Professional Documents
Culture Documents
الهاتف0779718595 :
عرف املرض النفسي أو العقلي منذ قدمي الزمان ،وظهرت عدة حماوالت لفهم وتأمل أعراضها والتعرف على
أسباهبا ،واليت كانت يف البداية تنسب إىل األرواح الشريرة أو الشياطني اليت تلج إىل جسد االنسان فتسبب له
اضطرابات عقلية ونفسية ،مث أصبح ينظر إليهم باعتبارهم سحرة يودعون يف السجون ويعذبون ،وتوالت هذه
التفسريات عرب التاريخ يف خمتلف احلضارات حىت نادى الطبيب الفرنسي فيليب بينيل Pinel 1793بضرورة
البحث عن أسباب األمراض العقلية يف البىن البيولوجية والفيسيولوجية للمريض.
وتعترب االضطرابات واألمراض النفسية والسلوكية من الظواهر البارزة يف حياتنا اليومية واالجتماعية ،ويعترب
علم النفس املرضي أحد الفروع اليت هتتم بدراسة هذه الظواهر ،فهو أحد فروع علم النفس النظرية اليت تعتمد
عليها الفروع التطبيقية ،وهو العلم الذي يهتم بالشق املرضي للظاهرة النفسية ويبحث يف السلوك املضطرب أو
نواحي العجز يف القدرة على أداء السلوك السوي.
ويعرفه Bergeretبأنه دراسة اجلانب النفسي واضطراباته ،يهدف إىل تشخيص وتصنيف االضطرابات
النفسية وأسباهبا وصراعات الشخص الداخلية أو اخلارجية يف سعيه للتكيف.
ويشري التشخيص يف علم النفس املرضي إىل تصنيف املعلومات املتعلقة باحلالة السلوكية واالنفعالية
للشخص ،كما ويشري لسريورة اخذ القرار لنسب شخص ما إىل فئة نوزولوجية حمددة وفقا جملموعة من املعايري
احملددة ،فيقوم االخصائي النفساين بتحديد نوعية املرض او االضطراب وتسميتها وتصنيفها وفق نظام تصنيفي
متعارف عليه.
وبالتايل فإن علم النفس املرضي يعرف على أنه العلم الذي يهتم باجلانب املرضي للظاهرة النفسية ،وهو
دراسة علمية تزيل الغموض عن أسرار هذه األمراض ومناهج البحث وقضية التشخيص وأساليب الكشف عن
هذه االضطرابات ،فأصبح هلذا العلم دورا بارزا يف تطوير خمتلف البىن واملؤسسات االجتماعية ،بالتعرف على
املشكالت اليت ميكن أن تواجه األفراد يف هذه البىن ،واملؤسسات العقابية كنموذج ،واليت متثل جتمع غري عفوي
لفئة معينة من اجملتمع لديها مميزاهتا وخصوصياهتا ،واليت من الطبيعي أن تظهر عليها بعض أنواع األمراض
النفسية ،فالعقاب أمر أساسي يف أي نظام اجتماعي ،واهلدف منه ردع اجملرم ،وإنذار اآلخرين ممن حتدثهم
نفوسهم بعمل إجرامي ،لذلك يعترب العقاب من أهم أسباب استقرار النظام االجتماعي.
ولطاملا جلب الوسط العقايب اهتمام العديد من الباحثني والفاعلني واخلرباء يف الصحة النفسية والطب
العقلي ،ففي هذا اجملال وبعد أن كانت توجد تصنيفات تقليدية مثل جمرم مبتدئ وجمرم معتاد أو جمرم حمكوم
عليه باإلعدام وآخر باألبدي وآخر مبدة قابلة للتقلص ،أصبحت التصنيفات احلديثة مثل :جمرم سوي وجمرم
مريض.
فالسوي هو الذي ال يعاين من أي مرض عقلي أو نفسي دفعه إىل ارتكاب جرميته ،غري أنه إنسان ال حيرتم
القوانني االجتماعية والدينية والعرف ،أما الصنف الثاين فهو جمرم مريض ،وهبذا النوع من اجلرمية اهتم العلم
الذي عادة ال يدرس اجلرمية الناجتة عن جهل القانون أو امهاله ،غري أن القانون يعاقب على هذا الفعل .فالعلم
انصب على دراسة دوافع اجلرمية من خالل دراسة السلوك البشري ،وحماولة فهمه للوصول إىل األسباب اليت
جتعل الدوافع تتخطى املوانع واحلواجز القانونية والدينية الرادعة ،فيقع اإلنسان يف اجلرمية ،كما وأوضح
الباحثون أن تقييد حرية اإلنسان وبقاءه يف مكان واحد لفرتة طويلة إضافة إال ما قد يتعرض له من تعذيب أو
اضطهاد قد يؤدي إىل معاناته من األمراض واالضطرابات النفسية.
