You are on page 1of 40

‫الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة محمد البشير االبراهيمي‬

‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬

‫قسم العلوم االجتماعية‬

‫محاضرات علم النفس المعرفي‬


‫سنة ثانية علم النفس‬

‫د‪.‬عبد الناصر تزكرات‬

‫السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪0201-0202‬‬
‫‪1‬‬
‫المحاضرة األولى‪ :‬مدخل مفاهيمي لعلم النفس المعرفي‬
‫من اقوال المأثورة عن عالم النفس األمريكي الشهير "وودوورث" قوله‪" :‬ان علم النفس بدا بدراسة الروح‪،‬‬
‫لكن زهقت روحه‪ ،‬ثم أصبح علم العقل‪ ،‬لكن ذهب عقله‪ ،‬ثم أصبح علم الشعور‪ ،‬وأخشى ان يفقد‬
‫شعوره" وقد فقده فعال بعد ان أصبح علم السلوك‪.‬‬

‫وعلم النفس هو "العلم الذي يدرس سلوك الكائنات العضوية"‬

‫السلوك هو مجموع أفعال الكائن العضوي الداخلية والخارجية‪ ،‬والتفاعل بين الكائن العضوي وبيئته المادية‬
‫واالجتماعية‪ .‬والسلوك كذلك مختلف أنواع األنشطة التي يقوم بها االنسان والحيوان‪.‬‬

‫والسلوك جزء من الكل الذي يشمل العمليات الحيوية‪ ،‬وتتضمن هذه العمليات‪ :‬االيض (عمليتا البناء والهدم‬
‫في الخاليا الحية)‪ ،‬النمو‪ ،‬الذبول والضعف التدريجي‪ ،‬الهضم‪ ،‬اإلخراج‪ ،‬الدورة الدموية‪ .‬وهذه العمليات‬
‫الفزيولوجية‪ ،‬وخاصة تلك المرتبطة بالجهازين العصبي والغددي (الغدد الصماء) تشكل أساس السلوك‪.‬‬
‫ويعني السلوك أفعال الكائن الحي ككل‪ ،‬فعندما يسعى االنسان من اجل الحياة فان مختلف أعضاء جسمه‬
‫كالقلب والرئتين والعضالت تكون متضمنة وداخلة في هذا السعي‪ .‬وتنتمي دراسة تركيب مختلف هذه‬
‫األعضاء ووظائفها الى علم وظائف األعضاء‪ ،‬ولكن الهروب من خطر هو نشاط الكائن العضوي ككل‪.‬‬

‫‪ -1-1‬السلوك المالحظ وغير المالحظ‪ :‬يختص علم النفس المعاصر بدراسة هذين النوعين من الظواهر‪:‬‬
‫‪ ‬السلوك القابل للمالحظة المباشرة‪ :‬وامثلة هذا النوع كثيرة منها‪ :‬الخلجات ‪ Tics‬والتهتهة وزيادة افراز‬
‫العرق وبلل السرير واالفعال القهرية (مثل لمس الشخص ألعمدة النور اثناء سيره في الطريق)‬
‫والعنة (عدم القدرة الجنسية) والعنف والمحاوالت االنتحارية والحركة والحديث والمشي والضحك‪...‬‬
‫ومثل هذه األنواع من السلوك الضاهر الواضح ‪ Overt‬يقبل المالحظة والتسجيل والقياس‪ ،‬ويشتمل‬
‫كل سلوك مما ذكرنا على استجابات عدة‪ ،‬تصدر بوصفها رد فعل لمنبهات خارجية او داخلية‪.‬‬
‫‪ ‬الظواهر القابلة للمالحظة الغير مباشرة‪ :‬وهذه األنواع من السلوك ال تسهل مالحظتها من الخارج‬
‫كالم االسنان والصداع والهموم والجوع والخوف والحزن‪ ،‬كذلك عمليات التفكير والتذكر والتخيل‬
‫وغير ذلك من الجوانب الداخلية المقنعة المضمرة ‪ .Covert‬والشخص ذاته المصدر األساسي (وقد‬
‫يكون الوحيد) الذي يخبرنا بهذا النوع من الظواهر‪ ،‬ويكون ذلك عن طريق االستبطان‪.‬‬
‫‪ -2-1‬السلوك الكلي والجزئي‪ :‬للتفرقة بين مجالي الدراسة في علم النفس وعلم وظائف األعضاء نفرق‬
‫بين نوعي السلوك الكلي والجزئي‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أوال‪ :‬السلوك الكلي )‪ :(Molar‬هو وحدة كبيرة من السلوك ال تتساوي مع مجموع اجزائها‪ ،‬او هو السلوك‬
‫الذي يفسر بمصطلحات سيكولوجية أكثر منه بمفاهيم فيزيولوجية‪.‬‬

‫والسلوك الكلي المركب هو موضوع علم النفس‪ ،‬اذ ذلك النشاط الشامل الذي يصدر عن االنسان باسره‬
‫من حيث هو وحدة وكل‪ ،‬اثناء تعامله مع بيئته‪ .‬فاإلنسان مثال حين يكتب ال يكتب بيده فقط بل‬
‫يصاحب ذلك أنواع من النشاط العقلي كاالنتباه واالدراك‪ ،‬والنشاط الوجداني كالشعور باالرتياح او‬
‫الحزن‪ .‬وعندما يفكر االنسان في موضوع ما فان هذا النشاط العقلي يصحبه في الوقت نفسه تغيرات‬
‫جسمية وحاالت وجدانية مختلفة‪ ،‬وعندما يشعر بانفعال القلق او الخوف او الحزن او الغضب يصاحب‬
‫ذلك تغيرات جسمية واضطرابات فيزيولوجية وتقلبات عقلية‪ .‬وفي هذه األمثلة الثالثة يصدر السلوك عن‬
‫االنسان من حيث هو كل‪ ،‬وبوصفه وحدة جسمية نفسية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬السلوك الجزئي )‪ :(Molecular‬هو السلوك كما يوصف على ضوء وحدات صغرى‪ ،‬كان‬
‫نصف السلوك على مستوى األنشطة العصبية العضلية او الغدية (الخاصة بإف ارزات الغدد)‪ ،‬ومثال ذلك‬
‫المنعكسات ‪ Reflexes‬وتوتر العضالت واف ارزات المعدة وانقباضاتها وتكيف العين والحركات االلية‬
‫وغيرها‪ .‬والسلوك الجزئي البسيط موضوع دراسة الفيزيولوجيا‪ .‬ولكن بعض هذه األنشطة يمكن ان تستخدم‬
‫بوصفها مؤشرات للتغير في السلوك‪ ،‬كان نقيس التغيرات االنفعالية عن طريق أجهزة قياس التنفس‬
‫والنبض وموجات المخ ورسم القلب وغيرها‪.‬‬

‫‪ -3-1‬المعادلة األساسية في علم النفس المعاصر‪ :‬وضع علماء النفس وباألخص السلوكيين منهم عددا‬
‫من المعادالت التي يعد كل منها محاولة لوضع نموذج ‪ Model‬للسلوك‪ ،‬تساعد على مالحظته‬
‫وفهمه والتنبؤ به وضبطه‪ .‬والحدود الثالثة ألي معادلة مقبولة تهدف الى وضع نموذج تصوري‬
‫للسلوك ال بد ان تشمل على (المنبه‪ ،‬االستجابة‪ ،‬الكائن العضوي)‬
‫أ‪ -‬المنبه )‪ :(Stimulus‬هو أي عامل او حادثة او موقف (خارجي او داخلي) يمكن تحديده موضوعيا‬
‫ويثير استجابة الكائن العضوي او يجعله يغير من نشاطه او يكفه ويوقفه‪ .‬ويمكن تقسيم المنبهات الى‬
‫خارجية وداخلية كمايلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المنبهات الخارجية‪ :‬وهي نوعان فيزيائية واجتماعية‪.‬‬

‫‪ -1‬المنبهات الفزيائية‪ :‬أي ش كل من اشكال الطاقة التي يمكن قياسها بأجهزة تمدنا بها علوم أخرى أهمها‬
‫الفيزياء‪ ،‬البد ان تكون مثل هذه االشكال من الطاقة قادرة على اثارة الجهاز العصبي وتنبيهه‪ .‬ومن‬

‫‪3‬‬
‫امثلتها‪ :‬موجات الصوت والضوء وتغيرات درجة الح اررة والرطوبة والروائح المختلفة والضوضاء وتلوث‬
‫الهواء‪.‬‬
‫‪ -0‬المنبهات االجتماعية‪ :‬وهي أي موقف يتصل بالعالقات الشخصية المتبادلة‪ ،‬مثل‪ :‬سماع مناقشة او‬
‫االشتراك فيها او مواجهة الجنس االخر او مقابلة صديق او اإلجابة عن سؤال موجه من زميل لنا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المنبهات الداخلية‪ :‬وقد تكون فيزيولوجية او نفسية كما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬المنبهات الفيزيولوجية‪ :‬وهي المنبهات المتصلة بوظائف أعضاء الجسم مثل انخفاض مستوى‬
‫السكر في الدم مما يجعل االنسان يشعر بالجوع‪ ،‬او زيادة افراز االدرينالين (هرمون نخاع غدتي‬
‫الكظر‪ :‬الفوق الكلوية) فيزيد من اطالق الكبد لمخزون السكر‪ ،‬ويرفع معدل النبض‪ ،‬ويسهل انقباض‬
‫العضالت‪...‬الخ او تغير في افراز الثايروكسين (هرمون الغدة الدرقية وهي اسفل الرقبة من االمام)‬
‫او التيارات العصبية التي تنشط العضالت‪.‬‬
‫‪ -0‬المنبهات النفسية‪ :‬ونقصد بها هنا ما يتصل بالحالة النفسية والعقلية الداخلية للفرد‪ ،‬من ذكريات‬
‫وأفكار وتصورات ومعتقدات واوهام‪ ،‬كذكرى اول يوم لنا في الجامعة او تذكرنا لعيد زواجنا او مولد‬
‫ابن لنا‪ ،‬او تصورنا الخطر من جراء ذهابنا الى مكان معين فنمتنع عن ذلك‪.‬‬
‫ب‪ -‬االستجابة‪ :‬لالستجابة ثالثة معان كما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬كل نشاط او فعل يصدر عن الكائن العضوي ويرد به على المنبه الذي مارس فعله عليه وأثر فيه‪.‬‬
‫‪ ‬ناتج نشاط الكائن العضوي كعدد الكلمات التي يكتبها على االلة الكاتبة في الدقيقة‪ ،‬وعدد التنقالت‬
‫التي يقوم بها في اختبار المهارة اليدوية لمدة ‪ 11‬ثواني‪.‬‬
‫‪ ‬نوع من التغير الذي يمكن مالحظته على السلوك‪ ،‬كتحسن األداء على جهاز الرسم بالمرآة بعد‬
‫التدريب‪.‬‬

