You are on page 1of 24

‫‪Moral Psychology‬‬

‫علم النفس األخالقي‬

‫عمل الطالب‪ :‬ضياء احمد الجالودي‬


‫بإشراف األستاذ الدكتور معتز سيد عبد هللا‬
‫ما هو علم النفس األخالقي‪:‬‬
‫تعريف علم النفس األخالقي‪ :‬يُعرف علم النفس األخالقي بأنه دراسة الجوانب النفسية لألخالق‪ ،‬وفحص سبب قيام الناس أحيانًا‬
‫بالشيء الصحيح والفرق بين فعل شيء جيد والتصرف األخالقي‪ .‬إنه يطرح تساؤالت في طبيعة اإلجراءات والمسؤوليات‬
‫األخالقية‪(Tiberius, 2023) .‬‬
‫وبحسب بريتانيكا علم النفس األخالقي‪ ،‬في علم النفس والفلسفة‪ ،‬هو الدراسة التجريبية والمفاهيمية للحكم األخالقي‪ ،‬والدافع‪،‬‬
‫والتطور‪ ،‬والموضوعات األخرى ذات الصلة‪(Britannica, 2023).‬‬
‫علم النفس األخالقي هو دراسة الجوانب النفسية لألخالق‪ ،‬والتي غالبًا ما تتضمن خبرة العلماء‪ .‬يهتم الفالسفة بفهم هذه‬
‫األسئلة‪ ،‬ألنها غالبًا ما تتضمن مفاهيم يدرسها الفالسفة‪ ،‬مثل السؤال (هل فعلت ذلك ألنك أردت ذلك أو ألنك تعتقد أنه يجب‬
‫عليك ذلك؟) هذا السؤال ليس تجريبيًا‪ ،‬بل أخالقي‪ .‬الطريقة التي يتم بها اإلجابة على األسئلة العلمية لها آثار مهمة على ما‬
‫يقوله الفالسفة عن الموضوعات األخرى في الفلسفة األخالقية‪ ،‬وكيف يتأثر العلماء في كثير من األحيان بفهمهم الفلسفي‬
‫للظواهر‪.‬‬
‫تغير علم النفس األخالقي بشكل كبير في العقد الماضي‪ ،‬حيث ركز القرن العشرين على األسئلة المعيارية والمفاهيمية ورفض‬
‫األسئلة التجريبية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد تغير هذا‪ ،‬حيث أن هذه األسئلة متشابكة لدرجة أن التقدم في مجموعة ما يتطلب وضع‬
‫افتراضات حول مجموعة أخرى‪.‬‬

‫هناك ثالثة أنواع من األسئلة التي تنطوي عليها الفلسفة األخالقية‪ :‬المعيارية والنظرية (أو المفاهيمية) والتجريبية‪ .‬غالبًا ما‬
‫طا وثيقًا بطريقة تجعلك تفترض مسبقًا إجابة على أحدها لإلجابة على آخر‪ ،‬ويجب عليك‬ ‫تكون هذه األسئلة مرتبطة ارتبا ً‬
‫اإلجابة على أكثر من نوع لإلجابة على األسئلة الكبيرة في األخالق واألخالقيات‪.‬‬

‫ان العالقة بين العلم واألخالق معقدة‪ ،‬وفهم تفسير العمل األخالقي يتطلب التعامل مع األسئلة المعيارية والمفاهيمية والتجريبية‪.‬‬
‫من خالل فحص العالقة بين هذه األسئلة‪ ،‬يمكننا أن نفهم بشكل أفضل اآلثار المترتبة على النظريات األخالقية والطرق التي‬
‫تشكل بها فهمنا للعالم‪.‬‬
‫علم النفس األخالقي هو دراسة الجوانب النفسية لألخالق‪ .‬سؤاالن أساسيان في علم النفس األخالقي‪ ،‬لماذا نتصرف أخالقياً؟‬
‫ولماذا نفشل أحياناً؟ تتطلب اإلجابة على هذه األسئلة أن نكتشف أوالً ما يعتبر دافعًا أخالقيًا للعمل‪ .‬سؤال مركزي آخر هو‪ ،‬في‬
‫ظل أي ظروف نحن مسؤولون أخالقيا عن أفعالنا؟‬
‫هناك ثالثة أنواع مختلفة من األسئلة في الفلسفة األخالقية‪ :‬المعيارية والنظرية‪/‬المفاهيمية والتجريبية‪/‬العلمية‪ .‬البحث الفلسفي‬
‫والنفسي في علم النفس األخالقي له صلة بجميع أنواع األسئلة الثالثة‪.‬‬
‫التحليل النظري مفيد بشكل خاص لإلجابة على األسئلة المعيارية والنظرية‪/‬المفاهيمية‪ .‬إنها طريقة للتفكير الدقيق تهدف إلى‬
‫فهم هدف التحقيق من خالل االهتمام بجميع األدلة‪ ،‬والمزايا النسبية لمختلف المقترحات النظرية‪ ،‬والفضائل النظرية مثل‬
‫االتساق والثمار‪.‬‬
‫التوازن العاكس هو نوع محدد من التحليل النظري المستخدم في تطوير النظريات المعيارية‪ .‬يسلط التوازن العاكس الضوء‬
‫على أدلة أحكامنا األخالقية (أو حدسنا) حول حاالت معينة والفضيلة النظرية للتماسك‪.‬‬
‫غالبًا ما تكون األسئلة المعيارية والنظرية والتجريبية مرتبطة بحيث ال يمكنك اإلجابة على سؤال دون افتراض بعض‬
‫اإلجابات على األسئلة األخرى‪(Tiberius, 2023).‬‬

‫‪1‬‬
‫بداية االخالق‬
‫لإلجابة على السؤال عما إذا كانت األخالق فطرية‪ ،‬نحتاج إلى تعريفات االخالق والفطرية‪.‬‬
‫إحدى طرق تعريف (األخالق)‪ ،‬التي يفضلها علماء النفس الواردة في هذا الفصل‪ ،‬هي من خالل مراقبة الممارسات العادية‬
‫التي نميل إلى التفكير فيها على أنها أخالقية ‪(.‬الفطرة) هو مفهوم يميل إلى اإلشارة إلى عدم المرونة واألسالك الصلبة‪ .‬مهما‬
‫كانت القدرات األخالقية التي ولدنا بها‪ ،‬فهي ليست مجتهدة‪ .‬لهذا السبب‪ ،‬يجب علينا إما تجنب كلمة (فطري) أو تعريفها‬
‫بعناية‪.‬‬
‫النزعة األخالقية هي الرأي القائل بأن هناك قدرات أخالقية غير متعلمة تميل إلى التطور في البيئات العادية‪ .‬المجاالت‬
‫األخالقية أو براعم التذوق أو عناصر التطور األخالقي لقناة (المسودة التقريبية) في اتجاهات معينة‪ ،‬ولكن قد تكون هذه‬
‫القنوات واسعة بما يكفي لترك مساحة كبيرة للتنوع اعتمادًا على ثقافة الشخص وخبرته‪.‬‬
‫أحد األدلة على القدرات األخالقية غير المكتسبة هو الظهور المبكر (عند األطفال الذين ال تتجاوز أعمارهم ‪ 6‬أشهر)‬
‫لتفضيالت المساعدة في السلوك وضد إعاقة السلوك‪ .‬نوع آخر من األدلة على القدرات األخالقية غير المكتسبة هو التطور‪.‬‬
‫يبدو أن األخالق قد تطورت لتمكيننا من جني ثمار التعاون‪.‬‬
‫هناك نظريات مختلفة حول المجاالت األخالقية التي طورناها‪ .‬تفترض نظرية األسس األخالقية خمس مجاالت (الرعاية‬
‫واإلنصاف والوالء والسلطة والنقاء)‪ .‬تسرد التعددية الثقافية الجينية الضرر والقرابة والمعاملة بالمثل واالستقاللية واإلنصاف‪.‬‬
‫هاتان النظريتان متشابهتان‪ ،‬لكن لديهما وجهات نظر مختلفة حول المجاالت األخالقية التي لدينا ومدى عدم تعلم هذه‬
‫المجاالت‪ .‬مهما كانت تفاصيل نقاط انطالق األخالق البشرية‪ ،‬فمن الرهان الجيد أننا ال نبدأ بقائمة فارغة وأن الثقافة والتعلم‬
‫لهما تأثير عميق على كيفية تطور نقاط البداية هذه‪.‬‬
‫إن نقاط البداية األخالقية ذات صلة باألخالق‪ ،‬ألن ما نحن عليه على األقل يقيد ما يجب أن نفعله وما يمكن أن نطمح إليه‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬ال يمكننا استخالص استنتاجات حول الصواب والخطأ فقط من الحقائق حول براعم الذوق األخالقية لدينا‪ .‬هناك‬
‫حاجة إلى فرضيات معيارية لوضع استنتاجات معيارية‪.‬‬
‫اقترح هايدت أن هناك ما ال يقل عن خمس مجاالت أخالقية أو براعم التذوق‪ .‬يجادلون بأن كل برعم تذوق هو استجابة لتحدي‬
‫تكيفي مختلف واجهه أسالفنا من البشر‪ .‬كل برعم تذوق ينطوي على مشاعر أخالقية مختلفة ويميل إلى االرتباط بفضائل‬
‫ورذائل أخالقية مختلفة ومعايير أو قواعد أخالقية مختلفة‪ .‬فيما يلي الخمسة مجاالت‪:‬‬
‫‪ .1‬الرعاية‪/‬األذى‪ :‬نشعر بالتعاطف مع ضحايا المعاناة والغضب من أولئك الذين يتسببون في المعاناة‪ .‬كان من التكيف‬
‫بالنسبة لنا أن يكون لدينا هذه الميول العاطفية ألننا كنا بحاجة إلى رعاية أطفالنا الضعفاء‪ .‬اآلن‪ ،‬تعاطفنا مع مجموعة‬
‫واسعة من المحفزات‪ ،‬بما في ذلك الحيوانات الصغيرة اللطيفة‪ .‬يرتبط مجال الرعاية‪/‬الضرر بفضائل اللطف‬
‫والرفق‪ ،‬والرذائل مثل القسوة‪ .‬القواعد المتعلقة بالرعاية واألذى مألوفة ومنتشرة في كل مكان‪ .‬أبسط نسخة من قاعدة‬
‫الرعاية‪/‬الضرر هي (ال تؤذي األبرياء)‪.‬‬
‫نظرا ألن نجاحنا كنوع يعتمد‬
‫‪ .2‬اإلنصاف‪/‬الغش‪ :‬نميل إلى الشعور بالغضب من الغشاشين والذنب عندما نغش أنفسنا‪ً .‬‬
‫على قدرتنا على التعاون مع بعضنا البعض في مجموعات صغيرة‪ ،‬فقد كان من التكيف بالنسبة لنا تفضيل اإلنصاف‬
‫وعدم الرضا عن الغش‪ .‬يرتبط مجال اإلنصاف‪/‬الغش بفضائل العدالة والجدارة بالثقة ورذائل الظلم وعدم األمانة‪.‬‬
‫كما أن معايير اإلنصاف مألوفة للغاية‪« :‬ال تغش» و «تعامل اآلخرين بإنصاف» و «قم بنصيبك من العمل» هي‬
‫بعض األمثلة‪.‬‬
‫نظرا لحاجتنا إلى‬
‫‪ .3‬الوالء‪/‬الخيانة‪ :‬نميل إلى الشعور بالفخر بعضوية مجموعتنا والغضب تجاه الخونة‪ .‬مرة أخرى‪ً ،‬‬
‫التعاون داخل مجموعاتنا‪ ،‬فقد خدمنا الوالء للمجموعة جيدًا‪ .‬يرتبط هذا المجال بفضائل الوالء والوطنية والتضحية‬
‫بالذات ورذائل الخيانة الزوجية والخيانة‪ .‬تشمل معايير الوالء «ضع عائلتك أوالً» و «دافع عن بلدك»‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ .4‬السلطة‪/‬التخريب‪ :‬نميل إلى احترام السلطة (وأحيانًا الخوف)‪ ،‬والتي ربما كانت ميزة عندما بدأ البشر في العيش في‬
‫مجموعات هرمية أكبر‪ .‬لجعل هذه المجموعات تعمل ولضمان استمرار النشاط التعاوني‪ ،‬فقد ساعد ذلك في الميل‬
‫إلى تقدير القيام بما قيل لنا‪ .‬يرتبط مجال السلطة‪/‬التخريب بفضائل القيادة واالحترام للسلطة الشرعية واحترام التقاليد‬
‫ورذيلة العصيان‪ .‬قواعد مثل «احترام كبار السن» هي معايير السلطة‪.‬‬
‫‪ .5‬القداسة‪/‬التدهور‪ :‬هناك ميل بشري للشعور باالشمئزاز من الطعام الفاسد والمنتجات المهدرة‪ ،‬وأيضًا العتبار بعض‬
‫األشخاص والسلوكيات مريضة أو غير صحية‪ .‬ليس من الصعب أن نرى مدى اشمئزاز الطعام الملوث من التكيف‬
‫مع الصيادين وجامعي الثمار‪ ،‬خاصة عندما بدأوا في أكل اللحوم‪ ،‬وفي مرحلة ما من تطورنا‪ ،‬أصبحت ردود الفعل‬
‫االشمئزازية أخالقية‪ .‬يرتبط مجال الحرمة‪/‬التدهور بفضائل مثل االعتدال والعفة ورذيلة الفحش‪« .‬عامل جسمك مثل‬
‫الهيكل» هو مثال على قاعدة الوالء‪ ،‬كما هو الحال «ال تحط من قدر نفسك باستخدام لغة بذيئة( (مقتبس من‬
‫‪(Tiberius, 2023).)Graham et al. 2013‬‬

