You are on page 1of 13

‫بحث حول نظرية التحليل النفسي لسيجموند فرويد‬

‫تقديــــــــــــــــــــــم‪:‬‬
‫يمثل العالج النفسي عند فرويد أهمية كبيرة في مجاالت العالج النفسي‪ ،‬وذلك نظرا لسبقه التاريخي‪،‬‬
‫وآلثاره المعاصرة الواسعة على أساليب العالج النفسي المعاصر‪ .‬وينسب إلى فرويد أنه اكتشف‬
‫الالشعور؛ وإن كان هناك من يقول إن علماء آخرين اهتدوا إلى فكرة الالشعور قبل فرويد ‪ .‬ويعود إلى‬
‫فرويد الوصف الدقيق والتفصيلي لمحتويات الالشعور‪ ،‬حيث وصفه بأنه خزان يغلي بالرغبات الجنسية‬
‫التي لم تتحقق منذ الطفولة حتى اآلن ‪ .‬ولقد أقام فرويد نظريته األولى عن السلوك البشري نتيجة عمله في‬
‫التنويم المغناطيسي‪ ،‬ثم بخبرته بالتداعي الحر‪ ،‬وتحليل األحالم خاصة أحالمه هو و أحالم مرضاه‪.‬‬
‫لقد اهتم فرويد في أول األمر بعالج مرضى الهستيريا‪ ،‬وهي عصاب نفسي يصيب األطراف والحواس‬
‫بالشلل الذي ال يرجع إلى تلف أو خلل عضوي في جسم المريض‪ ،‬ومنها الشلل الهستيري والصمم و‬
‫العمى وحركات األحشاء‪ .‬ولقد أمكن عالج بعض مرضاه بالتنويم المغناطيسي الذي يساعد على تفريغ‬
‫المريض النفعاالته و اإلفصاح عن آالمه‪.‬‬
‫لقد إشتغل فرويد على ما الحظه على استجابات المريض أثناء عملية التفريغ االنفعالي في مجرى العالج‪،‬‬
‫وخاصة المظاهر الجنسية ودور الجنس في حياة المريض‪ ،‬ثم ظاهرة تحويل المريض النفعاالته نحو‬
‫المعالج‪.‬‬
‫اعتمد فرويد في العالج على مبدأ الحتمية النفسية ومؤداها أن لكل معلول علة‪ ،‬أو لكل سبب نتيجة‬
‫فالظاهرة النفسية كالظواهر الطبيعية ال توجد بدون سبب‪ ،‬فاألفكار واألفعال و االنفعاالت التي كان يظن‬
‫أنها تأتي عبثا أو ال معنى لها ال بد وأنها ترجع إلى سبب ما شعوري أو ال شعوري‪.‬‬
‫كذلك أدرك فرويد بأن هناك كثيرا من األفعال التي تعزى خطأ ً ألسباب شعورية‪ ،‬ولكنها في الحقيقة ترجع‬
‫ألسباب ال شعورية‪ ،‬ال يفطن المرء لها‪ ،‬وال يعيها أو يدركها‪ ،‬وال يعترف بها‪ .‬وفي أواخر القرن الماضي‬
‫أدرك فرويد بأن التفريغ االنفعالي أثناء النوم وأثناء اليقظة اليساعد في الكشف عن الالشعور ولذلك اهتدى‬
‫إلى استعمال التداعي الحر سواء تحت تأثير التنويم المغناطيسي أو بدونه ‪.‬‬
‫استوحى فرويد نظريته التي تعطي أهمية بالغة للجانب الجنسي‪ ،‬من حياة الفرد‪ ،‬وكذلك من توغل‬
‫المشكالت وارتداد جذورها إلى مرحلة الطفولة المبكرة التي يعطيها فرويد األهمية الكبرى في تشكيل‬
‫شخصية الفرد‪ .‬وتقوم نظريته على أن الطاقة الجنسية الحيوية أو مايسمى الليبيدو ‪ libido‬تدفع الفرد نحو‬
‫اللذة ويسير اإلنسان نحو النضج الجنسي والنفسي‪ ،‬ولكن إذا قابلته معوقات قوية فإن نموه قد يثبت أو يجمد‬
‫عند مرحلة معينة من مراحل النمو ويظهر هذا الجمود في شكل أعراض مرضية ‪.‬‬
‫الخلفية التاريخية للتحليل النفسي‬
‫ما قبل فرويد‬
‫اكتشاف األثر المرضي للذكرى المنسية لحادث ما وارتباطه بانفعاالت عنيفة ‪ ,‬وان تذكر الصدمة النفسية‬
‫أو الجرح النفسي تستعاد في التنويم المغناطيسي وليس في اليقظة والعالج من خالل اإليحاء‪ ,‬والعصاب‬
‫نتيجة ضعف نفساني ( في التوتر)يؤدي لضعف اإلرادة وقدرة االختيار ‪.‬‬
‫_‪1‬االهتمام باألعصاب وخاصة الهستيريا ‪.‬‬
‫_‪2‬التنويم هو وسيلة االستقصاء واالستكشاف للحوادث الصادمة ‪.‬‬
‫_‪3‬اكتشاف مفعول الذكريات غير الواعية المسببة للصدمة النفسية ‪.‬‬
‫_‪4‬التأثير العالجي للتنويم المغناطيسي‪:‬‬
‫نشأته وحياته‬
‫ولد سيجموند فرويد عام ‪ 1856‬ألبوين يهوديين في مدينة تسمى فرايوغ في(تشيكوسلوفاكيا) سابقا ‪,‬وكان‬
‫فرويد األخ األكبر لثمانية إخوة ‪ ,‬وكان أبوه يعمل في تجارة الصوف ‪,‬انتقل مع أبيه وأسرته إلى فينا وهو‬
‫ابن الرابعة من العمر‪ ,‬درس الطب في جامعة فينا وتخرج منها عام ‪ ,1881‬تأثر كثيرا بأفكار دارون التي‬
‫في النشوء االرتقاء والتي تقول أن أصل اإلنسان حيوان ‪,‬كان هدف فرويد أن يصبح عالما مشهورا لذلك‬
‫لم يكن متحمسا لمهنة الطب وفي فينا التقى فرويد بأستاذه الكبير (ارنست بروك) حيث عمل معه في‬
‫مختبره وحصل على شهادة الماجستير ‪,‬ثم سافر إلى فرنسا في بعثة دراسية (الزيود ‪,1998,‬ص‪) 19‬‬
‫وعندما رحل فرويد إلى فرنسا من أجل الدراسة أصبح طالبا بإحدى مستشفياتها وقد التقى العالم (شاركو)‬
‫الذي تأثر به في مجال بحوثه عن الهستيريا ‪,‬وفي خريف ‪ 1886‬استقر به األمر في فينا كطبيب أخصائي‬
‫في األمراض النفسية ‪,‬وقد استخدم في ذلك الوقت العالج بالكهرباء والتنويم المغناطيسي(الخواجا‪2002.‬‬
‫‪,‬ص‪) 42‬‬
‫وفي عام ‪ 1891‬ظهرت أول بحوث فرويد في الشلل الدماغي ‪,‬وشاركه في ذلك العالم (اوسكار) وقد تأثر‬
‫فرويد بعلم الطبيعة وخاصة الطاقة والديناميات ‪,‬وبفضل عبقريته فقد اثبت انه من الممكن تطبيق‬
‫الديناميات على شخصية اإلنسان ‪,‬وعندها بدأ يرسي دعائم علم النفس الدينامي والذي يدرس تحوالت‬
‫الطاقة وتغييراتها المتبادلة في صميم الشخصية ‪,‬وقد كان هذا العمل من أعظم انجازات فرويد وهو الحدث‬
‫الجوهري في علم النفس ‪,‬وفي عام ‪1900‬اصدر كتابه الشهير‪:‬‬
‫(تفسير األحالم) ثم اصدر بعده عددا من الكتب الممتازة في فترة قصيرة (الخواجا ‪,2002,‬ص‪) 42‬‬
‫مسلمات النظرية ‪:‬‬
‫_‪1‬الغريزة الجنسية هي األساس ألكثر العمليات العقلية عند الفرد‪.‬‬
‫_‪2‬كل أنواع السلوك التي تصدر عن الفرد تعود لألعماق وتعمل على توجيه السلوك والتفكير ‪.‬‬
‫_‪3‬السنوات الخمس في حياة الطفل ذو أهمية كبيرة في حياة الفرد النفسية ‪.‬‬
‫_‪4‬حتمية السلوك‪:‬قد يكون ظاهر أو مخفي‪ ,‬منطقي أو غير منطقي‪.‬‬
‫_‪5‬الفرق بين السوي وغير السوي فرق في الدرجة فقط‪.‬‬
‫_‪6‬الحلم ليس حالة من العماء إنما حقيقة واقعية منطقية ولغة رمزية ‪.‬‬
‫المنطلق الفلسفي لدى فرويد‪:‬‬
‫إن نظرية فرويد لم تكن متفائلة للطبيعة البشرية فهي تنظر إلى اإلنسان في تشاؤم على انه شهواني‬
