You are on page 1of 15

‫استمارة المشاركة في الملتقى‬

‫االسم‪ :‬خولة‬ ‫اللقب‪ :‬سبسوب‬

‫التخصص‪ :‬علم النفس العيادي‬ ‫الرتبة التعليمية‪ :‬السنة الرابعة دكتوراه علوم‬

‫المؤسسة االصلية‪ :‬جامعة عبد احلميد مهري‪ -‬قسنطينة ‪2‬‬

‫البري" " ""د االلك" " ""تروني‪:‬‬ ‫رقم اله" " ""اتف‪07.92.88.98.42 :‬‬

‫‪khaoulase@gmail.com‬‬

‫محور المداخلة‪ :‬علم النفس املرضي عرب التاريخ‪.‬‬

‫عنوان المداخلة‪ :‬حملة تارخيية حول تطور مناهج علم النفس املرضي‪.‬‬

‫ملخص المداخلة‪:‬‬

‫ق ‪HH‬د جيد الب ‪HH‬احث يف علم النفس املرض ‪HH‬ي ع ‪HH‬دة دراس ‪HH‬ات ونظري ‪HH‬ات هتتم باالض ‪HH‬طرابات النفس ‪HH‬ية‪ ،‬ولكنن ‪HH‬ا‬

‫نالحظ بأنه خالل القرن ‪20‬م وهناية القرن ‪19‬م أخذ املرض النفس‪H‬ي معن‪H‬اه العلمي احلقيقي‪ ،‬وقب‪H‬ل ه‪H‬ذه املرحل‪H‬ة‬

‫ف‪HH‬إن معرفت‪HH‬ه ك‪HH‬انت إم‪HH‬ا فلس‪HH‬فية خرافي‪HH‬ة أو اعتقادي‪HH‬ة ديني‪HH‬ة‪ ،‬وق‪HH‬د جند يف تط‪HH‬ور من‪HH‬اهج علم النفس املرض‪HH‬ي تظ‪HH‬افر‬

‫وتداخل عدة معطيات قد سامهت مبرور الزمن يف تطوره كعلم حقيقي له اجتاهه ومنهجه‪.‬‬

‫وهندف من خالل ه ‪HH‬ذه املداخل ‪HH‬ة إىل التع ‪HH‬رف ب ‪HH‬التطور الت ‪HH‬ارخيي لعلم النفس املرض ‪HH‬ي‪ ،‬وإذا أردن ‪HH‬ا معرف ‪HH‬ة‬

‫هذا التطور فإننا نالحظ وجود ثالثة مراحل أساسية‪:‬‬


‫ال ‪HH‬ذي يتم ‪HH‬يز‬ ‫‪Pinel‬‬ ‫المرحل""ة الكالس""يكية األولى‪ :‬وتب ‪HH‬دأ ه ‪HH‬ذه املرحل ‪HH‬ة م ‪HH‬ع الط ‪HH‬بيب املع ‪HH‬روف‬ ‫‪-1‬‬

‫باالجتاه األخالقي االنس‪HH H‬اين النزع‪HH H‬ة وك‪HH H‬ان يعتم‪HH H‬د على املالحظ‪HH H‬ة الدقيق‪HH H‬ة يف تأس‪HH H‬يس اجلانب‬

‫االكلي ‪HH‬نيكي‪ ،‬متيزت إذن ه ‪HH‬ذه املرحل ‪HH‬ة ب ‪HH‬الرتكيز أك ‪HH‬ثر على األع ‪HH‬راض وتط ‪HH‬ور املرض وخاص ‪HH‬ة‬

‫اجلانب النريولوجي العضوي وهلذا فإن االهتمام كان منصبا خاصة على أمراض الدهان‪.‬‬

‫بتأسيس‪HH‬ه لنظري‪HH‬ة‬ ‫ج‪HH‬اين ‪Pierre Janet‬‬ ‫المرحل""ة الكالس""يكية الثاني""ة‪ :‬ت‪HH‬زعم ه‪HH‬ذه النظري‪HH‬ة بي‪HH‬ار‬ ‫‪-2‬‬

‫ال‪HH‬وهن النفس‪HH‬ي‪ ،‬وتش‪HH‬ري نظريت‪HH‬ه ب‪HH‬أن التش‪HH‬خيص وعالج األع‪HH‬راض العص‪HH‬ابية تعتم‪HH‬د على املرج‪HH‬ع‬

‫النريولوجي النفسي وهذا يعترب منهج جديد لدراسة االضطرابات النفسية‪.‬‬

‫المنهج التحليلي‪ :‬برزت يف الوقت نفسه فلسفة علم النفس التحليلي الذي ي‪H‬بني بوض‪HH‬وح ب‪H‬أن‬ ‫‪-3‬‬

‫للم ‪HH‬رض النفس ‪HH‬ي خفاي ‪HH‬ا متكنن ‪HH‬ا من إظه ‪HH‬ار دور العناص ‪HH‬ر الغريزي ‪HH‬ة العاطفي ‪HH‬ة يف تك ‪HH‬وين ونش ‪HH‬أت‬

‫املرض النفس ‪HH‬ي وه ‪HH‬ذا يعت ‪HH‬رب حتول حموري ب ‪HH‬دون من ‪HH‬ازع يف تط ‪HH‬ور مع ‪HH‬ارف علم النفس املرض ‪HH‬ي‬

‫وتزعم هذا املنهج االنفعايل االستبطاين طبيب آخر يدعى فرويد ‪. Freud‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬االضطرابات النفسية ‪ -‬علم النفس املرضي‪ -‬علم النفس التحليلي‪.‬‬
‫مقدمة‪ -‬إشكالية‪:‬‬

‫تعت‪HH H‬رب ظ‪HH H‬اهرة انتش‪HH H‬ار االض‪HH H‬طرابات النفس‪HH H‬ية والس‪HH H‬لوكية من الظ‪HH H‬واهر الب‪HH H‬ارزة بق‪HH H‬وة يف حياتن ‪HH‬ا اليومي ‪HH‬ة‬

‫واالجتماعية‪ ،‬ويعترب علم النفس املرضي إحدى الفروع ال‪H‬ذي يهتم بدراس‪H‬ة ه‪HH‬ذه الظ‪H‬واهر‪ .‬فه‪HH‬و اح‪H‬د ف‪H‬روع علم‬

‫النفس النظرية اليت تعتمد عليها الفروع التطبيقية‪ ،‬يطل‪H‬ق على علم النفس املرض‪H‬ي اس‪H‬م علم النفس الش‪H‬واذ أيض‪H‬ا‪.‬‬

‫فه‪HH‬و علم يهتم بالش‪HH‬ق املرض‪HH‬ي للظ‪HH‬اهرة النفس‪HH‬ية ويبحث يف الس‪HH‬لوك املض‪HH‬طرب أو ن‪HH‬واحي العج‪HH‬ز يف الق‪HH‬درة على‬

‫أداء الس‪HH‬لوك الس‪HH‬وي‪ .‬يهتم بطبيع‪HH‬ة تط‪HH‬ور ك‪HH‬ل أش‪HH‬كال االض‪HH‬طرابات النفس‪HH‬ية من حيث تص‪HH‬نيفها‪ ،‬حتدي‪HH‬د أس‪HH‬باهبا‬

‫وتشخيص وكيفية عالجها والوقاية منها(حافري زهية غنية‪.)04 :2015 ،‬‬

‫وق‪HH‬د جيد الب‪HH‬احث يف علم النفس املرض‪HH‬ي ع‪HH‬دة دراس‪HH‬ات ونظري‪HH‬ات هتتم باالض‪HH‬طرابات النفس‪HH‬ية‪ ،‬ولكنن‪HH‬ا‬

‫نالحظ بأنه خالل القرن ‪20‬م وهناية القرن ‪19‬م أخذ املرض النفس‪H‬ي معن‪H‬اه العلمي احلقيقي‪ ،‬وقب‪H‬ل ه‪H‬ذه املرحل‪H‬ة‬

‫ف‪HH‬إن معرفت‪HH‬ه ك‪HH‬انت إم‪HH‬ا فلس‪HH‬فية خرافي‪HH‬ة أو اعتقادي‪HH‬ة ديني‪HH‬ة‪ ،‬وق‪HH‬د جند يف تط‪HH‬ور من‪HH‬اهج علم النفس املرض‪HH‬ي تظ‪HH‬افر‬

‫وتداخل عدة معطيات قد سامهت مبرور الزمن يف تطوره كعلم حقيقي له اجتاهه ومنهجه‪ .‬فماهي أب""رز مراح""ل‬

