You are on page 1of 79

‫الفصل الرابع‬

‫نظريات الشخصية‬
‫‪ o‬النظرية ‪.‬‬
‫‪ o‬الشخصية‪.‬‬
‫‪ o‬المكونات األساسية لنظرية الشخصية‪.‬‬
‫‪ o‬مح ّكات تقويمية لنظرية الشخصية ‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫يوجد قدر قليل من االتفاق فيما يتعلق بنمط المنحى الواجب على علماء الشخصية أن‬
‫يسلكوه لتفسير الجوانب األساسية للسلوك اإلنساني‪.‬‬

‫وفي الحقيقة‪ ،‬وحتى هذه المرحلة من نمو علم الشخصية‪ ،‬يوجد عدد من النظريات‬
‫البديلة ( المتنوعة ) لفهم الشخص ككيان متكامل يعكس بصورة جلية الفروق بين‬
‫الناس ‪.‬‬
‫لهذا السبب‪ ،‬فسوف نولي قدرا من االنتباه (االهتمام) بشأن ما النظرية‪ ،‬وما الوظائف‬
‫التي تؤديها عند دراستها وفهمها لألشخاص ‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫النظرية‬

‫النظرية‪ :‬هي نموذج للواقع من شأنه أن يسهم في مساعدتنا على فهم وتفسير الواقع‬
‫والتنبؤ به والتحكم فيه‪.‬‬

‫وفي مجال دراسة الشخصية‪ ،‬تكون تلك النظريات ‪ -‬عادة لفظية‪.‬‬


‫وإن كان بين الحين واآلخر يقدم البعض نموذجا بيانيا‪ ،‬مع بيان بمثال رمزي‪ ،‬أو نموذجا‬
‫رياضيا‪ ،‬حتى نموذجا حاسوبيا‪ ،‬إال أن الكلمات تظل قالبها الصياغي األساسي‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫النظرية‬

‫النظرية‪ :‬نظاما ً موحداً ومبسطا ً من المبادئ والتعريفات والمسلمات التي تتعلق بظاهرة‬
‫معينة أو بمجموعة من الظواهر المترابطة بحيث يسمح هذا النظام بشرح وفهم‬
‫العالقات بين المتغيرات بشكل مبسط تنتظم فيه الحقائق تنظيما ً منطقيا ً مترابطا ً ‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وتركز المناحي المختلفة على الجوانب المختلفة للنظرية‪.‬‬
‫فاإلنسانيون والوجوديون ‪:‬يميلون للتركيز على جانب الفهم‪ .‬وهو يعتقدون بأن الكثير‬
‫مما كون عليه يصعب التنبؤ به والتحكم فيه‪ ،‬إذ أنه بمثابة طريق معقد ممتد إلى‬
‫أعماق التاريخ والثقافة‪ .‬وإلى جانب ذلك‪ ،‬يرون أن التنبؤ والتحكم في البشر يعد‪ -‬إلى‬
‫درجة كبيرة‪ -‬أمرا غير أخالقي‪.‬‬

‫والسلوكيون والفرويديون‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬يفضلون تناول التنبؤ والضبط‪ .‬فإذا كانت‬
‫بتلك النظريات فكرة مفيدة‪ ،‬قابلة للتطبيق! اذهب معها‪ ،‬أما فهمها فيعد أمرا ثانويا‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وتعريف آخر للنظرية يقول إنها بمثابة دليل (موجه للتصرف) ونحن نتصور أن‬
‫المستقبل يكون شبيها على نحو ما بالماضي‪ .‬ونتصور كذلك أن نتائج ونماذج معينة‬
‫من األحداث التي يتكرر وقوعها قبل سلوك ما‪ ،‬يرجح أن تظهر مرة أخرى‪ .‬فإذا د‪m‬ققنا‬
‫في الظروف المؤدية إلى نتيجة ما أو األجزاء األكثر حيوية في نموذج ما‪ ،‬لكانت لنا‬
‫بمثابة عالمات الحدود أو اإلشارات التحذيرية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫والنظرية تكون وجيزة كالخريطة‪ :‬إنها ليست مطابقة للريف الذي تصفه‪ ،‬فبكل تأكيد ال‬
‫تتيح لك كافة التفاصيل‪ ،‬وبالرغم من أنها لن تكون واضحة بدرجة كافية‪ .‬إال أنها توفر‬
‫دليال للتصرف‪ -‬وتمكننا من التصويب عندما تخطئ الخريطة‪.‬‬

‫النظرية هي مجموعة من األفكار المترابطة فيما بين التصرفات‪ ،‬واألسس المقترحة‬


‫لتفسير مالحظات بعينها من الواقع‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫والنظرية أيضا بمثابة جهد تأملي في الطبيعة ومن ثم فهي كالم‪ ،‬ال يمكن اإلقرار‬
‫بصحته أو خطئه وعلى أية حال‪.‬‬

‫فإن النظرية تعتبر بصفة عامة‪ ،‬مقبولة وصادقة أو يعتمد عليها من قبل المجتمع العلمي‬
‫بقدر ما تحرزه من مالحظات حقيقية عن الظاهرة (والتي غالبا ما تكون مؤسسة على‬
‫بيانات مشتقة من تجارب دقيقة) وتكون مدعمة بتفسير لنفس الظاهرة المشار إليها‬
‫بالنظرية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وإذا ما أصبح السلوك اإلنساني مفهوما على نحو تام في مختلف أوضاعه اليومية‬
‫فسوف ال تكون هناك هناك حاجة لنظريات الشخصية‪ .‬إن مثل هذه النظريات تطور‬
‫تخمينات أو فرضيات عما يكون عليه الناس من حال‪ ،‬كيف يصبحون على هذا المنوال‬
‫ولماذا يتصرفون بطريقتهم هذه؟‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وسوف نتعرض لبعض هذه النظريات‪ ،‬واختبار افتراضاتها األساسية‪ ،‬وعرض لتطبيقات‬
‫واقعية لكل منها وثيقة الصلة بجوانب السلوك اإلنساني وكم هو كثير ما يمكن‬
‫الحصول عليه من دراسة نظريات الشخصية‪.‬‬

‫إن موضوعنا العام هو الطبيعة اإلنسانية‪ ،‬وهدفنا هو فهم التنوع والتعقد للتوظيف الكامل‬
‫للشخص في عالم الواقع‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ ‬وتقدم النظريات وظيفتان أساسيتان‪:‬‬
‫‪ ‬تفسير السلوك‬
‫‪ ‬والتنبؤ به‪.‬‬

‫وتكون نظرية الشخصية بمثابة مفسر في جهدها لتنظيم السلوك اإلنساني على نحو‬
‫تنظيمي‪.‬‬

‫أى أن النظرية تمدنا بإطار عمل ذي معنى أو بخارطة تبسيط ودمج ما نعرفه عن أنواع‬
‫األحداث المتصلة بالشخصية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ ‬المثال‪.‬‬
‫‪ ‬وبغير مساعدة النظرية‪ ،‬يكون من الصعب تفسير لماذا نجد لدى هاني ذي األعوام‬
‫الخمسة جاذبية رومانسية قوية تجاه أمه وامتعاض مفرط على طول الخط تجاه أبيه‪.‬‬

