Professional Documents
Culture Documents
تعتبر الصحة النفسية بمعناها الواسع توجيه األفراد إلى فهم حياتهم و التغلب على مشكالتهم ،حتى
و نظرا لما تمثله الصحة النفسية من أهمية كبيرة للعمال من الناحية االقتصادية و اإلنسانية على حد
سواء ،نجد أن العديد من الدراسات و البحوث اهتمت بالصحة النفسية و الدور الكبير الذي تلعبه في
زي ادة أداء العام ل في المنظم ة ،كونه ا تعت بر العام ل الرئيس ي في زي ادة إنتاجي ة العام ل و عط اءه في
المؤسس ة ،فهي أس اس التواف ق و الكفاي ة .و ه ذا م ا س نتطرق إلي ه في ه ذا الفص ل باعتب اره المتغ ير
المستقل للدراسة ،و للتعرف عليه أكثر تطرقنا إلى العناصر التالية ,أوال تعريف الصحة النفسية ،ثم
العوام ل الم ؤثرة على الص حة النفس ية ،تليه ا مع ايير الص حة النفس ية ،ثم مظ اهر الص حة النفس ية ،
وبعدها االضطرابات النفسية والعقلية في الصناعة ,و أخيرا أهمية الصحة النفسية للعامل.
1
نبذة تاريخية عن الصحة النفسية :
أن الصحة النفسية من المتغيرات التي حظيت باالهتمام منذ أقدم العصور ،وإ ن كان ذلك ليس
بالمصطلح المعروف اليوم ،فقد عرف اإلنسان المرض النفسي منذ أن وجد على أرض المعمورة ،وقد
ألقى الكهنة والفالسفة والمفكرون واألطباء ورجال الدين على مر العصور بدلوهم في فهم وتشخيص
وقد مَّر تطور الصحة النفسية بتأريخ طويل يرجع الى نحو خمسة آالف عام ،وقديمًا ع َّد المرض
النفس ي عقوب ة تس لطها اآلله ة على البش ر ج ّر اء آث امهم ،ونس به الق دماء أيض ًا إلى س يطرة األرواح
الش ريرة على النفس البش رية ،وتع ود الج ذور التاريخي ة لم ا يوج د اآلن من فك ر عن الص حة النفس ية
واألم راض النفس ية والعالج النفس ي الى الحض ارة المص رية والحض ارة البابلي ة والحض ارة الص ينية
والحض ارة الهندي ة والحض ارة الس ومرية ،وق د أحت وت أوراق ال بردي المص رية القديم ة على بعض
االش ارات لالض طرابات العقلي ة ،ففي نح و س نة ( 1500ق .م) ذك رت في تل ك األوراق مالحظ ات عن
ويّع د الكمي ون ( 550-500( )Alcmeonق .م) أول فيلس وف جع ل المخ مرك زًا للعق ل وأن
االض طرابات ال تي تص يب المخ هي ال تي تس بب االض طرابات العقلي ة ،وج اء هيب وقراط ( 357-460
ق .م) ليؤكد أن لالضطرابات النفسية أسبابها الطبيعية ،وتّع د وجهة نظر هيبوقراط امتدادا لوجهة نظ ر
فيث اغورس ال تي ع ّد ت ال دماغ عض وًا مركزي ًا للفعالي ة الذهني ة وأرجعت الم رض النفس ي الى م رض
ال دماغ ،ون اقش أفالط ون ( 380ق .م) العق ل والك ائن البش ري ،ووج ه العناي ة الى المعامل ة اإلنس انية
والفهم الالزم لعالج المرض ى ،ووج ه العناي ة الى أحالم الم ريض وأهميته ا أم ا أرس طو ( 300ق .م)
فق د أهتم ب أثر العوام ل النفس ية كاألحب اط والص راع في الم رض النفس ي ومن ثم رفض ها ،وأتب ع نظري ة
2
فالص فراء الح ارة مثًال ،تول د الرغب ات الجنس ية ،وق د ت دفع إلى األنتح ار ،وع َّد أس كيلبيادس (
( )Ascelpiadesنح و 50ق .م) أن األض طرابات النفس ية والعقلي ة تنش أ عن إض طرابات العواط ف
والمشاعر ،كما يذكر أن السيد المسيح (ع) عالج المرضى برفق وحنان ،وأعاد إليهم صحتهم الجسمية
والعقلي ة ،أم ا ج الينوس ( )200-130م ،فق د ك ان يعتق د بوج ود أربع ة (أخالط) في الجس م ،فالكآب ة
ناتج ة عن زي ادة في س ائل الس وداء ،وعن د إزدي اد ح رارة ه ذا الس ائل تتح ول الكآب ة الى حال ة اله وس
الماني ا ( ، )Maniaوأرج ع غ الن ( )Galenفي تل ك الم دة الم رض النفس ي الى أس باب عض وية ،أو
أس باب نفس ية ك الخوف والص دمات واألزم ات األقتص ادية ،وبس قوط الحض ارتين اليوناني ة والروماني ة
تعرض ت ك ل مج االت العلم للخس وف الكلي وع ادت التفس يرات الس حرية وتج ددت الش عوذة ،وض عف
سلطان األطباء في معالجة األمراض النفسية والعقلية ،وحل محلهم رجال الكنيسة.
