You are on page 1of 136

‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫تحث لنيل اإلحازة في القانون الخاص‬


‫تحت ع توان‬

‫اإلعتقال االحتياطي في قانون‬


‫المسطرة الجنائية‬

‫تحت إشراف الدك تور‪ :‬دمحم أحداف‬

‫من إعداد الطلبة‪:‬‬


‫‪L131350135‬‬ ‫املهدي عبيد‬
‫‪M110020353‬‬ ‫مرمي ايت عقى‬
‫‪M130041179‬‬ ‫صالح ادلين أشهوظ‬
‫‪M133252140‬‬ ‫أسامة عدودي‬
‫‪L131371663‬‬ ‫س ناء عش يق‬
‫‪D132454429‬‬ ‫طه أبو احلسن‬
‫‪M130041567‬‬ ‫شادية اعيب‬

‫السنة الجامعية‪2021/2020:‬‬

‫‪1‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫إهـــداء‬
‫إلى الوالدين واألحباب واألصدقاء‬
‫وإلى جميع الذين يبذلون جهودهم في سبيل‬
‫إنجاح مشروع نهاية السنة الدراسة‬
‫وخصوصا أستاذنا المحترم‬
‫محمد أحداف‬

‫‪2‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫المختصرات‬

‫قانون المسطرة الجنائية‬ ‫ق‪.‬م‪.‬ج‪:‬‬


‫الجزء األول‬ ‫ج ‪:1‬‬
‫الجزء الثاني‬ ‫ج ‪:2‬‬
‫الطبعة‬ ‫ط‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫ص‪:‬‬
‫مرجع سابق‬ ‫م س‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫ال شك أن حرية الفرد الشخصية أعز ما يملك وقوام حياته ووجوده وأساس‬
‫إنسانيته‪ ،‬وهكذا كلما كانت هذه الحرية مصونة ومكفولة كلما ازدهر المجتمع وتقدم في‬
‫مدراج الرقي‪ ،‬وإذا مست تلك الحرية اهتزت ثقة الفرد في مجتمعه والتمس الفرار من كل‬
‫ما قد يؤدي إلى ذلك المساس صونا لذاته وإبقاء على كيانه‪.‬‬

‫وعندما ظهرت المجتمعات اإلنسانية الحديثة عرف اإلنسان القانون الوضعي كأداة‬
‫لضبط السلوك اإلنساني ومن تم أصبح لكل مجتمع نظامه الخاص به‪ ،‬الذي يتالءم مع‬
‫أوضاعه الثقافية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬ومن تم ترسخت المبادئ العامة‬
‫للحقوق والحريات(‪.)1‬‬

‫ويعد األصل في اإلنسان البراءة وهي دعامة أساسية لضمان الحرية الشخصية‬
‫للمتهم‪ ،‬وبمقتضاها يظل المتهم بريئا ويبقى هذا األصل قائما إلى أن يصدر حكم نهائي‬
‫بإدانته‪ ،‬ويقتضي ذلك تحديد وضعه القانوني‪ ،‬أي تحديد براءته من إدانته‪ ،‬وال يجب‬
‫حرمانه من حريته خالل سريان البحث والتحقيق والمحاكمة الجنائية‪.‬‬

‫وعليه يكون مستفيدا من مبدأ قرينة البراءة –كل من المشتبه فيه‪ ،‬المتهم‪ ،‬المتابع‪،‬‬
‫والمدان ابتدائيا طوال مراحل القضية‪ ،‬وذلك منذ توافر شكوك تفيد ارتكاب الجريمة إلى‬
‫حين صدور حكم يقضي بإدانته أو براءته‪ ،‬فيكون الحكم آنذاك جائزا لقوة الشيء المقضي‬
‫به‪.‬‬

‫إال أن اإلعتقال اإلحتياطي يحول دون ذلك‪ ،‬بسلب حرية المتهم‪ ،‬أثناء إجراءات‬
‫التحقيق‪ ،‬ما ينتج عنه اضطراب مع قرينة البراءة‪ ،‬وصحيح أن اإلعتقال اإلحتياطي يضمن‬

‫‪ - 1‬فؤاد بنيخلف‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬جامعة عبد المالك‬
‫السعدي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫حسن سير العدالة والحفاظ على النظام العام‪ ،‬خصوصا إذا كانت الجريمة المرتكبة جريمة‬
‫خطيرة أو أحدثت رعبا لدى العامة(‪.)2‬‬

‫واالعتقال االحتياطي يعد من أهم إجراءات التحقيق وأخطرها التي يمكن أن تمس‬
‫حرية المتهم سواء أثناء القيام بهذه اإلجراءات أو أثناء المحاكمة‪ ،‬وبما أنه إجراء استثنائي‪،‬‬
‫فعلى قاضي الحكم أن يعي بذلك ويتخذه كأخر تدبير يلجأ إليه في هذا اإلطار‪ ،‬واألصل في‬
‫اإلنسان البراءة‪.‬‬

‫وعرف الدكتور محمد أحداف اإلعتقال اإلحتياطي على أنه "إجراء خطير هدفه‬
‫حرمان المتهم من حريته واتصاله بالعالم الخارجي وذلك عن طريق إيداعه داخل مؤسسة‬
‫سجنية مدة محددة كحد أقصى‪ ،‬وفق ما هو محدد قانونا وذلك خالل فاصل زمني يبدأ‬
‫مباشرة بعد انتهاء مسطرة اإلستنطاق األولى وقد ينتهي خالل اإلستنطاقات التالية أو خالل‬
‫مرحلة إحالة المتهم على جلسات األحكام أو بعد صدور حكم نهائي(‪.)3‬‬

‫وعرفه األستاذ عبد الواحد العلمي بأنه " اإلعتقال اإلحتياطي تدبير بمقتضاه يحرم‬
‫المتهم الخاضع له من حريته عن طريق األمر بإيداعه في السجن خالل المدة التي يسمح‬
‫بها القانون والتي تمتد بين فترة افتتاح التحقيق اإلعدادي في القضية المتهم بسببها لحين‬
‫صدور حكم نهائي فيها(‪.)4‬‬

‫أما عبد الفتاح مراد فقد عرفه بأنه "وضع المتهم في السجن بأمر من قاضي‬
‫التحقيق بعد سماع أقوال النيابة العامة(‪ ،)5‬فهو إجراء يهدف ضمان سالمة التحقيق‬
‫االبتدائي من خالل وضع المتهم تحت سلطات التحقيق‪.‬‬

‫‪ - 2‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ - 3‬الدكتور محمد أحداف‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬مسطرة التحقيق اإلعدادي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،2017/2016‬ص ‪.420‬‬
‫‪ - 4‬األستاذ عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،2009 ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ - 5‬عبد الفتاح مراد‪ ،‬شرح الحبس االحتياطي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص ‪.55‬‬

‫‪5‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫واإلعتقال اإلحتياطي ليس بحديث العهد‪ ،‬بل له إرث تاريخي يجعله من أقدم‬
‫اإلجراءات التي تتعارض مع الحرية الفردية‪ ،‬بحيث طبقه القضاة المصريون القدامى‪،‬‬
‫بحبسهم للمتهمين في القالع انتظارا لمحاكمتهم وكانوا يوثقون بالقيود‪ ،‬ويكرهون على‬
‫األعمال الشاقة‪ ،‬ولم يكن يستثنى من هؤالء سوى المتهمون الذين ينتمون إلى طبقات عليا‪.‬‬

‫وفي تشريع الهند البرهمانية ‪ ،‬كان اإلعتقال يتم بصورتين‪ :‬إما وضع المتهم تحت‬
‫التحفظ في منزل خاص‪ ،‬أو إيداعه تحت الحراسة في مكان عام‪ ،‬وقد وجد إجراء اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي أيضا في العصر الروماني من خالل ما كان يطلق عليه آنذاك بـ ‪Manue‬‬
‫(‪ ،)injecto vocato‬إذ يفيد هذا النظام أن للمجني عليه الحق في القبض على المتهم‬
‫وحجزه في منزله إلى غاية تقديمه للمحكمة‪.‬‬

‫غير أن تطبيق إجراء اإلعتقال اإلحتياطي كان مقيدا بتوافر أحد الشرطين‪ ،‬إما‬
‫اعتراف المتهم بارتكاب الجريمة‪ ،‬أو ضبطه متلبسا بها‪ ،‬وقد عرف إلى جانب ذلك تطبيق‬
‫نظام اإلفراج المشروط بتقديم كفالة كحق للمتهم‪ ،‬كما أخذت به جل التشريعات الحديثة(‪.)6‬‬

‫بالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية المغربي‪ ،‬فقد تم تنظيم مقتضيات اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي منذ ظهور قانون ‪ 10‬فبراير ‪ ،1959‬حيث نص المشرع في أول مادة متعلقة‬
‫بهذا اإلجراء على أنه تدبير استثنائي‪ ،‬وحدد له في المواد الموالية قواعد خاصة به وبعد‬
‫هذا القانون صدر ظهير ‪ 18‬شتنبر ‪ 1962‬الذي اهتم بالخصوص بمدة اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي‪.‬‬

‫أما ظهير المقتضيات لسنة ‪ 1974‬فقد ألغى التحقيق في القضايا الجنحية وجعلها‬
‫اختيارا في القضايا الجنائية المعاقب عليها باإلعدام أو السجن المؤبد أو المرتكبة من‬
‫طرف األحداث‪ ،‬وكان انتظار القانون الجديد رقم ‪ 22.01‬لسنة ‪ 2002‬الذي أثر بمقتضيات‬

‫‪ - 6‬عبد الفتاح بن الحسين‪ ،‬االعتقال االحتياطي في التطبيق القضائي‪ ،‬المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية ‪ 2021‬العدد‬
‫‪ 7‬ص ‪ 173‬و‪.174‬‬

‫‪6‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫جديدة في ما يخص إ جراء اإلعتقال اإلحتياطي لكي ينص على تدبير جديد استسقاه من‬
‫المشرع الفرنسي والمتعلق بالوضع تحت المراقبة القضائية ومقتضيات أخرى‪.‬‬

‫لكن لم يرقى إلى الشكل الذي كان معظم الفقهاء القانونيين والحقوقيين يتوخونه من‬
‫أجل التنصيص على أحقية المعتقل في التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫وبناء عليه فقد أعلنت وزارة العدل والحريات تفعيال لمخطط اإلصالح الشامل‬
‫والعميق لمنظومة العدالة الذي أعطى انطالقته عاهل البالد أمير المؤمنين حفظه هللا‪ ،‬على‬
‫صياغة مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬والتي شملت العديد من التعديالت‬
‫والتغييرات في موادها ومنها مسألة ترشيد اإلعتقال اإلحتياطي باإلضافة إلى العديد من‬
‫الفصول الجديدة‪.‬‬

‫وبخصوص التسمية يالحظ عدم وحدة المصطلحات‪ ،‬فالمشرع المصري يستعمل‬


‫تعبير "الحبس اإلحتياطي"‪ ،‬والمشرع الفرنسي يستعمل تعبير "اإلعتقال الوقائي"‪ ،‬وهو‬
‫نفس المصطلح المستعمل في النسخة األصلية للمسطرة الجنائية المؤرخة في ‪ 10‬فبراير‬
‫‪.1959‬‬

‫رغم أن األصل في اإلنسان البراءة وأنه حر‪ ،‬وال تجب معاقبته إلى أن تثبت‬
‫الجريمة في حقه‪ ،‬فإن اإلعتقال اإلحتياطي الذي أخذ به المشرع المغربي وجل التشريعات‬
‫المقارنة‪ ،‬ورغم تأثيره على قرينة البراءة‪ ،‬فإن له أهمية بالغة على المستوى االجتماعي‬
‫خاصة‪.‬‬

‫تتجلى في حماية المتهم نفسه من ردود األفعال االجتماعية وسعي أهل الضحية‬
‫لالنتقام واألخذ بثأرهم‪ ،‬كما يمنع احتمال ارتكاب المتهم لجرائم أخرى في نفس فترة‬
‫التحقيق من خالل العمد إل القتل أو اإلضرار بأحد الشهود‪ ،‬خصوصا إذا كان هو الوحيد‬
‫في القضية(‪.)7‬‬

‫‪ - 7‬عبد الرحيم فالح‪ ،‬قرينة البراءة وشرعية االعتقال االحتياطي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‬
‫‪ ،2017-2016‬ص ‪.129‬‬

‫‪7‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫كما يحول ه ذا التدبير دون فرار المتهم من يد العدالة‪ ،‬مما سهل إلى حد كبير سير‬
‫عملية التحقيق‪ ،‬بحيث يمكن لقاضي التحقيق إحضاره من السجن واالستماع إليه كلما دعت‬
‫إلى ذلك ضرورة التحقيق(‪.)8‬‬

‫كما يروم اعتقال المتهم احتياطيا إلى تهدئة الشعور العام من خالل طمأنة األفراد‬
‫أن المجرم المفترض هو بين يد العدالة الجنائية(‪.)9‬‬

‫هذا ويمنع المتهم من إخفاء األدلة واستمالة الشهود والتأثير عليهم‪ ،‬وكذا تحذير‬
‫الشركاء المحتملين في الجريمة وبالتالي تضييع الفائدة المرجوة من تفتيش المنازل‪،‬‬
‫فاالعتقال اإلحتياطي وسيلة إكراه تخدم مصالح الدعوة العمومية(‪.)10‬‬

‫إذن لالعتقال اإلحتياطي مجموعة من المبررات تعكس أهميته‪ ،‬حيث يمكن إجمالها‬
‫في وظيفتين أساسيتين‪ :‬تتجلى األولى في ضمان سير وسالمة التحقيق اإلعدادي‪ ،‬وتتميز‬
‫الثانية في حماية أمن األشخاص من خالل الحيلولة بين المجرم وحالة العود‪ ،‬وبينه وبين‬
‫االنتقام منه‪.‬‬

‫إذن وانطالقا مما سبق وأمام المكانة المتميزة لموضوع اإلعتقال اإلحتياطي فإنه‬
‫يقتضي من األمر لدراسته اإلجابة على اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫فكيف تطرق المشرع المغربي لموضوع اإلعتقال اإلحتياطي في ضوء قانون‬


‫المسطرة الجنائية؟‬

‫لإلجابة على هذه اإلشكالية يمكن طرح التساؤالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬ما هو اإلطار القانوني العام المنظم لموضوع اإلعتقال اإلحتياطي؟‬

‫‪ -‬كيف يتم تنفيذ هذا اإلعتقال؟ وما هي األجهزة التي يسند القانون إليها لتطبيقه؟‬

‫‪ - 8‬األستاذ عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،2009 ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ - 9‬عادل المطمري‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬بحث نهاية التدريب (‪ )2011-2009‬ص ‪.20‬‬
‫‪ - 10‬فؤاد بنيخلف‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬جامعة عبد المالك‬
‫السعدي‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪8‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -‬إلى أي حد يمكن اعتباره الحل األمثل كإجراء استثنائية للمتهمين؟‬

‫في الدراسة األكاديمية للبحوث القانونية‪ ،‬يتعين على الباحث أن ينهج مناهج معينة‬
‫إلضفاء الطابع العلمي على هذه البحوث‪ ،‬لذلك واحتراما للمنهج األكاديمي الحقوقي شكال‬
‫وموضوعا‪ ،‬فقد اعتمدنا في هذا البحث المتواضع على منهجين اثنين‪ :‬من جهة سوف تعتمد‬
‫هذه الدراسة عبر المنهج التحليلي‪ ،‬محاولة من استجالء الجوانب المختلفة لموضوع بحثنا‬
‫من خالل وصف عناصر البحث وصفا حقيقيا ودراسته من مختلف الجوانب الفقهية‬
‫القانونية والقضائية‪.‬‬

‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن المنهج الثاني المعتمد هو المنهج المقارن من‬
‫أجل بيان وتوضيح أفكار البحث‪ ،‬أو من أجل تكملة بعض النقائص التي لم يشملها قانون‬
‫المسطرة الجنائية أو القانون الجنائي‪ ،‬أو إجالء الغموض عن بعض األفكار التي لم يقع‬
‫تناولها في الدراسة‪...‬‬

‫وأنه أمام أهمية اإلعتقال اإلحتياطي من جهة‪ ،‬وبالنظر لحداثته في ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬م من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬ارتأينا أن نتناول موضوع اإلعتقال اإلحتياطي من خالل الفصول اآلتية‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار العام لإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي والتعويض عنه‪ ،‬وبدائله‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار العام لإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬


‫اإلعتقال اإلحتياطي تدبير ذو صبغة استثنائية يحرم الشخص من حريته قبل ثبوت‬
‫اإلدانة في حقه‪ ،‬هذا اإلجراء تقتضيه مصلحة التحقيق معه أو المحكمة كمحاكمته وكذلك‬
‫لمعوقات كون المتهم في حالة سراح وما يستنتج من ذلك مكانية تأخره عن الحضور أو‬
‫اختفائه أو التأثير على الشهود(‪.)11‬‬

‫وهو ما يستدعي التحفظ على المتهم بوضعه في السجن رغم عدم ثبوت ارتكاب‬
‫الجاني للجريمة وصدور حكم نهائي بذلك‪ ،‬وقبل هذا فاألصل أن المتهم بريء حتى تثبت‬
‫إدانته(‪.)12‬‬

‫ونظرا لخطورة هذا اإلجراء على الحرية الفردية للشخص المحمية دستوريا‬
‫وقانونا‪ ،‬فإن التشريع الجنائي المغربي نص على أن اللجوء إلى تدبير اإلعتقال اإلحتياطي‬
‫يكون استثناء أو ليس إجراءا أصليا(‪ ،)13‬وذلك صراحة طبقا لمقتضيات المادة ‪ 159‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج(‪.)14‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية اإلعتقال اإلحتياطي‬


‫سيتم تحليل هذا المبحث من خالل الوقوف حول مفهوم اإلعتقال اإلحتياطي‬
‫(المطلب األول) ثم دواعي اإلعتقال اإلحتياطي وتمييزه عن باقي الحاالت المشابهة‬
‫(مطلب ثاني)‪.‬‬

‫‪" - 11‬اإلعتقال اإلحتياطي في القانون المغربي" دبلوم لنيل شهادة اإلجازة ‪ ،2019/2018‬ص ‪.9‬‬
‫‪ - 12‬عادل المطمري‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬دراسة ميدانية‪ ،‬بحث نهاية التدريب ص ‪.8‬‬
‫‪ - 13‬عبد الرزاق العروسي‪" ،‬الممارسة القضائية وبدائل االعتقال االحتياطي" بحث نهاية التدريب (‪ )2017/2015‬ص‬
‫‪113‬‬
‫‪ - 14‬المادة ‪ 159‬ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلعتقال اإلحتياطي وشروطه‪.‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف اإلعتقال اإلحتياطي وخصائصه‪:‬‬
‫لتحديد مفهوم اإلعتقال اإلحتياطي يقتضي منا الوقوف عند تعريفه (أوال) ثم بيان‬
‫خصائصه (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫لقد أحجم قانون المسطرة الجنائية على إعطاء تعريف اإلعتقال اإلحتياطي وإنما‬
‫تطرقت إليه من أحكامه ومبرراته والجهة التي أصدرته تاركة المجال للفقه إلعطاء‬
‫تعريف شامل لهذا اإلجراء‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف اإلعتقال اإلحتياطي حسب التشريع‪:‬‬


‫لم يعطي المشرع المغربي تعريفا محددا لالعتقال االحتياطي بل بين فقط أحكامه‬
‫ومبرراته من خالل الفصول ‪ 175‬إلى ‪ 188‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫بيد أن المشرع المغربي أعطى تعريف للمعتقل ق‪.‬م‪.‬ج على أنه "كل شخص تمت‬
‫متابعته جنائيا ولم يصدر بعد في حقه حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به" وهو نفس‬
‫المفهوم الذي ذهبت إليه المادة (‪ )1‬من القانون رقم ‪ 98-23‬المتعلق بتنظيم المؤسسات‬
‫السجنية(‪.)15‬‬

‫وبصفة عامة من خالل المقتضيات القانونية المنصوص عليها في المواد من ‪175‬‬


‫إلى ‪ 188‬من ق‪.‬م‪.‬ج فاالعتقال االحتياطي هو وضع شخص في السجن بعد توجيه االتهام‬
‫أو المتابعة إليه واستنطاقه الرتكابه فعل جرمي وبالتالي سلبه حريته لمدى مؤقتة تطول أو‬
‫تقصر‪ ،‬بحيث قد تستغرق الفترة الفاصلة بين التحقيق اإلعدادي والحكم النهائي أو جزءا‬
‫منها فقط‪.‬‬

‫‪ - 15‬هذه المادة عرفت المعتقل االحتياطي كل معتقل لم يعد في حقه مقرر قطعي باإلدانة سواء كان ضنينا أو تابعا أو‬
‫متهما‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫تبعا لذلك فمدة اإلعتقال اإلحتياطي مدة زمنية ال يستهان بها‪ ،‬األمر الذي جعله أمام‬
‫تفاقم ظاهرة انتشاره من طرف الجهاز القضائي أو على مستوى المؤسسات السجنية‬
‫وطاقتها اإليوائية وكذا في خلق التوازن بين مصلحة المجتمع والحق في الحرية لكونه من‬
‫أشد اإلجراءات مساسا بالحرية‪ ،‬بل وأكثرها تعارضا مع قرينة البراءة وحقوق الدفاع في‬
‫هذه المرحلة من الدعوى الجنائية(‪.)16‬‬

‫‪ -2‬تعريف اإلعتقال اإلحتياطي من منظور الفقه‪:‬‬


‫أمام غياب تعريف المشرع لمفهوم اإلعتقال اإلحتياطي تدخل الفقه بمجموعة من‬
‫التعاريف المتعددة والمتنوعة وأهمها‪:‬‬

‫تعريف األستاذ أحمد الخمليشي الذي عرف اإلعتقال اإلحتياطي بأنه احتفاظ ضابط‬
‫الشرطة القضائية من مركز عمله المشبوه فيه لحاجيات البحث التمهيدي أو تنفيذ إنابة‬
‫قضائية(‪.)17‬‬

‫بينما نجد تعريف األستاذ عبد الواحد العلمي الذي عرف اإلعتقال اإلحتياطي من‬
‫زاوية مدته الزمنية بأنه تدبير يحرم المتهم الخاضع له من حريته عن طريق األمر بإيداعه‬
‫في السجن خالل مدة محددة قانونا والتي تمتد بين فترة التحقيق إلى حين صدور حكم‬
‫نهائي(‪.)18‬‬

‫هذه ا لتعاريف وإن كانت تختلف في المصطلحات إال أنها تتفق في المعنى‪ ،‬فالفقه‬
‫المصري عرف الحبس االحتياطي بأنه سلب حرية المتهم مدة من الزمن يحددها متطلبات‬
‫التحقيق ومصلحته وفق ضوابط أقرها القانون وهناك من أطلق عليه بأنه إجراء تحفظي‬
‫حيال المتهم يدخل ضمن سلطات التحقيق(‪.)19‬‬

‫‪ - 16‬رياضي عبد الغاني‪ ،‬قضايا جنائية وحلول بديلة‪ ،‬سلسلة األجهزة القضائية‪ ،‬الجزء ‪ 7‬الطبعة ‪ ،2007 ،1‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 17‬سعيد بطيور‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين المبررات والضمانات‪ ،‬رسالة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية بالمحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2016‬ص ‪.83‬‬
‫‪ - 18‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.2009 ،‬‬
‫‪ - 19‬محمد محمود حافظ‪ ،‬الحبس االحتياطي‪ ،‬المركز الفرنسي اإلصدارات القانونية الطبعة األولى‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫كما عرفه الفقيه محمد أحداف بأنه إجراء خطير هدفه حرمان المتهم من حريته‬
‫واتصاله بالعالم الخارجي وذلك عن طريق إيداعه داخل مؤسسة سجنية مدة محددة‪ ،‬كحد‬
‫أقصى وفق ما هو محدد قانونا وذلك خالل فاصل زمني يبتدئ مباشرة بعد انتهاء مسطرة‬
‫اإلستنطاق األولي وقد ينتهي خالل اإلستنطاقات التالية أو خالل مرحلة إحالة المتهم على‬
‫جلسات األحكام أو بصدور حكم نهائي(‪.)20‬‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫إن الغالبية العظمى من الفقهاء من القانون الجنائي كشفت على أن اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي ال يمكن تبريره من الناحية النظرية أو على مستوى المبادئ القانونية القاعدية‪،‬‬
‫فهو يعد متعارضا مع المبدأ القانوني المسلم به وهو األصل في المتهم البراءة‪ ،‬ولذلك فإنه‬
‫يصف دائما بأنه ذو طبيعة شاذة واستثنائية(‪.)21‬‬

‫وإذا كان اإلعتقال اإلحتياطي تدبير خطير على الحريات الفردية‪ ،‬ألنه يخول‬
‫الحبس المتهم قبل صدور الحكم القضائي يدينه بعقوبة السالبة للحرية عن الوقائع المتابع‬
‫عنها‪ ،‬فإن اإلشكال الذي يطرح في هذا اإلطار يتعلق بتحديد ما إذا كان قاضي التحقيق‬
‫ينظر إليه على أنه استثناء ال يلجأ إليه إال إذا أملته ضرورة التحقيق أم يتخذه وسيلة من‬
‫وسائل الوصول إلى الحقيقة التي تؤطر مبرره(‪.)22‬‬

‫يتطلب الجواب عن هذا التساؤل بداية تجديد شكلياته كأجله القانوني في ممارسة‬
‫وكيفية انتهائه‪ ،‬ذلك ما سنحاول التطرق إليه‪.‬‬

‫‪ - 20‬محمد أحداف‪ ،‬شرح المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.420‬‬


‫‪ - 21‬إدريس بلمحجوب مجلة الملحق القضائي العدد ‪ 19/18‬سنة ‪ ،1988-1987‬ص ‪.74‬‬
‫‪ - 22‬عادل المطمري‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬بحث نهاية التدريب ‪ ،2011/2009‬ص ‪ 11‬و‪.12‬‬

‫‪13‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -1‬شكليات اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫لقد نص المشرع على أنه ال يمكن لقاضي التحقيق أن يصدر أمر بإيداع المتهم في‬
‫السجن إال بعد استنطاقه من خالل (الفصل ‪ 153‬من ق‪.‬م‪.‬ج) وذلك حينما اعتبر بداية‬
‫اإلعتقال اإلحتياطي ثم من يوم اإلستنطاق األولي للمتهم من طرف قاضي التحقيق‪.‬‬

‫ومن ثم فإن هذا اإلعالن يخضع لمقتضيات الفصل ‪ 184‬من ق‪.‬م‪.‬ج الذي يلزم‬
‫القاضي المكلف بالتحقيق بمجرد التأكد من هوية المتهم إبالغه بالمنسوب إليه بالوقائع‬
‫المكونة لالدعاء المقام ضده‪ ،‬ولعل إخطار الشخص الصادر في حقه أمر اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي بأسباب حبسه وبالتهم الموجهة إليه لتكريس إلحدى الضمانات األساسية للحرية‬
‫الفردية وتلك المتمثلة في حقوق الدفاع‪.‬‬

‫وعليه فالعتقال االحتياطي يصدر على شكل أمر اإليداع في السجن إذا كان المتهم‬
‫حاضرا أو أمر بإلقاء القبض إذا كان المتهم في حالة فرار ويبلغ فورا للمتهم وللنيابة العامة‬
‫بنفس الطريقة التي يبلغ بها األمر بالوضع تحت المراقبة القضائية‪ ،‬ويحق للمتهم أو دفاعه‬
‫تسلم نسخة من األمر باالعتقال االحتياطي(‪.)23‬‬

‫‪ -2‬مدة اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫تختلف مدة اإلعتقال اإلحتياطي في التشريع المغربي باختالف العقوبة المقررة‬
‫للجريمة المتابع بها في الجنح ويكون مدة اإلعتقال اإلحتياطي شهرا واحدا قابل للتمديد‬
‫مرتين‪ ،‬ولنفس المدة‪ ،‬وإذا لم يتخذ قاضي التحقيق أمرا باإلحالة أو بعدم المتابعة بعد‬
‫انصرام مدة ‪ 3‬أشهر فإنه يجب عليه بطلق سراح المتهم بقوة القانون ويوصل التحقيق معه‬
‫في حالة سراح المادة ‪ 176‬ق‪.‬م‪.‬ج(‪.)24‬‬

‫أما في الجنايات فمدة اإلعتقال اإلحتياطي شهران و قابلة للتمديد خمس مرات‬
‫ولنفس المدة‪ ،‬وإذا استنفذ قاضي التحقيق أقصى لمدة اإلعتقال اإلحتياطي (سنة واحدة) دون‬

‫‪ - 23‬شرح ق‪.‬م‪.‬ج الجزء األول‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬ص ‪.276‬‬


‫‪ - 24‬المادة ‪( 176‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫أن يتخذ أمرا باإلحالة أو بعدم المتابعة فإنه يجب أن يطلق سراح المتهم بقوة القانون‬
‫ويواصل التحقيق معه في حالة سراح(‪.)25‬‬

‫وفي هذا اإلطار يطرح اإلشكال بعمق حول مدى تقيد قاضي التحقيق بمقتضيات‬
‫المادتين (‪ 177-176‬ق‪.‬م‪.‬ج) التي تلزمه بتعليل األمر بتمديد تعليال خاصا وإن ال يصدره‬
‫إال بناء على طلبات النيابة العامة التي تكون هي األخرى معللة بأسباب‪.‬‬

‫ومن الطبيعي جدا أنه باستقراء المادتين ‪ 177-176‬ق‪.‬م‪.‬ج يتضح لنا أنه ال يمكن‬
‫تمديد فترة اإلعتقال اإلحتياطي في الجنايات أو الجنح إال إذا ظهرت عند انصرام األجل‬
‫قانونا والمشار إليه أعاله ضرورة استمراره‪ ،‬جاز لقاضي التحقيق فترته بمقتضى أمر‬
‫قضائي معلال تعليال خاصا يصدر بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة بأسباب ال يمكن‬
‫أن تكون التمديدات إال في حدود ‪ 5‬مرات ولنفس المدة بالنسبة للجنايات وفي حدود مرتين‬
‫ولنفس المدة بالنسبة للجنح‪.‬‬

‫وإذ يالحظ في هذا المجال أن المشرع حدد مدة اإلعتقال اإلحتياطي أمام قاضي‬
‫التحقيق‪ ،‬ويختلف أمره في ما إذا كانت القضية موضوع التحقيق تكتسي صبغة جنحة أو‬
‫صبغة جناية‪ ،‬أما فيما يخص اإلعتقال اإلحتياطي أمام هيئات الحكم فال يخضع ألي مدة‪،‬‬
‫ويظل المتهم حامال لصفة المعتقل االحتياطي إلى أن يكتسب حكم عن حقه قوة الشيء‬
‫المقضي به وعندئذ يتحول إلى مدان حسب الفقرة األولى من المادة ‪ 618‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫‪ -3‬انتهاء اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫تنص الفقرة األخيرة من المادة ‪ 159‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنه "إذا لم يتخذ قاضي التحقيق‬
‫أمرا بانتهاء التحقيق أثناء هذه المدة يطلق صراح المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق"‪.‬‬

‫‪ - 25‬عادل المطمري‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬بحث نهاية التدريب ‪ ،2011/2009‬ص ‪.14‬‬

‫‪15‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫فبقراءتنا لهذه الفقرة يتضح أنه في حالة انتهاء مدة اإلعتقال اإلحتياطي وعدم‬
‫تحددها أو بعد إنهاء التمديدات‪ ،‬يفرج تلقائيا عن المعني باألمر ما لم تتم إحالته على‬
‫المحكمة المختصة وأن يكون معتقال ألسباب أخرى‪.‬‬

‫ويمكن لقاضي التحقيق أن يأمر باإلفراج تلقائيا طبقا لشروط الفقرة األولى من‬
‫المادة ‪ 178‬من نفس القانون أو بناء على طلب بضمانة شخصية أو مالية أو بدونهما أو‬
‫تلقائيا بعد استشارة النيابة العامة في حالة التي يكون فيها اإلفراج بحكم القانون(‪.)26‬‬

‫تنص الفقرة األخيرة من المادة ‪ 177‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه " إذا لم يتخذ قاضي‬
‫التحقيق أمرا بانتهاء التحقيق أثناء هذه المدة‪ ،‬يطلق سراح المتهم بقوة القانون‪ ،‬ويستمر‬
‫التحقيق"‪.‬‬

‫فبقراءتنا لهذه الفقرة يتضح أنه في حالة انتهاء مدة اإلعتقال اإلحتياطي وعدم‬
‫تجديدها أو بعد انتهاء التمديدات يفرج تلقائيا عن المتهم ما لم تتم إحالته على المحكمة‬
‫المختصة أو يكون معتقال ألسباب أخرى‪.‬‬

‫ويمكن للقاضي أن يأمر باإلفراج تلقائيا طبقا لشروط الفقرة األولى من المادة ‪178‬‬
‫من نفس القانون أو بناء على طلب بضمانة شخصية أو مالية أو بدونهما أو تلقائيا بعد‬
‫استشارة النيابة العامة‪ ،‬في الحالة التي ال يكون فيها اإلفراج مقرر بحكم القانون(‪.)27‬‬

‫ويشترط على المتهم المفرج عنه وفق هذه الحالة التعهد بالخضوع في جميع‬
‫إجراءات الدعوى كلما دعى لذلك وبإخبار قاضي التحقيق بجميع تنقالته أو باإلقامة في‬
‫مكان معين‪ ،‬ويتعلق األمر بحضور إجراءات الدعوى كلها‪ ،‬وليس مرحلة التحقيق فقط‪.‬‬

‫واإلفراج المؤقت يختلف باختالف ما إذا تعلق األمر بقوة القانون أو بناء على‬
‫طلب بضمانة شخصية أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو تلقائيا بعد استشارتهما(‪.)28‬‬

‫‪ - 26‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.278‬‬


‫‪ - 27‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.278‬‬
‫‪ - 28‬الملحق القضائي عادل المطمري‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬بحث نهاية التدريب سنة ‪2011-2009‬‬
‫ص ‪.17 ،16‬‬

‫‪16‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وعليه فاإلفراج عن المتهم يكون بقوة القانون عند انصرام أمر بعدم المتابعة أو إذا‬
‫لم تبث الغرفة الجنحية في طلب اإلفراج المقدم إليها داخل أجل ‪ 15‬يوم(‪.)29‬‬

‫والمالحظة التي سجلناها في هذا الباب أنه من خالل اطالعنا على سجل األوامر‬
‫الصادرة عن الغرفة الجنحية لم نعثر قط على أي أمر يتعلق باإلفراج بقوة القانون إذا لم‬
‫يتم استنطاقه من طرف قاضي التحقيق أو من يقوم مقامه بعد األمر بإلقاء القبض عليه أو‬
‫األمر باإلحضار وفق المواد ‪ 147‬و‪ 156‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫وعمليا لم نجد كذلك أمر ومن خالل اإلطالع على سجالت قضاة التحقيق إنه تم‬
‫اإلفراج عن المتهم بدعوى عدم استنطاقه بعد األمر بإلقاء القبض عليه أو األمر باإلحضار‬
‫أمام اإلفراج المؤقت بمبادرة من قاضي التحقيق فلقد خولت له المادة ‪ 178‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫إمكانية األمر باإلفراج المؤقت عن المتهم‪ ،‬ذلك مع التقيد بمجموعة من الشروط‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك هناك اإلفراج المؤقت بطلب من النيابة العامة حيث أجاز لها‬
‫المشرع تقديم ملتمس باإلفراج المؤقت عن المتهم في أي وقت وحين‪ ،‬ويتعين على قاضي‬
‫التحقيق البث في هذا الملتمس خالل األجل المذكور‪ ،‬جاز لهذه األخيرة تقديم طلبها مباشرة‬
‫إلى الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف التي تبث فيه خالل خمسة عشر يوما من تاريخ‬
‫تقديم الطلب‪ ،‬وإذا نقصت الغرفة الجنحية في األجل المذكور وجب اإلفراج على المتهم‬
‫بقوة القانون(‪.)30‬‬

‫وإذا كان في القضية مطالب بالحق المدني‪ ،‬فإن قاضي التحقيق ال يبث في طلب‬
‫اإلفراج إال بعد ‪ 48‬ساعة من تاريخ االبتعاد المطالب بالحق المدني بتقديم طلب اإلفراج‪.‬‬

‫أما فيما يخص اإلفراج المؤقت بطلب من المتهم فإنه يحق لهذا األخير أو محاميه‬
‫أن يتقدم في كل وقت وحين بطلب اإلفراج إلى قاضي التحقيق أو هيئة الحق بعد إحالة‬

‫‪ - 29‬فقرة ‪ 4‬من م ‪ 179‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬


‫‪ - 30‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2006 ،‬ص ‪.205‬‬

‫‪17‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫القضية عليها‪ ،‬في أي مرحلة من مراحل الدعوى‪ ،‬ويمكن للمتهم تجديد طلب بعد الرفض‬
‫وإلى غاية انتهاء القضية بصدور حكم نهائي‪.‬‬

‫تراعي في اإلفراج المؤقت المقدم من المتهم أو دفاعه الشروط السابقة المذكورة‬


‫في اإلفراج لتلقائي الذي يمارسه قاضي التحقيق‪ ،‬ولذلك فإنه يمكن لقاضي التحقيق‬
‫والمحكمة بعد ذلك في حالة إخالل المتهم بهذه االلتزامات أن تصدر أمر جديد‬
‫باعتقاله(‪.)31‬‬

‫كانت هذه إجماال أهم المقتضيات التي تناولت اإلعتقال اإلحتياطي باعتباره إجراء‬
‫استثنائي وجب أن تراعى فيه الشكليات عند إعماله‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫إن الغالبية العظمى من فقهاء القانون الجنائي كشفت على أن اإلعتقال اإلحتياطي‬
‫ال يمكن تبريره من الناحية النظرية أو على مستوى المبادئ القانونية القاعدية‪ ،‬فهو يعد‬
‫متعارضا مع المبدأ القانوني المسلم به وهو األصل في المتهم البراءة‪.‬‬

‫وإذا كانت العديد من جوانب هذا الموضوع قد حظيت من الناحية النظرية بعناية‬
‫بعض الفقه منذ زمن ليس بالقصير‪ ،‬إال أنه ظل دوما في تجدد مستمر‪ ،‬كما اكتسى أهمية‬
‫عملية من خالل صلته بالواقع االجتماعي‪ ،‬بل ويعد ذو أبعاد حقوقية واجتماعية وإنسانية‬
‫ذات قيمة(‪.)32‬‬

‫ولألهمية التي يكتسيها هذا اإلجراء‪ ،‬وباعتباره تدبيرا استثنائيا أحاطته جل‬
‫التشريعات بمجموعة من الشروط‪ ،‬بعضها توسع فيها والبعض اآلخر ضيق منها وإن‬
‫اختلفت فهي جميعها تصب في مجرى واحد‪.‬‬

‫تأسيسا على ذلك سنتناول في هذه الفقرة الشروط الخاصة بإجراء اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ - 31‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 183‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬


‫‪ - 32‬المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية‪ ،‬عبد الفتاح بن الحسين ‪ 2021‬العدد ‪ 7‬ص ‪.174‬‬

‫‪18‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫أوال‪ :‬الشروط الشكلية لإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط الموضوعية لإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الشروط الشكلية لإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫تعتبر هذه الشروط ضمانة هامة‪ ،‬وكل خرق لهذه الضوابط فيه مساس بالحرية‬
‫الشخصية حيث أن المتهم بريء ولم تثبت إدانته بعد‪ ،‬لذا وجب توافر بعض الشروط‬
‫الشكلية لصحة اإلعتقال اإلحتياطي وحماية المتهم منه ويمكن إجمالها حسب مقتضيات‬
‫قانون المسطرة الجنائية(‪ )33‬فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تسبيب األمر الصادر باإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫‪ -‬تقييد اإلعتقال اإلحتياطي بمدة معينة‪.‬‬

‫‪ -‬ضرورة إبالغ المتهم بأسباب اعتقاله(‪.)34‬‬

‫‪ -1‬تسبيب األمر الصادر باإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫إن تسبيب األمر باإلعتقال اإلحتياطي يحيط حرية المتهم بسياج من النقصان‪ ،‬يتبين‬
‫األسباب التي قام عليها وأنه قد استجمعت فيه الشروط القانونية إلصداره‪.‬‬

‫فتسبيب األمر باعتقال المتهم احتياطيا إجراء ال غنى عنه‪ ،‬حيث أنه من الالزم أن‬
‫يستند إلى أسباب واقعية تتمثل في قرائن تدل على وقوع الجريمة ونسبتها للمتهم‪.‬‬

‫ومن التشريعات التي ألزمت سلطة التحقيق بتسبيب األمر الصادر بحبس المتهم‬
‫احتياطيا‪ ،‬التشريع الفرنسي الصادر بمقتضى القانون ‪ 17‬يوليوز ‪ 1970‬إذ قضت المادة‬
‫‪ 145‬منه بإلزام قضاة التحقيق بتسبيب األمر باإلعتقال اإلحتياطي في مواد الجنح وفقا‬
‫للعناصر الموضوعية والواقعية المتعلقة بالدعوى‪.‬‬

‫‪ - 33‬المادة ‪ 177-176-152-134‬ق‪.‬م‪.‬ج المغربي‪.‬‬


‫‪ - 34‬فؤاد بنيخلف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬

‫‪19‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫خالفا للجنايات فلم يلزم المشرع اإلجرائي الفرنسي قضاة التحقيق بتسبيب أمر‬
‫الحبس اإلحتياطي الصادر بشأنها نظرا لخطورتها‪ ،‬فأضحى له مطلق الحرية في إصدار‬
‫أمر بالحبس اإلحتياطي للمتهم في جناية وتمديده دون اإلشارة إلى أسباب األمر الصادر‬
‫بالحبس(‪.)35‬‬

‫هذا وأوجب قانون المسطرة الجنائية المغربي في الفصلين ‪ 176‬و‪ 177‬على‬


‫قاضي التحقيق في حالة تمديد اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬أن يعلل أمره القضائي بأسباب‪ ،‬وأال‬
‫يصدر إال بعد سماع التماسات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب(‪ ،)36‬كذلك األمر‬
‫بالنسبة لطلبات اإلفراج المؤقت‪ ،‬وتتجلى فائدة تسبيب األمر القضائي في مراقبة قيمة‬
‫الغرفة الجنحية لتعليل ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلعتقال اإلحتياطي بمدة معينة‪:‬‬


‫حدد ق‪.‬م‪.‬ج المدة المخصصة لإلعتقال اإلحتياطي وتختلف هذه المدة باختالف‬
‫العقوبة المقررة للجريمة المتابع بها(‪ ،)37‬وهي على نوعين‪:‬‬

‫‪ -‬النوع األول‪ :‬ال تتعدى فيه المدة شهرا واحدا ويتعلق األمر بالقضايا‬
‫الجنحية(‪ ،)38‬ففي مادة الجنح ال يمكن لقاضي التحقيق اللجوء إلى اتخاذ تدبير اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي إال بعد تأكده ن توافر هذه الشروط‪ ،‬وذلك تحت طائلة البطالن دون اإلخالل‬
‫بقواعد المسؤولية الجنائية في هذا الباب‪ ،‬وهذه الشروط هي‪:‬‬

