You are on page 1of 14

‫المبحث الثاني ‪ :‬دور المؤسسات السجنية في إعادة تأهيل النساء السجينات‬

‫يعتبر كل من التعليم و التهذيب في المؤسسات العقابية وسيلة أو أسلوب من أساليب‬


‫المعاملة العقابية للسجناء الهادفة إلى إصالح و تهذيب هذه الفئة من أجل تأهيلها و إعادة‬
‫إدماجها اجتماعيا‪ ،‬ودلك كون تأهيل المحكوم عليه ال يتم إال بتهذيبه‪ ،‬هذا األخير ال يتحقق‬
‫إال بالتعليم الذي يرفع القدرات الذهنية للمحكوم عليه ليصبح قادرا على التفكير الهادئ و‬
‫السليم في الحكم على األشياء و تقدير العواقب التي يمكن أن تؤدي به إلى ارتكاب الجرائم‪،‬‬
‫هذا ما تسعى السياسة العقابية الحديثة بلوغه و من أجل ذلك أصبح تعليم و تهذيب المحبوسين‬
‫في المؤسسات العقابية من بين األسس التي أقرتها المواثيق الدولية و تبنتها الدول في‬
‫تشريعاتها العقابية لما لها من دور في القضاء على الخطورة اإلجرامية الممثلة في الجهل‬
‫الذي يعد عامال من العوامل الدافعة إلى اإلجرام‪ ،‬فضال عن ذلك فإن ارتفاع المستوى العلمي‬
‫للمحكوم عليه يجعله يندمج مع الطائفة ذات المستوى العلمي العالي و بذلك يصبح أساسيا‬
‫للتهذيب الذي أصبح من أحد العناصر األساسية لعملية التقويم و التأهيل االجتماعي ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬المؤسسات السجنية أنواعها وتنظيمها‬


‫المؤسسات العقابية أو السجون هي عبارة عن أماكن أو هياكل أنشأتها الدولة لتودع‬
‫فيها األشخاص الدين صدرت ضدهم أحكام قضائية بعقوبات سالبة للحرية أو األشخاص‬
‫الموجودين في الحبس المؤقت ‪.‬‬
‫و إذا كانت مهمة السجن مهمة أمنية بحتة تهدف لحراسة المحبوسين ففي ظل السياسة‬
‫الجنائية الحديثة أصبحت توفر برامج وأنظمة تربوية إلعادة اإلدماج االجتماعي بعد نهاية‬
‫العقوبة ‪ ,‬وهي المهمة الحديثة التي وجدت من اجلها المؤسسات العقابية الحالية ‪ .‬حيث تجمع‬
‫بين الغرض العقابي مع األهداف اإلصالحية ‪.‬‬
‫و مفهوم السجن قديم جدا وقد وردت اإلشارة إلى كلمة السجن في القرآن الكريم في قصة‬
‫سيدنا يوسف عليه السالم عند قوله تعالى ‪:‬‬
‫َاحُِ‬
‫ِ‬
‫د‬ ‫ّللُ ْ‬
‫الو‬ ‫م اَ‬
‫ِ‬ ‫َِ‬‫ِ أ‬ ‫ْر‬‫َي‬
‫ن خ‬‫ُوَ‬
‫ِ‬ ‫ِق‬‫َر‬‫َف‬‫مت‬‫ِ ُ‬‫باب‬ ‫َْ‬‫َر‬‫َأ‬‫نِ أ‬‫ِْ‬‫ِج‬
‫يِ الس‬ ‫َِ‬ ‫َاحِب‬
‫يا ص‬ ‫﴿َ‬
‫ْ ََ ُ ‪1‬‬
‫ر﴾ ‪.‬‬
‫القهاِ‬

‫سورة يوسف اآلية ‪.39‬‬ ‫‪1‬‬


‫السجن في اللغة هو الحبس‪ ،‬والحبس معناه المنع‪ ،‬ومعناه الشرعي هو تعويق الشخص‬
‫ومنعه من التصرف بنفسه‪ ،‬سواء أكان في بلد أو بيت أو مسجد أو سجن معد للعقوبة أو‬
‫‪2‬‬
‫غيره‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬أنواع المؤسسات السجنية‬


‫تقسيم المؤسسات تبعا لنوع العقوبة المحكوم بها ‪ ,‬لم يعد له محل في ظل السياسة العقابية‬
‫الحديثة ودلك العتبارين ‪ :‬األول اتجاه الفقه و التشريع إلى توحيد العقوبات السالبة للحرية في‬
‫عقوبة واحدة على نحو ال تتماشى معه فكرة التقسيم التقليدي للمؤسسات العقابية والثاني‬
‫يرجع إلى أن السياسة العقابية الحالية الهادفة إلى إصالح الجاني وتأهيله وتصنيف‬
‫المجرمين‪ ,‬وفقا لطبيعة خطورتهم اإلجرامية ‪ ,‬تضع تصنيفا للمؤسسات العقابية مستمدا من‬
‫هده االعتبارات مما ترتب عليه هجر التقسيم التقليدي لصالح األنواع الحديثة للمؤسسات‬
‫‪3‬‬
‫العقابية ‪.‬‬

‫بما أن تطور نظم السجون ارتبط بشكل وثيق بأهداف الجزاء الجنائي الذي أصبح يرى‬
‫في العقوبة أداة للتهذيب وإصالح و تأهيل المحكوم عليهم هو ما أدى إلى تعدد أنواع‬
‫المؤسسات العقابية‪ ,‬بحكم أن اختالف المعاملة من فئة إلى أخرى يقتضي وجود أكثر من‬
‫نوع للمؤسسة العقابية‪ ,‬لتواكب أهداف اإلصالح الجنائي ‪.‬‬

‫‪ ‬مؤسسات البيئة المغلقة‬


‫تمثل النوع األقدم من أنماط المؤسسات العقابية ‪ ,‬و تعتمد على وجود العوائق المادية‬
‫كــاألسوار واألسالك الشائكة التي تحول دون هروب النزالء‪ ,‬وتفرض عليهم الحراسة‬
‫المشددة وتخضعهم لبرنامج إصالحي يقوم على أساس القسر واإلكراه ‪.‬‬
‫وهي الصورة األولى التي عرفت بها المؤسسات العقابية في العالم ‪ ,‬التي هي الصورة‬
‫األقدم تاريخيا ‪ ,‬وتقام عادة في ضواحي المدن الكبرى ‪ ,‬حيث أنها مباني مرتفعة األسوار تقام‬
‫بجانبها أبراج من اجل الحراسة ‪ ,‬ولها حراسة مشددة في الداخل و الخارج ‪ ,‬يعامل فيها‬