‫‪3‬‬
‫بداية االخالق (من منظور تطوري)‬
‫كان التطور موضوع نقاش‪ ،‬مع تفسيرين تقليديين لألخالق البشرية‪ .‬األول هو أن البشر يساعدون أقاربهم‪ ،‬الذين يتشاركون‬
‫الجينات‪ ،‬من خالل مواقف اللياقة الشاملة أو المعاملة بالمثل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن األخالق تتجاوز هذين التفسيرين‪ ،‬ألنها تنطوي‬
‫على شعور بااللتزام تجاه بعضهما البعض‪.‬‬

‫ويعترف نهج جديد لفهم األخالق بأن األفراد في الفئات االجتماعية حيث يعتمد الجميع على بعضهم البعض من أجل البقاء‬
‫والرفاه يعملون بمنطق محدد من االعتماد المتبادل‪ .‬ينص هذا المنطق على أنه إذا اعتمد أحدهم على اآلخر‪ ،‬فمن مصلحتهم‬
‫ضمان رفاهيتهم‪ .‬هذا المنطق للترابط متجذر في الظروف التي أجبرت البشر على أساليب الحياة التعاونية‪ ،‬ال سيما عند‬
‫الحصول على الغذاء والموارد األساسية األخرى‪.‬‬

‫يعد التعاون جانبًا رئيسيًا من هذا المفهوم‪ ،‬كما يتضح من البحث التعاوني عن الشمبانزي والبونوبو‪ .‬تبحث هذه الحيوانات عن‬
‫الطعام والنباتات في الحفالت الصغيرة‪ ،‬ولكن عندما يتم العثور على الموارد‪ ،‬يتدافع كل فرد للحصول على الطعام بشكل‬
‫مستقل‪ .‬تنشأ الصراعات من خالل الهيمنة‪ ،‬مع فوز أفضل مقاتل‪ .‬في المقابل‪ ،‬ينخرط البشر في البحث عن الطعام التعاوني‪،‬‬
‫حيث يزيد كل شمبانزي من فرصه عن طريق سد طريق هروب محتمل واحد‪ .‬يحاول الشمبانزي الخاطف استهالك الجثة‬
‫بأكملها بمفرده‪ ،‬لكنه ال يستطيع ذلك عادةً‪ .‬يتقارب جميع األفراد في المنطقة على الفريسة المأسورة‪ ،‬مما يسمح بكمية صغيرة‬
‫من تقاسم الطعام‪(Tomasello, 2016).‬‬
‫منذ حوالي مليوني عام‪ ،‬ظهر اإلنسان بأدمغة أكبر ومهارات جديدة في صنع األدوات الحجرية‪ .‬أدت فترة التبريد والتجفيف‬
‫العالمية إلى انتشار القرود األرضية‪ ،‬التي تتنافس على الموارد‪ .‬احتاج البشر األوائل إلى خيارات جديدة‪ ،‬مثل البحث عن‬
‫الجثث التي قتلتها حيوانات أخرى‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬منذ حوالي ‪ 400000‬عام‪ ،‬بدأ بعض البشر األوائل‪ ،‬على األرجح ‪Homo‬‬
‫‪ ،heidelbergensis‬في الحصول على معظم طعامهم من خالل التعاون النشط في الصيد والجمع‪ .‬أصبح التعاون إلزاميًا‬
‫(إلزاميًا) من حيث أنه ضروري لبقائهم‪ ،‬وأصبح األفراد مترابطين مع بعضهم البعض بطرق فورية وعاجلة للحصول على‬
‫رزقهم اليومي‪ .‬وينطوي جزء أساسي من عملية اإللزام بالبحث التعاوني على اختيار الشريك‪ .‬لم يتم اختيار األفراد الذين‬
‫كانوا غير أكفاء إدراكيًا أو غير ذلك في التعاون كشركاء‪ ،‬كما تم تجنب أولئك الذين كانوا غير متعاونين اجتماعيًا أو أخالقيًا‬
‫في تفاعلهم مع اآلخرين كشركاء‪.‬‬

‫النقطة األساسية لتطور األخالق هي أن األفراد البشريين األوائل الذين تم اختيارهم اجتماعيًا للبحث عن الطعام التعاوني من‬
‫خالل اختيارهم للشركاء طوروا طرقًا جديدة لالرتباط باآلخرين‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬كانت لديهم دوافع تعاونية قوية‪ ،‬للعمل م ًعا‬
‫لتحقيق األهداف المشتركة والشعور بالتعاطف مع الشركاء الحاليين أو المحتملين ومساعدتهم‪ .‬إذا كان الفرد يعتمد على‬
‫الشركاء في البحث عن النجاح‪ ،‬فمن المنطقي التطوري مساعدتهم كلما لزم األمر للتأكد من أنهم في حالة جيدة للنزهات‬
‫المستقبلية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يعتمد بقاء المرء على رؤيته لآلخرين كشريك تعاوني كفء ومحفز‪.‬‬
‫في التجارب‪ ،‬حتى األطفال الصغار يهتمون بكيفية تقييمهم من قبل اآلخرين‪ ،‬بينما يبدو أن الشمبانزي ال يفعل ذلك‪ .‬لقد قام‬
‫العلماء بالتحقيق في أصول التفكير البشري واألخالق من خالل مقارنة سلوكيات أقاربنا المقربين من الرئيسيات مع سلوكيات‬
‫األطفال الصغار الذين لم يدمجوا بعد معايير ثقافتهم‪ .‬من هذه الدراسات‪ ،‬توقع العلماء أن البشر األوائل الذين شاركوا في‬
‫البحث التعاوني طوروا نوعًا جديدًا من التفكير التعاوني الذي دفعهم إلى معاملة اآلخرين كشركاء مستحقين على قدم المساواة‬
‫‪ -‬أي ليس فقط بالتعاطف ولكن أيضًا بإحساس باإلنصاف‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫للحد من المخاطر الكامنة في اختيار الشريك‪ ،‬يمكن لألفراد الذين كانوا على وشك أن يصبحوا شركاء استخدام مهاراتهم‬
‫الجديدة في التعاون لتقديم التزام مشترك‪ ،‬والتعهد باالرتقاء إلى مستوى أدوارهم‪ ،‬مما يتطلب تقسي ًما عادالً للغنائم‪ .‬كجزء من‬
‫هذا االلتزام‪ ،‬يمكن للشركاء المحتملين أيضًا التعهد ضمنيًا بأن من قد يتراجع عن التزام سيكون يستحق اللوم‪،Tomasello( .‬‬
‫‪)2016‬‬

‫عرف‬‫أصبحت نتيجة تكيفات البشر األوائل للبحث عن الطعام التعاوني اإللزامي ما يُعرف باألخالق الشخصية الثانية‪ ،‬والتي ت ُ َّ‬
‫على أنها الميل إلى االرتباط باآلخرين بإحساس باالحترام واإلنصاف بنا ًء على تقييم حقيقي لكل من الذات واآلخرين على قدم‬
‫المساواة شركاء مستحقون في مشروع تعاوني‪ .‬وقد زاد من هذا الشعور باإلنصاف الشعور بااللتزام والضغط االجتماعي‬
‫للتعاون واحترام الشريك‪.‬‬
‫ان والدة األعراف الثقافية خطوة حاسمة في تطور األخالق البشرية‪ ،‬التي حدثت منذ أكثر من ‪ 200000‬عام عندما أدت‬
‫المنافسة بين المجموعات البشرية إلى تكوين مجموعات اجتماعية أكثر إحكا ًما‪ .‬طورت هذه المجموعات انقسامات داخلية‬
‫للعمل‪ ،‬مما أدى إلى هوية جماعية‪ .‬مع زيادة أحجام السكان داخل هذه المجموعات القبلية المتوسعة‪ ،‬انقسمت الكيانات األكبر‬
‫إلى وحدات فرعية أصغر ال تزال تشعر بأنها مرتبطة بالمجموعة الفائقة أو «الثقافة» المميزة‪ .‬أصبح االعتراف بأعضاء‬
‫أمرا‬
‫المجموعة الثقافية الخاصة بهم الذين لم يكونوا بالضرورة أقرب األقارب وفصلهم عن أعضاء الجماعات القبلية األخرى ً‬
‫ضروريًا للبقاء على قيد الحياة‪)2016 ،Tomasello( .‬‬

‫أدى اعتماد األفراد على المجموعة إلى الشعور بالهوية الجماعية والوالء‪ .‬قد يؤدي الفشل في إظهار هوية هذه المجموعة إلى‬
‫النبذ أو الموت في االشتباكات مع المنافسين‪ .‬يمتلك البشر المعاصرون العديد من الطرق المتنوعة لتحديد هوية المجموعة‪،‬‬
‫لكن الطرق األصلية كانت في األساس طرق سلوكية وتستند إلى افتراضات‪ .‬يميل البشر المعاصرون إلى االمتثال للممارسات‬
‫الثقافية للمجموعة‪ ،‬وأصبح تعليم األطفال القيام باألشياء بالطريقة التقليدية التي حددتها المجموعة إلزاميًا للبقاء على قيد الحياة‪.‬‬
‫ويضع التعليم واالمتثال األسس للتطور الثقافي التراكمي‪ ،‬حيث يمكن تحسين ممارسة أو قطعة أثرية ويمكن نقل االبتكار إلى‬
‫األجيال الالحقة كجزء من اتفاقيات المجموعة ومعاييرها ومؤسساتها‪.‬‬
‫لم يكن أمام األفراد المولودين في هذه الهياكل االجتماعية التعاونية خيار سوى االمتثال لها‪ .‬كانت السمة النفسية الرئيسية‬
‫لألفراد الذين تم تكييفهم للحياة الثقافية هي التفكير الجماعي‪ ،‬حيث أخذ الناس المنظور المعرفي للمجموعة ككل لرعاية‬
‫رفاهيتها والتوافق مع طرقها‪ .‬تطرقت بعض األعراف االجتماعية إلى الشعور بالتعاطف واإلنصاف (الموروث من البشر‬
‫األوائل)‪ ،‬والذي أصبح معايير أخالقية‪.‬‬

‫أصبحت األخالق البشرية الحديثة توصف بأنها شكل موضوعي من الصواب والخطأ‪ ،‬حيث كونت أهداف المجموعة الجماعية‬
‫منظورا «موضوعيًا»‪ .‬عند استدعاء أعضاء المجموعة اآلخرين للمهمة‪ ،‬كانت الخيارات‬ ‫ً‬ ‫واألرضية الثقافية المشتركة‬
‫محدودة‪ ،‬حيث يمكن للمرء تجاهل نقدهم وتوجيه اللوم إليهم‪ ،‬ووضع أنفسهم خارج الممارسات والقيم المشتركة بين الثقافة‪ .‬لم‬
‫يستوعب البشر المعاصرون األفعال األخالقية فحسب‪ ،‬بل استوعبوا المبررات األخالقية‪ ،‬وكونوا هوية أخالقية قائمة على‬
‫العقل داخل المجتمع‪)2016 ،Tomasello( .‬‬

‫‪5‬‬
‫الدافع األخالقي واألنانية‬
‫هاري وسوزان شخصان تبرعا بكلية لشخص غريب‪ ،‬مما يدل على تفرد أفعالهما‪ .‬دافع سوزان للقيام بذلك هو أنها تعتقد أنها‬
‫فرصة مثالية لمساعدة اآلخرين بأقل قدر من اإلزعاج لنفسها‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬غالبًا ما يرد هاري بأنه كان الشيء الصحيح‬
‫الذي ينبغي عمله‪.‬‬