‫وعدواني‪ ...‬ويوضح فرويد أن التحليل النفسي هو إجراء قائم بذاته مستقل بنوعه وشيء غريب في بابه ال‬
‫يمكن فهمه إال عن طريق التسليم بفروض ونظريات علمية جديدة ‪,‬والتحليل النفسي يقوم على أساس‬
‫التسليم بنظرية العقل الباطن والتي تفرض تقسيم الحياة العقلية إلى الشعور والالشعور وان تفكيرنا الظاهر‬
‫وتصرفاتنا الشعورية ما هي إال نتيجة للعمليات الالشعورية التي تحدث في العقل الباطن ‪,‬وتكون مستقلة‬
‫عن إرادتنا والعقل الباطن يمكن التدليل عليه بإجراء التحليل كما ويمكن التدليل على وجوده بظواهر‬
‫التنويم المغناطيسي واألحالم ‪ ,‬ويمكن أن يعرف التحليل النفسي بأنه ( فن دراسة العقل الباطن ‪ ,‬وهذه‬
‫الدراسة تقوم على أسلوب فني خاص يسمى أسلوب التداعي الحر لسبر أعماق الالشعور وكشف ما‬
‫يحتويه من غرائز وميول فطرية أو شهوات مكبوتة يجهلها الفرد ولكنها ذات أثر فعال في حياته الشعورية‬
‫(الخواجا ‪, 2002,‬ص‪) 43‬‬
‫ان اإلطار الفلسفي الذي انطلق منه فرويد كان من أسس بيولوجية وذلك من خالل طبيعة عمله كطبيب‬
‫‪,‬وفسر الحياة النظرية لكل فرد على اتجاهين ‪:‬‬
‫االتجاه األول ‪:‬يتمثل في البناء الجسمي والعضوي لإلنسان وذلك من خالل الجهاز العصبي (زيود ‪1998,‬‬
‫‪,‬ص‪) 20‬‬
‫االتجاه الثاني ‪ :‬يتعلق باألفعال الشعورية لدى األفراد وأما ما يكون فهو مجهول في منطقة الالشعور‬
‫(زيود ‪, 1998,‬ص‪) 20‬‬
‫ويذكر الخواجا أن وجهة نظر فرويد في الطبيعة اإلنسانية هي أن اإلنسان غير مخير ‪,‬ثم انه أيضا ليس‬
‫خيرا أو شريرا ‪,‬وان السلوك اإلنساني محكوم بدوافع الشعورية وبيولوجية وغريزية جنسية خالل‬
‫السنوات األولى من حياة اإلنسان ‪.‬‬
‫المنطلقات النظرية عند فرويد‬
‫التحليل النفسي الكالسيكي الذي طوره فرويد ) ‪(1856-1939‬‬
‫يؤكد االفتراضات التالية فيما يتعلق بالسلوك والشخصية هي‪:‬‬
‫‪1-‬الشخصية مكونة من ثالثة أجهزة وهي الهو‪ id ,‬واالنا ‪ ego ,‬واالنا األعلى ‪super ego‬‬
‫‪2-‬السنوات الخمس األولى من نمو الفرد في الطفولة تعتبر حرجة ‪,‬وتقرر إلى حد بعيد سلوكه كراشد في‬
‫المستقبل سواء أكان سويا أم شاذا‪.‬‬
‫‪3-‬النزعات الجنسية تعتبر محددات لسلوك الفرد ‪.‬‬
‫‪4-‬معظم سلوك الفرد محكوم بمحددات ال شعورية (جامعة القدس المفتوحة ‪) 1992,‬‬
‫المفاهيم األساسية للنظرية التحليلية ‪:‬‬
‫•منهج التحليل النفسي‪ :‬يقوم على أساس استعادة حقيقي لألحداث القديمة عند الفرد وذلك إلخراج ما في‬
‫الالشعور إلى الشعور‬
‫•الغريزة الجنسية‪ :‬لها دور هام في نشأة الشخصية وبنائها وكذلك لها دور بالنسبة لألمراض النفسية‬
‫والعقلية‬
‫•السنوات الخمس األولى‪ :‬من عمر اإلنسان ذات دور هام في الشخصية سواء في االتجاه نحو الشخصية‬
‫السوية أو المرض النفسي‬
‫•توجد حياه نفسية ‪ :‬وهي الالشعور وما قبل الشعور ومنطقة الشعور ‪.‬وأما بالنسبة لالشعور فيتم الكشف‬
‫عنه من خالل األحالم وزالت اللسان ‪.‬‬
‫•نمو اإلنسان يمر في مراحل خمس هي ‪:‬الفمية ثم الشرجية ثم القضيبية ثم الكمون ثم التناسلية ‪.‬ويمكن‬
‫تفسير شخصية اإلنسان الراشد تبعا للمرحلة النفسية التي حدث فيها "تثبيت"‬
‫*مكونات الشخصية هي األنا والهو واالنا األعلى ‪.‬ويتوقف مدى تحقيق الصحة النفسية على كفاءة الوظيفة‬
‫التوفيقية لألنا‪* .‬يعتمد التحليل النفسي كطريقة للعالج على التداعي الحر من قبل المريض وتفسير األحالم‬
‫من قبل المعالج وكذلك تنفيس االضطراب الذي يهيئ تعبيرا أو مصرفا لالنفعاالت المكبوتة‬
‫*األمراض العصابية‪ :‬ترجع إلى الرغبات بأنواعها والتي تم كبتها ‪.‬والعلل والرغبات يجب أن يبحث عنها‬
‫في الماضي‪.‬‬
‫* يعتمد التحليل النفسي على فهم عملية التحويل عند المريض سواء أكانت ايجابية أم سلبية ويقو المعالج‬
‫بتفسير هذا التحويل (الخواجا ‪,2002,‬ص‪) 43‬‬
‫*القلق قسم إلى ثالثة أنواع هي ‪ :‬القلق الموضوعي الذي هو رد فعل لخطر معين ‪ ,‬والقلق العصابي الذي‬
‫ال تتضح معالم مثيره ‪ ,‬والقلق الخلقي والذي مصدره األنا األعلى (الرفاعي ‪ 1982,‬ص‪) 210‬‬
‫نظرية الشخصية ‪theory of personality‬‬
‫ان مفهوم الشخصية في نظرية التحليل النفسي الذي يرتكز على بناء الشخصية هو احد القواعد األساسية‬
‫في مكونات الشخصية الثالث التي لكل مكون مننها خصائصه وصفاته ومميزاته التي تشكل الشخصية‬
‫وأول هذه المكونات‬
‫‪1-‬الهو )‪(the id‬‬
‫التي هي منبع الطاقة الحيوية والنفسية ومستودع الغرائز والدوافع الفطرية ‪ ,‬التي تمثل األساس الغريزي‬
‫الذي ينتج عنه الطاقة النفسية ‪ ,‬وهو فطري سيكولوجي وموجود منذ البداية مع الطفل وهو مستودع‬
‫الغرائز مثل غرائز اللذة والحياة والموت التي تعمل تحت سيطرة الهو بشكل الشعوري حيث ان وظيفة‬
‫الهو األساسية تتمحور على جلب الراحة للفرد (الزيود ‪,1998,‬ص‪)22‬‬
‫والهو ذلك القسم األولي المبكر الذي يظم كل ما يحمله الطفل معه منذ الوالدة إلى األجيال السابقة أي انه‬
‫يحمل ما يسميه فرويد غرائز اللذة والحياة والموت ‪ ,‬وما هو موجود فيه ال يخضع لمبدأ الواقع أو مبادئ‬
‫العالقات المنطقية لألشياء بل يندفع بمبدأ اللذة االبتدائي وكثيرا ما ينطوي على دوافع متضاربة وانه‬
‫الشعوري ويمثل الطبيعة االبتدائية والحيوانية في اإلنسان ( الرفاعي ‪,1982,‬ص‪)113‬‬
‫وأيضا يشمل الهو جميع الموروثات الحسية والعصبية واالنفعالية والبيولوجية والفسيولوجية والجنسية بما‬
‫فيها الغرائز التي تمثل الالشعور شواء كان مكبوتا أو غير مكبوت أي انه يمثل الماضي والموروثات من‬
‫دوافع وغرائز تتصف بالفعالية والنشاط وتعمل بمبدأ اللذة لذلك فهي تعرض األنا لفقدان التوازن في توفيقه‬
‫بين الهو واالنا األعلى (العزة وعبد الهادي ‪ ,1999,‬ص‪)17‬‬
‫ويمثل الهو النظام األساسي في الشخصية وهو المصدر الرئيسي للطاقة النفسية والبيولوجية والغرائز‬
