Professional Documents
Culture Documents
السداسي الثاني/
السنة الجامعية2020/2021:
تمهيد.
يمثل االضطراب النفسي مشكلة صحية جسيمة،حيث يعاني حوالي ٪30من السكان من اضطراب نفسي
قابل للتشخيص و قابل لالرتفاع في معدالته.و تشير التقديرات إلى أن ثالثين من كل مئة س وف يع انون
من اضطراب نفسي في فترة ما من حياتهم .كما أن ٪40من المرض ى الم ترددين على األطب اء بغض
النظر عن تخصصات هؤالء األطباء يعانون من أعراض/ام راض عض وية ناجم ة عن مش اكل نفس ية
كآالم الرأس و الظهر و اضطرابات الدورة الدموية و القلب و غيرها.
و تش ير األبح اث و التوقع ات المس تقبلية إلى احتم ال زي ادة االض طرابات النفس ية و العقلي ة في الق رن
الحادي و العشرين و خاصة القلق و االكتئاب و االعتماد على المواد النفسية نظرا لكروب الحض ارة و
سرعة إيقاع الحياة و األنانية المفرطة و تقلص روح الجماعة و أزم ة الهوي ة اإلنس انية و اه تزاز نزع ة
اإليمان و محاولة اإلنسان المستمرة للهروب من هذا الخضم من الضغوط و الكروب.
و في هذا المقام يرى بيير أن مفهوم االضطراب النفسي يتميز بما يلي:
كل المعتقدات الالمنطقية التي ترتب ط باإلص ابة أو الص دمة و تش مل االس تجابات الدفاعي ة و أ-
التعويضية التي تنتظم حول هذه المعتقدات.
االستجابات غير التكيفية للتهديد. ب-
ج -المظاهر المتصلة باألعراض و األداء التكيفي المضطرب و يمكن النظر إلى أي اض طراب نفس ي
على أن ه نم ط من األع راض الس لوكية أو النفس ية ال تي تح دث ل دى الف رد و ترتب ط بنكس ة أو ك رب
حاضر(عرض و مؤلم) أو العجز ( الخلل في واحد و أكثر من المجاالت الهامة لألداء) أو زيادة جوهرية
في خطر التعرض للوف اة و األلم و العج ز أو فق دان ه ام للحري ة.و يمكن تعريف ه أيض ا بأن ه أنم اط من
االنفعال و التفكير و الفعل تبدو مرضية أو مض طربة لس بب أو أك ثر من األس باب الذاتي ة و هي:انته اك
المعايير و التعاسة الشخصية ،و العجز و عدم الكفاءة و عدم التوقع ...إلخ.
و من هذا المنطلق ف إن اآلراء و االتجاه ات ال تي فس رت االض طرابات النفس ية و الس لوك الش اذ ع بر
الت اريخ ارتبطت بم دى التط ور الثق افي و العلمي الع ام و الفلس فة االجتماعي ة الخاص ة.و إذا ك ان
الكث يرون يحل و لهم أن يطلق وا على العص ر الح الي اس م "عص ر القل ق" ف إن ذل ك ال يع ني أن
االضطرابات النفسية وليدة اليوم ،و ال أن القلق هو المسبب الوحيد لها ،و لعل االختالف بين الماض ي
و الحاض ر ينحص ر في أس باب االض طرابات النفس ية و قيمته ا ،على أس اس أن الكش ف عن األس باب
يخضع لتطور علمي مطرد.
و لقد عرف الباحثون العلماء و الممارسون الكثير عن أسباب و عالج االضطرابات النفسية ،و مع ذل ك
ما تزال هناك فجوة كبيرة بين ما نعرفه و ما ينبغي أن نعرفه عن االض طراب النفس ي.و يوج د بالفع ل
عدة مناحي لفهم و تفسير االضطرابات النفسية ،بعض ها حظي ب القبول و المتابع ة و التمحيص ،بينم ا
كان حظ البعض اآلخر دون ذلك.و س وف نتع رض فيم ا يلي لرؤي ة و تفس ير ع دد من ه ذه المقارب ات
للصحة و للمرض النفسي و التي تتجلى في :المنحى السلوكي –المنحى المعرفي-المنحى العيادي :
أوال :النظرية السلوكية كنموذج نظري في تفسير الصحة و المرض:
ج اءت المقارب ة الس لوكية ك رد على التحلي ل النفس ي ،وك انت ترك ز على الدراس ة المعمق ة والمفص لة
والوصفية والكمية للسلوكات القابل ة للمالحظة.و يتب نى المنحى الس لوكي في األم راض النفس ية منظ ورا
مختلفا عن المناحي البيولوجية و السيكودينامية.
إذ تؤكد النماذج السلوكية على أن كالَ من أنماط السلوك الس وية والش اذة يتم اكتس ابها من خالل التعلم .و
تعت بر أن األع راض (الس لوكيات ال تي تنجم عن الم رض) هي في ح د ذاته ا االض طراب ،و أن ه ذه
األعراض تتم من خالل عملية تعلم أو تشريط كتلك التي نتعلم بها السلوك السوي.و ألنها ضارة و غ ير
مفيدة فإنها توص ف بأنه ا اس تجابات متعلم ة غ ير تكيفية.و ين درج تحت ه ذه المقارب ة أو المنحى ع دة
مناحي فرعية لعل أبرزها:
-أ -التشريط الكالسيكي:و أول معالجة علمية لدور التشريط في المش كالت الس لوكية تع ود إلى التج ارب
األولى لبافلوف (من خالل تجربته الكالس يكية في ت دريب الكالب على إف راز اللع اب من خالل موق ف
تشريطي) ،إذ رأى في استثارة القشرة المخي ة و في التغ يرات األخ رى في عملي ات المخ أح داثا رئيس ية
تكمن وراء االضطرابات السلوكية الملحوظة في بعض الظروف.و حسبه فالسلوك يتم بالتوازن و التوافق
بين 03نظم في الجهاز العصبي :نظام األفعال المنعكسة –النظام اإلشاري األول الذي يشتمل على نظ ام
اإلشارات إلرشاد النظم السابقة ،و هي إشارات مجردة ال تعتمد على االستقبال المباشر لمنبهات الواقع،و
لكنها تعتمد على الرمز .و منه فمح ور عملي ة التعلم حس به ه و الرب ط بين المنب ه الش رطي و االس تجابة
الشرطية ،فللمنبهات أهمية كبيرة في استثارة االستجابات.
و بالتالي فإن اختالل التوازن بين هذه النظم الثالث يؤدي إلى االضطراب و المرض .و قد استقر رأي
بافلوف على أن هناك نوعين أساسيين من المرض هما الهستيريا و اإلعياء النفسي.
ثم يأتي واطسون ليختزل أفعال اإلنسان إلى صورة آلية تعرف باسم" المثير االستجابة"،و رأى بذلك أن
أفعال اإلنسان تحددها قوى خارجية،فكان يؤمن بأن االضطرابات السلوكية و العصابية عبارة عن س لوك
مكتسب يتم تعلمه من خالل التشريط.و حاول التدليل على ذلك من خالل تجربته الشهيرة المعروف ة باس م
تجربة ألبرت الصغير ،و التي استطاع فيها تعليم الطفل الخوف من الفأر خوفا مرضيا بعد أن ك ان يألف ه
و يلعب معه؛بل أن الطفل تعلم تعميم استجابة الخوف على أشياء غ ير حي ة ك الفراء و القطن المنف وش و
األرانب .و من هنا زاد إيمان السلوكيين برأي واطسون بعد أن استطاعت ماري كوفر جونز عالج طفل
صغير يدعى بيتر من المخاوف المرضية من األرانب باستخدام المبادئ التشريطية.
