من حراس واداريين‪.‬‬

‫‪ 1‬عمر خوري ‪ ، :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.226- 225 -224‬‬

‫‪81‬‬
‫خـاتمــــــــــة‬

‫خامتــــــــــة‬

‫‪82‬‬
‫خـاتمــــــــــة‬

‫خـاتمــــــــــة‪:‬‬
‫لقد عرف العصر الحديث تطورات في شتى الميادين بما فييا المجال القانوني‬
‫من أجل القضاء عمى الجريمة ‪ ،‬فاجتمعت جميع المجيودات واالجتيادات فيما بينو‬
‫بما يعرف بالسياسة الجنائية ‪ ،‬التي أول من وضع مفيوم ليا األلماني فويرباخ فيي‬
‫مجموع الوسائل التي يمكن اتخاذىا في وقت ما في بمد ما من أجل مكافحة اإلجرام فيو‬
‫‪ ،‬ونجد أن المشرع الجزائري وسعيا منو في مواكبة التطورات قد سن القانون ‪50 -50‬‬
‫المتعمق بتنظيم السجون واعادة اإلدماج االجتماعي لممحبوسين ‪ ،‬فوضع بذلك العديد‬
‫من األساليب والطرق التي تعمل عمى إصالح المجرم واعادة إدماجو‪.‬‬
‫فنالحظ من خالل دراستنا أن المشرع الجزائري استحدث ميكانزمات جديدة بيدف‬
‫الحد من الظاىرة اإلجرامية من جية ومن جية أخرى تسييل إعادة إدماج المحبوسين‬
‫في المجتمع ومن بين ىذه األنظمة نجد نظام الحرية النصفية و نظام اإلفراج المشروط‬
‫‪ ،‬وكذلك نظام الورشات الخارجية ‪ ،‬باإلضافة إلى نظام إيقاف تنفيذ العقوبة‪.‬‬
‫ولكن بالرغم من الجيود المبذولة من طرف الدولة لتحقيق ىذه الغاية ‪ ،‬إال أن‬
‫ما يأرق العديد من الباحثين ىو مشكل العود إلى الجريمة واألساليب الحقيقية التي تدفع‬
‫بالمفرج عنو حديثا إلى العودة إلى إجرامو خاصة بالنسبة لفئة الشباب واألحداث في‬
‫جرائم اإلدمان والمخدرات والنساء في جرائم اآلداب العامة ‪.‬‬
‫ما دعى بالعديد من الفقياء البحث عن بدائل ليذه العقوبات خاصة السالبة‬
‫لمحرية قصيرة المدة لما فييا من مساوئ ببدائل تكون أنجع إلصالح المجرم ومنعو من‬
‫العودة إلى إجرامو ‪ ،‬كما دعوا إلى االىتمام أكثر بكل مجرم ودراسة حالتو عن حدى‬
‫من أجل تطبيق العقوبة األنسب التي تيدف بالدرجة األولى إلى إصالحو واعادة‬
‫إدماجو وجعمو فردا صالحا في المجتمع واعطاء اىتمام لمعائد بعد انقضاء العقبة‬
‫إلعادة إدماجو في المجتمع ‪ ،‬وكذا االىتمام باألحداث وخمق أماكن متخصصة لمترفيو‬