‫لفهم الدافع األخالقي‪ ،‬نحتاج إلى معرفة ما هو العمل األخالقي‪ .‬التبرع اإليثاري هو مثال واضح على العمل الذي يتصرف فيه‬
‫الشخص بطريقة تفيد اآلخرين بتكلفة ما ألنفسهم ألسباب أخالقية جيدة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال تنطوي جميع األعمال األخالقية على‬
‫التضحية بالنفس أو تكون أخالقية فقط إذا تم القيام بها لألسباب الصحيحة‪ .‬تميز بعض النظريات األخالقية‪ ،‬مثل النفعية‪ ،‬بين‬
‫األفعال التي تنتج عواقب مفيدة وتلك التي تصب في مصلحة المرء‪.‬‬
‫تتخذ نظرية كانت األخالقية نه ًجا مختلفًا‪ ،‬حيث تركز على دافع الواجب‪ .‬وفقًا لكانت‪ ،‬فإن األفعال الوحيدة التي تستحق أخالقيا ً‬
‫هي تلك التي تتم بدافع الواجب‪ ،‬وهو الدافع وراء حسن النية‪ .‬وحسن النية جيد فقط بسبب رغبته‪ ،‬وليس بسبب آثاره أو‬
‫إنجازاته‪ .‬إذا فشلت اإلرادة الحسنة في تحقيق أي شيء‪ ،‬فإنها تظل جيدة في حد ذاتها‪ ،‬وتتألأل في حد ذاتها كشيء له قيمته‬
‫الكاملة في حد ذاته‪)2023 ،Tiberius( .‬‬

‫ينطوي العمل من الواجب على نية فعل الشيء الصحيح‪ ،‬بغض النظر عن مشاعرنا أو رغباتنا‪ .‬هذا هو الدافع الوحيد الجيد‬
‫أخالقيا وينطبق فقط على الكائنات العقالنية القادرة على أن تكون مدفوعة بالواجب‪ .‬الدافع األخالقي المثير لإلعجاب هو الدافع‬
‫الذي سيجعلنا نفعل الشيء الصحيح بغض النظر عما نشعر به‪.‬‬

‫مثال على ذلك هو شخص يقدم المال لألعمال الخيرية لمجرد أنه يشعر بالتعاطف مع ضحايا كارثة طبيعية‪ .‬قد يكون هذا‬
‫الدافع متقلبًا‪ ،‬حيث قد يتوقفون عن المساعدة عند توقف المعاناة‪ ،‬أو عند ظهور األشخاص الذين يعانون على شاشة التلفزيون‬
‫والذين ال يتعاملون مع تعاطفهم‪ .‬من المفترض أن يكون دافع الواجب أكثر موثوقية واتساقًا‪ ،‬مما يحفزنا على فعل الشيء‬
‫الصحيح حتى عندما تصبح األمور صعبة‪.‬‬
‫يمكن أن يحفزنا الواجب على فعل الشيء الصحيح حتى عندما نشعر بالكسل أو اللؤم أو نريد فعل شيء آخر‪ .‬بشكل حدسي‪،‬‬
‫يبدو هذا داف ًعا يستحق الثناء‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬من المهم مالحظة أن األخالق ال تنطبق إال على الكائنات القادرة على أن تكون‬
‫مدفوعة بالواجب‪ ،‬ولهذا السبب ال تنطبق األخالق إال على الكائنات العقالنية‪)2023 ،Tiberius( .‬‬

‫تؤكد النظرية األخالقية لكانت على أهمية الدوافع في تحديد األفعال الصحيحة‪ .‬إنه يميز بين العمل الصحيح والعمل الجدير‬
‫باألخالق‪ ،‬حيث يتوافق األول مع المبدأ األخالقي األعلى‪ ،‬وهو الحتمية القاطعة‪ ،‬التي تشجع معاملة اآلخرين كغايات قيمة في‬
‫حد ذاتها‪ .‬إن األعمال الجديرة باالهتمام من الناحية األخالقية تتم من دوافع الواجب‪ ،‬ومن الممكن التصرف من دوافع ال‬
‫تستحق‪.‬‬
‫وفقًا للنظرية األخالقية لكانت‪ ،‬من الممكن أن نتصرف بشكل مستقل عن ميولنا‪ ،‬والتي تعتمد على ادعاء حول علم النفس‬
‫البشري أنه يمكننا التصرف ضد ميولنا‪.‬‬
‫نوع آخر من النظرية األخالقية‪ ،‬نظرية التعاقد‪ ،‬يعرف الفعل الصحيح أخالقيا من حيث العقد االفتراضي بين العوامل‬
‫األخالقية‪ .‬تركز تعاقدية ‪ T. M. Scanlon‬على فكرة أن الشيء الصحيح الذي يجب فعله هو اإلجراء الذي يتبع المبادئ التي‬
‫ال يمكن ألحد رفضها بشكل معقول كأساس لتنظيم تفاعالتنا مع بعضنا البعض‪ .‬يعتقد سكانلون أن أي نظرية أخالقية يجب أن‬

‫‪6‬‬
‫تشرح لماذا يجب أن نهتم بالضرورات التي تقدمها‪ ،‬ويجمع نظريته مع وجهة نظر حول الدوافع األخالقية التي تتناسب معها‬
‫بشكل طبيعي‪)2023 ،Tiberius( .‬‬

‫يعتقد سكانلون أننا نرغب في تبرير أنفسنا لآلخرين على أساس أنهم ال يستطيعون رفضه بشكل معقول‪ ،‬موض ًحا كيف نشعر‬
‫تجاه جوانب معينة من األخالق‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬أفاد سكانلون (‪ )1982‬أن رده على عدم الوفاء بالتزامه بمساعدة‬
‫األشخاص الذين يعانون في أماكن بعيدة ليس الشعور بالسوء بدافع التعاطف الحقيقي ولكن الشعور بأنه ال يستطيع تبرير عدم‬
‫نظرا لمدى سهولة ذلك‪ .‬سيكون عليه أن يعطي المزيد‪ .‬هذه الرغبة في تبرير أفعاله لآلخرين هي دافع أخالقي مهم‪،‬‬ ‫انتباهه ً‬
‫والتعاقدية ال ترى أن هذه الرغبة في تبرير أنفسنا لآلخرين هي الدافع األخالقي الوحيد‪ ،‬لكنها مهمة ألنها توفر سببًا لنا‬
‫لالهتمام بالعقد االفتراضي‪.‬‬
‫انتشارا‪ ،‬فإن أفضل حياة‬
‫ً‬ ‫تؤكد أخالقيات الفضيلة على أهمية الدافع األخالقي في حياة مزدهرة‪ .‬وفقًا لنسخة أرسطو األكثر‬
‫لإلنسان هي حياة الفضيلة‪ ،‬والتي تشمل فضائل مثل الشجاعة واالعتدال والعدالة والحكمة‪ .‬تتشكل الفضائل جزئيًا من خالل‬
‫الحاالت المحفزة‪ ،‬مثل الرغبات والعواطف‪ .‬يتم تعريف الفضائل من حيث القدر المناسب من المشاعر‪ ،‬مثل الشجاعة‪ ،‬التي‬
‫ليست كثيرة جدًا أو قليلة جدًا وليست في الظروف الخاطئة‪ .‬الدافع األخالقي‪ ،‬وفقًا ألخالقيات الفضيلة‪ ،‬هو الدافع الفاضل‪،‬‬
‫الذي يتطلب الرغبات والتصرف العاطفي الذي يتم ضبطه بشكل مناسب وتحكمه الحكمة‪.‬‬
‫النظريات األخالقية المختلفة لها وجهات نظر مختلفة حول أنواع الدوافع الجيدة أو الجديرة بالثناء وما إذا كان الدافع مهم‬
‫للحصول على الفعل الصحيح في المقام األول‪ .‬الكانتيانية‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬تعتبر األفعال جديرة باألخالق إذا تم القيام بها‬
‫ألسباب خاطئة‪ ،‬بينما تعتقد أخالقيات الفضيلة أن العمل الصحيح ينبع من دوافع فاضلة‪ .‬تفترض التعاقدية أننا مدفوعون‬
‫بالرغبة في تبرير أنفسنا لآلخرين‪ ،‬لكنها ليست سوى نظرية أخالقية معقولة إذا كانت لدينا بالفعل هذه الرغبة‪،Tiberius( .‬‬
‫‪)2023‬‬

‫تشير النفعية إلى أن التحقيق في سبب قيام الناس أحيانًا بتعزيز السعادة العامة وأحيانًا ال يفعلون ذلك هو استراتيجية جيدة‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬قد ال تفسر التبعية كل ما يمكن شرحه حول العمل األخالقي‪ ،‬لذلك من الضروري النظر في النظريات األخالقية األخرى‬
‫قبل افتراض أنها صحيحة‪.‬‬
‫دورا مه ًما في قراراتنا األخالقية‪ ،‬وليست العوامل الوحيدة التي تحدد األفعال الصحيحة أخالقياً‪ .‬في حين أن‬
‫تلعب الدوافع ً‬
‫الدوافع يمكن أن تؤثر على أفعالنا‪ ،‬إال أنها مهمة أيضًا في تشكيل مواقفنا تجاه اآلخرين‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬قد يزور الفيلسوف‬
‫صديقًا مريضًا لتذكيره بسداد ديونه‪ ،‬أو قد ينقذ فيلسوف صديقها من الغرق في مركب شراعي بسبب ضرورة تعظيم السعادة‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬قد ال تكون هذه الدوافع مثيرة لإلعجاب مثل دوافع الصداقة والتعاطف والمحبة‪ .‬عندما يتعلق األمر بمساعدة‬
‫اآلخرين‪ ،‬فإن كيفية تحفيزنا للمساعدة ال تقل أهمية عما إذا كان سينتهي بنا األمر بالمساعدة‪ .‬الهدية التي يقدمها صديق بدافع‬
‫توقع العودة هي أكثر لطفًا من الهدية التي تُمنح بسبب توقع أن تجعلك سعيدًا‪.‬‬
‫يبدو الشخص الذي يعطي بحرية وسرور أكثر إثارة لإلعجاب من الشخص الذي يعطي على مضض‪ .‬يفضل معظم الناس‬
‫تربية أطفال متعاطفين ولطفاء ولديهم أصدقاء حميمون ولديهم شعور بالواجب للوفاء بوعودهم والتصويت في االنتخابات‪ .‬هذا‬
‫يسلط الضوء على أهمية فهم الدوافع األخالقية بما يتجاوز أسباب السلوك المؤيد للمجتمع‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الدوافع التي نعجب بها ليست أنانية دائ ًما‪ ،‬ولكن إذا كنا دائ ًما أنانيين‪ ،‬فإن معظم النظريات تضع افتراضات خاطئة حول كيفية‬
‫تحفيزنا‪ .‬إذا كنا نتصرف دائ ًما من أجل أنفسنا‪ ،‬فال يمكننا العمل من أجل الواجب‪ ،‬أو الخير لشخص آخر‪ ،‬أو التعاطف‬
‫الحقيقي‪ .‬يجدر التفكير فيما إذا كانت هناك بعض الحقيقة في فكرة أننا دائ ًما أنانيون‪)2023 ،Tiberius( .‬‬

‫تضع النظريات األخالقية المختلفة افتراضات مختلفة حول الدافع األخالقي‪ .‬من منظور نفعي تقليدي‪ ،‬ال تهم الدوافع ما يجب‬
‫علينا القيام به‪ .‬يجب علينا تعظيم الفائدة‪ ،‬والدافع األخالقي هو كل ما يجعلنا نفعل ذلك‪ .‬وفقًا للنظريات األخالقية األخرى‪ ،‬مثل‬
‫الكانطية وأخالقيات الفضيلة‪ ،‬فإن الدافع أمر بالغ األهمية لما يجب علينا فعله أخالقياً‪.‬‬
‫األنانية النفسية هو الرأي القائل بأن جميع أفعالنا أنانية أو مدفوعة برغبات تتعلق بالذات‪ .‬تفترض معظم النظريات األخالقية‬
‫أن األنانية النفسية خاطئة‪ .‬من الخطأ أن نأخذ األنانية النفسية لتكون حقيقة مفاهيمية؛ الدليل التجريبي ال يثبت ان االنانية‬
‫خاطئة‪ .‬كما أن األدلة التجريبية ال تثبت بشكل قاطع أن األنانية النفسية خاطئة؛ ومع ذلك‪ ،‬هناك قدر كبير من األدلة على أن‬
‫الدافع اإليثاري كان سيتطور وأن الناس يتصرفون أحيانًا من دوافع اإليثار مثل الرغبة في رفاهية شخص آخر‪،Tiberius( .‬‬
‫‪)2023‬‬