‫واالستجابة هي ناتج تحليل السلوك‪ ،‬اذ يحلل السلوك الى استجابات‪ ،‬فمن الممكن ان نحلل‪ -‬الى استجابات‪-‬‬
‫أنواع السلوك المتعددة االتية‪ :‬أسلوب الطالب في حل مسالة رياضية‪ ،‬تعاطي العقاقير المنبهة والمخدرة‬
‫والمنشطة والمسهرة‪.......‬‬
‫ويقسم احمد عزت راجح االستجابات الى األنواع التالية‪:‬‬
‫‪ ‬حركية‪ :‬كتحريك ذراعك للرد على شخص يحييك‪ ،‬وكانقباض حدقة العين ان سلط عليها ضوء‬
‫شديد‪ ،‬واتساعها لدى دخول حجرة مظلمة‪.‬‬
‫‪ ‬لفظية كالرد عن سؤال يوجه اليك‪.‬‬
‫‪ ‬فيزيولوجية‪ :‬كارتفاع ضغط الدم‪ ،‬او تقلص عضالت المعدة‪ ،‬او توتر عضلة الجبهة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ ‬انفعالية‪ :‬كالفرح عند سماع خبر سار‪ ،‬او الحزن لسماع خبر معين‪.‬‬
‫‪ ‬معرفية‪ :‬وهي ما يراد بها كسب المعارف او أفكار‪ ،‬كالتفكير والتذكر والتعلم‪.‬‬
‫‪ ‬استجابة بالكف عن نشاط‪ :‬كالتوقف عن السير او التفكير عند سماع خبر معين‪.‬‬
‫ت‪ -‬الكائن العضوي‪ :‬هو االنسان والحيوان‪ .‬واالنسان بخواصه العديدة المركبة هو الوسيط بين المنبه‬
‫واالستجابة‪ ،‬وهو الذي يقوم بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬يتعرض للمنبهات ويتلقاها ويتاثر بها‪.‬‬
‫‪ ‬يتفاعل بخواصه المعينة معها‪.‬‬
‫‪ ‬تصدر عنه االستجابة‪.‬‬
‫وهناك فروق فردية بين االدميين في متغيرات (خصائص وخصال) كثيرة‪ ،‬كالجوانب العضوية والفيزيولوجية‬
‫والمعرفية واالنفعالية واالجتماعية وغيرها‪ ،‬وكلها متغيرات تؤثر في كل من المنبه واالستجابة وتتفاعل معها‪.‬‬

‫المحاضرة الثانية‪ :‬علم النفس المعرفي (االدراكي) ومواضيعه‬

‫‪5‬‬
6
7
‫التعريف المختصر لعلم النفس المعرفي‪" :‬مجال علمي متخصص يدرس المعرفة من المنظور النفسي"‬

‫‪8‬‬
‫تعريف نيسر "العلم الذي يختص بدراسة جميع العمليات التي يتم من خاللها نقل المدخالت الحسية وتحويلها‬
‫واختزالها وتوضيحها وتخزينها واستدعائها واستخدامها"‬
‫تعريف سولسو " الدراسة العلمية للكيفية التي تكتسب بها معلوماتنا عن العالم والكيفية التي تتمثل بها هذه‬
‫المعلومات وتحويلها الى علم ومعرفة ولكيفية تخزينها ولكيفية استخدامها وتوظيف هذه المعلومات في اثارة‬
‫انتباهننا وسلوكنا"‬
‫موضوعات علم النفس المعرفي‪:‬‬
‫يقسم العلماء موضوعات علم النفس المعرفي الى موضوعات تقليدية وأخرى حديثة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الموضوعات التقليدية واهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬االنتباه‪ :‬هو أحد العمليات المعرفية التي تعمل على تنسيق التعامل مع المثيرات البيئية العديدة من‬
‫اجل تركيز االنتباه واالدراك على مثيرات محددة من خالل حواسه المختلفة‪.‬‬
‫‪ -0‬االدراك‪ :‬القدرة على فهم وتحليل المعلومات التي تنقلها الحواس الى العقل اإلنساني (الدماغ) هذا‬
‫عن االدراك الحسي‪ ،‬اما االدراك العقلي فهو أرقي من ذلك ويختص باإلنسان دون سائر المخلوقات‬
‫ويتم في االغلب دون االعتماد على الحواس (أي فوق االدراك الحسي)‬
‫‪ -3‬الذاكرة‪ :‬استقبال المعلومات في مراكز الذاكرة المختلفة وتحليلها وترميزها وتخزينها واسترجاعها عند‬
‫الضرورة‪.‬‬
‫‪ -4‬التفكير والتخيل‪ :‬معالجة المعلومات واتخاذ الق اررات المناسبة حولها والقدرة على بناء الصور‬
‫العقلية والذهنية‪.‬‬
‫‪ -5‬اللغة‪ :‬اكتساب اللغة وتطويرها وفهمها وتحريرها وتركيبها‪.‬‬
‫‪ -6‬حل المشكالت‪ :‬القدرة على حل المشكالت ونظريات حل المشكالت ومراحل الحل واستراتيجياته‪.‬‬
‫‪ -7‬تمثيل المعلومات‪ :‬الية تنظيم وتسجيل المعلومات في الذاكرة وطرق تمثيل المعلومات السمعية‬
‫والبصرية‪.‬‬
‫‪ -8‬األسس البيولوجية للمعرفة‪ :‬ربط السلوك المعرفي باألجهزة الجسمية والحسية ودراسة دور الجهاز‬
‫العصبي والدماغ بشكل خاص في تنظيم وضبط العمليات المختلفة كالذاكرة والتعلم والترميز والتمثيل‬
‫وغيرها واعتبار الدماغ كرديف لمفهوم العقل‪.‬‬
‫‪ -9‬النمو المعرفي ‪ :‬يهتم علم النفس المعرفي بدراسة النمو المعرفي للفرد منذ مراحل الطفولة وحتى‬
‫المراحل العمرية المتقدمة‪ ،‬وقد توافرت نظريات نمائية معرفية مثل نظرية بياجيه وبورنر وغيرها مما‬

‫‪9‬‬
‫قدمت العديد من المفاهيم المعرفية التي ساهمت في تطوير علم النفس المعرفي مثل البنية المعرفية‬
‫ومفهوم التكيف ومفهوم التوازن وغيرها من المفاهيم في النظريات األخرى‪.‬‬
‫األنماط المعرفية‪ :‬وتتناول البحث في الفروق بين االفراد في أساليب معالجة المعلومات‬ ‫‪-11‬‬
‫وتحقيق االدراك والفهم للمثيرات الحسية التي يتعامل معها الفرد‪ ،‬فكل فرد أساليب منفصلة في‬
‫التع امل مع المعلومات الحياتية اليومية مما يعكس أسلوب التفكير الخاص به وواقعه الوجداني‬
‫واالجتماعي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الموضوعات الحديثة واهمها‬
‫‪ -1‬علم االعصاب ‪ :Cognitives neurosciences‬ويهتم بدراسة دور الدماغ في تفسير العمليات‬
‫المعرفية من خالل إصابة الدماغ (الحوادث والتلف) وتحديد جوانب القصور المعرفية الناتجة عن‬
‫هذه اإلصابة في مجال اللغة واالدراك واالنتباه والذاكرة وغيرها‪.‬‬
‫‪ -0‬الذكاء االصطناعي ‪ :intelligence artificielle‬يهتم هذا الموضوع بمحاولة جعل الحواسيب‬
‫تقدم العمليات المعرفية من خالل تصميم البرامج الذكية التي تحاكي العقل اإلنساني وتطوير الخبيرة‬
‫للقيام بعمليات معرفية نظ ار للتشابه الكبير بين الة همل ومعالجة المعلومات بين الحاسوب والعقل‬
‫اإلنساني‪.‬‬
‫‪ -3‬اتجاه معالجة المعلومات ‪ :approche de traitement de l'information‬يعد هذا االتجاه‬
‫من الموضوعات القديمة نسبيا في علم النفس المعرفي اال انه ومع تطور نظم الحواسيب واالتصال‪،‬‬
‫تبلور هذا االتجاه وبدا بدراسة الخطوات والمراحل التي يتم من خاللها معالجة المعلومات وفق نظام‬
‫معالجة يتسم بالتسلسل والتنظيم ويحاكي نظم معالجة المعلومات في العقل اإلنساني وتطوير المنظم‬
‫الخبيرة للقيام بعمليات معرفية‪ ،‬فالتشابه كبير في الة عمل معالجة المعلومات بين الحاسوب والعقل‬
‫اإلنساني‪.‬‬
‫‪ -4‬تنمية التفكير ‪ : Développement de la pensée‬تسعى البحوث الحديثة في علم النفس‬
‫المعرفي الى االهتمام بالتفكير وتنمية التدريب عليه من خالل برامج معدة لهذا الغرض‪ ،‬وقد بدا‬
‫علماء النفس ينظرون الى ان اشكال التفكير المختلفة قابلة للنمو والتعلم‪ ،‬ولذلك ال بد من ادراجها‬
‫ضمن مناهج ومق اررات الصفوف التعليمية المختلفة وخصوصا ما يتعلق باشكال التفكير العليا‬
‫كالتفكير الناقد والتفكير التاملي‪ ،‬والتفكير المجرد والتفكير المنطقي‪ ...‬الخ‬
‫‪ -5‬اتجاه العمليات الموازية الموزعة ‪ :Traitement parallèle distribué‬ويؤكد هذا االتجاه‬
‫على دراسة العمليات المعرفية من خالل تتبع المثيرات الحسية في شبكة الترابطات العصبية داخل‬
‫أجزاء الدماغ المختلفة لفهم كيفية حدوث االستجابة المعرفية‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫مناهج البحث العلمي في الظواهر المعرفية‪:‬‬
‫تتعد مناهج البحث العلمي المستخدمة في دراسة الظواهر النفسية من المنهج الوصفي القائم على أساس‬
‫وصف الظواهر القائمة في الحاضر بأشكاله المختلفة (المسحي‪ ،‬االرتباطي‪ ،‬الطولي‪ ،‬المستعرض‪،‬‬
‫دراسة حالة) الى المنهج التجريبي القائم على أساس ضبط المتغيرات التجريبية والتحكم بها في ظروف‬
‫محددة وبتصاميم تجريبية تسمح بأحداث الظاهرة وقياس النتائج المترتبة عليها‪ .‬ولفروع علم النفس‬
‫المختلفة خصوصياتها فيما يت علق بالمناهج التي تصلح لدراسة ظواهرها‪ .‬فالظواهر المعرفية ال يمكن‬
‫دراستها غالبا بالطرق المباشرة ألنها غير قابلة للمالحظة الخارجية بل تعتمد غالبا على التقارير الذاتية‬
‫للمفحوصين لوصف او تقدير التغيرات التي تحدث على سلوكهم بعد المرور بخبرة معرفية محددة‪ .‬هذه‬
‫ال محددات جعلت من البحث العلمي عملية شاقة وصعبة خصوصا اننا نتعامل مع عمليات عقلية‬
‫متطورة وعلى درجة عالية من التعقيد‪ .‬ومن هنا فقد لجأ علماء النفس المعرفيون األوائل أمثال فونت‬
‫الى استخدام االستبطان كمنهج علمي لدراسة الخبرة الشعورية‪ ،‬ولجأ اخرون الى التجريب على ظواهر‬
‫معرفية أمثال ابنهاوس في دراسته على الذاكرة‪ .‬كما استخدم اخرون مزيج من أساليب ومناهج متعددة‬
‫مثل أساليب المحاكاة مع نظم معالجة المعلومات او مناهج الدراسات الفيزيولوجية من خالل التشريح‬
‫واالصابات الدماغية‪.‬‬
‫ويرتكز البحث النفسي المعرفي على عدة مسلمات او افت راضات بحثية ال بد من لعالم النفس المعرفي‬
‫من ادراكها وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬ان العمليات المعرفية حقيقة ال بد من التعامل معها وهي عمليات منظمة تتطلب البحث في طبيعتها‬
‫واهميتها وخصائصها وتفاعلها مع العمليات األخرى وربطها مع مكونات الشخصية األخرى‬
‫كالمكونات االنفعالية واالجتماعي ة والجسدية‪ .‬وان تعقيد العقل البشري مهما بلغ ال يمنع البحث‬
‫والدراسة العلمية المستفيضة للعمليات المعرفية‪.‬‬
‫‪ -2‬ضرورة اعتماد البحث النفسي المعرفي على تقارير الذاتية للمفحوصين من خالل وسائل االختبارات‬
‫والمقاييس النفسية والمالحظات الفردية الذاتية للمفحوصين رغم كل الصعوبات التي يمكن ان تواجه‬
‫الباحث في هذا المجال نتيجة االعتماد على معلومات المفحوصين‪.‬‬
‫‪ -3‬ضرورة ان تتحقق المعرفة العلمية خالل دراسة العمليات المعرفية فوائد تنعكس على حياة الفرد‬
‫والمجتمع والتفاعل القائم بين أعضاء المجتمع‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم االعتماد الكلي على المواقف المخبرية البحثية وذلك لعدم تشابهها مع المواقف الطبيعية في‬
‫الحياة العامة حيث يجب على األبحاث في علم النفس المعرفي ان تكون ممثلة لطريقة تفكير الناس‬

