Professional Documents
Culture Documents
بما أن تطور نظم السجون ارتبط بشكل وثيق بأهداف الجزاء الجنائي الذي أصبح يرى
في العقوبة أداة للتهذيب وإصالح و تأهيل المحكوم عليهم هو ما أدى إلى تعدد أنواع
المؤسسات العقابية ,بحكم أن اختالف المعاملة من فئة إلى أخرى يقتضي وجود أكثر من
نوع للمؤسسة العقابية ,لتواكب أهداف اإلصالح الجنائي .
2شريك مصطفى ,أنظمة السجون المدارس و النظريات المفسرة لها ،مجلة الفقه و القانون ،المأخوذة من الموقع
الكتروني http//majalah.new.ma :ص.06:
3أبو العال عقيدة،أصول علم العقاب،دراسة تحليلية تاصيلية للنظام العقابي المعاصر مقارنا بالنظام اإلسالمي,دارالفكر العربي,دون مكان
نشر, 1997,ص.256:
المساجين معاملة قاسية .
4
و في الحقيقة أن فكرة هده المؤسسات تتضمن الردع حيث ينظر إلى المجرمين من قبل
الرأي العام على أنهم جماعة خطرين من الواجب عزلهم عن المجتمع اتقاء لشرهم .وال
يزال هذا النوع من المؤسسات العقابية يودع فيه بعض المجرمين الخطرين أو العائدين أو
المحكوم عليهم بعقوبة طويلة األمد .و يعود انتشار السجون المغلقة في العالم إلى سببين
همــا :
إن الـفكر السائد لدى الرأي العام عن الـمـذنـبيـن بأنهم مواطنين خطرين
يـتـعَّيـن عزلهم كليا ً عن المجتمع.
إن القائمين على اإلدارة العقابية في كثير من الـــــدول ينتمون إلى هيئات
عسكرية ،ينحصر تفكيرهم في معاملة المذنبين على اعتـــبارات التحفظ
واألمن الذي تحققه السجون المغلقة بطريقة أضمن من الطرق األخرى .
لم يعرف المشرع الجزائري مؤسسات البيئة المغلقة ولكن تكلم عن مميزاتها وفق ما جاء
5
في المادة :28من قانون تنظيم السجون . 04/05
أوال :المؤسسات
-1مؤسسات الوقاية :توجد بدائرة اختصاص كل محكمة ,و تخصص الستقبال
المحبوسين حبسا مؤقتا ,و المحكوم عليهم نهائيا بعقوبات سالبة للحرية لمدة تساوي أو
تقل عن سنتين و كذلك المحبوسين الذين تبقى لهم على العقوبة سنتين ,أو أقل
باإلضافة إلى المحبوسين بسبب اإلكراه البدني ) في حالة عدم تسديد الغرامات
المحكوم بها ) ,وقد كانت مؤسسات الوقاية في ظل األمر 02/72:المؤرخ في
1972/10/02:قبل تعديله تستقبل فقط المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة تساوي أو تقل
6
عن 03ثالثة أشهر أو من بقي على انقضاء عقوبتهم ثالثة أشهر أو اقل.
4در دوس مكي ,الوجيز في علم العقاب ,ديوان المطبوعات الجامعية ,الطبعة الثانية ,الجزائر , 2010,ص.116/117:
5انظر المادة 28:من القانون 04/05:المؤرخ في , 2005/02/06:المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين.
6األمر رقم , 02/72:المؤرخ في , 1972/10/02:المتضمن تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين ,الجريدة الرسمية عدد 15لسنة 1972
7انظر الفقرة 02من المادة 28:من القانون 04/05 :سالف الذكر.
أ-المحبوسين مؤقتا :المشرع عندما وضع هده الفئة في مؤسسات إعادة التربية و
مؤسسات الوقاية له مبرراته القانونية كون المتهمين يعدون في نظر القانون أبرياء لحين
صدور حكم باإلدانة من جهة قضائية .
ب-المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية :فهم إما من مرتكبي المخالفات أو الجنح
البسيطة .إما مرتكبي الجنايات من األحكام التي ال تتجاوز السنتين أما المحكوم عليهم
بجنايات فال يودعون بهده المؤسسات إال بعد دراسة شخصيتهم اإلجرامية من كل جوانبها
8
.