ومن جهة أخرى ،فقد شهد المشرق ظهور اإلسالم الذي أنكر بعض العادات والتقاليد التي كانت
معروفة في المحيط األسالمي ،وجاء بما هو أهم منها وأجل شأنًا ذلك هو األستشفاء بالقرآن الكريم ،
وقد برع علماء العرب في الطب بما في ذلك الطب النفسي والعقلي ،فكان الرازي يرى بأن " :العلل
قد تكون من أسقام نفسية مثل الحزن والغضب والعشق ،وأن جميع ما يعرض لألنسان على وجهين،
أما عارض للجسد ،وأما عارض للنفس " ،وبرز من خالل هذا اإلشراق العلمي أيض ًا ،فالسفة أطباء
ك ان من أب رزهم أبن س ينا (1037-980م) ال ذي وج ه عنايت ه بالدرج ة الرئيس ة الى النفس وأش ار في
مخيم ة عليهم ،وب دأوا يول ون عن ايتهم نح و البحث في أس باب اإلض طرابات النفس ية والعقلي ة ،وك ان
الفيلس وف األس باني ج وان ل ويس في ف ( )Juan Luis Vivesمن رج ال النهض ة األوائ ل ال ذين عن وا
3
بدراس ة دواف ع الس لوك اإلنس اني .وذهب بارس يليوس (1493-1541( )Paracolsusم) وه و ط بيب
معاصر لجوان فيف الى أن لألضطرابات النفسية والعقلية أسبابًا نفسية ،وقال بوجود قوة مغناطيسية
في الجسم ،وهذا هو أساس ما جاء به مسمر ( )Mesmerفيما بعد ،ولم يستطع الكثير من األطباء أن
يهت دي الى وج ود عل ل عض وية يمكن أن تفس ر اإلض طرابات النفس ية والعقلي ة ،ومن ثم أبت دأ ع دد من
األطب اء ي رون أن أغلب اإلض طرابات النفس ية والعقلي ة إنم ا ترج ع الى أس باب نفس ية ال عض وية ،وق د
مّهد هذا لظهور المدرسة النفسية التي يرجع تأريخها الى آنتون مسمر(1734-( )Anton Mesmer
1815م) الطبيب النمساوي الذي نادى بوجود مادة مغناطيسية سماها (المغناطيسية الحيوانية).
وك ان جيمس بري د (1795-1860( )James Braidم) الط بيب األنجل يزي أول من أكتش ف أن
التنويم المغناطيسي ظاهرة نفسية بحته يمكن إحداثها من دون إستخدام المغناطيس أو أي مادة طبيعية
أخ رى ،وتمكن الطبيب ان ليب ولت ( )1825-1904( )Liebaultوبرنه ايم (1837-( )Bernheim
)1919من أن يكتش فا العالق ة بين الهس تيريا والتن ويم ،ويكون ا نظري ة تق ول ب أن الهس تيريا والتن ويم
يح دثان نتيج ة األيح اء ،كم ا أرج ع بي ير جاني ه ( )1859-1947( )Pierre Janetالهس تيريا الى
التجارب الخاصة التي يتعرض لها المريض في حياته السابقة وقد أهتمت المدرسة الفرنسية على وجه
ع ام بالعوام ل النفس ية المس ببة للهس تيريا وأعطت اإلس تعدادات المزاجي ة دورًا أك بر مم ا تس تحق،
وأقصرت بحثها على الصدمات النفسية التي تحدث في مراحل الشباب .