‫والدوافع وهو جانب يتقصه التنظيم كونه أعم وملح ويتطلب الكثير حيث انه مثار دائما وال يستطيع تحمل‬
‫التوتر ولذلك يعمل إلزالة التوتر والعودة بالعضوية إلى حالة بالتوازن ‪ ,‬ويحكم الهو بمبدأ اللذة التي تهدف‬
‫تقليل األلم وإزالته والتخلص من التوتر للحصول على المتعة وألنه غير منطقي وأخالقي ويحركه اعتبار‬
‫واحد هو إشباع الحاجات الغريزية بما يتماشى مع مبدأ اللذة فهو لم ينضج ولم يكبر وسيبقى الجانب المدلل‬
‫من الشخصية إنما يتمنى ويتصرف ‪ .‬والهو الشعوري وبعيد عن الوعي وتتم معظم نشاطاته في الالشعور‬
‫الذي يؤثر على سلوك الفرد دون يكون شاعرا به (الخواجا ‪ ,2002,‬ص‪)48‬‬
‫فتحقيق اللذة وتجنب األلم في الهو تتم من خالل عمليتين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الفعل المنعكس ويؤدي بدوره إلى إمكانية تخفيف التوتر عند الفرد مباشرة مثل الغمز بالعين‬
‫ب‪ -‬العمليات األولية والتي تتمثل في عملية تفريغ التوتر عن طريق تكوين صورة لموضوع ما يؤدي من‬
‫خالله إلى إزالة التوتر وذلك مثل الجوع عند الفرد والصورة التي تزيل التوتر هو الطعام ‪ ,‬وهي تمثل‬
‫تحقيق الرغبة ‪ ,‬وكذلك ما يفعله اإلنسان في أحالم الليل التي يعتقد فرويد أنها تمثل دائما محاولة تحقيق‬
‫الرغبة عند الفرد العادي (الزيود ‪,1998,‬ص‪)23‬‬
‫‪2-‬األنا ) ‪( the ego‬‬
‫هو العالم الواقعي الشعوري ألنه يتوسط بين الغرائز والدوافع والبيئة المحيطة ويتحكم األنا بالشعور‬
‫ويمارس الرقابة ويسير حسب مبدأ الواقع ‪ ,‬ألنه يفكر بالدوافع والمنطق ويكون خطط عمل إلشباع‬
‫الحاجات والغرائز ( األنا هو أساس الذكاء والعقالنية كونه يراقب ويضبط اندفاعات الهو العمياء) حيث‬
‫انه يميز بين الصورة العقلية (العالم الخاص ) واألشياء كما هي موجودة في الواقع وهو مركز الشعور‬
‫واإلدراك الحسي الداخلي والخارجي والعمليات العقلية ويظهر األنا إلى حيز الوجود بعد ان يتعرض الفرد‬
‫لقيود الواقع ‪ ,‬فيميز بين ما يرغب في الحصول عليه ‪ ,‬وما يستطيع الحصول عليه ‪.‬وتقوم األنا على أساس‬
‫مبدأ الواقع وتعمل على تحقيق اللذة وتجنب األلم مع اخذ الواقع بعين االعتبار (جامعة القدس المفتوحة ‪,‬‬
‫‪) 1992‬‬
‫وينشأ ويتطور األنا ألن الطفل ال يستطيع ان يشبع دوافع الهو بالطريقة االبتدائية التي تخصها‪ ,‬ويفرض‬
‫عليه ان يواجه العالم الخارجي وان يكتسب منهم بعض الصفات والمميزات ويفكر تفكيرا واقعيا ومعقوال‬
‫وموضوعيا يتماشى مع األوضاع االجتماعية المقبولة (الرفاعي ‪,1982,‬ص‪)113‬‬
‫ووظائف األنا تتمثل في حماية الشخصية من األخطار التي تهددها في العالم الخارجي كالعدوان من خالل‬
‫السيطرة على الغرائز وضبطها الن إشباعها بالطريقة االبتدائية يؤدي إلى خطر على الشخص وهنا تكون‬
‫وظيفة األنا أن يقرر " متى وأين وكيف " يمكن لدافع ما ان يحقق غرضه أي ان على األنا آن يحتفظ‬
‫بالتوتر حتى يجد الموضوع المناسب لنشره مخضعا مبدأ اللذة لحكمه مؤقتا (الرفاعي ‪,1982,‬ص‪)13‬‬
‫و إيجاد مسارب آمنة للغرائز والصراعات ‪ ,‬التوفيق بين متطلبات الهو الغريزية والالشعورية ومتطلبات‬
‫األنا األعلى المتمثلة بالضوابط االجتماعية والسعي للكمال ( الخواجا ‪,2002,‬ص‪)48‬‬
‫ويستمد األنا طاقته من الهو ويعمل لخدمته ويمثل األنا الممثل األساسي للشخصية وإعطاء األسلوب التي‬
‫تتم فيها عملية اإلشباع (الزيود‪,1998,‬ص‪)24‬‬
‫وان الفشل في تطوير عمليات األنا النمائية يقود إلى االضطراب والتثبيت والدفاعات ‪ .‬ويساعد نمو األنا‬
‫على النضج واالبتعاد عن المرض النفسي ‪,‬وان عدم تطور ونمو األنا وعدم قدرته على إيجاد مخارج‬
‫مريحة آمنة لالنا األعلى سوف يقود إلى االكتئاب والقلق وعدم االنجاز فاألنا يهدف إلى التخلص من‬
‫الصراعات الالشعورية الموجودة في مرحلة الطفولة واالنتقال بها متحررة من سن المراهقة إلى سن‬
‫الرشد والعيش باستقاللية ونجاح وإنتاجية‪( .‬الخواجا‪،2002,‬ص‪)48‬‬
‫‪3-‬األنا األعلى ) ‪(super ego‬‬
‫ويمثل الرقيب الالشعوري التي تتمثل في سلطة الوالدين والمجتمع والتقاليد الموجودة فيه وهي تقاوم‬
‫االندفاعات الغريزية وتشكل دور اآلخرين في تربية الطفل خالل مراحل حياته األولى (العزة وعبد الهادي‬
‫‪,1999 ,‬ص‪)18‬‬
‫وهو مستودع المثاليات واألخالق والضمير والمعايير االجتماعية وهو ما يمثل الجانب العدلي القضائي‬
‫واألخالقي للشخصية أي انه نظام إصدار الحكم على التصرف ان كان جيدا أو سيئا ‪ ,‬خير أو شر ‪ ,‬صح‬
‫أو خطأ‪ ,‬أي انه يمثل الجانب المثالي وليس الواقعي ويسعى على الدوام لتحقيق حالة الكمال من خالل‬
‫تطبيق مثاليات المجتمع اإلنساني من قيم ومثل اجتماعية ودينية التي نقلت إلى الطفل من والديه في سن‬
‫مبكرة من خالل المكافأة التي تتمثل في االعتزاز والحب الذاتي ‪ ,‬والعقوبات بما تمثله المشاعر الذنب‬
‫والندم والدونية ‪ ,‬ووظيفة األنا األساسية كبح اندفاعات الهو الجنسية والعدوانية وإقناع األنا باستبدال أهدافه‬
‫الواقعية بأخرى مثالية في السعي للكمال (الخواجا ‪,2002,‬ص‪)49‬‬
‫ان األنا هو الذي يوجه وينظم عمليات تكيف الشخصية مع البيئة ‪ ,‬كما ينظم ويضبط الدوافع التي تدفع‬
‫بالشخص إلى العمل ‪ ,‬ويسعى جاهدا الوصول بالشخصية إلى األهداف المرسومة التي يقبلها الواقع‪,‬‬
‫والمبدأ في كل ذلك هو الواقع‪.‬‬
‫إال انه مقيد في هذه العمليات بما ينطوي عليه (الهو) من حاجات ‪ ,‬وما يصدر عن ( األنا األعلى ) من‬
‫أوامر ونواه وتوجيهات ‪ .‬فأن عجز عن تأدية مهمته والتوفيق بين ما يطلبه العالم الخارجي وما يتطلبه‬
‫(الهو) وما يميله (األنا األعلى )كان في حالة من الصراع يحدث أحيانا أن يقوده إلى االضطرابات النفسية‬
‫‪( .‬الرفاعي ‪,1982,‬ص‪)114‬‬
‫مراحل تكوين الشخصية عند الطفل ‪:‬‬
‫يعتقد فرويد ان تطور الفرد يسير عبر سلسلة من المراحل النمائية المتمايزة ‪ ,‬وفي كل مرحلة منها يسود‬
