You are on page 1of 8

‫النظريات والنماذج المفسرة لسلوك سوء تعاطي المخدرات‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫إن الحقيق ة ال تي تجمع عليه ا الدراس ات االجتماعي ة التي أج ريت ح ول تفس ير ظ اهرة تع اطي المخ درات ‪،‬‬
‫هي أن مشكلة تعاطي المخدرات تمثل مشكلة متعددة األبعاد والمتغيرات ‪ ،‬فال توجد نظرية واحدة أو عامل‬
‫واحد أو متغير بعينه ‪ ،‬يمكن في ضوئه تفسير أسباب تعاطي المخدرات ‪ ،‬حيث تتعدد العوامل ‪ ،‬وتتباين‬
‫أهميتها من مجتمع آلخر ‪ ،‬ومن فرد آلخر ‪ ،‬ومع ذلك يمكن تحديد مجموعة من النظريات تتعلق بأسباب‬
‫حدوث تعاطي المخدرات ‪ ،‬ويمكن عرضها كما يلي ‪:‬‬

‫النظرية البيولوجية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫تعت بر النظري ات البيولوجي ة أولى النظري ات ال تي ح اولت تفس ير التع اطي الض خم والمتظم إنطالق ا من‬
‫ميكانيزم ات بيوكيمائي ة أو فس يولوجية‪ .‬وش كلت الدراس ات االنس انية مح ور األعم ال المص ممة الختب ار‬
‫النظريات الجينية ذات الصلة باإلدمان في بني البشر‪ ،‬ألنه إذا كان للجينات تأثيرها في اإلمان‪ ،‬فإن أولئك‬
‫الذين لديهم جزء من المادة الوراثية الخاصة بهم التي توارثوها عن متعاطين‪ ،‬فإن هذا الموروث سيصل‬
‫إليهم وس يعانون من تل ك الحال ة وتل ك الظ روف ال تي ك ان عليه ا آب ائهم‪ ،‬وي رى "أم ارك" أن هن اك عنص را‬
‫وراثيا أسريا ذا صلة باإلدمان الكحولي‪.‬‬