‫‪ 2‬شريك مصطفى‪ ,‬أنظمة السجون المدارس و النظريات المفسرة لها ‪،‬مجلة الفقه و القانون ‪،‬المأخوذة من الموقع‬
‫الكتروني ‪ http//majalah.new.ma :‬ص‪.06:‬‬
‫‪ 3‬أبو العال عقيدة‪،‬أصول علم العقاب‪،‬دراسة تحليلية تاصيلية للنظام العقابي المعاصر مقارنا بالنظام اإلسالمي‪,‬دارالفكر العربي‪,‬دون مكان‬
‫نشر‪, 1997,‬ص‪.256:‬‬
‫المساجين معاملة قاسية ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫و في الحقيقة أن فكرة هده المؤسسات تتضمن الردع حيث ينظر إلى المجرمين من قبل‬
‫الرأي العام على أنهم جماعة خطرين من الواجب عزلهم عن المجتمع اتقاء لشرهم ‪ .‬وال‬
‫يزال هذا النوع من المؤسسات العقابية يودع فيه بعض المجرمين الخطرين أو العائدين أو‬
‫المحكوم عليهم بعقوبة طويلة األمد‪ .‬و يعود انتشار السجون المغلقة في العالم إلى سببين‬
‫همــا ‪:‬‬

‫‪ ‬إن الـفكر السائد لدى الرأي العام عن الـمـذنـبيـن بأنهم مواطنين خطرين‬
‫يـتـعَّيـن عزلهم كليا ً عن المجتمع‪.‬‬

‫‪ ‬إن القائمين على اإلدارة العقابية في كثير من الـــــدول ينتمون إلى هيئات‬
‫عسكرية‪ ،‬ينحصر تفكيرهم في معاملة المذنبين على اعتـــبارات التحفظ‬
‫واألمن الذي تحققه السجون المغلقة بطريقة أضمن من الطرق األخرى ‪.‬‬
‫لم يعرف المشرع الجزائري مؤسسات البيئة المغلقة ولكن تكلم عن مميزاتها وفق ما جاء‬
‫‪5‬‬
‫في المادة ‪:28‬من قانون تنظيم السجون ‪. 04/05‬‬

‫أوال ‪ :‬المؤسسات‬
‫‪ -1‬مؤسسات الوقاية ‪ :‬توجد بدائرة اختصاص كل محكمة ‪ ,‬و تخصص الستقبال‬
‫المحبوسين حبسا مؤقتا ‪,‬و المحكوم عليهم نهائيا بعقوبات سالبة للحرية لمدة تساوي أو‬
‫تقل عن سنتين و كذلك المحبوسين الذين تبقى لهم على العقوبة سنتين ‪ ,‬أو أقل‬
‫باإلضافة إلى المحبوسين بسبب اإلكراه البدني ) في حالة عدم تسديد الغرامات‬
‫المحكوم بها )‪ ,‬وقد كانت مؤسسات الوقاية في ظل األمر ‪ 02/72:‬المؤرخ في‬
‫‪ 1972/10/02:‬قبل تعديله تستقبل فقط المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة تساوي أو تقل‬
‫‪6‬‬
‫عن ‪ 03‬ثالثة أشهر أو من بقي على انقضاء عقوبتهم ثالثة أشهر أو اقل‪.‬‬

‫‪ - -2‬مؤسسات إعادة التربية ‪ :‬توجد بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي ‪ ,‬مخصصة‬


‫الستقبال المحبو سين مؤقتا ‪ ,‬و المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية تساوي أو تقل‬
‫عن ‪ 05‬سنوات ‘ و كذلك كل من تبقى على عقوبته ‪ 05‬سنوات أو أقل و المكرهين‬
‫‪7‬‬
‫بدنيا‪.‬‬

‫‪ 4‬در دوس مكي ‪ ,‬الوجيز في علم العقاب‪ ,‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪,‬الجزائر ‪ , 2010,‬ص‪.116/117:‬‬
‫‪ 5‬انظر المادة ‪ 28:‬من القانون ‪ 04/05:‬المؤرخ في ‪ , 2005/02/06:‬المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين‪.‬‬
‫‪ 6‬األمر رقم‪ , 02/72:‬المؤرخ في ‪ , 1972/10/02:‬المتضمن تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين ‪ ,‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 15‬لسنة ‪1972‬‬
‫‪ 7‬انظر الفقرة ‪ 02‬من المادة ‪ 28:‬من القانون ‪ 04/05 :‬سالف الذكر‪.‬‬
‫أ‪-‬المحبوسين مؤقتا ‪ :‬المشرع عندما وضع هده الفئة في مؤسسات إعادة التربية و‬
‫مؤسسات الوقاية له مبرراته القانونية كون المتهمين يعدون في نظر القانون أبرياء لحين‬
‫صدور حكم باإلدانة من جهة قضائية ‪.‬‬
‫ب‪-‬المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية ‪ :‬فهم إما من مرتكبي المخالفات أو الجنح‬
‫البسيطة ‪.‬إما مرتكبي الجنايات من األحكام التي ال تتجاوز السنتين أما المحكوم عليهم‬
‫بجنايات فال يودعون بهده المؤسسات إال بعد دراسة شخصيتهم اإلجرامية من كل جوانبها‬
‫‪8‬‬
‫‪.‬‬
‫‪-3‬مؤسسات إعادة التأهيل‪:‬‬
‫وهي مخصصة لحبس المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة الحبس لمدة تفوق خمس ‪ 05‬سنوات‬
‫وبعقوبة السجن ‪ ،‬والمحكوم عليهم معتادي لإلجرام والخطرين ‪ ،‬مهما تكن مدة العقوبة‬
‫المحكوم بها عليهم و المحكوم عليهم باإلعدام ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المراكز المتخصصة‬
‫عمال بالمبدأ الدولي القاضي بوجوب التفرقة بين فئات المحبوسين والسجناء‪ ،‬المستمد‬
‫من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء‪ ،‬وجب فصل النساء عن الرجال من أجل ضمان‬
‫سالمتهن الجسدية حيث ال تفتش امرأة إال من طرف امرأة ‪,‬من طرف امرأة ‪ ,‬كما يجب‬
‫فصل األحداث عن البالغين انطالقا من فكرة تفريد العقوبة‪ ،‬التي يتم من خاللها معاملة كل‬
‫فئة بما يتالءم وظروفها‪ ،‬مع تحديد أسلوب التهذيب واإلصالح الخاص بها ‪ ,‬وهو ما‬
‫سنوضحه فيما يأتي ‪:‬‬
‫‪ -1‬مراكز مخصصة للنساء ‪ :‬يودع فيها المحبوسات مؤقتا و المحبوسات المحكوم عليهن‬
‫بعقوبة سالبة للحرية مهما تكن مدتها و كذلك المكرهات بدنيا‬