‫‪11‬‬
‫في الحياة العامة رغم كل محاوالت الضبط التجريبي التي يمارسها الباحثون في البحوث التجريبية‬
‫بشكل عام‪.‬‬
‫‪ -5‬يمكن دراسة الظاهرة المعرفية بطريقة نفسية بحتة او من خالل دراسة أساسها البيولوجية‪.‬‬

‫ومن خالل هذه المسلمات تذكر األطر النظرية األساليب والمناهج المستخدمة في علم النفس المعرفي كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬منهج االستبطان (التأمل الذاتي‪ -‬المالحظة الباطنية)‪:‬‬
‫ويتمثل بمحاولة وصف العمليات الشعورية والتفكيرية لما يجري داخل االنسان وذلك من خالل تحديد خبرة‬
‫معرفة محددة والطلب من المفحوص ان يصف بدقة وموضوعية عناصر هذه الخبرة‪ .‬واالستبطان منهج‬
‫سهل التطبيق فهو ال يتطلب خصائص شخصية او تعليمية محددة من المفحوصين ويسمح بتحليل الخبرات‬
‫الى عناصر جزئية يعمل الباحث على تركيب الصور الكلية من خالل جمع الجزئيات التي تحصل عليها‬
‫من المفحوصين‪.‬‬
‫ومع ذلك فان االستبطان يواجه صعوبات عديدة منها صعوبة تجزئة الحدث او الخبرة الن الخبرة قد تكون‬
‫معقدة ومركبة ويصعب تجزئتها او التركيز عليها خالل الوصف من قبل المفحوصين‪ ،‬او محاولة تجميعها‬
‫من قبل الباحث واعطائها التفسير المناسب‪ .‬كما ان االستبطان يتأثر بمدى موضوعية المفحوص وصدقه‬
‫ودقته في وصف خبراته حيث ان من الصعب على الباحث التأكد من ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬المنهج التجرييبي‪:‬‬
‫يتضمن التجريب القيام بسلسلة من اإلجراءات المخبرية والميدانية التي تسمح بالتحكم بالعوامل المستقلة‬
‫وقياس العوامل التابعة وضبط العوامل الدخيلة التي يمكن ان تؤثر على نتائج التجربة‪ .‬والتجريب غالبا ما‬
‫يكون ناجحا عندما يستخدم الختبار قانون او مبدا محدد ثم استنتاجه من خالل المالحظة او التقرير الذاتي‬
‫لالفراد‪.‬‬
‫ومن شروط التجريب الجيد استخدام االختيار العشوائي للعينات ومن ثم توزيعها عشوائيا على مجموعات‬
‫الدراسة‪ .‬وفي أي تجربة يجب ان يتوفر على األقل مجموعة تجريبية تخضع ألثر العامل المستقل (المعالجة)‬
‫ومجموعة ضابطة تترك غالبا في وضعها الطبيعي (غياب المعالجة)‪ .‬كما ان من شروط التجريب الجيد‬
‫التأكد ان الباحث قادر على التحكم بالعامل المستقل‪ ،‬وقادر على قياس العامل التابع‪ ،‬ويستطيع التحكم‬
‫بالعوامل الخارجية بقدر من الموضوعية‪.‬‬
‫ولتوضيح ذلك بشكل أفضل نعرض المثال التالي‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫أراد باحث دراسة أثر وجوب مراقب غريب في غرفة مختبر اثناء تجربة هدفت الى معرفة قدرة طلبة الجامعة‬
‫على تذكر قائمة من المفردات‪.‬‬
‫يتضح من المشكلة أعاله ان وجود الشخص الغريب والمراقب في المختبر اثناء التجربة هو العامل المستقل‪،‬‬
‫وقدرة الفرد على تذكر قائمة المفردات هو العامل التابع‪ .‬اما العوامل التي يجب على الباحث ضبطها كعوامل‬
‫دخيلة فقد تشمل جنس الطالب وجنس المراقب وزمن التجربة ومكانها‪ .‬ولتنفيذ التجربة قام الباحث باختيار‬
‫عينة عشوائية من ‪ 111‬طالب جامعي تم توزيعها عشوائيا الى مجموعتين أحدهما تجريبية (‪ 51‬طالب)‬
‫واألخرى ضابطة (‪ 51‬طالب) لضبط أثر الجنس‪ .‬تم ادخال الطلبة في المجموعتين فرديا الى قاعة المختبر‬
‫وبظروف زمانية ومكانية موحدة لضبط متغير الزمان والمكان‪ .‬تواجد الشخص الغريب كمراقب في المجموعة‬
‫التجريبية فقط علما بان جنس المراقب كان في نصف الحاالت ذك ار والنصف االخر كان انثى لضبط متغير‬
‫جنس الم راقب‪ .‬عرضت قائمة من المفردات على شكل ازواج من الكلمات الشائعة بواسطة جهاز عرض‬
‫الساليدات لجميع المجموعات ثم عرضت القائمة مرة أخرى بعد انتهاء التجربة بمفردة واحدة حيث طلب من‬
‫المفحوصين جميعا لفظ المفردة الناقصة بصوت مرتفع‪ .‬والتصميم التالي في الشكل يوضح المتغيرات‬
‫والمجموعات والنتائج االفتراضية للتجربة‪.‬‬
‫المتغير التابع (عالمة‬ ‫المتغير المستقل‬ ‫عينة الطلبة‬ ‫المجموعات‬
‫الطلبة على اختبار‬
‫التذكر)‬
‫وجود المراقب الغريب ‪٪55‬‬ ‫‪ 25‬ذكور‬ ‫المجموعة التجريبية‬
‫(‪ ٪51‬ذكر‪ ٪51-‬انثى)‬ ‫‪ 25‬اناث‬
‫المراقب ‪٪75‬‬ ‫وجود‬ ‫بدون‬ ‫‪ 25‬ذكور‬ ‫المجموعة الضابطة‬
‫الغريب‬ ‫‪ 25‬اناث‬
‫تؤكد نتائج التجربة السابقة االفتراضية على ان وجود شخص غريب خالل التدريب على تعلم قائمة من‬
‫المفردات وتذكر المفردات الناقصة كان له أثر سلبي على قدراتهم على التذكر‪ ،‬حيث يتضح ذلك من الفرق‬
‫الدال احصائيا بين عالمات المجموعة التجريبية (‪ )٪55‬والمجموعة الضابطة (‪ .)٪55‬وهذه النتيجة قد‬
‫تساعد الباحث على التوصل لقرار مفاده ان وجود الغرباء يؤثر سلبا على قدرة الطلبة على التذكر وذلك‬
‫النه من المتوقع ان لوجود المراقب وقابليته لتقويم المفحوصين من خالل سماع اجاباتهم الصحيحة او‬
‫الخاطئة أثر سلبي على قدرتهم على التذكر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المحاضرة الثالثة‪ :‬االسس الفيزيولوجية والبيولوجية للمعرفة‬
‫يشكل االتجاه الفيزيولوجي أحد اهم االتجاهات التي حاولت تفسير السلوك االنساني بشكل عام والعمليات‬
‫المعرفية بشكل خاص‪ ،‬من خالل ربط سلوك االنسان مع ما يجري داخل الجسم من عمليات فيزيولوجيه‬
‫عديده في الجهاز العصبي والغدد والحواس وغيرها كما ان محاوله فهم معالجه االنسان للمعلومات تتطلب‬
‫فهم ما يجري داخل الدماغ بدال من التركيز على محاوله فهمها كعمليه معرفيه مجرده‪ .‬فاذا أردنا ان نفهم‬
‫كيف يحل الطالب مساله في الرياضيات فالبد من دراسة الدماغ وتتبع التغيرات التي تط أر على دماغه‬
‫خالل حل المسألة الرياضية‪ .‬ويت طلب هذا المنهج معرفه دقيقه لعمليات الدماغ ووظائفه هذه مهمه ليست‬
‫سهله مع توفر كل التطور المعرفي في دراسة الدماغ‪ .‬فالدماغ جهاز يتكون من أكثر من ‪ 111‬مليون خليه‬
‫تعمل بشكل مترابط ومتوازي في اغلب االحيان حيث انه من البديهي ان تعمل ماليين في هذه الخاليا حل‬
‫مساله بسيطة في الرياضيات‪ .‬وهي خاليا منتشرة بين الدماغ والحبل الشوكي واالعصاب‪.‬‬

‫ي ؤكد عدد كبير من علماء النفس المعرفي ان الدماغ هو قاعده العقل االنساني لذلك فان دراسة االسس‬
‫البيولوجية للمعرفة يتطلب التعرف على مناطق االدراك واالنتباه والحواس واللغة والذاكرة والتعلم وغيرها‬
‫والتعرف على طبيعة التركيب هذه المناطق دورها في ضبط هذه العمليات المعرفية ومعرفه اليه انتقال‬
‫المعلومات في هذه األجزاء‪.‬‬

‫يقسم العلماء الخاليا العصبية الى ثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪ -1‬المستقبالت‪ :‬تقوم باستقبال المعلومات من الحواس والجلد ونقلها الى الجهاز العصبي المحيطي ثم الى‬
‫الجهاز العصبي المركزي من خالل الحبل الشوكي ثم الدماغ‪.‬‬
‫‪ -0‬المستجيبات‪ :‬تقوم بنقل االوامر الحركية لالستجابة من الجهاز العصبي المركزي الدماغ والحبل الشوكي‬
‫الى الجهاز العصبي المحيطي ثم الى اعضاء الحس والحركة‪.‬‬
‫‪ -3‬الضابطة‪ :‬تعمل كوسيط بين خاليا المستقبالت والمستجيبات‪.‬‬