‫نمط عام من أنماط السلوك والنشاط ‪ ,‬كما يجابه الفرد أثناءها مشكالت تكيفيه جديدة‪.‬‬
‫‪1**-‬المرحلة الفمية ( السنة األولى ) ‪the oral stage‬‬
‫تبدأ منذ الوالدة وتنتهي في السنة األولى ويعتبر فرويد الفم مصدرا للحصول على اللذة الجنسية ومصدر‬
‫للحصول على الطعام والشراب ومنذ الوالدة تتركز الفعالية السيكولوجية حول الفم وخالل هذه المرحلة‬
‫تنشئ عالقات عاطفية وروابط انفعالية لدى الطفل ( العزة وعبد الهادي ‪,1999,‬ص‪)18‬‬
‫وقد يأخذ المص شكل مص أصابع اليدين والقدم واأللعاب والسجائر ‪....‬الخ على اعتبار ان الفم والشفاه‬
‫هي لغة االتصال كونها مناطق حساسة ومثيرة للطفل فأن مص الصدر ينتج عنه مشاعر سارة مرتبطة‬
‫بالمتعة واإلثارة الحيوية لدى الرضيع وهناك نشاطان مهمان خالل هذه المرحلة ‪:‬‬
‫أ – السلوك الفمي االسهامي) ‪(Oral – incorporative Behavior‬‬
‫ويدور هذا السلوك حول اإلثارة الحسية الممتعة للفم حيث ان طاقة اللبيدو تتركز في الفم أوال ومع النضج‬
‫تنتقل ألعضاء أخرى وتصبح األجزاء النامية الناضجة هي نقاط اإلشباع الرئيسية‪ .‬وان حرمان الطفل من‬
‫اإلشباع الفمي الضروري يمكن ان يقود إلى مشاكل الحقة عندما يصبح بالغا فاألشخاص الذين لديهم‬
‫حاجات فميه مبالغ فيها مثل مضغ العلكة واألكل الزائد عن الحاجة والتدخين والتقبيل عند الكبار تعود كلها‬
‫إلى اللذة األولى أي أنهم طوروا تثبيت فمي( ‪ ( ( Oral – fixation‬الخواجا ‪ , 2002,‬ص ‪) 58‬‬
‫ووظيفة الفم قبل ظهور األسنان هي إدخال الطعام واكتشاف العالم الخارجي وعندما تبدأ األسنان بالظهور‬
‫يشعر الطفل بالسعادة عندما يقوم بالمص والبلع والعض ويحدث ذلك تأثيرات ايجابية على شخصية الطفل‬
‫من ثقة وتفاؤل واهتمام بالمعرفة (الزيود ‪, 1998,‬ص‪)28‬‬
‫ب ‪ -‬السلوك الفمي العدواني) ‪(Oral – Aggressive Behavior‬‬
‫بظهور األسنان يصبح سلوك العض هو النشاط الرئيسي ‪ ,‬وخصائص البالغين الذين طوروا تثبيت فمي‬
‫عدواني تؤدي إلى سمات مثل السخرية العدائية العدوانية إصدار تعليقات جارحة بحق اآلخرين ‪ ...‬الخ‬
‫والشخصية السادية لها صلة في مرحلة النمو الفمي العدواني ‪ ,‬وسلوكات الطمع واالكتساب ألشياء مادية‬
‫أكثر من الالزم يمكن ان تنسب لعدم الحصول على الطعام أو الحب الكافي خالل هذه الفترة ‪ ,‬والرضاعة‬
‫من األم هي مصدر إشباع بيولوجي ونفسي والحرمان من هذا اإلشباع أو المبالغة فيه يضر األطفال‬
‫للتثبيت في هذه المرحلة والحيلولة دون النضج والتقدم في مراحل النمو األمر الذي يخلق لديهم شخصية‬
‫فميه تتصف بسمات ثنائية القطبية(التفاؤل والتشاؤم ) ويأتي التفاؤل من خيال الفرد الن األشياء عظيمة ‪(,‬‬
‫التعالي وعدم احترام الذات "الكبرياء ")‪ (,‬الحسد و واإلعجاب ) الحسد شعور داخلي ناتج عن إحساس‬
‫الفرد‬
‫بأن هنالك فرد آخر محبوبا من الناس ويحظى بعناية خاصة‪( ,‬السلبية والميل للسيطرة )‪ .‬أي أن هذه‬
‫السمات تأخذ الشكل الرمزي لإلشباع أما باإلفراط فيها وخاصة األشياء المادية فيها لتكون البديل للحب‬
‫واإلشباع النفسي(الخواج‪,2002,‬ص‪)52‬ا‬
‫أهم مشاكل الشخصية التي تتطور فيما بعد باالعتماد على هذه المرحلة‪:‬‬
‫‪1-‬عدم الثقة بالنفس‬
‫‪2-‬الخوف من االتصال‬
‫‪3-‬رفض العاطفة والحنان‬
‫‪4-‬الخوف من الحب والثقة باآلخرين‬
‫‪5-‬القيمة المتدنية للذات‬
‫‪6-‬العزلة واالنسحاب‬
‫‪7-‬عدم القدرة على بناء عالقات قوية مع اآلخرين ‪.‬‬
‫‪2**-‬المرحلة الشرجية )‪anal stage‬‬
‫وهي ممتدة من بداية السنة األولى حتى نهاية السنة الثالثة حيث ينتقل مصدر اللذة من الفم إلى مناطق‬
‫أخرى كالمنطقة الشرجية وتشمل هذه المرحلة أيضا مرحلتين فاللذة بداية تكون من خالل القذف واإلخراج‬
‫واإلمساك واإلبقاء ‪,‬والثانية من خالل تدريب الطفل على اإلخراج في بداية السنة الثالثة وما يشعر به من‬
‫راحة وأزاله للقلق لتخلصه من الفضالت (الزيود ‪, 1998,‬ص‪) 29‬ويرى فرويد أن المنطقة الشرجية‬
‫تصبح العنصر األهم في تكوين الشخصية ويجب على الطفل فيها إن يتقن المهمات التالية‪:‬‬
‫‪1-‬تعلم االستقالل‬
‫‪2-‬اإلحساس بالقدرة الشخصية‬
‫‪3-‬تعلم كيفية إدراك المشاعر السلبية والتعامل معها‬
‫‪4-‬مواجهه متطلبات الوالدين‬
‫‪5-‬التعامل مع اإلحباط النجم عن التعامل مع األشياء واستكشاف بيئاتهم‬
‫‪6-‬التحكم بعضالت اإلخراج‬
‫‪7-‬إرجاء اللذة وإحكامها للواقع( الخواجا ‪, 2002,‬ص‪) 60‬‬
‫وتتوقف بعض السمات لألشخاص على الطريقة واألسلوب التي استخدمتها األم في تدريب طفلها على‬
‫ضبط عملية اإلخراج فان كان أسلوبها قاسيا فقد يقبض الطفل على عضالته ويصاب باإلمساك وتعمم هذه‬
‫االستجابة لدى الطفل ويصبح عنيدا ‪,‬وان كان أسلوبها يتسم بالمالطفة والحنان أثناء عملية التخلص من‬
‫األوساخ تنمو شخصية سليمة لدى طفلها تتسم بالقدرة على اإلنتاجية والخلق (الزيود ‪, 1998,‬ص‪29‬‬
‫وبعض األطفال يحاولن السيطرة على أهلهم من خالل إمساك أو ضبط عمليات اإلخراج وإذا استخدم‬
‫األهل أسلوب تدريب قاسي فمن الممكن أن يعبر األطفال عن غضبهم من خالل التبرز في أماكن وأوقات‬
‫غير مناسبة ‪ ,‬مما يورث األطفال خصائص مثل القسوة والتعبير عن الغضب بطرق غير مناسبة (الخواجا‬
‫‪, 2002,‬ص‪) 61‬‬
‫ويؤكد فرويد أهمية المرحلة الشرجية بقوله ( دع األطفال خالل هذه المرحلة أن يجربوا األشياء بأنفسهم‬
‫ودعهم يعملون أخطاء ويشعرون بأنهم محبوبين ومقبولين بالرغم من ارتكابهم لألخطاء واعتبرها فرويد‬
‫رسالة لكل أب وأم وملم ومرشد أو معالج لمساعدتهم على إدراك قوتهم كأشخاص لهم كياناتهم الشخصية‬
‫المستقلة والفريدة (الخواجا ‪ ,2002,‬ص‪)61‬‬
‫‪3-‬المرحلة القضيبية (‪3-6‬سنوات )" "‪phallic stage‬‬
‫إن النشاط الجنسي يصبح أكثر شدة وتصبح منطقة األعضاء الجنسية هي أساس النشاط ويستمتع الطفل‬
‫باللعب بأعضاء جسمه المختلفة ‪ .‬ويعتقد فرويد أن الصراع الرئيسي يدور حول الرغبات الجنسية‬