إن البحث في الصحة النفسية ودراستها لم يصبح بحث ًا علمي ًا سليمًا حتى أواخر القرن التاسع عشر
إذ إنص رف الكث ير من العلم اء إلى إس تخدام أس اليب البحث العلمي من مالحظ ة وتج ريب في دراس ة
4
مفهوم الصحة النفسية:
لغة :ما يحّل بالَّنفس من تأّثر أو انفعال شديد.
اصطالحاُ :تع رف الص ّح ة النفس ّية باللغ ة اإلنجليزي ة باس م ( ،)Psychological healthوهي مجموع ة
من اإلجراءات والطرق التي يّتبعها األفراد في المحافظة على صحتهم النفسية ،حتى يتمّك نوا من إيجاد
الحل ول المناس بة للمش كالت ال تي ت واجههم ،وُتع رف أيض ًا بأنه ا ق درة الف رد على التعام ل م ع البيئ ة
المحيطة به ،وتغليب ُح كم العقل على االنفعاالت التي تنتج نتيجة لتأّثره بالعوامل التي تدفعه للغضب،
تعريف مدرس1ة التحلي1ل النفس1ي :يمّثل ه ذه المدرس ة ع الم النفس فروي د ،وع ّر َف الص حة النفس ية بأنه ا
القدرة على القيام بالعمل ،طالما أن اإلنسان ال ُيعاني من أي مرض يمنعه من ذلك ،وبالتالي تعتبر هذه
تعريف المدرس11ة الس11لوكية :هي اختي ار الف رد الس لوك المناس ب م ع المواق ف ال تي تواجه ه ،باالعتم اد
5
تعري11ف المدرس11ة اإلنس11انية :يمث ل ه ذه المدرس ة الع الم ماس لو ،وع ّر ف الص حة النفس ّية بأنه ا امتالك
اإلنس ان شخص ية س وية ،تس اعده على التعام ل م ع األح داث ال تي تح دث مع ه ،وتختل ف عن الشخص ّية
غير السوية
نظر فرويد إلى اإلنسان نظرة تشاومية فالفرد دائما في صراع بين دوافعه المختلفة بين ما يريده ,وبين
الدوافع التي ال تقبلها الجماعة ،وهو دائما يشعر بالقلق من احتمال خروج ما كبت من خبرات ومشاعر
هو منطقة الوعي الكامل واالتصال بالعالم الخارجي ,وهو الجزء الخارجي للشخصية.
يشغل الالشعور حيز واسع من الشخصية ,وهو يمثل جملة المكبوتات والممنوعات التي تثير
عن د اإلنس ان ن وع من ال رفض أو الخج ل ,ومن الص عب اس تدعاؤه ألن ق وة الكبت تع ارض
6
ظه وره ,وتع بر الرغب ات الالش عورية عن نفس ها عن طري ق األحالم أو فلت ات اللس ان وزالت
م1ا قب1ل الش1عور :يتض من م ا ه و ك امن وم ا ليس في الش عور ولكن من الس هل اس تدعاؤه إلى
أجهزة الشخصية:
میز فروید بين ثالثة أجهزة للشخصية الهو ,واالثا ,واالثا األعلى) حيث أن لكل واحد من هذه
األجه زة مكونات ه وخصائص ه ويعت بر س لوك الف رد محص لة للتفاع ل والص راع فيم ا ه ذه
األجهزة .
ويعرف الهو:
على ان ه ذل ك الج زء من النفس اإلنس انية ال ذي يمي ل إلى إش باع الرغب ات و ال نزوات
والمكبوتات بدون اعتبار للقيم والمبادئ والعادات والتقاليد فهو يعمل وفق مبدأ اللذة.
أما األنا األعلى :فهو ذلك الجزء من النفس اإلنسانية الذي يرفض أي إشباع للغرائز
رفض ا بات ا ال بط رق مش روعة أو غ ير مش روعة ،فه و على النقيض تمام ا من اله ور
7
أم11ا األن11ا :فه و ذل ك الج زء من النفس اإلنس انية ال ذي يق وم ب دور الوس يط بين مط الب
اله و ومط الب األن ا األعلى ويح اول أن ينس ق ويوف ق بين الط رفين ,ول ذلك فه و يعم ل
ومن هنا يمكن القول بان الشخصية تكون سوية ويكون هناك تمتع بالصحة النفسية عندما تكون األنا
قوي ة وق ادرة على تحقي ق التواف ق بين مط الب اله و واالن ا األعلى ,أم ا إذا ك انت األن ا ض عيفة فهن اك
احتم ال أن تس يطر اله و على ج وانب الشخص ية المختلف ة وبالت الي تك ون الشخص ية منحرف ة ش هوانية
غرائزية ,أو أن تسيطر األنا األعلى فتكون الشخصية جامدة منغلقة مريضة ومعقدة.
