You are on page 1of 12

‫جامعة لونيسي علي ‪ -‬البليدة ‪-2‬‬

‫كلية العلوم اإلجتماعية واإلنسانية‬

‫ماستر ‪1‬‬
‫املقياس‪ :‬علم العقوبات ونظام السجون‬

‫بحث حول‪:‬‬

‫التشغيل‪ ،‬التعليم‪ ،‬التهذيب‪،‬‬


‫والرعايةالصحية في املؤسسات العقابية‬

‫إعداد‪ :‬وشان نجم الدين‬

‫السنة الجامعية‪2020/2021 :‬‬


‫مقدمة‬

‫تط ور الفك ر العق ابي وتغ ير مفه وم العقوب ة‪ ،‬وأص بح الغ رض منه ا ه و إص الح الش خص املنح رف‬
‫وتهذيبه وإعادة إدماجه في املجتمع‪ ،‬بعدما كان الغرض منها هو تحقيق اكبر قدر ممكن من اإليالم‬
‫للجاني تكفيرا عن ذنبه وبالتالي تعتبر عقوبة إضافية للعقوبة املحكوم بها عليه‪.‬‬

‫ف الغرض األهم لوظيف ة العقوب ة بالنس بة للسياس ة الجنائي ة الحديث ة ه و إص الح الج اني وتأهيل ه‬
‫وإع ادة تكييف ه وتجنيب ه الس لوك اإلج رامي في املس تقبل‪ ،‬وللعقوب ة أش كال متع ددة ومن أهم ه ذه‬
‫العقوبات التي تحقق الردع الخاص الذي يدخل فيه التأهيل هي عقوبة الحبس‪.‬‬

‫ومن أج ل التنفي ذ العق ابي للعقوب ات الس البة للحري ة يجب ت وفر ع دة متطلب ات من أهمه ا وج وب‬
‫توافر أماكن للتنفيذ وهي السجون أو وفقا التسمية اقل قسوة وهو مصطلح املؤسسات العقابية‬
‫وهي إحدى املرافق التي تعتمد عليها الدولة في حماية املجتمع من الظاهرة اإلجرامية‪ ،‬إن األهداف‬
‫األساسية للسياسة العقابية في الجزائر هو إعادة تربية وإدماج املحبوسين اجتماعيا ‪ ،‬ويظهر هذا‬
‫من خالل تبني املشرع مجموعة من البرامج اإلصالحية ذات جوانب متعددة يخضع لها املحبوسين ‪،‬‬
‫تتضمن جملة من الضمانات والحقوق داخل املؤسسة العقابية من تشغيل وتعليم وتهذيب ورعاية‬
‫ص حية واجتماعي ة ونفس ية‪ .‬ومن خالل م ا تم ذك ره يمكن ط رح س ؤال البحث‪ :‬كي ف يتم تأهي ل‬
‫املحبوسين داخل املؤسسات العقابية وفقا لألساليب املعتمدة في السياسة العقابية في الجزائر؟ تم‬
‫االعتم اد على املنهج الوص في كون ه األق رب للدراس ة‪ ،‬بحيث نتط رق الوص ف أهم األس اليب املتبع ة‬
‫إلعادة إدماج املحبوسين في املؤسسات العقابية في الجزائر‪.‬‬

‫تم االعتماد على الخطة التالية‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬التشغيل داخل املؤسسات العقابية‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أغراض التشغيل‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬شروط التشغيل‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬التعليم والتهذيب‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬دور التعليم في إصالح وتأهيل املحبوسين‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مجاالت التعليم‪.‬‬


‫املطلب الثالث‪ :‬التهذيب‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬الرعاية الصحية‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أغراض الرعاية الصحية‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أساليب الرعاية الصحية‬


‫املبحث األول‪ :‬التشغيل داخل املؤسسات العقابية‬

‫في ظل القانون الجزائري فان التشغيل أو العمل العقابي يلعب دورا رئيسيا وفعاال في إعادة تربية‬
‫املحبوسين وتأهيلهم على عكس ما كان عليه سابقا‪ ،‬ففي القديم كان الهدف من العمل هو اإليالم‬
‫‪1‬‬
‫والزجر واالنتقام‪.‬‬

‫فالسياسة العقابية الحديثة تجعل من العمل معاملة جوهرية في إعادة تأهيل املحكوم عليه‪ ،‬فلم يعد‬
‫العم ل أالن تكمل ة لعقوب ة الس جن أو الحبس ب ل أص بح من واجب إدارة الس جون أن ت وفر العم ل‬
‫املناس ب للمحك وم علي ه كح ق ل ه في التأهي ل‪ 2‬وق د نظم ه املش رع الجزائ ري في امل واد ‪96‬و‪ 99‬من‬
‫القانون رقم‪. 04-05:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أغراض التشغيل‬

‫للعمل أغراض عديدة والتي تساهم بشكل ايجابي في تحسين وضعية املحكوم عليه داخل املؤسسة‬
‫العقابية التي وضع فيها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إعادة تأهيل وتربية املحكوم عليه‬