‫‪ -‬أن يتعلق األمر بجنحة معاقب عنها بخمس سنوات حبسا‪ ،‬اعتبارا لكون م ‪83‬‬
‫من ق‪.‬م‪.‬ج نصت على أن "التحقيق يكون اختياريا في هذه الجنح‪ ،‬وبالتالي انعقاد‬
‫اختصاص قاضي التحقيق‪ ،‬وإذا كانت العقوبة الجنحية تقل عن خمس سنوات فإن قاضي‬
‫التحقيق ال يكون مطلقا مختصا بإجراء التحقيق‪.‬‬

‫‪ - 35‬مونية أحرازم‪ ،‬واقع وآفاق اإلعتقال اإلحتياطي بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ - 36‬الحبيب بيهي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫‪ - 37‬قانون المسطرة الجنائية المواد ‪ 176‬و‪.177‬‬
‫‪ - 38‬تنص م ‪ 176‬ق‪.‬م‪.‬ج‪" :‬ال يجوز في القضايا الجنحية أن ال تتجاوز مدة اإلعتقال اإلحتياطي شهرا واحدا"‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -‬أن يكون المتهم مقيما بالمغرب وال أن يكون في حالة فرار ألن في مثل هذه‬
‫الحاالت يقوم قاضي التحقيق بإصدار األمر بإلقاء القبض(‪.)39‬‬

‫وال يمكن في هذه الحالة تمديد فترة اإلعتقال اإلحتياطي إال لمرتين ولنفس المدة‪،‬‬
‫وإذا لم يتخذ قاضي التحقيق خالل مدة اإلعتقال أمرا في القضية المعروضة عليه فإنه‬
‫يفرج على المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق(‪.)40‬‬

‫‪ -‬النوع الثاني‪ :‬تصل فيه مدة اإلعتقال اإلحتياطي لشهرين قابلة للتمديد خمس‬
‫مرات ولنفس المدة‪ ،‬وذلك إذا كانت األفعال المنسوبة للمتهم توصف بجناية‪ ،‬ويتم التمديد‬
‫بأمر قضائي معلل يصدره القاضي‪ ،‬بناءا على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب‪،‬‬
‫ويفرج بقوة القانون عن المتهم إذا لم يتخذ أي إجراء خالل مدة اإلعتقال ويستمر‬
‫التحقيق(‪.)41‬‬

‫‪ -3‬إبالغ المتهم بأسباب اللجوء لإلعتقال اإلحتياطي في حقه‪:‬‬


‫يجب عند اتخاذ األمر باإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬أن يبلغ فورا وشفهيا للمتهم وللنيابة‬
‫العامة(‪ ،)42‬وفق اإلجراءات المتبعة في تبليغ األمر بالوضع تحت المراقبة القضائية‪،‬‬
‫ويصدر القاضي عندئذ أمرا باإليداع في السجن ليكون سندا لإلعتقال‪ ،‬وإذا كان المتهم في‬
‫حالة فرار‪ ،‬أصدر القاضي األمر بإلقاء القبض(‪.)43‬‬

‫ويجب لزوما أن يتضمن األمر الصادر كافة البيانات الشكلية المتطلبة كتوقيع‬
‫قاضي التحقيق وضع خاتمه‪ ،‬اسمه‪ ،‬هوية المتهم وطبيعة الجريمة المرتكبة وغيرها من‬
‫البيانات اإللزامية المتطلبة قانونا‪.‬‬

‫‪ - 39‬د‪ .‬محمد أحداف‪ ،‬شرح ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬ص ‪.426‬‬


‫‪ - 40‬الحبيب بيهي‪ ،‬شرح ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫‪ - 41‬الفقرة ‪ 1‬و‪ 3‬من المادة ‪ 177‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ - 42‬المادة ‪ 175‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ - 43‬الحبيب بيهي‪ ،‬شرح ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬ص ‪.235‬‬

‫‪21‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫كما يجب على قاضي التحقيق تسليم نسخة من األمر باإلعتقال اإلحتياطي إما‬
‫للمتهم أو لدفاعه بناءا على طلب أحدهما لذلك(‪.)44‬‬

‫ونصت المادة ‪ 2/5‬من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان الصادر سنة ‪1950‬‬
‫على أنه‪" :‬يجب إبالغ كل من قبض عليه دون تمهل وبلغة يفهمها بأسباب القبض عليه بكل‬
‫االتهامات الموجهة ضده"(‪.)45‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط الموضوعية لإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫يخضع جواز إجراء اإلعتقال من عدمه لجسامة الجريمة‪ ،‬من حيث شدتها أو‬
‫بساطتها‪ ،‬سواء كان ذلك من حيث العقوبة التي يحددها المشرع أو تبعا لطبيعة نفسها‪،‬‬
‫وهكذا فرض المشرع عدة قيود موضوعية على اإلعتقال اإلحتياطي يجب توافرها‬
‫والمقصود بالشروط الموضوعية تلك الشروط التي يلزم توافرها مسبقا إلصدار أمر‬
‫اإلعتقال‪ ،‬وإذا انتفت معها صحة هذا اإلجراء والحق بتوقيعه‪ ،‬وهذه الشروط كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬ضرورة استنطاق المتهم‪.‬‬

‫‪ -‬اإلستناد إلى مبررات صحيحة وكافية‪.‬‬

‫‪ -‬أن يصدر في جريمة مما يجوز اإلعتقال فيها‪.‬‬

‫‪ -1‬ضرورة استنطاق المتهم‪:‬‬


‫اإلستنطاق بمفهومه القانوني‪ ،‬حسب رأي األستاذ الخمليشي يعني استفسار الظنين‬
‫عن وقائع الجريمة ومالبستها عن طريق طرح أسئلة عليه‪ .‬تتناول الجزئيات التفصيلية‬
‫المحيطة بظروف ارتكاب الجريمة‪ ،‬ويمكن أن تتناول وقائع ال عالقة لها ظاهريا بالجريمة‬
‫ولكن قاضي التحقيق يرى أن الجواب يساعد على الوصول إلى الحقيقة وعلى اكتشاف ما‬
‫في تصريحات الظنين من صدق أو تظليل‪.‬‬

‫‪ - 44‬د‪ .‬محمد أحداف‪ ،‬شرح ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬ص ‪.429‬‬


‫‪ - 45‬وافقت عليه الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1966‬والتي دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من ‪.1976-1-3‬‬

‫‪22‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وبالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية نجد المشرع أحاط االستجواب بضمانات‬
‫قررها لمصلحة المتهم‪ ،46‬وهي منقسمة إلى شقين ما هو متعلق بالجهة التي تباشر التحقيق‬
‫وهي ال تكون إال سلطة قضائية‪ ،‬والشق الثاني متعلق بحرية المتهم وتمكينه من حقوقه‬
‫الدفاعية(‪.)47‬‬

‫وعلى غرار الوضع في قانون اإلجراءات المصري حيث إذا صدر أمر بالحبس‬
‫اإلحتياطي أو بمده‪ ،‬بغير استجواب المتهم‪ ،‬فليس أمامه سوى إثارة الموضوع أمام الجهة‬
‫المختصة ويتعين عليها أن تبطل األمر بالحبس أو االمتداد(‪.)48‬‬

‫كذلك رتب المشرع المغربي عن عدم استنطاق المتهم قبل اعتقاله احتياطيا بطالن‬
‫اإلجراء وكافة اإلجراءات الموالية له‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلستناد إلى مبررات صحيحة وكافية‪:‬‬


‫ال يكفي إلصدار أمر باإلعتقال اإلحتياطي وجود أسباب تبرره‪ ،‬بل يجب أيضا‬
‫وجود دالئل كافية على أن المشتبه فيه هو الذي ارتكب الجريمة‪.‬‬

‫والدالئل يقصد بها األمور التي يدل ثبوتها على توافر العناصر التي تكفي كسند‬
‫إلصدار أمر باإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬أو قيام شبهات مستندة إلى ظروف الواقعة تؤدي‬
‫لالعتقال بنسبة الجريمة للمتهم(‪.)49‬‬

‫وهل تكفي مجرد الشبهات أو القرائن أم ينبغي أن تكون أدلة على جانب من‬
‫األهمية؟‬

‫لما كان الواجب حماية الحرية الفردية ورفع كل حجز عليها‪ ،‬فإن نرى أنه ينبغي‬
‫أن تكون األدلة القائمة قبل المتهم مما تجعل إدانته كبيرة االحتمال‪ ،‬على األقل في نظر‬
‫المحقق الذي له السلطة المطلقة في تقديرها‪.‬‬

‫‪ - 46‬قانون المسطرة الجنائية الفصول ‪.159-135-134-74-73‬‬


‫‪ - 47‬فؤاد بنيخلف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ - 48‬حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬أصول اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ص ‪.421‬‬
‫‪ - 49‬فؤاد بنيخلف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.75‬‬

‫‪23‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫لهذا فإن هذا التقدير يعهد به إلى عضو له صفة قضائية‪ ،‬ويتعين عليه أن يبحث ما‬
‫إذا كانت الدالئل تقوم على أساس سليم‪ ،‬أم أنها مجرد ظنون واستنتاجات أحاطت به‬
‫وأوصلته لموقف االتهام(‪ .)50‬غير ذلك يصبح الحبس االحتياطي نوعا من العقاب يوقع‬
‫بغير سند من القانون‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يصدر في جريمة مما يجوز اإلعتقال فيها‪:‬‬


‫القاعدة العامة أن تكون الجريمة التي يجوز اعتقال المتهم احتياطيا من أجلها على‬
‫شيء من الجسامة حتى تبرر اتخاذ هذا اإلجراء‪ ،‬والمرجع في مقياس الجسامة هو قانون‬
‫العقوبا ت وما قرره للواقعة من عقاب‪ ،‬وتكييف الوصف القانوني للواقعة هو لمن يصدر‬
‫أمره بحبس المتهم احتياطيا ويقدر عناصرها من مختلف ظروفها‪ ،‬فهو أقدر من يوكل إليه‬
‫هذا األمر وليس ثمة طريق آخر للوصول إلى ذلك أو جهة يرجع إليها غيره(‪.)51‬‬

‫ويجوز أن يصدر أمر اإلعتقال اإلحتياطي في حالتين‪:‬‬

‫األولى‪ :‬إذا كانت الواقعة جنائية‪ ،‬أي جميع أنواع الجنايات دون تمييز‪ ،‬والثانية أن‬
‫تكون الواقعة جنحة بشرط أن تكون عقوبتها سالبة للحرية(‪.)52‬‬

‫وينص الفصل ‪ 159‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أن‪" :‬الوضع تحت المراقبة القضائية‬
‫واالعتقال االحتياطي تدبيران استثنائيان‪ ،‬يعمل بهما في الجنايات أو في الجنح المعاقب‬
‫عليها بعقوبة سالبة للحرية"‪.‬‬

‫وبمقتضى هذا النص يجب على الوكيل العام للملك أو وكيل الملك مع مراعاة‬
‫قواعد االختصاص‪ ،‬أن يستنطق المتهم ويصدر القرار بإيداعه في السجن في حالة التلبس‬
‫وفي حالة عدم توافر ضمانات كافية للحضور‪.‬‬

‫‪ - 50‬حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬أصول اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ص ‪.426‬‬


‫‪ - 51‬الفصل ‪ 153‬من قانون المسطرة الجنائية المغربي‪.‬‬
‫‪ - 52‬حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬أصول اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ص ‪.425‬‬

‫‪24‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫هكذا وبعد اإلشارة إلى شروط اللجوء إلى إجراء االعتقال االحتياطي والمتمثلة في‬
‫الشروط الشكلية والموضوعية‪ ،‬ننتقل إلى الحديث عن دواعي وأسباب اللجوء إلى إجراء‬
‫االعتقال االحتياطي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دواعي االعتقال االحتياطي وتمييزه‬


‫عن الحاالت المشابهة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دواعي االعتقال االحتياطي‪:‬‬
‫لقد كرس المشرع المغربي الطابع االستثنائي لالعتقال االحتياطي عندما نص عليه‬
‫صراحة بمقتضى المادة "‪ 159‬ق‪.‬م‪.‬ج"‪ ،‬لكن النص على الطبيعة االستثنائية يجب أن‬
‫يرتبط بتحديد حاالت ومبررات االعتقال‪.‬‬

‫فإذا كانت مبرراته تجعل منه إجراء مشروع فهو أيضا إلى جانب ذلك يعتبر من‬
‫متطلبات التحقيق‪ ،‬إذ تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 160‬من قانون المسطرة الجنائية على‬
‫أنه‪" :‬يمكن أن يوضع المتهم تحت المراقبة في أية مرحلة من مراحل التحقيق لمدة شهرين‬
‫قابلة للتجديد خمس مرات خاصة ألجل ضمان حضوره‪ ،‬ما لم تكن ضرورة التحقيق أو‬
‫الحفاظ على أمن األشخاص أو على النظام العام تتطلب اعتقاله احتياطيا"‪.‬‬

‫كما تنص الفقرة الخامسة من نفس المادة على إمكانية إلغاء الوضع تحت المراقبة‬
‫القضائية أثناء جميع مراحل التحقيق‪ ،‬إذا لم يحترم المتهم االلتزامات المفروضة عليه‬
‫بمقتضى األمر الصادر عن قاضي التحقيق(‪.)53‬‬

‫إذن فاإلعتقال اإلحتياطي وظيفتين تبرر تقريره‪ :‬فهو إجراء من إجراءات التحقيق‬
‫غايته ضمان سالمة التحقيق االبتدائي‪ ،‬من خالل وضع المتهم تحت تصرف المحقق من‬
‫أجل حسن سير التحقيق‪ ،‬وتسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعاه قاضي التحقيق‬
‫الحيلولة دون العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود ووظيفة أخرى تهم حماية‬

‫‪ - 53‬سلسلة ندوات محكمة االستئناف بالرباط ص ‪.35‬‬

‫‪25‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫المجتمع وأمنه من خطورة المجرم والحفاظ على المتهم نفسه من فتك المجتمع به‪ .‬إال أن‬
‫إعمال هذا اإلجراء تحدد ضوابط قانونية وضرورة التحقيق(‪.)54‬‬

‫وفي هذا اإلطار يطرح اإلشكال حول تحديد ضوابط دواعي اإلعتقال اإلحتياطي‬
‫ذو طبيعة قانونية استثنائية ال يلجأ إليه إال للضرورة القصوى فما هي المبررات التي‬
‫تؤطر اللجوء إليه؟‬

‫أوال‪ :‬ضرورة التحقيق‪:‬‬


‫نظرا لكون اإلعتقال اإلحتياطي تدبير استثنائي أقضته مصلحة التحقيق فإنه ال‬
‫يكفي لتبريره بارتكاب جريمة ذات خطورة‪ ،‬وإنما يجب أن يكون هناك من المبررات ما‬
‫يتطلب اعتقال المتهم احتياطيا أمرا ضروريا‪.‬‬

‫ذلك أنه لم يعتد الغاية من اإلعتقال اإلحتياطي هي ضمان سالمة التحقيق بأن يظل‬
‫المتهم رهن إشارة المحقق وأن يحول دون العبث بأدلة الدعوى والتأثير على الشهود أو‬
‫القضية‪ ،‬وإنما أصبحت الغاية من إعماله السعي إلى تهدئة الشعور العام بسبب الجريمة‬
‫وضمان تنفيذ العقوبة ووقاية المتهم من العود إلى اإلجرام أو االنتقام‪.‬‬

‫وهذا أكدته المحكمة الدستورية الفيدرالية(‪ )55‬في ألمانيا على أن حماية المجتمع‬
‫ضد األعمال اإلجرامية يصلح مبررا لإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫وعليه تعتبر ضرورة التحقيق من حاالت اإلعتقال اإلحتياطي الجوازية وهي‬


‫عبارة فضفاضة ذات مدلول واسع‪ ،‬إذ تعني اعتبار الحفاظ على األدلة وافتراض أن الجاني‬
‫قد يعمد إلى العبث بها في حالة إطراق سراحه كإحدى ضرورات التحقيق‪ ،‬ويمكن في هاته‬
‫الحالة اللجوء إلى تدبير اإلعتقال إذا كان السبيل الوحيد للحفاظ على األدلة الجنائية من‬
‫االندثار والعبث‪.‬‬

‫‪ - 54‬القانون الفرنسي من خالل تعديله سنة ‪ 1970‬الذي ينص على وجوب تصيب االعتقال االحتياطي بصفة خاصة وفقا‬
‫للعناصر المتعلقة بالهدف من اإلعتقال‪.‬‬
‫‪ - 55‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬

‫‪26‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وهنا نتساءل حول البلد القانوني للمشرع المغربي في عدم تحديد حاالت اإلعتقال‬
‫بشكل موضوعي وترك األمر لقاضي التحقيق في إطار سلطة تقديرية ألنظمة تدبير‬
‫اإلعتقال من ظروف ومالبسات القضية المعروضة عليه‪.‬‬

‫يالحظ أن المشرع المغربي حدد حاالت ومبررات اإلعتقال اإلحتياطي بشكل عام‪،‬‬
‫بمعنى أنه أخذ بمبدأ الشرعية قانونا ومبدأ المالئمة عمليا مادام مفهوم ضرورة التحقيق‬
‫والحفاظ على النظام العام عاما ويتسع هذا المفهوم على مستوى الواقع العملي‪ ،‬حيث‬
‫وبالنظر لتنوع الخيارات المطروحة أمام قاضي التحقيق في اتخاذ المالئم منها حسب كل‬
‫قضية معروضة على أنظاره‪ ،‬إال أن مع ذلك غالبا ما يلجأ قاضي التحقيق إلى اتخاذ‬
‫التدابير األنجع لتسهيل إجراءات التحقيق وضمان سالمته‪.‬‬

‫ومن ضمن وأهم هذه التدابير ما يلي كاللجوء إلى استدعاء الشهود (‪ ،)1‬إجراء‬
‫تحقيق حول شخصية المتهم (‪ )2‬وظروفه االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫‪ -1‬إجراء تحقيق حول شخصية المتهم وظروفه االقتصادية‬


‫واالجتماعية‪:‬‬
‫تنص المادة ‪ 87‬من ق‪.‬م‪.‬ج على ما يلي‪" :‬يقوم قاضي التحقيق إلزاميا في مادة‬
‫الجنايات‪ ،‬واختياريا في مادة الجنح بإجراء بحث حول شخصية المتهم وحالتها العائلية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫ويقوم قاضي التحقيق أيضا بإجراء بحث حول التدابير الكفيلة بتسهيل إعادة إدماج‬
‫المتهم في المجتمع‪ ،‬إذا كان سنه تقل عن عشرين سنة وكانت العقوبة المقررة ال تتجاوز‬
‫خمس سنوات‪ ،‬وارتأى قاضي التحقيق وضع المتهم تحت االعتقال االحتياطي"‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫يمكن أن يكلف بذلك إما ضباط الشرطة القضائية طبقا "للمادة السابقة‪ ،‬وإما أي‬
‫شخص أو مؤسسة مؤهلة للقيام بهذا البحث يترتب عن هذا البحث تكوين ملف خاص‬
‫بضاف إلى المسطرة"‪.‬‬

‫مفاد المادة السابقة‪ ،‬هو أنه عندما يلتمس من قاضي التحقيق إجراء تحقيق إعدادي‪،‬‬
‫عليه أن يقوم ببحث حول شخصية المتهم والظروف المحيطة به‪ ،‬سواء كانت "عائلية" أو‬
‫"اقتصادية" أو "اجتماعية" وال يكتفي والحالة هذه بما يكون قد توصل إليه في شأنها من‬
‫خالل عملية استنطاق المتهم‪.‬‬

‫وهذا اإلجراء الذي أوجبه المشرع عندنا على قاضي التحقيق في الجنايات(‪ )56‬له‬
‫أهمية كبرى ال تخفى‪ ،‬إذ بواسطته يتم اإلطالع‪ ،‬وبتكليف صريح من القانون على العناصر‬
‫التي كان لها دور في إنجاح الظاهرة اإلجرامية في الواقع المادي الخارجي‪.‬‬

‫‪ -2‬االستماع إلى الشهود وكيفية استدعائهم‪:‬‬


‫الشهادة من أفيد وسائل اإلثبات في المادة الجنائية(‪ )57‬منها نستخلص القناعة‬
‫وبكيفية مباشرة على ثبوت واقعة مادية أو انتفاؤها لصالح شخص أو لضده‪ .‬ولذلك كان‬
‫المبدأ العام هو أن لقاضي التحقيق كامل الصالحية والحق في أن يستمع لكل شخص وأن‬
‫يستعدي كل شاهد يرى فائدة في االستماع إليه وتنوير الطريق أمامه من أجل اتخاذ قراره‬
‫بخصوص القضية التي يحقق فيها‪ ،‬أن لجهة األمر بالمتابعة‪ ،‬وأن لعدم الفائدة من إقامة‬
‫الدعوى‪.‬‬

‫ومع ما سبق فإنه ينبغي اإلشارة إلى أن المبدأ المخول للحق األنف الذكر ال يعمل‬
‫به في بعض األحوال كما يأتي‪:‬‬

‫‪ - 56‬إجراء قاضي التحقيق بحث حول شخصية المتهم وحالته اقتصادية وعائلية واجتماعية المادة ‪ 87‬ق‪.‬م‪.‬ج إلزاميا في‬
‫مادة الجنايات واختياريا في مادة الجنح‪.‬‬
‫‪ - 57‬القيمة اإلقناعية لهذه الوسيلة عند الكالم في وسائل اإلثبات الجنائية (في المحاكمة)‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫أ‪ -‬امتناع االستماع لشخص كشاهد في كل حالة يرد فيها اسمه في الشكاية‬
‫المرفوقة بالمطالبة المدنية‪ ،‬حيث ينبغي االستماع إليه في هذه الحالة كمتهم‪ .‬ذلك أن المادة‬
‫‪ 118‬من ق‪.‬م‪.‬ج خولت لمثل هذا الشخص صراحة هذه اإلمكانية حتى ال يحرم من‬
‫الضمانات التي يتمتع بها المستنطق‪ ،‬كعدم تحليفه اليمين على قول الحق‪ ،‬وعدم إجباره‬
‫على الكالم تفصيليا في اإلستنطاق األولي‪ ،‬واستعانته بمجلس يؤازره‪.‬‬

‫وهذا ال يتمتع به الشاهد الذي عليه أداء اليمين على قول ابتداء قبل اإلدالء بشهادته‬
‫وعدم إمكانية مؤازرته بمحام إلى جانب خضوعه للجزاء الجنائي في حالة كذبه في‬
‫الشهادة(‪( )58‬الفصول ‪.)372-371-370-369-368‬‬

‫ب‪ -‬بصريح المادة ‪ 33‬ق‪.‬م‪.‬ج فإنه يمتنع االستماع لشهادة مؤازر المتهم‪ ،‬وهو‬
‫محاميه‪ ،‬حول ما علمه بهذه الصفة‪ ،‬أما غيره(‪ )59‬من األشخاص الملزمين بالتقيد بالسر‬
‫المهني فيمكن االستماع إليهم كشهود من قبل قاضي‪ ،‬التحقيق شريطة التقيد بالحدود لهم في‬
‫القانون التي تمنع عليهم إفشاء السر المؤتمن عليه من قبلهم زال تعرضوا للجزاء المقرر‬
‫في الفصل ‪ 446‬ق‪.‬م‪.‬ج(‪.)60‬‬

‫هذا بالنس بة لالستماع للشهود أما فيما يخص كيفية استدعائهم حيث أنه عندما يرى‬
‫قاضي التحقيق فائدة في االستماع إلى شخص من األشخاص يقوم بادعائه‪ ،‬إما عن طريق‬
‫أحد أعوان القوة العمومية‪ ،‬أو عن طريق أحد األعوان القضائيين أو برسالة مضمون‪ ،‬أو‬
‫بطريقة إدارية(‪ )61‬المادة ‪ 117‬ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫وهكذا فإن هو المستدعى قد توصل باالستدعاء بإحدى الطرق السابقة –وحضر‬


‫لتأدية شهادته انتهى األمر‪ ،‬أما إذا تبث بأنه توصل باالستدعاء لكنه لم يحضر‪ ،‬فإن قاضي‬

‫‪ - 58‬المادة ‪ 118‬ق‪.‬م‪.‬ج المؤسسة المتناع االستماع إلى من ورد اسمه في الشكاية كشاهد كرست تشريعيا مبدأ التعارض‬
‫بين صفتي الشاهد والمتهم‪.‬‬
‫‪ - 59‬من الطريق اإلشارة إلى الفصل ‪ 325‬ق‪.‬م‪.‬ج (الملغى الذي يقابل المادة ‪ 334‬ق‪.‬م‪.‬ج) كان يتضمن فقرة ثانية تمنع‬
‫مطلقا لالستماع إلى رجال الدين حول ما اسر به إليهم ضمن مهمتهم من اعترافات للمدين يقعد تسهيل التوبة لهم‪.‬‬
‫‪ - 60‬يستحسن اإلطالع على مضمون النص وما لحقه من إضافة بالقانون رقم ‪.11.99‬‬
‫‪ - 61‬ليس هناك مانع من حضور الشاهد أمام قاضي التحقيق تلقائيا وبدون استدعاء لإلدالء بشهادته إال أن هذه اإلمكانية‬
‫ولو أنها جائزة بنص القانون (المادة ‪ 117‬ق‪.‬م‪.‬ج) فإن الواقع يشهده بقلة وردودها في العمل ألسباب متعددة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫التحقيق يوجه له استدعاء ثاني للحضور‪ ،‬إما برسالة مضمون مع إشعار بالتوصل أو‬
‫بواسطة عون قضائي‪ .‬فإن هو حضر وأدى شهادته وانصرف كذلك‪.‬‬

‫أما إذا بقى هذا االستدعاء بدون استجابة له جاز لقاضي التحقيق بناءا على‬
‫ملتمسات النيابة العامة إجباره على الحضور بواسطة القوة وأن يصدر في حقه أمرا‬
‫قضائيا بأداء غرامة تتراوح بين "‪ "1200‬و"‪ "12000‬درهم هذا ما لم يحضر الشاهد بعد‬
‫ذلك وقدم اعتذاره ومبررات تخلفه‪ ،‬حيث يكون لقاضي التحقيق في هذه الحالة (بعد‬
‫اإلطالع على ملتمس النيابة العامة في المسألة إعفاءه من هذه الغرامة –محل األمر‪ -‬أن‬
‫كال وأن جزءا المادة ‪ 1/128‬من قانون المسطرة الجنائية)‪.‬‬

‫‪ -3‬حماية الشهود‪:‬‬
‫اعتبارا للمتطلبات التي قد تحول دون اإلدالء بالشهادة أمام قاضي التحقيق‪ ،‬فقد‬
‫استحدث القانون(‪ )62‬جملة من التدابير استهدف بها حماية الشهود مما قد يتعرضون له من‬
‫مخاطر بسبب إدالئهم بشهادتهم في هذه المرحلة من مراحل القضية الجنائية‪ ،‬والتي يالحظ‬
‫أنها تندرج لتتنوع إلى حماية عامة للشاهد‪ ،‬وإلى حماية خاصة له‪.‬‬

‫وهكذا وبالنسبة لألولى‪ ،‬فإن المادة ‪ 6-82‬من ق‪.‬م‪.‬ج خولت للشاهد (أو الخبير) في‬
‫أي قضية (أي مهما كان نوع الجريمة التي يدلى فيها بشهادته) إذا ما كانت هناك أسباب‬
‫جدية من شأنها أن تعرض حياته أو سالمته الجسدية أو مصالحه األساسية أو حياة أفراد‬
‫أسرته أو أقاربه أو سالمتهم الجسدية‪ ،‬أو مصالحهم األساسية للخطر‪ ،‬أو لضرر مادي أو‬
‫معنوي‪ ،‬إذا ما أدلى بشهادته‪ ،‬أن يطلب بحسب األحوال من قاضي التحقيق‪ ،‬تطبيق أحد‬
‫اإلجراءات المنصوص عليها في البنود ‪ 6‬و‪ 7‬و‪ 8‬من المادة ‪ 7-82‬من ق‪.‬م‪.‬ج بعد بيان‬
‫األسباب التي تصلح دعامة التخاذ هذه اإلجراءات‪.‬‬

‫‪ - 62‬رقم ‪ 37.10‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 22.01‬المتعلق بالمسطرة الجنائية في شأن حماية الضحايا والشهود‬
‫والخبراء والمبلغين‪ ،‬فيما يخص جرائم الرشوة واالختالس‪...‬‬

‫‪30‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫أما بالنسبة للثانية‪ ،‬أي الحماية الخاصة للشاهد‪ ،‬فقد تعرضت لها المادة ‪ 7-82‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج التي مكنت قاضي التحقيق‪ ،‬تلقائيا أو بناء على طلب إذا تعلق األمر بجريمة الرشوة‬
‫أو استغالل النفوذ أو االختالس أو التبديد أو الغدر أو غسل األموال أو إحدى الجرائم‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 108‬ق‪.‬م‪.‬ج أن يتخذ بقرار معلل واحدا أو أكثر من التدابير‬
‫التالية لضمان حماية الشهود أو (الخبير)‬

‫‪ -1‬االستماع شخصيا للشاهد (أو الخبير)‪.‬‬

‫‪ -2‬إخفاء هوية الشاهد (أو الخبير) في المحاضر والوثائق التي تتعلق بالقضية‬
‫المطلوب فيها شهادة الشاهد (أو إفادة الخبير)‪ ،‬وذلك بشكل يحول دون التعرف على هويته‬
‫الحقيقية‪.‬‬

‫‪ -3‬تضمين هوية مستعارة أو غير صحيحة للشاهد (أو الخبير) في المحاضر‬


‫والوثائق التي تقدم أمام المحكمة بشكل يحول دون التعرف الغير هويته الحقيقية‪.‬‬

‫‪ -4‬عدم اإلشارة إلى العنوان الحقيقي للشاهد ضمن المحاضر والوثائق التي تنجز‬
‫في القضية المطلوب فيها شهادة الشاهد أو إفادة الخبير‪ ،‬وذلك بشكل يحول دون التعرف‬
‫على عنوانه‪.‬‬

‫‪ -5‬اإلشارة في عنوان إقامة الشاهد (أو الخبير) إلى مقر الشرطة القضائية التي تم‬
‫فيها االستماع إليه أو المحكمة المختصة للنظر في القضية إذا ما كان قد يستدعي أول مرة‬
‫أمام قاضي التحقيق أو المحكمة‪.‬‬

‫‪ -6‬وضع رهن إشارة الشاهد‪ ،‬الذي يكون قد أدلى بشهادته الخبير) رقم هاتفي‬
‫خاص بالشرطة القضائية حتى يتمكن من إشعارها بالسرعة الالزمة إزاء أي فعل قد يهدد‬
‫سالمته أو سالمة أسرته أو أقاربه‪.‬‬

‫‪ -7‬إخضاع الهواتف التي يستخدمها الشاهد أو "الخبير" لرقابة السلطات المختصة‬


‫بعد موافقة المعني باألمر كتابة ضمانا لحمايته‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -8‬توفير حماية جسدية للشاهد أو "الخبير" أو أحد أفراد أسرته أو أقاربه للخطر‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى محاضر اإلستنطاق االبتدائي المنجز من طرف قضاة التحقيق‬


‫بمحكمة االستئناف بالدار البيضاء‪ ،‬ومنها محضر اإلستنطاق االبتدائي المنجز بتاريخ‬
‫‪ 2009/4/27‬ملف عدد ‪ 09/341‬من طرف قاضي التحقيق بالغرفة الثانية ضد المسمى‬
‫(أ) جاء في حيثياته نظرا لما يشتكيه المتهم من خطورة على األشخاص أو لضرورة حسن‬
‫سير إجراءات التحقيق يأمر باعتقاله وإيداعه في سجن عكاشة على ذمة التحقيق وأشعرناه‬
‫بذلك(‪.)63‬‬

‫وعلى ضوء هذا المحضر التي اشتغلنا عليه والذي يبرز أسباب لجوء قاضي‬
‫التحقيق إلى اإلعتقال اإلحتياطي ومن خالل آراء قضاة التحقيق يالحظ أن قاضي التحقيق‬
‫يلجأ إلى تدبير اإلعتقال اإلحتياطي بكثرة‪.‬‬

‫ويعزى ذلك حسب رأيهم من خالل الحيثيات المتضمنة بأوامرهم‪ ،‬أن أغلب‬
‫القضايا التي يستلزم فيها اتخاذ تدبير اإلعتقال اإلحتياطي هي القضايا التي تنطوي على‬
‫الخطورة والجسامة‪ ،‬كاالغتصاب وهتك العرض بعنف –السرقة الموصوفة –تكوين‬
‫عصابة إجرامية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحفاظ على أمن األشخاص‪:‬‬


‫يكون اإلعتقال اإلحتياطي ضروريا لمنع ارتكاب جرائم تمس بأمن وسالمة‬
‫األشخاص في جسدهم وأموالهم(‪ ،)64‬حيث يعتبر الحفاظ على أمن األشخاص من مبررات‬
‫اإلعتقال اإلحتياطي وذلك ما تنص عليه المادة ‪ 160‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬إذ أن‬
‫إطالق سراح المتهم من شأنه أن يؤدي إلى المساس بركائز السياسة الجنائية الرامية بشكل‬
‫مبدئي إل ى معالجة ظاهرة الجريمة ومحاربتها وحماية المجتمع من المتهم الذي أخل بأمنه‬

‫‪ - 63‬ملف جنائي عدد ‪ 10/05/209‬قرار رقم ‪ 323‬صادر بتاريخ ‪ 2011/3/1‬عن غرفة الجنايات االبتدائية بمحكمة‬
‫االستئناف بالدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ - 64‬سفيان أدريوش‪ ،‬مرجع‪ ،‬ص ‪.144‬‬

‫‪32‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وسالمته وأصبح يشكل تهديدا عليه خاصة بالنسبة لألشخاص الذين اتخذوا من اإلجرام‬
‫سلوكا اعتياديا‪.‬‬

‫إضافة إلى كون إطالق سراحه قد يؤدي كذلك إلى حدوث تأمر بين المتممين‬
‫بشكل يؤدي أو يؤثر على الشهود والضحايا‪ .‬وقد يدفع المتهم إلى ممارسة الضغط المعنوي‬
‫والمنادي والترهيب أو القيام بفعل إجرامي أكثر خطرا وجسامة‪.‬‬

‫وينطبق هذا الوضع على بعض المجرمين الذين يعانون من أمراض نفسانية أو‬
‫باإلصابة بتسمم نتيجة تعاطي المخدرات والكحول‪ ،‬وعادة ما يكون ضحاياهم من نفس‬
‫النوع والجنس(‪ ،)65‬مما يجعل األمر بين حق المتهم في العالج بإيداعه أوال في مؤسسة‬
‫عالجية مع مراعاة حقوق المجتمع والمجني عليهم بتطبيق اإلعتقال في حق هؤالء؟‬

‫هناك من يرى أن خطر تعميم اللجوء إلى اتخاذ تدابير اإلعتقال اإلحتياطي ودون‬
‫التأكد فعال من وجود خطر قد يؤدي إلى عكسه فيصير اإلعتقال "هو المبدأ" والحرية هي‬
‫"االستثناء" وهذا أمر غير مقبول‪.‬‬

‫كما أن غالبا ما يحمل إلجراء وصنع المتهم في اإلعتقال اإلحتياطي عقابا له‪ ،‬قبل‬
‫األوان الشيء الذي يستدعي إرساء رقابة قضائية على شرعية اإلعتقال اإلحتياطي(‪.)66‬‬

‫ومن هنا فاإلعتقال اإلحتياطي يعتبر ضروريا للحفاظ على أمن األشخاص ولوقف‬
‫ارتكاب الجرائم التي تشكل خطرا على أمنهم‪ .‬كما أن اإلعتقال اإلحتياطي قد يكون‬
‫ضروريا لمنع ارتكاب جرائم جديدة تمس بأمن وسالمة األشخاص في جسدهم وأموالهم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬انعدام ضمانات الحضور‪:‬‬


‫إن هروب المتهم أو عدم حضوره أمام قاضي التحقيق قد يؤدي إلى المساس بسير‬
‫اإلجراءات وإلحاق الضرر بحسن سير العدالة‪ ،‬بإفالت المتهم أو الجاني من العقاب‬
‫والحيلولة دون اكتشاف الحقيقة‪ ،‬بحيث أن انعدام ضمانات الحضور هي إحدى أهم‬

‫‪ - 65‬البشير بوحبة‪ ،‬مرجع‪ ،‬ص ‪.115‬‬


‫‪ - 66‬جعفر العلوي‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين ضرورة الدفاع االجتماعي ومستلزمات قرينة البراءة‪ ،‬ص ‪.86‬‬

‫‪33‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫المبررات التي يرتكز عليها قضاء التحقيق على المستوى العملي في حيثياته‪ ،‬والتي تؤطر‬
‫تبرير اللجوء إلى اإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫ففي مثل هذه الحاالت يلجأ قاضي التحقيق إلى اإلعتقال اإلحتياطي لكونه الوسيلة‬
‫الوحيدة لضمان تطبيق مبادئ العدالة لتسريع وثيرة التحقيق إحالة الجاني على المحكمة‪،‬‬
‫ألن اللجوء إلى اإلعتقال اإلحتياطي بناءا على هذا المبرر مرتبط بوجود قرائن قوية على‬
‫أن الجاني ارتكب فعال الجريمة‪ ،‬وأنه لمنع هروبه يتعين اتخاذ هذا التدبير في حقه‪.‬‬

‫كأن تكون الجريمة المرتكبة قد أدت إلى الوفاة‪ ،‬أو تشكل نوع من الخطورة التي‬
‫تدفع المتهم إلى الهروب‪ ،‬بحيث هناك أوامر أخرى معللة بنفس التعليل النعدام ضمانات‬
‫الحضور وهي تسمح لقاضي التحقيق المساس بحرية األشخاص باعتقالهم احتياطيا بمبرر‬
‫انعدام الحضور التي تسهل على قاضي التحقيق الوصول إلى الحقيقة‪ ،‬ألن إعماله منع‬
‫المتهم من التأثير على الشهود دون إخفاء وسائل اإلثبات وسهل سير التحقيق كما سمح له‬
‫بإمكانية إحضار المتهم في أي وقت وإجراء المقابالت الضرورية مع الشهود أو‬
‫الضحية(‪.)67‬‬

‫فاإلعتقال اإلحتياطي من هذا المنظور إجراء قضائي يعمل به قبل فوات األوان‬
‫عمال بالمثال الذي يقول‪" :‬من لم يبتدئ بوضع يده على غريمة سيفقده حين األوان"(‪)68‬‬

‫وغالبا ما يكون مبرر انعدام ضانات الحضور كتغطية لمبرر آخر وهو خطورة‬
‫األفعال المرتكبة‪ .‬فاالعتماد هذا المبرر –موكول لتقدير قاضي التحقيق الذي عليه أن يطلع‬
‫على أحوال المتهم‪ .‬وما يقدم بين يديه من معطيات واقعية‪ .‬يستشف منها احتمال هروبه‪،‬‬
‫ولذلك يستلزم من قاضي التحقيق اإللمام بكل مالبسات القضية‪ ،‬وتقدير مدى نجاع‬
‫الخيارات األخرى البديلة عن اإلعتقال اإلحتياطي لضمان حضور المتهم(‪.)69‬‬

‫‪ - 67‬الحبيب بيهي‪ ،‬مرجع‪ ،‬ص ‪.199‬‬


‫‪ - 68‬جعفر العلوي‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين ضرورة الدفاع االجتماعي ومستلزمات قرينة البراءة‪ ،‬من خالل مشروع‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬منشورات المجلة المغربية عدد ‪ 39‬سنة ‪.2003‬‬
‫‪ - 69‬سفيان أدريوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬

‫‪34‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫رابعا‪ :‬حالة عدم احترام المتهم لاللتزامات المفروضة عليه‬


‫بمقتضى الوضع تحت المراقبة القضائية‪:‬‬
‫منح المشرع المغربي لقاضي التحقيق صالحيات متعددة منها صالحية وصنع‬
‫المتهم تحت المراقبة القضائية في إطار الخيارات الواسعة المخولة له بمقتضى قانون‬
‫المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫لكنها قيدها بشروط وذلك إذا تعلق األمر بجناية أو جنحة يعاقب عليها بعقوبة سالبة‬
‫للحرية "‪ 159‬قانون المسطرة الجنائية" وكل هذا لم تكن ضرورة التحقيق أو ضرورة‬
‫الحفاظ على أمن األشخاص أو النظام العام تقتضي وضع المتهم رهن اإلعتقال اإلحتياطي‪،‬‬
‫أو إذا لم يحترم مثال االلتزامات المفروضة عليه بمقتضى الوضع تحت المراقبة‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة أمكن للسيد المحقق إصدار أمر باإليداع في السجن و األمر بإلقاء‬
‫القبض بعد استشارة النيابة العامة(‪ )70‬فاألمر بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية يخضع‬
‫لواحد أو أكثر من االلتزامات الثامنة عشر المنصوص عليه في المادة ‪ 161‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫ولعل المشرع المغربي لجأ إلى هذه الوسيلة سعيا منه إلى التحقيق من ظاهرة‬
‫اإلكتظاظ التي تعرفها السجون ونهج أسلوب متحضرا لتقويم سلوك المتهم وتفادي اتصاله‬
‫بالوسط السجني‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تمييز اإلعتقال اإلحتياطي عن الحاالت المشابهة‪:‬‬


‫باعتبار اإلعتقال اإلحتياطي إجراء استثنائي سالب للحرية‪ ،‬فإنه يلتبس بصور‬
‫أخرى مشابهة له والمنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬والتي بدورها ماسة‬
‫بالحرية الشخصية للفرد‪ ،‬كالحراسة النظرية أو الوضع تحت المراقبة القضائية‪ ،‬أو‬
‫االحتفاظ بالمتهم تنفيذا ألمر باإلحضار أو إلقاء القبض‪.‬‬

‫‪ - 70‬سلسلة ندوات محكمة االستئناف تقنيات إجراءات التحقيق في ضوء م‪.‬ج لألستاذ عبد القادر السنوني قاضي التحقيق‬
‫ص ‪.77‬‬

‫‪35‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫باإلضافة إلى منع الحاضرين من مغادرة المكان في حالة التلبس بالجريمة‪ ،‬ويبقى‬
‫أهم ما يم يز هذا لتدبير أنه صادر عن قاضي التحقيق زيادة على أنه ضرورة للدفاع‬
‫االجتماعي وتستلزم لقرينة البراءة‪ ،‬وهو ما يستوجب معه ضرورة التمييز بين اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي وباقي الصور المشابهة له والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الحراسة النظرية واإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫كما قلنا سالفا اإلعتقال اإلحتياطي يشتبه مع غيره من النظم القانونية األخرى‪،‬‬
‫والتي من أهمها الحراسة النظرية‪ ،‬حيث نجد المشرع المغربي لم يعرف الحراسة النظرية‬
‫في مقتضيات قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫في حين قام الفقه بوضع تعريفات متعددة ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬أنها تلك المدة التي تستبقي خاللها الضابطة القضائية‪ ،‬تحت تصرفها الشخص‬
‫المظنون‪ ،‬أنه ارتكب الجريمة لجل حاجيات البحث والتحري‪ ،‬ومنها من اندثار أدلة‬
‫اإلثبات‪ ،‬والكل تحت مراقبة النيابة العامة‪ ،‬وهو التعريف الذي تبناه األستاذ حسن‬
‫الهوادية(‪.)71‬‬

