Professional Documents
Culture Documents
السنة الجامعية2021/2020:
1
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
إهـــداء
إلى الوالدين واألحباب واألصدقاء
وإلى جميع الذين يبذلون جهودهم في سبيل
إنجاح مشروع نهاية السنة الدراسة
وخصوصا أستاذنا المحترم
محمد أحداف
2
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
المختصرات
3
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
مقدمة:
ال شك أن حرية الفرد الشخصية أعز ما يملك وقوام حياته ووجوده وأساس
إنسانيته ،وهكذا كلما كانت هذه الحرية مصونة ومكفولة كلما ازدهر المجتمع وتقدم في
مدراج الرقي ،وإذا مست تلك الحرية اهتزت ثقة الفرد في مجتمعه والتمس الفرار من كل
ما قد يؤدي إلى ذلك المساس صونا لذاته وإبقاء على كيانه.
وعندما ظهرت المجتمعات اإلنسانية الحديثة عرف اإلنسان القانون الوضعي كأداة
لضبط السلوك اإلنساني ومن تم أصبح لكل مجتمع نظامه الخاص به ،الذي يتالءم مع
أوضاعه الثقافية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية ،ومن تم ترسخت المبادئ العامة
للحقوق والحريات(.)1
ويعد األصل في اإلنسان البراءة وهي دعامة أساسية لضمان الحرية الشخصية
للمتهم ،وبمقتضاها يظل المتهم بريئا ويبقى هذا األصل قائما إلى أن يصدر حكم نهائي
بإدانته ،ويقتضي ذلك تحديد وضعه القانوني ،أي تحديد براءته من إدانته ،وال يجب
حرمانه من حريته خالل سريان البحث والتحقيق والمحاكمة الجنائية.
وعليه يكون مستفيدا من مبدأ قرينة البراءة –كل من المشتبه فيه ،المتهم ،المتابع،
والمدان ابتدائيا طوال مراحل القضية ،وذلك منذ توافر شكوك تفيد ارتكاب الجريمة إلى
حين صدور حكم يقضي بإدانته أو براءته ،فيكون الحكم آنذاك جائزا لقوة الشيء المقضي
به.
إال أن اإلعتقال اإلحتياطي يحول دون ذلك ،بسلب حرية المتهم ،أثناء إجراءات
التحقيق ،ما ينتج عنه اضطراب مع قرينة البراءة ،وصحيح أن اإلعتقال اإلحتياطي يضمن
- 1فؤاد بنيخلف ،االعتقال االحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي ،أطروحة لنيل الدكتوراه ،جامعة عبد المالك
السعدي.
4
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
حسن سير العدالة والحفاظ على النظام العام ،خصوصا إذا كانت الجريمة المرتكبة جريمة
خطيرة أو أحدثت رعبا لدى العامة(.)2
واالعتقال االحتياطي يعد من أهم إجراءات التحقيق وأخطرها التي يمكن أن تمس
حرية المتهم سواء أثناء القيام بهذه اإلجراءات أو أثناء المحاكمة ،وبما أنه إجراء استثنائي،
فعلى قاضي الحكم أن يعي بذلك ويتخذه كأخر تدبير يلجأ إليه في هذا اإلطار ،واألصل في
اإلنسان البراءة.
وعرف الدكتور محمد أحداف اإلعتقال اإلحتياطي على أنه "إجراء خطير هدفه
حرمان المتهم من حريته واتصاله بالعالم الخارجي وذلك عن طريق إيداعه داخل مؤسسة
سجنية مدة محددة كحد أقصى ،وفق ما هو محدد قانونا وذلك خالل فاصل زمني يبدأ
مباشرة بعد انتهاء مسطرة اإلستنطاق األولى وقد ينتهي خالل اإلستنطاقات التالية أو خالل
مرحلة إحالة المتهم على جلسات األحكام أو بعد صدور حكم نهائي(.)3
وعرفه األستاذ عبد الواحد العلمي بأنه " اإلعتقال اإلحتياطي تدبير بمقتضاه يحرم
المتهم الخاضع له من حريته عن طريق األمر بإيداعه في السجن خالل المدة التي يسمح
بها القانون والتي تمتد بين فترة افتتاح التحقيق اإلعدادي في القضية المتهم بسببها لحين
صدور حكم نهائي فيها(.)4
أما عبد الفتاح مراد فقد عرفه بأنه "وضع المتهم في السجن بأمر من قاضي
التحقيق بعد سماع أقوال النيابة العامة( ،)5فهو إجراء يهدف ضمان سالمة التحقيق
االبتدائي من خالل وضع المتهم تحت سلطات التحقيق.
- 2عبد الواحد العلمي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثاني ،ص .2
- 3الدكتور محمد أحداف ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،مسطرة التحقيق اإلعدادي ،الجزء الثاني ،طبعة
،2017/2016ص .420
- 4األستاذ عبد الواحد العلمي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثاني ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
الطبعة األولى ،2009 ،ص .92
- 5عبد الفتاح مراد ،شرح الحبس االحتياطي ،الطبعة األولى ،ص .55
5
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
واإلعتقال اإلحتياطي ليس بحديث العهد ،بل له إرث تاريخي يجعله من أقدم
اإلجراءات التي تتعارض مع الحرية الفردية ،بحيث طبقه القضاة المصريون القدامى،
بحبسهم للمتهمين في القالع انتظارا لمحاكمتهم وكانوا يوثقون بالقيود ،ويكرهون على
األعمال الشاقة ،ولم يكن يستثنى من هؤالء سوى المتهمون الذين ينتمون إلى طبقات عليا.
وفي تشريع الهند البرهمانية ،كان اإلعتقال يتم بصورتين :إما وضع المتهم تحت
التحفظ في منزل خاص ،أو إيداعه تحت الحراسة في مكان عام ،وقد وجد إجراء اإلعتقال
اإلحتياطي أيضا في العصر الروماني من خالل ما كان يطلق عليه آنذاك بـ Manue
( ،)injecto vocatoإذ يفيد هذا النظام أن للمجني عليه الحق في القبض على المتهم
وحجزه في منزله إلى غاية تقديمه للمحكمة.
غير أن تطبيق إجراء اإلعتقال اإلحتياطي كان مقيدا بتوافر أحد الشرطين ،إما
اعتراف المتهم بارتكاب الجريمة ،أو ضبطه متلبسا بها ،وقد عرف إلى جانب ذلك تطبيق
نظام اإلفراج المشروط بتقديم كفالة كحق للمتهم ،كما أخذت به جل التشريعات الحديثة(.)6
بالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية المغربي ،فقد تم تنظيم مقتضيات اإلعتقال
اإلحتياطي منذ ظهور قانون 10فبراير ،1959حيث نص المشرع في أول مادة متعلقة
بهذا اإلجراء على أنه تدبير استثنائي ،وحدد له في المواد الموالية قواعد خاصة به وبعد
هذا القانون صدر ظهير 18شتنبر 1962الذي اهتم بالخصوص بمدة اإلعتقال
اإلحتياطي.
أما ظهير المقتضيات لسنة 1974فقد ألغى التحقيق في القضايا الجنحية وجعلها
اختيارا في القضايا الجنائية المعاقب عليها باإلعدام أو السجن المؤبد أو المرتكبة من
طرف األحداث ،وكان انتظار القانون الجديد رقم 22.01لسنة 2002الذي أثر بمقتضيات
- 6عبد الفتاح بن الحسين ،االعتقال االحتياطي في التطبيق القضائي ،المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2021العدد
7ص 173و.174
6
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
جديدة في ما يخص إ جراء اإلعتقال اإلحتياطي لكي ينص على تدبير جديد استسقاه من
المشرع الفرنسي والمتعلق بالوضع تحت المراقبة القضائية ومقتضيات أخرى.
لكن لم يرقى إلى الشكل الذي كان معظم الفقهاء القانونيين والحقوقيين يتوخونه من
أجل التنصيص على أحقية المعتقل في التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي.
وبناء عليه فقد أعلنت وزارة العدل والحريات تفعيال لمخطط اإلصالح الشامل
والعميق لمنظومة العدالة الذي أعطى انطالقته عاهل البالد أمير المؤمنين حفظه هللا ،على
صياغة مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية ،والتي شملت العديد من التعديالت
والتغييرات في موادها ومنها مسألة ترشيد اإلعتقال اإلحتياطي باإلضافة إلى العديد من
الفصول الجديدة.
رغم أن األصل في اإلنسان البراءة وأنه حر ،وال تجب معاقبته إلى أن تثبت
الجريمة في حقه ،فإن اإلعتقال اإلحتياطي الذي أخذ به المشرع المغربي وجل التشريعات
المقارنة ،ورغم تأثيره على قرينة البراءة ،فإن له أهمية بالغة على المستوى االجتماعي
خاصة.
تتجلى في حماية المتهم نفسه من ردود األفعال االجتماعية وسعي أهل الضحية
لالنتقام واألخذ بثأرهم ،كما يمنع احتمال ارتكاب المتهم لجرائم أخرى في نفس فترة
التحقيق من خالل العمد إل القتل أو اإلضرار بأحد الشهود ،خصوصا إذا كان هو الوحيد
في القضية(.)7
- 7عبد الرحيم فالح ،قرينة البراءة وشرعية االعتقال االحتياطي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر ،جامعة عبد المالك السعدي
،2017-2016ص .129
7
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
كما يحول ه ذا التدبير دون فرار المتهم من يد العدالة ،مما سهل إلى حد كبير سير
عملية التحقيق ،بحيث يمكن لقاضي التحقيق إحضاره من السجن واالستماع إليه كلما دعت
إلى ذلك ضرورة التحقيق(.)8
كما يروم اعتقال المتهم احتياطيا إلى تهدئة الشعور العام من خالل طمأنة األفراد
أن المجرم المفترض هو بين يد العدالة الجنائية(.)9
هذا ويمنع المتهم من إخفاء األدلة واستمالة الشهود والتأثير عليهم ،وكذا تحذير
الشركاء المحتملين في الجريمة وبالتالي تضييع الفائدة المرجوة من تفتيش المنازل،
فاالعتقال اإلحتياطي وسيلة إكراه تخدم مصالح الدعوة العمومية(.)10
إذن لالعتقال اإلحتياطي مجموعة من المبررات تعكس أهميته ،حيث يمكن إجمالها
في وظيفتين أساسيتين :تتجلى األولى في ضمان سير وسالمة التحقيق اإلعدادي ،وتتميز
الثانية في حماية أمن األشخاص من خالل الحيلولة بين المجرم وحالة العود ،وبينه وبين
االنتقام منه.
إذن وانطالقا مما سبق وأمام المكانة المتميزة لموضوع اإلعتقال اإلحتياطي فإنه
يقتضي من األمر لدراسته اإلجابة على اإلشكالية التالية:
-كيف يتم تنفيذ هذا اإلعتقال؟ وما هي األجهزة التي يسند القانون إليها لتطبيقه؟
- 8األستاذ عبد الواحد العلمي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثاني ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
الطبعة األولى ،2009 ،ص .96
- 9عادل المطمري ،االعتقال االحتياطي بين النص والواقع ،بحث نهاية التدريب ( )2011-2009ص .20
- 10فؤاد بنيخلف ،االعتقال االحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي ،أطروحة لنيل الدكتوراه ،جامعة عبد المالك
السعدي ،ص .14
8
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
في الدراسة األكاديمية للبحوث القانونية ،يتعين على الباحث أن ينهج مناهج معينة
إلضفاء الطابع العلمي على هذه البحوث ،لذلك واحتراما للمنهج األكاديمي الحقوقي شكال
وموضوعا ،فقد اعتمدنا في هذا البحث المتواضع على منهجين اثنين :من جهة سوف تعتمد
هذه الدراسة عبر المنهج التحليلي ،محاولة من استجالء الجوانب المختلفة لموضوع بحثنا
من خالل وصف عناصر البحث وصفا حقيقيا ودراسته من مختلف الجوانب الفقهية
القانونية والقضائية.
هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإن المنهج الثاني المعتمد هو المنهج المقارن من
أجل بيان وتوضيح أفكار البحث ،أو من أجل تكملة بعض النقائص التي لم يشملها قانون
المسطرة الجنائية أو القانون الجنائي ،أو إجالء الغموض عن بعض األفكار التي لم يقع
تناولها في الدراسة...
وأنه أمام أهمية اإلعتقال اإلحتياطي من جهة ،وبالنظر لحداثته في ق.م.ج.م من
جهة أخرى ،ارتأينا أن نتناول موضوع اإلعتقال اإلحتياطي من خالل الفصول اآلتية:
9
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وهو ما يستدعي التحفظ على المتهم بوضعه في السجن رغم عدم ثبوت ارتكاب
الجاني للجريمة وصدور حكم نهائي بذلك ،وقبل هذا فاألصل أن المتهم بريء حتى تثبت
إدانته(.)12
ونظرا لخطورة هذا اإلجراء على الحرية الفردية للشخص المحمية دستوريا
وقانونا ،فإن التشريع الجنائي المغربي نص على أن اللجوء إلى تدبير اإلعتقال اإلحتياطي
يكون استثناء أو ليس إجراءا أصليا( ،)13وذلك صراحة طبقا لمقتضيات المادة 159من
ق.م.ج(.)14
" - 11اإلعتقال اإلحتياطي في القانون المغربي" دبلوم لنيل شهادة اإلجازة ،2019/2018ص .9
- 12عادل المطمري ،االعتقال االحتياطي بين النص والواقع ،دراسة ميدانية ،بحث نهاية التدريب ص .8
- 13عبد الرزاق العروسي" ،الممارسة القضائية وبدائل االعتقال االحتياطي" بحث نهاية التدريب ( )2017/2015ص
113
- 14المادة 159ق.م.ج.
10
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
بيد أن المشرع المغربي أعطى تعريف للمعتقل ق.م.ج على أنه "كل شخص تمت
متابعته جنائيا ولم يصدر بعد في حقه حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به" وهو نفس
المفهوم الذي ذهبت إليه المادة ( )1من القانون رقم 98-23المتعلق بتنظيم المؤسسات
السجنية(.)15
- 15هذه المادة عرفت المعتقل االحتياطي كل معتقل لم يعد في حقه مقرر قطعي باإلدانة سواء كان ضنينا أو تابعا أو
متهما.
11
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
تبعا لذلك فمدة اإلعتقال اإلحتياطي مدة زمنية ال يستهان بها ،األمر الذي جعله أمام
تفاقم ظاهرة انتشاره من طرف الجهاز القضائي أو على مستوى المؤسسات السجنية
وطاقتها اإليوائية وكذا في خلق التوازن بين مصلحة المجتمع والحق في الحرية لكونه من
أشد اإلجراءات مساسا بالحرية ،بل وأكثرها تعارضا مع قرينة البراءة وحقوق الدفاع في
هذه المرحلة من الدعوى الجنائية(.)16
تعريف األستاذ أحمد الخمليشي الذي عرف اإلعتقال اإلحتياطي بأنه احتفاظ ضابط
الشرطة القضائية من مركز عمله المشبوه فيه لحاجيات البحث التمهيدي أو تنفيذ إنابة
قضائية(.)17
بينما نجد تعريف األستاذ عبد الواحد العلمي الذي عرف اإلعتقال اإلحتياطي من
زاوية مدته الزمنية بأنه تدبير يحرم المتهم الخاضع له من حريته عن طريق األمر بإيداعه
في السجن خالل مدة محددة قانونا والتي تمتد بين فترة التحقيق إلى حين صدور حكم
نهائي(.)18
هذه ا لتعاريف وإن كانت تختلف في المصطلحات إال أنها تتفق في المعنى ،فالفقه
المصري عرف الحبس االحتياطي بأنه سلب حرية المتهم مدة من الزمن يحددها متطلبات
التحقيق ومصلحته وفق ضوابط أقرها القانون وهناك من أطلق عليه بأنه إجراء تحفظي
حيال المتهم يدخل ضمن سلطات التحقيق(.)19
- 16رياضي عبد الغاني ،قضايا جنائية وحلول بديلة ،سلسلة األجهزة القضائية ،الجزء 7الطبعة ،2007 ،1ص .16
- 17سعيد بطيور ،االعتقال االحتياطي بين المبررات والضمانات ،رسالة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم
القانونية بالمحمدية ،السنة الجامعية ،2016ص .83
- 18عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء الثاني ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،الطبعة األولى.2009 ،
- 19محمد محمود حافظ ،الحبس االحتياطي ،المركز الفرنسي اإلصدارات القانونية الطبعة األولى.
12
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
كما عرفه الفقيه محمد أحداف بأنه إجراء خطير هدفه حرمان المتهم من حريته
واتصاله بالعالم الخارجي وذلك عن طريق إيداعه داخل مؤسسة سجنية مدة محددة ،كحد
أقصى وفق ما هو محدد قانونا وذلك خالل فاصل زمني يبتدئ مباشرة بعد انتهاء مسطرة
اإلستنطاق األولي وقد ينتهي خالل اإلستنطاقات التالية أو خالل مرحلة إحالة المتهم على
جلسات األحكام أو بصدور حكم نهائي(.)20
وإذا كان اإلعتقال اإلحتياطي تدبير خطير على الحريات الفردية ،ألنه يخول
الحبس المتهم قبل صدور الحكم القضائي يدينه بعقوبة السالبة للحرية عن الوقائع المتابع
عنها ،فإن اإلشكال الذي يطرح في هذا اإلطار يتعلق بتحديد ما إذا كان قاضي التحقيق
ينظر إليه على أنه استثناء ال يلجأ إليه إال إذا أملته ضرورة التحقيق أم يتخذه وسيلة من
وسائل الوصول إلى الحقيقة التي تؤطر مبرره(.)22
يتطلب الجواب عن هذا التساؤل بداية تجديد شكلياته كأجله القانوني في ممارسة
وكيفية انتهائه ،ذلك ما سنحاول التطرق إليه.
13
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ومن ثم فإن هذا اإلعالن يخضع لمقتضيات الفصل 184من ق.م.ج الذي يلزم
القاضي المكلف بالتحقيق بمجرد التأكد من هوية المتهم إبالغه بالمنسوب إليه بالوقائع
المكونة لالدعاء المقام ضده ،ولعل إخطار الشخص الصادر في حقه أمر اإلعتقال
اإلحتياطي بأسباب حبسه وبالتهم الموجهة إليه لتكريس إلحدى الضمانات األساسية للحرية
الفردية وتلك المتمثلة في حقوق الدفاع.
وعليه فالعتقال االحتياطي يصدر على شكل أمر اإليداع في السجن إذا كان المتهم
حاضرا أو أمر بإلقاء القبض إذا كان المتهم في حالة فرار ويبلغ فورا للمتهم وللنيابة العامة
بنفس الطريقة التي يبلغ بها األمر بالوضع تحت المراقبة القضائية ،ويحق للمتهم أو دفاعه
تسلم نسخة من األمر باالعتقال االحتياطي(.)23
أما في الجنايات فمدة اإلعتقال اإلحتياطي شهران و قابلة للتمديد خمس مرات
ولنفس المدة ،وإذا استنفذ قاضي التحقيق أقصى لمدة اإلعتقال اإلحتياطي (سنة واحدة) دون
14
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
أن يتخذ أمرا باإلحالة أو بعدم المتابعة فإنه يجب أن يطلق سراح المتهم بقوة القانون
ويواصل التحقيق معه في حالة سراح(.)25
وفي هذا اإلطار يطرح اإلشكال بعمق حول مدى تقيد قاضي التحقيق بمقتضيات
المادتين ( 177-176ق.م.ج) التي تلزمه بتعليل األمر بتمديد تعليال خاصا وإن ال يصدره
إال بناء على طلبات النيابة العامة التي تكون هي األخرى معللة بأسباب.
ومن الطبيعي جدا أنه باستقراء المادتين 177-176ق.م.ج يتضح لنا أنه ال يمكن
تمديد فترة اإلعتقال اإلحتياطي في الجنايات أو الجنح إال إذا ظهرت عند انصرام األجل
قانونا والمشار إليه أعاله ضرورة استمراره ،جاز لقاضي التحقيق فترته بمقتضى أمر
قضائي معلال تعليال خاصا يصدر بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة بأسباب ال يمكن
أن تكون التمديدات إال في حدود 5مرات ولنفس المدة بالنسبة للجنايات وفي حدود مرتين
ولنفس المدة بالنسبة للجنح.
وإذ يالحظ في هذا المجال أن المشرع حدد مدة اإلعتقال اإلحتياطي أمام قاضي
التحقيق ،ويختلف أمره في ما إذا كانت القضية موضوع التحقيق تكتسي صبغة جنحة أو
صبغة جناية ،أما فيما يخص اإلعتقال اإلحتياطي أمام هيئات الحكم فال يخضع ألي مدة،
ويظل المتهم حامال لصفة المعتقل االحتياطي إلى أن يكتسب حكم عن حقه قوة الشيء
المقضي به وعندئذ يتحول إلى مدان حسب الفقرة األولى من المادة 618من ق.م.ج.
- 25عادل المطمري ،االعتقال االحتياطي بين النص والواقع ،بحث نهاية التدريب ،2011/2009ص .14
15
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
فبقراءتنا لهذه الفقرة يتضح أنه في حالة انتهاء مدة اإلعتقال اإلحتياطي وعدم
تحددها أو بعد إنهاء التمديدات ،يفرج تلقائيا عن المعني باألمر ما لم تتم إحالته على
المحكمة المختصة وأن يكون معتقال ألسباب أخرى.
ويمكن لقاضي التحقيق أن يأمر باإلفراج تلقائيا طبقا لشروط الفقرة األولى من
المادة 178من نفس القانون أو بناء على طلب بضمانة شخصية أو مالية أو بدونهما أو
تلقائيا بعد استشارة النيابة العامة في حالة التي يكون فيها اإلفراج بحكم القانون(.)26
تنص الفقرة األخيرة من المادة 177من ق.م.ج على أنه " إذا لم يتخذ قاضي
التحقيق أمرا بانتهاء التحقيق أثناء هذه المدة ،يطلق سراح المتهم بقوة القانون ،ويستمر
التحقيق".
فبقراءتنا لهذه الفقرة يتضح أنه في حالة انتهاء مدة اإلعتقال اإلحتياطي وعدم
تجديدها أو بعد انتهاء التمديدات يفرج تلقائيا عن المتهم ما لم تتم إحالته على المحكمة
المختصة أو يكون معتقال ألسباب أخرى.
ويمكن للقاضي أن يأمر باإلفراج تلقائيا طبقا لشروط الفقرة األولى من المادة 178
من نفس القانون أو بناء على طلب بضمانة شخصية أو مالية أو بدونهما أو تلقائيا بعد
استشارة النيابة العامة ،في الحالة التي ال يكون فيها اإلفراج مقرر بحكم القانون(.)27
ويشترط على المتهم المفرج عنه وفق هذه الحالة التعهد بالخضوع في جميع
إجراءات الدعوى كلما دعى لذلك وبإخبار قاضي التحقيق بجميع تنقالته أو باإلقامة في
مكان معين ،ويتعلق األمر بحضور إجراءات الدعوى كلها ،وليس مرحلة التحقيق فقط.
واإلفراج المؤقت يختلف باختالف ما إذا تعلق األمر بقوة القانون أو بناء على
طلب بضمانة شخصية أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو تلقائيا بعد استشارتهما(.)28
16
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وعليه فاإلفراج عن المتهم يكون بقوة القانون عند انصرام أمر بعدم المتابعة أو إذا
لم تبث الغرفة الجنحية في طلب اإلفراج المقدم إليها داخل أجل 15يوم(.)29
والمالحظة التي سجلناها في هذا الباب أنه من خالل اطالعنا على سجل األوامر
الصادرة عن الغرفة الجنحية لم نعثر قط على أي أمر يتعلق باإلفراج بقوة القانون إذا لم
يتم استنطاقه من طرف قاضي التحقيق أو من يقوم مقامه بعد األمر بإلقاء القبض عليه أو
األمر باإلحضار وفق المواد 147و 156من قانون المسطرة الجنائية.
وعمليا لم نجد كذلك أمر ومن خالل اإلطالع على سجالت قضاة التحقيق إنه تم
اإلفراج عن المتهم بدعوى عدم استنطاقه بعد األمر بإلقاء القبض عليه أو األمر باإلحضار
أمام اإلفراج المؤقت بمبادرة من قاضي التحقيق فلقد خولت له المادة 178من ق.م.ج
إمكانية األمر باإلفراج المؤقت عن المتهم ،ذلك مع التقيد بمجموعة من الشروط.
إضافة إلى ذلك هناك اإلفراج المؤقت بطلب من النيابة العامة حيث أجاز لها
المشرع تقديم ملتمس باإلفراج المؤقت عن المتهم في أي وقت وحين ،ويتعين على قاضي
التحقيق البث في هذا الملتمس خالل األجل المذكور ،جاز لهذه األخيرة تقديم طلبها مباشرة
إلى الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف التي تبث فيه خالل خمسة عشر يوما من تاريخ
تقديم الطلب ،وإذا نقصت الغرفة الجنحية في األجل المذكور وجب اإلفراج على المتهم
بقوة القانون(.)30
وإذا كان في القضية مطالب بالحق المدني ،فإن قاضي التحقيق ال يبث في طلب
اإلفراج إال بعد 48ساعة من تاريخ االبتعاد المطالب بالحق المدني بتقديم طلب اإلفراج.
أما فيما يخص اإلفراج المؤقت بطلب من المتهم فإنه يحق لهذا األخير أو محاميه
أن يتقدم في كل وقت وحين بطلب اإلفراج إلى قاضي التحقيق أو هيئة الحق بعد إحالة
17
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
القضية عليها ،في أي مرحلة من مراحل الدعوى ،ويمكن للمتهم تجديد طلب بعد الرفض
وإلى غاية انتهاء القضية بصدور حكم نهائي.
كانت هذه إجماال أهم المقتضيات التي تناولت اإلعتقال اإلحتياطي باعتباره إجراء
استثنائي وجب أن تراعى فيه الشكليات عند إعماله.
وإذا كانت العديد من جوانب هذا الموضوع قد حظيت من الناحية النظرية بعناية
بعض الفقه منذ زمن ليس بالقصير ،إال أنه ظل دوما في تجدد مستمر ،كما اكتسى أهمية
عملية من خالل صلته بالواقع االجتماعي ،بل ويعد ذو أبعاد حقوقية واجتماعية وإنسانية
ذات قيمة(.)32
ولألهمية التي يكتسيها هذا اإلجراء ،وباعتباره تدبيرا استثنائيا أحاطته جل
التشريعات بمجموعة من الشروط ،بعضها توسع فيها والبعض اآلخر ضيق منها وإن
اختلفت فهي جميعها تصب في مجرى واحد.
تأسيسا على ذلك سنتناول في هذه الفقرة الشروط الخاصة بإجراء اإلعتقال
اإلحتياطي على النحو التالي:
18
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
فتسبيب األمر باعتقال المتهم احتياطيا إجراء ال غنى عنه ،حيث أنه من الالزم أن
يستند إلى أسباب واقعية تتمثل في قرائن تدل على وقوع الجريمة ونسبتها للمتهم.
ومن التشريعات التي ألزمت سلطة التحقيق بتسبيب األمر الصادر بحبس المتهم
احتياطيا ،التشريع الفرنسي الصادر بمقتضى القانون 17يوليوز 1970إذ قضت المادة
145منه بإلزام قضاة التحقيق بتسبيب األمر باإلعتقال اإلحتياطي في مواد الجنح وفقا
للعناصر الموضوعية والواقعية المتعلقة بالدعوى.
