You are on page 1of 4

‫‪:‬محاضرات في مقياس ابستمولوجيا العلوم االجتماعية‪ /‬دروس توجيهية تابع‬

‫السنة الثانية ليسانس‬


‫األستاذ‪ :‬زازوي موفق‬
‫قسم العلوم االجتماعية‬
‫شعبة األنثروبولوجيا‬
‫المحاضرة الثالثة‪ :‬علم النفس‬
‫تمهيد‪ :‬هو أحد العلم اإلنسانية المقصود بهذه العلوم ‪ ،‬تلك العلوم التي تتخذ‬
‫اإلنسان كموضوع للبحث ‪.‬و هو ذلك العلم الذي يهتم بالحياة النفسية لهذا الكائن‬
‫الحي المعقد‪.‬و دراسة اإلنسان تعد من أشد الكائنات تعقيد‪ ،‬لتعقد أبعاده و المتالكه‬
‫‪.‬الوعي و اإلرادة الحرية في الفعل‬
‫فإذا كان علم االجتماع يتناول اإلنسان من الناحية االجتماعية و علم التاريخ يتناوله‬
‫من الناحية التاريخية أي في بعدة الماضي التاريخي االقتصاد من الزاوية‬
‫‪.‬المعاشية‪....‬فان علم النفس يدرسه ككائن يعيش حادث نفسية‬

‫موضوع علم النفس يتمثل في دراسة الحوادث النفسية كالخوف و األلم و الغضب ‪-‬‬
‫‪...‬و الفرح و التخيل‬

‫‪.‬طبيعة الحادثة النفسية‪ :‬تصدر عن اإلنسان ككل فه الوحيد الذي يعيشها ‪-‬‬
‫و هي تختلف عن الظاهرة الطبيعية فهذه األخيرة ال تحركها اإلرادة هي تتكرر‬
‫‪.‬عدة مرات دون أن تفقد من طبيعتها‬

