Professional Documents
Culture Documents
كليه الحقوق
الدراسات العليا
قسم القانون الجنائي
إعداد
علي عز الدين الباز
باحث دكتوراه بقسم القانون الجنائى
١
ﻣقدﻣة
لعبت التكنولوجيا الحديثه دورا كبير فى تسھيل حياه االنسان فى السنوات االخيره ومواجھه ما
كان يمثل للبشريه مشاكل كبيره لم تكن تحلم يوما بالقضاء عليھا سواء فى مجاالت االتصاالت او
االنتقال او مكافحة االمراض واالوبئه التى طالما عانت منھا البشريه وكانت سببا فى معاناة
الكثيرين من بنى البشر على مدار سنين ،الى جانب الدور الكبير لھذه التكنولوجيا فى تسھيل
الحياه اليومية لالنسان المعاصر وتوفير وسائل الرفاھية والراحه له .
لم يكن يتصور أن تقف ھذه التكنولوجيا الحديثه عاجزة أمام المشاكل التى تواجه النظام الجنائى
بشكل عام والعقوبه السالبه للحريه بوجه خاص ،بل قامت بالتدخل فى مجمل النظام الجنائى
وفرض اليات جديدة اصبحت واقعا ال يمكن االستغناء عنه فمن يتصور خلو نظام االثبات
الجنائى االن من ادلة المراقبات التليفونية وتحاليل الدم وتحاليل DNAوتتبع ارقام التليفونات
المحمول والبصمات وغيرھا من ادلة المعمل الجنائى التى اصبحت اساسا مھما فى كشف كيفية
وقوع الجرائم ونسبتھا الى المتھم من عدمه .
كما كان لھذه التكنولوجيا الحديثه دور كبير فى عالج مشاكل العقوبة السالبه للحرية وما قد تسببه
من أضرار ال يمكن تجاھلھا وذلك من خالل إيجاد بديل لھذه العقوبة وبخاصة العقوبة قصيرة
المدة وذلك من خالل ربط العدالة الجنائية فى مراحلھا المتعاقبة بما أحرزته البشرية من تقدم
ملموس على صعيد التكنولوجيا وذلك عن طريق تنفيذ العقوبة السالبة للحرية بطريقة مبتكرة
خارج اسوار السجن فى الوسط الحر مع إخضاع المحكوم عليه بتلك العقوبة لنظام الكترونى
لمراقبته عن بعد للتأكد من إلتزامه بالتواجد فى المكان المحدد سلفا خالل االوقات المحددة ايضا
سلفا بموجب حكم قضائى وھو ما يعرف بنظام الخضوع للمراقبة االلكترونية .
٢
المبحث االول
ﻣاھية المراقبة االلكترونية وﻣبررات وﻣشكالت التطبيق
تمھيد وتقسيم :
تعرف عملية المراقبة االلكترونية بأنھا عمل أمنى أساسى له نظام معلومات إلكترونى يقوم فيه
المراقب )بكسر القاف( بمراقبة المراقب )بفتح القاف ( بواسطة االجھزة االلكترونية وعبر شبكة
االنترنت لتحقيق غرض محدد وإفراغ النتيجة فى ملف إلكترونى وتحرير تقارير بالنتيجة ). (١
من خالل ھذا التعريف يمكن القول بأن عملية المراقبة االمنية االلكترونية او عملية المراقبة
االلكترونية فى حد ذاتھا ھى عملية تقوم بھا جھه من جھات الدولة سواء كانت جھه أمنية أوجھه
قضائية تجاه شخص معين او مكان معين بغرض جمع بيانات او معلومات عن ھذا الشخص او
المكان بإستخدام التقنيات االلكترونية الحديثة لتحقيق غرض أمنى او غرض اخر .
وعلى ذلك فإنه ال يمكن إطالق تعبير المراقبة االلكترونية دون تحديد الن إطالق ھذا التعبير دون
تحديد قد يولد االعتقاد بأننا بصدد مراقبة عادية لفرد من االفراد او مكان من االماكن دون ربط
بين عملية المراقبة وبين إرتكاب جريمة او صدور حكم بالعقاب فيھا تجاه الجانى الذى تتم
مراقبته بناء على حكم قضائى ولذلك تم ربط عملية المراقبة بكونھا طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة
السالبة للحرية خارج اسوار السجن ليصبح ااالمر اكثر تحديدا ). (٢
حتى يتم التعرف على ماھية المراقبة االلكترونية بوصفھا طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة
للحرية خارج اسوار السجن فسوف نتناول دراسة ھذا المبحث من خالل المطالب االتية :
المطلب االول :ﻣاھية المراقبة االلكترونية كوسيلة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية
المطلب الثانى :ﻣبررات وﻣشكالت تطبيق نظام المراقبة االلكترونية
) (١د .مصطفى محمد موسى ،المراقبة االلكترونية عبر شبكة االنترنت ،دار الكتب القانونية ٢٠٠٥ص
. ١٩٢
) (٢د .عمر سالم ،المراقبة االلكترونية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية خارج السجن ،دار
النھضة العربية ،الطبعة الثانية بدون تاريخ النشر ،ص . ٣
٣
المطلب االول
ﻣاھية المراقبة االلكترونية كوسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية
تمھيد وتقسيم :
الوضع تحت المراقبة االلكترونية ھو أحد االساليب المبتكرة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية قصيرة
المدة خارج أسوار السجن فى الوسط الحر بصورة ما يدعى السجن فى البيت ،ويقوم ھذا
االسلوب على السماح للمحكوم عليه بالبقاء فى منزله لكن تحركاته محدودة ومراقبة بواسطة
جھاز يشبه الساعة او السوار يكون مثبت فى معصمه او أسفل قدمه ،وھى الوسيلة التى تدخل
فى نطاق البديل العصرى للعقوبة السالبة للحرية خصوصا قصير المدة منھا ،كما أن ھذا البديل
يشكل عالجا لعدد كبير من مشاكل العقوبة السالبة للحرية فى ظل المشاكل االقتصادية التى تواجه
المؤسسات العقابية على مستوى العالم بجانب حاالت التكدس الشديد بتلك المؤسسات .
للتعرف على الية المراقبة االلكترونية كوسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة االسالبة للحرية خارج اسوار
السجن فالبد من التعريف الدقيق لھذه االلية مع بيان تاريخ نشأتھا وكذا بيان الفرق بينھا وبين
البدائل االخرى للعقوبة السالبة للحرية او بينھا وبين العقوبات االخرى المشابھه لھا وذلك لبيان
ذاتية ھذه العقوبة ومدى ما تتمتع به من تطور فى أسلوب تنفيذ العقوبة يتفق والفكر الحديث
ومعطيات الزمن التى البد من حسن إستغاللھا لتحقيق ما يھدف اليه النظام العقابى الحديث من
تحقيق أكبر قدر من التأھيل للمحكوم عليه مع أقل قدر من المساس بحريته والتأثير على عالقاته
االسرية واالجتماعية وما يشكله ذلك من ضرر يلحق بغير من إرتكب المخالفة او الجرم من
أفراد اسرته .
تتطلب المراقبة االلكترونية ضرورة إيجاد الية معينة لتطبيقھا فماھية المراقبة االلكترونية
تتمركز حول بقاء المحكوم عليه فى منزله او محل عمله او تحديد أماكن تواجده خالل فترات
معينة وبالتالى البد من إيجاد وسيلة معينة لتحقيق ھذا الشرط والرقابة عليه ،وھو ما يتحقق بعدة
اليات او وسائل ،وعلى ذلك فإن بحثنا لھذا المطلب سوف يأتى من خالل الفروع االتية :
الفرع االول :تعريف المر اقبة االلكترونية ونشأتھا
الفرع الثانى :ذاتية المراقبة االلكترونية كوسيلة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية
الفرع الثالث :الية تطبيق المراقبة االلكترونية
٤
الفرع االول
تعريف المراقبة االلكترونية ونشأتھا
تعريف المراقبة االلكترونية :
تعددت المصطلحات التى تعبر عن فكرة المراقبة االلكترونية كوسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة
للحرية وھى وإن كانت متباينة فى عباراتھا إال أنھا كلھا تشير الى مضمون واحد ،ومن ذلك
مصطلح الحبس المنزلى Home Detention Curfewوكذلك مصطلح المراقبة االلكترونية
Electronic Monitoring of offendersوكالھما يشير الى االلية التى يتم من خاللھا
إخضاع المراقب او المخالف لللقانون للرقابة التى تضمن وجوده داخل منزله طوال الوقت او
أثناء اوقات من اليوم خالل ساعات معينه يتم تحديدھا سلفا ،وتتم عملية المراقبة عن طريق
جھاز صغير يشبه ساعة اليد يتم تركيبه حول معصم المحكوم عليه او قدمه ،ويتصل ھذا الجھاز
بواسطة جھاز الكترونى بالمركز المسئول عن المراقبة بواسطة خط التليفون الخاص بالمكان
المحدد إلقامة الخاضع للمراقبة ). (١
يتضح من خالل ھذا التعريف اتسام نظام المراقبة االلكترونية كوسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة
للحرية بثالث خصائص :اولھا أن الجانب الفنى يمثل جوھر المراقبة فال تتم ھذه االخيرة
بالطرق العادية وإنما تتطلب اجھزه فنية تعمل بطريقة إلكترونية وثانيا أن ھذه المراقبة محددة من
حيث المكان كالمنزل او دور االقامة ومن حيث الزمان فتقتصر على ساعات معينه خالل اليوم
وأخر ھذه الخصائص ان المراقبة االلكترونية تنھض على مبدأ التراضى فال يجوز فرضھا على
الخاضع لھا او قيام السلطة القضائية بااللزام بھا ). (٢
يالحظ كذلك من خالل التعريف أن االقامة فى المنزل تمثل عنصرا جوھريا فى فكرة المراقبة
االلكترونية ،إال ان المراقبة يمكن أن تتم خارج المنزل وفقا للحدود التى ترسمھا الجھه القائمة
على التنفيذ فضال عن أنه من الممكن االقامة فى المنزل والخضوع للرقابة العادية من رجال
الشرطه وھو االمر الذى يختلف عن فكرة المراقبة االلكترونية وبالتالى فإن المراقبة اااللكترونية
كوسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية تمكن أن تتم خارج حدود االقامة بالمنزل ). (٣
٥
تستعمل المراقبة االلكترونية فى العديد من الدول التى تنتھج سياسة جنائية حديثة تھدف الى الحد
من توقيع عقوبة السجن ،وتستعمل المراقبة االلكترونية فى ھذه الدول فى واحدة او أكثر من
الوظائف االتية :
• خالل مرحلة ما قبل المحاكمة كإجراء من االجراءات الجنائية
• كإجراء من إجراءات تعليق تنفيذ عقوبة السجن
• كعقوبة قائمة بذاتھا
• تدخل كعقوبة ضمن عقوبات أخرى
• كإجراء يسبق إخالء السبيل النھائى
• كإجراء من إجراءات إخالء السبيل المشروط من السجن قبل إنتھاء مدة العقوبة
• كإجراء يتبع مع بعض انواع المجرمين عقب إنتھاء عقوبتھم وخروجھم من السجن ). (١
فى جميع الصور السابقة الستعمال المراقبة االلكترونية يتعين على الخاضع لھا االلتزام بالسلوك
القويم فى حياته والبعد عن كل سلوك من شأنه إتجاھه لدرب الجريمة من جديد ،مثل إقامته
عالقات مع ذوى السوابق ومحترفى االجرام وذوى السمعه السيئة او التردد على الحانات او
حمل ادوات يمكن إستخدامھا فى إقتراف الجرائم كاالسلحة النارية والبيضاء ). (٢
على الرغم من مزايا الوضع تحت المراقبة كأسلوب حديث لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية فإنه لم
يسلم من االنتقادات فكثيرون يرون أن السجن فى البيت ال يمثل سلبا للحرية ومن ثم فإنه ال يجسد
صورة العقوبة الزاجرة والتى تحقق االلم والحرمان وبالتالى فقد اصبحت المراقبة االلكترونية
امام فريقين ،فريق يرى أنھا عقوبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى مع تميزھا بأنھا شكل جديد
من الرد على االجرام يستند الى التكنولوجيا الحديثة يجمع بين الردع وإعادة التأھيل ويقوم
بالدرجة االولى على الثقة دون أن يحمل العزلة واالنقطاع والوحدة التى يقود اليھا السجن وفريق
اخر يرى انھا تدبير يؤدى الى تأكل العقوبة ويفقدھا مضمونھا وأھدافھا ). (٣
(1) Mlke Nellis and Dominik Lehner , Scope and Definitions Electronic Monitoring ,
European Committee on Crime Problems (CDPC) Council for Penological
Cooperation (PCCP) 16/10/2012 P 2 .
www.coe.int
) (٢د .ايمن رمضان الزينى ،الحبس المنزلى ،دار النھضه العربية ،الطبعة االولى ٢٠٠٥ص . ٤
) (٣د .صفاء أوتانى ،الوضع تحت المراقبة االلكترونية فى السياسة العقابية الفرنسية ،بحث منشور بمجلة
جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية ،المجلد ٢٥العدد االول ٢٠٠٩ص. ١٣٢
٦
نشأة وتطور المراقبة االلكترونية كوسيله حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية
ترجع عمليات المراقبة االلكترونية الى العمل الذى قام به الدكتور Ralph Schwitzgebelمن
خالل اللجنه العلمية لالختبار النفسى بجامعة ھارفارد بالواليات المتحدة االمريكية ففى عام
١٩٦٤استطاع ھذا العالم أن يطور وحدة جھاز راديو تزن كيلو جرام واحد لتصبح قادرة على
رصد االشارات الجسمانية والعصبية لالنسان فى مكان محدد والتى تختلف من إنسان الخر
وإرسال تلك االشارات الى جھاز إستقبال وذلك فى محيط مسافة ال تتعدى أربعمائة متر مربع
وإظھار النتيجه على شاشة معدة لذلك ويمكن من خالل ھذه العملية إقتفاء اثر شخص معين ). (١
وفى بدايات عام ١٩٨٠قام قاضى أمريكى تحت دافع تأثره بحلقات المسلسل الكرتونى الشھير
)الرجل العنكبوت ( Spideremanوالتى إستطاع فيھا الشرير تحديد أماكن تواجد بطل القصة
الخارق بفضل جھاز فى معصم اليد وحاول ھذا القاضى إقناع إحدى الشركات الخاصة لتطوير
إسورة مراقبة يمكن للمدانيين لبسھا حتى يمكن مراقبتھم من خالل جھاز مركزى يرصد
تحركاتھم ،وبالفعل وفى عام ١٩٨٣صدر اول حكم يلزم المفرج عنھم تحت شرط قبل إنتھاء
مدة عقوبتھم بإرتداء ما يشبه الخلخال بأقدامھم لمراقبة سلوكھم عقب االفراج عنھم ). (٢
أعقب نجاح ھذه التجربة تبنيھا من خالل مشروعات قوانين حكومية ظھرت اوال فى واشنطن ثم
واليات فرجينيا وفلوريدا ومتشيجن وكاليفورنيا وذلك حتى وصل عدد البرامج الحكومية التى
تتبنى نظام المراقبة االلكترونية سنة ١٩٨٦الى ٤٥برنامج فى ٢٦والية أمريكية وذلك قبل أن
يشق النظام طريقه الى النور وتقره العديد من التشريعات االوروبية ). (٣
(1) Matt Black and Russell G.Smith , Electronic Monitoring in the Criminal Justice
System , Australian Institute of Criminology , May 2003 p 1 .
