You are on page 1of 20

‫ص‪119-100:‬‬ ‫العدد‪2020 )1( :‬‬ ‫المجلد‪)5( :‬‬ ‫مجلة الجامع في الدراسات النفسية والعلوم الترب وية‬

‫عرض حالة مريضة بالقرحة املعدية‪ :‬تناول سيكوسوماتيإدماجي‪.‬‬


‫‪The Case of a patient with gastric ulcer: integrative psychosomatic approach‬‬
‫أ‪ .‬د‪ /‬إكردوشن بعلي زاهية‬ ‫أ‪ .‬لجلط أسماء *‬

‫أستاذ التعليم العالي‪ ،‬قسم علم النفس‬ ‫طالبة دكتوراه‪ ،‬قسم علم النفس وعلوم‬
‫وعلوم التربية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ‪ -‬ورقلة‬ ‫التربية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ‪ -‬ورقلة‬
‫‪Prof. Dr. Ikardouchene Bali Zahia‬‬ ‫‪Pr. ladjlat Asma‬‬
‫‪Professor of higher education‬‬ ‫‪Doctoral Student in Institutional‬‬
‫‪Department of Psychology and‬‬ ‫‪Psychopathology, Department of‬‬
‫‪Education Sciences, Kasdi Merbah‬‬ ‫‪Psychology and Education Sciences,‬‬
‫‪University- Ouargla‬‬ ‫‪Kasdi Merbah University- Ouargla‬‬
‫‪balizahia@yahoo.fr‬‬ ‫‪asmaladjlat@gmail.com‬‬
‫تاريخ االستالم‪ 2019/11/13 :‬تاريخ القبول‪ 2020/03/01 :‬تاريخ النشر‪2020/03/15 :‬‬
‫‪ -‬امللخص‪ :‬يدخل العمل الحالي في علم النفس املرض ي السيكوسوماتي‪ ،‬حيث حاولنا تطوير نهج‬
‫النظرية اإلدماجية التكاملية‪ .‬يتعلق األمر باللقاء مع مريضة بالقرحة املعدية في إطار بحث‬
‫أكاديمي‪ .‬يعتمد هذا العمل على األدوات التي طورها البروفيسور ستورا‪ ،‬وهي ورقة موجزة للمريض‬
‫تعتمد على طريقة تقييم وتشخيص الصحة النفسية‪ .‬التقييم العام للمخاطر النفسية‪،‬‬
‫أيضا الكشف عن‬ ‫إصدار‪ ،2011‬وكذلك استخدمنا االستبيان ونقاط االنتشار‪ .‬يحاول هذا العمل ً‬
‫أهمية التعاطف مع املرض ى جسديا‪ ،‬حيث الهشاشة النفسية‪.‬‬
‫سنكشف تطور عملنا مع حالتنا‪ ،‬سنحاول إظهار ضرورة ولكن أيضا صعوبة العمل في‬
‫مجال علم النفس املرض ي بشكل عام‪ ،‬وخصوصا عندما يتواجد الفرد أمام فائض اإلثارة‪ ،‬التي‬
‫تولدها الصراعات والتي من املستحيل إرصانها عقليا‪ ،‬ألن هناك هشاشة نفسية‪.‬‬
‫يستند بحثنا إلى تقديم حالة عيادية‪ ،‬ويتم دراسة هذه الحالة انطالقا من شبكة تقييم‬
‫املخاطر النفسية الجسدية لجان بنجامين ستورا‪ ،‬والتي يجب أن يتم ملؤها انطالقا من مقابلة‬
‫سيكوسوماتية تشمل ستة محاور والتي هي على النحو التالي‪ :‬محور التاريخ الشخص ي للمريض‪،‬‬
‫محور تاريخ املرض وأحداث الحياة املؤملة‪ ،‬محور تاريخ األمراض عند أفراد األسرة‪ ،‬محور أنشطة‬
‫الحالة‪ ،‬محور املتابعة العالجية‪ ،‬محور الحياة الحلمية‪ ،‬محور اإلسقاط في املستقبل‪.‬‬
‫بعد تحليل حالتنا‪ ،‬الحظنا وجود اضطراب في الجهاز الهضمي والذي ترجعه الحالة إلى‬
‫*‪ -‬املؤلف املرسل‪ :‬أ‪ .‬لجلط أسماء‪ ،‬االيميل‪asmaladjlat@gmail.com :‬‬
‫ تناول سيكوسوماتي إدماجي‬:‫عرض حالة مريضة بالقرحة المعدية‬

‫ من املهم‬.‫ التي ولدت خالل السنة األولى من الجامعة وإقامتها في الحي الجامعي‬،‫الصعوبات اليومية‬
‫ ألنه كان هناك‬،‫ حقيقة أن طفولة حالتنا توصف بأنها تعطلت‬،‫إذن تلخيص مالحظاتنا لكي نعرف‬
. ‫فصل مبكر مع األم (خالل السنة األولى) مما يوحي إلى أن الجهاز الهضمي تأثر بغياب رعاية األمومة‬
.‫فصل فيه مع تفادي السطحية بالطبع‬ ّ ‫هذا ما سن‬
‫ شبكة‬،‫ الخطر السيكوسوماتي‬،‫ السيكوسوماتية التكاملية‬،‫ القرحة املعدية‬:‫ الكلمات املفتاحية‬-
.‫ستورا‬
- Abstract: The current work comes within the framework of psychosomatic
psychopathology, where we have tried to develop the integrative psychosomatic
approach. This had to do with a meeting with a patient with a gastric ulcer in the
context of university research. This work is based on the tools developed by Professor
Stora among which is a patient summary form, based on the evaluation method and
diagnosis of mental health. Global Assessment of Psychological Risk, version 2011.
The questionnaire and spread points were also used. This work also attempts to reveal
the importance of empathy for patients with somatic diseases who are psychologically
fragile when they are faced with excessive excitement generated by conflict with the
impossibility of elaborating mentally this excess.
Our research is therefore based on the presentation of a clinical case, this case
is studied from a grid of evaluation of the psychosomatic risk of Jean Benjamin Stora,
which itself must be filled from a psychosomatic interview.
From the analysis of our case, we observed an impairment of the digestive
system caused by the daily difficulties generated during his first year of university and
her stay in the university campus. It is important then to summarize our observations
to know, the fact that the childhood of our case is described as being disrupted
because there was an early separation with the mother (during the first year) which
suggests that the digestive system has been affected by the absence of maternal care.
This is what we will detail by avoiding superficiality of course.
- Keywords: Gastric ulcer, psychosomatic integrative, psychosomatic risk, Stora
evaluation grid.
2020 101 )1( ‫) العدد الأول‬5( ‫المجلد الخامس‬
‫أ‪ .‬د‪ /‬إكردوشن بعلي زاهية‬ ‫أ‪ .‬لجلط أسماء‬

‫‪ -‬مقدمة‪:‬‬
‫لقد أوضحت احصاءات الجمعية العاملية للصحة العقلية ‪(the national for mental‬‬
‫)‪ health‬أن االضطرابات السيكوسوماتية يزداد انتشارها بصورة كبيرة حيث أن هناك فرد واحد‬
‫ممن يطلبون املساعدة النفسية يعانون من هذه االضطرابات التي تظهر في صورة‬ ‫من كل فردين ّ‬
‫التوتر واالنفعاالت الحادة‪ ،‬والتعرض للضغوط النفسية واالجتماعية التي تتخذ أمراضها شكال‬
‫فسيولوجيا‪.‬‬
‫ومنه قد تعددت التعريفات بشأن السيكوسوماتية‪ ،‬واختلفت حسب التخصصات‬
‫واالتجاهات العلمية ووجهات النظر‪ ،‬ولكن هذا التعدد لم يؤثر على املفهوم العام لها‪ .‬فكلمة‬
‫"سيكوسوماتي" مكونة من قسمين‪" :‬سيكو" )‪ )psycho‬وتعني الروح أو النفس‪ ،‬وكلمة "سوما"‬
‫)‪ )soma‬تعني الجسم أو كل ما يتعلق بالجسم‪ ،‬ومفهوم مصطلح سيكوسوماتي بالعربية يعني‬
‫نفس ي‪-‬جسمي أو النفس جسدي" (العنزي‪ .2004 ،‬ص‪.)43.‬‬
‫أنشأ ستورا‪ ،‬منذ عام ‪ 1993‬استشارة نفسية جسدية في مستشفى بيتيي سالبتريار‪la Pitié-‬‬
‫م‬
‫‪ Salpêtrière‬حيث ظهر له أنه من األساس ي إعادة التفكير فيما هو نفس ي جسدي املؤسس من‬
‫طرف بيار مارتي وذلك من خالل دمج ستورا للبعد الطبي والعلوم العصبية‪ .‬باألخذ بعين االعتبار‬
‫اإلسهامات العلمية في مجال الطب والعلوم العصبية‪ ،‬اقترح ستورا تناول نظري وعيادي شامل‬
‫وتكاملي يضم التناول املقدم من طرف بيار مارتي‪ ،‬واقترح نموذج متعدد األسباب لسياقات‬
‫الجسدنة‪ .‬فالجهاز النفس ي‪ ،‬حسب ستورا‪ ،‬يقوم بمهمة أساسية هو إرصان كمية اإلثارات‬
‫اليومية‪ ،‬وهو ال يخالف بيار مارتي في هذا األمر‪ .‬فالجهاز النفس ي‪ ،‬هو في قمة التطور وبالتالي فإنه‬
‫األول الذي يواجه اإلثارات؛ إال أنه بالنسبة لستورا‪ ،‬فإن الجهاز النفس ي ليس الوحيد املعني في‬
‫حالة االختالل الوظيفي؛ الجهاز العصبي املركزي والجهاز املناعي يقومان كذلك بهذه املهمة؛‬
‫فالنفس ليست معزولة عن الجسم‪ .‬سنحاول شرح كل هذا في هذا النص العلمي وسنستعين بحالة‬
‫لتوضيح هذا التوجه‪.‬‬
‫‪ -1‬إشكالية الدراسة‪:‬‬
‫األم هي الشخص الذي يعتني بالطفل والذي يقدم الرعاية في بداية الحياة‪ .‬إن التعرف على‬
‫األم كشخص مختلف هو اللحظة األساسية في تنظيم الطفل ونموه‪ .‬ال يتم التعرف على األم‬
‫جسديا فقط‪ ،‬ولكن هذا االعتراف يتم في عالقة الحب والكراهية والرضا واإلحباط‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يمكن للموضوع اكتساب وجوده إال إذا أصبحت األنا قادرة على االعتراف بالفقدان‪ ،‬محاولة‬