‫‪.‬أما الحادثة النفسية تغمرها الحيوية بدون انقطاع و أنها ذاتية و موضوعية‬

‫قلنا سابقا إن طبيعة الموضوع هي التي تفرض المنهج *‬


‫إذن كيف يمكن أن نفهم هذه الحادثة النفسية؟‬
‫إن المنهج الذي يعمل به علم النفس مستوحى من طبيعة الموضوع الذي يهتم‬
‫بدراسته‪ .‬و لما كانت الحادثة النفسية ذات مظهرين داخلي و خارجي فكان ال بد أن‬
‫‪.‬يعتمد علم النفس على منهجين‬
‫‪ -/1‬المنهج االستبطاني‪ :‬أو ما يعرف بالتأمل الباطني يعتبر قديما و ه‪GG‬و منهج مف‪GG‬اده‬
‫تحليل اإلنسان لحادثته النفسية أثناء وقوعها ‪ .‬لذلك يعرف على أنه انعكاس الش‪GG‬عور‬
‫على النفس بغي‪GG‬ة التع‪GG‬رف على م‪GG‬ا فيه‪GG‬ا من أح‪GG‬وال نفس‪GG‬ية‪ .‬بحيث يلج‪GG‬ا الف‪GG‬رد إلى‬
‫وصف ما يجري في نفس‪G‬ه من ه‪G‬ذه األح‪G‬وال‪ .‬ان‪G‬ه يق‪G‬وم على إدراك ال‪G‬ذات ل‪G‬ذاتها و‬
‫خدمة إغراض علمية‪ .‬انه يقوم على إدراك ال‪GG‬ذات ل‪GG‬ذاتها بحيث ينقلب الش‪GG‬خص في‪GG‬ه‬
‫إلى مالح‪GG‬ظ و مالح‪GG‬ظ أي إلى دارس و م‪GG‬دروس‪ .‬وظلت ه‪GG‬ذه الطريق‪GG‬ة س‪GG‬ائدة أم‪GG‬دا‬
‫طويال مدعمة بدعوى وحدة الطبيعة البش‪GG‬رية متجاهل‪GG‬ة الف‪GG‬روق الفردي‪GG‬ة في الطبيع‪GG‬ة‬
‫البش‪GG‬رية ه‪GG‬ذه‪ .‬و ك‪GG‬انت قب‪GG‬ل أن يس‪GG‬تقل علم النفس بذات‪GG‬ه متبع‪GG‬ة من ط‪GG‬رف بعض‬
‫المفكرين أمثال مونتاني و ديكارت و بسكال‪ .‬لكن لم تلبث أن انكشف قص‪GG‬ورها من‬
‫نواحي عدة‬
‫ولما كان هذا المنهج مستحيال و لما كان اإلنسان غاض‪GG‬با مثال أثن‪GG‬اء الحال‪GG‬ة النفس‪GG‬ية‪.‬‬
‫فكر علماء النفس في انتقاد هذا المنهج و أصبح االستبطان استرجاعا هذا ما ي‪GG‬دعى‬
‫ب‪ Introspection:‬أي بعد إراحة اإلنسان يطالب منه أن يصف ح‪GG‬االت الغض‪GG‬ب‬
‫التي ك‪GG‬ان يعيش‪GG‬ها‪ .‬أي الع‪GG‬ودة إلى ال‪GG‬ذاكرة أي إلى م‪GG‬ا يت‪GG‬ذكره اإلنس‪GG‬ان من ح‪GG‬االت‬
‫نفسية عاشها اإلنسان‪.‬‬
‫إن التحلي‪GG‬ل ال‪GG‬ذاتي ب‪GG‬المعنى ال‪GG‬دقيق للكلم‪GG‬ة‪ ،‬عملي‪GG‬ة عس‪GG‬يرة ج‪GG‬دا إن لم تكن أم‪GG‬را‬
‫مستحيال‪.‬فكيف يمكن تحليل الحوادث النفسية و هي ال تنقط‪GG‬ع عن الديموم‪GG‬ة؟ فأن‪GG‬ا ال‬
