You are on page 1of 21

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬

‫جامعة باجي مختار‪-‬عنابة‪-‬‬

‫كلية اآلداب و العلوم اإلنسانية و االجتماعية‬

‫قسم علم االجتماع‬

‫محاضرات مقياس‪:‬علم النفس الصحي‬

‫تخصص‪:‬علم االجتماع الصحة‬

‫السنة األولى ماستير‬

‫السداسي الثاني‪/‬‬

‫السنة الجامعية‪2020/2021:‬‬

‫أستاذة المقياس‪:‬د‪.‬زيتوني عائشة بية‪ /‬أستاذ محاضر‪-‬أ‪ /-‬قسم علم االجتماع‬

‫المحاضرة الخامسة‪ :‬بعض النماذج النظرية و التفسيرية للصحة و‬

‫المرض‪:‬النظرية السلوكية‪-‬النظرية المعرفية‪ -‬النظرية العيادية‪.‬‬


‫المحاض رة الخامس ة‪ :‬بعض النم اذج النظري ة و التفس يرية للص حة و‬
‫المرض‪:‬النظرية السلوكية‪-‬النظرية المعرفية‪ -‬النظرية العيادية‪:‬‬

‫تمهيد‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬النظرية السلوكية كنموذج نظري في تفسير الصحة و المرض‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬النظرية المعرفية كنموذج نظري في تفسير الصحة و المرض‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬النظرية العيادية كنموذج نظري في تفسير الصحة و المرض‪.‬‬


‫تمهيد‪:‬‬

‫يمثل االضطراب النفسي مشكلة صحية جسيمة‪،‬حيث يعاني حوالي ‪ ٪30‬من السكان من اضطراب نفسي‬
‫قابل للتشخيص و قابل لالرتفاع في معدالته‪.‬و تشير التقديرات إلى أن ثالثين من كل مئة س وف يع انون‬
‫من اضطراب نفسي في فترة ما من حياتهم ‪.‬كما أن ‪ ٪40‬من المرض ى الم ترددين على األطب اء بغض‬
‫النظر عن تخصصات هؤالء األطباء يعانون من أعراض‪/‬ام راض عض وية ناجم ة عن مش اكل نفس ية‬
‫كآالم الرأس و الظهر و اضطرابات الدورة الدموية و القلب و غيرها‪.‬‬

‫و تش ير األبح اث و التوقع ات المس تقبلية إلى احتم ال زي ادة االض طرابات النفس ية و العقلي ة في الق رن‬
‫الحادي و العشرين و خاصة القلق و االكتئاب و االعتماد على المواد النفسية نظرا لكروب الحض ارة و‬
‫سرعة إيقاع الحياة و األنانية المفرطة و تقلص روح الجماعة و أزم ة الهوي ة اإلنس انية و اه تزاز نزع ة‬
‫اإليمان و محاولة اإلنسان المستمرة للهروب من هذا الخضم من الضغوط و الكروب‪.‬‬

‫و في هذا المقام يرى بيير أن مفهوم االضطراب النفسي يتميز بما يلي‪:‬‬

‫كل المعتقدات الالمنطقية التي ترتب ط باإلص ابة أو الص دمة و تش مل االس تجابات الدفاعي ة و‬ ‫أ‪-‬‬
‫التعويضية التي تنتظم حول هذه المعتقدات‪.‬‬
‫االستجابات غير التكيفية للتهديد‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫ج‪ -‬المظاهر المتصلة باألعراض و األداء التكيفي المضطرب و يمكن النظر إلى أي اض طراب نفس ي‬
‫على أن ه نم ط من األع راض الس لوكية أو النفس ية ال تي تح دث ل دى الف رد و ترتب ط بنكس ة أو ك رب‬
‫حاضر(عرض و مؤلم) أو العجز ( الخلل في واحد و أكثر من المجاالت الهامة لألداء) أو زيادة جوهرية‬
‫في خطر التعرض للوف اة و األلم و العج ز أو فق دان ه ام للحري ة‪.‬و يمكن تعريف ه أيض ا بأن ه أنم اط من‬
‫االنفعال و التفكير و الفعل تبدو مرضية أو مض طربة لس بب أو أك ثر من األس باب الذاتي ة و هي‪:‬انته اك‬
‫المعايير و التعاسة الشخصية ‪ ،‬و العجز و عدم الكفاءة و عدم التوقع ‪...‬إلخ‪.‬‬

‫و من هذا المنطلق ف إن اآلراء و االتجاه ات ال تي فس رت االض طرابات النفس ية و الس لوك الش اذ ع بر‬
‫الت اريخ ارتبطت بم دى التط ور الثق افي و العلمي الع ام و الفلس فة االجتماعي ة الخاص ة‪.‬و إذا ك ان‬
‫الكث يرون يحل و لهم أن يطلق وا على العص ر الح الي اس م "عص ر القل ق" ف إن ذل ك ال يع ني أن‬
‫االضطرابات النفسية وليدة اليوم ‪ ،‬و ال أن القلق هو المسبب الوحيد لها ‪،‬و لعل االختالف بين الماض ي‬
‫و الحاض ر ينحص ر في أس باب االض طرابات النفس ية و قيمته ا ‪،‬على أس اس أن الكش ف عن األس باب‬
‫يخضع لتطور علمي مطرد‪.‬‬
‫و لقد عرف الباحثون العلماء و الممارسون الكثير عن أسباب و عالج االضطرابات النفسية ‪،‬و مع ذل ك‬
‫ما تزال هناك فجوة كبيرة بين ما نعرفه و ما ينبغي أن نعرفه عن االض طراب النفس ي‪.‬و يوج د بالفع ل‬
‫عدة مناحي لفهم و تفسير االضطرابات النفسية ‪،‬بعض ها حظي ب القبول و المتابع ة و التمحيص ‪ ،‬بينم ا‬
‫كان حظ البعض اآلخر دون ذلك‪.‬و س وف نتع رض فيم ا يلي لرؤي ة و تفس ير ع دد من ه ذه المقارب ات‬
‫للصحة و للمرض النفسي و التي تتجلى في‪ :‬المنحى السلوكي –المنحى المعرفي‪-‬المنحى العيادي ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬النظرية السلوكية كنموذج نظري في تفسير الصحة و المرض‪:‬‬

‫ج اءت المقارب ة الس لوكية ك رد على التحلي ل النفس ي ‪ ،‬وك انت ترك ز على الدراس ة المعمق ة والمفص لة‬
‫والوصفية والكمية للسلوكات القابل ة للمالحظة‪.‬و يتب نى المنحى الس لوكي في األم راض النفس ية منظ ورا‬
‫مختلفا عن المناحي البيولوجية و السيكودينامية‪.‬‬

‫إذ تؤكد النماذج السلوكية على أن كالَ من أنماط السلوك الس وية والش اذة يتم اكتس ابها من خالل التعلم ‪.‬و‬
‫تعت بر أن األع راض (الس لوكيات ال تي تنجم عن الم رض) هي في ح د ذاته ا االض طراب ‪،‬و أن ه ذه‬
‫األعراض تتم من خالل عملية تعلم أو تشريط كتلك التي نتعلم بها السلوك السوي‪.‬و ألنها ضارة و غ ير‬
‫مفيدة فإنها توص ف بأنه ا اس تجابات متعلم ة غ ير تكيفية‪.‬و ين درج تحت ه ذه المقارب ة أو المنحى ع دة‬
‫مناحي فرعية لعل أبرزها‪:‬‬

‫‪-‬أ‪ -‬التشريط الكالسيكي‪:‬و أول معالجة علمية لدور التشريط في المش كالت الس لوكية تع ود إلى التج ارب‬
‫األولى لبافلوف (من خالل تجربته الكالس يكية في ت دريب الكالب على إف راز اللع اب من خالل موق ف‬
‫تشريطي)‪ ،‬إذ رأى في استثارة القشرة المخي ة و في التغ يرات األخ رى في عملي ات المخ أح داثا رئيس ية‬
‫تكمن وراء االضطرابات السلوكية الملحوظة في بعض الظروف‪.‬و حسبه فالسلوك يتم بالتوازن و التوافق‬
‫بين ‪ 03‬نظم في الجهاز العصبي ‪:‬نظام األفعال المنعكسة –النظام اإلشاري األول الذي يشتمل على نظ ام‬
‫اإلشارات إلرشاد النظم السابقة ‪،‬و هي إشارات مجردة ال تعتمد على االستقبال المباشر لمنبهات الواقع‪،‬و‬
‫لكنها تعتمد على الرمز ‪.‬و منه فمح ور عملي ة التعلم حس به ه و الرب ط بين المنب ه الش رطي و االس تجابة‬
‫الشرطية‪ ،‬فللمنبهات أهمية كبيرة في استثارة االستجابات‪.‬‬

‫و بالتالي فإن اختالل التوازن بين هذه النظم الثالث يؤدي إلى االضطراب و المرض ‪ .‬و قد استقر رأي‬
‫بافلوف على أن هناك نوعين أساسيين من المرض هما الهستيريا و اإلعياء النفسي‪.‬‬