‫‪8‬‬
‫لماذا تكون أخالقيًا ؟‪ :‬أسباب أخالقية والهناء الشخصي‬

‫تحدي جلوكون (لماذا تكون أخالقيا؟) مثير للجدل‪ ،‬ألنه يشكك في أسباب األخالق‪ .‬غالبًا ما يُطرح السؤال حول أخالق‬
‫الشخص‪ ،‬حيث يحصل الرجل السيئ على مكافآت خارجية من الفضيلة ويعاني الرجل الصالح من التعذيب‪ .‬يفترض هذا‬
‫المنظور أن األخالق تقوم على المزايا الشخصية‪ ،‬لكنها تتجاهل أهمية العمل األخالقي‪.‬‬

‫هناك نهجان رئيسيان لإلجابة على السؤال‪ :‬نهج األسباب األخالقية ونهج األسباب االحترازية‪ .‬يجادل نهج األسباب األخالقية‬
‫بأنه قد ال تكون هناك أسباب أنانية لتكون أخالقيًا‪ ،‬ولكن هناك أسباب أخالقية تدعو إلى األخالق‪ .‬إنه يشير إلى أننا نتصرف‬
‫مرض أو سيجلب لنا شيئًا جيدًا ألنفسنا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هذا النهج‬
‫ٍ‬ ‫من الواجب عندما نعلم أن العمل مطلوب أخالقياً‪ ،‬وليس ألنه‬
‫يفترض أيضًا أن األسباب األخالقية ترتكز على رغباتنا‪ ،‬مثل تلك الخاصة بسعادة اآلخرين وعدلهم‪)2023 ،Tiberius( .‬‬

‫يقبل نهج األسباب االحترازية التحدي ولكنه يرفض فكرة أن الناس يمكن أن يفلتوا من كونهم غير أخالقيين‪ .‬األسباب‬
‫مضطرا إلى تعزيز مصلحته‪ ،‬وليس من الجيد حقًا أن يكون الشخص نفسه غير‬ ‫ً‬ ‫االحترازية هي األسباب التي تجعل الشخص‬
‫خيارا واعيًا ليكونوا زحفًا أخالقيًا لكسب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أخالقي‪ .‬في حين يزدهر بعض الفاسدين أخالقيا‪ ،‬فمن غير المرجح أن يتخذ الكثيرون‬
‫المزيد من المال‪.‬‬
‫لطالما جادل الفالسفة الطبيعيون بأن األخالق هي لصالحنا‪ ،‬مع التركيز على الحاجة إلى العالقات واالنتماء إلى المجتمعات‬
‫والفئات االجتماعية‪ .‬يعتقد هوبز‪ ،‬أنه يجب تطبيق األخالق بدقة لتجنب العقاب‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬اعتقد ديفيد هيوم أن األخالق‬
‫ستجعلنا أكثر سعادة بسبب طبيعتنا االجتماعية وتعاطفنا مع اآلخرين‪.‬‬

‫أظهرت األبحاث النفسية أن هيوم كان على المسار الصحيح أكثر من هوبز‪ .‬هناك أدلة على أن لدينا حاجة ماسة للعالقات مع‬
‫اآلخرين‪ ،‬واالنتماء إلى المجتمعات‪ ،‬واالنتماء إلى الفئات االجتماعية‪ .‬العالقة بين الهناء الشخصي واألشخاص اآلخرين لها‬
‫جذور عميقة‪ ،‬مما يساعد على نهج األسباب االحترازية‪ .‬إذا تسبب رفض مجموعة ما في ألم عاطفي خطير وجلب القبول‬
‫االجتماعي مشاعر إيجابية‪ ،‬فلدينا أسباب تجعلنا أخالقيين وفقًا لمذهب المتعة‪ .‬إذا كانت القدرة على تجاوز األنانية ضرورية‬
‫للعديد من التجارب المرغوبة‪ ،‬فلدينا أسباب تجعلنا أخالقيين وفقًا للرغبة ونظريات تحقيق القيمة‪)2023 ،Tiberius( .‬‬

‫تشير النظريات اليودايمونية إلى أن أسباب األخالق غالبًا ما تنبع من رغبتنا في مساعدة الناس والمشاركة في األنشطة‬
‫المجتمعية مع اآلخرين‪ .‬في حين أن الحقائق النفسية ال تعطي كل شخص سببًا مهيمنًا ليكون أخالقيًا في كل حالة‪ ،‬فقد تكون‬
‫هناك أسباب أقوى أو أوسع نطاقًا لتكون أخالقيًا‪.‬‬

‫السؤال‪( ،‬لماذا تكون أخالقيًا؟) يمكن اإلجابة عليه بطريقتين‪ .‬إن نهج األسباب األخالقية يأخذ السؤال على أنه مضلل إذا كان‬
‫يطلب ألسباب أخالقية تختلف عن األسباب األخالقية‪.‬‬
‫نهج األسباب االحترازية يأخذ التحدي في ظاهره ويحاول إظهار أن لدينا أسبابًا لنكون أخالقيين تنبع من الهناء الشخصي‪.‬‬
‫يجب أن يبدأ نهج األسباب االحترازية بنظرية ما هو جيد بالنسبة لنا‪ ،‬بعض نظريات الهناء الشخصي هي نظريات الحالة‬
‫العقلية التي تأخذ الهناء الشخصي لتتألف من حالة عقلية مثل المتعة أو الرضا عن الحياة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫تشير هذه النظريات (نظرية المتعة أو نظرية الرضا عن الحياة) إلى أن لدينا أسبابًا فعالة واحترازية للتصرف أخالقيًا إذا كان‬
‫القيام بذلك ينتج متعة أو رضا عن الحياة‪ .‬تأخذ نظريات الرضا أو تحقيق القيمة الهناء الشخصي لتتكون ليس في الشعور‬
‫بالرضا أو الوفاء‪ ،‬ولكن في الحالة المرغوبة أو القيمة التي يتم تحقيقها بالفعل‪ .‬تشير هذه النظريات إلى أن لدينا أسبابًا جوهرية‬
‫لنكون أخالقيين إذا كانت لدينا الرغبات أو القيم ذات الصلة‪ .‬تأخذ نظريات اليودايمونية الهناء الشخصي انه يتم تعريفه من‬
‫نظرا لطبيعتنا األساسية‪،Tiberius( .‬‬
‫خالل تحقيق طبيعتنا‪ .‬تشير هذه النظريات إلى أن لدينا أسبابًا جوهرية لنكون أخالقيين‪ً ،‬‬
‫‪)2023‬‬

‫‪10‬‬
‫المشاعر والحكم األخالقي‬
‫يمكن للعواطف أن تكشف شيئًا عن العالم األخالقي‪ ،‬كما يعتقد العديد من الفالسفة‪ .‬غالبًا ما يُعتبر الغضب والذنب دوافع‬
‫أخالقية حاسمة‪ ،‬حيث غالبًا ما يتم توجيههما إلى التجاوزات األخالقية‪ .‬يمكن أن تكون هذه المشاعر ناتجة عن الشعور‬
‫بااللتزام تجاه األحباء أو الشعور بااللتزام بإسعادهم‪.‬‬

‫كما أن المشاعر مثل التعاطف والموافقة األخالقية واإلعجاب والفخر والعار واالستياء واالمتنان محملة أخالقياً‪ .‬يجادل بعض‬
‫الفالسفة بأن المشاعر ناتجة عن األحكام األخالقية‪ ،‬مثل عندما نحكم على شخص ما بأنه لم يحترمنا أو أضر بنا‪ ،‬فإننا نغضب‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬يشير هذا الرأي إلى أن المشاعر أكثر ارتبا ً‬
‫طا بالحكم األخالقي‪ ،‬ألنها ضرورية للحكم األخالقي‪ .‬األحكام األخالقية‪،‬‬
‫في هذا الرأي‪ ،‬هي تعبيرات عن عواطفنا‪ ،‬والحكم على شخص ما تصرف بشكل خاطئ يتكون من الشعور بالسخط األخالقي‬
‫على ذلك الشخص‪.‬‬

‫دورا حاس ًما في صنع القرار األخالقي‪ ،‬حيث توفر معلومات قيمة عن العالم والعالم األخالقي‪ .‬بينما‬
‫في الختام‪ ،‬تلعب المشاعر ً‬
‫يجادل بعض الفالسفة بأن المشاعر تختلف عن األحكام األخالقية‪ ،‬يعتقد البعض اآلخر أنها ضرورية للحكم األخالقي‪ .‬تلعب‬
‫دورا مه ًما في صنع القرار األخالقي‪ ،‬وفهم العالقة بين المشاعر واألحكام األخالقية ضروري لتعزيز الشعور‬
‫المشاعر ً‬
‫باألخالق والسلوك األخالقي‪.‬‬
‫لألحكام األخالقية عالقة خاصة باألفعال التي ال تمتلكها أنواع أخرى من األحكام‪ .‬إنهم يحركوننا بطرق ال تحركها أحكام‬
‫الحقيقة العادية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬قد ال تحفزنا األحكام األخالقية دائ ًما‪ ،‬ألننا قد ال نتمكن من التصرف بنا ًء عليها‪ .‬على سبيل المثال‪،‬‬
‫إذا لم يكن هناك سلم وفروع منخفضة‪ ،‬فقد ال نتمكن من إنقاذ قطة من شجرة‪.‬‬

‫فاألحكام االدبية تخلصنا من العمل‪ ،‬لكن هذه النزعة يمكن ان تحبطها الظروف او تتجاوزها دوافع اخرى‪ .‬يعتقد هيوم أن‬
‫سا بالدافع‪ ،‬وهي مصنوعة من مشاعرنا أو شغفنا بدالً من المنطقية‪ .‬يمكن تفسير هذه الحجة على‬ ‫األحكام األخالقية مرتبطة أسا ً‬
‫دورا أساسيًا أو تأسيسيًا في األحكام األخالقية‪ .‬األحكام األخالقية هي نوع‬
‫أنها حجة مفاهيمية للعاطفية‪ ،‬التي تعتبر المشاعر ً‬
‫من األشياء التي تحفز الناس على التصرف‪ ،‬وإذا كان هذا صحي ًحا‪ ،‬فيجب عليهم التعبير عن حالة تحفيزية مثل المشاعر‪.‬‬
‫(‪)2023 ،Tiberius‬‬

‫‪11‬‬
‫الفضيلة‬

‫يتم تحديد الفضائل من خالل عالقتها باالزدهار البشري أو السعادة‪ .‬يأخذ أرسطو النشاط الفاضل ليكون جوهر حياة مزدهرة‬
‫لإلنسان‪ .‬لقد قيل إن الفضائل هي حساسيات لالعتبارات األخالقية التي لها اتجاهين من المالءمة‪ :‬إنها تصورات ألسباب للقيام‬
‫بأشياء تحفزنا أيضًا على التصرف‪ .‬هذه وجهة نظر مثيرة للجدل حول الفضيلة‪ .‬واألقل إثارة للجدل هو االدعاء بأن الفضائل‬
‫هي سمات شخصية مستقرة ومتسقة‪ .‬تم الطعن في هذا االدعاء من خالل البحث التجريبي حول تأثير العوامل الظرفية على‬
‫سلوكنا (التحدي الظرفي)‪ .‬لقد اتخذ منتقدو أخالقيات الفضيلة التأثير الهائل والمدهش للموقف لتقويض فكرة أن السمات‬
‫الموثوقة عبر المواقف والمكتفية ذاتيًا من الناحية التحفيزية يمتلكها أي شخص سوى الشخص النادر واالستثنائي‪.‬‬
‫)‪(Tiberius, 2023‬‬

‫الجدل حول أخالقيات الفضيلة هو نقاش معقد‪ ،‬ألنه يتضمن فكرة أنه ال ينبغي لنا الحكم على الناس بشكل غير عادل أو إجبار‬
‫أنفسنا على التحسين‪ .‬هذا ألن لدينا حقيقة نفسية تؤثر على أحكامنا وأفعالنا‪ .‬يشير نقد الموقف ألخالقيات الفضيلة إلى أنه من‬
‫غير الممكن تجاهل العوامل الظرفية وافتراض السيطرة الكاملة على السلوك‪ .‬بدالً من ذلك‪ ،‬يوصي المفهوم المتكامل‬
‫للشخصية الذي يأخذ في االعتبار الحالة بتوجيه انتباهنا إلى كيفية تأثير المواقف علينا وعلى اآلخرين‪ ،‬باستخدام المنطق‬
‫للتغلب على الضغوط واإلغراءات التي لدينا سبب وجيه للرغبة في التغلب عليها)‪. (Tiberius, 2023‬‬