‫‪2020‬‬ ‫‪102‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬


‫عرض حالة مريضة بالقرحة المعدية‪ :‬تناول سيكوسوماتي إدماجي‬

‫تعويض املوضوع املفقود من خالل تقمصه‪ ،‬وعلى هذا التقمص يتم بناء شخصية الفتاة‬
‫(‪.)Widlocher D, 1973,p .75‬‬
‫تنشأ‪ ،‬بالنسبة للسيكوسوماتية التكاملية‪ ،‬مشكلة بناء صورة نفسية ألن هناك صورتين‬
‫هناك الصورة التي يشكلها الدماغ مع جميع املناطق؛ لكن الدماغ يحتاج إلى صورة الجسم إلدارته‪،‬‬
‫أيضا صورة نفسية خالل مراحل التطور املختلفة وكل ش يء يتوقف‬ ‫ولكن في عملية النضج هناك ً‬
‫على كيفية معاشنا لهذه املراحل‪ .‬من خالل الجمع بين الطب والتحليل النفس ي وعلم األعصاب‪،‬‬
‫تحاول السيكوسوماتية اإلدماجية التكاملية‪ ،‬دراسة العالقات الديناميكية بين جميع هذه‬
‫األنظمة‪ ،‬حاالت التوازن أو عدم التوازن‪ .‬يدمج هذا التخصص الجديد‪ ،‬فيما يتعلق بالنظام‬
‫النفس ي‪ ،‬نموذج التوظيف النفس ي الفرويدي وبالنسبة للنظم األخرى‪ ،‬فهو يدمج أحدث‬
‫االكتشافات املتعلقة بالتوظيف البيولوجي واملقاربات الحديثة لعلم األعصاب؛ فالسيكوسوماتية‬
‫اإلدماجية التكاملية هي مقاربة شاملة لإلنسان وألمراضه‪ ،‬أي أن اإلنسان هو وحدة نفسية‬
‫جسدية (ستورا‪ ،1999 ،‬ص‪.)55.‬‬
‫أهمية نهج نظرية األنظمة الخمسة‪ ،‬التي طورها البروفيسور ستورا‪ ،‬هو أمر أساس ي وهو‬
‫نهج علمي جديد في السيكوسوماتية والتي تستند على التخصصات الجديدة مثل علم املناعة‬
‫العصبي النفس ي‪ ،‬علم العصبي الغدي النفس ي والتحليل النفس ي العصبي‪ ،‬إلخ‪ .‬هذا النهج الجديد‬
‫مختلف عن املقاربات النفسية الجسدية الكالسيكية‪ ،‬وهي السيكوسوماتية املستوحاة من‬
‫التحليلي النفس ي والسيكوسوماتية املستوحاة من التوجه الطبي‪.‬‬
‫يشترك البشر في ظروف التنشئة سواء بالنسبة للذكور أو بالنسبة لإلناث‪ ،‬حيث يعتبر‬
‫الوالدان الوجهان األوليان اللذان تبنى انطالقا منهما‪ ،‬املواضيع األولية املدمجة‪ .‬وهنا سنركز على‬
‫عالقة الفتاة مع والدتها التي هي مهمة جدا (بما أننا مع حالة سيدة)؛ حيث مع خبرات جيدة‬
‫وإحباطات عادية وقابلة للتحمل‪ ،‬يمكن أن يكون نموها النفس جنس ي عاديا ويتطور في ظروف‬
‫مم ْر ِضية أكثر‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬إذا ثبت أن التجارب األولى سيئة‪ ،‬وإذا كان املوضوع الثاني ‪ -‬أي األب‬
‫‪ -‬ال يقدم أي ميزة لصالح إسقاط الجانب الجيد من املوضوع‪ ،‬فإن الطريق اتجاه االضطرابات‬
‫مفتوحا‪ :‬مثل اضطرابات طبعية )‪ ،(troubles caractériels‬الذهان‪ ،‬الشذوذ‬ ‫ً‬ ‫األكثر خطورة‪ ،‬يكون‬
‫وكذلك الجسدنة )‪.(somatisation‬‬
‫فالجهاز النفس ي‪ ،‬في إطار السيكوسوماتية التكاملية اإلدماجية‪ ،‬يربط األفكار والسلوكيات‬
‫والعواطف‪ ،‬وبالتالي سوف يشارك في توازن الوحدة النفسية الجسدية بأكملها؛ سوف يكون قادرا‬
‫على التصرف على مستوى السلوكيات واالنفعاالت بفضل صيرورة اإلرصان النفس ي‪ ،‬وذلك‬
‫‪2020‬‬ ‫‪103‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬
‫أ‪ .‬د‪ /‬إكردوشن بعلي زاهية‬ ‫أ‪ .‬لجلط أسماء‬

‫بتحقيق االستقرار في آثار الفك الذي تسببه الصدمات وأحداث الحياة األخرى‪ .‬يجب أن تتضمن‬
‫عملية التكامل العصبي والنفس ي‪ ،‬دراسات التحليل النفس ي العصبي‪ ،‬البعد النفس ي الجسدي من‬
‫خالل تعزيز فرضية تنظيمات نفس جسمية ‪( somatopsychiques organisations‬ستورا‪،1999 ،‬‬
‫‪.)2005‬‬
‫وعليه يتعلق األمر بالتحقق‪ ،‬انطالقا من هذه الحالة‪ ،‬من التساؤالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬هل التوظيف السيكوسوماتي لهذه املرأة املريضة بالقرحة املعدية‪ ،‬سيكشف عن الهشاشة‪،‬‬
‫انطالقا من أدوات املستخدمة املتمثلة في التقييم الشامل للخطر السيكوسوماتي (الشبكة التي‬
‫وضعها ستورا)؟‬
‫‪ -‬وهل ستتماش ى هذه الهشاشة مع درجة خطورة املرض‪ ،‬كما يحددها الطبيب؟‬
‫‪ -2‬فرضيات الدراسة‪:‬‬
‫‪ -‬يكشف التوظيف السيكوسوماتي لدى املرأة املريضة بالقرحة املعدية‪ ،‬عن الهشاشة‬
‫السيكوسوماتية وذلك من خالل التقييم العام للمخاطر النفسية الجسدية‪ ،‬التي وضعها ج‪ .‬ب‪.‬‬
‫ستورا‪.‬‬
‫‪ -‬تتماش ى هذه الهشاشة مع درجة خطورة املرض كما يحددها الطبيب‪.‬‬
‫‪ -3‬أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تمثلت مشكلة الدراسة في تحقيق األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الكشف عن التوظيف السيكوسوماتي لدى الحالة املصابة بالقرحة املعدية‪ ،‬لفهم صيرورة‬
‫الجسدنة لدى حالتنا‪.‬‬
‫‪ -‬البحث عن أصل الهشاشة السيكوسوماتية لضمان صحة جيدة للفرد الحقا‪.‬‬
‫‪ -‬فهم أكثر لصيرورة القرحة املعدية من وجهة نظر سيكوسوماتية تكاملية لدى الحالة‪.‬‬
‫‪ -‬محاولة الكشف عن مؤشرات تطور املرض‪.‬‬
‫‪ -4‬أهمية الدراسة‪:‬‬
‫‪ -1-4‬من الناحية النظرية‪:‬‬
‫تعتبر النظرية السيكوسوماتية التكاملية اإلدماجية‪ ،‬نظرية جديدة وشاملة لعدة‬
‫تخصصات‪ ،‬وتناولنا لها من شأنه أن يبين أهمية عدم االنغالق في توجه نظري‪ ،‬خاصة عندما‬
‫يتعلق األمر باألمراض الجسدية‪.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫‪104‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬


‫عرض حالة مريضة بالقرحة المعدية‪ :‬تناول سيكوسوماتي إدماجي‬

‫‪ -2-4‬من الناحية التطبيقية‪:‬‬


‫يعتبر موضوع دراستنا من املواضيع املهمة الذي ينبغي االهتمام به كونه يسلط الضوء على‬
‫شخصية املرض ى بالقرحة املعدية‪ .‬تبين السيكوسوماتية التكاملية أهمية التكامل بين عمل األطباء‬
‫واملختصين النفسانيين واالهتمام باملرض ى وليس فقط بمرضهم؛ يمكن أن تقدم الدراسة الحالية‬
‫مساهمة علمية للعاملين في املجال النفس ي والطبي باقتراح عالج أكثر نجاعة للمرض ى بالقرحة‬
‫املعدية وذلك بالتكامل بين عمل األطباء وعمل املختصين النفسانيين‪.‬‬
‫‪ -5‬تحديد املفاهيم‪:‬‬
‫‪ -1-5‬االضطرابات السيكوسوماتية‪:‬‬
‫يدل مصطلح السيكوسوماتية على وجود عوامل نفسية وراء االضطرابات الجسدية‪،‬‬
‫وتضم مجموعة من االضطرابات النفسية الجسدية قائمة طويلة من األمراض التي تصيب وظائف‬
‫أجهزة الجسم املختلفة‪ ،‬ومن أمثلتها فرط ضغط الدم وأمراض القلب والداء السكري وبعض‬
‫أمراض الجهاز الهضمي واألمراض الجلدية‪ ،‬ويهتم بذلك تخصص طبي هو الطب النفس ي الجسدي‬
‫(الشربيني‪ ،‬د ‪ -‬ت‪ ،‬ص‪.)148.‬‬
‫‪ -‬إجرائيا‪ :‬وتحدد االضطرابات السيكوسوماتية إجرائيا في دراستنا بأنها‪ :‬كل االضطرابات الجسمية‬
‫التي يشخصها الطبيب‪.‬‬
‫‪ -2-5‬النظرية التكاملية‪:‬‬
‫بما أن كل التفسيرات لالضطرابات السيكوسوماتية مازال يحيطها الكثير من الغموض‬
‫مادامت لم تأخذ على أنها عالقة تفاعلية وتكاملية وإدماجية بين العديد من األجهزة من بينها‬
‫الجهاز النفس ي والجهاز العصبي املركزي والجهاز العصبي الذاتي والجهاز املناعي والجينات وحدوث‬
‫التأثير املتبادل واملتكامل فيما بينهم‪ .‬ولذلك فإن نظرية التكاملية تسمح للمرة األولى بربط املتغيرات‬
‫النفسية ذات الصلة باملتغيرات الجسدية وهو ما أطلق عليها بـ "املقاربة التكاملية" التي أسسها‬
‫البروفيسور ستورا ‪.STORA‬‬
‫‪ -3-5‬القرحة املعدية‪:‬‬
‫هي مرض عضوي يتمثل في ظهور ألم في الجزء العلوي للجهاز الهضمي بسبب حدوث تآكل‬
‫موضعي في الغشاء املخاطي لغشاء املعدة ويظهر األلم عادة بعد تناول الطعام‪.‬‬
‫‪ -‬إجرائيا‪ :‬وتحدد القرحة املعدية إجرائيا في دراستنا هذه بتشخيصها من طرف الطبيب بأن‬
‫الحالة تعاني من قرحة معدية‪.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫‪105‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬


‫أ‪ .‬د‪ /‬إكردوشن بعلي زاهية‬ ‫أ‪ .‬لجلط أسماء‬

‫‪ -6‬الدراسات السابقة‪:‬‬
‫سنقوم بعرض بعض الدراسات التي تلم بموضوع الدراسة مباشرة‪ ،‬ونستغني عن‬
‫الدراسات التي ال تمس موضوعنا مباشرة‪ ،‬ولقد جاءت على النحو اآلتي‪:‬‬
‫دراسة بعلي إكردوشن زاهية (‪ )2015‬حول تطبيق نظرية ستورا في الجزائر‪ .‬والتي كانت على‬
‫شكل متابعة للحاالت في إطار تحضير دبلوم السيكوسوماتية التكاملية بباريس تحت إشراف‬
‫صاحب النظرية‪ :‬ستورا والتي وصلت إلى إظهار أهمية هذا النهج التكاملي في تفسير االضطرابات‬
‫السيكوسوماتية لفهم الحاالت وتشخيصها والتكفل بها وقد تناولت الباحثة‪ ،‬عدة اضطرابات‬
‫جسدية‪ ،‬والتي نشرت في مجلة دراسات نفسية وتربوية )‪(Ikardouchene Bali Z. Stora J- 2018‬‬
‫‪ ،B.‬توبعت بمنشورات عديدة سعت إلى نفس األهداف ووصلت إلى نفس النتائج منها‪:‬‬
‫دراسة اكردوشن بعلي زاهية (‪ )2017‬املنشورة عبر مخبر تطوير املمارسات النفسية‬
‫والتربوية وقد كانت الدراسة بعنوان‪ :‬دراسة نفسية عن تجربة الحمل لدى امرأة مصابة بالربو‪:‬‬
‫حالة أمينة‪ .‬أين استخدمت فيها نفس األدوات التي استخدمناها وهي املقابلة وشبكة ستورا لتقييم‬
‫املخاطر النفسية‪.‬‬
‫وقد خلصت الدراسة بأن أمينة تعاني هشاشة نفسية الناتجة عن توظيف سيكوسوماتي‬
‫س يء‪ ،‬وهو ما يبحث في نفس ما نسعى له خالل هذه الدراسة‪.‬‬
‫دراسة إكردوشن بعلي زاهية املنشورة في لندن (‪ )2018‬بعنوان‪ :‬النهج التحليلي النفس ي‬
‫للعقم‪ ،‬والذي لم يتم تفسيره طبيا‪ ،‬وفيها تم دراسة الحالة على أساس اختبارين إسقاطيين هما‬
‫‪ Rorschach‬و ‪TAT‬مع االستعانة بالتفسير السيكوسوماتي االدماجي التكاملي‪ ،‬وهو ما استخدمناه‬
‫في هذه الدراسة‪.‬‬
‫دراسة اكردوشن بعلي زاهية‪ ،‬لجلط أسماء (‪ )2018‬بعنوان‪ :‬النهج النفس ي الجسدي‬
‫التكاملي‪ :‬حالة واحدة سريرية في سياق الحمل مع التهاب املفاصل والسكري والغدة الدرقية‪ .‬تبحث‬
‫في ظهور إلتهاب املفاصل والسكري والغدة الدرقية عند الحامل وتوصلت إلى أن تلك االضطرابات‬
‫تظهر نتيجة التوظيف السيكوسوماتي الس يء والذي جعل املرأة الحالة الحامل تعاني هشاشة‬
‫نفسية ما نتج عنها معظم تلك االضطرابات السيكوسوماتية‪.‬‬
‫تم االعتماد أيضا على دراسة بعلي إكردوشن زاهية‪ ،‬آيت مولود يسمينة (‪ )2018‬ألنها‬
‫تشترك مع دراستنا في تناول االضطراب السيكوسوماتي وقد كانت الدراسة بعنوان‪ :‬التناول النسقي‬
‫للمرض السيكوسوماتي‪ :‬دراسة نظرية توضيحية انطالقا من تقديم حالة‪ ،‬وقد نشرت باملجلة‬

