الصحة ،والمرح أو االكتئاب ،نجده أكثر استعداداً بطرٌقة معٌنة عنه بطرٌقة أخرى ،وٌتوقف االستعداد للتأثٌر االنفعالً إلى حد كبٌر على الحالة الغدٌة ،والعصبٌة ،والشخصٌة ،وعلى ما ٌجري فً الجسم من عملٌات الهدم ،والبناء والعملٌات الكٌماوٌة المختلفة ،وهذا الجزء من االستعداد ٌطلق علٌه بالمزاج . إن اضطرابات المزاج هً من األمراض العصبٌة والنفسٌة التً تصٌب الناس كافة وفً جمٌع األعمار .
تحتل حاالت االكتئاب المركز األول من بٌن هذه
االضطرابات من الكثرة اإلحصائٌة كما أن النساء ٌأخذن النصٌب األكبر من هذه األمراض وأن ذروة اإلصابة فً هذه الحاالت عندهن هً فً األعمار ما بٌن الثالثٌن واألربعٌن .كثٌرا ما ٌشتكً المصاب بمرض االكتئاب من اإلحساس بالنرفزة أو العصبٌة الزائدة وانعدام االستمتاع بأشٌاء وأعمال كانت فً السابق مركز اهتمام ومتابعة عند المرٌض كما ٌكون المرٌض منزعج من التعامل مع من ٌحٌط به سواء بالعمل أو بالبٌت وٌفضل الخلود إلى الوحدة والعزلة وٌجد نفسه متضاٌقا من األنوار واالجتماعات الصاخبة إن التفكٌر عنده ٌصبح مشوشا وتغلب علٌه طابع السلبٌة وانعدام الصواب فً اتخاذ القرارات وماله من تأشٌرات مستقبلٌة غٌر محمودة .
وتصل شدة المرض أحٌانا إلى مرحلة أن
اإلنسان ٌلوم نفسه على كل خطأ أو فشل أو مشكلة تحصل معه أو تمس عائلته أو تخل فً عمله ونجاحه.
إن أعراض االكتئاب كثٌرة ومنها ما ٌظهر
على شكل آالم جسمٌة وتعب وقلة تحمل لألعمال المجهدة وضعف قد ٌصل إلى درجة عدم القدرة على االستحمام وتسرٌح الشعر . وكثٌرا ما ٌكون انعدام القدرة على التفكٌر والشرود الذهنً باإلضافة إلى الصداع من الدوافع األولى للذهاب إلى الطبٌب .على أنه من أكثر مشاكل االكتئاب الغٌر محسوسة هً التأثٌر على طبٌعة العالقة بٌن المرٌض وزوجه وبٌن المرٌض وأهلة لدرجة أنه ٌصبح أحٌانا عبئا عظٌم الثقل على اآلخرٌن الذٌن ٌحٌطون به .
إن جهل األهل واألصحاب بطبٌعة هذه الحاالت ٌجعل
تعاملهم مع المصاب باالكتئاب تعامال فٌه انعدام للرحمة وقسوة وفظاظة ال تفٌد إال بتأخٌر المساعدة وطلب النجدة للمرٌض وتقلٌل فرصة التحسن وسرعة الشفاء .