-3مؤسسات إعادة التأهيل:
وهي مخصصة لحبس المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة الحبس لمدة تفوق خمس 05سنوات
وبعقوبة السجن ،والمحكوم عليهم معتادي لإلجرام والخطرين ،مهما تكن مدة العقوبة
المحكوم بها عليهم و المحكوم عليهم باإلعدام .
ثانيا :المراكز المتخصصة
عمال بالمبدأ الدولي القاضي بوجوب التفرقة بين فئات المحبوسين والسجناء ،المستمد
من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ،وجب فصل النساء عن الرجال من أجل ضمان
سالمتهن الجسدية حيث ال تفتش امرأة إال من طرف امرأة ,من طرف امرأة ,كما يجب
فصل األحداث عن البالغين انطالقا من فكرة تفريد العقوبة ،التي يتم من خاللها معاملة كل
فئة بما يتالءم وظروفها ،مع تحديد أسلوب التهذيب واإلصالح الخاص بها ,وهو ما
سنوضحه فيما يأتي :
-1مراكز مخصصة للنساء :يودع فيها المحبوسات مؤقتا و المحبوسات المحكوم عليهن
بعقوبة سالبة للحرية مهما تكن مدتها و كذلك المكرهات بدنيا
ثروت جال ل ,الظاهرة اإلجرامية دراسة في علم العقاب ,دون دار نشر أو تاريخ نشر ,ص.122: 9
مؤسسات البيئة المفتوحة
نشأة مؤسسات البيئة المفتوحة لم تكن وليدة نظرية عقابية ولكنها جاءت كنتيجة
لظروف كشفت الحاجة إليها ,ثم اتضحت بعد دلك مزاياها فحازت على تأييد علماء
العقاب ,فقد ارتفع عقب الحرب العالمية الثانية عدد نزالء السجون ،وذلك لكثرة
المحكوم عليهم بسب التعاون مع العدو من جهة ،وللجرائم المرتبطة بظروف الحرب
من جهة ثانية ،وعندما ضاقت بهم السجون أنشئت معسكرات إليوائهم ،فكشفت
التجربة عندئذ بأن هناك عددا من المحكوم عليهم ال يخشى هربهم ،كما تبين بأن
السجناء قد انتفت عليهم روح الكآبة التي كانوا يعانون منها في السجون المغلقة نتيجة
التقارب بين حياتهم العادية وحياة المعسكرات 10.عرف المؤتمر الدولي الجنائي
العقابي المنعقد في الهاي عام 1950السجون المفتوحة " :المؤسسات العقابية التي ال
تزود بعوائق مادية ضد الهرب كالحيطان والقضبان واألقفال وزيادة الحرس ،والتي
ينبع فيها احترام النظام من ذات النزالء؛ فهم يتقبلونه طوعا ً تقديرا للثقة التي وضعت
فيهم و دون حاجةً لرقابة خارجية " .
ويرجع الفضل في قيام هذا النوع من المؤسسات في سويسرا إلى كلرهالس حيث
أنشأ بتاريخ : 12مارس 1891مؤسسة بترنيل في مقاطعة بورن في شكل مستعمرة
زراعية بحراسة خفيفة جدا من شأنها تقليل المظاهر المادية لسلب الحرية ،واختيار
المحكوم عليهم الذين ليس لهم مصلحة في الهروب وإعداد وسائل العمل الزراعي
الذي له أثره في إصالح نفوس المحكوم عليهم11 .وقـــد انتــشرت بشكل واسع بعد
الحرب ـدانين ,فضاقت بهم العالمية الثانية في أكثر دول العالم؛ وذلك نظرا الرتفاع
عـدد النزالء لكثـرة الم السجون وأُنشأت المعسكرات إليوائهم ,فكشفت ِ
التجربـة أن
هناك عدد كبير من المحكوم عليهم ال يخشى هربهم .
وقد نص عليها المشرع الجزائري في القسم الثالث من الباب الرابع من قانون تنظيم
السجون وحصرها في المواد من . ) 111/109( :
وتتخذ مؤسسات البيئة المفتوحة شكل مراكز ذات طابع فالحي أو زراعي أو
صناعي أو حرفي أو خدماتي و تتميز هذه المؤسسات بأنها تقوم بإيواء المحبوسين
بعين المكان 12 .وحسب الفقرة الرابعة من المادة 25:من قانون تنظيم السجون :تقوم
مؤسسة البيئة المفتوحة على أساس قبول المحبوسين مبدأ الطاعة دون لجوء إدارة
10محمد خلف ,مبادئ علم العقاب ,الطبعة الثالثة ,مطابع الثورة للطباعة و النشر ,بنغازي , 1978 ,ص 155:وما بعدها.