18/7/2013http://www.aic.gov.au
(2)Ibid .
) (٣د .أسامة حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية االلكترونية ،المرجع السابق ص . ١٠
٧
الطبيعة القانونية للمراقبة االلكترونية كوسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية
يثور تساؤل حول تحديد الطبيعة القانونية للمراقبة االلكترونية وھل ھى تعد عقوبة سالبة للحرية
على ذات النحو الذى يتم داخل المؤسسات العقابية ام انھا أسلوب او طريقة للمعاملة العقابية
يطبق على طائفة معينة من المحكوم عليھم .
يعتبر حرمان المحكوم عليه من حرية الحركة والتنقل اال فى اطار الكيان المادى للمؤسسة
العقابية التى يقضى فيھا المحكوم عليه عقوبته ھو جوھر العقوبة السالبة للحرية ،وبالتالى فإنه
إذا أمكن الوصول الى ھذه الغاية وتحقيق تلك النتيجة بوسيلة أخرى فليس ھناك ما يمنع من القول
نظريا على االقل بأننا بصدد عقوبة سالبة للحرية ،وھو االمر الذى قد ينطبق على المراقبة
االلكترونية التى يتحقق فيھا حرمان الخاضع لھا من حرية الحركة والتنقل اال فى محيط المكان او
المنزل الذى يعيش فيه المحكوم عليه ). (١
القول السابق يحد منه امران :االول – ان المشرع المصرى عندما عرف الحبس فى المادة ١٨
من قانون العقوبات ربطه بمكان محدد ھو السجون المركزية او السجون العمومية وذلك وفقا
لنص المادة " عقوبة الحبس ھى وضع المحكوم عليه فى أحد السجون المركزية او العمومية
المدة المحكوم بھا "
الثانى :أن سلب الحرية يفترض استمرارا فى منع المحكوم عليه من حرية الحركة والتنقل وھو
من المبادئ التقليدية فى تنفيذ العقوبة السالبة للحرية وھو االمر الذى يختلف فى حالة المراقبة
االلكترونية إذ أن سلب الحرية يكون فى غير أوقات العمل او الدراسة او العالج فاالستمرار فى
التنفيذ ليس من سمات المراقبة االلكترونية على النحو الذى طبقته االنظمة العقابية التى أخذت بھا
وبالتالى فإنه ووفقا لھذا الراى فإنه ال يمكن النظر الى المراقبة االلكترونية على أنھا عقوبة سالبة
للحرية قائمة بذاتھا وإنما ھى أسلوب او طريقة للمعاملة العقابية تطبق على فئة من المحكوم
عليھم تثبت ظروفھم أنھم أھل لھذه المعاملة الخاصة ). (٢
) (١د .عمر سالم ،المراقبة االلكترونية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية ،مرجع سابق ص.١١
) (٢المرجع السابق ص . ١٢
٨
يرى البعض أن تحديد الطبيعة القانونية للمراقبة االلكترونية البد أن يتم فى ضوء معيار شكلى
يستند الى المرحلة االجرائية التى يتم فيھا تطبيق المراقبة االلكترونية فإذا تم تطبيق تلك االمراقبة
فى المرحلة السابقة على صدور الحكم فى الدعوى الجنائية كنا بصدد تدبير إحترازى ،إذ
الفرض ھنا أن المراقبة االلكترونية تحل محل الحبس االحتياطى فى تحقيق غاياته التى تنحصر
أھمھا فى حرمان الجانى من تشويه الدليل او التأثير على الشھود او الحيلولة دون إرتكاب جرائم
جديدة نظرا لخطورته االجرامية ،أما إن كنا فى مرحلة التنفيذ العقابى اى بعد صدور حكم
باالدانه فإن المراقبة االلكترونية ھنا تحمل الطبيعة العقابية النھا تنطوى على تقييد للحرية ولكنھا
ھنا عقوبة تھذيبية بناءة تحمل طابع المكافأة عن حسن سلوك المحكوم عليه فى أوقات سابقة
لسلب الحرية وھو االمر الذى إنتھى اليه الفكر العقابى الحديث فى شرح تدرج نظم المؤسسات
العقابية ). (١
ويرى الباحث أن المراقبة االلكترونية كوسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية ھى توظيف
للتكنولوجيا الحديثة فى ﻣجال العدالة الجنائية لھا ذاتيتھا المستقلة التى فرضتھا الطبيعة
الخاصة لھا بما يمكن أن تحمله ﻣن صفات العقوبة السالبة للحرية وكذلك الترابير االحترازية .
) (١د .أسامه حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية االلكترونية ،المرجع السابق ص . ١٤
٩
الفرع الثانى
ذاتية المراقبة االلكترونية كوسيلة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية
المراقبة االلكترونية كوسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية خارج اسوار السجون تعتبر بديل
حديث للسجون والمؤسسات العقابية يتم من خاللھا تنفيذ العقوبة السالبة للحرية دون إيداع
المحكوم عليه داخل سجن وبالتالى ال يتعرض الخاضع لھا لما قد يتعرض له السجين من اضرار
لالختالط داخل السجون ومن بيئة يغلب عليھا االجرام والسلوك الشاذ ،كما أن المراقبة
االلكترونية تعتبر إستغالل للتكنولوجيا الحديث وإخضاع لھا فى تحسين وتطوير النظام العقابى
وبالتالى فإن لھا ذاتية خاصة تميزھا عن غيرھا من بدائل للعقوبة ومن أساليب للمعاملة العقابية
التى تتم مع المحكوم عليھم بغية إعادة إدماجھم داخل المجتمع .
تتشارك المراقبة االلكترونية كوسيلة حديثة فى تنفيذ العقوبة السالبة للحرية خارج اسوار السجون
مع العديد من البدائل االخرى للعقوبة فى العديد من الصفات ،كما تتشارك ايضا صفات معينه
مع بعض التدابير االحترازية االخرى ،كذلك قد يكون الھدف من فرض التدبير االحترازى او
فرض المراقبة االلكترونية او حتى احد بدائل العقوبة او الحبس االحتياطى واحد ولكن تظل
المراقبة االلكترونية بإعتبارھا بديل حديث للعقوبة السالبة للحرية لھا خصوصيتھا التى تفرضھا
شخصية الخاضع لھا وطبيعتھا كعقوبة خاصة لھا اليات مختلفة لتنفيذھا ،وفيما يلى عرض لذاتية
المراقبة االلكترونية مقارنة بغيرھا من االليات والبدائل االخرى .
١٠
اوال :المراقبة االلكترونية وﻣراقبة الشرطة
قد يحتاج المحكوم عليه خالل فترة معينه الى توجيه وإشراف حتى ال يقع فريسه لعوامل االجرام
مرة أخرى وبالتالى يرتكب جريمه جديدة وھذا ھو ھدف مراقبة الشرطه للمحكوم عليه للحد من
تأثير دوافع االجرام او االختالط بأصدقاء السوء او إرتياد أماكن معينه قد تكون سببا فى تحريك
الميل الى إرتكاب جريمه جديده .
تشترك مراقبة الشرطه مع المراقبة االلكترونية فى أن كليھما يمثل مساسا بالحرية الشخصية
للخاضع لھما فكل منھما مقيد لتلك الحرية او يحد منھا بقدر معين ولكن ال يسلبھا نھائيا ،ففى
مراقبة الشرطه يتم إلزام المحكوم عليه بمجموعة من القيود واالجراءات التى ال تسلبه حريته
كاملة وكذلك الحال فى المراقبة االلكترونية يتم الحد من حرية الحركة والتنقل للخاضع لھا ). (١
كذلك تتشابه مراقبة الشرطه مع المراقبة االلكترونية فى أن كليھما يمنح الجانى الفرصة لتقويم
سلوكه ذاتيا واالندماج فى المجتمع خالل فترة الخضوع لھما ). (٢
على الرغم من ھذا التشابه بين المراقبة االلكترونية ومراقبة الشرطه إال أنھما يختلفان فى بعض
االوجه ،فالمشرع المصرى قد جعل لمراقبة الشرطه ثالث حاالت وھى أن تكون عقوبة أصلية
كما نصت المادة الثانية من القانون رقم ٩٨لسنة ١٩٤٥بشأن المشردين والمشتبه فيھم والتى
تعاقب فيھا على التشرد بالوضع تحت مراقبة البوليس مدة ال تقل عن ستة أشھر وال تزيد على
خمس سنوات ،وقد تكون عقوبة تبعية كما فى جرائم تزييف العملة وقد تكون عقوبة تكميلية
جوازية كما فى جرائم العود الى السرقة والنصب أما المراقبة االلكترونية فإنھا ليست ذات صفة
أصلية او تكميلية او تبعية ولكنھا أسلوب للمعاملة العقابية خارج أسوار السجون باالضافة الى أن
المراقبة االلكترونية ليست تدبيرا إحترازيا وذلك عكس المراقبة االلكترونية كما أن المراقبة
االلكترونية تقتضى متابعة الخاضع لھا متابعة كاملة فى حين أن الخاضع لمراقبة الشرطه تتم
متابعته متابعة متقطعة للتأكد من إحترامه لاللتزامات المفروضه عليه ). (٣
) (١د .أسامه حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية االلكترونية ،المرجع السابق ص . ٦٠
) (٢د .أيمن رمضان الزينى ،الحبس المنزلى ،المرجع السابق ص . ٨
) (٣د .عمر سالم ،المراقبة االلكترونية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية ،مرجع سابق ص ٣١
١١
ثانيا :المراقبة االلكترونية ونظام العمل للمنفعة العاﻣة
يعد العمل للمنفعة العامة أحد صور نظام المعاملة خارج المؤسسات العقابية الذى يجنب المحكوم
عليه االختالط بأوساط السجون ويسھم فى إعادة تأھيله إجتماعيا كما أن ھذا النظام يحقق فائدة
للمجتمع الذى يستفيد من تلك الخدمات المجانية .
يقصد بالعمل للمنفعة العامة إلزام المحكوم عليه بإتمام عمل دون مقابل لمصلحة المجتمع ،بدال
من دخوله السجن وذلك خالل مدة معينة تحددھا المحكمة فى قرارھا بفرض ھذا النظام ،وبالتالى
فإن ھذا النظام يقوم على توفير معاملة عقابية خاصة تنطوى على التھذيب من خالل العمل ودون
أن تنطوى على سلب للحرية وبفضل ھذا النظام يتم تجنب مساؤى العقوبة السالبة للحرية وأثرھا
السلبى فى نفسية المحكوم عليھم وشخصيتھم داخل السجن ،فيلزم الطبيب مثال بتقديم خدمات
عالجية للمرضى فى أحد المراكز الصحية مرتين فى االسبوع ،ويحكم على النجار بتجديد أثاث
إحدى االدارات الحكومية ،كما أنه يمكن تحديد نطاق العمل للمنفعة العامة بأعمال يستفيد منھا
المجتمع ). (١
لنظام العمل للمنفعة العامة طبيعة خاصة تجمع بين العقوبة والتدبير فھو كإحدى العقوبات البديلة
عن العقوبة السالبة للحرية يحمل فى طياته بعضا من صفات العقوبة فھو يمثل إلزاما وتكليفا
وإجبارا )جسديا ونفسيا( للمحكوم عليه كونه يعد تقييدا لحريته ومن ثم فإن ھذا النظام ينذر الجميع
بسوء عاقبة االجرام ،ويحقق بذلك وظيفة الردع العام ،فھو يتطلب إنضباطا ذاتيا من جھة
وإحترام االخرين من جھه أخرى وكما أن المحكوم عليه بھذا النظام قد يترتب عليه قيامه بعمل قد
يستغرق وقتا طويال وجھدا وعناء ،كما يواجه حاالت ويقوم بمھام تتطلب منه توظيف خبرته
ومقدرته وھو فضال عن ذلك يقدم عمال مجانيا وحسن أدائه يدل على ندمه ورغبته فى التكفير
عن جريمته وعدم الرجوع اليھا ثانية ،كما أن العمل للمنفعة العامة يسعى الى إرضاء الشعور
الجمعى بالعدالة فھو يسعى الى محو عدوان الجريمة على العدالة كقيمة إجتماعية وذلك بقيام
المحكوم عليه بتعويض الضرر الذى تولد عن جريمته بأداء عمل نافع للمجتمع ودون مقابل )(٢
) (١د .محمد سيف النصر عبد المنعم ،بدائل العقوبة السالبة للحرية فى التشريعات الجنائية الحديثة ،دار
النھضة العربية ،الطبعة األولى القاھرة ، ٢٠٠٤ص . ٣٩٠
) (٢د .صفاء أوتانى ،العمل للمنفعه العامة فى السياسة العقابية المعاصرة ،بحث منشور بمجلة جامعة
دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية ،المجلد ٢٥العدد الثانى ٢٠٠٩ص . ٤٣٣
١٢
يتميز العمل للمنفعة العامة بأنه يسعى الى تحقيق أغراض متميزه عن أغراض العقوبة التى يتمثل
جوھرھا فى االيالم الذى يتحقق عن طريق المساس بحق من حقوق من تفرض عليه العقوبة بينما
يسعى العمل للمنفعه العامة لتحقيق ھدفين :
االول :إصالح ضرر الجريمة
الثانى :إعادة تأھيل المحكوم عليه إجتماعيا فھو معاملة عقابية خاصة تعزز التضامن االجتماعى
تجاه المحكوم عليه وتساعد على إعادة إندماجه االجتماعى
كما أن العمل للمنفعة العامة يحمل بعضا من صفات التدبير النه ذو صفة تأھيلية ووقائية فھو
يفرض العتبارات تتعلق بمصلحة الفرد والمجتمع معا ويرمى الى الحد من ظاھرة العود عن
طريق تأھيل الفرد ويھدف الى حماية المجتمع فھو يحمل فى طياته فلسفة التعويض ). (١
تعرف عدد من التشريعات العقابية نظام العمل خارج السجن ومن ذلك قانون العقوبات المصرى
وذلك على وجھين إما أن يكون العمل للمنفعة العامة عقوبة بديلة للحبس قصير المدة او أن يكون
بديال لالكراه البدنى .
تتمثل الصورة االولى للعمل للمنفعة العامة فيما نصت عليه المادة ١٨من قانون العقوبات
المصرى والمادة ٤٧٩من قانون االجراءات الجنائية بقولھما " لكل محكوم عليه بالحبس البسيط
مدة ال تتجاوز ثالثة أشھر أن يطلب بدال من تنفيذ عقوبة الحبس عليه تشغيله خارج السجن وفقا
لما ھو مقرر بالمواد ٥٢٠وما بعدھا من قانون االجراءات الجنائية وذلك ما لم ينص الحكم على
حرمانه من ھذا الخيار .