‫تطور مناهج علم النفس المرضي؟‬

‫‪ -1‬أهداف الدراسة‪ :‬نسعى من خالل هذه الدراسة إىل حتقيق هدف أساسي يتمثل يف‪:‬‬
‫‪ ‬حماولة التعريف بالتطور التارخيي لعلم النفس املرضي‪.‬‬
‫‪ -2‬مفهوم االضطرابات النفسية‪:‬‬
‫إن كلم‪H‬ة اض‪H‬طراب مش‪H‬تقة من الفع‪H‬ل اض‪H‬طراب‪ :‬أي حترك وم‪H‬اج‪ ،‬وض‪H‬رب بعض‪H‬ه ض‪H‬ربا‪ ،‬واض‪H‬طراب األم‪HH‬ر‪:‬‬
‫أي اختل‪ ،‬واضطراب من كذا‪ :‬اي ضجر‪ ،‬واضطراب يف أموره‪ :‬أي تردد وارتبك‪.‬‬
‫مصطلح االضطراب النفس‪H‬ي ح‪H‬ديث نس‪H‬بيا‪ ،‬وب‪H‬دأ حيل ت‪H‬درجييا حمل املرض النفس‪H‬ي يف كث‪H‬ري من دوائ‪H‬ر الطب‬
‫النفس ‪HH‬ي‪ ،‬مراع ‪HH‬اة لآلث ‪HH‬ار النفس ‪HH‬ية الس ‪HH‬لبية لكلم ‪HH‬ة م ‪HH‬رض‪ .‬كم ‪HH‬ا ق ‪HH‬ررت اجلمعي ‪HH‬ة األمريكي ‪HH‬ة للطب النفس ‪HH‬ي س ‪HH‬نة‬
‫‪ ،1980‬يف التصنيف األمريكي الثالث ألمراض الطب النفسي‪ ،‬إلغاء كلمة عصاب‪.‬‬
‫ويف التصنيف العاملي العاش‪H‬ر لالض‪H‬طرابات العقلي‪H‬ة والس‪H‬لوكية‪ ،‬يش‪H‬ري مص‪H‬طلح االض‪H‬طراب إىل‪ " :‬وج‪H‬ود‬
‫جمموع ‪HH‬ة من األع ‪HH‬راض والس ‪HH‬لوكات ال ‪HH‬يت تك ‪HH‬ون حمددة عيادي ‪HH‬ا‪ ،‬ويش ‪HH‬تمل يف معظم احلاالت على مش ‪HH‬اعر الض ‪HH‬يق‬
‫واضطراب يف الوظائف الشخصية"‪.‬‬
‫وحسب الدليل التشخيصي اإلحصائي الرابع‪ ،‬فإنه ال يوجد تعريف إجرائي شامل لالض‪HH‬طراب‪ ،‬يطلب‪H‬ق على‬
‫كل الوضعيات‪.‬‬
‫‪mauvaise‬‬ ‫واالض‪HH‬طراب النفس‪HH‬ي يع‪HH‬رف مبف‪HH‬اهيم خمتلف‪HH‬ة‪ ،‬مث‪HH‬ل‪ :‬معان‪HH‬اة ‪ ،Souffrance‬س‪HH‬وء التحكم بال‪HH‬ذات‬
‫‪ ،capacité de controle‬ض‪HH‬رر ‪ ،désavantage‬إعاق‪HH‬ة ‪ ،handicap‬ص‪HH‬البة ‪ ،rigidité‬الالمنطقي‪HH‬ة ‪،irrationalité‬‬
‫جمموعة من األمراض‪ ،‬احنراف إحصائي‪......‬كل واحد من هذه املصطلحات يدل على االضطراب‪ ،‬لكن‪HH‬ه ليس‬
‫معادل له‪ ،‬وكل وضعية تتطلب تعريفا خمتلفا‪.‬‬
‫وبص‪HH‬فة عام‪HH‬ة يع‪HH‬رف ‪ DMS4‬االض‪HH‬طراب النفس‪HH‬ي بأن‪HH‬ه‪" :‬جمموع‪HH‬ة أع‪HH‬راض س‪HH‬لوكية أو نفس‪HH‬ية‪ ،‬عيادي‪HH‬ا تك‪HH‬ون‬
‫ذات مع‪HH‬ىن‪ ،‬تط‪HH‬رأ على ش‪HH‬خص م‪HH‬ا ويص‪HH‬احبها ع‪HH‬ادة ض‪HH‬يق مالزم‪ .‬ومهم‪HH‬ا يك‪HH‬ون أص‪HH‬ل ه‪HH‬ذه االض‪HH‬طرابات‪ ،‬فإهنا‬
‫تعترب كمظاهر الختالل وظيفة سلوكية‪ ،‬نفسية أو بيولوجية للشخص‪.‬‬
‫ويتفق معظم علماء علم النفس احلديث على أن االضطرابات النفسية تشري إىل‪ " :‬ح‪H‬االت س‪H‬وء التواف‪H‬ق م‪H‬ع‬
‫النفس‪ ،‬أو م‪HH H‬ع اجلس‪HH H‬د‪ ،‬أو م‪HH H‬ع البيئ‪HH H‬ة‪ ،‬طبيعي‪HH H‬ة ك‪HH H‬انت أم اجتماعي‪HH H‬ة‪ ،‬ويع‪HH H‬رب عنه‪HH H‬ا بدرج‪HH H‬ة من القل‪HH H‬ق والت‪HH H‬وتر‪،‬‬
‫واالحس‪HH‬اس بالي‪HH‬أس والتعاس‪HH‬ة والقه‪HH‬ر‪ ،‬وغالب‪HH‬ا م‪HH‬ا متس البع‪HH‬د االنفع‪HH‬ايل للشخص‪HH‬ية‪ ،‬ويظ‪HH‬ل معه‪HH‬ا الف‪HH‬رد املض‪HH‬طرب‬
‫متصال باحلياة الواقعية‪ ،‬قادرا على استبصار حالته املضطربة"‪.‬‬
‫وبالنظر للطبيعة التفاعلية لالضطراب النفسي‪ ،‬فقد ب‪H‬دأ مص‪H‬طلح العص‪H‬اب خيتفي ت‪H‬درجييا لتح‪H‬ل مكان‪H‬ه كلم‪H‬ة‬
‫تفاع ‪HH‬ل ‪ ،Réaction‬كص ‪HH‬فة ملعظم أن ‪HH‬واع االض ‪HH‬طرابات النفس ‪HH‬ية‪ ،‬ويأخ ‪HH‬ذ أش ‪HH‬كاال متع ‪HH‬ددة مث ‪HH‬ل‪ :‬القل ‪HH‬ق التف ‪HH‬اعلي‬
‫‪ ، Anxiété réactionnelle‬االكتئاب التفاعلي‪(......‬بوعود أمساء‪.)32-31 :2014 ،‬‬
‫‪ -3‬تعريف علم النفس المرضي‪:‬‬
‫‪logos‬‬ ‫من اليوناني ‪HH H‬ة ‪ psukhe‬أي ‪ phathos‬أي املرض‪ ،‬أم‪HH H‬ا‬ ‫‪psychopathologie‬‬ ‫علم النفس املرض ‪HH H‬ي‬
‫فتعين الدراسة أو املعرف‪H‬ة‪ .‬وحرفي‪H‬ا تع‪H‬ين دراس‪H‬ة أم‪H‬راض النفس‪ .‬ويفض‪H‬ل املختص‪H‬ون كم‪H‬ا ي‪H‬ذهب إلي‪H‬ه ‪2004‬‬
‫اس ‪HH‬تعمال مفه ‪HH‬وم "اض ‪HH‬طراب" ب ‪HH‬دل "م ‪HH‬رض" بس ‪HH‬بب احلدود الغامض ‪HH‬ة بني الس ‪HH‬وء‬ ‫‪Nicolas et Richelle‬‬