11عمر خوري ,السياسة العقابية في القانون الجزائري ,دراسة مقارنة ,أطروحة دكتوراه في الحقوق ,فرع القانون الجنائي والعلوم
الجنائية ,كلية الحقوق ,جامعة الجزائر , .320:ص2008 ,
12المادة 109:من القانون .04/05:
المؤسسة العقابية إلى استعمال أساليب الرقابة المعتادة ،وعلى شعوره بالمسؤولية تجاه
المجتمع الذي يعيش فيه ,13ويخضع الوضع في نظام البيئة المفتوحة إلى مقرر من
قاضي تطبيق العقوبات بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات ,وإشعار المصالح
المختصة بوزارة العدل ,وهو ما نصت عليه المادة 111:من قانون تنظيم السجون .
14المرسـوم التنفيــذي رقــم 1009/06 :المــؤرخ فــي , 2006/03/08:يحــدد كيفيــة تنظــيم المؤسسـة العقابيــة وســيرها ,الجريــدة
الرســمية عــدد رقــم 15 :الصــادرة بتــاريخ 2006/03/12:
15توجد هذه المصالح طبقا للمادة 04 :من المرسوم التنفيذي رقم 109/06:في مؤسسات إعادة التأهيل وإعادة التربية والوقاية و كذا المراكز
المتخصصة للنساء.
16توجد هذه المصالح طبقا للمادة 05 :من المرسوم التنفيذي رقم 109/06:في مؤسسات إعادة التأهيل وإعادة التربية
17عمر خوري ،السياسة العقابية في الجزائر ،المرجع السابق ،ص 265 :وما بعدها.
18انظر ،القرار الوزاري المشترك ،المؤرخ في : 04فبراير ، 2004يحدد برامج المسابقات على أساس االختبارات واالمتحانات المهنية
اللتحاق باألسالك الخاصة بإدارة السجون
19انظر المرسوم التنفيذي رقم، 167/08:المؤرخ في، 2008/06/07:المتضمن القانون األساسي الخاص بالموظفين المنتمين األسالك
الخاصة بإدارة السجون ,الجريدة الرسمية ,العدد ,30:الصادرة في 2/07/11:
حيث حدد هذا المرسوم األحكام الخاصة المطبقة عليهم و شروط االلتحاق بمختلف الرتب
20
ومناصب الشغل المطابقة .
يمارس الموظفون الذين ينتمون إلى األسالك الخاصة بإدارة السجون مهامهم بالمؤسسات
العقابية للبيئة المغلقة والبيئة المفتوحة و الو رشات الخارجية .ويمكنهم فضال عن ذلك ،أن
يمارسوا مهامهم على مستوى المصالح المركزية إلدارة السجون ومؤسسات التكوين التابعة
21
لها والمصالح المكلفة بإعادة اإلدماج للمحبوسين .
20تشمل األحكام الخاصة التي حددها المرسوم التنفيذي 167/08:والمطبقة على موظفي مختلف األسالك تخص ا الحقوق والواجبات ,
التوظيف والترقية ,التربص و الترسيم ,التكوين ,النظام التأديبي ,تصنيف الرتب والزيادات االستداللية للمناصب العليا.
21انظر المادة 02 :من المرسوم التنفيذي رقم، 167/08:السالف الذكر
الصيدالنية ،أما إذا كانت الحالة الصحية مستعصية على عيادة المؤسسة العقابية يتم نقل
22
النزيل إلى أحد المستشفيات .
ويكمن الهدف من تواجد الرعاية الصحية داخل المؤسسات السجنية ،في إصالح وتهذيب
النزالء وهذا الهدف يعتبر األول واألصلي لهد النوع من الرعاية ،كما نجد أغراض أخرى
لها ،فعندما يكون اإلجرام على عالقة وطيدة بالمرض كاإلدمان مثل فهنا يمكن أن تعمل
الرعاية الصحية بمثابة عالج واستئصال لعوامل اإلجرامية لديه ،باإلضافة إلى أن سم
الحرية يترك آثارا سلبية على نفسية السجين ما يستدعي الرعاية الصحية التي تزيل تلك
اآلثار الضارة أو التخفيف من حدتها .