‫ثم يأتي واطسون ليختزل أفعال اإلنسان إلى صورة آلية تعرف باسم" المثير االستجابة"‪،‬و رأى بذلك أن‬
‫أفعال اإلنسان تحددها قوى خارجية‪،‬فكان يؤمن بأن االضطرابات السلوكية و العصابية عبارة عن س لوك‬
‫مكتسب يتم تعلمه من خالل التشريط‪.‬و حاول التدليل على ذلك من خالل تجربته الشهيرة المعروف ة باس م‬
‫تجربة ألبرت الصغير ‪،‬و التي استطاع فيها تعليم الطفل الخوف من الفأر خوفا مرضيا بعد أن ك ان يألف ه‬
‫و يلعب معه؛بل أن الطفل تعلم تعميم استجابة الخوف على أشياء غ ير حي ة ك الفراء و القطن المنف وش و‬
‫األرانب‪ .‬و من هنا زاد إيمان السلوكيين برأي واطسون بعد أن استطاعت ماري كوفر جونز عالج طفل‬
‫صغير يدعى بيتر من المخاوف المرضية من األرانب باستخدام المبادئ التشريطية‪.‬‬
‫و علي ه يمكن الق ول‪ :‬أن المؤي دين للتش ريط الكالس يكي ي رون أن كث يرا من اض طراباتنا و س ماتنا‬
‫الشخصية هي استجابات اكتسبناها من خالل عملية تشريط كالسيكية ثم تحولت إلى عادات مرضية‪.‬كما‬
‫أنها ليست نتاجا لغرائز طبيعي ة أو ص راعات داخلي ة‪ ،‬ف القلق و الخ وف و التف اؤل و التش اؤم جميعه ا‬
‫يمكن تفس يرها –باالعتم اد على التش ريط الكالس يكي‪ -‬على أنه ا اس تجابات ش رطية لمنبه ات اكتس بت‬
‫قدرتها على إثارة هذه الجوانب السلوكية بسبب ارتباطها بأحداث تبعث على الضرر أو األلم أو النفع أو‬
‫الفائدة‪.‬‬

‫ب‪-‬التشريط االجرائي‪ :‬إن التجارب العلمية العديدة أوضحت أن هن اك الكث ير من أش كال الس لوك تص در‬
‫عن الكائن الحي دون أن تكون مرتبطة بمنبه محدد‪ ،‬و ذلك ب الطبع إلى ج انب الس لوك ال ذي يص در عن‬
‫الكائنات الحية مرتبطا بمنبهات مح ددة ‪.‬إذ نج د الكث ير من مظ اهر الس لوك التلق ائي أو العش وائي ال ذي‬
‫يصدر عن الكائن نتيجة لحاجاته و دوافعه الداخلية ‪،‬كما أن كثيرا من الس لوك اإلرادي يتم تعلم ه في ظ ل‬
‫وجود دوافع و مكافآت معينة‪.‬‬

‫و عليه أعطى عالم النفس األمريكي سكينر اهتماما كبيرا لهذا النوع من التشريط الذي أطلق علي ه اس م‬
‫التشريط الفعال أو اإلجرائي و الذي يشير إلى طريقة تجريبية خاصة لدراسة الس لوك‪.‬و رأى س كينر أن‬
‫بإمكانه أن يكسب السلوك لمجموعة من األشخاص بحيث يجعل منهم العالم و يجعل منهم المجرم أيضا‪.‬‬

‫و يميز سكينر بين‪ :‬السلوك المنفعل(االستجابي)‪:‬و هو استجابة مباش رة تص در ردا على منب ه (كم ا ه و‬
‫الحال في االستجابات غير الشرطية في التشريط الكالسيكي)‪ .‬و السلوك الفعال (اإلج رائي)‪:‬يص در عن‬
‫الكائن ال كاستجابات لمنبهات خارجية محددة ب ل يص در عن ه تلقائي ا به دف الحص ول على المكاف آت و‬
‫نتائج معينة من البيئة‪.‬‬

‫و أن ‪:‬معظم أنواع السلوك اإلرادي الذي يصدر عن الك ائن الحي ه و س لوك فع ال ‪،‬فنحن إم ا ال نع رف‬
‫المنبهات التي ترتبط به‪ ،‬أو ربما نجد أنفسنا مسلمين بوجوده ا فق ط من اج ل تفس ير س لوكنا المالح ظ‪.‬و‬
‫منه فالتعلم اإلجرائي أو الفعال يقوم على قاعدة رئيسية مؤداها أن‪:‬السلوك هو محص لة م ا ي ؤدي إلي ه‬
‫من نتائج و آثار ‪.‬أو أن‪:‬السلوك دالة لما يترتب عليه‪.‬و عليه يمكن تفسير الكثير من جوانب االضطراب‬
‫في ضوء هذه النظرية‪.‬‬

‫و معنى هذا أن السلوك الحسن هو استجابات و أن السلوك السيئ هو استجابات أيضا تعلمه ا من خالل‬
‫عالقته ا بأح داث تق ع في البيئ ة‪.‬و ي رى س كينر أن معظم مش كالت الس لوك إنم ا هي نتيج ة للم دعمات‬
‫المرتبة ترتيبا غير دقي ق‪.‬و على س بيل المث ال‪ :‬فإن ه في بعض الح االت ال تك ون المع ززات ظ اهرة أو‬
‫بارزة بشكل كاف و ينقص السلوك اإلجرائي للفرد للدرجة التي ال يقوم فيها بأداء جيد(ك ان يك ون مكتئب ا‬
‫مثال)‪.‬أو أن البيئة قد تكون منظمة بحيث تعزز سلوكا تكون نهايته تدمير الذات(كتعاطي المخدرات)‪.‬‬

‫و من ثم فإن سكينر يفسر س لوك الش خص المض طرب بن اءا على مب ادئ التعلم ال تي يحاف ظ عليه ا ه ذا‬
‫المريض الذي تم تطويعه بواسطة بيئي ة ليتص رف بط رق غ ير مناس بة‪.‬و ان ه لس نا بحاج ة إلى مراجع ة‬
‫لماضي الفرد و تاريخه أو حتى تشجيعه على استعادته أو معايشته م ادامت المس ألة كله ا ال تع دو كونه ا‬
‫عملية تشريط إجرائي كما سبق شرحه‪.‬‬

‫ج‪ -‬التعلم االجتماعي‪:‬و ضع أساس هذا النموذج النظري أل برت بان دورا ‪،‬إذ ح اول دمج النم اذج الس ابقة‬
‫جميعا بغرض تطوير نظرية تتصف بالشمول و تشتمل على العوام ل البيولوجي ة و البيئي ة و المعرفي ة‪.‬و‬
‫تتصف هذه النظرية بخاصية أساسية تتجلى في إيضاح عملية التعلم من خالل م ا يع رف باس م العملي ات‬
‫المعرفية الوسيطة‪.‬‬

‫و لق د نش أت ه ذه النظري ة لبان دورا داخ ل اإلط ار الس لوكي التعليمي و هي تعكس ترك يزا على التأم ل‬
‫الخارجي‪.‬إذ رأى انه من الضروري إع ادة تق ديم المتغ يرات الداخلي ة مث ل الفاعلي ة الذاتي ة(إدراك الف رد‬
‫لفاعليته و قوة تأثيره الشخصي)‪.‬‬

‫و يعود السلوك اإلنساني من وجهة نظر باندورا إلى الحتمية المتبادلة التي تتضمن عوامل بيئية و سلوكية‬
‫و معرفية‪.‬و أن عملية التعلم أو االكتس اب تتم من خالل المالحظ ة أو االقت داء‪،‬فمعظم الس لوك االنس اني‪-‬‬
‫حسبه‪-‬متعلم بإتباع نموذج أو مثال حي و واقعي‪.‬إذ و من خالل مالحظتنا لآلخرين نطور فكرة عن كيفي ة‬
‫تكوين سلوكنا و كيف تساعدنا المعلوم ات و تعم ل ك دليل أو موج ه لتص رفاتنا الخاص ة‪.‬بمع نى أن ق درا‬
‫كبيرا من التعلم يتم بالعبرة أي من خالل مجرد رؤية آخر يفعل فيثاب أو يع اقب‪.‬و من ثم يب دأ في تعلمه ا‬
‫حين يبدأ في محاولة تقليد هذه االستجابة الم اهرة ال تي ش اهدها من خالل الش خص النم وذج أو الق دوة‪.‬و‬
‫بمضي الوقت يمكن أن يؤدي استجابات جديدة لم يسبق له مشاهدتها ‪.‬‬

‫و في الواقع فعال هناك ع دد كب ير من المه ارات اإلنس انية ال يمكن اكتس ابها أو تعلمه ا ب دون ه ذا التعلم‬
‫الشهودي‪.‬و كذلك الحال بالنسبة لبعض المهارات المعقدة مثل قيادة السيارات‪.‬بل إن االستجابات الوجدانية‬
‫يمكن أن يجري لها تشريط عن طري ق مش اهدة ردود الفع ل ال تي يب ديها اآلخ رون للخ برات المؤلم ة أو‬
‫السارة ‪.‬و تتم هذه األشكال من التعلم –على أية حال‪-‬بعدة طرق مثل‪:‬االقتداء و التقلي د و التقمص و التعلم‬
‫الشهودي و التيسير االجتماعي ‪،‬النسخ‪،‬التعلم بالعبرة و لعب الدور و العدوى السلوكية‪.‬‬
‫و من ه ذا المنطل ق ف إن الس لوك المرض ي طبق ا لبان دورا ه و تعلم اس تجابات غ ير توافقي ة من خالل‬
‫المالحظ ة ‪،‬بمع نى أن المنظ ور االجتم اعي في التعلم يالح ظ ‪-‬عن د التعام ل م ع األم راض النفس ية –‬
‫التفاعل بين الخص ائص الس لوكية و إح داث المث ير ‪،‬و ه و م ا يس اعد في تفس ير و اكتس اب و اس تمرار‬
‫االستجابات الالسوية و يساعد في عالجها أيضا‪.‬‬

‫و أجرى باندورا العديد من الدراس ات ال تي تؤي د وجه ة نظ ره ه ذه‪:‬و منه ا تل ك ال تي ح اولت بي ان أث ر‬