و علي ه يمكن الق ول :أن المؤي دين للتش ريط الكالس يكي ي رون أن كث يرا من اض طراباتنا و س ماتنا
الشخصية هي استجابات اكتسبناها من خالل عملية تشريط كالسيكية ثم تحولت إلى عادات مرضية.كما
أنها ليست نتاجا لغرائز طبيعي ة أو ص راعات داخلي ة ،ف القلق و الخ وف و التف اؤل و التش اؤم جميعه ا
يمكن تفس يرها –باالعتم اد على التش ريط الكالس يكي -على أنه ا اس تجابات ش رطية لمنبه ات اكتس بت
قدرتها على إثارة هذه الجوانب السلوكية بسبب ارتباطها بأحداث تبعث على الضرر أو األلم أو النفع أو
الفائدة.
ب-التشريط االجرائي :إن التجارب العلمية العديدة أوضحت أن هن اك الكث ير من أش كال الس لوك تص در
عن الكائن الحي دون أن تكون مرتبطة بمنبه محدد ،و ذلك ب الطبع إلى ج انب الس لوك ال ذي يص در عن
الكائنات الحية مرتبطا بمنبهات مح ددة .إذ نج د الكث ير من مظ اهر الس لوك التلق ائي أو العش وائي ال ذي
يصدر عن الكائن نتيجة لحاجاته و دوافعه الداخلية ،كما أن كثيرا من الس لوك اإلرادي يتم تعلم ه في ظ ل
وجود دوافع و مكافآت معينة.
و عليه أعطى عالم النفس األمريكي سكينر اهتماما كبيرا لهذا النوع من التشريط الذي أطلق علي ه اس م
التشريط الفعال أو اإلجرائي و الذي يشير إلى طريقة تجريبية خاصة لدراسة الس لوك.و رأى س كينر أن
بإمكانه أن يكسب السلوك لمجموعة من األشخاص بحيث يجعل منهم العالم و يجعل منهم المجرم أيضا.
و يميز سكينر بين :السلوك المنفعل(االستجابي):و هو استجابة مباش رة تص در ردا على منب ه (كم ا ه و
الحال في االستجابات غير الشرطية في التشريط الكالسيكي) .و السلوك الفعال (اإلج رائي):يص در عن
الكائن ال كاستجابات لمنبهات خارجية محددة ب ل يص در عن ه تلقائي ا به دف الحص ول على المكاف آت و
نتائج معينة من البيئة.
و أن :معظم أنواع السلوك اإلرادي الذي يصدر عن الك ائن الحي ه و س لوك فع ال ،فنحن إم ا ال نع رف
المنبهات التي ترتبط به ،أو ربما نجد أنفسنا مسلمين بوجوده ا فق ط من اج ل تفس ير س لوكنا المالح ظ.و
منه فالتعلم اإلجرائي أو الفعال يقوم على قاعدة رئيسية مؤداها أن:السلوك هو محص لة م ا ي ؤدي إلي ه
من نتائج و آثار .أو أن:السلوك دالة لما يترتب عليه.و عليه يمكن تفسير الكثير من جوانب االضطراب
في ضوء هذه النظرية.
و معنى هذا أن السلوك الحسن هو استجابات و أن السلوك السيئ هو استجابات أيضا تعلمه ا من خالل
عالقته ا بأح داث تق ع في البيئ ة.و ي رى س كينر أن معظم مش كالت الس لوك إنم ا هي نتيج ة للم دعمات
المرتبة ترتيبا غير دقي ق.و على س بيل المث ال :فإن ه في بعض الح االت ال تك ون المع ززات ظ اهرة أو
بارزة بشكل كاف و ينقص السلوك اإلجرائي للفرد للدرجة التي ال يقوم فيها بأداء جيد(ك ان يك ون مكتئب ا
مثال).أو أن البيئة قد تكون منظمة بحيث تعزز سلوكا تكون نهايته تدمير الذات(كتعاطي المخدرات).
و من ثم فإن سكينر يفسر س لوك الش خص المض طرب بن اءا على مب ادئ التعلم ال تي يحاف ظ عليه ا ه ذا
المريض الذي تم تطويعه بواسطة بيئي ة ليتص رف بط رق غ ير مناس بة.و ان ه لس نا بحاج ة إلى مراجع ة
لماضي الفرد و تاريخه أو حتى تشجيعه على استعادته أو معايشته م ادامت المس ألة كله ا ال تع دو كونه ا
عملية تشريط إجرائي كما سبق شرحه.
ج -التعلم االجتماعي:و ضع أساس هذا النموذج النظري أل برت بان دورا ،إذ ح اول دمج النم اذج الس ابقة
جميعا بغرض تطوير نظرية تتصف بالشمول و تشتمل على العوام ل البيولوجي ة و البيئي ة و المعرفي ة.و
تتصف هذه النظرية بخاصية أساسية تتجلى في إيضاح عملية التعلم من خالل م ا يع رف باس م العملي ات
المعرفية الوسيطة.
و لق د نش أت ه ذه النظري ة لبان دورا داخ ل اإلط ار الس لوكي التعليمي و هي تعكس ترك يزا على التأم ل
الخارجي.إذ رأى انه من الضروري إع ادة تق ديم المتغ يرات الداخلي ة مث ل الفاعلي ة الذاتي ة(إدراك الف رد
لفاعليته و قوة تأثيره الشخصي).
و يعود السلوك اإلنساني من وجهة نظر باندورا إلى الحتمية المتبادلة التي تتضمن عوامل بيئية و سلوكية
و معرفية.و أن عملية التعلم أو االكتس اب تتم من خالل المالحظ ة أو االقت داء،فمعظم الس لوك االنس اني-
حسبه-متعلم بإتباع نموذج أو مثال حي و واقعي.إذ و من خالل مالحظتنا لآلخرين نطور فكرة عن كيفي ة
تكوين سلوكنا و كيف تساعدنا المعلوم ات و تعم ل ك دليل أو موج ه لتص رفاتنا الخاص ة.بمع نى أن ق درا
كبيرا من التعلم يتم بالعبرة أي من خالل مجرد رؤية آخر يفعل فيثاب أو يع اقب.و من ثم يب دأ في تعلمه ا
حين يبدأ في محاولة تقليد هذه االستجابة الم اهرة ال تي ش اهدها من خالل الش خص النم وذج أو الق دوة.و
بمضي الوقت يمكن أن يؤدي استجابات جديدة لم يسبق له مشاهدتها .
و في الواقع فعال هناك ع دد كب ير من المه ارات اإلنس انية ال يمكن اكتس ابها أو تعلمه ا ب دون ه ذا التعلم
الشهودي.و كذلك الحال بالنسبة لبعض المهارات المعقدة مثل قيادة السيارات.بل إن االستجابات الوجدانية
يمكن أن يجري لها تشريط عن طري ق مش اهدة ردود الفع ل ال تي يب ديها اآلخ رون للخ برات المؤلم ة أو
السارة .و تتم هذه األشكال من التعلم –على أية حال-بعدة طرق مثل:االقتداء و التقلي د و التقمص و التعلم
الشهودي و التيسير االجتماعي ،النسخ،التعلم بالعبرة و لعب الدور و العدوى السلوكية.
و من ه ذا المنطل ق ف إن الس لوك المرض ي طبق ا لبان دورا ه و تعلم اس تجابات غ ير توافقي ة من خالل
المالحظ ة ،بمع نى أن المنظ ور االجتم اعي في التعلم يالح ظ -عن د التعام ل م ع األم راض النفس ية –
التفاعل بين الخص ائص الس لوكية و إح داث المث ير ،و ه و م ا يس اعد في تفس ير و اكتس اب و اس تمرار
االستجابات الالسوية و يساعد في عالجها أيضا.