ثانيا :الرعايا النفسية
هناك مجموعة أمراض نفسية تصيب الفرد في قواه النفسية كالغرائز و العواطف و تؤدي
إلى انحرافه نشاطها على نحو غير طبيعي يصل إلى حد ارتكاب الجرائـم .
و حسب علماء اإلجرام فحاالت الشذوذ النفسي التي لها صلة وثيقة باإلجرام تجعل من الفرد
غير قادر على التحكم في غرائزه و يتميز بسلوك اجتماعي منحرف ،بحيث يرتكب أعمال
23
عدائية للمجتمع .
واألخصائي النفساني لنجاح مهمته يعتمد على مجموعة من المهارات تسهل عليه التواصل
مع السجناء و المتمثلة في:
مهارات االتصال اللفظي :و يتـم بمكتب الفحص و العالج حيث تكون
للمسجون كامل الحرية في التعبير عن مشاعره و أفكاره و تطلعاته ،أين يقوم
األخصائي النفساني باالستماع إليه باهتمام و إعطائه االعتبار الالزم من خالل
التشجيع أحيانا و التوجيه أحيانا أخرى ،و تزويده بصورة عن التصرفات
الواجب التقيد بها اتجاه المجتمع محاوال بذلك تغيير فكرة شخصية المجرم التي
يحملها عن نفسه و التي نمت لديه داخل السجن ،مما يبعث ثقة لديه تؤهله
للتأقلم دون مشاكل و ال عقد نقص اتجاه اآلخرين و تساعده في إعادة اندماجه
في المجتمع.
مهارات االتصال الجسمي :و تقوم على وضع السجين في حالة استرخاء تام
فوق أريكة و دعوته للتخلي عن األفكار المزعجة والمقلقة حتى يتـم إدخال
22زرارفة فضيلة ,عوامل إجرام المرأة الجزائرية ,دراسة ميدانية على عينة من النزيالت في من سجن سطيف ,بجاية ,باتنة ,أطروحة لنيل
شهادة الدكتورة العلوم في علم النفس
23انظر المرجع السابق ,أطروحة لنيل شهادة الدكتورة العلوم في علم النفس
أفكار سارة في تفكير المسجون باالستعانة بالصور الجميلة و الموسيقى
المريحة مع قيام األخصائي بتمرير يده من حين ألخر على جبينه أو يديه
لتحسس الحرارة المتدفقة إليها.
الفقرة الثانية :دور التعليم و التهذيب في تأهيل السجينات
يحتل التعليم دورا أساسيا في النظام العقابي الحديث ،إذ يعتبر وسيلة أو أسلوب من أساليب
المعاملة العقابية األصلية الهادفة إلى إعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين و تأهيلهم في
المؤسسة العقابية أثناء فترة التنفيذ العقابي ،فالتعليم يفتح ذهن المحكوم عليه و يوسع مداركه
و يجعله بصيرا بحقيقة ما يدور حوله من خير شر ،وهو بذلك يصقل شخصيته من خالل
24
تزويده بالقيم و السلوكيات السليمة التي تباعد بينه و بين ارتكاب الجريمة .
التعليم وحده ال يكفي لتأهيل السجناء بل البد أن يقترن بالتهذيب الذي يهدف إلى دعم و تقوية
الجانب الروحي أو المعنوي لدى هذه الفئة ،من خالل بث مجموعة من القيم الدينية و
األخالقية في نفسيتهم بصورة تساعدهم على التوبة و تجعلهم أكثر قدرة على التكيف في
المجتمع و مواجهة مشاكل الحياة اليومية بعد اإلفراج عنه .
أوال :التعليم
أصبح لتعليم السجناء في المؤسسة السجنية دور أساسي ال يقل بأي حال من األحوال عن
دوره في المجتمع الحر فهو طريق لمحو األمية و الجهل و هما عامالن من العوامل الدافعة
إلى السلوك اإلجرامي ،25و بالتالي فهو وسيلة الستئصال عوامل الجريمة و إزالة أسباب
العودة إلى اإلجرام ،كما أن التعليم يساهم في تأهيل النزيل بفتح الطريق أمامه بما يوفره من
فرص العمل المناسبة للحصول على مصدر زقه من طريق مشروع بعد اإلفراج عنه ،و
26
بذلك يحقق االستقرار االجتماعي الذي يباعد بينه و بين اإلجرام و اإلقدام عليه.