‫وتسمح عمليات االنتقال العصبي بين الخاليا حدوث جميع العمليات العقلية في زمن قياسي وسريع من‬
‫خالل ناقالت عصبيه عديده تتجاوز أكثر من ‪ 51‬نوعا لتسمح للدماغ بالقيام الوظائف العقلية المختلفة‪.‬‬
‫وهكذا فان المعلومات المعرفية تنتقل بين اجزاء الدماغ على شكل دفقات كهربائية تحمل معاني نفسيه‬
‫ويتحكم في تنقلها بين اجزاء الدماغ المختلفة مواد كيميائية كأيونات الصوديوم السالبة والموجبة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ان االتجاه العصبي في تفسير السلوك المعرفي يفترض ان عمليات انتقال المعلومات على شكل طاقة‬
‫كهروكيميائية يعد موازيا لمفهوم الطاقة النفسية الذي يفترض للفرد امتالكه وانتقاله بين اجزاء الجسم المختلفة‬
‫وخصوصا الدماغ االنساني‪ .‬لذلك فان ال يزال امامنا طريق طويل لتحقيق التحكم المطلوب عمليات انتقال‬
‫المعلومات عصبيا‪.‬‬

‫الجهاز الحسي (االذن نموذجا)‬


‫يعتمد التعلم على الحواس وهي ضرورة لتوصيل المثيرات الى الجهاز العصبي المركزي واذا كان االحساس‬
‫هو نقطه تجمع المثيرات الحسية‪ ،‬فان النبضات العصبية التي تصل الى الجهاز العصبي عن طريق اعضاء‬
‫الحس هي التي تعد بمثابة النافذة التي تطل منها على العالم الخارجي‪.‬‬

‫الحواس لها دور في نقل الخبرات المتعددة االتصال بالعالم الخارجي والبيئة التي تحيط بالفرد نقل هذه‬
‫الخبرات يتم عن طريق اجهزه الحواس التي تنقلها بدورها الى الجهاز العصبي وينقل اثارها فتصدر‬
‫االستجابات المختلفة‪.‬‬

‫ترتبط العمليات المعرفية ارتباطا وثيقا باإلحساس لذا ال يمكن الحديث عن عمليه االدراك مثال بمعزل عن‬
‫االحساس‪ .‬هما عمليتان منفصلتان توجد فروق بينهما يذكر )‪ (Ashcroft,1989‬ان‪" :‬االحساس عملية‬
‫فيزيولوجيه تتمثل في استقبال األثارة الحسية من العالم الخارجي وتحويلها الى نبضات كهرو عصبيه في‬
‫النظام العصبي في حين ان االدراك هو عمليه تفسير لهذه النبضات واعطائها المعاني الخاصة بها"‬

‫يذكر (عبد الفتاح‪ ،2115 ،‬ص ‪ )44‬ان "االحساس هو عمليه فيزيولوجيه على مستوى االعصاب‪ ،‬وهي‬
‫انعكاس للصفات المستقلة لألشياء او الظواهر المتوفرة في العالم المادي التي تؤثر في اللحظة الراهنة على‬
‫اعضاء الحس المالئمة لدى االنسان"‬

‫وعليه يمكن القول ان االحساس هو عمليه استقبال المثيرات الحسية في حين ان االدراك والعمليات العقلية‬
‫المختلفة تعمل على اعطاء معنى تفسير لهذه االثارة اعتمادا على الخبرة السابقة‪.‬‬

‫ينشئ االحساس في حاله التأثير الذي تستثيره المثيرات على اعضاء الحس‪ ،‬فهو نتاج استثارة لمنظومات‬
‫منظمه للخاليا الحسية العصبية ومنها بالضرورة خاليا الدماغ‪ .‬وتعتبر منظومات الخاليا العصبية هذه‬
‫اجهزه استقبال تقوم بتحليل المنبهات الخارجية ‪ .‬فكل المنبهات تخضع للتحليل وتستقبلها االعضاء الحسية‬
‫وتعمل في عالقة وثيقة مع نشاط النصفين الكرويين للدماغ او مناطق محدده منه اوكل مناطقة لتؤلف‬
‫نظاما خاصا بعالقه الجهاز العصبي بالعالم الخارجي‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫تصنيفات الحواس‪:‬‬

‫للحواس عالقة وثيقة الجهاز العصبي ويمكن في جسم االنسان الى نوعين‪:‬‬

‫‪ -1‬الحواس الداخلية‪ :‬هي نهاية اعصاب االحساس الالتي تنتشر داخل اعضاء الجسم وتنتقل الى المخ‬
‫مثل‪ :‬شعور الجسم باأللم والجوع والخوف‪.‬‬
‫‪ -0‬الحواس الخارجية‪ :‬هي التي تنقل االحساس بالمؤثرات الخارجية الى المخ عن طريق اعصاب كل‬
‫حاسة وتشمل هذه الحواس نهاية االلياف اإلحساسية في الجلد واالذنين والعينين براعم التذوق في االنف‬
‫واللسان‪.‬‬

‫أعضاء االذن باللغة العربية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪Pavillon de l’oreille‬‬ ‫صيوان االذن‬ ‫‪10‬‬
‫‪Conduit auditif‬‬ ‫قاناة االذن‬ ‫‪10‬‬
‫‪Tympan‬‬ ‫الطبلة‬ ‫‪10‬‬
‫‪Canaux semi-circulaires‬‬ ‫القنوات الهاللية‬ ‫‪10‬‬
‫‪Osselets-marteau‬‬ ‫المطرقة‬ ‫‪10‬‬
‫‪Osselets -enclume, étrier-‬‬ ‫السندان والركاب‬ ‫‪ 10‬و‪10‬‬
‫‪Trompe d’Eustache‬‬ ‫قاناة استاش‬ ‫‪ 10‬و‪10‬‬
‫‪Cochlée‬‬ ‫القوقعة‬ ‫‪01‬‬
‫)‪Nerf vestibulo-cochléaire ou auditif-VIII‬‬ ‫العصب السمعي‬ ‫‪ 00‬و‪00‬‬

‫‪16‬‬
‫تقسيمات االذن‪:‬‬

‫‪ -‬االذن الخارجية‪ :‬تمتد من صيوان االذن (يعمل على التقاط وتحديد وجهة األصوات) الى غاية‬
‫القاناة السمعية والطبلة (الذي تعمل على نقل االهت اززات التي تصل الى الطبلة الى االذن الوسطى)‪.‬‬
‫‪ -‬االذن الوسطى‪ :‬تحتوي على اصغر عضيمات في جسم االنسان وهي المطرقة السندان والركاب‬
‫(تسمح حركات هذه العضيمات والتي تستثار عبر اهتزازت الطبلة بتضخيم األصوات ‪ 21‬ضعفا‬
‫ليسمح نقلها الى االذن الداخلية عبر طاقة ميكانيكية)‬
‫‪ -‬االذن الداخلية‪ :‬تحتوي على القوقعة (تضم حولي ‪ 21111‬خلية حسية تسمى بالخاليا ‪cellules‬‬
‫‪ ciliées‬والتي تعمل على تقسيم األصوات الى ترددات منخفضة وعالية‪ ،‬وأيضا تسمح بتحويلها‬
‫من اهت اززات ميكانيكية الى نبضات كهروكميائية تصل الى الدماغ عبر العصب السمعي‪.‬‬

‫االلية الحسية السمعية‪:‬‬

‫االحساس يحدث عندما استقبل اي جزء من اعضاء الحس العين او االذن او االنف واللسان او الجلد مثي ار‬
‫منبه مشي ار الى حدوث شيء ما في البيئة الخارجية المحيطة باإلنسان‪ .‬الموجات الصوتية مثال موجودة‬
‫حولنا بصوره شبه دائمة اما من المصادر التي نتحكم بها صوت التلفاز او المذياع او المصادر الخارجية‬
‫كصوت اطفال الجيران وهم يلعبون في ساحة البيت او عمال البناء في المبنى المجاور وغيرهم‪ .‬هذه‬
‫الموجات تنتقل في الفضاء على شكل امواج الى ان ترتطم في صيوان االذن ثم تدخل الى القناة السمعية‬
‫عبر الطبلة الى االذن الوسطى فاألذن الداخلية‪ .‬وهناك تقوم االذن بنقل هذه المثيرات الصوتية على شكل‬
‫نبضات عصبيه الى الدماغ عبر العصب السمعي مما يدل على ان االذن كبقيه الحواس تنقل فعليا كل ما‬
‫يصل اليها من مثيرات عديده تحدث كل ثانيه في حياتنا وتغرق الدماغ بهذا الكم الهائل المثيرات السمعية‪.‬‬

‫المحاضرة الرابعة‪ :‬بعض العمليات المعرفية (االنتباه)‬


‫يعد االنتباه احدى العمليات العقلية التي تلعب دو ار هاما في حياه الفرد من حيث قدرته على االتصال بالبيئة‬
‫المحيطة به والتي تعكس في اختياره المنبهات الحسية المختلفة المناسبة‪ ،‬اذ يتمكن من دقه تحليلها وادراكها‬
‫واالستجابة لها بصوره تجعله يتوافق مع بيئته الخارجية او الداخلية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫االنتباه هو اول عمليه معرفيه يمارسها عند التعامل مع مثيرات البيئة الحسية قبل االدراك حيث يصبح اول‬
‫هدف لنا هو التعرف على طبيعة المثيرات المتوفرة في النظام الحسي للفرد للتقرير اي المثيرات سيتم االهتمام‬
‫بها ومعالجتها وادراكها‪.‬‬

‫االنسان يتعرض يوميا االف المثيرات الحسية من خالل الحواس الخمسة‪ ،‬وال تسمح له طاقته الجسمية‬
‫والعقلية ان يتعامل مع كل هذه المثيرات كان يسمع الى شخصين او يدرك صوره متباعدتين في الوقت‬
‫نفسه وبالتالي فان االنتباه يساعد الفرد على ان ينتقي المثيرات التي يريدها ويعزل المثيرات االخرى وكأنها‬
‫غير موجودة وبذلك فان تحديد عدد المثيرات التي يسمح لها بالدخول نظام المعالجة لديه تجعل من عمليه‬
‫االدراك ممكنة وفعاله وتوفر الطاقة والجهد الجسدي والعقلي الن االنتباه يكلف الكثير من الجهد والطاقة‬
‫العقلية والجسدية ومن هنا البد لنا ان نميز بين ثالث مفاهيم مترابطة ومتسلسله في معالجه المعلومات وهي‬
‫عمليه االنتباه وعالقتها باإلحساس واالدراك‪.‬‬

‫تعريفات االنتباه‪:‬‬

‫تعدد التعريفات االنتباه بحسب وجهات النظر فقد ورد في تعريف ويلسون واخرون ‪(Wilson & all,‬‬
‫)‪ 1979‬االنتباه هو " االستجابة المركزة والمواجهة نحو مثير معين يهم الفرد والتي يحدث في اثنائها معظم‬
‫التعلم ويجري تخزينه في الذاكرة الى حين الحاجة"‬

‫وجاء تعريف االنتباه في قاموس اكسفورد )‪ (Oxford,1998‬بانه "تركيز الذهن على شيء ما ذي معنى‬
‫او تفكير معين يهدف القيام بفعل ما‪ ،‬ومراعاة حاجات االخرين ورغباتهم بصورة عاطفيه"‬