ولكي يتغري وجه املؤسسات العقابية ويتغري مفهومها القدمي إىل مفهوم حديث يتسم بالفعالية ويكتسي
الطابع اإلنساين ،ويصون حقوق األفراد املودعني هبا ويتجسد شعار إعادة الرتبية والتأهيل الذي حيتوي على
برنامج متنوعة ،خيص فتح مدارس للتعليم العام و ورشات للتكوين املهين وجماالت ملمارسة الرياضة والرتفيه
والتعبري عن الرغبات واملشاعر والنمو السليم من الناحية اجلسمية وإصالح الفرد والنفسية ،والسعي إىل عالج
اجملرم وحماربة اجلرمية بشىت أشكاهلا اجلانح ،لكي يكون فردا صاحلا يعاد إدماجه من جديد يف وسطه ،ولكي
يتحقق ذلك ال بد من موظفني مؤهلني من الناحية العلمية واملعرفية لتعزيز ذلك املسعى بانتهاج املنهج العلمي
يف التعامل مع مشاكل اضطرابات السلوك واألمراض النفسية ،فال مناص من التعاون مع النفسانيني للمسامهة
يف احملافظة على التوازن النفسي والشخصي للنزالء سواء داخل السجن أو بعد اإلفراج عنهم ،فكيف يتم
تشخيص االضطرابات واألمراض النفسية يف املؤسسات العقابية؟ وما هو دور األخصائي النفساين يف هذه
املؤسسات؟
يعترب مفهوم السجن مفهوم قدمي ،إذ مت وروده يف الكثري من التناوالت ملا ميثله من ارتباط بواقع احلياة العامة
للفرد واجملتمع ،والسجون هي تلك املؤسسات املعدة خصيصا الستقبال احملكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية
وسالبة هلا ،وهي تشرتك يف ذلك مع احلكم باألشغال الشاقة واالعتقال ،حيث حيرم احملكوم عليهم من اخلروج
أو متابعة احلياة بشكل عادي ويف أجواء طليقة ،واحليلولة دون ممارسة أي نشاط ما ،وعادة ما يرتبط بالسجون
عدة مفاهيم وتسميات مثل مراكز التأديب أو دور اإلصالح والتهذيب أو التقومي أو مؤسسات إعادة الرتبية أو
غري ذلك من التسميات.
كما يعرف النظام القانون اجلزائري السجن أو املؤسسة العقابية على أهنا " مكان للحبس تنفذ فيه وفقا
لقانون العقوبات السلبة للحرية ،واألوامر الصادرة عن اجلهات القضائية ،واإلكراه البدين عند االقتضاء.
(مصطفى شريك ،2011 ،ص.)22-21
املؤسسات :تتميز املؤسسة املغلقة بنظام يفرض االنضباط وإخضاع احملبوسني للحضور واملراقبة الدائمة
وتنقسم املؤسسات إىل:
-مؤسسة وقاية تستقبل احملبوسني مؤقتا والذين ال تتجاوز مدة عقوبتهم سنتني.
-مؤسسة إعادة الرتبية تستقبل احملبوسني الذين ال تتجاوز مدة عقوبتهم مخس سنوات.
-مؤسسة إعادة التأهيل وهي خمصصة حلبس احملكوم عليهم ملدة تفوق مخس سنوات واحملكوم عليهم
معتادي اإلجرام واخلطرين واحملكوم عليهم باإلعدام.
ويتعني على احملبوس مبجرد التحاقه باملؤسسة العقابية احرتام النظم والقواعد املعمول هبا ،واحرتام قواعد
االنضباط واحلفاظ على أمن املؤسسة والصحة والنظافة واالمتثال للتفتيش حسب النظام الداخلي.
يتم فحص احملبوسني تلقائيا مبجرد التحاقهم باملؤسسة العقابية وكلما دعت الضرورة ،ويوضع األفراد الذين
تثبت لديهم حالة املرض العقلي أو اإلدمان على املخدرات أو املدمن على املخدرات الذي يرغب يف إزالة
التسمم هبيكل استشفائي متخصص لتلقي العالج ،وميارس األخصائيون مهامهم يف املؤسسات العقابية حتت
سلطة املدير وحتت رقابة قاضي تطبيق العقوبات ،وهم مكلفون بالتعرف على شخصية احملبوس ومساعدته على
(سايل حدة وحيدة ،أمحد فاضلي ،2015 ،ص.)270 حل مشاكله الشخصية والعائلية.
-1-2مفهوم السجين:
عرف السجني على أنه الشخص الذي منعت حريته ومنع من التصرف بنفسه ،سواء كان ذلك من خالل
وضعه يف قبو كما كان سائدا يف الوقت املاضي أو كان ذلك من خالل وضعه يف بناء مقفل ،يوضع فيه
األشخاص املتهمون يف انتظار حماكمتهم أو تنفيذ األحكان الصادرة ضدهم كما هو سائد ومعمول به يف
الوقت احلاضر.
وهو ما يتوافق مع ما ذهب إليه املشرع اجلزائري يف تعريفه للسجني أو احملبوس ،والذي قال عنه أنه الشخص
الذي ارتكب جرمية أو أكثر ،خمالفا بذلك نصا يف القانون عمدا ،ومودعا يف إحدى املؤسسات العقابية.
(مصطفى شريك ،2011 ،ص .)25
-2سيكولوجية المساجين:
يشكل املساجني يف املؤسسات العقابية وباخلصوص منها إعادة التأهيل والرتبية جمتمعا موازيا للمجتمع
اخلارجي الذي يتمتع بصفة السوية ،واجملتمع العقايب حتكمه ضوابط وقوانني واليت يتعلمها املسجون اجلديد
تلقائيا عند دخوله السجن ،ففي اجلزائر أو يف أي بلد آخر يكتسب النزيل مع مرور األيام شخصية جديدة
خمالفة لشخصيته األصلية اليت تكون قد ضاعت منه يف متاهات الشوارع وعلى عتبات االحنراف رغم حفاظه
على بعض مساته الشخصية ،حيث جيد نفسه جمربا على التكيف وسط هذا العامل الغريب بعدما عجز عن
التكيف مع اجملتمع الذي ترعرع فيه ،يستخدم تلك الشخصية مؤقتا كطريقة للعيش فيكتسب ،سلوكيات
تتناسب مع حاجاته ومتطلباته داخل السجن.