‫مشاهدة النماذج العدوانية في التلفزيون على تطوير و نمو االستجابات العدوانية و توصل إلى أن األطفال‬
‫الذين شاهدوا و الحظوا النموذج العدواني أظهروا استجابات أكثر عدوانية من األطف ال ال ذين لم تتح لهم‬
‫فرصة مشاهدة النموذج العدواني‪.‬كما أشار أيضا إلى أن الناس الذين يتصرفون بطرق شاذة(مرض ية) هم‬
‫في الغالب الذين يملكون حسا ضعيفا من الفاعلية الذاتية‪،‬و هم يعتقدون أنه ليس بمقدورهم النجاح في أداء‬
‫السلوكيات التي تتيح لهم التكيف مع الحياة اليومية ؛و تقودهم توقع اتهم المتدني ة إلى تجنب تل ك المواق ف‬
‫التي تسبب تهديدا لهم‪،‬و تشعرهم بعدم قدرتهم على القيام بأداء أدوار جيدة ؛ل ذلك ن راهم –نتيج ة ل ذلك‪-‬ال‬
‫ينخرط ون في نش اطات يمكن أن تظه ر ق دراتهم و تعم ل على تغي ير حس هم أو ش عورهم بالفاعلي ة‬
‫الذاتية ‪.‬و من ثم قد يلجأ ون إلى تقليد اآلخرين تجنبا للفش ل المتوق ع‪،‬أو ثق ة منهم في ه ؤالء اآلخ رين و‬
‫عدم ثقتهم في أنفسهم‪.‬‬

‫تقويم النظرية السلوكية‪:‬يؤخ ذ على ه ذه النظري ة ب أن التفس يرات الس لوكية ك انت تقتص ر في كث ير من‬
‫األحي ان على أع راض الم رض دون الم رض في ح د ذات ه‪.‬كم ا ان ه ذه النظري ة عج زت عن تفس ير‬
‫األعراض األكثر خطورة كالهالوس(الهلوسة) و الهذاءات( اله ذيان)‪ .‬وب الرغم من أن النم اذج الس لوكية‬
‫ليست مفي دة تفس يريا ً إال أن مب ادئ التعلم تظ ل م ؤثرة في تفس ير بعض االض طرابات العقلي ة من خالل‬
‫مبادئ االشتراط الكالسيكي واإلجرائي ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬النظرية المعرفية كنموذج نظري في تفسير الصحة و المرض‪:‬‬

‫تعتبر المدرسة المعرفي ة من أح دث الم دارس في علم النفس عام ة و في مج ال العالج النفس ي و تفس ير‬
‫األمراض بصفة خاصة‪.‬غير أنه ال يمكن القول بأن العمليات العقلية كانت بعيدة عن حس بان الب احثين في‬
‫مجال علم النفس إلى درجة إهمالها في المدارس النظرية السابقة كالتحليل النفسي و المدرسة الس لوكية و‬
‫المدرسة اإلنسانية‪.‬و إنم ا لم يكن هن اك اهتم ام ك اف به ا في تفس ير الس لوك الس وي أو المرض ي‪،‬أو في‬
‫عالج االضطرابات النفسية‪.‬و منه فقد ساعدت التطورات في مجال الحاسب اآللي الباحثين في علم النفس‬
‫على وضع تصورات للوظائف العقلية‪،‬و من ثم عادوا لالهتمام بها من جديد‪.‬‬

‫و إذا كان المنحى المعرفي قد ظهر أساسا كأسلوب لعالج االكتئاب و القلق‪،‬فإن ه اتس ع اآلن ليغطي معظم‬
‫األمراض النفسية‪.‬إذ ترى الصياغة المبدئية لهذا المنحى أن‪ :‬الكثير من االضطرابات النفس ية تنتج عن‬
‫األخط اء أو التح يزات في التفك ير ؛بمع نى آخ ر أن األفك ار ال تي تق ود إلى الم رض النفس ي تنجم عن‬
‫مشكالت في الطريقة التي ندرك و نخزن و نسترجع بها المعلومات‪.‬‬

‫ذلك أنه ال يمكن أن نعزل االضطرابات التي تصيب األفراد عن الطريقة التي يفكرون بها‪،‬وعما يحملونه‬
‫من آراء و اتجاهات و معتقدات نحو أنفسهم و نحو المواقف التي يتفاعلون معها‪،‬فاالضطرابات النفسية –‬
‫على وجه العموم‪ -‬تعتبر من وجهة نظر المعالج السلوكي المعرفي نتيجة مباشرة للطريقة التي يفكر بها‬
‫الشخص عن نفسه و عن العالم‪.‬و عليه يرى المنظرون المعرفي ون أن هن اك أربع ة مص ادر رئيس ية من‬
‫القصور المعرفي ترتبط بظهور االضطرابات النفسية و هي‪:‬‬

‫‪ -‬نقص المعلومات و قصور الخبرة و السذاجة في حل المشكالت‪.‬‬

‫‪-‬أساليب التفكير و ما تنطوي عليه من أخطاء كالتعميم و التطرف‪.‬‬

‫‪-‬ما يحمله الفرد من آراء و أفكار و معتقدات عن نفسه و عن اآلخرين و المواقف التي يتفاعل معها‪.‬‬

‫‪-‬التوقعات السلبية لدى الفرد‪.‬‬

‫و يفترض أنصار هذا النموذج النظري أن االضطرابات ترجع إلى الطريقة التي يدرك به ا الف رد الح دث‬
‫وتفسيره من خالل خبراته وأفكاره ‪.‬كما أن االضطراب السلوكي ( السلوك الشاذ ) هو نم ط من األفك ار‬
‫الخاطئة غير المنطقية‪ .‬و منه فهذه النظرية تعتبر التفكير المرضي هو األساس ‪،‬أما الجزء الوجداني و‬
‫الدوافع فهي ثانوية للتفسير السلبي لألحداث‪.‬‬

‫كما يقدم المعرفيون عددا من المبادئ المعرفية التي تفسر االضطراب النفسي(خاصة االكتئاب) و منها‪:‬‬

‫‪-‬التعميم السلبي الشديد‪:‬حيث يؤمن المريض بأن‪ ":‬كل أفعالي و تصرفاتي خاطئة و حمقاء"‬
‫‪-‬التوقعات الكوارثية‪:‬فيتجنب الفرد الدخول في المواقف المختلفة خوفا من أن يرتكب خطأ ي راه على ان ه‬
‫كارثة له أو ألسرته أو لسمعته‪.‬‬

‫‪-‬الكل أو الشيء‪:‬فيتصرف الفرد باضطراب إذا كانت تصوراته لألمور قائمة إما على النج اح الكام ل أو‬
‫الفشل الذريع‪،‬والتصرف هنا تصاحبه عادة مشاعر شديدة باإلحباط أو القل ق الح اد عن دما يتع رض الف رد‬
‫ألي إحباط مهما كان ضئيال‪.‬‬

‫‪-‬قراءة أفكار اآلخرين سلبا‪:‬ف الفرد ال ذي يتوق ع س خرية اآلخ رين أو ازدراءهم قب ل ال دخول في مواق ف‬
‫التفاعل االجتماعي‪ ،‬سيكون من السهل عليه أن ينزلق في كث ير من أن واع االض طراب و االنح راف بم ا‬
‫فيها تعاطي مواد ضارة أو العدوان أو القلق االجتماعي و االنسحاب‪.‬‬

‫‪-‬المقارنة‪:‬و ذلك في حال إذا كان من الن وع ال ذي يس رف في اس تخدام عب ارات تنط وي على مقارن ات‬
‫خاطئة‪.‬و في هذه الحالة ستتأثر كثير من الوظائف االجتماعية و العقلية و تتعطل قدرة الف رد على النش اط‬
‫و الدافعية‪ ،‬مما يجعله عرضة لالضطراب االنفعالي كاالكتئاب و القلق‪.‬‬

‫‪-‬التجريد االنتقائي‪:‬يعني إسقاط كل المميزات و التركيز على عيب واحد أو نقص واحد‪.‬‬

‫‪-‬التفكير القائم على االستنتاجات االنفعالية‪:‬فالفرد الذي يفسر سلوك اآلخرين تفسيرا انفعالي ا‪،‬س يجد نفس ه‬
‫عاجزا عن التفاعل االجتماعي الفعال و سيجد نفسه عرضة لكثير من المخاوف االجتماعية و الوس اوس‬
‫و االضطرابات العضوية‪.‬‬

‫‪ -‬تحميل الشخص نفسه مسؤوليات غير حقيقية عن الفشل‪:‬بمعنى أن هؤالء األفراد ي نزعون إلى نس بة‬
‫فشل اآلخرين إلى أنفسهم بشكل فيه شئ من المبالغة في التعميم و تضخيم األمور‪.‬‬

‫‪-‬النزعة إلى الكمال المطلق‪:‬و هو تفكير األفراد بطريقة شديدة المثالية و يطلبون الكم ال المطل ق في ك ل‬
‫شئ يعملونه أو يقولونه و عندما ال يتحقق ذلك يشعرون بالقلق و االكتئاب و اإلحباط‬

‫‪ -‬ربط االحترام الشخصي و تقدير الذات بعوامل خارجية بحتة‪،‬و تأويل األحداث الخارجية بما يتف ق م ع‬
‫إحساسه بعدم تقدير الذات‪.‬‬

‫‪-‬استخدام العبارات القاطعة‪ :‬يشيع في تفكير بعض حاالت القل ق و االكتئ اب عب ارات ت دل على اس تخدام‬
‫الحتميات كأسلوب من أساليب التفكير مما يؤدي إلى تحجيم سلوك الفرد االجتماعي و يعرضه للغضب و‬
‫العدوان أو االنسحاب و التجنب لتمسكه بهذه العبارات الحاسمة‪.‬‬

‫و يمكن أن نميز – في إطار المنحى المعرفي‪-‬عددا من العلماء البارزين الذين أسهموا في فهم و تفسير‬
‫و عالج األمراض النفسية و منهم‪:‬‬