تقويم النظرية السلوكية:يؤخ ذ على ه ذه النظري ة ب أن التفس يرات الس لوكية ك انت تقتص ر في كث ير من
األحي ان على أع راض الم رض دون الم رض في ح د ذات ه.كم ا ان ه ذه النظري ة عج زت عن تفس ير
األعراض األكثر خطورة كالهالوس(الهلوسة) و الهذاءات( اله ذيان) .وب الرغم من أن النم اذج الس لوكية
ليست مفي دة تفس يريا ً إال أن مب ادئ التعلم تظ ل م ؤثرة في تفس ير بعض االض طرابات العقلي ة من خالل
مبادئ االشتراط الكالسيكي واإلجرائي .
ثانيا :النظرية المعرفية كنموذج نظري في تفسير الصحة و المرض:
تعتبر المدرسة المعرفي ة من أح دث الم دارس في علم النفس عام ة و في مج ال العالج النفس ي و تفس ير
األمراض بصفة خاصة.غير أنه ال يمكن القول بأن العمليات العقلية كانت بعيدة عن حس بان الب احثين في
مجال علم النفس إلى درجة إهمالها في المدارس النظرية السابقة كالتحليل النفسي و المدرسة الس لوكية و
المدرسة اإلنسانية.و إنم ا لم يكن هن اك اهتم ام ك اف به ا في تفس ير الس لوك الس وي أو المرض ي،أو في
عالج االضطرابات النفسية.و منه فقد ساعدت التطورات في مجال الحاسب اآللي الباحثين في علم النفس
على وضع تصورات للوظائف العقلية،و من ثم عادوا لالهتمام بها من جديد.
و إذا كان المنحى المعرفي قد ظهر أساسا كأسلوب لعالج االكتئاب و القلق،فإن ه اتس ع اآلن ليغطي معظم
األمراض النفسية.إذ ترى الصياغة المبدئية لهذا المنحى أن :الكثير من االضطرابات النفس ية تنتج عن
األخط اء أو التح يزات في التفك ير ؛بمع نى آخ ر أن األفك ار ال تي تق ود إلى الم رض النفس ي تنجم عن
مشكالت في الطريقة التي ندرك و نخزن و نسترجع بها المعلومات.
ذلك أنه ال يمكن أن نعزل االضطرابات التي تصيب األفراد عن الطريقة التي يفكرون بها،وعما يحملونه
من آراء و اتجاهات و معتقدات نحو أنفسهم و نحو المواقف التي يتفاعلون معها،فاالضطرابات النفسية –
على وجه العموم -تعتبر من وجهة نظر المعالج السلوكي المعرفي نتيجة مباشرة للطريقة التي يفكر بها
الشخص عن نفسه و عن العالم.و عليه يرى المنظرون المعرفي ون أن هن اك أربع ة مص ادر رئيس ية من
القصور المعرفي ترتبط بظهور االضطرابات النفسية و هي:
-ما يحمله الفرد من آراء و أفكار و معتقدات عن نفسه و عن اآلخرين و المواقف التي يتفاعل معها.
و يفترض أنصار هذا النموذج النظري أن االضطرابات ترجع إلى الطريقة التي يدرك به ا الف رد الح دث
وتفسيره من خالل خبراته وأفكاره .كما أن االضطراب السلوكي ( السلوك الشاذ ) هو نم ط من األفك ار
الخاطئة غير المنطقية .و منه فهذه النظرية تعتبر التفكير المرضي هو األساس ،أما الجزء الوجداني و
الدوافع فهي ثانوية للتفسير السلبي لألحداث.
كما يقدم المعرفيون عددا من المبادئ المعرفية التي تفسر االضطراب النفسي(خاصة االكتئاب) و منها:
-التعميم السلبي الشديد:حيث يؤمن المريض بأن ":كل أفعالي و تصرفاتي خاطئة و حمقاء"
-التوقعات الكوارثية:فيتجنب الفرد الدخول في المواقف المختلفة خوفا من أن يرتكب خطأ ي راه على ان ه
كارثة له أو ألسرته أو لسمعته.
-الكل أو الشيء:فيتصرف الفرد باضطراب إذا كانت تصوراته لألمور قائمة إما على النج اح الكام ل أو
الفشل الذريع،والتصرف هنا تصاحبه عادة مشاعر شديدة باإلحباط أو القل ق الح اد عن دما يتع رض الف رد
ألي إحباط مهما كان ضئيال.
-قراءة أفكار اآلخرين سلبا:ف الفرد ال ذي يتوق ع س خرية اآلخ رين أو ازدراءهم قب ل ال دخول في مواق ف
التفاعل االجتماعي ،سيكون من السهل عليه أن ينزلق في كث ير من أن واع االض طراب و االنح راف بم ا
فيها تعاطي مواد ضارة أو العدوان أو القلق االجتماعي و االنسحاب.
-المقارنة:و ذلك في حال إذا كان من الن وع ال ذي يس رف في اس تخدام عب ارات تنط وي على مقارن ات
خاطئة.و في هذه الحالة ستتأثر كثير من الوظائف االجتماعية و العقلية و تتعطل قدرة الف رد على النش اط
و الدافعية ،مما يجعله عرضة لالضطراب االنفعالي كاالكتئاب و القلق.
-التجريد االنتقائي:يعني إسقاط كل المميزات و التركيز على عيب واحد أو نقص واحد.
-التفكير القائم على االستنتاجات االنفعالية:فالفرد الذي يفسر سلوك اآلخرين تفسيرا انفعالي ا،س يجد نفس ه
عاجزا عن التفاعل االجتماعي الفعال و سيجد نفسه عرضة لكثير من المخاوف االجتماعية و الوس اوس
و االضطرابات العضوية.
-تحميل الشخص نفسه مسؤوليات غير حقيقية عن الفشل:بمعنى أن هؤالء األفراد ي نزعون إلى نس بة
فشل اآلخرين إلى أنفسهم بشكل فيه شئ من المبالغة في التعميم و تضخيم األمور.
-النزعة إلى الكمال المطلق:و هو تفكير األفراد بطريقة شديدة المثالية و يطلبون الكم ال المطل ق في ك ل
شئ يعملونه أو يقولونه و عندما ال يتحقق ذلك يشعرون بالقلق و االكتئاب و اإلحباط
-ربط االحترام الشخصي و تقدير الذات بعوامل خارجية بحتة،و تأويل األحداث الخارجية بما يتف ق م ع
إحساسه بعدم تقدير الذات.
-استخدام العبارات القاطعة :يشيع في تفكير بعض حاالت القل ق و االكتئ اب عب ارات ت دل على اس تخدام
الحتميات كأسلوب من أساليب التفكير مما يؤدي إلى تحجيم سلوك الفرد االجتماعي و يعرضه للغضب و
العدوان أو االنسحاب و التجنب لتمسكه بهذه العبارات الحاسمة.
و يمكن أن نميز – في إطار المنحى المعرفي-عددا من العلماء البارزين الذين أسهموا في فهم و تفسير
و عالج األمراض النفسية و منهم:
*آرون بيك :Beckلم يكن بي ك راض يا عن التعقي دات الكث يرة و المف اهيم المج ردة لمدرس ة التحلي ل
النفسي.و قد أدى تشجيع بيك لمرضاه على القي ام بتحلي ل مع رفي ألفك ارهم ،إلى إع ادة ص ياغة مف اهيم
االكتئاب و القلق و المخاوف المرضية و اضطراب الوسواس القهري في صورة تحريفات معرفي ة .كم ا
أكد بيك على أن األساليب السلوكية لها فاعلية في عالج األمراض لكن ليس نتيج ة األس باب ال تي يب ديها
المعالجون السلوكيون؛ و إنما ألنها تؤدي إلى تغييرات اتجاهية أو معرفية لدى المرضى.و من هن ا أحس
بيك بأن النموذج المعرفي يق دم تفس يرا أبس ط و أق رب لمش كالت المرض ى عم ا تفعل ه نظري ة التحلي ل
النفسي أو نظرية العالج السلوكي التي ال تقدم تفسيرا ألنواع العصاب و الذهان كافة.