إنه من الضروري أن ٌوسع اإلنسان ثقافته الطبٌة
لتشمل أمورا غٌر تلك الواضحة للعٌان إننً أعنً بذلك الحاالت المرضٌة العصبٌة النفسً التً تحتاج غل عٌن بصٌرة وٌد خبٌرة فً تشخٌص الداء ووصف الدواء ٗشٓ مل هي باط ّبلْهي أى للوضاج حاسٗخا ً طْٗالً ّهاض٘ا ً قص٘شاًُّ ،زا الخاسٗخ الطْٗل للوضاج بالشغن هي الجزّس الخاسٗخ٘ت لَ ها قبل الو٘الد، فإى االعخقاد الزٕ ماى سائذاً فٖ أّسّبا ّفٖ العصْس الْسطّٔ ،فٖ عصش الٌِضت أى سلْك اإلًساى ٗعخوذ علٔ حْاصى أّ عذم حْاصى األهضجت ّالوخوثلت فٖ الوضاج البلغوّٖ ،الذهّْٕ ،الصفشإّ، ّالسْدإّّ ،أى مل هادة هي ُزٍ الوْاد هْجْدة فٖ جسن اإلًساى، ّلني إرا ُ٘وٌج هادة هي ُزٍ الوْاد ،فإى هضاجَ سْف ٗخأثش حسب طب٘عت حلل الوادة . فالمزاج هو ظاهرة ذات طابع خاص متمٌز فً طبٌعة الفرد االنفعالً ،تشمل سرعة تأثره بالتحفز االنفعالً ،وسرعة قوة استجابته التً ألفها ،ونوعٌة مزاجه الحالً ،وجمٌع خصوصٌات التذبذب فً المزاج وشدته ،إذ تعتمد هذه الظاهرة على التكوٌن الوراثً، وعلى الرغم من أن هناك افتراضا ً مفاده أن المزاج ال ٌتغٌر بدءاً من الوالدة وحتى الموت، وٌمكن للمزاج كما هو الحال لبنٌة الجسم، والذكاء أن ٌتغٌر ضمن حدود معٌنة ،عن طرٌق التأثٌرات العالجٌة والجراحٌة، والغذائٌة ،فضال عن طرٌق التعلم والخبرات. ولكن هناك حقٌقة تؤشر أن عدة مستوٌات تكوٌنٌة ،وكٌماوٌة ،واستقالبٌة ،وعصبٌة تمنح للفرد منذ الوالدة ،وتصبح سمة لشخصٌته ،وأن التبدالت والتغٌرات التً تطرأ له ممكنة ،ولكنها محدودة. وٌضع كل من (باس وبلومن) ثالثة افتراضات لتكوٌن المزاج ،االفتراض األول ٌرى أن األطفال ٌبدون حٌاتهم بعدد من استعدادات الشخصٌة الموروثة وتكون هذه المٌول الفطرٌة واسعة ،وهً تؤكد بشدة أشكاالً مختلفة من سمات الشخصٌة ،أما االفتراض الثانً فٌرى أن االستعدادات الموروثة تحدد الكثٌر من الفروق الفردٌة فً الشخصٌة ،أي ان بعض التصرفات ترجع بالدرجة األولى للوراثة ،بٌنما االفتراض الثالث ٌرى أن المٌول الموروثة الواسعة تقوم البٌئة بتدعٌمها ،وتحوٌرها . لقد تأثر علماء الشخصٌة البولندٌون فً رسم العالقة بٌن المزاج والشخصٌة بنظرٌة الفعل – النشاط التً تقدم بها توماسزسكً التً هً فً الواقع امتداد لوجهات نظر فٌجوتسكً) ، (Vegotskyفالشخصٌة تعد النظام المركزي الذي ٌنظم النشاط الذي ٌقوم به الفرد ،وتعمل على تكامله ،فضالً عن إنها مجموعة من اآللٌات التنظٌمٌة المناسبة التً تشكل فً أثناء قٌام الفرد ضمن سٌاقات ٌتبع حسب مزاجه وحسب االنفعاالت التً ٌمر بها . وبٌئات تارٌخٌة اجتماعٌة معٌنة ،ومن هنا تتضح العالقة أن نشاط الفرد ٌتبع حسب مزاجه وحسب االنفعاالت التً ٌمر بها . فشخصٌة الفرد تتأثر بنوع االنفعاالت التً ٌتعرض لها ،وفً هٌمنة استعدادات انفعالٌة لنمط معٌن متمٌز أو مزاج سائد .