وتستمر حياته على منط معني وبإيقاع تتحكم فيه الغرائز واحلاجات اليومية ويبقى بني مد وجزر ،يستقبل
األيام وينتظر املواسم ويكرب يف السن ،ومع تراكم األيام يتأقلم مع جمتمعه اجلديد ،ومعىن ذلك أنه يتخلى عن
الكثري من الصفات الشخصية والطبائع الذاتية ويذوب يف الشخصية اجلماعية اجلديدة وذلك بتقليد من سبقوه
إىل السجن ،وخيضع تلقائيا لتوجيهاهتم ،وبذلك تنتقل عقلية املساجني بني بعضهم البعض ويكونون جمتمعا
متشاهبا.
لكن رغم ذلك فإن النفساين وخالفا لباقي موظفي السجون عندما يلقي نظرة على املساجني سواء داخل
القاعات أو يف أي مكان يتواجدون به يلمس تضارب سلوكهم وتناقض تصرفاهتم واختالف استجاباهتم
للمؤثرات اليت يتعرضون هلا واختالف نظرهتم لوضعيتهم العقابية أو حاالهتم النفسية أو ظروفهم االجتماعية
وحىت مكاسبهم الثقافية واملعرفية ،وفعال مثلما ختتلف النظرة إىل السجني من لدن أفراد اجملتمع ،فالسجناء أيضا
ختتلف نظرة كل واحد منهم إىل نفسه وتقييمه لذاته ،إذ نفرق بني من حيكم على نفسه بأنه بطل حبكم
تواجده يف السجن ،وعلى من حيكم على نفسه بالنذالة ألنه ينتمي إىل عامل املساجني ،وهذا دليل على رفض
االنتماء والتواجد بالسجن ،فرغم تعايش املساجني بعضهم مع بعض يف نفس الظروف احلياتية إال أنه توجد
بينهم فروقات عميقة نستخلصها من تصرفاهتم.
وسيكولوجية املساجني موضوع مثري لالهتمام ،فاحلياة يف السجن مشحونة بالقلق الذي يعترب أساسا
ملختلف األمراض النفسية األخرى اليت تنتقل بني املساجني يف غالب األحيان باإلحياء ،فبمجرد مساع مسجون
لزميله الذي يتحدث عن القلق أو األرق أو االكتئاب مثال يتأثر هبذا الكالم ويصاب بأحد تلك األمراض.
فاألمراض اليت تصيب املساجني جلها أمراض نفسية أو نفسجسدية ،علما بأن بعض نزالء السجن يدخلون
إليه وهم مصابون مسبقا بأمراض نفسية متعددة قد تتطور خالل تواجدهم بالسجن ف ليس كل األمراض من
عمل احلياة العقابية ،بل هذه احلياة نفسها تساعد البعض على إجياد ،ذواهتم وتشفي البعض اآلخر من عدة
(وناس أمزيان ،2010 ،ص .)44 أمراض نفسية.
واهلدف األمسى الذي يسعى إليه النفساين مبختلف طرق العالج اليت يطبقها هو الوصول إىل التوافق الذايت
واالجتماعي للمساجني ومساعدهتم على العيش بأمن وسالم من فتك القلق واحلصر واألرق وخمتلف األمراض
األخرى .وألجل حتقيق اهلدف نفسه تغريت فلسفة الدولة هنائيا يف منطق املعاملة العقابية ،فمثال اختيار احلراس
مل يعد يقتصر فقط على طول القامة و قوة البدن بل أصبح يتطلب اجلانب الثقايف واملستوى الدراسي والتكويين
لدى احلارس يف حماولة حتويل السجن إىل مؤسسة خمصصة ألن السجن ال يعين أبدا جعل السجني غريبا يف
موطنه وعن جنسه ،فعال إلعادة الرتبية وآدميته .
يعترب السجن جتمع غري عفوي لفئة معينة من اجملتمع لديها خصوصياهتا ومميزاهتا ،إذن فمن طبيعي أن تظهر
عليها بعض أنواع األمراض اخلاصة هبا ومعظمها من فعل مسة االنغالق اليت متيز هذا النوع من املؤسسات،
فعلى اعتبار أن جتربة اإلبداع واحلبس جتربة قاسية ومرهقة بإمكاهنا تفجري أمراض نفسية لدى السجني ،فقد
تبني أن نسبة من اجملرمني كانوا يعانون من حالة تعرف هبذيان السجني ،وهي حالة تستلزم التشخيص
والعالج ليس فقط ملساعدة السجني ،وإمنا أيضًا للحيلولة دون استخدامها كحيلة أو مربر إلبعاد مسؤولية اجملرم
(جابر نصر الدين ،2007 ،ص .)59 بسبب املرض العقلي الذي يوحي به هذا اهلذيان.
إضافة إىل ظهور بعض األمراض النفسية لدى املساجني وميكن اإلشارة إىل بعضها على سبيل املثال وليس
احلصر منها :عصاب السجن الذي يسبب يف اضطراب الطبع والتفكري لدى النزيل الذي ال يستطيع التحكم يف
عواطفه ورغباته ،فيسلك سلوكا منحرفا يسبب له االنزواء ،مث جند االكتئاب وحماولة االنتحار الذي يظهر
على شكل كره للحياة والتربم منها واهلروب من املشاركة ،وكذلك االحنرافات اجلنسية ،وكذلك بعض
احلاالت من االستعراضية ،كما جند العدوانية الذاتية ،حيث يستعمل املسجون جسمه كوسيلة لدفع القلق
الذي يصيبه ،فنجده يوجه لنفسه ضربات بأي شيء جيده يف متناول يده ،قصد إحلاق الضرر جبسمه.