19
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
خالفا للجنايات فلم يلزم المشرع اإلجرائي الفرنسي قضاة التحقيق بتسبيب أمر
الحبس اإلحتياطي الصادر بشأنها نظرا لخطورتها ،فأضحى له مطلق الحرية في إصدار
أمر بالحبس اإلحتياطي للمتهم في جناية وتمديده دون اإلشارة إلى أسباب األمر الصادر
بالحبس(.)35
-النوع األول :ال تتعدى فيه المدة شهرا واحدا ويتعلق األمر بالقضايا
الجنحية( ،)38ففي مادة الجنح ال يمكن لقاضي التحقيق اللجوء إلى اتخاذ تدبير اإلعتقال
اإلحتياطي إال بعد تأكده ن توافر هذه الشروط ،وذلك تحت طائلة البطالن دون اإلخالل
بقواعد المسؤولية الجنائية في هذا الباب ،وهذه الشروط هي:
-أن يتعلق األمر بجنحة معاقب عنها بخمس سنوات حبسا ،اعتبارا لكون م 83
من ق.م.ج نصت على أن "التحقيق يكون اختياريا في هذه الجنح ،وبالتالي انعقاد
اختصاص قاضي التحقيق ،وإذا كانت العقوبة الجنحية تقل عن خمس سنوات فإن قاضي
التحقيق ال يكون مطلقا مختصا بإجراء التحقيق.
- 35مونية أحرازم ،واقع وآفاق اإلعتقال اإلحتياطي بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،ص .37
- 36الحبيب بيهي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،ص .236
- 37قانون المسطرة الجنائية المواد 176و.177
- 38تنص م 176ق.م.ج" :ال يجوز في القضايا الجنحية أن ال تتجاوز مدة اإلعتقال اإلحتياطي شهرا واحدا".
20
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-أن يكون المتهم مقيما بالمغرب وال أن يكون في حالة فرار ألن في مثل هذه
الحاالت يقوم قاضي التحقيق بإصدار األمر بإلقاء القبض(.)39
وال يمكن في هذه الحالة تمديد فترة اإلعتقال اإلحتياطي إال لمرتين ولنفس المدة،
وإذا لم يتخذ قاضي التحقيق خالل مدة اإلعتقال أمرا في القضية المعروضة عليه فإنه
يفرج على المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق(.)40
-النوع الثاني :تصل فيه مدة اإلعتقال اإلحتياطي لشهرين قابلة للتمديد خمس
مرات ولنفس المدة ،وذلك إذا كانت األفعال المنسوبة للمتهم توصف بجناية ،ويتم التمديد
بأمر قضائي معلل يصدره القاضي ،بناءا على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب،
ويفرج بقوة القانون عن المتهم إذا لم يتخذ أي إجراء خالل مدة اإلعتقال ويستمر
التحقيق(.)41
ويجب لزوما أن يتضمن األمر الصادر كافة البيانات الشكلية المتطلبة كتوقيع
قاضي التحقيق وضع خاتمه ،اسمه ،هوية المتهم وطبيعة الجريمة المرتكبة وغيرها من
البيانات اإللزامية المتطلبة قانونا.
21
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
كما يجب على قاضي التحقيق تسليم نسخة من األمر باإلعتقال اإلحتياطي إما
للمتهم أو لدفاعه بناءا على طلب أحدهما لذلك(.)44
ونصت المادة 2/5من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان الصادر سنة 1950
على أنه" :يجب إبالغ كل من قبض عليه دون تمهل وبلغة يفهمها بأسباب القبض عليه بكل
االتهامات الموجهة ضده"(.)45
22
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وبالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية نجد المشرع أحاط االستجواب بضمانات
قررها لمصلحة المتهم ،46وهي منقسمة إلى شقين ما هو متعلق بالجهة التي تباشر التحقيق
وهي ال تكون إال سلطة قضائية ،والشق الثاني متعلق بحرية المتهم وتمكينه من حقوقه
الدفاعية(.)47
وعلى غرار الوضع في قانون اإلجراءات المصري حيث إذا صدر أمر بالحبس
اإلحتياطي أو بمده ،بغير استجواب المتهم ،فليس أمامه سوى إثارة الموضوع أمام الجهة
المختصة ويتعين عليها أن تبطل األمر بالحبس أو االمتداد(.)48
كذلك رتب المشرع المغربي عن عدم استنطاق المتهم قبل اعتقاله احتياطيا بطالن
اإلجراء وكافة اإلجراءات الموالية له.
والدالئل يقصد بها األمور التي يدل ثبوتها على توافر العناصر التي تكفي كسند
إلصدار أمر باإلعتقال اإلحتياطي ،أو قيام شبهات مستندة إلى ظروف الواقعة تؤدي
لالعتقال بنسبة الجريمة للمتهم(.)49
وهل تكفي مجرد الشبهات أو القرائن أم ينبغي أن تكون أدلة على جانب من
األهمية؟
لما كان الواجب حماية الحرية الفردية ورفع كل حجز عليها ،فإن نرى أنه ينبغي
أن تكون األدلة القائمة قبل المتهم مما تجعل إدانته كبيرة االحتمال ،على األقل في نظر
المحقق الذي له السلطة المطلقة في تقديرها.
23
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
لهذا فإن هذا التقدير يعهد به إلى عضو له صفة قضائية ،ويتعين عليه أن يبحث ما
إذا كانت الدالئل تقوم على أساس سليم ،أم أنها مجرد ظنون واستنتاجات أحاطت به
وأوصلته لموقف االتهام( .)50غير ذلك يصبح الحبس االحتياطي نوعا من العقاب يوقع
بغير سند من القانون.
األولى :إذا كانت الواقعة جنائية ،أي جميع أنواع الجنايات دون تمييز ،والثانية أن
تكون الواقعة جنحة بشرط أن تكون عقوبتها سالبة للحرية(.)52
وينص الفصل 159من ق.م.ج على أن" :الوضع تحت المراقبة القضائية
واالعتقال االحتياطي تدبيران استثنائيان ،يعمل بهما في الجنايات أو في الجنح المعاقب
عليها بعقوبة سالبة للحرية".
وبمقتضى هذا النص يجب على الوكيل العام للملك أو وكيل الملك مع مراعاة
قواعد االختصاص ،أن يستنطق المتهم ويصدر القرار بإيداعه في السجن في حالة التلبس
وفي حالة عدم توافر ضمانات كافية للحضور.
24
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
هكذا وبعد اإلشارة إلى شروط اللجوء إلى إجراء االعتقال االحتياطي والمتمثلة في
الشروط الشكلية والموضوعية ،ننتقل إلى الحديث عن دواعي وأسباب اللجوء إلى إجراء
االعتقال االحتياطي.
فإذا كانت مبرراته تجعل منه إجراء مشروع فهو أيضا إلى جانب ذلك يعتبر من
متطلبات التحقيق ،إذ تنص الفقرة األولى من المادة 160من قانون المسطرة الجنائية على
أنه" :يمكن أن يوضع المتهم تحت المراقبة في أية مرحلة من مراحل التحقيق لمدة شهرين
قابلة للتجديد خمس مرات خاصة ألجل ضمان حضوره ،ما لم تكن ضرورة التحقيق أو
الحفاظ على أمن األشخاص أو على النظام العام تتطلب اعتقاله احتياطيا".
كما تنص الفقرة الخامسة من نفس المادة على إمكانية إلغاء الوضع تحت المراقبة
القضائية أثناء جميع مراحل التحقيق ،إذا لم يحترم المتهم االلتزامات المفروضة عليه
بمقتضى األمر الصادر عن قاضي التحقيق(.)53
إذن فاإلعتقال اإلحتياطي وظيفتين تبرر تقريره :فهو إجراء من إجراءات التحقيق
غايته ضمان سالمة التحقيق االبتدائي ،من خالل وضع المتهم تحت تصرف المحقق من
أجل حسن سير التحقيق ،وتسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعاه قاضي التحقيق
الحيلولة دون العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود ووظيفة أخرى تهم حماية
25
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
المجتمع وأمنه من خطورة المجرم والحفاظ على المتهم نفسه من فتك المجتمع به .إال أن
إعمال هذا اإلجراء تحدد ضوابط قانونية وضرورة التحقيق(.)54
وفي هذا اإلطار يطرح اإلشكال حول تحديد ضوابط دواعي اإلعتقال اإلحتياطي
ذو طبيعة قانونية استثنائية ال يلجأ إليه إال للضرورة القصوى فما هي المبررات التي
تؤطر اللجوء إليه؟
ذلك أنه لم يعتد الغاية من اإلعتقال اإلحتياطي هي ضمان سالمة التحقيق بأن يظل
المتهم رهن إشارة المحقق وأن يحول دون العبث بأدلة الدعوى والتأثير على الشهود أو
القضية ،وإنما أصبحت الغاية من إعماله السعي إلى تهدئة الشعور العام بسبب الجريمة
وضمان تنفيذ العقوبة ووقاية المتهم من العود إلى اإلجرام أو االنتقام.
وهذا أكدته المحكمة الدستورية الفيدرالية( )55في ألمانيا على أن حماية المجتمع
ضد األعمال اإلجرامية يصلح مبررا لإلعتقال اإلحتياطي.
- 54القانون الفرنسي من خالل تعديله سنة 1970الذي ينص على وجوب تصيب االعتقال االحتياطي بصفة خاصة وفقا
للعناصر المتعلقة بالهدف من اإلعتقال.
- 55عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،مرجع سابق ،ص .58
26
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وهنا نتساءل حول البلد القانوني للمشرع المغربي في عدم تحديد حاالت اإلعتقال
بشكل موضوعي وترك األمر لقاضي التحقيق في إطار سلطة تقديرية ألنظمة تدبير
اإلعتقال من ظروف ومالبسات القضية المعروضة عليه.
يالحظ أن المشرع المغربي حدد حاالت ومبررات اإلعتقال اإلحتياطي بشكل عام،
بمعنى أنه أخذ بمبدأ الشرعية قانونا ومبدأ المالئمة عمليا مادام مفهوم ضرورة التحقيق
والحفاظ على النظام العام عاما ويتسع هذا المفهوم على مستوى الواقع العملي ،حيث
وبالنظر لتنوع الخيارات المطروحة أمام قاضي التحقيق في اتخاذ المالئم منها حسب كل
قضية معروضة على أنظاره ،إال أن مع ذلك غالبا ما يلجأ قاضي التحقيق إلى اتخاذ
التدابير األنجع لتسهيل إجراءات التحقيق وضمان سالمته.
ومن ضمن وأهم هذه التدابير ما يلي كاللجوء إلى استدعاء الشهود ( ،)1إجراء
تحقيق حول شخصية المتهم ( )2وظروفه االجتماعية واالقتصادية.
ويقوم قاضي التحقيق أيضا بإجراء بحث حول التدابير الكفيلة بتسهيل إعادة إدماج
المتهم في المجتمع ،إذا كان سنه تقل عن عشرين سنة وكانت العقوبة المقررة ال تتجاوز
خمس سنوات ،وارتأى قاضي التحقيق وضع المتهم تحت االعتقال االحتياطي".
27
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
يمكن أن يكلف بذلك إما ضباط الشرطة القضائية طبقا "للمادة السابقة ،وإما أي
شخص أو مؤسسة مؤهلة للقيام بهذا البحث يترتب عن هذا البحث تكوين ملف خاص
بضاف إلى المسطرة".
مفاد المادة السابقة ،هو أنه عندما يلتمس من قاضي التحقيق إجراء تحقيق إعدادي،
عليه أن يقوم ببحث حول شخصية المتهم والظروف المحيطة به ،سواء كانت "عائلية" أو
"اقتصادية" أو "اجتماعية" وال يكتفي والحالة هذه بما يكون قد توصل إليه في شأنها من
خالل عملية استنطاق المتهم.
وهذا اإلجراء الذي أوجبه المشرع عندنا على قاضي التحقيق في الجنايات( )56له
أهمية كبرى ال تخفى ،إذ بواسطته يتم اإلطالع ،وبتكليف صريح من القانون على العناصر
التي كان لها دور في إنجاح الظاهرة اإلجرامية في الواقع المادي الخارجي.
ومع ما سبق فإنه ينبغي اإلشارة إلى أن المبدأ المخول للحق األنف الذكر ال يعمل
به في بعض األحوال كما يأتي:
- 56إجراء قاضي التحقيق بحث حول شخصية المتهم وحالته اقتصادية وعائلية واجتماعية المادة 87ق.م.ج إلزاميا في
مادة الجنايات واختياريا في مادة الجنح.
- 57القيمة اإلقناعية لهذه الوسيلة عند الكالم في وسائل اإلثبات الجنائية (في المحاكمة).
28
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
أ -امتناع االستماع لشخص كشاهد في كل حالة يرد فيها اسمه في الشكاية
المرفوقة بالمطالبة المدنية ،حيث ينبغي االستماع إليه في هذه الحالة كمتهم .ذلك أن المادة
118من ق.م.ج خولت لمثل هذا الشخص صراحة هذه اإلمكانية حتى ال يحرم من
الضمانات التي يتمتع بها المستنطق ،كعدم تحليفه اليمين على قول الحق ،وعدم إجباره
على الكالم تفصيليا في اإلستنطاق األولي ،واستعانته بمجلس يؤازره.
وهذا ال يتمتع به الشاهد الذي عليه أداء اليمين على قول ابتداء قبل اإلدالء بشهادته
وعدم إمكانية مؤازرته بمحام إلى جانب خضوعه للجزاء الجنائي في حالة كذبه في
الشهادة(( )58الفصول .)372-371-370-369-368
ب -بصريح المادة 33ق.م.ج فإنه يمتنع االستماع لشهادة مؤازر المتهم ،وهو
محاميه ،حول ما علمه بهذه الصفة ،أما غيره( )59من األشخاص الملزمين بالتقيد بالسر
المهني فيمكن االستماع إليهم كشهود من قبل قاضي ،التحقيق شريطة التقيد بالحدود لهم في
القانون التي تمنع عليهم إفشاء السر المؤتمن عليه من قبلهم زال تعرضوا للجزاء المقرر
في الفصل 446ق.م.ج(.)60
هذا بالنس بة لالستماع للشهود أما فيما يخص كيفية استدعائهم حيث أنه عندما يرى
قاضي التحقيق فائدة في االستماع إلى شخص من األشخاص يقوم بادعائه ،إما عن طريق
أحد أعوان القوة العمومية ،أو عن طريق أحد األعوان القضائيين أو برسالة مضمون ،أو
بطريقة إدارية( )61المادة 117ق.م.ج.
- 58المادة 118ق.م.ج المؤسسة المتناع االستماع إلى من ورد اسمه في الشكاية كشاهد كرست تشريعيا مبدأ التعارض
بين صفتي الشاهد والمتهم.
- 59من الطريق اإلشارة إلى الفصل 325ق.م.ج (الملغى الذي يقابل المادة 334ق.م.ج) كان يتضمن فقرة ثانية تمنع
مطلقا لالستماع إلى رجال الدين حول ما اسر به إليهم ضمن مهمتهم من اعترافات للمدين يقعد تسهيل التوبة لهم.
- 60يستحسن اإلطالع على مضمون النص وما لحقه من إضافة بالقانون رقم .11.99
- 61ليس هناك مانع من حضور الشاهد أمام قاضي التحقيق تلقائيا وبدون استدعاء لإلدالء بشهادته إال أن هذه اإلمكانية
ولو أنها جائزة بنص القانون (المادة 117ق.م.ج) فإن الواقع يشهده بقلة وردودها في العمل ألسباب متعددة.
29
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
التحقيق يوجه له استدعاء ثاني للحضور ،إما برسالة مضمون مع إشعار بالتوصل أو
بواسطة عون قضائي .فإن هو حضر وأدى شهادته وانصرف كذلك.
أما إذا بقى هذا االستدعاء بدون استجابة له جاز لقاضي التحقيق بناءا على
ملتمسات النيابة العامة إجباره على الحضور بواسطة القوة وأن يصدر في حقه أمرا
قضائيا بأداء غرامة تتراوح بين " "1200و" "12000درهم هذا ما لم يحضر الشاهد بعد
ذلك وقدم اعتذاره ومبررات تخلفه ،حيث يكون لقاضي التحقيق في هذه الحالة (بعد
اإلطالع على ملتمس النيابة العامة في المسألة إعفاءه من هذه الغرامة –محل األمر -أن
كال وأن جزءا المادة 1/128من قانون المسطرة الجنائية).
-3حماية الشهود:
اعتبارا للمتطلبات التي قد تحول دون اإلدالء بالشهادة أمام قاضي التحقيق ،فقد
استحدث القانون( )62جملة من التدابير استهدف بها حماية الشهود مما قد يتعرضون له من
مخاطر بسبب إدالئهم بشهادتهم في هذه المرحلة من مراحل القضية الجنائية ،والتي يالحظ
أنها تندرج لتتنوع إلى حماية عامة للشاهد ،وإلى حماية خاصة له.
وهكذا وبالنسبة لألولى ،فإن المادة 6-82من ق.م.ج خولت للشاهد (أو الخبير) في
أي قضية (أي مهما كان نوع الجريمة التي يدلى فيها بشهادته) إذا ما كانت هناك أسباب
جدية من شأنها أن تعرض حياته أو سالمته الجسدية أو مصالحه األساسية أو حياة أفراد
أسرته أو أقاربه أو سالمتهم الجسدية ،أو مصالحهم األساسية للخطر ،أو لضرر مادي أو
معنوي ،إذا ما أدلى بشهادته ،أن يطلب بحسب األحوال من قاضي التحقيق ،تطبيق أحد
اإلجراءات المنصوص عليها في البنود 6و 7و 8من المادة 7-82من ق.م.ج بعد بيان
األسباب التي تصلح دعامة التخاذ هذه اإلجراءات.
- 62رقم 37.10القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01المتعلق بالمسطرة الجنائية في شأن حماية الضحايا والشهود
والخبراء والمبلغين ،فيما يخص جرائم الرشوة واالختالس...
30
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
أما بالنسبة للثانية ،أي الحماية الخاصة للشاهد ،فقد تعرضت لها المادة 7-82من
ق.م.ج التي مكنت قاضي التحقيق ،تلقائيا أو بناء على طلب إذا تعلق األمر بجريمة الرشوة
أو استغالل النفوذ أو االختالس أو التبديد أو الغدر أو غسل األموال أو إحدى الجرائم
المنصوص عليها في المادة 108ق.م.ج أن يتخذ بقرار معلل واحدا أو أكثر من التدابير
التالية لضمان حماية الشهود أو (الخبير)
-2إخفاء هوية الشاهد (أو الخبير) في المحاضر والوثائق التي تتعلق بالقضية
المطلوب فيها شهادة الشاهد (أو إفادة الخبير) ،وذلك بشكل يحول دون التعرف على هويته
الحقيقية.
-4عدم اإلشارة إلى العنوان الحقيقي للشاهد ضمن المحاضر والوثائق التي تنجز
في القضية المطلوب فيها شهادة الشاهد أو إفادة الخبير ،وذلك بشكل يحول دون التعرف
على عنوانه.
-5اإلشارة في عنوان إقامة الشاهد (أو الخبير) إلى مقر الشرطة القضائية التي تم
فيها االستماع إليه أو المحكمة المختصة للنظر في القضية إذا ما كان قد يستدعي أول مرة
أمام قاضي التحقيق أو المحكمة.
-6وضع رهن إشارة الشاهد ،الذي يكون قد أدلى بشهادته الخبير) رقم هاتفي
خاص بالشرطة القضائية حتى يتمكن من إشعارها بالسرعة الالزمة إزاء أي فعل قد يهدد
سالمته أو سالمة أسرته أو أقاربه.
31
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-8توفير حماية جسدية للشاهد أو "الخبير" أو أحد أفراد أسرته أو أقاربه للخطر.
وعلى ضوء هذا المحضر التي اشتغلنا عليه والذي يبرز أسباب لجوء قاضي
التحقيق إلى اإلعتقال اإلحتياطي ومن خالل آراء قضاة التحقيق يالحظ أن قاضي التحقيق
يلجأ إلى تدبير اإلعتقال اإلحتياطي بكثرة.
ويعزى ذلك حسب رأيهم من خالل الحيثيات المتضمنة بأوامرهم ،أن أغلب
القضايا التي يستلزم فيها اتخاذ تدبير اإلعتقال اإلحتياطي هي القضايا التي تنطوي على
الخطورة والجسامة ،كاالغتصاب وهتك العرض بعنف –السرقة الموصوفة –تكوين
عصابة إجرامية.
- 63ملف جنائي عدد 10/05/209قرار رقم 323صادر بتاريخ 2011/3/1عن غرفة الجنايات االبتدائية بمحكمة
االستئناف بالدار البيضاء.
- 64سفيان أدريوش ،مرجع ،ص .144
32
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وسالمته وأصبح يشكل تهديدا عليه خاصة بالنسبة لألشخاص الذين اتخذوا من اإلجرام
سلوكا اعتياديا.
إضافة إلى كون إطالق سراحه قد يؤدي كذلك إلى حدوث تأمر بين المتممين
بشكل يؤدي أو يؤثر على الشهود والضحايا .وقد يدفع المتهم إلى ممارسة الضغط المعنوي
والمنادي والترهيب أو القيام بفعل إجرامي أكثر خطرا وجسامة.
وينطبق هذا الوضع على بعض المجرمين الذين يعانون من أمراض نفسانية أو
باإلصابة بتسمم نتيجة تعاطي المخدرات والكحول ،وعادة ما يكون ضحاياهم من نفس
النوع والجنس( ،)65مما يجعل األمر بين حق المتهم في العالج بإيداعه أوال في مؤسسة
عالجية مع مراعاة حقوق المجتمع والمجني عليهم بتطبيق اإلعتقال في حق هؤالء؟
هناك من يرى أن خطر تعميم اللجوء إلى اتخاذ تدابير اإلعتقال اإلحتياطي ودون
التأكد فعال من وجود خطر قد يؤدي إلى عكسه فيصير اإلعتقال "هو المبدأ" والحرية هي
"االستثناء" وهذا أمر غير مقبول.
كما أن غالبا ما يحمل إلجراء وصنع المتهم في اإلعتقال اإلحتياطي عقابا له ،قبل
األوان الشيء الذي يستدعي إرساء رقابة قضائية على شرعية اإلعتقال اإلحتياطي(.)66
ومن هنا فاإلعتقال اإلحتياطي يعتبر ضروريا للحفاظ على أمن األشخاص ولوقف
ارتكاب الجرائم التي تشكل خطرا على أمنهم .كما أن اإلعتقال اإلحتياطي قد يكون
ضروريا لمنع ارتكاب جرائم جديدة تمس بأمن وسالمة األشخاص في جسدهم وأموالهم.
33
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
المبررات التي يرتكز عليها قضاء التحقيق على المستوى العملي في حيثياته ،والتي تؤطر
تبرير اللجوء إلى اإلعتقال اإلحتياطي.
ففي مثل هذه الحاالت يلجأ قاضي التحقيق إلى اإلعتقال اإلحتياطي لكونه الوسيلة
الوحيدة لضمان تطبيق مبادئ العدالة لتسريع وثيرة التحقيق إحالة الجاني على المحكمة،
ألن اللجوء إلى اإلعتقال اإلحتياطي بناءا على هذا المبرر مرتبط بوجود قرائن قوية على
أن الجاني ارتكب فعال الجريمة ،وأنه لمنع هروبه يتعين اتخاذ هذا التدبير في حقه.
كأن تكون الجريمة المرتكبة قد أدت إلى الوفاة ،أو تشكل نوع من الخطورة التي
تدفع المتهم إلى الهروب ،بحيث هناك أوامر أخرى معللة بنفس التعليل النعدام ضمانات
الحضور وهي تسمح لقاضي التحقيق المساس بحرية األشخاص باعتقالهم احتياطيا بمبرر
انعدام الحضور التي تسهل على قاضي التحقيق الوصول إلى الحقيقة ،ألن إعماله منع
المتهم من التأثير على الشهود دون إخفاء وسائل اإلثبات وسهل سير التحقيق كما سمح له
بإمكانية إحضار المتهم في أي وقت وإجراء المقابالت الضرورية مع الشهود أو
الضحية(.)67
فاإلعتقال اإلحتياطي من هذا المنظور إجراء قضائي يعمل به قبل فوات األوان
عمال بالمثال الذي يقول" :من لم يبتدئ بوضع يده على غريمة سيفقده حين األوان"()68
وغالبا ما يكون مبرر انعدام ضانات الحضور كتغطية لمبرر آخر وهو خطورة
األفعال المرتكبة .فاالعتماد هذا المبرر –موكول لتقدير قاضي التحقيق الذي عليه أن يطلع
على أحوال المتهم .وما يقدم بين يديه من معطيات واقعية .يستشف منها احتمال هروبه،
ولذلك يستلزم من قاضي التحقيق اإللمام بكل مالبسات القضية ،وتقدير مدى نجاع
الخيارات األخرى البديلة عن اإلعتقال اإلحتياطي لضمان حضور المتهم(.)69
34
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
لكنها قيدها بشروط وذلك إذا تعلق األمر بجناية أو جنحة يعاقب عليها بعقوبة سالبة
للحرية " 159قانون المسطرة الجنائية" وكل هذا لم تكن ضرورة التحقيق أو ضرورة
الحفاظ على أمن األشخاص أو النظام العام تقتضي وضع المتهم رهن اإلعتقال اإلحتياطي،
أو إذا لم يحترم مثال االلتزامات المفروضة عليه بمقتضى الوضع تحت المراقبة.
وفي هذه الحالة أمكن للسيد المحقق إصدار أمر باإليداع في السجن و األمر بإلقاء
القبض بعد استشارة النيابة العامة( )70فاألمر بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية يخضع
لواحد أو أكثر من االلتزامات الثامنة عشر المنصوص عليه في المادة 161من قانون
المسطرة الجنائية.
ولعل المشرع المغربي لجأ إلى هذه الوسيلة سعيا منه إلى التحقيق من ظاهرة
اإلكتظاظ التي تعرفها السجون ونهج أسلوب متحضرا لتقويم سلوك المتهم وتفادي اتصاله
بالوسط السجني.
- 70سلسلة ندوات محكمة االستئناف تقنيات إجراءات التحقيق في ضوء م.ج لألستاذ عبد القادر السنوني قاضي التحقيق
ص .77
35
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
باإلضافة إلى منع الحاضرين من مغادرة المكان في حالة التلبس بالجريمة ،ويبقى
أهم ما يم يز هذا لتدبير أنه صادر عن قاضي التحقيق زيادة على أنه ضرورة للدفاع
االجتماعي وتستلزم لقرينة البراءة ،وهو ما يستوجب معه ضرورة التمييز بين اإلعتقال
اإلحتياطي وباقي الصور المشابهة له والمتمثلة فيما يلي:
-أنها تلك المدة التي تستبقي خاللها الضابطة القضائية ،تحت تصرفها الشخص
المظنون ،أنه ارتكب الجريمة لجل حاجيات البحث والتحري ،ومنها من اندثار أدلة
اإلثبات ،والكل تحت مراقبة النيابة العامة ،وهو التعريف الذي تبناه األستاذ حسن
الهوادية(.)71
إذ كان اإلعتقال اإلحتياطي يتطابق مع زاوية حرمان المتهم من حريته مع الوضع
تحت الحراسة النظرية ،فإن مع ذلك ال يجب الخلط بينهما نظرا الختالفات عميقة بينهما،
- 71حسن الهوادية ،الحراسة النظرية بين التشريع واالجتهاد القضائي والنظرية ،مطبعة دار السالم بالرباط الطبعة
الثانية ،2000 ،ص .9
- 72عبد الواحد العلمي ،شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء األول ،الطبعة األولى ،2006 ،ص
.401
36
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
سواء من حيث مدة كل واحد منهما أو الجهة التي تتخذ هذا اإلجراء أو ذاك أو المرحلة
التي يتم فيها اللجوء إلى أحد التدبيرين أو اآلخر(.)73
-الحراسة النظرية تدبير يتم اللجوء إليه في مرحلة البحث التمهيدي ،أما اإلعتقال
اإلحتياطي فيتم في مرحلة التحقيق اإلعدادي (تحريك الدعوى العمومية).