‫يرف ع من معنويات ه ألن ه يك ون بعي دا عن التفك ير في البطال ة ويبع ده عن االض طراب العقلي‬ ‫‪‬‬
‫والنفسي‪ ،‬ويقلل من التوتر الشديد الذي يمكن أن ينتابه داخل املؤسسة العقابية الناتج عن‬
‫‪3‬‬
‫العزلة وقلة الحركة وذلك بمأل فراغه‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمر خوري‪ ،‬السياسة العقابية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص‪.308‬‬
‫‪ - 2‬إسحاق إبراهيم منصور‪ ،‬موجز في علم العقاب و علم اإلجرام‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص‬
‫‪191‬‬
‫‪ - 3‬بوخالفة فيصل‪ ،‬اإلشراف القضائي على الجزاء الجنائي في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل املاجستير في العلوم القانونية ‪ ،‬جامعة‬
‫الحاج الخضر‪ ،‬باتنة ‪ ،2012-2010‬ص‪72‬‬
‫يس اعده في إتق ان املهن ة ال تي ك ان يزاوله ا قب ل دخول ه الس جن‪ ،‬أو يتعلم مهن ة جدي دة‪ ،‬مم ا‬ ‫‪‬‬
‫يسمح له بالعيش الشريف بعد اإلفراج عنه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫يسمح له بجمع وادخار جزء من أجره الذي قد يمكنه من سد حاجياته‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ثانيا‪ :‬زيادة كمية اإلنتاج‬

‫ه و م ا يع رف باله دف االقتص ادي بحيث تس تفيد الدول ة من ه لتس ديد ج زء من نفق ات إقام ة‬
‫املحبوسين في املؤسسات العقابية مدة تنفيذ العقوبة السالبة للحرية ‪،‬ويتم ببيع ما أنتجه املحبوسين‬
‫في مختلف امليادين والذي يساعد املؤسسة العقابية على تغطية بعض نفقاتها‪ ،‬ولكن يجب أن يكون‬
‫إصالح وتأهيل املحبوسين هو الهدف الرئيسي األول وان ال يطغى عليه الهدف االقتصادي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حفظ النظام داخل املؤسسة العقابية‬

‫يتم بتشغيل وقت فراغ املحكوم عليه بالعمل في املؤسسة العقابية ويجعله ال يفكر في سلب حريته‬
‫فال يتمرد على نظام املؤسسة بل على يغرس في نفسه حب النظام واحترام قوانين املؤسسة ‪ ، 2‬ففي‬
‫الق انون الجزائ ري تق وم الجن ة تط بيق العقوب ات بتنظيم العم ل الخ اص بإع ادة تربي ة املحبوس ين‬
‫داخ ل املؤسس ة العقابي ة فتح دد ط رق العم ل فيه ا وتس هر على تطبيقه ا‪ ،‬وال ب د أن ت راعي في ذل ك‬
‫قواعد حفظ النظام وامن املؤسسة وهذا طبقا للمادة ‪96‬من قانون تنظيم السجون‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬شروط التشغيل‬

‫متى يتحقق غرض التشغيل‪ ،‬يجب أن تتوفر شروط معينة في العمل العقابي وهي أربعة شروط‬

‫أوال‪ :‬أن يكون متنوعا‬

‫بمعنى تعدد أشكال األعمال الزراعية والصناعية بحيث يتمكن املحكوم عليه من اختيار العمل الذي‬
‫ي رغب في ه ‪ ،‬وال ذي يتماش ى ويتف ق قدرات ه وم ع مراع اة إمكاني ة اس تبداله بن وع أخ ر في حال ة ع دم‬
‫مالئمته مع قدراته حتى يحقق غرض التأهيل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن يكون مماثال للعمل الحر‬

‫‪ - 1‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬أصول علم اإلجرام و العقاب‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2002 ،‬ص ‪400‬‬

‫‪ - 2‬إسحاق إبراهيم منصور‪ ،‬موجز علم اإلجرام والعقاب‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ص‪.192‬‬
‫أن يكون العمل داخل املؤسسة العقابية مماثل أو يقارب العمل الحر خارجها ‪ ،‬على أن تكون املماثلة‬
‫من حيث النوع والوسائل‪ 1‬وطبقا للمادة ‪ 160‬من قانون تنظيم السجون "يستفيد املحبوس املعين‬
‫للقيام بعمل أو خدمة من أحكام تشريع العمل والحماية االجتماعية ‪ ،‬مالم يكن ذلك متعارضا مع‬
‫وضعه كمحبوس"‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن يكون منتجا‬

‫إن العم ل املنتج ي ؤدي ب املحكوم علي ه إلى التعل ق ب ه واإلقب ال علي ه داخ ل املؤسس ة وخارجه ا عن د‬
‫اندماج ه في الحي اة املهني ة الح رة‪ ،‬خاص ة إذا قيم الس جين قيم ة العم ل ال ذي يق وم ب ه‪ ،‬ف إذا ملس‬
‫املسجون ثمرات عمله ومجهوده فان ذلك يرفع من الروح املعنوية ويزيد احترامه لنفسه وثقته فيها‬
‫مما يدفعه للتمسك به والحرص عليه بعد اإلفراج‪ ،‬وهكذا يلعب العمل املنتج دورا في التأهيل‪ ،‬أما‬
‫إذا كان العمل غير منتج فان نتائجه تكون عكسية على املحكوم عليه فال تحقق تأهيله‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أن يكون العمل بمقابل مالي‬