و تبعا لذلك فإن تعليم فئة المحبوسين في المؤسسات العقابية يحقق عدة أهداف أهمها:
يقضي على العامل الرئيسي المهيأ الرتكاب الجريمة و الجهل.
يفتح أمام المحبوس فرص العمل التي ما كان سيحصل عليها لو ظل على ما هو عليه
من جهل و بيئته االجتماعية فكرية.
يعتبر سبيل الرتقاء المحبوس ،ألنه يباعد بينه و بين ارتكاب الجريمة بإصالح
جوانب عديدة في شخصيته التي تجعله يستطيع التعامل مع مختلف أفراد المجتمع .
24الدكتور/جمعة زكريا السيد محمد :أساليب المعاملة العقابية للسجناء في القانون الجنائي و الفقه اإلسالمي ،الطبعة األولى ، 2013مكتبة
الوفاء القانونية ،مصر ،ص 1.
25نبيل العبيدي ،أسس السياسة العقابية في السجون و مدى التزام الدولة بالمواثيق الدولية ،المركز القومي لإلصدارات القانونية ،القاهرة،
الطبعة األولى، 2015 ،ص.
26الدكتور/محمود نجيب حسني :علم العقاب ،الطبعة الثانية، 1973 ،دار النهضة العربية ،مصر ص ،
يعتبر أسلوب تأهيل فعال إذ بتعليم فئة المحبوسين داخل المؤسسة العقابية يصبحون
ذو تفكير و تصرف أدنى إلى السالمة ،فيستنكرون اإلجرام و يرونه سلوكا غير
27
الئق.
و تعليم المحبوسين داخل المؤسسة العقابية حتى يحقق األهداف سابقة الذكر البد من توفير له
وسائل يقرها القانون و أهمها :
.1إلقاء الدروس و المحاضرات
يتولى هذه المهمة عدد من المدرسين يتم تعيينهم خصيصا لغرض تعليم المحبوسين عن
طريق إلقاء الدروس وشرحها داخل المؤسسة العقابية ،إذ يتوجب أن و يكونوا على قدر كبير
من اإللمام بأصول التربية الحديثة 28وفي حالة ما إذا عدد المعلمين أو المدرسين غير كاف
لتغطية البرنامج فإنه يحث القائمين على إدارة المؤسسة السجنية باستغالل السجناء الذين
يتمتعون بمستوى دراسي كاف بتولي هذه المهمة شريطة وضعهم تحت النظر و تدريبهم
29
على تقنيات التعليم .
.2إنشاء مكتبة داخل المؤسسة العقابية
تعتبر المكتبة من أهم وسائل التعليم داخل المؤسسة السجنية ،فهي تمنح المدرس المادة العلمية
و تدفع بالسجين للمطالعة اليومية لمأل فراغه فتبعد عن نفسيته الملل و التفكير السيئ ألن
الكتاب أهم وسيلة للعلم و المعرفة باعتباره أنيس و جليس للسجناء.
و البد أن تزود المكتبة بالعديد من الكتب الدينية و الخلقية و القانونية و العقابية ،إضافة إلى
30
ذلك توفير الدوريات و المنشورات و المجالت المختلفة.
و قد أوصت على ذلك القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء في القاعدة 40على أنه:
"يزود كل سجن بمكتبة متخصصة لمختلف فئات السجناء تضم قدرا وافيا من الكتب
31
الترفيهية و التثقيفية على السواء و يشجع السجناء على اإلفادة منها إلى أبعد حد ممكن ".
27الدكتورة/نسرين عبد الحميد نبيه :السجون في ميزان العدالة و القانون ،بدون طبعة، 2008 ،منشأة المعارف جالل حــزي و شركاه ،مصر،
ص، 103انظر الدكتور/جمال شعبان حسين علي :معاملة المج رمين وأساليب رعايتهم في ضوء التكفل االجتماعي في الفقه اإلسالمي و القانون
الوضعي ،الطبعة األولى، 2012 ،دار الفكر الجامعي ،مصر ،ص 2.