‫‪ -2‬مراكـــــــــــــــــز األحداث تستقبل األحداث الذين تقل أعمارهم عن ‪ 18‬سنة‬


‫المحبوسين حبسا مؤقتا ‪ ،‬و كذلك المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية مهما تكن‬
‫مدتها‪.‬‬
‫وهده المؤسسات تصلح في الحاالت التي يكون الهدف من العقاب هو الردع و الزجر قبل إن‬
‫يكون هو اإلصال ح ‪ ,‬ويلجأ إلى هدا النوع من المؤسسات عندما تكون العقوبة طويلة المدة ‪,‬‬
‫ولكل من تتطلب معاملتهم إتباع أسلوب حازم للردع و اإليالم‪.9‬‬

‫انظر الفقرة ‪ 03‬من المادة ‪ 28:‬من نفس القانون‬ ‫‪8‬‬

‫ثروت جال ل‪ ,‬الظاهرة اإلجرامية دراسة في علم العقاب ‪ ,‬دون دار نشر أو تاريخ نشر‪ ,‬ص‪.122:‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪ ‬مؤسسات البيئة المفتوحة‬

‫نشأة مؤسسات البيئة المفتوحة لم تكن وليدة نظرية عقابية ولكنها جاءت كنتيجة‬
‫لظروف كشفت الحاجة إليها ‪ ,‬ثم اتضحت بعد دلك مزاياها فحازت على تأييد علماء‬
‫العقاب ‪ ,‬فقد ارتفع عقب الحرب العالمية الثانية عدد نزالء السجون‪ ،‬وذلك لكثرة‬
‫المحكوم عليهم بسب التعاون مع العدو من جهة‪ ،‬وللجرائم المرتبطة بظروف الحرب‬
‫من جهة ثانية‪ ،‬وعندما ضاقت بهم السجون أنشئت معسكرات إليوائهم‪ ،‬فكشفت‬
‫التجربة عندئذ بأن هناك عددا من المحكوم عليهم ال يخشى هربهم‪ ،‬كما تبين بأن‬
‫السجناء قد انتفت عليهم روح الكآبة التي كانوا يعانون منها في السجون المغلقة نتيجة‬
‫التقارب بين حياتهم العادية وحياة المعسكرات ‪ 10.‬عرف المؤتمر الدولي الجنائي‬
‫العقابي المنعقد في الهاي عام ‪ 1950‬السجون المفتوحة ‪" :‬المؤسسات العقابية التي ال‬
‫تزود بعوائق مادية ضد الهرب كالحيطان والقضبان واألقفال وزيادة الحرس‪ ،‬والتي‬
‫ينبع فيها احترام النظام من ذات النزالء؛ فهم يتقبلونه طوعا ً تقديرا للثقة التي وضعت‬
‫فيهم و دون حاجةً لرقابة خارجية " ‪.‬‬

‫ويرجع الفضل في قيام هذا النوع من المؤسسات في سويسرا إلى كلرهالس حيث‬
‫أنشأ بتاريخ ‪: 12‬مارس ‪1891‬مؤسسة بترنيل في مقاطعة بورن في شكل مستعمرة‬
‫زراعية بحراسة خفيفة جدا من شأنها تقليل المظاهر المادية لسلب الحرية‪ ،‬واختيار‬
‫المحكوم عليهم الذين ليس لهم مصلحة في الهروب وإعداد وسائل العمل الزراعي‬
‫الذي له أثره في إصالح نفوس المحكوم عليهم‪11 .‬وقـــد انتــشرت بشكل واسع بعد‬
‫الحرب ـدانين ‪ ,‬فضاقت بهم العالمية الثانية في أكثر دول العالم؛ وذلك نظرا الرتفاع‬
‫عـدد النزالء لكثـرة الم السجون وأُنشأت المعسكرات إليوائهم ‪ ,‬فكشفت ِ‬
‫التجربـة أن‬
‫هناك عدد كبير من المحكوم عليهم ال يخشى هربهم ‪.‬‬

‫وقد نص عليها المشرع الجزائري في القسم الثالث من الباب الرابع من قانون تنظيم‬
‫السجون وحصرها في المواد من ‪. ) 111/109( :‬‬
‫وتتخذ مؤسسات البيئة المفتوحة شكل مراكز ذات طابع فالحي أو زراعي أو‬
‫صناعي أو حرفي أو خدماتي و تتميز هذه المؤسسات بأنها تقوم بإيواء المحبوسين‬
‫بعين المكان ‪12 .‬وحسب الفقرة الرابعة من المادة ‪ 25:‬من قانون تنظيم السجون ‪ :‬تقوم‬
‫مؤسسة البيئة المفتوحة على أساس قبول المحبوسين مبدأ الطاعة دون لجوء إدارة‬