‫النظرية السلوكية‪:‬‬
‫تشير العديد من الدراسات المتنوعة حول ظاهرة التعاطي على أن العديد من المتعاطين للمخدرات كانوا‬
‫يعيشون غربة وانعزالية‪ ،‬ويعتقد أن األسباب المؤدية إلى التعاطي واإلدمان هي أسباب مركبة‪ ،‬وغالبا ما‬
‫تكون ذات صلة متبادلة مع عوامل أخرى‪)MacGrath and Scarpitti, 1970, p2( .‬‬
‫فوفق ا للنظري ة الس لوكية هن اك عوام ل متع دد خارجي ة وداخلي ة ت دفع الف رد لالقب ال على تع اطي المخ درات‬
‫منه ا‪ :‬األم اكن ال تي تث ير رغب ة الش رب‪ ،‬المناس بات ال تي تلعب دور عوام ل إش راطية‪ ،‬الظ روف العائلي ة‬
‫والمهنية المرتبطة بالتعاطي‪ ،‬العوامل االنفعالية كالقلق والضغط والعوامل المعرفية كإنخفاض تقدير ال ذات‪،‬‬
‫فكلها مميزات قد تدفع الفرد لتعاطي المخدرات بغرض البحث عن اإلثارة أو خفض التوتر والضج ـ وقد‬
‫أوضح أصحاب هذا االتجاه أسباب سلوك تعاطي المخدرات كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬نظرية التعلم‪ :‬إن التدعيم االيجابي لقادر على أن يخلق عادة قوية هي عادة إشتهاء أي عقار‪ ،‬لكننا نجد‬
‫بالنسبة للمهدئات مع ذلك عامال قويا آخر هو الخوف الفعلي من االمتناع عدة مرات‪ ،‬نشأ عنه نمط من‬
‫استجابة التجنب الشرطية‪ ،‬فإذا أضفنا ما كان يحدثه العقار ألول األمر من آثار لتدعيم ذلك وجدنا أنه قد‬
‫نشأ لدينا عادة إنعماس العقار بوصفها نمطا سلوكيا يستعصي تغييره‪(.‬شيلون كاشدان‪ ،‬بس‪ ،‬ص ‪.)82‬‬
‫التعلم عن طري ق اإلش راط الكالس يكي‪ :‬تنطب ق ميكانيزم ات االش راط الكالس يكي في تفس ير األع راض‬ ‫‪-1‬‬
‫الشائعة لإلدمان مثل إشتهاء المخدر والتحمل‪ ،‬وقد تم تفسير هذه العملية من خالل نموذجين هما‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫نم وذج اس تجابة االش راط بالتعويض ي‪ :‬وض عه س يجل ‪ ) )Seigle 1987‬حيث ي رى أن المث يرات‬ ‫●‬
‫البيئي ة المرتبط ة بتع اطي المخ درات تق ترن بآث ار المخ در في الجس م‪ ،‬النتج اج اس تجابة ش رطية‬
‫مناقض ة أو مخالف ة لت أثير العق ار‪ ،‬وه ذه االس تجابة التعويض ية ص ممت لخفض الت وازن الحي وي‬
‫للجسم‪ ،‬حيث تزداد استجابة التوازن الحيوي االشراطي مع استمرار تعاطي العقار‪.‬‬
‫نموذج دافعية االشتهاء اإلشراطي للمخدر‪ :‬وضعه ستيوارت وآخرون (‪)Stewart et all, 1984‬‬ ‫●‬
‫طبق ا له ذا النم وذج ف إن المث يرات الش رطية المرتبط ة لألث ار العزيزي ة الموجب ة للعق ار مث ل رائح ة‬
‫العقار‪ ،‬أو األضواء التي تزين المكان الذي يتم فيها التعاطي للخمر أو الحقن للهروين‪ ،‬يمكن أن‬
‫تصبح قادرة على استدعاء حالة الدافعية بنفس الدرجة التي يحدثها العقار ذاته‪ ،‬وهذه الحالة تدفع‬
‫بقوة إلى البحث عن العقار وساتخدامه‪.‬‬
‫التعلم عن طري ق االش راط اإلج رائي‪ :‬يهتم االش راط اإلج رائي باآلث ار ال تي تعقب الس لوك‪ ،‬والفاص ل‬ ‫‪-2‬‬
‫الزم ني ال ذي يفص ل الس لوك وآث اره‪ ،‬فمن المع روف أن تع اطي الكث ير من الم واد المخ درة يرتب ط‬
‫بالشعور بالنشوة والراحة بعد التعاطي بفترة قصيرة‪ ،‬وال تأتي النتائج السلبية والضارة إال بعد فترة‬
‫طويل ة أو بعد االمتن اع عن المخدرة‪ ،‬وهو م ا يدفع المدمن إلى االستمرار في التع اطي أو العودة بعد‬
‫االقالع‪.‬‬

‫النظرية المعرفية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫يرتك ز االتج اه المع رفي على دور العملي ات العقلي ة بالنس بة لل دوافع واالنفع االت والس لوك‪ ،‬بحيث تتح دد‬
‫االس تجابات االنفعالي ة والس لوكية الخاص ة بش خص م ا عن طري ق كيفي ة إدراك ه وتفس يره والمع نى ال ذي‬
‫يعطيه لحدث معين‪.‬‬
‫وي رى الحج ار (‪ ،1992‬ص ‪ )46‬أن ه ذه النظري ة تعطي أهمي ة ك برى لل دور ال ذي يلعب ه التفك ير أو‬
‫المعتق د في ظه ور اض طراب النفس ي للك ائن البش ري‪ ،‬بحيث أن ه ذه النظري ة ال تغف ل عن أهيم ة العوام ل‬
‫المؤثرة على السلوك والعاطفة عند االنسان‪ ،‬سواء كانت هذه العوامل بيئية أو كيميائية‪.‬‬