‫والالس ‪HH H‬وء‪ ،‬ويض ‪HH H H‬يف ب ‪HH H‬أن علم النفس املرض ‪HH H H‬ي يع ‪HH H H‬رف من خالل موض ‪HH H H‬وعه‪ :‬أي االض ‪HH H H‬طرابات العقلي ‪HH H‬ة‬
‫والباتولوجي ‪HH H‬ة‪ .‬وأن املفه ‪HH H‬وم يش ‪HH H‬ري إض ‪HH H‬افة ل ‪HH H‬ذلك إىل جمم ‪HH H‬ل النظري ‪HH H‬ات ال ‪HH H‬يت تط ‪HH H‬رح تفس ‪HH H‬ريا وفهم ‪HH H‬ا هلذه‬
‫االض‪H‬طرابات بالكش‪H‬ف عن امليكانيزم‪H‬ات األساس‪H‬ية والس‪H‬ببية املؤدي‪H‬ة غليه‪H‬ا وحتدي‪H‬د م‪H‬ا من ش‪H‬أنه التقليص من‬
‫األمل الن ‪HH‬اتج‪ .‬وينب ‪HH‬ه الب ‪HH‬احثني إىل ض ‪HH‬رورة ع ‪HH‬دم اخلل ‪HH‬ط بين ‪HH‬ه وبني مص ‪HH‬طلح ‪ psychopathie‬ال ‪HH‬ذي يش ‪HH‬ري إىل‬
‫اضطراب الشخصية ضد اجتماعية‪.‬‬
‫‪ ،Karl‬وه ‪HH‬و فيلس ‪HH‬وف وط ‪HH‬بيب عق ‪HH‬ل وص ‪HH‬احب‬ ‫‪Jaspers‬‬ ‫يع ‪HH‬رف ك ‪HH‬ارل جاس ‪HH‬رب ‪1883-1969‬‬
‫الطريق‪HH‬ة البيوغرافي‪HH‬ة لت‪HH‬اريخ وحي‪HH‬اة احلال‪HH‬ة‪ ،‬علم النفس املرض‪HH‬ي بأن‪HH‬ه علم ي‪HH‬درس اض‪HH‬طراب النش‪HH‬اط النفس‪HH‬ي‬
‫احلقيقي والشعوري للشخص‪.‬‬
‫ويعرف‪HH H‬ه ‪ Bergeret 2003‬بأن‪HH H‬ه دراس‪HH H‬ة اجلانب النفس‪HH H‬ي واض‪HH H‬طراباته‪ ،‬ويه‪HH H‬دف إىل تش‪HH H‬خيص وتص‪HH H‬نيف‬
‫االضطرابات النفسية واسباهبا وص‪H‬راعات الش‪H‬خص الداخلي‪H‬ة يف س‪H‬عيه للتكي‪H‬ف‪ .‬وبالت‪H‬ايل ف‪H‬إن علم النفس املرض‪H‬ي‬
‫يع‪HH H‬رف على أن‪HH H‬ه العلم ال‪HH H‬ذي يهتم باجلانب املرض‪HH H‬ي للظ‪HH H‬اهرة النفس‪HH H‬ية وذل‪HH H‬ك بدراس‪HH H‬ة التط‪HH H‬ور النفس‪HH H‬ي للف‪HH H‬رد‬
‫واضطراباته هبدف تصنيف وتشخيص االضطرابات النفسية منها والعقلية‪.‬‬
‫يهتم علم النفس املرض‪HH‬ي جبمي‪HH‬ع أن‪HH‬واع االض‪HH‬طرابات ال‪HH‬يت تعي‪HH‬ق تواف‪HH‬ق الف‪HH‬رد م‪HH‬ع بيئت‪HH‬ه االجتماعي‪HH‬ة س‪HH‬واء ه‪HH‬ذه‬
‫االض ‪HH‬طرابات ك ‪HH‬انت وجداني ‪HH‬ة‪ ،‬عقلي ‪HH‬ة‪ ،‬س ‪HH‬لوكية أو نفسوجس ‪HH‬دية‪ ،‬فت ‪HH‬ؤدي لفق ‪HH‬دان الف ‪HH‬رد إىل العالق ‪HH‬ة املتوازن ‪HH‬ة‬
‫مبحيطه جزئيا أو كليا‪.‬‬
‫وتشري ‪ ،Akman‬بأن تناول علم النفس املرضي امنا يتم من خالل ثالث مواضيع‪:‬‬

‫‪ -‬الدراسة من خالل حتليل االضطراب‪.‬‬


‫‪ -‬الوصف بإعطاء متثيل لالضطرابات والتطرق إلشاراهتا اإلكلينيكية (املرجع السابق‪.)06 :2015 ،‬‬

‫‪ -4‬لمحة تاريخية حول تطور مناهج علم النفس المرضي‪:‬‬


‫مل تكن الظواهر النفسية الشاذة واملرضية بعيدة عن دائرة اهتمام اإلنسان عرب مراح‪H‬ل تارخيه الفك‪H‬ري‪ ،‬وإمنا‬
‫ك ‪HH‬انت واح ‪HH‬دة من املش ‪HH‬كالت ال ‪HH‬يت دفعت األف ‪HH‬راد واجلماع ‪HH‬ات إىل التفك ‪HH‬ري هبا وتأم ‪HH‬ل أعراض ‪HH‬ها والتع ‪HH‬رف على‬
‫أسباهبا‪ .‬غري أن تصوراهتم عنها ك‪H‬انت‪ ،‬إىل عه‪H‬د غ‪H‬ري بعي‪H‬د‪ ،‬أق‪H‬رب إىل األس‪H‬طورة واخلراف‪H‬ة‪ .‬فق‪H‬د اعتق‪H‬د الن‪H‬اس يف‬
‫القرون الوسطى أن احلاالت النفسية املرضية واالضطرابات العصبية ال‪H‬يت تص‪H‬يب اإلنس‪H‬ان‪ ،‬إمنا حتدث بفع‪H‬ل متل‪H‬ك‬
‫األرواح الش‪HH‬ريرة أو الش‪HH‬ياطني أو اجلن وس‪HH‬واها من الكائن‪HH‬ات غ‪HH‬ري املرئي‪HH‬ة للمص‪HH‬اب‪ .‬ل‪HH‬ذا ف‪HH‬إن وس‪HH‬ائل العالج من‬
‫ه‪HH‬ذه األع‪HH‬راض ك‪HH‬انت ض‪HH‬ربًا من ض‪HH‬روب الس‪HH‬حر والش‪HH‬عوذة‪ .‬فك‪HH‬ان على ه‪HH‬ذه املظ‪HH‬اهر النفس‪HH‬ية املرض‪HH‬ية أن تنتظ‪HH‬ر‬
‫ابن رش ‪HH‬د لكي يق ‪HH‬دم تفس ‪HH‬ريًا علمي ‪ًH‬ا هلا ويص ‪HH‬نف الكث ‪HH‬ري منه ‪HH‬ا‪ ،‬وينص ‪HH‬ح بإقام ‪HH‬ة مراك ‪HH‬ز خمصص ‪HH‬ة للعناي ‪HH‬ة باملرض ‪HH‬ى‬
‫العقليني والنفسيني ورعايتهم‪.‬‬
‫ويف ذلكم ال‪HH‬وقت ال‪HH‬ذي ط ‪HH‬الب في‪HH‬ه ابن رش‪HH‬د بض ‪HH‬رورة معامل‪HH‬ة املرض ‪HH‬ى نفس‪HH‬يًا على حنو ت‪HH‬زول مع ‪HH‬ه ظ ‪HH‬روف‬
‫العسف والظلم واالضطهاد اليت حتي‪H‬ق هبم ع‪H‬رب العص‪H‬ور التارخيي‪H‬ة الطويل‪H‬ة‪ ،‬ك‪H‬ان املس‪H‬ؤولون يف اجملتمع‪H‬ات األوربي‪H‬ة‬
‫يأمرون بعزهلم وسجنهم وتعذيبهم‪ .‬وعلى الرغم من األصوات اليت كانت ترتف‪HH‬ع بش‪HH‬يء من اخلوف والقل‪HH‬ق على‬
‫واق‪HH‬ع ه‪HH‬ؤالء املرض‪HH‬ى ومس‪HH‬تقبلهم‪ ،‬أمث‪HH‬ال الط‪HH‬بيب األملاين يوه‪HH‬ان وي‪HH‬ري ‪ JOHANN WEYER‬يف الق‪HH‬رن الس‪HH‬ادس‬
‫عش‪HH‬ر‪ ،‬فق‪HH‬د ظ‪HH‬ل االعتق‪HH‬اد ب‪HH‬أن األرواح الش‪HH‬ريرة والش‪HH‬ياطني هي عّل ة كاف‪HH‬ة األم‪HH‬راض النفس‪HH‬ية والعقلي‪HH‬ة س‪HH‬ائدًا ح‪HH‬ىت‬
‫أواخر القرن الثامن عشر‪.‬‬

‫المرحلة الكالسيكية األولى‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫وتبدأ هذه املرحلة مع الط‪H‬بيب املع‪H‬روف ‪ Pinel‬من جن‪H‬وب فرنس‪H‬ا وال‪H‬ذي يتم‪H‬يز باالجتاه األخالقي االنس‪H‬اين‬

‫النزع ‪HH‬ة وك ‪HH‬ان يعتم ‪HH‬د على املالحظ ‪HH‬ة الدقيق ‪HH‬ة يف تأس ‪HH‬يس اجلانب االكلي ‪HH‬نيكي‪ ،‬أين م ‪HH‬يز بني طب النفس والطب‬

‫مبفهوم ‪HH‬ه الع ‪HH‬ام ال ‪HH‬ذي ك ‪HH‬ان س ‪HH‬ائدا آن ‪HH‬ذاك‪ ،‬فق ‪HH‬د م ‪HH‬يز بني األم ‪HH‬راض ال ‪HH‬يت تع ‪HH‬ود أس ‪HH‬باهبا ملؤثرات عض ‪HH‬وية كالغيبوب ‪HH‬ة‬