أما الشكل االخر من العمل للمنفعة العامة فھو كبديل لالكراه البدنى بإعتباره وسيلة لتحصيل
الغرامة التى يمتنع المحكوم عليه عن دفعھا او يعجز عن دفعھا والمنصوص عليه فى المواد
٥٢٠من قانون االجراءات الجنائية " للمحكوم عليه أن يطلب فى اى وقت من النيابة العامة قبل
صدور االمر باالكراه البدنى إبداله بعمل يدوى او صناعى يقوم به " كما تنص المادة ٥٢١من
القانون على " يشتغل المحكوم عليه فى ھذا العمل بال مقابل الحد الجھات الحكومية او البلديات
مدة من الزمن مساوية لمدة االكراه التى كان يجب التنفيذ عليه بھا "
) (١د .صفاء اوتانى ،العمل للمنفعه العامة فى السياسة العقابية المعاصرة ،المرجع السابق ص . ٤٣٣
١٣
يتشابه العمل للمنفعة العامة مع المراقبة االلكترونية كوسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة لللحرية
فى أنھما بديالن للعقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة وفى أنھما يجنبان المحكوم عليه وأفراد
اسرته وعائلته واالقتصاد القومى للمجتمع االضرار السلبية المتعددة للعقوبة السالبة للحرية والتى
ال ينتھى المجال الزمنى لتأثيرھا بنھاية مدة تنفيذ العقوبة بل إن التأثير السلبى لتلك العقوبة يتخطى
ھذا المدى االزمنى الى ما ھو أبعد من ذلك ،كما أنھما يجنبان المحكوم عليه االثار السلبية
الختالطه بعتاة المجرمين فى السجون باالضافة الى فاعلية كال النظامين فى الحد من معدالت
تكدس السجون وتقليل نسبة العود الى الجريمة ). (١
ومع ذلك فثمة إختالف بين العمل للمنفعة العامة والمراقبة االلكترونية يتصل بصفة كال منھما
فالعمل للمننفعة العامة له وجھين وھما أن يكون بديال لعقوبة الحبس البسيط الذى ال يتجاوز ثالثة
اشھر او بديال لالكراه البدنى فى حين تمثل المراقبة االلكترونية عقوبة مستقله تمثل وسيلة
مستحدثة لتقييد الحرية خارج الحدود الجغرافية للسجون دون أن تعد بديال عن العقوبة ذاتھا )(٢
كما يختلف نظام العمل للمنفعة العامة عن نظام المراقبة االلكترونية فى بعض االمور الفنية التى
تتطلبھا الية تنفيذ كال النظامين سواء من ناحية الجھه المسئولة عن تنفيذ كال النظامين او االساس
القانونى الذى يستند اليه اى منھما وكذلك اليات تطبيق النظامين فنجد أن المراقبة االلكترونية
تعتمد بالمقام االولى فى تنفيذھا على الوسائل التكنولوجية الحديثة .
) (١د .أيمن رمضان الزينى ،الحبس المنزلى ،المرجع السابق ص . ١٠
) (٢د .أسامة حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية االلكترونية ،المرجع السابق ص . ٦٧
١٤
ثالثا :المراقبة االلكترونية واالفراج الشرطى .
اإلفراج الشرطي :ھو نظام يفرج بمقتضاه عن المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية قبل أن
تنقضى كل المدة المحكوم بھا عليه ،فإذا إنتھت المدة دون أن يخل المحكوم عليه بشروط االفراج
فإنه يكون قد استوفى مدة العقوبة كاملة ويصبح االفراج بالتالى نھائيا ،أما إذا ثبت مخالفته لھذه
الشروط الغى االفراج وأعيد المحكوم عليه لتنفيذ المدة المتبقية من العقوبة ). (١
كما يعرف أيضا االفراج الشرطى بأنه االلية التى بواسطتھا يمكن للسجين المدان الذى اظھر
براھين او ادلة على إعادة تجدد شخصيته إجتماعيا خالل فترة تواجده بالسجن الحصول على
إفراج مشروط لفترة تستمر حتى ميعاد االفراج الرسمى )(٢
ويتضح من ھذين التعريفين أن االفراج الشرطى ينطوى على تغيير فقط فى كيفية تنفيذ الجزاء
الجنائى فبعد أن كان الجزاء الجنائى ينفذ فى وسط مغلق سالب للحرية أصبح يتم فى وسط حر
يكتفى فيه بتقييد تلك الحرية ،ولھذا النظام ما يبرره من إعتبارات تتمثل فى االتى :
• تشجيع المحكوم عليه على إلتزام السلوك الحسن داخل السجن حتى يستفيد من مزايا ھذا
النظام ،وال شك فى أن إنتھاج ھذا السبيل من أغلب المسجونين يكفل تطبيق المعاملة
العقابية على أحسن نحو لتحقيق أغراض العقوبة .
• كما أن فرض إلتزامات معينه على المحكوم عليه بعد االفراج عنه إفراجا شرطيا مع
كون ھذا االفراج معلقا على وفائه بھذه االلتزامات التى تتمثل فى سلوك المفرج عنه
سلوك مستقيم مطابق للقانون االمر الذى يجعل المفرج عنه إفراجا شرطيا يحرص على
االلتزام بالقانون حتى ال يتعرض اللغاء االفراج
• يعتبر االفراج الشرطى سبيل الى تفريد المعاملة العقابية ،فقد يتحسن وضع المحكوم
عليه بسرعه أكثر مما كان يتوقع القاضى أثناء النطق بالحكم ،وبالتالى يكون من غير
المناسب االستمرار فى تنفيذ الجزاء الجنائى داخل السجن بالنسبة للمحكوم عليه فى
الوقت الذى بدا فيه إصالحه .
• باالضافة الى أن االفراج الشرطى يساعد المفرج عنه على العودة للمجتمع بشكل
تدريجى وتمكينه من التكيف مع أفراد وظروف ھذا المجتمع نتيجة التدرج بالمحكوم عليه
من السلب الكامل للحرية الى الحرية المقيدة بقيود )(٣
) (١أستاذنا الدكتور .احمد شوقى ابو خطوه ،المساواة فى القانون الجنائى ،دار النھضة العربية ،الطبعة
الخامسة القاھرة ، ٢٠٠٨ص . ١٤٧
(2) Christopher l. Blackesley , Conditional Liberation (Parole) In France , University
of Nevada , Las Vegas , School of Law , 1978 , p 3 .
digitalcommons.law.lsu.edu 11/1/2013
) (٣د .فوزية عبدالستار ،مبادئ علم العقاب ،دار النھضة العربية ،القاھرة الطبعة األولى ،١٩٩٢ص . ١٧٩
١٥
• االفراج الشرطى وسيلة تھدف الى التغلب على بعض مشاكل السجون ومنھا مشكلة
ازدحام السجون فإطالق سراح المحكوم عليھم غير الخطرين ليحل محلھم الخطرون من
شأنه تخفيف االزدحام بالسجون واالقتصاد فى النفقات داخل المؤسسات العقابية ). (١
• االفراج الشرطى يعتبر وسيلة الختبار مدى نجاح برامج تأھيل السجين ). (٢
يمكن القول أن نظام المراقبة االلكترونية يتشابه ويختلف عن نظام االفراج الشرطى فى عدد من
النقاط تتمثل فى االتى :
اوال :يتشابه كال النظامين فى إتاحتھما الفرصة للمحكوم عليه لمباشرة شئون حياته اليومية
والوفاء بإلتزاماته االجتماعية واالسرية والعائلية دون وقوف اسوار السجن وقضبانه حائال بينه
وبين ھذا االمر ،كما أن كال النظامين يسمح للمحكوم عليه فى تنفيذ جزء من العقوبة فى حالة
االفراج الشرطى وقد تصل الى مجمل مدة العقوبة فى حالة المراقبة بعيدا عن السجن االمر الذى
يساعد المحكوم عليه على إعادة االندماج داخل المجتمع ويقية االضرار السلبية لالختالط داخل
السجون ). (٣
ثانيا :يختلف نظام المراقبة عن نظام االفراج الشرطى فى أن نظام المراقبة االلكترونية وبحسب
ما يراه البعض يضمن قدرا أكبر من المساس بالحرية عنه فى حالة االفراج الشرطى فإذا كان
كال النظامين يتضمن تقييدا للحرية إال أن حجم ھذا التقييد يزيد فى حالة المراقبة االلكترونية عنه
فى االفراج الشرطى ) ، (٤كما أن االفراج الشرطى ھو أحد اساليب المعاملة العقابية التى تتم
خارج إطار المؤسسة العقابية مع إرتباطه بالعقوبة السالبة للحرية فھو يتم كمنحه او مكافأه على
حسن سلوك المحكوم عليه داخل السجن وبالتالى فھو تطور السلوب المعاملة العقابية او إمتداد
للمعاملة العقابية التى كانت تتم داخل السجن أما المراقبة االلكترونية فھى بديل للمؤسسة العقابية
او السجن فھى تقييد للحرية بدون أسوار السجن بإستخدام اليات حديثة تعتمد على العلم
والتكنولوجيا
) (١د .محمد عيد الغريب ،االفراج الشرطى فى ضوء السياسة العقابية الحديثة ،حقوق المنصورة
١٩٩٥-١٩٩٤ص. ٥٠
(2) Christopher l. Blackesley , op.cit. , p 3 .
) (٣د .أيمن رمضان الزينى ،الحبس المنزلى ،المرجع السابق ص . ١٧
) (٤د .أسامة حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية االلكترونية ،المرجع السابق ص . ٧٠
١٦
رابعا :المراقبة االلكترونية وإيقاف تنفيذ العقوبة
أخذت التشريعات الجنائية الحديثة بنظام وقف التنفيذ العقوبة او تعليق تنفيذ الحكم الصادر باالدانة
على شرط ،ومؤدى ھذا النظام أن ينطق القاضى بالعقوبة ويأمر بوقف تنفيذھا لمدة معينة فإذا
إنقضت تلك المدة دون أن يرتكب المحكوم عليه أية جريمة سقط الحكم بالعقوبة وإعتبر كأن لم
يكن وإال نفذت العقوبة الموقوف تنفيذھا مع العقوبة المحكوم بھا ،ويواجه ھذا النظام حاالت
المحكوم عليه الذى تضطره بعض الظروف االجتماعية والضغوط البيئية الى إرتكاب الجريمة
مما يستتبع أن يعامل المعاملة المالئمة لظروفه وحالته ومقتضيات تأھيله حتى ولو أدت ھذه
المالئمة الى إيقاف تنفيذ العقوبة المحكوم بھا عليه ). (١
اخذ المشرع المصرى فى قانون العقوبات بنظام وقف التنفيذ ووضع أحكامه بالمواد ٥٥وما
بعدھا فى قانون العقوبات وقد نصت المادة ٥٥من قانون العقوبات على أنه
"يجوز للمحكمة عند الحكم فى جناية او جنحة بالغرامة او الحبس مدة ال تزيد على سنة أن تأمر
فى نفس الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة إذا رأت من أخالق المحكوم عليه او ماضيه او سنه او
الظروف التى إرتكبت فيھا الجريمة ما يبعث على االعتقاد بأنه لن يعود الى مخالفة القانون .
ويجب أن يبين فى الحكم أسباب إيقاف التنفيذ ويجوز أن يجعل االيقاف شامال الية عقوبة تبعية
ولجميع االثار المترتبة على الحكم"
يتشابه نظام إيقاف تنفيذ العقوبة مع نظام المراقبة االلكترونية فى أن كال النظامين يسعيان الى
تجنيب المحكوم عليه وأفراد أسرته مخاطر وأضرار الزج فى السجون وما يترتب على ذلك من
سلبيات يتعرض لھا السجين وأفراد أسرته ). (٢
يختلف نظام إيقاف التنفيذ عن نظام المراقبة االلكترونية فى أن إيقاف التنفيذ يفترض تعليق تنفيذ
العقوبة على شرط خالل فترة يحددھا القانون وبالتالى فإن العقوبة ال تنفذ بمرور الفترة المحددة
لذلك ويبرز ھذا االمر فارقا واضحا بين وقف التنفيذ والمراقبة االلكترونية فاالخيرة تمثل تنفيذا
للعقوبة السالبة للحرية ولكن بدال من أن يكون ذلك داخل السجن فإن التنفيذ يتم خارجه ). (٣
) (١استاذنا الدكتور ،احمد شوقى ابو خطوة ،المساواة فى القانون الجنائى ،المرجع السابق ص . ١٤٠
) (٢د .أيمن رمضان الزينى ،الحبس المنزلى ،المرجع السابق ص . ٢١
) (٣د .عمر سالم ،المراقبة االلكترونية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية ،مرجع سابق ص٣٨
١٧
الفرع الثالث
الية تطبيق المراقبة االلكترونية
كما سبق القول فى تعريف المراقبة االلكترونية من أنھا أحد االساليب المبتكرة لتنفيذ العقوبة
السالبة للحرية قصيرة المدة خارج أسوار السجن فى الوسط الحر بصورة ما يدعى بالسجن فى
البيت ،فإنه بالتالى البد لھذه الفكرة من الية معينه لتطبيقھا او بمعنى أخر البد من وجود وسيلة
يتم بھا التأكد من إلتزام الخاضع للمراقبة االلكترونية بالبقاء فى منزله خالل االوقات المحددة فى
الحكم بالمراقبة كذلك إلتزامه بعدم التواجد فى أماكن أخرى كمكان إرتكاب الجريمة أو وجود
المجنى عليه او أماكن معينة يتم تحديدھا فى الحكم الصادر بالمراقبة .
ھناك عدة اليات لتطبيق المراقبة االلكترونية على مستوى العالم تختلف فيما بينھا فى نوع
التكنولوجيا التى تقوم عليھا كل الية من تلك االليات المختلفة كذلك تكلفة التطبيق لكل نوع
وتنحصر اليات تطبيق المراقبة او أساليب تطبيق المراقبة االلكترونية فى الدول المختلفة التى
تبنت فكرة المراقبة االلكترونية فى االتى .