‫‪ 10‬محمد خلف ‪ ,‬مبادئ علم العقاب ‪,‬الطبعة الثالثة ‪ ,‬مطابع الثورة للطباعة و النشر‪ ,‬بنغازي‪ , 1978 ,‬ص‪ 155:‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 11‬عمر خوري ‪ ,‬السياسة العقابية في القانون الجزائري ‪ ,‬دراسة مقارنة ‪ ,‬أطروحة دكتوراه في الحقوق ‪ ,‬فرع القانون الجنائي والعلوم‬
‫الجنائية ‪ ,‬كلية الحقوق ‪ ,‬جامعة الجزائر‪ , .320:‬ص‪2008 ,‬‬
‫‪ 12‬المادة ‪ 109:‬من القانون ‪.04/05:‬‬
‫المؤسسة العقابية إلى استعمال أساليب الرقابة المعتادة‪ ،‬وعلى شعوره بالمسؤولية تجاه‬
‫المجتمع الذي يعيش فيه ‪ ,13‬ويخضع الوضع في نظام البيئة المفتوحة إلى مقرر من‬
‫قاضي تطبيق العقوبات بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات ‪ ,‬وإشعار المصالح‬
‫المختصة بوزارة العدل ‪ ,‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 111:‬من قانون تنظيم السجون ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تنظيم المؤسسات السجنية‬


‫عرفت وظيفة اإلدارة العقابية تحوالت تبعا لتطور الغرض من الجزاء الجنائي وفي ظل‬
‫هذه الفلسفة انحصر دورها على تنفيذ العقوبة في حراسة المحكوم عليهم لمنع محاوالت‬
‫الفرار وتقديم الحاجات الضرورية لهم دون القيام بأي دور تهذيبي أو إصالحي ‪ ,‬ولذا فإن‬
‫العاملين في اإلدارة العقابية لم يكن يتم اختيارهم وفق معايير ‪ ،‬ولم تكن إدارة المؤسسة تتوفر‬
‫على األخصائيين الالزمين لتنفيذ أي برنامج تأهيلي ‪ ,‬ومع تطور غرض الجزاء الجنائي في‬
‫السياسة العقابية الحديثة إلى عملية اإلصالح والتأهيل‪ ،‬وإنما أصبح خرجت وظيفة اإلدارة‬
‫العقابية من مجرد حراسة المحكوم عليهم ضمانا إلنزال اإليالم بهم‪ ،‬استغالل فترة تنفيذ‬
‫العقوبة السالبة للحرية لتهذيبهم وتأهيلهم إلعادة االندماج في المجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬التنظيم اإلداري للمؤسسات السجنية‬
‫‪ .1‬إدارة المؤسسة العقابية‬
‫مدير المؤسسة‪ :‬يعد مدير المؤسسة العقابية هو المسئول األول على إدارة مصالح المؤسسة‬
‫على الوجه المطابق للقانون‪ ،‬وهو رئيس جميع الموظفين والمسئول على تسيير المساجين‬
‫فيها‪.‬و وظيفة متشعبة ومتنوعة حيث يتولى إدارة المصالح التابعة للسجن‪ ،‬ويسهر على‬
‫تطبيق القوانين واألنظمة‪ ،‬وتنفيذ تعليمات وتوجيهات اإلدارة المركزية‪ ،‬و يسهر على فرض‬
‫االنضباط وقواعد األمن داخل المؤسسة‪ .‬ونظرا لتعدد مهام هذه الوظيفة و التعدد والتنوع في‬
‫اختصاصات ومهام مدير المؤسسة أستوجب إحداث منصب نائب مدير السجن واحد أو أكثر‬
‫‪ ,‬وعادة يكون هناك نائب واحد للمدير في مؤسسات الوقاية ومؤسسات إعادة التربية ‪ ,‬بينما‬
‫يكون هناك نائبان في مؤسسات إعادة التأهيل هما ‪:‬نائب المدير للشؤون اإلدارية ونائب‬
‫المدير لشؤون االحتباس ‪ ،‬وهذا راجع إلى تعدد النشاطات داخل المؤسسة العقابية وما‬
‫نالحظه هو عدم تحديد االختصاصات التي يتوالها نائب المدير في المؤسسة غير أن دور‬
‫نائب المدير من الناحية العملية هو استخالف المدير عند غيابه والقيام بمهامه‪,‬و نص القانون‬
‫‪ 04/05:‬في المادة ‪ 28:‬منه على أنه تحدث لدى كل مؤسسة عقابية‪ ،‬كتابة ضبط قضائية‬
‫تكلف بمتابعة الوضعية الجزائية للمحبوسين وتسييرها‪ ،‬كما يمكن إحداث مصالح أخرى‬
‫لضمان حسن سير المؤسسة العقابية ‪،‬وتنظيم هذه المصالح ومهامها جاء بها المرسوم‬

‫المادة ‪ 25:‬من القانون ‪.04/05:‬‬ ‫‪13‬‬


‫التنفيذي رقم ‪1009/06‬المؤرخ في ‪14 . 2006/03/08 :‬وسنتطرق إلى هذه المصالح على‬
‫النحو اآلتي‪.‬‬
‫• مصلحة اإلدارة العامة ‪ :‬وتكلف بما يلي ‪:‬‬
‫تسيير الشؤون اإلدارية للمؤسسة‬ ‫‪‬‬
‫السهر على انضباط الموظفين‬ ‫‪‬‬
‫المساهمة في تنظيم العمل اليومي للموظفين‬ ‫‪‬‬
‫تسيير الشؤون اإلدارية للموظفين‬ ‫‪‬‬
‫‪15‬‬
‫السهر على نظافة مرافق المؤسسة ومتابعة أعمال الصيانة والترميم ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫• مصلحة متخصصة بتنظيم والتوجيه ‪ :‬تتكلف بما يلي ‪:‬‬


‫‪ ‬دراسة شخصية المحبوس‬
‫‪ ‬تقييم خطورة المحبوس وإعداد برنامج فردي إلعادة التربية واإلدماج لكل المحبوسين‬
‫‪16‬‬
‫‪ ‬اقتراح توجيه كل محبوس إلى مؤسسة بسبب سرعة خطورته ‪.‬‬