(وناس أمزيان ،2010 ،ص .)35 كما تربز اضطرابات النوم باختالف أنواعه ،وأكثرها شيوعا هو األرق.
وختتلف االضطرابات النفسية اليت يتعرض هلا السجناء داخل السجن من شخص إىل آخر ،وأكثرها شيوعا
هي:
-القلق :إن الظروف اليت يعيشها السجني داخل السجن من عزلة عن األسرة ،واحلرمان من الكثري مما يرغبه
السني ،واالحباطات املتكررة اليت يعانيها ،تؤدي إىل القلق مع شعور بالتوتر والضيق ،وهذا ما ينعكس على
سلوك السجني من خالل خمالفته لتعليمات السجن ،والشجار املستمر مع زمالء السجن ،وافتعال املشاكل
والتمارض والتذمر املستمر من الظروف اليت يعيش فيها.
-االكتئاب :إن التواجد داخل السجن ولظروف اليت يعيشها السجني داخله تؤدي إىل الشعور باحلزن واهلم،
وتتدىن عنده الروح املعنوية إىل درجة كبرية ،قد تبلغ لدى بعض السجناء درجة كبرية حىت تصل إىل حماولة
االنتحار ،وهذا االنتحار يكون بسبب شعوره بأن بقاءه يف السجن قد يؤدي به إىل اخلروج ثانية إىل احلياة
خارج السجن ،وأنه ال جدوى من بقائه داخل السجن ينتظر املوت ،مما يعمق هذا التفكري من مشاعر
السوداوية ويدفعه أكثر لالنتحار.
-اضطرابات النوم :يعد النوم حاجة أساسية تعيد له التوازن النفسي واجلسمي ،وبيئة السجن ال تساعد
السجني على النوم اهلادئ الذي حيقق هذا التوازن ،بل تساعد على اضطرابات النوم وعدم حصول السجني
على النوم الكاف ،والذي قد يصيب السجني باألرق ،حيث يصعب على السجني النوم إال يف أواخر الليل
نتيجة فقدان الراحة والطمأنينة واألمن داخل السجن ،باإلضافة إىل ما يدور يف ذهن السجني من صور ذهنية
(أمحد حممد الزعيب ،2011 ،ص .)289 – 288 تؤدي إىل ابعاد النوم.
كما ويقول البعض أن العزل مصنع األمراض النفسية واجلسدية ،ويقول االدعاء الرمسي لسلطات السجون إن
العزل "يهدف للحفاظ على أمن السجن أو على السجناء أو على السجني املعزول نفسه" ،تبنّي اآلثار النفسية
واجلسدية العميقة واألبدية بغالبيتها أن العزل هو أقسى اإلجراءات العقابية يف نظام السجون على اإلطالق.
وهو "إجراء تأدييب وضبطي" يعمل على حمو إدراك السجني للزمان واملكان ،ويفقده شعوره بنفسه وهبويته،
ومن مث تفاعله مع احمليط.
وحبسب تقارير طبية نفسية فإن الضرر النفسي الذي يتسبب به العزل يعترب خطريًا جدًا وغري قابل للشفاء يف
أحيان كثرية ،إذ تبدأ اضطرابات النوم يف األيام األوىل ،ويرافقها فيما بعد أعراض متالزمات اكتئابيه تتحول
الكتئاب مزمن وفقدان الرغبة واإلحساس باألشياء.
كما أوضحت التقارير أن العزل خيلق حالة من اخلوف الدائم عند األسري قد يصل حد إصابته باالضطراب
الذهاين ،وهو األمراض النفسية الخطرية يرافقه هلوسات بصرية ومسعية وحاالت حادة من االرتباك والتوتر،
واضطرابات مستمرة بالتفكري وفقدان للوعي باملكان والزمان .وال تكمن خطورة العزل يف كونه يفاقم حالة
السجناء الذين يعانون أصًال من أعراض ألمراض نفسية ،إمنا يصيب األصحاء املتوازنني نفسيًا هبذه األمراض
اخلطرية ،اليت ال شفاء منها حىت بعد اخلروج من العزل أو نيل احلرية.
وللتدليل على ذلك ،حبسب تقرير ملؤسسة "عدالة" احلقوقية صدر عام 2011حتت عنوان" :عزل السجناء
واملعتقلني يف السجون يف إسرائيل" ،فإن األسرى القابعني يف العزل االنفرادي يعانون من اإلصابة بأمراض
نفسية بشكل مضاعف قياسًا مبن يقبعون يف األقسام العادية للسجن نفسه.
ويف حني أن جزءًا من األضرار النفسية اليت يتسبب فيها العزل من شأهنا أن تتالشى بعد انتهاء مدته ،فإن
هناك اضطرابات أخرى ال شفاء منها ،أي إن األسرى قد يدخلون العزل أصحاء نفسيًا وخيرجون منه مع عجز
نفسي مستدمي ،قد يصل إىل درجة فقدان القدرة على التعامل مع اجملتمع بعد تسرحيهم وعجزهم عن التعامل
مع الفضاء الواسع.