زد على ذلك أن الحراسة النظرية يتم في إطارها وضع المشتبه فيه في زنزانة
تابعة للقيادة العامة أو الدرك الملكي ،أو المديرية العمة لألمن الوطني ،في حين يتم إيداع
المعتقل احتياطيا في مؤسسة سجنية تابعة للمندوبية العامة للسجون.
أما فيما يخص مددها فمدة اإلعتقال اإلحتياطي أطول من نظيرتها في الحراسة
النظرية ،فهي شهر في الجنح ممكن أن تمدد مرتين ولنفس المدة (المادة 176من ق .م.ج)
وشهرين في الجنايات ممكن أن تمدد خمس مرات ولنفس المدة وهذا ما نصت عليه المادة
177من ق.م.ج عندما تظهر ضرورة ذلك.
أما إذا تعلق األمر بالوضع تحت الحراسة النظرية ،عند إنجاز األبحاث التمهيدية
التلبسية المتعلقة بالجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي فإن مدة الحراسة تكون
96ساعة تمدد مرة واحدة.
- 73الدكتور محمد أحداف ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،طبعة ،2018ص .420
37
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
مما يتبن لنا بوضوح أن المعتقل احتياطيا يعاني من أكثر من ضغط سلب الحرية،
مقارنة مع نظيره الخاضع للحراسة النظرية إال أن هذا ال يمنع من االعتراف بكونهما
إجراءات ضرورية لمستلزمات الدفاع االجتماعي.
فاألمر بإلقاء القبض هو المقدمة لإلعتقال اإلحتياطي فهو إجراء مؤقت ،فال يمثل
وضعا مستقرا بذاته وبالتالي فإنه يجب أن يكون قصير المدة( )76باإلضافة إلى ما سبق
فإن األمر بإلقاء القبض ،يمكن اإلعالن عنه في وسائل التواصل االجتماعي في حالة
اإلستعجال ،مع ضرورة توضيح هوية المتهم ونوع الجريمة وذكر اسم القاضي مصدر
األمر.
إن المشرع المغربي منح منفذ األمر بإلقاء القبض ،من أي تفتيش للمنزل خارج
الساعات القانونية المحددة لذلك( ،بعد التاسعة مساء ،أو قبل الخامسة صباحا) بل يكتفي
بتطويقه فقط بعد إلقاء القبض على المتهم المأمور بالقبض عليه وجب القانون استنطاقه من
38
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
قبل قاضي التحقيق ،المصدر لألمر داخل أجل 48ساعة من االعتقال ،وإن لم يتيسر له
ذلك خالل هذه الفترة فإن القانون أوجب على رئيس السجن تقديمه إلى النيابة العامة لتقوم
باستنطاقه (المواد 147و 148من قانون المسطرة الجنائية).
تلكم كانت اإلشارة ألهم األوامر التي يصدرها قاضي التحقيق والتي تهدف
باألساس إلى استنطاق المتهم قبل األمر باعتقاله احتياطيا بإيداعه في السجن ،والتي يبدو
بأنها ماسة حتما بشخص المتهم وبحقه في الحرية الواجب صيانتها له ،حيث نجد المادة
158من ق.م.ج تنص صراحة على أن عدم مراعاة الشكليات المأمور بها في الفرع
المتعلق باألمر بالقبض تعرض كال من ممثل النيابة العامة وقاضي التحقيق ،وعند
االقتضاء ،كاتب الضبط إلى عقوبات تأديبية فيما إذا ترتب عن ذلك –أي األمر بإلقاء
القبض -مس بالحرية الفردية ،وهذا بصرف النظر عن التطبيق العقوبات الجنائية التي
تحكم اإلعتقال التعسفي.
يعتبر األمر باإليقاع في السجن إجراء صادر عن قاضي التحقيق ،يتم توجيهه إلى
رئيس المؤسسة السجنية المعينة ،من أجل إيداع وإيواء المتهم بين جدرانها وحيث يجب أن
يحدد فيه على وجه الدقة المؤسسة السجنية المعنية باألمر ومكان تواجدها ،وذلك من أجل
تنفيذ األمر القاضي بتسليم المتهم ووضعه رهن اإلعتقال اإلحتياطي داخل تلك
المؤسسة(.)78
39
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وقد ألزم المشرع المغربي قاضي التحقيق في حالة إصدار األمر باإليداع في
السجن ،أن يقوم باستنطاق المتهم ابتدائيا بعد التأكد من هويته الكاملة ،تم إشعاره بحقه في
تنصيب محامي في الحال للدفاع عنه( .)79ومع توضيح فصول المتابعة وأسباب اإليداع
وأن ذلك ضروري للتحقيق.
وبالرجوع إلى الفصل 146من قانون المسطرة الجنائية ،فإن إصدار األمر
باإليداع في السجن ال يكون إال في الجنح والجنايات المعاقب عليها بالحبس ،وبعد استنطاق
المتهم فعليا وتسليمه نسخة من ذلك األمر باإليداع في السجن.
كما يجب بطبيعة الحال قبل األمر باإليداع في السجن أن يتم استحضار أن المتهم
بريء حتى تثبت إدانته ،من أجل توفير األرضية القانونية والعملية بهذا اإليداع ،وذلك
تفاديا إلى تحول األمر باإليداع إلى مجرد مسألة مراجعة تندرج بدون ضوابط في سلطة
قاصي التحقيق(.)80
وأمام عدم تعريفه من قبل المشرع المغربي ،فقد اختلفا الباحثون في تعريفه كل من
منظوره الخاص.
40
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
فهناك من قال بأنه" :إجراء قهري يتخذه قاضي التحقيق في حق الشخص المتابع،
وذلك بإخضاعه لواحد أو أكثر من التدابير أو االلتزامات المنصوص عليها كلما تعلق
األمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية"(.)82
في حين عرفه آخر بأنه" :إجراء يخضع من خالله المتهم لبعض االلتزامات التي
يفرضها عليه قاضي التحقيق"(.)83
كما نجد رأيا آخر عرفه بأنه "أمر صادر عن قاضي التحقيق يقتضي تقييد حرية
المتهم في الذهاب واإلياب بإخضاعه لبعض التدابير ،كل ذلك بهدف ضمان حضوره كافة
أطوار التحقيق ،وكذا مساعدته على االندماج ثانية في وسطه االجتماعي(.)84
ويمكننا تعريف أمر الوضع تحت المراقبة القضائية أنه أمر بديل لإلعتقال
اإلحتياطي ،ذي بعد إنساني لم يكن من قبل في قانون المسطرة الجنائية لسنة 1959بل تم
استحداثه بمقتضى قانون 22.01المتعلق بالمسطرة الجنائية لسنة .2002
بحيث لم يكن ذلك القانون يوفر للقاضي إمكانيات بديلة مهمة وفعالة من شأنها
ضمان حضور المتهم إلجراءات التحقيق الجنائي في إطار المحاكمة العادلة وضمان
حقوق الدفاع ،ولذلك تم إحداث نظام لوضع تحت المراقبة القضائية " contrôle
"judiciaireويتوخى القانون الجديد من إقرار هذه التدابير إليجاد آليات تكفل سير تطبيق
اإلجراءات القضائية دون اللجوء إلى تدبير اإلعتقال اإلحتياطي ( détention
)préventiveالذي أصبح منتقدا لعدة اعتبارات إنسانية واجتماعية(.)85
ونجد المشرع المغربي قد خصص لتنظيم المراقبة القضائية مقتضيات مواد الفرع
األول من الباب التاسع من القسم الثالث من قانون المسطرة الجنائية ،وذلك من المادة 160
- 82سفيان أدريوش ،الطابع االستثنائي لإلعتقال اإلحتياطي ،مجلة محاكمة العدد 5نونبر-يناير ،2009-2008ص
.146
- 83البشير بوحبة ،الوضع تحت ا لمراقبة القضائية كآلية جديدة في ميدان التحقيق ،المجلة المغربية للمنازعات القانونية،
العدد ،2004 ،2ص .31
- 84أنظر بهذا الخصوص:
Jean Pradel : « procédure pénale », Paris, Cujas, 12ème édition, coll. Manuel, 2004, p 85.
- 85سلسلة النصوص التشريعية والتنظيمية العدد ،20036ص .25
41
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
إلى 174منه ،والمشرع المغربي شأنه شأن جل التشريعات المقارنة لم يعرف ما المقصود
بالمراقبة القضائية ،وإنما تناول المراقبة القضائية كأحد مستجدات قانون المسطرة الجنائية
المغربي الجديد ،بحيث لم يكن معروفا من قبل ،وال على مستوى الممارسة القضائية(.)86
وانطالقا من هذه المادة نالحظ أن أول شرط من شروط المراقبة القضائية ،هو
أنها تفرض على المشتبه فيه( )87الذي تنسب إليه جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة
سالبة للحرية(.)88
وهذا يعني أن هذا األمر يعمل به في الجنايات بدون شروط بينما يعمل به في
الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية ،وقاضي التحقيق حينما يقرر ترك المشتبه فيه
في ح الة سراح وعدم إيداعه في السجن احتياطيا طبعا بعد استنطاقه والتأكد من هويته
وإشعاره بالتهمة المنسوبة إليه.
- 86نجيب البيهي ،المراقبة القضائية وفق قانون المسطرة الجنائية المغربي الجديد ،منشور بمجلة محكمة ،عدد ،1
،2003ص .18
- 87هناك من يحبذ تسميته بالمشتبه فيه بدل المتهم ،ألنه أكثر داللة ،ويتوافق مع احترام كرامة الشخص الذي يظل بريئا
حتى تثبت إدانته بمقرر مكتسب بقوة األمر المقضي به.
- 88وبمفهوم المخالفة فإن الجنح المعاقب عليها بالغرامة لوحدها ال بشأنها هذا التدبير.
- 89المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية لم يفرق بين أجل الوضع تحت المراقبة القضائية في الجنايات والجنح
كما فعل بالنسبة لإلعتقال اإلحتياطي المواد (.)177-176-160
42
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
إن اعتبار إجراء اإلعتقال اإلحتياطي والوضع تحت المراقبة القضائية ،تدبيران
استثنائيان (المادة 159ق.م.ج) يمكن قاضي التحقيق في الحالة أو الحالتين المشار إليها
آنفا أن يأمر بإجراء المراقبة القضائية فيما لو استحال عليه الوصول إلى الحقيقة خالل
المدة المحددة؟
إن القانون الجديد أوجد هذا التدبير من جهة كحل وسط لتدبيري اإلعتقال
اإلحتياطي أو إبقاء المحقق معه حرا طليقا ،رغم ما قد تتضمنه كل طريق ،حيث في الحالة
األول قد يؤول األمر إلى المساس بحرية الفرد ،والحالة الثانية قد تفسح الطريق بين المتهم
وجملة من الوسائل التي قد تعرقل بدون شك سبل تحقيق العدالة(.)90
على أنه في مثل هذه األحوال يستحسن أن يلجأ قاضي التحقيق إلى وضع المتهم
تحت المراقبة القضائية ،أفضل من اللجوء إلى اتخاذ إجراء اإلعتقال اإلحتياطي ،وأنه ليس
ما يمنع أن يأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية ،بعد فوات المدة ضمانا لسير التحقيق
ومنحه مدة أطول إن أمكن قياسا على أنه يمكن له أن يغير التدبير المتخذ في حق المتهم
بتدبير آخر كوضعه تحت المراقبة القضائية بشروط ،بدال من اإلعتقال اإلحتياطي وأيضا
العكس يحصل بحيث يمكن إصدار األمر باإلعتقال اإلحتياطي.
وفي هذا الصدد فإن المشرع المغربي سلك نهج نظيره الفرنسي الذي كان سباقا
في اعتماد هذا التدبير بمقتضى القانون رقم 87-576الصادر في 09يوليوز 1984
والمعدل بمقتضى القانون رقم 93-1013الصادر في 24غشت )91(1993حيث جاء في
المادة 137من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي "الشخص الخاضع للبحث (التحقيق) يظل
حرا ماعدا بسبب ضرورة التحقيق أو بسبب األمن يتعين إخضاعه للمراقبة القضائية.
43
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
إذن فالمادة 137من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي تقابله المادة 160من قانون
المسطرة الجنائية المغربي تؤكد أن على الطابع المؤقت واالستثنائي للمراقبة القضائية.
وهكذا اعتبر المشرع المغربي تدبير الوضع تحت المراقبة القضائية واإلعتقال
اإلحتياطي تدبيران استثنائيان يعمل بهما في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة
سالبة للحرية ،وهو نفس االتجاه الذي سار فيه المشرع الفرنسي(.)92
وبإحداث المشرع المغربي لنظام الوضع تحت المراقبة القضائية( ،تناولته المواد
من 160إلى 174من قانون المسطرة الجنائية) يكون قد خول للنيابة العامة ولقاضي
التحقيق إمكانيات بديلة وفعالة تكفل من جهة حرية المتهم ومن جهة أخرى حضوره
إجراءات البحث التمهيدي ،أو إجراءات التحقيق في إطار المحاكمة العادلة وصيانة حقوق
الدفاع.
ولقد أوكل المشرع سنها بصفة أصلية لقاضي التحقيق ،كما أسند سنها أحيانا
لمحاكم الموضوع لما تقضي بمنح المتهم السراح المؤقت ،وهي أخذ أبرز االختصاصات
الجديدة التي خولها المشرع لقاضي التحقيق من أجل الحد من ظاهرة اكتظاظ السجون
بالمعتقلين االحتياطيين ،وما يفرضه ذلك من جهود بشرية وأعباء مادية ،ولذلك فإنها تعتبر
من أهم إجراءات التحقيق المتعلقة بشخص المتهم والتي استحدثت بالقانون المغربي ألول
مرة كبديل لإلعتقال اإلحتياطي(.)93
ولقد خول المشرع المغربي لقاضي التحقيق وعندما يمثل المتهم أمامه ألول مرة
أثناء اإلستنطاق األولي أن يضعه تحت المراقبة القضائية ،بإخضاعه لواحد أو أكثر من
التدابير المنصوص عليها في المادة 161من قانون المسطرة الجنائية والتدابير المتخذة في
هذا الشأن تهدف إلى ضمان حضور المتهم إلجراءات التحقيق الالحقة.
- 92المادة 159من قانون المسطرة الجنائية المغربية تنص على أن" :الوضع تحت المراقبة القضائية أو االعتقال
االحتياطي تدبيران استثنائيان ،يعمل بهما في الجنايات أو في الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية" وهو ما نصت
عليه المادة 1378من قانون المسطرة الجنائية.
- 93عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،مطبعة النجاح الجديدة ،طبعة ،2014ص
.85
44
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-1أن تطبيق هذا النظام الشك أنه سيحد من معضلة اكتظاظ السجون وسيساهم في
تأهيل المؤسسات السجنية ببالدنا.
-3سمح هذا النظام بمشاركة مصالح المجتمع وأفراده في تدبير شؤون العدالة
الجنائية ،ويشعرهم بالمسؤولية إزاء تحقيق األمن االجتماعي ،كما يساهم في إضفاء البعد
اإلنساني والمرونة في السياسة الجنائية المتبعة ،كما يساهم في معالجة الظاهرة اإلجرامية
بطرق احتوائية مهذبة.
- 94أحمد الخمليشي ،شروح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،الطبعة السادسة،
سنة ،1999ص 285وما بعدها.
- 95أنظر نص المادة 165من ق.م.ج.
- 96نور الدين العمراني ،بدائل اإلعتقال اإلحتياطي في إطار ق.م.ج ،مجلة المحامي ،عدد ،48ص .228
45
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
كما أنه يعمل على الحماية من اإلتالف وسائل اإلثبات التي قد تكون ضرورية
لتحديد المسؤولية الفاعل أو الفاعلين فضال عن تفعيل األمر باإلعتقال اإلحتياطي يعمل
على الحد من استمرارهم في تكرار أفعالهم وتعددها ،الشيء الذي قد يخلق تدمر أو استياء
عاما بين أفراد المجتمع لها تأثير الفاعلي على شهادة الشهود في بعض الحاالت(.)97
ويشكل األمر باإلعتقال اإلحتياطي عامال ومؤشرا في التحقيق بارتكاب نوع معين
من الجرائم الذي يهز مشاعرهم ويحفزهم على االنتقام منه ،باإلضافة أن اإلعتقال حماية
المتهم لحياته ،والذي قد يكون مهددا باالنتقام أهل الضحية هذا فضال على أنه يجعل المتهم
دائما في متناول سلطات التحقيق ليتمكن من استجوابه ومواجهته والوصول إلى الحقيقة،
وهو بذلك ضمان لتنفيذ العقوبة التي ستوقع على المتهم.
وعليه فإن األمر باإلعتقال اإلحتياطي يختلف باختالف الجهة التي مارسته ،إذ أن
النيابة العامة وحسب المواد 74-73من قانون المسطرة الجنائية يحق لها أن تصدر أمر
بإيداع المتهم في السجن وفق شروط قانونية إذا اقتنعت بعدم توفر المتهم على ضمانات
كافية للحضور وتحيله على المحكمة في حالة اعتقال ،في حين أن األمر بإيداعه في
السجن صادر على قاضي التحقيق جاء مثقل بالشكليات وشروط كضمانات للمتهم.
أما المعتقل اإلحتياطي على ذمة المحاكمة فإن األمر مختلف تماما عن سابقة لذلك
يجب تحديد الهيئات المتدخلة في ممارسته وطرق المراقبة وقبل هذا وذاك تحديد مفهوم
46
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
المعتقل اإلحتياطي ويعتبر المعتقل اإلحتياطي المادة 618ق.م.ج " كل شخص تمت
متابعته جنائيا ولم يصدر بعد في حقه حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به ،ويصدر األمر
باإلعتقال اإلحتياطي إما من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو هيئة الحكم ثم
الغرفة الجنحية بم حكمة االستئناف عند إلغائها قرار قاضي التحقيق بعدم اإليداع أو بعدم
المتابعة(.)98
فبمقتضى المادة 73من ق.م.ج فإذا تعلق األمر بالتلبس بجناية طبقا للمقتضيات
المادة 56من ق.م.ج ولم تكون الجريمة من الجرائم التي يكون التحقيق فيها إلزاميا المادة
83من ق.م.ج.فإن الوكيل العام للملك إذا تبين له أن القضية جاهزة للحكم أصدر أمر
بوضع المتهم رهن اإلعتقال اإلحتياطي وإحالته على غرفة الجنايات.
ويبدو من المادة 73ق.م.ج أن الوكيل العام للملك ملزم بإصدار أمر بإيداع المتهم
رهن اإلعتقال إذا قرر إحالته على غرفة الجنايات متى تعلق األمر بالتلبس بجناية ال يعتبر
التحقيق فيها إجباريا.
وتبين له أن القضية جاهزة للحكم إذا ظهر أن القضية غير جاهزة التمس إجراء
التحقيق فيه( ،)99وأحالها على قاضي التحقيق الذي قد يصدر هو اآلخر األمر باإليداع في
السجن كسند لإلعتقال بعد إجراء اإلستنطاق االبتدائي مع المتهم إذا كان حاضرا أو أمر
بإلقاء القبض.
وإذا انتهى قاضي التحقيق من إجراءات التحقيق أحال القضية على المحاكمة
والمتهم في حالة اعتقال ويبقى المتهم يحمل صفة معتقل احتياطي إلى حين صدور الحكم
مكتسب لقوة الشيء المقضي به ،القانون الحالي للمسطرة الجنائية الذي جعل عمليا من
قاضي التحقيق المؤهل الوحيد إلنجاز عمليات التحقيق اإلعدادي تحت مراقبة الغرفة
الجنحية بمحكمة االستئناف.
47
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وإن مكنه من االستعانة إن اقتضى الحال مديد العون له بمقتضات الغير أو ضباط
الشرطة القضائية يكلفهم بإجراءات المتعلق بالتحقيق وليس كلها عن طريق اإلنابة
القضائية.
كما تمارس النيابة العامة إجراءا شبيها باإلعتقال اإلحتياطي وذلك بإيداع المتهم
في السجن وإحالته في حالة اعتقال بالمحكمة( ،)100إذ فإن الجهات المتدخلة في اإلعتقال
اإلحتياطي تكمن في النيابة العامة وقاضي التحقيق (الفقرة األولى) اإلعتقال اإلحتياطي من
قبل المحكمة (الفقرة الثانية).
وقد يتغاضى عن حالة التلبس بحجة عدم توفر ضمانات الحضور والذي اختلط
مفهومها من الناحية العلمية بخطورة األفعال ،إضافة إلى كون مصطلح الضمانات الكافية
التي وردت بالصياغة العامة في المادة 74ق.م.ج وهو مصطلح فضفاض يكتنفه اللبس
والغموض متجردا من تحديد وتخصيص.
ولذا يمكن لوكيل الملك أن يمنحها مفهوما واسعا لكل مجرم على حدة حسب قناعته
الذاتية مما يخلق تباينا بين النيابات في تقدير ضمانات الحضور مما قد يؤثر سلبا على
- 100ذ .عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية (الجزء الثاني).
- 101ملحق قضائي (عادل المطمري) ،بحث نهاية التدريب بعنوان االعتقال االحتياطي بين النص والواقع ،ص .30-29
48
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
تحقيق المساواة بين المتابعين( ،)102كما تضعنا هذه المقتضيات أمام حالة أقصى من
التلبس حيث تملك النيابة العامة سلطة اإليداع في السجن والعمل باإلعتقال اإلحتياطي
وإغفال إجراءات كثيرة من المسطرة البحث التلبس لذاته.
وفي هذا اإلطار وطبقا لمقتضيات المادة 74من ق.م.ج أنه إذا تعلق األمر بالجنحة
معاقب عليها بالحبس ،أو لم تتوفر في مرتكبها ضمانات كافية للحضور ،فإنه يمكن لوكيل
الملك أو نائبه أن يصدر أمرا ً بإيداع المتهم في السجن بعد إشعاره بأن من حقه تنصيب
محام عنه حاال واستنطاقه عن هويته واألفعال المنسوبة إليه ،كما يمكن أن يقدمه للمحكمة
حرا بعد تقديم كفالة مالية أو كفالة شخصية.
في الواقع العملي فإن السلطة التقديرية التي يتمتع بها وكيل الملك من خالل
السلطة المالئمة تجعله يقدر مفهوم الضمانات طبقا لقناعات ذاتية وتجدر اإلشارة أن
المشرع خول للنيابة العامة صالحيات أخرى تهم اإلعتقال اإلحتياطي حيث ال يعني إطالق
سراح الشخص بأمر قاضي التحقيق إذا استأنفت النيابة العامة األمر إال إذا قبلت
سراحه(.)103
وذلك بطلب من هذه األخيرة يمكن للمحكمة بحكم خاص معلل أن تأمر باعتقال كل
شخص يحكم عليه بالحبس تساوي مدته أو تفوق سنة واحدة وهذا يمكن للمحكمة من تنفيذ
عقوبة حبسية قبل أن يصدر الحكم نهائيا( )104وهذا واستنادا إلى المعطيات نرى أن
الضرورة أصبحت تستدعي تدخل المشرع أو لتحديد مفهوم الضمانات.
- 102السياسة الجنائية بالمغرب بين الواقع واآلفاق ،أشغال المناظرة الوطنية ،طبعة أولى ،ص .246
- 103شرح المادة 74ق.م.ج ملحق قضائي (عادل المطمري) ،بحث نهاية التدريب بعنوان االعتقال االحتياطي بين
النص والواقع ،ص .30-29
- 104شرح المادة 392من ق.م.ج.
49
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
في السجن ،حتى ال يقع تباين بين النص التشريعي وبين الواقع العملي ومتطلباته السياسية
الجنائية(.)105
إذ تنص المادة 53من ق.م.ج على أنه " يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في
المحاكم االبتدائية من بين قضاة الحكم فيه المدة ثالث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير
العدل ،بناء باقتراح من رئيس األول لمحكمة االستئناف ويمكن خالل هذه المدة إعفائهم من
مهامهم وفق ما هو منصوص عليه في القسم الثالث بعده.
وال يمكن لقضاة التحقيق تحت طائلة البطالن أن يشاركوا في إصدار حكم في
القضايا الزجرية التي سبق أن أحيلت إليهم بصفتهم قضاة مكلفين بالتحقيق(.)106
بمجرد مثول المتهم وتقديمه أمام النيابة العامة فإن هذه األخيرة تدرس المسطرة
ووثائقها وتقدر وسائل اإلثبات المتوفر في القضية ،فإذا كانت التهمة ثابتة والبحث استنفذ
أطواره ،بمعنى أن القضية جاهزة للحكم فإن ممثل النيابة العامة يحيلها مباشرة على
المحكمة وإال أنه في حالة ما كانت مسؤولية المتهم غير ثابتة أو أن هناك نقاط أخرى
يتعين التحقيق فيها ألهميتها فإن المتهم وملف قضيته يحاالن على قاضي التحقيق بناءا
على ملتمس من النيابة العامة طبقا لمقتضيات المادة 84من قانون المسطرة الجنائية.
والتحقيق مرحلة قضائية مهمة وسطى تلي البحث التمهيدي ،وتسبق مرحلة
المحاكمة ،حيث تقوم النيابة العامة بجمع األدلة وتوجيه التهمة للمتهم في حين أن قاضي
- 105ملحق قضائي (عادل المطمري) ،بحث نهاية التدريب بعنوان االعتقال االحتياطي بين النص والواقع ،ص .31
- 106الدكتور عبد الواحد العلمي "شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية" الجزء الثالث"
50
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
تحقيق يتابع جمع األدلة والسير في إجراءات التحقيق من خالل المقارنة بين األدلة التي
قدمت من جهة سلطة االتهام وبين الدفاع الذي يستند إليه المتهم(.)107
وبالتالي يقوم بالتحقيق اإلعدادي قضاة التحقيق المعينين بكل محكمة من المحاكم
االبتدائية أو محاكم االستئناف ،وفقا إلجراءات معينة بدقة في ظل مسطرة قضائية تمتاز
بوفرة ضمانات حقوق الدفاع.
وبا لتالي يكون قضاة التحقيق هم السلطة الثالثة المكلفة بالتحري عن الجرائم ،ولقد
خول المشرع لقاضي التحقيق صالحيات واسعة ليتأكد من االتهام واألدلة المقدمة إليه
وبالتالي الكشف عن الحقيقة من خالل اإلجراءات المتعلقة بجمع األدلة وإصدار األوامر.
ومن أهم هذه األوامر األمر باإلعتقال اإلحتياطي أمام قاضي التحقيق هو تدبير
سالب للحرية بموجبه يودع المتهم بالسجن متى كانت الضرورة تقتضي ذلك بمبرر جعل
المتهم رهن إشارة القاضي إلجراء اإلستنطاقات والمواجهات الالزمة إذا خيف من أنه لن
يحضر مستقبال لجلسات التحقيق أو أن يكون اإلعتقال اإلحتياطي فيه حفاظ على أمن
المتهم نفسه من تأثر أهل المجني عليه أن يكون هذا اإلعتقال منه حفاظا على النظام العام
إذا كان المتهم يشكل خطرا على المجتمع(.)108
بيد أن القواعد المتعلقة باألوامر التي يصدرها قاضي التحقيق تحتم بعض
الواجبات التي يتعين عليه التقييد بها فاألمر بإيداع في السجن باعتباره سندا لإلعتقال
اإلحتياطي ال يمكن إصداره إال بعد استنطاق المتهم(.)109
- 107الدكتور سعيد بوطويل "االعتقال االحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي ص .253-252
- 108شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،ص .226
- 109الملحق القضائي (عادل المطمري) ،بحث نهاية التدريب ،االعتقال االحتياطي بين النص والواقع.