‫*آرون بيك ‪ :Beck‬لم يكن بي ك راض يا عن التعقي دات الكث يرة و المف اهيم المج ردة لمدرس ة التحلي ل‬
‫النفسي‪.‬و قد أدى تشجيع بيك لمرضاه على القي ام بتحلي ل مع رفي ألفك ارهم ‪ ،‬إلى إع ادة ص ياغة مف اهيم‬
‫االكتئاب و القلق و المخاوف المرضية و اضطراب الوسواس القهري في صورة تحريفات معرفي ة‪ .‬كم ا‬
‫أكد بيك على أن األساليب السلوكية لها فاعلية في عالج األمراض لكن ليس نتيج ة األس باب ال تي يب ديها‬
‫المعالجون السلوكيون؛ و إنما ألنها تؤدي إلى تغييرات اتجاهية أو معرفية لدى المرضى‪.‬و من هن ا أحس‬
‫بيك بأن النموذج المعرفي يق دم تفس يرا أبس ط و أق رب لمش كالت المرض ى عم ا تفعل ه نظري ة التحلي ل‬
‫النفسي أو نظرية العالج السلوكي التي ال تقدم تفسيرا ألنواع العصاب و الذهان كافة‪.‬‬

‫ليصيغ بيك نظرية متكاملة‪-‬فيما بعد‪ -‬فسر على أساس ها ح دوث االض طرابات االنفعالي ة بص فة عام ة ‪،‬و‬
‫االكتئاب بوجه خاص في ضوء المعتقدات أو اآلراء السلبية التي يحملها المريض عن نفسه و عن الع الم‬
‫و المستقبل‪.‬إذ يرى بيك أن الخبرات التي يمر بها الشخص تستمد داللتها اليائسة أو المكتئب ة أ االنهزامي ة‬
‫من خالل التحامها بهذا األسلوب؛فتبني مثل هذا االعتقاد يؤدي إلى تشويه إدراك الواقع بش كل س لبي ‪ ،‬ثم‬
‫تأتي بعد ذلك االستجابة االنفعالية أو السلوكية اليائسة التي نسميها باالكتئ اب‪.‬و يؤك د بي ك ب أن المث يرات‬
‫يج رى تحليله ا و تفس يرها من خالل النظ ام المع رفي ال داخلي و ق د ينتج عن ع دم االتف اق بين النظ ام‬
‫الداخلي و المثيرات الخارجية وجود االضطرابات النفسية‪.‬فردود الفعل التي يستجيب بها الناس لكثير من‬
‫المواقف تكون متسقة مما يوحي بأن هذه االستجابات توجهها مجموعة من القواعد‪.‬و تش كل ه ذه القواع د‬
‫األساس الذي تنطلق منه تفسيرات األفراد و توقعاتهم و إرشاداتهم ألنفسهم‪.‬و أن القواع د تمث ل ج زءا من‬
‫التراث االجتماعي للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد‪،‬و بالت الي فإنه ا تكتس ب من خالل الخ برة الشخص ية و‬
‫مالحظة اآلخرين‪،‬و تساعد هذه القواعد (التي يمارسها المريض) في فهم السلوك غير المنطقي ‪،‬و ك ذلك‬
‫االستجابات االنفعالية الشاذة و عندما تكون ه ذه القواع د منفص لة عن الواق ع أو عن دما تس تخدم بطريق ة‬
‫عشوائية فإن من المتوقع أن ينتج عنها مشكالت نفسية شخصية أو مشكالت في العالقات‪.‬‬

‫كما يرى بيك أن الناس يستجيبون لألحداث انطالقا من المعاني التي يعطونها لها‪،‬وهذه االس تجابات تج اه‬
‫األحداث تؤدي إلى ردود فعل انفعالية متباينة للموقف الواح د ب اختالف األش خاص ‪ ،‬ب ل و من الش خص‬
‫الواحد في أوقات مختلفة‪.‬‬

‫ومنه اعتمد بيك في تفسيره لالكتئاب –كمثال‪-‬على ما يسمى بالثالثية المعرفية الس لبية ‪،‬أي ان الم ريض‬
‫يفسر الحاضر و الماضي و المستقبل بطريقة سلبية انهزامية‪،‬و يترك األحداث كلها ثابتة مليئ ة بالحرم ان‬
‫و المصاعب و الفشل و الدونية‪،‬و انه عديم القيمة و النفع و غير محبوب أو مرغوب فيه‪.‬‬

‫*سيلجمان ‪:Seligman‬وحسبه فالمكتئبون ال يعترفون بالتطابق بين س لوكهم و النت ائج في البيئ ة‪،‬بمع نى‬
‫آخر إنهم يشعرون بالعجز ألنهم ال يستطيعون السيطرة على األحداث في حي اتهم كم ا يعتق دون‪.‬و علي ه‬
‫قدم سيلجمان نموذجا يس مى "االس تعداد أو الجاهزي ة " ‪،‬و انتقد في ه نظري ات التعلم في تفس يرها لنش أة‬
‫المخاوف ‪،‬و خاصة تلك التي تستحدث في المعمل ألنه ا س هلة االنطف اء و تتم ع ادة بع د ع دة مح اوالت‬
‫بعكس المخاوف الحقيقة التي قد تحدث بعد خبرة صدمية واحدة ‪ ،‬و تكون مستمرة و تقاوم التغيير‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن النموذج األصلي للتشريط يرى أن أي منبه يمكن أن يكون شرطيا و مع ذلك فالمخ اوف‬
‫ترتب ط بمواق ف دون أخ رى‪.‬و في ه ذا الص دد أج رى م اك ن الي و أوهم ان‪ ،‬دراس ات ل دعم اف تراض‬
‫سيلجمان ‪ ،‬و تبين بالفعل أن االستجابات الشرطية للمنبه ات المث يرة للخ وف أك ثر مقاوم ة لالنطف اء من‬
‫المثيرات غير المرتبطة بالخوف ‪،‬أي أنها مخاوف العقالنية في األساس‪.‬‬

‫*أل برت أليس ‪:Ellis‬يع د رائ د العالج العقالني االنفع الي‪،‬و ه و ينتمي في إط اره الع ام إلى المنحى‬
‫المعرفي‪ ،‬و تعرف نظريته في تفسير األمراض النفسية باسم ‪. ABC‬و جوهرها أن الناس يعيش ون بق در‬
‫كب ير من االض طرابات ال تي تح دث لهم بن اءا على أس لوب تفك يرهم اله ازم لل ذات‪،‬و غ ير المنطقي ‪،‬و‬
‫خاصة بتبنيهم للتفضيالت و الرغبات و جعلها فروضا مطلقة و تعسفية على أنفسهم و على اآلخرين‪.‬‬

‫و ت رى النظري ة أن ك ل البش ر يفك رون بطريق ة افتراض ية اس تداللية ل ذلك يص ابون باالض طراب‬
‫االنفعالي ‪،‬و يحدث ذلك إما بسبب االفتراضات الخاطئة غير المنطقية التي يتبنونها حول أنفس هم و ح ول‬
‫اآلخرين أو باالختبار غير الواقعي لهذه االفتراضات‪.‬‬

‫و من ثم قدم أليس عددا من األفك ار أو المعتق دات الالمنطقي ة اعتبره ا هي المس ئولة عن االض طرابات‬
‫النفسية للبشر و هي‪:‬‬

‫‪-‬أفضل في كل هذه الحاالت الفك رة القائل ة أن ه" من الض روري أن يك ون اإلنس ان محبوب ا و مؤي دا من‬
‫الجمي ع فيم ا يق ول و يفع ل"‪ ،‬ب دال من التأكي د على اح ترام ال ذات أو الحص ول على التأيي د أله داف‬
‫محددة(كالترقية في العمل مثال) أو تقديم الحب بدال من توقع الحب‪.‬‬

‫‪"-‬بعض الن اس يتص فون بالش ر و الوض اعة و الجبن و ل ذلك فهم يس تحقون أن يوج ه لهم الل وم و‬
‫العق اب"‪:‬و ي رى أليس أن ه ذه الفك رة غ ير منطقي ة ألن ه ال يوج د معي ار مطل ق للص واب و‬
‫الخطأ‪.‬فالتصرفات الخاطئة أو غ ير األخالقي ة هي نتيج ة للغب اء و الجه ل أو االض طراب النفس ي‪،‬و ك ل‬
‫الناس معرضون للتردي و ارتكاب األخطاء‪.‬و التأنيب و العقاب ال يؤديان عادة إلى تحس ين الس لوك و ال‬
‫تقليل الغباء و ال تحسين الحالة النفسية؛بل على العكس ق د ت ؤدي إلى مزي د من االض طراب االنفع الي و‬
‫من ثم هناك أساليب أخرى للتعامل مع هذه المظاهر السلوكية‪.‬‬

‫‪ " -‬ال بد أن يكون الفرد على درجة كبيرة من الكفاءة و المنافسة و االنجاز حتى يمكن اعتباره شخص ا‬
‫ذا أهمية "‪ :‬و هذه الفكرة من المستحيل تحقيقها تماما‪.‬و إذا أصر الفرد على تحقيقها ‪،‬فإن ذل ك ينتج عن ه‬
‫اضطرابات نفسية‪،‬و شعور بالنقص و عدم القدرة على االستمتاع بالحياة الشخصية‪.‬كما يتولد لديه ش عور‬
‫دائم بالخوف من الفشل‪.‬أما الشخص الذي يفكر بشكل منطقي فإنه يفعل ذلك انطالق ا من مص لحته و ليس‬
‫من منطلق أن يصبح أفضل من اآلخرين‪.‬‬