‫والسبات والتش‪H‬جنج والص‪H‬رع وأعاده‪H‬ا إىل األس‪H‬باب ال‪H‬يت أدت إليه‪H‬ا من آف‪H‬ات واض‪H‬طرابات يف اجلمل‪H‬ة العص‪H‬بية‪-‬‬

‫الدماغية‪ ،‬بينما احلاالت اليت تشمل االستيعاب واالدراك والذاكرة فإن أسباهبا تعود آلفات وأمراض نفسية‪.‬‬

‫ومن م‪HH‬آثره أن‪HH‬ه ق‪HH‬ام بتحري‪HH‬ر مرض‪HH‬ى النفس من السالس‪HH‬ل ال‪HH‬يت ك‪HH‬انوا يكبل‪HH‬ون هبا‪ .‬مت ذل‪HH‬ك يف قس‪HH‬م بيس‪HH‬يرت‬

‫من مش‪HH‬فى الس‪HH‬البيتري ‪ Salpetrière‬يف ب‪HH‬اريس‪ ،‬األم‪HH‬ر ال‪HH‬ذي دف‪HH‬ع الفن‪HH‬ان فل‪HH‬وري فيم‪HH‬ا بع‪HH‬د لتخلي‪HH‬د ذل‪HH‬ك‬ ‫‪Bicetre‬‬

‫املش‪HH‬هد بلوح‪HH‬ة فني‪HH‬ة تظه‪HH‬ر بين‪HH‬ل ‪ Pinel‬وه‪HH‬و يزي‪HH‬ل السالس‪HH‬ل عن فت‪HH‬اة ك‪HH‬انت نزيل‪HH‬ة ذل‪HH‬ك املص‪HH‬ح‪ .‬ويف حين‪HH‬ه أطل‪HH‬ق‬

‫على ه ‪HH‬ذا املنح ‪HH‬ىن اجلدي ‪HH‬د مس ‪HH‬مى المعالج ""ة اإلنس ""انية ملرض ‪HH‬ى النفس‪ ،‬األم ‪HH‬ر ال ‪HH‬ذي حف ‪HH‬ز الكث ‪HH‬ريين ممن ك ‪HH‬انوا‬
‫يشرفون ويعاجلون مرضى النفس والذهان لنصب لوحة الرسام فلوري اليت تبني بينل ‪ Pinel‬وهو يزيل السالس‪HH‬ل‬

‫عن تلك الفتاة لوضعها يف مكاتبهم تقديرا منهم ملا أقدم عليه‪.‬‬

‫كان ذل‪H‬ك فيم‪H‬ا يتعل‪H‬ق ب‪H‬األمراض ال‪H‬يت تس‪H‬مى حالي‪H‬ا( بال‪H‬ذهان)‪ ،‬م‪H‬ع اإلش‪H‬ارة إىل أن مش‪H‬ايف األم‪H‬راض النفس‪H‬ية‬

‫والسالبيتري ‪ Salpetrière‬يف تلك األثناء كانت عب‪H‬ارة عن جممع‪H‬ات ض‪H‬خمة حتوي آالف املص‪H‬ابني ب‪H‬أمراض النفس‬

‫إض‪HH‬افة للمتس‪HH‬ولني والع‪HH‬اهرات واملص‪HH‬ابني ب‪HH‬أمراض جنس‪HH‬ية وعج‪HH‬زة وممن ك‪HH‬انوا يع‪HH‬انون من داء الص‪HH‬رع واألم‪HH‬راض‬

‫املزمن ‪HH‬ة األخ ‪HH‬رى وغ ‪HH‬ريهم‪ .‬ومت التمي ‪HH‬يز بني املرض ‪HH‬ى املقيمني هن ‪HH‬اك‪ ،‬فالوجه ‪HH‬اء أنزل ‪HH‬وا يف أقس ‪HH‬ام مرفه ‪HH‬ة‪ ،‬بينم ‪HH‬ا زج‬

‫الفق ‪HH‬راء واملع ‪HH‬وزين ب ‪HH‬اآلالف يف أقبي ‪HH‬ة مظلم ‪HH‬ة‪ ،‬وك ‪HH‬ان ق ‪HH‬وهتم مما يع ‪HH‬ود عليهم الزائ ‪HH‬رون من ص ‪HH‬دقات وم ‪HH‬ا جيودون ‪HH‬ه‬

‫(حمم‪HH‬د إب‪HH‬راهيم‬ ‫عليهم من قروش معدودة لقاء مشاهدهتم إياهم‪ ،‬كمن ي‪H‬رتدد على ح‪H‬دائق للحي‪H‬وان ترفيه‪H‬ا عن نفس‪H‬ه‬

‫األتاسي‪.)68-67 :1942 ،‬‬

‫وهكذا فرض لنا أربع أصناف من املرض العقلي‪ :‬الهوس‪-‬االكتئاب‪ -‬البالدة‪ -‬التخلف العقلي‪.‬‬

‫مث ق‪HH‬ام تلمي‪HH‬ذه ‪ Esquirol‬مبتابع‪HH‬ة التمي‪HH‬يز يف األص‪HH‬ناف األربع‪HH‬ة للم‪HH‬رض العقلي‪ ،‬وق‪HH‬د خص‪HH‬ص يف مؤلف‪HH‬ه (عن‬

‫األمراض العقلية)الذي ظهر عام ‪ 1938‬حوايل ‪ 100‬صفحة للحديث عن ضعاف العق‪HH‬ول يف مراح‪HH‬ل ض‪HH‬وء أن‬

‫ظ ‪HH‬اهرة الض ‪HH‬عف العقلي متث ‪HH‬ل ج ‪HH‬زءا من سلس ‪HH‬لة كمي ‪HH‬ة منفص ‪HH‬لة تب ‪HH‬دأ من األس ‪HH‬وياء من الن ‪HH‬اس إىل أدىن مس ‪HH‬تويات‬

‫الض‪HH‬عف العقلي‪ ،‬م‪HH‬ا م‪HH‬يز بني البالدة والفوبي‪HH‬ا‪ ،‬ف‪HH‬األوىل تك‪HH‬ون وراثي‪HH‬ة أم‪HH‬ا الثاني‪HH‬ة فتك‪HH‬ون مكتس‪HH‬بة‪ .‬فاملنهجي‪HH‬ة هن‪HH‬ا‬

‫أص‪HH‬بحت تتص‪HH‬ف بالتحلي‪HH‬ل التمي‪HH‬يزي ال‪HH‬دقيق‪ ،‬ولق‪HH‬د ق‪HH‬اده منهج‪HH‬ه إىل دراس‪HH‬ة ومعرف‪HH‬ة اهلذيان وأش‪HH‬كاله وذك‪HH‬ر من‬

‫بينها هذيان االضطهاد وكذلك هذيان التأثري وغريه (جابر السيد ابراهيم‪.)44 :2012 ،‬‬
‫ومل يقتص ‪HH‬ر نش ‪HH‬اط العلم ‪HH‬اء الفرنس ‪HH‬يني على ه ‪HH‬ذا اجلانب من احلي ‪HH‬اة النفس ‪HH‬ية وإمنا مشل خمتل ‪HH‬ف االض ‪HH‬طرابات‬

‫واالحنراف‪HH‬ات الس‪HH‬لوكية ل‪HH‬دى اإلنس‪HH‬ان‪ .‬واحلقيق‪HH‬ة ال‪HH‬يت جيم‪HH‬ع عليه‪HH‬ا معظم م‪HH‬ؤرخي علم النفس هي أن علم النفس‬

‫املرضي مدين بنشأته وتطوره للفيلسوف الفرنسي تيودول ريبو‪.‬‬

‫وج‪HH‬ه ريب‪HH‬و اهتمام‪HH‬ه‪ ،‬ب‪HH‬ادئ ذي ب‪HH‬دء‪ ،‬حمو واق‪HH‬ع الدراس‪HH‬ات النفس‪HH‬ية ومس‪HH‬تقبل علم النفس وعالقت‪HH‬ه بالفلس‪HH‬فة‬

‫والفيزيولززجي‪HH‬ا والطب وغريه‪HH‬ا من العل‪HH‬وم‪ .‬وك‪HH‬رس ع‪HH‬ددا من مؤلفات‪HH‬ه األوىل لع‪HH‬رض آرائ‪HH‬ه يف ه‪HH‬ذا الص‪HH‬دد‪ .‬ومن‬

‫أهم املؤلف ‪HH‬ات "علم النفس االجنل ‪HH‬يزي املعاص ‪HH‬ر‪ ،‬علم النفس األملاين املعاص ‪HH‬ر"‪ .‬ولكن ‪HH‬ه حتول فيم ‪HH‬ا بع ‪HH‬د إىل دراس ‪HH‬ة‬