51
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
نود اإلشارة إلى أن هناك حالتين بمقتضى القانون تكون للمحكمة سلطة اتخاذ قرار
باعتقال المتهم الحاضر أمامها حرا طل يقا ،وهي تلك المنصوص عليها في م 390ق.م.ج.
والتي نصت على أنه " إذا لم يكن للفعل وصف جنحة أو مخالفة تدخل ضمن اختصاص
المحكمة ،فإنها تصرح بعدم اختصاصها وتحيل الطرف الذي أقام الدعوى العمومية على
من له حق النظر.
يسري نفس الحكم إذا تعلق األمر بجناية .وفي هذه الحالة ،تصدر المحكمة إن
اقتضى الحال أمرا باإليداع في السجن أو بإلقاء القبض إذا كان المتهم غير معتقل ،ويستمر
اعتقال المتهم الموجود في حالة اعتقال".
هذا هو الجديد في مشروع قانون المسطرة الجنائية هو أنه خول للمحكمة بناء على
ملتمس من النيابة العامة إمكانية اعتقال المتهم من الذي أخل بااللتزامات المفروضة عليه
تنفيذا للمراقبة القضائية بمقتضى األمر الصادر في م 74-73وبالتالي أصبح من حق
المحكمة وهو لم يكن ممكنا لها أن تعتقل المتهم في حالة سراح ما لم ينفذ ما التزم به من
تدبير المراقبة القضائية.
وهي مسألة جد مهمة ،بحيث أن يطبق مبدأ المهمل أولى بالخسارة ،فالمتهم الذي
لم يحترم شروط تركه في حالة سراح ينبغي معاقبته على عدم جديته في إصالح سلوكه
وبالتالي األمر باعتقاله تحقيقا( )110للردع.
392من ق.م.ج فقد مكنت القاضي الجنائي لدى المحكمة تم بخصوص م
االبتدائية عند نظره في القضية المعروضة عليه والتي طبعا يكون المتهم متابعا من قبل
النيابة العامة في حالة سراح.
- 110سعيد بوطويل "االعتقال االحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" ص -294
.295
52
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وبعد دراسته للقضية وإدراجها بالتأمل والنطق بالحكم ،وفي حالة كان الحكم قد
قضى بعقوبة حبسية تعادل سنة أو أكثر أن يصدر مقررا معلال نافذ المفعول رغم كل طعن
بإيداع المتهم الحاضر بالسجن أو بإلقاء القبض عليه في حالة لم يكن حاضرا أمامها.
غير أن ذلك مشروط بملتمس من النيابة العامة بخالف الحالة األولى التي يمكن
للمحكمة أن تتخذ اإلجراء المنصوص عليه بدون ملتمس من النيابة العامة( ،)111وبالتالي
فإصدار القاضي الجنائي لعقوبة حبسية تفوق السنة أو تعادها ،وبناء على ملتمس من النيابة
العامة قد يصدر أمر بإيداع المتهم في السجن أو بإلقاء القبض عليه وإيداعه.
وفي هذه الحالة يعتقل المتهم وتتم مباشرة إجراءات الدعوى العمومية في حالة
اعتقال على مستوى غرفة الجنح اإلستئنافية بمحكمة االستئناف إذا ما تم استئناف قضيته
سواء من قبله أو من قبل النيابة العامة مما يجعل اإلعتقال ممتدا على مستوى هذه الهيئة
لتي تبقى لها صالحية البث في وضعيته.
وغير أننا نرى أن محكمة االستئناف ال يمكن لها بتاتا أن تبت في أوامر اإلفراج
المؤقت ألن المتهم أصبح مدانا بحكم بعقوبة حبسية ،وما لها سوى تأييد العقوبة الحبسية أو
تعديلها بالرفع منها أو الخفض منها أو بإلغاء الحكم بالتصريح ببراءة المتهم ،وهي ملزمة
كغيرها باستحضار كافة الضمانات القانونية والواقعية التي أمنها المشرع للمعتقل(.)112
53
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ومن جهة أخرى رغم أن اإلعتقال اإلحتياطي يمس بحرية لشخص ،إال أن الفقيه
ريمو وهو قاضي فرنسي وصف اإلعتقال اإلحتياطي بشر البد منه ،لكون اإلعتقال
اإلحتياطي يعد متطلبا من متطلبات التحقيق والدفاع االجتماعي( ،)115وهنا تبرز أهم
ضماناته.
إن المشرع المغربي تطرق لمدة اإلعتقال اإلحتياطي صراحة في المادتين 176
و 177من ق.م.ج.
54
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
رغم تحديد مدة شهر واحد إال أنه يمكن تمديد هذه المدة ،إذا ظهرت عند انصرام
هذا اآلجال ضرورة استمرار اإلعتقال اإلحتياطي ،حيث يجوز تمديد مدته مرتين ولنفس
المدة بمقتضى أمر قضائي يكون معلال تعليال خاصا( ،)117يأمر به قاضي التحقيق
بالمحكمة االبتدائية بناءا على طلبات النيابة العامة التي ينبغي أن تكون بدورها مدعمة
بأسباب(.)118
وتنص نفس المادة( )119على أنه إذا لم يتخذ قاضي التحقيق أمرا باإلحالة أو بعدم
المتابعة بعد انصرام مدة 3أشهر فإنه يجب عليه أن يطلق سرح المتهم بقوة القانون،
ويواصل التحقيق معه في حالة سراح.
وعلى سبيل المقارنة فقد نصت المادة 147من قانون اإلجراءات الجنائية
البحريني بأنه "األمر بالحبس الصادر من النيابة العامة ال يكون نافذ المفعول إال لمدة
السبعة أيام التالية لتسليم المتهم لها ،وإذا رأت النيابة العامة مد الحبس اإلحتياطي .....بمد
الحبس لمدة أو لمدد متعاقبة ال يزيد مجموعها على 30يوما...الخ"(.)120
55
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
الحاالت المقررة طبقا للمادة 144من قانون المسطرة الجنائية الفرنسية ،وتختلف مدة هذا
التمديد بحسب سوابق المتهم وعقوبة الجريمة (م 1-145إجراءات)(.)121
أما فيما يتعلق بمدة اإلعتقال اإلحتياطي في قضايا األحداث فقد أغفل التشريع
المغربي تحديد مدة اإلعتقال ،وهذا ما يجعلنا نرجع إلى القواعد العامة في المادة 176من
ق.م.ج(.)122
هذا وإذا ظهرت عند انصرام هذا اآلجال ضرورة استمرار اإلعتقال اإلحتياطي
وبناءا على م لتمسات النيابة العامة والتي يجب أن تكون مدعمة بأسباب ،وبناءا على أمر
قضائي معلال خاصا ،يمكن لقاضي التحقيق وطبقا لنفس المادة 177من ق.م.ج تمديد مدة
اإلعتقال اإلحتياطي لمدة شهرين وخمس مرات وهذا يعني أنه ال يمكن لقاضي التحقيق
وضع المتهم رهن اإلعتقال اإلحتياطي إال لمدة سنة كحد أقصى في الجنايات(.)124
- 121فؤاد ب نيخلف ،اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
الخاص ،سنة ،2017/2016ص .136
- 122فؤاد بنيخلف ،اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي ،مرجع سابق ،ص .135
- 123أحمد جوييد ،شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد ،الجزء الثاني ،فاس ،طبعة 2004هامش رقم ،1ص .60
- 124محمد أحداف ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،مسطرة التحقيق اإلعدادي ،ص .427
56
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ويتعين على قاضي التحقيق إذا هو لم يتخذ خالل هذه المدة أمرا بانتهاء التحقيق،
أو اإلفراج على المعتقل احتياطيا وبقوة القانون ،وال اعتبر مرتكبا لجريمة اإلعتقال
التحكمي ليستمر التحقيق معه وهو في حالة سراح(.)127
ويثور اإلشكال بالنسبة للحاالت التي يصدر فيها األمر بإلقاء القبض ،واعتقال
الشخص الموجود بالخارج ،استنادا إلى إجراءات تسليم المجرمين ،حيث يطرح تساؤل
حول التاريخ الذي يبدأ فيه احتساب مدة اإلعتقال اإلحتياطي( ،)128والواقع أن مبادئ
العدالة واإلنصاف تقتضي أن يبدأ احتساب أمد اإلعتقال من تاريخ إلقاء القبض على
المتهم ،ال من يوم التسليم إلى السلطات القضائية المغربية(.)129
حيث أن المشرع البحريني جعل االختصاص بتمديد الحبس اإلحتياطي بعد مرور
6أشهر من حسب المتهم احتياطيا من سلطة المحكمة المختصة ،أي المحكمة الكبرى
الجنائية التي تفصل في الوقائع التي تعد جنايات.
- 125عبد الرحيم فالح ،قرينة البراءة وشرعية اإلعتقال اإلحتياطي ،مرجع سابق ،ص .158
- 126محمد بوزبع ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية ،الرباط ،الطبعة الثالثة،
مطبعة فضال ،السنة ،2005الكتاب األول ،ص .278
- 127عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،مرجع سابق ،ص .97
- 128الحبيب بيهي ،شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد ،الجزء األول ،الطبعة األولى ،2004ص .236
- 129عالج المشرع أحكام تسليم المجرمين ضمن المواد 718إلى 745من ق.م.ج الجديد.
57
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
كما نصت المادة 142من قانون اإلجراءات الجنائية المصري بأنه "ينتهي الحبس
اإلحتياطي بمضي خمسة عشر يوما على حسب المتهم ،ومع ذلك يجوز لقاضي التحقيق،
قبل انقضاء تلك المدة ،وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم أمن يصدر أمرا بمد الحبس
مددا مماثلة بحيث ال تزيد مدة الحبس في مجموعه على خمس وأربعين يوما"(.)130
بعد الحديث عن مدد اإلعتقال اإلحتياطي ،يمكن طرح التساؤل اآلتي :أين تتجلى
ضمانات هذا التدبير الذي يعتبر استئنافيا؟ هذا ما سيكون معرض حديثنا في الفقرة الثانية.
رغم هذا فتماشيا مع االتفاقات الدولية وخصوصا اتفاقية حقوق اإلنسان فالمشرع
المغربي خص تدبير اإلعتقال اإلحتياطي بعدة ضمانات تهم المعتقل اإلحتياطي سواء أمام
النيابة العامة أو أثناء مرحلة التحقيق أمام قاضي التحقيق أو أمام المحكمة.
- 130فؤاد بنيخلف ،اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي ،مرجع سابق ،ص .139-138
- 131محمد جالل السعيد ،المحاكمة العادلة في قانون المسطرة الجنائية لسنة ،2002سلسلة إصالح القانون والتنمية
السوسيو اقتصادية ،الجزء الخامس ،الطبعة األولى يناير ،2012ص .81
- 132عرض اإلعتقال اإلحتياطي ،مرجع سابق ،ص .12
58
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
يعتبر جهاز النيابة العامة جهازا قضائيا ،فالقائمين بها قضاة يخضعون للنظام
األساسي لرجال القضاء ،وتتولى النيابة العامة تطبيق المادة 36من ق.م.ج إقامة وممارسة
الدعوى العمومية ومراقبتها ،وتطالب بتطبيق القانون وبالتالي فإن النيابة العامة تبقى
مطالبة بتطبيق القانون واحترامه وفرضه ،ألجل ذلك تبقى جهازا تتوفر فيه المشتبه فيهم
كافة الضمانات القانونية بعد تقديم أمامها من قبل الضابطة القضائية ،وعليها مراعاة كل
الضمانات التشريعية الممنوحة للمتهم قبل اتخاذ قرار اعتقاله(.)133
ولعل أول ما يضع قاضي النيابة العامة يده عليه هو محضر الضابطة القضائية
قبل أن يقوم باستنطاق المتهم الذي تم تقديمه إليه ،فيكون عليه التأكد من سالمة المحضر
المنجز سواء من حيث الصفة وأهلية محرره وتوقيعه واإلجراءات المتخذة من حيث مدى
احترامها للقانون سواء في تفتيش األماكن أو األشخاص وغيرها...ولعلها معطيات واردة
في المادة 24من ق.م.ج(.)134
وعلى عضو النيابة العامة عند دراسته لمحضر المشتبه فيه التأكد من مدى احترام
المحضر للشكليات المنصوص عليها في المادتين 24و 67من قانون المسطرة الجنائية
وكذا الضمانات المشار إليها في المادة 66منها وسالمة إجراء الحراسة النظرية وذلك لما
في األمر من أهمية في احترام حقوق المتهم وصون كرامته وحريته.
وبعد دراسته للمسطرة يقوم باستنطاق المتهم ويمنحه الحق في اإلدالء بتصريحه
وأوجه دفاعه كأن يطلب االستماع إلى بعض الشهود أو إجراء معاينة ما ،ويكون على
ممثل النيابة العامة في هذه الحالة االستجابة لذلك وإرجاع المحضر قصد إتمام البحث
وتعميقه متى كان ذلك ضروريا الستجالء الحقيقة(.)135
- 133سعيد بوطويل "االعتقال االحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" م.س ،ص
.226
- 134تتحدث المادة 24في فقراتها السبع على المعطيات الواجب ذكرها في محضر ضابط الشرطة القضائية ،وخصص
الفقرة األولى منه لتعريف المحضر.
- 135سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" م.س ،ص
.227
59
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وعلى النيابة العامة حث الضابطة القضائية للقيام بمهامها على أحسن وجه ،تلك
المهام المستمدة من مؤسسة الضبط التي تعني التحديد وضبط الشيء وكشف النقاب عما
خفي من أشياء وعما خفي من أشخاص(.)136
وعلى عضو النيابة العامة عند دراسته لمحضر المشتبه فيه التأكد من مدى احترام
المحضر للشكليات المنصوص عليها في المادتين 24و 67من ق.م.ج وكذا للضمانات
المشار إليها في المادة 66منها وسالمة إجراءات الحراسة النظرية ،وذلك لما في األمر
من أهمية في احترام حقوق المتهم وصون كرامته وحريته(.)137
وفي حالة كان المتهم ال يحسن اللغة التي يتم بها اإلستنطاق كأن يكون أجنبيا أو
في حالة كان أصما أو أبكما ،فقد مكنه المشرع من ضمانة جد مهمة على النيابة العامة
احترامها لما فيها من حماية لحقوق الدفاع المخولة دستوريا وتشريعيا للمتهم ،وهي ما
نصت عليه المادة 47من ق.م.ج(.)138
ولعل أهم ضمانة فعلية تمارسها النيابة العامة لفائدة المتهم هو االمتثال لطلب
المتهم أو دفاعه الرامي إلى عرضه على فحص طبي( ،)139كما يتعين على الوكيل العام
للملك ،أو وكيل الملك ،إذا طلب منه إجراء فحص طبي أو عاين بنفسه آثار تبرر ذلك أن
يخضع الشخص المستوجب لذلك الفحص
وهذا ما نصت عليه المادتين 73و 74على التوالي من ق.م.ج وأيضا إذا تعلق
األمر بحدث يحمل آثار ظاهرة للعنف أو إذا اشتكى وقوع عنف عليه ،يجب على ممثل
- 136رمسيس بنهام" ،علم النفس القضائي ،"....دار النشر منشأة المعارف باإلسكندرية ،ص .16
- 137سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" م.س ،ص
.227
- 138المادة 47من ق.م.ج تنص على "يستعين وكيل الملك بترجمان أو بكل شخص يحسن التخاطب أو التفاهم مع من
يقع استنطاقه عند االقتضاء".
- 139البد من اإلشارة إلى أن مشروع ق.م.ج تطرق إلى مقتضى جد مهم وهو أن المشرع نص على البطالن القانوني
لالعتراف المدون بمحضر الشرطة القضائية إذا ما طلب المتهم أو دفاعه عرضه على فحص طبي فتم رفض ذلك،
والشك أنها ضما نة جد مهمة للمتهم فيها احترام وحرص من المشرع على ضرورة صيانة كرامة المعتقل وسالمته وعدم
تعرضه ألي اعتداء أو إكراه.
60
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
النيابة العامة وقبل الشروع في اإلستنطاق إحالته على فحص يجريه طبيب وهذا طبقا
لنفس المادتين السابقتين.
ويكون على ممثل النيابة العامة ضرورة االستجابة لهذا المقتضى وعرض المعني
باألمر على فحص طبي لتحديد األضرار الالحقة به وسببها ورقتها وذلك ألن العديد من
المقدمين يحملون آثار عنف قديم ،فيدعون أنها حديثة(.)140
والفائدة من ذلك هو حماية كرامة المعتقل وضمان عدم المس بسالمته النفسية
والجسدية ألجل انتزاع اعتراف منه يمس وضعيته الجنائية ،وفي حالة ما تبت أن المعتقل
قد تعرض فعال للعنف واإلكراه ،فإن المسؤول عنه يتعرض للعقوبات الجنائية والتأديبية،
كما أن المحكمة عند مناقشتها للقضية ال تأخذ باعتراف المتهم المشوب بعيب في
اإلرادة(.)141
وفي هذا اإلطار سبق لمحكمة االستئناف بأكادير أن قضت بإلغاء حكم باإلدانة
صدر ضد متهم استنادا إلى أن اعترافه كان نتيجة اإلكراه ،وجاء ذلك الحكم بعد إجراء
فحص طبي عليه أكد تعرضه للتعذيب(.)142
وما يمكن مالحظته وإثارته من مالحظات حول مقتضى عرض المتهم على
الفحص الطبي هو أن المشرع" :نص على عرض المشتبه فيه على فحص طبي فقط في
الحالة التي تتعلق بالتلبس بالجريمة دون غيرها.
-لم يشر إلى الجهة التي لها أن تتكفل بتنفيذ تعليمات النيابة العامة القاضية بعرض
المعني باألمر على فحص طبي ،والتي تكون غالبا نفس الضابطة القضائية المشتبه
تورطها في العنف.
- 140سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" م.س ،ص
228و.229
- 141تنص المادة 293من ق.م.ج عل " :ال يعتد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو اإلكراه.
وعالوة على ذلك ،يتعرض مرتكب العنف أو اإلكراه للعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي".
- 142موقعwww.amnesty.org :
61
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-وإن استعمل المشرع الطابع اإللزامي عند سنه لهذه الضمانات إال أن صفة
اإللزام قد تتجرد من كل قيمة قانونية ما دامت لم تقترن بأي جزاء"(.)143
والبد من اإلشارة إلى أنه على المستوى العملي فإن وزارة العدل والحريات ال
تتهاون في ضرورة احترام هذه الضمانات من قبل النيابة العامة تحت طائلة عرض األمر
على المفتشية العامة بها.
ولقد سبق أن أثير هذا الموضوع في قضية طلبة القنيطرة الذين احتجوا ضد
الزيادة في أسعار تذاكر ركوب حافالت النقل الحضري بين الحي الجامعي وكليات جامعة
ابن طفيل وجرى اعتقالهم ،والذين التمس دفاعهم عرضهم على الخبرة الطبية لتعرضهم
للتعذيب في مخفر الشرطة القضائية ،غير أن النيابة العامة لدى المحكمة االبتدائية
بالقنيطرة لم تستجب لطلباتهم ،وهو ما جعل وزارة العدل والحريات تحيل الموضوع على
المفتشية العامة للوزارة مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية(.)144
وعموما فعلى المشرع التدخل بنص تشريعي يوضح جزاء عدم االستجابة لطلب
المتهم أو دفاعه بإخضاعه لفحص طبي ،وذلك حتى يكون لهذه الضمانات المهمة األثر
المتوخى منها ،وهي حماية حريات األفراد وكرامتهم وتفادي كل ما يمس بسالمتهم النفسية
والجسدية.
وفي السياق ذاته بين المشرع المقصود بالتعذيب في الفصل 1-231من ق.ج
عندما نص على أنه" :كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدي أو نفسي يرتكب عمدا
موظف عمومي أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه ،في حق شخص لتخويفه أو
إرغامه أو إرغام شخص آخر على اإلدالء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف بهدف معاقبته
على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص آخر(.)145
- 143مصطفى ترياوي وكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية بالرماني "التدخل الطبي لفائدة األشخاص الموضوعين تحت
الحراسة النظرية" .www.assabahpress.ma
- 144راجع موقع .www.almaghribia.ma
- 145لقد جعل المشرع عقوبة التعذيب قاسية تدخل ضمن زمرة الجنايات وعقوبتها هي السجن من 5إلى 15سنة
وغرامة من 10.000درهم إلى 30.000درهم في حق كل موظف عمومي مارس على شخص التعذيب المشار إليه.
62
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ومن بين الضمانات كذلك التي كرسها المشرع المعتقل الماثل أمام النيابة العامة
هو ما نصت عليه مقتضيات المادتين 73و 74من ق.م.ج وذلك بحقه بالمؤازرة بمحام
أثناء اإلستنطاق ،هذا األخير يمكنه أن يدلي نيابة عن موكله بوثائق أو إثباتات كتابية ،كما
يمكنه أن يعرض تقديم كفالة مالية أو شخصية مقابل إطالق سراحه.
والمالحظ أن المادة 73من ق.م.ج عند حديثها عن التلبس بجناية ال يكون التحقيق
إلزاميا فيها ،أوجبت على الوكيل العام أو أحد نوابه عند استنطاقه المتهم أن يشعره أن من
حقه تنصيب محامي عنه حاال وإال عين له تلقائيا من طرف رئيس غرفة الجنايات ،ويحق
للمحامي المختار أو المعين أن يحضر هذا اإلستنطاق.
في حين نصت المادة 74عند تطرقها للتلبس بجنحة وعند استنطاق المتهم من قبل
وكيل الملك أو أحد نوابه أن يشعره بحقه في تنصيب محام عنه حاال ويجرى
استنطاقه(.)146
فحضور المحامي يعد ضمانة جد مهمة تمكن المتهم من اإلدالء بتصريحاته بشكل
عفوي دون خوف من تحريفها عليه ،كما أن حضوره يمكن من مراعاة ملتمسات هذا
األخير سواء بتقديم ملتمسات بالمتابعة في حالة سرح أو مقابل كفالة أو اإلدالء بوثائق
وإثباتات( )147وعلى المشرع أن يبين جزاء عدم احترام إجبارية حضور المحامي
المنصوص عليها في المادة 73من ق.م.ج.
وبالتالي على قاضي النيابة العامة مراعاة جميع هذه الضمانات وغيرها التي أقرها
المشرع للمعتقل بمجرد مثوله أمام النيابة العامة باعتبارها سلطة قضائية وجهاز رقابي
- 146الفرق بين المادتين أن األولى توجب على الوكيل العام عند التلبس بجناية غير خاضعة للتحقيق اإللزامي أن
يستنطق المتهم ويشعره بحقه في تنصيب محام وإال عين له تلقائيا من قبل رئيس غرفة الجنايات ،وبالتالي فحضور
المحامي في هذه الحالة أمر إلزامي عند االستنطاق.
أما المتلبس بجنحة من قبل وكيل الملك بحقه في تنصيب محام ،ويتم استنطاقه في جميع الحاالت سواء عمل المتهم على
ذلك أم تنازل عنه.
- 147سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع
سابق ،ص .176
63
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
على أعمال الضابطة القضائية وعلى احترام القانون ،إذن ما هي ضمانات المعتقل
احتياطيا أمام قاضي التحقيق؟
+أول هذه الضمانات هي سرية التحقيق فهو من بين الضمانات المهمة التي
تكرس للطابع الحمائي للمعطيات الشخصية للمتهم وحماية سمعته والحفاظ على قرينة
البراءة المفترضة فيه وصونا لحقوق الدفاع ،خصوصا وأن قاضي التحقيق طبقا للمادة 87
من ق.م.ج( )148إلزاميا في مادة الجنايات واختياريا في مادة الجنح بإجراء بحث حول
شخصية المتهم وحالته العائلية واالجتماعية.
وال شك أن قاضي التحقيق من خالل هذا البحث االجتماعي يستجمع مجموعة من
األسرار الخاصة بالحياة الشخصية للمتهم سواء على المستوى األسري أو العملي أو المالي
والتي يفترض أنها خاصة به وحده وال يمكن ألحد اإلطالع عليها إال بموافقته ورضاه.
من هنا تنبع أهمية سرية التحقيق كضمانة مهمة لفائدة المتهم والتي تحافظ له على
صورته الخارجية كما هي خارج قضبان السجن حتى يتمكن من استئناف حياته فيما بعد
من دون عقد وإحراج( ،)149فالتحري عن ظروف المتهم االجتماعية ينبغي أن يحاط بطابع
الخصوصية ألنه يتضمن معطيات شخصية عن نفسه وحياته وأسرته ،وهو ما يعرف
بالملف الشخصي للمتهم(.)150
- 148الفقرة األولى من المادة 87من ق.م.ج تنص على" :يقوم قاضي التحقيق إلزاميا في مادة الجنايات ،واختياريا في
مادة الجنح بإجراء بحث حول شخصية المتهم وحالتها العائلية واالجتماعية"
- 149سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع
سابق ،ص 264و.265
- 150في نفس السياق اعتبرت محكمة النقض المصرية في عدة أحكام مشهورة عنها بأن" :مجرد نشر التهمة المسندة
للمتهم يعد جريمة لو ثبت أنها كانت موضوعا للتحقيق".
64
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ووعيا من المشرع المغربي بأهمية سرية التحقيق فقد كرس لهذا المبدأ في المادة
15من ق.م.ج التي جاء فيها" :تكون المسطرة التي تجرى أثناء البحث والتحقيق سرية.
كل شخص يساهم في إجراء هذه المسطرة ملزم بكتمان السر المهني ضمن الشروط وتحت
طائلة العقوبات المقررة في القانون الجنائي".
ولقد أكد القضاء المغربي مبدأ سرية التحقيق في العديد من قراراته ،إال أنه أوجب
على من يدعي خرق هذه السرية إثبات ذلك(.)151
باإلضافة إلى ذلك يبقى أهم مبرر لسرية التحقيق هو الحفاظ على قرينة البراءة
التي تعد من الضمانات الدستورية األساسية لحماية الحرية الشخصية للمتهم في مواجهة
سلطات الدولة.
ويعتبر هذا الحق ضمانة دولية أقرته المادة 14من العهد الدولي للحقوق المدنية
والسياسية الذي أكدت على "ضرورة إبالغ المتهم فورا وبالتفصيل وبلغة مفهومة لديه
بطبيعة وسبب التهمة الموجهة إليه".
- 151أنظر قرار عدد 162بتاريخ 2010-3-4في الملف الجنحي عدد 2009-5-885لغرفة الجنايات بمحكمة
اإلستئناف بالدار البيضاء.
- 152تنص المادة 134من ق.م.ج في فقرتها الرابعة على "أن قاضي التحقيق يبين للمتهم األفعال المنسوبة إليه ويشعره
بأنه حر في عدم اإلدالء بأي تصريح ،ويشار إلى ذلك في المحضر".