وال يقتصر الضرر على اجلانب النفسي ،ألن العزل االنفرادي ،حبسب دراسات وتقارير طبية أثبتت مبا ال
يقبل التأويل ،أنه يصيب األسري بأمراض يف اجلهاز اهلضمي واألوعية الدموية والقلب ويف اجلهاز التناسلي
وجهاز البول .كما يعاين األسرى املعزولون من الرجفة والصداع النصفي واإلرهاق املزمن ،واضطرابات دقات
(مي خلف.)2015 ، القلب وضيق التنفس والتعرق الشديد.
والبد من اإلشارة إىل أن معظم النزالء قد تناولوا سابقا املخدرات والكحول وأصبحوا مدمنني لذلك يسعى
كل منهم بشىت الطرق إىل احلصول على كمية من املخدرات الصيدالنية املسببة للسعادة ،كما جيب اإلشارة
إىل الوشم حيث يقوم بعض املساجني برسم أشكال معينة معربة على أوضاعهم وأحواهلم وحتكي قصص
حياهتم وترتجم مشاعرهم وأحاسيسهم ،خياطبون هبا غريهم ويلجئون إليها عندما يعجزون عن التعبري الشفوي
من ناحية ،ومن ناحية أخرى فهم يقلدون بعضهم ويتباهون باخضرار أجسادهم ويفتخرون بعدد احملاكمات
(وناس أمزيان ،2010 ،ص .)36 – 35 والسنوات اليت قضوها يف السجن.
كما وجند يف السجون أفرادا مصابون بأمراض عقلية خطرية ،وهذا ما جيعلهم حاملني ملميزات مرضية
وأتباعه ( Coté وأتباعه ( )2010وهي تكملة لدراسة Dumais خاصة ،وهذا ما أسفرت عنه دراسة
)1997بأن املساجني من الذكور املصابني هبذه األمراض لديهم بروفيل خمتلف عن ذلك الذي مييز املرضى يف
املستشفى ،يظهر املساجني منهم اضطرابات هذائية واكتئاب أساسي ،كما تبني انتشار كبري لالضطرابات
املرتبطة بتعاطي الكحول واملخدرات وهي نتائج تتماشى مع ما جاء يف دراسات حول العالقة بني تعاطي
الكحول واملخدرات وسلوكيات العنف.
وبينت العديد من الدراسات اليت أجريت يف الوسط العقايب بأن أغلبية املنحرفني لديهم شخصية مضادة
للمجتمع ،كما تبني يف كندا "كبيك" أنه يوجد ½ من املساجني يعانون من أمراض عقلية و 1/3منهم
استفادوا من عالج باألدوية بسبب هذه املشكالت.
وبينت دراسات متعددة العالقة بني االحنراف والصحة العقلية لألفراد ،ويتعلق األمر بـ:
-االضطرابات اجلنسية.
-الفصام .
وغريها من االضطرابات املدرجة يف التصنيف االحصائي املراجع لألمراض للجمعية السيكاترية األمريكية
DSM IVواملرتبطة بالسلوك االحنرايف أو هي يف ذاهتا فعل إجرامي.
يشكل اإلدمان على الكحول أو املؤثرات العقلية إىل جانب Conduites addictives -السلوكيات االدمانية
استعمال املواد السامة مصدرا للسلوكيات االحنرافية ،وينتشر عدد املساجني من هذا النوع بكثرة يف السجون،
ومبجرد دخوهلم السجن يتعرضون إىل االنسحاب بإكراه.
يرتكبها أفراد وتكون سبب حبسهم وهم ال يطلبون Les agressions sexuelles -االعتداءات اجلنسية
الفحص والعالج ،ترتبط هذه االعتداءات باضطرابات خطرية للشخصية وكذا اضطرابات يف التوجه اجلنسي.
مثل الفصام املنتشر بنسبة %7يف الوسط العقايب Troubles confusionnels اضطرابات اخللط العقلي
(سايل حدة وحيدة ،أمحد واالضطرابات الذهانية املنتشرة بنسبة %7و األمراض العقلية األخرى بنسبة .%14
فاضلي ،2015 ،ص.)271
يعمل األخصائي النفساين يف مراكز خمتلفة ،حيث يقوم مبهمات التشخيص والعالج والبحث ،ومن ضمن
هذه املراكز إصالح املسجونني ،ومؤسسات األحداث واملنحرفني ،واليت تعتمد على األخصائي النفساين يف
دراسة حاالت اجلاحنني مثال وإجراء املقابالت معهم ملعرفة دوافعهم ،وفهم مشكالهتم وأنواع الصراعات اليت
يعانون منها ،ليقوم األخصائي النفساين بكتابة التقارير اخلاصة بتلك احلاالت.
أما بالنسبة لدور األخصائي النفساين حسب قانون تنظيم السجون إعادة الرتبية ،و السيما املواد رقم 76عادة
وما يليها منه ،واليت تنص على وضع األخصائي النفساين حتت سلطة مدير املؤسسة ،كما يكلف مبا يلي :
-إمكانية تقدمي اقرتاحات باإلفراج املشروط ،أو االلتحاق بورشة خارجية ،أو االستفادة من عطلة لصاحل أي
نزيل يرى بأن ذلك من مصلحته.
(القص صليحة ،عطية دليلة ،2014،ص.)5 -مسك ملف شخصي لكل نزيل قدم له العالج النفسي.