) (١د .أيمن رمضان الزينى ،الحبس المنزلى ،المرجع السابق ص . ٨٠
١٨
فى حالة عدم مطابقة بصمة صوت المتصل لبصمة الصوت االصلية المسجلة على الكمبيوتر
المركزى الخاضع لھذا النظام او قيامه بإستخدام تليفون أخر فى االتصال فى االوقات المحدد له
فيھا بالبقاء فى المنزل ا وفى المكان المحدد لتنفيذ الحبس المنزلى ،يقوم الكمبيوتر المركزى
بإثبات مخالفته لقواعد تطبيق النظام ،ومن الدول التى تستخدم ھذه الوسيلة الواليات المتحدة
االمريكية وبلغاريا وإنجلترا ). (١
تعتبر المراقبة االلكترونية بإستخدام الية التحقق من الصوت وسيلة مقبولة لتطبيق برامج المراقبة
االلكترونية نظرا لعدة أمور :
يمكن االعتماد عليھا بشكل كبير نظرا لقلة نسبة الخطأ فيھا •
القدرة على التسجيل السريع والبسيط •
إمكانية المراقبة العشوائية او المحددة •
إمكانية المراقبة لمواقع متعددة •
عدم الحاجة الى أجھزه أخرى •
توافرتقنيات تمنع عمليات االحتيال والتالعب •
إمكانية تقديم تقارير مفصلة عن سير المراقبة وإنتظام الخاضع لھا •
إمكانية التكامل والتداخل مع باقى وسائل المراقبة االخرى •
التكلفة المنخفضه ). (٢ •
) (١د .أيمن رمضان الزينى ،الحبس المنزلى ،المرجع السابق ص . ٨٠
)http://www.socalalternativesentencing.com(2
١٩
- ٢المراقبة االلكترونية بإستخدام ﻣوجات او ترددات الراديو Radio Frequency
تعتبر ھذه الوسيلة من أكثر الوسائل تطبيقا فى الدول التى تبنت نظام المراقبة االلكترونية
وتقوم ھذه االلية على فكرة إستخدام الترددات التى تنبعث من جھاز مثبت بمعصم الخاضع
للمراقبه بينما يقوم جھاز أخر بإستقبال ھذه الترددات يسمى وحدة االستقبال التى يتم تثبيتھا بمنزل
المحكوم عليه وتتصل عن طريق خط تليفون ثابت بالكمبيوتر المركزى الموجود بمركز المراقبة
بحيث إذا إنقطعت تلك الترددات نتيجة خروج الخاضع للمراقبة خالل أوقات المراقبة عن النطاق
المكانى المحدد الستقبال تلك الترددات تقوم وحدة االستقبال بإرسال إشارات تحذيرية لجھاز
االستقبال او الكمبيوتر المركزى بمركز المراقبة نتيجة خروج الخاضع للمراقبة عن النطاق
المكانى للمراقبة ،وعلى ذلك فإن إستخدام ھذه االلية او الطريقة يستلزم توافر ثالث عناصر)(١
٢٠
ثانيا :وحدة االستقبال او المراقبة Monitoring Unit
وھى عبارة عن جھاز يوضع فى المكان المعد للمراقبة سواء كان محل االقامة او محل العمل
ويتصل بخط تليفونى ثابت ومصدر للكھرباء ويقوم ھذا الجھاز بمھمة إستقبال االشارات الواردة
من جھاز االرسال )االسورة االلكترونية( وإعادة إرسالھا الى الكمبيوتر المركزى الموجود فى
المؤسسة العقابية او المركز المسئول عن عمليات المراقبة االلكترونية وذلك بصفة مستمرة وعند
فقد الجھاز لھذه االشارات نتيجة خروج الخاضع للمراقبة عن نطاق تلقى تلك االشارات وھو
النطاق المكانى المحدد للمراقبة ،تقوم وحدة االستقبال تلقائيا بإرسال إشارات تحزيرية الى
الكمبيوتر المركزى .
٢١
- ٣المراقبة االلكترونية باالقمار الصناعية )Global Positioning System(GPS
وھى الطريقة االحدث لتطبيق نظام المراقبة االلكترونية والتى تعتمد على إستخدام تقنيات تحديد
المواقع عن طريق االقمار الصناعية ،وھو ما يطلق عليه نظام التحديد العالمى للمواقع GPS
والذى يتكون من ثالث أجزاء :االقمار الصناعية التى تدور حول االرض ،ومحطات السيطرة
والرصد القائمة على االرض ،وأجھزة االستقبال التى يملكھا المستخدمون وتلك االجھزة تتلقى
االشارات التى تبثھا االقمار الصناعية من الفضاء وتتعرف عليھا ثم تعرضھا على المستخدم فى
صورة مجسمة تقدم له معلومات ثالثية االبعاد ) خط الطول وخط العرض و االرتفاع ( عن
الموقع وعن الوقت وبإستطاعة االفراد شراء أجھزة يدوية الستقبال المعلومات من نظام تحديد
المواقع وبالتالى إمكانية قيام مالك ھذا الجھاز بتحديد موقعه بدقه وكذا خط سيره ). (١
لقد أصبح نظام ال GPSالدعامة الرئيسية النظمة النقل فى جميع أنحاء العالم النه يقدم معلومات
إرشادية يتم بواسطتھا تحديد خط سير عمليات النقل الجوى والبحرى واالرضى ،كما تعتمد عليه
خدمات االغاثة للتعرف على قدرات وصالحيات موقع وتوقيت مھمة االنقاذ واالغاثة المزمع
القيام بھا ،كما أن خدمات التحديد الدقيق للوقت التى يوفرھا نظام ال GPSتعمل على تسھيل ما
يتم يوميا من نشاط فى أعمال البنوك والمصارف وعمليات تشغيل الھواتف المحمولة ). (٢
تعتمد المراقبة عن طريق االقمار الصناعية على إرتداء الخاضع للمراقبة لسوار او إسورة فى
منطقة كاحل القدم Ankle braceletكما فى حاالت المراقبة عن طريق موجات الراديو
وتحتوى تلك االسورة على جھاز كمبيوتر صغير يستطيع إرسال وإستقبال االشارات من والى
االقمار الصناعية ،ويتم إعادة بثھا الجھزة الكمبيوتر المركزية بمراكز المراقبة لتحديد مكان
تواجد الخاضع لھذا النظام ،وعلى الرغم من فاعلية ھذه الوسيلة فى مراقبة الخاضع لھذا النظام
بصفة مستمرة إال أن تكلفتھا الباھظة تثير العديد من التحفظات على إستخدامھا فى تطبيق
المراقبة االلكترونية ،وقد تم إستخدام تقنية ال GPSفى الواليات المتحدة منذ عام ٢٠٠٥فى
عمليات المراقبة االلكترونية وعدد من الدول ). (٣
٢٢
المطلب الثانى
ﻣبررات وﻣشكالت تطبيق نظام المراقبة االلكترونية
كأى عقوبة يتم تطبيقھا داخل إطار النظام العقابى المعمول به فى اى دولة فإن المراقبة
االلكترونية كنظام عقابى حديث وكبديل للعقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة لھا مبررات ودواعى
تستدعى تطبيقھا كما أن عليھا بعض االشكاليات او االنتقادات التى تواجھھا كعقوبة حديثة داخل
منظومة العقوبات الجنائية وھو االمر الذى ينطبق على اية عقوبة داخل ھذا االطار فعقوبة
السجن مثال وعلى الرغم من أھميتھا داخل منظومة العقوبات الجنائية أصبح لھا من السلبيات
والعيوب ما يوجب البحث عن عقوبات بديلة لھا وھو ما ينطبق على نظام المراقبة االلكترونية .
لنظام المراقبة االلكترونية العديد من المبررات والدواعى التى توجب االخذ به بل وتوسيع مجال
تطبيقة سواء من الناحية االقتصادية او من الناحية االجتماعية او من حيث مدى فاعليته فى تأھيل
المحكوم عليه وتقليل معدالت عودته الى الجريمة .
لكن نظام المراقبة االلكترونية وعلى مستوى التطبيق قد واجه العديد من المشكالت القانونية تمثل
أھمھا فى مساس ھذا النظام بكرامة االنسان وفق التعبير الواسع لھذا المعنى وكذا تقويض ھذا
النظام لمبدأ المساواة أمام القانون كما وجه له العديد من االنتقادات فيما يتعلق بفاعليته فى تحقيق
أغراض العقوبة من ناحية تحقيق مبدأ الردع سواء كان خاصا لمن إرتكب الجريمة او عاما لباقى
من يفكر فى إرتكاب نفس الفعل المجرم .
يبقى الحكم على نظام المراقبة االلكترونية كوسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية خارج
إطار السجن مرھونا بمدى ما تحققه تلك العقوبة من إيجابيات تعود على الخاضع لھا وعلى
المجتمع مقارنة بما عليھا من سلبيات تقع على الخاضع لھا او على المجتمع وھو ما نعرض له
فى ھذا المبحث من خالل فرعين :
٢٣
الفرع االول
دواعى تطبيق نظام المراقبة االلكترونية
على الرغم من كون العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة ما زالت ھى السائدة فى دول العالم
وھو االمر الذى تؤكده االحصاءات ،إال أنه ينسب لھذه العقوبات عيوب كثيرة وتبدو اليوم
قاصرة عن تحقيق ما ترمى اليه السياسة العقابية الحديثة فالمدة القصيرة للعقوبات السالبة للحرية
ال تكفى لتدرك ھذه العقوبات غرضھا الجوھرى فى تأھيل المحكوم عليه وتغدو الجھود التى تبذل
فى تنفيذھا الى عبث ال جدوى منه وعلى صعيد أخر فقصر المدة جعل ھذه العقوبات محل
إستھانة الراى العام ،كما أنھا افقدت المحكوم عليه بھا تدريجيا رھبة سلب الحرية االمر الذى
جعل تأثير ھذه العقوبات على خفض معدالت الجريمة محل شك ،كما ان ھذه العقوبات السالبة
للحرية لھا أثار سلبية تخلفھا فى شخصية المحكوم عليه فتفرض عليه أسلوبا للحياة غير طبيعى
يعطل مصالحه ويحول بينه وبين أشخاص اعتاد العيش معھم ،كما تعرض المحكوم عليه والذى
يفترض أن يكون ذا خطورة إجرامية قليلة الى سلبيات االختالط بمجرمين أكثر خطورة ). (١
سعت الدول أمام ھذه المؤشرات الخطيرة الى تطوير أنظمتھا العقابية عبر ترشيد العقاب
والتضييق من نطاق تطبيق العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة وبدأت بالبحث عن بدائل لھا
تضمن تحقيق عدالة متزنة وھو ما اطلق عليه العقوبات البديلة ومنھا الوضع تحت المراقبة
االلكترونية التى تعتبر أحد االساليب الحديثة لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية خارج إطار السجن
بما يحقق فوائد ومنافع كبيرة للخاضع لھا وللمجتمع وللنظام العقابى فھى من ناحية تؤدى الى
تقليل حجم االنفاق الذى تقوم به الدولة تجاه السجناء كما أنھا تساھم فى خفض نسب االزدحام
والتكدس داخل السجون كما أن لھا فوائد كبيرة تعود على الخاضع لھا فيما يتعلق بحمايته من
أضرار السجون وعدم حرمانه من العيش وسط أسرته وفيما يلى عرض الھم االھداف التى
تتحقق من وراء إتباع اسلوب المراقبة االلكترونية كعقوبة بديلة عن السجن .
) (١د .صفاء أوتانى ،الوضع تحت المراقبة االلكترونية ،المرجع السابق ص .١٣٠
٢٤
أوال :المراقبة االلكترونية وتخفيض النفقات
لنظام المراقبة االلكترونية جدوى كبيرة من الناحية االقتصادية وذلك من وجھتين
االولى :أن تطبيق نظام المراقبة االلكترونية يؤدى الى تخفيض النفقات التى تتكبدھا الدولة تجاه
السجناء فيما يخص نفقات الطعام والشراب واالقامة والعالج وغيرھا من نفقات إنشاء السجون
وصيانتھا وتأمينھا االمر الذى يرھق ميزانية الدول خصوصا فى ظل االرتفاع المتزايد فى أعداد
السجناء على مستوى العالم .
تشير التقارير واالحصاءات التى أجريت بمعرفة قسم االصالح بوالية فلوريدا االمريكية
) Florida Department of Corrections(FDOCالى أنه فى عام ٢٠٠٨كانت تكلفة
المراقبة االلكترونية بإستخدام الية موجات او ذبذبات االرسال )Radio Frequency (RF
قد وصلت الى نحو ١.٩٧دوالر لليوم و ٧١٩دوالر للعام للمحكوم عليه وھى تعتبر االلية او
الوسيلة االرخص بالنسبة لتطبيق نظام المراقبة االلكترونية ،كما اشار نفس التقرير الى أن تكلفة
المراقبة االلكترونية باستخدام الية GPSوصلت الى نحو ٨.٩٤دوالر لليوم ،على الجانب
االخر فقد أشار التقرير الى أن السجين الواحد داخل سجون الوالية يتكلف نحو ٥٥.٠٩دوالر
لليوم الواحد ونحو ٢٠الف دوالر فى العام ھذا بخالف تكلفة إنشاء سجون جديدة او التوسع فى
السجون القائمة فعال وھو ما يعنى أنه وبطريقة أخرى فإن تكلفة سجين واحد يمكن بھا مراقبة
ستة محكوم عليھم بالمراقبة االلكترونية باستخدام الية GPSفى حين أنه يمكن بنفس التكلفة
مراقبة ٢٨محكوم عليه بالمراقبة االلكترونية بإستخدام الية موجات االرسال ). (١) (RF
أشار أحد التقارير التى أعدھا معھد JFA Instituteالبحاث العدالة االجرامية بواشنطن عام
٢٠٠٧والذى أعده مجموعه من الباحثين منھم ثمانية من خبراء علم االجرام بكبار الجامعات
االمريكية ونشرته وكالة رويترز أن السجون االمريكية بھا ٢.٢مليون سجين وھو ما يقرب من
ربع مجموع سجناء العالم وأوصى التقرير بأن يتم التوسع فى إستخدام العقوبات البديلة لعقوبة
السجن قصير المدة االمر الذى سوف يؤدى الى إنقاص عدد السجناء للنصف ويوفر حوالى ٢٠
بليون دوالر وسوف يسھل عمليات االندماج المجتمعى للمحكوم عليھم مرة أخرى ). (٢
٢٥
الوجھه الثانية :أن االثار االقتصادية السلبية للعقوبات السالبة للحرية والتى تھدف المراقبة
االلكترونية للحد منھا ال تنحصر فى تكلفتھا االقتصادية المباشرة المتعلقة بحجم االنفاق الضخم
على السجناء والسجون ولكن ھناك تكلفة إقتصادية أخرى غير مباشرة وغير منظورة لتلك
العقوبات ،ال يتم إدراجھا ضمن البيانات االحصائية عن التكلفة االقتصادية لتلك العقوبات نتيجة
لطبيعة تلك التكلفة والتى تتمثل فى حرمان المجتمع من ھؤالء المحكوم عليھم بعقوبات سالبة
للحرية خصوصا فى حاالت الجرائم التى ال تنم عن خطورة إجرامية فى نفس مرتكبھا وما يمكن
أن يقدمه ھؤالء للمجتمع فى حالة إخضاعھم لعقوبة المراقبة االلكترونية بدال من الزج بھم داخل
السجون بدون اى إستفادة إضافة الى جانب ما يمكن أن يكتسبوه داخل السجون من عادات
وسلوكيات وأثار سلبية تعود عليھم بالسلب عند عودتھم الى المجتمع مرة أخرى ). (١
على الرغم من ذلك فقد شكك البعض فى إمكانية قيام المراقبة االلكترونية بتخفيض النفقات
وكذلك بالنسبة لدورھا فى تخفيض أعداد المحبوسين ،وإستندوا فى ذلك الى عدد من الحجج
تتمثل فيما يلى :
اوال :أن تركيب االجھزه ووضع اليه لتنفيذ عمليات المراقبة يحتاج الى مبالغ طائلة ھذا من ناحية
ومن ناحية أخرى فإن تطبيق ھذا النظام يفترض أن المحكوم عليه قادر على تدبير مورد رزق له
ولديه محل إقامة ثابت وھذا قد ال يتحقق فربما يكون المحكوم عليه الذى تسمح مدة عقوبته
باالستفادة من ھذا النظام ال تتوافر فيه ھذه الشروط بل قد تكون البطالة وضيق ذات اليد من أھم
العوامل التى دفعته الى إرتكاب الجريمة ،وبالتالى فإن االستناد الى عدد المحكوم عليھم
بعقوبات قصيرة المدة دون النظر فى مدى توافر الشروط االخرى لتنفيذ المراقبة االلكترونية يقود
الى نتائج خاطئة .