‫كم ا ي رى إليس وآخ ر (‪ )Ellis( )1988‬إلى أن الديناميكي ة المعرفي ة األولي ة ال تي ت ؤدي إلى اإلدم ان‬
‫وتبقى على اس تمرار "التحم ل المنخفض لإلحب اط" تض اف إليه ا ثالث نم اذج نظري ة أخ رى تع زز الس لوك‬
‫اإلدماني وتقيه وهي االنسمام كنموذج للتعامل مع المواقف الصعبة‪ ،‬االنسمام الكحولي يعادل فقدان قيمة‬
‫الذات وأخيرا نموذج الحاجة إلى االثارة‪.‬‬
‫كما يرى عالم النفس األمريكي مؤسس نظرية العالج العقالني االنفعالي السلوكي آلبرت إليس التي ترى‬
‫(هذه النظرية) بأن كثيرا من االستجابات السلوكية والوجدانية واالضطرابات النفسية تعتمد على معتقدات‬
‫فكرية خاطئة يبديها الفرد عن نفسه وعن العالم المحيط به‪ ،‬ويميز آلبرت بين نمطين من التفكير‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫أفكار عقالنية‪ :‬وهي واعقية ومرغوبة‪ ،‬تحقق لإلنسان مزيدا من التوافق والصحة النفسية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أفكار ال عقالنية‪ :‬وهي خيالية سلبية‪ ،‬تصحبها عواقب انفعالية وأنماط سلوكية مضطربة‪ ،‬وغير‬ ‫‪-2‬‬
‫مرغوبة كالقلق ‪ ،‬االكتئاب‪...‬‬

‫تنش أ ه ذه األفك ار الالعقالني ة حس ب إليس في مرحل ة الطفول ة المبك رة‪ ،‬حيث يك ون الطف ل حساس ا‬
‫للمؤثرات الخارجية‪ ،‬وأكثر قابلية لاليحاء‪ ،‬والطفل في هذه المرحلة يعتمد على اآلخرين وخاصة الوالدين‬
‫في التخطيط واتخاذ القرارات‪ ،‬وإ ذا كا بعض أفراد األسرة يميلون إلى الغضب والقلق‪ ،‬ويط البون الطفل‬
‫بأه داف وطموح ات ال تص ل إليه ا ميكانيزمات ه‪ ،‬فس وف يص بح الطف ل مض طرب والعقالني‪ ،‬وق د يص بح‬
‫عدوانيا أو شاعرا بالذنب أو بعدم الكفاءة‪ ،‬أو بالقصور الذاتي والضبط الذاتي‪.‬‬
‫ويرى إليس أن السلوك المضطرب ومن ضمنه سلوك تعاطي المخدرات وهو نمط من األفكار الالعقالنية‬
‫واالضطرابات االنفعالية‪.)L. Chalout, 2008(.‬‬

‫مدرسة التحليل النفسي‪:‬‬ ‫‪-3‬‬


‫جلب فروي د ‪Freu‬س نة (‪ )1905‬أنظ ار الب احثين ح ول أهمي ة المرحل ة الفمي ة عن د األش خاص ال ذين‬
‫يميل ون كث يرا إلى الش رب والت دخين‪ ،‬وانطالق ا من ه ذه الفك رة ج اء تفس ير "فروي د" لظ اهرة االدم ان على‬
‫الكح ول والمخ درات‪ ،‬فيعت بر المخ درات وس يلة من الوس ائل ال تي يس تعملها الم دمن للتعام ل م ع األلم‪ ،‬إلى‬
‫ج انب ه ذا فه و يعت بر الم دمنين أشخاص ا ح دث لهم تث بيت في المرحل ة الفمي ة‪ ،‬كم ا أنهم يتم يزون ب نزوة‬
‫تحطيم ال ذات‪ ،‬والجنس ية المثلي ة الكامن ة " ‪ "une homosexualité latente‬وم ا اس تخدامهم للمخ درات إال‬
‫وس يلة الش باع االش تهاءات الجنس ية‪ ،‬كم ا أنه ا تعب ير عن الحاج ة لألمن والمحافظ ة على ال ذات في ال وقت‬
‫نفسه‪.‬‬