‫‪"-‬إنها كارثة أو مأساة عندما ال تسير األشياء كما نشتهي لها أن تكون أو عندما ال تصبح األش ياء كم ا‬
‫نتوقع لها"‪ :‬فكل إنسان يريد أن يرى أمنياته تتحقق و أن تسير األمور كم ا يري د ه و‪،‬لكن أليس ي رى أن‬
‫ذلك غير منطقي‪ ،‬فمن ذا الذي يضمن ذلك أو من ذا الذي يستطيع ذل ك‪.‬فح دوث بعض األش ياء عكس م ا‬
‫توقعنا ليس بمأساة و ال كارثة و انه أمر طبيعي الن للكون سننا و للحياة نواميس و أقدار ال مف ر منه ا‪.‬و‬
‫بالتالي ال مفر من الشعور بالضيق أو بعض اإلحباط‪،‬و لكن من غ ير المنطقي االستس الم له ذا الض يق و‬
‫لهذا اإلحباط و الشعور بالحزن الشديد و االكتئاب المنهك للنفس و الجسد معا‪.‬‬

‫‪ " -‬إن الشقاء و التعاسة تنتج عن ظروف خارجية ال يستطيع الفرد التحكم فيها"‪ :‬فإذا قبلنا التفكير بهذه‬
‫الطريقة فكأنما أصبنا بالعجز المتعلم‪ -‬كما يرى سيلجمان‪ -‬ألننا نعتقد أنن ا فق دنا الس يطرة على األح داث‬
‫التي حولنا بالكامل‪،‬و ما علينا إال االستس الم‪.‬لكن هن ا ي ري أليس أن ذل ك غ ير منطقي ‪،‬فاإلنس ان يمل ك‬
‫الكثير من مصيره و هو قادر على اتخاذ قراراته في كثير من ش ؤون حيات ه‪.‬و أن التفك ير به ذه الطريق ة‬
‫يدعو إلى التواكل و السلبية و قد يؤدي إلى االضطراب و عدم تحمل المسؤولية‪.‬و يك ون االض طراب في‬
‫هذه الحالة نتيجة لإلدراكات غير الواقعية المشوهة‪.‬‬

‫‪ "-‬إنه شيء طبيعي أن يشعر اإلنسان بالقلق و التوتر عندما تحدث أشياء خطيرة أو سيئة" ‪ :‬و هو م ا‬
‫يحدث بالفعل لدى غالبية الناس لذلك فهو أمر منطقي‪.‬غير أننا لو أمعنا النظر في الفكرة لوجدنا أنها تب دو‬
‫غ ير منطقي ة على األق ل بالنس بة للمترتب ات ال تي ت ترتب عليه ا‪.‬فه ذه الفك رة تح ول بينن ا و بين التق ويم‬
‫الموضوعي للخطر المحتمل‪،‬و تؤثر على تعاملنا الفعال مع الخطر حال وقوعه ‪،‬ب ل ربم ا أدت إلى تف اقم‬
‫هذا الخطر و تعاظم آثاره ‪.‬كما أنه ال يمنع وقوع األحداث القدري ة الحتمي ة(كالوف اة مثال) ‪،‬ب ل إن ه يجع ل‬
‫كثيرا من األحداث المخيفة تبدو أكثر مما هي عليه‪.‬‬

‫فالشخص المتعقل يدرك أن األخطار المحتمل حدوثها ليست دائما الصورة المفجعة ‪،‬و أن القل ق ليس ه و‬
‫الحل الصحيح ألنه قد يزي د من آثاره ا‪،‬ب ل ربم ا ك ان ه ذا القل ق ه و المص در الحقيقي للخط ر و ليس ت‬
‫األح داث ال تي س تقع أو وقعت ‪،‬و إذا ح اول الف رد خفض قلق ه إزاء ه ذه الح وادث لت بين ل ه أنه ا ليس ت‬
‫بالبشاعة التي كان يعتقدها‪.‬‬

‫‪ "-‬من األسهل أن نتفادى بعض الص عوبات و المس ؤوليات الشخص ية من أن نواجهه ا"‪ :‬فه ذه الفك رة‬
‫تبدو أقرب إلى الحي ل الدفاعي ة –بلغ ة فروي د‪،-‬و ه ذا ال يح ل المش كالت و ال ي ذلل الص عوبات‪.‬فكم من‬
‫المصاعب تفاقمت عندما تركناها و تجاهلناها ‪.‬إن مواجهة المشكالت منذ البداية هي األسلوب الس ليم في‬
‫التعامل معها‪.‬و األشخاص األذكياء هم الذين يستطيعون تفادي المش كالت غ ير الض رورية ب ذكاء ليقلل وا‬
‫من معاناتهم و يوفروا جهودهم‪.‬و منه فالبحث عن حلول للمش اكل و تحم ل المس ؤولية و النج اح في ح ل‬
‫هذه المشكالت يولد شعورا بالثقة بالنفس و السعادة و المتعة‪.‬‬

‫‪ "-‬ينبغي على الفرد أن يكون مستندا على آخرين‪ ،‬و أن يكون هناك شخص أقوى منه يستند عليه"‪ :‬قد‬
‫يكون ذلك منطقيا تماما بالنسبة لطفل ص غير و منطقي إلى ح د م ا بالنس بة لمراه ق و لكن ه ليس بمنطقي‬
‫لراشد عاقل‪.‬فنحن ننشئ أوالدن ا على االس تقالل و االعتم اد على النفس م ع جع ل الب اب موارب ا‪-‬أحيان ا‪-‬‬
‫لالستشارة و طلب النصيحة‪.‬لكن ه ذا ال يع ني أن نس رف في االعتم اد على اآلخ رين ‪،‬خاص ة من نعتق د‬
‫أنهم أقوياء ألن ذلك يقلل فرص التعلم و الخبرة و يجعلنا دائما تحت رحمة هؤالء المساندين‪،‬و ق د يح دث‬
‫االضطراب عندما يتخلى عنا هؤالء األقوياء أو عندما يختفون لسبب أو ألخر‪.‬‬

‫‪ " -‬إن الخبرات و األحداث المتصلة بالماضي هي المحددات األساسية للسلوك في الوقت الحاضر و إن‬
‫تأثير الماضي ال يمكن استبعاده"‪ :‬ال نستطيع إنكار الماضي أو تجاهله تماما‪،‬و لكن من غير المنطقي أن‬
‫نعيش أسرى ذلك الماضي و أن نجعل من الماضي شماعة نعلق عليه ا كس لنا و ع دم رغبتن ا في تط وير‬
‫أنفسنا و تغيير سلوكنا‪.‬فالشخص المتعقل و الم تزن نفس يا ه و ال ذي ال ينك ر الماض ي و لكن ال ي رى في‬
‫الماضي قيدا له أو حاكما لسلوكه في الوقت الحاضر ‪،‬و إال لما استطاع أن يجلب لنفسه نفع ا أو ي درأ عن‬
‫نفسه خطرا و ضررا‪.‬‬

‫‪ "-‬من الواجب أن يشعر اإلنس ان بالتعاس ة و الح زن عن دما يش عر اآلخ رون ب ذلك أو عن دما تص يبهم‬
‫كارثة"‪ :‬فرغم أن جانبا من هذه الفكرة يبدو منطقيا على خلفية التعاطف اإلنساني و المشاعر اإلنسانية و‬
‫المش اركة الوجداني ة؛ف إن أليس يراه ا غ ير منطقي ة ألن ذل ك ي ؤثر على إدراك ه للموق ف و على تق ديره‬
‫لمعاناة اآلخرين و ألمهم و هو ما ق د يعوق ه عن مس اعدتهم‪ .‬و مث ال ذلك‪ :‬إذا م ا اس تنجد بي ج اري ألن‬
‫زوجته فقدت الوعي و تأثرت بشدة لهذه الحالة و أصبت مثله بالهلع و الفزع لما هداني تفكيري إلى حسن‬
‫التصرف و طلب اإلسعاف مثال‪.‬فالتعاطف مع اآلخرين شئ مطلوب لكن جعل مس افة معين ة في مش اعر‬
‫الحزن نحوهم أفيد لهم ألنه يمكننا من حسن التصرف‪.‬‬

‫‪ "-‬هناك دائما حل صحيح أو كام ل لك ل مش كلة‪،‬و يجب أن نبحث عن ه ذا الح ل لكي ال تص بح النت ائج‬
‫مؤلمة"‪ :‬فوجود مثل هذا الحل الكامل أمر غير منطقي ‪ ،‬و اإلصرار على الوصول إليه أمر غير منطقي‬
‫أيضا ؛ألن عدم الوصول إلي ه معن اه اإلحس اس بالفش ل و اإلحب اط و الح زن و االكتئ اب‪.‬ف المنطقي ه و‬
‫التصور بأن هناك عدة حلول لكل مشكلة ‪،‬لكن لكل حل مميزاته و عيوبه و علينا من ثم أن نخت ار أفض ل‬
‫هذه الحلول أو أقلها عيوبا ‪،‬و ذلك عمال بالمثل الشائع " ماال يدرك كله ال يترك جله"‪.‬‬
‫‪"-‬إن السعادة البشرية و النجاح أشياء يمكن الوصول إليها دون جهد" ‪ :‬إن عدم منطقية الفكرة الس ابقة‬
‫ال تحتاج لعناء إلثباتها ‪،‬ففاتورة السعادة و النجاح ال بد أن تدفع عمال وجدا و عرقا و إخالصا‪.‬حتى تكون‬
‫هذه السعادة حقيقية و يكون النجاح ممتعا‪.‬فالنجاح و السعادة اللذان يأتيان بسهولة ال طعم لهما و زوالهم ا‬
‫أمر وارد و من ثم قد يكون البديل هو الشعور بالتعاسة و الحزن‪.‬‬

‫‪"-‬إن هناك مصدرا واحدا للسعادة و إنها لكارثة لو أغلق هذا المص در" ‪ :‬ولكن مص ادر الس عادة عدي دة‬
‫في حياة كل فرد‪،‬فهي من المرونة بحيث تتغير من آن آلخر بحيث يظل منبع السعادة مستمرا متدفقا‪.‬فلكل‬
‫واحد منا في هذه الحياة مصادر عدة للسعادة فهي ال تقف عند مصدر واحد‪.‬‬