65
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ويطرح التساؤل هنا بخصوص طبيعة األفعال التي ينبغي إشعار المعتقل احتياطيا
بها ،فهل ينبغي تحديد جميع الوقائع واألدلة القائمة ضده أم االقتصار على التكييف القانوني
للجريمة والنصوص المنظمة لها؟
وبالرجوع للمادة 134ق.م.ج التي نصت على هذا الحق نجدها قد استعملت عبارة
"أن على قاضي التحقيق أن يبين "...والبيان يعني التوضيح ،وبالتالي يكون على قاضي
التحقيق أن يبين للمتهم ملخص الوقائع واألدلة القائمة ضده ويلبسها اللباس القانوني ،ولعل
هذا الطرح ينسجم وحماية حقوق الدفاع .وبإحاطة المتهم علما باألفعال المنسوبة إليه فإن
له الحق طبقا ألحكام المادة 134من ق.م.ج أن يدلي بتصريحاته أو االمتناع عن ذلك ،
وذلك نابع من كون اللقاء األولي يعد بمثابة تعرف من قاضي التحقيق على هوية المتهم
وعلى نوعية الجريمة وكذا ألنه غالبا ما يكون المتهم غير مؤازر بمحام ،وعند المثول
األولي قد يكتفي قاضي التحقيق بتدوين تصريحات المتهم التلقائية بعد إشعاره بحقه في
االمتناع عن اإلدالء بأي تصريح(.)153
+الضمانة الثالثة وهي الحق في اختيار محام وهذا ما نصت عليه المادة 134
ق.م.ج( )154وذلك في الفقرة الثانية ،فقاضي التحقيق يشعر المتهم فورا بحقه في اختيار
محام ،فإن لم يستعمله حقه في االختيار عين له قاضي التحقيق بناءا على طلبه محاميا
ليؤازره وينص على ذلك في المحضر.
- 153سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع
سابق ،ص 269و.270
- 154تنص الفقرة 2من المادة 134من ق.م.ج على " يشعر القاضي المتهم فورا بحقه في اختيار محام ،فإن لم يستعمل
حقه في االختيار عين له قاضي التحقيق بناء على طلبه محاميا ليؤازره ،وينص على ذلك في المحضر."...
66
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
أحكاما جديدة في استنطاق المتهم وتلقي تصريحاته وتصريحات الشاهد أو الضحية أو
الخبير(.)155
إن حضور المحامي يعتبر ضمانة مهمة من خالل أن دوره يمثل رقابة على
قاضي التحقيق في احترام مقتضيات التحقيق اإلعدادي ،فحضوره يعتبر ضمانة لسالمة
اإلجراءات وتطابقها مع القانون ،كما أن حضوره يساهم في حماية حقوق الدفاع
والضمانات التي يوجبه ا القانون فضال عن رفع الروح المعنوية للمتهم التي غالبا ما تكون
ضعيفة بسبب وضعه النفسي المضطرب.
وبوجود مؤازرة المحامي للمتهم فإنه يتعين إشعاره بإجراءات التحقيق ،وفي هذا
ذهبت محكمة اإلستئناف بوجدة في قرار لها إلى أن "إجراء المواجهة أو االستماع للمتهم
أو الطرف المدني في غيبة دفاعه ومن دون شعاره يؤدي إلى بطرن إجراءات
التحقيق"(.)156
- 155أنظر هامش رقم 484من ص 271من كتاب سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي
والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع سابق ،للتوسع أكثر.
- 156قرار عدد 2859بتاريخ 2001-3-30في الملف الجنحي عدد .04-17
67
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
والمادة أعاله تنسجم والمادة الخامسة من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،وأيضا
المادة 12من اإلعالن الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة بتاريخ 09دجنبر 1975
تنص على أن "األقوال التي صدرت بناء على تعذيب ال يمكن األخذ بها كدليل في الدعوى
الجنائية سواء ضد المتهم أو ضد أي شخص آخر".
وهذا المبدأ قد كرسه المشرع المغربي في المادة 293ق.م.ج التي نصت على أنه
ال يعتد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو اإلكراه( ،)157وعالوة على ذلك ،يتعرض
مرتكب العنف أو اإلكراه للعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي.
فالحق في الخضوع لفحص طبي كضمانة مهمة كرسها المشرع كتدبير وقائي
استباقي ردءا لكل محاولة في تعريض المتهم للتعذيب أو اإلكراه أو العنف عند تلقي
تصريحات السيما أمام الضابطة القضائية ،وما يزكي ذلك هو أن المشرع اشترط
الستجابة قاضي التحقيق لطلب الخضوع لفحص طبي أن يكون المتهم قد خضع قبل إحالته
عليه للحراسة النظرية أمام الضابطة القضائية(.)158
- 157تنص المادة 5من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان على "يجب أن ال يعرض أي شخص للتعذيب وال للعقوبة
القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة".
- 158سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع
سابق ،ص 274و.275
68
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
المحكمة لهذا الغرض أجال ال يقل على 3أيام ،وتبين في طلب اإلفراج المؤقت عند تقديمه
وقد أضافت المادة نفسها أنه يترتب البطالن عن مخالفة المقتضيات السابقة(.)159
كما أن للمحكمة هنا أن تبث في الحالة الجنائية للمتهم سواء باإلبقاء عليه رهن
اإلعتقال أو أن إطالق سراحه ،وال يمنع رفض المحكمة نفسها لهذا الطلب من تقديمه إليها
مرة ثانية ،كما أن قرار الرفض ال يمنع المحكمة من االستجابة له مجددا إذا تبين لها
ضرورة ذلك.
+أما الضمانة الثانية وهي التعجيل بالبث في قضيته وللمعتقل الحق في
الفصل في قضيته بدون تأخير ما لم تكن له مبرراته ،إذ تأخير الحكم تأخير إليصال الحق
إلى مستحقه بغير حق ،والشريعة اإلسالمية والتشريع الوضعي ما جاء إال لتأمين حقوق
الناس وإيصالها إليهم.
ومسألة الحكم داخل أجل معقول مبدأ دستوري ،وهو من مظاهر المحاكمة العادلة
لتي تستوجب التعويض في حالة ما كان التأخير ناتجا عن اإلهمال.
فاإلجراءات الجنائية يجب أن تبدأ وتنتهي في غضون مدة معقولة تحقيقا للتوازن
بين حق المتهم في مساحة زمنية وتسهيالت كافية إلعداد دفاعه ،وهي مسألة إلى حد ما
صعبة لتحديد المدة الزمنية للملف كحد أقصى الرتباط ذلك بعدة فعاليات وتفاعالت
مجتمعية(.)160
فالمحاكمة العاجلة مرتبطة بالحق في الحرية ،وافتراض البراءة ،وحق المرء في
الدفاع عن نفسه ،كما أنها مرتبطة بضمان اختصار فترة القلق التي يتكبدها المتهم خوفا
على مصيره ،فالعدالة البطيئة نوع من الظلم(.)161
- 159للتوضيح أكثر أنظر قرار محكمة النقض موضوع الملف الجنحي عدد 11-248بتاريخ .2010-03-04
- 160سعيد بوطويل "اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي" المبررات والضمانات" مرجع
سابق ،ص .278
- 161إدريس النوازلي "اإلثبات الجنائي لجرائم األعمال بالوسائل الحديثة" الجزء الثاني ،المطبعة والوراقة الوطنية
مراكش ،الطبعة األولى ،2014ص .79
69
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
بعد الحديث عن اإلطار العام لإلعتقال اإلحتياطي وبيان ماهيته ثم األجهزة المتعلقة
به وأيضا مدته وضماناته نتساءل عن كيفية تنفيذه ،والتعويض عنه؟ وما هي البدائل
الممكنة للحد من ظاهرة اكتظاظ السجون بالمعتقلين اإلحتياطيين؟
70
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
71
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ثم أشارت المادة السالفة الذكر على مع مراعاة مقتضيات المادتين 66و 80من
نفس القانون المتعلقتين بالوضع تحت الحراسة النظرية .مع تأكيدها على أنه ال يمكن
اإلعتقال إال بمؤسسات سجنية تابعة لوزارة العدل.
وأضافت المادة 609من ق.م.ج أنه "يترتب عن كل إيداع في السجن ،بناء على
سند من السندات الصادرة عن السلطة القضائية المنصوص عليها في المادة 608إعداد
ملف خاص بكل معتقل"...
وأكدت المادة 611من ق.م.ج على أنه "ال يمكن ألي مأمور من إدارة
السجون( )165أن يقبل أو يحجز شخصا ،إال إذا قدم له سند من سندات اإلعتقال
المنصوص عليها في المادة ....608وإال اعتبر مرتكب الجريمة اإلعتقال التحكمي".
وطبقا للمادة 615من ق.م.ج يودع المتهمون المعتقلون بصفة احتياطية بسجن
محلي بالمكان الموجودة فيه المحكمة المحالة إليها القضية في المرحلة االبتدائية أو
اإلستئنافية حسب األحوال ،كلما سمحت بذلك ضرورة األمن والقدرة اإليوائية للمؤسسة
السجنية.
فبقراءة المادة 608من ق.م.ج يتضح أن سند اإلعتقال يعد شرطا قانونيا وتجسيدا
إجرائيا لمبدأ ال اعتقال إال بنص ،بحيث ال يمكن وضع حد لحرية شخص معين إال بموجب
سند قانوني مستوف لشروطه الشكلية والموضوعية( ،)166كما أنها تحدد سند اإلعتقال في
اثنين هما ،سند أمر باإلعتقال اإلحتياطي أو سند يأمر بتنفيذ مقرر مكتسب لقوة الشيء
المقضي به صادر عن هيئة قضائية يقضي إما بعقوبة السجن أو الحبس أو بتدبير اإلعتقال
اإلحتياطي أو اإلكراه البدني(.)167
- 165حلت عبارة "المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج" محل "إدارة السجون" بمقتضى المرسوم رقم
2.08.772بتاريخ 25جمادى األولى 21( 1430ماي )2009بتحديد اختصاصات وتنظيم المندوبية العامة إلدارة
السجون وإعادة اإلدماج ،الجريدة الرسمية عدد 5750بتاريخ 16رجب 9( 1430يونيو )2009ص .3842
- 166سعيد بوطويل ،م.س ،ص .316
- 167شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثالث ،م.س ،ص .11
72
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وتقضي المادة 395من التعليمات العامة للنيابات بأن يحرر نموذج أمر الحبس
من أصل وصورتين ،ويجب أن يشمل اسم المتهم ولقبه وصناعته ومحل قامته والتهمة
المنسوبة إليه ،ومواد القانون المطبقة على الواقعة وتاريخ صدور األمر ،وأن يوقع عليه
عضو النيابة أو القاضي(.)168
وبالرجوع إلى المادة 618من ق.م.ج نجدها تعتبر المعتقل احتياطيا ،كل شخص
تمت متابعته جنائيا ولم يصدر بعد في حقه حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به ،ويصدر
األمر باإلعتقال اإلحتياطي كما تطرقنا إليه سابقا ،إما من طرف النيابة العامة أو هيئة
الحكم أو قاضي التحقيق أو الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف عند إلغائها قرار قاضي
التحقيق بعدم اإليداع في السجن.
ويكون على مأمور إدارة السجن طبقا للمادة 17من القانون رقم 23/98المتعلق
بتسيير وبتنظيم المؤسسات السجنية التأكد من أن سند اإلعتقال مستوف للشروط الشكلية
المتطلبة حسب مقتضيات قانون المسطرة الجنائية(.)169
وحتى تثبت لسند اإلعتقال القوة القانونية التي تجعل منه أساسا لعملية اإلعتقال،
يجب أن تتوفر فيه شروط قانونية نصت عليها المادة 608من ق.م.ج وهي(:)170
- 168محمد عبد اللطيف فرج "الحبس اإلحتياطي في ضوء المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية" مطابع الشرطة،
الطبعة األولى 2010مصر.
- 169سعيد بوطويل ،م.س ،ص .317
- 170عبد العلي حفيظ" ،صالحيات قاضي تطبيق العقوبات في القانون المغربي" ،مطبعة دار القلم ،سنة ،2012ص 27
و.51
73
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
* أن يكون متضمنا لضرورة إيداع المتهم بالمؤسسة السجنية وتبيان نوع التهمة.
* أن تكون متضمنة للهوية الكاملة للمعتقل ،وأن تطابق الوثائق التي يستدل بها
المعتقل ،مع الرجوع إلى الجهة القضائية التي أمرت باإلعتقال في حالة عدم التطابق.
ويجب أن يكون المقرر المراد تنفيذه مكتسبا لقوة الشيء المقضي به صادر عن
هيئة قضائية ،يقضي على الشخص بعقوبة اإلعتقال ،وعلى غرار المعتقل احتياطيا يتوجب
على مأمور إدارة السجن عدم قبول أو حجز أي شخص إال بعد التحقق من وجود سند
اعتقاله.
ويعتبر مدير المؤسسات السجنية مسؤوال عن قانونية اإلعتقال ،وإذا بدا له أن
الوضعية الجنائية لمعتقل غير قانونية ،فعليه إشعار السلطات القضائية المختصة وإدارة
السجون بذلك ،وتنتهي مسؤوليته إذا كان متوفرا على سندات تبرر اإلعتقال أو على أوامر
مكتوبة صادرة عن السلطة القضائية(( )171المادة 21من القانون 23/98المتعلق بتنظيم
وتسيير المؤسسات السجنية).
74
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وإذا تقدم محكوم عليه عن طواعية لتنفيذ مقرر قضائي بعقوبة سالبة للحرية تعين
على المسؤول المذكور أن يثبت بسجل اإلعتقال طبيعة المقرر الموجه إليه ملخص منه من
النيابة العامة المختصة ،وأن يوجه إشعار باإلعتقال إلى هذه النيابة العامة.
وطبقا للمادة 16من نفس القانون فإنه يجب أن تضمن في سجل اإلعتقال
المعلومات المتعلقة بالحالة المدنية للمعتقل بعد التأكد من هويته ،وفي حالة عدم تطابق
الوثائق التي يستدل بها المعتقل أو الشك في هويته ،وفي حالة عدم تطابق الوثائق التي
يستدل بها المعتقل أو الشك في هويته فإن على المسؤول عن الضبط القضائي مراجعة
الجهة التي أصدرت األمر باإلعتقال(.)172
ويعتبر سجل اإلعتقال بطاقة التعريف لمرحلة تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي بالمؤسسة
السجنية منذ أول يوم إلى تاريخ اإلفراج ،بحيث تضمن به تواريخ دخول المعتقلين
وخروجهم باليوم والساعة ،ويسجل به سند اإلعتقال ورقم اإلعتقال ،وال يمكن إخراجه من
المؤسسة.
ويتعين طبقا للمادة 14من قانون السجون أال يحتوي هذا السجل على أي بياض أو
محو أو تشطيب ،ويجب أن يوضع خط أحمر رقيق على كل خطأ في التسجيل ،ويصادق
عليه كل من المسؤول عن الضبط القضائي ومدير المؤسسة ،ويتبع نفس اإلجراء األخير
في حالة تصحيح الهوية على إثر حكم أو إشعار من السلطات القضائية(.)173
وطبقا للمادة 612من ق.م.ج فإن كل مؤسسة يجب أن تتوفر كل مؤسسة سجنية
على سجل لإلعتقال ،يتعين ترقيم صفحاته مسبقا ترقيما متتابعا ويوقع رئيس المحكمة
االبتدائية أو القاضي المنتدب من طرفه لهذه الغاية على الصفحة األولى واألخيرة منه كما
يؤشر على باقي الصفحات( ،)174وهو ما نصت عليه المادة 13من قانون .23/98
75
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ويخضع هذا السجل لمراقبة إدارة السجون والسلطة القضائية ،كما أن هذا السجل
يحتوي على بيان جميع المقررات أو نصوص القانون المغيرة لمدة اإلعتقال(.)175
والمالحظ أن المشرع قد نظم سجل اإلعتقال بنوع من الدقة اإلجرائية التي يتعين
االلتزام بها تحت طائلة المسائلة التأديبية أو الجنائية طبقا للمادة 611من ق.م.ج ،وكانت
غايته من وراء هذا التنظيم المحكم هو حماية المعتقل اإلحتياطي من أي تجاوز في مدة
اعتقاله كأصل ،أو مساس بها قد يؤدي إلى اعتقال تحكيمي وتعسفي ،فكانت هذه الدقة
مطلوبة من أجل التأكيد على أن اإلعتقال تدبير استثنائي ،وأن الحرية هي األصل(.)176
وقد حرص المشرع بذلك على تقريب المعتقلين احتياطيا من مكان تواجد المحكمة
التي تنظر في قضاياهم لتيسير حقهم في الدفاع ،ولتبسيط عملية إحضارهم ،وتخفيض عناء
التنقل عنهم وعن ذويهم عند زيارتهم(.)177
وقد قسم القانون رقم 23-98المؤسسات السجنية إلى أربعة أصناف وهي:
-1السجون المركزية.
-2السجون الفالحية
-3السجون المحلية.
76
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ولعل مسألة ضرورة إيداع المعتقل اإلحتياطي مؤسسة سجنية خاضعة لوزارة
العدل التي نصت عليها المادة 608من ق.م.ج ،أصبحت تطرح إشكاال وذلك بعد أن
أصبحت السجون خاضعة لوصاية المندوبية السامية إلدارة السجون وإعادة اإلدماج،
بمقتضى الظهير الشريف رقم 01.08.49الصادر بتاريخ 29أبريل ،2008القاضي
بتع يين المندوب العام إلدارة السجون وإعادة اإلدماج وبتحديد اختصاصاته(.)178
وقد سبق أن عملت المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج بتاريخ 9يناير
،2012على نشر توضيح حول شرعية اإلعتقال بالمؤسسات السجنية في ظل تبعيتها
للمندوبية ،إال أن شرعية اإلعتقال بالسجون تستمد من سند اإلعتقال الصادر عن السلطة
القضائية.
وأن المشرع عندما أقر بوجوب اإلعتقال بسجون تابعة لوزارة العدل ،فإنه توخى
من ذلك اإلقرار بوجوب اإلعتقال بمؤسسات سجنية نظامية ،بمعنى مؤسسات تخضع
لجهاز إداري يكفل تنظيم المؤسسات السجنية ،وتطبيق القوانين المتصلة بإجراءات تنفيذ
اإلعتقال ،وليس معنى ذلك أن المؤسسة السجنية تكتسب صفتها النظامية من وصاية وزارة
العدل حصرا(.)179
وأضافت المندوبية في بالغها بأن الظهير الشريف المتعلق بتعيين المندوب العام
إلدارة السجون وإعادة اإلدماج وبتحديد اختصاصاته ،مكن قطاع السجون من إمكانية
تطوير هيكلته اإلدارية ومالءمتها لمتطلبات األمن واإلدماج كدورين أساسيين للمؤسسات
السجنية ،وأن مقتضياته لم تنصرف في مضمونها إلى المس بشرعية اإلعتقال ،وإنما أكدت
على انتقال إدارة المؤسسات السجنية من وزارة العدل إلى المندوبية العامة في احترام تام
77
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
للمقتضيات المتصلة بتنفيذ اإلعتقال المنصوص عليها بقانون المسطرة الجنائية والقانون
المنظم للسجون(.)180
وقد تدارك مشروع قانون المسطرة الجنائية هذا الموقف ،بأن نص في المادة 608
على أنه ال يمكن االعتقال إال بمؤسسات سجنية نظامية تابعة للسلطة الحكومية المكلفة
بالسجون ،وخاضعة لمراقبة السلطات القضائية وفقا لما ينص عليه هذا القانون.
ولعله بذلك يكون قد رفع الحرج عن مؤسسة القضاء التي ال تجدها ترد به
الدفوعات الخاصة بهذه المسألة( ،)181سوى أنها دفوع غير جدية وال تلزم المحكمة في
اإلجابة عنها(.)182
ومن بعد أن تطرقنا إلى إجراءات تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي ،سنشرع في الحديث
عن الرقابة التي قررها ق.م.ج له.
هذا وقد كرس ق.م.ج المغربي الحقوق المستقر عليها في جميع األنظمة الجنائية
المقارنة المعاصرة واالتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان.
-فما هي أهم وأبرز الضمانات المخولة للمتهم أثناء تنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي؟
- 180الموقع الرسمي للمندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج المشار إليه سابقا.
- 181سعيد بوطويل ،م.س ،ص .320
- 182أنظر رد المحكمة االبتدائية الزجرية بالدار البيضاء عن الدفوع الشكلية في قضية كريم الزاز ومن معه ،موضوع
الملف الجنحي عدد 2014/7753والملفين المضمونين عدد 14/7019و .2014/9264الحكم الصادر بتاريخ -04-13
،2015غير منشور.
78
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
إن قواعد معاملة السجناء بدأت عندما عقدت هيئة األمم المتحدة مؤتمرا لها بجنيف
سنة 1955بشأن مكافحة الجريمة ومعاملة المجرمين ،وتبع ذلك مصادقة المجلس
االقتصادي واالجتماعي لهيئة األمم المتحدة عليها سنة .)183(1957
وقد اهتمت هذه االتفاقية بالمعتقلين احتياطيا وأشارت إلى عدة حقوق للمعتقل من
بينها:
79
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ويمكن أن يكون هذا الحق محل منع من طرف قاضي التحقيق باستثناء اإلتصال
بالمحامي(.)186
✓ إقامة المحبوس احتياطيا في حجرة بمفرده جيدة التهوية ،زد على ذلك أن
المشرع حدد في الفقرة الثانية من م 608من ق.م.ج قد حدد مكان تنفيذ اإلعتقال
اإلحتياطي ،حيث ال يمكن أن يتم اإلعتقال إال بمؤسسات سجنية تابعة لوزارة
العدل،
✓ وبخصوص مدة العقوبة يتم احتسابها من يوم إيداع الشخص رهن اإلعتقال
(ف 30من القانون الجنائي) ،ولذا كان قد وضع تحت الحراسة النظرية فإن
هذه الفترة تحتسب أيضا وهو ما أكدته م 613من قانون المسطرة الجنائية.
هذه الضمانات وغيرها التي أقرها المشرع للمعتقلين احتياطيا وفي ظل العشوائية
في إصدار األوامر باإلعتقال اإلحتياطي وتنفيذها ،تظل مجرد حبر على ورق ،الشيء
الذي تطلب فرض نوع من الرقابة على تنفيذ عمليات اإلعتقال اإلحتياطي.
مما الشك فيه أن أية ضمانات كيفما كانت قيمتها ومضمونها فإنها لن تحقق الغاية
من وراء سنها ما لم تكن هناك مراقبة لمدى تفعيلها ،والمعتقل احتياطيا ولعدم انتهاء
- 186تنص المادة 136من ق.م.ج " يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بمنع اتصال المتهم بالغير لمدة عشرة أيام قابلة
للتجديد مرة واحدة فقط.
وال يسري المنع من االتصال على محامي المتهم في جميع األحوال.
- 187شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثالث ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،سلسلة الشروح
والدالئل ،العدد ،8السنة ،2007ص .15
80
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
إجراءات محاكمته أو التحقيق معه فإنه يكون في عهدة قاضي التحقيق أو النيابة العامة أو
المحكمة.
وبالتالي ال ينبغي التقصير في اإلشراف عليه ومراقبة اإلعتقال الذي يخضع له
على مستوى المؤسسة السجنية ما دام أن هذه السلطة القضائية هي من أمرت بهذا
اإلعتقال.
ومراقبة السلطة القضائية إنما يشكل رقابة إضافية للرقابة اإلدارية التي توليها
إدارة السجن اعتبارا لكونها المتعامل المباشر مع المعتقل احتياطيا على مستوى مكان تنفيذ
اإلعتقال وهو المؤسسة السجنية(.)188
هكذا فإن المشرع أوجد نوعين من الرقابة ،رقابة قضائية( ،)1وأخرى إدارية(.)189
-1النيابة العامة:
إضافة إلى ما جاء بالمادة 616ق.م.ج التي تخول لوكيل الملك أو أحد نوابه القيام
بتفقد السجناء من أجل التأكد من صحة اإلعتقال ومن حسن مسك سجالته ،فإن للنيابة
العامة كذلك صالحيات زيارة المؤسسات السجنية ومراقبتها( )190باعتبارها الساهرة على
تنفيذ المقررات وتتبع تنفيذ الصادرة منها باإلدانة.
- 188د .سعيد بوطويل " اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي ،ص .335
- 189شرح ق.م.ج ،وزارة العدل الجزء الثالث ،ص .18
- 190المادة 6من المرسوم رقم 2.00.485والمواد 37و 597ق.م.ج.
81
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
فقد احدث المشرع مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة كآلية مدعمة لدور النيابة العامة،
وباإلضافة إلى مراقبة مدى تطبيق القانون المتعلق بتسيير المؤسسات السجنية أسندت له
المهام التالية:
-إمكانية مسك بطاقات خاصة بالسجناء الذين يتتبع وضعيتهم تتضمن بيانات حول
هويتهم ورقم اعتقالهم والمقررات القضائية والتأديبية الصادرة في شأنهم ومالحظاته.
وتجب اإلشارة إلى أن إنشاء مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة يشكل توجها جديدا
يرمي إلى إشراك السلطة القضائية في تتبع تنفيذ العقوبة إلى جانب الجهات األخرى
المعهود لها بالتنفيذ والمراقبة تعزيزا لدور هذه الجهات.
كما أن منح قاضي تطبيق العقوبة حق االقتراح للعفو واإلفراج المقيد ال يشكل
تداخال بين اختصاصاته واختصاصات مديري المؤسسات السجنية أو الجهات التي يحق
لها اقتراح هذين التدبيرين بل إطار للتعاون والتنسيق يجب تفعيله لما فيه مصلحة
السجناء(.)192
- 191د .سعيد بوطويل " اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي ،ص .336
- 192شرح ق.م.ج ،وزارة العدل الجزء الثالث ،ص .19
82
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-3قاضي التحقيق:
يعمل قاضي التحقيق وفقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية على تفقد المعتقلين
اإلحتياطيين مرة كل شهر على األقل( )193ليتسنى له تتبع وضعيتهم الجنائية وخاصة
المتعلقة بمدة اإلعتقال ،ولكي يتتبع التدابير الكفيلة بتسهيل إعادة اإلدماج التي يقوم بإجراء
بحث حولها طبقا للمادة 87من ق.م.ج ،ولتتبع الحاالت التي يكون قد أصدر بشأنها أمرا
بمنع اإلتصال بالغير طبقا للمادة 136من نفس القانون(.)194
ونظرا لكون اإلعتقال اإلحتياطي تدبيرا استثنائيا ،فإن هذه الزيارات تكون مناسبة
للقاضي لتقدير مدى جدوى استمراره ،إذ أنه سيقف بعين المكان على ظروف اإلعتقال
وإكراهاته مما سيمكنه من إعطاء تقدير دقيق لحالة االستثناء.
كما له أن يطلب من قاضي التحقيق جميع البيانات الالزمة ،وإذا ظهر له أن
اإلعتقال ال مبرر له يوجه لهذا األخير التوصيات لتي يراها ضرورية.
-5قاضي األحداث:
نظرا لخصوصية األحداث المتمثلة في صغر سنهم واحتياجهم إلى رعاية ومعاملة
متميزتين ألجل إعادة تربيتهم وتأهيلهم ،فقد نص المشرع على عدة قواعد سواء في قانون
المسطرة الجنائية أو القانون المنظم للسجون تراعي هذه الخصوصية ،وأوكل لقاضي
83
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
األحداث طبقا م 473ق.م.ج صالحية تفقد المعتقلين منهم ،للسهر على ضمان تمتعهم
بالحقوق التي يخولها لهم القانون ،ويقوم بذلك مرة في الشهر على األقل.