‫إذا كان من الممكن العثور على نظرية فضيلة يمكن الدفاع عنها نفسيًا‪ ،‬فيمكن أن توفر نظرة ثاقبة للدوافع األخالقية‪ .‬إذا تم‬
‫اعتبار الفضائل حاالت خاصة ليست أحكا ًما وال رغبات‪ ،‬فسيكون الدافع األخالقي فريدًا وفقًا ألخالقيات الفضيلة‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫صا‬‫إذا كان العمل األخالقي مدفوعًا بأنماط نفسية مستقرة بما في ذلك المشاعر والرغبات واألحكام وااللتزام بأن تكون شخ ً‬
‫جيدًا‪ ،‬فإن أخالقيات الفضيلة ال تتعارض مع النظريات األخرى‪ .‬بدالً من ذلك‪ ،‬يحدد الرغبات والمشاعر واألحكام المحددة‬
‫الضرورية للدافع األخالقي‪ ،‬والتي تشكل الفضائل وترتبط بشكل مناسب بازدهارنا)‪. (Tiberius, 2023‬‬

‫‪12‬‬
‫علم النفس األخالقي للذكاء االصطناعي‬

‫ً‬
‫مركزا للبحوث األخالقية العميقة في العالم الحديث‬ ‫أصبحت العالقة بين علم النفس األخالقي والذكاء االصطناعي (‪)AI‬‬
‫للتكنولوجيا سريعة التطور‪ .‬يتم دمج أنظمة الذكاء االصطناعي في المزيد والمزيد من مجاالت حياة اإلنسان‪ ،‬بما في ذلك‬
‫السيارات ذاتية القيادة واتخاذ قرارات الرعاية الصحية‪ .‬وهذا يجلب معه عددا من المسائل األخالقية التي تتطلب دراسة متأنية‪.‬‬
‫يعالج هذا المجال الناشئ المشاكل األساسية المتعلقة بالمساءلة والمسؤولية والتداعيات األخالقية لمنح المخلوقات غير البشرية‬
‫سلطة صنع القرار‪ .‬كما يغطي القضايا األخالقية التي تأتي من تصميم وتنفيذ وتأثير تقنية الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫الهدف من علم النفس األخالقي للذكاء االصطناعي هو توضيح الجوانب االجتماعية والعاطفية والمعرفية للتفكير األخالقي في‬
‫سياق الذكاء االصطناعي من خالل استكشاف العالقات المعقدة الموجودة بين االبتكارات التقنية والقيم اإلنسانية‪ .‬يتضمن هذا‬
‫صا لآلثار األخالقية التي تنشأ عن تفاعالت أنظمة الذكاء االصطناعي مع المستخدمين البشريين والمجتمع‬‫التحقيق الشامل فح ً‬
‫األوسع‪ ،‬باإلضافة إلى القضايا األخالقية التي يتم تضمينها في تصميم وبرمجة أنظمة الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫يتطلب االختراق السريع لتكنولوجيا الذكاء االصطناعي في جميع المجاالت إنشاء إطار أخالقي قوي‪ .‬تثير طبيعة هذه األنظمة‬
‫المشكالت العميقة المتعلقة بكيفية إدراك أنظمة الذكاء االصطناعي وفهمها والتفاعل معها من الناحية األخالقية‪ ،‬والتي غالبًا ما‬
‫يتم تشغيلها بواسطة الشبكات العصبية وتقنيات التعلم اآللي‪ .‬إن فحص التحيزات الكامنة المتأصلة في الخوارزميات‪،‬‬
‫والتداعيات األخالقية إلجراءات صنع القرار‪ ،‬والطرق التي قد تؤدي بها أنظمة الذكاء االصطناعي إلى تفاقم أو تقليل‬
‫التفاوتات المجتمعية الحالية‪ ،‬كلها ضرورية لفهم علم النفس األخالقي للذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن الجهات الفاعلة البشرية المشاركة في تطوير وتطبيق القطع األثرية للتكنولوجيا مدرجة أيضًا في‬
‫االعتبارات األخالقية‪ .‬تتأثر البيئة األخالقية حول الذكاء االصطناعي بشكل كبير بالمطورين والمشرعين والمستخدمين‬
‫النهائيين‪ .‬من أجل معالجة الشواغل األخالقية المعقدة بشكل كامل‪ ،‬هناك حاجة إلى نهج متعدد التخصصات يتضمن مفاهيم من‬
‫علوم الكمبيوتر والفلسفة وعلم النفس والعلوم االجتماعية بسبب التفاعل الدقيق بين القيم اإلنسانية والمعايير الثقافية وقدرات‬
‫نظام الذكاء االصطناعي‪(Floridi, 2016) (Bonnefon et al., 2023).‬‬
‫مع تضاعف اللقاءات البشرية مع الروبوتات والذكاء االصطناعي اآلخر‪ ،‬تضاعفت الجهود لفهم علم النفس األخالقي للذكاء‬
‫االصطناعي‪ .‬يتضمن بعض هذا العمل بحثًا تخمينيًا حول ما لم يكن ممكنًا بعد‪ .‬يعد اتخاذ القرار بشأن كيفية برمجة السيارات‬
‫ذاتية القيادة لتوزيع المخاطر على األفراد المختلفين أحد األمثلة التي نوقشت على نطاق واسع‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كان األمر األكثر‬
‫شيوعًا هو عملية اللحاق بالركب حيث كان الباحثون يتسابقون لفهم األبعاد النفسية التي تصاحب االبتكارات الناشئة بسرعة في‬
‫مجال الذكاء االصطناعي‪ .‬أثارت الروبوتات عبر اإلنترنت والتشخيصات الطبية بمساعدة الذكاء االصطناعي واستخدام‬
‫الخوارزميات التنبؤية للشرطة والسجن أسئلة أخالقية مهمة حول الثقة والتحيز ومواءمة القيمة‪(Bonnefon et al., 2023).‬‬

‫اآلالت كعمالء أخالقيين‬


‫يمكن النظر إلى اآللة على أنها عامل أخالقي حتى عندما ال ترمز برامجها بشكل مباشر إلى القيم األخالقية ‪ -‬طالما أن عواقب‬
‫أفعالها يمكن أن تقع في المجال األخالقي‪ .‬هذا ما نسميه عامل أخالقي ضمني (مور ‪ ،)2006‬أو آلة أخالقية ضمنية‪ .‬الحالة‬
‫ضررا‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬يمكن أن يضر الذكاء االصطناعي الطبي‬ ‫ً‬ ‫النموذجية هنا هي حالة آلة يمكن أن تسبب أخطائها‬
‫ضررا من خالل توجيه الطفل إلى مقطع‬ ‫ً‬ ‫بالمرضى من خالل إجراء تشخيص خاطئ‪ ،‬ويمكن لخوارزمية التوصية أن تسبب‬
‫فيديو عنيف‪ ،‬ويمكن أن تؤذيك خوارزمية التعرف على الوجوه عن طريق الخلط بينك وبين إرهابي معروف‪ .‬هذه اآلالت‬
‫األخالقية الضمنية ال تحاول بالضرورة حل المعضالت األخالقية‪ ،‬لكن إخفاقاتها لها آثار أخالقية‪ .‬وفقًا لذلك‪ ،‬من منظور علم‬
‫النفس األخالقي‪ ،‬فإن أدائهم هو أهم اعتبار‪(Bonnefon et al., 2023) .‬‬

‫‪13‬‬
‫قد ال يرغب الناس في السماح لآلالت باتخاذ القرارات إذا ارتكبوا أخطاء ضارة أكثر من البشر‪ ،‬لكنهم قد يكونون على‬
‫استعداد للسماح لآلالت باتخاذ القرارات بمجرد ارتكاب أخطاء ضارة أقل من البشر‪ .‬تم اتباع هذا النهج في العديد من تقارير‬
‫السياسة حول القيادة الذاتية‪ ،‬مما يشير إلى أن الحد األدنى من المتطلبات قبل نشر السيارات ذاتية القيادة على طرقنا هو أنها‬
‫أكثر أمانًا من السائق البشري العادي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن تقديم دليل موضوعي على أن اآللة تعمل بشكل أفضل من البشر ليس‬
‫باألمر السهل‪ ،‬وقد يؤدي التحيز النفسي إلى تعقيد األمور أكثر‪.‬‬

‫قد يكون لدى الناس متطلبات أداء شديدة لآلالت األخالقية الضمنية‪ ،‬ويتوقعون زيادة كبيرة عن األداء البشري األساسي مع‬
‫المبالغة في تقدير هذا األداء البشري األساسي‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬اعتقدت عينة تمثيلية من السكان األلمان أن الخبراء‬
‫البشريين سيكون لديهم معدل خطأ ‪ 30-20‬في المائة عند التنبؤ بالتخلف عن سداد االئتمان أو العودة إلى اإلجرام‪ ،‬وهو على‬
‫األرجح تقدير أقل من الالزم‪ .‬يوجد تحيز أقوى في مجال القيادة الذاتية‪ ،‬حيث يطلب الناس من سيارتهم ذاتية القيادة أن تكون‬
‫أكثر أمانًا مما هي عليه بأنفسهم‪ ،‬مع المبالغة بشكل كبير في تقدير سالمة قيادتهم‪.‬‬
‫توجد نتائج مماثلة لجوانب أخرى أقل قابلية للقياس الكمي لألداء البشري‪ ،‬مثل مخاوف األمريكيين بشأن فهم الفروق الدقيقة‬
‫والتعقيد كما يفعل البشر‪ .‬يُترجم هذا القلق إلى مقاومة للذكاء االصطناعي الطبي‪ ،‬حيث يفضل المرضى اللجوء إلى األطباء‬
‫البشريين بسبب االعتقاد بأن الذكاء االصطناعي لن يأخذ في االعتبار خصائصهم وظروفهم الفريدة‪(Bonnefon et al., .‬‬
‫)‪2023‬‬

‫اآلالت كمرضى أخالقيين‬


‫في هذا النص‪ ،‬نستكشف مفهوم اآلالت كمرضى أخالقيين‪ .‬في حين أن اآلالت ليس لها تأثيرات أو احتياجات‪ ،‬ال يزال بإمكان‬
‫الناس الشعور بالتعاطف معها وافتراض أن اآلالت لديها تفضيالت‪ .‬يمكن أن يحول هذا اآلالت إلى مرضى أخالقيين‪،‬‬
‫ويختبرون النتائج المفضلة أو غير المفضلة بسبب تصرفات العوامل األخرى‪.‬‬
‫التفاعالت التعاونية مع اآلالت الذكية المستقلة ليست شائعة بعد‪ ،‬ولكن من المحتمل أن يتغير هذا في المستقبل‪ .‬أصبح التعاون‬
‫مع اآلالت حقيقة واقعة بالفعل في إعدادات الصناعة‪ ،‬وسيحتاج مستخدمو الطريق قريبًا إلى التعاون مع المركبات ذاتية القيادة‬
‫لضمان سالمة المرور‪ .‬المجتمعات عبر اإلنترنت والشبكات االجتماعية لديها بالفعل تفاعالت تعاونية مع الروبوتات‪ ،‬مثل‬
‫إعادة التغريد أو حظر بعضها البعض‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬عندما تصبح التفاعالت مع اآلالت الذكية أكثر شيوعًا‪ ،‬كيف سيبدأ البشر واآلالت التعاون ويحافظون عليه؟ غالبًا ما‬
‫يعتمد التعاون متبادل المنفعة بين البشر على االهتمام اإليجابي بنتائج اآلخرين‪ ،‬والذي يمكن أن يكون أسهل إذا كانت‬
‫التفضيالت األخرى المتعلقة بالمجتمع أو غير االجتماعية‪ .‬يكون التعاون أكثر صعوبة إذا كانت التفضيالت األخرى غير‬
‫اجتماعية أو قاسية‪ ،‬حيث يتم الحصول على الرضا من فعل الخير لآلخرين‪(Bonnefon et al., 2023).‬‬