‫الالشعورية المحرمة التي يطورها الطفل نحو األب واألم ‪ ,‬ألن هذه المشاعر مهددة بطبيعتها فإنها تكبت ‪,‬‬
‫إال أن لها دورا أساسيا في التكييف والتطور الجنسي الالحق ‪,‬التي تحدث فيها المتعة العفوية القادمة من‬
‫اللعب بأعضاء الجسم حيث يصبح للطفل اهتماما متزايدا في األمور الجنسية مثل حب االستطالع عن‬
‫المسائل الجنسية والتخيالت الجنسية ولمس األعضاء ‪ ,‬وأنماط توحد مع الدور‬
‫الجنسي (ولد – أب ‪ ,‬بنت – أم ) ‪ ,‬واللعب الجنسي ورغبة في اكتشاف الجسم والفروق بين الجنسين كما‬
‫يجرب األطفال سلوكيات جنسية معينة ويمارسون االستمناء " العادة السرية " ويهتمون بالجنس اآلخر‬
‫ومشاركتهم األلعاب مثل لعبة الطبيب والمريض ‪ ,‬والميول الجنسية والصراع على الجسم الذي تنصب‬
‫عليه رغباتهم الجنسية‪.‬‬
‫يبدأ الضمير بالتطور ويتعلم األطفال المعايير األخالقية في هذه المرحلة ويلعب التلقين الجامد والغير‬
‫الواقعي للمعايير األخالقية من الوالدين في تعليم الطفل دورا هاما وخطيرا والذي يقود إلى سيطرة قوية‬
‫لألنا األعلى على الوظائف النفسية للطفل ومشاكل تكييفه الحقا ‪ ,‬فإذا علم اآلباء أطفالهم بأن دوافعهم‬
‫الجنسية وحب االستطالع لديهم (الجسمي والجنسي ) هي عبارة عن دوافع خاطئة وشريرة ووسخة ومن‬
‫عمل الشيطان ومحرمة فان األطفال سرعان ما يتعلمون الشعور بالذنب تجاه دوافعهم ‪ ,‬وقد يحملون هذا‬
‫الشعور بالذنب خالل مرحلة البلوغ مما يؤدي إلى تطوير إعاقة شخصية في االستمتاع بالقرب من‬
‫اآلخرين وبناء عالقات حميمة معهم ‪ ,‬إن هذا التلقين الوالدي السلبي يقود إلى ما سماه فرويد بتكوين‬
‫الضمير الطفلي ‪ "infantile "conscience‬وهو عبارة عن خوف شديد وليس ضمير حقيقي ‪ ,‬كما أن‬
‫له أثار جانبية كالجمود وغياب المرونة وصراعات عنيفة وشعور بالذنب والندم واستنكار للذات والندم‬
‫ولعنها واحترام الذات متدن ‪ .‬ثم استنكارا لذات وشتمها باإلضافة إلى تدني احترام الذات لدى الفرد‪.‬‬
‫كما يتم من خالل هذه المرحلة تشكيل اتجاهات لدى األطفال للتمتع بأجسامهم وما هو الصحي وما هو‬
‫الخطأ‪ ,‬وماهر الذكري وما هو األنثوي‪ ,‬ويطور األطفال وجهات نظر حول كيفية االتصال بين الرجال‬
‫والنساء ويقررون ألنفسهم كيف يشعرون بأدوارهم كبنات وأوالد ‪.‬‬
‫ويشير فرويد إلى تزامن الشعور بالحب والقرب نحو األم من قبل الطفل الذكر ونحو األب من الطفل‬
‫األنثى وهذه الرغبات والصراعات تكبت من خالل طريقتين هما ‪:‬‬
‫‪++‬عقدة اوديب ‪:‬كون األم موضوع حب الطفل األول تتطور لديه مخاوف من الوالد الذي سيعاقبه‬
‫لمشاعره الجنسية المجرمة تجاه أمه ‪,‬ومن ثم يدرك الطفل أن والده قوي وعنيد ويرغب في االستحواذ‬
‫على اهتمام الزوجة أو األم الكامل ‪,‬وخالل هذه الفترة يبدأ عملية الكبت ‪,‬ويمنع هذا الكبت الطفل من‬
‫اإلدراك الواعي الشعوري لمشاعره تجاه أمه فيخاف من انتقام الوالد منه بما يعرف" بعقدة الخصاء " أي‬
‫خوف الطفل الكبير من فقد العضوية الذكرية المتمثلة في القضيب بسبب مشاعره ‪ ,‬فيطر إلى إخماد‬
‫رغباته الجنسية تجاه والدته (الخواجا ‪ ,2002,‬ص)‬
‫وهذه الرغبات التي تكونت من االرضاع واالهتمام والرعاية وما تثيره فيه من إحساسات جسمية بعضها‬
‫لذيذ وبعضها مؤلم ‪,‬وكذلك أيضا العناية بجسمه وبذلك تنال األم أهمية كبيرة وفريدة ال تتغير وال تزول‬
‫مدى الحياة وتصبح عند الجنسين على السواء موضوع أول حب وأقواه ونموذجا لكل عالقات الحب‬
‫الالحقة‬
‫ويمثل حيازة العضو الذكري لدى الطفل في هذه المرحلة شعورا بالفخر والزهو لما يمثله من لقوة جسدية‬
‫وفكرة قوة الذكورة التي تحمله على السعي للحلول مكان والده الذي ينظر إليه بعين الحسد‪,‬وجراء عبث‬
‫الطفل بعضوه الجنسي تضطر األم لتهديده وما يحمل هذا االمرعلى محمل الجد هو ان من يقوم بهذه‬
‫المهمة هو األب ‪,‬فتمثل في ذهن الطفل عقدة الخصاء فيتذكر منظر األعضاء التناسلية األنثوية إذا كان قد‬
‫اختلس النظر إليها وبعد هذا التهديد تتشكل في عقلية الطفل ان لدى اإلناث نقص معين وعندها يدرك جدية‬
‫تهديد األم فيقع تحت تأثير عقدة الخصاء التي أقسى صدمة في حياته المبكرة ‪,‬وهذه األحداث والخبرات‬
‫الرئيسية لسنين الطفولة األولى هي اخطر مشاكل العهد األول في الحياة وأقوى مصدر الضطراب السلوك‬
‫في المستقبل وهذه الخبرات تنسى نسيانا عميقا بحيث تصطدم استعادتها في التحليل النفسي بإنكار قاطع‬
‫من قبل الالشعور وانفصالها عنه لدرجة التحريم لما تمثله هذه الخبرة االنفعالية غير التوقع ظهورها‬
‫والمستبعد ان الطفل يهتم بها أو يفهمها أو يستطيع تذكرها ‪,‬التي تنجم عن المشاهدة المباشرة للقاء الجنسي‬
‫بين الوالدين أو السماع به عرضيا ‪,‬وما تدفع به هذه الخبرة من إيصال حوافز الطفل الجنسية إلى قنوات ال‬
‫يمكن ان تخرج منها بعد ذلك ‪,‬فتكبت هذه الخبرات ويكبت تذكرها أيضا مما يفقد األنا سيطرته على‬
‫الوظيفة الجنسية مما يؤدي للعزوف عن هذه الوظيفة مما يمهد الطريق للعصاب أو االنحرافات الجنسية أو‬
‫تهدم الوظيفة نفسها ( فرويد ‪ ,‬ص‪)63‬‬
‫‪++‬عقدة الكترا‪Electra complex‬‬
‫إن ما يحدث مع الطفلة األنثى في عمر ‪2‬الى ‪ 3‬سنوات يتلخص في حالة النقص جراء فقد عنصر الذكورة‬
‫مما لديها مشاعر من الكراهية نحو والدتها (الزيود ‪, 1998,‬ص‪) 30‬‬
‫فينتقل موضوع الحب من األم إلى األب وتتطور مشاعر السلبية تجاه األم بسبب النقص وتنافس أمها في‬
‫حب والدها وتدرك عندها أنها ال تستطيع ان تحل محل والدتها ‪,‬فتبدأ بكبت مشاعر الكره والمنافسة تجاه‬
‫والدتها من خالل استخدام التقمص واخذ سمات األم وتقليد سلوكاتها (الخواجا ‪, 2002,‬ص‪) 63‬وآثار هذه‬
‫العقدة لدى اإلناث أكثر انتظاما فتؤدي هذه العقدة إلى اتجاه انثوي سوي ‪,‬أما إذا تشبثت األنثى برغبتها في‬
‫ان تحصل على رمز الذكورة وتكون صبيا فتظهر فإنها تتوجه لحالة من االنحراف تعرف" بعشق النساء"‬