وبالتالي فقد أوكل المشرع لمدير المؤسسة السجنية مراقبة شكليات اإلعتقال من
خالل التأكد من كون سند اإلعتقال مستوف للشروط الشكلية المنصوص عليها في قانون
المسطرة الجنائية ،والتأكد من تطبيق قانون 23.98السيما فيما يخص المعتقلين
احتياطيا(.)197
وإلى جانب مدير المؤسسة السجنية فقد أناط المشرع للجنة اإلقليمية المنصوص
عليها في م 620ق.م.ج( )198بمجموعة من االختصاصات ( ،)2وقبل ذلك تتكون هذه
اللجنة من هيأت مختلفة لممارسة تلك الصالحيات(.)1
-1تكوين اللجنة:
تتكون لجنة المراقبة من(:)199
84
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-رئيس المحكمة ا البتدائية التي يوجد بها السجن ووكيل الملك لديها؛
-رئيس مجلس الجهة ورئيس مجلس الجماعة اللتين توجد بهما المؤسسة السجنية؛
ولم يبين القانون كيفية اختيار األعضاء المتطوعين ،ولكن جرى العمل على
اقتراحهم من طرف رئيس اللجنة باعتبار اهتمامهم بالعمل اإلنساني والخيري ومن بين
أعضاء الجمعيات الحقوقية.
طبقا للمادة 125من القانون رقم ،23.98فإنه يجب أن تتوفر كل مؤسسة سجنية
على مصحة تجهز تبعا ألهمية المؤسسة على أن ال يقل ما بها من تجهيزات عما هو
موجود بمستوصفات القطاع العام ،للتمكن من تقديم العالجات واإلسعافات المناسبة
للمرض ،ومن تخصيص نظام مال ئم لحاجيات المعاقين والمصابين بأمراض مزمنة ،ومن
عزل المصابين بأمراض معدية ،وتهيأ محالت إلجراء الفحوص وغيرها للصيدليات.
85
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وذلك نظرا للدور المتطور للسجون التي صبحت إلى كونها مؤسسة لتنفيذ العقوبة،
فضاء لإلصالح والتربية والتأهيل قصد تسهيل عملية إدماج المعتقل بمد اإلفراج عنه.
وفي نهاية المطاف غاية المشرع من وراء فرض هذه الرقابة التي تعد الرقابة
المباشرة لتنفيذ اإلعتقال اإلحتياطي ،السيما تلك التي يقوم بها مدير المؤسسة باعتباره
المحتك المباشر بالمعتقل ،هو تكريس الضمانات الممنوحة للمعتقل احتياطيا والتي سبق
اإل شارة إليها ،حتى ال يعاقب مرتين األولى بتقييد حريته والثانية بالمس بضمانات تنفيذه
لإلعتقال(.)200
- 200د .سعيد بوطويل " اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي ،ص .338
86
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
بما أن اإلعتقال اإلحتياطي ،هو عبارة عن تدبير استثنائي مؤقت بطبيعته استلزمته
فقط ضرورة حسن سير تحقيق وضمان فعاليته ،وعموما مصلحته (أي التحقيق) ،فإن هذه
الخاصية تسمح بوضع حد له في أي وقت إذا هي ارتفعت ،أو تغيرت أسباب (العلة) التي
استدعت اتخاذه في حق المتهم ،وذلك عن طريق "اإلفراج المؤقت" الذي سمح القانون
باللجوء إليه في جميع الجرائم التي تخضع للتحقيق اإلعدادي ،وفي جميع المراحل التي
تكون عليها الدعوى وبالنسبة لجميع المتهمين.
وبتأملنا هذا للنصوص العائدة لموضوع يتبين بأن اإلفراج المؤقت في القانون
المغربي إما وجوبي "بقوة القانون" (فقرة أولى) وإما جوازي (فقرة ثانية).
- 201أحمد الخمليشي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،مرجع سابق ،ص .387
- 202عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية الجزء الثاني ،ص .387
87
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
المسطرة الجنائية (العائدة للجنح) والمادة 177من قانون المسطرة الجنائية (العائدة
للجنايات).
بأن على قاضي التحقيق حينئذ إطالق سراح المعتقلين احتياطيا وجوبا (بقوة
القانون) ويتابع التحقيق معهم وفي حالة سراح( )203وبالرجوع إلى المادة 147من ق.م.ج
فإنه يتعين على قاضي أو موظف أمر بإلقاء المتهم في السجن أو سمح بإبقائه فيه يتعرض
للعقوبات المقررة للزجر عن اإلعتقال اإلحتياطي التعسفي بعد انصرام فترته
القانونية(.)204
وبالتالي فإن انصرام أمد اإلعتقال اإلحتياطي بتمديداته إذا لم يتخذ قاضي التحقيق
أمرا بانتهاء التحقيق سواء بالمتابعة واإلحالة أو بعدم المتابعة ،فإن عليه أن يقوم بإصدار
أمره باإلفراج عن المتهم ،وتبقى إجراءات التحقيق سارية في حالة سراح.
- 203عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية الجزء الثاني ،ص .103
- 204الدكتور محمد أحداف ،شرح المسطرة الجنائية ،مرجع سابق ،ص .323
- 205عبد الواحد العلمي ،مرجع سابق ،ص .104-103
88
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
الطلب ،وذلك بعد أن تتقدم لها النيابة العامة بملتمسات كتابية معللة ،وإال فيقع مباشرة
اإلفراج المؤقت عن المتهم ما لم يكن هناك إجراء إضافي للتحقيق(.)206
كما يقع اإلفراج المؤقت عن المتهم مباشرة في الحالة التي يرفع المتهم أو محاميه
طلب اإلفراج المؤقت إلى الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف بعد أن أحجم قاضي التحقيق
عن البت فيه داخل أجل خمس أيام ،فهنا على الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف أن تبت
في الطلب في هذه الحالة داخل أجل 15يوم وإال فيقع مباشرة اإلفراج المؤقت عن المتهم
ما لم يكن هناك إجراء إضافي للتحقيق ،وهو ما نصت عليه المادة 179من ق.م.ج.
وإصدار أمر بعدم المتابعة من قبل قاضي التحقيق ،يتم في حالة ما تبين له أن
األفعال ال تخضع للقانون الجنائي أو لم تعد خاضعة له أو أنه ليست هناك أدلة كافية ضد
المتهم أو أن الفاعل ظل مجهوال.
وانطالقا مما سبق تكون حاالت اإلفراج المؤقت الوجوبي على المتهم تتعلق بـ:
• عدم إصدار قاضي التحقيق أمرا بانتهاء التحقيق خالل مدة اإلعتقال اإلحتياطي
بتمديداتها.
• عدم بت الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف في طلب اإلفراج داخل أجل خمسة
عشر يوما ،بعد أن رفع إليها من المتهم أو محاميه نتيجة مرور أجل خمسة أيام
دون بث قاضي التحقيق فيه.
89
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
• ونرى أنها حاالت واضحة لإلفراج الوجوبي ذلك أن المشرع قد نظمها وسن
أحكامها بمقتضى القانون ،ولم يترك تقديرها للسلطة القضائية وفقا لكل تأويل
أو تفسير ال ينسجم واستثنائية اإلعتقال.
وفي الحاالت التي ال تتقدم فيها النيابة العامة بملتمساتها ،أو قدمت هذه
الملتمسات ولكن لم يتم تعليلها ،فإن الغرفة الجنحية في حالة توفر إحدى الحالتين تأمر
باإلفراج الفوري عن المتهم ما لم يكن هناك إجراء إضافي للتحقيق(.)207
هذا وعمال بالنصوص المخصصة للموضوع ،فإنه يمكن أن تتخذ مبادرة تمتيع
بالسراح المؤقت عن المتهم من قاضي التحقيق تلقائيا وبعد استشارة النيابة العامة ،بشرط
أن يلتزم المتهم (المفرج عنه) بالحضور لجميع إجراءات الدعوى كلما دعى لذلك بإخبار
قاضي التحقيق بجميع تنقالته أو باإلقامة في مكان معين(.)209
كما يمكن لقاضي التحقيق أن يضمن قرار اإلفراج المؤقت إجراءات يهدف من
خاللها إلى ضمان حضور المتهم أمامه ،ويسند مهمة ضمان التزام المتهم بالحضور
بالمؤسسات العمومية أو الخاصة.
- 207الدكتور محمد عبد النباوي الوكيل العام للملك لدى محكمة انقض ،اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث
التمهيدي والقضائي ،المبررات والضمانات ،دار اآلفاق المغربي للنشر والتوزيع ،مرجع سابق ،ص .287
- 208فؤاد بنيخلف ،مرجع سابق ،ص .151
- 209عبد الواحد العلمي ،مرجع سابق ،ص .104
90
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وعالوة على كل ما سبق ،يمكن أن يكون اإلفراج المؤقت مرفوقا بالوضع تحت
المراقبة القضائية وفقا للشكليات المقررة من المواد من 160إلى 174من ق.م.ج (المادة
1/178ق.م.ج)
كما أن المبادرة بالتمتيع بالسراح أو اإلفراج المؤقت ،قد تكون بالتماس من النيابة
العامة "للوكيل العام للملك أو وكيل الملك بحسب األحوال" وذلك في كل وقت وحين ،حيث
يتعين على قاضي التحقيق في هذه الحالة البث في هذا اإللتماس خالل أجل 5أيام من
تاريخ تقديم هذه الملتمسات (المادة 2/172ق.م.ج).
فقد نصت المادة 178من ق.م.ج على أنه يجوز لقاضي التحقيق في جميع القضايا
بعد استشارة النيابة العامة أن يأمر باإلفراج المؤقت تلقائيا إذا كان اإلفراج غير مقرر
بموجب القانون ،بشرط أن يلتزم المتهم بالحضور لجميع إجراءات الدعوى كلما دعي
لذلك ،وبأن يخبر قاضي التحقيق بجميع تنقالته أو باإلقامة في مكان معين ،كما يمكن ربط
- 210مستجدات قانون المسطرة الجنائية ،ندوات محاكم فاس ،العدد الثاني ،ص .84
- 211الدكتور محمد أحداف ،نفس المرجع السابق ،ص .433
91
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
اإلفراج المؤقت بإدالء المعني باألمر بشهادة من مؤسسة عمومية أو خاصة للصحة أو
التعليم تؤكد تكفلها بالمتهم أثناء مدة هذا اإلفراج.
ويمكن كذلك أن يتوقف هذا اإلفراج على وجوب االلتزام بتقديم ضمانة مالية أو
ضمانة شخصية( )212أو أن يكون مرفوقا بالوضع تحت المراقبة القضائية.
فالمقتضيات أعاله تنظم اإلفراج المؤقت التلقائي من قبل قاضي التحقيق من دون
توصله بطلب من المتهم أو محاميه والذي يقضي به بعد استشارة النيابة العامة هذه
األخيرة قد مكنها المشرع كذلك من أن تلتمس في كل وقت وحين اإلفراج المؤقت ،وعلى
قاضي التحقيق أن يبث في ملتمسها داخل أجل خمسة أيام من تاريخ تقديم الملتمس ،وهذا
اإلجراء يكشف الدور الحقيقي لممثل النيابة العامة.
وما يزكي ذلك هو أنه مكنها من طلب إطالق سراح المتهم الذي تم اعتقاله مسبقا
بناء على ملتمس منها ،وإذا لم يبت قاضي التحقيق في ملتمسها داخل خمسة أيام فإن لها أن
ترفع الطلب إلى الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف وفق الشروط واآلجال المنصوص
عليها في المادة 179من ق.م.ج.
ونرى أن المشرع المغربي ملزم بتبني هذا اإلجراء بأن يتم إطالق سراح المتهم
فورا وبقوة القانون بمرور أجل 5أيام عن تقديم طلب اإلفراج من النيابة العامة وإحجام
قاضي التحقيق عن البث فيه وذلك من دون حاجة إلى رفعه أمام الغرفة الجنحية ،فاألصل
هو أن النيابة العامة هي ممارسة ومراقبة الدعوى العمومية وهي عين المجتمع والدولة،
- 212والكفالة الشخصية كانت سابقا عبارة عن تعهد من شيوخ القبائل وأصحاب الرئاسة اآلمرة بإحضار المتهم عند
طلبه دون أن يكون هناك التزام قانوني مفروض عليهم إذ لم يعدم في حالة ما امتنع المتهم عن الحضور فإنه سيعيش
خارج ذلك لمكان الذي ينتمي إليه ألنه سيكون منبوذا من قبل جماعته.
92
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
فإن كانت قد التمست إطالق سراح المتهم فإن ذلك الشك بسبب زوال االضطراب
االجتماعي الذي أحدثته الجريمة.
فضال على اإلفراج المؤقت التلقائي بمبادرة قاضي التحقيق أو بملتمس من النيابة
العامة ،فإن المتهم له في كل وقت طبقا للمادة 179من ق.م.ج أن يقدم طلب اإلفراج
المؤقت إلى قاضي التحقيق.
ويجب على قاضي التحقيق خالل 24ساعة من وقت وضع الطلب أن يوجه الملف
إلى النيابة العامة لتقديم ملتمساتها وأن يشعر بذلك الطرف المدني خالل نفس األجل برسالة
مضمونة ليمكنه من اإلدالء بمالحظاته.
وعليه البت في الطلب داخل أجل 5أيام وإال للمتهم رفع طلبه إلى الغرفة الجنحية
بمحكمة اإلستئناف التي تبت فيه داخل أجل 15يوما بعد تقديم النيابة العامة لملتمساتها
الكتابية المعللة ،وإال فيقع مباشرة اإلفراج عن المتهم.
والمالحظ أن إشعار الطرف المدني بوضع طلب السراح وانتظار مالحظاته في
هذا اإلطار تشكل مقتضى زائدا وعقيما مادام أنه ال يمكنه أن يستأنف بأي حال من
األحوال أمرا قضائيا باعتقال لمتهم أو اإلفراج عنه بحسب مقتضيات م 224من ق.م.ج.
وليس المشرع المغربي فقط استوجب لإلفراج المؤقت الجوازي شرطي التزام
المتهم بالحضور لجميع إجراءات الدعوى وأن يخبر قاضي التحقيق بجميع تنقالته أو
باإلقامة في مكان معين ،بل أن هناك تشريعات مقارنة استوجبت ذلك ومنها المشرع
المصري.
أما المشرع المغربي فقد اشترط فقط كأصل الشرطين المذكورين سابقا إال أنه مع
ذلك مكن قاضي التحقيق من أن يقرن اإلفراج بالوضع تحت تدابير المراقبة القضائية أو
تقديم ضمانة م الية أو شخصية ،وهنا البد من التوضيح أن اقتراح اإلفراج المؤقت
بالمراقبة القضائية.
93
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
فاإلفراج المؤقت الجوازي رهين بسلطة قاضي التحقيق ويرتبط بمصلحة التحقيق
كما ال يرتبط حق المتهم في طلب اإلفراج بموعد معين ،وإذا رفض طلبه مرة جاز له أن
يقدم الطلب مرة ثانية وثالثة.
والشك أن إقرار المشرع لهذا األمر القصير إنما أراد به مصلحة المتهم المعتقل
وعدم اإلبقاء عليه لفترة طويلة وراء القضبان السيما أن أجل اإلستئناف المخول للنيابة
العامة يوقف تنفيذ اإلفراج بحيث يظل معتقال ،وهو مقتضى يحسب للمشرع في تكريس
ضمانات قوية للمتهم ،وكذا تجسيد مبدأ أن الحرية هي األصل(.)213
وباستئناف أمر قاضي التحقيق باإلفراج أو برفضه فإن الغرفة الجنحية بمحكمة
اإلستئنا ف تبقى مختصة للبث في اإلستئناف والتي مكنها المشرع طبقا للمادة 321من
قانون المسطرة الجنائية ،من النظر في طلبات اإلفراج المؤقت المقدمة إليها مباشرة تطبيقا
لمقتضيات الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 179من قانون المسطرة الجنائية ،وفي
اإلستئناف المرفوعة ضد أوامر قاضي التحقيق طبقا للمادة 222من ق.م.ج ،وطبعا منها
أوامر اإلفراج المؤقت ورفضه.
والغرفة الجنحية بوضع يدها على ملف القضية فإنها تدرس وسائل اإلثبات القائمة
سواء ضد أو لفائدة المتهم ووقائع القضية ،فتقرر إما تأييد أمر قاضي التحقيق أو إلغائه.
وقد جاء في قرار للغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف بالدار البيضاء بتاريخ -14
2010-07أنه "بعد دراسة القضية واإلطالع على أوراق الملف تبين لها أن المتهم نفى ما
نسب إليه ،وفي غياب وسائل اإلثبات القانونية وأمام تنازل زوجته بخصوص تهمة الخيانة
- 213الدكتور سعيد بوطويل نائب وكيل الملك ،اإلعتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي –المبررات
والضمانات من تقديم الدكتور محمد عبد النباوي الوكيل العام للملك لدى محكمة انقض ،م.س ،ص .292
94
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
الزوجية ،لهذه االعتبارات يبقى األمر الصادر عن السيد قاضي التحقيق جاء معلال تعليال
سليما ،وتعيين تأييده"(.)214
وفي قرار آخر بتاريخ 2010-07-07في الملف عدد 225ن 10/ذهبت إلى إلغاء
أمر قاضي التحقيق برفض اإلفراج المؤقت عن المتهم وجاء في حيثياته "أنه بعد إطالع
الغرفة الجنحية على أوراق الملف تبين لها أن المتهم يتوفر على ضمانات الحضور
ولتنازل الضحية تقرر معه إلغاء األمر المستأنف والحكم تصديا بمنحه السراح المؤقت ما
لم يكن معتقال لسبب آخر".
كما ال يرتبط اإلفراج بجريمة معينة ،فهو جائز في جميع الجرائم ،وفي أية مرحلة
بلغها التحقيق ،وال يخضع طلب اإلفراج لشكل معين ،فقد يقدم كتابة أو يبدي شفاهة ،كما ال
يشترط أن يشمل الطلب على أسباب معينة.
وينبغي التذكير أن إفراج قاضي التحقيق على المتهم وفي حالة عدم اقترانه
بالوضع تحت المراقبة القضائية ،قد يجعله يقرر طبقا للمادة 182من ق.م.ج ،إغالق
الحدود في حقه وسحب جواز سفره أو تعيين محل إقامة يحظر عليه االبتعاد عنه.
وإذا كان المتهم المفرج عنه أجنبيا ،فإنه على قاضي التحقيق لزوما سحب جواز
سفره وإغالق الحدود في وجهه في حالة تعيين محل لإلقامة اإلجبارية ،وتبلغ المصالح
األمنية المعنية بهذه التدابير قصد السهر على تنفيذها وهي غير قابلة للطعن بالنقض.
وإذا كان لقاضي التحقيق اإلفراج مؤقتا عن المتهم ،فإن له كذلك رفض طلب
اإلفراج واإلبقاء على المتهم في حالة سراح.
ففي الحالة األولى يكون بإمكان النيابة العامة استئناف األمر القاضي باإلفراج
المؤقت ،وفي الحالة الثانية يكون من حق المتهم أو محاميه استئناف األمر الصادر برفض
طلب السراح المؤقت.
-القرار قضى بتأييد قرار قاضي التحقيق باإلفراج عن المتهم ،القرار مشار إليه لدى عادل المطمري ،م.س ،ص 214
.36
95
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
فقد نصت المادة 222من قانون المسطرة الجنائية على أنه يحق للنيابة العامة أن
تستأنف األمر القضائي باإلفراج المؤقت ،وفي الحالة الثانية يكون من حق المتهم أو
محاميه استئناف األمر الصادر برفض طلب السراح المؤقت.
فقد نصت المادة 222من ق.م.ج على أنه يحق للنيابة العامة أن تستأنف لدى
الغرفة الجنحية كل أمر قضائي يصدره قاضي التحقيق...في اليوم الموالي إلشعارها
بصدور األمر ،ويبقى المتهم معتقال في حالة صدور أمر باإلفراج المؤقت إلى حين
انصرام أجل اإلستئناف المنصوص عليه ما لم توافق النيابة العامة على اإلفراج عنه حاال،
ويبقى كذلك معتقال إلى أن يبث في هذا اإلستئناف.
كما مكنت المادة 223من قانون المسطرة الجنائية المتهم من استئناف األمر
برفض اإلفراج المؤقت عنه ،وذلك لدى الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف وذلك داخل
أجل 3أيام الموالية ليوم تبليغه األمر المراد استئنافه.
والمالحظ أن المشرع المغربي كان قاسيا مع النيابة العامة عندما نص على أجل
جد قصير الستئناف األمر باإلفراج المؤقت ،بأن جعله يمتد إلى اليوم الموالي لصدور
األمر ،والحال أن األجل ال يتناسب وعمل النيابات العامة التي تضطر إلى تصريف أعمال
كثيرة وملفات تحقيق متراكمة ،باإلضافة إلى ما يجسد على أرض الواقع أن العديد من
الملفات يتم المخابرة بشأنها مع المسؤول القضائي لتحديد القرار المناسب سواء باستئنافها
أم ال.
وتنبغي اإلشارة إلى أن األمر باإلفراج المؤقت يعد أمرا مؤقتا ال نهائيا ،وبالتالي
مكن المشرع من التراجع عن هذا اإلفراج ،وبالتالي األمر من جديد باعتقال المتهم ،فقد
جاء في المادة 183من ق.م.ج:
"...إذا استدعي المتهم للحضور بعد تمتيعه باإلفراج المؤقت ولم يحضر ،أو إذا
طرأت ظروف جديدة وخطيرة تجعل اعتقاله ضروريا ،يمكن لقاضي التحقيق أو لهيئة
96
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
الحكم المعروضة عليها القضية ،أن تصدر أمرا قضائيا في شأنه قبل الحكم أو بمقتضى
الحكم الصادر في الجوهر.
إذا منحت الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف اإلفراج المؤقت بناء على استئناف
أمر صادر عن قاضي التحقيق ،فال يمكن لقاضي التحقيق إصدار أمر جديد باإلعتقال إال
إذا سحبت هذه الغرفة تمتيع المتهم بمقررها بناء على ملتمسات كتابية للنيابة العامة.
ونفس المقتضى نص عليه المشرع التونسي الذي مكن قاضي التحقيق من
إعادة إيداع المتهم إذا دعت الحاجة إلى ذلك بسبب عدم حضوره بعد استدعائه ،كما يجب
ذلك سبب ظهور ظروف جديدة وخطيرة(.)215
كما نصت المادة 150من قانون اإلجراءات الجنائية المصري على أن "األمر
الصادر باإلفراج ال يمنع قاضي التحقيق من إصدار أمر جديد بالقبض على المتهم أو
بحبسه إذا قوت األدلة ضده أو أخل بالشروط المفروضة عليه أو حدثت ظروف تستدعي
ذا اإلجراء".
فالواضح أن علة إجازة اإلعتقال اإلحتياطي من جديد بعد سبق صدور أمر
باإلفراج المؤقت هي الطابع التقديري لكل من اإلعتقال واإلفراج ،فاعتبارات المالءمة هي
التي أدت إلى صدور قرار باإلعتقال اإلحتياطي وزوال أسباب اإلعتقال أدت إلى صدور
قرار باإلفراج المؤقت ،فإذا عادت اعتبارات اإلعتقال اإلحتياطي مرة أخرى جاز إعادة
اإلعتقال اإلحتياطي(.)216
وإذا أعيد حبس المتهم احتياطيا فال مانع من أن يفرج عنه ثانية تلقائيا ،أو بناء
على طلب وسند ذلك الطابع التقديري لإلفراج(.)217
- 215راجع المادة 88من مجلة اإلجراءات الجزائية التونسية ،مصطفى صغيري ،م.س ،ص .93
- 216محمد عبد اللطيف فرج ،م.س ،ص .221
- 217محمد عبد اللطيف فرج ،م.س ،ص .223
97
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
والبد إلعادة اعتقال المتهم من سماع أقواله وأخذ رأي النيابة العامة وكذا تسبيب
هذا األمر وبيان األسباب لتي دعت إلى عادة إصداره تأسيسا على أنه ال صح األمر بإعادة
اعتقال المتهم إال إذا تحققت إحدى حاالته(.)218
والحالة األخيرة المتمثلة في ظهور ظروف جديدة وخطيرة توجب اعتقال المتهم
تعتبر صيغة عامة وفضفاضة أتى بها المشرع ومن شأنها الغلو في إعادة اعتقال المتهم،
وتندرج ضمن هذه الحالة أنه إذا أفرج عن المتهم المنسوب إليه الضرب والجرح
الخطيرين ،وبعد اإلفراج عنه حصل أن توفي الضحية أو ظهر أنه قد أصيب بعاهة
مستديمة ،فهنا يتعين إعادة اعتقاله.
والبد التذكير أنه ال يمكن إعادة اعتقال المتهم من جديد في الحالة التي تم اإلفراج
فيها عنه بشكل وجوبي النتهاء مدة اإلعتقال بتمديداتها ،إال إذا تقرر إصدار أمر باإلحالة
على المحكمة المختصة ،فهنا يتم اعتقال المتهم وتصبح وضعيته الجنائية بيد المحكمة.
أما إذا كانت مدة اإلعتقال لم تستنفذ فإن اعتقال المتهم من جديد يضاف إلى مدة
اإلعتقال السابقة ،وينظر إلى مجموع المدة التي ينبغي أن تستوفي فقط المدة المنصوص
عليها قانونا بتمديداتها.
ونشير إلى أن المشرع المغربي لم يوضح هذه المسألة وما إذا تعين احتساب المدة
السابقة لإلعتقال أم أن األمر يقتضي احتساب مدة اإلعتقال من جديد.
98
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
إال أن من الفقه من ذهب إلى أن األمر بإعادة اإلعتقال هو أمر جديد مستقل عن
األمر األول من كل الوجوه ،ومنها عنصر المدة باعتبار أنه صدر في ظروف جديدة غير
تلك أوجبت األول ،وبناء على حق مخول بموجب نص آخر(.)219
ونرى أن هذا االتجاه يبقى محل نظر ألنه ال يحمي الحرية الفردية كأساس بل فإنه
يقضي بالخروج عن مدة اإلعتقال اإلحتياطي المنصوص عليها بشكل واضح بمقتضى
نص تشريعي.
وبالتالي في نظرنا يبقى إعادة اإلعتقال من جديد مستندا لمدة اإلعتقال األولي ،ذلك
أن اإلفراج كان مؤقتا ،فإذا ما ألغي أثره وعاد األمر إلى ما كان عليه قبل اإلفراج ،فستمر
المدة في السريان متى تبلغ حدها األقصى ،ولعل ما يزكي هذا الطرح هو أن ملف القضية
واحد ،وال يمكن عقال وال منطقا أمام استثنائية اإلعتقال اإلحتياطي اإلبقاء على اعتقال
المتهم لمدد مضاعفة على ما نص عليه المشرع.
ونود التأكيد على أن الخالف في هذه المسألة مطروح ،ولكل طرح مبرراته،
ولذلك يبقى على المشرع التدخل بنص واضح لتحديد موقفه الذي غالبا سيحمي مبدأ أن
الحرية هي األصل وأن اإلعتقال استثناء.
99
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
شخصية باإلضافة إلى باقي االلتزامات الواردة في المادة 178من قانون المسطرة
الجنائية(.)220
وال يخضع طلب المتهم اإلفراج المؤقت عنه ألية شكليات ،حيث يتم كتابيا أو
شفويا ،كما يمكن أن يتم طلب باإلفراج المؤقت في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو
مباشرة .يعد اتخاذ األمر باإلعتقال اإلحتياطي من طرف قاضي التحقيق(.)221
فضال على اإلفراج المؤقت التلقائي بمبادرة من قاضي التحقيق أو بملتمس من
النيابة العامة ،فإن المتهم له في كل وقت طبقا للمادة 179من ق.م.ج أن يقدم طلب
اإلفراج المؤقت إلى قاضي التحقيق.
ويجب على قاضي التحقيق خالل 24ساعة من وقت وضع الطلب أن يوجه الملف
إلى النيابة العامة لتقديم ملتمسات وأن يشعر بذلك الطرف المدني خالل نفس األجل برسالة
مضمونة يمكنه من اإلدالء بمالحظاته(.)222
يبث قاضي التحقيق في ملتمس النيابة العامة داخل آجال خمسة أيام من تاريخ
تقديم هذا الملتمس.