رفض ت ه ذه النظري ة تفس ير نظري ة التحلي ل النفس ي للص حة النفس ية ,ورأت أن الس لوك إلنس اني في
مجمل ة متعلم ,وبم ا ان ه متعلم إذن يمكن تغي يره وتعديل ه ,وعلى ذل ك ف إن الف رد يتمت ع بالص حة النفس ية
عندما يتعلم عادات نفسية واجتماعية صحيحة من محيطة الخارجي ,فالصحة النفسية مكتسبه ,ويكون
العكس عندما يتعلم الفرد عادات سيئة وطرق تفكير خاطئة تسبب له التعاسة والحزن واأللم.
يرى ماسلو أن اإلنسان يتمتع بالصحة النفسية عندما يكون قادرا على إشباع حاجاته المختلفة والوص ول
إلى ما يسمى بتحقيق الذات ,وعلى ذلك فإن ماسلو يرى بان اال نسان قد يحتاج أشياء معينة ,وفي حالة
عدم إشباعها فانه يشعر بالكدر والضيق وهذا يترتب عليه صحة نفسية متدنية.
8
وفي الشكل اعاله تتدرج الحاجات حسب أهميتها في شكل هرمي ويتكون هذا الهرم من :
الحاجات الفسيولوجية
عبارة عن الحاجات األساسية الالزمة لبقاء حياة اإلنسان وتمتاز بانها فطرية كما تعتبر نقطة البداية في
الوصول إلى إشباع حاجات أخرى وهي عامة لجميع البشر إال أن االختالف يعود إلى درجة اإلشباع
المطلوب ة لك ل ف رد حس ب حاجت ه ،وبعض ه ذه الحاج ات يحاف ظ على بق اء الف رد وبعض ها يحاف ظ على
9
الحاجة إلى األمن ))needs to securitythe
يعتمد تحقيقها على مقدار اإلشباع المتحقق من الحاجات الفسيولوجية فهي مهمة للفرد فهو يسعى إلى
تحقي ق األمن والطمانين ة ل ه وألوالده ك ذلك يس عى إلى تحقي ق األمن في العم ل س واء من ناحي ة ت أمين
الدخل أو حمايته من االخطار الناتجة عن العمل وان شعور الفرد بعدم تحقيقه لهذه الحاجة سيؤدي إلى
انشغاله فكريا ونفسيا مما يؤثر على أدائه ومن أمثلة هذه الحاجة:
يش عر البش ر عموم ا بالحاج ة إلى االنتم اء والقب ول ،س واء إلى مجموع ة اجتماعي ة كب يرة (ك النوادي
والجماعات الدينية ،والمنظمات المهنية ،والفرق الرياضية ) أو الصالت االجتماعية الصغيرة (كاألسرة
والشركاء الحميمين ،والمعلمين ،والزمالء ،المقربين) ,ومن أمثلة هذه الحاجة :
العالقات العاطفية
العالقات األسرية
كسب األصدقاء
10
.
هن ا يتم الترك يز على حاج ات الف رد إلي المكان ة االجتماعي ة المرموق ة والش عور ب احترام اآلخ رين ل ه
وفيه ا يح اول الف رد تحقي ق ذات ه من خالل فهم قدرات ه ومهارات ه الحالي ة و المحتمل ة ومحاول ة اس تغاللها
هناك عدة عوامل تؤثر في الصحة النفسية لإلنسان وطريقة تفكيره وسلوكه وشعوره ،ومنها:
إّن النم ط الغ ذائي ونوعي ة األغذي ة ت ؤثر في الص حة الجس دية بالت الي الص حة النفس ية والعقلي ة
لإلنس ان ،ل ذلك ُيفّض ل االبتع اد عن الوجب ات الدس مة وذات القيم ة الغذائي ة المنخفض ة والتوج ه
إلى الطعام المتوازن الُم غ ّذ ي والتركيز على األطعمة الُم حِّف زة لنشاط الدماغ والتي من الممكن
11
من المهم أن يح اول الف رد التح ّر ك ق در اإلمك ان ،كص عود الس لم ب دًال من اس تعمال المص عد
والخ روج لممارس ة المش ي من وقت آلخ ر عوض ًا عن اس تعمال الس يارة ،حيث إّن ممارس ة
الرياضة ليست فقط مهّم ة للصحة الجسدية وخسارة الوزن بل هي ذات أهمية عالية للصحة
النفسية أيضًا؛ حيث تساهم بفعالية في حل المشاكل المتعّلقة بالصحة النفسية وتفيد في تحسين
المزاج أيضًا.