‫وبالتالي فالحراسة النظرية إجراء اشترعه المشرع المغربي في المادتين ‪ 66‬من‬


‫ق‪.‬م‪.‬ج في نطاق الجرائم المتلبس بها والمادة ‪ 80‬من ذات القانون‪ ،‬بمقتضاه يسمح لضابط‬
‫الشرطة القضائية إبقاء شخص أو عدة أشخاص (وهو المحددون في المادة ‪ 65‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫وسواء كانوا مشتبها فيهم أو شهودا أو غيرهم ممن وجد في مكان الجريمة كمن أريد‬
‫مجرد التحقق من هويتهم‪ )...‬رهن إشارته لحاجيات يقتضيها البحث التمهيدي(‪.)72‬‬

‫إذ كان اإلعتقال اإلحتياطي يتطابق مع زاوية حرمان المتهم من حريته مع الوضع‬
‫تحت الحراسة النظرية‪ ،‬فإن مع ذلك ال يجب الخلط بينهما نظرا الختالفات عميقة بينهما‪،‬‬

‫‪ - 71‬حسن الهوادية‪ ،‬الحراسة النظرية بين التشريع واالجتهاد القضائي والنظرية‪ ،‬مطبعة دار السالم بالرباط الطبعة‬
‫الثانية‪ ،2000 ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ - 72‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2006 ،‬ص‬
‫‪.401‬‬

‫‪36‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫سواء من حيث مدة كل واحد منهما أو الجهة التي تتخذ هذا اإلجراء أو ذاك أو المرحلة‬
‫التي يتم فيها اللجوء إلى أحد التدبيرين أو اآلخر(‪.)73‬‬

‫‪ -‬الحراسة النظرية تدبير يتم اللجوء إليه في مرحلة البحث التمهيدي‪ ،‬أما اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي فيتم في مرحلة التحقيق اإلعدادي (تحريك الدعوى العمومية)‪.‬‬

‫زد على ذلك أن الحراسة النظرية يتم في إطارها وضع المشتبه فيه في زنزانة‬
‫تابعة للقيادة العامة أو الدرك الملكي‪ ،‬أو المديرية العمة لألمن الوطني‪ ،‬في حين يتم إيداع‬
‫المعتقل احتياطيا في مؤسسة سجنية تابعة للمندوبية العامة للسجون‪.‬‬

‫‪ -‬الحراسة النظرية إجراء يقوم به ضابط الشرطة القضائية في الحاالت المحددة‬


‫قانونا‪ ،‬أما اإلعتقال اإلحتياطي إجراء قضائي صادر عن قاضي التحقيق أو النيابة العامة‪،‬‬
‫كما أن مدد الوضع تحت الحراسة النظرية والوضع في حالة اعتقال احتياطي‪ ،‬يختلف‬
‫حسب ما نص عليه قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫أما فيما يخص مددها فمدة اإلعتقال اإلحتياطي أطول من نظيرتها في الحراسة‬
‫النظرية‪ ،‬فهي شهر في الجنح ممكن أن تمدد مرتين ولنفس المدة (المادة ‪ 176‬من ق‪ .‬م‪.‬ج)‬
‫وشهرين في الجنايات ممكن أن تمدد خمس مرات ولنفس المدة وهذا ما نصت عليه المادة‬
‫‪ 177‬من ق‪.‬م‪.‬ج عندما تظهر ضرورة ذلك‪.‬‬

‫أما في الحراسة النظرية في ‪ 48‬ساعة فقط من ساعة التوقيف في إطار الجرائم‬


‫العادية ممكن أن تمدد مرة واحدة لـ ‪ 24‬ساعة (المادة ‪ 66‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬

‫أما إذا تعلق األمر بالوضع تحت الحراسة النظرية‪ ،‬عند إنجاز األبحاث التمهيدية‬
‫التلبسية المتعلقة بالجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي فإن مدة الحراسة تكون‬
‫‪ 96‬ساعة تمدد مرة واحدة‪.‬‬

‫‪ - 73‬الدكتور محمد أحداف‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬طبعة ‪ ،2018‬ص ‪.420‬‬

‫‪37‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫مما يتبن لنا بوضوح أن المعتقل احتياطيا يعاني من أكثر من ضغط سلب الحرية‪،‬‬
‫مقارنة مع نظيره الخاضع للحراسة النظرية إال أن هذا ال يمنع من االعتراف بكونهما‬
‫إجراءات ضرورية لمستلزمات الدفاع االجتماعي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي واألمر بإلقاء القبض‪:‬‬


‫يعتبر األمر بإلقاء القبض كإجراء من إجراءات التحقيق‪ ،‬هو "األمر الصادر للقوة‬
‫العمومية بالبحث عن المتهم ونقله إلى المؤسسة السجنية المبينة في األمر حيث يتم تسلمه‬
‫واعتقاله فيها"‪.‬‬

‫وال شك أن اإلعتقال اإلحتياطي يسبقه القبض على الشخص وتقييد حريته(‪)74‬‬


‫وللتوضيح أكثر األمر بإلقاء القبض طبقا لما ورد في المادة ‪ 154‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬هو األمر‬
‫الذي يتم توجيهه من طرف قاضي التحقيق للسلطة العمومية‪ .‬وذلك لكي يتولى البحث عن‬
‫المتهم‪ ،‬وإلقاء القبض عليه وإيداعه بعد ذلك في أحد المؤسسات السجنية والتي تم تحديدها‬
‫من طرف قاضي التحقيق في األمر بإلقاء القبض(‪.)75‬‬

‫فاألمر بإلقاء القبض هو المقدمة لإلعتقال اإلحتياطي فهو إجراء مؤقت‪ ،‬فال يمثل‬
‫وضعا مستقرا بذاته وبالتالي فإنه يجب أن يكون قصير المدة(‪ )76‬باإلضافة إلى ما سبق‬
‫فإن األمر بإلقاء القبض‪ ،‬يمكن اإلعالن عنه في وسائل التواصل االجتماعي في حالة‬
‫اإلستعجال‪ ،‬مع ضرورة توضيح هوية المتهم ونوع الجريمة وذكر اسم القاضي مصدر‬
‫األمر‪.‬‬

‫إن المشرع المغربي منح منفذ األمر بإلقاء القبض‪ ،‬من أي تفتيش للمنزل خارج‬
‫الساعات القانونية المحددة لذلك‪( ،‬بعد التاسعة مساء‪ ،‬أو قبل الخامسة صباحا) بل يكتفي‬
‫بتطويقه فقط بعد إلقاء القبض على المتهم المأمور بالقبض عليه وجب القانون استنطاقه من‬

‫‪ - 74‬للمزيد من اإليضاح حول مفهوم القبض وأثره وأركانه انظر‪:‬‬


‫الدكتور صالح عبد الزهرة الحسون‪ ،‬الموسوعة القضائية‪ ،‬قاضي التحقيق‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 557‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪ - 75‬الدكتور محمد أحداف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.394‬‬
‫‪ - 76‬فؤاد بنيخلف‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪38‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫قبل قاضي التحقيق‪ ،‬المصدر لألمر داخل أجل ‪ 48‬ساعة من االعتقال‪ ،‬وإن لم يتيسر له‬
‫ذلك خالل هذه الفترة فإن القانون أوجب على رئيس السجن تقديمه إلى النيابة العامة لتقوم‬
‫باستنطاقه (المواد ‪ 147‬و‪ 148‬من قانون المسطرة الجنائية)‪.‬‬

‫تلكم كانت اإلشارة ألهم األوامر التي يصدرها قاضي التحقيق والتي تهدف‬
‫باألساس إلى استنطاق المتهم قبل األمر باعتقاله احتياطيا بإيداعه في السجن‪ ،‬والتي يبدو‬
‫بأنها ماسة حتما بشخص المتهم وبحقه في الحرية الواجب صيانتها له‪ ،‬حيث نجد المادة‬
‫‪ 158‬من ق‪.‬م‪.‬ج تنص صراحة على أن عدم مراعاة الشكليات المأمور بها في الفرع‬
‫المتعلق باألمر بالقبض تعرض كال من ممثل النيابة العامة وقاضي التحقيق‪ ،‬وعند‬
‫االقتضاء‪ ،‬كاتب الضبط إلى عقوبات تأديبية فيما إذا ترتب عن ذلك –أي األمر بإلقاء‬
‫القبض‪ -‬مس بالحرية الفردية‪ ،‬وهذا بصرف النظر عن التطبيق العقوبات الجنائية التي‬
‫تحكم اإلعتقال التعسفي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬األمر باإليداع في السجن‪:‬‬


‫األمر باإليداع في السجن حسب تعريف المشرع المغربي هو "األمر الذي يصدره‬
‫قاضي التحقيق إلى رئيس المؤسسة السجنية كي يتسلم المتهم ويعتقله اعتقاال‬
‫احتياطيا"(‪.)77‬‬

‫يعتبر األمر باإليقاع في السجن إجراء صادر عن قاضي التحقيق‪ ،‬يتم توجيهه إلى‬
‫رئيس المؤسسة السجنية المعينة‪ ،‬من أجل إيداع وإيواء المتهم بين جدرانها وحيث يجب أن‬
‫يحدد فيه على وجه الدقة المؤسسة السجنية المعنية باألمر ومكان تواجدها‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫تنفيذ األمر القاضي بتسليم المتهم ووضعه رهن اإلعتقال اإلحتياطي داخل تلك‬
‫المؤسسة(‪.)78‬‬

‫‪ - 77‬انظر الفصل ‪ 152‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬


‫‪ - 78‬الدكتور محمد أحداف‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.391‬‬

‫‪39‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وقد ألزم المشرع المغربي قاضي التحقيق في حالة إصدار األمر باإليداع في‬
‫السجن‪ ،‬أن يقوم باستنطاق المتهم ابتدائيا بعد التأكد من هويته الكاملة‪ ،‬تم إشعاره بحقه في‬
‫تنصيب محامي في الحال للدفاع عنه(‪ .)79‬ومع توضيح فصول المتابعة وأسباب اإليداع‬
‫وأن ذلك ضروري للتحقيق‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى الفصل ‪ 146‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬فإن إصدار األمر‬
‫باإليداع في السجن ال يكون إال في الجنح والجنايات المعاقب عليها بالحبس‪ ،‬وبعد استنطاق‬
‫المتهم فعليا وتسليمه نسخة من ذلك األمر باإليداع في السجن‪.‬‬

‫كما يجب بطبيعة الحال قبل األمر باإليداع في السجن أن يتم استحضار أن المتهم‬
‫بريء حتى تثبت إدانته‪ ،‬من أجل توفير األرضية القانونية والعملية بهذا اإليداع‪ ،‬وذلك‬
‫تفاديا إلى تحول األمر باإليداع إلى مجرد مسألة مراجعة تندرج بدون ضوابط في سلطة‬
‫قاصي التحقيق(‪.)80‬‬

‫وبالتالي ما يمكن االنتهاء إليه هو أن األمر باإليداع في السجن يشكل بداية‬


‫اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬إذ يعتبر سندا لإلعتقال في الحالة التي يكون فيها المتهم معتقال‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي والوضع تحت المراقبة القضائية‪:‬‬


‫المشرع المغربي شأنه شأن جل لتشريعات المقارنة لم يعرف تدبير الوضع تحت‬
‫المراقبة القضائية‪ ،‬وإنما تناول المراقبة القضائية فقط كأمر استثنائي(‪.)81‬‬

‫وأمام عدم تعريفه من قبل المشرع المغربي‪ ،‬فقد اختلفا الباحثون في تعريفه كل من‬
‫منظوره الخاص‪.‬‬

‫‪ - 79‬الفصل ‪ 146‬من قانون المسطرة الجنائية‬


‫‪ - 80‬الدكتور محمد أحداف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.393‬‬
‫‪ - 81‬المصطفى المهداوي‪ ،‬المراقبة القضائية كإجراء بديل لإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬عرض ألقي بمحكمة االستئناف بالحسيمة‬
‫بتاريخ ‪ 24‬نوفمبر ‪ ،2006‬مجلة الحقوق المغربية العدد الثامن‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ص ‪.113‬‬

‫‪40‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫فهناك من قال بأنه‪" :‬إجراء قهري يتخذه قاضي التحقيق في حق الشخص المتابع‪،‬‬
‫وذلك بإخضاعه لواحد أو أكثر من التدابير أو االلتزامات المنصوص عليها كلما تعلق‬
‫األمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية"(‪.)82‬‬

‫في حين عرفه آخر بأنه‪" :‬إجراء يخضع من خالله المتهم لبعض االلتزامات التي‬
‫يفرضها عليه قاضي التحقيق"(‪.)83‬‬

‫كما نجد رأيا آخر عرفه بأنه "أمر صادر عن قاضي التحقيق يقتضي تقييد حرية‬
‫المتهم في الذهاب واإلياب بإخضاعه لبعض التدابير‪ ،‬كل ذلك بهدف ضمان حضوره كافة‬
‫أطوار التحقيق‪ ،‬وكذا مساعدته على االندماج ثانية في وسطه االجتماعي(‪.)84‬‬

‫ويمكننا تعريف أمر الوضع تحت المراقبة القضائية أنه أمر بديل لإلعتقال‬
‫اإلحتياطي‪ ،‬ذي بعد إنساني لم يكن من قبل في قانون المسطرة الجنائية لسنة ‪ 1959‬بل تم‬
‫استحداثه بمقتضى قانون ‪ 22.01‬المتعلق بالمسطرة الجنائية لسنة ‪.2002‬‬

‫بحيث لم يكن ذلك القانون يوفر للقاضي إمكانيات بديلة مهمة وفعالة من شأنها‬
‫ضمان حضور المتهم إلجراءات التحقيق الجنائي في إطار المحاكمة العادلة وضمان‬
‫حقوق الدفاع‪ ،‬ولذلك تم إحداث نظام لوضع تحت المراقبة القضائية " ‪contrôle‬‬
‫‪ "judiciaire‬ويتوخى القانون الجديد من إقرار هذه التدابير إليجاد آليات تكفل سير تطبيق‬
‫اإلجراءات القضائية دون اللجوء إلى تدبير اإلعتقال اإلحتياطي ( ‪détention‬‬
‫‪ )préventive‬الذي أصبح منتقدا لعدة اعتبارات إنسانية واجتماعية(‪.)85‬‬

‫ونجد المشرع المغربي قد خصص لتنظيم المراقبة القضائية مقتضيات مواد الفرع‬
‫األول من الباب التاسع من القسم الثالث من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وذلك من المادة ‪160‬‬

‫‪ - 82‬سفيان أدريوش‪ ،‬الطابع االستثنائي لإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬مجلة محاكمة العدد ‪ 5‬نونبر‪-‬يناير ‪ ،2009-2008‬ص‬
‫‪.146‬‬
‫‪ - 83‬البشير بوحبة‪ ،‬الوضع تحت ا لمراقبة القضائية كآلية جديدة في ميدان التحقيق‪ ،‬المجلة المغربية للمنازعات القانونية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،2004 ،2‬ص ‪.31‬‬
‫‪ - 84‬أنظر بهذا الخصوص‪:‬‬
‫‪Jean Pradel : « procédure pénale », Paris, Cujas, 12ème édition, coll. Manuel, 2004, p 85.‬‬
‫‪ - 85‬سلسلة النصوص التشريعية والتنظيمية العدد ‪ ،20036‬ص ‪.25‬‬

‫‪41‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫إلى ‪ 174‬منه‪ ،‬والمشرع المغربي شأنه شأن جل التشريعات المقارنة لم يعرف ما المقصود‬
‫بالمراقبة القضائية‪ ،‬وإنما تناول المراقبة القضائية كأحد مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬
‫المغربي الجديد‪ ،‬بحيث لم يكن معروفا من قبل‪ ،‬وال على مستوى الممارسة القضائية(‪.)86‬‬

‫ويعتبر إجراء اإلعتقال اإلحتياطي والوضع تحت المراقبة القضائية‪ ،‬بالنظر‬


‫لطبيعتها وآليات اشتغالهما تدبيران استثنائيان حسب تعبير المادة ‪ 159‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية والتي تنص على أن‪" :‬الوضع تحت المراقبة القضائية واإلعتقال اإلحتياطي‬
‫تدبيران استثنائيان‪ ،‬يعمل بهما في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة‬
‫للحرية"‪.‬‬

‫وانطالقا من هذه المادة نالحظ أن أول شرط من شروط المراقبة القضائية‪ ،‬هو‬
‫أنها تفرض على المشتبه فيه(‪ )87‬الذي تنسب إليه جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة‬
‫سالبة للحرية(‪.)88‬‬

‫وهذا يعني أن هذا األمر يعمل به في الجنايات بدون شروط بينما يعمل به في‬
‫الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية‪ ،‬وقاضي التحقيق حينما يقرر ترك المشتبه فيه‬
‫في ح الة سراح وعدم إيداعه في السجن احتياطيا طبعا بعد استنطاقه والتأكد من هويته‬
‫وإشعاره بالتهمة المنسوبة إليه‪.‬‬

‫يمكن له أن يخضعه لواحد أو أكثر من التدابير الخاصة بالوضع تحت المراقبة‬


‫القضائية في أية مرحلة من مراحل التحقيق‪ ،‬وذلك لمدة شهرين قابلة للتجديد خمس‬
‫مرات(‪ . )89‬وهذا األمر يجب تبليغه حاال وشفهيا للمشتبه فيه‪ ،‬ويضمن هذا اإلجراء في‬
‫محضر‪ ،‬ويبلغ أيضا إلى النيابة العامة داخل أجل ‪ 24‬ساعة‪.‬‬

‫‪ - 86‬نجيب البيهي‪ ،‬المراقبة القضائية وفق قانون المسطرة الجنائية المغربي الجديد‪ ،‬منشور بمجلة محكمة‪ ،‬عدد ‪،1‬‬
‫‪ ،2003‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 87‬هناك من يحبذ تسميته بالمشتبه فيه بدل المتهم‪ ،‬ألنه أكثر داللة‪ ،‬ويتوافق مع احترام كرامة الشخص الذي يظل بريئا‬
‫حتى تثبت إدانته بمقرر مكتسب بقوة األمر المقضي به‪.‬‬
‫‪ - 88‬وبمفهوم المخالفة فإن الجنح المعاقب عليها بالغرامة لوحدها ال بشأنها هذا التدبير‪.‬‬
‫‪ - 89‬المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية لم يفرق بين أجل الوضع تحت المراقبة القضائية في الجنايات والجنح‬
‫كما فعل بالنسبة لإلعتقال اإلحتياطي المواد (‪.)177-176-160‬‬

‫‪42‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫إن اعتبار إجراء اإلعتقال اإلحتياطي والوضع تحت المراقبة القضائية‪ ،‬تدبيران‬
‫استثنائيان (المادة ‪ 159‬ق‪.‬م‪.‬ج) يمكن قاضي التحقيق في الحالة أو الحالتين المشار إليها‬
‫آنفا أن يأمر بإجراء المراقبة القضائية فيما لو استحال عليه الوصول إلى الحقيقة خالل‬
‫المدة المحددة؟‬

‫إن القانون الجديد أوجد هذا التدبير من جهة كحل وسط لتدبيري اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي أو إبقاء المحقق معه حرا طليقا‪ ،‬رغم ما قد تتضمنه كل طريق‪ ،‬حيث في الحالة‬
‫األول قد يؤول األمر إلى المساس بحرية الفرد‪ ،‬والحالة الثانية قد تفسح الطريق بين المتهم‬
‫وجملة من الوسائل التي قد تعرقل بدون شك سبل تحقيق العدالة(‪.)90‬‬

‫على أنه في مثل هذه األحوال يستحسن أن يلجأ قاضي التحقيق إلى وضع المتهم‬
‫تحت المراقبة القضائية‪ ،‬أفضل من اللجوء إلى اتخاذ إجراء اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬وأنه ليس‬
‫ما يمنع أن يأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية‪ ،‬بعد فوات المدة ضمانا لسير التحقيق‬
‫ومنحه مدة أطول إن أمكن قياسا على أنه يمكن له أن يغير التدبير المتخذ في حق المتهم‬
‫بتدبير آخر كوضعه تحت المراقبة القضائية بشروط‪ ،‬بدال من اإلعتقال اإلحتياطي وأيضا‬
‫العكس يحصل بحيث يمكن إصدار األمر باإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد فإن المشرع المغربي سلك نهج نظيره الفرنسي الذي كان سباقا‬
‫في اعتماد هذا التدبير بمقتضى القانون رقم ‪ 87-576‬الصادر في ‪ 09‬يوليوز ‪1984‬‬
‫والمعدل بمقتضى القانون رقم ‪ 93-1013‬الصادر في ‪ 24‬غشت ‪ )91(1993‬حيث جاء في‬
‫المادة ‪ 137‬من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي "الشخص الخاضع للبحث (التحقيق) يظل‬
‫حرا ماعدا بسبب ضرورة التحقيق أو بسبب األمن يتعين إخضاعه للمراقبة القضائية‪.‬‬

‫‪ - 90‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬


‫‪ - 91‬إذ جاء في المادة ‪ 1378‬من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي‪:‬‬
‫‪« La personne mise en examen reste libre sauf a raison des nécessités de l’instruction ou à‬‬
‫‪titre de mesureté, à être soumise au contrôle judiciaire ».‬‬

‫‪43‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫إذن فالمادة ‪ 137‬من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي تقابله المادة ‪ 160‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية المغربي تؤكد أن على الطابع المؤقت واالستثنائي للمراقبة القضائية‪.‬‬

‫وهكذا اعتبر المشرع المغربي تدبير الوضع تحت المراقبة القضائية واإلعتقال‬
‫اإلحتياطي تدبيران استثنائيان يعمل بهما في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة‬
‫سالبة للحرية‪ ،‬وهو نفس االتجاه الذي سار فيه المشرع الفرنسي(‪.)92‬‬

‫وبإحداث المشرع المغربي لنظام الوضع تحت المراقبة القضائية‪( ،‬تناولته المواد‬
‫من ‪ 160‬إلى ‪ 174‬من قانون المسطرة الجنائية) يكون قد خول للنيابة العامة ولقاضي‬
‫التحقيق إمكانيات بديلة وفعالة تكفل من جهة حرية المتهم ومن جهة أخرى حضوره‬
‫إجراءات البحث التمهيدي‪ ،‬أو إجراءات التحقيق في إطار المحاكمة العادلة وصيانة حقوق‬
‫الدفاع‪.‬‬

‫ولقد أوكل المشرع سنها بصفة أصلية لقاضي التحقيق‪ ،‬كما أسند سنها أحيانا‬
‫لمحاكم الموضوع لما تقضي بمنح المتهم السراح المؤقت‪ ،‬وهي أخذ أبرز االختصاصات‬
‫الجديدة التي خولها المشرع لقاضي التحقيق من أجل الحد من ظاهرة اكتظاظ السجون‬
‫بالمعتقلين االحتياطيين‪ ،‬وما يفرضه ذلك من جهود بشرية وأعباء مادية‪ ،‬ولذلك فإنها تعتبر‬
‫من أهم إجراءات التحقيق المتعلقة بشخص المتهم والتي استحدثت بالقانون المغربي ألول‬
‫مرة كبديل لإلعتقال اإلحتياطي(‪.)93‬‬

‫ولقد خول المشرع المغربي لقاضي التحقيق وعندما يمثل المتهم أمامه ألول مرة‬
‫أثناء اإلستنطاق األولي أن يضعه تحت المراقبة القضائية‪ ،‬بإخضاعه لواحد أو أكثر من‬
‫التدابير المنصوص عليها في المادة ‪ 161‬من قانون المسطرة الجنائية والتدابير المتخذة في‬
‫هذا الشأن تهدف إلى ضمان حضور المتهم إلجراءات التحقيق الالحقة‪.‬‬

‫‪ - 92‬المادة ‪ 159‬من قانون المسطرة الجنائية المغربية تنص على أن‪" :‬الوضع تحت المراقبة القضائية أو االعتقال‬
‫االحتياطي تدبيران استثنائيان‪ ،‬يعمل بهما في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية" وهو ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 1378‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ - 93‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬طبعة ‪ ،2014‬ص‬
‫‪.85‬‬

‫‪44‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وانطالقا مما سبق يمكن استنتاج أن المراقبة القضائية تختلف عن اإلعتقال‬


‫اإلحتياطي‪ ،‬في كونها تبقى مجرد تدبير وإن كان من شأنه الحد من حرية المتهم أو من‬
‫بعض حقوقه‪ ،‬فإنه يتيح له أن يبقى جزافي حين يؤدي اإلعتقال اإلحتياطي إلى حرمان‬
‫المتهم من حريته والزج به في السجن(‪.)94‬‬

‫كما أن المراقبة القضائية ال يمكن أن تمس بحرية الرأي‪ ،‬بالنسبة لألشخاص‬


‫الخاضعين لها‪ ،‬وال بمعتقداتهم الدينية أو السياسية وال بحقهم في الدفاع(‪.)95‬‬

‫وتتجلى إيجابيات هذا النظام في النقط التالية(‪:)96‬‬

‫‪ -1‬أن تطبيق هذا النظام الشك أنه سيحد من معضلة اكتظاظ السجون وسيساهم في‬
‫تأهيل المؤسسات السجنية ببالدنا‪.‬‬

‫‪ -2‬هذا النظام يحافظ على الروابط األسرية والتنمية االجتماعية للشخص‬


‫الموضوع رهن المراقبة القضائية‪ ،‬كما يسمح له بتدارك أخطائه ويمنحه فرصة مراجعة‬
‫الذات دون حاجة للزج به في السجن‪.‬‬

‫‪ -3‬سمح هذا النظام بمشاركة مصالح المجتمع وأفراده في تدبير شؤون العدالة‬
‫الجنائية‪ ،‬ويشعرهم بالمسؤولية إزاء تحقيق األمن االجتماعي‪ ،‬كما يساهم في إضفاء البعد‬
‫اإلنساني والمرونة في السياسة الجنائية المتبعة‪ ،‬كما يساهم في معالجة الظاهرة اإلجرامية‬
‫بطرق احتوائية مهذبة‪.‬‬

‫‪ - 94‬أحمد الخمليشي‪ ،‬شروح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة السادسة‪،‬‬
‫سنة ‪ ،1999‬ص ‪ 285‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 95‬أنظر نص المادة ‪ 165‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ - 96‬نور الدين العمراني‪ ،‬بدائل اإلعتقال اإلحتياطي في إطار ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬مجلة المحامي‪ ،‬عدد ‪ ،48‬ص ‪.228‬‬

‫‪45‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األجهزة المتدخلة في اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬مدته‬


‫وضماناته‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أجهزة اإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬
‫من المعلوم أن اإلعتقال اإلحتياطي يعتبر في التشريع الجنائي المغربي الوسيلة‬
‫الفعالة لمنع المجرمين الذين يمثلون خطرا كبيرا على المجتمع من الفرار من العدالة بعد‬
‫ارتكابهم األفعال المنسوبة إليهم‪.‬‬

‫كما أنه يعمل على الحماية من اإلتالف وسائل اإلثبات التي قد تكون ضرورية‬
‫لتحديد المسؤولية الفاعل أو الفاعلين فضال عن تفعيل األمر باإلعتقال اإلحتياطي يعمل‬
‫على الحد من استمرارهم في تكرار أفعالهم وتعددها‪ ،‬الشيء الذي قد يخلق تدمر أو استياء‬
‫عاما بين أفراد المجتمع لها تأثير الفاعلي على شهادة الشهود في بعض الحاالت(‪.)97‬‬

‫ويشكل األمر باإلعتقال اإلحتياطي عامال ومؤشرا في التحقيق بارتكاب نوع معين‬
‫من الجرائم الذي يهز مشاعرهم ويحفزهم على االنتقام منه‪ ،‬باإلضافة أن اإلعتقال حماية‬
‫المتهم لحياته‪ ،‬والذي قد يكون مهددا باالنتقام أهل الضحية هذا فضال على أنه يجعل المتهم‬
‫دائما في متناول سلطات التحقيق ليتمكن من استجوابه ومواجهته والوصول إلى الحقيقة‪،‬‬
‫وهو بذلك ضمان لتنفيذ العقوبة التي ستوقع على المتهم‪.‬‬

‫وعليه فإن األمر باإلعتقال اإلحتياطي يختلف باختالف الجهة التي مارسته‪ ،‬إذ أن‬
‫النيابة العامة وحسب المواد ‪ 74-73‬من قانون المسطرة الجنائية يحق لها أن تصدر أمر‬
‫بإيداع المتهم في السجن وفق شروط قانونية إذا اقتنعت بعدم توفر المتهم على ضمانات‬
‫كافية للحضور وتحيله على المحكمة في حالة اعتقال‪ ،‬في حين أن األمر بإيداعه في‬
‫السجن صادر على قاضي التحقيق جاء مثقل بالشكليات وشروط كضمانات للمتهم‪.‬‬

‫أما المعتقل اإلحتياطي على ذمة المحاكمة فإن األمر مختلف تماما عن سابقة لذلك‬
‫يجب تحديد الهيئات المتدخلة في ممارسته وطرق المراقبة وقبل هذا وذاك تحديد مفهوم‬

‫‪ - 97‬عبد العزيز بنزاكور‪ ،‬مجلة الملحق القضائي العدد ‪ 19-18‬سنة ‪.1988-1987‬‬

‫‪46‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫المعتقل اإلحتياطي ويعتبر المعتقل اإلحتياطي المادة ‪ 618‬ق‪.‬م‪.‬ج " كل شخص تمت‬
‫متابعته جنائيا ولم يصدر بعد في حقه حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به‪ ،‬ويصدر األمر‬
‫باإلعتقال اإلحتياطي إما من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو هيئة الحكم ثم‬
‫الغرفة الجنحية بم حكمة االستئناف عند إلغائها قرار قاضي التحقيق بعدم اإليداع أو بعدم‬
‫المتابعة(‪.)98‬‬

‫فبمقتضى المادة ‪ 73‬من ق‪.‬م‪.‬ج فإذا تعلق األمر بالتلبس بجناية طبقا للمقتضيات‬
‫المادة ‪ 56‬من ق‪.‬م‪.‬ج ولم تكون الجريمة من الجرائم التي يكون التحقيق فيها إلزاميا المادة‬
‫‪ 83‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬فإن الوكيل العام للملك إذا تبين له أن القضية جاهزة للحكم أصدر أمر‬
‫بوضع المتهم رهن اإلعتقال اإلحتياطي وإحالته على غرفة الجنايات‪.‬‬

‫ويبدو من المادة ‪ 73‬ق‪.‬م‪.‬ج أن الوكيل العام للملك ملزم بإصدار أمر بإيداع المتهم‬
‫رهن اإلعتقال إذا قرر إحالته على غرفة الجنايات متى تعلق األمر بالتلبس بجناية ال يعتبر‬
‫التحقيق فيها إجباريا‪.‬‬

‫وتبين له أن القضية جاهزة للحكم إذا ظهر أن القضية غير جاهزة التمس إجراء‬
‫التحقيق فيه(‪ ،)99‬وأحالها على قاضي التحقيق الذي قد يصدر هو اآلخر األمر باإليداع في‬
‫السجن كسند لإلعتقال بعد إجراء اإلستنطاق االبتدائي مع المتهم إذا كان حاضرا أو أمر‬
‫بإلقاء القبض‪.‬‬

‫وإذا انتهى قاضي التحقيق من إجراءات التحقيق أحال القضية على المحاكمة‬
‫والمتهم في حالة اعتقال ويبقى المتهم يحمل صفة معتقل احتياطي إلى حين صدور الحكم‬
‫مكتسب لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬القانون الحالي للمسطرة الجنائية الذي جعل عمليا من‬
‫قاضي التحقيق المؤهل الوحيد إلنجاز عمليات التحقيق اإلعدادي تحت مراقبة الغرفة‬
‫الجنحية بمحكمة االستئناف‪.‬‬

‫‪ - 98‬شرح قانون المسطرة الجنائية المادة ‪ 618‬ق‪.‬م‪.‬ج ص ‪( 12‬الجزء الثالث)‪.‬‬


‫‪ - 99‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى العدد ‪ 2‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.206-205‬‬

‫‪47‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وإن مكنه من االستعانة إن اقتضى الحال مديد العون له بمقتضات الغير أو ضباط‬
‫الشرطة القضائية يكلفهم بإجراءات المتعلق بالتحقيق وليس كلها عن طريق اإلنابة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫كما تمارس النيابة العامة إجراءا شبيها باإلعتقال اإلحتياطي وذلك بإيداع المتهم‬
‫في السجن وإحالته في حالة اعتقال بالمحكمة(‪ ،)100‬إذ فإن الجهات المتدخلة في اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي تكمن في النيابة العامة وقاضي التحقيق (الفقرة األولى) اإلعتقال اإلحتياطي من‬
‫قبل المحكمة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي أمام النيابة العامة وقاضي‬


‫التحقيق‪:‬‬
‫أوال‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي أمام النيابة العامة ‪:‬‬
‫تمارس النيابة العامة إجراءا شبيها باإلعتقال اإلحتياطي وذلك بإيداع المتهم في‬
‫السجن وإحالته في حالة اعتقال على الم حكمة‪ ،‬وحاالت اإليداع في السجن محددا قانونا‬
‫وهي بالنسبة للجنح في حالة التلبس وأن تكون الجنحة معاقب عليها بالحبس وهو أمر‬
‫منطقي مادام ال يمكن اعتقال شخص ارتكاب جريمة ال يعاقب عليها المشرع بحقوقه‬
‫السالبة للحرية‪ ،‬وأن تتوفر الشروط القانونية لتحريك الدعوى العمومية(‪.)101‬‬

‫وقد يتغاضى عن حالة التلبس بحجة عدم توفر ضمانات الحضور والذي اختلط‬
‫مفهومها من الناحية العلمية بخطورة األفعال‪ ،‬إضافة إلى كون مصطلح الضمانات الكافية‬
‫التي وردت بالصياغة العامة في المادة ‪ 74‬ق‪.‬م‪.‬ج وهو مصطلح فضفاض يكتنفه اللبس‬
‫والغموض متجردا من تحديد وتخصيص‪.‬‬

‫ولذا يمكن لوكيل الملك أن يمنحها مفهوما واسعا لكل مجرم على حدة حسب قناعته‬
‫الذاتية مما يخلق تباينا بين النيابات في تقدير ضمانات الحضور مما قد يؤثر سلبا على‬

‫‪ - 100‬ذ‪ .‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية (الجزء الثاني)‪.‬‬
‫‪ - 101‬ملحق قضائي (عادل المطمري)‪ ،‬بحث نهاية التدريب بعنوان االعتقال االحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬ص ‪.30-29‬‬

‫‪48‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫تحقيق المساواة بين المتابعين(‪ ،)102‬كما تضعنا هذه المقتضيات أمام حالة أقصى من‬
‫التلبس حيث تملك النيابة العامة سلطة اإليداع في السجن والعمل باإلعتقال اإلحتياطي‬
‫وإغفال إجراءات كثيرة من المسطرة البحث التلبس لذاته‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 74‬من ق‪.‬م‪.‬ج أنه إذا تعلق األمر بالجنحة‬
‫معاقب عليها بالحبس‪ ،‬أو لم تتوفر في مرتكبها ضمانات كافية للحضور‪ ،‬فإنه يمكن لوكيل‬
‫الملك أو نائبه أن يصدر أمرا ً بإيداع المتهم في السجن بعد إشعاره بأن من حقه تنصيب‬
‫محام عنه حاال واستنطاقه عن هويته واألفعال المنسوبة إليه‪ ،‬كما يمكن أن يقدمه للمحكمة‬
‫حرا بعد تقديم كفالة مالية أو كفالة شخصية‪.‬‬

‫في الواقع العملي فإن السلطة التقديرية التي يتمتع بها وكيل الملك من خالل‬
‫السلطة المالئمة تجعله يقدر مفهوم الضمانات طبقا لقناعات ذاتية وتجدر اإلشارة أن‬
‫المشرع خول للنيابة العامة صالحيات أخرى تهم اإلعتقال اإلحتياطي حيث ال يعني إطالق‬
‫سراح الشخص بأمر قاضي التحقيق إذا استأنفت النيابة العامة األمر إال إذا قبلت‬
‫سراحه(‪.)103‬‬

‫وذلك بطلب من هذه األخيرة يمكن للمحكمة بحكم خاص معلل أن تأمر باعتقال كل‬
‫شخص يحكم عليه بالحبس تساوي مدته أو تفوق سنة واحدة وهذا يمكن للمحكمة من تنفيذ‬
‫عقوبة حبسية قبل أن يصدر الحكم نهائيا(‪ )104‬وهذا واستنادا إلى المعطيات نرى أن‬
‫الضرورة أصبحت تستدعي تدخل المشرع أو لتحديد مفهوم الضمانات‪.‬‬

‫بكل موضوعية يجعلها في منأى عن االختالف في التطبيق وترشيد اإلعتقال‬


‫اإلحتياطي الذي تلعب فيه النيابة العامة دورا مهما رغم متطلبات الفاعلية التهدئة اآلتية‬
‫الشعور العلم والخاص المتأثر من آثار الجريمة ورغم قلة خياراتها وبدائل إجراء اإليداع‬

‫‪ - 102‬السياسة الجنائية بالمغرب بين الواقع واآلفاق‪ ،‬أشغال المناظرة الوطنية‪ ،‬طبعة أولى‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫‪ - 103‬شرح المادة ‪ 74‬ق‪.‬م‪.‬ج ملحق قضائي (عادل المطمري)‪ ،‬بحث نهاية التدريب بعنوان االعتقال االحتياطي بين‬
‫النص والواقع‪ ،‬ص ‪.30-29‬‬
‫‪ - 104‬شرح المادة ‪ 392‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫في السجن‪ ،‬حتى ال يقع تباين بين النص التشريعي وبين الواقع العملي ومتطلباته السياسية‬
‫الجنائية(‪.)105‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي أمام قاضي التحقيق‪:‬‬


‫قاضي التحقيق هو المؤهل الوحيد إلنجاز التحقيق اإلعدادي داخل اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي تحت مراقبة الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف وإن منحه باالستعانة إن اقتضى‬
‫الحال المديد للعون له بقضاة غيره أو ضباط الشرطة القضائية ويكلفهم بإنجاز بعض‬
‫اإلجراءات المتعلق بالتحقيق‪.‬‬

‫إذ تنص المادة ‪ 53‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه " يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في‬
‫المحاكم االبتدائية من بين قضاة الحكم فيه المدة ثالث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير‬
‫العدل‪ ،‬بناء باقتراح من رئيس األول لمحكمة االستئناف ويمكن خالل هذه المدة إعفائهم من‬
‫مهامهم وفق ما هو منصوص عليه في القسم الثالث بعده‪.‬‬

‫وال يمكن لقضاة التحقيق تحت طائلة البطالن أن يشاركوا في إصدار حكم في‬
‫القضايا الزجرية التي سبق أن أحيلت إليهم بصفتهم قضاة مكلفين بالتحقيق(‪.)106‬‬

‫بمجرد مثول المتهم وتقديمه أمام النيابة العامة فإن هذه األخيرة تدرس المسطرة‬
‫ووثائقها وتقدر وسائل اإلثبات المتوفر في القضية‪ ،‬فإذا كانت التهمة ثابتة والبحث استنفذ‬
‫أطواره‪ ،‬بمعنى أن القضية جاهزة للحكم فإن ممثل النيابة العامة يحيلها مباشرة على‬
‫المحكمة وإال أنه في حالة ما كانت مسؤولية المتهم غير ثابتة أو أن هناك نقاط أخرى‬
‫يتعين التحقيق فيها ألهميتها فإن المتهم وملف قضيته يحاالن على قاضي التحقيق بناءا‬
‫على ملتمس من النيابة العامة طبقا لمقتضيات المادة ‪ 84‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫والتحقيق مرحلة قضائية مهمة وسطى تلي البحث التمهيدي‪ ،‬وتسبق مرحلة‬
‫المحاكمة‪ ،‬حيث تقوم النيابة العامة بجمع األدلة وتوجيه التهمة للمتهم في حين أن قاضي‬

‫‪ - 105‬ملحق قضائي (عادل المطمري)‪ ،‬بحث نهاية التدريب بعنوان االعتقال االحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ - 106‬الدكتور عبد الواحد العلمي "شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية" الجزء الثالث"‬

‫‪50‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫تحقيق يتابع جمع األدلة والسير في إجراءات التحقيق من خالل المقارنة بين األدلة التي‬
‫قدمت من جهة سلطة االتهام وبين الدفاع الذي يستند إليه المتهم(‪.)107‬‬

‫وبالتالي يقوم بالتحقيق اإلعدادي قضاة التحقيق المعينين بكل محكمة من المحاكم‬
‫االبتدائية أو محاكم االستئناف‪ ،‬وفقا إلجراءات معينة بدقة في ظل مسطرة قضائية تمتاز‬
‫بوفرة ضمانات حقوق الدفاع‪.‬‬

‫وبا لتالي يكون قضاة التحقيق هم السلطة الثالثة المكلفة بالتحري عن الجرائم‪ ،‬ولقد‬
‫خول المشرع لقاضي التحقيق صالحيات واسعة ليتأكد من االتهام واألدلة المقدمة إليه‬
‫وبالتالي الكشف عن الحقيقة من خالل اإلجراءات المتعلقة بجمع األدلة وإصدار األوامر‪.‬‬

‫ومن أهم هذه األوامر األمر باإلعتقال اإلحتياطي أمام قاضي التحقيق هو تدبير‬
‫سالب للحرية بموجبه يودع المتهم بالسجن متى كانت الضرورة تقتضي ذلك بمبرر جعل‬
‫المتهم رهن إشارة القاضي إلجراء اإلستنطاقات والمواجهات الالزمة إذا خيف من أنه لن‬
‫يحضر مستقبال لجلسات التحقيق أو أن يكون اإلعتقال اإلحتياطي فيه حفاظ على أمن‬
‫المتهم نفسه من تأثر أهل المجني عليه أن يكون هذا اإلعتقال منه حفاظا على النظام العام‬
‫إذا كان المتهم يشكل خطرا على المجتمع(‪.)108‬‬

‫بيد أن القواعد المتعلقة باألوامر التي يصدرها قاضي التحقيق تحتم بعض‬
‫الواجبات التي يتعين عليه التقييد بها فاألمر بإيداع في السجن باعتباره سندا لإلعتقال‬
‫اإلحتياطي ال يمكن إصداره إال بعد استنطاق المتهم(‪.)109‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي أمام المحكمة‪:‬‬