ليصيغ بيك نظرية متكاملة-فيما بعد -فسر على أساس ها ح دوث االض طرابات االنفعالي ة بص فة عام ة ،و
االكتئاب بوجه خاص في ضوء المعتقدات أو اآلراء السلبية التي يحملها المريض عن نفسه و عن الع الم
و المستقبل.إذ يرى بيك أن الخبرات التي يمر بها الشخص تستمد داللتها اليائسة أو المكتئب ة أ االنهزامي ة
من خالل التحامها بهذا األسلوب؛فتبني مثل هذا االعتقاد يؤدي إلى تشويه إدراك الواقع بش كل س لبي ،ثم
تأتي بعد ذلك االستجابة االنفعالية أو السلوكية اليائسة التي نسميها باالكتئ اب.و يؤك د بي ك ب أن المث يرات
يج رى تحليله ا و تفس يرها من خالل النظ ام المع رفي ال داخلي و ق د ينتج عن ع دم االتف اق بين النظ ام
الداخلي و المثيرات الخارجية وجود االضطرابات النفسية.فردود الفعل التي يستجيب بها الناس لكثير من
المواقف تكون متسقة مما يوحي بأن هذه االستجابات توجهها مجموعة من القواعد.و تش كل ه ذه القواع د
األساس الذي تنطلق منه تفسيرات األفراد و توقعاتهم و إرشاداتهم ألنفسهم.و أن القواع د تمث ل ج زءا من
التراث االجتماعي للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد،و بالت الي فإنه ا تكتس ب من خالل الخ برة الشخص ية و
مالحظة اآلخرين،و تساعد هذه القواعد (التي يمارسها المريض) في فهم السلوك غير المنطقي ،و ك ذلك
االستجابات االنفعالية الشاذة و عندما تكون ه ذه القواع د منفص لة عن الواق ع أو عن دما تس تخدم بطريق ة
عشوائية فإن من المتوقع أن ينتج عنها مشكالت نفسية شخصية أو مشكالت في العالقات.
كما يرى بيك أن الناس يستجيبون لألحداث انطالقا من المعاني التي يعطونها لها،وهذه االس تجابات تج اه
األحداث تؤدي إلى ردود فعل انفعالية متباينة للموقف الواح د ب اختالف األش خاص ،ب ل و من الش خص
الواحد في أوقات مختلفة.
ومنه اعتمد بيك في تفسيره لالكتئاب –كمثال-على ما يسمى بالثالثية المعرفية الس لبية ،أي ان الم ريض
يفسر الحاضر و الماضي و المستقبل بطريقة سلبية انهزامية،و يترك األحداث كلها ثابتة مليئ ة بالحرم ان
و المصاعب و الفشل و الدونية،و انه عديم القيمة و النفع و غير محبوب أو مرغوب فيه.
*سيلجمان :Seligmanوحسبه فالمكتئبون ال يعترفون بالتطابق بين س لوكهم و النت ائج في البيئ ة،بمع نى
آخر إنهم يشعرون بالعجز ألنهم ال يستطيعون السيطرة على األحداث في حي اتهم كم ا يعتق دون.و علي ه
قدم سيلجمان نموذجا يس مى "االس تعداد أو الجاهزي ة " ،و انتقد في ه نظري ات التعلم في تفس يرها لنش أة
المخاوف ،و خاصة تلك التي تستحدث في المعمل ألنه ا س هلة االنطف اء و تتم ع ادة بع د ع دة مح اوالت
بعكس المخاوف الحقيقة التي قد تحدث بعد خبرة صدمية واحدة ،و تكون مستمرة و تقاوم التغيير.
باإلضافة إلى أن النموذج األصلي للتشريط يرى أن أي منبه يمكن أن يكون شرطيا و مع ذلك فالمخ اوف
ترتب ط بمواق ف دون أخ رى.و في ه ذا الص دد أج رى م اك ن الي و أوهم ان ،دراس ات ل دعم اف تراض
سيلجمان ،و تبين بالفعل أن االستجابات الشرطية للمنبه ات المث يرة للخ وف أك ثر مقاوم ة لالنطف اء من
المثيرات غير المرتبطة بالخوف ،أي أنها مخاوف العقالنية في األساس.
*أل برت أليس :Ellisيع د رائ د العالج العقالني االنفع الي،و ه و ينتمي في إط اره الع ام إلى المنحى
المعرفي ،و تعرف نظريته في تفسير األمراض النفسية باسم . ABCو جوهرها أن الناس يعيش ون بق در
كب ير من االض طرابات ال تي تح دث لهم بن اءا على أس لوب تفك يرهم اله ازم لل ذات،و غ ير المنطقي ،و
خاصة بتبنيهم للتفضيالت و الرغبات و جعلها فروضا مطلقة و تعسفية على أنفسهم و على اآلخرين.
و ت رى النظري ة أن ك ل البش ر يفك رون بطريق ة افتراض ية اس تداللية ل ذلك يص ابون باالض طراب
االنفعالي ،و يحدث ذلك إما بسبب االفتراضات الخاطئة غير المنطقية التي يتبنونها حول أنفس هم و ح ول
اآلخرين أو باالختبار غير الواقعي لهذه االفتراضات.
و من ثم قدم أليس عددا من األفك ار أو المعتق دات الالمنطقي ة اعتبره ا هي المس ئولة عن االض طرابات
النفسية للبشر و هي:
-أفضل في كل هذه الحاالت الفك رة القائل ة أن ه" من الض روري أن يك ون اإلنس ان محبوب ا و مؤي دا من
الجمي ع فيم ا يق ول و يفع ل" ،ب دال من التأكي د على اح ترام ال ذات أو الحص ول على التأيي د أله داف
محددة(كالترقية في العمل مثال) أو تقديم الحب بدال من توقع الحب.
"-بعض الن اس يتص فون بالش ر و الوض اعة و الجبن و ل ذلك فهم يس تحقون أن يوج ه لهم الل وم و
العق اب":و ي رى أليس أن ه ذه الفك رة غ ير منطقي ة ألن ه ال يوج د معي ار مطل ق للص واب و
الخطأ.فالتصرفات الخاطئة أو غ ير األخالقي ة هي نتيج ة للغب اء و الجه ل أو االض طراب النفس ي،و ك ل
الناس معرضون للتردي و ارتكاب األخطاء.و التأنيب و العقاب ال يؤديان عادة إلى تحس ين الس لوك و ال
تقليل الغباء و ال تحسين الحالة النفسية؛بل على العكس ق د ت ؤدي إلى مزي د من االض طراب االنفع الي و
من ثم هناك أساليب أخرى للتعامل مع هذه المظاهر السلوكية.
" -ال بد أن يكون الفرد على درجة كبيرة من الكفاءة و المنافسة و االنجاز حتى يمكن اعتباره شخص ا
ذا أهمية " :و هذه الفكرة من المستحيل تحقيقها تماما.و إذا أصر الفرد على تحقيقها ،فإن ذل ك ينتج عن ه
اضطرابات نفسية،و شعور بالنقص و عدم القدرة على االستمتاع بالحياة الشخصية.كما يتولد لديه ش عور
دائم بالخوف من الفشل.أما الشخص الذي يفكر بشكل منطقي فإنه يفعل ذلك انطالق ا من مص لحته و ليس
من منطلق أن يصبح أفضل من اآلخرين.