‫أستطيع دراسة أو مالحظة حالتي الهيجانية في الوقت الذي أكون منفعال ‪.‬الن مجرد‬
‫التفكير فيها و هي تنتابني من شأنه أن يخفف من حدته ولهذا يوصف التحليل ال‪GG‬ذاتي‬
‫بأنه تحليل استرجاعي ‪INTROSPECTION RETROPECTIVE:‬‬
‫و عملية االسترجاع هذه ليست أبدا إعادة صادقة للماضي‪.‬إنما إعادة تنظيم الماضي‬
‫بشكل جديد‪.‬فاقد للح‪GG‬رارة األص‪GG‬لية في األغلب‪.‬ثم إن ه‪GG‬ذه الطريق‪GG‬ة ال يمكن تطبيقه‪GG‬ا‬
‫إلى على الذي يحسن إلى حد ما اإلفصاح عن نفسه ‪.‬‬
‫و بالرغم من المحاوالت التي قام بها العلماء إلص‪GG‬الح ه‪GG‬ذه الطريق‪GG‬ة إال أن‪GG‬ه يمكن‬
‫القول أنها بقيت محدودة و ال تؤدي إال إلى نتائج ذاتية‪.‬‬
‫نقد و مناقشة‪:‬‬
‫إن هذه الطريقة من شأنها أن تؤدي الى نتائج ذاتي‪G‬ة ألن اإلنس‪G‬ان ال يمكن‪G‬ه اإلفص‪G‬اح‬
‫عن كل ما يجول في داخله من أحال نفسية فقد يحتفظ ببعضها لنفسه‪.‬‬
‫ان هذه الطريقة ال يمكن تطبيقها على االطفا و المجانين ألنه تعتمد على اللغة‬
‫اللغة ذاتية ألننا نتفاوت في امتالك اللغة‪.‬‬
‫ان هذه الطريقة تعتمد على الذاكرة و نحن نعلم ان الذاكرة ليس‪GG‬ت امين‪GG‬ة أو وفي‪GG‬ة في‬
‫استرجاع الماضي بدقة فالذاكرة كما قيل خير لها أن تكون نساءة‪.‬‬
‫نص لالستعانة به في نقد االستبطان‪:‬‬
‫نق‪G‬د االس‪G‬تبطان‪ :‬ألوغس‪G‬ت ك‪G‬ونت‪ :‬و ه‪G‬و مؤس‪G‬س المدرس‪G‬ة الوض‪G‬عية ال‪G‬تي تس‪G‬تبعد‬
‫الشعور و كل ما هو باطني ألنه يعتبر من الضالالت الميتافيزيقية‪.‬‬
‫يقول‪ :‬يالحظ انه ال مكان بأي وجه من الوجوه لعلم النفس الوهمي هذا الذي هو آخر‬
‫تحول للهوة و الذي يراد عبث‪GG‬ا بعث‪GG‬ه الي‪GG‬وم من جدي‪GG‬د و ال‪GG‬ذي من دون أن يك‪GG‬ترث ال‬
‫بالدراسة الفيزيولوجية ألعضائنا الذهنية ال بمالحظ‪G‬ة الط‪G‬رق المنطقي‪G‬ة ال‪G‬تي توج‪G‬ه‬
‫بالفع‪GG‬ل مختل‪GG‬ف أبحاثن‪GG‬ا العلمي‪GG‬ة اذ ي‪GG‬دعي التوص‪GG‬ل إلى الكش‪GG‬ف عن ق‪GG‬وانين الفك‪GG‬ر‬
‫البشري األساسية بتأمله هو في ذاته أي بإهم‪GG‬ال ك‪GG‬ل من األس‪GG‬باب و النت‪GG‬ائج إهم‪GG‬اال‬
‫كليا‪.‬‬