‫‪83‬‬
‫خـاتمــــــــــة‬

‫والتعميم والتكوين إلبعادىم عن التفكير في اإلجرام ‪ ،‬ألنيم األكثر عودة الرتكاب‬


‫الجرائم ‪ ،‬وخمق مناصب عمل لتحسين المستوى المعيشي لممجرم إلبعاده عن العود إلى‬
‫اإلجرام‪.‬‬
‫مع إيجاد عقوبات بديمة لمحد لمشكمة العود لكل المجرمين مادام أن عقوبة‬
‫العمل لمنفع العام ‪ ،‬ونظام إيقاف التنفيذ ال يستفيد منيا المجرم عمى غرار المشرع‬
‫الفرنسي الذي لم يمي اىتماما بماضي المجرم ‪ ،‬وباإلضافة عمى إعادة النظر في المواد‬
‫التي تنص عن العود في قانون العقوبات وسنيا بطريقة واضحة ‪.‬‬
‫لقد ارتبطت تطور السياسة العقابية بتطور الجريمة ووسائل مكافحتيا و‬
‫انقسمت االتجاىات الفقيية حول سبل مكافحة الجريمة و خاصة في ظل ظيور‬
‫الجريمة المنظمة وصعوبة مكافحتيا كما ان السياسة العقابية اصبحت مرتبطة بتكاثف‬
‫الجيود في مختمف الميادين و المجاالت و ال سيما السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية ‪.‬‬
‫الى جانب ان البحث عن سبل مكافحة الجريمة اصبح يتطمب ليس فقط‬
‫العقوبة الردعية بعد ارتكاب الجريمة وانما يتطمب الجانب الوقائي و ىدا لما كرستو جل‬
‫التشريعات المقارنة وكرسو القانون الجزائري في عدد من التشريعات مثل مكافحة‬
‫االرىاب مكافحة المخدرات ؛ مكافحة الفساد والشك ان نظرية عمم االجرام عرفت تطور‬
‫انعكس عمى السياسة العقابية وال سيما اقسام العقوبات و التي تيدف الى الحد من‬
‫انتشار الجريمة من جية ومن ادماج وتاىيل المجرمين من جية اخرى و قد اكدت‬
‫التجارب في بعض الدول مدى نجاعة العقوبات البديمة ونظام السوار االلكتروني‬
‫واالفراج المشروط في حين تبقى العقوبات السالبة لمحرية ضروري في جرائم الخاصة ‪،‬‬
‫وعميو يتطمب تفعيل السيا سة العقابية في قيام القضاء بدوره الفعال لفرض العقوبة‬
‫المالئمة والمناسبة ودور المجتمع في التوعية بخطورة الجرائم و الحد منيا و اعادة‬

‫‪84‬‬
‫خـاتمــــــــــة‬

‫تأىيل و ادماج المحبوسين ‪ ،‬يطمب تحسين الظروف االقتصادية و االجتماعية و‬


‫الثقافية لمحد من الجرائم‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫المصــادر و المــراجــع‬

‫املصادر واملراجع‬

‫‪86‬‬
‫المصــادر و المــراجــع‬

‫المصــادر و المــراجــع‬
‫القوانين واألوامر‬ ‫‪-I‬‬
‫‪ .1‬األمر رقم ‪ 278-65‬المؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ ، 1965‬المتضمن التنظيم القضائي‬
‫(ممغى)‬
‫‪ .2‬قانون رقم ‪ 04-05‬مؤرخ في ‪ 06‬فبراير ‪ 2005‬يتضمن قانون تنظيم السجون‬
‫واعادة اإلدماج االجتماعي لممحبوسين ‪ ، .‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ، 12‬المعدل‬
‫والمتمم لمقانون ‪ 18/01‬المؤرخ في ‪ 012018/30‬الجريدة الرسمية العدد‪ 5‬الصادرة‬
‫في ‪1 2018/01/30‬‬
‫‪ .3‬قانون رقم ‪ 04/05‬المؤرخ في ‪ 06‬فبراير ‪ 2005‬المتضمن قانون تنظيم السجون‬
‫واعادة اإلدماج اإلجتماعي لممحبوسين‬
‫‪ .4‬قانون رقم ‪ 01/09‬المؤرخ في‪ 2009/02/25:‬المعدل لألمر رقم ‪ ،156/66‬ج ر‬
‫عدد ‪ 15‬بتاريخ ‪.2009/03/08‬‬
‫مراسيم رئاسية ‪:‬‬ ‫‪-II‬‬
‫‪ .5‬مرسوم رقم ‪ ،128-63‬يتضمن تنظيم اإلدارة المركزية لو ازرة العدل ‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية ‪ ،‬عدد ‪ ،23‬صادرة في ‪. 1963/04/19‬‬
‫‪ .6‬مرسوم رقم ‪ ،282-65‬يتضمن تنظيم اإلدارة المركزية لو ازرة العدل ‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،96‬صادرة في ‪.1965/11/13‬‬
‫‪ .7‬المرسوم رقم ‪ 35-72‬المؤرخ في ‪ ،1972/02/10‬المتضمن إنشاء لجنة التنسيق‬
‫الخاصة بإعادة تربية المساجين وتشغيمهم ‪.‬‬
‫‪ .8‬المرسوم رقم ‪ 36-72‬المؤرخ في ‪ ،1972/02/10‬المتعمق بمراقبة المساجين‬
‫‪-‬‬ ‫وتوجيههم ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫المصــادر و المــراجــع‬

