You are on page 1of 6

‫علم النفس‬ ‫‪ ‬مسلك‬

‫األول‬ ‫الفصل‬
‫مدخل إلى علم النفس‬ ‫المادة‬

‫التومي‬ ‫األستاذ المحاضر‬

‫‪2021/2020‬‬ ‫السنة الجامعية‬

‫مدخل إلى علم النفس‬


‫الغاية من تدريس هذه‬
‫المادة هو‪:‬‬
‫تعريف الطالب بمراحل تكون وتطور‬ ‫أ‪-‬‬
‫النفس‪.‬‬ ‫وتشعب علم‬

‫‪ -1‬توطئة في علم النفس‬


‫يكون من الطبيعي في الفصل األول من‬
‫دراسة الطالب (ة)لعلم النفس‪ ،‬أن يتعرف عن هذه‬
‫المادة في منظورها العام‪ ،‬حيث ال يمكن مقارنة‬
‫هذا التخصص بتخصصات أخرى‪ ،‬نظرا للغنى المعرفي‬
‫من جهة‪ ،‬وكذا لطبيعة الموضوع المدروس وهو في‬
‫هذه الحالة اإلنسان‪ .‬ومادام هذا هو موضوع هذا‬
‫التخصص هو اإلنسان‪ ،‬فقد وجهتنا مقاربتين‪ :‬األولى‬
‫تتمثل في علم النفس المرضي واإلكلينيكي والذي‬
‫ينظر للفرد كإنسان له كينونته وتفرده‪ ،‬والثاني‬
‫المتمثل في المقاربة التجريبية للفرد‪ ،‬بصفته‬
‫عنصر وهو كائن حي وهنا نشتم رائحة بيولوجيا‪.‬‬
‫هذا االنشطار في المقاربتين ‪ ،‬يبدو من الوهلة‬
‫األولى وكأنه تمايز راديكالي ‪،‬قطعي‪ ،‬لكل من يهتم‬
‫بعلم النفس‪.‬‬
‫لذلك نجد بعض المتأسفين عن غياب‬
‫وحدة التخصص‪ ،‬من يحددون بداية علمية علم النفس‬
‫في نهاية القرن ‪ 19‬ويقومون بوضع تمييز بين علم‬
‫النفس العلمي‪ ،‬وعلم النفس الميتافيزيقي‪ .‬ولكن‬
‫اعتقد أن نضع على التقسيم لوهلة جانبا ‪،‬ولننظر‬
‫للموضوع من زاوية أخرى ‪ ،‬فاإلنسان عموما لم ينتظر‬
‫وصول العلوم الحقة ليطرح السؤال ‪،‬على ماهية‬
‫اإلنسان و التساؤل‪ ،‬والتحاور‪ ،‬والسجال حول أسئلة‬
‫ذات طبيعية نفسية‪ .‬ولكن اعتقد أن اإلطار‬
‫موضوع‬ ‫هو الذي حدد‬ ‫المؤسساتي واإليديولوجي‬
‫(اإلنسان) وهو من أطر ونظر وبني وقنن نظرة اإلنسان‬
‫لنفسه ولآلخر‪.‬على مر العصور‪.‬‬
‫يمكننا جدال أن نسلم بأن علم النفس هو‬
‫تخصص فتي‪ ،‬ولكن ليس بتقزيم وجوده في القرن‬
‫الماضي‪ ،‬من خالل الدفع بعلميته المثبتة من بعض‬
‫فروعه‪ ،‬ولكن يجب اعتبار هذا التخصص علما نشأ‬
‫وترعرع تم استقل‪،‬من خالل شمولية داخل تاريخ الفكر‬
‫البشري الباحث على فهم طبيعة الكائن البشري‪.‬‬
‫وعلى اعتبار أن الموضوع األساسي لهذا‬
‫في‬ ‫التخصص وهو سبر أغوار النفس البشرية‬
‫تركيبتها‪ ،‬في دالالتها الحميمية غالبا‪ ،‬تحمل في‬
‫ذاتها الخصوصية والتفرد‪ .‬داخل الجنس البشري‪.‬‬
‫والتفسيرات‬ ‫بعيدا عن التأويالت واالجتهادات‬
‫والتي غالبا ال تخضع لنفس اإلكراهات المنطقية‬
‫والمجالية‪.‬‬
‫فتعدد المقاربات في علم النفس‪ ،‬حيث تعرف‬
‫كل نظرية عن نفسها بكونها األكثر أهمية‪ ،‬واألكثر‬
‫علمية ‪ ،‬وهي في الحقيقة مجرد تمثالت تحكمها‬
‫معطيات إيديولوجية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬اقتصادية وغيرها‬
‫أيضا على المنطلقات والفلسفات‬ ‫كثير‪ ،‬وبناء‬
‫المتبناة‪ .‬فالتعريف الذي نعطيه لعلم ما مرتبط‬
‫بشكل وثيق بالقيمة التي نعطيها لهذا الموضوع‬
‫(اإلنسان) هذه القيمة ال تستطيع أن تغير شيئا من‬
‫الواقع الموجود أصال‪ .‬ولكن الذي نعرفه عن هذه‬
‫الحقيقة هذه النظريات التي تحاول تفسير سلوك‬
‫اإلنسان هي مختلفة‪،‬غير متجانسة‪ ،‬وذلك طبيعي‬
‫مادامت ال تنطلق من نفس المسلمات‪ ،‬والتنتمي لنفس‬
‫الشروط المجالية‪.‬‬
‫لذلك يكون علم النفس قد تعددت فيه‬