‫وتتسم سلوكاتها الحقا بسمات الذكورة على اعتبار الذكورة رمز القوة واالنجاز والفعالية فتزاول إحدى‬
‫أعمال الرجال ‪,‬وقد يأخذ شكل آخر هو هجران األم التي كانت تحبها ‪,‬فتتخذ األب موضوعا بديال وعندما‬
‫يفقد اإلنسان موضوع حبه فان الموقف الطبيعي هو ان يتوحد في ذاته بهذا الموضوع ‪,‬وتكون هذه العملية‬
‫عونا للبنت الصغيرة فيحتل توحدها بأمها محل تعلقها بها فتضع البنت نفسها مكان أمها ومن ثم تتطور‬
‫لتأخذ التمني بإنجاب طفل يحل محل النقص‪.‬‬
‫والعالقة بين عقدة اوديب والخصاء عند الذكور مختلف عنه كثيرا عند اإلناث بل وتتناقض االثنتان فعند‬
‫الذكور يفضي التهديد إلى انتهاء عقدة اوديب وعلى العكس عند اإلناث الدافع لعقدة اوديب هو فقد عنصر‬
‫الذكورة ‪,‬ومع ذلك ال يضير المرأة ان تبقى في موقفها االوديبي األنثوي ‪,‬فهي تختار رجل تجد فيه خصال‬
‫أبيها وترضى بسلطته وتتحول مرة أخرى لإلنجاب (فرويد ‪ ,‬ص‪) 66‬‬
‫وان السماح للطفل بإشباع ميوله الجنسية أو حرمانه منها يقوده إلى تثبيت في هذه المرحلة‪ ,‬وللمرحلة‬
‫القضيبية مضامين إرشادية هامة للمرشد الذي يتعامل مع البالغين وهي ‪:‬‬
‫_‪1‬على المرشد ان يدرك أهمية التجارب األولية في حياة البالغين‬
‫_‪2‬مساعدة المسترشد حتى يصبح واعيا لخبرات الطفولة المبكرة عن طريق التخيل‬
‫_‪3‬أن يشعر ويدرك المسترشد ان اتجاهاته وسلوكياته الحالية شكلت في الماضي وان ال تكون حياته‬
‫الحالية ضحية البقاء في الماضي‬
‫_‪4‬عندما يعيش البالغين هذه الخبرات مرة ثانية يشعرون باألحاسيس المدفونة سابقا ويقدرون على خلق‬
‫نهايات جديدة للمتاعب التي خبروها في الماضي (الخواجا ‪, 2002,‬ص‪)64‬‬
‫مرحلة الكمون‪the latency stage‬‬
‫تبدأ هذه المرحلة في سن الخامسة وحتى السادسة ويغلب عليها الخمول من الناحية العاطفية والجنسية‬
‫‪,‬وتتطور األحاسيس التي كانت في السابق مشبعة بالجوانب الجنسية إلى عملية من الشعور باإلعجاب‬
‫وتمتاز بالهدوء في عملية ضبط الدوافع لدى الفرد‪ ,‬ويعتقد فرويد ان النشاط الجنسي ال يتوقف في هذه‬
‫الفترة إنما يوضع حاجز للدوافع الجنسية الطولية ‪,‬ويمكن لها ان تظهر بطريقة جزئية (الزيود‪)1998,‬‬
‫ويمكن إجمال التغيرات والخصائص في هذه المرحلة‬
‫_‪1‬أبنية الشخصية الثالث (الهو ‪,‬األنا ‪ ,‬األنا األعلى )قد تكونت تقريبا‬
‫_‪2‬االستمتاع بفترة الراحة النسبية والهدوء جراء اجتياز مشاكل المراحل السابقة وضغوطاتهما‬
‫_‪3‬تبدأ العالقات االجتماعية خارج األسرة والعالقات الخارجية مع اآلخرين‬
‫_‪4‬تحول الطاقة النفسية الطفولية إلى _تسامي الدافع الجنسي لنشاطات مفيدة للفرد على شكل إبداع ‪,‬فن‬
‫‪,‬هوايات ‪,‬رياضة ‪,‬ثقافة‪,‬أو بممارسة الردع المعاكس كالتقزز والشعور بالعار والذنب (الزيود‪)1998,‬‬
‫المرحلة التناسلية ‪the latency stage‬‬
‫وتبدأ هذه المرحلة من الثانية عشر وتطورات هذه المرحلة هامة في ذاتيته فيتحول من حب ذاته إلى‬
‫شخص اجتماعي محب لآلخرين ويفضل مصلحة اآلخرين على مصلحته الذاتية وهذه ميزة دالة على‬
‫البناء السليم لألنا ‪,‬وأيضا هناك نمو في الجانب اإلدراكي من حيث تغير موضوع المتعة لشكل من‬
‫العواطف والمشاعر من الجنس اآلخر ويكون قادر ومستعد للزواج (الزيود ‪)1998,‬‬
‫ويرى فرويد ان الفرد يصل إلى هذه المرحلة مع بعض الصراعات ‪,‬والتصادم بين الرغبات والقيود‬
‫االجتماعية وتتميز هذه المرحلة بما يلي‪:‬‬
‫_‪1‬يتضح التحرك نحو المحلة الجنسية إال إذا كان هناك تثبيت عند مرحلة سابقة‬
‫_‪2‬تتطور لدى المراهق االهتمامات الغرامية بالجنس اآلخر والتجريب وسلوكيات الكبار‬
‫_‪3‬بانتهاء مرحلة المراهقة يبني المراهق عالقات ‪,‬ويتحرر من سلطة الوالدين‬
‫_‪4‬مشاكل هذه الفترة الجنسية اقل خطر بكثير من الراحل األولى من حياة الطفل‬
‫_‪5‬تتضح أهداف الشباب في نهاية هذه المرحلة من خالل القدرة على الحب والعمل بما يجلبه هذان‬
‫األمران من رضا وإشباع (الخواجا ‪.) 2002,‬‬
‫طبوغرافية العقل لدى فرويد‬
‫مستويات الحياة العقلية‬
‫ان المستويات الثالثة التي يقوم على أساس درجة الشعور بالحالة النفسية فقد يكون واضحا جليا أو قريب‬
‫من ذلك وقد يكون بعيدا عنها ‪,‬إي إن هذه المستويات في األصل ليس تقسيم للحياة النفسية إلى ثالثة أجهزة‬
‫‪ ,‬إنما الشعور بالحوادث النفسية والنظر لمكنوناتها من حيث شعورنا بها ساعة النوم وساعة اليقظة‪,‬‬
‫الشعور ‪ consiousness‬هو الوسيلة المباشرة الطالع اإلنسان على ما يمر به من الحاالت النفسية أي‬
‫االطالع على وجود اللذة والتعب وعلى التردد ‪,‬وعلى سير المحاكمات العقلية أي انه وسيلة الذات في‬
‫االطالع على ما تنطوي عليه في حاضرها ساعة اليقظة‪ ,‬ويأخذ الشعور(الرفاعي ‪ ,)1982‬ويمثل الشعور‬
‫منطقة االتصال بالعالم الخارجي والداخلي وهي شريحة صغيرة جدا من العقل البشري والجزء األكبر‬
‫الباقي منه هو تحت سطح الوعي ‪,‬ان منطقة الوعي الكامل واالتصال بالعالم الخارجي هو الجزء السطحي‬
‫من الجهاز النفسي (الخواجا ‪) 2002,‬‬
‫ويقول فرويد "ال حاجة بنا لمناقشة ما نريد ان نقوله عندما نتحدث عن الشعور إذ يتعلق األمر بفكرة‬
‫واضحة جلية"(اوسبورن ‪) 1980,‬‬
‫مظاهر الشعور‬
‫_‪1‬الشعور كمعرفة حدسية مباشرة من لحظات اإلنسان ‪,‬أي انه يشعر باأللم وما يمر به من نجاح أو خيبة‬
‫أو محاكمة داخلية‬
‫_‪2‬االنعطاف المقصود نحو الذات في حاالت التأمل فيها (الشعور التأملي )وهذا السلوك يحتاج إلى القصد‬
‫والجهد معا‬
‫_‪3‬شعور اإلنسان بما يمر به ويطلع عليه أي أن الشعور يكشف العالم لذاته التي تتأثر به (الرفاعي‬
‫‪)1982‬‬
‫ما قبل الشعور‪preconscious‬‬
‫يحتوي العناصر غير الموجودة في نطاق الوعي إال انه من الممكن استدعاؤها إلى الوعي بسهولة حيث‬
‫يقع ما ندركه في لحظة معينة في نطاق الوعي لفترة ثم نصرف انتباهنا عنه ‪.‬فينتقل إلى ما قبل الالشعور‬