‫اآلالت بمثابة وكالء أخالقيين‬


‫ترتبط فكرة (اآلالت كوكالء أخالقيين) بفكرة أن الكيانات المستقلة أو الروبوتات أو أنظمة الذكاء االصطناعي (‪ )AI‬يمكن‬
‫بناؤها أو برمجتها التخاذ قرارات أخالقية بدالً من الناس‪ .‬تشير كلمة (وكيل) بهذا المعنى إلى فكرة أن هذه الروبوتات تأخذ‬
‫دور صنع القرار األخالقي وتعمل كمكافئات أخالقية بشرية أو ممثلين‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫غالبًا ما تعتمد اآلالت كوكالء أخالقيين على خوارزميات صنع القرار المبرمجة أو المدربة لتقييم المواقف واتخاذ الخيارات‬
‫بنا ًء على المبادئ األخالقية المحددة مسبقًا‪ .‬يمكن تصميم هذه الخوارزميات لتتماشى مع المعايير المجتمعية أو األطر األخالقية‬
‫المحددة‪.‬‬
‫دورا حاس ًما في تحديد المبادئ التوجيهية األخالقية والمبادئ المضمنة‬
‫يلعب المهندسون وعلماء األخالق وصانعو السياسات ً‬
‫في أنظمة الذكاء االصطناعي‪ .‬تتضمن برمجة هذه اآلالت تحديد كيفية استجابتها لمختلف المعضالت والمواقف األخالقية‪.‬‬
‫يثير المفهوم تساؤالت حول المساءلة والمسؤولية‪ .‬إذا كانت اآلالت تتخذ قرارات أخالقية نيابة عن البشر‪ ،‬فمن المسؤول عن‬
‫عواقب تلك القرارات؟ كيف يمكن إسناد المسؤولية في الحاالت التي تشارك فيها أنظمة الذكاء االصطناعي في إجراءات ذات‬
‫أهمية أخالقية؟‬
‫حسب التصميم‪ ،‬يمكن الذكاء االصطناعي اآلالت من اتخاذ قرارات مستقلة نيابة عن أصحاب المصلحة (البشريين)‪ .‬هذا يثير‬
‫إمكانية تفويض السلوك غير األخالقي‪ ،‬بطريقة تبعد اإلنسان عن الفعل‪ .‬يوفر الذكاء االصطناعي أيضًا إمكانية أخرى‪ ،‬وهي‬
‫التوسط في التواصل البشري بطريقة ذات صلة أخالقيًا‪(Bonnefon et al., 2023) .‬‬

‫‪15‬‬
‫األخالقيات البيئية والمسؤولية األخالقية‬
‫يدرس فرع من الفلسفة يعرف باسم األخالقيات البيئية اآلثار األخالقية واألخالقية للتفاعالت البشرية مع البيئة‪ .‬بشكل أساسي‪،‬‬
‫ينظر إلى االلتزامات األخالقية التي يتحملها الناس والمنظمات والمجتمع تجاه البيئة والمخلوقات غير البشرية التي تعيش‬
‫هناك‪ .‬يعالج مجال الدراسة هذا قضايا مثل واجباتنا األخالقية لحماية البيئة‪ ،‬وعالقتنا بالطبيعة‪ ،‬وكيف يجب أن تسترشد‬
‫التشريعات البيئية‪ ،‬واستخدام الموارد‪ ،‬والحفظ بقناعاتنا األخالقية)‪. (Palmer et al., 2014) (Singer, 2023‬‬
‫في وقت أصبحت فيه القضايا البيئية مثل التلوث وتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي أكثر إلحا ًحا‪ .‬ولدى التعامل مع عالقتنا‬
‫بالبيئة الطبيعية‪ ،‬تزداد أهمية المسائل األخالقية في الوقت الذي تكافح فيه البشرية آثار األعمال البشرية المنشأ‪ .‬توفر‬
‫إطارا شامالً لمعالجة الجوانب األخالقية للشواغل البيئية‪.‬‬
‫ً‬ ‫األخالقيات البيئية‪ ،‬مع أسسها في النظرية األخالقية والفلسفة‪،‬‬
‫يجادل هذا المجال بأن البيئة لها قيمة جوهرية يجب أن تحظى باالهتمام األخالقي‪ ،‬بدالً من أن تكون مجرد مورد يمكن‬
‫استخدامه لتحقيق المنفعة البشرية‪ .‬وهو يحث على تغيير النموذج بعيدا عن وجهات النظر التقليدية التي تركز على اإلنسان‬
‫ونحو فهم الترابط والقيمة الجوهرية لكل جزء من أجزاء النظام الطبيعي‪ .‬تسلط أفكار مثل االستدامة والعدالة البيئية واإلشراف‬
‫الضوء على االلتزامات األخالقية المفروضة على الناس لحماية البيئة‪.‬‬
‫إطارا معياريًا للسلوك الفردي‪ ،‬وتشكيل السياسات‪ ،‬وصنع القرار بينما نجتاز تعقيد القضايا البيئية‬
‫ً‬ ‫توفر األخالقيات البيئية‬
‫اليوم‪ .‬يتحدانا إعادة النظر في مبادئنا األخالقية‪ ،‬واالعتراف باألهمية األخالقية للحيوانات غير البشرية‪ ،‬والعمل من أجل‬
‫العيش في وئام مع العالم الطبيعي)‪. (Ott, 2020) (Askholm & Gram-Hanssen, 2022‬‬
‫كمحادثة فلسفية عميقة‪ ،‬تغطي األخالق البيئية العديد من الجوانب المهمة التي تعيد تشكيل عالقة البشرية بالعالم الطبيعي‪.‬‬
‫جوهر هذه الفلسفة األخالقية هو االدعاء بأن هناك قيمة جوهرية في الطبيعة‪ .‬يدعي هذا أنه يتحدى مركزية اإلنسان المتأصلة‬
‫بعمق من خالل التأكيد على أن النظم البيئية واألنواع والكائنات الحية الفردية ذات قيمة بغض النظر عن مدى فائدتها لإلنسان‪.‬‬
‫وكمفهوم توجيهي‪ ،‬تنشأ اإلشراف‪ ،‬مع التشديد على الواجب األخالقي للبشرية في رعاية الكوكب والدعوة إلى الممارسات‬
‫المستدامة واالستخدام العادل للموارد لصالح األجيال الحالية والمقبلة‪ .‬إن أساس األخالقيات البيئية هو الشمولية‪ ،‬التي تقدم‬
‫وجهة نظر شاملة تتجاوز وجهات النظر االختزالية وتعترف بالترابط بين جميع الكائنات الحية والنظم البيئية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تعترف المركزية البيئية باألهمية األخالقية الجوهرية للنظام البيئي بأكمله ويبعد التركيز األخالقي عن‬
‫وجهات النظر التي تتمحور حول اإلنسان‪ .‬جانب مهم آخر هو العدالة البيئية‪ ،‬التي تبحث وتصحح اآلثار غير المتكافئة‬
‫للتدهور البيئي على األشخاص المهمشين‪ .‬وهو يعزز التوزيع العادل للمنافع والمسؤوليات البيئية‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬فإن‬
‫ً‬
‫تحوال جوهريًا في‬ ‫التركيز البيولوجي يرفع الكائنات الحية الفردية إلى وضع الموضوعات األخالقية‪ ،‬لكن البيئة العميقة تتطلب‬
‫الوعي البشري لالعتراف بالقيمة الجوهرية لجميع الكائنات الحية‪ ،‬بما في ذلك النظم البيئية‪ .‬وينشأ االلتزام باالستدامة عن‬
‫ضرورة أخالقية مشتركة بين األجيال تتجاوز الحدود الزمنية‪ ،‬مما يستدعي إدارة حصيفة للموارد وأنشطة تحمي البيئة لصالح‬
‫األجيال الحالية والمقبلة على حد سواء‪(Schmidtz & Shahar, 2018).‬‬

‫‪16‬‬
‫الهوية األخالقية‬
‫الهوية األخالقية هي بناء عند تقاطع التطور األخالقي وتكوين الهوية‪ .‬يُعتقد أنه مصدر دافع أخالقي يربط التفكير األخالقي‬
‫(أحكامنا حول ما إذا كانت أفعال معينة صحيحة أم خاطئة) بالسلوك‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬سيكون األشخاص الذين لديهم إحساس‬
‫أقوى بالهوية األخالقية أكثر عرضة لفعل ما يعرفون أنه صحيح‪ ،‬وأكثر عرضة إلظهار التزامات أخالقية دائمة‪ .‬يصور‬
‫بعض العلماء الهوية األخالقية على أنها ميل يشبه السمة للنظر إلى األخالق على أنها مركزية إلحساس المرء الصريح‬
‫بالهوية‪ .‬يجادل آخرون بأن الهوية األخالقية األساسية هي شبكة من المخططات األخالقية التي يمكن الوصول إليها إدراكيًا‬
‫والتي تساعد في معالجة المعلومات االجتماعية في المواقف األخالقية‪(Hardy & Carlo, 2011).‬‬
‫نموذج بالسي الذاتي‬
‫يعود الكثير من التفكير في الهوية األخالقية إلى نموذج بالسي الذاتي للروابط بين الحكم األخالقي والعمل‪ .‬قبل أن يؤدي إلى‬
‫العمل األخالقي‪ ،‬يمكن أن يمر الحكم األخالقي من خالل حكم المسؤولية بحيث ال يُنظر إلى الفعل على أنه أخالقي فحسب‪ ،‬بل‬
‫أيضًا على أنه شيء مسؤول عن فعله الفرد‪ .‬تنبع معايير مثل هذا الحكم من االختالفات الفردية في مدى كون األخالق مركزية‬
‫أو أساسية إلحساس المرء بالذات ‪ -‬أي من الهوية األخالقية‪ .‬عندما تتمحور هوية الشخص حول األخالق‪ ،‬فإن الرغبة في‬
‫العيش بطريقة تتوافق مع إحساسه بالذات يمكن أن تكون بمثابة دافع أخالقي رئيسي‪ .‬باختصار‪ ،‬افترض بالسي أن األحكام‬
‫األخالقية قد تتنبأ بشكل أكثر موثوقية بالسلوك األخالقي عند تصفيتها من خالل أحكام المسؤولية القائمة على هوية المرء‬
‫ودفعها إلى العمل من خالل الميل نحو االتساق الذاتي‪(Hardy & Carlo, 2011).‬‬
‫تطور الهوية األخالقية‬
‫تتشكل الهوية األخالقية من خالل عمليات تنموية مختلفة‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬تشير مراحل إريكسون للتطور النفسي‬
‫واالجتماعي إلى أن تكوين الهوية األخالقية هو جانب حاسم في مرحلة المراهقة‪ ،‬حيث يتصارع األفراد مع أسئلة الهوية‬
‫واألخالق‪ .‬إن معظم العمل على تكوين الهوية األخالقية هو عمل تخميني بطبيعته ألن البحث التجريبي استلزم إلى حد كبير‬
‫دراسات شاملة للمراهقين والبالغين‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ال نعرف سوى القليل عن التطورات المبكرة للهوية األخالقية أو مسارات النمو‬
‫العقلي عبر العمر‪(Hardy & Carlo, 2011).‬‬
‫تجادل معظم روايات تكوين الهوية األخالقية بأنه من المحتمل أن ينطوي على دمج التطور األخالقي وتنمية الهوية بدالً من‬
‫نظام تنموي فريد‪ ،‬قد تكون األخالق والهوية وجهان لنفس النظام التنموي‪ .‬المسارات التنموية لكل منها متطابقة لدرجة أن‬
‫البعض ينظر إلى الهوية األخالقية على أنها هدف كل من التطور األخالقي والهوية‪.‬‬
‫على الرغم من أن نضج الفهم األخالقي مهم في حد ذاته‪ ،‬إال أن االندماج مع الهوية قد يسفر عن دافع والتزام أكبر‪ .‬عالوة‬
‫على ذلك‪ ،‬في حين يمكن تأصيل الهوية في مجموعة متنوعة من األشياء‪ ،‬فقد يكون من المثالي أن تكون قائمة على األخالق‪.‬‬
‫(‪ Hardy‬و ‪)2011 ،Carlo‬‬