‫‪ ‬وقد تتضاعف المشكلة إذا ما كنا نعلم أن األطفال (الذكور) يحملون نفس المشاعر‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫إن التسلح بنظرية (التحليل النفسي ) كهذه تثبت عمومية تلك االنفعاالت في مرحلة‬
‫بعينها من نمو الشخصية مزودة بتبرير منطقي لظهورها‪ ،‬من شأنه أن يجعل من‬
‫الميسور جدا فهم هاني وقد نكون على صواب أو مخطئين‪ ،‬ولكن اقل ما يمكن أننا‬
‫ربما نتسق في صياغة لتلك المشاعر لدى األطفال‪.‬‬

‫أن الوظيفة التفسيرية على قدر خاص من األهمية إذا أخذنا في االعتبار ذلك المدى‬
‫الهائل من الحقائق والمالحظات المتعلقة بالسلوك اإلنساني‪ .‬إن النظرية الجيدة‬
‫للشخصية تزود بمحتوى يمكن من خالله للسلوك أن يكون موصوفا ومفسرا على‬
‫نحو دقيق‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وال ينبغي للنظرية أن تفسر األحداث (الوقائع) الماضية فقط‪ ،‬بل ينبغي أن تتنبأ باألحداث‬
‫المستقبلية‪ .‬ويجب أن تزودنا بأسس للتنبؤ باألحداث والمترتبات التي لم تظهر بعد ‪.‬‬

‫وهذا الهدف يوضح أن مفاهيم نظرية ما ال يجب أن تكون ثابتة فحسب‪ .‬ولكنها تكون‬
‫قابلة ألن تصبح مثبتة أو غير مثبتة‪ ،‬لذا‪ ،‬فإنا نتوقع تغيرا خاصا يطرأ على سلوك‬
‫هاني كنتيجة للمعاملة الوالدية‪ .‬ماذا يمكن أن يحدث لو كانت األم تشجع على نحو‬
‫نشط مبادرات هاني الرومانسية أم ماذا يمكن أن يحدث لو أن أباه ينبذه بسبب هذه‬
‫المشاعر؟‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫أن النظرية جيدة للشخصية إنما تستثير‪ -‬البحث السيكولوجي‪ ،‬وعلى النقيض من ذلك‬
‫فان القيمة العلمية للنظريات التي ال تقبل االختبار‪.‬‬
‫بمعنى أنها غير قادرة على توليد تنبؤات(توقعات) للبحث‪ ،‬إنما تظل غير معروفة‪.‬‬
‫وينبغي أن تتمتع النظريات بإجراء بحثي (نحتكم إليه) لنعرف ماذا كانت تساعدنا على‬
‫فهم الطبيعة اإلنسانية في جميع مظاهرها المختلفة من فرد آلخر‪ ،‬أم ال‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫الشخصية‬

‫عادة‪ ،‬عندما نتكلم عن شخصية فرد ما‪ ،‬فإنا نتحدث عن ما يجعل هذا الفرد مختلفا عن‬
‫اآلخرين‪ ،‬بل وفريدا‪ .‬وهذا الجانب من الشخصية هو ما يعرف بالفروق الفردية‪.‬‬

‫والتي تمثل قضية مركزية عند بعض النظريات‪ .‬ولقد أولت تلك النظريات اهتماما بالغا‬
‫بأمور من قبيل األنماط والسمات وبالمقاييس التي نتمكن بها من تصنيف الناس أو‬
‫نقارنهم ببعضهم البعض فبعض الناس عصابيون‪ ،‬وبعضهم ليسوا عصابيين‪ ،‬وبعض‬
‫الناس أكثر انطوائية‪ ،‬بينما نجد آخرين أكثر انبساطية‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫الشخصية‬

‫وعلى أية حال‪ ،‬فان نظريات الشخصية تعنى األشياء المشتركة بين الناس‪.‬‬

‫المثال على ذلك‪ ،‬هل يمكن أن يشترك الشخص العصابي والشخص السوي في شيء‬
‫مشترك؟ أو ما هي البنية المشتركة الموجودة في الناس والتي تعبر عن نفسها‬
‫كانطواء لدى البعض وكانبساط لدى اآلخرين‪.‬؟‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫إنك لو وضعت األشخاص على بعد ما – كالسوية‪ -‬العصابية‪ ،‬أو االنطواء‪ -‬االنبساط‪،‬‬
‫فسيمكنك القول بان كل شخص يجد له مكانا على كل بعد سواء كانوا عصابيين أم ال‪،‬‬
‫فكل الناس لهم نصيبهم من المرض ومن الصحة‪ .‬وسواء كانوا انطوائيين أم‬
‫انبساطيين‪ ،‬فان كال منهم متغير على نحو أو آخر‪.‬‬

‫أي يمكننا القول بان نظريات الشخصية تكون معنية ببنية الفرد‪ ،‬وبنيته النفسية على‬
‫وجه التحديد‪ .‬كيف يرتبط الناس بعضهم ببعض‪ ،‬كيف يعملون‪ ،‬وكيف يتباعدون‬
‫ويتفككون‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ولقد ذهبت بعض النظريات إلى ما هو ابعد‪ ،‬وأخذت على عاتقها البحث عن الجوهر الذي‬
‫يجعل الفرد شخصا‪ .‬أو البحث عما يعنيه أن يكون الفرد كائنا بشريا‪.‬‬

‫ان مجال علم نفس الشخصية ممتد‪ m‬من مجرد البحث الموضوعي االمبريقي البسيط في‬
‫الفروق بين األشخاص وحتى البحث الفلسفي عن معنى الحياة‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫إن علماء نفس الشخصية يميلون لالعتقاد بان مجالهم أشبه بمظلة تنضوي تحتها‬
‫كافة فروع علم النفس‪ .‬فهم معنيون‬
‫بالجينات وبوظائف األعضاء‪.‬‬
‫وبالتعلم والنمو‪.‬‬
‫وبالتفاعل االجتماعي والثقافة‪.‬‬
‫وبعلم األمراض‪.‬‬
‫كل تلك الموضوعات توجد مجتمعة داخل الفرد‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫تؤدي نظريات الشخصية وظائف عملية واضحة في علم النفس‪.‬‬
‫فالنظريات تمكننا من معرفة إلى أي‪:‬‬
‫‪-‬حد يتشابه الناس“خصائص ثابتة نسبيا“ ‪.‬‬
‫و‪-‬كيف ينتظمون في عالقات مع بعضهم البعض‪.‬‬
‫‪-‬وكيف أن أناسا بعينهم يسلكون على هذا النحو‪،‬‬
‫‪-‬وتسمح لنا النظريات أيضا بان نتنبأ بعالقات والتي لم يسبق من قبل وان بحثت‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ويستشف في ضوء ذلك‪:‬‬

‫أن النظريات تقترح االتجاهات التي يمكن للبحث المخطط أن يكشف بها عن‬
‫استبصارات جديدة بمختلف المناطق التي لم تُك َ‬
‫شف بعد‪.‬‬

‫وعلى أية حال فإن النقطة ذات األهمية البالغة هي أن كل نظريات السلوك اإلنساني‬
‫قد صيغت بالكائنات اإلنسانية بمعنى أن كل البشر ساهموا فيها فعلماء الشخصية‬
‫بشر‪ ،‬كسائر البشر يتبنون وجهات نظر متباينة بشان الطبيعة اإلنسانية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪-‬فبعض النظريات‪ ،‬تعتقد أن السلوكيات اإلنسانية تمتد جذورها من دوافع الشعورية‬
‫والتي بطبيعتها تقع خارج نطاق وعي الفرد‪ ،‬والتي تكون أسبابها مستقرة في أعماق‬
‫الماضي البعيد‪.‬‬