التدخين
إّن م ا يع ادل نص ف ع دد األش خاص ال ذين يع انون من المش كالت النفس ية هم من الم دخنين،
فالمش اكل الص حية ال تي يس ببها الت دخين كمش اكل القلب والرئ تين ون زالت ال برد ق د ت ؤدي إلى
مش كالت في الم زاج وتغ يرات في الص حة النفس ية ،ل ذلك ف إّن التوق ف عن الت دخين ُيع د من
التعّر ض لإلساءة
إّن التع رض لإلس اءات س واء ك انت نفس ية أم جس دية أم جنس ية من أهم العوام ل ال تي ُتحّف ز
المشكالت النفسية على الظهور ،لذلك فإّن وجود بيئة أسرية واجتماعية آمنة وصحية ُيساهم
التفاعل االجتماعي
12
إّن قضاء وقت مع أشخاص يهّتم المرء ألمرهم واالنخراط في األعمال المجتمعية والتطوعية
ال تي ُتش عره بأهميت ه وت أثيره في اآلخ رين من أهم األم ور ال تي ُيوص ى به ا عن د الح ديث عن
الصحة النفسية ،فقضاء الوقت مع األصدقاء يؤدي إلى تحسين المزاج بصورة ملحوظة وأيضًا
ممارسة األعمال التي ترتبط باإليثار وحب الغير تجعل من التعامل مع تح ّد يات الحياة اليومية
العالقات العاطفية
إّن العالقة العاطفية الصّح ية من الممكن أن ُتحّس ن الصحة النفسية وُتحسن المزاج وُتس اهم في
تخفي ف الس مات العص بية في شخص ية الف رد ،وعلى عكس ها فالعالق ات العاطفي ة الس يئة ت ؤثر
سلبًا في الصحة النفسية وُيفضل الخالص منها وإ نهاؤها والبقاء مع شريك يجعل الحياة تبدو
أفضل وأجمل.
تساهم الممارسة المستمرة لتقنيات االسترخاء والتأمل المختلفة بفاعلية في زيادة القدرة على
تحّم ل المواق ف الُم حِبط ة والتعام ل والتحُّك م باالنفع االت وإ دارة القل ق ال ذي يتع ّر ض ل ه الف رد،
ومن الجدير بالذكر أّن ه ال يوجد تقنية محددة لاللتزام بها ،بل يوجد تقنيات عدة ُم تاحة للبحث
13
النوم الصحي
يساهم الحصول على عدد ساعات النوم التي يحتاجها جسد اإلنسان وتنظيم مواعيد النوم في
تحسين الصحة النفس ّية ويجعل الجسد أكثر قدرة على التعافي من األمراض وحتى أّن ه يجعل
من
للصحة النفسية عدة عوامل مهمة تؤثر على حياة وسلوك األفراد ومنها:
األسرة:
تع د العام ل األول من العوام ل ال تي ت ؤثر على الص حة النفس ية ،فعن دما يعيش اإلنس ان في أس رة
مترابط ة يتمكن من تك وين شخص ية س وية ،وذات نفس ية معتدل ة ،وخالي ة من األم راض النفس ية ،بعكس
األف راد ال ذين يعيش ون حياة مض طربة في طفولتهم نتيج ة لوجود خالف ات عائلي ة ،أو عدم وجود أس رة
العمل:
إن طبيعة العمل الذي يعمل فيه اإلنسان تعد من المؤثرات التي تؤثر على نفسيته ،فعندما يعمل
بأجواء مناسبة عندها يكون مرتاحا نفسيا للقيام بعمله بشكل أفضل ،بعكس وجوده في ظروف عمل
غير مناسبة ،فمثال :عمل األفراد تحت أشعة الشمس المباشرة في أيام الصيف ،مع عدم توفير أي
وسائل لحمايتهم من اإلصابة بضربة شمس من المحتمل أن يؤثر ذلك على صحتهم النفسية ويشعرهم
14
مظاهر الصحة النفسية
عند تحّلي الفرد بالصحة النفسية السليمة؛ فإّن ذلك ينعكس بشكل واضح على جميع تفاعالته واستجاباته