‫ونستطيع نقل األفكار من منطقة ما قبل الشعور إلى الشعور من خالل تركيز االنتباه (جامعة القدس‬
‫المفتوحة ‪)1992,‬واألفكار الكامنة في منطقة ما قبل الشعور ال تمت إلى مستوى الشعور المباشر ألنها‬
‫ليست فيه ‪.‬وهي ال ترجع إلى الالشعور ألنها تختلف عن حالته من حيث سهولة جعلها شعورية‪ ,‬ومن حيث‬
‫قدرة الشعور على استدعائها والتصرف بها‪ ,‬ومن حيث ما فيها من فعالية‪ ,‬لذلك تكون بين المستويين‪ ,‬وان‬
‫ما قبل الشعور اقرب إلى الشعور في صفاته ‪.‬وهو رافد ورقيب للشعور ويعمل ما قبل الشعور وفق مبادئ‬
‫‪ ,‬الزمن و الواقع والمنطق نفس مبادئ الشعور ويعتمد على درجات اليقين وفعالية تأخذ شروط الواقع‬
‫الواقع الموضوعي بعين االعتبار (الرفاعي ‪)1982‬‬
‫الالشعور‪the unconscious‬‬
‫هو القوة الديناميكية المحركة للسلوك الكامنة في منطقة الالشعور التي تحوي مصدر الدوافع والرغبات‬
‫ويشكل الالشعور معظم الجهاز النفسي‪ ,‬والموجودات في الالشعور من الصعب استدعاؤها ألن قوى‬
‫الكبت تعارضها ألنها ذو طابع جنسي (الزيود ‪)1998,‬‬
‫والالشعور مستوى يقع فيه جزء كبير من حياتنا النفسية بهذا المفهوم هو حركي ونشط ‪,‬والحاالت التي‬
‫يحتوي عليها تعمل على الدوام من اجل إظهار نوعا من السلوك الشعوري الفعال في التعبير عنها دون ان‬
‫تظهر هي ‪,‬لذلك يكون تأثير الالشعور شديد العمق في حياة الشخص وباستطاعته ان يغير أفكار وحياة‬
‫الشخص تغييرا كامال دون ان يكون الشخص على وعي بها ‪,‬وان يغير بعض األوضاع الجسمية (الرفاعي‬
‫‪) 1982 ,‬‬
‫دالئل وجود الالشعور‬
‫يقول فريد "‪:‬نحن نطلق لفة الشعور على ميكانيكية نفسية نجد أنفسنا مجبرين على االعتراف بوجودها‬
‫ألننا نستنتجها من مظاهرتها بدون ان نعرف شيئا عنها وبعبارة أخرى يبدو انه في مناسبات معينة نتكلم‬
‫ونسلك على نحو يبرهن على وجود ميكانيكية (حيل) داخلية تتصف بكل سمات الحياة النفسية بما عدا سمة‬
‫الشعور"( اوسبورن‪)1980,‬‬
‫_‪1‬التأمل في ظواهر ما بعد التنويم المغناطيسي فيقوم من مورست عليه عملية النوم بتنفيذ ما طلب منه‬
‫وإيجاد مبرراتها (اوسبورن ‪)1980,‬‬
‫_‪2‬اكتشاف أن قشرة المخ( اللحاء) المكونة من ثالثة ماليين خلية عصبية دائما في حالة نشاط فانه يعطي‬
‫األساس الفسيولوجي لفكرة األعمال النفسية الالشعورية على ان جميع المورثات الحسية نابعة من نشاط‬
‫المخ (اوسبورن ‪)1980,‬‬
‫_‪3‬األحالم هي الطريق الرمزي أو الواضح لهذه المنطقة ‪,‬وأيضا ننام أحيانا وفكرنا مشغول بمشكلة معينة‬
‫وبعد مرور فترة زمنية يظهر الحل كما لو كان العقل جادا في التفكير باستمرار في المشكلة بدون ان يخبر‬
‫الشعور بذلك(الرفاعي ‪) 1982,‬‬
‫_‪4‬زالت القلم واللسان وكثير من األخطاء اليومية تشير لوجود الشعور وتولد أعمال نفسية الشعورية‬
‫(اوسبورن ‪)1980,‬‬
‫_‪5‬حتمية الظواهر الطبيعية تؤكد ضرورة وجود الشعور‪,‬فليس هناك أحداث على درجة منن الصغر‬
‫والضآلة بحيث تفلت من الخضوع لتتابع الظواهر الكلي ‪,‬والنظرية الدينية تقول( ان ما من عصفور يهوي‬
‫إلى األرض إال إذا شاء هللا) فالسببية واضحة هنا وراء األحداث ‪,‬وما األحالم وما يحدث في أعقاب التنويم‬
‫المغناطيس‪ ,‬وزالت القلم واللسان ونسيان المؤقت واألفعال التي نجد أنفسنا مجبرين عليها إال خير دليل‬
‫على حقيقة عالم الالشعور (فرويد ‪) 1978,‬‬
‫صفات الالشعور‬
‫_ ‪1‬ال تخضع عمليات الالشعور للزمن (أي أنها ال تتأثر بالزمن وليس لها نتائج زمنية )‬
‫_‪2‬تميل العمليات الالشعورية إلى اخذ الشكل الرمزي‪ ,‬أي أنها تستخدم الصور والكلمات التي هي رموز‬
‫للمعاني والدوافع والرغبات من غير أن تسمي هذه الحاالت بوضوح‬
‫_‪3‬العمليات الالشعورية تتصف بأنها غرضيه كحاجة الشخص المصاب باضطراب معين إلى ‪,‬األمن‪ ,‬أو‬
‫االعتبار أو الخالص من إثم معين‬
‫_‪4‬يحتل الدافع الجنسي المكانة األولى في الالشعور وكثيرا ما يكون وراء العقد التي تأخذ مكانها في‬
‫الالشعور‬
‫_‪5‬الحاالت الالشعورية فعالة ونشطة وتعمل على الدوام في الصحو والنوم ‪,‬وتعمل بمبدأ العملية األولية‬
‫فال تتأثر بمقتضيات الزمن أو الواقع أو النظام أو الواقع أو المنطق (الرفاعي ‪) 1982,‬‬
‫الغرائز‪the instincts‬‬
‫الغرائز هي التركيب الرمزي غير المشاهد أو القوة التي يفترض وجودها وراء التوترات المتأصلة في‬
‫حاجات الكائن العضوي الحي وتمثل مطالب الجسم في الحياة النفسية‪,‬‬
‫والغرائز هي من يثير السلوك ويوجهه بهدف اإلشباع الذي يزيل التوتر ‪,‬وهي متكررة ألنها تعاود الفرد‬
‫باستمرار ‪,‬ولكل غريزة مصدرها الذي يمدها بالطاقة الضرورية في حالة التوتر والتهيج داخل الجسم ولها‬
‫موضوع تتجه إليه من اجل اإلشباع وهدفها القضاء على التوتر‪ ,‬ومكان هذه الغرائز في (الهو ) وتكون‬
‫على شكل مجموعتين‬
‫_ ‪1‬غريزة الحياة ‪ :‬مجموعة أروس‪:‬بمعنى الحب وإثارة المشاعر الجنسية ويطلق عليها أيضا (غريزة‬
‫الحياة ) وهي تعمل لحفظ الذات والبقاء وحب الحياة والزواج والحب بأشكاله وطاقت هذه الغريزة تسمى‬
‫اللبيدو(الخواجا ‪)2002,‬‬
‫_‪2‬غريزة الموت ‪:‬وتهدف هذه الغريزة للعمل على النقيض مع غريزة الحياة وتدفع غرائز الموت إلى‬
‫التدمير الخارجي والداخلي ‪,‬وتقود كل ما هو حي إلى حالته الماضية غير العضوية‬
‫(الخواجا‪)2002,‬ويقول فرويد ان هدف الحياة هو الموت استنادا إلى أن كل إنسان يموت‪ ,‬ويوجد صراع‬
‫بين هاتين الغريزتين الموت والحياة ‪,‬وينتج عن هذا الصراع السلوك المتوافق أو المتعارض من‬
‫الغريزتين والعكس يؤدي الضطراب في السلوك (الزيود ‪)1998,‬‬
‫يرى فرويد أن الغرائز تعمل حسب مبدأ اللذة وإذا لم يتحقق لها ذلك تتقهقر على شكل انحرافات جنسية أو‬
‫تتطور وتأخذ شكل التصعيد ‪ sublimation‬ويقول أنها تملك توتر وطاقة دائمة في الالشعور وتتحرك‬
‫هذه الغرائز وفقا لمختلف المؤثرات العضوية الداخلية(العزة وعبد الهادي ‪) 1999,‬‬