‫‪ ‬التنظيم البشري للمؤسسات السجنية‬


‫إن تحقيق الغرض المنتظر من تنفيذ السياسة العقابية والمتمثل في إعادة تربية المحبوسين‬
‫وإصالحهم إلعادة إدماجهم في المجتمع‪ ،‬البد أن تعهد هذه المهنة إلى أشخاص أكفاء‬
‫‪17‬‬
‫ومؤهلين ومدربين ومكونين في هذا المجال‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬صدر القرار الوزاري المشترك المؤرخ في ‪ 04‬فبراير ‪ 2004‬يحدد‬
‫برامج المسابقات على أساس االختبارات واالمتحانات المهنية اللتحاق باألسالك الخاصة‬
‫بإدارة السجون ‪ ، 18‬كما صدر المرسوم التنفيذي رقم ‪ 167/08 :‬المؤرخ في ‪2008/06/07:‬‬
‫‪19‬‬
‫الخاص بموظفي األسالك الخاصة بإدارة السجون‪.‬‬

‫‪ 14‬المرسـوم التنفيــذي رقــم ‪1009/06 :‬المــؤرخ فــي ‪, 2006/03/08:‬يحــدد كيفيــة تنظــيم المؤسسـة العقابيــة وســيرها ‪ ,‬الجريــدة‬
‫الرســمية عــدد رقــم‪ 15 :‬الصــادرة بتــاريخ ‪2006/03/12:‬‬
‫‪ 15‬توجد هذه المصالح طبقا للمادة ‪04 :‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪109/06:‬في مؤسسات إعادة التأهيل وإعادة التربية والوقاية و كذا المراكز‬
‫المتخصصة للنساء‪.‬‬
‫‪ 16‬توجد هذه المصالح طبقا للمادة ‪05 :‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 109/06:‬في مؤسسات إعادة التأهيل وإعادة التربية‬
‫‪ 17‬عمر خوري‪ ،‬السياسة العقابية في الجزائر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪265 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 18‬انظر‪ ،‬القرار الوزاري المشترك‪ ،‬المؤرخ في ‪: 04‬فبراير ‪ ، 2004‬يحدد برامج المسابقات على أساس االختبارات واالمتحانات المهنية‬
‫اللتحاق باألسالك الخاصة بإدارة السجون‬
‫‪ 19‬انظر المرسوم التنفيذي رقم‪، 167/08:‬المؤرخ في‪، 2008/06/07:‬المتضمن القانون األساسي الخاص بالموظفين المنتمين األسالك‬
‫الخاصة بإدارة السجون‪ ,‬الجريدة الرسمية ‪ ,‬العدد ‪ ,30:‬الصادرة في ‪2/07/11:‬‬
‫حيث حدد هذا المرسوم األحكام الخاصة المطبقة عليهم و شروط االلتحاق بمختلف الرتب‬
‫‪20‬‬
‫ومناصب الشغل المطابقة ‪.‬‬
‫يمارس الموظفون الذين ينتمون إلى األسالك الخاصة بإدارة السجون مهامهم بالمؤسسات‬
‫العقابية للبيئة المغلقة والبيئة المفتوحة و الو رشات الخارجية ‪.‬ويمكنهم فضال عن ذلك‪ ،‬أن‬
‫يمارسوا مهامهم على مستوى المصالح المركزية إلدارة السجون ومؤسسات التكوين التابعة‬
‫‪21‬‬
‫لها والمصالح المكلفة بإعادة اإلدماج للمحبوسين ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬البرامج اإلصالحية ودورها في تهذيب السجينات‬


‫إن إصالح نزيالت المؤسسات السجنية وتأهيلهن إلعادة اندماجهن في المجتمع يتطلب‬
‫إمكانيات وجهود مادية وبشرية كثيرة لتفريد العقاب و العالج‪ ،‬وهو ما جعل البعض يشك‬
‫في هذه المقاربة إلى درجة أن البعض أصبح يصفها بمثالية العالج و اإلصالح‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فإنه مراعاة لخصوصيات ومتطلبات نزيالت المؤسسات السجنية فإننا نأمل أن تحقق مختلف‬
‫الجهود المبذولة من طرف مختلف الفاعلين والمهتمين رسميين وغير رسميين قدرا من‬
‫التقدم والعناية أمال في الحفاظ على آدمية السجين الذي أجبرته مختلف العوامل السقوط في‬
‫متاهة الجريمة والجنوح ‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الرعايا الصحية و النفسية‬
‫تقع النزيالت أثناء دخولهن المؤسسة السجنية فريسة للصراع النفسي والتوتر والقلق‬
‫واإلحساس بالخوف لهدا السبب يتواجد داخل كل مؤسسة عقابية أخصائيون يقدمون لهم يد‬
‫العون ويعملون على مساعدتهم إلخراجهم من دلك التوتر والمشاعر السلبية التي تسيطر‬
‫عليهم ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الرعايا الصحية‬
‫تبدأ الرعاية الصحية منذ دخول النزيل‪ ،‬حيث يجرى عليه فحص طبي لتشخيص‬
‫األمراض التي قد يكون مصابا بها ثم معالجتها بالسرعة المطلوبة‪ ،‬ولهذا الغرض فإنه غالبا‬
‫ما توجد بالمؤسسات العقابية مراكز صحية أو عيادات تتوافر فيها األدوية والمواد‬