‫‪ - 107‬الدكتور سعيد بوطويل "االعتقال االحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي ص ‪.253-252‬‬
‫‪ - 108‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.226‬‬
‫‪ - 109‬الملحق القضائي (عادل المطمري)‪ ،‬بحث نهاية التدريب‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين النص والواقع‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫نود اإلشارة إلى أن هناك حالتين بمقتضى القانون تكون للمحكمة سلطة اتخاذ قرار‬
‫باعتقال المتهم الحاضر أمامها حرا طل يقا‪ ،‬وهي تلك المنصوص عليها في م ‪ 390‬ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫والتي نصت على أنه " إذا لم يكن للفعل وصف جنحة أو مخالفة تدخل ضمن اختصاص‬
‫المحكمة‪ ،‬فإنها تصرح بعدم اختصاصها وتحيل الطرف الذي أقام الدعوى العمومية على‬
‫من له حق النظر‪.‬‬

‫يسري نفس الحكم إذا تعلق األمر بجناية‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬تصدر المحكمة إن‬
‫اقتضى الحال أمرا باإليداع في السجن أو بإلقاء القبض إذا كان المتهم غير معتقل‪ ،‬ويستمر‬
‫اعتقال المتهم الموجود في حالة اعتقال"‪.‬‬

‫هذا هو الجديد في مشروع قانون المسطرة الجنائية هو أنه خول للمحكمة بناء على‬
‫ملتمس من النيابة العامة إمكانية اعتقال المتهم من الذي أخل بااللتزامات المفروضة عليه‬
‫تنفيذا للمراقبة القضائية بمقتضى األمر الصادر في م ‪ 74-73‬وبالتالي أصبح من حق‬
‫المحكمة وهو لم يكن ممكنا لها أن تعتقل المتهم في حالة سراح ما لم ينفذ ما التزم به من‬
‫تدبير المراقبة القضائية‪.‬‬

‫وهي مسألة جد مهمة‪ ،‬بحيث أن يطبق مبدأ المهمل أولى بالخسارة‪ ،‬فالمتهم الذي‬
‫لم يحترم شروط تركه في حالة سراح ينبغي معاقبته على عدم جديته في إصالح سلوكه‬
‫وبالتالي األمر باعتقاله تحقيقا(‪ )110‬للردع‪.‬‬

‫‪ 392‬من ق‪.‬م‪.‬ج فقد مكنت القاضي الجنائي لدى المحكمة‬ ‫تم بخصوص م‬
‫االبتدائية عند نظره في القضية المعروضة عليه والتي طبعا يكون المتهم متابعا من قبل‬
‫النيابة العامة في حالة سراح‪.‬‬

‫‪ - 110‬سعيد بوطويل "االعتقال االحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" ص ‪-294‬‬
‫‪.295‬‬

‫‪52‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وبعد دراسته للقضية وإدراجها بالتأمل والنطق بالحكم‪ ،‬وفي حالة كان الحكم قد‬
‫قضى بعقوبة حبسية تعادل سنة أو أكثر أن يصدر مقررا معلال نافذ المفعول رغم كل طعن‬
‫بإيداع المتهم الحاضر بالسجن أو بإلقاء القبض عليه في حالة لم يكن حاضرا أمامها‪.‬‬

‫غير أن ذلك مشروط بملتمس من النيابة العامة بخالف الحالة األولى التي يمكن‬
‫للمحكمة أن تتخذ اإلجراء المنصوص عليه بدون ملتمس من النيابة العامة(‪ ،)111‬وبالتالي‬
‫فإصدار القاضي الجنائي لعقوبة حبسية تفوق السنة أو تعادها‪ ،‬وبناء على ملتمس من النيابة‬
‫العامة قد يصدر أمر بإيداع المتهم في السجن أو بإلقاء القبض عليه وإيداعه‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة يعتقل المتهم وتتم مباشرة إجراءات الدعوى العمومية في حالة‬
‫اعتقال على مستوى غرفة الجنح اإلستئنافية بمحكمة االستئناف إذا ما تم استئناف قضيته‬
‫سواء من قبله أو من قبل النيابة العامة مما يجعل اإلعتقال ممتدا على مستوى هذه الهيئة‬
‫لتي تبقى لها صالحية البث في وضعيته‪.‬‬

‫وغير أننا نرى أن محكمة االستئناف ال يمكن لها بتاتا أن تبت في أوامر اإلفراج‬
‫المؤقت ألن المتهم أصبح مدانا بحكم بعقوبة حبسية‪ ،‬وما لها سوى تأييد العقوبة الحبسية أو‬
‫تعديلها بالرفع منها أو الخفض منها أو بإلغاء الحكم بالتصريح ببراءة المتهم‪ ،‬وهي ملزمة‬
‫كغيرها باستحضار كافة الضمانات القانونية والواقعية التي أمنها المشرع للمعتقل(‪.)112‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مدة اإلعتقال اإلحتياطي وضماناته‪:‬‬


‫نظرا لخطورة اإلعتقال اإلحتياطي كإجراء ماس بحرية الشخص‪ ،‬وأيضا كونه من‬
‫اإلجراءات اإلستئنافية وذلك طبقا للمادة ‪ 159‬من ق‪.‬م‪.‬ج(‪ ،)113‬فقد قام المشرع المغربي‬
‫بتحديد مدة له ال ينبغي تجاوزها‪ ،‬وإال اعتبر كل تجاوز اعتقاال تعسفيا(‪.)114‬‬

‫‪ - 111‬شرح وتفسير م ‪ 392‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬


‫‪ - 112‬سعيد بوطويل "االعتقال االحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" ص ‪-296‬‬
‫‪.297‬‬
‫‪ - 113‬تنص المادة ‪ 179‬من قانون المسطرة الجنائية على‪" :‬الوضع تحت المراقبة القضائية واإلعتقال اإلحتياطي تدبيران‬
‫استثنائيان‪"...‬‬
‫‪ - 114‬عبد الرحيم فالح‪ ،‬قرينة البراءة وشرعية اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر شعبة المهن القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬سنة ‪ ،2017-2016‬ص ‪.157‬‬

‫‪53‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ومن جهة أخرى رغم أن اإلعتقال اإلحتياطي يمس بحرية لشخص‪ ،‬إال أن الفقيه‬
‫ريمو وهو قاضي فرنسي وصف اإلعتقال اإلحتياطي بشر البد منه‪ ،‬لكون اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي يعد متطلبا من متطلبات التحقيق والدفاع االجتماعي(‪ ،)115‬وهنا تبرز أهم‬
‫ضماناته‪.‬‬

‫إن المشرع المغربي تطرق لمدة اإلعتقال اإلحتياطي صراحة في المادتين ‪176‬‬
‫و‪ 177‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫تختلف مدة اإلعتقال اإلحتياطي في التشريع المغربي باختالف العقوبة المقررة‬


‫للجريمة المتابع بها(‪ ،)116‬في هذا المطلب سنعمد على اإلحاطة بالمدة القانونية لإلعتقال‬
‫اإلحتياطي (فقرة أولى)‪ ،‬ثم بعد ذلك اإللمام ومحاولة إبراز بعض محاسنه الدافعة للجوء‬
‫إليه أي بعض من ضماناته (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مدة اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫كما أسلفنا الذكر فإن المشرع المغربي تطرق إلى مدة اإلعتقال اإلحتياطي صراحة‬
‫في المادتين ‪ 176‬و‪ 177‬من ق‪.‬م‪.‬ج لكن هذه المدة ليست واحدة فهي تختلف باختالف نوع‬
‫الجريمة‪ ،‬فمدته في الجنح (أوال) ليست هي نفسها في الجنايات (ثانيا)‪.‬‬

‫الجنح‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬في‬


‫تنص المادة ‪ 176‬من ق‪.‬م‪.‬ج في فقرتها األولى على "ال يجوز في القضايا الجنحية‬
‫أن يتجاوز اإلعتقال اإلحتياطي شهرا واحدا‪ "...‬إذن المشرع المغربي في قانون المسطرة‬
‫الجنائية قام بحصر مدة اإلعتقال اإلحتياطي في الجنح في حدود شهر واحد دون تجاوزه‪،‬‬
‫وهذا نظرا الستثناء هذا التدبير وخطورته أيضا حيث يعتبر ماسا بالحرية الفردية‬
‫للشخص‪.‬‬

‫‪ - 115‬عرض حول اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ - 116‬الملحق القضائي عادل المطمري‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬دراسة ميدانية‪ ،‬بحث نهاية التدريب‪،‬‬
‫الفوج ‪ ،36‬المعهد العالي للقضاء‪ ،‬السنة ‪ ،2011-2009‬ص ‪.14‬‬

‫‪54‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫رغم تحديد مدة شهر واحد إال أنه يمكن تمديد هذه المدة‪ ،‬إذا ظهرت عند انصرام‬
‫هذا اآلجال ضرورة استمرار اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬حيث يجوز تمديد مدته مرتين ولنفس‬
‫المدة بمقتضى أمر قضائي يكون معلال تعليال خاصا(‪ ،)117‬يأمر به قاضي التحقيق‬
‫بالمحكمة االبتدائية بناءا على طلبات النيابة العامة التي ينبغي أن تكون بدورها مدعمة‬
‫بأسباب(‪.)118‬‬

‫وواضح أن المشرع المغربي يحرص على ضرورة التزام كل من النيابة العامة‬


‫وقاضي التحقيق بوجوب إبراز األسباب الداعية إلى تمديد مدة اإلعتقال اإلحتياطي بشكل‬
‫واضح على النحو الذي يعتبر معه المتهم إبقاءه فيه في المعتقل أمرا مبررا‪ ،‬لكن في كل‬
‫األحوال يجب أن ال تتجاوز مدة اإلعتقال اإلحتياطي في الجنح ‪ 3‬أشهر‪.‬‬

‫وتنص نفس المادة(‪ )119‬على أنه إذا لم يتخذ قاضي التحقيق أمرا باإلحالة أو بعدم‬
‫المتابعة بعد انصرام مدة ‪ 3‬أشهر فإنه يجب عليه أن يطلق سرح المتهم بقوة القانون‪،‬‬
‫ويواصل التحقيق معه في حالة سراح‪.‬‬

‫وعلى سبيل المقارنة فقد نصت المادة ‪ 147‬من قانون اإلجراءات الجنائية‬
‫البحريني بأنه "األمر بالحبس الصادر من النيابة العامة ال يكون نافذ المفعول إال لمدة‬
‫السبعة أيام التالية لتسليم المتهم لها‪ ،‬وإذا رأت النيابة العامة مد الحبس اإلحتياطي‪ .....‬بمد‬
‫الحبس لمدة أو لمدد متعاقبة ال يزيد مجموعها على ‪ 30‬يوما‪...‬الخ"(‪.)120‬‬

‫أما في فرنسا فالمالحظ فقهيا أن المشرع الفرنسي قد بذل مجهودات كبيرة‬


‫لتخفيض مدة الحبس اإلحتياطي‪ ،‬وتتلخص هذه المجهودات في أن المشرع قصر سلطة‬
‫قاضي التحقيق على حسب المتهم احتياطيا‪ ،‬لمدة أقصاها ‪ 4‬أشهر‪ ،‬فإذا رغب في تمديد‬
‫الحسب اإلحتياطي‪ ،‬فإنه يتعين عليه أن يصدر قرارا مسببا وفقا لظروف الواقعة وفي‬

‫‪ - 117‬عبد الرحيم فالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬


‫‪ - 118‬المادة ‪ 176‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ - 119‬الملحق القضائي عادل المطمري‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ - 120‬أحمد عبد الكريم عثمان‪ ،‬الحبس اإلحتياطي (التوفيق)‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،2008 ،‬ص ‪.97‬‬

‫‪55‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫الحاالت المقررة طبقا للمادة ‪ 144‬من قانون المسطرة الجنائية الفرنسية‪ ،‬وتختلف مدة هذا‬
‫التمديد بحسب سوابق المتهم وعقوبة الجريمة (م ‪ 1-145‬إجراءات)(‪.)121‬‬

‫أما فيما يتعلق بمدة اإلعتقال اإلحتياطي في قضايا األحداث فقد أغفل التشريع‬
‫المغربي تحديد مدة اإلعتقال‪ ،‬وهذا ما يجعلنا نرجع إلى القواعد العامة في المادة ‪ 176‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج(‪.)122‬‬

‫ثانيا‪ :‬في الجنايات‪:‬‬


‫المالحظ أن المشرع قصر مدة اإلعتقال اإلحتياطي في الجنح وأطالها في‬
‫الجنايات‪ ،‬ولعل العلة في ذلك هو أنه أخذ بخطورة الجنايات وأنها تستحق وقتا أطول حتى‬
‫يتمكن قاضي التحقيق من إنجاز تحقيقه في ظروف تتيح له الكشف عن الحقيقة‪ ،‬والمتهم‬
‫ماثل بين يديه في كل وقت وحين(‪.)123‬‬

‫مدة اإلعتقال اإلحتياطي في الجنايات هي شهران حسب الفقرة األولى من المادة‬


‫‪ 177‬من ق‪.‬م ‪.‬ج وجاء فيها‪" :‬ال يمكن أن يتعدى أمد اإلعتقال اإلحتياطي شهرين في‬
‫الجنايات"‪.‬‬

‫هذا وإذا ظهرت عند انصرام هذا اآلجال ضرورة استمرار اإلعتقال اإلحتياطي‬
‫وبناءا على م لتمسات النيابة العامة والتي يجب أن تكون مدعمة بأسباب‪ ،‬وبناءا على أمر‬
‫قضائي معلال خاصا‪ ،‬يمكن لقاضي التحقيق وطبقا لنفس المادة ‪ 177‬من ق‪.‬م‪.‬ج تمديد مدة‬
‫اإلعتقال اإلحتياطي لمدة شهرين وخمس مرات وهذا يعني أنه ال يمكن لقاضي التحقيق‬
‫وضع المتهم رهن اإلعتقال اإلحتياطي إال لمدة سنة كحد أقصى في الجنايات(‪.)124‬‬

‫‪ - 121‬فؤاد ب نيخلف‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬سنة ‪ ،2017/2016‬ص ‪.136‬‬
‫‪ - 122‬فؤاد بنيخلف‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫‪ - 123‬أحمد جوييد‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬فاس‪ ،‬طبعة ‪ 2004‬هامش رقم ‪ ،1‬ص ‪.60‬‬
‫‪ - 124‬محمد أحداف‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬مسطرة التحقيق اإلعدادي‪ ،‬ص ‪.427‬‬

‫‪56‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫هذا اإلعتقال اإلحتياطي في الجنايات يأمر به قاضي التحقيق بمحكمة‬


‫االستئناف(‪ ،)125‬وفي حالة انتهاء مدة اإلعتقال اإلحتياطي وعدم تجديدها أو بعد انتهاء‬
‫التحديدات يفرج تلقائيا على المعني باألمر ما لم تتم إحالته على المحكمة المختصة أو‬
‫يكون معتقال ألسباب أخرى(‪.)126‬‬

‫ويتعين على قاضي التحقيق إذا هو لم يتخذ خالل هذه المدة أمرا بانتهاء التحقيق‪،‬‬
‫أو اإلفراج على المعتقل احتياطيا وبقوة القانون‪ ،‬وال اعتبر مرتكبا لجريمة اإلعتقال‬
‫التحكمي ليستمر التحقيق معه وهو في حالة سراح(‪.)127‬‬

‫ويثور اإلشكال بالنسبة للحاالت التي يصدر فيها األمر بإلقاء القبض‪ ،‬واعتقال‬
‫الشخص الموجود بالخارج‪ ،‬استنادا إلى إجراءات تسليم المجرمين‪ ،‬حيث يطرح تساؤل‬
‫حول التاريخ الذي يبدأ فيه احتساب مدة اإلعتقال اإلحتياطي(‪ ،)128‬والواقع أن مبادئ‬
‫العدالة واإلنصاف تقتضي أن يبدأ احتساب أمد اإلعتقال من تاريخ إلقاء القبض على‬
‫المتهم‪ ،‬ال من يوم التسليم إلى السلطات القضائية المغربية(‪.)129‬‬

‫وبالرجوع إلى القانون المقارن‪( ،‬الفقرة األخيرة من المادة ‪ 148‬من قانون‬


‫اإلجراءات الجنائية البحريني) فالمستفاد من نص المادة آنفة الذكر أنه إذا كانت الواقعة‬
‫المنسوبة للمتهم جناية فإن مدة الحبس اإلحتياطي ال نهاية لها‪.‬‬

‫حيث أن المشرع البحريني جعل االختصاص بتمديد الحبس اإلحتياطي بعد مرور‬
‫‪ 6‬أشهر من حسب المتهم احتياطيا من سلطة المحكمة المختصة‪ ،‬أي المحكمة الكبرى‬
‫الجنائية التي تفصل في الوقائع التي تعد جنايات‪.‬‬

‫‪ - 125‬عبد الرحيم فالح‪ ،‬قرينة البراءة وشرعية اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬
‫‪ - 126‬محمد بوزبع‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫مطبعة فضال‪ ،‬السنة ‪ ،2005‬الكتاب األول‪ ،‬ص ‪.278‬‬
‫‪ - 127‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬
‫‪ - 128‬الحبيب بيهي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2004‬ص ‪.236‬‬
‫‪ - 129‬عالج المشرع أحكام تسليم المجرمين ضمن المواد ‪ 718‬إلى ‪ 745‬من ق‪.‬م‪.‬ج الجديد‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫كما نصت المادة ‪ 142‬من قانون اإلجراءات الجنائية المصري بأنه "ينتهي الحبس‬
‫اإلحتياطي بمضي خمسة عشر يوما على حسب المتهم‪ ،‬ومع ذلك يجوز لقاضي التحقيق‪،‬‬
‫قبل انقضاء تلك المدة‪ ،‬وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم أمن يصدر أمرا بمد الحبس‬
‫مددا مماثلة بحيث ال تزيد مدة الحبس في مجموعه على خمس وأربعين يوما"(‪.)130‬‬

‫ونعلم أنه من التمديدات المختلفة‪ ،‬فإن مدة اإلعتقال اإلحتياطي في التشريع‬


‫المغربي يمكن أن تصل إلى ثالثة أشهر في الجنح‪ ،‬وإلى ‪ 12‬شهرا في الجنايات‪ ،‬هذه المدة‬
‫التي هي مقلصة أكثر مما كن في الماضي‪ ،‬يمكن تحسينها أكثر بفعل الوضع تحت المراقبة‬
‫القض ائية‪ ،‬سنتطرق إليها الحقا‪ ،‬وكذلك تدعيم عدد القضاة المحققين في المحاكم االبتدائية‬
‫كما في محاكم االستئناف(‪.)131‬‬

‫بعد الحديث عن مدد اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬يمكن طرح التساؤل اآلتي‪ :‬أين تتجلى‬
‫ضمانات هذا التدبير الذي يعتبر استئنافيا؟ هذا ما سيكون معرض حديثنا في الفقرة الثانية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ضمانات اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫يقول الفقيه ريمو وهو قاضي فرنسي في وصف اإلعتقال اإلحتياطي بأنه شر البد‬
‫منه‪ ،‬فاإلعتقال اإلحتياطي يعتبر شرا بالنسبة لإلنسان البريء مادام أنه يسبب في سلب‬
‫حريته وكذا حرمانه من تنظيم حياته كما يرتضي مما يتعارض مع مبدأ أن المتهم بريء‬
‫حتى تبت إدانته كمبدأ من المبادئ العامة(‪.)132‬‬

‫رغم هذا فتماشيا مع االتفاقات الدولية وخصوصا اتفاقية حقوق اإلنسان فالمشرع‬
‫المغربي خص تدبير اإلعتقال اإلحتياطي بعدة ضمانات تهم المعتقل اإلحتياطي سواء أمام‬
‫النيابة العامة أو أثناء مرحلة التحقيق أمام قاضي التحقيق أو أمام المحكمة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضمانات المعتقل أمام النيابة العامة‪:‬‬

‫‪ - 130‬فؤاد بنيخلف‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.139-138‬‬
‫‪ - 131‬محمد جالل السعيد‪ ،‬المحاكمة العادلة في قانون المسطرة الجنائية لسنة ‪ ،2002‬سلسلة إصالح القانون والتنمية‬
‫السوسيو اقتصادية‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬الطبعة األولى يناير ‪ ،2012‬ص ‪.81‬‬
‫‪ - 132‬عرض اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪58‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫يعتبر جهاز النيابة العامة جهازا قضائيا‪ ،‬فالقائمين بها قضاة يخضعون للنظام‬
‫األساسي لرجال القضاء‪ ،‬وتتولى النيابة العامة تطبيق المادة ‪ 36‬من ق‪.‬م‪.‬ج إقامة وممارسة‬
‫الدعوى العمومية ومراقبتها‪ ،‬وتطالب بتطبيق القانون وبالتالي فإن النيابة العامة تبقى‬
‫مطالبة بتطبيق القانون واحترامه وفرضه‪ ،‬ألجل ذلك تبقى جهازا تتوفر فيه المشتبه فيهم‬
‫كافة الضمانات القانونية بعد تقديم أمامها من قبل الضابطة القضائية‪ ،‬وعليها مراعاة كل‬
‫الضمانات التشريعية الممنوحة للمتهم قبل اتخاذ قرار اعتقاله(‪.)133‬‬

‫ولعل أول ما يضع قاضي النيابة العامة يده عليه هو محضر الضابطة القضائية‬
‫قبل أن يقوم باستنطاق المتهم الذي تم تقديمه إليه‪ ،‬فيكون عليه التأكد من سالمة المحضر‬
‫المنجز سواء من حيث الصفة وأهلية محرره وتوقيعه واإلجراءات المتخذة من حيث مدى‬
‫احترامها للقانون سواء في تفتيش األماكن أو األشخاص وغيرها‪...‬ولعلها معطيات واردة‬
‫في المادة ‪ 24‬من ق‪.‬م‪.‬ج(‪.)134‬‬

‫وعلى عضو النيابة العامة عند دراسته لمحضر المشتبه فيه التأكد من مدى احترام‬
‫المحضر للشكليات المنصوص عليها في المادتين ‪ 24‬و‪ 67‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫وكذا الضمانات المشار إليها في المادة ‪ 66‬منها وسالمة إجراء الحراسة النظرية وذلك لما‬
‫في األمر من أهمية في احترام حقوق المتهم وصون كرامته وحريته‪.‬‬

‫وبعد دراسته للمسطرة يقوم باستنطاق المتهم ويمنحه الحق في اإلدالء بتصريحه‬
‫وأوجه دفاعه كأن يطلب االستماع إلى بعض الشهود أو إجراء معاينة ما‪ ،‬ويكون على‬
‫ممثل النيابة العامة في هذه الحالة االستجابة لذلك وإرجاع المحضر قصد إتمام البحث‬
‫وتعميقه متى كان ذلك ضروريا الستجالء الحقيقة(‪.)135‬‬

‫‪ - 133‬سعيد بوطويل "االعتقال االحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" م‪.‬س‪ ،‬ص‬
‫‪.226‬‬
‫‪ - 134‬تتحدث المادة ‪ 24‬في فقراتها السبع على المعطيات الواجب ذكرها في محضر ضابط الشرطة القضائية‪ ،‬وخصص‬
‫الفقرة األولى منه لتعريف المحضر‪.‬‬
‫‪ - 135‬سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" م‪.‬س‪ ،‬ص‬
‫‪.227‬‬

‫‪59‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وعلى النيابة العامة حث الضابطة القضائية للقيام بمهامها على أحسن وجه‪ ،‬تلك‬
‫المهام المستمدة من مؤسسة الضبط التي تعني التحديد وضبط الشيء وكشف النقاب عما‬
‫خفي من أشياء وعما خفي من أشخاص(‪.)136‬‬

‫وعلى عضو النيابة العامة عند دراسته لمحضر المشتبه فيه التأكد من مدى احترام‬
‫المحضر للشكليات المنصوص عليها في المادتين ‪ 24‬و‪ 67‬من ق‪.‬م‪.‬ج وكذا للضمانات‬
‫المشار إليها في المادة ‪ 66‬منها وسالمة إجراءات الحراسة النظرية‪ ،‬وذلك لما في األمر‬
‫من أهمية في احترام حقوق المتهم وصون كرامته وحريته(‪.)137‬‬

‫وفي حالة كان المتهم ال يحسن اللغة التي يتم بها اإلستنطاق كأن يكون أجنبيا أو‬
‫في حالة كان أصما أو أبكما‪ ،‬فقد مكنه المشرع من ضمانة جد مهمة على النيابة العامة‬
‫احترامها لما فيها من حماية لحقوق الدفاع المخولة دستوريا وتشريعيا للمتهم‪ ،‬وهي ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 47‬من ق‪.‬م‪.‬ج(‪.)138‬‬

‫ولعل أهم ضمانة فعلية تمارسها النيابة العامة لفائدة المتهم هو االمتثال لطلب‬
‫المتهم أو دفاعه الرامي إلى عرضه على فحص طبي(‪ ،)139‬كما يتعين على الوكيل العام‬
‫للملك‪ ،‬أو وكيل الملك‪ ،‬إذا طلب منه إجراء فحص طبي أو عاين بنفسه آثار تبرر ذلك أن‬
‫يخضع الشخص المستوجب لذلك الفحص‬

‫وهذا ما نصت عليه المادتين ‪ 73‬و‪ 74‬على التوالي من ق‪.‬م‪.‬ج وأيضا إذا تعلق‬
‫األمر بحدث يحمل آثار ظاهرة للعنف أو إذا اشتكى وقوع عنف عليه‪ ،‬يجب على ممثل‬

‫‪ - 136‬رمسيس بنهام‪" ،‬علم النفس القضائي‪ ،"....‬دار النشر منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 137‬سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" م‪.‬س‪ ،‬ص‬
‫‪.227‬‬
‫‪ - 138‬المادة ‪ 47‬من ق‪.‬م‪.‬ج تنص على "يستعين وكيل الملك بترجمان أو بكل شخص يحسن التخاطب أو التفاهم مع من‬
‫يقع استنطاقه عند االقتضاء"‪.‬‬
‫‪ - 139‬البد من اإلشارة إلى أن مشروع ق‪.‬م‪.‬ج تطرق إلى مقتضى جد مهم وهو أن المشرع نص على البطالن القانوني‬
‫لالعتراف المدون بمحضر الشرطة القضائية إذا ما طلب المتهم أو دفاعه عرضه على فحص طبي فتم رفض ذلك‪،‬‬
‫والشك أنها ضما نة جد مهمة للمتهم فيها احترام وحرص من المشرع على ضرورة صيانة كرامة المعتقل وسالمته وعدم‬
‫تعرضه ألي اعتداء أو إكراه‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫النيابة العامة وقبل الشروع في اإلستنطاق إحالته على فحص يجريه طبيب وهذا طبقا‬
‫لنفس المادتين السابقتين‪.‬‬

‫ويكون على ممثل النيابة العامة ضرورة االستجابة لهذا المقتضى وعرض المعني‬
‫باألمر على فحص طبي لتحديد األضرار الالحقة به وسببها ورقتها وذلك ألن العديد من‬
‫المقدمين يحملون آثار عنف قديم‪ ،‬فيدعون أنها حديثة(‪.)140‬‬

‫والفائدة من ذلك هو حماية كرامة المعتقل وضمان عدم المس بسالمته النفسية‬
‫والجسدية ألجل انتزاع اعتراف منه يمس وضعيته الجنائية‪ ،‬وفي حالة ما تبت أن المعتقل‬
‫قد تعرض فعال للعنف واإلكراه‪ ،‬فإن المسؤول عنه يتعرض للعقوبات الجنائية والتأديبية‪،‬‬
‫كما أن المحكمة عند مناقشتها للقضية ال تأخذ باعتراف المتهم المشوب بعيب في‬
‫اإلرادة(‪.)141‬‬

‫وفي هذا اإلطار سبق لمحكمة االستئناف بأكادير أن قضت بإلغاء حكم باإلدانة‬
‫صدر ضد متهم استنادا إلى أن اعترافه كان نتيجة اإلكراه‪ ،‬وجاء ذلك الحكم بعد إجراء‬
‫فحص طبي عليه أكد تعرضه للتعذيب(‪.)142‬‬

‫وما يمكن مالحظته وإثارته من مالحظات حول مقتضى عرض المتهم على‬
‫الفحص الطبي هو أن المشرع‪" :‬نص على عرض المشتبه فيه على فحص طبي فقط في‬
‫الحالة التي تتعلق بالتلبس بالجريمة دون غيرها‪.‬‬

‫‪ -‬لم يشر إلى الجهة التي لها أن تتكفل بتنفيذ تعليمات النيابة العامة القاضية بعرض‬
‫المعني باألمر على فحص طبي‪ ،‬والتي تكون غالبا نفس الضابطة القضائية المشتبه‬
‫تورطها في العنف‪.‬‬

‫‪ - 140‬سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" م‪.‬س‪ ،‬ص‬
‫‪ 228‬و‪.229‬‬
‫‪ - 141‬تنص المادة ‪ 293‬من ق‪.‬م‪.‬ج عل‪ " :‬ال يعتد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو اإلكراه‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬يتعرض مرتكب العنف أو اإلكراه للعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي"‪.‬‬
‫‪ - 142‬موقع‪www.amnesty.org :‬‬

‫‪61‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -‬وإن استعمل المشرع الطابع اإللزامي عند سنه لهذه الضمانات إال أن صفة‬
‫اإللزام قد تتجرد من كل قيمة قانونية ما دامت لم تقترن بأي جزاء"(‪.)143‬‬

‫والبد من اإلشارة إلى أنه على المستوى العملي فإن وزارة العدل والحريات ال‬
‫تتهاون في ضرورة احترام هذه الضمانات من قبل النيابة العامة تحت طائلة عرض األمر‬
‫على المفتشية العامة بها‪.‬‬

‫ولقد سبق أن أثير هذا الموضوع في قضية طلبة القنيطرة الذين احتجوا ضد‬
‫الزيادة في أسعار تذاكر ركوب حافالت النقل الحضري بين الحي الجامعي وكليات جامعة‬
‫ابن طفيل وجرى اعتقالهم‪ ،‬والذين التمس دفاعهم عرضهم على الخبرة الطبية لتعرضهم‬
‫للتعذيب في مخفر الشرطة القضائية‪ ،‬غير أن النيابة العامة لدى المحكمة االبتدائية‬
‫بالقنيطرة لم تستجب لطلباتهم‪ ،‬وهو ما جعل وزارة العدل والحريات تحيل الموضوع على‬
‫المفتشية العامة للوزارة مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية(‪.)144‬‬

‫وعموما فعلى المشرع التدخل بنص تشريعي يوضح جزاء عدم االستجابة لطلب‬
‫المتهم أو دفاعه بإخضاعه لفحص طبي‪ ،‬وذلك حتى يكون لهذه الضمانات المهمة األثر‬
‫المتوخى منها‪ ،‬وهي حماية حريات األفراد وكرامتهم وتفادي كل ما يمس بسالمتهم النفسية‬
‫والجسدية‪.‬‬

‫وفي السياق ذاته بين المشرع المقصود بالتعذيب في الفصل ‪ 1-231‬من ق‪.‬ج‬
‫عندما نص على أنه‪" :‬كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدي أو نفسي يرتكب عمدا‬
‫موظف عمومي أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه‪ ،‬في حق شخص لتخويفه أو‬
‫إرغامه أو إرغام شخص آخر على اإلدالء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف بهدف معاقبته‬
‫على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص آخر(‪.)145‬‬

‫‪ - 143‬مصطفى ترياوي وكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية بالرماني "التدخل الطبي لفائدة األشخاص الموضوعين تحت‬
‫الحراسة النظرية" ‪.www.assabahpress.ma‬‬
‫‪ - 144‬راجع موقع ‪.www.almaghribia.ma‬‬
‫‪ - 145‬لقد جعل المشرع عقوبة التعذيب قاسية تدخل ضمن زمرة الجنايات وعقوبتها هي السجن من ‪ 5‬إلى ‪ 15‬سنة‬
‫وغرامة من ‪ 10.000‬درهم إلى ‪ 30.000‬درهم في حق كل موظف عمومي مارس على شخص التعذيب المشار إليه‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ومن بين الضمانات كذلك التي كرسها المشرع المعتقل الماثل أمام النيابة العامة‬
‫هو ما نصت عليه مقتضيات المادتين ‪ 73‬و‪ 74‬من ق‪.‬م‪.‬ج وذلك بحقه بالمؤازرة بمحام‬
‫أثناء اإلستنطاق ‪ ،‬هذا األخير يمكنه أن يدلي نيابة عن موكله بوثائق أو إثباتات كتابية‪ ،‬كما‬
‫يمكنه أن يعرض تقديم كفالة مالية أو شخصية مقابل إطالق سراحه‪.‬‬

‫والمالحظ أن المادة ‪ 73‬من ق‪.‬م‪.‬ج عند حديثها عن التلبس بجناية ال يكون التحقيق‬
‫إلزاميا فيها‪ ،‬أوجبت على الوكيل العام أو أحد نوابه عند استنطاقه المتهم أن يشعره أن من‬
‫حقه تنصيب محامي عنه حاال وإال عين له تلقائيا من طرف رئيس غرفة الجنايات‪ ،‬ويحق‬
‫للمحامي المختار أو المعين أن يحضر هذا اإلستنطاق‪.‬‬

‫في حين نصت المادة ‪ 74‬عند تطرقها للتلبس بجنحة وعند استنطاق المتهم من قبل‬
‫وكيل الملك أو أحد نوابه أن يشعره بحقه في تنصيب محام عنه حاال ويجرى‬
‫استنطاقه(‪.)146‬‬

‫فحضور المحامي يعد ضمانة جد مهمة تمكن المتهم من اإلدالء بتصريحاته بشكل‬
‫عفوي دون خوف من تحريفها عليه‪ ،‬كما أن حضوره يمكن من مراعاة ملتمسات هذا‬
‫األخير سواء بتقديم ملتمسات بالمتابعة في حالة سرح أو مقابل كفالة أو اإلدالء بوثائق‬
‫وإثباتات(‪ )147‬وعلى المشرع أن يبين جزاء عدم احترام إجبارية حضور المحامي‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 73‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫وبالتالي على قاضي النيابة العامة مراعاة جميع هذه الضمانات وغيرها التي أقرها‬
‫المشرع للمعتقل بمجرد مثوله أمام النيابة العامة باعتبارها سلطة قضائية وجهاز رقابي‬

‫‪ - 146‬الفرق بين المادتين أن األولى توجب على الوكيل العام عند التلبس بجناية غير خاضعة للتحقيق اإللزامي أن‬
‫يستنطق المتهم ويشعره بحقه في تنصيب محام وإال عين له تلقائيا من قبل رئيس غرفة الجنايات‪ ،‬وبالتالي فحضور‬
‫المحامي في هذه الحالة أمر إلزامي عند االستنطاق‪.‬‬
‫أما المتلبس بجنحة من قبل وكيل الملك بحقه في تنصيب محام‪ ،‬ويتم استنطاقه في جميع الحاالت سواء عمل المتهم على‬
‫ذلك أم تنازل عنه‪.‬‬
‫‪ - 147‬سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬

‫‪63‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫على أعمال الضابطة القضائية وعلى احترام القانون‪ ،‬إذن ما هي ضمانات المعتقل‬
‫احتياطيا أمام قاضي التحقيق؟‬

‫ثانيا‪ :‬ضمانات المعتقل أمام قاضي التحقيق‪:‬‬


‫أحاط المشرع اإلعتقال اإلحتياطي المتخذ من قبل قاضي التحقيق بعدة ضمانات‬
‫وسنعمل على التطرق إلى هذه الضمانات في مجموعة من النقاط‪.‬‬

‫‪ +‬أول هذه الضمانات هي سرية التحقيق فهو من بين الضمانات المهمة التي‬
‫تكرس للطابع الحمائي للمعطيات الشخصية للمتهم وحماية سمعته والحفاظ على قرينة‬
‫البراءة المفترضة فيه وصونا لحقوق الدفاع‪ ،‬خصوصا وأن قاضي التحقيق طبقا للمادة ‪87‬‬
‫من ق‪.‬م‪.‬ج(‪ )148‬إلزاميا في مادة الجنايات واختياريا في مادة الجنح بإجراء بحث حول‬
‫شخصية المتهم وحالته العائلية واالجتماعية‪.‬‬

‫وال شك أن قاضي التحقيق من خالل هذا البحث االجتماعي يستجمع مجموعة من‬
‫األسرار الخاصة بالحياة الشخصية للمتهم سواء على المستوى األسري أو العملي أو المالي‬
‫والتي يفترض أنها خاصة به وحده وال يمكن ألحد اإلطالع عليها إال بموافقته ورضاه‪.‬‬

‫من هنا تنبع أهمية سرية التحقيق كضمانة مهمة لفائدة المتهم والتي تحافظ له على‬
‫صورته الخارجية كما هي خارج قضبان السجن حتى يتمكن من استئناف حياته فيما بعد‬
‫من دون عقد وإحراج(‪ ،)149‬فالتحري عن ظروف المتهم االجتماعية ينبغي أن يحاط بطابع‬
‫الخصوصية ألنه يتضمن معطيات شخصية عن نفسه وحياته وأسرته‪ ،‬وهو ما يعرف‬
‫بالملف الشخصي للمتهم(‪.)150‬‬

‫‪ - 148‬الفقرة األولى من المادة ‪ 87‬من ق‪.‬م‪.‬ج تنص على‪" :‬يقوم قاضي التحقيق إلزاميا في مادة الجنايات‪ ،‬واختياريا في‬
‫مادة الجنح بإجراء بحث حول شخصية المتهم وحالتها العائلية واالجتماعية"‬
‫‪ - 149‬سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪ 264‬و‪.265‬‬
‫‪ - 150‬في نفس السياق اعتبرت محكمة النقض المصرية في عدة أحكام مشهورة عنها بأن‪" :‬مجرد نشر التهمة المسندة‬
‫للمتهم يعد جريمة لو ثبت أنها كانت موضوعا للتحقيق"‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ووعيا من المشرع المغربي بأهمية سرية التحقيق فقد كرس لهذا المبدأ في المادة‬
‫‪ 15‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي جاء فيها‪" :‬تكون المسطرة التي تجرى أثناء البحث والتحقيق سرية‪.‬‬
‫كل شخص يساهم في إجراء هذه المسطرة ملزم بكتمان السر المهني ضمن الشروط وتحت‬
‫طائلة العقوبات المقررة في القانون الجنائي"‪.‬‬

‫والمقصود بسرية التحقيق هو عدم السماح للجمهور بحضور إجراءاته‪ ،‬وحظر‬


‫نشر أخباره ومحاضره‪ ،‬وما يسفر عنه من نتائج وما يتصل منه من أوامر‪ ،‬وعمليا يتم ذلك‬
‫في مكتب قاضي التحقيق‪ ،‬بحضور المتهم والمطالب بالحق المدني ودفاعهما وكاتب‬
‫التحقيق الذي يضمن ما راج بمحضر جلسة التحقيق‪.‬‬

‫ولقد أكد القضاء المغربي مبدأ سرية التحقيق في العديد من قراراته‪ ،‬إال أنه أوجب‬
‫على من يدعي خرق هذه السرية إثبات ذلك(‪.)151‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك يبقى أهم مبرر لسرية التحقيق هو الحفاظ على قرينة البراءة‬
‫التي تعد من الضمانات الدستورية األساسية لحماية الحرية الشخصية للمتهم في مواجهة‬
‫سلطات الدولة‪.‬‬

‫‪  +‬إن الضمان الثاني في هذا اإلطار هو الحق في إشعار المعتقل باألفعال‬


‫المنسوبة إليه وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 134‬من ق‪.‬م‪.‬ج في فقرتها الرابعة(‪.)152‬‬

‫ويعتبر هذا الحق ضمانة دولية أقرته المادة ‪ 14‬من العهد الدولي للحقوق المدنية‬
‫والسياسية الذي أكدت على "ضرورة إبالغ المتهم فورا وبالتفصيل وبلغة مفهومة لديه‬
‫بطبيعة وسبب التهمة الموجهة إليه"‪.‬‬

‫‪ - 151‬أنظر قرار عدد ‪ 162‬بتاريخ ‪ 2010-3-4‬في الملف الجنحي عدد ‪ 2009-5-885‬لغرفة الجنايات بمحكمة‬
‫اإلستئناف بالدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ - 152‬تنص المادة ‪ 134‬من ق‪.‬م‪.‬ج في فقرتها الرابعة على "أن قاضي التحقيق يبين للمتهم األفعال المنسوبة إليه ويشعره‬
‫بأنه حر في عدم اإلدالء بأي تصريح‪ ،‬ويشار إلى ذلك في المحضر"‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ويطرح التساؤل هنا بخصوص طبيعة األفعال التي ينبغي إشعار المعتقل احتياطيا‬
‫بها‪ ،‬فهل ينبغي تحديد جميع الوقائع واألدلة القائمة ضده أم االقتصار على التكييف القانوني‬
‫للجريمة والنصوص المنظمة لها؟‬

‫وبالرجوع للمادة ‪ 134‬ق‪.‬م‪.‬ج التي نصت على هذا الحق نجدها قد استعملت عبارة‬
‫"أن على قاضي التحقيق أن يبين‪ "...‬والبيان يعني التوضيح‪ ،‬وبالتالي يكون على قاضي‬
‫التحقيق أن يبين للمتهم ملخص الوقائع واألدلة القائمة ضده ويلبسها اللباس القانوني‪ ،‬ولعل‬
‫هذا الطرح ينسجم وحماية حقوق الدفاع‪ .‬وبإحاطة المتهم علما باألفعال المنسوبة إليه فإن‬
‫له الحق طبقا ألحكام المادة ‪ 134‬من ق‪.‬م‪.‬ج أن يدلي بتصريحاته أو االمتناع عن ذلك ‪،‬‬
‫وذلك نابع من كون اللقاء األولي يعد بمثابة تعرف من قاضي التحقيق على هوية المتهم‬
‫وعلى نوعية الجريمة وكذا ألنه غالبا ما يكون المتهم غير مؤازر بمحام‪ ،‬وعند المثول‬
‫األولي قد يكتفي قاضي التحقيق بتدوين تصريحات المتهم التلقائية بعد إشعاره بحقه في‬
‫االمتناع عن اإلدالء بأي تصريح(‪.)153‬‬

‫‪  +‬الضمانة الثالثة وهي الحق في اختيار محام وهذا ما نصت عليه المادة ‪134‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج(‪ )154‬وذلك في الفقرة الثانية‪ ،‬فقاضي التحقيق يشعر المتهم فورا بحقه في اختيار‬
‫محام‪ ،‬فإن لم يستعمله حقه في االختيار عين له قاضي التحقيق بناءا على طلبه محاميا‬
‫ليؤازره وينص على ذلك في المحضر‪.‬‬

‫يحق للمحامي أن يحضر اإلستنطاق المتعلق بالتحقيق في هوية المتهم‪ ،‬وأضافت‬


‫المادة ‪ 136‬ق‪.‬م‪.‬ج أنه من حق المتهم المعتقل بمجرد مثوله ألول مرة أمام قاضي التحقيق‬
‫أن يتصل بحرية بمحاميه‪ ،‬البد من اإلشارة إلى أن مشروع ق‪.‬م‪.‬ج في م ‪ 193‬قد نظم‬

‫‪ - 153‬سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪ 269‬و‪.270‬‬
‫‪ - 154‬تنص الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 134‬من ق‪.‬م‪.‬ج على " يشعر القاضي المتهم فورا بحقه في اختيار محام‪ ،‬فإن لم يستعمل‬
‫حقه في االختيار عين له قاضي التحقيق بناء على طلبه محاميا ليؤازره‪ ،‬وينص على ذلك في المحضر‪."...‬‬