‫‪17‬‬
‫بعض الدراسات السابقة‬
‫الكثير من الدراسات السابقة األجنبية الحديثة‪ ،‬تركز على موضوع االخالقيات المتعلقة بالذكاء االصطناعي مثل دراسة أريك‬
‫تايلر وجراهام تايلور )‪ (Taylor & Taylor, 2020‬والتي كانت تحت عنوان اإلدراك االصطناعي‪ :‬كيف يمكن لعلم النفس‬
‫التجريبي أن يساعد في توليد ذكاء اصطناعي قابل للتفسير‪ .‬تصف هذه الدراسة كيف يمكن لعلماء النفس المعرفي تقديم‬
‫مساهمات في ‪ .XAI‬و‪ XAI‬هو اختصار لذكاء اصطناعي قابل للتفسير‪ .‬العقل البشري هو أيضًا صندوق أسود‪ ،‬وعلماء النفس‬
‫المعرفي لديهم أكثر من ‪ 150‬عا ًما من الخبرة في نمذجته من خالل التجارب‪ .‬يجب أن تترجم أساليب وصرامة علم النفس‬
‫المعرفي إلى دراسة الصناديق السوداء االصطناعية في خدمة القابلية للتفسير‪ .‬تقدم الدراسة مراجعة لـ ‪ XAI‬لعلماء النفس‪،‬‬
‫إطارا للبحث في‬
‫ً‬ ‫بحجة أن األساليب الحالية تمتلك نقطة عمياء يمكن استكمالها بالتقاليد المعرفية التجريبية‪ .‬ايضا تقدم الدراسة‬
‫سا تعليمية حول‬‫‪ ،XAI‬وتسلط الضوء على الحاالت النموذجية للتجريب داخل ‪ XAI‬المستوحاة من العلوم النفسية‪ ،‬وتقدم درو ً‬
‫تجربة اآلالت‪ .‬تنتهي الدراسة باإلشارة إلى مزايا النهج التجريبي ودعوة علماء النفس اآلخرين إلجراء بحث في هذا المجال‬
‫الجديد المثير‪.‬‬

‫ومن األمثلة على الدراسات األخرى التي تتحدث عن اخالقيات الذكاء االصطناعي هي دراسة طاهرة‪ ،‬طيبة وديفيد ‪(Saheb‬‬
‫)‪ et al., 2021‬والتي كانت تحت عنوان‪ :‬رسم خيوط بحثية ألخالقيات الذكاء االصطناعي في مجال الرعاية الصحية‪ :‬تحليل‬
‫تأثيرا في البحث العلمي حول أخالقيات الذكاء‬
‫ً‬ ‫الببليومتري والمحتوى‪ .‬يهدف هذا البحث إلى تحديد العناصر األكثر‬
‫االصطناعي في الرعاية الصحية من خالل إجراء القياسات الببليومترية وتحليل الشبكات االجتماعية وتحليل المحتوى القائم‬
‫تأثيرا والبلدان والمؤسسات‬
‫ً‬ ‫على المجموعات للمقاالت العلمية‪ .‬لم يقتصر التحليل الببليومتري على تحديد المؤلفين األكثر‬
‫والمصادر والوثائق فحسب‪ ،‬بل اعترف أيضًا بأربعة مخاوف أخالقية مرتبطة بـ ‪ 12‬قضية طبية‪ .‬تتكون هذه الفئات األخالقية‬
‫من الممارسات المعيارية واألخالقيات الفوقية والمعرفية والطبية‪ .‬يكمل تحليل المحتوى هذه القائمة من الفئات األخالقية ويميز‬
‫سبع فئات أخالقية أخرى‪ :‬أخالقيات العالقات‪ ،‬واالهتمامات الطبية القانونية‪ ،‬وأخالقيات الروبوتات‪ ،‬وأخالقيات الذكاء‬
‫المحيط‪ ،‬وحقوق المرضى‪ ،‬وحقوق األطباء‪ ،‬وأخالقيات التحليالت التنبؤية‪ .‬كما حدد هذا التحليل ‪ 40‬فجوة بحثية عامة في‬
‫األدبيات وخيوط بحثية مستقبلية معقولة‪ .‬يعزز هذا التحليل المحادثات حول أخالقيات الذكاء االصطناعي والتقنيات الناشئة‬
‫المرتبطة به مثل التكنولوجيا النانوية والتكنولوجيا الحيوية في الرعاية الصحية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬يعزز أبحاث التقارب حول أخالقيات‬
‫الذكاء االصطناعي في الرعاية الصحية‪ .‬من الناحية العملية‪ ،‬سيوفر هذا البحث خريطة لصانعي السياسات ومهندسي وعلماء‬
‫الذكاء االصطناعي حول أبعاد التدخالت الطبية القائمة على الذكاء االصطناعي التي تتطلب سياسات ومبادئ توجيهية أكثر‬
‫صرامة وتصميم وتطوير أخالقي قوي‪.‬‬

‫وفي دراسة أخرى تحت عنوان‪ :‬األحكام األخالقية في عصر الذكاء االصطناعي‪ ،‬والتي قام بها كل من يوليا وسامويل‬
‫)‪ (Sullivan & Wamba, 2022‬والتي هدفت إلى اإلجابة على السؤال التالي‪« :‬من سيكون مسؤوالً عن الضرر الذي‬
‫ينطوي على نظام ذكاء اصطناعي (‪ )AI‬؟» باالعتماد على األدبيات المتعلقة باألحكام األخالقية‪ ،‬تؤكد الدراسة أنه عندما يرى‬
‫ضررا لآلخرين‪ ،‬فإنهم سيوجهون اللوم إلى مجموعات الكيانات المختلفة‬‫ً‬ ‫الناس أن عمل نظام الذكاء االصطناعي يسبب‬
‫المشاركة في دورة حياة الذكاء االصطناعي‪ ،‬بما في ذلك الشركة وفريق المطور وحتى نظام الذكاء االصطناعي نفسه‪ ،‬خاصة‬
‫عندما يُنظر إلى هذا الضرر على أنه مقصود‪ .‬باالعتماد على نظرية اإلدراك الذهني‪ ،‬افترضت الدراسة أن بعدين للعقل‪:‬‬
‫الوكالة المتصورة ‪ -‬عزو النية‪ ،‬واالستدالل‪ ،‬والسعي لتحقيق األهداف‪ ،‬والتواصل مع الذكاء االصطناعي‪ ،‬والتجربة المتصورة‬
‫‪ -‬عزو الحاالت العاطفية‪ ،‬مثل الشعور باأللم والمتعة‪ ،‬والشخصية‪ ،‬والوعي إلى الذكاء االصطناعي ‪ -‬توسط العالقة بين األذى‬
‫المتعمد المتصور واللوم تجاه ‪ .A‬توقعت الدراسة أيضًا أنه من المحتمل أن ينسب الناس خصائص عقلية أعلى إلى الذكاء‬
‫االصطناعي عندما يُنظر إلى الضرر على أنه موجه إلى البشر مقارنة بالوقت الذي يُنظر إليه على أنه موجه إلى غير البشر‪.‬‬
‫اختبرت الدراسة نموذجها البحثي في ثالث تجارب‪ .‬في جميع التجارب‪ ،‬وجد أن الضرر المتعمد المتصور أدى إلى إلقاء اللوم‬
‫على األحكام تجاه الذكاء االصطناعي‪ .‬في تجربتين‪ ،‬وجد أن الخبرة المتصورة‪ ،‬وليس الوكالة‪ ،‬توسطت في العالقة بين‬

‫‪18‬‬
‫الضرر المتعمد المتصور وإلقاء اللوم على األحكام‪ .‬وجدت الدراسة أيضًا أن الشركات والمطورين كانوا مسؤولين عن‬
‫االنتهاكات األخالقية التي تنطوي على الذكاء االصطناعي‪ ،‬حيث تلقى المطورون اللوم األكبر بين الكيانات المعنية‪ .‬توفق‬
‫تجربة الدراسة الثالثة بين النتائج من خالل إظهار أن الضرر المتعمد المتصور الموجه إلى كيان غير بشري لم يؤد إلى زيادة‬
‫إسناد العقل إلى الذكاء االصطناعي‪ .‬هذه النتائج لها آثار على النظرية والممارسة فيما يتعلق بالنتائج غير األخالقية والسلوك‬
‫المرتبط باستخدام الذكاء االصطناعي‪.‬‬
‫وفي دراسة أخرى في مجال علم النفس األخالقي والتي تناولت تساؤل مشكلة النقاء في علم النفس األخالقي والتي اجراها كل‬
‫من كيرت جراي‪ ،‬نيكوالس داماغيو‪ ،‬و فرانك كاشانوف)‪ (Gray et al., 2023‬والتي كانت تحت عنوان‪ :‬مشكلة النقاء في‬
‫علم النفس األخالقي و تقدم هذه الدراسة أول استعراض منهجي لهذا المفهوم (النقاء)‪ .‬تكشف هذه الدراسة عن ‪ 9‬مفاهيم للنقاء‪،‬‬
‫تتراوح من احترام هللا إلى عدم أكل األشياء الجسيمة‪ .‬ينشأ هذا التباين المذهل ألن النقاء ‪ -‬على عكس البنيات األخالقية‬
‫األخرى ‪ -‬ال يفهمه ما هو عليه ولكن ما هو ليس كذلك‪ :‬ضرر واضح بين األشخاص‪ .‬هذا يطرح العديد من المشاكل لعلم‬
‫النفس األخالقي ويفسر سبب افتقار النقاء إلى الصحة المتقاربة والمتباينة ولماذا يتم الخلط بين النقاء والسياسة والدين والغرابة‬
‫طا بشكل‬ ‫متميزا للحكم األخالقي أو مرتب ً‬
‫ً‬ ‫نظرا ألن النقاء ليس بنا ًء متماس ًكا‪ ،‬فال يمكن أن يكون أسا ً‬
‫سا‬ ‫والضرر المتصور‪ً .‬‬
‫خاص باالشمئزاز‪ .‬بدالً من مجال أخالقي محدد‪ ،‬من األفضل فهم النقاء على أنه مجموعة فضفاضة من الموضوعات في‬
‫الخطاب األخالقي‪ .‬هذه الموضوعات مرتبطة بالفهم الثقافي للضرر ‪ -‬الضرر التعددي الواسع الذي حددته نظرية األخالق‬
‫الدياديكية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الفجوة المعرفية بين الدراسات العربية واألجنبية‬