‫‪ 20‬تشمل األحكام الخاصة التي حددها المرسوم التنفيذي ‪ 167/08:‬والمطبقة على موظفي مختلف األسالك تخص ا الحقوق والواجبات ‪,‬‬
‫التوظيف والترقية ‪ ,‬التربص و الترسيم ‪ ,‬التكوين ‪ ,‬النظام التأديبي ‪ ,‬تصنيف الرتب والزيادات االستداللية للمناصب العليا‪.‬‬
‫‪ 21‬انظر المادة ‪ 02 :‬من المرسوم التنفيذي رقم‪، 167/08:‬السالف الذكر‬
‫الصيدالنية‪ ،‬أما إذا كانت الحالة الصحية مستعصية على عيادة المؤسسة العقابية يتم نقل‬
‫‪22‬‬
‫النزيل إلى أحد المستشفيات ‪.‬‬
‫ويكمن الهدف من تواجد الرعاية الصحية داخل المؤسسات السجنية ‪ ،‬في إصالح وتهذيب‬
‫النزالء وهذا الهدف يعتبر األول واألصلي لهد النوع من الرعاية‪ ،‬كما نجد أغراض أخرى‬
‫لها‪ ،‬فعندما يكون اإلجرام على عالقة وطيدة بالمرض كاإلدمان مثل فهنا يمكن أن تعمل‬
‫الرعاية الصحية بمثابة عالج واستئصال لعوامل اإلجرامية لديه‪ ،‬باإلضافة إلى أن سم‬
‫الحرية يترك آثارا سلبية على نفسية السجين ما يستدعي الرعاية الصحية التي تزيل تلك‬
‫اآلثار الضارة أو التخفيف من حدتها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الرعايا النفسية‬
‫هناك مجموعة أمراض نفسية تصيب الفرد في قواه النفسية كالغرائز و العواطف و تؤدي‬
‫إلى انحرافه نشاطها على نحو غير طبيعي يصل إلى حد ارتكاب الجرائـم ‪.‬‬
‫و حسب علماء اإلجرام فحاالت الشذوذ النفسي التي لها صلة وثيقة باإلجرام تجعل من الفرد‬
‫غير قادر على التحكم في غرائزه و يتميز بسلوك اجتماعي منحرف‪ ،‬بحيث يرتكب أعمال‬
‫‪23‬‬
‫عدائية للمجتمع ‪.‬‬
‫واألخصائي النفساني لنجاح مهمته يعتمد على مجموعة من المهارات تسهل عليه التواصل‬
‫مع السجناء و المتمثلة في‪:‬‬
‫‪ ‬مهارات االتصال اللفظي‪ :‬و يتـم بمكتب الفحص و العالج حيث تكون‬
‫للمسجون كامل الحرية في التعبير عن مشاعره و أفكاره و تطلعاته‪ ،‬أين يقوم‬
‫األخصائي النفساني باالستماع إليه باهتمام و إعطائه االعتبار الالزم من خالل‬
‫التشجيع أحيانا و التوجيه أحيانا أخرى‪ ،‬و تزويده بصورة عن التصرفات‬
‫الواجب التقيد بها اتجاه المجتمع محاوال بذلك تغيير فكرة شخصية المجرم التي‬
‫يحملها عن نفسه و التي نمت لديه داخل السجن‪ ،‬مما يبعث ثقة لديه تؤهله‬
‫للتأقلم دون مشاكل و ال عقد نقص اتجاه اآلخرين و تساعده في إعادة اندماجه‬
‫في المجتمع‪.‬‬

‫‪ ‬مهارات االتصال الجسمي‪ :‬و تقوم على وضع السجين في حالة استرخاء تام‬
‫فوق أريكة و دعوته للتخلي عن األفكار المزعجة والمقلقة حتى يتـم إدخال‬
‫‪ 22‬زرارفة فضيلة ‪,‬عوامل إجرام المرأة الجزائرية ‪,‬دراسة ميدانية على عينة من النزيالت في من سجن سطيف ‪,‬بجاية ‪,‬باتنة ‪,‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتورة العلوم في علم النفس‬
‫‪ 23‬انظر المرجع السابق ‪,‬أطروحة لنيل شهادة الدكتورة العلوم في علم النفس‬
‫أفكار سارة في تفكير المسجون باالستعانة بالصور الجميلة و الموسيقى‬
‫المريحة مع قيام األخصائي بتمرير يده من حين ألخر على جبينه أو يديه‬
‫لتحسس الحرارة المتدفقة إليها‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور التعليم و التهذيب في تأهيل السجينات‬
‫يحتل التعليم دورا أساسيا في النظام العقابي الحديث‪ ،‬إذ يعتبر وسيلة أو أسلوب من أساليب‬
‫المعاملة العقابية األصلية الهادفة إلى إعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين و تأهيلهم في‬
‫المؤسسة العقابية أثناء فترة التنفيذ العقابي‪ ،‬فالتعليم يفتح ذهن المحكوم عليه و يوسع مداركه‬
‫و يجعله بصيرا بحقيقة ما يدور حوله من خير شر‪ ،‬وهو بذلك يصقل شخصيته من خالل‬
‫‪24‬‬
‫تزويده بالقيم و السلوكيات السليمة التي تباعد بينه و بين ارتكاب الجريمة ‪.‬‬
‫التعليم وحده ال يكفي لتأهيل السجناء بل البد أن يقترن بالتهذيب الذي يهدف إلى دعم و تقوية‬
‫الجانب الروحي أو المعنوي لدى هذه الفئة‪ ،‬من خالل بث مجموعة من القيم الدينية و‬
‫األخالقية في نفسيتهم بصورة تساعدهم على التوبة و تجعلهم أكثر قدرة على التكيف في‬
‫المجتمع و مواجهة مشاكل الحياة اليومية بعد اإلفراج عنه ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬التعليم‬
‫أصبح لتعليم السجناء في المؤسسة السجنية دور أساسي ال يقل بأي حال من األحوال عن‬
‫دوره في المجتمع الحر فهو طريق لمحو األمية و الجهل و هما عامالن من العوامل الدافعة‬
‫إلى السلوك اإلجرامي ‪ ،25‬و بالتالي فهو وسيلة الستئصال عوامل الجريمة و إزالة أسباب‬
‫العودة إلى اإلجرام‪ ،‬كما أن التعليم يساهم في تأهيل النزيل بفتح الطريق أمامه بما يوفره من‬
‫فرص العمل المناسبة للحصول على مصدر زقه من طريق مشروع بعد اإلفراج عنه‪ ،‬و‬
‫‪26‬‬
‫بذلك يحقق االستقرار االجتماعي الذي يباعد بينه و بين اإلجرام و اإلقدام عليه‪.‬‬
‫و تبعا لذلك فإن تعليم فئة المحبوسين في المؤسسات العقابية يحقق عدة أهداف أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬يقضي على العامل الرئيسي المهيأ الرتكاب الجريمة و الجهل‪.‬‬
‫‪ ‬يفتح أمام المحبوس فرص العمل التي ما كان سيحصل عليها لو ظل على ما هو عليه‬
‫من جهل و بيئته االجتماعية فكرية‪.‬‬
‫‪ ‬يعتبر سبيل الرتقاء المحبوس‪ ،‬ألنه يباعد بينه و بين ارتكاب الجريمة بإصالح‬
‫جوانب عديدة في شخصيته التي تجعله يستطيع التعامل مع مختلف أفراد المجتمع ‪.‬‬