"-إنها كارثة أو مأساة عندما ال تسير األشياء كما نشتهي لها أن تكون أو عندما ال تصبح األش ياء كم ا
نتوقع لها" :فكل إنسان يريد أن يرى أمنياته تتحقق و أن تسير األمور كم ا يري د ه و،لكن أليس ي رى أن
ذلك غير منطقي ،فمن ذا الذي يضمن ذلك أو من ذا الذي يستطيع ذل ك.فح دوث بعض األش ياء عكس م ا
توقعنا ليس بمأساة و ال كارثة و انه أمر طبيعي الن للكون سننا و للحياة نواميس و أقدار ال مف ر منه ا.و
بالتالي ال مفر من الشعور بالضيق أو بعض اإلحباط،و لكن من غ ير المنطقي االستس الم له ذا الض يق و
لهذا اإلحباط و الشعور بالحزن الشديد و االكتئاب المنهك للنفس و الجسد معا.
" -إن الشقاء و التعاسة تنتج عن ظروف خارجية ال يستطيع الفرد التحكم فيها" :فإذا قبلنا التفكير بهذه
الطريقة فكأنما أصبنا بالعجز المتعلم -كما يرى سيلجمان -ألننا نعتقد أنن ا فق دنا الس يطرة على األح داث
التي حولنا بالكامل،و ما علينا إال االستس الم.لكن هن ا ي ري أليس أن ذل ك غ ير منطقي ،فاإلنس ان يمل ك
الكثير من مصيره و هو قادر على اتخاذ قراراته في كثير من ش ؤون حيات ه.و أن التفك ير به ذه الطريق ة
يدعو إلى التواكل و السلبية و قد يؤدي إلى االضطراب و عدم تحمل المسؤولية.و يك ون االض طراب في
هذه الحالة نتيجة لإلدراكات غير الواقعية المشوهة.
"-إنه شيء طبيعي أن يشعر اإلنسان بالقلق و التوتر عندما تحدث أشياء خطيرة أو سيئة" :و هو م ا
يحدث بالفعل لدى غالبية الناس لذلك فهو أمر منطقي.غير أننا لو أمعنا النظر في الفكرة لوجدنا أنها تب دو
غ ير منطقي ة على األق ل بالنس بة للمترتب ات ال تي ت ترتب عليه ا.فه ذه الفك رة تح ول بينن ا و بين التق ويم
الموضوعي للخطر المحتمل،و تؤثر على تعاملنا الفعال مع الخطر حال وقوعه ،ب ل ربم ا أدت إلى تف اقم
هذا الخطر و تعاظم آثاره .كما أنه ال يمنع وقوع األحداث القدري ة الحتمي ة(كالوف اة مثال) ،ب ل إن ه يجع ل
كثيرا من األحداث المخيفة تبدو أكثر مما هي عليه.
فالشخص المتعقل يدرك أن األخطار المحتمل حدوثها ليست دائما الصورة المفجعة ،و أن القل ق ليس ه و
الحل الصحيح ألنه قد يزي د من آثاره ا،ب ل ربم ا ك ان ه ذا القل ق ه و المص در الحقيقي للخط ر و ليس ت
األح داث ال تي س تقع أو وقعت ،و إذا ح اول الف رد خفض قلق ه إزاء ه ذه الح وادث لت بين ل ه أنه ا ليس ت
بالبشاعة التي كان يعتقدها.
"-من األسهل أن نتفادى بعض الص عوبات و المس ؤوليات الشخص ية من أن نواجهه ا" :فه ذه الفك رة
تبدو أقرب إلى الحي ل الدفاعي ة –بلغ ة فروي د،-و ه ذا ال يح ل المش كالت و ال ي ذلل الص عوبات.فكم من
المصاعب تفاقمت عندما تركناها و تجاهلناها .إن مواجهة المشكالت منذ البداية هي األسلوب الس ليم في
التعامل معها.و األشخاص األذكياء هم الذين يستطيعون تفادي المش كالت غ ير الض رورية ب ذكاء ليقلل وا
من معاناتهم و يوفروا جهودهم.و منه فالبحث عن حلول للمش اكل و تحم ل المس ؤولية و النج اح في ح ل
هذه المشكالت يولد شعورا بالثقة بالنفس و السعادة و المتعة.
"-ينبغي على الفرد أن يكون مستندا على آخرين ،و أن يكون هناك شخص أقوى منه يستند عليه" :قد
يكون ذلك منطقيا تماما بالنسبة لطفل ص غير و منطقي إلى ح د م ا بالنس بة لمراه ق و لكن ه ليس بمنطقي
لراشد عاقل.فنحن ننشئ أوالدن ا على االس تقالل و االعتم اد على النفس م ع جع ل الب اب موارب ا-أحيان ا-
لالستشارة و طلب النصيحة.لكن ه ذا ال يع ني أن نس رف في االعتم اد على اآلخ رين ،خاص ة من نعتق د
أنهم أقوياء ألن ذلك يقلل فرص التعلم و الخبرة و يجعلنا دائما تحت رحمة هؤالء المساندين،و ق د يح دث
االضطراب عندما يتخلى عنا هؤالء األقوياء أو عندما يختفون لسبب أو ألخر.
" -إن الخبرات و األحداث المتصلة بالماضي هي المحددات األساسية للسلوك في الوقت الحاضر و إن
تأثير الماضي ال يمكن استبعاده" :ال نستطيع إنكار الماضي أو تجاهله تماما،و لكن من غير المنطقي أن
نعيش أسرى ذلك الماضي و أن نجعل من الماضي شماعة نعلق عليه ا كس لنا و ع دم رغبتن ا في تط وير
أنفسنا و تغيير سلوكنا.فالشخص المتعقل و الم تزن نفس يا ه و ال ذي ال ينك ر الماض ي و لكن ال ي رى في
الماضي قيدا له أو حاكما لسلوكه في الوقت الحاضر ،و إال لما استطاع أن يجلب لنفسه نفع ا أو ي درأ عن
نفسه خطرا و ضررا.
"-من الواجب أن يشعر اإلنس ان بالتعاس ة و الح زن عن دما يش عر اآلخ رون ب ذلك أو عن دما تص يبهم
كارثة" :فرغم أن جانبا من هذه الفكرة يبدو منطقيا على خلفية التعاطف اإلنساني و المشاعر اإلنسانية و
المش اركة الوجداني ة؛ف إن أليس يراه ا غ ير منطقي ة ألن ذل ك ي ؤثر على إدراك ه للموق ف و على تق ديره
لمعاناة اآلخرين و ألمهم و هو ما ق د يعوق ه عن مس اعدتهم .و مث ال ذلك :إذا م ا اس تنجد بي ج اري ألن
زوجته فقدت الوعي و تأثرت بشدة لهذه الحالة و أصبت مثله بالهلع و الفزع لما هداني تفكيري إلى حسن
التصرف و طلب اإلسعاف مثال.فالتعاطف مع اآلخرين شئ مطلوب لكن جعل مس افة معين ة في مش اعر
الحزن نحوهم أفيد لهم ألنه يمكننا من حسن التصرف.
"-هناك دائما حل صحيح أو كام ل لك ل مش كلة،و يجب أن نبحث عن ه ذا الح ل لكي ال تص بح النت ائج
مؤلمة" :فوجود مثل هذا الحل الكامل أمر غير منطقي ،و اإلصرار على الوصول إليه أمر غير منطقي
أيضا ؛ألن عدم الوصول إلي ه معن اه اإلحس اس بالفش ل و اإلحب اط و الح زن و االكتئ اب.ف المنطقي ه و
التصور بأن هناك عدة حلول لكل مشكلة ،لكن لكل حل مميزاته و عيوبه و علينا من ثم أن نخت ار أفض ل
هذه الحلول أو أقلها عيوبا ،و ذلك عمال بالمثل الشائع " ماال يدرك كله ال يترك جله".