للمث يرات المختلف ة ،وطريق ة تعامل ه م ع الظ روف والح وادث غ ير المرغ وب به ا ،ومن أب رز دالالت
ومظاهر الصحة النفسية كالتالي( :عالمات الصحة النفسية والوقاية من المرض)2023 ،
هو حالة من االستقرار النفسي التي يكون فيها الفرد متوافق ًا مع ذاته ومتكّيف ًا مع مستواه
وإ مكاناته وقدراته وكفاءاته الذاتية ،وإ دراكه لمواطن القوة ومواطن الضعف التي يتمتع بها،
وإ مكانّي ة اس تثمارها واالس تفادة منه ا ب أكبر ق در ممكن ،وبالت الي تحقي ق مب دأ األم ان ال داخلي
والرض ى عن ال ذات ومحّبته ا ،باإلض افة إلى توجي ه وض بط االنفع االت واالس تجابات في
وه و ق درة الق رد على التكُّي ف الجّي د م ع البيئ ة الخارجي ة في جمي ع المواق ف االجتماعي ة
المبنّي ة على طرق التفاعل مع اآلخرين إلقامة العالقات المختلفة في كافة البيئات االجتماعية
كاألسرة والمدرسة والعمل والجامعة وغيرها ،فتكون استجابة الفرد االجتماعية متكّيفة وذات
مس توى ع اٍل من الت آُلف واإليجابي ة ،وب ذلك يك ون راض يًا عن أدائ ه االجتم اعي ،ويك ون
اآلخ رون من حول ه راض ين عن التعام ل مع ه من خالل التع اون وتب ادل االح ترام والثق ة
والتسامح والمرونة.
15
االّتزان والنضج في االنفعاالت (زهران ,حامد)2005 ،
يتمّيز األفراد المتمّتعين بالصحة النفسية باالتزان االنفعالي ،والثبوت العاطفي والوجداني،
المختلف ة؛ فيك ون هن اك حال ة من الت وازن بين ش ّد ة المث ير وش دة االس تجابة المترّتب ة علي ه،
باإلض افة إلى الق درة على مواجه ة الظ روف الحياتي ة والض غوط المختلف ة ،وح ل المش كالت
ومعالجتها بشكل إيجابي وَبَّناء ،ومواجهة اإلحباط واألَز مات الحادة بأقّل قدر من اآلثار النفس ية
الس لبية ،والق درة على تحم ل المس ؤوليات االجتماعي ة وتحم ل مس ؤولية النت ائج المترتب ة عن
يكون النجاح في التفوق في في المجاالت المهنية والعملية والنجاح في أداء المهام بشكل
كام ل ،كم ا أّن تق دير الف رد للمس توى الع اّم ل ه في الق درات والكف اءات الشخص ية ُيس اعده في
توظي ف مهارات ه في مكانه ا المناس ب لتك ون أك ثر كف اءة وفاعلَّي ة ،باإلض افة إلى الّس عي ال دائم
لالرتقاء بالمستوى الوظيفي واختيار الفرد لنفسه المكان والمهنة المناسبة .كما ُيضاف إلى ذلك
عدم مقابلة حاالت الفشل في جميع المجاالت العملية والحياتية باإلحباط واالنسحاب ،واختيار
16
يك ون الف رد ُم قبًال على الحي اة ُم حّب ًا له ا مس تمتعًا بوس ائل الراح ة والس عادة المتاح ة لدي ه،
ويكون إيجابيًا في أغلب أحيانه متوقعًا للخير ومتفائًال به ،كما يكون راضيًا بك ّل ما هو متاح
من ق درات مادي ة وذاتي ة واجتماعي ة ،والق درة على الّت أقلم والتكي ف في مختل ف الظ روف
والمواق ف ال تي من الممكن أن يتع ّر ض له ا الف رد ،وال ترحيب ب الخبرات والتج ارب الجدي دة
وحّب اإلق دام عليه ا ،باإلض افة إلى تمُّي زه بالق در الع الي من ُح س ن الخل ق ،والتحّلي بالص فات
من مؤشرات الصحة النفسية شعور الفرد باالرتياح وراحة البال والسعادة.