ثانيا :أن تطبيق الية المراقبة االلكترونية قد يحول دون القضاء او الحكم ببدائل أخرى للعقوبة
السالبة للحرية مثل إيقاف التنفٮذ او العمل الجل المنفعة العامة وبالتالى فإن ما يتم تخفيضه عن
طريق الرقابة االلكترونية يزداد عن طريق الحرمان من البدائل االخرى ). (٢
ويرى الباحث أن القول بأن تنفيذ الية المراقبة االلكترونية يحتاج الى ﻣبالغ طائلة ھذا القول لم
يعد صحيحا فى وقت أصبحت فيه التكنولوجيا تحيط باالنسان ﻣن كل جانب وحدثت فيه طفرة فى
عالم االتصاالت أقرب ﻣا تكون الى الخيال وإﻣتلك فيه االفراد أجھزه كانت فيما ﻣضى حكرا على
الدول وأجھزتھا الرسمية وبالتالى فإن حجم التطور التكنولوجى الذى وصل اليه االنسان حاليا
لم يعد يمكن ﻣعه القول بأن المراقبة االلكترونية تحتاج الى ﻣبالغ طائلة لتنفيذھا وقد كان يمكن
قبول ھذا الكالم قبل أعوام ﻣن االن وقبل ھذه االنطالقه الكبيره فى عالم التكنولوجيا ،أﻣا
بالنسبة للقول بأن تطبيق المراقبة قد يؤدى الى الحرﻣان ﻣن بدائل أخرى فإن الباحث يرى أن
المراقبة االلكترونية إنما ھى بديل للسجون بمعناھا التقليدى ﻣن أسوار وقضبان الى تحكم عن
بعد وتقييد للحرية بوسائل حديثة وبالتالى فال يمكن وضعھا فى ﻣيزان واحد ﻣع البدائل االخرى
للعقوبة باالضافة الى أن لكل تدبير شروطه وأحكاﻣه التى قد تنطبق على شخص وال تنطبق
على االخر وھو ﻣا يسرى على جميع البدائل فإيقاف تنفيذ العقوبة قد تنطبق شروطه على
ﻣحكوم عليه وقد ال تنطبق على االخر وكذلك االفراج الشرطى وكذلك المراقبة االلكترونية .
) (١د .أيمن رمضان الزينى ،الحبس المنزلى ،المرجع السابق ص . ٣٣
) (٢د .عمر سالم ،المراقبة االلكترونية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية ،مرجع سابق ص٤١
٢٦
ثانيا :المراقبة االلكترونية والحد ﻣن العودة للجريمة
كما سبق بيانه فى موضع سابق من ھذا البحث فإن من أھم االثار السلبية لعقوبة االيداع فى
السجون ھو تأثيرھا على زيادة النشاط االجرامى للسجناء عقب االفراج عنھم نتيجه للظروف
القاسية التى يتعرض لھا السجين خالل فترة قضاء العقوبة مثل االزدحام والعزلة الشديدة وضعف
الرعاية الصحية ،االمر الذى يؤدى الى ضعف أثار عقوبة السجن بل وجعلھا ذات أثر عكسى
فى الحد من نسبة الجريمة .
على الجانب االخر فقد اظھرت الدراسات واالبحاث التى أجريت فى بعض الواليات االمريكية
التى تطبق عمليات المراقبة االلكترونية نتائج طيبه فيما يتعلق بالمراقبة االلكترونية وأثرھا على
عمليات التأھيل للمحكوم عليھم وعدم عودتھم للجريمة مرة أخرى ،فقد أظھرت عمليات التحليل
والفحص العداد الخاضعين للمراقبة االلكترونية تناقص معدالت الفشل او االخفاق فى عدم
العودة للجريمة مرة أخرى وقد ظھر ذلك على جميع مستويات المحكوم عليھم فى جميع االعمار
كما أظھرت النتائج نجاح عمليات المراقبة االلكترونية فى تخفيض خطورة المخالفين او
المنتھكين للقانون بنسبة تصل الى %٣١عن غيرھا من الوسائل )(١
وقد أجريت دراسة فى األرجنتين على مجموعه من السجناء الذين افرج عنھم من السجون عقب
قضاء مدة العقوبة ومجموعه أخرى من السجناء الذين تم إخضاعھم لعمليات مراقبة إلكترونية
قبل االفراج عنھم وذلك لبيان نسبة العودة للجريمة فى كل مجموعه من االثنين ،وقد تمت ھذه
الدراسة على مجموعه من السجناء السابقين فى مقاطعه Buenos Airesوقد روعى فى تلك
الدراسة وجود تماثل بين فئات وظروف وصفات السجناء فى كل مجموعه من المجموعتين
الخاضعتين لعمليات الفحص ،وقد توصلت تلك الدراسة الى أن ٢٥٥مفرج عنه من السجن من
إجمالى ١١٤٠مفرج عنه من السجن قد عاد الى الجريمة مرة أخرى وذلك بنسبة %٢٢بينما
بلغت نسبة العودة للجريمة بين المفرج عنھم الذين تم إخضاعھم لعمليات مراقبة إلكترونية الى
%١٣بفارق %٩لصالح المراقبة االلكترونية ). (٢
٢٧
ثالثا :المراقبة االلكترونية واالھداف التأھيلية
تتجلى أھمية المراقبة االلكترونية فى تحقيق االھداف التأھيلية للعقوبة من عدة زوايا
تتجلى فيما يلى :
أوال :إن تبنى االنظمه العقابية للمراقبة االلكترونية كبديل حديث لعقوبة السجن يقلل من حقيقة
كون السجن مدرسة لالجرام إذ يسمح بالوقاية من تعلم أساليب االجرام او ما يعبر عنه بالعدوى
االجرامية كما أن المراقبة االلكترونية تجنب المحكوم عليه العزلة االجتماعية والحرمان العاطفى
فإذا ترك المحكوم عليه لينفذ عقوبته فى وسطه ليكون بين أطفاله ويرى أصدقائه ويحتفظ فى نفس
الوقت بعالقته العاديه فإن شعوره بالحرمان الناجم عن سلب حريته سوف يكون أقل إيالما وذلك
مع وجود قدر من المعاناه المعنوية والنفسية التى تكفى لخلق الشعور بالعقاب لدى الخاضع لھذا
النظام ). (١
ثانيا :مساھمة المراقبة االلكترونية فى تخفيف االزدحام والتكدس داخل السجون سواء بإستبدال
العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة بالمراقبة االلكترونية او بإالفراج عن بعض السجناء وفق
شروط معينه قبل إنتھاء مدة عقوبتھم وإخضاعھم لنظام المراقبة االلكترونية باقى مدة العقوبة ،
يؤدى الى نتيجة إيجابية بالنسبة لباقى السجناء نتيجة تحسن الخدمات التأھيلية المقدمة لھم وھو ما
يعنى وجود أثر غير مباشر للمراقبة االلكترونية حتى على غير الخاضعين لھا .
ثالثا :تشكل المراقبة االلكترونية طرحا جديدا لفكرة العقوبات الوسطية اى تلك العقوبات التى
تقع فى مرتبة وسطى بين العقوبات الجسيمة والعقوبات البسيطه ،فالنظام العقابى يتسم بالتطرف
فى مواجھة االجرام المتوسط ،او المجرمين متوسطى الخطورة ،فھو إما أن يطبق عليھم جزاء
شديد الوطأه كالحبس او يطبق عليھم جزاء رمزيا كالغرامة او وقف التنفيذ البسيط وبالتالى فال
توجد عقوبة وسط بين السلب الكامل للحرية او بين الحرية المطلقة ،وھو ما يضع القاضى
الجنائى فى موقف صعب عند تقرير العقوبة المناسبة للمحكوم عليه تتناسب مع إعتبارات العدالة
والتأھيل التى تختلف من محكوم عليه الخر ،فوجود مثل تلك العقوبات الوسطيه تمنح القاضى
فرصه الموائمة بين إعتبارات مشاعر الضحية او المجنى عليه وبين تحقيق التفريد العقابى
بالحكم بعقوبة مناسبه لشخصية الجانى ). (٢
) (١د .صفاء أوتانى ،الوضع تحت المراقبة االلكترونية ،المرجع السابق ص .١٥٣
) (٢د .عمر سالم ،المراقبة االلكترونية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية ،مرجع سابق ص٧٣
٢٨
الفرع الثانى
ﻣشكالت تطبيق نظام المراقبة االلكترونية
تثير المراقبة االلكترونية بإعتبارھا وسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية خارج المؤسسات
العقابيه العديد من المشكالت القانونية وكذا المشكالت المتعلقه بالتطبيق او التنفيذ اللية المراقبة
االلكترونية وقد دفعت ھذه المشكالت القانونية والتنفيذية البعض الى التشكيك فى جدوى المراقبة
االلكترونية بالنظر الى االثار السلبية التى يمكن أن تترتب على تطبيقھا وخصوصا فيما يتعلق
بالحقوق الدستورية الثابته لكل مواطن بحكم الدستور كحقه فى السريه أو الخصوصيه والمساواه
بين المواطنين جميعا أمام القانون ). (١
تتمثل أھم المشكالت القانونية والتنفيذية التى تتعلق بالمراقبة القانونية فيما يلى :
كما أن أحكام المراقبة االلكترونية تتضمن من المظاھر ما يدعم حرمة المسكن الخاص كحظر
إستخدام كاميرات التصوير بالفيديو فى المراقبة وھو االمر الذى يحول دون تتبع الخاضع
للمراقبة فى كل حركاته وتصرفاته بحيث ال تصبح المراقبة االلكترونية إفتضاحا الخص
خصوصيات الخاضع لھا ،كذلك منع دخول مأمور المراقبة او الموظف المسئول عن المراقبة
الى محل إقامة الخاضع لھا تلقائيا بمجرد رصد المخالفة ،وإنما البد من منح الخاضع لھا أكثر
من فرصه لشرح موقفه قبل إتخاذ االجراء المناسب ). (٣
) (١د .على سالم ،المراقبة االلكترونية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية ،مرجع سابق ص ٨٦
(2) Electronic monitoring , report published by the John Howard Society of Alberta
Canada, 2000 , provides a brief and apparently well documented overview of electronic
monitoring purposes, history, technology, constitutional issues, costs and effectiveness. It
takes a generally dim view on all aspects , www.johnhoward.ab.ca 10/9/2013 .
) (٣د .أسامة حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية االلكترونية ،المرجع السابق ص . ١٦٢
٢٩
ثانيا :حرﻣة المسكن والجسد للمحكوم عليه
من اليات تنفيذ المراقبة االلكترونية قيام موظفى المراقبة االلكترونية بدخول مسكن الخاضع
للمراقبة االلكترونية لتركيب أجھزة المراقبة وكذا المتابعة الالحقة لتلك االجھزة خالل فترة
المراقبة ،وھنا يثور سؤال مھم عن السند القانونى والدستورى لدخول المسئولين عن تركيب
ومتابعة تلك االجھزة الى منزل الخاضع للمراقبة االلكترونية ذلك أنه وفى الحاالت االخرى ال
يسمح بدخول الضباط وباقى موظفى جھات وأجھزة العدالة المختلفة الى داخل منازل االفراد
بدون صدور أمر قضائى بذلك وإال حدث إنتھاك لضمانه دستورية مھمه وھى الحق فى حرمة
المسكن من قبل موظفى المراقبة االلكترونية ،وھو ما دفع العاملين بنظام بالمراقبة االلكترونية
الى مواجھة ھذا االمر بالتقليل من حجم إعتدائھم على حرمة مسكن الخاضع للمراقبة وكذا قبول
الخاضع للمراقبة بالتنازل عن بعض حقوقه للخضوع للمراقبة ). (١
وواقع االمر أن النقد الموجه اللية المراقبة االلكترونية بشأن النيل من الحق فى حرمة المسكن
غير حاسم ،إذ أن النظام القانونى لتلك المراقبة يحتوى على ضمانات تحول دون ھذا االعتداء
ويتجلى ذلك من خالل إشتراط الرضاء سواء بالنسبة للخاضع للمراقبة او لمشاركيه فى محل
إقامته ،وتوضيح ذلك أن جريمة االعتداء على حرمة الحياة الخاصة التى تنص عليھا المادة
٣٠٩مكرر من قانون العقوبات المصرى والمواد ٢/٢٢٦الى ٧/٢٢٦من قانون العقوبات
الفرنسى تضع شرطا مفترضا لقيامھا ھو عدم رضاء المجنى عليه ومن ثم فإن رضاء الخاضع
للمراقبة ومشاركيه فى محل االقامة يعد سببا الباحة كل سلوك يحد من نطاق ممارسة ھؤالء
لحقھم فى الحياة الخاصة ). (٢
إذا كان اللجوء الى المراقبة االلكترونية يحقق مصلحة إجتماعية وتأھيلية ،فإنه يجب إحاطته
بالضمانات التى تكفل عدم تحوله الى إنتھاك وتعدى على الحياة الخاصة والمسكن الخاص
للخاضع له ،وفى ھذا السياق فقد إتجھت التشريعات التى أخذت بھذا النظام الى تقييده بحيث ال
يجوز زيارة المحكوم عليه أثناء الليل وفى كل االحوال ال يجوز الدخول الى المنزل اال بإذن من
صاحب الشأن ). (٣
(1) Electronic monitoring , report published by the John Howard Society of Alberta
Canada, op.cit.
) (٢د .أسامة حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية االلكترونية ،المرجع السابق ص . ١٦٠
) (٣د .عمر سالم ،المراقبة االلكترونية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية ،مرجع سابق ص٩٤
٣٠
تفترض المراقبة االلكترونية حمل المحكوم عليه لجھاز إرسال يأخذ عادة شكل االسورة او
الساعة وھو االمر الذى إعتبره البعض إعتداء على حرمة جسد المحكوم عليه بل وقد يقود الى
االعتداء على خصوصياته وعالقاته الحميمة ،وھو االمر الذى ينافى المبادئ االساسية التى
تحرص الدساتير والتشريعات الحديثة عليھا .