"-إن السعادة البشرية و النجاح أشياء يمكن الوصول إليها دون جهد" :إن عدم منطقية الفكرة الس ابقة
ال تحتاج لعناء إلثباتها ،ففاتورة السعادة و النجاح ال بد أن تدفع عمال وجدا و عرقا و إخالصا.حتى تكون
هذه السعادة حقيقية و يكون النجاح ممتعا.فالنجاح و السعادة اللذان يأتيان بسهولة ال طعم لهما و زوالهم ا
أمر وارد و من ثم قد يكون البديل هو الشعور بالتعاسة و الحزن.
"-إن هناك مصدرا واحدا للسعادة و إنها لكارثة لو أغلق هذا المص در" :ولكن مص ادر الس عادة عدي دة
في حياة كل فرد،فهي من المرونة بحيث تتغير من آن آلخر بحيث يظل منبع السعادة مستمرا متدفقا.فلكل
واحد منا في هذه الحياة مصادر عدة للسعادة فهي ال تقف عند مصدر واحد.
و إجماال يرى أليس أن هذه األفكار الالمنطقية هي المسئولة عن كثير من االضطرابات التي يصاب به ا
البشر و أن عالجهم يجب أن يبدأ من تغيير هذه األفكار و تعديلها.
تقويم النظرية المعرفية:أغفل هذا المنحى إلى حد ما دور المح ددات األخ رى كالعوام ل الفيس يولوجية و
البيئية في تفسير األمراض النفسية .كم ان ه يتص ور اإلنس ان ك أقرب إلى الحاس ب اآللي و من ثم يض في
عليه قدرا من العجز و عدم المرونة.كما هذه النظرية ال تقدم لنا إجاب ات واض حة و ش افية ح ول لم اذا و
كيف تحدث أخطاء التفكير المؤدية إلى االضطراب النفسي.
ثالثا :النظرية العيادية( االكلينيكية/السريرية) كنموذج نظري في تفس ير
الصحة و المرض:
إن المعيار اإلكلينيكي يأخذ صورة متعددة وأسماء مختلف ة فه و ت ارة يح دد الالس واء أو االض طرابات أو
األمراض النفسية في ضوء المفاهيم الطبية والبيولوجي ة ,وينظ ر إلى الالس واء في ض وء فك رة البق اء ؛
وتارة ثانية يركز على األعراض المرضية أو تجمعات هذه األعراض ؛ وت ارة ثالث ة ي رى أن الش خص
الشاذ هو الشخص الذي يحصل على بطاقة تشخيصية
انبثقت ه ذه النظري ة من تخص ص علم النفس الس ريري (أو علم النفس اإلكلي نيكي) ه و ذل ك العلم ال ذي
يدمج بين العلوم والنظريات والمعرف ة الس ريرية به دف فهم طبيع ة القل ق والض غوط واالض طرابات أو
األمراض النفس ية والخل ل ال وظيفي الن اتج عنه ا ومحاول ة التخفي ف من ح دتها والتغلب عليه ا من خالل
الفحص والتشخيص والعالج ،كما أنه يهدف إلى تعزيز السعادة الذاتية لدى الفرد مما يحقق له التقدم على
المستوى الشخصي .وعالو ًة على ذلك ،فإنه يركز بص ورة أساس ية على ك ل من التق ييم النفس ي والعالج
النفسي والدوائي في الممارسة العملية "النفس الطبي".
في كث ير من ال دول ،يعت بر علم النفس الس ريري العم ود الفق ري في العل وم النفس ية ،ومن المهن الطبي ة
المعنية بالصحة النفسية المعتمدة والمهمة ،والتي يحكمها عدد من القواعد والق وانين والمع ايير الدولية .و
أول من نادى بهذا االتجاه –و هو مالمح بداية ظهور النظرية العيادية -في معالجة األمراض النفسية ه و
العالم اليتنر ويتمر حيث أسس أول مجلة علمية متخصصة في هذا المج ال الجدي د؛ وأس ماها مجلة The
،Psychological Clinicحيث طرح مصطلح "علم النفس اإلكلينيكي" وعرَّ فه بأنه" :العلم الذي ُيع نى
بدراسة األفراد عن طريق المالحظة أو التجربة بهدف تعزيز التغيير في حياة الفرد".
بعدها بفترات زمنية الحق ة اس تطاع األخص ائيون النفس يون اإلكلي نيكيون تق ديم مجموع ة من الخ دمات
المتخصصة في مجال علم النفس اإلكلينيكي ،ومنها ما يلي:
و عن األدوات ال تي يعتم دها ه ذا المج ال نج د :التق ييم النفسي ال ذي يع د مج االً مه ًم ا يم د العدي د من
األخصائيين النفسيين اإلكلينيكيين بمزيد من الخ برة والمعرف ة .وع اد ًة م ا يتم إج راء ه ذا التق ييم النفس ي
بهدف المساعدة في تشكيل افتراض ات ح ول االض طرابات النفس ية أو المش كالت الس لوكية .و على ه ذا
النحو ،عاد ًة ما تستخدم نتائج هذه التقييمات من أجل التوصل آلراء وأفكار عامة عن الحالة (وليس بهدف
التشخيص) وذلك للمساعدة في تكوين خط ة العالج .وهن اك أس اليب أخ رى تش مل االختب ارات الرس مية
والمقابالت ومراجعة النتائج السابقة وتقييمه ا والمالحظ ة الس ريرية و الفحص اإلكلي نيكي .ه ذا ،ويوج د
مئات من أساليب التقييم المختلفة على الرغم من أن هناك عد ًدا قليالً فحسب من االختبارات النفس ية ال تي
قد ثبت أنها تتضمن قدرً ا عال ًي ا من الص دق (أي أن االختب ار يقيس فعالً م ا يف ترض أن يقيس ه) والثب ات
(اتساق معايير القي اس نفس ها) .وبص فة عام ة،تن درج ه ذه المق اييس ض من أح د التص نيفات المختلف ة
التالية:
أ-اختبارات الذكاء واختب ارات التحص يل الدراسي - :تقيس ه ذه االختب ارات مس تويات مح ددة من األداء
المع رفي واإلدراكي للف رد (وغال ًب ا م ا يُطل ق عليه ا اختب ار ال ذكاء ) IQوذل ك مقارن ًة بمس تويات أداء
المجموع ة المعياري ة .وتس اعد ه ذه االختب ارات ،مث ل اختب ار وكس لر لقي اس ذك اء األطف ال WISC-IV
(الطبعة الرابعة) ،في قياس سمات وخصائص الف رد مث ل المعرف ة العام ة والمه ارات اللفظي ة وال ذاكرة
ودرج ة االنتب اه والتفك ير المنطقي واإلدراك المك اني والبص ري .فق د اس تطاعت العدي د من االختب ارات
ً
وخاصة على المستوى الدراسي. التنبؤ بأدق مستويات األداء بصورة محددة،
ب-اختب ارات الشخص ية :ته دف اختب ارات الشخص ية إلى وص ف أنم اط الس لوك واألفك ار و المش اعر
المميزة للفرد .وتندرج هذه االختبارات عمومًا ضمن فئ تين :هم ا االختب ارات الموض وعية واالختب ارات
اإلسقاطية لقياس وتقييم الشخصية .وتعتمد االختبارات الموضوعية ،مثل اختبار مينيسوتا متع دد األوج ه
لقياس الشخصية (اختبار MMPIمتعدد األوجه) ،على إجابات محددة -مث ل اإلجاب ة بنعم/ال أو أس لوب
صح/خط أ أو اس تخدام مقي اس لتق دير ال درجات -وال ذي يس مح بحس اب ال درجات ال تي يمكن مقارنته ا
بدرجات المجموعة المعيارية .أم ا االختب ارات اإلس قاطية ،مث ل اختب ار رورش اخ -أو م ا يع رف باس م
اختبار نقاط ال ِحبْر ،فتسمح للفرد بإجابات مفتوحة وغالبًا ما تعتم د على المث يرات الغامض ة مم ا ي تيح ل ه
الكشف عن نفسه وعن حالته النفسية وعملياته الالشعورية.