‫وتعتقد نظريات أخرى في أن الناس يكونون على وعي بدوافعهم ولذا فان سلوكهم يكون‬
‫في المقام األول كما لو كان نتيجة للظروف الراهنة‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وأيا كانت المعتقدات الخاصة بكل منظر‪ ،‬فانه من الجلي أن علماء الشخصية لديهم‬
‫افتراضات أساسية مختلفة بشأن الطبيعة اإلنسانية‪ ،‬وبذلك يتمايزون الواحد عن‬
‫اآلخر‪ .‬وقد يدرك المنظر ويشرع في إيضاح هذه التصورات األساسية‪ ،‬وقد يقصر في‬
‫إيضاحها‪ ،‬أو أن يدمجها ببساطة فتصبح مدمجة بكل معنى الكلمة ومن ثم يصعب‬
‫التعرف عليها كافتراضات‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وتؤثر االفتراضات األساسية بصورة عميقة في أفكار عالم الشخصية بشأن طبيعة‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫المثال‪:‬‬
‫اعتقد إبراهام ماسلو أن معظم تصرفاتنا (سلوكياتنا) إنما تصدر عن اختيار حر ومقبول‪،‬‬
‫لذا ركزت نظريته على ما شعر به بوصفها جوانب أعلى للطبيعة اإلنسانية‪ ،‬وطور‬
‫نظريته في الشخصية في ضوء ذلك‪.‬‬

‫اعتقد سيجموند فرويد بأن السلوك يكون محددا على نحو واسع بعوامل غير منطقية‪،‬‬
‫وال شعورية‪...‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وتذهب نظرته إلى الشخصية إلى أن التصرفات اإلنسانية تكون محددة سلفا إذ أكدت‬
‫نظريته على التحكم الالشعوري بكل السلوك‪.‬‬

‫وقد اقترح ماسلو وفرويد وجهات نظر على طرفي نقيض فيما يتصل بالطبيعة الجوهرية‬
‫للكائن اإلنساني وهذا في حد ذاته ليس باألمر الواجب التأكيد عليه هنا‪.‬‬
‫القضية ببساطة هي أن أسس أي نظرية للشخصية إنما تكون ضاربة بجذورها بعمق في‬
‫االفتراضات األساسية لعالم الشخصية بشان الطبيعة اإلنسانية مما يعطي أهمية‬
‫خاصة لعرض الخلفية الشخصية لكل عالم‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫المكونات األساسية لنظرية في الشخصية‬

‫إن أهم الوظائف لنظرية ما تتمثل في أن توضح ماذا توصلت إليه من معرفة بالفعل‪،‬‬
‫والتنبؤ باألمور التي لم تُعرف كواقع بعد‪.‬‬
‫وأيا كانت أغراض النظرية التفسيرية والتنبؤية والقضايا الحيوية والمشكالت التي‬
‫ُعنيت بها نظرية الشخصية‪.‬‬
‫ما المكونات األساسية التي تكون نظرية ما للشخصية؟ وكيف تتجمع هذه المكونات‬
‫الستحداث تناول متكامل للسلوك اإلنساني؟‪.‬‬
‫هذه بعض األمثلة التي يطرحها الطالب بفضول عندما يبدؤون في دراسة مقرر ما في‬
‫علم نفس الشخصية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫نظريات الشخصية مؤلفة من (نظريات مصغرة) متنوعة ركزت كل منها على قضايا‬
‫بعينها أو على أسئلة تتعلق بالفاعلية السيكولوجية‪.‬‬

‫معايير النظرية الجيدة‪:‬‬


‫ويتضمن هذا الجزء ستة قضايا والتي من الواجب أن تتضمنها النظرية الكاملة‬
‫للشخصية وأن تبحث لها عن حلول‪..‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ -1‬بناء الشخصية‪:‬‬

‫وهي المكون األعظم ألية نظرية في الشخصية‪ ،‬وتشير المفاهيم البنائية إلى الخصائص‬
‫الثابتة نسبيا ً والتي يبديها الشخص خالل الظروف المختلفة وعبر الزمن‪ ،‬وهي تمثل‬
‫لبنة البناء األساسية للحياة النفسية‪.‬‬

‫وبهذا المعنى فهي متشابهة مع المفاهيم من قبيل الذرة والخاليا في العلوم الطبيعية‬
‫وغير قابلة للمالحظة الميكروسكوبية مثلها في ذلك مثل نيرونات المخ‪.‬‬

‫ولقد اقترح علماء الشخصية خليطا ً من المفاهيم ليفسروا بها خصائص األفراد‪ .‬وواحد‬
‫من أهم األمثلة الشائعة للمفهوم البنائي هو السمة‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ -1‬بناء الشخصية‪:‬‬

‫ويقصدبسمة الشخصية إلى خاصية قوية أو نزعة للسلوك على نحو خاص في‬
‫مختلف المواقف‪.‬‬

‫واألمثلة للسمات كثيرة مثل ‪ ،‬التهور‪ ،‬األمانة‪ ،‬الحساسية‪ ،‬الجبن‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪.‬‬
‫ومن أشهر العلماء الذين تحدثوا عن السمات هم جوردون البورت‪ ،‬ريموند كاتل‪ ،‬وهانز‬
‫إيزنك‪ ،‬ونظَّروا لبناء الشخصية على أنه مجموعة من السمات الكامنة وراء السلوك‪.‬‬

‫كما نجد بناء الشخصية تم وصفه في ضوء مفهوم النمط‪ .‬و الذي يشير إلى تجمع لعديد‬
‫من السمات المختلفة في فئات متميزة ومترابطة‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ومقارنة بمفاهيم السمة المتصلة ببناء الشخصية‪ ،‬تتضمن المفاهيم النمطية درجة اكبر‬
‫من االتساق(الثبات) العام‪ ،‬والعمومية للسلوك‪ ،‬وبينما يمتلك األشخاص درجة أو‬
‫أخرى من سمات متعددة‪ ،‬إال أنهم يوصفون على نحو شائع بكونهم من نمط خاص‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪،‬‬
‫صنّفون ضمن واحدة من فئتين حتميتين‪ :‬منطوون‬ ‫قرر كارل يونج أن الناس جميعهم يُ َ‬
‫ومنبسطون وفي ضوء وجهة النظر هذه‪ ،‬فالشخص إما أن يكون هذا أو ذاك‪ ،‬وال‬
‫ثالث لهما‪.‬‬
‫ويختلف المنظرون للشخصية في ك ٍّل من أنواع وعدد المفاهيم التي يستخدمونها في‬
‫تحديد مالمح بناء الشخصية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫فبعض المنظرين يقترحون نظاما“بنائيا“ غاية في التعقيد واإلتقان‪ ،‬فتقسيم فرويد‬
‫الثالثي للشخصية إلى ”هي‪ ،‬أنا‪ ،‬أنا أعلى“ يمثل واحداً ألكثر األوصاف تعقداً لبناء‬
‫الشخصية وتنظيمها‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وعلى النقيض من ذلك نجد بعض المنظرين‪ ،‬يقترحون نظاما بنائيا غاية في البساطة‬
‫يحوي عددا محدوداً من األجزاء المحددة والتي لها اتصال محدود بين بعضها‬
‫البعض‪ ،‬مثال على ذلك كيلي‪ ،‬المنظر المعرفي الشهير والذي استخدم مفهوما ً واحداً‬
‫هو التصور الشخصي في تناول األبعاد الثابتة نسبيا ً في بناء الشخصية‪.‬‬