‫ويؤكد ستيرنبرغ )‪" (Sternberg, 2003‬االنتباه هو القدرة على التعامل كميه محدودة من المعلومات من‬
‫كم هائل من المعلومات التي تزودنا بها الحواس او الذاكرة"‬

‫ويتضح من خالل استعراض التعريفات السابقة ان االنتباه من وجهه نظر المعرفية اختيار واستعداد لإلدراك‪،‬‬
‫وهو طاقة عقليه او ذهنيه تستدعي التركيز او انه استراتيجية ومصفاة من وجهه نظر معالجه المعلومات‪.‬‬

‫خصائص االنتباه‪:‬‬

‫‪ -‬االنتباه هو مجهود عقلي او حالة استثارة تحدث عندما تصل االنطباعات الحسية عبر الحواس الى‬
‫الذاكرة الحسية‪.‬‬
‫‪ -‬االنتباه هو طاقة محدودة السعه ال يمكن تشتيتها في تنفيذ أكثر من مهمه بنفس الوقت‪.‬‬
‫‪ -‬االنتباه تحدده الحواس اي لكل حاسة قناة حسيه خاصة بها‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬االنتباه الموزع يمكن االنسان من متابعه أكثر من مهمه في نفس الوقت‪.‬‬

‫أنواع االنتباه‪:‬‬

‫ميز (محمود كاظم التميمي‪ ،2114 ،‬ص ‪ )34‬بين أنواع االنتباه االتية‪:‬‬

‫‪ -1‬االنتباه اال رادي‪ -‬االنتقائي‪:(Voluntary attention) -‬‬

‫حاله تتصل بالحاجات وتقتضي ان يبذل الفرد جهدا كاالنتباه الى محاضره او الى حديث ممل‪ ،‬وهو مقصود‬
‫وموجه االنتباه في قراءه (رسالة‪ ،‬كتاب محاضره‪ ،‬موضوع‪ )...‬او االستماع (لشرح محاضره او موسيقى)‬
‫ويختلف من فرد ألخر حسب القدرة على التركيز واالستعداد وفي هذا النوع من االنتباه يحاول الفرد تركيز‬
‫انتباهه على مثير واحد من بين عده مثيرات ويتطلب طاقة وجهد كبيرين من الفرد لكون عوامل التشتت‬
‫غالبا ما تكون عالية والدافعية لالستم اررية النتباه قد تكون بدرجه عالية مثال ذلك عندما يستمع طالب الى‬
‫محاضره مملة عن موضوع ال يثير اهتمامه‪.‬‬

‫‪ -0‬االنتباه الالارادي‪ -‬القسري‪:(Involuntary attention) -‬‬

‫حاله انتباه الفرض للمثير مفاجئ او شديد ويحدث االنتباه رغم اراده الفرد كاالنتباه الى الم مفاجئ‪ ،‬صوت‬
‫االنذار‪ ،‬صوت مرتفع ارتطام شديد‪ ،‬ضوء خاطف‪ .‬وفي هذا النوع من االنتباه يركز الفرد انتباه على مثير‬
‫يفرض نفسه بطريقه قسرية وبدون بذل الجهد لالختيار بين المثيرات‪ ،‬مثال االنتباه لصوت ضجيج مفاجئ‬
‫في منتصف الليل او الم شديد في أحد اعضاء الجسم‪.‬‬

‫‪ -3‬االنتباه التلقائي‪-‬التعودي‪:(Habitual attention) -‬‬

‫حاله انتباه الفرد الى شيء يحبه ويميل اليه كحضور الفرد للسماع محاضره في درس يحبه او سماع موسيقى‬
‫يحبها وتتالءم مع اهتمامه وال يبذل فيها اي جهد ويتضمن العادات التي تعود عليها وتتصل بعمله وسائر‬
‫انشطه حياته اليومية والمتمثلة بكافة العادات التلقائية المرتبطة بالمنبهات والمثيرات المختلفة الثابتة نسبيا‬
‫وفي هذا النوع من االنتباه يحاول تركيز انتباه على مثير واحد من بين عده مثيرات مثل طفل يشاهد برنامجه‬
‫التلفزيوني المفضل‪.‬‬

‫وقد ميز أيضا (شذي عبد الباقي محمد واخرون‪ ،2111 ،‬ص ‪ )111‬بين ثالثة أنواع أخرى لالنتباه الذي‬
‫نحتاجه في عملية التعلم‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -1‬االنتباه االنتقائي ‪:Selective attention‬‬

‫ويكون خاص بالمثيرات البصرية او السمعية برادبنت (‪ )Broadbent‬ان هناك عمليه فلترة (تصفية)‬
‫للمثيرات قبل االنتباه لها‪ .‬كما يرى تريسمان (‪ )Treisman‬انه يتم اعاده االنتباه للمثيرات ذات المعنى كما‬
‫ويكون للمثيرات التي تعبر حد العتبة فقط‪ .‬ويمكن معالجه العديد من المثيرات االنتقائية معا‪.‬‬

‫‪ -0‬االنتباه الموزع ‪:Divided attention‬‬

‫يفترض هذا النوع من االنتباه ان لدى االفراد القدرة على االنتباه ألكثر من مثيرين في الوقت نفسه وان هناك‬
‫من محدده من المثيرات يتم معالجتها في نفس الوقت‪.‬‬

‫‪ -3‬االنتباه االوتوماتيكي ‪:Automatic attention‬‬

‫اهتم تريزمان بهذا النوع من االنتباه وحاول تفسيره حيث افترض ان المعالجة قد تتم بشكل متوازي احيانا‬
‫لكل االجزاء المشهد وفي الوقت نفسه او قد تتم بشكل متسلسل ألجزاء المشهد واحد تلو االخر‪.‬‬

‫محددات االنتباه‪:‬‬

‫‪ -1‬المحددات الحسية العصبية‪:‬‬

‫اي خلل يصيب الحواس الخمسة او الجهاز العصبي بشكل عام والدماغ بشكل خاص يؤثر على قدره الفرد‬
‫في التركيز على المثير وذلك اعتمادا على درجه الخلل او االصابة‬

‫‪ -0‬المحددات العرضية‪:‬‬

‫وهو وجود عدد من العوامل العرضية التي تحرف القدرة على االنتباه كدرجة الذكاء والخبرة السابقة‪.‬‬

‫‪ -3‬المحددات المتعلقة بالدافعية‪:‬‬

‫كلما زادت الدافعية لألفراد نوع معين من المثيرات كل ما فعلت عمليه االنتباه لهذه المثيرات وكلما أصبح‬
‫هذا االنتباه أقرب لالنتباه االنتقائي‪.‬‬

‫‪ -4‬المحددات االنفعالية والشخصية‪:‬‬

‫ان االفراد الذين يعانون من افراط الحساسية للنقد واالنطواء واالكتئاب والقلق الزائد يواجهون صعوبات أكثر‬
‫في تركيز االنتباه بسبب انشغالهم االنفعالي وتشتت طاقتهم العقلية نتيجة هذه االضطرابات‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫العوامل المؤثرة في االنتباه‪: Attention factory‬‬

‫هنالك مجموعه من العوامل التي تؤثر في نشوء عمليه االنتباه وتساهم في حدوثه بانتظام وتتابع وهي‬
‫كاالتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬العوامل الخارجية‪:‬‬


‫‪ -1‬قوة المثير (الشدة‪ ،‬تركيزه) ‪:Intensity‬‬

‫القوة تعني الشده من حيث االيقاع ان كان صوتا وقد تكون القوة في الضخامة بالنسبة لذلك الصوت او‬
‫الضخامة بالنسبة للحجم ان كان مكتوبا او الشده والقوه التي تنطبق على اللون الفاتح او القوي او اللون‬
‫الباهت او الضعيف الشده والقوه قد ترتبط بالمساحة اللونية هل هي اكبر من غيرها وتغطي عليها ام انها‬
‫اصغر وهكذا تمثل الشده بشده المثير المنبه عامال مؤث ار في تحديد ما ننتبه اليه وندركه فاألصوات العالية‬
‫مثال او االصوات الكاشفة القوية واالرتفاع في درجه الح اررة او انخفاضها الشديد كل هذا كل هذا يتمثل‬
‫بالمؤثرات القوية المتمكن من اعضائنا الحسيه تتوجه االنتباه‪.‬‬

‫‪ -0‬تغيير (تجديد) المنبه ‪:Novelty‬‬

‫تمثل االشياء في حاله الحركة الى جذب االنتباه فكثي ار ما يجذب انتباهنا النور الذي يضئ ويطفئ على‬
‫واجهات المحالت والمؤسسات ويجذب انتباهنا الصوت المتغير الذي تطلقه سيارات الشرطة او االسعاف‬
‫نها ار والضوء المتغير الذي تصدره ليال لكي ينتبه قائدي السيارات للسماح لها بالمرور عند الضرورة والتغيير‬
‫او التجديد الذي يحدث للمنبه ككسر النغمات المستمرة على وتيره واحده سواء كانت نغمات موسيقية او‬
‫لونيه او صوتيه او حركيه فالخروج على الرتابة يعتبر نوعا من الجدة ويعد تغير (التجديد) هو المثير‬
‫فالشيء المدرك والمتغير في نفس الوقت يلفت االنتباه ويؤثر في االد ارك‪.‬‬

‫‪ -3‬التضاد (التباين) ‪:Contrast‬‬

‫ويتمثل بوجود شيء يختلف عن المحيط الذي يوجد فيه كاالختالف في اللون كوجود بقع سوداء في ارضيه‬
‫بيضاء ووجود رجل في مجتمع النساء ووقوف رجل نحيف مع رجل بدين وغيرها فالتباين والتضاد يلفت‬
‫االنتباه‪.‬‬

‫‪ -4‬التكرار ‪:Repetition‬‬

‫تكرار المنبه أكثر من مره وتستعمل كلمه واحده ألكثر من مره لجلب االنتباه والصورة في أكثر من مره يكون‬
‫تأثيره لجلب االنتباه اكثر من مره‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -5‬التنظيم (الترتيب)‪:‬‬

‫تميل االشياء التي تنتظم في ترتيب معين الي جذب انتباهنا وتوجه ادراكنا أكثر من االشياء االخرى التي‬
‫تبدو غير منتظمة او مرتبه فيشد انتباهنا كثي ار فصيله من الجنود تسير في نظام وعلى نغمه واحده كما‬
‫ويجذب انتباهنا قصيده شعريه او تنظيم نثري الى غير ذلك من االشياء التي تنتظم بطريقه فيكون لها القدرة‬
‫على جذب االنتباه‪.‬‬

‫وكل ما سبق ذكر من انواع االنتباه هو انتباه قسري او ملزم‬

‫ب‪ -‬العوامل الداخلية ‪:Mentalsety‬‬


‫‪ -1‬سالمة الجهاز العصبي والمناطق الدماغية المسؤولة عن االنتباه‪ :‬خاصة الوظائف التنفيذية‬
‫منها‪.‬‬
‫‪ -0‬الحاجات والرغبات ‪ :Needs ans Desires‬تلعب الحاجات والرغبات دو ار هاما في عمليات‬
‫االنتباه نحن نتبه الى ما نهتم به وما نحتاج اليه فالجائع يكون أكثر من غيره انتباه روائح‬
‫الطعام والمريض يكون أكثر من غيره انتباه لكل من شانه يخص مرضه او عاهته‪.‬‬