17
أهداف الصحة النفسية
ته ِد ف الص ّح ة الّنفسية لضمان الرعاية اإلنسانية والعالج الفعال لجميع األشخاص الذين يعانون من
اض طرابات نفس ية ،مث ل االكتئ اب ،والقل ق ،واالض طراب ثن ائي القطب ،والفص ام ،واض طرابات
الشخص ية ،وأولئ ك ال ذين يع انون من اض طرابات النم و ال ذهني واض طرابات تع اطي المخ درات،
وفيما يأتي قائمة بأهّم األهداف الّس امية للصّح ة الّنفسية والّطب الّنفسي ُع موًم ا:
تهدف الص ّح ة الّنفسية إلى زيادة تطوير الرعاية الصحية الّنفسية من خالل تثقيف األطفال في
المدارس عن مدى أهمّي ة الص ّح ة الّنفسية ،فه ذا األمر سُيوّض ح للناس مع ُم رور الوقت كيفي ة
الِح فاظ على ص ّح تهم الّنفس ية وسُيش ّج عهم على زي ارة الط بيب الّنفس ي في ح ال ُم عان اتهم من أي
العالج الّنفسي ُم هم في المقام األول مثل العالج الجسدي ،لذلك يجب الّتركيز على إتاحة العالج
الّنفس ي في المراك ز الص حّية والُم ستش فيات ومراك ز الّط وارئ ،بحيث يمكن للمرض ى الوص ول
18
الّس عي إلبقاء الُم جتَم ع آمن نفسًّيا
وذل ك من ِخ الل تحس ين البحث في جمي ع ج وانب األم راض الّنفس ية بم ا في ذل ك أس باب
االض طرابات النفس ية ،والوقاي ة منه ا ،وعالجه ا ،وإ ع داد أطّب اء وُم ع اِلجين نفس يين ُم دّر بين،
باإلض افة لتعزي ز التع اون بين جمي ع المهتمين ب الجوانب الطبي ة والنفس ية واالجتماعي ة والثقافي ة
يس عى األطب اء الّنفس يون لُم س اعدة المرض ى في التغلب على األم راض النفس ية المنهك ة،
وُيس اعدوهم على تج اُو ز المش اكل والمخ اوف الّنفس ية ،وكس ر الح واجز المبني ة بس بب القل ق
ته دف الص حة الّنفس ية لتط وير خط ط العالج الّنفس ي لتص بح أك ثر فعالّي ة ،من خالل،sgu( :
)2023
توفير الرعاية والعالج للمصابين بأمراض نفسية مزمنة من خالل التدخالت العالجية -
19
عدم إهمال الصحة الّنفسية للمرضى ومراقبة نتائج العالج
مراقبة نتائج العالج الّنفسي هي الطريقة الوحيدة لمعرفة مدى تحقيق أهداف العالج ،إذ تساعد
الُم راقب ة على زي ادة فعالي ة العالج والبحث عن ُط رق واس تراتيجيات جدي دة ُت ؤدي إلى نت ائج
أفضل.
للص حة النفس ية األهمي ة الك برى ال تي تع ود على الف رد والمجتم ع ،فهي ت زرع الس عادة واالس تقرار
والتكامل بين األفراد ،كما لها الدور المهم في اختيار األساليب العالجية السليمة والمتوازنة للمشكالت
االجتماعي ة ال تي ق د ت ؤثر في س المة عملي ة النم و النفس ي للف رد ،ويمكن تلخيص بعض النق اط المهم ة
للصحة النفسية تأثير كبير في الصحة الجسدية ،إذ إن إهمالها أو ضعفها يزيد احتمال اإلصابة
20
يكون احتمال انتصار مصابي السرطان الذين يعانون من مشكالت نفسية حتى إن كانت بسيطة
تعّد اضطرابات النوم ،منها :األرق ( )Insomniaضمن المشكالت التي ترتبط ارتباًطا وثيًقا
بالصحة النفسية.