‫وباختصار فإن أي مدخل لتناول الشخصية حتى يُعد مفيداً‪ ،‬ينبغي أن يُعنى على نحو أو‬
‫آخر بقضية أي جوانب الشخصية تتصف بالثبات وغير المتغيرة للسلوك اإلنساني‪،‬‬
‫أي قضية البناء‪ ،‬والقضية األكثر أهمية من ذلك‪ ،‬طبيعة تنظيم هذا وتأثيره على الفرد‬
‫وفعاليته‪ .‬هذا هو المكون المحوري لجميع نظريات الشخصية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وعلى النقيض من ذلك نجد بعض المنظرين‪ ،‬يقترحون نظاما بنائيا غاية في البساطة‬
‫يحوي عددا محدوداً من األجزاء المحددة والتي لها اتصال محدود بين بعضها‬
‫البعض‪،‬‬
‫مثال على ذلك كيلي‪ ،‬المنظر المعرفي الشهير والذي استخدم مفهوما ً واحداً هو التصور‬
‫الشخصي في تناول األبعاد الثابتة نسبيا ً في بناء الشخصية‪.‬‬
‫وباختصار فإن أي مدخل لتناول الشخصية حتى يُعد مفيداً‪ ،‬ينبغي أن يُعنى على نحو أو‬
‫آخر بقضية أي جوانب الشخصية تتصف بالثبات وغير المتغيرة للسلوك اإلنساني‪،‬‬
‫أي قضية البناء‪ ،‬والقضية األكثر أهمية من ذلك‪ ،‬طبيعة تنظيم هذا وتأثيره على الفرد‬
‫وفعاليته‪ .‬هذا هو المكون المحوري لجميع نظريات الشخصية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ -2‬الدافعية‪:‬‬

‫ينبغي ألي نظرية متكاملة للشخصية أن تبحث في قضية لماذا يفعل الناس ما يفعلونه‪.‬‬
‫وتُعرف المفاهيم الدافعية‪ ،‬بوصفها تتناول جوانب عملية إذ تركز على الخصائص‬
‫المتفاعلة والمتغيرة للسلوك اإلنساني‪.‬‬
‫ومن نماذج هذه األسئلة‪ ..‬لماذا يختار الناس أهدافا بعينها يناضلون من اجلها؟ وما هي‬
‫الدوافع الخاصة التي تزود سلوكهم بالطاقة وتوجهه؟‬
‫هذه األسئلة إنما تمثل نمط القضايا الواجب تضمينها في المكون الثاني لنظرية ما في‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫وقد بُذلت جهود لفهم جوانب السلوك اللحظية والمرنة واستُخلِصت نتائجها من خالل‬
‫االستبصار النظري الهائل‪ .‬فتقترح بعض النظريات أن أنشطة الشخصية بدءاً من‬
‫ممارسة الجنس إلى االستمتاع بالفاكهة‪ .‬إنما تُشتق من جهود الفرد لخفض التوتر‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وهذا ما يُعرف باسم نموذج الدافعية لخفض التوتر(القلق) والذي صيغ ألول مرة على يد‬
‫فرويد مفترضا ً أن حاجات الفرد الفسيولوجية والحيوية الجينية إنما تولِّد التوتر‪،‬‬
‫والذي يجبر الفرد على العمل على تخفيضه باإلشباع حاجاته‪.‬‬

‫وتوجد أنواع عديدة من الحاجات األساسية منها على سبيل المثال‪ ،‬الجوع والعطش‬
‫والنوم‪ ،‬والجنس‪،‬فتنطبق عليها نظرية الدافعية اإلنسانية لخفض التوتر‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬تؤكد بعض نظريات ديناميات الشخصية على كفاح الفرد‬
‫للسيطرة على البيئة والتطلع لخبرات جديدة من اجل متعتهم الشخصية‪.‬‬

‫ويذكر المؤيدون لهذه الوجهة من النظر أنه كلما نضج األفراد‪ ،‬كلما أصبحت معظم‬
‫سلوكياتهم مستمرة في مهارات نامية من اجل تحقيق الكفاية أو من اجل التعامل‬
‫الفعال مع البيئة‪ ،‬وان مقداراً اقل من سلوكهم ي يكون مقصورا في غاية التخفيف من‬
‫التوتر‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫كما فقد افترض ماسلو‪ ،‬كواحد من ابرز المنظرين الدافعيين‪ ،‬افترض أن الفرد في أوقات‬
‫معينة يكون محكوما بنقص الحاجات ويعمل على خفض التوتر الناتج من عدم اشباع‬
‫هذه الحاجات ‪،‬‬
‫بينما في أوقات أخرى‪ ،‬يكون الفرد محكوما ً بحاجات النمو والعمل على زيادة التوتر‪،‬‬
‫كوسيلة لغاية تتعلق باالنجاز الشخصي‪.‬‬

‫وبالرغم من أن مثل هذه الوجهة من النظر والمتكاملة تبدو جديرة بالتصديق إال أن كثيراً‬
‫من الباحثين لم يحاولوا الجمع بين أكثر من وجهة نظر للتكامل فيما بينها‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ -3‬نمو الشخصية‪:‬‬

‫ربما يتصور البعض أن الحديث عن تطور الشخصية أم ًرا ال قيمة له خاصة وأننا نؤكد‬
‫دوما على ثبات خصائص الشخصية‪.‬‬
‫إن المفاهيم النمائية تركز على مسألة كيف أن الجوانب البنائية والدافعية لفعالية‬
‫الشخص إنما تتغير من الطفولة إلى مرحلة الرشد إلى مرحلة المسنين‪ .‬وأن تناول هذا‬
‫التغيير يعد مكونا ً أساسيا ً لمعالم أي نظرية للشخصية‪.‬‬
‫يظهر نمو الشخصية جليا عبر الحياة‪ .‬وبناء عليه افترضت بعض النظريات نموذج ذو‬
‫مراحل متعددة لتفسير نماذج النمو(التغير) في حياة الشخص وتعد نظرية فرويد بشأن‬
‫نمو الشخصية بمصطلحات تتصل بسلسلة مراحل جنسية نفسية مثال على هذه‬
‫النظريات‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وصياغة المراحل الثمانية الريكسون‪ ،‬إنما يعطي مثاالً آخر لهذه النظريات‪.‬‬