يرد على ھذا االمر بأن إجراء المراقبة االلكترونية ال يتم تطبيقه اال بعد الحصول على رضاء
المحكوم عليه شخصيا بل وفى بعض االحيان فى حضور محاميه ،وبالتالى فإنه ال محل للحديث
عن االعتداء على حرمة الجسد طالما كان ھناك رضاء صحيح من المحكوم عليه ). (١
كما يرد على ھذا االمر ايضا بأن حق الخاضع للمراقبة االلكترونية فى حرمة جسده ليس حقا
مطلقا ،فيجوز وضع قيود وضوابط على ھذا الحق كما ھو الحال بالنسبة لباقى حقوقه وحرياته
مثل حقه فى التنقل ،إذا ما إقترف جرم يستوجب العقاب )(٢
كما أن ما تتطلبه اليات الخضوع للمراقبة االلكترونية من حمل إسورة الكترونية ال يحمل معنى
االيالم الجسدى ،فھو ليس سوى إيالما ضئيال للغاية يتماثل مع التقييد البسيط الذى يتحمله
االنسان إستجابة لضروريات الحياة كحمل ساعة يد كبيرة او أطراف طبية صناعية او تليفون
محمول كبير الحجم ). (٣
) (١د .عمر سالم ،المراقبة االلكترونية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية ،مرجع لسابق ص٩٥
) (٢د .أيمن رمضان الزينى ،الحبس المنزلى ،المرجع السابق ص . ٧٨
) (٣د .أسامه حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية االلكترونية ،المرجع السابق ص . ١٦٤
٣١
ثالثا :تأثير براﻣج المراقبة على أسرة المحكوم عليه واصدقائه
تنتقد برامج المراقبة االلكترونية أحيانا بأن لھا تأثير سلبى على أسرة الخاضع لھا وذلك نظرا لما
تسببه تلك البرامج من تأثير ضار على أسرة المحكوم عليه ،فقد وجد أن الخضوع للمراقبة
االلكترونية يتزامن معه زيادة معدالت العنف داخل المنازل التى ٮخضع أحد أفرادھا لبرامج
المراقبة وذلك نتيجة زيادة التوتر الواقع على افراد ھذه االسر من االلتزامات المترتبة على
تطبيق برامج المراقبة وذلك مثل تلقى مكالمات تليفونية فى أوقات متأخرة من الليل للتأكد من
إلتزام الخاضع للمراقبة بالتواجد فى محل إقامته ،كذلك إجبار الخاضع للمراقبة على قضاء
فترات طويلة داخل المنزل ،كذلك االعباء المالية التى تتحملھا االسرة لالشتراك فى المراقبة )(١
يقتضى الخضوع للمراقبة االلكترونية قيام المحكوم عليه بلبس االسورة االلكترونية او جھاز
التتبع إذا كانت المراقبة تتم عن طريق تقنية GPSوفى الحالتين فإن لبس المحكوم عليه لھذا
الجھاز يصبح أمرا مميزا للمحكوم عليه بحكم كون الجھاز ظاھر للجميع وھو االمر الذى قد
يوجد مسافة بين المحكوم عليه والمتعاملين معه .
قام مجموعة من الباحثين فى والية فلوريدا االمريكية بفحص عينه من الخاضعين لبرامج
المراقبة االلكترونية لدراسة تأثير برامج المراقبة على عالقات الخاضعين للمراقبة بأزواجھم
واوالدھم وأصدقائھم وقد توصلت الدراسة الى أن نسبة %٤٣من المتزوجين الخاضعين لتلك
الدراسة قد وجدوا تأثيرا سلبيا لبرامج المراقبة على عالقتھم بزوجاتھم بينما %٢٨لم يروا لھا
اى تأثير و %١٥وجدوا انھا تحدد التاريخ والوقت الذى يستطيع الزوج قضاءه مع زوجته بينما
%١٤فقط وجدوا أن لھا تأثير إيجابى
أما فيما يتعلق بتأثير برامج المراقبة االلكترونية على االطفال فقد وجد أن %٣٢يرون أن برامج
المراقبة االلكترونية كان لھا تأثير سلبى على عالقاتھم بأوالدھم بينما النسبة االكبر %٣٧لم
يجدوا أن لھا تأثير ملحوظ ،ووجد أن %١٤من الخاضعين للدراسة يرون انھا تحدد االماكن
التى يستطيعون الخروج فيھا مع اوالدھم بينما وجد أن %٧شعروا أن المراقبة االلكترونية
حسنت عالقاتھم بأوالدھم وذلك لقضائھم فترات أطول فى المنزل بينما النسبة االصغر %٦قالوا
أن اطفالھم لم يفھموا قيود المراقبة االلكترونية المفروضه على أبائھم ). (٢
٣٢
اما فيما يتعلق بمدى تأثير برامج المراقبة اااللكترونية على عالقات الخاضعين لھا بأصدقائھم فقد
كشفت الدراسة عن أن %٤٢لم يجدوا للمراقبة االلكترونية تأثير ملحوظ على عالقاتھم
بأصدقائھم ،بينما رأى %٢٩ان خضوعھم للمراقبة االلكترونية جعل من الصعب عليھم إكتساب
أصدقاء جدد %١٤ ،من الخاضعين للدراسة عزلوا أنفسھم عن أصدقائھم القدامى بسبب
الخضوع للمراقبة %٥ ،وجدوا أنھم يسببون إحراجا أو إرتباكا الصدقائھم %٢ ،ليس لديھم
أصدقاء %١ ،إكتسب أصدقاء جدد من الجيران بفضل المراقبة ). (١
على الجانب االخر فقد يكون لھذه االلتزامات المترتبة على الخضوع للمراقبة االلكترونية نتائج
إيجابية من زوايا أخرى ،فقد يكون البقاء فى المنزل لفترات طويله سببا فى السماح للخاضع
للمراقبة باالتصال أكثر بأفراد أسرته ،كما أن التطبيق الفعلى للمراقبة االلكترونية لم يثبت تأثير
ملحوظ لھا على الروابط االسرية فقد تبين أن أقل من %٥ممن خضعوا للمراقبة االلكترونية فى
كندا قد شعروا بتاثير سلبى للمراقبة على حياتھم العائلية ،كما أن احد الدراسات االمريكية قد
وجدت أن %٨٦من الذين خضعوا للمراقبة قد تحسنت عالقاتھم االسرية نتيجة البقاء فى المنزل
و %١٣لم يشعروا بأى تغيير و %١فقط الذى شعر بتأثير سلبى للمراقبة على حياته العائلية
حيث شعر بفقدانه الحترام أوالده لعدم قدرته على مغادرة المنزل لممارسة نشاطاته اليومية ). (١
يرى الباحث أن المراقبة االلكترونية قد يكون لھا تأثير سلبى ﻣحدود على المستوى االسرى
ولكن ھذا التأثير ال يمكن ﻣقارنته بالبديل االخر للمراقبة وھو السجن الذى يمزق الروابط
االسرية ويقضى على عالقة السجين بأصدقائه الذين تنقطع عالقته بھم بمجرد دخوله الى
السجن فى الغالب كما تؤثر فترة قضاؤه للعقوبة داخل السجن على عالقاته بأصدقائه حتى عقب
االفراج عنه نتيجة نظرة المجتمع السيئة للمفرج عنه ﻣن السجن كما يؤثر السجن ثأثيرا كبيرا
على عمل المحكوم عليه وﻣستقبله الوظيفى ٠
٣٣
رابعا :صعوبة تقبل الرأى العام للمراقبة االلكترونية كبديل عن السجن
العقاب ھو جزء من ثقافة الشعوب منذ أقدم العصور ومازال المجتمع ينظر الى العقوبة كرمز
للعقاب والتكفير والوقاية من االجرام ،وعندما تشكل العقوبة تھديدا وتخويفا فإنھا تحقق الزجر
الكلى او الردع العام على أعضاء الجسم االجتماعى وخاصة المجرمين ،والعقوبة أيضا مازالت
تمثل بالنسبة للرأى العام إيالما يلحق بالفرد يجعله يعانى وبالتالى يشعر بااللم الذى الحقه بغيره
وھذا ما جعل الكثيرين يتسائلون عن معنى االلم او حتى االزعاج الذى يمكن أن ينال الفرد فيما لو
بقى فى منزله ،فھناك الكثيرون يبقون فى منازلھم كالمتقاعدين وربات البيوت بل أن البعض
يرى أن ھناك الكثير من المزايا نتيجة لھذا البقاء فى المنزل واالحاطه بالعائلة والحرية فى
الحركة داخل المنزل ). (١
ويرى الباحث أن الشعور بااللم نسبى ﻣن شخص الخر ويتفاوت االحساس بااللم والمعاناة ﻣن
شخص الخر فالفعل الذى قد يسبب الما وﻣعاناة الحد االشخاص قد ال يكون كذلك بالنسبة
لشخص أخر ،فالعمل الشاق قد يكون ﻣعاناة والما لشخص ضعيف البنية وقد ال يكون كذلك
لشخص قوى البنية وھكذا ،كما أن المستوى الثقافى واالجتماعى وﻣستوى الرفاھية التى
يعيش فيھا االنسان تحدد الى حد كبير االفعال واالوضاع التى تمثل الما وﻣعاناة بالنسبة له ،
وبالتالى فإن الخضوع للمراقبة االلكترونية قد ال يمثل الما وﻣعاناة بالنسبة لطائفة ﻣعينة وھم
عتاة االجرام وﻣرتادى السجون بل إنه يمثل بالنسبة لھم ترفا وعلى العكس ﻣن ذلك فإن
الخضوع للمراقبة االلكترونية بما تفرضه ﻣن إلتزاﻣات يمثل ضغطا والما بالنسبة لمن لم يعتد
تضييق حريته وﻣراقبته ﻣن جانب أحد أو ﻣن جانب جھه اوھيئة ولم يشر ﻣاضيه الى طبيعة
إجراﻣية ﻣتأصلة فى نفسه وإنما قد تدفعه الظروف الى إرتكاب جريمة ال تمثل إنتھاكا خارقا او
تجاوزا ﻣبالغ فيه لقواعد وأعراف المجتمع الذى يعيش فيه وھذه الطائفة ھى االولى واالحق
بالخضوع لبراﻣج المراقبة بدال ﻣن الزج بھم فى السجون .
) (١د .صفاء أوتانى ،الوضع تحت المراقبة االلكترونية ،المرجع السابق ص .١٥٦
٣٤
خاﻣسا :المراقبة االلكترونية وﻣبدأ المساواة أﻣام القانون
قد ينتج عن تطبيق برامج المراقبة االلكترونية تمييز ضد طوائف الشباب والفقراء نتيجة للتكاليف
العالية التى تتطلبھا برامج المراقبة االلكترونية والتى قد تصل الى مبالغ كبيرة قد تتراوح من
١٠٠الى ٢٠٠دوالر للشھر ،كما تشترط االمحكمة حيازة الخاضع للمراقبة لمسكن وخط تليفون
وبالتالى فإن الجناة الذين يفتدون ھذه المقومات ال يتمتعون بميزة الخضوع للمراقبة وقد ال يجدوا
بديال عن قضاء مدة العقوبة داخل السجن وھو االمر الذى أثار جدال حول إخالل المراقبة
االلكترونية بمبدأ مساواة المحكوم عليھم أمام القانون وذلك لحرمان من ال يملك مقومات
الخضوع للمراقبة من التمتع بھا وذلك مع إنطباق باقى الشروط عليه خصوصا فى ظل إشتراط
بعض التشريعات قيام الخاضع للمراقبة باالشتراك فى دفع تكاليف المراقبة ). (١
وحقيقة االمر أن االصل فى المساواة أنھا بين المحكوم عليھم او المتھمين فى الحقوق من الناحية
المجردة ،وتوضيح ذلك أنه إذا إتحدت ظروف عدد من المحكوم عليھم من حيث خضوعھم
لعقوبات ذات طبيعة ومدد واحدة ،جاز إستفادتھم من نظام بدائل العقوبات بوجه عام وھذا ھو
جوھر المساواة التى ال تبحث إال بصدد المراكز القانونية المتماثلة ،أما المساواة بين المحكوم
عليھم فى التمتع بألية بعينھا ولتكن المراقبة االلكترونية دون غيرھا من البدائل فھو قول يفتقر
الى الدقة لما ينطوى عليه من تناقض مع مبدأ التفريد االعقابى ،فالمشرع قد نص على مجموعه
متباينة من البدائل مثل المراقبة االلكترونية ووقف التنفيذ بسيطا كان ام مع الوضع تحت االختبار
والعمل للمنفعة العامة واالفراج الشرطى الخ ،ومن ثم يصبح من الطبيعى أن يكون لكل من ھذه
البدائل شروطا وأحكاما تفصيلية تختلف عن باقيھا فإذا إستحال تطبيق إحداھا على المحكوم عليه
لعدم إستجابته الحكامھا رغم أھليته قانونا للتمتع بمزايا نظام بدائل العقوبات بشكل عام فھذا ال
يمنع من إخضاعه لبديل أخر دون أن يعنى ذلك االخالل بمبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات
الذى كفله الدستور )(٢
(1) Electronic monitoring ,report published by the John Howard Society of Alberta
Canada, op.cit.
) (٢د .أسامة حسنين عبيد ،المراقبة الجنائية االلكترونية ،المرجع السابق ص . ١٥٧
٣٥
المبحث الثانى
التجارب الدولية لنظام المراقبة االلكترونية
نستعرض فى ھذا المبحث تجارب بعض من الدول التى تبنت نظام المراقبة االلكترونية كعقوبة
ضمن منظومة العقوبات المختلفة فى بنائھا العقابى او كأسلوب معاملة عقابية يستھدف تجنيب
المحكوم عليھم أضرار بيئة السجن او كمرحلة وسط بين سلب الحرية الكامل وإطالق السراح .
نستعرض فيما يلى تجارب المراقبة االلكترونية فى كال من تشريع المملكة المتحدة والسويد
اوال :المراقبة االلكترونية فى تشريع المملكة المتحدة
تستعمل المملكة المتحدة المراقبة االلكترونية بطريقتين :كعقوبة The Curfew Orderسواء
كانت عقوبة مستقلة او مرتبطة بعقوبات أخرى ،وكأسلوب معاملة عقابية يطلق عليه تعبير
االقامة الجبرية فى المنزل Home Detention Curfewوالمراقبة االلكترونية بحسب
تعريف Prison Reform Trustھى نظام للحجز المنزلى يھدف الى المراقبة والتحكم وتعديل
سلوك المتھم او المخالف للقانون .