‫و إجماال يرى أليس أن هذه األفكار الالمنطقية هي المسئولة عن كثير من االضطرابات التي يصاب به ا‬
‫البشر و أن عالجهم يجب أن يبدأ من تغيير هذه األفكار و تعديلها‪.‬‬

‫تقويم النظرية المعرفية‪:‬أغفل هذا المنحى إلى حد ما دور المح ددات األخ رى كالعوام ل الفيس يولوجية و‬
‫البيئية في تفسير األمراض النفسية‪ .‬كم ان ه يتص ور اإلنس ان ك أقرب إلى الحاس ب اآللي و من ثم يض في‬
‫عليه قدرا من العجز و عدم المرونة‪.‬كما هذه النظرية ال تقدم لنا إجاب ات واض حة و ش افية ح ول لم اذا و‬
‫كيف تحدث أخطاء التفكير المؤدية إلى االضطراب النفسي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬النظرية العيادية( االكلينيكية‪/‬السريرية) كنموذج نظري في تفس ير‬

‫الصحة و المرض‪:‬‬

‫إن المعيار اإلكلينيكي يأخذ صورة متعددة وأسماء مختلف ة فه و ت ارة يح دد الالس واء أو االض طرابات أو‬
‫األمراض النفسية في ضوء المفاهيم الطبية والبيولوجي ة ‪ ,‬وينظ ر إلى الالس واء في ض وء فك رة البق اء ؛‬
‫وتارة ثانية يركز على األعراض المرضية أو تجمعات هذه األعراض ؛ وت ارة ثالث ة ي رى أن الش خص‬
‫الشاذ هو الشخص الذي يحصل على بطاقة تشخيصية‬

‫انبثقت ه ذه النظري ة من تخص ص علم النفس الس ريري (أو علم النفس اإلكلي نيكي) ه و ذل ك العلم ال ذي‬
‫يدمج بين العلوم والنظريات والمعرف ة الس ريرية به دف فهم طبيع ة القل ق والض غوط واالض طرابات أو‬
‫األمراض النفس ية والخل ل ال وظيفي الن اتج عنه ا ومحاول ة التخفي ف من ح دتها والتغلب عليه ا من خالل‬
‫الفحص والتشخيص والعالج‪ ،‬كما أنه يهدف إلى تعزيز السعادة الذاتية لدى الفرد مما يحقق له التقدم على‬
‫المستوى الشخصي‪ .‬وعالو ًة على ذلك‪ ،‬فإنه يركز بص ورة أساس ية على ك ل من التق ييم النفس ي والعالج‬
‫النفسي والدوائي في الممارسة العملية "النفس الطبي"‪.‬‬

‫في كث ير من ال دول‪ ،‬يعت بر علم النفس الس ريري العم ود الفق ري في العل وم النفس ية‪ ،‬ومن المهن الطبي ة‬
‫المعنية بالصحة النفسية المعتمدة والمهمة‪ ،‬والتي يحكمها عدد من القواعد والق وانين والمع ايير الدولية‪ .‬و‬
‫أول من نادى بهذا االتجاه –و هو مالمح بداية ظهور النظرية العيادية‪ -‬في معالجة األمراض النفسية ه و‬
‫العالم اليتنر ويتمر حيث أسس أول مجلة علمية متخصصة في هذا المج ال الجدي د؛ وأس ماها مجلة ‪The‬‬
‫‪ ،Psychological Clinic‬حيث طرح مصطلح "علم النفس اإلكلينيكي" وعرَّ فه بأنه‪" :‬العلم الذي ُيع نى‬
‫بدراسة األفراد عن طريق المالحظة أو التجربة بهدف تعزيز التغيير في حياة الفرد"‪.‬‬

‫بعدها بفترات زمنية الحق ة اس تطاع األخص ائيون النفس يون اإلكلي نيكيون تق ديم مجموع ة من الخ دمات‬
‫المتخصصة في مجال علم النفس اإلكلينيكي‪ ،‬ومنها ما يلي‪:‬‬

‫إدارة التقييم واالختبارات النفسية وتفسيرها‬ ‫‪-‬‬


‫إجراء األبحاث النفسية‬ ‫‪-‬‬
‫ً‬
‫(خاصة في المدارس والجامعات والمؤسسات)‪.‬‬ ‫تقديم االستشارات النفسية‬ ‫‪-‬‬
‫وضع برامج الوقاية والعالج النفسي‬ ‫‪-‬‬
‫إدارة برامج جلسات العالج النفسي‬ ‫‪-‬‬
‫اإلدالء بشهادة الخبير في القضايا (علم النفس الشرعي)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تقديم أساليب العالج النفسي (العالج النفسي‪ ،‬وحديثا تقديم العالج الدوائي)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دراسة مشكالت األطفال والمراهقين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دراسة مشكالت األسرة وتقديم استشارات العالقات األسرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دراسة االضطرابات النفسية العصبية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫معالجة اضطرابات معينة (مثل الص دمة النفس ية أو اإلدم ان أو اض طرابات الطع ام أو الن وم أو‬ ‫‪-‬‬
‫الجنس أو االكتئاب السريري أو القلق أو الفوبيا)‪.‬‬

‫و عن األدوات ال تي يعتم دها ه ذا المج ال نج د ‪ :‬التق ييم النفسي ال ذي يع د مج االً مه ًم ا يم د العدي د من‬
‫األخصائيين النفسيين اإلكلينيكيين بمزيد من الخ برة والمعرف ة‪ .‬وع اد ًة م ا يتم إج راء ه ذا التق ييم النفس ي‬
‫بهدف المساعدة في تشكيل افتراض ات ح ول االض طرابات النفس ية أو المش كالت الس لوكية‪ .‬و على ه ذا‬
‫النحو‪ ،‬عاد ًة ما تستخدم نتائج هذه التقييمات من أجل التوصل آلراء وأفكار عامة عن الحالة (وليس بهدف‬
‫التشخيص) وذلك للمساعدة في تكوين خط ة العالج‪ .‬وهن اك أس اليب أخ رى تش مل االختب ارات الرس مية‬
‫والمقابالت ومراجعة النتائج السابقة وتقييمه ا والمالحظ ة الس ريرية و الفحص اإلكلي نيكي‪ .‬ه ذا‪ ،‬ويوج د‬
‫مئات من أساليب التقييم المختلفة على الرغم من أن هناك عد ًدا قليالً فحسب من االختبارات النفس ية ال تي‬
‫قد ثبت أنها تتضمن قدرً ا عال ًي ا من الص دق (أي أن االختب ار يقيس فعالً م ا يف ترض أن يقيس ه) والثب ات‬
‫(اتساق معايير القي اس نفس ها)‪ .‬وبص فة عام ة‪،‬تن درج ه ذه المق اييس ض من أح د التص نيفات المختلف ة‬
‫التالية‪:‬‬

‫أ‪-‬اختبارات الذكاء واختب ارات التحص يل الدراسي‪ - :‬تقيس ه ذه االختب ارات مس تويات مح ددة من األداء‬
‫المع رفي واإلدراكي للف رد (وغال ًب ا م ا يُطل ق عليه ا اختب ار ال ذكاء‪ ) IQ‬وذل ك مقارن ًة بمس تويات أداء‬
‫المجموع ة المعياري ة‪ .‬وتس اعد ه ذه االختب ارات‪ ،‬مث ل اختب ار وكس لر لقي اس ذك اء األطف ال ‪WISC-IV‬‬
‫(الطبعة الرابعة)‪ ،‬في قياس سمات وخصائص الف رد مث ل المعرف ة العام ة والمه ارات اللفظي ة وال ذاكرة‬
‫ودرج ة االنتب اه والتفك ير المنطقي واإلدراك المك اني والبص ري‪ .‬فق د اس تطاعت العدي د من االختب ارات‬
‫ً‬
‫وخاصة على المستوى الدراسي‪.‬‬ ‫التنبؤ بأدق مستويات األداء بصورة محددة‪،‬‬

‫ب‪-‬اختب ارات الشخص ية‪ :‬ته دف اختب ارات الشخص ية إلى وص ف أنم اط الس لوك واألفك ار و المش اعر‬
‫المميزة للفرد‪ .‬وتندرج هذه االختبارات عمومًا ضمن فئ تين‪ :‬هم ا االختب ارات الموض وعية واالختب ارات‬
‫اإلسقاطية لقياس وتقييم الشخصية‪ .‬وتعتمد االختبارات الموضوعية‪ ،‬مثل اختبار مينيسوتا متع دد األوج ه‬
‫لقياس الشخصية (اختبار ‪ MMPI‬متعدد األوجه)‪ ،‬على إجابات محددة ‪ -‬مث ل اإلجاب ة بنعم‪/‬ال أو أس لوب‬
‫صح‪/‬خط أ أو اس تخدام مقي اس لتق دير ال درجات ‪ -‬وال ذي يس مح بحس اب ال درجات ال تي يمكن مقارنته ا‬
‫بدرجات المجموعة المعيارية‪ .‬أم ا االختب ارات اإلس قاطية‪ ،‬مث ل اختب ار رورش اخ ‪ -‬أو م ا يع رف باس م‬
‫اختبار نقاط ال ِحبْر‪ ،‬فتسمح للفرد بإجابات مفتوحة وغالبًا ما تعتم د على المث يرات الغامض ة مم ا ي تيح ل ه‬
‫الكشف عن نفسه وعن حالته النفسية وعملياته الالشعورية‪.‬‬