‫‪ 24‬الدكتور‪/‬جمعة زكريا السيد محمد‪ :‬أساليب المعاملة العقابية للسجناء في القانون الجنائي و الفقه اإلسالمي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 2013‬مكتبة‬
‫الوفاء القانونية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪1.‬‬
‫‪ 25‬نبيل العبيدي‪ ،‬أسس السياسة العقابية في السجون و مدى التزام الدولة بالمواثيق الدولية‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪، 2015 ،‬ص‪.‬‬
‫‪ 26‬الدكتور‪/‬محمود نجيب حسني‪ :‬علم العقاب‪ ،‬الطبعة الثانية‪، 1973 ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر ص ‪،‬‬
‫‪ ‬يعتبر أسلوب تأهيل فعال إذ بتعليم فئة المحبوسين داخل المؤسسة العقابية يصبحون‬
‫ذو تفكير و تصرف أدنى إلى السالمة‪ ،‬فيستنكرون اإلجرام و يرونه سلوكا غير‬
‫‪27‬‬
‫الئق‪.‬‬

‫و تعليم المحبوسين داخل المؤسسة العقابية حتى يحقق األهداف سابقة الذكر البد من توفير له‬
‫وسائل يقرها القانون و أهمها ‪:‬‬
‫‪ .1‬إلقاء الدروس و المحاضرات‬
‫يتولى هذه المهمة عدد من المدرسين يتم تعيينهم خصيصا لغرض تعليم المحبوسين عن‬
‫طريق إلقاء الدروس وشرحها داخل المؤسسة العقابية‪ ،‬إذ يتوجب أن و يكونوا على قدر كبير‬
‫من اإللمام بأصول التربية الحديثة ‪28‬وفي حالة ما إذا عدد المعلمين أو المدرسين غير كاف‬
‫لتغطية البرنامج فإنه يحث القائمين على إدارة المؤسسة السجنية باستغالل السجناء الذين‬
‫يتمتعون بمستوى دراسي كاف بتولي هذه المهمة شريطة وضعهم تحت النظر و تدريبهم‬
‫‪29‬‬
‫على تقنيات التعليم ‪.‬‬
‫‪ .2‬إنشاء مكتبة داخل المؤسسة العقابية‬
‫تعتبر المكتبة من أهم وسائل التعليم داخل المؤسسة السجنية‪ ،‬فهي تمنح المدرس المادة العلمية‬
‫و تدفع بالسجين للمطالعة اليومية لمأل فراغه فتبعد عن نفسيته الملل و التفكير السيئ ألن‬
‫الكتاب أهم وسيلة للعلم و المعرفة باعتباره أنيس و جليس للسجناء‪.‬‬
‫و البد أن تزود المكتبة بالعديد من الكتب الدينية و الخلقية و القانونية و العقابية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫‪30‬‬
‫ذلك توفير الدوريات و المنشورات و المجالت المختلفة‪.‬‬
‫و قد أوصت على ذلك القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء في القاعدة ‪ 40‬على أنه‪:‬‬
‫"يزود كل سجن بمكتبة متخصصة لمختلف فئات السجناء تضم قدرا وافيا من الكتب‬
‫‪31‬‬
‫الترفيهية و التثقيفية على السواء و يشجع السجناء على اإلفادة منها إلى أبعد حد ممكن "‪.‬‬

‫‪ 27‬الدكتورة‪/‬نسرين عبد الحميد نبيه‪ :‬السجون في ميزان العدالة و القانون‪ ،‬بدون طبعة‪، 2008 ،‬منشأة المعارف جالل حــزي و شركاه‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫ص‪، 103‬انظر الدكتور‪/‬جمال شعبان حسين علي‪ :‬معاملة المج رمين وأساليب رعايتهم في ضوء التكفل االجتماعي في الفقه اإلسالمي و القانون‬
‫الوضعي‪ ،‬الطبعة األولى‪، 2012 ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪2.‬‬
‫‪ 28‬الدكتور‪/‬محمد محمد مصباح القاضي‪ :‬علم اإلجرام و علم العقاب ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 2013 ،‬منشورات الحلبي الحقوقية لبنان ص ‪350. ،‬‬
‫‪sanctions pénales en droit algérien, édition Ouardia nasroune nouar: Le contrôle de l’exécution des 29‬‬
‫‪1991,librairie générale de droit et de jurisprudence, France, p159‬‬
‫‪ 30‬الدكتور‪/‬حسنين إبراهيم صالح عبيد و الدكتور‪/‬رفاعي سيد سعد أبو حلبة‪ :‬مقدمة القانون الجنائي‪،‬مبادئ م عل اإلجرام و علم العقاب‪ ،‬طبعة‬
‫‪، 1998‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ‪244.‬‬
‫‪ 31‬ل عروم عمر‪ :‬الوجيز المعين لإلرشاد السجين على ضوء التشريع الدولي و الجزائري و الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪49.‬‬
‫و تبعا لذلك قامت إدارة مصلحة السجون في باريس بتأليف دليل يوجه المساجين‪ ،‬فمن بين‬
‫توجيهاته كيفية الحصول على الكتب سواء مباشرة من المكتبة أو عن طريق خدمة التوزيع‬
‫‪32‬‬
‫في مباني السجن ‪.‬‬