بدأ الحديث عن المراقبة االلكترونية فى بريطانيا عام ١٩٨١على يد Tom Staceyوكان يرى
فيھا حال لخفض أعداد السجناء داخل بريطانيا ولكن وزارة الداخلية البريطانية رفضت الفكرة
كما رفضت عرضه تمويل التجربة ). (١
خالل الثمانيات تزايدت أعداد السجناء فى المملكة المتحدة تزايدا كبيرا فقد وصل عدد السجناء
فى بريطانيا عام ١٩٨٧الى حوالى ٤٩٠٠٠سجين بزيادة ٧٠٠٠سجين عن المعدل المعتمد
لتسكين وإستيعاب السجون وبزيادة ٢٠٠٠سجين عن العام الذى يسبقة ،مع وجود نسبة تمثل
حوالى %٢٠من إجمالى ھذا العدد من السجناء ممن لم يصدر ضدھم أحكام وبإنتظار المحاكمة
االمر الذى دفع بلجنة الشئون الداخلية داخل مجلس العموم البريطانى الى التوصية بدراسة
التجربة االمريكية فى المراقبة االلكترونية لمحاولة التطبيق الفعلى لھا للوقوف على المزايا
والعيوب لتلك التجربة وذلك فى ظل قيام الواليات المتحدة االمريكية فى ھذا الوقت بإعتماد
المراقبة االلكترونية كحل او كوسيلة ناجحة لمواجھة التضخم الكبير فى أعداد السجناء ). (٢
نظر الى المراقبة االلكترونية فى ھذا الوقت على أنھا الوسيلة االنسب لحل مشكلة االزدحام داخل
السجون خصوصا فى ظل نجاح التجربة االمريكية فى مجال المراقبة االلكترونية ،االمر الذى
دفع الحكومة البريطانية عام ١٩٨٨الى االعتراف بالمراقبة االلكترونية كوسيلة لحل مشاكل
االزدحام داخل السجون البريطانية وفى اواخر الثمانيات تقرر بصفة نھائية تنفيذ تجربة المراقبة
االلكترونية فى بريطانيا لتحقيق االھداف االتية :
تخفيض أعداد السجناء بدون تعريض االمن العام للخطر
تفادى االختالط بين عتاة االجرام والجانحين الجدد
تجنب وصمة وعار السجن وكذلك الحفاظ على الروابط االسرية
٣٦
بدأت التجربة االولى للمراقبة االلكترونية فى أغسطس ١٩٨٩ولكنھا لم تكن بالنجاح الكافى
وشملت عددا بسيطا من المحكوم عليھم ،وفى عام ١٩٩١صدر قانون The Criminal
Justice Act 1991الذى مھد الطريق للتجربة الثانية للمراقبة االلكترونية والذى قدم المراقبة
االلكترونية كعقوبة مجتمعية ،ثم أعقبه قانون The Criminal Justice Act 1994والذى
وضع المراقبة االلكترونية فى حيز الوجود الفعلى كعقوبة وكانت ھذه التجربة أكثر نجاحا من
االولى وأصبحت المراقبة االلكترونية عقوبة قائمة داخل منظومة العقوبات البريطانية وبصدور
قانون عام The Criminal Justice Act١٩٩٨الذى نص على الحبس المنزلى
) The Curfew Order (coكعقوبة ونظم القواعد التى تحكم تطبيقه وتم تطبيقه فى كافة
المحاكم إعتبارا من ٢٨يناير . (١) ١٩٩٨
وبدءا من االول من ديسمبر سنة ١٩٩٩تم تعميم التجربة على المستوى القومى لتطبق على كل
شخص يرتضى الخضوع للمراقبة االلكترونية بشرط أن يكون قد قدم للمحاكمة او أدين بعقوبة
بسيطة او لعدم دفع مبلغ الغرامة او كعقوبة تكميلية لعقوبة العمل للمنفعة العامة ،ثم توالى بعد
ذلك إصدار التشريعات الموسعة من نطاق المراقبة االلكترونية فكان قانون العدالة الجنائية
والشرطة Criminal Justice And Police Actسنة ٢٠٠١الذى سمح بتطبيق المراقبة
االلكترونية على االحداث الذين تتراوح أعمارھم بين إثنتى عشرة سنة الى ست عشرة سنة فى
حالة إرتكابھم اى من الجرائم الجسيمة كالجرائم الجنسية او جرائم العنف او تلك التى يقرر لھا
القانون عقوبة السجن لمدة ال تقل عن أربعة عشرة سنة إذا كان الجانى من البالغين او الذين
يكونون من معتادى االجرام وال تزيد مدة المراقبة التى نظر اليھا على انھا عقوبة اصلية على
ثالثة شھور وفى صيف ٢٠٠١أصدر البرلمان االنجليزى قانون وسع نطاق المراقبة االلكترونية
فسمح بإمكانية إخضاع االحداث المعتادين على االجرام لبرنامج مراقبة مكثف تستخدم فيه
كاميرات الفيديو بغرض متابعة الخاضعين للحكم والذين يحملون عالمة مميزة فى مناطق
االزدحام ومراكز المدن ،غير أن ھذا القانون االخير قد أثار إستياء البعض لما ينطوى عليه من
رقابة شبه مطلقة ال تقترن بإجراءات تأھيل إجتماعى ). (٢
٣٧
أما بالنسبة للمراقبة االلكترونية كأسلوب معاملة عقابية او ما يطلق عليه تعبير االقامة الجبرية
بالمنزل Home Detention Curfewتنظم أحكامه المادة ٧٦٠٠من مواد أوامر خدمة
السجون بالمملكة المتحدة ) Prison Service Order (PSOوقد بدأ تطبيق نظام االقامة
الجبرية بالمنزل بالمملكة المتحدة إعتبارا من ٢٨يناير ١٩٩٩بغرض خلق الية تحول او إنتقال
أمن للسجناء من الوسط المغلق داخل السجن الى العودة مرة أخرى للعيش وسط المجتمع وذلك
بشرط سلوك المفرج عنه السلوك الذى يدل على قابليته لالصالح والتأھيل وعدم رغبته فى
العودة للجريمة مرة أخرى وذلك خالل فترة وجوده فى السجن ). (١
يتم تنفيذ االقامة الجبرية فى المنزل فى تشريع الممملكة المتحدة بوضع جھاز الكترونى يشبه
ساعة اليد يوضع حول معصم يد او مفصل قدم المحكوم عليه ،ويتصل ھذا الجھاز بجھاز أخر
يتم تثبيته فى المكان الذى يقيم فيه الخاضع لالقامة الجبرية ،ويتصل جھاز المراقبة بالكمبيوتر
المركزى الموجود بمركز المراقبة بواسطة خط تليفون ،ويصدر الجھاز االلكترونى المثبت
حول معصم او مفصل قدم المحكوم عليه موجات يلتقطھا الجھاز االلكترونى المثبت بمكان إقامة
الخاضع للمراقبة طالما ظل المحكوم عليه داخل النطاق المكانى اللتقاط إشارة الجھاز االلكترونى
وفى حالة إفتقاد تلك االشارة نتيجة خروج المحكوم عليه عن ھذا النطاق المكانى يقوم الجھاز
الموجود بمحل إقامة المحكوم عليه بإرسال إشارات تحزيرية الى الكمبيوتر المركزى بمركز
المراقبة الرئيسى ). (٢
يتم فحص السجناء وفق الشروط التى وضعتھا المادة ٧٦٠٠من مواد أوامر خدمة السجون
بالمملكة المتحدة عن طريق لجنة تسمى prison and probation staffتفحص مدى توافر
تلك الشروط ثم تصدر توصية بأسماء السجناء الذين تنطبق عليھم شروط الخضوع لنظام االقامة
الجبرية فى المنزل ثم يصدر مأمور السجن قرارا بأسمائھم .
(1) Home Detention Curfew , HM Prison Service , Prison Service Order , Order
number7600 www.justice.gov.uk 9/7/2013
) (٢د .أيمن رمضان الزينى ،الحبس المنزلى ،المرجع السابق ص . ٨٧
٣٨
بموجب أحكام نظام االقامة الجبرية فى المنزل فإنه يمكن إطالق سراح السجناء الذين ينفذون
أحكاما بالسجن تتراوح مدتھا من ثالث شھور الى أربع سنوات كحد أقصى وذلك مع إستثناء
طوائف السجناء االتية :
-السجناء المسجلين فى سجل القضايا الجنسية
-الجناة المدانون فى قضايا عنف وجنس ممن يقضون فترة عقوبة طويلة
-السجناء الذين لم يعودوا للسجن بعد إطالق سراحھم بموجب إذن مؤقت
-السجناء الموجودون فى السجن بموجب أمر من إحدى المستشفيات او توجيه من
مستشفى او توجيه بالتحويل
-السجناء الذين ينفذون حكما بسبب عدم إتباع شروط االقامة الجبرية فى المنزل
بعض السجناء ممن يتم إستدعائھم الى السجن بسبب عدم إتباع شروط االقامة الجبرية
فى المنزل .
-السجناء الذين يحتمل ترحيلھم من المملكة المتحدة .
-بعض السجناء الذين تم إستدعائھم الى السجن فى اى وقت الرتكابھم أحد الجرائم قبل
إنتھاء مدة الخطورة للحكم الصادر بحقھم
-السجناء المتبقى لديھم فى وقت صدور الحكم ١٤يوما قبل إنقضاء نصف فترة العقوبة
المقررة عليھم
-السجناء الذين لم يقوموا بدفع غرامة ما او لم ينفذوا ما أخبرتھم به المحكمة
) االستھانة بالمحكمة ( .
-السجناء الذين لم تصل أعمارھم الى سن الثامنة عشر بعد ،مع إمكانية تمتع من يصل
منھم الى ھذا السن أثناء تأدية العقوبة باالفراج عنه مع االقامة الجبرية فى المنزل مع
توافر باقى الشروط ). (١
يتعين على المفرج عنه إمتالك مكان للعيش فيه بعد مغادرة السجن وفى حالة عدم إمتالكه لمكان
للعيش فسوف تقوم ھيئة خدمات االفراج بمساعدته فى إيجاد مسكن يقيم به حتى يتمكن من
االستفادة من النظام .
(1) Information for prisoners , First published in 2008 by Prison Reform Trust in UK
,. www.prisonreformtrust.org.uk 15/12/2011 P140.
٣٩
البد من قضاء فترة من العقوبة داخل السجن قبل االفراج تختلف حسب مدة العقوبة فإذا كانت
مدة العقوبة المحكوم بھا ثالث اشھر وال تتجاوز اربعة اشھر فإنه البد من قضاء ثالثون يوما
بالسجن قبل الخضوع لنظام االقامة الجبرية ،أما إذا كانت مدة العقوبة ما بين اربعة أشھر الى
اثنى عشر شھرا فالبد من قضاء ربع مدة العقوبة داخل السجن قبل الخضوع لنظام االقامة
الجبرية ،وإذا كانت مدة العقوبة إثنى عشر شھرا أو أكثر فالبد من قضاء تسعون يوما داخل
السجن قبل االفراج ،وال يمكن االفراج عن السجين قبل قضاء ھذه المدة فمثال لو حكم على
مسجون بالسجن لمدة ثالث أشھر فإنه ال يمكن االفراج عنه وفق نظام االقامة الجبرية إال بعد
قضائه لثالثون يوما داخل السجن اوال ). (١
تقييم الخطورة RISK ASSESSMENT
البد من تقييم مدى خطورة المفرج عنه على االخرين فى حالة خروجه من السجن وذلك حتى
تتمكن ھيئة السجن من التحقق من إستحقاقه للحصول على االقامة الجبرية فى المنزل ،وعملية
تقييم الخطورة لتقرير إستحقاق الحصول على االقامة الجبرية فى المنزل البد وأن تتم قبل موعد
إستحقاق االفراج بعشرة أسابيع وتقوم بھا لجنة تسمى . Prison and Probation Staff
ھناك إجرائين لعمل التقييم الالزم لتقرير االفراج عن السجناء اوال :التقييم المبدئى الذى يتم
لجميع السجناء الذين يستحقون الحصول على االقامة الجبرية فى المنزل ويتضمن ھذا التقييم
التقارير التى تقدم من ھيئة السجن عن سلوك المسجون داخل السجن والثانى :وھو التقييم المتقدم
او التقييم الذى يعزز التقييم المبدئى وھو الذى يتم لفئات السجناء الذين قضوا فى السجن أكثر من
عام ولم يطلق سراحھم من السجن وفق اية وسيلة من وسائل االفراج المؤقت خالل تلك المدة ،
أو السجناء الذين يتم تسجيلھم على أنھم من ذوى الخطورة العالية نتيجة لعنفھم او إرتكابھم
مخالفات جنسية أو لخطورة إعادة إحتجازھم مرة أخرى وكذلك السجناء الذين يتطلب تقييم
االفراج عنھم الوضع فى االعتبار إعتبارات أخرى ). (٢
يمكن للسجين أن يطلب عدم االفراج عنه وفق نظام االقامة الجبرية فى المنزل وذلك مع قيامه
بالتوقيع على طلب بذلك يقدم الى لجنة تقييم الخطورة ويمكن له كذلك أن يتراجع عن ھذا الطلب
كما يمكن له االستئناف ضد عدم منحه االقامة الجبرية فى المنزل ،كذلك فإنه عند خرق المحكوم
عليه لنظام االقامة الجبرية السباب قھرية مثل عدم القدرة على االستمرار فى العيش فى العنوان
المتفق عليه فإنه يمكنه طلب الحصول على إطالق السراح بموجب االقامة الجبرية فى المنزل
مجددا ). (٣
(1) Home Detention Curfew , HM Prison Service , op.cit. , chapter 3 , page 1 .
(2) ibid , chapter 5 .
(3) Information for prisoners , op.cit., 2008 P139 .
٤٠
ثانيا :المراقبة االلكترونية فى التشريع السويدى
للسويد تجربة شاملة فى تطبيق االجراءات الببديلة عن عقوبة السجن للتقليل من أعداد السجناء
والمحتجزين ،وغالبا ما يقوم على تنفيذ تلك االجراءات البديلة جھاز يسمى National
Probation Serviceوھى أحد االجھزة الحكومية التى تشكل جزء من النظام القضائى
السويدى يختص بالمسئولية عن المتھمين المحتجزين بإنتظار المحاكمة وكذلك المحكوم عليھم
المدانين بموجب أحكام قضائية ،ويعتبر من أكثر ھذه العقوبات او االجراءات البديلة شيوعا
المراقبة العادية للمحكوم عليه التى تتم بناء على حكم المحكمة وتنفذھا ھيئة National
Probation Serviceبقصد مراقبة المحكوم عليه ومتابعته ومساعدته فى تحقيق التوافق
واالندماج المجتمعى مرة أخرى مع خضوع المحكوم عليه الشراف شخصى من جانب ضباط
الھيئة وكذلك من تلك االجراءات البديلة الخدمة المجتمعية ). (١
ھناك إجراءات أخرى يأخذ بھا التشريع السويدى للحد من أعداد السجناء فى حالة صدور حكم
فعلى بالسجن من قبل المحكمة وذلك الستبدال كامل مدة العقوبة او جزء منھا وذلك كما فى حالة
االفراج الشرطى الذى يتم بعد قضاء المحكوم عليه لثلثى مدة العقوبة المحكوم بھا وكذلك االفراج
عن المحكوم عليه قبل إنقضاء مدة العقوبة مع إلزامه باالقامة الجبرية فى المنزل عن طريق
مراقبته إلكترونيا .