‫المحاضرة الخامسة‪ :‬نظريات تفسير االنتباه‬


‫‪ -1‬نظرية المصفاة )‪ (Filter Theory‬لبرودبنت )‪( (Broadbent,1958‬النموذج الميكانيكي)‪:‬‬

‫ان االساس لهذه النظرية هو انتباه االنسان للمثيرات والمعلومات القادمة عبر القنوات الحسية محددة وانتقائي‬
‫حيث توجد مصفاة داخل االنسان تحذف او تبعد المثيرات التي لم ينتبه لها‪.‬‬

‫ويوضح برودبنت نظريته هذه فيمثل عملها من خالل انبوب يشبه الحرف (‪ )Y‬والذي يشير الى ان نمطا‬
‫واحده من المثيرات هو الذي يمر عبر االنبوب في لحظه واحده وان الدخول مثيرين في لحظه واحده يعني‬
‫استقبال واحد واهمال االخر‪.‬‬

‫ويقصد بالمصفاة وجود شيء يشبه الغربال يتوسط بين ذاكره االثر (الحسية) وهي الذاكرة التي ال تبقى فيها‬
‫المنبهات التي يستقبلها الكائن االنساني أكثر من ثانيتين وبين الذاكرة قصيره المدى‪ .‬وهذا الغربال مهيئ‬
‫ليسمح بدخول بعض المعلومات من االثر الى ذاكره قصيره المدى‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫االسس التي توضح هذه النظرية هي‪:‬‬

‫‪ ‬تحديد حجم المعلومات التي يستلمها الفرد بواسطة النظام االدراكي عبر الحواس عن طريق تصفيتها او‬
‫تنقيتها او اختيار البعض منها‪.‬‬
‫‪ ‬ان المستقبالت الحسية تستلم المثيرات المختلفة سمعيه بصريه الى اخره وترسله الى مخزن الذاكرة‬
‫قصيره المدى بعد تحليلها وتبقى لمده قصيره ثم تنتقل الى جهاز المصفاة االنتقائي‪.‬‬
‫‪ ‬تقوم المصفاة االنتقائية بمجموعه من عمليات التحليل المركزي من رموز (االخذ بالمعلومة او اهمالها)‬
‫‪ ‬تنقل المعلومات بعد معالجتها من هذه المصفاة الى جهاز نظام االدراكي بهذا الجهاز يشابهه عمل‬
‫وحده المعالجة (‪ )CPU‬في الحاسوب‪.‬‬

‫‪ -0‬نظرية النموذج االنتقاء المبكر لتريسمان‪:(Treisman Theory,1960) -‬‬

‫كان االساس الذي استندت عليه تريسمان في تفسير نظريتها عام ‪ 1641‬هو من الممكن ان تمر بعض‬
‫من المعلومات غير المنتجة اليها من المصفاة عبر القناة‪.‬‬

‫ولذلك فان االسس التي توضع هذه النظرية هي ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬ان المصفاة االنتقائية ال تعمل بطريقه الكل او الالشيء بل ان هناك احتمال قائم في ان بعض‬
‫المعلومات غير المنتبه لها يمكن ان تمر عبر هذه المصفاة‪.‬‬
‫‪ ‬ان مفهوم المصفاة يكون فيه نوع من االحتمال اي ان احتمال نسبه عالية من المعلومات القناة المنتبه‬
‫لها سوف يتم االنتباه اليها والتعرف عليها ونسبه قليله من المعلومات في القناة غير المنتبه لها سوف‬
‫يتم االنتباه لها والتعرف عليها ايضا‪.‬‬
‫‪ ‬صنفت تريسمان االنتباه االنتقائي الى مستويين االول يعتمد على وجود القنوات الحسية المحددة‬
‫للمعلومات المستوى الثاني يعتمد على تعرف معاني هذه المعلومات قبل رفضها او قبولها اي ان الجزء‬
‫المهم من المعلومة يكون باتصال مباشر مع الذاكرة اما المعلومة غير مهمه فأنها تخفف تماما ذلك‬
‫سمي (نموذج االنتقاء المبكر) والشكل التالي يوضح ذلك‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫المحاضرة السادسة‪ :‬بعض العمليات المعرفية (االدراك)‬
‫االدراك عمليه تجميع االنطباعات الحسية المختلفة عن العالم الخارجي وتفسيرها وتنظيمها في تنظيمات‬
‫عقليه ليتم تشكيل خبرات فيها تخزن في الذاكرة بحيث تشكل نقطه مرجعيه للسلوك او النشاط يتم اللجوء‬
‫اليها خالل عمليات التفاعل مع العالم الخارجي فهو عملي ال شعوريه ولكن نتائجها شعوريه‪.‬‬

‫يكاد علماء النفس يتفقان على مفهوم واحد لإلدراك وهو ان هو محاوله فهم العالم من حولنا من خالل تفسير‬
‫المعلومات القادمة من الحواس الى الدماغ االنساني‪ .‬والفهم هنا ينطوي على التفسير والترميز والتحليل‬
‫والتخزين واالستجابة الخارجية عند الحاجة‪.‬‬

‫ومن التعريفات الشائعة لإلدراك‪:‬‬

‫تعريف سولسو ‪ Solso 1988‬على انه "فرع من فروع علم النفس يرتبط بفهم المثيرات الحسية والتبوء‬
‫بها"‪.‬‬

‫ويعرفه اندرسون ‪ Anderson1995‬على انه محاوله تفسير المعلومات التي تصل الى الدماغ‪.‬‬

‫ويعرفه ليندزي ونورمان ‪ Lindsy and Norman 1977‬على انه "تعديل لالنطباعات الحسية عن‬
‫المثيرات الخارجية من اجل تفسيرها وفهمها"‪.‬‬

‫ويعرف سترينبرغ ‪ Sternberg 2003‬على انه "العملية التي يتم من خاللها التعرف على المثيرات الحسية‬
‫القادمة من الحواس وتنظيمها وفهمها"‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ويعرفه اندرايد وماري ‪ andradet may 2004‬على انه "عمليه تغيير البيانات الحسية القادمة من‬
‫الحواس تكوين صوره عقليه عن البيئة"‪.‬‬

‫لقد ربطت غالبيه التعريفات االدراك بقدره االنسان على تنظيم االحساسات التي تزودنا بها الحواس او العملية‬
‫التي يتم من خاللها تنسيق عمل الحواس وجعلها ذات معنى‪ .‬وبناء على ذلك فان االحساس هو المصدر‬
‫االساسي الذي يغذي عمليات االدراك باإلضافة الى المعلومات المستقاة من الخبرات السابقة وان وظيفة‬
‫الحواس هي نقل جميع التغييرات التي تحدث في البيئة ليقوم الدماغ بتحليلها وفهمها وتخزينها ضمن خبره‬
‫الفرد او االستجابة لها عند الحاجة‪.‬‬

‫وعليه االدراك عمليه معرفيه تنطوي على تنظيم وتفسير المعلومات القادمة من الحواس الى الدماغ‬
‫وفقا للمعرفة والخبرات السابقة والحالة الوجدانية للفرد‪ .‬ويتميز االدراك كعمليه معرفيه بخصائص منها‪:‬‬
‫التنظيم‪ ،‬التفسير‪ ،‬الترميز‪ ،‬التحليل والتخزين‪.‬‬

‫العالقة بين اإلحساس واالدراك‪:‬‬

‫ال يمكن الحديث عن عمليه االدراك بمعزل عن عمليه االحساس حيث يرتبط االدراك ارتباط وثيق باإلحساس‪.‬‬
‫فهذا ال يعني انهم عمليه واحده اذن توجد بعض الفروق بين هاتين العمليتين‪ .‬االحساس عمليه فيزيولوجيه‬
‫تتمثل في استقبال اإلثارة الحسية من العالم الخارجي وتحويلها الى نبضات كهرو عصبية في النظام العصبي‬
‫في حين االدراك هو عمليه تفسير لهذه نبضات واعطائها المعاني الخاصة بها‪ .‬كذلك االدراك عمليه نفسي‬
‫لها بعدان‪ :‬بعد حسي يرتبط باإلحساس ‪ ،‬وبعد معرفي يرتبط بالتفكير وتذكر‪ .‬اذ ان تفسير االنطباعات‬
‫الحسية يعتمد على الخبرات المخزنة في الذاكرة‪.‬‬

‫وهكذا يمكن القول بان االحساس هو الوعي او الشعور بوجود الشيء من خالل األثار القادمة عبر المدخالت‬
‫الحسية ‪ ،‬في حين ان االدراك هو المعنى او التفسير الذي يعطي لمثل هذه اإلثارة اعتمادا على الخبرة‬
‫السابقة‪.‬‬

‫العالقة بين اإلدراك واالنتباه‪:‬‬

‫االدراك واالنتباه عمليتان متالزمتان‪ ،‬فان كان االنتباه هو تركيز الشعور في شيء فان االدراك هو معرفه‬
‫هذا الشيء‪ ،‬وبذلك فان االنتباه يهيئ الفرد لإلدراك‪ .‬مما سبق يتضح ان عمليه االدراك تعتمد اعتمادا كبي ار‬
‫على االنتباه‪ ،‬حيث ان الشخص قد يحس بمجموعه من المثيرات فينتقي بعضها ويركز عليها يكون ذلك‬

‫‪25‬‬
‫انتباه‪ ،‬مما يؤدي الى مزيد من االحساس بتلك المثيرات‪ ،‬وبالتالي يساعد على استيعابها وفهمها بصوره‬
‫أفضل فيكون ذلك ادراكا‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫معظم المدخالت الحسية التي تدخل المخ تمر خالل المهاد "التالموس" ذلك العضو الذي يقع في مركز‬
‫المخ عند مستوى العينين تقريبا‪ ،‬ويحتفظ المهاد بالمعلومات الحسية الواردة عبر مجموعة من األعصاب‬
‫التي تسقط في منطقة مالئمة تماما من القشرة المخية‪ ،‬و لكن يتم تسكين جميع أنواع المعلومات المختلفة‬
‫التي يجب أن تخترن و يحتفظ بها لمدى بعيد‪ ،‬وينقسم المهاد إلى عدد من األنوية وهي مجموعة من‬
‫النيرونات العصبية متماثلة في الوظيفة‪ ،‬تستقبل كل منها المعلومات من الحواس النوعية و تربطها باألماكن‬
‫المحددة المناظرة أو الممثلة لها في القشرة المخية‪ ،‬كما يساعد المهاد أيضا في التحكم أو ضبط عمليتي‬
‫النوم واليقظة‪.‬‬

‫اما تحت المهاد‪ Hypothalamus‬يقع عند قاعدة المخ األمامي أو أدنى المهاد ويتصل بالغدة النخامية‬
‫ويستمد أهميته من التحكم في ضبط العديد من الوظائف الجسمية‪ ،‬والهيبوتالموس الذي يتفاعل مع الجهاز‬
‫الحشوي أيضا ينظم السلوك المرتبط بشكل محدد بمظاهر الحياة مثل‪ :‬الدفاع عن النفس أو المقاتلة أو‬
‫التغذية والشعور‪ ،‬ومن ثم كان من المنطقي أن يكون الهيبوتالموس نشط أيضا في تنظيم العواطف أو‬
‫االنفعاالت وردود األفعال االستجابية للضغوط‪.‬‬