‫‪2020‬‬ ‫‪106‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬


‫عرض حالة مريضة بالقرحة المعدية‪ :‬تناول سيكوسوماتي إدماجي‬

‫الدولية للدراسات النفسية والتربوية‪ ،‬املركز الديمقراطي العربي‪ ،‬أملانيا ‪ -‬برلين‪ .‬وهي دراسة تركز في‬
‫عمقها عن مسار االضطراب السيكوسوماتي الس يء وجيد التوظيف عبر النسق‪.‬‬
‫‪ -‬تعقيب عن الدراسات السابقة‪:‬‬
‫لقد اشتركت كل هذه الدراسات مع دراستنا الحالية في متغير االضطرابات السيكوسوماتية‬
‫بكثرة وهو ما تقوم عليه مشكلة الدراسة الحالية‪ ،‬إال أن دراسة ‪ 2015‬اختلفت عن بقية الدراسات‬
‫في أنها ركزت على النهج التكاملي في تفسير االضطرابات السيكوسوماتية لفهم الحاالت وتشخيصها‬
‫والتكفل بها‪ ،‬أما دراسة ‪ 2017‬فقد استخدمت فيها نفس األدوات التي استخدمناها وهي املقابلة‬
‫وشبكة ستورا لتقييم املخاطر النفسية‪.‬‬
‫كذلك دراسة ‪ 2018‬اختلفت على بقية الدراسات في أنها استخدمت اختبار الرورشاخ‬
‫و‪ TAT‬إال أنها استعانت بالتفسير السيكوسوماتي االدماجي التكاملي‪ ،‬وهو ما استخدمناه في هذه‬
‫الدراسة‪ .‬أما الدراسة الثانية لنفس السنة فقد ركزت على النهج النفس ي الجسدي التكاملي في‬
‫تفسير تلك االضطرابات السيكوسوماتية الظاهرة عند املرأة الحامل‪ .‬أما الدراسة الثالثة لسنة‬
‫‪ 2018‬على التسلسل فقد امتدت في تفسير االضطراب السيكوسوماتي نحو النسق العائلي‪.‬‬
‫‪ -7‬إجراءات الدراسة امليدانية‪:‬‬
‫‪ -1-7‬منهج الدراسة‪:‬‬
‫اعتمدنا في دراستنا على المنﻬج العﯾادي القائم على دراسة حالة؛ برز املنهج العيادي في‬
‫بداياته كرد فعل على التجارب املخبرية التي افتتحها "فيير وفيشنر" وغيرهم فظهر هذا املنهج من‬
‫طرف علماء يرون أن املنهج العيادي مهم في الدراسات‪ ،‬يتم من خالله جمع البيانات من وحدات‬
‫الدراسة‪ .‬يعتمد املنهج العيادي على دراسة حاالت فردية باالعتماد على وسائل وتقنيات مختلفة‪.‬‬
‫فمنهج دراسة حالة هو املنهج الذي يتجه إلى جمع البيانات العلمية املتعلقة بأي وحدة‬
‫سواء كانت فردا أو مؤسسة أو نظاما اجتماعيا‪ ...‬وهو يقوم على أساس التعمق في دراسة معينة‬
‫من تاريخ الوحدة‪ ،‬أو دراسة جميع املراحل التي مر بها وذلك بقصد الوصول إلى تعميمات عملية‬
‫متعلقة بالوحدة املدروسة وبغيرها من الوحدات املشابهة لها (حسن‪ .1977 .‬ص ص‪.)234-233 .‬‬
‫وفي دراستنا هذه سنعتمد على وصف الحالة بكل تفاصيلها انطالقا من محتوى خطاب‬
‫الحالة في املقابالت وإدراج املعلومات على شبكة قام بإنشائها جان بنجمان ستورا‪.‬‬
‫‪ -2-7‬حدود الدراسة‪:‬‬
‫‪ -1-7‬الحدود املكانية‪ :‬قمنا بإجراء الدراسة امليدانية على حالة واحدة وهي مريضة القرحة املعدية‬
‫في مستشفى محمد بوضياف مصلحة الجهاز الهضمي‪.‬‬
‫‪2020‬‬ ‫‪107‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬
‫أ‪ .‬د‪ /‬إكردوشن بعلي زاهية‬ ‫أ‪ .‬لجلط أسماء‬

‫‪ -2-7‬الحدود الزمانية‪ :‬كانت الدراسة لهذه الحالة يوم ‪ 5‬أفريل ‪ 2018‬إلى غاية انتهاء شهر أفريل‪.‬‬
‫‪ -3-7‬وصف عينة الدراسة‪:‬‬
‫في األساس‪ ،‬دراستنا احتوت ‪10‬حاالت‪ ،‬لكن ال يمكن تقديمها كلها في هذا النص‪ ،‬نظرا‬
‫لضرورة احترام حجم املقال‪ ،‬كما أنه ما يهمنا في هذا النص هو شرح هذا التناول انطالقا من‬
‫حالة‪ ،‬وبذلك فنحن نسعى أكثر إلى توضيح هذا املنهاج اإلدماجي السيكوسوماتي منه‪ ،‬من إثبات‬
‫نتائج‪.‬‬
‫وسنقدم في هذه الدراسة حالة واحدة راشدة فقط تعاني من مرض القرحة املعدية‪ ،‬وهي‬
‫حالة أمال التي تبلغ من العمر ‪22‬سنة‪.‬‬
‫‪ -4-7‬أدوات الدراسة‪:‬‬
‫أ‪ -‬املقابلة العيادية‪:‬‬
‫في دراستنا هذه استخدمنا املقابلة النصف موجهة‪ ،‬وفيها نترك البنت املريضة بالقرحة‬
‫املعدية تتحدث بطالقة عن كل املوضوعات التي تود أن تكلمنا فيها باالضافة إلى أسئلتنا‪ ،‬والهدف‬
‫منها هو ترك الحرية الكاملة للمرأة في الكالم كي نجمع منها ما يناسب ويتالئم مع بياناتنا البحثية‪.‬‬
‫فاملقابلة النصف املوجهة تجعلنا نفهم حياة البنت أكثر من خالل طرح كل مشاكلها وكل العوامل‬
‫التي تتأثر بها‪ ،‬وكذا معرفة وإيجاد وإثارة الرغبة والعزيمة والدوافع والحاجات‪ ،‬فمقابلة النصف‬
‫موجهة تكشف لنا جوانب عديدة‪ ،‬فهي تسمح لنا بالتعرف على التصورات التي تدلي بها كل البنت‬
‫في عالقتها بأمها بالخصوص وكل أسرتها عموما بغية فهم أكثر في صيرورة التوظيف النفس ي لدى‬
‫البنت وتأثيره في خلق االضطراب السيكوسوماتي‪.‬‬
‫لذا فقد تم استعمال دليل املقابلة املتكونة من محاور تتمثل في مجموعة أسئلة تخدم‬
‫موضوع دراستنا وتفيدنا هذه األسئلة من إعطائنا فكرة عن نوعية التوظيف السيكوسوماتي‬
‫حسب شبكة ستورا‪1.‬‬

‫ب‪ -‬شبكة ستورا لتقديراملخاطر السيكوسوماتية‪:‬‬


‫لقد أنشأ ستورا ‪ Stora‬أيضا البيانات الخام التي قام فابريس ألبرني ‪Fabrice Alberny‬‬
‫انطالقا منها ببناء صيغ الحساب اآللي حساب النتائج الواردة في مؤشرات الصحة العقلية‪ .‬وحدد‬

‫‪ .1‬هذه الشبكة نوعية وليست كمية وهي تتطلب مطالعة شاملة لنهج ستورا فللمزيد من املعلومات حول هذه الشبكة‪ ،‬نوجه القارئ إلى‬
‫مجموعة كتب ج ب ستورا‪ ،‬ومجموعة محاضراته املذكورة في قائمة املراجع‪.‬‬
‫‪2020‬‬ ‫‪108‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬
‫عرض حالة مريضة بالقرحة المعدية‪ :‬تناول سيكوسوماتي إدماجي‬