‫النظريات والقراءات والتفسيرات‪ ،‬ألن كل تلك‬
‫النظريات كانت تعتبر كل على حدة باعتبارها األكثر‬
‫أهمية واألكثر علمية واألكثر دقة في تفسير السلوك‬
‫البشري‪ ،‬حسب منظور أصحابها وحسب الفلسفة‬
‫الرائجة أو العلم المقتدى به‪ ،‬فإذا كانت العلوم‬
‫األخرى تهتم بالظواهر هذه أو تلك‪ ،‬والتي تتميز‬
‫بالتبات والكمون وإمكانية الخروج بقاعدة صادقة‬
‫في كل وقت وحين ‪،‬فإن خاصية علم النفس أن موضوعه‬
‫غير قابل لالختزال‪ ،‬بل أكثر من ذلك فإن موضوع‬
‫علم (اإلنسان) هو نفسه يعرف تغيرا وتكيفا ال ينقطع‬
‫طول مسيرة حياته‪،‬حسب األمكنة والعصور‪ .‬بصيغة‬
‫أخرى يمكن القول‪ ،‬أن علم النفس يساهم في بناء‬
‫صورة (ما) على اإلنسان والتي هي بالضرورة‬
‫في زمن‬ ‫الموضوعية تكون مرتبطة بمجتمع معين‬
‫معين وفي وضع اجتماعي وثقافي وسياسي معين‪.‬‬
‫بمعنى أدق‪ ،‬يمكن القول أن موضوع علم النفس هو‬
‫إيديولوجي مع ضرورة فهم هذا المصطلح في إطار‬
‫التحليل اإلبيستيمولوجي الغير‪ .‬فالقول بمصطلح‬
‫(اإلنسان)مثال ليس كالقول مثال بالفرد اإلنساني‪،‬‬
‫فكال المصطلحين ال يحمالن نفس المعنى االجتماعي‬
‫والثقافي‪ .‬عند عدد من المجتمعات واألزمنة‬
‫المختلفة‪ ،‬ويمكن القول نفس الشيء على مصطلحات‬
‫من قبيل كائن حي‪ ،‬أو كائن طبيعي‪ ،‬أو فرد ينتمي‬
‫إلى فئة الجنس البشري‪ .‬لكن الواقع اآلن في علم‬
‫النفس هو غالبا ما يعرف بكونه كائن حي‪ ،‬فإذا ما‬
‫تبنينا جدال هذا المصطلح (كائن حي) ونقصد به على‬
‫وجب القول‬ ‫وجه التحديد الرئيسات (‪)primates‬‬
‫بأنه كائن يتغير ويتكيف وفق الظروف واإلكراهات‬
‫التي تحيط به‪ ،‬وهو بهذا المعنى مجرد كائن يتكيف‬
‫مع المجال وفاقد لخاصية اإلرادة التي تميز‬
‫(اإلنسان)‬
‫قد يكون إنسان الخمسين سنة األولى من‬
‫القرن الماضي تميز بالنشاط والحيوية‪ ،‬من حيث‬
‫العمل والتفاعل واإلنتاج وبالتالي كان علم‬
‫النفس السلوك وبالضرورة هو علم النفس المهيمن‬
‫لهذا الفرد بالتحديد‪.‬‬
‫وقد يكون إنسان اليوم قد عرف نقلة‬
‫نوعية‪ ،‬حيث أصبح عبارة على منظومة لمعالجة‬
‫المعلومات‪ ،‬وبالتالي يكون علم المعرفي هو‬
‫التخصص األكثر مالئمة لهذا العصر‪ .‬لذلك تكون‬
‫العالقة وثيقة بين العلم والموضوع ‪ .‬ولكن لعلم‬
‫إنها‬ ‫‪،‬‬ ‫ومتميزة‬ ‫تابثة‬ ‫خاصية‬ ‫النفس‬
‫(األيديولوجية) فهي تتغير بتغير العالم فكل فرد‬
‫هو كائن حي ‪،‬له نسبيا خاصية الثبات وهو في الوقت‬
‫نفسه مغير للثقافة التي يعيش فيها أضف إلى ذلك‬
‫أيضا ‪ ،‬انه هو من يبني صورة اإلنسان في تفاعله‬
‫مع اآلخر‪ .‬لذلك نعود ونؤكد على أن لعلم النفس‬
‫إرث إيديولوجي مادام أن الفرد وهو في الوقت نفسه‬
‫كائن اجتماعي‪ ،‬وفرد فاعل في محيطه‪.‬‬
‫مع األسف معظم علماء النفس ال يستحضرون‬
‫في الغالب هذا المعطى ‪ ،‬فكل مرة يواجهونه سواء‬
‫على المستوى اإلبستيمولوجي والعلمي‪ ،‬ويقومون‬
‫ببناء مجموعة من التمثالت التي يسقطونها على‬
‫الفرد ‪.‬فالقول مثال في التوجه(‪" ( Positivisme‬إن‬
‫العلم ال يقول الحقائق ولكنه يصوغ قوانين عامة "‬
‫هذا القول هو يمتلك محتوى فلسفي‪ ،‬في حين ال‬
‫نستطيع التعليق على للخطاب العلمي ‪ ،‬على‬
‫اعتباران ما يقال هي حقائق وليست معتقدات نسقطها‬
‫على العالم وعلى اآلخر‪.‬‬

You might also like