‫‪66‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫أحكاما جديدة في استنطاق المتهم وتلقي تصريحاته وتصريحات الشاهد أو الضحية أو‬
‫الخبير(‪.)155‬‬

‫إن حضور المحامي يعتبر ضمانة مهمة من خالل أن دوره يمثل رقابة على‬
‫قاضي التحقيق في احترام مقتضيات التحقيق اإلعدادي‪ ،‬فحضوره يعتبر ضمانة لسالمة‬
‫اإلجراءات وتطابقها مع القانون‪ ،‬كما أن حضوره يساهم في حماية حقوق الدفاع‬
‫والضمانات التي يوجبه ا القانون فضال عن رفع الروح المعنوية للمتهم التي غالبا ما تكون‬
‫ضعيفة بسبب وضعه النفسي المضطرب‪.‬‬

‫إذ أن حضوره ال ريب يهدئ من روعه ويساعده في االتزان والهدوء في إجابته‪،‬‬


‫وبالتالي فإن المتهم قد يختار محاميا لمؤازرته أو يطلب أجال لذلك‪ ،‬فما يكون على قاضي‬
‫التحقيق إال أن يشعره باألفعال المنسوبة إليه وبحقه في عدم اإلدالء بأي تصريح ويقرر في‬
‫وضعيته الجنائية ثم يؤجل القضية إلى حين حضور المحامي‪.‬‬

‫وبوجود مؤازرة المحامي للمتهم فإنه يتعين إشعاره بإجراءات التحقيق‪ ،‬وفي هذا‬
‫ذهبت محكمة اإلستئناف بوجدة في قرار لها إلى أن "إجراء المواجهة أو االستماع للمتهم‬
‫أو الطرف المدني في غيبة دفاعه ومن دون شعاره يؤدي إلى بطرن إجراءات‬
‫التحقيق"(‪.)156‬‬

‫‪  +‬الضمانة األخيرة هي الحق في الخضوع لفحص طبي‪ ،‬فقد نص المشرع‬


‫على هذه الضمانة في م ‪ 134‬ق‪.‬م‪.‬ج في فقرتها الخامسة والتي جاء فيها أنه "يجب على‬
‫قاضي التحقيق أن يستجيب لطلب المتهم الذي كان موضوعا تحت الحراسة النظرية أو‬
‫لطلب دفاعه الرامي إلى إخضاعه لفحص طبي‪ ،‬ويتعين عليه أن يأمر به تلقائيا إذا الحظ‬
‫على المتهم عالمات تبرر إجراءه‪ ،‬ويعين لهذه الغاية خبيرا في الطب"‪.‬‬

‫‪ - 155‬أنظر هامش رقم ‪ 484‬من ص ‪ 271‬من كتاب سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي‬
‫والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع سابق‪ ،‬للتوسع أكثر‪.‬‬
‫‪ - 156‬قرار عدد ‪ 2859‬بتاريخ ‪ 2001-3-30‬في الملف الجنحي عدد ‪.04-17‬‬

‫‪67‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫والمادة أعاله تنسجم والمادة الخامسة من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وأيضا‬
‫المادة ‪ 12‬من اإلعالن الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة بتاريخ ‪ 09‬دجنبر ‪1975‬‬
‫تنص على أن "األقوال التي صدرت بناء على تعذيب ال يمكن األخذ بها كدليل في الدعوى‬
‫الجنائية سواء ضد المتهم أو ضد أي شخص آخر"‪.‬‬

‫وهذا المبدأ قد كرسه المشرع المغربي في المادة ‪ 293‬ق‪.‬م‪.‬ج التي نصت على أنه‬
‫ال يعتد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو اإلكراه(‪ ،)157‬وعالوة على ذلك‪ ،‬يتعرض‬
‫مرتكب العنف أو اإلكراه للعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي‪.‬‬

‫فالحق في الخضوع لفحص طبي كضمانة مهمة كرسها المشرع كتدبير وقائي‬
‫استباقي ردءا لكل محاولة في تعريض المتهم للتعذيب أو اإلكراه أو العنف عند تلقي‬
‫تصريحات السيما أمام الضابطة القضائية‪ ،‬وما يزكي ذلك هو أن المشرع اشترط‬
‫الستجابة قاضي التحقيق لطلب الخضوع لفحص طبي أن يكون المتهم قد خضع قبل إحالته‬
‫عليه للحراسة النظرية أمام الضابطة القضائية(‪.)158‬‬

‫بعد الحديث عن ضمانات المعتقل اإلحتياطي أمام كل من النيابة العامة وقاضي‬


‫التحقيق سنتطرق اآلن إلى ضمانات المعتقل احتياطيا أمام المحكمة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ضمانات المعتقل أمام المحكمة‪:‬‬


‫‪  +‬الضمانة األولى هنا هي الحق في إعداد الدفاع‪ ،‬حيث أنه بمجرد تقديم المتهم‬
‫المعتقل إلى الجلسة‪ ،‬وطبقا للمادة ‪ 385‬ق‪.‬م‪.‬ج تشعره المحكمة بأن له الحق في طلب أجل‬
‫قصد تهيئ دفاعه واختيار محام‪ ،‬وإذا ما استعمل المتهم هذا الحق المخول له تمنحه‬

‫‪ - 157‬تنص المادة ‪ 5‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان على "يجب أن ال يعرض أي شخص للتعذيب وال للعقوبة‬
‫القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة"‪.‬‬
‫‪ - 158‬سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪ 274‬و‪.275‬‬

‫‪68‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫المحكمة لهذا الغرض أجال ال يقل على ‪ 3‬أيام‪ ،‬وتبين في طلب اإلفراج المؤقت عند تقديمه‬
‫وقد أضافت المادة نفسها أنه يترتب البطالن عن مخالفة المقتضيات السابقة(‪.)159‬‬

‫كما أن للمحكمة هنا أن تبث في الحالة الجنائية للمتهم سواء باإلبقاء عليه رهن‬
‫اإلعتقال أو أن إطالق سراحه‪ ،‬وال يمنع رفض المحكمة نفسها لهذا الطلب من تقديمه إليها‬
‫مرة ثانية‪ ،‬كما أن قرار الرفض ال يمنع المحكمة من االستجابة له مجددا إذا تبين لها‬
‫ضرورة ذلك‪.‬‬

‫‪  +‬أما الضمانة الثانية وهي التعجيل بالبث في قضيته وللمعتقل الحق في‬
‫الفصل في قضيته بدون تأخير ما لم تكن له مبرراته‪ ،‬إذ تأخير الحكم تأخير إليصال الحق‬
‫إلى مستحقه بغير حق‪ ،‬والشريعة اإلسالمية والتشريع الوضعي ما جاء إال لتأمين حقوق‬
‫الناس وإيصالها إليهم‪.‬‬

‫ومسألة الحكم داخل أجل معقول مبدأ دستوري‪ ،‬وهو من مظاهر المحاكمة العادلة‬
‫لتي تستوجب التعويض في حالة ما كان التأخير ناتجا عن اإلهمال‪.‬‬

‫فاإلجراءات الجنائية يجب أن تبدأ وتنتهي في غضون مدة معقولة تحقيقا للتوازن‬
‫بين حق المتهم في مساحة زمنية وتسهيالت كافية إلعداد دفاعه‪ ،‬وهي مسألة إلى حد ما‬
‫صعبة لتحديد المدة الزمنية للملف كحد أقصى الرتباط ذلك بعدة فعاليات وتفاعالت‬
‫مجتمعية(‪.)160‬‬

‫فالمحاكمة العاجلة مرتبطة بالحق في الحرية‪ ،‬وافتراض البراءة‪ ،‬وحق المرء في‬
‫الدفاع عن نفسه‪ ،‬كما أنها مرتبطة بضمان اختصار فترة القلق التي يتكبدها المتهم خوفا‬
‫على مصيره‪ ،‬فالعدالة البطيئة نوع من الظلم(‪.)161‬‬

‫‪ - 159‬للتوضيح أكثر أنظر قرار محكمة النقض موضوع الملف الجنحي عدد ‪ 11-248‬بتاريخ ‪.2010-03-04‬‬
‫‪ - 160‬سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.278‬‬
‫‪ - 161‬إدريس النوازلي "اإلثبات الجنائي لجرائم األعمال بالوسائل الحديثة" الجزء الثاني‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‬
‫مراكش‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2014‬ص ‪.79‬‬

‫‪69‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫بعد الحديث عن اإلطار العام لإلعتقال اإلحتياطي وبيان ماهيته ثم األجهزة المتعلقة‬
‫به وأيضا مدته وضماناته نتساءل عن كيفية تنفيذه‪ ،‬والتعويض عنه؟ وما هي البدائل‬
‫الممكنة للحد من ظاهرة اكتظاظ السجون بالمعتقلين اإلحتياطيين؟‬

‫‪70‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬التعويض‬


‫عنه وبدائله‪.‬‬
‫سنتطرق في هذا الفصل إلى الحديث عن إجراءات تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‬
‫وانتهاءه (مبحث أول)‪ ،‬ثم سنتطرق إلى التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي ثم بدائله‬
‫الممكنة (مبحث ثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي وانتهاءه‪.‬‬


‫إن الحديث عن اإلعتقال اإلحتياطي وفق األحكام السابقة يستدعي التطرق إلى‬
‫إجراءات تنفيذه على مستوى المؤسسة السجنية‪ ،‬وهو أمر ضروري لإلحاطة بجميع‬
‫جوانبه سواء على مستوى اإلجراءات أو الضمانات أو المراقبة(‪.)162‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬


‫تندرج ممارسة الدعوى العمومية عبر مراحل أساسية تكتسي كل منها أهمية بالغة‬
‫وتتمثل هذه المراحل في المتابعة والحكم والتنفيذ(‪ ،)163‬وخالل هذه النقطة سنحاول‬
‫التعرض إلجراءات تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي وضمانات هذا التنفيذ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫أولى المشرع تنفيذ األوامر واألحكام القاضية بسلب الحرية أهمية خاصة(‪،)164‬‬
‫وهكذا نصت المادة ‪ 608‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه ال يمكن حرمان شخص من حريته إال‬
‫بمقتضى سند صادر عن السلطة القضائية يأمر باعتقاله احتياطيا أو بناء على سند يأمر‬
‫بتنفيذ مقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به صادر عن هيئة قضائية يقضي عليه بعقوبة‬
‫السجن أو الحبس أو اإلعتقال أو اإلكراه البدني‪.‬‬

‫‪ - 162‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.315‬‬


‫‪ - 163‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬تنفيذ المقررات والسجل العدلي ورد االعتبار‪ ،‬االختصاص المتعلق‬
‫بالجرائم المرتكبة بالخارج‪ ،‬التعاون القضائي الدولي‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة‬
‫الشروح والدالئل‪ ،‬العدد ‪ ،8‬السنة ‪ ،2007‬مطبعة إليت‪ ،‬سال‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 164‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪71‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ثم أشارت المادة السالفة الذكر على مع مراعاة مقتضيات المادتين ‪ 66‬و‪ 80‬من‬
‫نفس القانون المتعلقتين بالوضع تحت الحراسة النظرية‪ .‬مع تأكيدها على أنه ال يمكن‬
‫اإلعتقال إال بمؤسسات سجنية تابعة لوزارة العدل‪.‬‬

‫وأضافت المادة ‪ 609‬من ق‪.‬م‪.‬ج أنه "يترتب عن كل إيداع في السجن‪ ،‬بناء على‬
‫سند من السندات الصادرة عن السلطة القضائية المنصوص عليها في المادة ‪ 608‬إعداد‬
‫ملف خاص بكل معتقل‪"...‬‬

‫وأكدت المادة ‪ 611‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه "ال يمكن ألي مأمور من إدارة‬
‫السجون(‪ )165‬أن يقبل أو يحجز شخصا‪ ،‬إال إذا قدم له سند من سندات اإلعتقال‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ ....608‬وإال اعتبر مرتكب الجريمة اإلعتقال التحكمي"‪.‬‬

‫وطبقا للمادة ‪ 615‬من ق‪.‬م‪.‬ج يودع المتهمون المعتقلون بصفة احتياطية بسجن‬
‫محلي بالمكان الموجودة فيه المحكمة المحالة إليها القضية في المرحلة االبتدائية أو‬
‫اإلستئنافية حسب األحوال‪ ،‬كلما سمحت بذلك ضرورة األمن والقدرة اإليوائية للمؤسسة‬
‫السجنية‪.‬‬

‫فبقراءة المادة ‪ 608‬من ق‪.‬م‪.‬ج يتضح أن سند اإلعتقال يعد شرطا قانونيا وتجسيدا‬
‫إجرائيا لمبدأ ال اعتقال إال بنص‪ ،‬بحيث ال يمكن وضع حد لحرية شخص معين إال بموجب‬
‫سند قانوني مستوف لشروطه الشكلية والموضوعية(‪ ،)166‬كما أنها تحدد سند اإلعتقال في‬
‫اثنين هما‪ ،‬سند أمر باإلعتقال اإلحتياطي أو سند يأمر بتنفيذ مقرر مكتسب لقوة الشيء‬
‫المقضي به صادر عن هيئة قضائية يقضي إما بعقوبة السجن أو الحبس أو بتدبير اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي أو اإلكراه البدني(‪.)167‬‬

‫‪ - 165‬حلت عبارة "المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج" محل "إدارة السجون" بمقتضى المرسوم رقم‬
‫‪ 2.08.772‬بتاريخ ‪ 25‬جمادى األولى ‪ 21( 1430‬ماي ‪ )2009‬بتحديد اختصاصات وتنظيم المندوبية العامة إلدارة‬
‫السجون وإعادة اإلدماج‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5750‬بتاريخ ‪ 16‬رجب ‪ 9( 1430‬يونيو ‪ )2009‬ص ‪.3842‬‬
‫‪ - 166‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.316‬‬
‫‪ - 167‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪72‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وبالنظر إلى التشريعات المقارنة‪ ،‬نالحظ أن التشريع المصري نص كذلك على‬


‫ضرورة توفر سند اإليداع كشرط لقبول المعتقل اإلحتياطي‪ ،‬بحيث نصت المادة ‪ 40‬من‬
‫قانون اإلجراءات الجنائية على أنه "ال يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إال بأمر من‬
‫السلطات المختصة بذلك قانونا"‪ ،‬وأضافت المادة ‪ 459‬من نفس القانون على أنه "‪...‬ال‬
‫يجوز لمأمور أي سجن قبول أي إنسان فيه إال بمقتضى أمر موقع عليه من السلطة‬
‫المختصة‪ ،‬وال يبقيه بعد المدة المحددة بهذا األمر"‪.‬‬

‫وتقضي المادة ‪ 395‬من التعليمات العامة للنيابات بأن يحرر نموذج أمر الحبس‬
‫من أصل وصورتين‪ ،‬ويجب أن يشمل اسم المتهم ولقبه وصناعته ومحل قامته والتهمة‬
‫المنسوبة إليه‪ ،‬ومواد القانون المطبقة على الواقعة وتاريخ صدور األمر‪ ،‬وأن يوقع عليه‬
‫عضو النيابة أو القاضي(‪.)168‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 618‬من ق‪.‬م‪.‬ج نجدها تعتبر المعتقل احتياطيا‪ ،‬كل شخص‬
‫تمت متابعته جنائيا ولم يصدر بعد في حقه حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به‪ ،‬ويصدر‬
‫األمر باإلعتقال اإلحتياطي كما تطرقنا إليه سابقا‪ ،‬إما من طرف النيابة العامة أو هيئة‬
‫الحكم أو قاضي التحقيق أو الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف عند إلغائها قرار قاضي‬
‫التحقيق بعدم اإليداع في السجن‪.‬‬

‫ويكون على مأمور إدارة السجن طبقا للمادة ‪ 17‬من القانون رقم ‪ 23/98‬المتعلق‬
‫بتسيير وبتنظيم المؤسسات السجنية التأكد من أن سند اإلعتقال مستوف للشروط الشكلية‬
‫المتطلبة حسب مقتضيات قانون المسطرة الجنائية(‪.)169‬‬

‫وحتى تثبت لسند اإلعتقال القوة القانونية التي تجعل منه أساسا لعملية اإلعتقال‪،‬‬
‫يجب أن تتوفر فيه شروط قانونية نصت عليها المادة ‪ 608‬من ق‪.‬م‪.‬ج وهي(‪:)170‬‬

‫‪ - 168‬محمد عبد اللطيف فرج "الحبس اإلحتياطي في ضوء المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية" مطابع الشرطة‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 2010‬مصر‪.‬‬
‫‪ - 169‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.317‬‬
‫‪ - 170‬عبد العلي حفيظ‪" ،‬صالحيات قاضي تطبيق العقوبات في القانون المغربي"‪ ،‬مطبعة دار القلم‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬ص ‪27‬‬
‫و‪.51‬‬

‫‪73‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫* أن يكون السند صادرا عن السلطة القضائية كالنيابة العامة وقاضي التحقيق‬


‫والمحكمة‪.‬‬

‫* أن يكون متضمنا لضرورة إيداع المتهم بالمؤسسة السجنية وتبيان نوع التهمة‪.‬‬

‫* أن تكون متضمنة للهوية الكاملة للمعتقل‪ ،‬وأن تطابق الوثائق التي يستدل بها‬
‫المعتقل‪ ،‬مع الرجوع إلى الجهة القضائية التي أمرت باإلعتقال في حالة عدم التطابق‪.‬‬

‫* أن تكون موقعة ومؤرخة ومؤشر عليها‪.‬‬

‫ويجب أن يكون المقرر المراد تنفيذه مكتسبا لقوة الشيء المقضي به صادر عن‬
‫هيئة قضائية‪ ،‬يقضي على الشخص بعقوبة اإلعتقال‪ ،‬وعلى غرار المعتقل احتياطيا يتوجب‬
‫على مأمور إدارة السجن عدم قبول أو حجز أي شخص إال بعد التحقق من وجود سند‬
‫اعتقاله‪.‬‬

‫ويعتبر مدير المؤسسات السجنية مسؤوال عن قانونية اإلعتقال‪ ،‬وإذا بدا له أن‬
‫الوضعية الجنائية لمعتقل غير قانونية‪ ،‬فعليه إشعار السلطات القضائية المختصة وإدارة‬
‫السجون بذلك‪ ،‬وتنتهي مسؤوليته إذا كان متوفرا على سندات تبرر اإلعتقال أو على أوامر‬
‫مكتوبة صادرة عن السلطة القضائية(‪( )171‬المادة ‪ 21‬من القانون ‪ 23/98‬المتعلق بتنظيم‬
‫وتسيير المؤسسات السجنية)‪.‬‬

‫وطبقا للمادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 23-98‬المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات‬


‫السجنية‪ ،‬فإن المسؤول عن الضبط القضائي بالمؤسسة السجنية يثبت وقوع تسليم الشخص‬
‫المنفذ عليه‪ ،‬ويسجل طبيعة األمر باإلعتقال‪ ،‬وتاريخه والسلطة التي أصدرته ويضع‬
‫إمضاءه على ما دونه بسجل اإلعتقال ويسلم وصل إبراء لرئيس الخفر بعد توقيع هذا‬
‫األخير كذلك على ما دون بهذا السجل‪.‬‬

‫‪ - 171‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪74‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وإذا تقدم محكوم عليه عن طواعية لتنفيذ مقرر قضائي بعقوبة سالبة للحرية تعين‬
‫على المسؤول المذكور أن يثبت بسجل اإلعتقال طبيعة المقرر الموجه إليه ملخص منه من‬
‫النيابة العامة المختصة‪ ،‬وأن يوجه إشعار باإلعتقال إلى هذه النيابة العامة‪.‬‬

‫وطبقا للمادة ‪ 16‬من نفس القانون فإنه يجب أن تضمن في سجل اإلعتقال‬
‫المعلومات المتعلقة بالحالة المدنية للمعتقل بعد التأكد من هويته‪ ،‬وفي حالة عدم تطابق‬
‫الوثائق التي يستدل بها المعتقل أو الشك في هويته‪ ،‬وفي حالة عدم تطابق الوثائق التي‬
‫يستدل بها المعتقل أو الشك في هويته فإن على المسؤول عن الضبط القضائي مراجعة‬
‫الجهة التي أصدرت األمر باإلعتقال(‪.)172‬‬

‫ويعتبر سجل اإلعتقال بطاقة التعريف لمرحلة تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي بالمؤسسة‬
‫السجنية منذ أول يوم إلى تاريخ اإلفراج‪ ،‬بحيث تضمن به تواريخ دخول المعتقلين‬
‫وخروجهم باليوم والساعة‪ ،‬ويسجل به سند اإلعتقال ورقم اإلعتقال‪ ،‬وال يمكن إخراجه من‬
‫المؤسسة‪.‬‬

‫ويتعين طبقا للمادة ‪ 14‬من قانون السجون أال يحتوي هذا السجل على أي بياض أو‬
‫محو أو تشطيب‪ ،‬ويجب أن يوضع خط أحمر رقيق على كل خطأ في التسجيل‪ ،‬ويصادق‬
‫عليه كل من المسؤول عن الضبط القضائي ومدير المؤسسة‪ ،‬ويتبع نفس اإلجراء األخير‬
‫في حالة تصحيح الهوية على إثر حكم أو إشعار من السلطات القضائية(‪.)173‬‬

‫وطبقا للمادة ‪ 612‬من ق‪.‬م‪.‬ج فإن كل مؤسسة يجب أن تتوفر كل مؤسسة سجنية‬
‫على سجل لإلعتقال ‪ ،‬يتعين ترقيم صفحاته مسبقا ترقيما متتابعا ويوقع رئيس المحكمة‬
‫االبتدائية أو القاضي المنتدب من طرفه لهذه الغاية على الصفحة األولى واألخيرة منه كما‬
‫يؤشر على باقي الصفحات(‪ ،)174‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 13‬من قانون ‪.23/98‬‬

‫‪ - 172‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.14‬‬


‫‪ - 173‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 14‬و‪.15‬‬
‫باإلضافة إلى سجل اإلعتقال طبقا للمادة ‪ 17‬من قانون السجون‪ ،‬فإنه يخصص لكل معتقل ملف يصاحبه إلى مختلف‬
‫المؤسسات السجنية التي قد ينتقل إليها‪ ،‬ويشتمل إضافة على المعلومات المتعلقة بملفه القضائي على أمور أخرى مثل‬
‫سلوكه وحالته الصحية واالجتماعية ورأي اإلدارة ومالحظتها‪.‬‬
‫‪ - 174‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 317‬و‪.318‬‬

‫‪75‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ويخضع هذا السجل لمراقبة إدارة السجون والسلطة القضائية‪ ،‬كما أن هذا السجل‬
‫يحتوي على بيان جميع المقررات أو نصوص القانون المغيرة لمدة اإلعتقال(‪.)175‬‬

‫والمالحظ أن المشرع قد نظم سجل اإلعتقال بنوع من الدقة اإلجرائية التي يتعين‬
‫االلتزام بها تحت طائلة المسائلة التأديبية أو الجنائية طبقا للمادة ‪ 611‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬وكانت‬
‫غايته من وراء هذا التنظيم المحكم هو حماية المعتقل اإلحتياطي من أي تجاوز في مدة‬
‫اعتقاله كأصل‪ ،‬أو مساس بها قد يؤدي إلى اعتقال تحكيمي وتعسفي‪ ،‬فكانت هذه الدقة‬
‫مطلوبة من أجل التأكيد على أن اإلعتقال تدبير استثنائي‪ ،‬وأن الحرية هي األصل(‪.)176‬‬

‫وللتفصيل أكثر في إجراءات تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬البد من الحديث عم المكان‬


‫القانوني الذي يجب أن يمارس فيه هذا التنفيذ‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 608‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه‪،‬‬
‫ال يمكن اإلعتقال إال بمؤسسات سجنية تابعة لوزارة العدل‪ ،‬ويودع المعتقلون اإلحتياطيون‬
‫طبقا للمادة ‪ 2‬من قانون السجون والمادة ‪ 615‬من ق‪.‬م‪.‬ج بسجن محلي‪ ،‬بالمكان الموجودة‬
‫فيه المحكمة المحالة عليها القضية كلما سمحت بذلك ضرورة األمن والقدرة اإليوائية‬
‫للمؤسسة‪.‬‬

‫وقد حرص المشرع بذلك على تقريب المعتقلين احتياطيا من مكان تواجد المحكمة‬
‫التي تنظر في قضاياهم لتيسير حقهم في الدفاع‪ ،‬ولتبسيط عملية إحضارهم‪ ،‬وتخفيض عناء‬
‫التنقل عنهم وعن ذويهم عند زيارتهم(‪.)177‬‬

‫وقد قسم القانون رقم ‪ 23-98‬المؤسسات السجنية إلى أربعة أصناف وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬السجون المركزية‪.‬‬

‫‪ -2‬السجون الفالحية‬

‫‪ -3‬السجون المحلية‪.‬‬

‫‪ - 175‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.15‬‬


‫‪ - 176‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.318‬‬
‫‪ - 177‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 15‬و‪16‬‬

‫‪76‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -4‬مراكز اإلصالح والتهذيب‪.‬‬

‫ولعل مسألة ضرورة إيداع المعتقل اإلحتياطي مؤسسة سجنية خاضعة لوزارة‬
‫العدل التي نصت عليها المادة ‪ 608‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬أصبحت تطرح إشكاال وذلك بعد أن‬
‫أصبحت السجون خاضعة لوصاية المندوبية السامية إلدارة السجون وإعادة اإلدماج‪،‬‬
‫بمقتضى الظهير الشريف رقم ‪ 01.08.49‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬أبريل ‪ ،2008‬القاضي‬
‫بتع يين المندوب العام إلدارة السجون وإعادة اإلدماج وبتحديد اختصاصاته(‪.)178‬‬

‫وقد سبق أن عملت المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج بتاريخ ‪ 9‬يناير‬
‫‪ ،2012‬على نشر توضيح حول شرعية اإلعتقال بالمؤسسات السجنية في ظل تبعيتها‬
‫للمندوبية‪ ،‬إال أن شرعية اإلعتقال بالسجون تستمد من سند اإلعتقال الصادر عن السلطة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫وأن المشرع عندما أقر بوجوب اإلعتقال بسجون تابعة لوزارة العدل‪ ،‬فإنه توخى‬
‫من ذلك اإلقرار بوجوب اإلعتقال بمؤسسات سجنية نظامية‪ ،‬بمعنى مؤسسات تخضع‬
‫لجهاز إداري يكفل تنظيم المؤسسات السجنية‪ ،‬وتطبيق القوانين المتصلة بإجراءات تنفيذ‬
‫اإلعتقال‪ ،‬وليس معنى ذلك أن المؤسسة السجنية تكتسب صفتها النظامية من وصاية وزارة‬
‫العدل حصرا(‪.)179‬‬

‫وأضافت المندوبية في بالغها بأن الظهير الشريف المتعلق بتعيين المندوب العام‬
‫إلدارة السجون وإعادة اإلدماج وبتحديد اختصاصاته‪ ،‬مكن قطاع السجون من إمكانية‬
‫تطوير هيكلته اإلدارية ومالءمتها لمتطلبات األمن واإلدماج كدورين أساسيين للمؤسسات‬
‫السجنية‪ ،‬وأن مقتضياته لم تنصرف في مضمونها إلى المس بشرعية اإلعتقال‪ ،‬وإنما أكدت‬
‫على انتقال إدارة المؤسسات السجنية من وزارة العدل إلى المندوبية العامة في احترام تام‬

‫‪ - 178‬الموقع الرسمي للمندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج ‪.www.dgapm.ma‬‬


‫‪ - 179‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.319‬‬

‫‪77‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫للمقتضيات المتصلة بتنفيذ اإلعتقال المنصوص عليها بقانون المسطرة الجنائية والقانون‬
‫المنظم للسجون(‪.)180‬‬

‫وقد تدارك مشروع قانون المسطرة الجنائية هذا الموقف‪ ،‬بأن نص في المادة ‪608‬‬
‫على أنه ال يمكن االعتقال إال بمؤسسات سجنية نظامية تابعة للسلطة الحكومية المكلفة‬
‫بالسجون‪ ،‬وخاضعة لمراقبة السلطات القضائية وفقا لما ينص عليه هذا القانون‪.‬‬

‫ولعله بذلك يكون قد رفع الحرج عن مؤسسة القضاء التي ال تجدها ترد به‬
‫الدفوعات الخاصة بهذه المسألة(‪ ،)181‬سوى أنها دفوع غير جدية وال تلزم المحكمة في‬
‫اإلجابة عنها(‪.)182‬‬

‫ومن بعد أن تطرقنا إلى إجراءات تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬سنشرع في الحديث‬
‫عن الرقابة التي قررها ق‪.‬م‪.‬ج له‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الرقابة على تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫إن الحديث عن الرقابة على تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي يقتضي منا اإلشارة ولو‬
‫بشكل مقتضب للضمانات المخولة للمعتقل احتياطيا‪ ،‬والتي تعتبر الغاية من فرض المشرع‬
‫هذه الرقابة‪ ،‬تكريسا لهذه الضمانات وينبني ذلك باألساس على اعتبار اإلعتقال اإلحتياطي‬
‫تدبيرا استثنائيا ويختلف في تنفيذه عن العقوبة التي تعتبر جزاء وإدانة للشخص‪.‬‬

‫هذا وقد كرس ق‪.‬م‪.‬ج المغربي الحقوق المستقر عليها في جميع األنظمة الجنائية‬
‫المقارنة المعاصرة واالتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -‬فما هي أهم وأبرز الضمانات المخولة للمتهم أثناء تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي؟‬

‫‪ - 180‬الموقع الرسمي للمندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج المشار إليه سابقا‪.‬‬
‫‪ - 181‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.320‬‬
‫‪ - 182‬أنظر رد المحكمة االبتدائية الزجرية بالدار البيضاء عن الدفوع الشكلية في قضية كريم الزاز ومن معه‪ ،‬موضوع‬
‫الملف الجنحي عدد ‪ 2014/7753‬والملفين المضمونين عدد ‪ 14/7019‬و‪ .2014/9264‬الحكم الصادر بتاريخ ‪-04-13‬‬
‫‪ ،2015‬غير منشور‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫إن قواعد معاملة السجناء بدأت عندما عقدت هيئة األمم المتحدة مؤتمرا لها بجنيف‬
‫سنة ‪ 1955‬بشأن مكافحة الجريمة ومعاملة المجرمين‪ ،‬وتبع ذلك مصادقة المجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي لهيئة األمم المتحدة عليها سنة ‪.)183(1957‬‬

‫وقد اهتمت هذه االتفاقية بالمعتقلين احتياطيا وأشارت إلى عدة حقوق للمعتقل من‬
‫بينها‪:‬‬

‫✓ وجوب فصل المعتقلين اإلحتياطيين عن المدانين‪ ،‬ومعاملتهم معاملة تتناسب مع‬


‫وضعهم هذا(‪.)184‬‬

‫✓ للمحبوس احتياطيا ارتداء مالبسه الخاصة شريطة أن تكون نظيفة‪.‬‬

‫✓ عدم إرغام المحبوس احتياطيا على العمل‪.‬‬

‫✓ للمحبوس احتياطيا الحق في الحصول على الكتب والجرائد واألدوات الكتابية‬


‫على نفقته الخاصة ما لم يشكل ذلك ضررا بحفظ األمن والنظام بالمؤسسة‪.‬‬

‫✓ ال يجوز حرمان المعتقل من حقه في اإلتصال بالعالم الخارجي‪ ،‬حيث نص‬


‫قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬على أنه يجب أن اليمنع المتهم من اإلتصال بالعالم‬
‫بأقربائه وعائلته‪ ،‬لكن في حدود حماية النظام الداخلي للسجن تفاديا للمساس بحق‬
‫المتهم في اإلتصال(‪.)185‬‬

‫حيث سمحت المادة ‪ 615‬للمعتقل احتياطيا بالقيام بجميع اإلتصاالت والتسهيالت‬


‫المتالئمة مع مستلزمات النظام واألمن لتمكينهم من ممارسة حقهم في الدفاع في‬
‫نطاق الحدود المقررة في القانون رقم ‪.23.98‬‬

‫‪ - 183‬مونية أحرازم‪ ،‬واقع وآفاق اإلعتقال اإلحتياطي بالمغرب‪ ،‬ص ‪.60‬‬


‫‪ - 184‬القواعد الدولية لمعاملة السجناء‪ ،‬تقديم محمد أوجار‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ - 185‬د‪ .‬محمد أحداف‪ ،‬شرح ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬ص ‪.430‬‬

‫‪79‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ويمكن أن يكون هذا الحق محل منع من طرف قاضي التحقيق باستثناء اإلتصال‬
‫بالمحامي(‪.)186‬‬

‫✓ إقامة المحبوس احتياطيا في حجرة بمفرده جيدة التهوية‪ ،‬زد على ذلك أن‬
‫المشرع حدد في الفقرة الثانية من م ‪ 608‬من ق‪.‬م‪.‬ج قد حدد مكان تنفيذ اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي‪ ،‬حيث ال يمكن أن يتم اإلعتقال إال بمؤسسات سجنية تابعة لوزارة‬
‫العدل‪،‬‬

‫ويودع المعتقلون احتياطيا طبقا للمادتين ‪ 2‬من ق ‪ 23/98‬والمادة ‪ 615‬من‬


‫ق‪.‬م‪.‬ج بسجن محلي بالمكان الموجودة فيه المحكمة المحالة عليها القضية كلما‬
‫سمحت بذلك ضرورة األمن والقدرة اإليوائية للمؤسسة‪ ،‬وقد حرص المشرع‬
‫بذلك على تقريب المعتقلين احتياطيا من مكان المحكمة التي تنظر في قضاياهم‬
‫لتيسير حقهم في الدفاع ولتبسيط عملية إحضارهم وتخفيف عبء التنقل عن‬
‫ذويهم(‪.)187‬‬

‫✓ وبخصوص مدة العقوبة يتم احتسابها من يوم إيداع الشخص رهن اإلعتقال‬
‫(ف ‪ 30‬من القانون الجنائي)‪ ،‬ولذا كان قد وضع تحت الحراسة النظرية فإن‬
‫هذه الفترة تحتسب أيضا وهو ما أكدته م ‪ 613‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫هذه الضمانات وغيرها التي أقرها المشرع للمعتقلين احتياطيا وفي ظل العشوائية‬
‫في إصدار األوامر باإلعتقال اإلحتياطي وتنفيذها‪ ،‬تظل مجرد حبر على ورق‪ ،‬الشيء‬
‫الذي تطلب فرض نوع من الرقابة على تنفيذ عمليات اإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫مما الشك فيه أن أية ضمانات كيفما كانت قيمتها ومضمونها فإنها لن تحقق الغاية‬
‫من وراء سنها ما لم تكن هناك مراقبة لمدى تفعيلها‪ ،‬والمعتقل احتياطيا ولعدم انتهاء‬

‫‪ - 186‬تنص المادة ‪ 136‬من ق‪.‬م‪.‬ج " يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بمنع اتصال المتهم بالغير لمدة عشرة أيام قابلة‬
‫للتجديد مرة واحدة فقط‪.‬‬
‫وال يسري المنع من االتصال على محامي المتهم في جميع األحوال‪.‬‬
‫‪ - 187‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الشروح‬
‫والدالئل‪ ،‬العدد ‪ ،8‬السنة ‪ ،2007‬ص ‪.15‬‬

‫‪80‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫إجراءات محاكمته أو التحقيق معه فإنه يكون في عهدة قاضي التحقيق أو النيابة العامة أو‬
‫المحكمة‪.‬‬

‫وبالتالي ال ينبغي التقصير في اإلشراف عليه ومراقبة اإلعتقال الذي يخضع له‬
‫على مستوى المؤسسة السجنية ما دام أن هذه السلطة القضائية هي من أمرت بهذا‬
‫اإلعتقال‪.‬‬

‫ومراقبة السلطة القضائية إنما يشكل رقابة إضافية للرقابة اإلدارية التي توليها‬
‫إدارة السجن اعتبارا لكونها المتعامل المباشر مع المعتقل احتياطيا على مستوى مكان تنفيذ‬
‫اإلعتقال وهو المؤسسة السجنية(‪.)188‬‬

‫هكذا فإن المشرع أوجد نوعين من الرقابة‪ ،‬رقابة قضائية(‪ ،)1‬وأخرى إدارية(‪.)189‬‬

‫أوال‪ :‬الرقابة القضائية‪:‬‬


‫من أجل تفعيل المقتضيات الرامية إلى حماية حقوق السجناء وأنسنة القضاء‬
‫السجني‪ ،‬أولى المشرع أهمية كبرى لمواكبة المعتقلين وأحدث ألجل ذلك آليات للمراقبة‬
‫عهد بها لجهات مختلفة‪ ،‬وحسب قانون المسطرة الجنائية فإن الجهات المعهود إليها بهذه‬
‫المراقبة هي النيابة العامة وقاضي تطبيق العقوبة وقاضي التحقيق ورئيس الغرفة الجنحية‬
‫وقاضي األحداث(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬النيابة العامة‪:‬‬
‫إضافة إلى ما جاء بالمادة ‪ 616‬ق‪.‬م‪.‬ج التي تخول لوكيل الملك أو أحد نوابه القيام‬
‫بتفقد السجناء من أجل التأكد من صحة اإلعتقال ومن حسن مسك سجالته‪ ،‬فإن للنيابة‬
‫العامة كذلك صالحيات زيارة المؤسسات السجنية ومراقبتها(‪ )190‬باعتبارها الساهرة على‬
‫تنفيذ المقررات وتتبع تنفيذ الصادرة منها باإلدانة‪.‬‬

‫‪ - 188‬د‪ .‬سعيد بوطويل " اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي‪ ،‬ص ‪.335‬‬
‫‪ - 189‬شرح ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬وزارة العدل الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 190‬المادة ‪ 6‬من المرسوم رقم ‪ 2.00.485‬والمواد ‪ 37‬و‪ 597‬ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -2‬قاضي تطبيق العقوبة‪:‬‬


‫بينت م ‪ 596‬من ق‪.‬م‪.‬ج أن قاضي تطبيق العقوبة يعهد إليه بزيارة المؤسسات‬
‫السجنية التابعة لدائرة المحكمة االبتدائية التي ينتمي إليها مرة كل شهر على األقل‪ ،‬ويتتبع‬
‫مدى تطبيق القانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية في شأن قانونية اإلعتقال‬
‫وحقوق السجناء ومراقبة سالمة إجراءات التأديب واإلطالع على سجالت اإلعتقال(‪.)191‬‬

‫فقد احدث المشرع مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة كآلية مدعمة لدور النيابة العامة‪،‬‬
‫وباإلضافة إلى مراقبة مدى تطبيق القانون المتعلق بتسيير المؤسسات السجنية أسندت له‬
‫المهام التالية‪:‬‬

‫‪ -‬اإلطالع على سجالت اإلعتقال وإعداد تقرير عن كل زيارة يضمنه مالحظاته‬


‫يوجهه إلى وزير العدل مع توجيه نسخة منه إلى النيابة العامة‪.‬‬

‫‪ -‬إمكانية مسك بطاقات خاصة بالسجناء الذين يتتبع وضعيتهم تتضمن بيانات حول‬
‫هويتهم ورقم اعتقالهم والمقررات القضائية والتأديبية الصادرة في شأنهم ومالحظاته‪.‬‬

‫وتجب اإلشارة إلى أن إنشاء مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة يشكل توجها جديدا‬
‫يرمي إلى إشراك السلطة القضائية في تتبع تنفيذ العقوبة إلى جانب الجهات األخرى‬
‫المعهود لها بالتنفيذ والمراقبة تعزيزا لدور هذه الجهات‪.‬‬

‫كما أن منح قاضي تطبيق العقوبة حق االقتراح للعفو واإلفراج المقيد ال يشكل‬
‫تداخال بين اختصاصاته واختصاصات مديري المؤسسات السجنية أو الجهات التي يحق‬
‫لها اقتراح هذين التدبيرين بل إطار للتعاون والتنسيق يجب تفعيله لما فيه مصلحة‬
‫السجناء(‪.)192‬‬

‫‪ - 191‬د‪ .‬سعيد بوطويل " اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي‪ ،‬ص ‪.336‬‬
‫‪ - 192‬شرح ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬وزارة العدل الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪82‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -3‬قاضي التحقيق‪:‬‬
‫يعمل قاضي التحقيق وفقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية على تفقد المعتقلين‬
‫اإلحتياطيين مرة كل شهر على األقل(‪ )193‬ليتسنى له تتبع وضعيتهم الجنائية وخاصة‬
‫المتعلقة بمدة اإلعتقال‪ ،‬ولكي يتتبع التدابير الكفيلة بتسهيل إعادة اإلدماج التي يقوم بإجراء‬
‫بحث حولها طبقا للمادة ‪ 87‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬ولتتبع الحاالت التي يكون قد أصدر بشأنها أمرا‬
‫بمنع اإلتصال بالغير طبقا للمادة ‪ 136‬من نفس القانون(‪.)194‬‬

‫ونظرا لكون اإلعتقال اإلحتياطي تدبيرا استثنائيا‪ ،‬فإن هذه الزيارات تكون مناسبة‬
‫للقاضي لتقدير مدى جدوى استمراره‪ ،‬إذ أنه سيقف بعين المكان على ظروف اإلعتقال‬
‫وإكراهاته مما سيمكنه من إعطاء تقدير دقيق لحالة االستثناء‪.‬‬

‫‪ -4‬رئيس الغرفة الجنحية‪:‬‬


‫جاء في م ‪ 249‬من ق‪.‬م‪.‬ج أن رئيس الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف يقوم هو‬
‫أو من ينوب عنه بزيارة المؤسسات السجنية التابعة لنفوذ محكمة اإلستئناف مرة كل ثالثة‬
‫أشهر على األقل‪ ،‬ويتحقق من حالة المتهمين الموجودين في حالة اعتقال احتياطي(‪.)195‬‬

‫كما له أن يطلب من قاضي التحقيق جميع البيانات الالزمة‪ ،‬وإذا ظهر له أن‬
‫اإلعتقال ال مبرر له يوجه لهذا األخير التوصيات لتي يراها ضرورية‪.‬‬

‫‪ -5‬قاضي األحداث‪:‬‬
‫نظرا لخصوصية األحداث المتمثلة في صغر سنهم واحتياجهم إلى رعاية ومعاملة‬
‫متميزتين ألجل إعادة تربيتهم وتأهيلهم‪ ،‬فقد نص المشرع على عدة قواعد سواء في قانون‬
‫المسطرة الجنائية أو القانون المنظم للسجون تراعي هذه الخصوصية‪ ،‬وأوكل لقاضي‬

‫‪ - 193‬المادة ‪ 54‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬


‫‪ - 194‬تنص المادة ‪ 136‬في فقرتها الثانية على‪" :‬يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بمنع اتصال المتهم بالغير لمدة ‪ 10‬أيام‬
‫قابلة للتجديد مرة واحدة‪.‬‬
‫‪ - 195‬د‪ .‬سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي‪ ،‬ص ‪.336‬‬