‫احلاالت النفسية املرضية كالعواطف واإلدارة واالنفعاالت‪ ،‬وبعض العملي‪H‬ات املعرفي‪H‬ة كال‪H‬ذاكرة‪ .‬وخص‪H‬ص لك‪H‬ل‬

‫منها كتابا من مثل " أمراض الذاكرة وأمراض اإلرادة وأمراض الشخصية وعلم نفس العواطف"‪.‬‬

‫ويف ع‪HH‬ام ‪ 1885‬ت‪HH‬وىل ريب‪HH‬و ت‪HH‬دريس املنهج يف علم النفس التجري‪HH‬يب يف الس‪HH‬وربون‪ .‬وبع‪HH‬د ثالث‪HH‬ة أع‪HH‬وام فق‪HH‬ط‬

‫منح علم النفس التجري‪HH‬يب واملق‪HH‬ارن يف الك‪HH‬وليج دوف‪HH‬رانس‪ .‬وه‪HH‬و الكرس‪HH‬ي ال‪HH‬ذي اس‪HH‬تحدث جمددا بفض‪HH‬ل جه‪HH‬ود‬

‫إ‪.‬رينان‪ .‬وقد بقي حمتفظا به حىت عام ‪ 1901‬حيث ختلى عنه جلانيه أحد تالميذه واس‪H‬تمر في‪H‬ه ه‪H‬ذا األخ‪H‬ري طيل‪H‬ة‬

‫‪ 35‬عاما‪.‬‬

‫رأى ريب‪HH‬و أن النفس البش‪HH‬رية تت‪HH‬ألف من ش‪HH‬بكة من العملي‪HH‬ات ال‪HH‬يت يرتب‪HH‬ط بعض‪HH‬ها ببعض‪ ،‬حبيث تق‪HH‬وم املعق‪HH‬دة‬

‫منه‪HH‬ا على أس‪HH‬اس االق‪HH‬ل تعقي‪HH‬دا‪ ،‬وه‪HH‬ذه تنش‪HH‬أ من البس‪HH‬يطة وهك‪HH‬ذا‪ .‬والغرائ‪HH‬ز‪ -‬من وجه‪HH‬ة نظ‪HH‬ره‪ -‬هي القاع‪HH‬دة ال‪HH‬يت‬

‫يقوم عليها البنيان النفسي ب‪H‬دءا من اإلدراك‪H‬ات ح‪H‬ىت ال‪H‬ذاكرة واإلرادة والعواط‪H‬ف‪ .‬وغ‪H‬ذا ك‪H‬ان اخلط ال‪H‬ذي ترمسه‬

‫الوظائف النفسية عند اإلنسان أثناء تشكلها ومنوها خطا تصاعديا‪ ،‬فإن األمراض اليت تص‪H‬يبها تتج‪H‬ه –باعتق‪H‬اده‪-‬‬

‫اجتاها عكسيا‪ ،‬من األعلى إىل األدىن‪ .‬وهذا يعين أن منشأ األمراض النفسية نفسي وليس عضويا‪.‬‬
‫لق ‪HH‬د ج ‪HH‬اءت نظري ‪HH‬ة ريب ""و يف اجله ‪HH‬از النفس ‪HH‬ي وأمراض ‪HH‬ه تعميم ‪HH‬ا لدراس ‪HH‬ات مجة يف مي ‪HH‬ادين الطب والتش ‪HH‬ريح‬

‫والفيزيولوجي ‪HH‬ا وعلم النفس‪ .‬فهي‪ ،‬واحلال ‪HH‬ة ه ‪HH‬ذه‪ ،‬أق ‪HH‬رب إىل الفرض ‪HH‬ية منه ‪HH‬ا إىل ال ‪HH‬رباهني واألحك ‪HH‬ام القائم ‪HH‬ة على‬

‫التجرب ‪HH‬ة واملعطي ‪HH‬ات امليداني ‪HH‬ة‪ .‬ومل يغب ذل ‪HH‬ك عن ذهن ريب ‪HH‬و‪ ،‬وأحس بض ‪HH‬رورة القي ‪HH‬ام مبا من ش ‪HH‬أنه الت ‪HH‬دليل على‬

‫ص ‪HH‬حتها‪ .‬وملا مل تكن لدي ‪HH‬ه ق ‪HH‬درة الط ‪HH‬بيب املتم ‪HH‬رس الق ‪HH‬ادر على معاين ‪HH‬ة أفك ‪HH‬اره وتص ‪HH‬وراته يف الواق ‪HH‬ع‪ ،‬فق ‪HH‬د حث‬

‫تالميذه كي يعدوا أنفسهم لالضطالع هبذه املهمة‪.‬‬

‫كم‪HH‬ا يع‪HH‬د ج‪HH‬ان مارت‪HH‬ان ش‪HH‬اركو من أب‪HH‬رز أنص‪HH‬ار االجتاه العض‪HH‬وي يف تفس‪HH‬ري االض‪HH‬طرابات العض‪HH‬وية يف تفس‪HH‬ري‬

‫االض‪HH‬طرابات النفس‪HH‬ية‪ ،‬وأح‪HH‬د مؤسس‪HH‬ي علم األعص‪HH‬اب املعاص‪HH‬ر‪ .‬ولق‪HH‬د أوىل يف العق‪HH‬دين األخ‪HH‬ريين من حيات‪HH‬ه ج‪HH‬ل‬

‫اهتمامه مبرض اهلسترييا‪ .‬وجه‪H‬د يف معاجلة املص‪H‬ابني ب‪H‬ه مس‪H‬تخدما طريق‪H‬ة التن‪H‬ومي املغناطيس‪H‬ي‪ .‬وهلذه الطريق‪H‬ة قص‪H‬ة‬

‫طويل‪HH‬ة حققت ع‪HH‬رب مراحله‪HH‬ا املتع‪HH‬ددة القلي‪HH‬ل من النج‪HH‬اح والكث‪HH‬ري من اإلخف‪HH‬اق‪ .‬وهي متت‪HH‬د جبذورها إىل النص‪HH‬ف‬

‫الث‪HH‬اين من الق ‪HH‬رن الث‪HH‬امن عش‪HH‬ر‪ ،‬حيث ك‪HH‬انت تع ‪HH‬رف باملس‪HH‬مرية نس‪HH‬بة إىل رج‪HH‬ل أملاين امسه فران‪HH‬ز انط‪HH‬وان مس‪HH‬مر‪،‬‬

‫وتعتمد هذه الطريقة‪ ،‬يف جوهر األمر على االستهواء أو اإلحياء الذي يستطيع الطبيب على أساس‪H‬ه تن‪H‬ومي املريض‬

‫تنوميا اصطناعيا‪.‬‬

‫وإذا ك ‪HH‬ان ض ‪HH‬وء التن ‪HH‬ومي املغناطيس ‪HH‬ي ق ‪HH‬د خب ‪HH‬ا يف أملاني ‪HH‬ا بوف ‪HH‬اة مس ‪HH‬مر‪ ،‬فإن ‪HH‬ه وج ‪HH‬د بع ‪HH‬د ذل ‪HH‬ك الكث ‪HH‬ري من دع ‪HH‬اة‬

‫واالنص‪HH‬ار يف اجنل‪HH‬رتا وفرنس‪HH‬ا بش‪HH‬كل خ‪HH‬اص‪ .‬فق‪HH‬د عم‪HH‬ل ك‪HH‬ل من جيمس ايزوي‪HH‬ل وج‪HH‬ون اليوتس‪HH‬ون وجيمس بري‪HH‬د‬

‫على نش‪HH‬ر املس‪HH‬مرية واس‪HH‬تخدامها يف معاجلة األم‪HH‬راض العص‪HH‬بية ووس‪HH‬يلة ختدير يف العملي‪HH‬ات اجلراحي‪HH‬ة‪ .‬وب‪HH‬ذل ك‪HH‬ل‬

‫إليه(ع‪HH‬امود ب‪HH‬در ال‪HH‬دين‪،‬‬ ‫منهم جهودا كبرية يف البحث عن ذلك التفسري العلمي املقنع الذي عجز مسمر عن الوصول‬
‫‪.)70 ،2001‬‬

‫إذن ه" ""ذه المرحل" ""ة تم" ""يزت ب" ""التركيز أك" ""ثر على األع" ""راض وتط" ""ور الم" ""رض وخاص" ""ة الج" ""انب‬

‫النيرولوجي العضوي ولهذا فإن االهتمام كان منصبا خاصة على أمراض الذهان‪.‬‬
‫المرحلة الكالسيكية الثانية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ظهرت يف هناي‪H‬ة الق‪H‬رن ‪ 19‬ونص‪H‬ف الق‪H‬رن ‪ 20‬مص‪H‬طلحات جدي‪H‬دة يف دراس‪H‬ة املرض النفس‪H‬ي وي‪H‬تزعم ذل‪H‬ك‬