‫تحتاج المشكلة العلمية الجوهرية لعلم النفس األخالقي إلى دراسة دقيقة وحلول مدروسة‪ .‬إن االعتراف بالقيمة العلمية لمعالجة‬
‫المشكالت األخالقية يعزز نزاهة البحث النفسي وينهض بمجال خاضع للمساءلة وشامل وله تأثير أخالقي طويل األمد‪ .‬ومن‬
‫خالل المناقشات النشطة واستخدام األطر األخالقية اإلبداعية‪ ،‬قد يرتفع علم النفس األخالقي فوق الصعوبات التي يواجهها‬
‫ويصبح ركيزة من ركائز التألق العلمي المكرس بشدة لرفاه الناس والمجتمع ككل‪.‬‬
‫عند حديثنا عن المشاكل التي يدرسها علم النفس األخالقي‪ ،‬فان علم النفس األخالقي يدرس جوانب مهمة جدا الى اإلنسانية‬
‫مثل‪ ،‬صنع القرارات‪ ،‬المسؤليات اليومية والقانونية‪ ،‬القوانين والسياسات‪ .‬ويواكب علم النفس األخالقي كل ما هو جديد بعالمنا‬
‫والتطور الذي نشهده كتطور الذكاء االصطناعي‪ ،‬مواضيع التحيزات‪ ،‬مواضيع العدل‪ ،‬والعديد من المواضيع الجوهرية التي‬
‫تلعب دور قيم ومهم جدا في حياتنا وفي مجتمعاتنا‪.‬‬
‫عند اطالعي وبحثي في الدراسات العربية واألجنبية لقد توصلت الى ان هناك فجوة معرفية كبيرة بين الدراسات العربية‬
‫واألجنبية في اطار موضوع علم نفس االخالق خصوصا في موضوع اخالقيات الذكاء االصطناعي‪ .‬عند بحثي عن الدراسات‬
‫األجنبية الحديثة التي تتكلم عن اخالقيات الذكاء االصطناعي وجدت كما كبيرا من الدراسات المهتمة في الموضوع‪ ،‬وفي‬
‫المقابل عندما بحثت عن دراسات عربية تتكلم في الموضوع لم اجد الى دراسة واحدة إشارة الى الموضوع وهذا يوضح لنا‬
‫حجم الفجوة المعرفية الكبيرة عند الدراسات العربية‪ ،‬بسبب أهمية موضوع االخالقيات في اطار الذكاء االصطناعي النه‬
‫الموجة الحديثة في دراسات االخالقيات‪.‬‬
‫في موضوع اخالقيات الذكاء االصطناعي يوجد تأخر ملحوظ في الدراسات العربية والذي قد يكون سببه انعدام الثقافة حول‬
‫أهمية موضوع الذكاء االصطناعي والذي يعتبرونه الكثيرين الموجة الحديثة او النهضة في العلوم الحديثة‪ ،‬لما يحمل من‬
‫خصائص قد تغير من طبيعة كل ما يدور حولنا مثل‪ ،‬طبيعة الدراسات‪ ،‬التحليل‪ ،‬السياسات‪ ،‬القرارات‪ ،‬وأيضا قد يؤثر على‬
‫البشرية بحد ذاتها‪.‬‬
‫ان اخالقيات الذكاء االصطناعي هو موضوع مهم البد من تكثيف الدراسات العربية باتجاهه لما فيه من تعقيدات وتساؤالت‬
‫عديدة قد تغير من برمجة واعداد الذكاء االصطناعي‪ .‬تدرس اخالقيات الذكاء االصطناعي مواضيع حساسة ومهمة للغاية‪،‬‬
‫كموضوع هل يمكن للذكاء االصطناعي اتخاذ قرارات اخالقية؟ هل يمكن للذكاء االصطناعي ان يلعب دور الوسيط في‬
‫االخالقيات؟ هل يجب القلق على اخالقيات الذكاء االصطناعي نفسه؟‬
‫في الدراسات العربية وجدت ان اكثر الدراسات الحديثة التي تدرس موضوع علم نفس االخالق هي دراسات مكررة وال‬
‫تطرح تساؤالت جديدة‪ ،‬وال إضافات علمية جديدة‪ .‬وكان التركيز في مواطن محددة مثل (الذكاء األخالقي‪ ،‬والسلوك‬
‫االخالقي)‪ .‬والعديد من الدراسات العربية تعتمد على نظريات‪ ،‬مقاييس‪ ،‬أدوات‪ ،‬ومعلومات قديمة وفي اعتقادي ال تصلح‬
‫لالستعمال في عصرنا الحالي والتطور الذي نشهده‪.‬‬
‫ان الدراسات العربية تعاني من نقص شديد في ما يخص مواضيع علم النفس األخالقي‪ ،‬بعكس الدراسات األجنبية التي تدرس‬
‫وتهتم بمواضيع مختلفة ومتعددة من علم النفس األخالقي مثل‪ :‬علم النفس األخالقي لاللتزام في دراسة قام بها مايكل توماسيلو‬
‫)‪ (Tomasello M. , 2020‬ومثال اخر هو جزء من كتاب دليل أكسفورد لعلم النفس األخالقي‪ ،‬حيث يحدثنا لورين اولين‬
‫حول موضوع علم النفس األخالقي للفكاهة )‪ (Olin, 2022‬والذي لم اجد أي دراسة او كتاب عربي يتحدث بهذا الموضوع‪.‬‬
‫اما بخصوص األدوات المستخدمة بالدراسات األجنبية المتعلقة بعلم النفس األخالقي فقد وجدت ان الدراسات األجنبية تستخدم‬
‫جميع األدوات المتاحة مثل جهاز )‪ (EEG‬مخطط كهربية الدماغ وجهاز‪ ،‬مثال على استخدام هذا الجهاز هو دراسة كل من‬
‫تيانلونغ تشن أ‪ ،‬تشيان تشيان لي أ‪ ،‬مينغ بينغ‪ ،‬وشو لي‪ (Chen et al., 2023) .‬ومن األدوات الحديثة األخرى المستخدمة في‬
‫دراسة علم النفس األخالقي في الدراسات األجنبية هو جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (‪ )fMRI‬ومن األمثلة‬
‫على الدراسات التي استخدمت هذا النوع من األجهزة هي دراسة كل من يانغ‪ ،‬كيو‪ ،‬شاو‪ ،‬آر‪ ،‬تشانغ‪ ،‬كيو‪ ،‬لي‪ ،‬سي‪ ،‬لي‪،‬‬

‫‪20‬‬
‫واي‪ ،‬لي‪ ،‬إتش‪ ،‬و لي‪ ،‬تي‪ (Yang et al., 2019).‬باإلضافة الى كم هائل من الدراسات الكمية التي تستخدم‪ :‬االستبيانات‪ ،‬و‬
‫الدراسات االستقصائية‪ .‬باإلضافة الى دراسات كيفية ونوعية والتي كانت في غالبها تستخدم طريقة تحليل المحتوى‪.‬‬
‫بشكل عام في ما يخص األدوات‪ ،‬هنالك قصور ملحوظ عند الدراسات العربية التي كانت اغلبها تعتمد على مقاييس مترجمة‬
‫ومقاييس بشكل عام بعكس الدراسات األجنبية التي تواكب العلوم الحديثة في بحثها ودراستها في موضوع علم النفس‬
‫األخالقي‪ ،‬اذ تستخدم الدراسات األجنبية جميع ما هو متاح من أدوات‪ ،‬بما في ذلك من أجهزة تفحص الدماغ‪ ،‬ومقاييس حديثة‪،‬‬
‫وتفسيرات ومراجعات أدبية دقيقة وجديدة‪.‬‬
‫غالبًا ما تؤدي أبحاث علم النفس األخالقي األجنبية إلى اكتشافات وأسئلة جديدة‪ ،‬وتوسيع المعرفة‪ ،‬وتحدي النظريات الحالية‪،‬‬
‫ودمج وجهات النظر متعددة التخصصات‪ ،‬ومعالجة اآلثار األخالقية والعملية‪ ،‬وتطوير أساليب وتكنولوجيات البحث‪ .‬قد تركز‬
‫الدراسات الجديدة على االختالفات الثقافية في التفكير األخالقي أو النماذج التجريبية أو األبعاد التي تم تجاهلها في صنع القرار‬
‫األخالقي‪ .‬يمكن أن تؤدي التحديات التي تواجه النظريات الحالية إلى مزيد من التحقيق‪ ،‬مما يؤدي إلى تطوير أطر نظرية‬
‫جديدة‪ .‬يمكن أن تلهم وجهات النظر متعددة التخصصات من علم األعصاب والفلسفة وعلم االجتماع والتخصصات األخرى‬
‫الجهود التعاونية‪ .‬يمكن أن تحفز الموضوعات واالتجاهات الناشئة في علم النفس األخالقي أيضًا البحث‪ ،‬في حين أن الصلة‬
‫بالقضايا المعاصرة يمكن أن تلهم المزيد من استكشاف األسس واآلثار األخالقية‪ .‬بعكس الدراسات العربية المحدودة جدا التي‬
‫وجدتها‪ ،‬بسبب عدم اضافتها أي جديد الى علم النفس األخالقي من تساؤالت او مشاكل بحثية جديدة ومهمة‪.‬‬
‫في الدراسات األجنبية نرى ان االهتمام كبير جدا بقضايا االخالق‪ ،‬ونرى أيضا مواكبة الدراسات العلمية األجنبية الى التطور‬
‫العلمي الذي يحدث‪ ،‬فعلى سبيل المثال يوجد كم هائل من الدراسات األجنبية الجديدة التي تدرس موضوع اخالقيات الذكاء‬
‫االصطناعي‪ ،‬ومواضيع أخرى جديدة بخصوص علم النفس األخالقي‪ ،‬وكتب ونظريات جديدة‪ ،‬ونقد وتطوير من نظريات‬
‫سابقة في هذا المجال‪ .‬اما في المقابل فان الدراسات العربية في مجال االخالقيات محدودة جدا وغير دقيقة وال تواكب التطور‬
‫العلمي الحالي‪.‬‬
‫خالصة الموضوع‪ ،‬ان علم النفس األخالقي موضوع مهم للغاية‪ ،‬ويتقاطع مع العديد من العلوم األخرى كعلم االعصاب‪،‬‬
‫والعلوم البيئية ولكن لالسف هناك نقص شديد في الدراسات العربية العلمية المتعلقة في موضوع علم النفس األخالقي‪،‬‬
‫باإلضافة الى نقص في حداثة األدوات المستخدمة والنظريات‪ .‬ونرى انعدام االهتمام بهذا المجال عند الدراسات العربية مع انه‬
‫مجال مهم جدا وال يمكن التغاضي عنه‪ .‬على العكس تماما فان الدراسات األجنبية تواكب بكل الصور الممكنة العلم الحديث في‬
‫مجال علم النفس األخالقي سواء من األدوات‪ ،‬المقاييس‪ ،‬والدراسات الحديثة التي تبحث في جميع زوايا هذا المجال‪.‬‬

‫‪21‬‬
References
Askholm, A., & Gram-Hanssen, K. (2022). Environmental ethics in action: relations between practices,
ethics and the culture of consumer society. Consumption and Society, 1-19.

Bonnefon, J.-F., Rahwan, I., & Shariff, A. (2023). The Moral Psychology of Artificial Intelligence. Annual
Review of Psychology, 75(1). https://doi.org/10.1146/annurev-psych-030123-113559

Britannica, T. E. (2023, June 8). Moral-psychology. Retrieved from Encyclopedia Britannica.:


https://www.britannica.com/science/moral-psychology

Carr, D. (2014). Metaphysics and methods in moral enquiry and education: Some old philosophical wine
for new theoretical bottles. Journal of Moral Education, 43(4), 500–515.
https://doi.org/10.1080/03057240.2014.943167

Chen, T., Li, Q., Ping, M., & Li, X. (2023). Moral transgression modulates empathy for pain: Evidence from
ERP and EEG data. Biological Psychology, 176. https://doi.org/10.1016/j.biopsycho.2022.108467

Floridi, L. (2016). The Ethics of Information. Oxford University Press.

Gray, K., DiMaggio, N., & Kachanoff, F. (2023). The Problem of Purity in Moral Psychology. Personality and
Social Psychology Review, 27(3), 272-308. https://doi.org/10.1177/10888683221124741

Hardy, S., & Carlo, G. (2011). Moral Identity. In S. Schwartz, K. Luyckx, & V. Vignoles, Handbook of Identity
Theory and Research (pp. 495–513). Springer. https://doi.org/10.1007/978-1-4419-7988-9_19

Hardy, S., & Carlo, G. (2011). Moral Identity: What Is It, How Does It Develop, and Is It Linked to Moral
Action? Child Development Perspectives, 5(3), 212-218. https://doi.org/10.1111/j.1750-
8606.2011.00189.x

Kimmerer, R. W. (2013). Braiding Sweetgrass: Indigenous Wisdom, Scientific Knowledge, and the
Teachings of Plants. Milkweed Editions.

Olin, L. (2022). The moral psychology of humor. In M. Vargas, & J. Doris, The Oxford Handbook of Moral
Psychology (p. 465). Oxford University Press.

Ott, K. (2020). environmental ethics. Online Encyclopedia Philosophy of Nature, 1-8.


https://doi.org/10.11588/oepn.2020.0.71420

Palmer, C., McShane, K., & Sandler, R. (2014). Environmental ethics. Annual Review of Environment and
Resources, 39, 419-442.

Saheb, T., Saheb, T., & Carpenter, D. (2021). Mapping research strands of ethics of artificial intelligence in
healthcare: A bibliometric and content analysis. Computers in Biology and Medicine, 135.
https://doi.org/10.1016/j.compbiomed.2021.104660

Schmidtz, D., & Shahar, D. (2018). Environmental Ethics: What Really Matters, What Really Works. Oxford
University Press.

Singer, P. (2023, June 8). environmental ethics. Retrieved from Encyclopedia Britannica:
www.britannica.com/topic/environmental-ethics-philosophy

22
Sullivan, Y., & Wamba, S. (2022). Moral Judgments in the Age of Artificial Intelligence. Journal of Business
Ethics, 178, 917–943. https://doi.org/10.1007/s10551-022-05053-w

Taylor, E., & Taylor, G. (2020). Artificial cognition: How experimental psychology can help generate
explainable artificial intelligence. Psychon Bull Rev, 28, 454–475.
https://doi.org/10.3758/s13423-020-01825-5

Tiberius, V. ( 2023). Moral Psychology: A Contemporary Introduction. Routledge.

Tomasello, M. (2016). A Natural History of Human Morality. Harvard University Press.

Tomasello, M. (2020). The moral psychology of obligation. . Behavioral and Brain Sciences, 43, 56.
https://doi.org/10.1017/S0140525X19001742

Yang, Q., Shao, R., Zhang, Q., Li, C., Li, Y., Li, H., & Lee, T. (2019). When morality opposes the law: An fMRI
investigation into punishment judgments for crimes with good intentions. . Neuropsychologia,
127, 195-203. https://doi.org/10.1016/j.neuropsychologia.2019.01.020

23

You might also like