‫‪83‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫األحداث طبقا م ‪ 473‬ق‪.‬م‪.‬ج صالحية تفقد المعتقلين منهم‪ ،‬للسهر على ضمان تمتعهم‬
‫بالحقوق التي يخولها لهم القانون‪ ،‬ويقوم بذلك مرة في الشهر على األقل‪.‬‬

‫هكذا فالغاية من اإلشراف القضائي على السجون هي‪:‬‬

‫‪ -‬التأكد من عدم وجود معتقل بصفة غير قانونية‪.‬‬

‫‪ -‬اإلطالع على دفاتر اإلعتقال وشكليات اإلعتقال ومشروعية اإلجراءات الخاصة‬


‫بالمعتقلين‪.‬‬

‫‪ -‬اإلتصال بالمعتقلين وسماع شكاويهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة اإلدارية‪:‬‬


‫تنص المادة ‪ 21‬من قانون السجون على أن مدير المؤسسة يعتبر مسؤوال عن‬
‫قانونية اإلعتقال‪ ،‬ويجب عليه تبعا لذلك إشعار السلطات القضائية المختصة وإدارة‬
‫السجون بالوضعية الجنائية لكل معتقل تبدو له أنها غير قانونية(‪.)196‬‬

‫وبالتالي فقد أوكل المشرع لمدير المؤسسة السجنية مراقبة شكليات اإلعتقال من‬
‫خالل التأكد من كون سند اإلعتقال مستوف للشروط الشكلية المنصوص عليها في قانون‬
‫المسطرة الجنائية‪ ،‬والتأكد من تطبيق قانون ‪ 23.98‬السيما فيما يخص المعتقلين‬
‫احتياطيا(‪.)197‬‬

‫وإلى جانب مدير المؤسسة السجنية فقد أناط المشرع للجنة اإلقليمية المنصوص‬
‫عليها في م ‪ 620‬ق‪.‬م‪.‬ج(‪ )198‬بمجموعة من االختصاصات (‪ ،)2‬وقبل ذلك تتكون هذه‬
‫اللجنة من هيأت مختلفة لممارسة تلك الصالحيات(‪.)1‬‬

‫‪-1‬تكوين اللجنة‪:‬‬
‫تتكون لجنة المراقبة من(‪:)199‬‬

‫‪ - 196‬قانون ‪ 23.98‬المتعلق بتنظيم السجون المغربية‪.‬‬


‫‪ - 197‬د‪ .‬سعيد بوطويل " اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي‪ ،‬ص ‪.338‬‬
‫‪ - 198‬تنص المادة ‪ 620‬ق‪.‬م‪.‬ج‪" :‬تكلف كل والية أو عمالة أو إقليم لجنة للمراقبة‪"...‬‬

‫‪84‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -‬والي الجهة أو عامل العمالة أو اإلقليم أو من يمثله بصفته رئيسا؛‬

‫‪ -‬رئيس المحكمة ا البتدائية التي يوجد بها السجن ووكيل الملك لديها؛‬

‫‪ -‬قاضي تطبيق العقوبة؛‬

‫‪ -‬ممثل السلطة العمومية المكلفة بالصحة؛‬

‫‪ -‬رئيس مجلس الجهة ورئيس مجلس الجماعة اللتين توجد بهما المؤسسة السجنية؛‬

‫‪ -‬ممثلو قطاعات الشؤون االجتماعية والشبيبة الرياضية والتكوين المهني‪،‬‬


‫وأعضاء متطوعين يعينهم وزير العدل من بين الجمعيات أو الشخصيات المعروفة‬
‫باهتمامها بمصير المحكوم عليه‪.‬‬

‫ولم يبين القانون كيفية اختيار األعضاء المتطوعين‪ ،‬ولكن جرى العمل على‬
‫اقتراحهم من طرف رئيس اللجنة باعتبار اهتمامهم بالعمل اإلنساني والخيري ومن بين‬
‫أعضاء الجمعيات الحقوقية‪.‬‬

‫‪ -2‬اختصاصات لجنة المراقبة‪:‬‬


‫طبقا للمادة ‪ 620‬ق‪.‬م‪.‬ج تختص لجنة المراقبة بالسهر على توفير وسائل الصحة‬
‫واألمن والوقاية من األمراض‪ ،‬وعلى نظام التغذية للمعتقلين‪ ،‬وكذا المساعدة على إعادة‬
‫تربيتهم األخالقية وإدماجهم اجتماعيا‪.‬‬

‫* السهر على توفير وسائل الصحة‪:‬‬

‫طبقا للمادة ‪ 125‬من القانون رقم ‪ ،23.98‬فإنه يجب أن تتوفر كل مؤسسة سجنية‬
‫على مصحة تجهز تبعا ألهمية المؤسسة على أن ال يقل ما بها من تجهيزات عما هو‬
‫موجود بمستوصفات القطاع العام‪ ،‬للتمكن من تقديم العالجات واإلسعافات المناسبة‬
‫للمرض‪ ،‬ومن تخصيص نظام مال ئم لحاجيات المعاقين والمصابين بأمراض مزمنة‪ ،‬ومن‬
‫عزل المصابين بأمراض معدية‪ ،‬وتهيأ محالت إلجراء الفحوص وغيرها للصيدليات‪.‬‬

‫‪ - 199‬شرح ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬وزارة العدل الجزء الثالث‪ ،‬ص‬

‫‪85‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫* السهر على نظام تغذية المعتقلين‪:‬‬

‫طبقا للمادة ‪ 76‬من المرسوم عدد ‪ ،2.00.485‬فإن الوجبات المخصصة للسجناء‬


‫يجب أن تكون كافية ومتوازنة من الناحية الصحية‪ ،‬ولجنة المراقبة تسهر على توفير كل‬
‫ذلك مع مراعاة الميزانية المرصودة لهذا الجانب‪.‬‬

‫* إعادة التربية األخالقية واإلدماج‪:‬‬

‫وذلك نظرا للدور المتطور للسجون التي صبحت إلى كونها مؤسسة لتنفيذ العقوبة‪،‬‬
‫فضاء لإلصالح والتربية والتأهيل قصد تسهيل عملية إدماج المعتقل بمد اإلفراج عنه‪.‬‬

‫وفي نهاية المطاف غاية المشرع من وراء فرض هذه الرقابة التي تعد الرقابة‬
‫المباشرة لتنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬السيما تلك التي يقوم بها مدير المؤسسة باعتباره‬
‫المحتك المباشر بالمعتقل‪ ،‬هو تكريس الضمانات الممنوحة للمعتقل احتياطيا والتي سبق‬
‫اإل شارة إليها‪ ،‬حتى ال يعاقب مرتين األولى بتقييد حريته والثانية بالمس بضمانات تنفيذه‬
‫لإلعتقال(‪.)200‬‬

‫هكذا وبعد أن تناولنا الحديث في هذا اإلطار عن إجراءات اإلعتقال اإلحتياطي‬


‫وتنفيذه بالمؤسسة السجنية وأهم الضمانات المخولة للمعتقل احتياطيا والرقابة التي فرضها‬
‫المشرع تكريسا لهذه الضمانات‪ ،‬ننتقل إلى الحديث عن مسألة مهمة والمتعلقة بانتهاء‬
‫اإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫‪ - 200‬د‪ .‬سعيد بوطويل " اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي‪ ،‬ص ‪.338‬‬

‫‪86‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إنهاء اإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬


‫اإلعتقال اإلحتياطي تدبير استثنائي ومؤقت استلزمته ضرورة حسن سير التحقيق‪،‬‬
‫حيث يمكن وضع حد له في أي وقت إذا زالت أسبابه التي تطلبت اتخاذه في حق المتهم‬
‫وذلك عن طريق اإلفراج المؤقت‪ ،‬الذي يمكن اللجوء إليه في جميع الجرائم الخاضعة‬
‫للتحقيق في أي مرحلة من مراحل الدعوى العمومية(‪.)201‬‬

‫بما أن اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬هو عبارة عن تدبير استثنائي مؤقت بطبيعته استلزمته‬
‫فقط ضرورة حسن سير تحقيق وضمان فعاليته‪ ،‬وعموما مصلحته (أي التحقيق)‪ ،‬فإن هذه‬
‫الخاصية تسمح بوضع حد له في أي وقت إذا هي ارتفعت‪ ،‬أو تغيرت أسباب (العلة) التي‬
‫استدعت اتخاذه في حق المتهم‪ ،‬وذلك عن طريق "اإلفراج المؤقت" الذي سمح القانون‬
‫باللجوء إليه في جميع الجرائم التي تخضع للتحقيق اإلعدادي‪ ،‬وفي جميع المراحل التي‬
‫تكون عليها الدعوى وبالنسبة لجميع المتهمين‪.‬‬

‫وبتأملنا هذا للنصوص العائدة لموضوع يتبين بأن اإلفراج المؤقت في القانون‬
‫المغربي إما وجوبي "بقوة القانون" (فقرة أولى) وإما جوازي (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلفراج المؤقت الوجوبي‪:‬‬


‫إن اإلفراج الوجوبي يكون بمقتضاه قاضي التحقيق ملزم بوضع حد اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي‪ ،‬دون أن يكون له حق تقدير مالئمة اتخاذ هذا اإلجراء من عدمه على اعتبار‬
‫أن حاالته محددة بنص القانون(‪ )202‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬انقضاء مدة اإلعتقال‪:‬‬


‫ينقضي اإلعتقال اإلحتياطي بانقضاء مدته األصلية وهي شهر واحد في الجنح‬
‫وشهرين في الجنايات دون أن يتم تمديد هذه الفترة أو بعد استنفاذ كل التمديدات‪ ،‬دون‬
‫اتخاذ قاضي التحقيق أمرا ينهي به التحقيق‪ ،‬حيث يستفاد من المادتين ‪ 176‬من قانون‬

‫‪ - 201‬أحمد الخمليشي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.387‬‬
‫‪ - 202‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.387‬‬

‫‪87‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫المسطرة الجنائية (العائدة للجنح) والمادة ‪ 177‬من قانون المسطرة الجنائية (العائدة‬
‫للجنايات)‪.‬‬

‫بأن على قاضي التحقيق حينئذ إطالق سراح المعتقلين احتياطيا وجوبا (بقوة‬
‫القانون) ويتابع التحقيق معهم وفي حالة سراح(‪ )203‬وبالرجوع إلى المادة ‪ 147‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫فإنه يتعين على قاضي أو موظف أمر بإلقاء المتهم في السجن أو سمح بإبقائه فيه يتعرض‬
‫للعقوبات المقررة للزجر عن اإلعتقال اإلحتياطي التعسفي بعد انصرام فترته‬
‫القانونية(‪.)204‬‬

‫ثانيا‪ :‬إصدار قاضي التحقيق األمر بعدم المتابعة‪:‬‬


‫إذا تبين لقاضي التحقيق األفعال ال تخضع للقانون الجنائي أو لم تعد خاضعة له‬
‫بعدما كانت كذلك أو لعدم كفاية األدلة ضد المتهم‪ ،‬أو كان الفاعل شخص مجهول‪ ،‬فإنه‬
‫يصدر أمرا بعدم المتابعة‪ ،‬حيث يتعين عليه حاال اإلفراج عن المتهم المعتقل احتياطيا رغم‬
‫استئناف أمر القاضي بعدم وجوب إقامة الدعوى من طرف النيابة العامة(‪.)205‬‬

‫وبالتالي فإن انصرام أمد اإلعتقال اإلحتياطي بتمديداته إذا لم يتخذ قاضي التحقيق‬
‫أمرا بانتهاء التحقيق سواء بالمتابعة واإلحالة أو بعدم المتابعة‪ ،‬فإن عليه أن يقوم بإصدار‬
‫أمره باإلفراج عن المتهم‪ ،‬وتبقى إجراءات التحقيق سارية في حالة سراح‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عدم بث قاضي التحقيق في طلب اإلفراج المؤقت‪:‬‬


‫إذا لم يبت قاضي التحقيق في طلب اإلفراج المؤقت المقدم من طرف المتهم‪ ،‬داخل‬
‫أجل خمسة أيام المادة ‪ 179‬ق‪.‬م‪.‬ج فإنه يمكن للمتهم أن يرفع طلبه إلى الغرفة الجنحية‬
‫بمحكمة اإلستئناف‪ ،‬التي تبت فيه داخل أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم‬

‫‪ - 203‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ - 204‬الدكتور محمد أحداف‪ ،‬شرح المسطرة الجنائية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.323‬‬
‫‪ - 205‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.104-103‬‬

‫‪88‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫الطلب‪ ،‬وذلك بعد أن تتقدم لها النيابة العامة بملتمسات كتابية معللة‪ ،‬وإال فيقع مباشرة‬
‫اإلفراج المؤقت عن المتهم ما لم يكن هناك إجراء إضافي للتحقيق(‪.)206‬‬

‫كما يقع اإلفراج المؤقت عن المتهم مباشرة في الحالة التي يرفع المتهم أو محاميه‬
‫طلب اإلفراج المؤقت إلى الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف بعد أن أحجم قاضي التحقيق‬
‫عن البت فيه داخل أجل خمس أيام‪ ،‬فهنا على الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف أن تبت‬
‫في الطلب في هذه الحالة داخل أجل ‪ 15‬يوم وإال فيقع مباشرة اإلفراج المؤقت عن المتهم‬
‫ما لم يكن هناك إجراء إضافي للتحقيق‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 179‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫والحالة الثالثة من اإلفراج الوجوبي هي التي تنظمها المادة ‪ 216‬من قانون‬


‫الم سطرة الجنائية التي أوجبت على قاضي التحقيق اإلفراج حاال عن المتهم المعتقل رغم‬
‫استئناف النيابة العامة إذا ما أصدر أمرا بعدم المتابعة‪.‬‬

‫وإصدار أمر بعدم المتابعة من قبل قاضي التحقيق‪ ،‬يتم في حالة ما تبين له أن‬
‫األفعال ال تخضع للقانون الجنائي أو لم تعد خاضعة له أو أنه ليست هناك أدلة كافية ضد‬
‫المتهم أو أن الفاعل ظل مجهوال‪.‬‬

‫وانطالقا مما سبق تكون حاالت اإلفراج المؤقت الوجوبي على المتهم تتعلق بـ‪:‬‬

‫• عدم إصدار قاضي التحقيق أمرا بانتهاء التحقيق خالل مدة اإلعتقال اإلحتياطي‬
‫بتمديداتها‪.‬‬

‫• عدم بت الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف في طلب اإلفراج داخل أجل خمسة‬
‫عشر يوما‪ ،‬بعد أن رفع إليها من المتهم أو محاميه نتيجة مرور أجل خمسة أيام‬
‫دون بث قاضي التحقيق فيه‪.‬‬

‫• إصدار أمر بعد المتابعة‪.‬‬

‫‪ - 206‬فؤاد بنيخلف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.159‬‬

‫‪89‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫• ونرى أنها حاالت واضحة لإلفراج الوجوبي ذلك أن المشرع قد نظمها وسن‬
‫أحكامها بمقتضى القانون‪ ،‬ولم يترك تقديرها للسلطة القضائية وفقا لكل تأويل‬
‫أو تفسير ال ينسجم واستثنائية اإلعتقال‪.‬‬

‫‪ ‬وفي الحاالت التي ال تتقدم فيها النيابة العامة بملتمساتها‪ ،‬أو قدمت هذه‬
‫الملتمسات ولكن لم يتم تعليلها‪ ،‬فإن الغرفة الجنحية في حالة توفر إحدى الحالتين تأمر‬
‫باإلفراج الفوري عن المتهم ما لم يكن هناك إجراء إضافي للتحقيق(‪.)207‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلفراج المؤقت الجوازي‪:‬‬


‫إن اإلفراج اإلختياري عن المتهم يكون متروكا لتقدير السلطات التي تفصل في‬
‫موضوع اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬ألن القاعدة هي أن من يملك األمر بالحبس يكون له سلطة‬
‫األمر باإلفراج متى كان التحقيق بين يديه(‪.)208‬‬

‫مفاد اإلفراج اإلختياري أن اتخاذه باألمر به من عدمه‪ ،‬رهين بتقدير قاضي‬


‫التحقيق الذي يرى بأن مصلحة التحقيق اإلعدادي لم تعد تقتضي اإلبقاء على اعتقال المتهم‬
‫احتياطيا أو العكس‪.‬‬

‫هذا وعمال بالنصوص المخصصة للموضوع‪ ،‬فإنه يمكن أن تتخذ مبادرة تمتيع‬
‫بالسراح المؤقت عن المتهم من قاضي التحقيق تلقائيا وبعد استشارة النيابة العامة‪ ،‬بشرط‬
‫أن يلتزم المتهم (المفرج عنه) بالحضور لجميع إجراءات الدعوى كلما دعى لذلك بإخبار‬
‫قاضي التحقيق بجميع تنقالته أو باإلقامة في مكان معين(‪.)209‬‬

‫كما يمكن لقاضي التحقيق أن يضمن قرار اإلفراج المؤقت إجراءات يهدف من‬
‫خاللها إلى ضمان حضور المتهم أمامه‪ ،‬ويسند مهمة ضمان التزام المتهم بالحضور‬
‫بالمؤسسات العمومية أو الخاصة‪.‬‬

‫‪ - 207‬الدكتور محمد عبد النباوي الوكيل العام للملك لدى محكمة انقض‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث‬
‫التمهيدي والقضائي‪ ،‬المبررات والضمانات‪ ،‬دار اآلفاق المغربي للنشر والتوزيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.287‬‬
‫‪ - 208‬فؤاد بنيخلف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪ - 209‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬

‫‪90‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫يكون على المتهم تقديم الوثائق والشهادات من هذه المؤسسات(‪.)210‬‬

‫وعالوة على كل ما سبق‪ ،‬يمكن أن يكون اإلفراج المؤقت مرفوقا بالوضع تحت‬
‫المراقبة القضائية وفقا للشكليات المقررة من المواد من ‪ 160‬إلى ‪ 174‬من ق‪.‬م‪.‬ج (المادة‬
‫‪ 1/178‬ق‪.‬م‪.‬ج)‬

‫كما أن المبادرة بالتمتيع بالسراح أو اإلفراج المؤقت‪ ،‬قد تكون بالتماس من النيابة‬
‫العامة "للوكيل العام للملك أو وكيل الملك بحسب األحوال" وذلك في كل وقت وحين‪ ،‬حيث‬
‫يتعين على قاضي التحقيق في هذه الحالة البث في هذا اإللتماس خالل أجل ‪ 5‬أيام من‬
‫تاريخ تقديم هذه الملتمسات (المادة ‪ 2/172‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬

‫ويتخذ قاضي التحقيق قرار اإلفراج المؤقت عن المتهم في أي مرحلة من مراحل‬


‫التحقيق اإلعدادي ولو مباشرة بعد اتخاذه‪ ،‬إذا كان هذا اإلعتقال اإلحتياطي غير مقرر‬
‫بموجب القانون(‪.)211‬‬

‫أوال‪ :‬انقضاء اإلعتقال اإلحتياطي باإلفراج الجوازي‪:‬‬


‫اإلفراج المؤقت الجوازي هو إمكانية مخولة لقاضي التحقيق في جميع القضايا‪،‬‬
‫يستعملها متى اعتبر أن موجبات اإلعتقال اإلحتياطي لم تعد قائمة وأنه ال يخشى إن أطلق‬
‫سراح المتهم أن يؤطر على سير إجراءات التحقيق وكل ما يتعين هو استشارة النيابة العامة‬
‫من غير ذي تأثير على رأي القاضي‪.‬‬

‫فقد نصت المادة ‪ 178‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه يجوز لقاضي التحقيق في جميع القضايا‬
‫بعد استشارة النيابة العامة أن يأمر باإلفراج المؤقت تلقائيا إذا كان اإلفراج غير مقرر‬
‫بموجب القانون‪ ،‬بشرط أن يلتزم المتهم بالحضور لجميع إجراءات الدعوى كلما دعي‬
‫لذلك‪ ،‬وبأن يخبر قاضي التحقيق بجميع تنقالته أو باإلقامة في مكان معين‪ ،‬كما يمكن ربط‬

‫‪ - 210‬مستجدات قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ندوات محاكم فاس‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪ - 211‬الدكتور محمد أحداف‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.433‬‬

‫‪91‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫اإلفراج المؤقت بإدالء المعني باألمر بشهادة من مؤسسة عمومية أو خاصة للصحة أو‬
‫التعليم تؤكد تكفلها بالمتهم أثناء مدة هذا اإلفراج‪.‬‬

‫ويمكن كذلك أن يتوقف هذا اإلفراج على وجوب االلتزام بتقديم ضمانة مالية أو‬
‫ضمانة شخصية(‪ )212‬أو أن يكون مرفوقا بالوضع تحت المراقبة القضائية‪.‬‬

‫فالمقتضيات أعاله تنظم اإلفراج المؤقت التلقائي من قبل قاضي التحقيق من دون‬
‫توصله بطلب من المتهم أو محاميه والذي يقضي به بعد استشارة النيابة العامة هذه‬
‫األخيرة قد مكنها المشرع كذلك من أن تلتمس في كل وقت وحين اإلفراج المؤقت‪ ،‬وعلى‬
‫قاضي التحقيق أن يبث في ملتمسها داخل أجل خمسة أيام من تاريخ تقديم الملتمس‪ ،‬وهذا‬
‫اإلجراء يكشف الدور الحقيقي لممثل النيابة العامة‪.‬‬

‫فرغم تحريكه للمتابعات ودفاعه عن اإلتهام‪ ،‬فإن له دور القاضي الموضوعي‬


‫الذي يجب عليه أن يرجح مصالح العدالة‪ ،‬فالنيابة العامة الحديثة خرج بها المشرع من‬
‫منطلق الزجر المجرد إلى مؤسسة العدالة التصالحية‪.‬‬

‫وما يزكي ذلك هو أنه مكنها من طلب إطالق سراح المتهم الذي تم اعتقاله مسبقا‬
‫بناء على ملتمس منها‪ ،‬وإذا لم يبت قاضي التحقيق في ملتمسها داخل خمسة أيام فإن لها أن‬
‫ترفع الطلب إلى الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف وفق الشروط واآلجال المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 179‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫ونرى أن المشرع المغربي ملزم بتبني هذا اإلجراء بأن يتم إطالق سراح المتهم‬
‫فورا وبقوة القانون بمرور أجل ‪ 5‬أيام عن تقديم طلب اإلفراج من النيابة العامة وإحجام‬
‫قاضي التحقيق عن البث فيه وذلك من دون حاجة إلى رفعه أمام الغرفة الجنحية‪ ،‬فاألصل‬
‫هو أن النيابة العامة هي ممارسة ومراقبة الدعوى العمومية وهي عين المجتمع والدولة‪،‬‬

‫‪ - 212‬والكفالة الشخصية كانت سابقا عبارة عن تعهد من شيوخ القبائل وأصحاب الرئاسة اآلمرة بإحضار المتهم عند‬
‫طلبه دون أن يكون هناك التزام قانوني مفروض عليهم إذ لم يعدم في حالة ما امتنع المتهم عن الحضور فإنه سيعيش‬
‫خارج ذلك لمكان الذي ينتمي إليه ألنه سيكون منبوذا من قبل جماعته‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫فإن كانت قد التمست إطالق سراح المتهم فإن ذلك الشك بسبب زوال االضطراب‬
‫االجتماعي الذي أحدثته الجريمة‪.‬‬

‫فضال على اإلفراج المؤقت التلقائي بمبادرة قاضي التحقيق أو بملتمس من النيابة‬
‫العامة‪ ،‬فإن المتهم له في كل وقت طبقا للمادة ‪ 179‬من ق‪.‬م‪.‬ج أن يقدم طلب اإلفراج‬
‫المؤقت إلى قاضي التحقيق‪.‬‬

‫ويجب على قاضي التحقيق خالل ‪ 24‬ساعة من وقت وضع الطلب أن يوجه الملف‬
‫إلى النيابة العامة لتقديم ملتمساتها وأن يشعر بذلك الطرف المدني خالل نفس األجل برسالة‬
‫مضمونة ليمكنه من اإلدالء بمالحظاته‪.‬‬

‫وعليه البت في الطلب داخل أجل ‪ 5‬أيام وإال للمتهم رفع طلبه إلى الغرفة الجنحية‬
‫بمحكمة اإلستئناف التي تبت فيه داخل أجل ‪ 15‬يوما بعد تقديم النيابة العامة لملتمساتها‬
‫الكتابية المعللة‪ ،‬وإال فيقع مباشرة اإلفراج عن المتهم‪.‬‬

‫والمالحظ أن إشعار الطرف المدني بوضع طلب السراح وانتظار مالحظاته في‬
‫هذا اإلطار تشكل مقتضى زائدا وعقيما مادام أنه ال يمكنه أن يستأنف بأي حال من‬
‫األحوال أمرا قضائيا باعتقال لمتهم أو اإلفراج عنه بحسب مقتضيات م ‪ 224‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫وليس المشرع المغربي فقط استوجب لإلفراج المؤقت الجوازي شرطي التزام‬
‫المتهم بالحضور لجميع إجراءات الدعوى وأن يخبر قاضي التحقيق بجميع تنقالته أو‬
‫باإلقامة في مكان معين‪ ،‬بل أن هناك تشريعات مقارنة استوجبت ذلك ومنها المشرع‬
‫المصري‪.‬‬

‫أما المشرع المغربي فقد اشترط فقط كأصل الشرطين المذكورين سابقا إال أنه مع‬
‫ذلك مكن قاضي التحقيق من أن يقرن اإلفراج بالوضع تحت تدابير المراقبة القضائية أو‬
‫تقديم ضمانة م الية أو شخصية‪ ،‬وهنا البد من التوضيح أن اقتراح اإلفراج المؤقت‬
‫بالمراقبة القضائية‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫فاإلفراج المؤقت الجوازي رهين بسلطة قاضي التحقيق ويرتبط بمصلحة التحقيق‬
‫كما ال يرتبط حق المتهم في طلب اإلفراج بموعد معين‪ ،‬وإذا رفض طلبه مرة جاز له أن‬
‫يقدم الطلب مرة ثانية وثالثة‪.‬‬

‫والكفالة الشخصية هي تعهد شخص من الناس يلتزم به بإحضار المتهم المفرج‬


‫عنه مع طلبه‪ ،‬وتنفيذ جميع االلتزامات المفروضة عليه إذا ما اخل بهذا التعهد‪.‬‬

‫والشك أن إقرار المشرع لهذا األمر القصير إنما أراد به مصلحة المتهم المعتقل‬
‫وعدم اإلبقاء عليه لفترة طويلة وراء القضبان السيما أن أجل اإلستئناف المخول للنيابة‬
‫العامة يوقف تنفيذ اإلفراج بحيث يظل معتقال‪ ،‬وهو مقتضى يحسب للمشرع في تكريس‬
‫ضمانات قوية للمتهم‪ ،‬وكذا تجسيد مبدأ أن الحرية هي األصل(‪.)213‬‬

‫وباستئناف أمر قاضي التحقيق باإلفراج أو برفضه فإن الغرفة الجنحية بمحكمة‬
‫اإلستئنا ف تبقى مختصة للبث في اإلستئناف والتي مكنها المشرع طبقا للمادة ‪ 321‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬من النظر في طلبات اإلفراج المؤقت المقدمة إليها مباشرة تطبيقا‬
‫لمقتضيات الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة ‪ 179‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وفي‬
‫اإلستئناف المرفوعة ضد أوامر قاضي التحقيق طبقا للمادة ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬وطبعا منها‬
‫أوامر اإلفراج المؤقت ورفضه‪.‬‬

‫والغرفة الجنحية بوضع يدها على ملف القضية فإنها تدرس وسائل اإلثبات القائمة‬
‫سواء ضد أو لفائدة المتهم ووقائع القضية‪ ،‬فتقرر إما تأييد أمر قاضي التحقيق أو إلغائه‪.‬‬

‫وقد جاء في قرار للغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف بالدار البيضاء بتاريخ ‪-14‬‬
‫‪ 2010-07‬أنه "بعد دراسة القضية واإلطالع على أوراق الملف تبين لها أن المتهم نفى ما‬
‫نسب إليه‪ ،‬وفي غياب وسائل اإلثبات القانونية وأمام تنازل زوجته بخصوص تهمة الخيانة‬

‫‪ - 213‬الدكتور سعيد بوطويل نائب وكيل الملك‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي –المبررات‬
‫والضمانات من تقديم الدكتور محمد عبد النباوي الوكيل العام للملك لدى محكمة انقض‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.292‬‬

‫‪94‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫الزوجية‪ ،‬لهذه االعتبارات يبقى األمر الصادر عن السيد قاضي التحقيق جاء معلال تعليال‬
‫سليما‪ ،‬وتعيين تأييده"(‪.)214‬‬

‫وفي قرار آخر بتاريخ ‪ 2010-07-07‬في الملف عدد ‪225‬ن‪ 10/‬ذهبت إلى إلغاء‬
‫أمر قاضي التحقيق برفض اإلفراج المؤقت عن المتهم وجاء في حيثياته "أنه بعد إطالع‬
‫الغرفة الجنحية على أوراق الملف تبين لها أن المتهم يتوفر على ضمانات الحضور‬
‫ولتنازل الضحية تقرر معه إلغاء األمر المستأنف والحكم تصديا بمنحه السراح المؤقت ما‬
‫لم يكن معتقال لسبب آخر"‪.‬‬

‫كما ال يرتبط اإلفراج بجريمة معينة‪ ،‬فهو جائز في جميع الجرائم‪ ،‬وفي أية مرحلة‬
‫بلغها التحقيق‪ ،‬وال يخضع طلب اإلفراج لشكل معين‪ ،‬فقد يقدم كتابة أو يبدي شفاهة‪ ،‬كما ال‬
‫يشترط أن يشمل الطلب على أسباب معينة‪.‬‬

‫وينبغي التذكير أن إفراج قاضي التحقيق على المتهم وفي حالة عدم اقترانه‬
‫بالوضع تحت المراقبة القضائية‪ ،‬قد يجعله يقرر طبقا للمادة ‪ 182‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬إغالق‬
‫الحدود في حقه وسحب جواز سفره أو تعيين محل إقامة يحظر عليه االبتعاد عنه‪.‬‬

‫وإذا كان المتهم المفرج عنه أجنبيا‪ ،‬فإنه على قاضي التحقيق لزوما سحب جواز‬
‫سفره وإغالق الحدود في وجهه في حالة تعيين محل لإلقامة اإلجبارية‪ ،‬وتبلغ المصالح‬
‫األمنية المعنية بهذه التدابير قصد السهر على تنفيذها وهي غير قابلة للطعن بالنقض‪.‬‬

‫وإذا كان لقاضي التحقيق اإلفراج مؤقتا عن المتهم‪ ،‬فإن له كذلك رفض طلب‬
‫اإلفراج واإلبقاء على المتهم في حالة سراح‪.‬‬

‫ففي الحالة األولى يكون بإمكان النيابة العامة استئناف األمر القاضي باإلفراج‬
‫المؤقت‪ ،‬وفي الحالة الثانية يكون من حق المتهم أو محاميه استئناف األمر الصادر برفض‬
‫طلب السراح المؤقت‪.‬‬

‫‪ -‬القرار قضى بتأييد قرار قاضي التحقيق باإلفراج عن المتهم‪ ،‬القرار مشار إليه لدى عادل المطمري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‬ ‫‪214‬‬

‫‪.36‬‬

‫‪95‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫فقد نصت المادة ‪ 222‬من قانون المسطرة الجنائية على أنه يحق للنيابة العامة أن‬
‫تستأنف األمر القضائي باإلفراج المؤقت‪ ،‬وفي الحالة الثانية يكون من حق المتهم أو‬
‫محاميه استئناف األمر الصادر برفض طلب السراح المؤقت‪.‬‬

‫فقد نصت المادة ‪ 222‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه يحق للنيابة العامة أن تستأنف لدى‬
‫الغرفة الجنحية كل أمر قضائي يصدره قاضي التحقيق‪...‬في اليوم الموالي إلشعارها‬
‫بصدور األمر‪ ،‬ويبقى المتهم معتقال في حالة صدور أمر باإلفراج المؤقت إلى حين‬
‫انصرام أجل اإلستئناف المنصوص عليه ما لم توافق النيابة العامة على اإلفراج عنه حاال‪،‬‬
‫ويبقى كذلك معتقال إلى أن يبث في هذا اإلستئناف‪.‬‬

‫كما مكنت المادة ‪ 223‬من قانون المسطرة الجنائية المتهم من استئناف األمر‬
‫برفض اإلفراج المؤقت عنه‪ ،‬وذلك لدى الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف وذلك داخل‬
‫أجل ‪ 3‬أيام الموالية ليوم تبليغه األمر المراد استئنافه‪.‬‬

‫والمالحظ أن المشرع المغربي كان قاسيا مع النيابة العامة عندما نص على أجل‬
‫جد قصير الستئناف األمر باإلفراج المؤقت‪ ،‬بأن جعله يمتد إلى اليوم الموالي لصدور‬
‫األمر‪ ،‬والحال أن األجل ال يتناسب وعمل النيابات العامة التي تضطر إلى تصريف أعمال‬
‫كثيرة وملفات تحقيق متراكمة‪ ،‬باإلضافة إلى ما يجسد على أرض الواقع أن العديد من‬
‫الملفات يتم المخابرة بشأنها مع المسؤول القضائي لتحديد القرار المناسب سواء باستئنافها‬
‫أم ال‪.‬‬

‫وتنبغي اإلشارة إلى أن األمر باإلفراج المؤقت يعد أمرا مؤقتا ال نهائيا‪ ،‬وبالتالي‬
‫مكن المشرع من التراجع عن هذا اإلفراج‪ ،‬وبالتالي األمر من جديد باعتقال المتهم‪ ،‬فقد‬
‫جاء في المادة ‪ 183‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪:‬‬

‫‪ "...‬إذا استدعي المتهم للحضور بعد تمتيعه باإلفراج المؤقت ولم يحضر‪ ،‬أو إذا‬
‫طرأت ظروف جديدة وخطيرة تجعل اعتقاله ضروريا‪ ،‬يمكن لقاضي التحقيق أو لهيئة‬

‫‪96‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫الحكم المعروضة عليها القضية‪ ،‬أن تصدر أمرا قضائيا في شأنه قبل الحكم أو بمقتضى‬
‫الحكم الصادر في الجوهر‪.‬‬

‫إذا منحت الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف اإلفراج المؤقت بناء على استئناف‬
‫أمر صادر عن قاضي التحقيق‪ ،‬فال يمكن لقاضي التحقيق إصدار أمر جديد باإلعتقال إال‬
‫إذا سحبت هذه الغرفة تمتيع المتهم بمقررها بناء على ملتمسات كتابية للنيابة العامة‪.‬‬

‫‪ ‬ونفس المقتضى نص عليه المشرع التونسي الذي مكن قاضي التحقيق من‬
‫إعادة إيداع المتهم إذا دعت الحاجة إلى ذلك بسبب عدم حضوره بعد استدعائه‪ ،‬كما يجب‬
‫ذلك سبب ظهور ظروف جديدة وخطيرة(‪.)215‬‬

‫‪ ‬كما نصت المادة ‪ 150‬من قانون اإلجراءات الجنائية المصري على أن "األمر‬
‫الصادر باإلفراج ال يمنع قاضي التحقيق من إصدار أمر جديد بالقبض على المتهم أو‬
‫بحبسه إذا قوت األدلة ضده أو أخل بالشروط المفروضة عليه أو حدثت ظروف تستدعي‬
‫ذا اإلجراء"‪.‬‬

‫فالواضح أن علة إجازة اإلعتقال اإلحتياطي من جديد بعد سبق صدور أمر‬
‫باإلفراج المؤقت هي الطابع التقديري لكل من اإلعتقال واإلفراج‪ ،‬فاعتبارات المالءمة هي‬
‫التي أدت إلى صدور قرار باإلعتقال اإلحتياطي وزوال أسباب اإلعتقال أدت إلى صدور‬
‫قرار باإلفراج المؤقت‪ ،‬فإذا عادت اعتبارات اإلعتقال اإلحتياطي مرة أخرى جاز إعادة‬
‫اإلعتقال اإلحتياطي(‪.)216‬‬

‫وإذا أعيد حبس المتهم احتياطيا فال مانع من أن يفرج عنه ثانية تلقائيا‪ ،‬أو بناء‬
‫على طلب وسند ذلك الطابع التقديري لإلفراج(‪.)217‬‬

‫ثانيا‪ :‬حاالت إعادة اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬

‫‪ - 215‬راجع المادة ‪ 88‬من مجلة اإلجراءات الجزائية التونسية‪ ،‬مصطفى صغيري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ - 216‬محمد عبد اللطيف فرج‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ - 217‬محمد عبد اللطيف فرج‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.223‬‬

‫‪97‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫والبد إلعادة اعتقال المتهم من سماع أقواله وأخذ رأي النيابة العامة وكذا تسبيب‬
‫هذا األمر وبيان األسباب لتي دعت إلى عادة إصداره تأسيسا على أنه ال صح األمر بإعادة‬
‫اعتقال المتهم إال إذا تحققت إحدى حاالته(‪.)218‬‬

‫وبالتالي فحاالت عادة اإلعتقال تتمثل في‪:‬‬

‫• حالة امتناع المتهم عن الحضور رغم استدعائه‪.‬‬

‫• حالة ظهور ظروف جديدة وخطيرة تجعل اعتقاله ضروريا‪.‬‬

‫والحالة األخيرة المتمثلة في ظهور ظروف جديدة وخطيرة توجب اعتقال المتهم‬
‫تعتبر صيغة عامة وفضفاضة أتى بها المشرع ومن شأنها الغلو في إعادة اعتقال المتهم‪،‬‬
‫وتندرج ضمن هذه الحالة أنه إذا أفرج عن المتهم المنسوب إليه الضرب والجرح‬
‫الخطيرين‪ ،‬وبعد اإلفراج عنه حصل أن توفي الضحية أو ظهر أنه قد أصيب بعاهة‬
‫مستديمة‪ ،‬فهنا يتعين إعادة اعتقاله‪.‬‬

‫والبد التذكير أنه ال يمكن إعادة اعتقال المتهم من جديد في الحالة التي تم اإلفراج‬
‫فيها عنه بشكل وجوبي النتهاء مدة اإلعتقال بتمديداتها‪ ،‬إال إذا تقرر إصدار أمر باإلحالة‬
‫على المحكمة المختصة‪ ،‬فهنا يتم اعتقال المتهم وتصبح وضعيته الجنائية بيد المحكمة‪.‬‬

‫أما إذا كانت مدة اإلعتقال لم تستنفذ فإن اعتقال المتهم من جديد يضاف إلى مدة‬
‫اإلعتقال السابقة‪ ،‬وينظر إلى مجموع المدة التي ينبغي أن تستوفي فقط المدة المنصوص‬
‫عليها قانونا بتمديداتها‪.‬‬

‫ونشير إلى أن المشرع المغربي لم يوضح هذه المسألة وما إذا تعين احتساب المدة‬
‫السابقة لإلعتقال أم أن األمر يقتضي احتساب مدة اإلعتقال من جديد‪.‬‬

‫‪ - 218‬محمد علي سويلم‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.166‬‬

‫‪98‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫إال أن من الفقه من ذهب إلى أن األمر بإعادة اإلعتقال هو أمر جديد مستقل عن‬
‫األمر األول من كل الوجوه‪ ،‬ومنها عنصر المدة باعتبار أنه صدر في ظروف جديدة غير‬
‫تلك أوجبت األول‪ ،‬وبناء على حق مخول بموجب نص آخر(‪.)219‬‬

‫ونرى أن هذا االتجاه يبقى محل نظر ألنه ال يحمي الحرية الفردية كأساس بل فإنه‬
‫يقضي بالخروج عن مدة اإلعتقال اإلحتياطي المنصوص عليها بشكل واضح بمقتضى‬
‫نص تشريعي‪.‬‬

‫وبالتالي في نظرنا يبقى إعادة اإلعتقال من جديد مستندا لمدة اإلعتقال األولي‪ ،‬ذلك‬
‫أن اإلفراج كان مؤقتا‪ ،‬فإذا ما ألغي أثره وعاد األمر إلى ما كان عليه قبل اإلفراج‪ ،‬فستمر‬
‫المدة في السريان متى تبلغ حدها األقصى‪ ،‬ولعل ما يزكي هذا الطرح هو أن ملف القضية‬
‫واحد‪ ،‬وال يمكن عقال وال منطقا أمام استثنائية اإلعتقال اإلحتياطي اإلبقاء على اعتقال‬
‫المتهم لمدد مضاعفة على ما نص عليه المشرع‪.‬‬

‫ونود التأكيد على أن الخالف في هذه المسألة مطروح‪ ،‬ولكل طرح مبرراته‪،‬‬
‫ولذلك يبقى على المشرع التدخل بنص واضح لتحديد موقفه الذي غالبا سيحمي مبدأ أن‬
‫الحرية هي األصل وأن اإلعتقال استثناء‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلفراج المؤقت بطلب من المتهم أو بطلب من النيابة‬


‫العامة‪:‬‬
‫انطالقا مما سبق يمكن تقسيم اإلفراج المؤقت إلى نوعين‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلفراج المؤقت بطلب من المتهم‪:‬‬


‫أعطى المشرع المغربي إمكانية المبادرة بالتمتع بالصراح المؤقت للمعتقل‬
‫احتياطيا نفسه أو لمحاميه‪ ،‬ويكون ذلك بواسطة تقديم طلب لقاضي التحقيق شريطة التعهد‬
‫بالحضور إلجراءات الدعوى وإخبار قاضي التحقيق بجميع تنقالته وتقديم ضمانة مالية أو‬

‫‪ - 219‬محمد عبد اللطيف فرج‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.226‬‬

‫‪99‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫شخصية باإلضافة إلى باقي االلتزامات الواردة في المادة ‪ 178‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية(‪.)220‬‬

‫وال يخضع طلب المتهم اإلفراج المؤقت عنه ألية شكليات‪ ،‬حيث يتم كتابيا أو‬
‫شفويا‪ ،‬كما يمكن أن يتم طلب باإلفراج المؤقت في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو‬
‫مباشرة‪ .‬يعد اتخاذ األمر باإلعتقال اإلحتياطي من طرف قاضي التحقيق(‪.)221‬‬

‫‪ ‬فضال على اإلفراج المؤقت التلقائي بمبادرة من قاضي التحقيق أو بملتمس من‬
‫النيابة العامة‪ ،‬فإن المتهم له في كل وقت طبقا للمادة ‪ 179‬من ق‪.‬م‪.‬ج أن يقدم طلب‬
‫اإلفراج المؤقت إلى قاضي التحقيق‪.‬‬

‫ويجب على قاضي التحقيق خالل ‪ 24‬ساعة من وقت وضع الطلب أن يوجه الملف‬
‫إلى النيابة العامة لتقديم ملتمسات وأن يشعر بذلك الطرف المدني خالل نفس األجل برسالة‬
‫مضمونة يمكنه من اإلدالء بمالحظاته(‪.)222‬‬