ً
خصيص ا لقي اس ص ممتج-االختبارات النفسية العصبية :تتكون االختبارات النفسية العص بية من مه ام ُ
الوظائف النفسية التي يُعرف أنها ترتبط بمسار معين أو ببنية معين ة في ال دماغ .ذل ك ،حيث يتم اس تخدام
هذه االختبارات في تقييم القصور أو العجز الناتج عن إصابة أو مرض والمعروف بتأثيره على الوظائف
المعرفي ة والعص بية ،أو عن دما يتم اس تخدامها في البحث ،لمقارن ة الق درات النفس ية والعص بية داخ ل
المجموعات التجريبية.
ي-بعد إجراء التقييم النفسي ،يقدم األخصائي النفسي السريري غال ًبا الرأي التشخيصي عن الحالة.
فالتش خيص في علم النفس اإلكلي نيكي والطب النفس ي يع ني تق ويم خص ائص الف رد من حيث قدرات ه،
وسماته و أعراض ه المرض ية مبين ا ً األس باب المباش رة لالض طراب .و يش ير التش خيص في علم النفس
المرضي إلى تصنيف المعلوم ات المتعلق ة بالحال ة الس لوكية واالنفعالي ة للش خص والتحدي د الت الي ل ذلك
( باالسم /البطاقة ).
ال يسعى بعض األخصائيين النفسيين اإلكلينيكيين إلى التشخيص ،ولكن بدالً من ذل ك يميل ون إلى دراس ة
الحالة اإلكلينيكية للمريض واإللمام بكل الصعوبات التي تواجه ه ومحاول ة معرف ة العوام ل ال تي ك انت
سب ًبا في تعرضه للضغوط النفسية وتلك التي ال تزال تصاحبه؛و ه و المب دأ األساس ي ال ذي تق وم علي ه
المقاربة العيادية.
يتضمن العالج النفسي العالقة األساسية التي توجد بين األخصائي النفسي والم ريض -س واء ك ان ف ً
ردا
أو زوجين أو أسرة أو مجموعة صغيرة -مما يساعد في تفعيل مجموعة من اإلجراءات ال تي ته دف إلى
تشكيل التوافق العالجي والكشف عن طبيعة المش كالت واالض طرابات النفس ية ال تي يع اني منه ا الف رد
وتشجيعه على انتهاج طرق جديدة في التفكير أو الشعور أو السلوك.
فعلى سبيل المثال ،قد يستخدم طبيب العالج السلوكي المعرفي :أوراق عمل لتسجيل حاالت اإلدراك ال تي
أدت إلى الشعور بالقلق والضيق .وقد يشجع المحل ل النفسي :اس تخدام أس لوب الت داعي الحر ،بينم ا ق د
يركز األخصائي النفسي المدرب على استخدام أس اليب الجش طالت على التفاع ل المباش ر بين الم ريض
والمعالج النفسي.
وعلى وجه العم وم ،يس عى األخص ائيون النفس يون اإلكلي نيكيون جاه دين إلى جع ل أعم الهم تس تند إلى
األدلة البحثية ونتائج الدراسات باإلض افة إلى آراء علم اء النفس اإلكلينيك يين ذوي الخ برة .وعلى ال رغم
من وجود عشرات من أساليب العالج النفسي المعترف بها في كثير من األحيان ،فغالبًا ما يمكن تص نيف
الفروق واالختالفات ال تي توج د فيم ا بينه ا من خالل بع دين هم ا االستبص ار في مقابل توجي ه الس لوك
والعالج داخل الجلسة في مقابل العالج خارج الجلسة.و التي يمكن تفصيلها كالتالي:
أ-االستبص ار :يُقص د ب ه الترك يز على الفهم العمي ق لطبيع ة ال دوافع الداخلي ة ال تي تث ير أفك ار الف رد
ومشاعره.
ب -توجيه السلوك :ينص ب الترك يز على تغي ير طريق ة الف رد في التفك ير والس لوك (على س بيل المث ال
العالج الموجه إليجاد حلول للمشكالت والعالج السلوكي المعرفي).
ج-العالج داخ ل الجلس ة :يرك ز الت دخل العالجي على أهمي ة التفاع ل المباش ر والف وري بين الم ريض
والمعالج النفسي أثناء جلسة العالج (على سبيل المثال ،العالج اإلنساني وعالج الجشطالت).
د-العالج خارج الجلسة :يعتمد جزء كبير من أسلوب العالج هنا على ما يتم تطبيق ه خ ارج جلس ة العالج
النفسي (على سبيل المثال ،العالج بالقراءة والعالج السلوكي االنفعالي العقالني).
أيض ا األس اليب المس تخدمة في العالج النفس ي حس ب ع دد األف راد ال ذين يتموعالو ًة على ذلك ،تختلف ً
عالجهم وكذلك وف ًقا لطبيعة المشكلة التي يتم التعامل معها .فمثالً ،يختلف العالج النفسي إلى حد كبير في
بين كل حالة وأخرى ،فعالج طفل تعرض لصدمة نفسية يختلف عن عالج فرد ب الغ يع اني من االكتئ اب
عال من األداء ،كما أن األشخاص الذين تم شفاؤهم من إدم ان العق اقير أو الح االت ولكنه يتميز بمستوى ٍ
ضا .وهن اك عوام ل أخ رى تلعب دورً ا حيو ًي ا فيالتي تعاني من أوهام مرعبة لها عالج نفسي مختلف أي ً
عملية العالج النفسي تشمل بيئة الفرد وثقافت ه وعم ره ووظائف ه اإلدراكي ة والمعرفي ة ودوافع ه ،ه ذا إلى
جانب م دة العالج النفس ي (بمع نى م ا إذا ك ان عالجً ا نفس يًا قص ير األم د أو طوي ل األم د).و على ه ذا
األساس ظهرت 04مدارس رئيسية في علم النفس السريري و تتجلى في:
لقد تطور المنظور النفس ي ال ديناميكي نتيج ًة لتط ور التحلي ل النفس ي ال ذي قدم ه ع الم النفس س يجموند
علم تام
فرويد .ويتمثل الهدف األساسي من التحليل النفسي في جعل الالوعي واعيًا -أي جعل الفرد على ٍ
بدوافع الالواعي المكبوتة لديه (وبالتحديد الدوافع األساسية التي تتعلق بالجنس والع دوان) وآلي ات ال دفاع
المختلفة التي يس تخدمها للس يطرة على ك ل م ا يش عر ب ه .وتتض من األس اليب األساس ية لعملي ة التحلي ل
النفسي استخدام أسلوب التداعي الحر وأس لوب التحوي ل ال ذي ينتهج ه الم ريض تج اه المع الج النفس ي -
ويُعرف هذا األسلوب بميل الفرد المريض للتعبير عن آرائه أو مواقف ه أو انفعاالت ه الداخلي ة ال تي ترتب ط
بشخص مهم في حياته (كاألب مثالً) وتحويلها تجاه شخص آخر؛ وغالبًا م ا يك ون المع الج النفس ي ال ذي
يقوم بدوره بتفسيرها .وهناك نظريات أخرى حديثة ظهرت بصورة مختلف ة عن أس اليب التحلي ل النفس ي
ال تي اتبعه ا فروي د ومنه ا؛ علم نفس ال ذات وعلم نفس األن ا ونظري ة العالق ة بالموض وع .وتن درج ه ذه
االتجاه ات الفكري ة العام ة اآلن تحت مظل ة المص طلح الش امل علم النفس ال ديناميكي ال ذي يبحث
موضوعات عامة؛ منها تفسير المعالج النفس ي ألس لوب التحوي ل وآلي ات ال دفاع ال تي ينتهجه ا الم ريض
وإدراك قوى الالوعي لديه واالهتمام بمعرفة كيف أن التطورات التي حدثت في مرحلة طفول ة الف رد ق د
ساهمت في تشكيل حالته النفسية الحالية.