‫أيضا العالقات املتشابكة بين األسئلة وشبكة تفريغ نتائج االستبيان وشبكة اإلكسل للمؤشرات ‪la‬‬
‫‪.grille Excel des indicateurs.‬‬
‫تسمح لنا محتويات املقابلة بمحاورها واألسئلة املندرجة فيها‪ ،‬من ملئ شبكة ستورا والتي‬
‫تضم عدة مؤشرات منها مؤشر الصحة العقلية‪ ،‬مؤشر السلوكات التكيفية‪ ،‬عالقة املريض‬
‫باملحيط والقدرة على املقاومة‪ ،‬تضم بعض التشخيص للعالجات التي يتلقاها‪ ،‬وتقييم صعوبات‬
‫التكيف للعميل‪ ،‬هذه كلها ستبين لنا نوعية التوظيف السيكوسوماتي لدى الحاالت‪.‬‬
‫‪ -5-7‬ظروف إجراء وتطبيق البحث‪:‬‬
‫قمنا بمقابلة الحالة أمال بعد أن وجهت لنا من طرف الطبيب‪ ،‬وقد تركنا التعليمة على‬
‫رغبتنا في اللقاء بحاالت تعاني من القرحة املعدية‪ .‬للتمكن من مقابلة الحالة في شروط عيادية‬
‫مقبولة‪ ،‬تم االستعانة بمكتب الطبيب‪ ،‬والذي تركه لنا ألغراض البحث‪ .‬تمت مقابلة أمال بإقامة‬
‫سالم بن يونس‪.‬‬
‫‪ -6-7‬عرض حالة أمال (‪22‬سنة)‪:‬‬
‫أمال طالبة التي يبلغ عمرها ‪ 22‬سنة في وقت لقائنا بها‪ .‬كانت موجهة لنا من طرف طبيبها‬
‫املختص د‪ .‬ب‪ .‬في إطار بحث في مستشفى محمد بوضياف‪ ،‬هي عزباء وهي الرابعة في الترتيب بين ‪5‬‬
‫إخوة وأخوات (ذكور‪ .2:‬إناث‪.)3:‬‬
‫خالل كالم أمال‪ ،‬نلخص بعض املعلومات حيث فهمنا أن والدتها كانت عسرة وأن أمها كانت‬
‫مريضة جدا والدخول في املستشفى ملدة طويلة وكانت خالتها هي من تكفلت بها "إيه والدتي كانت‬
‫واعرة بزاف ماما كان عندها حمى كثر من ‪ 40‬أو زيدتني في هذاك النهار‪ ،‬أو صرالها نزيف كبير فوتت‬
‫شحال أو هي في سبيطار مع الدواء‪ ،‬يعني أنا عامي األول مرضعتش منها كنت عند خالتي هي لي‬
‫تهالت فيا عام كامل‪ .‬هي كانت والدتي طبيعية‪ ،‬أو زدت في ‪ 9‬شهور نورمال مي‪(normal mais) 2‬‬
‫كانت الوالدة واعرة كانت ماما قادرة تموت"‪.‬‬
‫وقد كانت الرضاعة متذبذبة في البداية وكانت خالتها هي التي تكفلت بها‪ .‬لكن بعد سنة‬
‫رجعت إلى أمها واستطاعت أن تتكفل بها ورجعت إلى الرضاعة الطبيعية وتقول إنها حتى عندما‬
‫كبرت وتذهب إلى الحضانة‪ ،‬كانت ترضع‪ .‬وعن الفطام تقول إن أختها هي السبب حيث حدث‬
‫الفطام في سن خمس سنوات‪ ،‬يبدو أن االنفصال مع األم لم يكون عاديا وبعد االنفصال في املرحلة‬

‫‪ - 2‬كثيرا ما تكلمت أمال باللغة الفرنسية لكن بنطق معرب وذلك خالل كل خطابها‪.‬‬
‫‪2020‬‬ ‫‪109‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬
‫أ‪ .‬د‪ /‬إكردوشن بعلي زاهية‬ ‫أ‪ .‬لجلط أسماء‬

‫الحرجة أين يبدأ األنا في التشكل‪ ،‬رجعت إلى أحضان أمها ولكن هذه املرة مع صعوبة االنفصال‪.‬‬
‫يمكن القول إن االنفصال الثاني كان صدميا‪ ،‬بعد والدة أختها‪" :‬نور هي السبة نشفا كي كان في‬
‫عمري ‪ 5‬سنين زادت أختي لي بعدي تسما كانت هي ترضع وأنا ما يخليونيش نشفا بابا مكانش يحب‬
‫يشوفني نرضع بيانسور )‪ ."(Bien sur‬نتساءل عن استمرار الرضاعة إلى غاية خمس سنوات‪ ،‬إن لم‬
‫تكون مساهمة في تأخر نضج أمال‪ ،‬فقد بقيت مرتبطة في عالقة تعايشية مع أمها ولم تحدث‬
‫االستقاللية في وقتها‪ ،‬يمكن اعتبار هذا التأخر والذي أتى بعد مشاكل في العالقة األولى‪ ،‬سيما‬
‫الرضاعة‪ ،‬مصدر تأثير مباشر على الجهاز الهضمي عندها‪.‬‬
‫ربطت ظهور املرض لديها ببداية االنفصال عن العائلة عند ذهابها إلى الجامعة ومكوثها في‬
‫الحي الجامعي‪ .‬ما يثير االنتباه هو الطريقة السردية التي تتكلم بها الحالة عن مرضها والتفكير‬
‫العملي وكل الكالم عبارة عن كالم في العملي والحالي والتركيز على التواريخ واألرقام‪ .‬تجد أمال‬
‫صعوبة في متابعة تناول األدوية‪ ،‬خاصة عندما اكتشف الطبيب خلل على مستوى نبضات القلب‬
‫لديها ورغم تأكيد الطبيب على أهمية تناول الدواء‪ ،‬فهي ال تتناوله وال تتذكر حتى اسم الدواء‪.‬‬
‫تقول إنها من قبل مرضت بأمراض أخرى مثل فقر الدم‪ ،‬وكان حادا في السنة الرابعة‬
‫متوسط‪ ،‬كان هذا املرض يزول ويرجع ولكن حاليا ليس بنفس الشدة التي ظهر بها من قبل‪.‬‬
‫عن الحياة الحلمية‪ ،‬تقول إنها تحلم ولكن أحالمها غامضة وال تستطيع فهمها فهي أكثر‬
‫كوابيس‪ .‬تعتبر الكوابيس انعكاسا لفشل التوظيف النفس ي أمام تناول املحتويات التي أثيرت في‬
‫الحلم‪.‬‬
‫بالنسبة للمستقبل فهي تقول إنها تريد تكملة دراستها لكن من أجل إرضاء عائلتها‪ ،‬ما يمكن‬
‫أن يشير إلى رغبة طفولية غير ناضجة في هذا النجاح‪.‬‬
‫تناولت أمال العالقة مع والدتها ووالدها بإيجابية‪ ،‬لكن مع خضوع نوعا ما‪ ،‬تناولت هذه‬
‫العالقة عن بعد‪ ،‬تذكر أنها ال تملك إال عائلتها‪ ،‬لكن دون اإلدالء بالتفاصيل وهي ال تتكلم كثيرا عن‬
‫إخوتها‪ .‬كانت العالقة مع األم جيدة‪ ،‬لكن قدمتها بنوع من االتكالية "ماما تدير لي كلش"‪ .‬بدت‬
‫العالقة مع األب أكثر غموض‪ .‬تبدو أمال غير قادرة لتحمل القلق والصراعات فهي تتأثر إلى درجة‬
‫أنها تتفادى العالقات‪.‬‬
‫‪ -8‬نتائج االختبارالعيادي السيكوسوماتي وتقييم الخطر السيكوسوماتي للحالة أمال‪:‬‬
‫‪ -‬ج ب س – سيكوسوماتية‪ -‬النسخة ‪ .21‬اكتوبر‪ 2010‬الشبكة السيكوسوماتية‪ :‬صممه ج‪ .‬ب‪.‬‬
‫ستورا من ‪ 1993‬الى ‪( 2011‬ترجمة بعلي زاهية‪ ،‬وهو قيد النشر)‪.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫‪110‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬


‫عرض حالة مريضة بالقرحة المعدية‪ :‬تناول سيكوسوماتي إدماجي‬

‫‪ -‬االسم‪ :‬أمال‬
‫ً‬
‫‪ -‬اللقب‪( :‬حفاظا على السرية ال نضعه هنا في هذه الدراسة)‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬تاريخ االزدياد‪( :‬حفاظا على السرية ال نضعه هنا في هذه الدراسة)‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ االختبارالعيادي‪2018/04/05 :‬‬
‫‪ -‬يأخذ الفحص العيادي في االعتبار األبعاد األربعة لبناء وحدة السيكوسوماتية‬
‫العمليات واملكانزمات النفسية‪ ،‬املظاهر املزاجية للسلوك‪ ،‬أنشطة اإلعالء‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫العالمة‬ ‫‪ -‬تفش ي السلوكات املرضية‪.‬‬
‫‪ -‬قدرة التعبير عن املشاعر‪.‬‬
‫‪ -‬املخاطر املرتبطة باملحيط العائلي واملنهي‪.‬‬
‫العمليات واملكانيزمات النفسية‪-1 ،‬توظيف نفس ي متوازن القدرة على إعادة تذكر‬
‫العمليات واألساليب النفسية‪ ،‬املاض ي‪ ،‬والقدرة على ذهاب وإياب بين الحاضر‬
‫واملاض ي‪ ،‬أي القدرة على اإلرصان النفس ي التي‬ ‫‪ -‬املحور ‪ :1‬أ‪ :‬العالقة باملوضوع‬
‫تحدث عنها مارتي‪.‬‬ ‫‪ -1‬وجود املوضوع‬
‫‪ -2‬تقييم البعد النرجس ي (حضور ‪ -2‬عدم االنتظام في األداء العقلي‪ -‬طغيان آني‬
‫إلمكانية األداء العقلي تحت فائضا إلثارة أو كبت‬ ‫األنا العظمى‪ ،‬األنا املثالي)‪.‬‬
‫التصورات‪.‬‬ ‫‪ -3‬للبعد املازوش ي‪.‬‬
‫‪ -4‬سمك ما قبل الشعور (الخيال‪ - ،‬يمكن القول إن هنا تأسيس ما قبل املوضوع‪،‬‬
‫لكن الفراق في عام مع األم البديل‪ ،‬منع استدخال العالمة‬ ‫التداعيات‪ ،‬األحالم)‪.‬‬
‫‪ -‬املحور ‪ :1‬ب‪ :‬الحالة النفسية املوضوع األولي واضطراب العالقة مع األم‪ .‬وقد رأينا ‪4‬‬
‫وأحداث الحياة الشخصية‪ :‬القلق أنها لم تتقبل الفطام وهي في الخامسة من عمرها‪.‬‬
‫الحداد الكآبة الصدمات‪ ،‬تأثير كانت والدة أختها الصغرى صدميا بالنسبة لها‬
‫فرض عليها االنفصال عن األم دون القدرة من‬ ‫الثقافة‬
‫‪ -‬املحور ‪ :1‬ج‪ :‬التثبيتات الجسدية‪ ،‬اتخاذ بعد معها‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم كفاية الحياة والتفكير العملي‪.‬‬ ‫التثبيتات النفسية‪.‬‬
‫املحور‪ 1‬د‪ :‬امليكانيزمات الدفاعية ‪ -4‬ضغوطات مؤقتة عقب الدراسة ومشاكل الحي‬
‫الجامعي غير املتحمل بتاتا والذي تطرح مشكل‬ ‫املحور‪1‬هـ‪ :‬وجود سمات طبع‪:‬‬
‫تحدي لتوازنها النفس ي‪.‬‬ ‫الرهاب الهستيري املنحرف‪.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫‪111‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬


‫أ‪ .‬د‪ /‬إكردوشن بعلي زاهية‬ ‫أ‪ .‬لجلط أسماء‬

‫‪ -5‬اختالل النظام حيث غياب كلي للتصورات‪،‬‬ ‫في الهيمنة الفمية‬


‫عدم تحمل الصراعات فهي‪ ،‬في حالة تفكير عملي‪.‬‬ ‫في الهيمنة الشرجية‬
‫قضيبي ‪-‬نرجس ي العالقة سادو‪ -‬تظهر أمال كفتاة متكيفة مع الوضع‪ ،‬ما يمكن أن‬
‫يخدع تصورنا في الوهلة األولى‪ ،‬لتوظيفها النفس ي‪.‬‬ ‫مازوشية‬
‫أمال تشبه وصف "العادي املرض ي"‬ ‫املحور‪ 1‬و‪ :‬أنشطة اإلعالء‬
‫»‪ «normopathes‬لجويس ماكدوغال ‪Joyce‬‬
‫‪ .McDougall‬هي فتاة نشيطة‪ ،‬منطقية لها القدرة‬
‫على السيطرة والتحكم في الوضع لحماية نفسها‪.‬‬
‫أنها متكيفة تماما في بيئتها إال عندما تتغير البيئة‬
‫مما يسبب لها صعوبة في قدرتها على التكيف‪ .‬إن‬
‫هذه املعطيات تتفق تماما مع ما وصفه بيار مارتي‬
‫بعالقة حساسية باملوضوع‪ .‬كل تقارب مع الجسم‬
‫يشكل تهديدا لها‪ .‬فعائلتها هي الوحيدة التي ال تخلق‬
‫لها أعراض الرهاب‪.‬‬
‫أمال امرأة نشيطة وحياتها كلها يهيمن عليها‬
‫السلوك‪ .‬هناك انعدام كلي لألنشطة الثقافية‪،‬‬ ‫‪ -‬مدى انتشارالسلوكيات‪:‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪ -1‬السلوك مراقب ومتكامل‪ -2 .‬فهي ال تتناولها كلية وال تبدو مهتمة بها‪ .‬ولكن نجد‬
‫أن لديها قدرة على األحالم‪ .‬ما قبل شعورها ثريا رغم‬ ‫ضعيفة‪ -3 .‬متوسط‪ -4.‬شديدة‬
‫أن األحالم يديها عبارة عن كوابيس‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على التعبير عن‬
‫العواطف‬
‫املشكل الرئيس ي ألمال هو انقطاع التصورات‬
‫‪ -1‬تصور وجدانات متكاملة‪.‬‬
‫العقلية عن الوجدانات لديها‪ .‬طغت املشاعر بقوة‬
‫‪ -2‬الكبت مع ثالث مصائر ممكنة‬
‫‪4‬‬ ‫عليها والتي تؤدي إلى التفجير الفوري ألزمات‬
‫(رهاب السفر والوسواس‪ ،‬تفكك‬
‫تقرحات املعدة التي تخافها كثيرا ملا تسبب لها من‬
‫التصورات مثل‪ :‬الهستيريا‪،‬‬
‫معاناة‪.‬‬
‫التحويالت‪ :‬كعصاب القلق)‪.‬‬
‫‪ -3‬هيمنة ملشاعر حيوية في‬

‫‪2020‬‬ ‫‪112‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬


‫عرض حالة مريضة بالقرحة المعدية‪ :‬تناول سيكوسوماتي إدماجي‬

‫العالقة‬
‫‪ -4‬وجدانات تمثل ذاكرة لتجربة‬
‫صادمة ال يمكن استدخالها‪.‬‬
‫‪ -5‬التكتم (اليكسيثيميا)‪.‬‬
‫‪ -‬مخاطرمرتبطة بالبيئة‪:‬‬
‫‪ -‬طبيعة املحيط‪.‬‬
‫أمال في محيطها العائلي مستقرة نسبيا‪ .‬تمكنت‬ ‫‪ -‬البيئة األسرية والبيئة املهنية‪.‬‬
‫‪ -‬يهدف الفحص إلى تقييم القدرة هذا العام‪ ،‬جو املحيط الدراس ي مستقر نسبيا إال‬
‫على التكيف و‪/‬أو الضرر املحتمل أنه ضاغط بأعبائه‪ .‬تبقى بعيدا عن أسرتها في الحي‬
‫الجامعي الذي تعاني منه‪ .‬أنها تحد عالقاتها إلى أدنى‬ ‫للصحة السيكوسوماتية‬
‫حد‪.‬‬ ‫(صدمات)‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫يمكن القول إن إحالتها إلى العالج النفس ي من شأنه‬ ‫‪ -1‬مستوى ممرض ي جدا‪.‬‬
‫‪ -2‬ممرض ي إصابة طفيفة مؤقتة‪ .‬أن يعزز قدراتها على التكيف والعالقات‪ .‬حالتها‬
‫حاليا في تحسن‪.‬‬ ‫‪ -3‬صعوبات معتدلة‪.‬‬
‫أمال تستجيب كثرا بجسمها وهي تعاني من عدة‬ ‫‪ -4‬إصابة هامة‪.‬‬
‫أمراض‪ ،‬أحيانا تكون على شكل أزمة خطيرة‪.‬‬ ‫‪ -5‬إصابة كبيرة تؤدي إلى عدم‬
‫القدرة على العمل املؤقت‪.‬‬
‫‪ -6‬عجز دائم على التوظيف‬
‫املستقل‬
‫‪ -‬التشخيص وفقا لتصنيف األمراض السيكوسوماتية‪:‬‬
‫الحالة لديها عصاب السلوك‪ ،‬وعالقة حساسية باملوضوع‪..‬‬

‫تقييم الخطر الجسدي‬ ‫املحور ‪5:‬‬


‫‪ 5‬مستويات‪:‬‬
‫خطر عالي جدا‬
‫انطالقا من نتائج املالحظة والتشخيص والتنبؤات املقدمة‬
‫خطر عالي‬
‫من طرف أطباء العميل‪.‬‬
‫خطر متوسط‬
‫خطر ضعيف‬