‫ً‬
‫خصيص ا لقي اس‬ ‫ص ممت‬‫ج‪-‬االختبارات النفسية العصبية‪ :‬تتكون االختبارات النفسية العص بية من مه ام ُ‬
‫الوظائف النفسية التي يُعرف أنها ترتبط بمسار معين أو ببنية معين ة في ال دماغ‪ .‬ذل ك‪ ،‬حيث يتم اس تخدام‬
‫هذه االختبارات في تقييم القصور أو العجز الناتج عن إصابة أو مرض والمعروف بتأثيره على الوظائف‬
‫المعرفي ة والعص بية‪ ،‬أو عن دما يتم اس تخدامها في البحث‪ ،‬لمقارن ة الق درات النفس ية والعص بية داخ ل‬
‫المجموعات التجريبية‪.‬‬

‫د‪-‬المالحظة اإلكلينيكية‪ :‬يتم تدريب األخصائيين النفسيين اإلكلينيك يين ً‬


‫أيض ا على جم ع البيان ات الالزم ة‬
‫من خالل مراقبة سلوك الفرد ومالحظته‪ .‬تعد المقابلة السريرية جزءًا حيويًا من التقييم النفسي‪ ،‬حتى عن د‬
‫استخدام أدوات تقييم أخرى رسمية‪ ،‬والتي يمكن إجراؤها بصورة منظمة أو غير منظمة‪ .‬وتجدر اإلشارة‬
‫إلى أن مثل هذا التقييم يتن اول ج وانب معين ة من شخص ية الف رد‪ ،‬مث ل المظه ر الع ام والس لوك والحال ة‬
‫المزاجية والشعور واإلدراك والفهم والوعي والتوجه ال ذاتي واالستبص ار وال ذاكرة ومض مون التواص ل‬
‫مع اآلخرين‪ .‬ومن أمثلة التقييم النفسي في المقابالت الرسمية اختبار الحالة العقلية الذي غالبًا م ا يس تخدم‬
‫في الطب النفسي كأداة فحص للمساعدة في العالج أو إجراء مزيد من االختبارات‪.‬‬

‫و‪-‬اآلراء التشخيصية‪:‬و التي تصرح بها الحاالت التي تخضع للعالج‪.‬‬

‫ي‪-‬بعد إجراء التقييم النفسي‪ ،‬يقدم األخصائي النفسي السريري غال ًبا الرأي التشخيصي عن الحالة‪.‬‬

‫فالتش خيص في علم النفس اإلكلي نيكي والطب النفس ي يع ني تق ويم خص ائص الف رد من حيث قدرات ه‪،‬‬
‫وسماته و أعراض ه المرض ية مبين ا ً األس باب المباش رة لالض طراب‪ .‬و يش ير التش خيص في علم النفس‬
‫المرضي إلى تصنيف المعلوم ات المتعلق ة بالحال ة الس لوكية واالنفعالي ة للش خص والتحدي د الت الي ل ذلك‬
‫( باالسم ‪ /‬البطاقة )‪.‬‬

‫ال يسعى بعض األخصائيين النفسيين اإلكلينيكيين إلى التشخيص‪ ،‬ولكن بدالً من ذل ك يميل ون إلى دراس ة‬
‫الحالة اإلكلينيكية للمريض واإللمام بكل الصعوبات التي تواجه ه ومحاول ة معرف ة العوام ل ال تي ك انت‬
‫سب ًبا في تعرضه للضغوط النفسية وتلك التي ال تزال تصاحبه؛و ه و المب دأ األساس ي ال ذي تق وم علي ه‬
‫المقاربة العيادية‪.‬‬
‫يتضمن العالج النفسي العالقة األساسية التي توجد بين األخصائي النفسي والم ريض ‪ -‬س واء ك ان ف ً‬
‫ردا‬
‫أو زوجين أو أسرة أو مجموعة صغيرة ‪ -‬مما يساعد في تفعيل مجموعة من اإلجراءات ال تي ته دف إلى‬
‫تشكيل التوافق العالجي والكشف عن طبيعة المش كالت واالض طرابات النفس ية ال تي يع اني منه ا الف رد‬
‫وتشجيعه على انتهاج طرق جديدة في التفكير أو الشعور أو السلوك‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬قد يستخدم طبيب العالج السلوكي المعرفي‪ :‬أوراق عمل لتسجيل حاالت اإلدراك ال تي‬
‫أدت إلى الشعور بالقلق والضيق‪ .‬وقد يشجع المحل ل النفسي‪ :‬اس تخدام أس لوب الت داعي الحر‪ ،‬بينم ا ق د‬
‫يركز األخصائي النفسي المدرب على استخدام أس اليب الجش طالت على التفاع ل المباش ر بين الم ريض‬
‫والمعالج النفسي‪.‬‬

‫وعلى وجه العم وم‪ ،‬يس عى األخص ائيون النفس يون اإلكلي نيكيون جاه دين إلى جع ل أعم الهم تس تند إلى‬
‫األدلة البحثية ونتائج الدراسات باإلض افة إلى آراء علم اء النفس اإلكلينيك يين ذوي الخ برة‪ .‬وعلى ال رغم‬
‫من وجود عشرات من أساليب العالج النفسي المعترف بها في كثير من األحيان‪ ،‬فغالبًا ما يمكن تص نيف‬
‫الفروق واالختالفات ال تي توج د فيم ا بينه ا من خالل بع دين هم ا االستبص ار في مقابل توجي ه الس لوك‬
‫والعالج داخل الجلسة في مقابل العالج خارج الجلسة‪.‬و التي يمكن تفصيلها كالتالي‪:‬‬

‫أ‪-‬االستبص ار‪ :‬يُقص د ب ه الترك يز على الفهم العمي ق لطبيع ة ال دوافع الداخلي ة ال تي تث ير أفك ار الف رد‬
‫ومشاعره‪.‬‬

‫ب‪ -‬توجيه السلوك‪ :‬ينص ب الترك يز على تغي ير طريق ة الف رد في التفك ير والس لوك (على س بيل المث ال‬
‫العالج الموجه إليجاد حلول للمشكالت والعالج السلوكي المعرفي)‪.‬‬

‫ج‪-‬العالج داخ ل الجلس ة ‪ :‬يرك ز الت دخل العالجي على أهمي ة التفاع ل المباش ر والف وري بين الم ريض‬
‫والمعالج النفسي أثناء جلسة العالج (على سبيل المثال‪ ،‬العالج اإلنساني وعالج الجشطالت)‪.‬‬
‫د‪-‬العالج خارج الجلسة‪ :‬يعتمد جزء كبير من أسلوب العالج هنا على ما يتم تطبيق ه خ ارج جلس ة العالج‬
‫النفسي (على سبيل المثال‪ ،‬العالج بالقراءة والعالج السلوكي االنفعالي العقالني)‪.‬‬

‫أيض ا األس اليب المس تخدمة في العالج النفس ي حس ب ع دد األف راد ال ذين يتم‬‫وعالو ًة على ذلك‪ ،‬تختلف ً‬
‫عالجهم وكذلك وف ًقا لطبيعة المشكلة التي يتم التعامل معها‪ .‬فمثالً‪ ،‬يختلف العالج النفسي إلى حد كبير في‬
‫بين كل حالة وأخرى‪ ،‬فعالج طفل تعرض لصدمة نفسية يختلف عن عالج فرد ب الغ يع اني من االكتئ اب‬
‫عال من األداء‪ ،‬كما أن األشخاص الذين تم شفاؤهم من إدم ان العق اقير أو الح االت‬ ‫ولكنه يتميز بمستوى ٍ‬
‫ضا‪ .‬وهن اك عوام ل أخ رى تلعب دورً ا حيو ًي ا في‬‫التي تعاني من أوهام مرعبة لها عالج نفسي مختلف أي ً‬
‫عملية العالج النفسي تشمل بيئة الفرد وثقافت ه وعم ره ووظائف ه اإلدراكي ة والمعرفي ة ودوافع ه‪ ،‬ه ذا إلى‬
‫جانب م دة العالج النفس ي (بمع نى م ا إذا ك ان عالجً ا نفس يًا قص ير األم د أو طوي ل األم د)‪.‬و على ه ذا‬
‫األساس ظهرت ‪ 04‬مدارس رئيسية في علم النفس السريري و تتجلى في‪:‬‬

‫* العالج النفسي الديناميكي‪:‬‬

‫لقد تطور المنظور النفس ي ال ديناميكي نتيج ًة لتط ور التحلي ل النفس ي ال ذي قدم ه ع الم النفس س يجموند‬
‫علم تام‬
‫فرويد‪ .‬ويتمثل الهدف األساسي من التحليل النفسي في جعل الالوعي واعيًا ‪ -‬أي جعل الفرد على ٍ‬
‫بدوافع الالواعي المكبوتة لديه (وبالتحديد الدوافع األساسية التي تتعلق بالجنس والع دوان) وآلي ات ال دفاع‬
‫المختلفة التي يس تخدمها للس يطرة على ك ل م ا يش عر ب ه‪ .‬وتتض من األس اليب األساس ية لعملي ة التحلي ل‬
‫النفسي استخدام أسلوب التداعي الحر وأس لوب التحوي ل ال ذي ينتهج ه الم ريض تج اه المع الج النفس ي ‪-‬‬
‫ويُعرف هذا األسلوب بميل الفرد المريض للتعبير عن آرائه أو مواقف ه أو انفعاالت ه الداخلي ة ال تي ترتب ط‬
‫بشخص مهم في حياته (كاألب مثالً) وتحويلها تجاه شخص آخر؛ وغالبًا م ا يك ون المع الج النفس ي ال ذي‬
‫يقوم بدوره بتفسيرها‪ .‬وهناك نظريات أخرى حديثة ظهرت بصورة مختلف ة عن أس اليب التحلي ل النفس ي‬
‫ال تي اتبعه ا فروي د ومنه ا؛ علم نفس ال ذات وعلم نفس األن ا ونظري ة العالق ة بالموض وع‪ .‬وتن درج ه ذه‬
‫االتجاه ات الفكري ة العام ة اآلن تحت مظل ة المص طلح الش امل علم النفس ال ديناميكي ال ذي يبحث‬
‫موضوعات عامة؛ منها تفسير المعالج النفس ي ألس لوب التحوي ل وآلي ات ال دفاع ال تي ينتهجه ا الم ريض‬
‫وإدراك قوى الالوعي لديه واالهتمام بمعرفة كيف أن التطورات التي حدثت في مرحلة طفول ة الف رد ق د‬
‫ساهمت في تشكيل حالته النفسية الحالية‪.‬‬