100
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وفي األخير تجدر اإلشارة أنه إذا كان المتهم المفرج عنه أجنبيا فإن الجهة
القضائية التي متعته بالصراح المؤقت هي التي تحدد محل إقامته ،حيث يمنع عليه االبتعاد
بدون رخصة تحت طائلة عقوبة سالبة تتراوح بين ثالثة أشهر وسنتين حبسا وغرامة مالية
من 1200إلى 12000درهم إضافة لسحب جواز سفره منه وحجزه لزوما(.)224
إن اإلعتقال اإلحتياطي يعد من أهم إجراءات التحقيق وأخطرها ،الذي يمكن أن
تمس بحرية المتهم سواء أثناء القيام بهذه اإلجراءات أو أثناء المحاكمة.
وبناء عليه يجب على قاضي التحقيق أن يتخذه كآخر تدبير يتم اللجوء إليه احتراما
لقرينة البراءة ،التي تستدعي منح المعتقل احتياطيا حقوقا محددة كإمكانية اللجوء إلى بدائل
اإلعتقال اإلحتياطي وإمكانية التعويض عن الخطأ القضائي(.)225
101
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
102
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
تفضيل النطق باإلدانة على النطق بالبراءة مستندا في ذلك حتى إلى القرائن البسيطة أو إلى
الشك في حد ذاته(.)231
ويضيف الفقه المعارض أن إجازة التعويض قد تسفر عن نتيجة غير مرضية ألن
دعوى التعويض في حالة الحكم بالبراءة إما أن يفشل رافعها أو ينجح في دعواه ،فإذا حكم
لصالحه تأيد حكم البراءة ،أما إذا ردت دعواه فإن هذا يعني أن براءته في غير محلها أو
محل شك كبير(.)232
103
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وهو ما يجعل اإلعتقال اإلحتياطي في الحقيقة إجراء ماسا بأصل البراءة ألنه يقرر
عقوبات قبل إصدار مقرر نهائي خصوصا متى كان اللجوء إليه بدون حدود أو قيود
مقررة بشكل دقيق ،فيجعل اللجوء إليه بشكل غير مبرر أمرا يوجب التعويض(.)234
ولعل أساس هذه المبررات الموضوعية يستند إلى أن المشرع إن كان قد نص
على اإلعتقال اإلحتياطي ،فإنه كان لزاما عليه أن يضع معايير قانونية ،ويحدد حاالت
حصرية تمكن من اللجوء إلى هذا اإلجراء.
فاالكتفاء على النص كونه إجراء استثنائيا ال تنسجم البتة مع المبررات لمصاغة
من قبله في قانون المسطرة الجنائية ،والتي أتت بصيغ وعبارات فضفاضة ليس من شأنها
أن تكرس فعال الطابع االستثنائي لإلعتقال ،وإنما تجعله هو األصل والحرية هي
االستثناء(.)237
- 234عالل غالي "التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي غير المبرر كآلية لتحقيق العدالة االجتماعية" مجلة القضاء
الجنائي ،مطبعة المعارف الجديدة ،العدد األول سنة ،2015الرباط ،ص .62
- 235محمد الغازي "المعايير الدولية لمناهضة اإلعتقال التعسفي واالختفاء القسري" كتاب قراءات في المادة الجنائية،
الجزء الثاني ،سلسلة المعارف القانونية والقضائية ،منشورات مجلة الحقوق ،مطبعة المعارف الجديدة ،الطبعة األولى
،2014الرباط ،ص .108
- 236عالل غالي "التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي" م.س ،ص .63
- 237سعيد بوطويل ،م.س ،ص .343
104
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وأضافت بخصوص ذلك المادة 9من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية "بأنه ال يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفيا ،وال يجوز حرمان أحد من حريته
إال ألسباب ينص عليها القانون وطبقا لإلجراءات المقررة فيه(.)238
إضافة إلى أن هذا الحق يتصل بالحق في افتراض البراءة الذي يعد من المبادئ
األساسية للحق في المحاكمة العادلة ،والذي نصت عليه المادة 9من اإلعالن العالمي
لحقوق اإلنسان التي جاء فيها "أنه لكل فرد الحق في أن يعتبر بريئا ،وأن يعامل أثناء
المحاكمة باعتباره بريئا إلى أن يصدر الحكم بإدانته وفقا للقانون في سياق محاكمة تتفق
على أقل تقدير من الحد األدنى للشروط األساسية المقررة للعدالة ،ويجب أن يظل افتراض
البراءة قائما ما لم يصدر هذا الحكم(.)239
ومنه إقرار اللجنة األمر يكية الدولية إلى أن الحق في افتراض البراءة المكفول في
المادة 8من االتفاقية األمريكية يقضي بأن أية قيود تفرض على الحرية الشخصية يجب أن
يقتصر على ما تمليه الضرورة القصوى(.)240
105
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
فقد نصت الفقرة الرابعة والخامسة من المادة التاسعة من العهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسية ،والمادة 55من القانون األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على
أنه لكل إنسان تعرض لإلعتقال أو التوقيف غير القانوني الحق في التعويض(.)242
ونصت المادة 40من إعالن األمم المتحدة بالمبادئ المتعلقة بحق الفرد في عدم
القبض عليه أو حبسه احتياطيا بطريقة تحكيمية على أن "من حق المقبوض عليه أو
المحبوس خالفا للقانون في التعويض في مواجهة الدولة بالتضامن مع الموظف العام الذي
صدر منه هذا اإلجراء ،وعلى أن تكفل الدولة سداد هذا التعويض من خزينتها العامة".
كما أكدت مسؤولية الدولة عن أضرار الحبس اإلحتياطي توصيات الحلقة الرابعة
والثالثة للدفاع االجتماعي التي عقدت في دمشق سنة ،1972والمؤتمر الثامن للدفاع
االجتماعي الذي عقد بالرباط سنة ،1977والتي حثت التشريعات العربية على تقرير
التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي إذا صدر حكم بالبراءة ،وكان المتهم قد أصيب من
جراء ذلك بضرر جسيم ،على أن تنظم أحوال التعويض وشروطه ،وأن تكون الدولة
مسؤولة عن هذا التعويض(.)243
إضافة إلى تنصيص المادة 3/16من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان على أنه "لمن
كان ضحية القبض أو اإليقاف بشكل غير قانوني الحق في التعويض"(.)244
أما بالنسبة لدساتير الدول فقد ذهب العديد منها إلى األخذ بمبدأ مسؤولية الدولة
بشأن التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي ،حيث نصت المادة 30من الدستور التركي على
أنه "تعوض الدولة جميع األضرار التي يصاب بها األشخاص الذين يعاملون معاملة
- 242المعتصم باهلل أدهم "التوقيف اإلحتياطي بين النص القانوني والتطبيق" ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى
،2012لبنان ،ص .74
- 243محمد عبد اللطيف فرج "الحبس اإلحتياطي في ضوء المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية" مطابع الشرطة،
الطبعة األولى 2010مصر ،ص .244
- 244كمال محمد عواد "اإلجراءات الجنائية لتقييد حرية المتهم في الفقه اإلسالمي والقانون الجنائي" ،مطبعة دار الفكر
الجامعي ،الطبعة األولى ،2011اإلسكندرية ،ص .392
106
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ولم يكن المشرع المغربي بمنأى عن تكريس هذا الحق ،فقد أوجب الفصل 117
منه على القاضي حماية حقوق األشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق
القانون ،وأوجبت المادة 22منه على أنه " ال يجوز ألحد أن يعامل الغير تحت أي ذريعة،
معاملة قاسية أو ال إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة اإلنسانية" ،وخلص في الفصل 122
منه إلى تقرير هذا الحق بشكل مباشر ،بحيث نص على "حق كل متضرر من خطأ قضائي
الحصول على تعويض تتحمله الدولة"(.)245
107
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
إن كان القانون المدني والمسطرة المدنية يعتبران أم القوانين فإنه بالرجوع إليهما
للتأصيل لهذا النوع من التعويض ،نجد أن المادة 391ق.م.ج التي تتحدث عن حاالت
مخاصمة القضاة وأهمها ارتكاب غش أو تدليس من طرف القاضي أثناء تهيئ القضية أو
الحكم فيها أو من طرف قاضي النيابة العامة أثناء قيامه بمهامه.
ذلك أن هذه المادة تقتصر على حاالت سوء النية في حين أنها ال تتسع لحاالت
األخطاء القضائية غير المقصودة والناتجة عن خطأ في السلطة التقديرية في تأويل
النصوص ،وهو ما يعني أن دعوى التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي الخاطئ ال يتصور
رفعها في مواجهة القضاة ،إال إذا ثبت سوء النية لديهم نتيجة غش أو غدر أو تدليس(.)248
كما طرحت مسألة الرجوع بالتعويض على المشتكي الذي أدت شكايته إلى اعتقال
طالب التعويض إلى أن "محكمة اإلستئناف بفاس سبق أن قررت بأنه ال يمكن للمحكوم
عليه بالبراءة الرجوع على المشتكي بالتعويض عن أيام اإلعتقال اإلحتياطي ،ألن أمر
اإلعتقال يصدر عن جهة مختصة بالنظر في ظروفه وأسبابه وال دخل للمشتكي فيه"(.)249
كما أن اإلستناد إلى الرجوع على المشتكي كأساس للتعويض على اإلعتقال ال
يسعف في الكثير من القضايا التي ال يكون فيها مشتكي كاإلتجار في المخدرات وفي
الخمور وغيرها والتي يكون فيها المتهم في مواجهة الدولة مباشرة ،فكيف يكمن التأسيس
لمساءلة الدولة عن اإلعتقال اإلحتياطي؟(.)250
فقبل دستور 2011كان الوضع على مستوى التشريع والقضاء المغربي هو عدم
مسؤولية الدولة عن أخطاء القضاة كقاعدة عامة ،وهو ما أكدته المحكمة اإلدارية بالدار
- 248عبد الرحيم فكري" ،جزاء اإلخالل بحقوق الدفاع" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية الحقوق
مراكش ،سنة ،2010/2009ص .166
- 249عادل المطمري ،االعتقال االحتياطي بين النص والواقع ،م.س ،ص .67
- 250سعيد بوطويل ،م.س ،ص .353
108
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
البيضاء في الملف عدد 1396/2004عندما ذهبت إلى" :ثبوت أن األمر باإلعتقال صادر
عن قاضي التحقيق بصفته سلطة قضائية ال يرتب مسؤولية الدولة"(.)251
إال أن وبصدور الدستور الجديد الحالي فقد أقر مبدأ مسؤولية الدولة عن أخطاء
القضاء ،بحيث نص في المادة 122منه على أنه" يحق لكل من تضرر من خطأ قضائي
الحصول على تعويض تتحمله الدولة" غير أن هذه المادة بقيت يتيمة هي والعدم سواء بعدم
نص المشرع المغربي على مسطرة خاصة بهذا التعويض وال بشروطه ال معيار تحديده،
فيبقى مطالبا باإلسراع بوضع تأطير تشريعي دقيق لهذه المسألة ألهميتها في جبر خاطر
ضحايا اإلعتقال اإلحتياطي(.)252
ولقد حاول القضاء اإلداري جاهدا اإلستناد إلى هذا الفصل في تقرير التعويض،
بحيث قضت المحكمة اإلدارية بالرباط في حكم لها على ما يلي(" :)253من شروط
التعويض على اإلعتقال اإلحتياطي كصورة من صور الخطأ القضائي أن يكون خاطئا أو
تعسفيا ،ونتج عنه ضرر مادي أو معنوي.
اكتساب قرار اإلعتقال صبغة الخطأ أو التعسف المرتب للمساءلة القانونية يتطلب
إثبات براءة المعتقل احتياطيا من المنسوب إليه بمقتضى حكم قضائي بات ،يثبت بصفة
نهائية وقطعية براءة الشخص المتابع.
صدور حكم بسقوط الدعوى العمومية لتقادمها ال ينفي الصبغة الجرمية عن الفعل
المرتكب بسبب اإلعتقال ،وال يفيد البراءة منه ،وال يعني بالضرورة أن قرار اإلعتقال
اإلحتياطي كان خاطئا ألن قضاة محكمة الموضوع هم الجهة المختصة أساسا للبحث في
مدى صحة الدفع بالتقادم المثار من الشخص المتابع ،وليس قضاة النيابة العامة الذي
- 251عبد هللا درميش" ،دور التشريع الجنائي في توطيد األمن" السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق ،المجلد الثاني،
أشغال المناظرة الوطنية لوزارة العدل أيام 9و 10و 11دجنبر 2004الطبعة األولى ،منشورات جمعية نشر المعلومة
القانونية والقضائية العدد ،2005-04مطبعة فضالة ،المحمدية.
- 252سعيد بوطويل ،م.س ،ص 353و.354
- 253حكم المحكمة اإلدارية بالرباط عدد 188بتاريخ 2013/01/23موضوع تعليق محمد األعرج مشار إليه في موقع
.www.marocdroit.com
109
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
يتمتعون بسلة المالءمة إزاء الدعوى العمومية اعتبارا لظروف كل قضية ومالبستها ،مع
حقهم في تقدير خطورة الفعل الجرمي وردود الفعل المحتملة بشأنه ،سواء من طرف
الضحايا أو ذويهم أو المجتمع ،فال يعدو أن يكون قرار اإلعتقال اإلحتياطي في ضوء ما
ذكر إال استعماال للسلطات المقررة قانونا.
عدم ثبوت تقصير من جانب النيابة العامة في تطبيق القانون...انعدام ركن الخطأ
الالزم النعقاد المسؤولية...رفض الطلب".
ونرى أن الحكم أعاله أتى بقواعد جد مهمة تأسس لشروط منح التعويض عن
اإلعتقال اإلحتياطي ومنها(:)254
* أال يكون إطالق سراح المتهم بسبب سقوط الدعوى العمومية ألحد أسبابها ،وهو
ما عبر عنه الحكم أعاله بالتقادم مثال.
* أما شرط الضرر الناتج عن اإلعتقال اإلحتياطي كشرط مشار إليه بهذا الحكم.
فإننا نرى أن الضرر شرط مفترض قيامه ووجوده ،وال حاجة الشتراط إثباته على
طالب لتعويض ،ذلك أن اإلعتقال وسلب الحرية في حد ذاته ضرر جسيم ،يغني عن البحث
عن وجود ضرر آخر لحق بالشخص ،كفقدان عمله مثال جراء اإلعتقال.
110
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
إال أن هذا التعويض اقتصر على الجانب األدبي إذ نصت المادة 312مكرر من
قانون اإلجراءات الجنائية على إلزام النيابة العامة بنشر كل حكم بات ببراءة من سبق
حبسه احتياطيا وكل أمر صادر بال وجه إلقامة الدعوى الجنائية ،وذلك في جريدتين
يوميتين واسعتي االنتشار على نفقة الحكومة ،ويكون النشر بناء على طلب النيابة العامة
أو المتهم أو الورثة(.)255
كما نص المشرع المصري على التعويض المادي بشكل محتشم من دون توضيح
له ،فجاء في نفس المادة على أن الدولة تتكفل بالتعويض المادي عن اإلعتقال اإلحتياطي
في الحالتين وفقا للقواعد واإلجراءات التي يصدر بها نص خاص ،لم يصدر بعد(.)256
أما بالنسبة للمشرع الفرنسي ،فبعد صدور قانون 8يونيو 1895أضحى لألفراد
الذين يحكم ببراءتهم الحق في الحصول على التعويض عن األضرار ،وكان أساس
التعويض هو األخذ بنظرية المخاطر( ،)257وذلك إذا ما انتهت سلطة التحقيق إلى أنه ال
وجه إلقامة الدعوى ضد المتهم أو قضت المحكمة ببراءته ،بشرط أن يترتب عن ذلك
ضرر جسيم ،ولم يتطلب المشرع الفرنسي حينها خطأ القاضي لتقرير المسؤولية بل اكتفى
بأن يكون الضرر استثنائيا(.)258
111
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
* أن يكون اإلفراج عن المتهم قد تم نتيجة صدور قرار بأن ال وجه إلقامة الدعوى
الجنائية –عدم المتابعة -أو براءة المتهم.
* أن يكون الضرر الذي أصاب المعتقل احتياطيا ضررا استثنائيا بالغ الجسامة،
فالمشرع الفرنسي لم يشترط إثبات الخطأ لتقرير المسؤولية عن اإلعتقال اإلحتياطي بل
اكتفى بأن يكون الضرر استثنائيا حتى ولو لم يرتكب القاضي أي خطأ.
وقد أضافت المادة 149من قانون اإلجراءات الجنائية الفرنسي أنه ال يحق
التعويض في األحوال التالية(:)260
* إذا ما ثبت الحقا ثبوت تقادم الدعوى الجنائية بعد اإلفراج عن المتهم.
* إذا كان المتهم المعتقل احتياطيا والذي ثبت عدم مسؤوليته في األصل معتقال
حينها من أجل جريمة أخرى ،أي أن حريته مسلوبة وفق إجراء سابق ،وأن اإلعتقال
الجديد لم يغير من وضعيته الجنائية.
* إذا كان اإلعتقال بسبب الشخص نفسه والذي تسبب فيه بأن وضع نفسه موضع
اإلتهام.
- 259محمد علي سويلم "ضمانات الحبس اإلحتياطي" ،منشأة المعارف اإلسكندرية ،الطبعة األولى ،2008 ،ص .188
- 260محمد عبد اللطيف فرج ،م.س ،ص .249
112
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ويكون التعويض الممنوح على عاتق خزينة الدولة من احتفاظ هذه األخيرة بحق
الرجوع على الشخص المبلغ سيء النية أو شاهد الزور الذي تسبب في الحبس المؤقت".
وقد نص الفصل 8من قانون اإلجراءات الجنائي اإليطالي على أن "كل من أعلنت
براءته بحكم نهائي بسبب أن الفعل ال وجود له أو أن الجريمة لم تقع أو أن الفعل ال يشكل
جريمة له الحق في تعويض عادل على اعتقاله احتياطيا إذا لم يكن له دخل أو مساهمة في
إحداثه بناء على عمد أو خطأ جسيم من جانبه"(.)261
كما حدد القانون الخاص بالحبس اإلحتياطي البلجيكي( )262الحاالت التي يمنح فيها
التعويض للمعتقل احتياطيا عما لقيه من ضرر:
113
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ويعتبر مبدئيا إجراء ضروري تقتضيه حماية المصلحة العامة للمجتمع لكن أساسه
القانوني استثنائي وفق ما جاء في الفصل 159من ق.م.ج ،لذلك يجب الترجيح واقعا بين
متطلبات حماية المجتمع وبين تكريس الحرية الشخصية لألفراد وعدم المساس بها أو
بمعنى آخر ترشيد اإلعتقال اإلحتياطي بشكل يالئم طبيعته االستثنائية ،ألن اعتقال دون
مبرر معقول يعتبر عقوبة بدون محاكمة وهي أعلى المراتب مساسا بالحرية الفردية.
ويبقى اإلعتقال اإلحتياطي أبرز المشاكل التي تعاني منها عدالتنا الجنائية وتزداد
حدتها حينما يظهر في الممارسة القضائية اإلسراف في اللجوء إليه ،وهذا ما استدعى
وضع بدائل تقوم مقام اإلعتقال اإلحتياطي ونذكر بديلين هما الرقابة القضائية (فقرة أولى)،
ثم الرقابة اإللكترونية (فقرة ثانية).
وال شك أن الوضع تحت المراقبة القضائية يعد إجراء استثنائيا إال أنه ال يحرم
المتهم مطلقا من الحرية كما هو الشأن بالنسبة لإلعتقال اإلحتياطي()263
حيث أنه حددت المواد من 159إلى 174من ق.م.ج المغربي مضمون تدبير
المراقبة القضائية واستعرض المشرع في المادة 161من ق.م.ج مضامين ومحتويات
الوضع تحت نظام المراقبة القضائية.
- 263لطيفة بنخبر" ،الوضع تحت المراقبة القضائية في ضوء مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية ،المجلة المغربية
للقانون الجنائي والعلوم الجنائية ،ص .179
114
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وبالرجوع إلى هذه المادة نجد أن المشرع قد وضع على عاتق المتهم الخاضع لهذا
النظام ثمانية عشر التزاما أو تدبيرا ،وهي التدابير التي أخذ بها المشرع المغربي من
صنوه الفرنسي مع شيء من التوسع(.)264
وفي فرنسا استفاد المشرع الفرنسي من القوانين التي سبقته فأصدر في
1970/07/17قانونا عدل به المادة 137وما بعدها من قانون اإلجراءات الجزئية ثم
أدخل تعديالت أخرى بالقانون الذي أصدر في ،1975/8/6فنصت المادة 138على ثالثة
عشر التزاما ،يفرض قاضي التحقيق واحدا منها أو أكثر على المدعي عليه بدال من توقيفه
احتياطيا.
ولقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن قاضي التحقيق ملزم باالختيار بين واحد
أو أكثر من التدابير وليس له أن يضيف تدابير غير موجودة أو أن يعدل تلك المقررة()266
ويحدد هذه االلتزامات في كل قضية على حدة ،وال يوجد أي التزام مشترك يطبق على
جميع المدعي عليهم ،وال يأمر قاضي التحقيق إال بااللتزامات المنصوص عليها في المادة
138من قانون اإلجراءات الفرنسي طبقا لمبدأ الشرعية(.)267
- 264أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"
إعداد الطالب الباحث فؤاد بنيخلف.
265
- Merle R. et Vita A. : Traité de droit pénal et de criminologie, Dalloz, droit P 117.
- 266الذي جاء عنها ما يلي:
« Aux termes de l’art. 145e. pro pen. Le placement détention provisoire est précis par une
ordonnance spécialement motivée qui doit comprorterlécancé des conditions de droit et de
» …fait sur le caractère insuffisant des obligations du contrôle judiciaire
crim. 2011-1963…506 JCP 6311.1384-9 juin 1966 Bull. crim p 169.
267
- Chambon : crim, 24 avr 1984 ; D 1986.127 p 237
115
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ويقيم الفقه تقسيما للضمانات التي يستمده تحقيقها من وراء تدابير المراقبة
القضائية إلى ثالثة :ضمان الحضور أمام القضاء وضمان حسن سير التحقيق وضمان
ارتكاب نفس الجريمة من جديد.
كما تتمثل هذه االلتزامات في خطر قيام المدعى عليه بعمل معين ،أو تفرض عليه
القيام ببعض األعمال ،وبهذا قد تكون هذه االلتزامات التي نصت عليها المادة 198من
قانون اإلجراءات الجنائي الفرنسي ايجابية وتكون سلبية.
ويتضمن األمر بوضع الشخص تحت المراقبة القضائية الخضوع تبعا لقرار
قاضي التحقيق لواحد أو أكثر من االلتزامات التالية:
عدم مغادرة الحدود الترابية المحددة من طرف قاضي التحقيق بحيث لم يكن
القانون يخول المشتبه فيه بارتكاب جريمة من مغادرة التراب الوطني ،حيث كان يضع
الشرطة القضائية وعلى رأسها النيابة العامة أمام خيارين ال ثالث لهما:
-إما اعتقال المشتبه به ووضعه تحت الحراسة النظرية وإما ترك المشتبه به حرا
طليقا إلى حين جمع كافة األدلة وفي هذه الحالة قد يغادر التراب الوطني ويفلت من يد
العدالة.
لهذه األسباب منح ق.م.ج لكل من الوكيل العام للملك (المادة )49ووكيل الملك
(المادة )40وقاضي التحقيق (المادة )161سلطة سحب جواز السفر من الشخص المشتبه
فيه داخل الحدود لفائدة البحث ولكن شرط أن ال يتجاوز ذلك مدة شهر واحد عدا إذا كان
المشتبه به هو المتسبب في تأخير مجريات البحث إذ يمكن تمديد هذه المدة إلى غاية انتهاء
البحث(.)268
وقد أجاز المشرع لوكيل الملك أو قاضي التحقيق (المادتين 74و 161من ق.م.ج)
أن يقدم المتهم للمحكمة حرا بعد تقديم كفالة مالية أو كفالة شخصية ،ويراعى في تقدي
- 268أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"
إعداد الطالب الباحث فؤاد بنيخلف.
116
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
الكفالة المالية كضمان لحضور المتهم المقتضيات الواردة في المادة 184من ق.م.ج التي
نصت على ما يلي" :إذا كان اإلفراج المؤقت متوقفا على وجوب تقديم كفالة ،فإن هذه
الكفالة تضمن ما يلي:
ب -المبالغ الواجب إرجاعها ومبالغ التعويض عن الضرر أو أداء نفقة إذا كان
المتهم متابعا من أجل ذلك.
ث -الغرامات.
يحدد مقرر اإلفراج المؤقت القدر المخصص لكل جزء من جزئي الكفالة .ويمكن
أن ينص على تخصيصها كلها ألداء حقوق الضحايا"(.)269
كما يراعى في تقديرها الحالة المادية للمعني باألمر (المادة 161ق.م.ج الفقرة .)13
وعمليا ف إنه إذا كان المشرع أتاح للنيابة العامة أو قاضي التحقيق اإلفراج مؤقتا
عن المتهم مقابل أداء كفالة مالية فإن هذا النظام منتقد من طرف بعض المهتمين بالشأن
الحقوقي الذين يرون اللجوء في غالب األحوال إلى الكفالة المالية وكأنها البديل العملي
لإلعتقال اإلحتياطي امتيازا لفئة من المتهمين الميسورين(.)270
وصفوة القول أن تدبير المراقبة القضائية يبقى إجراء استثنائيا ،أثبت نجاعته لدى
التجارب القانونية المقارنة ،من حيث الحد من تكدس المتهمين في غياب السجون وتفعيل
- 269أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"
إعداد الطالب الباحث فؤاد بنيخلف ،مرجع سابق.
- 270أنظر نور الدين العمراني ،بدائل اإلعتقال اإلحتياطي في إطار ق.م.م.م ،مجلة المحامي عدد 48الصفحة .234
117
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
الدور اإلنساني للعقوبة في اإلصالح والتهذيب ومن المعول على من سوف تسند لهم هذه
الصالحية أن يعطوها البعد الحقيقي الذي توخاه المشرع(.)271
وهكذا فإنه يجب التقدم بصفة دورية أمام المصالح والسلطات المهنية وقاضي
التحقيق ،حيث تقوم المصالح أو السلطات التي يجب على المتهم أن يتقدم إليها بتسجيل
تواريخ حضوره ضمن الشروط المقررة من طرف قاضي التحقيق.
وهذا االلتزام أكثر االلتزامات انتشارا ومالئمة لبقاء المدعي عليه تحت تصرف
العدالة ،وذلك عن طريق تحديد اإلقامة وحضوره في مواعيد دورية منظمة أمام المراكز
أو والسلطات المعنية من قبل القاضي ،مركز شرطة أو درك ،مركز قضائي أو إداري ،و
لدى أي شخص طبيعي أو معنوي وخاص لدى المحقق(.)272
وقد بينت الفقرة الثانية من المادة 17من الالئحة الملحقة بقانون اإلجراءات
الجزائية الفرنسي واجبات هذه السلطة والتي تتمثل في مراقبة حضور المدعي عليه في
المواعيد التي يحددها قاضي التحقيق والقيام بتسجيل حضوره في كل مرة ،وإخطار
القاضي بأي تخلف أو إخالل بالمواعيد المحددة(.)273
تقديم الوثائق المتعلقة بهويته السيما جواز السفر إما لكتابة الضبط أو لمصلحة
الشرطة أو الدرك الملكي مقابل وصل ،ويشير الوصل إلى نوع الوثيقة المسحوبة وبياناتها
وهوية المتهم ،وتضع السلطة المكلفة على الوصل صورة حديثة للمتهم ،ويبين في الوصل
أنه سلم مقابل وثيقة الهوية المسحوبة ،ويتم إرجاع الوصل للمصلحة التي سلمته عندما
يسترجع المتهم الوثيقة التي سحبت منه.