كانت إستراتيجية اللجوء الى المراقبة االلكترونية فى السويد ھو تخفيف عدد السجناء مع تقليل
النفقات التى تنفق عليھم داخل السجن ،وتقوم فكرة االقامة الجبرية فى المنزل مع الخضوع
للمراقبة االلكترونية على حظر تجول المحكوم عليه خارج المنزل طيلة مدة باقى العقوبة مع
السماح له بالخروج لبعض االوقات الداء بعض النشاطات فقط كالعالج او العمل او الدراسة ،
وتتم عملية المراقبة االلكترونية فى السويد بإستخدام تقنية موجات الراديو Radio Frequency
التى تقوم على وجود جھاز إرسال ) االسورة االللكترونية ( التى يرتديھا المحكوم عليه وجھاز
إستقبال ومركز مراقبة لرصد حاالت مخالفة االقامة الجبرية فى المنزل عن طريق خط التليفون
الذى يربط وحدة االستقبال بمركز المراقبة ) . (٢
(1) Jan Bungerfeldt ,seminar - the Impact of Alternative Sanctions and the Electronic
Monitoring , 3 March , 2011 , www.tm.lt
(2) ibid
(3) ibid
٤١
أطلق البرنامج االول الستخدام المراقبة االلكترونية فى السويد عام ١٩٩٤وفى ھذا التوقيت لم
تكن المراقبة االلكترونية مطبقة فى أيا من الدول االوروبية بإستثناء إنجلترا وويلز التى بدأت تلك
التجربة عام . (١) ١٩٨٩
للمراقبة االلكترونية فى التشريع السويدى برنامجين لالقامة االجبارية فى المنزل على قدم
المساواة االول يطلق عليه برنامج الباب االمامى Front door Schemeوھو برنامج بديل عن
أحكام السجن قصيرة المدة التى ال تجاوز مدتھا ستة اشھر ) المراقبة االلكترونية كعقوبة ( ،
والبرنامج الثانى يطلق عليه برنامج الباب الخلفى back door schemeوالذى يقدم إمكانية
االفراج عن السجين قبل إنتھاء مدة العقوبة الكامل مع خضوعه لالقامة الجبرية بالمنزل مع
المراقبة االلكترونية بشرط قضاء المحكومم عليه لنصف مدة العقوبة المحكوم عليه بھا داخل
السجن بحد أدنى ثالثة أشھر إذا قلت العقوبة عن ستة أشھر ،كما يشترط اال تتجاوز مدة
الخضوع للبرنامج عام واحد ) المراقبة االلكترونية كأسلوب معاملة عقابية ( وقد بدأ تنفيذه فى
السويد إعتبارا من عام ٢٠٠١ويتم االشتراك فى كال البرنامجين بناء على قرار إدارى يصدر
من ھيئة Swedish Prison and Probation Administrationوليس بموجب حكم
قضائى ،ويتم التطبيق بواسطة ھيئة . (٢) National Probation Service
بإستثاء االختالف الواضح على المجموعات او االفراد المستھدفين من كال البرنامجين فإن ھناك
تشابھات كبيرة جدا بينھما ،فكال البرنامجين يقوم على االشتراك الطوعى او الرضا من جانب
الخاضع للبرنامج ،كما أنھما يشتركان فى الشروط االساسية وھى توافر مسكن مقبول وعمل
مناسب وكذلك لھما نفس القواعد التى تتمثل فى التعھد باالمتثال المطلق المر االقامة االجبارى
فى المنزل ،وعدم التسامح مع تعاطى المخدرات ،وااللتزام بإلسماح وإستقبال الزيارات المنزلية
من قبل المشرفين على البرنامج وكذا الخضوع الختبارات وتحاليل تعاطى المواد المخدرة ،وفى
حالة إخفاق الخاضع الى من كال البرنامجين فى االمتثال لتلك القواعد يتم حرمانه من البرنامج
ويحول للسجن فورا لقضاء باقى مدة العقوبة داخل السجن ). (٣
٤٢
بالرغم من وجود تشابھات كبيرة بين البرنامجين إال أن ھناك بعض االختالفات التى تظھر أثناء
التنفيذ ،فبرنامج الباب الخلفى لالقامة االجبارية فى المنزل يسمح للخاضع له بالحصول على
فترات أجازه من الخضوع للبرنامج أكثر بكثير من تلك التى يسمح بھا فى حالة برنامج الباب
االمامى لالقامة االجبارية فى المنزل ،والسبب وراء ذلك أن الخاضعين لبرنامج الباب الخلفى
للمراقبة االلكترونية فى فترة تحول من حياة السجن الى إطالق السراج والبرنامج ما ھو إال إعداد
لھم لمواجھة حياة الحرية فى المستقبل ،كما أنه فى حالة تطبيق برنامج الباب الخلفى لالقامة
الجبرية ربما يسمح للخاضع لھذا البرنامج باالستثناء من شرط المراقبة االلكترونية فى ثلث
العقوبة االخير واالكتفاء بمالحظته عن طريق ضباط ھيئة . (١) Probation Service
بلغ عد الخاضعين لالقامة الجبرية مع المراقبة االلكترونية فى السويد عام ٢٠١٠حوالى ٣٧٠٠
محكوم عليه ممن يقضى كامل مدة العقوبة او جزء منھا وفق نظام االقامة الجبرية ،منھم حوالى
٣٠٠٠يخضعون لبرنامج الباب االمامى للمراقبة ،ومن وجھة النظر االقتصادية فإن االقامة
االجبارية تقدم إدخارات كبيرة ،فتكلفة السجين اليومية فى السجون السويدية منخفضة االمان
حوالى ١٨٠يورو بينما تكلفة الخاضع لنظام االقامة االجبارية حوالى ٨٥يورو يوميا مع تكلفة
مراقبة الكترونية ) معدات – نظام – صيانة ( حوالى ٤يورو يوميا ولذلك فمنذ عام ١٩٩٤فإن
برامج االحتجاز المنزلى قد خفضت تكاليف قضاء السجناء مدة العقوبة داخل السجن الى حوالى
١٠٠٠٠٠٠٠٠يورو وھذا المبلغ يشير فقط الى حجم االدخار المادى للتنفيذ الفعلى وال يشير الى
الفوائد التى عادت على المجتمع من تمكين المحكوم عليه من العمل خالل مدة قضاء العقوبة
وكذلك عدم حرمانه من االرتباط االسرى وسرعة إعادة إندماجه داخل المجتمع وھذه منافع ال
يمكن حسابھا باالرقام ). (٢
التطبيق الناجح للمراقبة االلكترونية فى نظام العقوبات السويدى وفى بالد اوروبية أخرى يبين
أن المراقبة االلكترونية يمكن أن تكون أداة ناجحه فى بناء نظام بدائل لعقوبة السجن ،مع توافر
بعض المسائل االخرى مثل إختيار وتدريب القائمين على تنفيذ المراقبة وتمويل البرنامج ،مع
توافر المناخ الثقافى للتطبيق ). (٣
٤٣
بعد العرض السابق لتجربة المراقبة االلكترونية فى كال من المملكة المتحدة والسويد نجد أن
المراقبة االلكترونية تتميز بخصائص تميزھا سوأ أكانت عقوبة ام كانت أسلوب معاملة عقابية
وتكاد تتماثل ھذه الخصائص او الشروط التى تخضع لھا المراقبة فى معظم التشريعات التى تبنت
تنفيذھا وتتمثل أھم تلك الشروط او الخصائص فيما يلى :
-يجب أال يكون المحكوم عليه او الخاضع للمراقبة شخص يتمتع بخطورة إجراﻣية
وھذا شرط أساسي تنص عليه معظم التشريعات التى تقر المراقبة االلكترونية فناك فئات معينة
من الجناة كما فى التشريع االنجليزى ال يجوز االفراج عنھم وفق نظام المراقبة االلكترونية نظرا
لخطورتھم العالية على حالة االمن العام .
-إشتراط ﻣوافقة الجانى قبل الحكم عليه بتلك العقوبة
وھو شرط أساسى تتطلبه معظم التشريعات التى تطبق المراقبة االلكترونية ،حيث تستلزم
تشريعات تلك الدول ضرورة موافقة الجانى كتابة على تلك العقوبة قبل الحكم بھا وذلك كما فى
تشريع إنجلترا وويلز .
-المراقبة االلكترونية يمكن أن تكون عقوبة او أسلوب ﻣعاﻣلة عقابية
ھناك وجھان للمراقبة االلكترونية فى التشريعات المختلفة فقد تكون المراقبة االلكترونية عقوبة
وقد تكون أسلوب معاملة عقابية يتم تطبيقھا كبديل عن عقوبة السجن او تطبيقا لمبدأ االفراج غير
النھائى بعد قضاء جزء من العقوبة داخل السجن وذلك كما فى التشريع السويدى .
٤٤
الخاتمة
يطيب لى فى ختام ھذا العمل الذى أسال ﷲ عز وجل أن يكون قد وفقنى للقيام به على الوجه
الذى يرضيه أن أعرض لخالصة موجزة عنه تبرز فى جانب منھا أھم النتائج المستفادة من ھذا
الموضوع ،وفى الجانب االخر أھم التوصيات التى قد توصل اليھا الباحث وذلك كما يلى :
اوال :النتائج
oكان للتكنولوجيا الحديثة دور كبير فى عالج مشاكل العقوبة السالبه للحرية وما قد تسببه
من أضرار ال يمكن تجاھلھا وذلك من خالل إيجاد بديل لھذه العقوبة وبخاصة العقوبة
قصيرة المدة وذلك من خالل ربط العدالة الجنائية فى مراحلھا المتعاقبة بما أحرزته
البشرية من تقدم ملموس على صعيد التكنولوجيا وذلك عن طريق تنفيذ العقوبة السالبة
للحرية بطريقة مبتكرة خارج اسوار السجن فى الوسط الحر مع إخضاع المحكوم عليه
بتلك العقوبة لنظام الكترونى لمراقبته عن بعد للتأكد من إلتزامه بالتواجد فى المكان
المحدد سلفا خالل االوقات المحددة ايضا سلفا بموجب حكم قضائى وھو ما يعرف بنظام
الخضوع للمراقبة االلكترونية .
oتعتبر المراقبة االلكترونية وسيلة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية خارج أسوار
السجون مما يجنب الخاضع لھا التعرض لما قد يصيب السجين من سلبيات نتيجة االيداع
داخل المؤسسات العقابية ،كما أن المراقبة االلكترونية تعتبر إستغالل للتكنولوجيا
الحديثة وإخضاع لھا فى تحسين وتطوير النظام العقابى ،وقد تكون المراقبة االلكترونية
عقوبة او أسلوب معاملة عقابية تستھدف تحقيق تأھيل الخاضع لھا ،كما أن لھا ذاتيتھا
التى تميزھا عن غيرھا من العقوبات او االساليب العقابية االخرى .
oحققت المراقبة االلكترونية نتائج طيبه فى الدول التى قامت بتنفيذھا سواء أكانت عقوبة
ام أسلوب معاملة عقابية وذلك على مستوى االھداف التأھيلية او االھداف االقتصادية
فيما يتعلق بتقليل النفقات وكذلك فيما يتعلق بالحد من العودة الى الجريمة مرة أخرى .
ثانيا :التوصيات
oإدخال تعديالت تشريعية تسمح بتطبيق برامج المراقبة االلكترونية كوسيلة حدبثة لتنفيذ
العقوبة السالبة للحرية خارج اسوار المؤسسات العقابية فى حاالت الجرائم التى ال تشكل
درجة خطورة معينه تستدعى ايداع الجانى داخل اسوار السجون خصوصا فى ظل
التطور التكنولوجى الكبير الذى نشھده .
٤٥
المراجع
اوال :المراجع العربية
– ١المراجع العاﻣة
الدكتور /فوزية عبدالستار
-مبادئ علم العقاب ،دار النھضة العربية ،القاھرة الطبعة األولى ١٩٩٢
– ٢المراجع المتخصصه :
الدكتور /احمد شوقى ابو خطوه
-المساواة فى القانون الجنائى ،دار النھضه العربية الطبعه الخامسة القاھرة
٢٠٠٨
الدكتور /أساﻣة حسنين عبيد
-المراقبة الجنائية االلكترونية ،دار النھضه العربية الطبعة االولى . ٢٠٠٩
الدكتور /أيمن الزينى
-الحبس المنزلى ،دار النھضه العربية الطبعه االولى ٢٠٠٥
الدكتور /عمر سالم
-المراقبة االلكترونية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية خارج السجن ،
دار النھضه العربية بدون تاريخ نشر الطبعة الثانية
الدكتور /ﻣحمد عيد الغريب
-االفراج الشرطى فى ضوء السياسة العقابية الحديثة ،جامعة المنصورة كلية
الحقوق ١٩٩٥/١٩٩٤
الدكتور /ﻣصطفى ﻣحمد ﻣوسي
-المراقبة االلكترونية عبر شبكة االنترنت ،دار الكتب القانونية ٢٠٠٥
– ٣الرسائل العلمية :
الدكتور /ﻣحمد سيف النصر عبد المنعم
-بدائل العقوبة السالبة للحرية فى التشريعات الجنائية الحديثة ،رسالة دكتوراة
كلية الحقوق جامعة القاھرة ٢٠٠٤
– ٤االبحاث :
الدكتوره /صفاء اوتانى
-الوضع تحت المراقبه االلكترونية ،بحث منشور بمجلة جامعة دمشق للعلوم
االقتصادية والقانونية ،المجلد ٢٥العدد االول . ٢٠٠٩
-العمل للمنفعه العامة فى السياسة العقابية المعاصرة ،بحث منشور بمجلة جامعة
دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية ،المجلد ٢٥العدد الثانى . ٢٠٠٩
٤٦
المراجع االجنبية: ثانيا
1- general and specialized references
*Christopher l. Blackesley ,
Conditional Liberation (Parole) In France , University of Nevada , Las
Vegas , School of Law , 1978 , digitalcommons.law.lsu.edu
*Jan Bungerfeldt .
the Impact of Alternative Sanctions and the Electronic Monitoring , 3
March , 2011 , www.tm.lt
*Jenny Ardley .
he Theory , Development and Application of Electronic monitoring in
Britain , Internet gournal of criminology©2005 .
www.internetjournalofcriminology.com
٤٧
*U.S.Department of Justice , Office Of Justice Programs , National
Institute of Justice .
Electronic Monitoring Reduces Recidivism , , sept . 2011 .
https://www.ncjrs.go
*REUTERS
U. S . Prison System a costly and harmful Failure , report published by
REUTERS IN Mo Nov 19, 2007
www.reuters.com
٤٨
الفھرس
١ ﻣقدﻣه
المبحث االول
ﻣاھية المراقبة االلكترونية وﻣبررات وﻣشكالت التطبيق
٢ تمھيد وتقسيم
٣ المطلب االول :ﻣاھية المراقبة االلكترونية
٤ الفرع االول :تعريف المراقبة االلكترونية ونشأتھا
٩ الفرع الثانى :ذاتية المراقبة االلكترونية كوسيلة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية
١٧ الفرع الثالث :الية تطبيق المراقبة االلكترونية
٢٢ المطلب الثانى :ﻣبررات وﻣشكالت تطبيق نظام المراقبة االلكترونية
٢٣ الفرع االول :دواعى تطبيق نظام المراقبة االلكترونية
٢٨ الفرع الثانى :مشكالت تطبيق نظام المراقبة االلكترونية
المبحث الثانى
التجارب الدولية لنظام المراقبة االلكترونية
٣٥ اوال :المراقبة االلكترونية فى تشريع المملكة المتحدة
٤٠ ثانيا :المراقبة االلكترونية فى التشريع السويدى
٤٤ الخاتمة
٤٥ قائمة المراجع
٤٨ الفھرس
٤٩