‫بينما منظرون آخرون على عكس ذلك‪ .‬يؤكدون على دور عالقات الوالدين بالطفل كعامل‬
‫هام في فهم قضية النمو فروجرز‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬علّق أهمية كبرى على مفهوم‬
‫الذات لدى الفرد وكيف يتشكل‪ ،‬على نحو معرفي وانفعالي باتجاهات الوالدين‬
‫وسلوكياتهم أثناء سنوات التشكل في الحياة‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ويتأثر نمو الشخصية بخليط من المحددات الخارجية والداخلية‪،‬‬
‫ومن المحددات الخارجية ‪:‬‬
‫‪-‬عضوية الفرد في ثقافة خاصة‪.‬‬
‫‪ ‬الطبقة االجتماعية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ - ‬والوضع الفريد لألسرة ‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫والمحددات الداخلية ‪:‬‬
‫‪ ‬القوى الجينية‪ ،‬البيولوجية‪ ،‬والفسيولوجية‪- -‬‬
‫‪ ‬بالتغيرات التي تصاحب نمونا‪ -‬جسميًا‪ ،‬اجتماعيا‪ ،‬عقليا‪ ،‬عاطفيا‪ ،‬وخلقيا‪،‬‬

‫‪ ‬كم أن قضية النمو اإلنساني في الواقع معقدة للغاية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وتؤدي العضوية في ثقافة بعينها وفقا لتنشئة اجتماعية‪،‬‬
‫إلى نماذج معيارية للتفكير‪ ،‬الشعور‪ ،‬والسلوك سواء كنا على وعي بذلك أم ال‪ ،‬فإن‬
‫القوى الثقافية تحدد تصوراتنا عن ذواتنا‪ ،‬وعالقاتنا باآلخرين‪ ،‬وحاجاتنا وأساليب‬
‫إشباعها‪ ،‬واألهداف التي تناضل لبلوغها‪.‬‬

‫وبطريقة مماثلة‪ ،‬فإن العضوية في طبقة اجتماعية اقتصادية بعينها من شأنه أن يؤثر‬
‫على نح ِو دال في القيم‪،‬االتجاهات وأنماط الحياة التي نكتسبها‪،‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫أن القليل من جوانب نمونا يمكن أن تفهم بغير الرجوع للجماعات التي ننتمي إليها‪.‬‬
‫حتى في المجتمع التعددي مثل المجتمع األمريكي‪:‬‬
‫فان االنتماء لطبقة اجتماعية كثيرا“ ما يمنح األفراد مكانتهم‪ ،‬والدور الذي يضطلعون به‬
‫واالمتيازات والفرص التي يتمتعون بها‪ .‬وتمارس عوامل الطبقة االجتماعية تأثيرا ال‬
‫يستهان به على خبراتنا بمختلف صور الضغوط والصراع وأساليبنا للتعامل معها‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وهناك دليل على أن طبقتنا االجتماعية مرتبطة بانتشار المرض العقلي‪ ،‬وبأنماط‬
‫االضطراب العقلي الموجودة بين السكان‪،‬‬

‫ففي مسح أجراه ماير وآخرون‪)1984(..‬‬


‫في خمسة مجتمعات محلية تشمل نحو ‪....‬عشرة آالف أمريكي‪ ،‬أسفر عن أن‬
‫‪------‬خريجي الكليات لديهم مشكالت صحية عقلية أقل بكثير من غير خريجي‬
‫الكليات‪.‬‬
‫‪ ‬انتشار االضطراب العقلي كان أعلى في المجتمعات المحلية الفقيرة‪ ،‬والسوداء‪.‬‬
‫‪- ‬كما ان االنتماء لمحيط أسرة معينة ذو تأثير على نمو شخصية الفرد‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ولعل األهمية الخاصة هنا تتمثل في نموذج السلوك الوالدي والمستخدم في تنشئة‬
‫الطفل‪ ،‬فيما يتعلق بالقيم‪ ،‬االعتقادات واألهداف‪ ،‬إذ أن الوالدين يمثلون نماذج للتوحد‪،‬‬
‫ومن خالل االتصال الدقيق بسلوكياتهم الخاصة ينقلون ألبنائهم نموذج السلوك والتي‬
‫سوف تؤثر في األطفال طيلة حياتهم‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫والعوامل الجينية هي المؤثرات على السلوك والتي تكون موروثة من الوالدين لألطفال‬
‫من خالل ميكانيزمات الوراثة وأيضا تكون منقولة بفعل البيئة وهي تلعب‪ ،‬دورا‬
‫محوريا في تحديد نمو الشخصية‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬هناك دليل قوي مستمد من دراسات علم التوائم يبين أن االتزان‬
‫االنفعالي واالنبساط‪ ،‬واإليثار إنما تعد موروثة إلى حد بعيد‪.‬‬