‫ابعاد العملية االدراكية‪:‬‬

‫االدراك عمليه نفسيه بالغه التعقيد تتألف من ثالث ابعاد مترابطة معا وهي‪:‬‬

‫‪ ‬العملية الحسية‪ :‬وتتمثل في االستثارة الخاليا الحسية التي تستقبل المنبهات الخارجية‪.‬‬
‫‪ ‬العمليات الرمزية‪ :‬وتتمثل في المعاني والصور الذهنية التي يتم تشكيلها للمنبهات الخارجية‪.‬‬
‫‪ ‬العمليات االنفعالية‪ :‬يترافق االحساس عاده بحاله انفعاليه معينه تتمثل في طبيعة الشعور نحو االشياء‬
‫اعتمادا على الخبرات السابقة فعد رؤية منظر طبيعي مثال فربما يثير هذا المشهد لدى الفرد مشاعر‬
‫وجدانيه او يثير لديه ذكريات مؤلمه او مفرحه‪.‬‬

‫خطوات العملية االدراكية وخصائصها‪ :‬يالحظ ان االدراك يحدث في ثالث خطوات وهي‪:‬‬

‫‪ ‬الخطوة الطبيعية (العالم الخارجي)‪ :‬وهو ما ينبعث منه مؤشرات تسقط على الحواس‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ ‬الخطوة الفيزيولوجية العصبية‪ :‬عند استقبال المؤثر ثم الى مراكز االحساس بالمخ عن طريق الجهاز‬
‫العصبي‪.‬‬
‫‪ ‬الخطوة العقلية (النفسية)‪ :‬تحول االحساسات الى معاني ورموز في حين ان العملية اإلدراكية تتميز‬
‫بـ‪:‬‬
‫‪ -‬هي عمليه التكامل بينا مثير صادر وخبره ماضيه وهذا يجعل االدراك عمليه فريدة وفردية‪.‬‬
‫‪ -‬هو عمليه تتوسط االحساس واالستجابة‪.‬‬
‫‪ -‬هو عمليه مال فراغات او تكمله لألشياء‪.‬‬

‫ويمكن توضيح هذه العمليات أيضا في الخطوات التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬مرحلة التنظيم الحسي‪ :‬العالم المحيط بنا كما ترى مدرسه الجشطالت هو عالم يتألف من اشياء‬
‫مترابطة ووفقا قوانين ال تشتق من العقل وانما تشتق من طبيعة االشياء نفسها وتعرف هذه القوانين‬
‫باسم قوانين التنظيم الحسي فيفضل هذه العوامل تنظيم التنبيهات الحسية في هيئه مدركات تأخذ‬
‫صوره مستقله تبرز في مجالنا‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحله التأويل‪ :‬االدراك ليس عمليه سلبيه يقتصر دورها على مجرد استقبال انطباعات حسيه بل‬
‫هو عمليه مركبه ومعقده تتدخل ذاكره االنسان وخياليه وقدرته على إدراك العالقات في تأويل وتفسير‬
‫االنطباعات الحسية التي تصل الى المخ عن طريق االحساس‪.‬‬

‫العوامل المؤثرة في عمليه االدراك‪ :‬يتأثر االدراك بعوامل عديده منها ما يخص الفرد ومنها ما يخص طبيعة‬
‫المثير الحسي‪:‬‬

‫‪ -1‬العوامل الخارجية (المثير الحسي)‪:‬‬


‫‪ ‬الصورة والخلفية‪ :‬يعتبر االكثر معنى هي االكثر وضوحا واالصغر حجما فأحيانا يختلط شكل الصورة‬
‫بالخلفية مما يساهم في عدم وضوحها يحدث إدراك خاطئ وناقص‪.‬‬
‫‪ ‬قانون التشابه‪ :‬وينص ان الفرد يدرك المثيرات التي تبدوا متشابها من حيث اللون او الشكل او السرعة‬
‫على انها وحده واحده‪.‬‬
‫‪ ‬قانون التقارب‪ :‬وهنا ندرك االشياء المتقاربة والمتتالية مكانيا على انها واحده‪.‬‬
‫‪ ‬قانون االستمرار‪ :‬ويشير هذا القانون على اننا ندرك المثيرات وكأنها استم ارريه لمثيرات اخرى سبقتها‪.‬‬
‫‪ ‬قانون االغالق‪ :‬وهنا يشير القانون الى اكمال المثيرات الناقصة‪.‬‬
‫‪ -2‬العوامل الداخلية (الذاتية الفردية)‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ ‬الخبرة والتعلم السابق‪ :‬ا لفرد عاده يفسر ما يحسه في ضوء ما سبق له معرفته او تعلمه ولذلك فان‬
‫الشخص العادي ال يدرك في صوره األشعة ما يدركه الطبيب وال يدرك في السيارة ما يدركه الميكانيكي‬
‫ويعني هذا ان الناس يختلفون في إدراك الشيء الواحد وذلك لما بينهم في فوارق في الخبرة‪.‬‬
‫‪ ‬الحالة االنفعالية والمزاجية‪ :‬فحاالت التوتر والقلق الرضا والغضب والحزن ‪...‬الخ تؤثر بال شك في‬
‫تفسيرنا للمثيرات الحسية وادراكنا لها‪.‬‬
‫‪ ‬العواطف والميول واالهتمامات‪ :‬فالعواطف الفرد وميوله واهتماماته لها أثر عميق في تشويه ما يدركه‬
‫‪ ‬الصحة النفسية واالضطراب النفسي والعقلي‪ :‬الشخص الذي يتمتع بمستوى عالي من الصحة النفسية‬
‫عاده ما يكون موضوعيا فهو قد يدرك االشياء ال وجود لها في الواقع كان يدرك اشخاص ال يراها غيره‬
‫ويسمع اصوات ال يسمعها غيره‪.‬‬

‫المحاضرة السابعة‪ :‬بعض النظريات التي فسرت االدراك‬


‫‪ -1‬النظرية البيئية‪:‬‬
‫ينظر اصحاب هذه النظرية الى ان االدراك على انه عمليه مباشره ال شعوريه تعتمد بالدرجة االولى على‬
‫خصائص االشياء الموجودة في العالم الخارجي والتي تزودنا بها الطاقة المنبعثة عنها‪ .‬اإلثارة الحسية التي‬
‫تحدثها الطاقة المنبعثة عن االشياء فيها من الخصائص ما يكفي لتمييزها والتعرف عليها دون الحاجه لتدخل‬
‫النظام االدراكي اجراء عمليات داخليه توسيطيه عليها‪ ،‬فالضوء المنعكس عن الشيء الخارجي فيه من‬
‫الخصائص والمعلومات ما يكفي الى تمييزه والتعرف عليه دون الحاجه الى اجراء عمليه التحليل الداخلي‬
‫لهذه اإلثارة وحسب هذه النظرية ف ان النظام االدراكي لدينا تتمثل مهمته في التقاط خصائص االشياء‬
‫والحوادث الخارجية وتجميعها تماما كما يتم التزود بها من خالل المجسمات الحسية دون ان يجري عليها‬
‫اية تحويالت او معالجات‪ .‬تأكيد هذه النظرية ان الخطأ في االدراك يرجع بالدرجة االولى الى عده عوامل‬
‫منها ما يرتبط بخصائص االشياء والبعض االخر يرتبط بخصائص الفرد فقد يرجع الخطأ في االدراك الى‬
‫غموض االشياء في الخارج وعدم وضوحها او لعدم وجود معلومات كافيه عنها او ربما يرجع الى عوامل‬
‫شخصيه مثل التوتر والتعب والحاجات وقد اطلق العالم جبسون (‪ )Gibson,1979‬على مجموعه على‬
‫المظاهر المميزة لألشياء الخارجية اسم (‪ )Affordances‬حيث يتوقف عليها اعطاء المعاني المناسبة لها‬
‫ويرى ان النظام االدراكي يحدد االنتباه الى هذه الخصائص اعتمادا على االستخدامات التي من اجلها وضع‬
‫المثير او المنبه‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -0‬النظرية البنائية‪:‬‬
‫تؤكد هذه النظرية على الطبيعة البنائية لإلدراك حيث تفترض ان االدراك عمليه تقدير تخمينيه لألشياء‬
‫وليست مجرد عمليه مباشره تقوم على التقاط الخصائص التي تزودنا بها الطاقة المنبعثة من االشياء‪ .‬ويعد‬
‫العالم االلماني هلمهولتز (‪ )Hwlmholtz‬من اوائل المدافعين عن هذه النظرية وتؤكد النظرية هذه الطبيعة‬
‫النشطة لنظامنا االدراكي‪ ،‬فهو يعمل على تعديل االنطباعات الحسية عن االشياء الخارجية من اجل تقديرها‬
‫وتفسيرها‪ .‬فاالنطباع الحسي يخضع الى عمليه معالجه داخليه تعتمد على استخدام مصادر اضافيه من‬
‫المعلومات غير تلك التي يتم التزود بها من خالل المجسمات الحسية ومثل هذه المعلومات يتم التزود بها‬
‫من خالل النظام االدراكي اعتمادا على طبيعة العمليات المعرفية المستخدمة في المعالجة والخبرات السابقة‬
‫المخزنة في الذاكرة‪ .‬فاإلدراك يعتمد على مجموعه واسعه من المعلومات بعضها ما يقع ضمن نطاق‬
‫االحساس في حين يقع بعضها االخر خارج نطاقه‪ ،‬وتشمل مثل هذه المعلومات التوقعات والخب ارت السابقة‬
‫التي تم بناؤها من األنشطة السابقة لعمليات االدراك‪ .‬ومن هنا في العالم الخارجي ليس كافي لتزويدنا‬
‫بالمعلومات المالئمة التي تمكننا من ادراكه بشكل مباشر اذن البد من وجود اليه معرفيه تتضمن اإلضافة‬
‫بعض المعلومات الى المنبهات الخارجية لتسهيل عمليه فهمها او ادراكها ومثل هذه المعلومات الحسية مما‬
‫ينتج بالتالي من بناء خبرات جديده‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المحاضرة الثامنة‪ :‬بعض العمليات المعرفية (الذاكرة)‬
‫ارتبطت دراسة الذاكرة مع نظام معالجه المعلومات وبذلك اعتبر العلماء ان هنالك ثالث مراحل في الذاكرة‬
‫اإلنسانية‪:‬‬
‫‪ .1‬مرحله الترميز‪ :‬ويتم اعطاء المعاني للمثيرات الحسية الجديدة من خالل عمليات التسميع والتكرار‬
‫والتنظيم والتلخيص وغيرها‪.‬‬
‫‪ .2‬مرحله التخزين (االحتفاظ)‪ :‬وتحدث العلماء عن نظام للتخزين المؤقت في الذاكرة القصيرة واخر‬
‫دائم في الذاكرة الطويلة تجعل المعلومات جاهزة ومنظمه لالستخدام وقت الحاجة‪.‬‬
‫‪ .3‬مرحله االسترجاع (التذكر)‪ :‬وتتمثل في ممارسه استدعاء او استرجاع المعلومات والخبرات السابقة‬
‫التي تم ترميزها تخزينها في الذاكرة الدائمة‪.‬‬
‫تعريف الذاكرة‪:‬‬
‫يعرف سولسو ‪ 1988‬الذاكرة على انها دراسة مكونات عمليه التذكر والعمليات المعرفية التي ترتبط بوظائف‬
‫هذه المكونات‪.‬‬
‫ويعرف كل من بارون ‪ baron 1990‬وفيلدمان ‪ feldman 1996‬الذاكرة على انها دراسة القدرة على‬
‫االحتفاظ بالمعلومات وتخزينها واسترجاعها وقت الحاجة‪.‬‬
‫يعرف انور الشرقاوي ‪ 1990‬الذاكرة بانها عمليه إدراك للمواقف الماضية بما يشملها من خبرات واحداث‬
‫تؤدي دو ار هاما في حياه الفرد القدرة على استرجاع هذه المواقف وما يرتبط بها من خبرات ماضيه‪.‬‬
‫ويعرفها اندرسون ‪ 1665‬على انها دراسة عمليه استقبال المعلومات واالحتفاظ بها واستدعاؤها عند الحاجة‪.‬‬
‫ويعرف ستينبرغ ‪ 2113‬الذاكرة على انها العملية التي يتم من خاللها استدعاء معلومات الماضي استخدامها‬
‫في الحاضر‪.‬‬
‫وحقيقة االمر ان اي تعريف للذاكرة يجب ان يشمل جميع العمليات المعرفية ابتداء من االستقبال (مرحله‬
‫الذاكرة الحسية) الى االستجابة المعرفية ‪ .‬وفي ذلك يمكن تبني تعريف شمولي توفيقي على ان الذاكرة هي‬
‫الدراسة العلمية لعمليه استقبال المعلومات وترميزها وخزنها واستعادتها وقت الحاجة‪.‬‬