‫الط‪HH‬بيب النفس‪HH‬ي ‪ Pierre Janet‬ال‪HH‬ذي ك‪HH‬ان يتمت‪HH‬ع بثقاف‪HH‬ة فلس‪HH‬فية دأب على دعمه‪HH‬ا بدراس‪HH‬ة الطب والفيزيولوجي‪HH‬ا‬

‫عمال بنصيحة أستاذه ريبو وعم‪HH‬ه الفيلس‪HH‬وف بول جانيه‪ .‬وم‪HH‬ع أن‪HH‬ه درس الطب على ي‪HH‬د ش‪HH‬اركو‪ ،‬فق‪HH‬د ذهب يف‬

‫تأوي‪H‬ل األم‪HH‬راض النفس‪H‬ية مبذهب ريب‪H‬و‪ .‬حيث نظ‪H‬ر إىل حال‪H‬ة التن‪H‬ومي املغناطيس‪H‬ي على أهنا ليس‪H‬ت مما ميكن إرجاع‪HH‬ه‬

‫إىل تغ‪HH H‬ريات اجلمل‪HH H‬ة العص‪HH H‬بية ‪ ،‬وإمنا هي ش‪HH H‬كل من أش‪HH H‬كال الن‪HH H‬وم االص‪HH H‬طناعي ال‪HH H‬ذي تص‪HH H‬بح أفع‪HH H‬ال الش‪HH H‬خص‬

‫وتصرفاته أثناءه الشعورية‪.‬‬

‫وعالوة على ذل ‪HH‬ك تن ‪HH‬اول جاني ‪HH‬ه عالق ‪HH‬ة اجلانب العقلي باجلانب االنفع ‪HH‬ايل وأث ‪HH‬ر انس ‪HH‬جامهما وتكاملهم ‪HH‬ا يف‬

‫احلياة النفسية‪ .‬واعتقد بأن اضطراب هذه العالقة يشكل العرض اجلوهري للهسترييا‪ .‬ولئن ك‪HH‬ان اجلانب‪HH‬ان يؤلف‪HH‬ان‬

‫ل‪HH‬دى اإلنس‪HH‬ان الس‪HH‬وي كال متك‪HH‬امال وثابت‪HH‬ا نس‪HH‬بيا‪ ،‬فإهنم‪HH‬ا يف حال‪HH‬ة اهلس‪HH‬ترييا يفتق‪HH‬ران إىل مث‪HH‬ل ه‪HH‬ذا التكام‪HH‬ل وذاك‬

‫الثبات‪ .‬وهنا‪ ،‬يف احلالة األخرية‪ ،‬تضعف (إن مل نقل تنعدم) وح‪H‬دة الشخص‪H‬ية إىل درج‪H‬ة تنقس‪H‬م فيه‪H‬ا إىل بن‪H‬اءات‬

‫منفص‪HH‬لة‪ .‬وعن‪HH‬دها يظه‪HH‬ر ل‪HH‬دى املريض (تبع‪HH‬ا لش‪HH‬دة املرض ودرجت‪HH‬ه) أك‪HH‬ثر من " أن‪HH‬ا" ال وج‪HH‬ود ألي عالق‪HH‬ة فيم‪HH‬ا‬

‫بينها‪ ،‬األمر الذي حيول عالقة اإلنسان مبحيطه من عالقة منسجمة ومتوازنة إىل عالقة صراع ونزاع حادين‪.‬‬

‫كم‪HH‬ا تكلم جاني‪HH‬ه على املص‪HH‬طلحات " ‪ "Tension nerveuse- la forse‬وف‪HH‬رض احتم‪HH‬ال وق‪HH‬وع حتوالت يف‬

‫الت‪HH‬وتر النفس‪HH‬ي واس‪HH‬س ب‪HH‬ذلك نظري‪HH‬ة ال‪HH‬وهن النفس‪HH‬ي ‪ psychasthénie‬وه‪HH‬ذا دف‪HH‬ع ب‪HH‬ه إىل التط‪HH‬رق أك‪HH‬ثر إىل دراس‪HH‬ة‬

‫العص ‪HH‬اب وذهب إىل ت ‪HH‬أليف كت ‪HH‬اب جدي ‪HH‬د "األعص ‪HH‬بة" والكت ‪HH‬اب ال ي ‪HH‬دعو جماال للش ‪HH‬ك حبيث يق ‪HH‬ول جاني ‪HH‬ه في ‪HH‬ه‬

‫‪ " 1909‬إن األعص ‪HH‬بة تعت ‪HH‬ربا مرض ‪HH‬ا يس ‪HH‬تهدف خمتل ‪HH‬ف وظ ‪HH‬ائف اجلس ‪HH‬م وتتم ‪HH‬يز بت ‪HH‬دهور يف األط ‪HH‬راف العلي ‪HH‬ا هلذه‬
‫الوظائف اليت تعطلت يف تطورها وتكيفها يف الزمان احلاضر" وبعب‪H‬ارة أخ‪H‬رى ف‪H‬إن العص‪H‬اب بالنس‪H‬بة ل جاني‪H‬ه ه‪H‬و‬

‫" اضطراب يف خمتلف الوظائف للجسم تتميز بوقوف النمو دون تدهور الوظيفة نفسها"‪.‬‬

‫تبقى نظري‪H‬ة جاني‪H‬ه ب‪H‬أن التش‪H‬خيص وعالج األع‪HH‬راض العص‪HH‬ابية تعتم‪H‬د على املرج‪H‬ع الن‪H‬ريولوجي النفس‪H‬ي وه‪HH‬ذا‬

‫يعترب عنصر منهجي جديد لدراس‪H‬ة االض‪H‬طرابات النفس‪H‬ية فه‪H‬و يفض‪H‬ل اللج‪H‬وء إىل الوص‪H‬ف م‪H‬ع التنقيب والكش‪H‬ف‬

‫(مرجع سابق‪.)71-70 ،2001 ،‬‬ ‫حول مفهوم األعراض‬

‫المنهج التحليلي‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫برزت يف الوقت نفسه فلسفة علم النفس التحليلي الذي يبني بوضوح بأن للمرض النفسي خفايا متكننا من‬

‫اظه‪HH‬ار دور العناص‪HH‬ر الغريزي‪HH‬ة العاطفي‪HH‬ة يف تك‪HH‬وين ونش‪HH‬أت املرض النفس‪HH‬ي وه‪HH‬ذا يعت‪HH‬رب حتوال حموري ب‪HH‬دون من‪HH‬ازع‬

‫يف تط ‪HH H‬ور مع ‪HH H‬ارف علم النفس املرض ‪HH H‬ي‪ ،‬وت ‪HH H‬زعم ه ‪HH H‬ذا املنهج االنفع ‪HH H‬ايل االس ‪HH H‬تبطاين ط ‪HH H‬بيب األم ‪HH H‬راض العص ‪HH H‬بية‬

‫النمس‪HH‬اوي "س‪HH‬يجموند فروي‪HH‬د ‪ "Freud‬من‪HH‬ذ ف‪HH‬رتة التس‪HH‬عينيات ب‪HH‬القرن التاس‪HH‬ع عش‪HH‬ر وح‪HH‬ىت وفات‪HH‬ه ع‪HH‬ام ‪1939‬م‪،‬‬

‫ولقد وضح منهجه وخطته انطالقا من سؤال معىن األعراض يف كتاب‪H‬ه الش‪H‬هري "م‪HH‬دخل إىل علم النفس التحليلي"‬

‫س‪H‬نة ‪ 1916‬م وال‪H‬ذي يؤك‪H‬د في‪H‬ه ألول وهل‪H‬ة على أن اس‪H‬تعمال املن‪H‬اهج والتقني‪H‬ات العقلي‪H‬ة هي يف الواق‪H‬ع تعت‪H‬رب يف‬

‫أغلب األحي‪HH‬ان ذريع‪HH‬ة إلنك‪HH‬ار ومقاوم‪HH‬ة الص‪HH‬راعات الالش‪HH‬عورية ض‪HH‬د نظري‪HH‬ة التحلي‪HH‬ل‪ .‬وهلذا الغ‪HH‬رض تعم‪HH‬د فروي‪HH‬د‬

‫التحليل واالبتعاد عن دور العق‪H‬ل ومعرف‪H‬ة العقالني‪H‬ة وأك‪H‬د على فعالي‪H‬ة دور العناص‪H‬ر الالش‪H‬عورية مرك‪H‬زا أك‪H‬ثر على‬

‫عالقتهم حول مصطلح ليبيدو واستطاع بذلك أن يؤسس لالشعور هوي‪H‬ة خاص‪HH‬ة وأن يق‪HH‬رتح طوبي‪H‬ات أي أن‪H‬واع‬