‫‪ -2‬اإلفراج المؤقت بطلب من النيابة العامة‪:‬‬


‫خول المشرع المغربي للنيابة العامة إمكانية مطالبة القاضي باإلفراج المؤقت عن‬
‫المتهم المعتقل احتياطيا ذلك أن النيابة العامة وإن كانت هي الجهة التي أحالت المتهم على‬
‫قاضي التحقيق وهي من طالبت بإجراء التحقيق وهي من قامت أيضا بتكييف الوقائع سواء‬
‫كان التحقيق إلزامي أو اختياري‪ ،‬فإن ذلك ال يمنعها من طلب اإلفراج عن المتهم في سائر‬
‫مراحل التحقيق وال يعتبر ذلك تراجعا عن موقفها ألنها في النهاية هي من يمثل المجتمع‬
‫ويسهر على تطبيق القانون(‪.)223‬‬

‫يبث قاضي التحقيق في ملتمس النيابة العامة داخل آجال خمسة أيام من تاريخ‬
‫تقديم هذا الملتمس‪.‬‬

‫‪ - 220‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.105‬‬


‫‪ - 221‬الدكتور محمد أحداف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.433‬‬
‫‪ - 222‬الدكتور سعيد بوطويل نائب وكيل الملك‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي –المبررات‬
‫والضمانات‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪ - 223‬مستجدات قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ندوات محاكم فاس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬

‫‪100‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وفي األخير تجدر اإلشارة أنه إذا كان المتهم المفرج عنه أجنبيا فإن الجهة‬
‫القضائية التي متعته بالصراح المؤقت هي التي تحدد محل إقامته‪ ،‬حيث يمنع عليه االبتعاد‬
‫بدون رخصة تحت طائلة عقوبة سالبة تتراوح بين ثالثة أشهر وسنتين حبسا وغرامة مالية‬
‫من ‪ 1200‬إلى ‪ 12000‬درهم إضافة لسحب جواز سفره منه وحجزه لزوما(‪.)224‬‬

‫إن اإلعتقال اإلحتياطي يعد من أهم إجراءات التحقيق وأخطرها‪ ،‬الذي يمكن أن‬
‫تمس بحرية المتهم سواء أثناء القيام بهذه اإلجراءات أو أثناء المحاكمة‪.‬‬

‫وبناء عليه يجب على قاضي التحقيق أن يتخذه كآخر تدبير يتم اللجوء إليه احتراما‬
‫لقرينة البراءة‪ ،‬التي تستدعي منح المعتقل احتياطيا حقوقا محددة كإمكانية اللجوء إلى بدائل‬
‫اإلعتقال اإلحتياطي وإمكانية التعويض عن الخطأ القضائي(‪.)225‬‬

‫‪ - 224‬عبد الرحيم فالح‪ ،‬قرينة البراءة وشرعية اإلعتقال‪ ،‬ص ‪.145‬‬


‫‪ - 225‬الدكتور محمد أحداف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.433‬‬

‫‪101‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعويض عن وبدائل اإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬


‫يعتبر اإلعتقال اإلحتياطي إجراء قضائيا ذو تبعات قانونية واجتماعية ثقيلة‪ ،‬يتخذه‬
‫قاضي التحقيق وقاضي النيابة العامة‪ ،‬وتبقى عليه المحكمة في حق المشتبه فيه والمتهم‪،‬‬
‫فيودع بمقتضاه بالسجن كمعتقل احتياطي قبل البت في مسؤوليته(‪ .)226‬فهو ضرورة‬
‫وضرر في آن واحد(‪.)227‬‬

‫وسنحاول التعرض من خالل هذا المبحث إلى التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‬


‫(مطلب أول) وبعض البدائل ممكنة له (مطلب ثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫إن كان لإلعتقال اإلحتياطي مبررات واقعية وقانونية متينة تجعل منه إجراء‬
‫ضروريا تسلم به التشريعات ويقبله الفقه والقضاء‪ ،‬فإن ذلك ال يبيح أن يكتوي الناس بناره‪،‬‬
‫فيظلمون وتهضم حقوقهم وحرياتهم تذرعا به(‪.)228‬‬

‫وبناء على األضرار الجسيمة التي يخلفها اإلعتقال اإلحتياطي في حق األشخاص‬


‫الذين صدرت أحكام أو أوامر ببراءتهم أو عدم متابعتهم‪ ،‬بدأت األصوات الفقهية والحقوقية‬
‫والمنابر اإلعالمية تنادي بضرورة جبر الضرر عن طريق تعويض هؤالء‬
‫األشخاص(‪ ،)229‬فما هي مبررات هذا التعويض؟ وما موقف التشريع منه؟‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبررات التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫إن كان التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي حقا دستوريا ودوليا وقانونيا إال أن‬
‫هناك فئة من الفقه تعارض الحق في التعويض عنه(‪ ،)230‬وتعلل ذلك إلى أن فتح باب‬
‫التعويض لكل من أبرئت ساحته نتيجة اعتقاله بصفة خاطئة سيدفع القضاء الجزري إلى‬

‫‪ - 226‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.339‬‬


‫‪www.zoompresse.com/news - 227‬‬
‫‪ - 228‬عبد الرحيم فكري‪" ،‬جزاء اإلخالل بحقوق الدفاع"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫مراكش‪ ،‬سنة ‪.2013/2012‬‬
‫‪ - 229‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.341‬‬
‫‪ - 230‬عبد الرحيم فكري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.163‬‬

‫‪102‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫تفضيل النطق باإلدانة على النطق بالبراءة مستندا في ذلك حتى إلى القرائن البسيطة أو إلى‬
‫الشك في حد ذاته(‪.)231‬‬

‫ويضيف الفقه المعارض أن إجازة التعويض قد تسفر عن نتيجة غير مرضية ألن‬
‫دعوى التعويض في حالة الحكم بالبراءة إما أن يفشل رافعها أو ينجح في دعواه‪ ،‬فإذا حكم‬
‫لصالحه تأيد حكم البراءة‪ ،‬أما إذا ردت دعواه فإن هذا يعني أن براءته في غير محلها أو‬
‫محل شك كبير(‪.)232‬‬

‫إال أن مبررات الرأي المعارض للتعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي ال تصمد أمام‬


‫تدخل المشرع الدولي والوطني في النص صراحة على الحق في هذا التعويض وحسم‬
‫مسألة الخالف(‪ ،)233‬وكذلك المبررات الموضوعية المؤسسة للحق في هذا التعويض تتسم‬
‫بالقوة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المبررات القانونية‪:‬‬


‫وتتمثل في‪:‬‬

‫* تعارض اإلعتقال اإلحتياطي مع قرينة البراءة‪ :‬لقد نصت مختلف التشريعات‬


‫الجنائية واالتفاقيات والدساتير الدولية على ضمانة قرينة البراءة‪ ،‬واعتماد هذا المبدأ ال‬
‫يمنع من ممارسة البحث والتحقيق والمحاكمة التي ينبغي أن تكون منصبة على األفعال‪،‬‬
‫وال تنطوي بالمقابل على المعني بها الذي يتعين أن يبقى بريئا وغير معتقل إال في حاالت‬
‫استثنائية‪.‬‬

‫‪ - 231‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.341‬‬


‫‪ - 232‬عمرو واصف الشريف "التوقيف اإلحتياطي‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،2010‬‬
‫بيروت‪ ،‬ص ‪.581‬‬
‫‪ - 233‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.342‬‬

‫‪103‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وهو ما يجعل اإلعتقال اإلحتياطي في الحقيقة إجراء ماسا بأصل البراءة ألنه يقرر‬
‫عقوبات قبل إصدار مقرر نهائي خصوصا متى كان اللجوء إليه بدون حدود أو قيود‬
‫مقررة بشكل دقيق‪ ،‬فيجعل اللجوء إليه بشكل غير مبرر أمرا يوجب التعويض(‪.)234‬‬

‫* تعارض اإلعتقال اإلحتياطي مع الحق في الحرية‪ :‬إن الحق في الحرية من‬


‫المبادئ األساسية التي من المفروض أن يتمتع بها الفرد في المجتمع الدولي‪ ،‬بل إن هذا‬
‫الحق عنصر من العناصر األساسية التي تشكل النظام العام الديمقراطي العالمي‪ ،‬ومن‬
‫واجب الدول التكفل بحماية جميع األفراد‪ ،‬بل إن هذا الواجب يصبح أكثر قدسية واحتراما‬
‫لحماية أفراد الشعب من تعسف وانتهاكات السلطات لتلك الحقوق عبر القبض عليهم أو‬
‫تقييد حرياتهم دون مسوغ قانوني أو مبرر شرعي عادل(‪.)235‬‬

‫* خطورة األضرار المترتبة عن اإلعتقال اإلحتياطي‪ :‬إن اإلعتقال اإلحتياطي غير‬


‫المبرر يشكل خطرا على حقوق وحريات وممتلكات الشخص وعلى التزاماته المهنية‬
‫والعائلية واالجتماعية‪ ،‬وما يترتب عنها من مآسي اجتماعية(‪.)236‬‬

‫ولعل أساس هذه المبررات الموضوعية يستند إلى أن المشرع إن كان قد نص‬
‫على اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬فإنه كان لزاما عليه أن يضع معايير قانونية‪ ،‬ويحدد حاالت‬
‫حصرية تمكن من اللجوء إلى هذا اإلجراء‪.‬‬

‫فاالكتفاء على النص كونه إجراء استثنائيا ال تنسجم البتة مع المبررات لمصاغة‬
‫من قبله في قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬والتي أتت بصيغ وعبارات فضفاضة ليس من شأنها‬
‫أن تكرس فعال الطابع االستثنائي لإلعتقال‪ ،‬وإنما تجعله هو األصل والحرية هي‬
‫االستثناء(‪.)237‬‬

‫‪ - 234‬عالل غالي "التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي غير المبرر كآلية لتحقيق العدالة االجتماعية" مجلة القضاء‬
‫الجنائي‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬العدد األول سنة ‪ ،2015‬الرباط‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ - 235‬محمد الغازي "المعايير الدولية لمناهضة اإلعتقال التعسفي واالختفاء القسري" كتاب قراءات في المادة الجنائية‪،‬‬
‫الجزء الثاني‪ ،‬سلسلة المعارف القانونية والقضائية‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،2014‬الرباط‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ - 236‬عالل غالي "التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي" م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ - 237‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.343‬‬

‫‪104‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ثانيا‪ :‬المبررات الحقوقية‪:‬‬


‫إن التأسيس الدستوري والدولي للحق في التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي إنما‬
‫يرتبط أوال بالحق في الحرية كحق أساسي لإلنسان نصت عليه المادة ‪ 3‬من اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان التي جاء فيها بأن "لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي األمان‬
‫على شخصه"‪.‬‬

‫وأضافت بخصوص ذلك المادة ‪ 9‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية "بأنه ال يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفيا‪ ،‬وال يجوز حرمان أحد من حريته‬
‫إال ألسباب ينص عليها القانون وطبقا لإلجراءات المقررة فيه(‪.)238‬‬

‫إضافة إلى أن هذا الحق يتصل بالحق في افتراض البراءة الذي يعد من المبادئ‬
‫األساسية للحق في المحاكمة العادلة‪ ،‬والذي نصت عليه المادة ‪ 9‬من اإلعالن العالمي‬
‫لحقوق اإلنسان التي جاء فيها "أنه لكل فرد الحق في أن يعتبر بريئا‪ ،‬وأن يعامل أثناء‬
‫المحاكمة باعتباره بريئا إلى أن يصدر الحكم بإدانته وفقا للقانون في سياق محاكمة تتفق‬
‫على أقل تقدير من الحد األدنى للشروط األساسية المقررة للعدالة‪ ،‬ويجب أن يظل افتراض‬
‫البراءة قائما ما لم يصدر هذا الحكم(‪.)239‬‬

‫ومنه إقرار اللجنة األمر يكية الدولية إلى أن الحق في افتراض البراءة المكفول في‬
‫المادة ‪ 8‬من االتفاقية األمريكية يقضي بأن أية قيود تفرض على الحرية الشخصية يجب أن‬
‫يقتصر على ما تمليه الضرورة القصوى(‪.)240‬‬

‫ولعل هذه المبادئ كانت وراء أن نصت االتفاقيات والتوصيات والمؤتمرات‬


‫الدولية على الحق في التعويض(‪.)241‬‬

‫‪ - 238‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 343‬و‪.344‬‬


‫‪ - 239‬دليل المح اكمات العادلة‪ ،‬منظمة العفو الدولية‪ ،‬مطبوعات منظمة العفو الدولية‪ ،‬الطبعة العربية األولى لسنة ‪،1998‬‬
‫ص ‪.87‬‬
‫‪ - 240‬دليل المحاكمات العادلة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 241‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.344‬‬

‫‪105‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫فقد نصت الفقرة الرابعة والخامسة من المادة التاسعة من العهد الدولي الخاص‬
‫بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬والمادة ‪ 55‬من القانون األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على‬
‫أنه لكل إنسان تعرض لإلعتقال أو التوقيف غير القانوني الحق في التعويض(‪.)242‬‬

‫ونصت المادة ‪ 40‬من إعالن األمم المتحدة بالمبادئ المتعلقة بحق الفرد في عدم‬
‫القبض عليه أو حبسه احتياطيا بطريقة تحكيمية على أن "من حق المقبوض عليه أو‬
‫المحبوس خالفا للقانون في التعويض في مواجهة الدولة بالتضامن مع الموظف العام الذي‬
‫صدر منه هذا اإلجراء‪ ،‬وعلى أن تكفل الدولة سداد هذا التعويض من خزينتها العامة"‪.‬‬

‫كما أكدت مسؤولية الدولة عن أضرار الحبس اإلحتياطي توصيات الحلقة الرابعة‬
‫والثالثة للدفاع االجتماعي التي عقدت في دمشق سنة ‪ ،1972‬والمؤتمر الثامن للدفاع‬
‫االجتماعي الذي عقد بالرباط سنة ‪ ،1977‬والتي حثت التشريعات العربية على تقرير‬
‫التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي إذا صدر حكم بالبراءة‪ ،‬وكان المتهم قد أصيب من‬
‫جراء ذلك بضرر جسيم‪ ،‬على أن تنظم أحوال التعويض وشروطه‪ ،‬وأن تكون الدولة‬
‫مسؤولة عن هذا التعويض(‪.)243‬‬

‫إضافة إلى تنصيص المادة ‪ 3/16‬من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان على أنه "لمن‬
‫كان ضحية القبض أو اإليقاف بشكل غير قانوني الحق في التعويض"(‪.)244‬‬

‫أما بالنسبة لدساتير الدول فقد ذهب العديد منها إلى األخذ بمبدأ مسؤولية الدولة‬
‫بشأن التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 30‬من الدستور التركي على‬
‫أنه "تعوض الدولة جميع األضرار التي يصاب بها األشخاص الذين يعاملون معاملة‬

‫‪ - 242‬المعتصم باهلل أدهم "التوقيف اإلحتياطي بين النص القانوني والتطبيق"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،2012‬لبنان‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ - 243‬محمد عبد اللطيف فرج "الحبس اإلحتياطي في ضوء المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية" مطابع الشرطة‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 2010‬مصر‪ ،‬ص ‪.244‬‬
‫‪ - 244‬كمال محمد عواد "اإلجراءات الجنائية لتقييد حرية المتهم في الفقه اإلسالمي والقانون الجنائي"‪ ،‬مطبعة دار الفكر‬
‫الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2011‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.392‬‬

‫‪106‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫تخالف أسس القبض والتوقيف اإلحتياطي المنصوص عليها في المادة أو في القانون"‬


‫وكذلك نصت عليه المادة ‪ 47‬من الدستور الجزائري‪.‬‬

‫ولم يكن المشرع المغربي بمنأى عن تكريس هذا الحق‪ ،‬فقد أوجب الفصل ‪117‬‬
‫منه على القاضي حماية حقوق األشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق‬
‫القانون‪ ،‬وأوجبت المادة ‪ 22‬منه على أنه " ال يجوز ألحد أن يعامل الغير تحت أي ذريعة‪،‬‬
‫معاملة قاسية أو ال إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة اإلنسانية"‪ ،‬وخلص في الفصل ‪122‬‬
‫منه إلى تقرير هذا الحق بشكل مباشر‪ ،‬بحيث نص على "حق كل متضرر من خطأ قضائي‬
‫الحصول على تعويض تتحمله الدولة"(‪.)245‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف التشريعات من المطالبة بالتعويض عن‬


‫اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬
‫نظرا الحترام العديد من التشريعات للمواثيق واالتفاقيات الدولية الخاصة باحترام‬
‫حقوق وحريات األفراد وحقهم في التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي(‪ )246‬وبالتالي فقد‬
‫انعكس ذلك على تشريعاتهم الوطنية‪ ،‬كما أن العمل القضائي حاول تكريس هذا الحق في‬
‫بعض أحكامه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬موقف المشرع المغربي من التعويض عن اإلعتقال‬


‫اإلحتياطي‪:‬‬
‫إنه بتفحص فصول قانون المسطرة الجنائية ال نجد أي نص صريح يقضي‬
‫بإمكانية تعويض المتهم المعتقل احتياطيا في حالة ما صرح قاضي التحقيق بعدم متابعته أو‬
‫أصدرت المحكمة حكما ببراءته(‪.)247‬‬

‫‪ - 245‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.346‬‬


‫‪ - 246‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.347‬‬
‫‪ - 247‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.351‬‬

‫‪107‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫إن كان القانون المدني والمسطرة المدنية يعتبران أم القوانين فإنه بالرجوع إليهما‬
‫للتأصيل لهذا النوع من التعويض‪ ،‬نجد أن المادة ‪ 391‬ق‪.‬م‪.‬ج التي تتحدث عن حاالت‬
‫مخاصمة القضاة وأهمها ارتكاب غش أو تدليس من طرف القاضي أثناء تهيئ القضية أو‬
‫الحكم فيها أو من طرف قاضي النيابة العامة أثناء قيامه بمهامه‪.‬‬

‫ذلك أن هذه المادة تقتصر على حاالت سوء النية في حين أنها ال تتسع لحاالت‬
‫األخطاء القضائية غير المقصودة والناتجة عن خطأ في السلطة التقديرية في تأويل‬
‫النصوص‪ ،‬وهو ما يعني أن دعوى التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي الخاطئ ال يتصور‬
‫رفعها في مواجهة القضاة‪ ،‬إال إذا ثبت سوء النية لديهم نتيجة غش أو غدر أو تدليس(‪.)248‬‬

‫كما طرحت مسألة الرجوع بالتعويض على المشتكي الذي أدت شكايته إلى اعتقال‬
‫طالب التعويض إلى أن "محكمة اإلستئناف بفاس سبق أن قررت بأنه ال يمكن للمحكوم‬
‫عليه بالبراءة الرجوع على المشتكي بالتعويض عن أيام اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬ألن أمر‬
‫اإلعتقال يصدر عن جهة مختصة بالنظر في ظروفه وأسبابه وال دخل للمشتكي فيه"(‪.)249‬‬

‫كما أن اإلستناد إلى الرجوع على المشتكي كأساس للتعويض على اإلعتقال ال‬
‫يسعف في الكثير من القضايا التي ال يكون فيها مشتكي كاإلتجار في المخدرات وفي‬
‫الخمور وغيرها والتي يكون فيها المتهم في مواجهة الدولة مباشرة‪ ،‬فكيف يكمن التأسيس‬
‫لمساءلة الدولة عن اإلعتقال اإلحتياطي؟(‪.)250‬‬

‫فقبل دستور ‪ 2011‬كان الوضع على مستوى التشريع والقضاء المغربي هو عدم‬
‫مسؤولية الدولة عن أخطاء القضاة كقاعدة عامة‪ ،‬وهو ما أكدته المحكمة اإلدارية بالدار‬

‫‪ - 248‬عبد الرحيم فكري‪" ،‬جزاء اإلخالل بحقوق الدفاع"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫مراكش‪ ،‬سنة ‪ ،2010/2009‬ص ‪.166‬‬
‫‪ - 249‬عادل المطمري‪ ،‬االعتقال االحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪ - 250‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.353‬‬

‫‪108‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫البيضاء في الملف عدد ‪ 1396/2004‬عندما ذهبت إلى‪" :‬ثبوت أن األمر باإلعتقال صادر‬
‫عن قاضي التحقيق بصفته سلطة قضائية ال يرتب مسؤولية الدولة"(‪.)251‬‬

‫إال أن وبصدور الدستور الجديد الحالي فقد أقر مبدأ مسؤولية الدولة عن أخطاء‬
‫القضاء‪ ،‬بحيث نص في المادة ‪ 122‬منه على أنه" يحق لكل من تضرر من خطأ قضائي‬
‫الحصول على تعويض تتحمله الدولة" غير أن هذه المادة بقيت يتيمة هي والعدم سواء بعدم‬
‫نص المشرع المغربي على مسطرة خاصة بهذا التعويض وال بشروطه ال معيار تحديده‪،‬‬
‫فيبقى مطالبا باإلسراع بوضع تأطير تشريعي دقيق لهذه المسألة ألهميتها في جبر خاطر‬
‫ضحايا اإلعتقال اإلحتياطي(‪.)252‬‬

‫ولقد حاول القضاء اإلداري جاهدا اإلستناد إلى هذا الفصل في تقرير التعويض‪،‬‬
‫بحيث قضت المحكمة اإلدارية بالرباط في حكم لها على ما يلي(‪" :)253‬من شروط‬
‫التعويض على اإلعتقال اإلحتياطي كصورة من صور الخطأ القضائي أن يكون خاطئا أو‬
‫تعسفيا‪ ،‬ونتج عنه ضرر مادي أو معنوي‪.‬‬

‫اكتساب قرار اإلعتقال صبغة الخطأ أو التعسف المرتب للمساءلة القانونية يتطلب‬
‫إثبات براءة المعتقل احتياطيا من المنسوب إليه بمقتضى حكم قضائي بات‪ ،‬يثبت بصفة‬
‫نهائية وقطعية براءة الشخص المتابع‪.‬‬

‫صدور حكم بسقوط الدعوى العمومية لتقادمها ال ينفي الصبغة الجرمية عن الفعل‬
‫المرتكب بسبب اإلعتقال‪ ،‬وال يفيد البراءة منه‪ ،‬وال يعني بالضرورة أن قرار اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي كان خاطئا ألن قضاة محكمة الموضوع هم الجهة المختصة أساسا للبحث في‬
‫مدى صحة الدفع بالتقادم المثار من الشخص المتابع‪ ،‬وليس قضاة النيابة العامة الذي‬

‫‪ - 251‬عبد هللا درميش‪" ،‬دور التشريع الجنائي في توطيد األمن" السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق‪ ،‬المجلد الثاني‪،‬‬
‫أشغال المناظرة الوطنية لوزارة العدل أيام ‪ 9‬و‪ 10‬و‪ 11‬دجنبر ‪ 2004‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة‬
‫القانونية والقضائية العدد ‪ ،2005-04‬مطبعة فضالة‪ ،‬المحمدية‪.‬‬
‫‪ - 252‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 353‬و‪.354‬‬
‫‪ - 253‬حكم المحكمة اإلدارية بالرباط عدد ‪ 188‬بتاريخ ‪ 2013/01/23‬موضوع تعليق محمد األعرج مشار إليه في موقع‬
‫‪.www.marocdroit.com‬‬

‫‪109‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫يتمتعون بسلة المالءمة إزاء الدعوى العمومية اعتبارا لظروف كل قضية ومالبستها‪ ،‬مع‬
‫حقهم في تقدير خطورة الفعل الجرمي وردود الفعل المحتملة بشأنه‪ ،‬سواء من طرف‬
‫الضحايا أو ذويهم أو المجتمع‪ ،‬فال يعدو أن يكون قرار اإلعتقال اإلحتياطي في ضوء ما‬
‫ذكر إال استعماال للسلطات المقررة قانونا‪.‬‬

‫عدم ثبوت تقصير من جانب النيابة العامة في تطبيق القانون‪...‬انعدام ركن الخطأ‬
‫الالزم النعقاد المسؤولية‪...‬رفض الطلب"‪.‬‬

‫ونرى أن الحكم أعاله أتى بقواعد جد مهمة تأسس لشروط منح التعويض عن‬
‫اإلعتقال اإلحتياطي ومنها(‪:)254‬‬

‫* سبقية اعتقال طالب التعويض احتياطيا‪ ،‬وصدور حكم ببراءته‪.‬‬

‫* اكتساب حكم البراءة لحجية األمر المقضي به‪.‬‬

‫* أال يكون إطالق سراح المتهم بسبب سقوط الدعوى العمومية ألحد أسبابها‪ ،‬وهو‬
‫ما عبر عنه الحكم أعاله بالتقادم مثال‪.‬‬

‫* أما شرط الضرر الناتج عن اإلعتقال اإلحتياطي كشرط مشار إليه بهذا الحكم‪.‬‬

‫فإننا نرى أن الضرر شرط مفترض قيامه ووجوده‪ ،‬وال حاجة الشتراط إثباته على‬
‫طالب لتعويض‪ ،‬ذلك أن اإلعتقال وسلب الحرية في حد ذاته ضرر جسيم‪ ،‬يغني عن البحث‬
‫عن وجود ضرر آخر لحق بالشخص‪ ،‬كفقدان عمله مثال جراء اإلعتقال‪.‬‬

‫وبعد الحديث عن حق المطالبة بالتعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي في التشريع‬


‫المغربي سنتطرق إلى هذا األخير في بعض التشريعات المقارنة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف التشريع المقارن من التعويض عن اإلعتقال‬


‫اإلحتياطي‪:‬‬

‫‪ - 254‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.355‬‬

‫‪110‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫نظمت العديد من التشريعات قواعد التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‪.‬‬

‫بالنسبة للمشرع المصري فقد نص صراحة بالقانون رقم ‪ 145‬لسنة ‪ 2006‬على‬


‫مسؤولية الدولة عن األضرار التي تصيب الفرد نتيجة قرارات اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬إذا‬
‫انتهت سلطة التحقيق إلى أنه ال وجه إلقامة الدعوى الجنائي أو قضت بالبراءة‪.‬‬

‫إال أن هذا التعويض اقتصر على الجانب األدبي إذ نصت المادة ‪ 312‬مكرر من‬
‫قانون اإلجراءات الجنائية على إلزام النيابة العامة بنشر كل حكم بات ببراءة من سبق‬
‫حبسه احتياطيا وكل أمر صادر بال وجه إلقامة الدعوى الجنائية‪ ،‬وذلك في جريدتين‬
‫يوميتين واسعتي االنتشار على نفقة الحكومة‪ ،‬ويكون النشر بناء على طلب النيابة العامة‬
‫أو المتهم أو الورثة(‪.)255‬‬

‫كما نص المشرع المصري على التعويض المادي بشكل محتشم من دون توضيح‬
‫له‪ ،‬فجاء في نفس المادة على أن الدولة تتكفل بالتعويض المادي عن اإلعتقال اإلحتياطي‬
‫في الحالتين وفقا للقواعد واإلجراءات التي يصدر بها نص خاص‪ ،‬لم يصدر بعد(‪.)256‬‬

‫أما بالنسبة للمشرع الفرنسي‪ ،‬فبعد صدور قانون ‪ 8‬يونيو ‪ 1895‬أضحى لألفراد‬
‫الذين يحكم ببراءتهم الحق في الحصول على التعويض عن األضرار‪ ،‬وكان أساس‬
‫التعويض هو األخذ بنظرية المخاطر(‪ ،)257‬وذلك إذا ما انتهت سلطة التحقيق إلى أنه ال‬
‫وجه إلقامة الدعوى ضد المتهم أو قضت المحكمة ببراءته‪ ،‬بشرط أن يترتب عن ذلك‬
‫ضرر جسيم‪ ،‬ولم يتطلب المشرع الفرنسي حينها خطأ القاضي لتقرير المسؤولية بل اكتفى‬
‫بأن يكون الضرر استثنائيا(‪.)258‬‬

‫‪ - 255‬محمد عبد اللطيف فرج‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.262‬‬


‫‪ - 256‬سعيد بوطويل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.348‬‬
‫‪257‬‬
‫‪- Ardant « La responsabilité de l’état de la fonction juridictionnel », thèse, année 1956, p‬‬
‫‪102.‬‬
‫‪ - 258‬محمد عبد هللا محمد المر "الحبس اإلحتياطي دراسة مقارنة"‪ ،‬مطبعة دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.419‬‬

‫‪111‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وقد أوجب المشرع الفرنسي للتعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي توافر ‪3‬‬


‫شروط(‪ )259‬وهي‪:‬‬

‫* أن يكون الحبس قد تم في إطار القواعد التي ينص عليها قانونا اإلجراءات‬


‫الجنائية الفرنسي‪.‬‬

‫* أن يكون اإلفراج عن المتهم قد تم نتيجة صدور قرار بأن ال وجه إلقامة الدعوى‬
‫الجنائية –عدم المتابعة‪ -‬أو براءة المتهم‪.‬‬

‫* أن يكون الضرر الذي أصاب المعتقل احتياطيا ضررا استثنائيا بالغ الجسامة‪،‬‬
‫فالمشرع الفرنسي لم يشترط إثبات الخطأ لتقرير المسؤولية عن اإلعتقال اإلحتياطي بل‬
‫اكتفى بأن يكون الضرر استثنائيا حتى ولو لم يرتكب القاضي أي خطأ‪.‬‬

‫وقد أضافت المادة ‪ 149‬من قانون اإلجراءات الجنائية الفرنسي أنه ال يحق‬
‫التعويض في األحوال التالية(‪:)260‬‬

‫* إذا كان اإلفراج عن المعتقل احتياطيا قد تم نتيجة عفو الحق‪.‬‬

‫* إذا ما ثبت الحقا ثبوت تقادم الدعوى الجنائية بعد اإلفراج عن المتهم‪.‬‬

‫* إذا كان المتهم المعتقل احتياطيا والذي ثبت عدم مسؤوليته في األصل معتقال‬
‫حينها من أجل جريمة أخرى‪ ،‬أي أن حريته مسلوبة وفق إجراء سابق‪ ،‬وأن اإلعتقال‬
‫الجديد لم يغير من وضعيته الجنائية‪.‬‬

‫* إذا أفرج عن المتهم النعدام مسؤوليته الجنائية إلصابته باضطرابات نفسية‬


‫وعقلية‪.‬‬

‫* إذا كان اإلعتقال بسبب الشخص نفسه والذي تسبب فيه بأن وضع نفسه موضع‬
‫اإلتهام‪.‬‬

‫‪ - 259‬محمد علي سويلم "ضمانات الحبس اإلحتياطي"‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2008 ،‬ص ‪.188‬‬
‫‪ - 260‬محمد عبد اللطيف فرج‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.249‬‬

‫‪112‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫أما المشرع الجزائري فقد نص في المادة ‪ 137‬مكرر من قانون اإلجراءات‬


‫الجزائية على "أنه يمكن منح تعويض للشخص الذي كان محل حبس مؤقت غير مبرر‬
‫خالل متابعة جزائية انتهت في حقه بصدور قرار نهائي قضى بأال وجه للمتابعة أو البراءة‬
‫إذا ألحق هذا الحبس ضررا ثابتا ومتميزا‪.‬‬

‫ويكون التعويض الممنوح على عاتق خزينة الدولة من احتفاظ هذه األخيرة بحق‬
‫الرجوع على الشخص المبلغ سيء النية أو شاهد الزور الذي تسبب في الحبس المؤقت"‪.‬‬

‫وقد نص الفصل ‪ 8‬من قانون اإلجراءات الجنائي اإليطالي على أن "كل من أعلنت‬
‫براءته بحكم نهائي بسبب أن الفعل ال وجود له أو أن الجريمة لم تقع أو أن الفعل ال يشكل‬
‫جريمة له الحق في تعويض عادل على اعتقاله احتياطيا إذا لم يكن له دخل أو مساهمة في‬
‫إحداثه بناء على عمد أو خطأ جسيم من جانبه"(‪.)261‬‬

‫كما حدد القانون الخاص بالحبس اإلحتياطي البلجيكي(‪ )262‬الحاالت التي يمنح فيها‬
‫التعويض للمعتقل احتياطيا عما لقيه من ضرر‪:‬‬

‫* صدور قرار بات بالبراءة من محكمة قضائية‪.‬‬

‫* صدور قرار بأن ال وجه إلقامة الدعوى الجنائية‪.‬‬

‫* صدور قرار بتقادم الجريمة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬بدائل اإلعتقال اإلحتياطي‪:‬‬


‫يشكل اإلعتقال اإلحتياطي تحديدا –وال يزال‪ -‬بؤرة توثر ونقطة اصطدام بين‬
‫حقوق المجتمع وحقوق الفرد‪ ،‬فهو تدبير يصطدم بمبدأ األصل براءة المتهم إلى حين ثبوت‬
‫إدانته بمقتضى حكم قضائي بات حائز لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬وهو المبدأ الذي يعد أسمى‬
‫ضمانات الحرية الفردية‪.‬‬

‫‪ - 261‬محمد علي سويلم‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.185‬‬


‫‪ - 262‬محمد علي سويلم‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.187‬‬

‫‪113‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ويعتبر مبدئيا إجراء ضروري تقتضيه حماية المصلحة العامة للمجتمع لكن أساسه‬
‫القانوني استثنائي وفق ما جاء في الفصل ‪ 159‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬لذلك يجب الترجيح واقعا بين‬
‫متطلبات حماية المجتمع وبين تكريس الحرية الشخصية لألفراد وعدم المساس بها أو‬
‫بمعنى آخر ترشيد اإلعتقال اإلحتياطي بشكل يالئم طبيعته االستثنائية‪ ،‬ألن اعتقال دون‬
‫مبرر معقول يعتبر عقوبة بدون محاكمة وهي أعلى المراتب مساسا بالحرية الفردية‪.‬‬

‫ويبقى اإلعتقال اإلحتياطي أبرز المشاكل التي تعاني منها عدالتنا الجنائية وتزداد‬
‫حدتها حينما يظهر في الممارسة القضائية اإلسراف في اللجوء إليه‪ ،‬وهذا ما استدعى‬
‫وضع بدائل تقوم مقام اإلعتقال اإلحتياطي ونذكر بديلين هما الرقابة القضائية (فقرة أولى)‪،‬‬
‫ثم الرقابة اإللكترونية (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الوضع تحت المراقبة القضائية‪:‬‬


‫يعتبر الوضع تحت المراقبة القضائية التي أتى بها القانون رقم ‪ 22.01‬المتعلق‬
‫بالمسطرة الجنائية‪ ،‬والذي توخى فيه المشرع إليجاد آليات جديدة‪ ،‬كفيلة بضمان حسن سير‬
‫اإلجراءات القضائية دون اللجوء إلى تدبير اإلعتقال اإلحتياطي الذي أصبح موضوع‬
‫انتقادات كبيرة لطابعه القهري وما ترتب عنه مساس بالحرية بالنسبة للمهتمين قبل صدور‬
‫حكم في الموضوع‪.‬‬

‫وال شك أن الوضع تحت المراقبة القضائية يعد إجراء استثنائيا إال أنه ال يحرم‬
‫المتهم مطلقا من الحرية كما هو الشأن بالنسبة لإلعتقال اإلحتياطي(‪)263‬‬

‫حيث أنه حددت المواد من ‪ 159‬إلى ‪ 174‬من ق‪.‬م‪.‬ج المغربي مضمون تدبير‬
‫المراقبة القضائية واستعرض المشرع في المادة ‪ 161‬من ق‪.‬م‪.‬ج مضامين ومحتويات‬
‫الوضع تحت نظام المراقبة القضائية‪.‬‬

‫‪ - 263‬لطيفة بنخبر‪" ،‬الوضع تحت المراقبة القضائية في ضوء مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫للقانون الجنائي والعلوم الجنائية‪ ،‬ص ‪.179‬‬

‫‪114‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وبالرجوع إلى هذه المادة نجد أن المشرع قد وضع على عاتق المتهم الخاضع لهذا‬
‫النظام ثمانية عشر التزاما أو تدبيرا‪ ،‬وهي التدابير التي أخذ بها المشرع المغربي من‬
‫صنوه الفرنسي مع شيء من التوسع(‪.)264‬‬

‫وفي فرنسا استفاد المشرع الفرنسي من القوانين التي سبقته فأصدر في‬
‫‪ 1970/07/17‬قانونا عدل به المادة ‪ 137‬وما بعدها من قانون اإلجراءات الجزئية ثم‬
‫أدخل تعديالت أخرى بالقانون الذي أصدر في ‪ ،1975/8/6‬فنصت المادة ‪ 138‬على ثالثة‬
‫عشر التزاما‪ ،‬يفرض قاضي التحقيق واحدا منها أو أكثر على المدعي عليه بدال من توقيفه‬
‫احتياطيا‪.‬‬

‫ونصت على هذه االلتزامات أيضا المادة ‪ 138‬من قانون ‪ ،2000/6/5‬وهذه‬


‫االلتزامات تشبه إلى حد كبير االلتزامات التي سبق أن قررها قانون اإلجراءات الفرنسي‬
‫في المادة ‪ 738‬وما بعدها على من يحكم عليه بوقف التنفيذ مع الوضع تحت‬
‫االختيار(‪.)265‬‬

‫ولقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن قاضي التحقيق ملزم باالختيار بين واحد‬
‫أو أكثر من التدابير وليس له أن يضيف تدابير غير موجودة أو أن يعدل تلك المقررة(‪)266‬‬
‫ويحدد هذه االلتزامات في كل قضية على حدة‪ ،‬وال يوجد أي التزام مشترك يطبق على‬
‫جميع المدعي عليهم‪ ،‬وال يأمر قاضي التحقيق إال بااللتزامات المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 138‬من قانون اإلجراءات الفرنسي طبقا لمبدأ الشرعية(‪.)267‬‬

‫‪ - 264‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"‬
‫إعداد الطالب الباحث فؤاد بنيخلف‪.‬‬
‫‪265‬‬
‫‪- Merle R. et Vita A. : Traité de droit pénal et de criminologie, Dalloz, droit P 117.‬‬
‫‪ - 266‬الذي جاء عنها ما يلي‪:‬‬
‫‪« Aux termes de l’art. 145e. pro pen. Le placement détention provisoire est précis par une‬‬
‫‪ordonnance spécialement motivée qui doit comprorterlécancé des conditions de droit et de‬‬
‫» …‪fait sur le caractère insuffisant des obligations du contrôle judiciaire‬‬
‫‪crim. 2011-1963…506 JCP 6311.1384-9 juin 1966 Bull. crim p 169.‬‬
‫‪267‬‬
‫‪- Chambon : crim, 24 avr 1984 ; D 1986.127 p 237‬‬

‫‪115‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ويقيم الفقه تقسيما للضمانات التي يستمده تحقيقها من وراء تدابير المراقبة‬
‫القضائية إلى ثالثة‪ :‬ضمان الحضور أمام القضاء وضمان حسن سير التحقيق وضمان‬
‫ارتكاب نفس الجريمة من جديد‪.‬‬

‫كما تتمثل هذه االلتزامات في خطر قيام المدعى عليه بعمل معين‪ ،‬أو تفرض عليه‬
‫القيام ببعض األعمال‪ ،‬وبهذا قد تكون هذه االلتزامات التي نصت عليها المادة ‪ 198‬من‬
‫قانون اإلجراءات الجنائي الفرنسي ايجابية وتكون سلبية‪.‬‬

‫ويتضمن األمر بوضع الشخص تحت المراقبة القضائية الخضوع تبعا لقرار‬
‫قاضي التحقيق لواحد أو أكثر من االلتزامات التالية‪:‬‬

‫عدم مغادرة الحدود الترابية المحددة من طرف قاضي التحقيق بحيث لم يكن‬
‫القانون يخول المشتبه فيه بارتكاب جريمة من مغادرة التراب الوطني‪ ،‬حيث كان يضع‬
‫الشرطة القضائية وعلى رأسها النيابة العامة أمام خيارين ال ثالث لهما‪:‬‬

‫‪ -‬إما اعتقال المشتبه به ووضعه تحت الحراسة النظرية وإما ترك المشتبه به حرا‬
‫طليقا إلى حين جمع كافة األدلة وفي هذه الحالة قد يغادر التراب الوطني ويفلت من يد‬
‫العدالة‪.‬‬

‫لهذه األسباب منح ق‪.‬م‪.‬ج لكل من الوكيل العام للملك (المادة ‪ )49‬ووكيل الملك‬
‫(المادة ‪ )40‬وقاضي التحقيق (المادة ‪ )161‬سلطة سحب جواز السفر من الشخص المشتبه‬
‫فيه داخل الحدود لفائدة البحث ولكن شرط أن ال يتجاوز ذلك مدة شهر واحد عدا إذا كان‬
‫المشتبه به هو المتسبب في تأخير مجريات البحث إذ يمكن تمديد هذه المدة إلى غاية انتهاء‬
‫البحث(‪.)268‬‬

‫وقد أجاز المشرع لوكيل الملك أو قاضي التحقيق (المادتين ‪ 74‬و‪ 161‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‬
‫أن يقدم المتهم للمحكمة حرا بعد تقديم كفالة مالية أو كفالة شخصية‪ ،‬ويراعى في تقدي‬

‫‪ - 268‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"‬
‫إعداد الطالب الباحث فؤاد بنيخلف‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫الكفالة المالية كضمان لحضور المتهم المقتضيات الواردة في المادة ‪ 184‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي‬
‫نصت على ما يلي‪" :‬إذا كان اإلفراج المؤقت متوقفا على وجوب تقديم كفالة‪ ،‬فإن هذه‬
‫الكفالة تضمن ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬حضور المتهم في جميع إجراءات التحقيق وتنفيذ الحكم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أداء ما سيذكر حسب الترتيب اآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬المصاريف المسبقة التي أداها الطرف المدني‪.‬‬

‫ب‪ -‬المبالغ الواجب إرجاعها ومبالغ التعويض عن الضرر أو أداء نفقة إذا كان‬
‫المتهم متابعا من أجل ذلك‪.‬‬

‫ت‪ -‬المصاريف التي أنفقها مقيم الدعوى العمومية‪.‬‬

‫ث‪ -‬الغرامات‪.‬‬

‫يحدد مقرر اإلفراج المؤقت القدر المخصص لكل جزء من جزئي الكفالة‪ .‬ويمكن‬
‫أن ينص على تخصيصها كلها ألداء حقوق الضحايا"(‪.)269‬‬

‫كما يراعى في تقديرها الحالة المادية للمعني باألمر (المادة ‪ 161‬ق‪.‬م‪.‬ج الفقرة ‪.)13‬‬

‫وعمليا ف إنه إذا كان المشرع أتاح للنيابة العامة أو قاضي التحقيق اإلفراج مؤقتا‬
‫عن المتهم مقابل أداء كفالة مالية فإن هذا النظام منتقد من طرف بعض المهتمين بالشأن‬
‫الحقوقي الذين يرون اللجوء في غالب األحوال إلى الكفالة المالية وكأنها البديل العملي‬
‫لإلعتقال اإلحتياطي امتيازا لفئة من المتهمين الميسورين(‪.)270‬‬

‫وصفوة القول أن تدبير المراقبة القضائية يبقى إجراء استثنائيا‪ ،‬أثبت نجاعته لدى‬
‫التجارب القانونية المقارنة‪ ،‬من حيث الحد من تكدس المتهمين في غياب السجون وتفعيل‬