وتزداد أمهية االخصائي النفساين ودوره يوما بعد يوم يف جمال العمل اجلنائي ،حيث يعد هذا اجملال من
اجملاالت املهمة يف احلياة ،وذلك باعتبار أن اجملال القضائي هو املعين حبماية حقوق األفراد وحرياهتم ،وحتقيق
العدالة يف اجملتمع ،وحتقيق األمن واالستقرار ،وهلذا يكمن دور االخصائي النفساين بتقدمي املساعدة من حيث
فحص حاالت املتهمني ،وتقدير األمراض واالضطرابات النفسية والعقلية اليت يعاين منها املساجني ،للتمكن من
العالج والتأهيل هلذه احلاالت.
وأهم األدوار اليت يقوم هبا األخصائي النفساين يف جمال الفحص والتشخيص ما يلي:
قبل التطرق لكيف يتم تشخيص األمراض واالضطرابات النفسية سنقوم بطرح بعض املفاهيم واليت تعترب
ضرورية يف جمال علم النفس املرضي.
-يشري العرض Symptômeإىل اإلنتاج العفوي املستثار عند املريض ،يعرب عن اجلانب املالحظ من
االضطراب ،واالشارات إىل الظواهر الواضحة (العرض) اليت متكننا من معرفة ما هو كامن.
وهناك من الباحثني من مييز بني العرض Symptômeواإلشارة ،Signeحيث يشري هذا األخري إىل املظهر
املوضوعي امللموس حلالة مرضية أو باثولوجيه ،أما العرض فتشري إىل الشكاوى الشخصية الذاتية اليت يتقدم هبا
املفحوص ،وهو ما أكد عليه مؤلفو ( )DSMاللذين يرون بأن "العرض حيدد يف الشكاوى الذاتية ويشمل
اإلشارات املوضوعية حلالة باثولوجيه.
-أما زملة األعراض أو التناذر Syndromeفتشري إىل جمموع اإلشارات واألعراض املتالزمة اليت تسري جنبا
إىل جنب ،ويشكل تالزمها واقرتاهنا مع بعضها البعض تظاهرة مرضية خاصة قائمة بذاهتا.
ولغموض األسباب املؤدية لالضطرابات النفسية والعقلية حيث تشرتك جمموعة أسباب جمهولة مع السبب
املباشر ،نتحدث عن أنواع االضطرابات النفسية والعقلية والسيما عند تشخيصها وتصنيفها وتبويبها من حيث
صورها االكلينيكية على أهنا تالزمات مع ضرورة إعادة النظر فيها بصفة دورية يرجع الختالف كل حالة
مرضية عن األخرى.
-2االتيولوجبا أو السببية : Etiologieيبحث عن أصل االضطراب يف احلياة اخلاصة للمريض ،أي البحث
عن مسار ظهور االضطراب ،وباخلصوص البحث عن قصة الفرد النفس نشوئية.
-3النزوغرافيا :La nosographieوصف امربيقي لألعراض اليت تؤدي إىل االضطرابات ألجل تصنيفها من
خالل خصائصها الوصفية ،فهو عبارة عن تسجيل لألعراض يف منظمة الفهم العامل لالضطرابات
النفسومرضية.
أي علم التصنيف أو التبويب ،ويشري إىل نظام Taxonomie -4النزولوجيا :La nosologieوتسمى أيضا
تصنيف اإلشارات الباتولوجية بإعطاء مرجعية لالضطرابات يف علم النفس املرضي وتبويبها ،يستدعي مرجعية
(حافري زهية غنية ،2016 ،ص.)17-16 نظرية عن أسباب االضطراب والتغيريات الباتولوجية اليت متيز املرض.
-5التشخيص :Le diagnosticدخل مفهوم التشخيص إىل ميدان اإلكلينيكي من علم الطب ويقصد به
فحص األعراض املرضية واستنتاج األسباب ،مث نسبها إىل مرض معني ،فالتشخيص يف امليدان الطيب يعين
التصنيف ،classificationأما التشخيص يف علم النفس اإلكلينيكي والطب النفسي يعين تقومي خصائص الفرد
من حيث قدراته ،ومساته ،وأعراضه املرضية ،مبينًا األسباب املباشرة لالضطراب .
ويشري التشخيص يف علم النفس املرضي إىل تصنيف املعلومات املتعلقة باحلالة السلوكية واالنفعالية للشخص
والتحديد التايل لذلك ( باالسم /البطاقة ).
توجد عدة صور للتكفل النفسي باملساجني أثناء إيداعهم وبعد اإلفراج عنهم ،وميكن تلخيص هذه الصور
كالتايل:
فتنظم مقابالت استكشافية لصاحل احملبوسني مبجرد التحاقهم باملؤسسة العقابية رغم كوهنا تلقائية ولكنها
تساعد على احلث على طلب املساعدة اليت هي أساس العقد العالجي املوايل ،كما تسمح املقابالت األوىل
بالتعبري عن املشاعر العدوانية أو االكتئابية ومنع املرور إىل الفعل عن طريق احملاولة االنتحارية اليت تثريها صدمة
احلبس ،وقد يضاف اإلعالن عن مرض جسدي خطري وغالبا ما يتفاعل احملبوسني مع األخصائي النفساين
(سايل حدة وحيدة ،أمحد فاضلي، ويستجيبون إىل انتظاراته وبالتايل يشكل السجن بالنسبة للبعض فرصة لالتقاء مبعاجل.