‫من اهلياك‪HH‬ل للمخل‪HH‬وق البش‪HH‬ري انطالق‪HH‬ا من منهج‪HH‬ه التحليلي ذو نزع‪HH‬ة احساس‪HH‬ية انفعالي‪HH‬ة وجع‪HH‬ل من منهج‪HH‬ه ه‪HH‬ذا‬

‫تي‪HH H‬ارا عالجي وأك‪HH H‬د ب‪HH H‬أن ه‪HH H‬ذا املنهج ه‪HH H‬و ص‪HH H‬احل لدراس‪HH H‬ة العص‪HH H‬اب وت‪HH H‬اريخ احلض‪HH H‬ارات وح‪HH H‬ىت علم الاله‪HH H‬وت‬

‫وال‪HH‬ديانات واخلراف‪HH‬ات وامليتولوجي‪HH‬ا على ح‪HH‬د س‪HH‬واء يعت‪HH‬رب فروي‪HH‬د ب‪HH‬دون من‪HH‬ازع الش‪HH‬خص والك‪HH‬اتب واملع‪HH‬اجل ال‪HH‬ذي‬
‫ذهب إىل ح ‪HH‬د بعي ‪HH‬د باس ‪HH‬تعمال املعرف ‪HH‬ة احلس ‪HH‬ية رغم أن ‪HH‬ه ي ‪HH‬رفض عن قص ‪HH‬د املعطي ‪HH‬ات الفوري ‪HH‬ة مث ‪HH‬ل‪ :‬األع ‪HH‬راض‪-‬‬

‫تصرحيات املريض‪.....‬وكان اهتمامه على الدوافع ال‪H‬يت تظه‪H‬ر أثن‪H‬اء املقابل‪H‬ة بني املريض والط‪H‬بيب وح‪H‬ىت يص‪H‬ل إىل‬

‫ذل‪H‬ك ك‪H‬ان يلج‪H‬أ إىل ظ‪HH‬روف مالحظ‪H‬ة تس‪H‬هل ظه‪HH‬ور ه‪HH‬ذه ال‪H‬دوافع وهك‪H‬ذا وض‪HH‬ع بعض القواع‪HH‬د التقني‪H‬ة ق‪H‬د تك‪H‬ون‬

‫ض‪HH‬رورية ن‪HH‬ذكر من بينه‪HH‬ا احلال‪HH‬ة املغلق‪HH‬ة بني املريض واملالح‪HH‬ظ‪ ،‬خل‪HH‬ق التحوي‪HH‬ل ال‪HH‬ذي يس‪HH‬هل االتص‪HH‬ال بني الش‪HH‬عور‬

‫املريض والشعور املعاجل‪ ،‬التداعي احلر‪ .‬أصبح منطقيا حسب تطلعه رفض املقابلة اجلدلية حىت يستطيع احملل‪H‬ل هن‪H‬ا‬

‫احلصول على أقصى معلومات بواسطة هذا االتصال الالش‪H‬عوري بني احملل‪H‬ل واملريض فاملعرف‪H‬ة هن‪H‬ا تك‪H‬ون تدرجيي‪H‬ة‬

‫انطالق ‪HH H‬ا من احلاض ‪HH H‬ر إىل املاض ‪HH H‬ي ويطل ‪HH H‬ق على منهجيت ‪HH H‬ه اس ‪HH H‬م التط ‪HH H‬ابق احلس ‪HH H‬اس بني ذكري ‪HH H‬ات وأحالم املريض‬

‫وتشاهبها مع جتارب اآلخرين وخمتلف النشاطات االنسانية مثل املعتقدات واخلرافات‪....‬‬

‫إذن اعتم‪HH‬د "فروي‪HH‬د ‪ " Freud‬بش‪HH‬كل كب‪HH‬ري يف فهم‪HH‬ه للعق‪HH‬ل البش‪HH‬ري على األس‪HH‬اليب التفس‪HH‬ريية واستكش‪HH‬اف‬

‫املشاعر واألفكار اخلفية (االستبطان) واملالحظات الاكلينيكية‪ .‬وقد ركز بشكل خ‪HH‬اص على ح‪HH‬ل الص‪HH‬راع ال‪HH‬ذي‬

‫حيدث يف العق‪H‬ل الب‪H‬اطن والتخلص من حال‪H‬ة الت‪H‬وتر العقلي‪ ،‬كم‪H‬ا رك‪H‬ز على علم النفس املرض‪H‬ي‪ .‬وق‪H‬د ذاع ص‪H‬يت‬

‫نظريات "فرويد ‪ " Freud‬يف علم النفس‪ ،‬ويرجع السبب األساس‪H‬ي يف ذل‪H‬ك إىل تناوهلا ملوض‪H‬وعات‪ ،‬مث‪H‬ل اجلنس‬

‫والكبت والعق ‪HH H‬ل الب ‪HH H‬اطن على أهنا من اجلوانب العام ‪HH H‬ة للتط ‪HH H‬ور النفس ‪HH H‬ي‪ .‬ك ‪HH H‬انت تعت ‪HH H‬رب تل ‪HH H‬ك املوض ‪HH H‬وعات من‬

‫" جنح يف تناوهلا وش ‪HH‬رحها‬ ‫‪Freud‬‬ ‫احملظ ‪HH‬ورات ال ‪HH‬يت ال ميكن االق ‪HH‬رتاب منه ‪HH‬ا أو التح ‪HH‬دث عنه ‪HH‬ا‪ ،‬ولكن "فروي ‪HH‬د‬

‫بطريق ‪HH‬ة الئق ‪HH‬ة ومهذب ‪HH‬ة‪ .‬لق ‪HH‬د ُع رف "فروي ‪HH‬د ‪ "Freud‬بتقس ‪HH‬يمه للعق ‪HH‬ل البش ‪HH‬ري إىل ثالث ‪HH‬ة أج ‪HH‬زاء ت ‪HH‬أيت على ه ‪HH‬ذا‬

‫الرتتيب أهلوا واألنا واألنا األعلى ونظرياته عن عقدة أوديب‪ .‬ولكن إسهاماته اليت ستظل باقية أبد الدهر يف ه‪H‬ذا‬

‫العلم ال تتمث‪H‬ل فيم‪H‬ا اش‪H‬تملت علي‪H‬ه النظري‪H‬ات ال‪H‬يت ق‪H‬ام بإرس‪H‬ائها في‪H‬ه وال على تقس‪H‬يمه للعق‪HH‬ل البش‪H‬ري على النح‪H‬و‬

‫السابق اإلش‪H‬ارة إلي‪H‬ه‪ ،‬ب‪H‬ل باالبتك‪H‬ارات ال‪H‬يت ج‪H‬اء هبا يف اجملال اإلكلي‪H‬نيكي لعلم النفس‪ ،‬مث‪H‬ل أس‪H‬لوب الت‪H‬داعي احلر‬

‫واهتمام‪HH‬ه بتفس‪HH‬ري األحالم على أس‪HH‬س حتليلي‪HH‬ة‪ .‬لق‪HH‬د ك‪HH‬ان لفك‪HH‬ر وآراء "فروي‪HH‬د ‪ " Freud‬ب‪HH‬الغ األث‪HH‬ر على الط‪HH‬بيب‬
‫النفس‪HH‬ي السويس‪HH‬ري االص‪HH‬ل "ك‪HH‬ارل ج‪HH‬انج" وال‪HH‬ذي أص‪HH‬بح علم النفس التحليلي ال‪HH‬ذي أبتك‪HH‬ره ه‪HH‬ذا الط‪HH‬بيب ب‪HH‬ديًال‬

‫لعلم نفس األعم‪H‬اق‪ .‬ومن بني املفك‪H‬رين ال‪H‬ذين ذاع ص‪H‬يتهم يف جمال التحلي‪H‬ل النفس‪H‬ي يف منتص‪H‬ف الق‪H‬رن العش‪H‬رين‬

‫"آن ‪HH‬ا فروي ‪HH‬د" ابن ‪HH‬ة "س ‪HH‬يجموند فروي ‪HH‬د" و"إيري ‪HH‬ك إيريكس ‪HH‬ون" ع ‪HH‬امل النفس األملاين ‪ -‬األم ‪HH‬ريكي و"ميالين كلني"‬

‫احمللل ‪HH‬ة النفس ‪HH‬ية األس ‪HH‬رتالية ‪ -‬اإلجنليزي ‪HH‬ة واحملل ‪HH‬ل النفس ‪HH‬ي والط ‪HH‬بيب "دي دبيل ‪HH‬و وي ‪HH‬نيكوت" وعاملة النفس األملاني ‪HH‬ة‬

‫"كارين هورين" وعامل النفس والفيلسوف األملاين "إيريك فروم" والطبيب النفسي اإلجنليزي "جون باولباي"‪.‬‬