‫*العالج النفسي اإلنساني‪:‬‬

‫  لق د تط ور علم النفس اإلنس اني في ف ترة الخمس ينيات من الق رن العش رين ك رد فع ل لظه ور ك ل من‬
‫المدرسة السلوكية والتحليل النفسي‪ ،‬ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى أسلوب العالج النفسي المتمرك ز ح ول‬
‫المريض الذي وضعه كارل روجرز (والذي غالبًا ما يشار إليه باسم عالج روجرز) وعلم النفس الوجودي‬
‫الذي نشأ وتطور على يد كل من فيكتور فرانكل و رولو ماي‪.‬‬

‫كان "روجرز" يؤمن بأن الم ريض يحت اج إلى ثالث ة أم ور فحس ب من الط بيب النفس ي المع الج ل ه لكي‬
‫يتمكن من التحسن العالجي ‪ -‬وتتمثل تلك األمور في؛ أوالً‪ ،‬التواف ق واالنس جام والقب ول‪ ،‬وثان ًي ا‪ ،‬التق دير‬
‫اإليجابي غير المشروط‪ ،‬وأخيرً ا‪ ،‬التفهُّم والتعاطف مع ما يقوله الم ريض‪ .‬واس تنا ًدا إلى مف اهيم المدرس ة‬
‫الظواهرية (التي تعتمد على فلسفة دراسة الظواهر أو ما يُعرف باس م الفينومينولوجي ا) والذاتي ة المتبادل ة‬
‫(أي العالقة بين الذات والذات) وصيغ المتكلم التي تعبر عن األنا والذات‪ ،‬حاول االتجاه اإلنساني في علم‬
‫النفس إلق اء الض وء على اإلنس ان كك ل وليس على مج رد ج وانب من شخص يته‪ .‬ويرتب ط ه ذا الج انب‬
‫الشمولي بهدف آخ ر من أه داف العالج النفس ي اإلنس اني في علم النفس اإلكلي نيكي؛ األم ر ال ذي يحق ق‬
‫التكامل للفرد ككل‪ ،‬وهذا ما يُطلق علي ه تحقي ق ال ذات‪ .‬ووف ًق ا لالتج اه اإلنس اني‪،‬يتمت ع ك ل ف رد بقدرات ه‬
‫وإمكاناته وموارده الخاصة التي تساعده في بناء شخصية قوية والتأكيد على أهمية مفهوم ال ذات‪ .‬وتتمث ل‬
‫مهمة أخصائي علم النفس اإلنساني في مساعدة الفرد في االستفادة من ه ذه الم وارد وتس خيرها لص الحه‬
‫وذلك من خالل العالقة العالجية التي تنشأ بينه وبين المريض‪.‬‬

‫*العالج السلوكي والعالج السلوكي المعرفي‪:‬‬

‫نشأ العالج الس لوكي المع رفي نتيج ًة للجم ع بين العالج المع رفي والعالج الس لوكي االنفع الي العقالني‪،‬‬
‫الذين اس ُتمدا من علم النفس المعرفي والمدرسة السلوكية‪ .‬ويعتمد العالج السلوكي المع رفي على النظري ة‬
‫التي توضح مدى ارتباط كل من أفكارنا (المعرفة) ومش اعرنا (العاطف ة) وس لوكياتنا (الس لوك) ببعض ها‬
‫ومدى تفاعلها معً ا في صور معقدة‪ .‬ومن خالل هذا المنظور يتضح أن هن اك أس اليب مح ددة يك ون فيه ا‬
‫خلل أو اضطراب في تفسير العالم أو تقييم ه (ويب دو ذل ك غال ًب ا من خالل الخط ط أو المعتق دات الس لبية‬
‫الخاطئة التي يتبناها الفرد) يمكن أن تؤدي إلى معاناة هذا الف رد من الض غوط واالض طرابات النفس ية أو‬
‫المش كالت الس لوكية‪ .‬ويتمث ل اله دف من معظم أس اليب العالج المع رفي الس لوكي في اكتش اف وتحدي د‬
‫اضطرابات التفاعل أو التواصل وذلك من خالل الطرق المنهجي ة المختلف ة ال تي يتبعه ا المع الج النفس ي‬
‫لمساعدة المريض في التغلب على ه ذه االض طرابات النفس ية وتجاوزه ا والحيلول ة دون ح دوثها ليعيش‬
‫حياة س عيدة وآمن ة‪ .‬هن اك العدي د من األس اليب الحديث ة المس تخدمة في العالج الس لوكي المع رفي‪ ،‬مث ل‬
‫أس لوب تقلي ل الحساس ية الت دريجي وأس لوب ط رح األس ئلة الس قراطي واالحتف اظ بس جل المالحظ ات‬
‫المعرفية الخاص بالمريض‪ .‬لقد تطورت أيضًا األس اليب المس تخدمة في تع ديل الس لوك اإلنس اني وال تي‬
‫يتضمنها العالج السلوكي المع رفي‪ ،‬ومن بينه ا العالج الس لوكي الج دلي والعالج المع رفي المعتم د على‬
‫التنبيه الذهني‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬يعد العالج السلوكي أحد المجاالت الغنية بالبحث‪ .‬ذلك‪ ،‬حيث يعد من المجاالت البحثي ة‬
‫التي القت إقباالً كبيرً ا من الب احثين النفس يين‪ ،‬كم ا أن ه يحظى بقاع دة عريض ة من الدراس ات واألعم ال‬
‫البحثية‪ .‬هذا‪ ،‬وترجع أص وله إلى مف اهيم ومب ادئ المدرس ة الس لوكية‪ .‬ووف ًق ا للعالج الس لوكي‪ ،‬يمكن أن‬
‫تنبئ األحداث والظواهر البيئية عن الطريقة التي نفكر ونشعر بها‪ .‬إن س لوكنا يح دد ش روط م دى تأثرن ا‬
‫بالظروف والبيئة المحيطة بنا والتي يتم تقييمنا وف ًقا لها‪ .‬وفي بعض األحيان‪ ،‬يدفع هذا التقييم الس لوك إلى‬
‫زيادة تعزيز الذات‪ ،‬وفي أحيان أخرى يقلل السلوك من العقاب‪ .‬وغالبًا م ا يس تدعي األم ر من أخص ائيي‬
‫العالج السلوكي إجراء تحليل السلوك التطبيقي‪ .‬لق د ق اموا بدراس ة العدي د من الج وانب ب دءًا من عوام ل‬
‫تأخر النم و ووص والً إلى االكتئ اب واض طرابات القل ق‪ .‬وفيم ا يتعل ق بمج ال الص حة النفس ية وح االت‬
‫اإلدم ان‪ُ ،‬ن ِش ر مق ال م ؤخرً ا في القائم ة التابع ة لجمعي ة علم النفس األمريكي ة يحت وي على ع دد من‬
‫الممارسات العملية الواعدة والمنظمة جي ًدا في هذا الص دد ووُ ِج د أن هن اك ع د ًدا ه ائالً منه ا يعتم د على‬
‫مبادئ االشتراط اإلجرائي والسلوك االستجابي‪ .‬هذا‪ ،‬وقد ظهرت أس اليب التق ييم المتع ددة من خالل ه ذا‬
‫المنهج‪ ،‬ومن بينها التحليل الوظيفي (علم النفس)‪ ،‬مما أدى إلى وجود اهتمام بالغ بنظام التعليم المدرس ي‪.‬‬
‫أيض ا نتيج ًة له ذا المنهج‬
‫وعالو ًة على ذلك‪ ،‬فهناك برامج التدخل العالجي متعددة المحاور التي قد نشأت ً‬
‫السلوكي المعرفي‪ ،‬ومن بينها طريقة تعزيز المجتمع لعالج المشكالت المرتبطة بح االت اإلدم ان وعالج‬
‫التقب ل واالل تزام والعالج النفس ي التحليلي ال وظيفي‪ ،‬بم ا في ذل ك العالج الس لوكي الج دلي والتنش يط‬
‫السلوكي‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فهناك أساليب عالجية حديثة محددة قد استندت في نشأتها إلى هذا المنهج‪،‬‬
‫مثل التعامل مع حاالت الطوارئ والعالج بالتعرض للمخاوف النفسية‪.‬‬

‫مراجع هذه المحاضرة‪:‬‬

‫‪-1‬جمعة سيد يوسف‪:‬النظريات الحديث ة في تفس ير األم راض النفس ية‪-‬مراجع ة نقدية‪،-‬دار‬
‫غريب للطباعة و النشر و التوزيع‪،‬القاهرة‪.2001،‬‬

‫‪-2‬ح افري زهي ة غني ة‪ ":‬مطبوع ة ال دعم البي داغوجي في مقي اس علم النفس‬
‫المرضي"‪،‬موجهة لطلبة الس نة الثاني ة ليس انس علم النفس؛جامع ة س طيف‪،-2-‬كلي ة العل وم‬
‫اإلنسانية و االجتماعية ‪،‬قسم علم النفس و علوم التربية و األرطفونيا‪.2015/2016،‬‬

‫‪-3‬جميل حمداوي‪:‬مدارس علم النفس‪،‬ط‪.1،2017‬‬

You might also like