‫وعلي ه ف إن فروي د يفس ر ظ اهرة اإلدم ان على المخ درات في ض وء االض طرابات ال تي يعيش ها الم دمن في‬
‫طفولته المبكرة ‪ ،‬وهي ترجع في أساسها إلى اضطراب عالقة الحب بينه وبين والديه‪ ،‬هذه العالقة تسقط‬
‫على المخدر الذي يصبح رمزا لموضوع الحب األصلي‪( ،‬عفاف محمد عبد المنعم ‪ ، 2003 ،‬ص ‪) 85 ،‬‬
‫وهو يتعاطى المخدرات ألنه يجد فيها عونا وسندا مفتقدا يساعده في الحفاظ على التوازن بينه وبين واقعه‬
‫واإلبقاء عليه عند حد أدنى من االستقرار‪ ،‬وهو كذلك وسيلة عالج ذاتي يلجأ إليها المدمن إلشباع حاجات‬
‫طفلية الشعورية‪ ،‬وذلك نظرا الضطراب نموه النفسي والجنسي وتثبيت الطاقة الغريزية في منطقة الفم ‪،‬‬
‫ه ذه الص فات تظه ر بط رق مختلف ة على الف رد منه ا على س بيل المث ال اإلنس ان ال ذي يعم ل على تف ادي‬
‫الشعور بالعجز والسلبية وعدم القدرة على تحمل التوتر النفسي واأللم واإلحباط التي تخدش نرجسيته ‪ ،‬و‬

‫‪3‬‬
‫كل ذلك ناتج عن عدم استطاعة المدمن الوصول إلى اإلشباع من خالل القنوات العادية فيلجأ إلى البحث‬
‫عن اإلشباع عن طريق تعاطي المخدرات مما يتولد لديه لهفة مستمرة لتعاطي المخدر الذي يؤدي إلى‬
‫التخفيف من الحصر أو الحصول على النشوة ( محمد علي جعفر ‪ ، 1974 ،‬ص ‪.)109‬‬

‫فاألص ل في ظ اهرة األدم ان حس ب ه ذه المدرس ة ه و تحقي ق النش وة والس رور‪،‬عن طري ق المخ در أو‬
‫بعب ارة أخ رى التخفي ف من حال ة اإلكتئ اب ال تي يع اني منه ا الم دمن‪ ،‬وليس مج رد إزال ة الت وترات‬
‫الفس يولوجية الناش ئة عن ت أثير المخ در‪ ،‬فاإلتجاه ات الشخص ية لتع اطي المخ در مش حونة بش حنات انفعالي ة‬
‫شديدة‪ ،‬وتفسر اإلدمان بأنه‪:‬‬
‫تعبير وظيفي لذات عليا ناقصة‪.‬‬ ‫●‬

‫تعويض عن إحباط شديد ينتج عن حرمان من إشباع بعض الحاجات األساسية‪.‬‬ ‫●‬

‫ناتج عن التنشئة اجتماعية ناقصة أو خاضعة‪.‬‬ ‫●‬

‫سلوك شخصي يشكل عصابا‪.‬‬ ‫●‬

‫سلوك يعبر عن فقد المعايير االجتماعية‪.‬‬ ‫●‬

‫أما ماكليالند ‪ MC CLELLAND‬صاحب نظرية اإلعتمادية فيرى أن الذكورة المبالغ فيها تكون رد فعل‬
‫ض د حاج ات اإلعتمادي ة األساس ية ال ذي يش عر به ا ال ذكر‪ ،‬ويف ترض أن مرحل ة م ا قب ل إدم ان الكح ول‬
‫تصاحبها رغبة أولية أو حاجة اعتمادية ‪ ،‬ولكن يشعر الفرد بالخجل من هذه الرغبة ‪ ،‬فالذكر في مرحلة‬
‫ما قبل إدمان الكحول يرغب في الرعاية األمومية واالنتباه إليه ‪ ،‬وفي نفس الوقت يريد أن يتحرر من ه ذه‬
‫العناية وهذا بدوره يؤدي إلى صراع اعتمادي له أصوله في خبرات الطفولة ‪ ،‬فالمظهر الكاذب للرجولة‬
‫ذات الثق ة في النفس يتط ور لكي يخفي الحاج ة لالعتمادي ة والتع اطي يش بع حاج ات اإلعتمادي ة بتزوي د‬
‫الشخص بمشاعر الدفء والراحة ‪ ،‬والقدرة المطلقة ‪ ،‬فأثناء الشرب يعاد موقف العناية األمومية ‪ ،‬ووفقا‬
‫لذلك فإن الدافع للشرب يكمن في الرغبة إلشباع الحاجة لالعتمادية وليس للشعور بالقوة ‪ ،‬فإدراكات القوة‬
‫هي صورة سطحية مختبئة ضمن مكافآت اإلعتمادية ‪ ،‬وبذلك تكون اإلعتمادية وليس البحث عن القوة هي‬
‫المبتغى الرئيسي إلدمان‬
‫(فايد ‪ ، 1994 ،‬ص ‪.)181‬‬