لق د تط ور علم النفس اإلنس اني في ف ترة الخمس ينيات من الق رن العش رين ك رد فع ل لظه ور ك ل من
المدرسة السلوكية والتحليل النفسي ،ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى أسلوب العالج النفسي المتمرك ز ح ول
المريض الذي وضعه كارل روجرز (والذي غالبًا ما يشار إليه باسم عالج روجرز) وعلم النفس الوجودي
الذي نشأ وتطور على يد كل من فيكتور فرانكل و رولو ماي.
كان "روجرز" يؤمن بأن الم ريض يحت اج إلى ثالث ة أم ور فحس ب من الط بيب النفس ي المع الج ل ه لكي
يتمكن من التحسن العالجي -وتتمثل تلك األمور في؛ أوالً ،التواف ق واالنس جام والقب ول ،وثان ًي ا ،التق دير
اإليجابي غير المشروط ،وأخيرً ا ،التفهُّم والتعاطف مع ما يقوله الم ريض .واس تنا ًدا إلى مف اهيم المدرس ة
الظواهرية (التي تعتمد على فلسفة دراسة الظواهر أو ما يُعرف باس م الفينومينولوجي ا) والذاتي ة المتبادل ة
(أي العالقة بين الذات والذات) وصيغ المتكلم التي تعبر عن األنا والذات ،حاول االتجاه اإلنساني في علم
النفس إلق اء الض وء على اإلنس ان كك ل وليس على مج رد ج وانب من شخص يته .ويرتب ط ه ذا الج انب
الشمولي بهدف آخ ر من أه داف العالج النفس ي اإلنس اني في علم النفس اإلكلي نيكي؛ األم ر ال ذي يحق ق
التكامل للفرد ككل ،وهذا ما يُطلق علي ه تحقي ق ال ذات .ووف ًق ا لالتج اه اإلنس اني،يتمت ع ك ل ف رد بقدرات ه
وإمكاناته وموارده الخاصة التي تساعده في بناء شخصية قوية والتأكيد على أهمية مفهوم ال ذات .وتتمث ل
مهمة أخصائي علم النفس اإلنساني في مساعدة الفرد في االستفادة من ه ذه الم وارد وتس خيرها لص الحه
وذلك من خالل العالقة العالجية التي تنشأ بينه وبين المريض.
نشأ العالج الس لوكي المع رفي نتيج ًة للجم ع بين العالج المع رفي والعالج الس لوكي االنفع الي العقالني،
الذين اس ُتمدا من علم النفس المعرفي والمدرسة السلوكية .ويعتمد العالج السلوكي المع رفي على النظري ة
التي توضح مدى ارتباط كل من أفكارنا (المعرفة) ومش اعرنا (العاطف ة) وس لوكياتنا (الس لوك) ببعض ها
ومدى تفاعلها معً ا في صور معقدة .ومن خالل هذا المنظور يتضح أن هن اك أس اليب مح ددة يك ون فيه ا
خلل أو اضطراب في تفسير العالم أو تقييم ه (ويب دو ذل ك غال ًب ا من خالل الخط ط أو المعتق دات الس لبية
الخاطئة التي يتبناها الفرد) يمكن أن تؤدي إلى معاناة هذا الف رد من الض غوط واالض طرابات النفس ية أو
المش كالت الس لوكية .ويتمث ل اله دف من معظم أس اليب العالج المع رفي الس لوكي في اكتش اف وتحدي د
اضطرابات التفاعل أو التواصل وذلك من خالل الطرق المنهجي ة المختلف ة ال تي يتبعه ا المع الج النفس ي
لمساعدة المريض في التغلب على ه ذه االض طرابات النفس ية وتجاوزه ا والحيلول ة دون ح دوثها ليعيش
حياة س عيدة وآمن ة .هن اك العدي د من األس اليب الحديث ة المس تخدمة في العالج الس لوكي المع رفي ،مث ل
أس لوب تقلي ل الحساس ية الت دريجي وأس لوب ط رح األس ئلة الس قراطي واالحتف اظ بس جل المالحظ ات
المعرفية الخاص بالمريض .لقد تطورت أيضًا األس اليب المس تخدمة في تع ديل الس لوك اإلنس اني وال تي
يتضمنها العالج السلوكي المع رفي ،ومن بينه ا العالج الس لوكي الج دلي والعالج المع رفي المعتم د على
التنبيه الذهني.
من ناحية أخرى ،يعد العالج السلوكي أحد المجاالت الغنية بالبحث .ذلك ،حيث يعد من المجاالت البحثي ة
التي القت إقباالً كبيرً ا من الب احثين النفس يين ،كم ا أن ه يحظى بقاع دة عريض ة من الدراس ات واألعم ال
البحثية .هذا ،وترجع أص وله إلى مف اهيم ومب ادئ المدرس ة الس لوكية .ووف ًق ا للعالج الس لوكي ،يمكن أن
تنبئ األحداث والظواهر البيئية عن الطريقة التي نفكر ونشعر بها .إن س لوكنا يح دد ش روط م دى تأثرن ا
بالظروف والبيئة المحيطة بنا والتي يتم تقييمنا وف ًقا لها .وفي بعض األحيان ،يدفع هذا التقييم الس لوك إلى
زيادة تعزيز الذات ،وفي أحيان أخرى يقلل السلوك من العقاب .وغالبًا م ا يس تدعي األم ر من أخص ائيي
العالج السلوكي إجراء تحليل السلوك التطبيقي .لق د ق اموا بدراس ة العدي د من الج وانب ب دءًا من عوام ل
تأخر النم و ووص والً إلى االكتئ اب واض طرابات القل ق .وفيم ا يتعل ق بمج ال الص حة النفس ية وح االت
اإلدم انُ ،ن ِش ر مق ال م ؤخرً ا في القائم ة التابع ة لجمعي ة علم النفس األمريكي ة يحت وي على ع دد من
الممارسات العملية الواعدة والمنظمة جي ًدا في هذا الص دد ووُ ِج د أن هن اك ع د ًدا ه ائالً منه ا يعتم د على
مبادئ االشتراط اإلجرائي والسلوك االستجابي .هذا ،وقد ظهرت أس اليب التق ييم المتع ددة من خالل ه ذا
المنهج ،ومن بينها التحليل الوظيفي (علم النفس) ،مما أدى إلى وجود اهتمام بالغ بنظام التعليم المدرس ي.
أيض ا نتيج ًة له ذا المنهج
وعالو ًة على ذلك ،فهناك برامج التدخل العالجي متعددة المحاور التي قد نشأت ً
السلوكي المعرفي ،ومن بينها طريقة تعزيز المجتمع لعالج المشكالت المرتبطة بح االت اإلدم ان وعالج
التقب ل واالل تزام والعالج النفس ي التحليلي ال وظيفي ،بم ا في ذل ك العالج الس لوكي الج دلي والتنش يط
السلوكي .وباإلضافة إلى ذلك ،فهناك أساليب عالجية حديثة محددة قد استندت في نشأتها إلى هذا المنهج،
مثل التعامل مع حاالت الطوارئ والعالج بالتعرض للمخاوف النفسية.
-1جمعة سيد يوسف:النظريات الحديث ة في تفس ير األم راض النفس ية-مراجع ة نقدية،-دار
غريب للطباعة و النشر و التوزيع،القاهرة.2001،
-2ح افري زهي ة غني ة ":مطبوع ة ال دعم البي داغوجي في مقي اس علم النفس
المرضي"،موجهة لطلبة الس نة الثاني ة ليس انس علم النفس؛جامع ة س طيف،-2-كلي ة العل وم
اإلنسانية و االجتماعية ،قسم علم النفس و علوم التربية و األرطفونيا.2015/2016،