‫أما بقية النزعات الشخصية والتي تتشكل على نحو جزئي على األقل بالمكونات الجينية‬
‫فتشمل‪ ،‬االنعزالية‪ ،‬العدوانية‪ ،‬الرغبة في االنجاز‪ ،‬القيادة‪ ،‬التخيل (التصور)‪،‬‬
‫والشعور بالوجود األفضل‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫إن الجدل القائم والحاد بشأن األهمية النسبية للعوامل البيئية والجينية‪ ،‬قد اتخذ‬
‫‪-‬مؤخرا‪ -‬مسا ًرا للتأكيد على كيف تتفاعل هذه العوامل لتنتج الخصائص السلوكية‬
‫الملموسة‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫أن الوراثة تحدد حدو ًدا لمدى تطور الخصائص داخل مجموعة من الحدود داخل هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬بينما يكون النمو اإلضافي للخصائص محددا بالعوامل البيئية‪ .‬وتختلف‬
‫نظريات الشخصية في ما توليه من أهمية لألسئلة المتصلة بالنمو والتغير الطارئ‬
‫عبر الحياة وفي تحديد العوامل المسؤولة عن النمو من يوم ليوم‪ ،‬وتحديد الوزن‬
‫النسبي للعوامل الجينية والبيئية والتي يتحدد في ضوئها نمو الفرد‪ .‬وبرغم ذلك‪،‬‬
‫فإنه يتوجب على أية نظرية كاملة للشخصية أن تفسر نمو األبنية والعمليات الكامنة‬
‫وراء السلوك اإلنساني‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ -4‬علم األمراض النفسية‪:‬‬
‫وتبقى قضية أخرى تواجه أية نظرية للشخصية هي‪ ،‬لماذا نجد بعض الناس غير‬
‫قادرين على التكيف لمتطلبات المجتمع والفاعلية الوظيفية‪ .‬ويعطي العديد من‬
‫علماء الشخصية‪ -‬بالفعل‪ -‬بعض االهتمام لماذا يسلك أناس يعينهم أساليب‬
‫سلوكية رضية‪-‬أو غير تكيفية في الحياة‪.‬‬
‫ويعد علم أسباب األمراض أو دراسة وتفسير أسباب األداء الوظيفي غير السوي‪،‬‬
‫القضية المحورية لهذا المكون من مكونات نظرية شخصية‪.‬‬
‫لقد تطورت عدة مناحي لتفسير أسباب السلوك الال سوي فعلى سبيل المثال‪ ،‬يعتقد‬
‫علماء الشخصية المنتمين لالتجاه النفستفاعلي‪ ،‬بأن الصراعات غير المحلولة‬
‫أثناء مرحلة الطفولة تتسبب على نحو فعلي في السلوك الال سوي في مرحلة‬
‫الرشد‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ -4‬علم األمراض النفسية‪:‬‬
‫وأن منشأ هذه الصراعات يعود إلى الرغبات المتعارضة فيما يتصل بالجنس والعدوان‬
‫اللذان يؤديان إلى تفاقم األعراض إضافة لذلك‪ ،‬كون الصراعات خافية‪ ،‬فإن‬
‫الشخص ال تكون لديه أية فكرة عما الذي يسبب األعراض‪ ،‬والتي تكون في‬
‫مجملها عرضة لكبت هائل‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫أما االتجاه السلوكي فينظرللسلوك على أنه المشكلة في حد ذاته‪ ،‬ووفقا ً لتناول‬
‫منظور السلوكية‪ ،‬فليس من الضروري اللجوء الفتراض ميكانيزمات غامضة‬
‫عميقة‪ ،‬وغير قابلة للمالحظة لتفسير السلوك الالسوي‪ ،‬بل ينبغي للمرء أن يحلل‬
‫كيف أن السلوك الالسوي أصبح متعلَّ ًما من خالل الخبرة الماضية وكيف استمر في‬
‫الحاضر(حاليا) بسبب الظروف القائمة في بيئة الفرد االجتماعية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وتقدم بعض النظريات تفسي ًرا مؤداه أن السلوك ( سلوك الشخص) السوي‬
‫والالسوي‪ -‬إنما يكون محددا بنوع جماعة األسرة‪ ،‬والمجتمع‪ ،‬والثقافة التي‬
‫يعيشون فيها‪ ،‬فجميعا يمثل جز ًءا من شبكة اجتماعية باألسرة‪ ،‬األصدقاء‪،‬‬
‫المعارف‪ ،‬وحتى الغرباء‪ ،‬ونوعيات العالقات التي تنشئها مع اآلخرين من شأنها‬
‫أن تعزز السلوكيات الالسوية‪ ،‬بل وحتى قد تتسبب في ظهورها‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ويؤكد المقترحون للنموذج االجتماعي الثقافي لالسوية على أن أنواع الضغوط‬
‫والصراعات التي يخبرها الناس كجزء من تفاعالتهم اليومية مع من يحيطون بهم من‬
‫شأنها أن تسبب أو تعزز الصيغ المرضية للسلوك‪.‬‬
‫إن مسألة صياغة مفاهيم أسباب المرض النفسي تشير إلى تنوع النظريات (المناحي)‬
‫عبر التاريخ القصير نسبيا لنظرية الشخصية‪ .‬إذ تقترح االتجاهات الوارد ذكرها ليس‬
‫فقط أسباب مختلفة للسلوك ولكن تذكر أيضا اتجاهات عالجية مختلفة‪.‬‬
‫ولكى تكون هذه النظرية كاملة للشخصية‪ ،‬يجب أن تتضمن تحليال كامال عن لماذا يجد‬
‫بعض الناس الحياة مقلقة للغاية ولماذا يفشلون في تطوير مهارات حل المشكالت‬
‫بصورة فعالة‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ -5‬الصحة النفسية‬
‫وفي محاولة لحصر الجوانب المختلفة(والمتنوعة للسلوك اإلنساني فإن أي نظرية قوية‬
‫للشخصية ينبغي أن توفر لنا مح ًكا يمكن بواسطته تحديد الشخصية السوية ‪.‬‬
‫ولقد صاغ دوان شولتز القضية حينما ذكر أن الشخصية اإلنسانية هي المسؤولة عن‬
‫سعادة الدنيا أو شقائها وما الشيء ذو التأثير الكبير على جوهر حياتنا أكثر من‬
‫الصحة النفسية والتي نصمد بها في وجه مشكالتنا‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫لقد ُعنيت معظم نظريات الشخصية بقضية ما الذي يشكل الوجود النفسي األفضل فعلى‬
‫سبيل المثال‪ ،‬اقترح فرويد أن فعالية الشخصية الناضجة إنما يتحدد بمقدار العمل‬
‫المنتج والعالقات البينشخصية المشبعة‪.‬‬
‫وبالرغم أنه من النظرة العاجلة لهذا المحك للصحة النفسية قد يبدو شيئا عاما وغير‬
‫متخصص‪ ،‬إال أن االهتمام الفائق بهذا المعيار إنما يعكس عدة تضمنيات هامة‪ .‬فعلى‬
‫سبيل المثال‪ ،‬القدرة على العمل وفقا لقول فرويد‪ ،‬إنما تتضمن القدرة على تخطيط‬
‫وتنفيذ األهد‪m‬اف بعيدة المدى‪ .‬وذلك إلرجاء اإلشباع الدوافع الغريزية سعيا وراء تلك‬
‫األهداف‪ .‬لمواجهة القلق الذي ينشأ من كون السلوك فاس ًدا على نحو مستمر‪ ،‬ويؤكد‬
‫فرويد‪ ،‬بطريقة مماثلة على أن العالقات االجتماعية المشبعة إنما تتضمن القدرة على‬
‫اكتساب الخبرة واالستمتاع بمدى واسع من العواطف بغير شعور بالتهديد‪ ،‬وقدرة‬
‫على اإلشباع الدوافع الجنسية والعدوانية الالشعورية على نحو مبتكر‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫لقد ُعنيت معظم نظريات الشخصية بقضية ما الذي يشكل الوجود النفسي األفضل‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬اقترح فرويد أن فعالية الشخصية الناضجة إنما يتحدد بمقدار العمل‬
‫المنتج والعالقات البينشخصية المشبعة‪.‬‬
‫المثال‪ ،‬القدرة على العمل وفقا لقول فرويد‪ ،‬إنما تتضمن القدرة على تخطيط وتنفيذ‬
‫األهداف بعيدة المدى‪ .‬وذلك إلرجاء اإلشباع الدوافع الغريزية سعيا وراء تلك األهداف‪.‬‬
‫لمواجهة القلق الذي ينشأ من كون السلوك فاس ًدا على نحو مستمر‪،‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ونجد الصحة النفسية وقد ُع ِّرفت من قِبل منظور التعلم االجتماعي‬
‫نجد باندورا (‪ ،)1982‬يعطي تأكيدا على أهمية مدركاتنا في قدرتنا على الوفاء بمتطلبات‬
‫الحياة أو بمصطلحاته(فاعلية الذات) أو إدراك أن ذلك الشخص مؤهل النجاز تلك‬
‫السلوكيات كضرورة لبلوغ أهدافه‪ .‬إنما يعد مظهرا أساسيا للتكيف الشخصي‪.‬‬
‫واألكثر من ذلك‪ ،‬أن يدعي باندورا‪ ،‬أن األشخاص الذين يرون أنفسهم بوصفهم ذوي‬
‫فعالية ذاتية‪ ،‬إنما يقبلون التحديات الكبيرة ‪،‬يبذلون جهدا اكبر‪ ،‬وقد يكونون أكثر‬
‫نجاحا في بلوغ أهدافهم‪.‬‬
‫ويولي بعض علماء نفس الشخصية اهتماما بالغا الشتقاق تصوير للحياة الطيبة وما‬
‫تستلزمه‪ .‬مثال ما نادت به نظرية ماسلو من تحقق الذات‪ ،‬والتي تأتي في قائمة ترتيب‬
‫هرمي للحاجات‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وبالنسبة لماسلو يتطلب النمو انتقاال للمهم نسبيا من الحاجات األكثر أولوية‪ .‬كالحاجة‬
‫إلى اإلشباع الفسيولوجي واألمن‪ .‬إلى الحاجات األكثر تطورا وإنسانية كالحقيقة‬
‫والجمال‪.‬‬