‫‪2020‬‬ ‫‪113‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬


‫أ‪ .‬د‪ /‬إكردوشن بعلي زاهية‬ ‫أ‪ .‬لجلط أسماء‬

‫غياب الخطر‬
‫التقييم الشامل للعمليات السيكوسوماتية‬
‫تقريب الخطر النفس ي للخطر‬
‫الجسدي لتحقيق التقييم الشامل‪ .‬يجب مقارنة الخطر النفس ي (املوجود في الجدول أدناه للمأل)‬
‫مع الخطر الجسدي املقدم من طرف األطباء‪ ،‬لنصل إلى‬ ‫* فرد في خطر عالي ‪ -‬عدم‬
‫تقييم الخطر السيكوسوماتي الشامل‬ ‫االستقرار الكلي للوحدة‬
‫تقييم التقارب والتباعد بين الخطرين في عالقة ديناميكية‬ ‫السيكوسوماتية الغير منظمة‪.‬‬
‫* فرد في خطر متوسط ‪ -‬احتمال متبادلة بينهما حسب نظرية النظم (جان بن جامين ستورا‪.‬‬
‫الرصيد‪ :14‬والدي يعني حسب شبكة ستورا ما يلي‪:‬‬ ‫انتكاس األعراض‪ ،‬إعادة التنظيم‪،‬‬
‫انطالقا من نقاط التثبيت‪ .‬مراقبة الخطر السيكوسوماتي متوسط إلى عالي الخطورة – إمكانية‬
‫االنتكاس‪ ،‬هناك تفاؤال بالنسبة للمستقبل‪ .‬لكن في غياب‬ ‫احتمال عدم االستقرار‪.‬‬
‫العالج النفس ي يصعب تحقيق االستقرار‪ .‬والسماح لها‬ ‫* فرد فيخطر ضعيف‪ ،‬إمكانية‬
‫بتحمل املزيد من الصراعات وكذلك باملصالحة مع اآلخرين‬ ‫عالية إلعادة التنظيم‪.‬‬
‫والخروج من االنعزال عن اآلخرين‪.‬‬ ‫* موضوع مستقر في حالة تجاوز‬
‫عابر للجهاز النفس ي‪.‬‬
‫إمضاء املعالج النفس ي السيكوسوماتي‬
‫يمكننا الوصول إلى االستنتاج والتنبؤ من خالل التشخيص املقدم في الجدول أعاله‪ ،‬أن‬
‫املشكلة األساسية لدى هذه الحالة هي عدم الحصانة النفسية لديها (فهي قابلة لالنجراح)‪ ،‬كما‬
‫ستعاني الحالة من صعوبات التقيد بالعالج الدوائي مستقبال‪ ،‬ولهذا نوص ي بمتابعة العالج النفس ي‬
‫بالتزاوج مع العالج الدوائي‪ .‬وهو ما يفيد األطباء الذين هم بحاجة لنتائج أفضل لتقييم تطور‬
‫مرضاهم‪.‬‬
‫‪ -9‬الخالصات العامة ومناقشة الفرضيات‪:‬‬
‫من خالل تقديمنا لحالتنا هذه‪ ،‬حاولنا التعرف على نوعية التوظيف السيكوسوماتي لديها‬
‫وذلك حسب التوجه النظري اإلدماجي التكاملي النفس ي‪ ،‬لجان بنجمان ستورا‪ ،‬صاحب النظرية‬
‫السيكوسوماتية التكاملية اإلدماجية‪ .‬تخضع الصيرورة النفسية لدينامكية التوظيف النفس ي‬
‫الذي كلما تميز بآليات دفاعية عقلية متنوعة‪ ،‬كلما كان التعامل مع ضغوط الحياة ناجعا‪ ،‬وبأقل‬

‫‪2020‬‬ ‫‪114‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬


‫عرض حالة مريضة بالقرحة المعدية‪ :‬تناول سيكوسوماتي إدماجي‬

‫احتمال لظهور األمراض الجسدية‪ ،‬فيكون الجسم محمي مؤقتا من األمراض‪ ،‬لكن هذا التوظيف‬
‫النفس ي ليس الوحيد الذي يواجه الضغوطات‪.‬‬
‫فبعد سبع مقابالت‪ ،‬تمكنا من الحصول على املعلومات الالزمة حول حالتنا وبالتالي ملء‬
‫شبكة تقييم املخاطر النفسية الجسدية التي أنشأها األستاذ ستورا‪ .‬لقد كشفت لنا هذه الشبكة‬
‫بالفعل‪ ،‬عن أهميتها لتقدير املخاطر النفسية الجسدية عند حالتنا‪ .‬في الواقع‪ ،‬وكما أشار ستورا‪،‬‬
‫فمن املهم أن نأخذ بعين االعتبار البعد النفس ي والعضوي قبل الشروع في مغامرة الرعاية‪.‬‬
‫لقد تبين من خالل املقابلة نصف املوجهة لـ "أمال" أنها تقبلت الحديث مع مختص النفس ي‬
‫إال أنه لم يكون هناك تفاعل حقيقي‪ ،‬حيث كانت التصورات فقيرة والعالقة جافة والتي ظهرت في‬
‫صعوبة التأقلم في الحي الجامعي وإقامة العالقات مع األفراد‪ .‬كانت الرضاعة مستمرة فقط بعد‬
‫عام‪ ،‬أما قبلها فقد كانت اصطناعية وخالتها هي التي لعبت دور البديل ألمها‪ ،‬إذ كانت هذه األخيرة‪،‬‬
‫في املستشفى بعد والدة عسرة ألمال‪ .‬يمكن القول إن املوضوع القبلي (‪ )pré-objet‬قد تأسس‪ ،‬في‬
‫البداية فالحالة تبدو حاضرة لها ومستجيبة لها‪ ،‬لكن يبقى هذا افتراض فقد يجب أخذه بنسبية‪،‬‬
‫إذ نالحظ أنه من املحتمل أنها بكت كثيرا في البداية عند الفراق مع األم وهي ما يمثل عندها فقدان‬
‫املوضوع األولي‪ ،‬يمكن توقع أن الحليب الذي كانت ترضعه لم يكون الئقا لها وأدى إلى ظهور‬
‫تشنجات في الثالثي األول‪ .‬يمكن أنها بكت كثيرا في هذه املرحلة الفمية أين يتأثر الجهاز الهضمي‬
‫ويظهر عليه خلل‪ ،‬ما جعله هشا‪.‬‬
‫فالتقدير النفس ي الجسدي لـ "أمال" حسب شبكة ستورا بين بوضوح أنها تعاني من‬
‫اضطرابات نرجسية‪ ،‬ما يتجلى في فقر الحياة الهوامية‪ ،‬والتصورات‪ ،‬وما يؤشر بدوره إلى توظيف‬
‫سيكوسوماتي "مؤشر ملآل سلبي لتطور مرض أمال"‪.‬‬
‫انطالقا من املعطيات السابقة تتحقق الفرضية األولى التي تنص على أنه‪:‬‬
‫‪ -‬يكشف التوظيف السيكوسوماتي‪ ،‬لدى املرأة املريضة بالقرحة املعدية‪ ،‬عن الهشاشة‬
‫السيكوسوماتية وذلك من خالل التقييم العام للمخاطر النفسية الجسدية‪ ،‬التي وضعها ج‪ .‬ب‪.‬‬
‫ستورا‪.‬‬
‫إن تطور املرض متذبذب فأحيانا تجد صعوبة في متابعة حميتها ودوائها‪ ،‬وأحيانا أخرى‬
‫تحترم عالجها وحميتها ولكن نالحظ أن ذلك ممكنا خاصة بدعم املحيط‪ ،‬لذلك يمكن القول إن‬
‫تشخيص الطبيب الذي بين أن القرحة املعدية لدى أمال شديدة تتماش ى مع الهشاشة النفس‬
‫جسدية املدركة في التشخيص النفس جسدي وبذلك تتحقق الفرضية الثانية والتي تنص أنه‪:‬‬
‫‪ -‬تتماش ى هذه الهشاشة مع درجة خطورة املرض كما يحددها الطبيب‪.‬‬
‫‪2020‬‬ ‫‪115‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬
‫أ‪ .‬د‪ /‬إكردوشن بعلي زاهية‬ ‫أ‪ .‬لجلط أسماء‬