‫المرسوم رقم ‪ 37-72‬المؤرخ في ‪ ،1972/02/10‬المتعمق بإجراءات تنفيذ الق اررات‬


‫الخاصة باإلفراج‬
‫‪ .9‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 180-05‬مؤرخ في ‪ 17‬مايو ‪ 2005‬يحدد تشكيمة لجنة‬
‫تطبيق العقوبات وكيفية سيرها‬
‫‪ .10‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 811-05‬مؤرخ في ‪ 17‬مايو ‪ 2005‬يحدد تشكيمة لجنة‬
‫تكييف العقوبات وتنظيمها وسيرها‬
‫‪ .11‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 429-05‬مؤرخ في ‪ 08‬نوفمبر ‪ 2005‬يحدد تنظيم المجنة‬
‫الو ازرية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين واعادة ادماجهم ‪ ،‬المعهد‬
‫الوطني التربوي ‪ ،‬كتاب التاريخ الجزائر‪ ،‬طبعة ‪.1987/1986‬‬
‫المؤلفـــات ‪:‬‬ ‫‪-III‬‬
‫‪ .12‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬اإلختبار القضائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ، 2‬مصر‪.‬‬
‫‪.1969‬‬
‫‪ .13‬بن يوسف بن خده ‪ ،‬اتفاقيات إيفيان ‪ ،‬نهاية حرب التحرير في الجزائر ‪ ،‬ترجمة‬
‫لحسن زغدار ‪ ، 1987 ،‬ديوان المطبوعات الجزائرية ‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ .14‬حسن عالم ‪ ،‬تطبيق نظام اإلختبار القضائي عمى البالغين ‪ ،‬تقرير مقدم إلى‬
‫الحمقة الثانية لمكافحة الجريمة ‪.‬‬
‫‪ .15‬سعداوي محمد صغير ‪ ،‬العقوبة وبدائمها في السياسة الجنائية المعاصرة لطمبة‬
‫الحقوق والباحثين في عمم اإلجرام والعقاب‪ ،‬أستاذ محاضر ونائب عميد كمية الحقوق‬
‫والعموم السياسية قسم الحقوق ‪ ،‬جامعة بشار ‪،‬دار الخمدونية الطبعة ‪2012‬‬
‫‪ .16‬سيزار دي بكاريا ‪ ،‬الجرائم والعقوبات ‪ ،‬ترجمة د‪ ،‬يعقوب محمد حياتي ‪ ،‬مؤسسة‬
‫الكويت لمتقدم العممي‪ ،‬الكويت ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.1985‬‬

‫‪88‬‬
‫المصــادر و المــراجــع‬

‫‪ .17‬سيزار دي بكاريا ‪ ،‬الجرائم والعقوبات ‪ ،‬ترجمة د‪ ،‬يعقوب محمد حياتي ‪ ،‬مؤسسة‬


‫الكويت لمتقدم العممي‪ ،‬الكويت ‪ ،‬الطبعة األولى ‪.1985‬‬
‫‪ .18‬طاشور عبد الحفيظ ‪:‬دور قاضي تطبيق األحكام القضائية الجزائية في سياسة‬
‫إعادة التأهيل اإلجتماعي في التشريع الجزائري طبعة‪2001‬‬
‫‪ .19‬عبد الرحمان خمفي‪ :‬العقوبات البديمة في المجال الجنائي ‪( ،‬دراسة فقهية تحميمية‬
‫تأصيمية مقارنة) ‪،‬المؤسسة الحديثة لبنان ‪ ،2015 ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ .20‬عبد اهلل خميل و د – أمير سالم‪ :‬قوانين و لوائح السجون في مصر‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬مركز الدراسات و المعمومات القانونية لحقوق اإلنسان‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪1990،‬‬
‫‪ .21‬عمي أحمد راشد ‪ ،‬القانون الجنائي وأصول النظرية العامة ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪1974‬‬
‫‪ .22‬عمي أحمد راشد ‪ ،‬القانون الجنائي وأصول النظرية العامة ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪1974‬‬
‫‪ .23‬عمر خوري السياسة العقابية في القانون الجزائري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الكتاب‬
‫الحديث ‪ ،‬ط‪- 1‬القاهرة ‪2009‬‬
‫‪ .24‬محمد المنجي ‪،‬اإلختبار القضائي‪ ،‬منشأة المعارف لبنان ‪،.1982 ،‬ط‪1‬‬
‫‪ .25‬محمد صبحي نجم‪ :‬المدخل إلى عمم اإلجرام وعمم العقاب الطبعة الثانية ‪1988‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر‬
‫‪ .26‬محمد عبد العزير محمد السيد الشريف ‪ ،‬مدى مالئمة الجزاءات الجنائية‬
‫اإلقتصادية في ظل السياسة الجنائية المعاصرة ‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كمية الحقوق ‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.2005‬‬