‫ويعت بر روزنفيل د ‪ Rosenfield‬أن المخ درات ترم ز في حقيق ة األم ر إلى موض وع ميت أو م ريض‪،‬‬
‫وبتعاطيها فالمدمن يحاول أن يخفف من شعوره بالذنب‪ ،‬كما يمكن اعتبارها كمحاولة انتحارية ال ش عورية‪،‬‬
‫أما لوبفيك ‪ Lobofic‬فيركز على العناصر االكتئابية‪ ،‬والتي الحظها عند الشباب المدمن‪ ،‬فيرى أن المدمن‬

‫‪4‬‬
‫على المخ درات يعيش في دائرة مفرغة‪ ،‬فمن الحاجة إلى الشعور بالذنب‪ ،‬ومن الشعور إلى االكتئاب إلى‬
‫الحاجة إلى المخدر‪.‬‬

‫النظرية االجتماعية‪:‬‬ ‫‪-5‬‬


‫اهتم علماء االجتماع باألمراض االجتماعية والسلوك المنحرف‪ ،‬ورأوا أن السلوك االجتماعي في حد ذاته‬
‫ال يمكن أن يق ال عن ه س لوك منح رف أو غ ير منح رف إال بتق ييم المجتم ع ل ه في ض وء م دى ألتزام ه أو‬
‫خروجه عن المعايير االجتماعية للسلوك‪.‬‬
‫ويعت بر اإلدم ان على المخ درات من المش كالت االجتماعي ة الخط يرة ال تي ت ؤثر على تق دم المجتمع ات‬
‫ورقيها‪ ،‬كما تؤثر على الحالة الصحية والنفسية لألشخاص المدمنين‪ (.‬دعيس‪ ،1995 ،‬ص ‪.)204-203‬‬
‫النم وذج ال وظيفي‪ :‬يص نف الوظيفي ون اإلدم ان على المخ درات في خان ة االنح راف باعتب اره ظ اهرة‬ ‫‪-1‬‬
‫تزع زع اس تقرار المجتم ع وتخ ل بتوازن ه حيث ت ؤدي ب األفراد إلى الجريم ة تج اه أنفس ه (االنتح ار)‬
‫ولتفس ير ه ذه الظ اهرة ط ور"دورك ايم" مفه وم األنومي ا ال ذي يع بر عن غي اب (أو ارتي اب) المع ايير‬
‫االجتماعية وعدم احترامها‪ ...‬من قبل األفراد أو الجماعات في ظل انعدام الرقابة االجتماعية‪.‬‬
‫وتؤدي األنوميا إلى حالة مرضية يعبر عنها "دوركايم" بمفهوم الباثولوجيا االجتماعية التي تدخل األفراد‬
‫في وض ع ش ديد الهشاش ة‪...‬وض يف أن األنومي ا تنتش ر بص فة خاص ة في األوض اع ال تي تع رف تراج ع‬
‫المعايير القديمة حيث أن األفرا الذين يفقدون هذه المعايير‪ ،‬هم نفسهم الذين يرفضون االندماج في المعايير‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫أما "ميرتون" ‪ Merton‬فإنه بالرغم من اعترافه بأن األنوميا مفهوما مناسبا جدا لتفسير ظاهرة االنحراف‬
‫إال أن ه يفض ل تعري ف مفه وم األنومي ا بص راع المع ايير وليس غي اب المع ايير ألن المع ايير االجتماعي ة‬
‫موجودة حسبه في كل الحاالت‪ ،‬إال أنها ليست نفسها عند المنحرف وغير المنحرف‪ ،‬فما ينبغي أن نأخذه‬
‫بعي االعتبار هو أن للمنحرف كذلك معايير خاص به يدافع عنها‪.‬‬
‫فاألنومي ا بمنظ ور "م يرتون" هي نتيج ة تن اقض بين نمطين من المع ايير موج ودين في ذات ال وقت داخ ل‬
‫البنية االجتماعية‪ :‬المعايير المؤسسية التي يتم تعلمها داخل المؤسسات التربوية والمعايير الثقافية‪ ،‬تلك ال تي‬
‫يتم به ا في الوس ط االجتم اعي‪ .‬وإ ذا ك انت األولى تعلم القيم الش رفية‪ ،‬فالثاني ة تك رس القيم المع ترف به ا‬
‫والممارسة فعليا في الوسط االجتماعي وتتمثل هذه القيم في نظره في النجاح المادي السريع والرفيع‪ ،‬في‬
‫حين تقوم المؤسسات التربوية بتعليم قيم الصدق والنزاهة‪ (.‬أم سعود‪ ،2015 ،‬ص ‪.)360-358‬‬
‫النموذج الشمولي (البيولوجية – السيكولوجية – االجتماعية) ‪:‬‬ ‫‪-6‬‬