- 271أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"
إعداد الطالب الباحث فؤاد بنيخلف ،مرجع سابق.
- 272جندي عبد المالك ،الموسوعة الجنائية دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الجزء الثاني بدون سنة النشر ،ص
.204
- 273مرسوم 1970/12/23الجريدة الرسمية الصادرة في 1970/12/23
118
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وبسبب هذا االلتزام وضع قيود على حرية المدعي عليه في التنقل وذلك للتقليل
من فرص الهروب خارج الوطن(.)274
ويالحظ من تلك التدابير أن بعضها يتداخل مع البعض ،وقد تكون تدبير يحقق
نفس الغاية والنتيجة التي يحققها تدبير آخر.
وهكذا مثال ،فإن قاضي التحقيق يمكن أن يتخذ قرارا بعدم مغادرة الحدود الترابية
كما يمكنه إغالق الحدود في وجه المتهم ومطالبة هذا األخير من الجهة الساهرة على
تطبيق هذا النظام أن يقدم الوثائق المتعلقة بهويته ،وخصوصا جواز السفر ،فسحب جواز
السفر قد يغني عن إقرار إغالق السجون مثال.
كما تجب مالحظة أن القارئ للمادة 161قراءة أولية ،سيخرج باالنطباع على أن
عدة مقتضياتها تتعارض مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب ،كما تتنافى أيضا
مع القواعد السامية الواردة في دستور المملكة ،كالمساس بحرية التنقل والتجول وغيرها
من الحقوق التي تشكل قاعدة صلبة لهرم حقوق اإلنسان.
أما باقي التدابير الواردة على سبيل الحصر ،في المادة 162ق.م.ج وتعدادها
حصرا من طرف المشرع شيء طبيعي ،ألنها استثناءات من األصل الذي هو البراءة
والحرية في التنقل والعيش والقيام بالتصرفات فهي كاآلتي(:)276
- 274أطر وحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"
إعداد الطالب الباحث فؤاد بنيخلف ،مرجع سابق.
- 275أمحمد لفروجي ،قانون المسطرة الجنائية وفق آخر التعديالت المدخلة بالقوانين رقم 36-10و 37-10و35-11
الصادرة في إطار مخطط إصالح القضاء ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،2012 ،ص .76
- 276عرض بتاريخ 2003/03/07مديرية الدراسات والتعاون والتحديث –قسم الدراسات والتشريع -منشور بالموقع
اإللكتروني لوزارة العدل www.justice.gov.maمحمد عبد النباوي :المراقبة القضائية.
119
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-1عدم التغيب عن المنزل أو السكن المحدد من طرف قاضي التحقيق إال وفق
الشروط واألسباب التي يحددها القاضي المذكور.
-5الخضوع لتدابير المراقبة المتعلقة بالنشاط المهني أو حول مثابرته على تعليم
معين.
-6المنع من سياقة جميع الناقالت أو بعضها ،أو تسليم رخصة السياقة لكتابة
الضبط مقابل وصل ويمكن لقاضي التحقيق أن يأذن له باستعمال رخصة السياقة لمزاولة
نشاطه المهني.
-9إيداع كفالة مالية يحدد قاضي التحقيق مبلغها وأجل أدائها مع األخذ بعين
االعتبار الحالة المادية للمعني باألمر.
-10عدم مزاولة بعض األنشطة ذات طبيعة مهنية أو اجتماعية ماعدا المهام
االنتخابية أو النقابية.
- 277أمحمد لفروجي ،الشيك القانونية والعملية –مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،1999 ،الطبعة األولى ،ص
.379
120
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-12عدم حيازة األسلحة وتسليمها إلى المصالح األمنية المختصة مقابل وصل.
وقد يثار التساؤل حول مدى تعارض هذه التدابير مع الحق في التنقل مثال أو الحق
في االجتماع أو غيرها من حقوق اإلنسان ،وهل يمكن للموضوع رهن المراقبة أن يقوم
ببعض األعمال واألنشطة التطوعية؟ باعتبار أن الفقرة 4نصت على عدم مزاولة بعض
األنشطة ذات الطبيعة المهنية أو االجتماعية ما عدا المهام االنتخابية أو النقابية ،ويمكن
القول أن قاضي التحقيق بما له من سلطة في توجيه التحقيق أن يمنع مزاولة األنشطة
التطوعية إذا كانت تتخذ صوريا لمزاولة نشاط ذو طبيعة مهنية أو اجتماعية.
وجوابا على ذلك اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أن المنع من مغادرة التراب
ا لوطني كتدبير من تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية ال تتعارض مع البروتوكول
الملحق رقم 4ومع المادة 9من االتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان ،كما أقرت أن منع
المتهم من الحضور إلى أي اجتماع بصرف النظر عن طبيعته يبقى مشروعا وينسجم مع
مقتضيات المادة 138من ق.ج .الفرنسي(.)278
- 278وهو نفس االتجاه الذي نسخته في قرار صدر عنها سنة 1991تضمن ما يلي:
« L’interdiction de quitter le territoire national et de fréquenté un lieu de culte, imposée à un
culte placé sous contrôle judiciaire, n’est pas un compatible avec l’art. 9 de la convention
européenne de droit de l’homme ».
Crim. 11 avril 11 Bull. Crim. N° 176.
D. Crim. 10 mai 1972 Bull. crim n° 166.
121
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
تبنت معظم األنظمة العقابية المعاصرة بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة
كاإلعتقال اإلحتياطي ،ومنها الوضع تحت المراقبة اإللكترونية ،وهو البديل المستحدث في
السياسة العقابية.
فلم يعد نطاق استفادة القانون الجنائي بمفهومه الواسع في المرحلة العلمية مقتصرا
على جمع األدلة الجنائية وإنما تعداها إلى مرحلة تنفيذ العقوبات السالبة للحرية من خالل
خضوع المحكوم عليه لنظام المراقبة اإللكترونية ،الذي يقيد الحرية خارج أسوار السجن
عن طريق وضع سوار إلكتروني شبيه بالساعة في معصم المحكوم عليه ،ويرسل إشارات
للمصالح المكلفة بالمراقبة(.)279
يعتبر نظام المراقبة الجنائية اإللكترونية كوسيلة بديلة لإلعتقال اإلحتياطي من أهم
ما أفرزه التقدم التكنولوجي والذي انعكس بدوره على السياسة العقابية في معظم األنظمة
العقابية المعاصرة التي أخذت به ،ومصطلح المراقبة اإللكترونية مشتق من التعبير
Bracelet الفرنسي Surveillance électroniqueأو اإلسورة اإللكترونية()280
.électronique
حيث تم ابتكار جهاز إلكتروني يوضع في رجل أو يد المحكوم عليه بأمر من
القاضي المختص ،هذا الجهاز يتصل مباشرة بجهاز إلكتروني مركزي يوحد لدى السلطة
القضائية المعنية ويسمح المراقب تتبع خطوات الجاني ومعرفة مكان وجوده ،مثل هذه
المراقبة هي بمثابة نوع من اإلقامة الجبرية المفروضة على الجاني ،وتضعه في وضع ال
يدع له مجاال لممارسة حريته إال داخل المجال الذي يحدده له القضاء(.)281
- 279عبد الجليل الفيداني" ،بدائل الدعوى العمومية وبدائل العقوبات السالبة للحرية" ضمن أشغال المناظرة الوطنية التي
نظمتها وزارة العدل بمكناس أيام 11-10-9دجنبر 2004تحت عنوان "السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق" المجلد
األول الطبعة الثانية العدد ،2004-3ص .72
- 280عامر سالم "المراقبة اإللكترونية طريقة جديدة لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية خارج السجن" دار النهضة العربية ط
1سنة ،2000ص .10
- 281عبد السالم حسن رحو "الوضع تحت المراقبة اإللكترونية كبديل للعقوبات السالبة للحرية" مقال منشور بمجلة
القضاء والقانون ،العدد ،152سنة ،2009ص 85وما بعدها.
122
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
وبناءا على ذلك التعريف فإن المراقبة تعمل على معرفة تحركات المتهم عن بعد،
لكونها تقوم على نظام الذبذبات واإلتصال الالسلكي من الناحية الفنية ،فالبد من وجود
جهازا إرسال يتم وضعه في يد المتهم المفرج عنه ،وجهاز آخر يستقبل تلك الذبذبات
يوضع في محل إقامة المتهم ويربط بخط هاتفي وجهاز كمبيوتر مركزي يسمح بتعقب
المفرج عنه عن بعد(.)282
جانب من الفقه والذي يؤيد الوضع تحت المراقبة اإللكترونية يرون أن المبرر
األساسي من وراء هذا النظام هو الحلول محل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة التي
ينتج عن تنفيذها آثار أسرية واجتماعية واقتصادية مدمرة قد يصعب البراء منها وأن
مزاياه بالنسبة إلى اإلدارة العقابية عديدة وتكمن هذه المزايا في فعاليته وجدواه في الوقاية
من العود والتخفيف من حدة ازدحام السجون واالقتصاد في التكاليف المالية.
هذا وبالنسبة لألشخاص المبتدئين (المحكومين ألول مرة) فإن السجن سيضرهم
أكثر مما سينفعهم ،ومن الضروري بالنسبة للشخص لم يرتكب إال خطأ بسيطا أال يتعرض
لوسط السجن الفاسد ،ألن ذلك سيفقده كل ما حققه في حياته ،وبالنتيجة سيجره إلى العود.
إن السوار هو بديل للحبس المؤقت أو اإلعتقال اإلحتياطي ،الذي يحكم به القاضي
في العقوبات السالبة للحرية فهو تدبير وإجراء تحفظي لتفادي اإلعتقال ومن إيجابياته أنه
يساهم في ترشيد اإلعتقال اإلحتياطي ويحد من اللجوء إليه ،وهو بذلك يعزز الحقوق
والحريات السيما قرينة البراءة التي ينص عليها الدستور المغربي ومبادئ المحاكمة
العادلة(.)283
- 282ف ؤاد بنيخلف "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي" أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ،سنة ،2017-2016ص .279
- 283فؤاد بنيخلف "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"مس ،.ص .285
123
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
له بممارسة حياته الطبيعية وشروطها هي نفس شروط الحبس اإلحتياطي وتنقضي
بانقضائه.
وتجدر اإلشارة إلى أن النظام القضائي المغربي يحتاج إلى سرعة تطوير
التشريعات الجنائية ،بحيث يمكن استغالل التكنولوجيا الحديثة لضمان تنفيذ بدائل الحبس
بشكل جيد.
إن اللجوء إلى المراقبة اإللكترونية ال يعني استبعاد اإلعتقال اإلحتياطي بصورته
التقليدية ،وإنما وجود هذه المكنة التكنولوجية يعطي قدرا من االختبار للجهات المختصة
لتفضيل بينها وبين الحبس اإلحتياطي التقليدي وبين عدم اللجوء أي من هذه اإلجراءات
حسب ظروف كل حالة على حدة.
لذلك فإننا نعتقد أن فهم دور المراقبة اإللكترونية في هذا اإلطار أي اعتبارها مكنة
تضاف إلى الحبس التقليدي قد يقلل من االعتراض الموجه إليه(.)284
ونظام المراقبة اإللكترونية وإن كانت له سلبياته ،إال أنه يبقى أفضل من التنفيذ
التقليدي للعقوبات أو الحبس اإلحتياطي ،من جهة أخرى يجب أال يفهم أن نظام المراقبة
اإللكترونية أن من يخضع لهذا النظام يكون مراقبا في كل تحركاته وتصرفاته داخل
المسكن.
فالتشريعات التي تأخذ بنظام المراقبة اإللكترونية تتضمن قيودا تكفل صيانة حرمة
المسكن الخاص ،ومن ذلك حظر استخدام الكاميرات في المراقبة وحظر دخول مأمور
المراقبة للسكن لمجرد قيام الخاضع للمراقبة بارتكاب مخالفة.
124
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
خاتمة:
بعد أن انتهينا من عرض موضوع الدراسة وهو اإلعتقال اإلحتياطي في ق.م.ج،
والذي يعد أهم وأخطر إجراءات التحقيق وأكثرها مساسا بحرية المتهم ،ويبرز بوضوح
التناقض بين مقتضيات احترام الفرض وسلطة الدولة في العقاب.
إذ تسلب منه هذه الحرية فترة من الزمن على الرغم من أنه لم يحكم بإدانته بعد،
وبما يتعارض مع حقوق اإلنسان ،ومنها أصل البراءة الذي أكدته جل المواثيق الدولية
والدساتير والتشريعات الوطنية.
ولهذا فقد غدا اإلعتقال اإلحتياطي في ظل السياسات الجنائية الحديثة استثناء يتم
تقييده بشروط شتى ،ومحاولة استبداله بتدابير أخرى تكفل تحقق الغاية منه وتتفادى في
الوقت ذاته شروره وسلبياته ،مثل نظام المراقبة القضائية والمراقبة اإللكترونية.
وخالصة ا لقول من خالل تتبع محاور موضوعنا يبرز لنا أن ضرورة اللجوء إلى
اإلعتقال اإلحتياطي ال تنبني على أسس متينة ،مادام يمكن اللجوء إلى بدائل أخرى أقل
كلفة وأكثر قبوال اجتماعيا ،زيادة على عدم تشكيلها لخطر على المجتمع إذا ما نفذت تحت
إشراف إدارة واعية ويقظة.
125
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
كما أنه حتى لو كان من الضروري وضع اليد على المتهم في حاالت استثنائية
مبررة لضمان الحضور أمام المحكمة أو حمايته من األخطار التي تهدده في حالة بقائه
طليقا أو حماية للمجتمع من تزايد أفعاله اإلجرامية ،فإن هذا اإلجراء ليعطي أكله ،البد من
إحاطته بسياج من الضمانات للمحافظة على الحد من الحماية القانونية لحقوق معتقل لم
تثبت إدانته بعد ،وكل ذلك يؤدي خلق التوازن الواجب بين ضرورة الدفاع االجتماعي
ومستلزم قرينة البراءة.
126
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
الئحة املراجع
الكتب:
-1محمد أحداف ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،مسطرة التحقيق اإلعدادي ،الجزء
الثاني ،مطبعة سجلماسة ،طبعة 2017/2016
-2عبد الواحد العلمي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثاني ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى.2009 ،
-3أحمد الخمليشي ،شروح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،مطبعة المعارف
الجديدة ،الرباط ،الطبعة السادسة ،سنة .1999
-4الحبيب بيهي ،شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد ،الجزء األول ،منشورات المجلة
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،الطبعة األولى .2004
-5حسن الهوادية ،الحراسة النظرية بين التشريع واالجتهاد القضائي والنظرية ،مطبعة
دار السالم بالرباط الطبعة الثانية.2000 ،
جعفر العلوي ،اإلعتقال اإلحتياطي بين ضرورة الدفاع االجتماعي ومستلزمات قرينة
البراءة ،من خالل مشروع ق.م.ج ،منشورات المجلة المغربية عدد 39سنة .2003
-6أحمد جوييد ،شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد ،الجزء الثاني ،فاس ،طبعة .2004
-7نور الدين العمراني ،بدائل اإلعتقال اإلحتياطي في إطار قانون المسطرة الجنائية،
مجلة المحامي عدد .48
-8محمد جالل السعيد ،المحاكمة العادلة في قانون المسطرة الجنائية لسنة ،2002سلسلة
إصالح القانون والتنمية السوسيو اقتصادية ،الجزء الخامس ،الطبعة األولى يناير
.2012
127
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-9سعيد بوطويل ،اإل عتقال اإلحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي –
المبررات والضمانات دراسة علمية ،الطبعة األولى ،2017دار اآلفاق المغربية
للنشر والتوزيع –الدار البيضاء.
-10محمد أوجار القواعد الدولية لمعاملة السجناء ،مركز التوثيق واإلعالم والتكوين في
مجال حقوق اإلنسان.
-11محمد أحداف ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،مطبعة سجلماسة،
مكناس ،طبعة .2018
-12عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء
األول ،الطبعة الخامسة ،2015مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء
-13محمد عبد اللطيف فرج "الحبس اإلحتياطي في ضوء المواثيق الدولية والتشريعات
الوطنية" الطبعة األولى ،مطابع الشرطة مصر.2010 ،
-14عبد العلي حفيظ" ،صالحيات قاضي تطبيق العقوبات في القانون المغربي" ،مطبعة
دار القلم ،الرباط ،سنة .2012
-15محمد عبد هللا محمد المر "الحبس اإلحتياطي دراسة مقارنة" ،مطبعة دار الفكر
الجامعي ،اإلسكندرية ،طبعة .2006
-17عامر سالم "المراقبة اإللكترونية طريقة جديدة لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية خارج
السجن" دار النهضة العربية الطبعة األولى ،سنة .2000
128
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-19أحمد عبد الكريم عثمان ،الحبس اإلحتياطي (التوفيق) ،دار الكتب القانونية.2008 ،
-20إدريس النوازلي "اإلثبات الجنائي لجرائم األعمال بالوسائل الحديثة" الجزء الثاني،
المطبعة والوراقة الوطنية مراكش ،الطبعة األولى .2014
-21المعتصم باهلل أدهم "التوقيف اإلحتياطي بين النص القانوني والتطبيق" ،منشورات
الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى ،2012لبنان.
-22أمحمد لفروجي ،الشيك القانونية والعملية –مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
الطبعة األولى.1999 ،
-23أمحمد لفروجي ،قانون المسطرة الجنائية وفق آخر التعديالت المدخلة بالقوانين رقم
36-10و 37-10و 35-11الصادرة في إطار مخطط إصالح القضاء ،مطبعة
النجاح الجديدة الدار البيضاء.2012 ،
-24جندي عبد المالك ،الموسوعة الجنائية دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الجزء
الثاني بدون سنة النشر.
-25رمسيس بنهام" ،علم النفس القضائي" ،دار النشر منشأة المعارف باإلسكندرية.
-26رياضي عبد الغاني ،قضايا جنائية وحلول بديلة ،سلسلة األجهزة القضائية ،الجزء 7
الطبعة .2007 ،1
-28كمال محمد عواد "اإلجراءات الجنائية لتقييد حرية المتهم في الفقه اإلسالمي
والقانون الجنائي" ،مطبعة دار الفكر الجامعي ،الطبعة األولى ،2011اإلسكندرية.
129
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-29محمد بوزبع ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،جمعية نشر المعلومات القانونية
والقضائية ،الرباط ،الطبعة الثالثة ،مطبعة فضال ،السنة ،2005الكتاب األول.
األطروحات والرسائل:
-1فؤاد بنيخلف "اإلعتقال اإلحتياطي بين النص القانوني والعمل القضائي المغربي"
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،طنجة ،السنة الجامعية .2017-2016
-2مونية أحرازم ،واقع وآفاق اإلعتقال اإلحتياطي بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،السنة
الجامعية .2016-2015
-3عادل المطمري ،اإلعتقال اإلحتياطي بين النص والواقع ،دراسة ميدانية ،بحث نهاية
التدريب ،الفوج ،36وزارة العدل ،المعهد العالي للقضاء ،السنة .2011-2009
-5عبد الرزاق العروسي" ،الممارسة القضائية وبدائل اإلعتقال اإلحتياطي" بحث نهاية
التدريب المعهد العالي للقضاء ،فترة التدريب .2017-2015
-6نجيب البيهي ،المراقبة القضائية وفق قانون المسطرة الجنائية المغربي الجديد ،منشور
بمجلة محكمة ،عدد .2003 ،1
-7عبد الرحيم فكري" ،جزاء اإلخالل بحقوق الدفاع" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،كلية الحقوق مراكش ،سنة .2013/2012
130
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-8محمد الغازي "المعايير الدولية لمناهضة اإلعتقال التعسفي واالختفاء القسري" كتاب
قراءات في المادة الجنائية ،الجزء الثاني ،سلسلة المعارف القانونية والقضائية،
منشورات مجلة الحقوق ،مطبعة المعارف الجديدة ،الطبعة األولى ،الرباط .2014
-9عبد الرحيم فالح ،قرينة البراءة وشرعية اإلعتقال اإلحتياطي ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر شعبة المهن القانونية والقضائية جامعة عبد المالك السعدي ،سنة -2016
.2017
العروض:
-1المصطفى المهداوي ،المراقبة القضائية كإجراء بديل لإلعتقال اإلحتياطي ،عرض
ألقي بمحكمة االستئناف بالحسيمة بتاريخ 24نوفمبر ،2006مجلة الحقوق المغربية
العدد الثامن ،سنة .2009
-3سلسلة ندوات محكمة االستئناف تقنيات إجراءات التحقيق في ضوء م.ج لألستاذ عبد
القادر السنوني قاضي التحقيق.
المجالت:
-1البشير بوحبة ،الوضع تحت المراقبة القضائية كآلية جديدة في ميدان التحقيق ،المجلة
المغربية للمنازعات القانونية ،العدد .2004 ،2
-3سفيان أدريوش ،الطابع االستثنائي لإلعتقال اإلحتياطي ،مجلة محاكمة العدد 5نونبر-
يناير .2009-2008
131
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-5جعفر العلوي ،اإلعتقال اإلحتياطي بين ضرورة الدفاع االجتماعي ومستلزمات قرينة
البراءة قرينة البراءة من خالل مشروع ق.م.ج منشورات المجلة المغربية ،عدد
،39سنة .2003
-6شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثالث ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية
والقضائية ،سلسلة الشروح والدالئل ،العدد ،8السنة ،2007مطبعة إليت ،سال.
-7شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،الطبعة األولى العدد 2سنة .2004
-8عبد هللا درميش" ،دور التشريع الجنائي في توطيد األمن" السياسة الجنائية بالمغرب
واقع وآفاق ،المجلد الثاني ،أشغال المناظرة الوطنية لوزارة العدل أيام 9و 10و11
دجنبر 2004الطبعة األولى ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية
العدد ،2005-04مطبعة فضالة ،المحمدية.
-9عبد الجليل الفيداني" ،بدائل الدعوى العمومية وبدائل العقوبات السالبة للحرية" ضمن
أشغال المناظرة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل بمكناس أيام 11-10-9دجنبر
2004تحت عنوان "السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق" المجلد األول الطبعة
الثانية العدد .2004-3
-10عبد السالم حسن رحو "الوضع تحت المراقبة اإللكترونية كبديل للعقوبات السالبة
للحرية" مقال منشور بمجلة القضاء والقانون ،العدد ،152سنة .2009
-11عالل غالي "التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي غير المبرر كآلية لتحقيق العدالة
االجتماعية" مجلة القضاء الجنائي ،مطبعة المعارف الجديدة ،العدد األول ،الرباط،
سنة .2015
-12دليل المحاكمات العادلة ،منظمة العفو الدولية ،مطبوعات منظمة العفو الدولية،
الطبعة العربية األولى لسنة .1998
132
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
-14لطيفة بنخبر" ،الوضع تحت المراقبة القضائية في ضوء مسودة مشروع قانون
المسطرة الجنائية ،المجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية.
-15نور الدين العمراني ،بدائل اإلعتقال اإلحتياطي في إطار ق.م.ج ،مجلة المحامي،
عدد .48
133
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
الفهرس
مقدمة4 ...................................................................................................... :
الفصل األول :اإلطار العام لإلعتقال اإلحتياطي10 ................................................ .
المبحث األول :ماهية اإلعتقال اإلحتياطي 10 .........................................................
المطلب األول :مفهوم اإلعتقال اإلحتياطي وشروطه11 .......................................... .
الفقرة األولى :تعريف اإلعتقال اإلحتياطي وخصائصه11 ........................................ :
أوال :تعريف اإلعتقال اإلحتياطي11 .................................................................. :
-1تعريف اإلعتقال اإلحتياطي حسب التشريع11 .................................................. :
-2تعريف اإلعتقال اإلحتياطي من منظور الفقه12 ................................................ :
ثانيا :خصائص اإلعتقال اإلحتياطي13 ............................................................... :
-1شكليات اإلعتقال اإلحتياطي14 .................................................................... :
-2مدة اإلعتقال اإلحتياطي14 ......................................................................... :
-3انتهاء اإلعتقال اإلحتياطي15 ...................................................................... :
الفقرة الثانية :شروط اإلعتقال اإلحتياطي18 ........................................................ :
أوال :الشروط الشكلية لإلعتقال اإلحتياطي19 ....................................................... :
-1تسبيب األمر الصادر باإلعتقال اإلحتياطي19 .................................................. :
-2اإلعتقال اإلحتياطي بمدة معينة20 .................................................................:
-3إبالغ المتهم بأسباب اللجوء لإلعتقال اإلحتياطي في حقه21 ................................. :
ثانيا :الشروط الموضوعية لإلعتقال اإلحتياطي22 ................................................. :
-1ضرورة استنطاق المتهم22 ........................................................................ :
-2اإلستناد إلى مبررات صحيحة وكافية23 ........................................................ :
-3أن يصدر في جريمة مما يجوز اإلعتقال فيها24 ............................................... :
المطلب الثاني :دواعي االعتقال االحتياطي وتمييزه عن الحاالت المشابهة25 ............... .
الفقرة األولى :دواعي االعتقال االحتياطي25 ....................................................... :
أوال :ضرورة التحقيق26 ................................................................................:
-1إجراء تحقيق حول شخصية المتهم وظروفه االقتصادية واالجتماعية27 .................. :
-2االستماع إلى الشهود وكيفية استدعائهم28 ...................................................... :
-3حماية الشهود30 ...................................................................................... :
ثانيا :الحفاظ على أمن األشخاص32 .................................................................. :
ثالثا :انعدام ضمانات الحضور33 ..................................................................... :
رابعا :حالة عدم احترام المتهم لاللتزامات المفروضة عليه بمقتضى الوضع تحت المراقبة
القضائية35 .................................................................................................:
الفقرة الثانية :تمييز اإلعتقال اإلحتياطي عن الحاالت المشابهة35 ............................. :
أوال :الحراسة النظرية واإلعتقال اإلحتياطي36 .................................................... :
ثانيا :اإلعتقال اإلحتياطي واألمر بإلقاء القبض38 .................................................. :
ثالثا :األمر باإليداع في السجن39 ..................................................................... :
134
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
135
االعتقال االحتياطي في قانون المسطرة الجنائية
ثالثا :اإلفراج المؤقت بطلب من المتهم أو بطلب من النيابة العامة99 .......................... :
-1اإلفراج المؤقت بطلب من المتهم99 .............................................................. :
-2اإلفراج المؤقت بطلب من النيابة العامة100 .................................................... :
المبحث الثاني :التعويض عن وبدائل اإلعتقال اإلحتياطي102 .................................. .
المطلب األول :التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي102 ............................................:
الفقرة األولى :مبررات التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي102 ................................. :
أوال :المبررات القانونية103 ........................................................................... :
ثانيا :المبررات الحقوقية105 ........................................................................... :
الفقرة الثانية :موقف التشريعات من المطالبة بالتعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي107 ...... :
أوال :موقف المشرع المغربي من التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي107 .................... :
ثانيا :موقف التشريع المقارن من التعويض عن اإلعتقال اإلحتياطي110 ..................... :
المطلب الثاني :بدائل اإلعتقال اإلحتياطي113 ...................................................... :
الفقرة األولى :الوضع تحت المراقبة القضائية114 ................................................. :
الفقرة الثانية :الوضع تحت المراقبة اإللكترونية121 .............................................. :
خاتمة125 .................................................................................................. :
الئحة المراجع 127 ........................................................................................
الفهرس 134 .................................................................................................
136