‫خصائص الغريزة‬
‫إن الحديث عن خصائص الغريزة يؤخذ من أربعة جوانب هي مصدرها ‪,‬وهدفها ‪,‬وموضوعها‪ ,‬وقوتها‬
‫_‪1‬من حيث المصدر فهو الحاجة والحالة الجسدية مثل الجوع ‪...‬‬
‫_‪2‬من حيث الهدف من خالل عملية التخلص من التوتر والتهيج واالستثارة‬
‫_‪3‬من حيث الموضوع فيظهر من خالل أنواع السلوك وأشكاله وأساليبه والنشاط الذي يحدث بين ظهور‬
‫الرغبة وتحقيقها‬
‫_‪4‬أما القوة فتتبين بمدى الحاجة لها مما قد يزيد من شدتها أو يقلل منها (الزيود‪,1998,‬ص‪) 26‬‬
‫وهناك حاالت تظهر فيها السلوكات المرتبطة بمجموعتي الغرائز فمثال في (السادية )اللذة بتعذيب اآلخر‬
‫‪,‬أو الحب الذي يسبب اإليذاء (الحب الذي يقتل ) نالحظ ان اإلشباع الجنسي يستمد من آآلم التي يعاني منها‬
‫الموضوع الجنسي ويكون خليطا من غريزة حفظ الذات والرغبة في تدمير الذات ‪,‬لذلك هذان الميالن ال‬
‫يمكن فهمهما إال بافتراض انصهار الغريزتين المختلفتين ويرى فرويد ان كل الميول الغريزية تجد أصلها‬
‫في صهر الغريزتين بدرجات متفاوتة ‪,‬والمازوخية (التلذذ بتعذيب النفس ) عند تجريدها من عنصرها‬
‫الجنسي يكون هناك ميل إلى تدمير وتحطيم الذات أي أنها في األصل أقدم من السادية في كون العدوان‬
‫موجه للداخل ‪,‬أما في حالة السادية فان غريزة التدمير ال توجه نحو الذات إنما للخارج لتأخذ شكل العدوان‬
‫حيث يقول فرويد "كل شيء يحدث كما لو كنا رغبة في حماية أنفسنا من التحطيم الذاتي ‪,‬نجد لزاما علينا‬
‫تحطيم أشخاص غيرنا أو أشياء "ويقول عن فكرة الحرب "ما هي إال تلهية لغريزة التدمير بتوجيهها إلى‬
‫العالم الخارجي " (اسبورن ‪) 1980,‬‬
‫القلق عند فرويد‬
‫تحدث فرويد عن أنواع مختلفة من الخوف وقال ان اإلشارة فيه يمكن ان تأتي من العالم الخارجي وقد‬
‫تكون تعبيرا عن غضب األنا األعلى أو عقابه يقول فرويد بوجود ثالثة أنواع من القلق أو( الحصر أو‬
‫الضيق ) هي ‪:‬القلق الموضوعي ‪،‬والقلق العصابي ‪,‬والقلق الخلقي‪.‬‬
‫_‪1‬القلق الموضوعي‪ reality :‬هو رد فعل يحدث لدى الفرد عندما يرك خطرا خارجيا واقعا ‪,‬أو ينتظر‬
‫حدوثه بعد وجود إشارة تدل عليه ‪,‬وظروف هذا النوع من القلق تأخذ داللتها األساسية من معرفة الشخص‬
‫وخبرته السابقة ومثال ذلك قلق البحار الخبير الذي ينظر إلى سحابة صغيرة تظهر في األفق ويقدر‬
‫‪,‬استنادا إلى خبرته الشخصية ‪,‬أنها نذير إعصار(الرفاعي ‪, 1982,‬ص‪) 210‬‬
‫‪2-‬القلق العصابي ‪neurotic:‬فهو قلق شديد ال تتضح معالم المثير فيه ‪.‬وكونه شديد ويبدو على شكل‬
‫خوف من مجهول ‪,‬ويبدو صاحبه قابل الن يلقي اللوم على أكثر من مؤثر واحد دون ان تكون الصلة‬
‫واضحة أو واقعية بين حالة القلق المثير‪.‬والقلق العصابي كما يراه فرويد يمكن ان يكون حالة عامة تتكرر‬
‫يسميها حالة (القلق الطافي )ويمكن ان يأخذ شكل ردود( خوف مرضي) ويمكن ان تكون حالة من الشعور‬
‫بالتهديد ترافق اضطرابا نفسيا مثل الهستيريا(الرفاعي ‪, 1982,‬ص‪) 210‬‬
‫_‪3‬القلق الخلقي ‪ moral:‬ويتميز بمضمونه ‪.‬ويكون مصدر الخطر احتمال غضب األنا األعلى ‪,‬ويغلب فيه‬
‫ان يأتي نتيجة حكم األنا األعلى بارتكاب الفرد ذنبا (عقدة ذنب )ويحتمل ان يكون نتيجة إحباط ألمر‬
‫موجود بين مكونات األنا األعلى (الرفاعي ‪, 1982,‬ص‪) 211‬وإذا ازداد القلق لدرجة كبيرة ال يستطيع‬
‫معها ان يستخدم الوسائل العقالنية يلجأ إلى الكبت كوسيلة دفاعية أو أي حيلة الشعورية أخرى (الخواجا‬
‫‪, 2002,‬ص‪) 52‬‬
‫المرض والسواء عند فرويد‬
‫االضطراب النفسي‬
‫إن أسباب االضطرابات النفسية ترجع إلى الكبت الالشعوري والصراع بين الدوافع الهو ومتطلبات األنا‬
‫األعلى ودفاعات األنا مما يطور حالة من القلق وعندما ال يستطيع األنا التحكم بالقلق عن طريق وسائل‬
‫عقالنية مباشرة يلجأ إلى استخدام الوسائل الدفاعية‪.‬‬
‫اضطرابات الشخصية‬
‫*الصراع‬
‫بما أن الشخصية تتكون من ثالثة أجهزة هي الهو واالنا واالنا األعلى ‪ ,‬هنا ال بد من ان تعمل جميعا في‬
‫انسجام لتحقيق التوازن واالستقرار فإذا ما ظهر دافع في الهو تتدخل األنا والتي تخضع لمبدأ الواقع لترى‬
‫إذا كان باإلمكان تحقيق هذا الدافع بحيث ال يتعارض مع الظروف الخارجية وإال فأنها تكبت هذا الدافع‬
‫وتمنعه بينما األنا األعلى يكون متيقنا إن وجد ما يتعارض من االتجاهات والقيم ‪.‬‬
‫‪1-‬الصراع بين األنا والهو‪:‬‬
‫وهذا يحدده قوة األنا وسيطرتها فإذا كان األنا قويا فأن اإلنسان يقوم بدوره بشكل سليم ‪ .‬أما إذا كان األنا‬
‫ضعيفا أمام الهو عندها لن يستطيع ان يتحكم في نزوات الهو المتدفقة ولذلك ينشأ القلق والصراع ‪.‬‬
‫‪2-‬الصراع بين األنا واالنا األعلى‪:‬‬
‫يحاول األنا األعلى أن يعطل مبدأ اللذة ومبدأ الدافع في بعض األحيان ‪ ،‬ويسمح األنا للهو بإشباع الغريزة‬
‫بطريقة تعتبرها األنا مقبولة ‪ ...‬لكن هذا قد ال يرضي األنا األعلى من خالل طريقة اإلشباع وهذه الطريقة‬
‫قد تكون تافهة عندئذ سيعاقب األنا األعلى على تصرفات األنا وتجعله يشعر باإلثم ‪ ...‬وفي هذه الحالة‬
‫تستحوذ على الفرد معانة شديدة ومشاعر احتقار ولوم الذات‪.‬‬
‫وقد تخضع األنا لالنا األعلى فتصبح األنا معطلة الستطيع القيام بوظيفتها وبذلك تقع فريسة للصراع‬
‫والقلق وعرضت لظهور األعراض المرضية واستخدام الحيل الدفاعية ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للفرد الذي تسيطر عليه الهو فهو غالبا ما يميل إلى أن يكون انفعاليا‪.‬‬
‫والفرد الذي تسيطر عليه األنا األعلى سيكون مبالغا في التمسك باألخالق‪.‬‬
‫أما األنا فهي التي تحول بين الفرد والتطرف باالتجاهين ‪ (.‬الخواجا ‪،2002,‬ص‪)52‬‬
‫يستهدف العالج النفسي إعادة بناء الشخصية على أسس تؤدي إلى زيادة قدرة الفرد على إيجاد إشباع‬
‫لحاجاته الذاتية بطرق مقبولة بالنسبة لنفسه وبالنسبة للعالم الذي فيه وتحريره بحث ينمي قدراته‪.‬‬

You might also like