‫يستخم الكثرة من المختصين واألطباء هذا المنوذج لتفهم واستيعاب أسباب المرض والتعبير عن نشأته‬
‫ومعالجته والوقاية منه‪ ،‬فينظرون إلى االدمان بوصفه تركيبة بيولوجية وسيكولوجية واجتماعهي ة –ثقافية‬
‫تحم ل ه ذا المتغ ير وتتض منه‪ .‬ويض م ه ذا المنظ ور وي دمج في ثناي اه جمي ع س مات وخص ائص النظري ات‬
‫البيولوجية والسيكولوجية واالجتماعية الثقافية‪ ،‬ويتناغم هذا النموذج وينسجم مع النظرة الكلية للمدمن‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الخالصة‪:‬‬

‫يب دو أن النظري ات ال تي تعرض نا له ا من خالل ه ذه المداخل ة لعبت دورا هام ا في إعط اء تفس يرا يعكس‬
‫الممارس ات السائدة في مج ال تعاطي المخ درات‪ ،‬إذ أن أص حاب ك ل نظري ة حاولوا توض يح حسب مجال‬
‫تخصصهم الجانب الذي يؤدي ببعض األفراد إلى تعاطي العقاقير المخدرة‪.‬‬

‫وخالصة القول يمكن أن نضيف بناء عما سبق ذكره إن الشخص متعاطي المخدرات هو إنسان انحرف‬
‫عن المس ار الس وي في مرحل ة م ا من مراح ل تك وين شخص يته‪ ،‬فه و ش خص لم يت درب على مه ارات‬
‫مواجه ة الض غوط وح ل المش كالت ال تي تعترض ه في حيات ه باالض افة إلى فش له في التعام ل م ع انفعاالت ه‬
‫وتحم ل االحب اط بش كل مقب ول ومناس ب للوض عيات ال تي تع ترض مس ار حيات ه‪ .‬فلج وء الف رد للتع اطي ينم‬
‫على فقدان الفرد للكثير من المهارات والقدرات الالزمة للتعامل مع الذات ومع اآلخرين‪.‬‬