‫‪ - 269‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"‬
‫إعداد الطالب الباحث فؤاد بنيخلف‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 270‬أنظر نور الدين العمراني‪ ،‬بدائل اإلعتقال اإلحتياطي في إطار ق‪.‬م‪.‬م‪.‬م‪ ،‬مجلة المحامي عدد ‪ 48‬الصفحة ‪.234‬‬

‫‪117‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫الدور اإلنساني للعقوبة في اإلصالح والتهذيب ومن المعول على من سوف تسند لهم هذه‬
‫الصالحية أن يعطوها البعد الحقيقي الذي توخاه المشرع(‪.)271‬‬

‫وهكذا فإنه يجب التقدم بصفة دورية أمام المصالح والسلطات المهنية وقاضي‬
‫التحقيق‪ ،‬حيث تقوم المصالح أو السلطات التي يجب على المتهم أن يتقدم إليها بتسجيل‬
‫تواريخ حضوره ضمن الشروط المقررة من طرف قاضي التحقيق‪.‬‬

‫وهذا االلتزام أكثر االلتزامات انتشارا ومالئمة لبقاء المدعي عليه تحت تصرف‬
‫العدالة‪ ،‬وذلك عن طريق تحديد اإلقامة وحضوره في مواعيد دورية منظمة أمام المراكز‬
‫أو والسلطات المعنية من قبل القاضي‪ ،‬مركز شرطة أو درك‪ ،‬مركز قضائي أو إداري‪ ،‬و‬
‫لدى أي شخص طبيعي أو معنوي وخاص لدى المحقق(‪.)272‬‬

‫وقد بينت الفقرة الثانية من المادة ‪ 17‬من الالئحة الملحقة بقانون اإلجراءات‬
‫الجزائية الفرنسي واجبات هذه السلطة والتي تتمثل في مراقبة حضور المدعي عليه في‬
‫المواعيد التي يحددها قاضي التحقيق والقيام بتسجيل حضوره في كل مرة‪ ،‬وإخطار‬
‫القاضي بأي تخلف أو إخالل بالمواعيد المحددة(‪.)273‬‬

‫تقديم الوثائق المتعلقة بهويته السيما جواز السفر إما لكتابة الضبط أو لمصلحة‬
‫الشرطة أو الدرك الملكي مقابل وصل‪ ،‬ويشير الوصل إلى نوع الوثيقة المسحوبة وبياناتها‬
‫وهوية المتهم‪ ،‬وتضع السلطة المكلفة على الوصل صورة حديثة للمتهم‪ ،‬ويبين في الوصل‬
‫أنه سلم مقابل وثيقة الهوية المسحوبة‪ ،‬ويتم إرجاع الوصل للمصلحة التي سلمته عندما‬
‫يسترجع المتهم الوثيقة التي سحبت منه‪.‬‬

‫‪ - 271‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"‬
‫إعداد الطالب الباحث فؤاد بنيخلف‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 272‬جندي عبد المالك‪ ،‬الموسوعة الجنائية دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الجزء الثاني بدون سنة النشر‪ ،‬ص‬
‫‪.204‬‬
‫‪ - 273‬مرسوم ‪ 1970/12/23‬الجريدة الرسمية الصادرة في ‪1970/12/23‬‬

‫‪118‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وبسبب هذا االلتزام وضع قيود على حرية المدعي عليه في التنقل وذلك للتقليل‬
‫من فرص الهروب خارج الوطن(‪.)274‬‬

‫وباالستناد على مجموعة من القرارات الصادرة عن الغرفة الجنحية بمحكمة‬


‫اإلستئناف بطنجة‪ ،‬وهي بصدد التعرض لإلستئنافات المقدمة ضد أوامر قاضي التحقيق‪،‬‬
‫يبدو أن التدابير المنصوص عليها في المادة ‪ 161‬من ق‪.‬م‪.‬ج المغربية يتم االكتفاء عمليا‬
‫بتطبيق البعض منها(‪.)275‬‬

‫ويالحظ من تلك التدابير أن بعضها يتداخل مع البعض‪ ،‬وقد تكون تدبير يحقق‬
‫نفس الغاية والنتيجة التي يحققها تدبير آخر‪.‬‬

‫وهكذا مثال‪ ،‬فإن قاضي التحقيق يمكن أن يتخذ قرارا بعدم مغادرة الحدود الترابية‬
‫كما يمكنه إغالق الحدود في وجه المتهم ومطالبة هذا األخير من الجهة الساهرة على‬
‫تطبيق هذا النظام أن يقدم الوثائق المتعلقة بهويته‪ ،‬وخصوصا جواز السفر‪ ،‬فسحب جواز‬
‫السفر قد يغني عن إقرار إغالق السجون مثال‪.‬‬

‫كما تجب مالحظة أن القارئ للمادة ‪ 161‬قراءة أولية‪ ،‬سيخرج باالنطباع على أن‬
‫عدة مقتضياتها تتعارض مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب‪ ،‬كما تتنافى أيضا‬
‫مع القواعد السامية الواردة في دستور المملكة‪ ،‬كالمساس بحرية التنقل والتجول وغيرها‬
‫من الحقوق التي تشكل قاعدة صلبة لهرم حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫أما باقي التدابير الواردة على سبيل الحصر‪ ،‬في المادة ‪ 162‬ق‪.‬م‪.‬ج وتعدادها‬
‫حصرا من طرف المشرع شيء طبيعي‪ ،‬ألنها استثناءات من األصل الذي هو البراءة‬
‫والحرية في التنقل والعيش والقيام بالتصرفات فهي كاآلتي(‪:)276‬‬

‫‪ - 274‬أطر وحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"‬
‫إعداد الطالب الباحث فؤاد بنيخلف‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 275‬أمحمد لفروجي‪ ،‬قانون المسطرة الجنائية وفق آخر التعديالت المدخلة بالقوانين رقم ‪ 36-10‬و‪ 37-10‬و‪35-11‬‬
‫الصادرة في إطار مخطط إصالح القضاء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،2012 ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ - 276‬عرض بتاريخ ‪ 2003/03/07‬مديرية الدراسات والتعاون والتحديث –قسم الدراسات والتشريع‪ -‬منشور بالموقع‬
‫اإللكتروني لوزارة العدل ‪ www.justice.gov.ma‬محمد عبد النباوي‪ :‬المراقبة القضائية‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -1‬عدم التغيب عن المنزل أو السكن المحدد من طرف قاضي التحقيق إال وفق‬
‫الشروط واألسباب التي يحددها القاضي المذكور‪.‬‬

‫‪ -2‬عدم التردد على بعض األمكنة التي يحددها قاضي التحقيق‪.‬‬

‫‪ -3‬إشعار قاضي التحقيق بأي تنقل خارج الحدود المعينة‪.‬‬

‫‪ -4‬االستجابة لالستدعاءات الموجهة إلى الخاضع للمراقبة من أية سلطة أو أي‬


‫شخص مؤهل معين من طرف القاضي‪.‬‬

‫‪ -5‬الخضوع لتدابير المراقبة المتعلقة بالنشاط المهني أو حول مثابرته على تعليم‬
‫معين‪.‬‬

‫‪ -6‬المنع من سياقة جميع الناقالت أو بعضها‪ ،‬أو تسليم رخصة السياقة لكتابة‬
‫الضبط مقابل وصل ويمكن لقاضي التحقيق أن يأذن له باستعمال رخصة السياقة لمزاولة‬
‫نشاطه المهني‪.‬‬

‫‪ -7‬المنع من االتصال ببعض األشخاص المحددين على وجه الخصوص من‬


‫طرف قاضي التحقيق‪.‬‬

‫‪ -8‬الخضوع لتدابير الفحص والعالج أو لنظام االستشفاء السيما من أجل إزالة‬


‫التسمم‪.‬‬

‫‪ -9‬إيداع كفالة مالية يحدد قاضي التحقيق مبلغها وأجل أدائها مع األخذ بعين‬
‫االعتبار الحالة المادية للمعني باألمر‪.‬‬

‫‪ -10‬عدم مزاولة بعض األنشطة ذات طبيعة مهنية أو اجتماعية ماعدا المهام‬
‫االنتخابية أو النقابية‪.‬‬

‫‪ -11‬عدم إصدار الشيكات(‪.)277‬‬

‫‪ - 277‬أمحمد لفروجي‪ ،‬الشيك القانونية والعملية –مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1999 ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‬
‫‪.379‬‬

‫‪120‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -12‬عدم حيازة األسلحة وتسليمها إلى المصالح األمنية المختصة مقابل وصل‪.‬‬

‫‪ -13‬تقديم ضمانات شخصية أو عينية يحددها قاضي التحقيق تستهدف ضمان‬


‫حقوق الضحية‪.‬‬

‫‪ -14‬إثبات مساهمة المتهم في التحمالت العائلية أو أنه يؤدي بانتظام النفقة‬


‫المحكوم بها عليه‪.‬‬

‫وقد يثار التساؤل حول مدى تعارض هذه التدابير مع الحق في التنقل مثال أو الحق‬
‫في االجتماع أو غيرها من حقوق اإلنسان‪ ،‬وهل يمكن للموضوع رهن المراقبة أن يقوم‬
‫ببعض األعمال واألنشطة التطوعية؟ باعتبار أن الفقرة ‪ 4‬نصت على عدم مزاولة بعض‬
‫األنشطة ذات الطبيعة المهنية أو االجتماعية ما عدا المهام االنتخابية أو النقابية‪ ،‬ويمكن‬
‫القول أن قاضي التحقيق بما له من سلطة في توجيه التحقيق أن يمنع مزاولة األنشطة‬
‫التطوعية إذا كانت تتخذ صوريا لمزاولة نشاط ذو طبيعة مهنية أو اجتماعية‪.‬‬

‫وجوابا على ذلك اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أن المنع من مغادرة التراب‬
‫ا لوطني كتدبير من تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية ال تتعارض مع البروتوكول‬
‫الملحق رقم ‪ 4‬ومع المادة ‪ 9‬من االتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬كما أقرت أن منع‬
‫المتهم من الحضور إلى أي اجتماع بصرف النظر عن طبيعته يبقى مشروعا وينسجم مع‬
‫مقتضيات المادة ‪ 138‬من ق‪.‬ج‪ .‬الفرنسي(‪.)278‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الوضع تحت المراقبة اإللكترونية‪:‬‬

‫‪ - 278‬وهو نفس االتجاه الذي نسخته في قرار صدر عنها سنة ‪ 1991‬تضمن ما يلي‪:‬‬
‫‪« L’interdiction de quitter le territoire national et de fréquenté un lieu de culte, imposée à un‬‬
‫‪culte placé sous contrôle judiciaire, n’est pas un compatible avec l’art. 9 de la convention‬‬
‫‪européenne de droit de l’homme ».‬‬
‫‪Crim. 11 avril 11 Bull. Crim. N° 176.‬‬
‫‪D. Crim. 10 mai 1972 Bull. crim n° 166.‬‬

‫‪121‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫تبنت معظم األنظمة العقابية المعاصرة بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة‬
‫كاإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬ومنها الوضع تحت المراقبة اإللكترونية‪ ،‬وهو البديل المستحدث في‬
‫السياسة العقابية‪.‬‬

‫فلم يعد نطاق استفادة القانون الجنائي بمفهومه الواسع في المرحلة العلمية مقتصرا‬
‫على جمع األدلة الجنائية وإنما تعداها إلى مرحلة تنفيذ العقوبات السالبة للحرية من خالل‬
‫خضوع المحكوم عليه لنظام المراقبة اإللكترونية‪ ،‬الذي يقيد الحرية خارج أسوار السجن‬
‫عن طريق وضع سوار إلكتروني شبيه بالساعة في معصم المحكوم عليه‪ ،‬ويرسل إشارات‬
‫للمصالح المكلفة بالمراقبة(‪.)279‬‬

‫يعتبر نظام المراقبة الجنائية اإللكترونية كوسيلة بديلة لإلعتقال اإلحتياطي من أهم‬
‫ما أفرزه التقدم التكنولوجي والذي انعكس بدوره على السياسة العقابية في معظم األنظمة‬
‫العقابية المعاصرة التي أخذت به‪ ،‬ومصطلح المراقبة اإللكترونية مشتق من التعبير‬
‫‪Bracelet‬‬ ‫الفرنسي ‪ Surveillance électronique‬أو اإلسورة اإللكترونية(‪)280‬‬
‫‪.électronique‬‬

‫حيث تم ابتكار جهاز إلكتروني يوضع في رجل أو يد المحكوم عليه بأمر من‬
‫القاضي المختص‪ ،‬هذا الجهاز يتصل مباشرة بجهاز إلكتروني مركزي يوحد لدى السلطة‬
‫القضائية المعنية ويسمح المراقب تتبع خطوات الجاني ومعرفة مكان وجوده‪ ،‬مثل هذه‬
‫المراقبة هي بمثابة نوع من اإلقامة الجبرية المفروضة على الجاني‪ ،‬وتضعه في وضع ال‬
‫يدع له مجاال لممارسة حريته إال داخل المجال الذي يحدده له القضاء(‪.)281‬‬

‫‪ - 279‬عبد الجليل الفيداني‪" ،‬بدائل الدعوى العمومية وبدائل العقوبات السالبة للحرية" ضمن أشغال المناظرة الوطنية التي‬
‫نظمتها وزارة العدل بمكناس أيام ‪ 11-10-9‬دجنبر ‪ 2004‬تحت عنوان "السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق" المجلد‬
‫األول الطبعة الثانية العدد ‪ ،2004-3‬ص ‪.72‬‬
‫‪ - 280‬عامر سالم "المراقبة اإللكترونية طريقة جديدة لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية خارج السجن" دار النهضة العربية ط‬
‫‪ 1‬سنة ‪ ،2000‬ص ‪.10‬‬
‫‪ - 281‬عبد السالم حسن رحو "الوضع تحت المراقبة اإللكترونية كبديل للعقوبات السالبة للحرية" مقال منشور بمجلة‬
‫القضاء والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،152‬سنة ‪ ،2009‬ص ‪ 85‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫وبناءا على ذلك التعريف فإن المراقبة تعمل على معرفة تحركات المتهم عن بعد‪،‬‬
‫لكونها تقوم على نظام الذبذبات واإلتصال الالسلكي من الناحية الفنية‪ ،‬فالبد من وجود‬
‫جهازا إرسال يتم وضعه في يد المتهم المفرج عنه‪ ،‬وجهاز آخر يستقبل تلك الذبذبات‬
‫يوضع في محل إقامة المتهم ويربط بخط هاتفي وجهاز كمبيوتر مركزي يسمح بتعقب‬
‫المفرج عنه عن بعد(‪.)282‬‬

‫جانب من الفقه والذي يؤيد الوضع تحت المراقبة اإللكترونية يرون أن المبرر‬
‫األساسي من وراء هذا النظام هو الحلول محل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة التي‬
‫ينتج عن تنفيذها آثار أسرية واجتماعية واقتصادية مدمرة قد يصعب البراء منها وأن‬
‫مزاياه بالنسبة إلى اإلدارة العقابية عديدة وتكمن هذه المزايا في فعاليته وجدواه في الوقاية‬
‫من العود والتخفيف من حدة ازدحام السجون واالقتصاد في التكاليف المالية‪.‬‬

‫هذا وبالنسبة لألشخاص المبتدئين (المحكومين ألول مرة) فإن السجن سيضرهم‬
‫أكثر مما سينفعهم‪ ،‬ومن الضروري بالنسبة للشخص لم يرتكب إال خطأ بسيطا أال يتعرض‬
‫لوسط السجن الفاسد‪ ،‬ألن ذلك سيفقده كل ما حققه في حياته‪ ،‬وبالنتيجة سيجره إلى العود‪.‬‬

‫إن السوار هو بديل للحبس المؤقت أو اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬الذي يحكم به القاضي‬
‫في العقوبات السالبة للحرية فهو تدبير وإجراء تحفظي لتفادي اإلعتقال ومن إيجابياته أنه‬
‫يساهم في ترشيد اإلعتقال اإلحتياطي ويحد من اللجوء إليه‪ ،‬وهو بذلك يعزز الحقوق‬
‫والحريات السيما قرينة البراءة التي ينص عليها الدستور المغربي ومبادئ المحاكمة‬
‫العادلة(‪.)283‬‬

‫إن البديل اإللكتروني الذي نص عليه المشرع الفرنسي واألمريكي واإلنجليزي‬


‫لتنفيذ الحبس اإلحتياطي‪ ،‬يحول منزل المتهم إلى سجن خاص مراقب إلكترونيا مع السماح‬

‫‪ - 282‬ف ؤاد بنيخلف "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي" أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬سنة ‪ ،2017-2016‬ص ‪.279‬‬
‫‪ - 283‬فؤاد بنيخلف "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"مس‪ ،.‬ص ‪.285‬‬

‫‪123‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫له بممارسة حياته الطبيعية وشروطها هي نفس شروط الحبس اإلحتياطي وتنقضي‬
‫بانقضائه‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن النظام القضائي المغربي يحتاج إلى سرعة تطوير‬
‫التشريعات الجنائية‪ ،‬بحيث يمكن استغالل التكنولوجيا الحديثة لضمان تنفيذ بدائل الحبس‬
‫بشكل جيد‪.‬‬

‫إن اللجوء إلى المراقبة اإللكترونية ال يعني استبعاد اإلعتقال اإلحتياطي بصورته‬
‫التقليدية‪ ،‬وإنما وجود هذه المكنة التكنولوجية يعطي قدرا من االختبار للجهات المختصة‬
‫لتفضيل بينها وبين الحبس اإلحتياطي التقليدي وبين عدم اللجوء أي من هذه اإلجراءات‬
‫حسب ظروف كل حالة على حدة‪.‬‬

‫لذلك فإننا نعتقد أن فهم دور المراقبة اإللكترونية في هذا اإلطار أي اعتبارها مكنة‬
‫تضاف إلى الحبس التقليدي قد يقلل من االعتراض الموجه إليه(‪.)284‬‬

‫ونظام المراقبة اإللكترونية وإن كانت له سلبياته‪ ،‬إال أنه يبقى أفضل من التنفيذ‬
‫التقليدي للعقوبات أو الحبس اإلحتياطي‪ ،‬من جهة أخرى يجب أال يفهم أن نظام المراقبة‬
‫اإللكترونية أن من يخضع لهذا النظام يكون مراقبا في كل تحركاته وتصرفاته داخل‬
‫المسكن‪.‬‬

‫فالتشريعات التي تأخذ بنظام المراقبة اإللكترونية تتضمن قيودا تكفل صيانة حرمة‬
‫المسكن الخاص‪ ،‬ومن ذلك حظر استخدام الكاميرات في المراقبة وحظر دخول مأمور‬
‫المراقبة للسكن لمجرد قيام الخاضع للمراقبة بارتكاب مخالفة‪.‬‬

‫‪ - 284‬ذ‪ .‬عامر سالم‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.45‬‬

‫‪124‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫بعد أن انتهينا من عرض موضوع الدراسة وهو اإلعتقال اإلحتياطي في ق‪.‬م‪.‬ج‪،‬‬
‫والذي يعد أهم وأخطر إجراءات التحقيق وأكثرها مساسا بحرية المتهم‪ ،‬ويبرز بوضوح‬
‫التناقض بين مقتضيات احترام الفرض وسلطة الدولة في العقاب‪.‬‬

‫إذ تسلب منه هذه الحرية فترة من الزمن على الرغم من أنه لم يحكم بإدانته بعد‪،‬‬
‫وبما يتعارض مع حقوق اإلنسان‪ ،‬ومنها أصل البراءة الذي أكدته جل المواثيق الدولية‬
‫والدساتير والتشريعات الوطنية‪.‬‬

‫وال يخلو اإلعتقال اإلحتياطي من سلبيات اجتماعية ومهنية ونفسية في مواجهة‬


‫المتهم المعتقل احتياطيا‪ ،‬السيما حين ينتهي األمر باإلفراج عنه‪ ،‬وصدور قرار بأن ال وجه‬
‫إلقامة الدعوى الجنائية‪.‬‬

‫ولهذا فقد غدا اإلعتقال اإلحتياطي في ظل السياسات الجنائية الحديثة استثناء يتم‬
‫تقييده بشروط شتى‪ ،‬ومحاولة استبداله بتدابير أخرى تكفل تحقق الغاية منه وتتفادى في‬
‫الوقت ذاته شروره وسلبياته‪ ،‬مثل نظام المراقبة القضائية والمراقبة اإللكترونية‪.‬‬

‫والشك أن جل التشريعات تحاول التقليص من نطاق اإلعتقال اإلحتياطي خاصة‬


‫في الجنح‪ ،‬لذلك حبذا ولو أن المشرع المغربي يسير على نهج المشرع الفرنسي في هذا‬
‫الخصوص‪.‬‬

‫كما أن التنصيص على نظام التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي في ظل التشريع‬


‫المغربي أصبح ضرورة تقتضيها توجهات السياسة الجنائية الحديثة‪.‬‬

‫وخالصة ا لقول من خالل تتبع محاور موضوعنا يبرز لنا أن ضرورة اللجوء إلى‬
‫اإلعتقال اإلحتياطي ال تنبني على أسس متينة‪ ،‬مادام يمكن اللجوء إلى بدائل أخرى أقل‬
‫كلفة وأكثر قبوال اجتماعيا‪ ،‬زيادة على عدم تشكيلها لخطر على المجتمع إذا ما نفذت تحت‬
‫إشراف إدارة واعية ويقظة‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫كما أنه حتى لو كان من الضروري وضع اليد على المتهم في حاالت استثنائية‬
‫مبررة لضمان الحضور أمام المحكمة أو حمايته من األخطار التي تهدده في حالة بقائه‬
‫طليقا أو حماية للمجتمع من تزايد أفعاله اإلجرامية‪ ،‬فإن هذا اإلجراء ليعطي أكله‪ ،‬البد من‬
‫إحاطته بسياج من الضمانات للمحافظة على الحد من الحماية القانونية لحقوق معتقل لم‬
‫تثبت إدانته بعد‪ ،‬وكل ذلك يؤدي خلق التوازن الواجب بين ضرورة الدفاع االجتماعي‬
‫ومستلزم قرينة البراءة‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫الئحة املراجع‬
‫الكتب‪:‬‬
‫‪ -1‬محمد أحداف‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬مسطرة التحقيق اإلعدادي‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪ ،‬طبعة ‪2017/2016‬‬

‫‪ -2‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.2009 ،‬‬

‫‪ -3‬أحمد الخمليشي‪ ،‬شروح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬سنة ‪.1999‬‬

‫‪ -4‬الحبيب بيهي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬منشورات المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2004‬‬

‫‪ -5‬حسن الهوادية‪ ،‬الحراسة النظرية بين التشريع واالجتهاد القضائي والنظرية‪ ،‬مطبعة‬
‫دار السالم بالرباط الطبعة الثانية‪.2000 ،‬‬

‫جعفر العلوي‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين ضرورة الدفاع االجتماعي ومستلزمات قرينة‬
‫البراءة‪ ،‬من خالل مشروع ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬منشورات المجلة المغربية عدد ‪ 39‬سنة ‪.2003‬‬

‫‪ -6‬أحمد جوييد‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬فاس‪ ،‬طبعة ‪.2004‬‬

‫‪ -7‬نور الدين العمراني‪ ،‬بدائل اإلعتقال اإلحتياطي في إطار قانون المسطرة الجنائية‪،‬‬
‫مجلة المحامي عدد ‪.48‬‬

‫‪ -8‬محمد جالل السعيد‪ ،‬المحاكمة العادلة في قانون المسطرة الجنائية لسنة ‪ ،2002‬سلسلة‬
‫إصالح القانون والتنمية السوسيو اقتصادية‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬الطبعة األولى يناير‬
‫‪.2012‬‬

‫‪127‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -9‬سعيد بوطويل‪ ،‬اإل عتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي –‬
‫المبررات والضمانات دراسة علمية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2017‬دار اآلفاق المغربية‬
‫للنشر والتوزيع –الدار البيضاء‪.‬‬

‫‪ -‬حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬أصول اإلجراءات الجنائية‪ ،‬مطبعة المعارف باإلسكندرية‪،‬‬


‫طبعة أخيرة‪.‬‬

‫‪ -10‬محمد أوجار القواعد الدولية لمعاملة السجناء‪ ،‬مركز التوثيق واإلعالم والتكوين في‬
‫مجال حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -11‬محمد أحداف‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪،‬‬
‫مكناس‪ ،‬طبعة ‪.2018‬‬

‫‪ -12‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ ،2015‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‬

‫‪ -13‬محمد عبد اللطيف فرج "الحبس اإلحتياطي في ضوء المواثيق الدولية والتشريعات‬
‫الوطنية" الطبعة األولى‪ ،‬مطابع الشرطة مصر‪.2010 ،‬‬

‫‪ -14‬عبد العلي حفيظ‪" ،‬صالحيات قاضي تطبيق العقوبات في القانون المغربي"‪ ،‬مطبعة‬
‫دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪.2012‬‬

‫‪ -15‬محمد عبد هللا محمد المر "الحبس اإلحتياطي دراسة مقارنة"‪ ،‬مطبعة دار الفكر‬
‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪.2006‬‬

‫‪ -16‬محمد علي سويلم "ضمانات الحبس اإلحتياطي"‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪،‬‬


‫الطبعة األولى‪.2008 ،‬‬

‫‪ -17‬عامر سالم "المراقبة اإللكترونية طريقة جديدة لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية خارج‬
‫السجن" دار النهضة العربية الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬

‫‪128‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -18‬عمرو واصف الشريف "التوقيف اإلحتياطي‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬منشورات الحلبي‬


‫الحقوقية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بيروت ‪.2010‬‬

‫‪ -19‬أحمد عبد الكريم عثمان‪ ،‬الحبس اإلحتياطي (التوفيق)‪ ،‬دار الكتب القانونية‪.2008 ،‬‬

‫‪ -20‬إدريس النوازلي "اإلثبات الجنائي لجرائم األعمال بالوسائل الحديثة" الجزء الثاني‪،‬‬
‫المطبعة والوراقة الوطنية مراكش‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2014‬‬

‫‪ -21‬المعتصم باهلل أدهم "التوقيف اإلحتياطي بين النص القانوني والتطبيق"‪ ،‬منشورات‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2012‬لبنان‪.‬‬

‫‪ -22‬أمحمد لفروجي‪ ،‬الشيك القانونية والعملية –مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.1999 ،‬‬

‫‪ -23‬أمحمد لفروجي‪ ،‬قانون المسطرة الجنائية وفق آخر التعديالت المدخلة بالقوانين رقم‬
‫‪ 36-10‬و‪ 37-10‬و‪ 35-11‬الصادرة في إطار مخطط إصالح القضاء‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة الدار البيضاء‪.2012 ،‬‬

‫‪ -24‬جندي عبد المالك‪ ،‬الموسوعة الجنائية دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الجزء‬
‫الثاني بدون سنة النشر‪.‬‬

‫‪ -25‬رمسيس بنهام‪" ،‬علم النفس القضائي"‪ ،‬دار النشر منشأة المعارف باإلسكندرية‪.‬‬

‫‪ -26‬رياضي عبد الغاني‪ ،‬قضايا جنائية وحلول بديلة‪ ،‬سلسلة األجهزة القضائية‪ ،‬الجزء ‪7‬‬
‫الطبعة ‪.2007 ،1‬‬

‫‪ -27‬عبد الفتاح مراد‪ ،‬شرح الحبس االحتياطي‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬

‫‪ -28‬كمال محمد عواد "اإلجراءات الجنائية لتقييد حرية المتهم في الفقه اإلسالمي‬
‫والقانون الجنائي"‪ ،‬مطبعة دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2011‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -29‬محمد بوزبع‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬جمعية نشر المعلومات القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مطبعة فضال‪ ،‬السنة ‪ ،2005‬الكتاب األول‪.‬‬

‫‪ -30‬محمد محمود حافظ‪ ،‬الحبس االحتياطي‪ ،‬المركز الفرنسي اإلصدارات القانونية‬


‫الطبعة األولى‪.‬‬

‫األطروحات والرسائل‪:‬‬
‫‪ -1‬فؤاد بنيخلف "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2017-2016‬‬

‫‪ -2‬مونية أحرازم‪ ،‬واقع وآفاق اإلعتقال اإلحتياطي بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2016-2015‬‬

‫‪ -3‬عادل المطمري‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين النص والواقع‪ ،‬دراسة ميدانية‪ ،‬بحث نهاية‬
‫التدريب‪ ،‬الفوج ‪ ،36‬وزارة العدل‪ ،‬المعهد العالي للقضاء‪ ،‬السنة ‪.2011-2009‬‬

‫‪ -4‬فاطمة مورادي‪" ،‬اإلعتقال اإلحتياطي دراسة لمحكمة اإلستئناف بخريبكة" رسالة‬


‫نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،36‬وزارة العدل‪ ،‬المعهد العالي‬
‫للقضاء‪ ،‬السنة ‪.2011-2009‬‬

‫‪ -5‬عبد الرزاق العروسي‪" ،‬الممارسة القضائية وبدائل اإلعتقال اإلحتياطي" بحث نهاية‬
‫التدريب المعهد العالي للقضاء‪ ،‬فترة التدريب ‪.2017-2015‬‬

‫‪ -6‬نجيب البيهي‪ ،‬المراقبة القضائية وفق قانون المسطرة الجنائية المغربي الجديد‪ ،‬منشور‬
‫بمجلة محكمة‪ ،‬عدد ‪.2003 ،1‬‬

‫‪ -7‬عبد الرحيم فكري‪" ،‬جزاء اإلخالل بحقوق الدفاع"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق مراكش‪ ،‬سنة ‪.2013/2012‬‬

‫‪130‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -8‬محمد الغازي "المعايير الدولية لمناهضة اإلعتقال التعسفي واالختفاء القسري" كتاب‬
‫قراءات في المادة الجنائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬سلسلة المعارف القانونية والقضائية‪،‬‬
‫منشورات مجلة الحقوق‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط ‪.2014‬‬

‫‪ -9‬عبد الرحيم فالح‪ ،‬قرينة البراءة وشرعية اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر شعبة المهن القانونية والقضائية جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬سنة ‪-2016‬‬
‫‪.2017‬‬

‫العروض‪:‬‬
‫‪ -1‬المصطفى المهداوي‪ ،‬المراقبة القضائية كإجراء بديل لإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬عرض‬
‫ألقي بمحكمة االستئناف بالحسيمة بتاريخ ‪ 24‬نوفمبر ‪ ،2006‬مجلة الحقوق المغربية‬
‫العدد الثامن‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬

‫‪ -2‬عرض بتاريخ ‪ 2003/03/07‬مديرية الدراسات والتعاون والتحديث –قسم الدراسات‬


‫والتشريع‪ -‬منشور بالموقع اإللكتروني لوزارة العدل ‪www.justice.gov.ma‬‬
‫محمد عبد النباوي‪ :‬المراقبة القضائية‪.‬‬

‫‪ -3‬سلسلة ندوات محكمة االستئناف تقنيات إجراءات التحقيق في ضوء م‪.‬ج لألستاذ عبد‬
‫القادر السنوني قاضي التحقيق‪.‬‬

‫المجالت‪:‬‬
‫‪ -1‬البشير بوحبة‪ ،‬الوضع تحت المراقبة القضائية كآلية جديدة في ميدان التحقيق‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية للمنازعات القانونية‪ ،‬العدد ‪.2004 ،2‬‬

‫‪ -2‬عبد الفتاح بن الحسين‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي في التطبيق القضائي‪ ،‬المجلة اإللكترونية‬


‫لألبحاث القانونية العدد ‪.2021 ،7‬‬

‫‪ -3‬سفيان أدريوش‪ ،‬الطابع االستثنائي لإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬مجلة محاكمة العدد ‪ 5‬نونبر‪-‬‬
‫يناير ‪.2009-2008‬‬

‫‪131‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -4‬إدريس بلمحجوب مجلة الملحق القضائي العدد ‪ 19/18‬سنة ‪.1988-1987‬‬

‫‪ -5‬جعفر العلوي‪ ،‬اإلعتقال اإلحتياطي بين ضرورة الدفاع االجتماعي ومستلزمات قرينة‬
‫البراءة قرينة البراءة من خالل مشروع ق‪.‬م‪.‬ج منشورات المجلة المغربية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،39‬سنة ‪.2003‬‬

‫‪ -6‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬سلسلة الشروح والدالئل‪ ،‬العدد ‪ ،8‬السنة ‪ ،2007‬مطبعة إليت‪ ،‬سال‪.‬‬

‫‪ -7‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى العدد ‪ 2‬سنة ‪.2004‬‬

‫‪ -8‬عبد هللا درميش‪" ،‬دور التشريع الجنائي في توطيد األمن" السياسة الجنائية بالمغرب‬
‫واقع وآفاق‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬أشغال المناظرة الوطنية لوزارة العدل أيام ‪ 9‬و‪ 10‬و‪11‬‬
‫دجنبر ‪ 2004‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‬
‫العدد ‪ ،2005-04‬مطبعة فضالة‪ ،‬المحمدية‪.‬‬

‫‪ -9‬عبد الجليل الفيداني‪" ،‬بدائل الدعوى العمومية وبدائل العقوبات السالبة للحرية" ضمن‬
‫أشغال المناظرة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل بمكناس أيام ‪ 11-10-9‬دجنبر‬
‫‪ 2004‬تحت عنوان "السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق" المجلد األول الطبعة‬
‫الثانية العدد ‪.2004-3‬‬

‫‪ -10‬عبد السالم حسن رحو "الوضع تحت المراقبة اإللكترونية كبديل للعقوبات السالبة‬
‫للحرية" مقال منشور بمجلة القضاء والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،152‬سنة ‪.2009‬‬

‫‪ -11‬عالل غالي "التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي غير المبرر كآلية لتحقيق العدالة‬
‫االجتماعية" مجلة القضاء الجنائي‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫سنة ‪.2015‬‬

‫‪ -12‬دليل المحاكمات العادلة‪ ،‬منظمة العفو الدولية‪ ،‬مطبوعات منظمة العفو الدولية‪،‬‬
‫الطبعة العربية األولى لسنة ‪.1998‬‬

‫‪132‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -13‬عبد العزيز بنزاكور‪ ،‬مجلة الملحق القضائي العدد ‪ 19-18‬سنة ‪.1988-1987‬‬

‫‪ -14‬لطيفة بنخبر‪" ،‬الوضع تحت المراقبة القضائية في ضوء مسودة مشروع قانون‬
‫المسطرة الجنائية‪ ،‬المجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية‪.‬‬

‫‪ -15‬نور الدين العمراني‪ ،‬بدائل اإلعتقال اإلحتياطي في إطار ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬مجلة المحامي‪،‬‬
‫عدد ‪.48‬‬

‫المواقع اإللكترونية ومراجع اللغة الفرنسية‪:‬‬


‫‪ -1‬الموقع الرسمي للمندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج ‪www.dgapm.ma‬‬
‫‪2 - Ardant « La responsabilité de l’état de la fonction juridictionnel », thèse,‬‬
‫‪année 1956.‬‬
‫‪3- Merle R. et Vita A. : Traité de droit pénal et de criminologie, Dalloz.‬‬
‫‪4- Jean Pradel : « procédure pénale », Paris, Cujas, 12ème édition, coll.‬‬
‫‪Manuel, 2004.‬‬
‫‪5- www.assabahpress.ma.‬‬
‫‪6- www.amnesty.org‬‬
‫‪7- www.almaghribia.ma.10/11/2014.‬‬
‫‪8- www.zoompresse.com/news‬‬
‫‪9- www.marocdroit.com.‬‬

‫‪133‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة‪4 ...................................................................................................... :‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار العام لإلعتقال اإلحتياطي‪10 ................................................ .‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية اإلعتقال اإلحتياطي ‪10 .........................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم اإلعتقال اإلحتياطي وشروطه‪11 .......................................... .‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف اإلعتقال اإلحتياطي وخصائصه‪11 ........................................ :‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف اإلعتقال اإلحتياطي‪11 .................................................................. :‬‬
‫‪ -1‬تعريف اإلعتقال اإلحتياطي حسب التشريع‪11 .................................................. :‬‬
‫‪ -2‬تعريف اإلعتقال اإلحتياطي من منظور الفقه‪12 ................................................ :‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص اإلعتقال اإلحتياطي‪13 ............................................................... :‬‬
‫‪ -1‬شكليات اإلعتقال اإلحتياطي‪14 .................................................................... :‬‬
‫‪ -2‬مدة اإلعتقال اإلحتياطي‪14 ......................................................................... :‬‬
‫‪ -3‬انتهاء اإلعتقال اإلحتياطي‪15 ...................................................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط اإلعتقال اإلحتياطي‪18 ........................................................ :‬‬
‫أوال‪ :‬الشروط الشكلية لإلعتقال اإلحتياطي‪19 ....................................................... :‬‬
‫‪ -1‬تسبيب األمر الصادر باإلعتقال اإلحتياطي‪19 .................................................. :‬‬
‫‪ -2‬اإلعتقال اإلحتياطي بمدة معينة‪20 .................................................................:‬‬
‫‪ -3‬إبالغ المتهم بأسباب اللجوء لإلعتقال اإلحتياطي في حقه‪21 ................................. :‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط الموضوعية لإلعتقال اإلحتياطي‪22 ................................................. :‬‬
‫‪ -1‬ضرورة استنطاق المتهم‪22 ........................................................................ :‬‬
‫‪ -2‬اإلستناد إلى مبررات صحيحة وكافية‪23 ........................................................ :‬‬
‫‪ -3‬أن يصدر في جريمة مما يجوز اإلعتقال فيها‪24 ............................................... :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دواعي االعتقال االحتياطي وتمييزه عن الحاالت المشابهة‪25 ............... .‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دواعي االعتقال االحتياطي‪25 ....................................................... :‬‬
‫أوال‪ :‬ضرورة التحقيق‪26 ................................................................................:‬‬
‫‪ -1‬إجراء تحقيق حول شخصية المتهم وظروفه االقتصادية واالجتماعية‪27 .................. :‬‬
‫‪ -2‬االستماع إلى الشهود وكيفية استدعائهم‪28 ...................................................... :‬‬
‫‪ -3‬حماية الشهود‪30 ...................................................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحفاظ على أمن األشخاص‪32 .................................................................. :‬‬
‫ثالثا‪ :‬انعدام ضمانات الحضور‪33 ..................................................................... :‬‬
‫رابعا‪ :‬حالة عدم احترام المتهم لاللتزامات المفروضة عليه بمقتضى الوضع تحت المراقبة‬
‫القضائية‪35 .................................................................................................:‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تمييز اإلعتقال اإلحتياطي عن الحاالت المشابهة‪35 ............................. :‬‬
‫أوال‪ :‬الحراسة النظرية واإلعتقال اإلحتياطي‪36 .................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي واألمر بإلقاء القبض‪38 .................................................. :‬‬
‫ثالثا‪ :‬األمر باإليداع في السجن‪39 ..................................................................... :‬‬

‫‪134‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫رابعا‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي والوضع تحت المراقبة القضائية‪40 ................................. :‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬األجهزة المتدخلة في اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬مدته وضماناته‪46 .................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أجهزة اإلعتقال اإلحتياطي‪46 ....................................................... .‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي أمام النيابة العامة وقاضي التحقيق‪48 ..................... :‬‬
‫أوال‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي أمام النيابة العامة ‪48 .................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي أمام قاضي التحقيق‪50 ................................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلعتقال اإلحتياطي أمام المحكمة‪51 ................................................. :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مدة اإلعتقال اإلحتياطي وضماناته‪53 ............................................. :‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مدة اإلعتقال اإلحتياطي‪54 ............................................................:‬‬
‫أوال‪ :‬في الجنح‪54 .........................................................................................:‬‬
‫ثانيا‪ :‬في الجنايات‪56 ..................................................................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ضمانات اإلعتقال اإلحتياطي‪58 ...................................................... :‬‬
‫أوال‪ :‬ضمانات المعتقل أمام النيابة العامة‪58 ......................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضمانات المعتقل أمام قاضي التحقيق‪64 ...................................................... :‬‬
‫ثالثا‪ :‬ضمانات المعتقل أمام المحكمة‪68 .............................................................. :‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪ ،‬التعويض عنه وبدائله‪71 ............................. .‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي وانتهاءه‪71 .............................................. .‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪71 ......................................................... .‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪71 .............................................. :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الرقابة على تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي‪78 ........................................... :‬‬
‫أوال‪ :‬الرقابة القضائية‪81 ................................................................................ :‬‬
‫‪ -1‬النيابة العامة‪81 ....................................................................................... :‬‬
‫‪ -2‬قاضي تطبيق العقوبة‪82 ............................................................................ :‬‬
‫‪ -3‬قاضي التحقيق‪83 .....................................................................................:‬‬
‫‪ -4‬رئيس الغرفة الجنحية‪83 ............................................................................ :‬‬
‫‪ -5‬قاضي األحداث‪83 ................................................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرقابة اإلدارية‪84 ................................................................................. :‬‬
‫‪-1‬تكوين اللجنة‪84 ........................................................................................ :‬‬
‫‪ -2‬اختصاصات لجنة المراقبة‪85 ...................................................................... :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إنهاء اإلعتقال اإلحتياطي‪87 ........................................................ .‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلفراج المؤقت الوجوبي‪87 .......................................................... :‬‬
‫أوال‪ :‬انقضاء مدة اإلعتقال‪87 ........................................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬إصدار قاضي التحقيق األمر بعدم المتابعة‪88 ................................................ :‬‬
‫ثالثا‪ :‬عدم بث قاضي التحقيق في طلب اإلفراج المؤقت‪88 ....................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلفراج المؤقت الجوازي‪90 .......................................................... :‬‬
‫أوال‪ :‬انقضاء اإلعتقال اإلحتياطي باإلفراج الجوازي‪91 ...........................................:‬‬
‫ثانيا‪ :‬حاالت إعادة اإلعتقال اإلحتياطي‪97 ........................................................... :‬‬

‫‪135‬‬
‫االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية‬

‫ثالثا‪ :‬اإلفراج المؤقت بطلب من المتهم أو بطلب من النيابة العامة‪99 .......................... :‬‬
‫‪ -1‬اإلفراج المؤقت بطلب من المتهم‪99 .............................................................. :‬‬
‫‪ -2‬اإلفراج المؤقت بطلب من النيابة العامة‪100 .................................................... :‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التعويض عن وبدائل اإلعتقال اإلحتياطي‪102 .................................. .‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‪102 ............................................:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مبررات التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‪102 ................................. :‬‬
‫أوال‪ :‬المبررات القانونية‪103 ........................................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬المبررات الحقوقية‪105 ........................................................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف التشريعات من المطالبة بالتعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‪107 ...... :‬‬
‫أوال‪ :‬موقف المشرع المغربي من التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‪107 .................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬موقف التشريع المقارن من التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي‪110 ..................... :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بدائل اإلعتقال اإلحتياطي‪113 ...................................................... :‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الوضع تحت المراقبة القضائية‪114 ................................................. :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الوضع تحت المراقبة اإللكترونية‪121 .............................................. :‬‬
‫خاتمة‪125 .................................................................................................. :‬‬
‫الئحة المراجع ‪127 ........................................................................................‬‬
‫الفهرس ‪134 .................................................................................................‬‬

‫‪136‬‬

You might also like