‫وقد ُعنِي ماسلو كذلك بدراسة لشخصيات محققة لذاتها وصاغ مالحظاته في مصطلحات‬
‫لخصائص بروفيل للشخصية والتي تتضمن بعض الخصائص‪ ،‬كاإلدراك الفعال‬
‫للواقع‪ ،‬الحاجة للخصوصية واالنعزال‪ ،‬وقبول الذات واآلخرين‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ -6‬تغير الشخصية بواسطة التدخل العالجي‪:‬‬
‫ولما كانت نظريات الشخصية تعطي بعض اهتمام ألسباب األمراض النفسية‪ ،‬كان‬
‫طبيعيا أن يتبع ذلك أنهم يقترحون كذلك طرقا( أساليب) لعالج السلوك الناجم عن‬
‫المرض النفسي‪.‬‬
‫لذا فإن القضية السادسة واألخيرة تمثل المحك الوثيق الصلة بالتنظير للشخصية‬
‫وهو كيف تساعد الناس على اكتساب كفايات جديدة وكيف يقللون من صيغ‬
‫السلوك المرضي‪ ،‬وكيف يحققون تغييرات شخصية ايجابية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫لقد اجتهد العديد من النظريات النفسية في استنباط إطار إكلينيكي أو إرشادي لذلك‪،‬‬
‫ففي النظرية النفستحليلية والتي كان لها السبق في تناول أهمية الصراعات الالشعورية‬
‫والخبرات التعليمية المبكرة كعوامل محددة متحكمة في السلوك‪،‬‬

‫نجد النموذج النفسدينامي في التدخل العالجي هو ذلك الذي يؤكد على مساعدة الناس‬
‫على االستبصار(النفاذ) إلى الالشعور والمصادر الطفلية للصراعات كيف تتداخل هذه‬
‫الصراعات مع حياة الراشد‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫النظرية السلوكية والتي تتبنى وجهة النظر القائلة بان األحداث الواقعية في البيئة‬
‫المحيطة تحدد السلوك على نطاق واسع ويفترض منظرو هذا االتجاه‪ ،‬أن األشخاص‬
‫الذين يظهرون سلوكا مرضيا أمامهم احد أمرين إما تعلم المهارات الالزمة لمواجهة‬
‫متطلبات الحياة المعيشية اليومية أو أنهم قد اكتسبوا مهارات معيبة والتي ترسخت‬
‫من خالل بعض صيغ التعزيز‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فإن المنحى السلوكي للعالج إنما يهدف لمساعدة الناس لتعلم سلوك‬
‫جديد‪ ،‬إلزالة األنماط الرديئة منه والتي نموها أو عدم تعليمهم االستجابات المرضية‪.‬‬
‫ويتيح تغير الشخصية‪ ،‬أو تغير السلوك من خالل التدخل العالجي إمكانات عديدة تغير‬
‫في تصور الذات أساليب العالقات البينشخصية‪ ،‬العمليات المعرفية ردود الفعل‬
‫العاطفية‪ ،‬القيم‪ ،‬أهداف الحياة‪ ،‬وإدارة الوقت‪ ،‬وهذه مجرد نماذج ال حصر لما حصر‬
‫له من صيغ مستهدفٌ تغيرها لدى األفراد الخاضعين للعالج‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫توجد عدة مناحي مختلفة لفهم الشخصية‪ ،‬وبرغم ذلك التنوع الهائل‪ ،‬فان نظريات‬
‫الشخصية تشترك فيما بينها في إطار مفاهيمي مشترك محدد بالقضايا الست المتعلقة‬
‫بالسلوك‪ :‬البناء‪ ،‬الدافعية‪ ،‬النمو‪ ،‬المرض النفسي‪ ،‬الصحة النفسية وتغير الشخصية‬
‫عن طريق التدخل العالجي تؤخذ مجتمعة‪ ،‬والمفاهيم المقدمة من قبل نظرية ما‬
‫لتفسير كل قضية من هذه القضايا تحدد أي هذه النظريات أكثر شموال‪ ،‬وتساعد‬
‫الطرق (األساليب) التي عرضها المنظرون بشأن هذه القضايا في تحديد االتجاهات‬
‫النظرية العامة لكل وظيفة نظرية (يعني لكل قضية من القضايا الست)‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫محكات تقويمية لنظرية الشخصية‬

‫في ضوء نظريات الشخصية المتعددة والبديلة‪ ،‬فكيف يمكننا أن نقرر ما الذي يجعل‬
‫ظفت المحكات الستة األساسية لتقويم نظريات‬ ‫نظرية أفضل من األخرى؟ وقد ُو ِّ‬
‫الشخصية على نحو نظامي‪.‬‬