‫المراج ـ ـ ــع ‪:‬‬


‫المراجع باللغة العربية ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أحمد عبد اللطيف (‪ ،)1992‬اآلثار االجتماعية لتعاطي المخدرات‪ ،‬المركز العربي للدراسات األمنية‬ ‫‪-‬‬
‫والتدريب‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫آباد فيروز مجد الدين (‪ ،)1412‬القاموس المحيط‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أرون بي ك‪ ،‬م ارك وليم ار‪ ،‬ج ان س كوت (‪ ،)2002‬العالج المع رفي والممارس ة االكلينكي ة‪ ،‬دار النش ر‬ ‫‪-‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬رام اهلل‪.‬‬
‫أم السعود ابراهيم (‪ ،)2015‬اإلدمان على المخدرات بين التحليل النفسي واالجتماعي‪ ،‬مجلة تطوير‪ ،‬عدد‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،12‬جامعة الجلفة‪.‬‬
‫الحجار محمد حمدي (‪ ،)1992‬اإلدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية‪ ،‬المركز العربي للدراسات‬ ‫‪-‬‬
‫األمنية والتدريس‪ ،‬التقارير واالحصاءات‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫الحراشة حسن جالل (‪ ،)2012‬إدمان المخدرات والكحوليات وأساليب العالج‪ ،‬دار حامد للنشر والتوزي ع‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫األردن‪.‬‬
‫الشناوي محروس محمد وعبد الرحمن محمد السيد‪ ،‬العالج السلوكي الحديث‪ :‬أسسه وتطبيقاته‪ ،‬دار قباء‬ ‫‪-‬‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬عبده غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.1998 ،‬‬
‫الغ ريب عب د العزي ز بن علي (‪ ،)2006‬ظ اهرة الع ود لإلدم ان في المجتم ع الع ربي‪ ،‬جامع ة ن ايف للعل وم‬ ‫‪-‬‬
‫األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪.‬‬
‫الهدية بن علي‪ ،‬بن عبد الرحمن أحمد (‪ ،)2008‬السياسية الجنائية لمكافحة ترويح المخدرات في نظم‬ ‫‪-‬‬
‫مجلس التعاون الخليجي (دراسة تأصيلية تحليلية تطبيقية مقارنة)‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة‬
‫نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫دعيس محمد يسري ابراهيم‪ ،)1994(،‬اإلدمان بين التجريم و المرض‪ ،‬دراسة في انثربولوجيا الجريمة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وكالة البنا للنشرو التوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫رفعت محمد (‪ ،)1989‬إدمان المخدرات‪ :‬أضرارها وعالجها‪(،‬ط‪ ،)3‬دار المعرفة للنشر والطباعة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫س ويف مص طفى (‪ ،)2000‬مش كلة تع اطي المخ درات بنظ رة علمي ة‪ ،‬ال دار المص رية اللبناني ة‪ ،‬ب يروت‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫قم از فري دة (‪ ،)2009‬عوام ل الخط ر والوقاي ة من تع اطي الش باب للمخ درات‪ ،‬رس الة ماجس تير غ ير‬ ‫‪-‬‬
‫منشورة تخصص علم االجتماع التنمية‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.‬‬
‫ش ابرول ‪ .‬ه‪ ،)2001( .‬اإلدم ان في س ن المراهق ة‪ ،‬ترجم ة ف ؤاد ش اهين‪ ،‬دار عوي دات للنش ر والتوزي ع‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫ش لدون كاش دان‪ ،‬علم النفس االكل نيكي‪ ،‬ترجم ة عب د العزي ز س المة (‪ ،)1984‬دار الش روق‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪-‬‬
‫األردن‪.‬مش اقبة محم د أحم د (‪ ،)2007‬اإلدم ان على المخ درات‪-‬االرش اد والعالج النفس ي‪ ،‬دار الش روق‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫صادقي فاطمة‪ ،)2014( ،‬اآلثار النفسية |إلدم ان على المخدرات‪ ،‬مجلة دراسات نفسية وتربوية‪ ،‬مخبر‬ ‫‪-‬‬
‫تطوير الممارسات النفسية والتربوية‪ ،‬عدد ‪ ،12‬الجزائر‪.‬‬
‫عبد المنعم عفاف محمد (‪ ،)2007‬االدمان‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬القاهرة‪ .‬مصر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد المنعم عفاف محمد (‪ ،)2003‬اإلدمان ‪ :‬دراسة نفسية أسبابه ونتائجه‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬مصر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫هالل محمد ناجي (‪،)1999‬اإلدمان المخدرات ‪ :‬رؤية علمية اجتماعية‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫المراجع باللغة األجنبية‪:‬‬

‫‪McGrath and Scarpitti, F,.(1970), youth and Drugs ; Perspectives on a social problem‬‬
‫‪.Illinois ;Scott Forssmann and Company‬‬

‫‪.Rasmussen, S,. (2000), Addition Treatment: Theory and Practice, London. Sage Publication, INC‬‬

‫ج‪ -‬المواقع االلكترونية‪:‬‬


‫‪http://www.balagh.com/woman/nesa2a1en13t.htm‬‬ ‫النابلسي‪،2001 ،‬‬

‫‪http://www.webreview.dz /IMG/pdf/revue7-art2.pdf‬‬

‫االتجاهات التفسيرية لجرائم المخدرات والنظريات المفسرة للجريمة‬


‫‪http://www.svu.edu.eg/arabic/links/camps/qena/art/reports/saidAwad/report‬‬

‫)‪Chalout, Luis, thérapie comportementale et cognitive (TCC‬‬

‫‪http://www.mag-psy.or‬‬

‫‪.Hasem Guaguenh, Albert, Ellis Friends, Wet: A Rational Oasis Prospect Magazine‬‬

‫‪7‬‬
http://www.acofps.com/vb/archive/index.php

You might also like