‫‪.3‬توزيع الصحف و المجالت‬


‫تعد هذه الوسيلة من أهم وسائل اإلعالم المقروءة‪ ،‬إذ تتيح للمحبوس أن يطالع أحداث‬
‫األخبار وطنيا و دوليا‪ ،‬كما تقوي رابطة االتصال بينه بين المجتمع ‪ 33‬و قد أوصت بذلك‬
‫القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء من خالل المجتمع القاعدة ‪ 39‬بقولها‪" :‬يجب أن‬
‫تتاح للسجناء مواصلة االطالع بانتظام على منشورات خاصة ذات أهمية عن طريق‬
‫الصحف اليومية أو الدورية أو أي منشورات خاصة تصدرها إدارة السجون أو باالستماع‬
‫إلى محطـات اإلذاعة أو إلى المحاضرات أو بأية وسيلة مماثلة تسمح بها اإلدارة أو تكون‬
‫خاضعة إلشرافها‪" .34‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التهذيب‬
‫التهذيب يقصد به غرس مجموعة من القيم الدينية و األخالقية في نفسية المحبوس بصورة‬
‫تساعده على التوبة و تجعله أكثر قدرة على التكييف و مواجهة الحياة االجتماعية بعد اإلفراج‬
‫عنه ‪ ،‬و هو نوعان‪:‬‬
‫‪.1‬التهـذيب الديني ‪:‬‬
‫التهذيب الديني يرتكز على فكرة التوبة التي تعتبر نواة التأهيل الحديثة‪ ،‬فيتضمن تعليم‬
‫المحبوس قواعد دينه وتذكيره بأصول الدين التي تربطه بخالقه و بمبادئ ‪ ،‬إضافة إلى ذلك‬
‫حظه على إقامة الشعائر الصدق و المحبة و األمــن و السالم ‪ 35‬إضافة إلى دلك حثه على‬
‫إقامة الشعائر الدينية‪ ،‬ألن من األسس العامة في معاملة السجين في اإلسالم أنه ال يمنع من‬
‫‪36‬‬
‫أدائه للشعائر الدينية مطلقا و المتمثلة في العبادات ‪.‬‬

‫‪ 32‬دليل السجين الواصل إلى السجن‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬سبتمبر ‪، 2009‬إدارة مصلحة السجون‪،‬باريس‪ ،‬فرنسا‪ ،‬ص ‪22.‬‬
‫‪ 33‬لد كتور‪/‬جمعة زكريا السيد محمد‪ :‬أساليب المعاملة العقابية للسجناء في القانون الجنائي و الفقه اإلسالمي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪305‬‬
‫‪ 34‬لعروم عمر‪ :‬الوجيز المعين لإلرشاد السجين على ضوء التشريع الدولي و الجزائري و الشريعة اإلسالمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪49.‬‬
‫‪ 35‬ياسين مفتاح ‪ :‬اإلشراف القضائي على التنفيذ العقابي‪، 2011-2010 ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة ص ‪144. ،‬‬
‫‪ 36‬الدكتور‪/‬عبد السالم بن محمد الشويعر‪ " :‬السجن و معاملة السجناء في اإلسالم "‪ ،‬بدون طبعة و سنة‪ ،‬المجلة العربية للدراسات األمنية و‬
‫التدريب المجلد ‪، 24‬العدد‪، 47‬الرياض‪ ،‬السعودية‪ ،‬ص‪.‬‬
‫و يتحقق التهذيب الديني داخل المؤسسة العقابية بوسائل متعددة أهمها ‪:37‬‬
‫‪ ‬إلقاء الدروس الدينية من معلمين دينيين يعلمون السجناء أمور دينهم ويشرحون لهم‬
‫مبادئ الدين والفضائل التي يقوم عليها ‪.‬‬
‫‪ ‬السماح للسجناء بإقامة الشعائر الدينية أو أداء الفرائض الدينية بل و حثهم عليها‪ ،‬إذ‬
‫يعتبر ذلك التزاما يقع على عاتق الدولة إذ يتعين عليها القيام به و توفير سبله بما في‬
‫ذلك بيئة أو أماكن أو قاعات للعبادة داخل المؤسسات العقابية‪.‬‬
‫‪ ‬توفير الكتب الدينية داخل المؤسسة العقابية و بالقدر الكافي بالنسبة لعدد المحكوم‬
‫عليهم ع ن طريق وضع تخصيص مكتبة لهذا الغرض بغية توجيه فئة المحبوسين‬
‫الستغالل أوقات فراغهم بالقراءة المنتجة ‪.‬‬
‫و تطبيقا لمبدأ حرية العقيدة و ممارسة الشعائر الدينية المنصوص عليها في المادة ‪ 18‬من‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بقولها " لكل شخص حق في حرية الفكر و الوجدان والدين‬
‫يشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده‪ ،‬وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد و‬
‫إقامة الشعائر و الممارسة و التعليم‪ ،‬بمفرده أو مع جماعة‪ ،‬و أمام المأل أو على حده‪"38‬‬

‫‪.2‬التهذيب األخالقي ‪:‬‬


‫و يراد به إظهار القيم األخالقية للمحكوم عليه و إقناعه و تدريبه على أن يستمد منها معايير‬
‫السلوك في المجتمع‪ ،‬ثم يلتزم بها فتباعد بينه و بين طريق العودة إلى اإلجرام ‪ ،‬وأهم ما‬
‫‪39‬‬
‫يعتمد عليه التهذيب األخالقي قواعد علم األخالق ‪.‬‬
‫و التهذيب يتم تنظيمه من خالل فهم دراسة شخصية المحكوم عليه و توجيهه إلى حل مشاكله‬
‫و العمل على تنمية إحساسه بالمسؤولية و بالنظام و القانون‪ ،‬إذ يتولى هذه المهمة أخصائي‬
‫اجتماعي و نفسي عن طريق تحديد لقاءات فردية في أوقات مختلفة‪ ،‬حيث يتاح لألخصائي‬
‫التعرف على شخصية المحكوم عليه الذي يتقابل معه‪ ،‬و يسهل عليه مناقشته و إقناعه بعدم‬
‫‪40‬‬
‫سالمة أفكاره و مسار معتقداته و قيمه التي دفعته إلى سلوك الجريمة ‪.‬‬

‫‪ 37‬الدكتور‪/‬جمال شعبان حسين علي‪ :‬معاملة المجرمين و أساليب رعايتهم في ضوء التكفل االجتماعي في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪220‬‬
‫‪ 38‬قاضي هشام‪ :‬موسوعة الوثائق الدولية المرتبطة بحقوق اإلنسان‪ ،‬بدون طبعة‪، 2010 ،‬دار المفيد للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ 39‬الدكتور‪/‬محمود نجيب حسني‪ :‬علم العقاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪378‬‬
‫‪ 40‬نبيل العبيدي‪ ،‬أسس السياسة العقابية في السجون و مدى التزام الدولة بالمواثيق الدولية‪ ،‬المركز القومي لإلصدار ات القانونية‪ ،‬المرجع‬
‫السابق ص ‪220‬‬

You might also like