‫وهناك إجماع في وسط المجتمع العلمي مفاده أن أي نظرية للشخصية ينبغي أن تتمتع‬
‫بكل محك إلى مدى معين حتى تحظى بتقويم عام مالئم‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫القابلية لإلثبات‪:‬‬
‫تُقَ َّوم أي نظرية على نحو ايجابي بمدى ما تقدمه مفاهيمها من إمكانية إثباتها على يد‬
‫الباحثين‪ ،‬وذلك يعني أن أي نظرية ينبغي أن تصاغ على نحو من الوضوح لمفاهيمها‪،‬‬
‫مقترحاتها‪ ،‬فرضياتها‪ ،‬وعدم الغموض في تعريفها‪ ،‬وان تكون تلك العناصر ذات‬
‫عالقة منطقية فيما بينها‪ .‬وبهذه الطريقة تكون النتائج اإلمبريقية قابلة لالستدالل‬
‫المنطقي‪ ،‬وقابلة لالختبار بيسر باستخدام البحث المنهجي وللتمثيل‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫‪ ،‬يجب أن تشمل أية نظرية جيدة على فرضيات قابلة للقياس فيما يتصل بالعالقة‬
‫بين الظواهر والنظرية التي ال تكون منفتحة الحتمالية أن تكون مثبتة باإلضافة إلى‬
‫كونها غير مثبتة إنما تكون نظرية فقيرة أي أنها تكون غير مثمرة ألية غايات‬
‫عملية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫القيمة الكشفية‪:‬‬
‫ويُ َعد هذا المحك على قدر بالغ من األهمية لعالم الشخصية ذي التوجه اإلمبريقي‪،‬‬
‫وتتمثل القضية في الدرجة التي تستثير بها النظرية الباحثين للمزيد من البحث‪.‬‬
‫وتختلف نظريات الشخصية اختالفا هائال في قدرتها على بلوغ هذه الغاية ولعل من أكثر‬
‫الصياغات النظرية استفزازا في مجال الشخصية النظرية اإلنسانية لفروم‪ ،‬ونظرية‬
‫البناء الشخصي لكيلي فقد أحرزت الحد األدنى فقط من التأثير في عمل الباحثين في‬
‫مجال علم النفس‪ .‬وتنشأ هذه الحالة من القضايا المثيرة للجدل عن أي الكيفية التي‬
‫بها تكون مفاهيمه مرتبطة عند مستوى معين بطريقة عملية للقياس أو بنوعية سلوك‬
‫قابلة للمالحظة‪،‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫االتساق الداخلي‪:‬‬
‫ويعني هذا المحك أن تكون النظرية خالية تماما من التناقضات الداخلية‪ ،‬وهكذا يتوجب‬
‫أن تكون النظرية معنية بظواهره منوعة بطريقة متسقة داخليا‪ ،‬وأية نظرية متكاملة‬
‫‪ -‬أيضا ينبغي أن تشتمل على افتراضات‪ ،‬ومقترحات تكون منسجمة معا على نحو‬
‫منطقي‪ .‬وإجماال‪ ،‬تحرز نظريات الشخصية نجاحا مقبوال بقدر بلوغها ذلك المستوى‪،‬‬
‫وعندما تظهر تنبؤات متضاربة‪ ،‬يمكن عزوها في الغالب إلى سوء فهم لمفاهيم‬
‫النظرية من قبل الباحث‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫االقتصاد‪:‬‬
‫تُقَ َّوم النظرية أيضا على أساس عدد المفاهيم المتطلبة لوصف وشرح الوقائع بدائرة‬
‫تخصصها‪ .‬أن مبدأ االقتصاد‪ ،‬يشير إلى أن التفسير األبسط واألكثر وضوحا إنما يعتبر‬
‫تفسيرا أكمل‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬أن العدد األقل من المفاهيم واالفتراضات الالزمة لنظرية‬
‫ما لتناول الظاهرة التي تسعى لتفسيرها‪ ،‬هذا كلما تحقق كلما كان أفضل‪ .‬وعلى‬
‫العكس من ذلك تتساوى جميع األشياء‪ ،‬فالنظرية المثقلة بمفاهيم زائدة وافتراضات‬
‫مفرطة‪ ،‬ينظر إليها على أنها نظرية فقيرة‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ومما يؤسف له‪ ،‬ليست هناك قواعد متينة أو محكمة يمكن بواسطتها تقدير مدى ما‬
‫تتمتع به نظرية اقتصادية‪.‬‬
‫فاالقتصاد يعد محكا ذاتيا وذلك نظرا ألن معرفتنا الحالية بجوانب الشخصية أبعد ما تكون‬
‫عن االكتمال‪.‬‬
‫واألكثر من ذلك أن النظرية التي يُنَظَّر إليها اليوم بوصفها اقتصادية ربما ال تعد كذلك في‬
‫ضوء ما قد يُكتشف في الغد‪ ،‬حيث أن النظرية التي ينظر إليها بوصفها معقدة جدا‬
‫اليوم‪ ،‬ربما تكون النظرية الوحيدة المؤهلة لتفسير اكتشاف الغد ومع ذلك‪،‬‬
‫فليس من الواجب أن تتضمن النظرية الجيدة ك ّمًا هائال من األمتعة النظرية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫الشمولية‪:‬‬
‫يشير هذا المحك إلى اتساع وتنوع الظواهر المتناولة من قبل النظرية‪ ،‬ونظرية‬
‫الشخصية األكثر شمولية هي النظرية التي تغطي مناطق أكثر من السلوك‪،‬‬

‫لذا تنزع النظرية الشمولية الن تكون أكثر دقة وأكثر تحديدا‪ .‬والفائدة األكبر من شمولية‬
‫النظرية أنها يمكن استخدامها كإطار عملي منطقي إلدماج وتكامل الحقائق المنفصلة‬
‫والتي أسست على المالحظة او التجريب‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ويقصر كل اتجاه في دراسة الشخصية‪ -‬على نحو حتمي‪ -‬الطبيعة الشمولية على مجرد‬
‫استخالص نظرية‪ .‬وفي نفس الوقت‪ ،‬ينبغي أن بكون معلوما انه ليست هناك نظرية‬
‫معاصرة يمكن اعتبارها شاملة لجميع جوانب الفاعلية اإلنسانية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ومن المهم أن نكون حذرين في إصدار األحكام بصدد جدارة نظريات الشخصية‬
‫باالحترام على أساس من الشمولية فقط‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫األهمية الوظيفية‬
‫يتمثل المحك األخير للنظرية الجيدة في وجوب مساعدتها للناس على فهم السلوك‬
‫اإلنساني اليومي‪ ،‬وأيضا تساعدهم للتغلب على مشكالتهم‪ .‬وان كان من الصعب تقبل‬
‫الحقيقة القائلة بان جميعنا‪ -‬في الواقع‪ -‬شغوفون بمعرفة المزيد عن ذواتنا وعن‬
‫اآلخرين‪ .‬أن القيمة األساسية لنظرية الشخصية في الواقع‪ -‬للشخص العادي إنما‬
‫تتمثل في قدرتها على إلقاء الضوء على كل من الذات والعالقات البينشخصية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫وتمثل محكات‬
‫‪-‬القابلية لإلثبات‪،‬‬
‫‪-‬القيمة الكشفية‬
‫‪-‬واالتساق الداخلي‪،‬‬
‫‪-‬االقتصاد‪،‬‬
‫‪-‬الشمولية‪،‬‬
‫‪ ‬واألهمية الوظيفية‪،‬‬
‫‪ ‬تمثل مجتمعة إطار عمل مفيد لتقويم نظريات الشخصية‪ ،‬كذلك تقرير لماذا تُف َّ‬
‫ضل‬
‫واحدة على األخرى‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ضل واحدة على األخرى‪.‬‬ ‫كذلك تقرير لماذا تُف َّ‬
‫وعند مقارنة األهمية الكلية للنظريات‪ ،‬ينبغي وضع تساؤلين في االعتبار‪:‬‬
‫األول‪ :‬هل النظريات المقارنة عنيت بنفس الظواهر؟ فعندما نجد نظريتين أطلقا‬
‫تسمية واحدة على أنواع واحدة من السلوك‪ ،‬يجب أن تُق ّوم كل واحدة منهما في‬
‫ضوء المعايير الستة السالفة الذكر‪،‬‬
‫الثاني ‪:‬ال ينبغي لنا أن نختار نظرية واحدة ونترك األخرى مادام كالهما معا‬
‫استبصارات مفيدة في المستقبل‪ .‬كما أن هناك احتمالية كذلك الن تكون النظريتان‬
‫مجتمعتان متكاملتين في الواقع مادامتا في نفس مرحلة التطور‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ربما ال تكون نظرية جديرة وما تزال تتطور‪ ،‬قادرة على تفسير عديد من الظواهر‪،‬‬
‫بينما قد يكون بمقدور نظرية قديمة ومستقرة أن تضيء لنا الطريق لفهم قضايا‬
‫عديدة ومشكالت متصلة بدراسة الشخصية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬


‫ومع ذلك‪ ،‬قد تقود نظرية جديدة إلسهامات مهمة في مناطق سبق وأن تركت بدون‬
‫استكشاف‪ ،‬وتقدم وعدا بان تصبح أكثر شمولية في اآلونة األخيرة‪،‬‬

‫إن االفتراضات األساسية المختلفة والتي يضعها المنظرون فيما يتصل بالطبيعة‬
‫اإلنسانية سوف تناقش فيما يلي تلك االفتراضات ذات األهمية البالغة في فهم وتقويم‬
‫كافة نظريات الشخصية‪ ،‬وسوف تلعب دورا مهما في عرض كل تصور نظري‬
‫متضمن في الفصول التالية‪.‬‬

‫د‪ /‬هدى عاصم محمد خليفة‬

You might also like