فمثالً التوجس الذي ٌبدٌه الفرد لموقف معٌن ٌدل على حالته المزاجٌة من عدم االرتٌاح ،بٌنما فً موقف آخر فٌه نوع من الرضا ،والشعور بالسعادة فإن حالته المزاجٌة تمٌل إلى االبتهاج ،وال شك أن البٌئة بوسعها أن تعدل المزاج ولكن هناك عدداً من القٌود ،فأثر بٌئة معٌنة ٌعدل جزئٌا ً من المزاج ،وعلى المدى البعٌد الضغط الشدٌد من البٌئة ال ٌمكن أن ٌغٌر جذرٌا ً من االستعداد الطبٌعً الوراثً للمزاج، وهذا جعل من علماء النفس ٌركزون على الجوانب المعرفٌة ومنها الذكاء أكثر من االهتمام بالجوانب االنفعالٌة ومنها المزاج . وكان الذكاء هو السمة التً شغلت اهتماماتهم البحثٌة فً تناول لظاهرة الفروق الفردٌة وقٌاسها ،إال أن النظرة الحدٌثة للمزاج كأساس انفعالً للشخصٌة ٌجعل الفرد متمٌزاً بذاته وهو ال ٌمكن إن ٌكون كذلك إال إذا اختلف عن اآلخرٌن فً أسالٌب استجاباته وحالته االنفعالٌة ،ودوافعه ومٌوله التً تتضمن قٌاس سلوك الفرد من خالل تصرفاته المتكررة الٌومٌة ،والتً تمٌزه عن غٌره من األفراد فً المواقف العادٌة .فهناك أفراد ٌمٌلون بطبٌعتهم إلى االنطواء . فً حٌن البعض اآلخر ٌمٌل إلى االنبساط وإظهار الذات فً المواقف العادٌة التً تخلو من الظروف والبواعث االستثنائٌة بالنسبة لهذا الفرد ،ألن ما ٌبدو أنه نموذج من سلوكه الٌومً ،أما الذكاء فإنه ٌمثل أقصى األداء وٌتحدد فً ما ٌمكن أن ٌقوم به الفرد فً المواقف التً تحتاج إلى حل المشكالت الذهنٌة المختلفة التً تواجه الفرد ،والتً ٌتعٌن فٌها استخدام ذكائه ،وقدراته المختلفة . إن التكوٌن النفسً للفردٌ ،شمل التنظٌم االنفعالً الذي ٌزوده بغاٌات السلوك ودوافعه ،والذي ٌعتمد على الحالة االنفعالٌة ،بٌنما التنظٌم المعرفً للفرد ٌتعلق بطرق تحقٌق هذه الدوافع ،وتكون وظٌفة النشاط العقلً هً خدمة دوافع الفرد ورسم طرق تحقٌقها ،وإشباعها التً غالبا ً ما تتأثر بتكوٌن الفرد، فكلما كان هذا التكوٌن معقداً كانت السبل أمام تحقٌق تلك الدوافع متغٌرة ومتعددة . وعلى العموم ٌنظر إلى المزاج على أنه أساس انفعالً ثابت إلى حد ما ٌختلف باختالف الحالة العقلٌة وٌماثل حالة الجسم فً مختلف أوضاعه والتغٌرات االنفعالٌة التً ترتبط بما ٌواجهه الفرد فً حٌاته ،والتً ٌطلق علٌها المنظومات المزاجٌة التً تتضمن أسالٌب النشاط االنفعالً النزوعً التً تفسر بالدوافع المختلفة .وٌظهر هذا التنظٌم فً مٌول الفرد ورغباته وسماته المزاجٌة . والنشاط االنفعالً وتأثٌراته ٌتوقف على أمرٌن :أولهما الموقف والثانً الفرد وحالته الجسمٌة ،والعقلٌة ،فاالستعداد للتأثر االنفعالً ٌختلف من فرد إلى آخر ،وٌختلف فً الفرد الواحد من وقت إلى آخر وذلك حسب عوامل بعضها فطري دائم ،وبعضها مؤقت .