‫‪ -/2‬الطريقة الموضوعية‪/ :‬المنهج الموضوعي‬


‫ان علماء النفس الكالسيكيون أنفسهم لم يتجاهلوا نقص االس‪GG‬تبطان ض‪GG‬عف مهمت‪GG‬ه‪.‬‬
‫فحالوا اإلعراض عنه بالمالحظة الخارجية أي بمالحظة الغير‪ .‬هذا من جه‪GG‬ة و من‬
‫جهة أخرى ‪ ،‬إن الفروض التي ينطل‪GG‬ق منه‪GG‬ا العقلي‪GG‬ون المتطرف‪GG‬ون ال‪GG‬تي بمقتض‪GG‬اها‬
‫يعتبر الكائن البشري نوعا من العقل الخالص‪ ،‬جاء ال‪GG‬وقت لتتن‪GG‬ازل و ت‪GG‬ترك المك‪GG‬ان‬
‫لتصور أكثر تفتحا منهاج يقف على سلوك الغير من الناحية الموضوعية الخارجية‪.‬‬
‫و هذا المنه‪G‬اج يش‪G‬به المن‪G‬اهج المعروف‪G‬ة في العل‪G‬وم الطبيعي‪G‬ة اذ يق‪G‬وم على دراس‪G‬ة‪،‬‬
‫قوامها المالحظة الظاهرية أو التجربة ال‪GG‬تي تظبطه‪GG‬ا داخ‪GG‬ل المخ‪GG‬ابر‪ ،‬آالت خاص‪GG‬ة‪.‬‬
‫من هنا يمكن التمييز بين سلسلتين من الطرائق‪:‬‬
‫‪ -/1‬األولى هي مجرد امتداد للمالحظة و هي المس‪GG‬تعملة في الس‪GG‬يكولوجيا التكويني‪GG‬ة‬
‫من أجل دراسة المراحل التي يجتازها الك‪G‬ائن الحي في نم‪G‬وه العض‪G‬وي و النفس‪G‬ي و‬
‫االجتماعي‪ .‬هي طرائق تجمع ما بين التحليل التركيب‪ .‬على أنها في ذلك ال تحل‪GG‬ل‬
‫عناصر و ال تركب بين عناصر‪ .‬إنها تتناول وح‪GG‬دات منظم‪GG‬ة من‪GG‬ذ البداي‪GG‬ة و ت‪GG‬زداد‬
‫تنظيما باطراد النمو‪ .‬و ه‪GG‬ذه الطرائ‪GG‬ق معم‪GG‬ول به‪GG‬ا في علم نفس الحي‪GG‬وان الطف‪GG‬ل و‬
‫المراهق و علم النفس المرضي و علم النفس الرجل البدائي‪.‬‬
‫أم‪GG‬ا دراس‪GG‬ة الحي‪GG‬وان فق‪GG‬د س‪GG‬محت بقي‪GG‬ام المدرس‪GG‬ة الس‪GG‬لوكية و ازدهاره‪GG‬ا‪ ،‬ف‪GG‬أوحىت‬
‫بمقارنة السلوك الحيواني بالسلوك اإلنساني‪ .‬و مالحظة الطفل س‪GG‬اعدت كث‪GG‬يرا على‬
‫معرفة اللغة و نمو الذكاء و نشوء األنا‪ .‬و معرفة األمراض التي يق‪GG‬ول عنه‪GG‬ا فروي‪GG‬د‬
‫أنها ترجع في أصلها إلى الطفولة‪ ،‬أفادت العلم‪GG‬اء في التع‪GG‬رف على نش‪GG‬وء كث‪GG‬ير من‬
‫الوظائف النفس‪GG‬ية و نموه‪GG‬ا و تكامله‪GG‬ا بالمقارن‪GG‬ة م‪GG‬ع س‪GG‬لوك الراش‪GG‬د‪ .‬ولق‪GG‬د ص‪GG‬ححت‬
‫األبحاث النفس‪GG‬ية المختص‪GG‬ة ب‪GG‬األقوام البدائي‪GG‬ة بعض األفك‪GG‬ار الخاطئ‪GG‬ة الش‪GG‬ائعة ح‪GG‬ول‬
‫الحياة البدائية و أثبتت بأن المجتمعات البدائية ال تختل‪GG‬ف أب‪GG‬دا من حيث الطبيع‪GG‬ة عن‬
‫الشعوب المتحضرة‪ .‬إنما التفاوت في درجة التحض‪GG‬ر فق‪GG‬ط‪.‬أم علم النفس الب‪GG‬اثولوجي‬
‫أو المرضي‪ ،‬فقد ألقى أضواء على الحاالت الش‪GG‬اذة‪ ،‬انعكس‪GG‬ت أص‪GG‬داؤها في المج‪GG‬ال‬
‫الطبي المجال السيكولوجي المحض‪.‬‬
‫‪ -/2-‬أما السلسلة الثانية‪ ،‬فتحي السائل التجريبية كالمخابر الرائ‪GG‬ز أ االختب‪GG‬ارات من‬
‫أجل قياس الذكاء كذلك اآلالت‪ ،‬بعضها خ‪G‬اص بعلم النفس بعض‪G‬ها اآلخ‪G‬ر مش‪G‬ترك‬
‫بين‪GG‬ه بين الفيزيولوجي‪GG‬ا و علم االجتم‪GG‬اع‪ ،‬وهي آالت يس‪GG‬خرها علم النفس لض‪GG‬بط‬
‫بعض الحوادث النفسية ضبطا كميا كالمتعبة لضبط التعب و المنبضة لقياس النبض‬
‫و المسمع الختبار السمع ‪ ....‬آالت أخرى لقيا حركات اإلحساس و ال‪GG‬دوران و الش‪GG‬م‬
‫و غيرها‪ .‬وهكذا استطاع علم النفس أن ي‪G‬درس س‪G‬لوك اإلنس‪G‬ان بص‪G‬ورة موض‪G‬وعية‬
‫كما يتمثل بالفعل في ظواهره النفسية و ظواهره المجسدة‪.‬‬
‫توصل إلى قوانين كمية أهمها قانون فيختر القائل بأن اإلحس‪GG‬اس يس‪GG‬اوي لوغ‪GG‬اريتم‬
‫المؤثر ‪ ،‬و قانون بييرون القائل بأن النسيان يزداد بصورة مناسبة مع ق‪G‬وة لوغ‪G‬اريتم‬
‫الزمن‪ .‬اال أن هذه القانين ال تخل من التعس‪G‬ف فهي عب‪GG‬ارة عن تعميم‪GG‬ات أك‪GG‬ثر منه‪GG‬ا‬
‫قوانين ثابتة بحيث ينتفي االس‪GG‬تثناء الش‪GG‬ذوذ‪ .‬هك‪GG‬ذا ف‪GG‬ان الح‪GG‬ادث الش‪GG‬عورية و غ‪GG‬ير‬
‫الشعورية تنعكس في س‪GG‬لك الم‪GG‬رء الخ‪GG‬ارجي‪ .‬ف‪GG‬إذا اقب‪GG‬ل اح‪GG‬د الس‪GG‬لكيين على دراس‪GG‬ة‬
‫الذاكرة انصرف عن البحث فيها كوظيفة نفسية إلى مالحظة الطريقة التي تؤدي به‪GG‬ا‬
‫وظيفتها في الظاهر أي كما يتعلم المرء و يتذكر‪.‬‬
‫و المنهج الموضوعي سمي كذلك لدراسته الظاهرة من ناحيتها الخارجية‪.‬‬

You might also like