28الدكتور/محمد محمد مصباح القاضي :علم اإلجرام و علم العقاب ،الطبعة األولى ، 2013 ،منشورات الحلبي الحقوقية لبنان ص 350. ،
sanctions pénales en droit algérien, édition Ouardia nasroune nouar: Le contrôle de l’exécution des 29
1991,librairie générale de droit et de jurisprudence, France, p159
30الدكتور/حسنين إبراهيم صالح عبيد و الدكتور/رفاعي سيد سعد أبو حلبة :مقدمة القانون الجنائي،مبادئ م عل اإلجرام و علم العقاب ،طبعة
، 1998منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان ،ص 244.
31ل عروم عمر :الوجيز المعين لإلرشاد السجين على ضوء التشريع الدولي و الجزائري و الشريعة اإلسالمية ،المرجع السابق ،ص 49.
و تبعا لذلك قامت إدارة مصلحة السجون في باريس بتأليف دليل يوجه المساجين ،فمن بين
توجيهاته كيفية الحصول على الكتب سواء مباشرة من المكتبة أو عن طريق خدمة التوزيع
32
في مباني السجن .
32دليل السجين الواصل إلى السجن ،الطبعة الرابعة ،سبتمبر ، 2009إدارة مصلحة السجون،باريس ،فرنسا ،ص 22.
33لد كتور/جمعة زكريا السيد محمد :أساليب المعاملة العقابية للسجناء في القانون الجنائي و الفقه اإلسالمي ،المرجع السابق ،ص 305
34لعروم عمر :الوجيز المعين لإلرشاد السجين على ضوء التشريع الدولي و الجزائري و الشريعة اإلسالمية ،المرجع السابق ،ص 49.
35ياسين مفتاح :اإلشراف القضائي على التنفيذ العقابي، 2011-2010 ،مذكرة ماجستير ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ص 144. ،
36الدكتور/عبد السالم بن محمد الشويعر " :السجن و معاملة السجناء في اإلسالم " ،بدون طبعة و سنة ،المجلة العربية للدراسات األمنية و
التدريب المجلد ، 24العدد، 47الرياض ،السعودية ،ص.
و يتحقق التهذيب الديني داخل المؤسسة العقابية بوسائل متعددة أهمها :37
إلقاء الدروس الدينية من معلمين دينيين يعلمون السجناء أمور دينهم ويشرحون لهم
مبادئ الدين والفضائل التي يقوم عليها .
السماح للسجناء بإقامة الشعائر الدينية أو أداء الفرائض الدينية بل و حثهم عليها ،إذ
يعتبر ذلك التزاما يقع على عاتق الدولة إذ يتعين عليها القيام به و توفير سبله بما في
ذلك بيئة أو أماكن أو قاعات للعبادة داخل المؤسسات العقابية.
توفير الكتب الدينية داخل المؤسسة العقابية و بالقدر الكافي بالنسبة لعدد المحكوم
عليهم ع ن طريق وضع تخصيص مكتبة لهذا الغرض بغية توجيه فئة المحبوسين
الستغالل أوقات فراغهم بالقراءة المنتجة .
و تطبيقا لمبدأ حرية العقيدة و ممارسة الشعائر الدينية المنصوص عليها في المادة 18من
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بقولها " لكل شخص حق في حرية الفكر و الوجدان والدين
يشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده ،وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد و
إقامة الشعائر و الممارسة و التعليم ،بمفرده أو مع جماعة ،و أمام المأل أو على حده"38
37الدكتور/جمال شعبان حسين علي :معاملة المجرمين و أساليب رعايتهم في ضوء التكفل االجتماعي في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي،
المرجع السابق ،ص 220
38قاضي هشام :موسوعة الوثائق الدولية المرتبطة بحقوق اإلنسان ،بدون طبعة، 2010 ،دار المفيد للنشر والتوزيع ،الجزائر ،ص .9
39الدكتور/محمود نجيب حسني :علم العقاب ،المرجع السابق ،ص 378
40نبيل العبيدي ،أسس السياسة العقابية في السجون و مدى التزام الدولة بالمواثيق الدولية ،المركز القومي لإلصدار ات القانونية ،المرجع
السابق ص 220