‫‪30‬‬
31
32
33
34
‫المحاضرة التاسعة‪ :‬استرجاع المعلومات من الذاكرة طويلة المدى‬
‫االسترجاع هو عمليه البحث عن المعلومات في مخزن الذاكرة الطويلة واعادتها الى الذاكرة القصيرة لتصبح‬
‫استجابة ضمنية او ظاهره كاالستجابة المكتوبة او المنطوقة او الحركية‪ .‬واالسترجاع يمر بعده مراحل وهي‬
‫(‪:)Sternberg,2003‬‬
‫أ‪ -‬مرحله البحث عن المعلومات‪ :‬يبدا الفرد بالبحث عن المعلومات في الذاكرة الطويلة من خالل ‪:‬‬
‫‪-‬التحقق من وجود المعلومات اصال في الذاكرة الطويلة‪.‬‬
‫‪-‬فحص المعلومات المتوفرة من حيث حجمها وزمانها ومكانها وعناصرها‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد المعلومات المطلوب استرجاعها‪.‬‬
‫ب‪ -‬مرحله تجميع المعلومات المطلوبة وتنظيمها‪ :‬اعاده تجميع المعلومات وتنظيمها بشكل يسهل التعامل‬
‫معها وفهمها ولتصبح بصوره منطقيه ومعقولة‪ .‬وقد يواجه الناس بعض الصعوبات في التجميع والتنظيم‬
‫فيظهر ما عرف بعلم النفس بظاهره (على راس اللسان‪)tip of the tongue phenomenon‬‬
‫لنقص عنصر او عدم انتظام العناصر المكونة للموقف‪ .‬وتتم هذه المرحلة بضبط وتوجيه من الذاكرة‬
‫القصيرة التي تستقبل العناصر المستعادة اوال بأول من الذاكرة الطويلة استعدادا لالستجابة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫ت‪ -‬مرحله االداء (االستجابة)‪ :‬وتظهر هنا االستجابة الظاهرة او الضمنية كبسه الكهرباء او السلوك الحركي‬
‫او قراءه بيت من الشعر وغيره علما بان اوامر االستجابة تصدر عن الذاكرة القصيرة‪.‬‬
‫ويصنف بعض العلماء االسترجاع الى شكلين‪:‬‬
‫أ‪ -‬االسترجاع التلقائي‪ :‬هو استرجاع شبه الى ال يحتاج الى جهد وزمن طويل كالتعرف على نغمه موسيقية‬
‫او اداء حركه رياضيه معينه‪.‬‬
‫ب‪ -‬االسترجاع المقصود‪ :‬واالسترجاع الذي يحتاج الى الجهد والوقت كتذكر معلومات او القوانين او اسماء‬
‫او ارقام تعلمها الفرد في الماضي‪.‬‬
‫قياس الذاكرة‪:‬‬
‫هنالك عده طرق تستطيع من خاللها قياس القدرة على استرجاع المعلومات من الذاكرة الطويلة‪ .‬ومن هذه‬
‫الطرق االختبارات التي تقيس االسترجاع الحر )‪. (Recall‬او التعرف )‪ (recognition‬او االحتفاظ‪ .‬األسئلة‬
‫اإلنشائية المباشرة هي نموذج جيد على قياس االستدعاء الحر‪ ،‬األسئلة الموضوعية كاالختيار من متعدد‬
‫هي نموذج على قياس التعرف‪ ،‬وحساب عالمة االحتفاظ هي نموذج على قياس القدرة على االحتفاظ او‬
‫اعاده التعلم ‪.‬‬
‫ويميز علماء النفس بين نوعين من المقاييس الذاكرة الطويلة هما (‪:)Sternberg, 2008‬‬
‫‪ -1‬المقاييس الضمنية (‪ :)mesure implicite‬وتتطلب استرجاع معلومات من الذاكرة دون الوعي‬
‫بحدوث عمليه االسترجاع مثل اختبارات تكمله الحروف الناقصة في الكلمة كان تقدم كلمات ناقصه‬
‫(شبا‪ ،.. .‬ح‪..‬وان) وتطلب تكمله الكلمات واختبار التكرار المتداخل كانت تطلب من المفحوص‬
‫تسميه ثالثة أشهر هجرية متتالية من السنة‪.‬‬
‫‪ -2‬المقاييس الصريحة (‪ :)mesure explicite‬وتتطلب التذكر او التعرف الواعي لمعلومات تم‬
‫تعلمها في السابق كان تطلب هذه االختبارات الصريحة من المفحوص بشكل سريع وشعوري تام‬
‫تذكر معلومات تتعلق بتذكر تاريخ ميالد شخص ما تالوة آيات من القران الكريم او تعرف على‬
‫صوره معينه بين عدد من الصور‪.‬‬
‫كما يميز (‪ )Sternberg, 2003‬بين سته انواع من المهمات المستخدمة في قياس الذاكرة الطويلة‬
‫وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مهمات الذاكرة الصريحة (‪ :)explicit memory tasks‬وتتطلب تذك ار واعيا معلومات محدده‬
‫تعلمها في السابق كان تسال عن اسم الشاعر الذي كتب قصيده شعريه معينه‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ب‪ -‬مهمات الذاكرة التقريرية (‪ :)déclarative knowledge tasks‬وتتطلب تذكر الحقائق والمبادئ‬
‫التي تعلمها الفرد في السابق مثل السؤال تاريخ الميالد‪.‬‬
‫ت‪ -‬مهمات االسترجاع (‪ :)recall tasks‬وتتطلب تذكر الحقائق والكلمات واالرقام من الذاكرة‪.‬‬
‫ث‪ -‬مهمات االسترجاع التسلسلي (‪ :)serial recall rasks‬وتتطلب تذكر عدد من المفردات او االرقام‬
‫في قائمه ما بنفس التسلسل الذي تم فيه التعلم السابق‪.‬‬
‫ج‪ -‬مهمات االسترجاع الحر (‪ :)free recall tasks‬وتتطلب تذكر عدد من الكلمات او االرقام بصوره‬
‫غير مقيده بترتيب العناصر التي تم تعلمها‪.‬‬
‫ح‪ -‬مهمات االسترجاع الثنائي (‪ :)cued or paires recall tasks‬وتتطلب تذكر ازواجا من الكلمات‬
‫او االرقام عندما تقدم للمفحوص كلمه او رقم واحد فقط‪.‬‬

‫المحاضرة العاشرة‪ :‬بعض نظريات الذاكرة العاملة‬


‫‪ -1‬نموذج بادلي وهيتش ‪:1974‬‬

‫‪37‬‬
38
‫المحاضرات المرفقة هي ملخص لمطبوعات بيداغوجية جامعية‪ ،‬دراسات‪ ،‬كتب‬
‫ومقاالت حديثة جمعت على شكل منظم ونذكرها كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬احمد عبد الخالق وعبد الفتاح دويدار(‪ ،) 1666‬أصول علم النفس ومبادئه‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،‬‬
‫مصر‪.‬‬
‫‪ -2‬خديجة بن فليس(‪ ،) 2116‬أنماط السيادة النصفية للمخ واالدراك والذاكرة البصريين دراسة مقارنة بين‬
‫التالميذ ذوي صعوبات التعلم (الكتابة والرياضيات) والعاديين‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة‬
‫االخوة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -3‬سمية بن عمارة(‪ ،)2113‬مطبوعة بيداغوجية في مقياس علم النفس المعرفي‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‬
‫ورقلة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -4‬سمير جوهاري (‪ ،)2115‬مطبوعة بيداغوجية في مقياس علم النفس المعرفي‪ ،‬جامعة برج بوعريريج‪،‬‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫‪ -5‬شذى عبد الباقي محمد ومصطفى محمد عيسى(‪ ،)2111‬اتجاهات حديثة في علم النفس المعرفي‪ ،‬دار‬
‫المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ -4‬طلعت منصور وأنور الشقراوي وعادل عز الدين وفاروق أبو عوف(‪ ،)2113‬علم النفس العام‪ ،‬مكتبة‬
‫االنجلو المصرية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -5‬كوثر تجاني(‪ ،)2114‬عالقة ضعف االنتباه البصري بالذاكرة العاملة لدى األطفال ذوي نقص االنتباه‬
‫وفرط النشاط دراسة ميدانية بوالية الوادي‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪،‬‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫‪ -1‬عبد المنعم احمد الدردير(‪ ،)2114‬دراسات معاصرة في علم النفس المعرفي‪ ،‬ط‪ ،1‬عالم الكتب للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -6‬عدنان يوسف العتوم(‪ ،)2114‬علم النفس المعرفي النظرية والتطبيق‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪.‬‬
‫‪ -11‬محمود كاظم التميمي(‪ ،)2114‬علم النفس المعرفي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫‪ -11‬محمود محمد ميالد(‪ ،)2115‬علم نفس نمو الطفل المعرفي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار االعصار العلمي للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ -12‬مسعد أبو الديار(‪ ،)2112‬الذاكرة العاملة وصعوبات التعلم‪ ،‬مركز تقويم وتعلم الطفل للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الكويت‪.‬‬
‫‪ -13‬يوسف القطامي(‪ ،)2112‬النظرية المعرفية في التعلم‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪14- A. NACEUR(2006), Polycopie de Cours en psychologie cognitive,‬‬
‫‪Université de Tunis, Tunisie.‬‬

‫‪40‬‬

You might also like