،2015ص .)272
ولتمكني السجني من التأقلم والتكيف مع واقع وطبيعة احلياة داخل السجن يعمل األخصائي النفسي على
تبصريه وتعريفه بنظم املعاملة باملؤسسة (السجن) ،وبرسالتها الرتبوية ويزوده مبعلومات وشروح حول لوائحها
وطبيعة النظام املطبق هبا ،وغريها من املعلومات اليت يتعني االطالع عليها ملعرفة حقوقه وواجباته ،وقد تأخذ
الزمن( .سيف الدين قدي.)2009 ، هذه العملية (تكييف السجني) فرتة من
-5-2التكفل النفسي التشخيصي والعالجي:
يتضمن التكفل النفسي التشخيصي يف املؤسسات العقابية إجراء فحوص واختبارات قصد التعرف على
األمراض النفسية واجلسدية اليت قد تكون لدى السجني ،على اعتبار أن جتربة اإليداع يف احلبس جتربة قاسية
ومرهقة بإمكاهنا تفجري أمراض نفسية لدى السجني ،فقد تبني أن نسبة كبرية من اجملرمني كانوا يعانون من
حاالت تعرف هبذيان السجني ،وهي حالة تستلزم التشخيص والعالج ليس فقط ملساعدة السجني ،وإمنا أيضًا
للحيلولة دون استخدامها كحيلة أو مربر إلبعاد مسؤولية اجملرم بسبب املرض العقلي الذي يوحي به هذا
اهلذيان.
أما بالنسبة للمرضى العقليني يتعني توجيههم للعالج يف مصلحة الطب العقلي ،ويف هذا السياق وبالنسبة
لعالج االضطرابات العقلية اخلطرية ،أشار ) Dubret (2013أن السجن ال يشكل مكانا مناسبا له خاصة إذا
رفض املريض تناول األدوية النفسية واالمتثال للعالج هلذا ينبغي حتويله إىل مؤسسة استشفائية متخصصة يكون
(سايل حدة هبا عمل املختصني مكثف ومتحكم فيه ،فالسجن ال يعد مكانا لعالج األمراض العقلية اخلطرية.
وحيدة ،أمحد فاضلي ،2015 ،ص .)273
يشمل التكفل النفسي املالحظة وإجراء مقابالت عياديه متعددة وتطبيق االختبارات النفسية قصد تشخيص
وتقييم حاالت النزالء (دراسات لتاريخ احلالة) ودراستها دراسة شاملة من النواحي النفسية والعقلية والتعليمية
(سيف الدين قدي.)2009 ، تسهيًال لرسم طرق عالجهم وتوزيعهم على نشاطات الربنامج التمهيدي املسيطر هلم.
وتستعمل دراسة احلالة جلمع البيانات حسب ما تستدعيه احلالة وتدل على الوضع القائم للحالة ،حيث جند
أهنا تغطي مدى واسعا من البيانات يشمل ما يلي:
-البيانات األولية :كالنوع والعمر واحلالة التعليمية (أو املهنية) والعنوان .....
-الشكوى احلالية :وتتضمن وصفًا دقيقًا لألعراض اليت يشكو منها السجني وتطورها حىت الوقت الراهن.
-التاريخ الشخصي :ظروف احلمل والوالدة والرضاعة ووقت الفطام والتسنني وضبط اإلخراج ،بداية املشي،
ومنو اللغة ،السلوك الطفلي ،العادات واهلويات.
-احلالة االجتماعية لألسرة :بيانات عن األب واألم ،وهل كان احلمل مرغوبًا فيه أم ال .
-الفحص النفسي والعقلي :ويشمل السلوك ،املزاج ،االنفعالية ،السلوك احلركي.
وتتم املقابلة وجهًا لوجه أي يكون األخصائي موجودًا حبيث يسمح بالتفاعل ،تعتمد املقابلة على اللغة واحلوار
بشكل أساسي لذلك هي شفاهية ،وتتضمن املقابلة طرفني أساسيني األول هو األخصائي والطرف الثاين هو
املفحوص ،البد من وجود خطة معينة حبيث تشمل املكان والزمان واهلدف منها هتيئة أفضل لدراسة
التشخيص.
وميكن مجع بعض املعلومات عن طريق املالحظة اليت قد تكون مالحظة عابرة وعارضة أو مالحظة مقصودة
فتتيح دراسة السلوك الفعلي يف املواقف الطبيعية.
واالعتماد على االختبارات النفسية والتب تعرف بأهنا مقياس موضوعي مقنن لعينة من السلوك ،وتصنف
االختبارات واملقاييس النفسية على أساس عدد من احملاور منها اللفظية ( اليت تعتمد على اللغة بشكل أساسي)
يف مقابل أدائية أو عملية ( اليت تعتمد على األداء اليدوي واملهارة احلركية أو تعتمد على الصور ) واالختبارات
الفردية ( تطبيق على فرد واحد) واالختبـ ـ ــارات اجلمعيـ ــة ( تطبيق على جمموعات ) واختبارات عقلية (تقيس
الذكاء والتفكري واالنتباه ) ومقاييس الشخصية ( سواء اليت تقيس األبعاد أو اليت تقيس السمات ) ،وتتعدد
االختبارات اليت تصلح يف جمال األمراض النفسية واالضطرابات السلوكية ،وتعد االختبارات واملقاييس النفسية
أداة مهمة من حيث أهنا تكمل املعلومات اليت حنصل عليها بطرق خمتلفة ،وقد تلقى عليها أضواء جديدة،
فتكشف عن تركيب شخصية الفرد ومشاعره وقيمه ودوافعه وخصائصه التوافقية وبذلك يكشف ال إراديا عن
(حسام الدين عزب.)2012 ، مسات كامنة حتت السطح الظاهري من شخصيته.