تعمل الصحة النفسية السيئة على استنزاف الطاقة ،فهي تؤدي إلى الشعور المتواصل بالتعب
تؤدي الصحة النفسية السيئة في بعض الحاالت إلى اللجوء إلى العادات السلبية بهدف التعامل
مع األعراض النفسية المزعجة ،وذلك يكون على سبيل المثال باللجوء إلى التدخين أو استخدام
تساعد الصحة النفسية الجيدة في التعامل مع العقبات والصعوبات بمنظور متفائل ،وذلك يؤدي
21
المساعدة في التعامل مع التغيرات الحياتية
عند التعّر ض إلى حدث يؤدي إلى تغيرات جذرية في الحياة من ذلك الزواج واالنتقال من عمل
إلى آخر ،تبرز أهمية الصحة النفسية في المساعدة في التعامل مع التغيرات وتجاوزها دون
أضرار نفسية.
تؤدي الصحة النفسية المتعبة وما يترافق معها من اضطرابات نفسية إلى ضعف اإلنتاجية
وتأخر تسليم المهام في العمل ،وذلك إضافًة إلى كثرة اإلجازات المرضية.
تؤدي الصحة النفسية السيئة إلى مضاعفات عديدة تؤثر سلبًي ا في العالقات مع اآلخرين ،من
تبرز أهمية الصحة النفسية أيًض ا في تحسين نمط حياة الشخص ووقايته من حدوث زيادة كبيرة
في وزنه ،فمن يعاني من مشكلة نفسية أو اضطراب نفسي عادًة ما يقل اهتمامه في ممارسة
الرياضة واختيار الغذاء الصحي ،وذلك يفضي إلى زيادة الوزن والسمنة.
22
الخالصة
وم ا يمكن استخالص ه في النهاي ة إن للص حة النفس ية أهمي ة ك برى في حي اة اإلنس ان ,فهي تس اعده
على التوافق السليم والناجح في شتى مجاالت الحياة ,وبالتالي إذا توافق الفرد مع ذاته ومجتمعه سيعود
باإليجاب
على أداء عمله أداء جيدا وسيثمر إنتاجا أوفر مما يساعد المؤسسة على الرقي والتطور.
ينبغي على كل فرد من أفراد المجتمع الواحد أن ُيحافظ على نمط الحياة الصحية من خالل
الممارسات التي من شأنها أن ُتحافظ على صحتك أّو اًل ،وصحة مجتمعك ثانًي ا ،وذلك من خالل
ممارس تك للرياض ة ،وحّث من حول ك عليه ا ،وحرص ك ال دائم على تن اول األغذي ة الص حية،
نومك؛ ألّن هذا كله يعود عليك وعلى مجتمعك بصحة أفضل لحياة صحية أفضل ،نستطيع من
خاللها أن ُنحّقق مضمون المقولة المشهورة التي تقول“ :العقل السليم في الجسم السليم” ،إًذ ا ح تى
يتق ّد م مجتمع ك بش كل ص حّي ،فإّن ه يحت اج إلى عق ل س ليم نتيجت ه ص حة س ليمة ص حية تبتع د عن
23
قامة المراجع
( .)2023 ,04 02تم االسترداد من عالمات الصحة النفسية والوقاية من المرض:
alamal.med.sa/page_35_33.shtml
راضية ,رزيق .)2020( .الطموح وعالقته بالصحة النفسية لدى المتفوقين دراسيا (رسالة
ماجستير غير منشورة) .قسم العلوم االجتماعية .كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية .جامعة
الشهيد حمه لخضر.
رحلي ،فتحية .)2019( .إدارة الوقت وعالقتها بالصحة النفسة لدى طلبة الجامعة (رسالة
ماجستير غير منشورة) . .قسم علم النفس .كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية .جامعة محمد
بوضياف ،المسلية.
زهران ,حامد .)2005( .الصحة النفسية والعالج النفسي .مصر :عالم الكتب ،صفحة 13
24
Récupéré sur sgu: sgu.edu/blog/medical/what-is-a- .)02 04 ,2023(
/psychiatrist
Récupéré sur vikaspedia.in: vikaspedia.in/health/mental- .)02 04 ,2023(
health/awareness-of-mental-health
.Illness, WebMD. Causes of Mental. ( 2022)
.MedlinePlus. Mental Disorder. (2022)
Schleider, J. L., & Weisz, J. R. (2016). Mental health and implicit
theories of thoughts, feelings, and behavior in early adolescents: are
girls at greater risk. Journal of Social and Clinical Psychology, 35(2),
.130-151
WebTeb. (2023, 04 02). Récupéré sur WebTeb :
23529_النفسي-المرض-اعراض/webteb.com/articles
25