‫‪89‬‬
‫المصــادر و المــراجــع‬

‫‪ .27‬محمد عبد ولد محمدن الشنقيطي ‪ ،‬مقال بعنوان أنواع العقوبات البديمة التي‬
‫تطبق عمى الكبار‪ ،‬ممتقى اإلتجاهات الحديثة في العقوبات البديمة ‪ ،‬المممكة العربية‬
‫السعودية‪.‬‬
‫‪ .28‬محمود نجيب حسني ‪ ،‬دروس في عمم اإلجرام والعقاب ‪ ،‬دار النهضة العربية‬
‫القاهرة ‪1982 ،‬‬
‫‪ .29‬ياسر أنور عمي ‪،‬المدخل إلى دراسة القانون الجنائي ‪ ،‬القاهرة ‪،‬دار االسكندرية‬
‫لمنشر والتوزيع ‪، 1967 ،‬‬
‫‪ -IV‬المجالت والمطبوعات ‪:‬‬
‫‪ .30‬امزيان وناس‪ :‬دور األخصائي النفساني بالوسط العقابي‪ ،‬مقال منشور بمجمة‬
‫رسالة اإلدماج ‪ ،‬العدد الثاني ‪2006‬‬
‫‪ .31‬مجمة رسالة اإلدماج ‪ :‬المديرية العامة إلدارة السجون واعادة اإلدماج ‪ ،‬العدد‬
‫الثاني سنة‪، 2005‬دار الهدى لمطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ .32‬مجمة رسالة اإلدماج ‪ :‬المديرية العامة إلدارة السجون واعادة اإلدماج ‪ ،‬العدد‬
‫الثاني سنة‪، 2005‬دار الهدى لمطباعة والنشر‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫فهرس المحتويات‬
‫البسممة‬
‫الشكر والعرفان‬
‫االهداء‬
‫أ‪-‬ج‬ ‫مقدمة‬
‫الفصـــــــل األول‪ :‬ماهية السياسة العقابية في الجزائر‬
‫‪54‬‬ ‫المبحـــــث األول‪ :‬تطور السياسة العقابية في الجزائر‬
‫‪54‬‬ ‫المطـلــــب األول‪ :‬مرحمة االحتالل الفرنسي (‪)0851 -0725‬‬
‫‪55‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ 9‬مرحمة ما بعد االستقالل‬
‫‪02‬‬ ‫المبحـــث الثانـي‪ :‬تطور مفهوم العقـوبة‬
‫‪02‬‬ ‫المطـلـــب األول‪ :‬مفهوم العق ـ ــوبة‬
‫‪15‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تقسيــم العق ـ ـ ـ ـ ــوبات‬
‫الفصـل الثاني‪ :‬دور األنظمة العقابية الحديثة في معالجة الجريمة في الجزائر‬
‫‪31‬‬ ‫المبحـــــث األول‪ :‬األنظمة العقابية الحديثة‬
‫‪32‬‬ ‫المطـلــــب األول‪ :‬نظام اإلفراج المشروط ونظام الحرية النصفية‬
‫‪47‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬نظام الورشات الخارجية‬
‫‪53‬‬ ‫المبحث الثانـي‪ :‬المؤسسات العقابية في إصالح وادماج المحبوسين‬
‫‪53‬‬ ‫المطلــب األول‪ :‬المؤسسات العقابية المفتوحة‬
‫‪63‬‬ ‫المطلب الثانـي‪ :‬المؤسسة العقابية المغمقة‬
‫‪72‬‬ ‫الخـــــــــاتمـــــة‬
‫‪76‬‬ ‫المصادر والمراجع‬
‫الفهرس‬

‫‪92‬‬

You might also like