‫ونستنتج في األخير أن دراستنا قد خلصت بنفس النتائج التي خلصت بها دراسة اكردوشن‬
‫بعلي زاهية (‪ )2017‬بعنوان‪ :‬دراسة نفسية عن تجربة الحمل لدى امرأة مصابة بالربو‪ :‬حالة أمينة‪.‬‬
‫أين استخدمت فيها نفس األدوات التي استخدمناها وهي املقابلة وشبكة ستورا لتقييم املخاطر‬
‫النفسية‪ .‬وتوصلت فيها الباحثة أن الحالة الحامل أمينة تعانيا من هشاشة نفسية الناتجة عن‬
‫توظيف سيكوسوماتي س يء وهو ما جعلها تصاب بالربو‪ ،‬أي نفس ما نبحث ونسعى له خالل هذه‬
‫الدراسة‪ ،‬فقد توصلنا إلى أن الحالة أمل تعاني من هشاشة نفسية ناتجة عن توظيف‬
‫سيكوسوماتي س يء وهو ما جعلها قابلة لإلنجراح ونتج عنه مرض القرحة املعدية‪.‬‬
‫كما توصلنا إلى نفس ما توصلت له بقيت الدراسات السابقة التي استعننا بها في دراستنا‪:‬‬
‫"دراسة النهج التحليلي النفس ي للعقم" الذي تم االستعانة فيه بالتفسير السيكوسوماتي االدماجي‬
‫التكاملي‪ ،‬وهو ما استخدمناه في هذه الدراسة‪ ،‬ودراسة "النهج النفس ي الجسدي التكاملي‪ :‬حالة‬
‫واحدة سريرية في سياق الحمل مع التهاب املفاصل والسكري والغدة الدرقية" والتي تبحث في ظهور‬
‫إلتهاب املفاصل والسكري والغدة الدرقية عند الحامل وتوصلت إلى أن تلك االضطرابات تظهر‬
‫نتيجة التوظيف السيكوسوماتي الس يء والذي جعل املرأة الحالة الحامل تعاني هشاشة نفسية ما‬
‫نتج عنها معظم تلك االضطرابات السيكوسوماتية‪ .‬وهو نفس ما توصلنا له بدراستنا‪.‬‬
‫‪ -10‬االستنتاج العام‪:‬‬
‫تبين من خالل بحثنا هذا‪ ،‬أن حالتنا عاشت حرمان أمومي واضحا في املراحل األولى من‬
‫نموها حيث ظهر هذا الحرمان األمومي في مرحلة الرضاعة‪ ،‬والتي تقابل املرحلة الفمية في التحليل‬
‫النفس ي‪ .‬ما يتضح كجديد في توجه ستورا هو إعطائنا فرصة لفهم العالقة بين النفس والجسد‬
‫بطريقة شاملة‪ ،‬فقد رأينا أن ما أتى به التحليل النفس ي يبقى مهم وفعال‪ ،‬لكن ليس باملفهوم‬
‫الكالسيكي‪ ،‬فنظرية ستورا تحاول أن تشرح‪ ،‬كيف أنه في مسار النضج النفس جنس ي الذي تكلم‬
‫عنه فرويد‪ ،‬هناك صدمات التي تحدث في مراحل مختلفة‪ ،‬تؤدي هذه الصدمات إلى مشاكل‬
‫تكوينية ووظيفية ألجهزة مختلفة التي تكون في صدد البناء الوظيفي في تلك املرحلة التي حدثت فيها‬
‫الصدمة‪ .‬فبدل التفكير بتأثير الجانب النفس ي وحده في البنية النفس‪-‬جسمية‪ ،‬من األجدر التفكير‬
‫بعالقة متكاملة بين مختلف األجهزة وكيف تستجيب بنظامها الخاص لتغيرات املحيط املختلفة‪.‬‬
‫وفي هذه الخطوة املتواضعة‪ ،‬استطعنا أن نلتمس أهمية التناول العيادي لحالتنا وأهمية‬
‫التآزر معها؛ لقد لفتت انتباهنا‪ ،‬الهشاشة النفسية والجسدية وضرورة العمل بحذر معها ألننا ال‬
‫نعرف متى يحدث االنحالل‪ ،‬وربما ال يحمد عقباه‪ ،‬لهذا فنحن أتينا ببعض التوصيات التي نود أن‬
‫نقدمها في عملنا هذا وهي‪:‬‬
‫‪2020‬‬ ‫‪116‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬
‫عرض حالة مريضة بالقرحة المعدية‪ :‬تناول سيكوسوماتي إدماجي‬

‫‪ -‬ضرورة الكفالة النفس ي مع املرض ى الجسديين‪ ،‬باألخذ بعين االعتبار الهشاشة التي يتواجدون‬
‫فيها‪ ،‬وهنا نوص ي باالستقصاء بحذر معهم لكيال تتفاقم وضعيتهم‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة العمل بتعاطف وتفادي الحيادية معهم‪ ،‬ألن الهشاشة النفسية أحيانا مهمة إلى درجة‬
‫يجب علينا كمختصين القيام بعمل التقوية النفسية لالستجابة أحسن للضغوطات‪ ،‬ما يتنافى مع‬
‫املوقف الحيادي الذي يتخذه املحلل النفساني‪.‬‬
‫‪ -‬أهمية التكوين في هذا التخصص وعدم االكتفاء بالتكوين الكالسيكي الذي ال يميز في تدخله بين‬
‫املرض ى العصابيين واملرض ى السيكوسوماتيين‪.‬‬
‫‪ -‬أهمية القيام ببحوث على مجموعات بحث أكثر عددا لفتح مجال لفهم الصيرورة النفس جسدية‬
‫في ظهور االضطرابات املختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬الخاتمة‪:‬‬
‫بعد تناولنا لهذه الدراسة بموضوع عرض حالة مريضة بالقرحة املعدية‪ :‬تناول‬
‫سيكوسوماتي إدماجي‪ ،‬تم فيها التعرف على القرحة املعدية كاضطراب سيكوسوماتي لدى الحالة‬
‫أين استطعنا أن نلتمس أهمية التناول العيادي اإلدماجي التكاملي والتركيز على الهشاشة النفسية‬
‫والجسدية معا باالعتماد على نظرية البروفيسور ستورا واستخدام نفس األدوات التي طور بها‬
‫نظريته واملتمثلة في ورقة موجزة تقدم للمريض والتي تعتمد على طريقة تقييم وتشخيص الصحة‬
‫النفسية‪ .‬التقييم العام للمخاطر النفسية‪ ،‬إصدار‪ ،2011‬وكذلك استخدمنا االستبيان ونقاط‬
‫االنتشار التي تحدد وجود االضطراب السيكوسوماتي‪ .‬وتوصلنا في نهاية هذا العمل عن الكشف‬
‫عن أهمية التعاطف مع املرض ى جسديا‪ ،‬ألنهم يعانون من الهشاشة النفسية وانعكاساتها السيئة‬
‫على صحة العميل النفسية والجسدية‪.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫‪117‬‬ ‫المجلد الخامس (‪ )5‬العدد الأول (‪)1‬‬


‫ إكردوشن بعلي زاهية‬/‫ د‬.‫أ‬ ‫ لجلط أسماء‬.‫أ‬

:‫ قائمة املراجع‬-
‫ أساليب مواجهة الضغوط عند الصحيحات واملصابات‬.)2004( .‫ سليمان تركي‬،‫ العنزي أمل‬-
‫ كلية التربية وعلم‬.‫ رسالة ماجستير غير منشورة‬.‫باالضطرابات النفسجسمية السيكوسوماتية‬
.‫ جامعة ملك سعود‬.‫النفس‬
‫ سلسلة‬،‫ صادق عادل‬:‫ مراجعة‬،‫ معجم مصطلحات الطب النفس ي‬،)‫ ت‬-‫ (د‬،‫ الشربيني لطفي‬-
‫ مركز تعريب العلوم الصحية ومؤسسة الكويت للتقدم‬:‫ الكويت‬،‫املعاجم الطبية املتخصصة‬
.‫العلمي للنشر‬
- Damasio, A. (1999), Le Sentiment même de soi, corps, émotions conscience, Paris, O.
Jacob
- Ikardouchene Bali Zahia. (2015). Abord psychosomatique intégratif de la grossesse à
risque, DU psychosomatique intégrative, soutenu à Paris 6, Pierre et Marie Curie,
France, le 03 septembre. (2015). Sous encadrement du professeur J.B. Stora.
- Ikardouchene Bali Z., Ait Mouloud Y. (2018). Approche psychosomatique
intégrative : cas clinique dans le cadre d’une grossesse avec des inflammations
articulaires, le diabète et l’hypothyroïdie. Revue Elbahith en sciences humaines et
sociales, revue universitaire des sciences humaines et sociales, N° 32, janvier 2018
- Ikardouchene Bali Z., Stora J.-B., (2018) “The experience of pregnancy at risk”: the
point of view of integrative psychosomatic. Psychological & Educational studies, Vol
11, N° 1, Jun 2018. PP. 280-291.
- Marty, Pierre. (1980). L’ordre psychosomatique. Paris: Payot.
- Panksepp, J. Affective Neuroscience: The Foundations of Human and Animal Emotions.
New York: Oxford University Press; 1998.
- Stora J.B. (1999). Quand le corps prend la relève, Paris, Odile Jacob.
- Stora, Jean Benjamin. (1999). Quand le corps prend la relève, Stress, traumatismes et
maladies traumatiques. Paris : Odile Jacob, 293P.
- Stora, Jean Benjamin. (2011a). La psychosomatique de l’adulte. Paris : PUF, 8ème édition
- Stora, Jean Benjamin. (2011b). Neuropsychanalyse, Controverses et dialogues, Paris :
MJW Fédition, P. 135.
2020 118 )1( ‫) العدد الأول‬5( ‫المجلد الخامس‬
‫ تناول سيكوسوماتي إدماجي‬:‫عرض حالة مريضة بالقرحة المعدية‬

- Stora, Jean Benjamin. (2013). La nouvelle approche psychosomatique : 9 cas clinique,


Paris : MJW Fédition, 8ème édition, P. 266.
- Widlocher, D. (1973). « Le développement de la personnalité », point de vue
psychanalytique. In traité de psychologie de l’enfant. Vol 5. Paris : PUF.

2020 119 )1( ‫) العدد الأول‬5( ‫المجلد الخامس‬

You might also like