فتصف خلفية الشخص وظروفه احلالية وأعراضه ،كما أهنا تصف أيضًا تطبيق ونتائج عالج معني،
نعين بالتكفل النفسي الوقائي واالندماجي ذلك التأهيل النفسي الذي يعمل على تبصري السجني بطبيعة اجلرم
الذي ارتكبه وبعواقبه وأضراره ،فضًال عن التدخل إلعداد السجني وهتيئته ،من خالل اخلدمات التعليمية،
واملهنية ،والرتفيهية ،واجللسات اإلرشادية ملواجهة املرحلة االنتقالية ما بني حياة السجن ،والعودة إىل احلياة
العادية للتقليل من ظاهرة العودة.
وهتدف خدمات وبرامج التأهيل النفسي معاونة ومساعدة السجني ومتّك ينه من مواجهة خمتلف املشاكل
النفسية اليت يعانيها والتغلب عليها ،مثل فقدان الثقة بالنفس ،واخلوف من الوصم والعار ،والشعور باالكتئاب،
والقلق ،واخلوف وامليول العدوانية اليت غالبًا ما يكون السجني مصابًا هبا.
كما يهتم التأهيل النفسي بإعادة بناء الشخصية ،وحتقيق توازهنا النفسي وإذا تبني أن السجني يعاين من مرض
(سيد الدين قدي.)2009 ، االكتئاب أو اهلوس فإنه حيول إىل أخصائي الطب العقلي.
الخاتمة:
إن اإليداع بالسجون ميثل عبئًا نفسياً على السجني ويؤدى ذلك اىل العديد من الضغوط النفسية ،هذه
الضغوط خيتلف تأثريها باختالف قدرة النزالء من حيث قدرهتم على حتمل الضغوط النفسية ،وتشكل هذه
البيئة الضاغطة مع الظروف اخلاصة بالسجني من الناحية النفسية واالجتماعية واالقتصادية عوامل مرسبه وبيئة
خصبه لإلصابة بأشكال عديدة من االضطرابات النفسية.
فإىل جانب العالج الطيب اجلسدي والعالج الطيب العقلي ،تتوافر مبؤسسات إعادة الرتبية جمموعة من اخلدمات
النفسية يقوم هبا أخصائيون مؤهلون ومدربون على األساليب العلمية احلديثة يف عالج وتأهيل املساجني.
وعلى هذا فإن عملية التشخيص هتدف إىل تكوين صورة واضحة عن الفرد قصد تقدمي املساعدة أو اخلدمة
النفسية ووضع برنامج عالجي وهو بذلك يعترب الركن األساسي لعملية املساعدة سواء كانت بسيطة إرشادية
أو متقدمة وعميقة عالجية.
قائمة المراجع:
أمحد حممد الزعيب ( :)2011أسس علم النفس الجنائي ،دار الزهران للنشر والتوزيع ،اململكة األردنية.
جابر نصر الدين( :)2007السلوك األغراض والجريمة ،خمرب التطبيقات النفسية والرتبوية ،جامعة منتوري قسنطينة ،اجلزائر.
حافري زهية غنية ( :)2016علم النفس المرضي ،مطبوعة الدعم البيداغوجي موجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس علم النفس ،قسم علم النفس
وعلوم الرتبية واألرطفونيا ،كلية العلوم االنسانية واالجتماعية ،جامعة سطيف ،اجلزائر.
حسام الدين عزب ( :)2012علم النفس المرضي ،حماضرات يف علم النفس املرضي ،جملموعة طلبة الدكتوراه بقسم الصحة النفسية ،جامعة عني
مشس ،القاهرة ،مصر.
سايل حدة وحيدة ،أمحد فاضلي ( :)2015مجاالت تدخل األخصائي العيادي في المؤسسة العقابية ،العدد الثالث اخلاص بفاعليات املؤمتر
الدويل املؤسسة بني اخلدمة العمومية وإدارة املوارد البشرية ،الذي عقد يومي 18-17نوفمرب ،2015خمرب التنمية التنظيمية وإدارة املوارد البشرية،
جامعة البليدة ،اجلزائر.
سيف الدين قدي ( :)2009الرعاية والخدمات النفسية واالجتماعية في مجال االنحـراف و الجريمة ،2009-11-02 ،من املوقع:
.alwatanvoice.com
جمدي أمحد حممد عبد اهلل ( :)2000علم النفس المرضي دراسة في الشخصية بين السواء واالضطراب ،دار املعرفة اجلامعية ،اإلسكندرية،
مصر.
مصطفى شريك ( :)2011نظام السجون في الجزائر :نظرة على عملية التأهيل كما خبرها السجناء ،أطروحة دكتورا ختصص علم اجتماع
االحنراف واجلرمية ،قسم علم االجتماع ،جامعة باجي خمتار عنابة ،اجلزائر.
مي خلف ( :)2015العزل االنفرادي قبور لألحياء ومصنع لألمراض النفسية ،2015-08-11 ،بتاريخ ،2018-10-12من املوقع
. alkhaleejonline.net
وناس أمزيان ( :)2010أي دور لألخصائي النفساني في المؤسسات العقابية؟ ،جملة أحباث نفسية وتربوية ،العدد ،3خمرب التطبيقات النفسية
والرتبوية جامعة منتوري ،قسنطينة ،اجلزائر.