‫ويش‪HH‬تمل جمال التحلي‪HH‬ل النفس‪HH‬ي احلديث على ع‪HH‬دد من املدارس الفكري‪HH‬ة املختلف‪HH‬ة وال‪HH‬يت تش‪HH‬تمل ب‪HH‬دورها على‬

‫علم نفس األن‪HH‬ا والعالق‪HH‬ات املوض‪HH‬وعية والعالق‪HH‬ات الشخص‪HH‬ية املتبادل‪HH‬ة وأس‪HH‬لوب التحلي‪HH‬ل النفس‪HH‬ي للع‪HH‬امل "الك‪HH‬ان"‬

‫والتحلي‪HH‬ل النفس‪HH‬ي املرتب‪HH‬ط بالعالق‪HH‬ات‪ .‬وق‪HH‬د أدى تع‪HH‬ديل نظري‪HH‬ات "ج‪HH‬انج" إىل ظه‪HH‬ور النم‪HH‬وذج الب‪HH‬دائي واملدارس‬

‫املنهجي ‪HH‬ة للفك ‪HH‬ر النفس ‪HH‬ي‪ .‬يف حني ح ‪HH‬اول الفيلس ‪HH‬وف النمس ‪HH‬اوي ‪ -‬الربيط ‪HH‬اين "ك ‪HH‬ارل ب ‪HH‬وبر" إثب ‪HH‬ات أن نظري ‪HH‬ات‬

‫"فروي ‪HH‬د" يف جمال التحلي ‪HH‬ل النفس ‪HH‬ي مت تق ‪HH‬دميها بطريق ‪HH‬ة غ ‪HH‬ري معتم ‪HH‬دة على التجرب ‪HH‬ة واالختب ‪HH‬ار‪ .‬تعتم ‪HH‬د أقس ‪HH‬ام علم‬

‫النفس يف اجلامعات األمريكية اليوم على التوجه العلمي ومت هتميش فكر "فروي‪H‬د" ونظريت‪H‬ه والنظ‪H‬ر إليه‪HH‬ا على أهنا‬

‫ابتكار تارخيي عفا عليه الزمن‪ ،‬وذلك استناًد ا إىل الدراس‪H‬ة ال‪H‬يت أجرهتا م‪H‬ؤخًر ا اجلمعي‪H‬ة األمريكي‪H‬ة للطب النفس‪H‬ي‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬قام مؤخًر ا عامل األعصاب اجلن‪H‬وب أف‪H‬ريقي "م‪H‬ارك س‪H‬وملز" وغ‪H‬ريه من الب‪H‬احثني يف اجملال الط‪H‬يب اجلدي‪H‬د‬

‫واملعاص‪HH‬ر ال‪HH‬ذي حيم‪HH‬ل اس‪HH‬م التحلي‪HH‬ل النفس‪HH‬ي العص‪HH‬يب بال‪HH‬دفاع عن بعض األفك‪HH‬ار ال‪HH‬يت ج‪HH‬اء هبا "فروي‪HH‬د" مس‪HH‬تندين‬

‫على أس‪HH‬س علمي‪HH‬ة ثابت‪HH‬ه‪ ،‬مش ‪ًH‬ريا إىل تكوين‪HH‬ات املخ ال‪HH‬يت ترتب‪HH‬ط مبف‪HH‬اهيم "فروي‪HH‬د"‪ ،‬مث‪HH‬ل اللبي‪HH‬دو (الش‪HH‬هوة اجلنس‪HH‬ية)‬

‫والدوافع والعقل الباطن (الالشعور) والكبت( ‪.)sitweb1‬‬


‫الخالصة‪:‬‬

‫مت خالل ه‪HH‬ذه املداخل‪HH‬ة التط‪HH‬رق إىل موض‪HH‬وع املراح‪HH‬ل التارخيي‪HH‬ة لتط‪HH‬ور من‪HH‬اهج علم النفس املرض‪HH‬ي‪ ،‬ه‪HH‬ذا‬

‫العلم ال ‪HH‬ذي يهتم بدراس ‪HH‬ة اجلانب النفس ‪HH‬ي واض ‪HH‬طراباته‪ ،‬ويه ‪HH‬دف إىل تش ‪HH‬خيص وتص ‪HH‬نيف االض ‪HH‬طرابات النفس ‪HH‬ية‬

‫واسباهبا وصراعات الشخص الداخلية يف سعيه للتكيف‪.‬‬

‫ال ‪HH‬ذي يتم ‪HH‬يز باالجتاه‬ ‫‪Pinel‬‬ ‫وق ‪HH‬د ثالث ‪HH‬ة مراح ‪HH‬ل أساس ‪HH‬ية‪ :‬ب ‪HH‬دأت املرحل ‪HH‬ة األوىل م ‪HH‬ع الط ‪HH‬بيب املع ‪HH‬روف‬

‫األخالقي االنس‪HH H‬اين النزع‪HH H‬ة وك‪HH H‬ان يعتم‪HH H‬د على املالحظ‪HH H‬ة الدقيق‪HH H‬ة يف تأس‪HH H‬يس اجلانب االكلي‪HH H‬نيكي‪ ،‬كم ‪HH‬ا متيزت‬

‫بالرتكيز أكثر على األعراض وتطور املرض وخاصة اجلانب النريولوجي العضوي وهلذا فإن االهتمام كان منص‪H‬با‬

‫بتأسيس‪H‬ه لنظري‪H‬ة ال‪H‬وهن‬ ‫ج‪H‬اين‪Pierre Janet‬‬ ‫خاص‪H‬ة على أم‪H‬راض ال‪H‬ذهان ‪ ،‬أم‪H‬ا املرحل‪H‬ة الثاني‪H‬ة فق‪H‬د تزعمه‪H‬ا بي‪H‬ار‬

‫النفسي‪ ،‬وتشري نظريت‪H‬ه ب‪H‬أن التش‪H‬خيص وعالج األع‪H‬راض العص‪H‬ابية تعتم‪H‬د على املرج‪H‬ع الن‪H‬ريولوجي النفس‪H‬ي وه‪H‬ذا‬

‫يعت‪HH‬رب منهج جدي‪HH‬د لدراس‪HH‬ة االض‪HH‬طرابات النفس‪HH‬ية‪ ،‬ويف األخ‪HH‬ري املنهج التحليلي ال‪HH‬ذي ي‪HH‬بني بوض‪HH‬وح ب‪HH‬أن للم‪HH‬رض‬

‫النفس‪HH‬ي خفاي‪HH‬ا متكنن‪HH‬ا من إظه‪HH‬ار دور العناص‪HH‬ر الغريزي‪HH‬ة العاطفي‪HH‬ة يف تك‪HH‬وين ونش‪HH‬أت املرض النفس‪HH‬ي وه‪HH‬ذا يعت‪HH‬رب‬

‫حتول حموري ب‪H‬دون من‪H‬ازع يف تط‪H‬ور مع‪HH‬ارف علم النفس املرض‪HH‬ي وت‪H‬زعم ه‪HH‬ذا املنهج االنفع‪HH‬ايل االس‪H‬تبطاين ط‪HH‬بيب‬

‫آخر يدعى فرويد ‪. Freud‬‬


‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫بوعود أمساء‪ ،‬االضطرابات النفسية بين السيكولوجيا الحديثة والمنظور االسالمي‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اصدارات مؤسسة العلوم النفسية العربية‪ ،‬اجلزائر‪.2014 ،‬‬
‫ح ‪HH‬افري زهي ‪HH‬ة غني ‪HH‬ة‪ ،‬مطبوع""ة ال""دعم البي""داغوجي في مقي""اس‪ :‬علم النفس المرض""ي‪ ،‬كلي ‪HH‬ة‬ ‫‪-2‬‬

‫العلوم االنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سطيف‪.2014/2015 ،2‬‬

‫ج‪HH‬ابر الس‪HH‬يد اب‪HH‬راهيم‪ ،‬التعليم والتعلم عند الطفل – اكتس""اب المه""ارات والخ""برات وردود‬ ‫‪-3‬‬

‫األفعال‪ ،-‬دار التعليم اجلامعي‪ ،‬ليبيا‪.2012 ،‬‬

‫ع ‪HH‬امود ب ‪HH‬در ال ‪HH‬دين‪ ،‬علم النفس في الق ""رن العش ""رين‪ ،‬من منش ‪HH‬ورات احتاد الكت ‪HH‬اب الع ‪HH‬رب‪،‬‬ ‫‪-4‬‬

‫دمشق‪.2001 ،‬‬

‫حمم ‪HH‬د إب ‪HH‬راهيم األتاس ‪HH‬ي‪ ،‬من ت""اريخ طب النفس واألعص""اب عن""د الع""رب والمس""لمين‪ ،‬دار‬ ‫‪-5‬‬

‫الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪.1942 ،‬‬


‫‪6-‬‬ ‫‪Sitweb1 : https://www.acofps.com/vb/‬‬

You might also like