‫هو أن يتلقى املحكوم عليه أجرا مقابل العمل الذي أنجزه إال انه أثار جدل قانوني لهذا املقابل ‪ ،‬هل‬
‫هو اجر أم مكافئة فاملشرع الجزائري اعتبره مكافئة وليس أجرا يتلقاه املحبوس كتشيع على ما بذله‬
‫في انجاز عمله بصورة كاملة ‪ ،‬باعتبار العمل هو الوسيلة الرئيسية إلعادة تربية املحبوسين‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬التعليم و التهذيب‬

‫إن للتعليم والتهذيب دورا فعال في إصالح املحبوس وإعادة إدماج املحكوم عليه اجتماعيا‪ ،‬حيث إن‬
‫التعليم يساعد ويساهم بقدر كبير على القضاء على الجهل واألمية‪ ،‬أما التهذيب فله أهمية أيضا في‬
‫إصالح املحكوم عليه وتحسين سلوكه بغرس القيم الدينية واألخالقية فيه‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬دور التعليم في إصالح وتأهيل املحبوسين‬

‫لقد وصلت الدراسات في علم اإلجرام الكتشاف وجود عالقة مابين األمية والجريمة‪ ،‬ونسبة كبيرة‬
‫من غير املتعلمين من النزالء في السجون ومما ال شك فيه أن تعليم املحبوسين يسمح بتجريد احد‬
‫عوامل اإلجرام فيه‪ ،‬فالتعليم يرفع املستوى الذهني والجتماعي وينمي القدرات ويساعد على التفكير‬
‫الهادئ والسليم في الحكم على األشياء وتقدير العواقب‪ ،‬فيجعل املحكوم عليه أكثر حرصا على حل‬
‫مش اكله ب الطرق القانوني ة فال يلج ا للعن ف ‪ ،‬كم ا يس اهم التعليم في تغي ير نظرت ه إلى الس لوك‬
‫اإلجرامي مما يدفعه للعدول عنه مستقبال‪ ،‬وكذلك يساعد على شغل أوقات الفراغ داخل السجن‬
‫‪ - 1‬محمد عبد هللا الوريكات ‪ ،‬أصول علمي الجرام والعقاب‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2009 ،‬ص ‪.418‬‬
‫والذي يساعد على االبتعاد عن التفكير في اإلجرام"‪ ،1‬كما يساعد التعليم على إيجاد عمل بعد‬
‫اإلفراج عنه‪.‬‬

‫ل ذا ي رى علم اء العق اب على ض رورة وإلزامي ة ف رض التعليم على املحبوس ين خاص ة فئ ة اإلح داث‬
‫والشباب منهم‪.‬‬

‫وفي ه ذا اإلط ار نص ق انون رقم ‪ 0405‬في املادة ‪ 94‬من ق انون تنظيم الس جون على تنظيم دروس في‬
‫التعليم الع ام والتق ني ‪ ،‬حيث تنص على‪" :‬تنظم لفائ دة املحبوس ين درس ا في التعليم الع ام والتق ني‬
‫والتكوين املنهي والتمهين والتربية البدنية‪ ،‬وفقا للبرامج املعتمدة رسميا ‪ ،‬مع توفير الوسائل الالزمة‬
‫لذلك"‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مجاالت التعليم‬

‫يتضمن التعليم داخل املؤسسة العقابية التعليم العام والتعليم الفني وهي كاألتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التعليم العام‬

‫يعت بر التعليم الع ام من األس اليب التمهيدي ة إلع ادة إدم اج املحبوس ين في املجتم ع‪ ،‬ويختل ف التعليم‬
‫باختالف املستوى التعليمي لكل محبوس‪ ،‬فهناك من ال يحسنون القراءة والكتابة وهم فئة األميين‬
‫ومنهم من لهم مستوى تعليمي معين سواء كانوا ابتدائي أو ثانوي أو جامعي‪.‬‬

‫بالنسبة لفئة األميين من املحبوسين يتم تعليمهم مبادئ القراءة والكتابة وبعض املعلومات األساسية‬
‫إجباريا‪ ،‬خاصة صغار السن منهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعليم الفني‬

‫تق وم املؤسس ة العقابي ة بإع داد ب رامج التعليم الف ني للمحبوس ين ال ذين ينقص هم التأهي ل املنهي أو‬
‫الحرفي حيث توزع هذه البرامج وفقا لقدرات واستعدادات كل محبوس حتى يتحقق الهدف املرجو‬
‫وه و إع داد املحب وس لالن دماج في املجتم ع والتغلب على املش اكل ال تي له ا أث ر في س لوكه اإلج رامي‬
‫وإيجاد عمل بعد اإلفراج عنه‪ ،‬فهذا التعليم يسمح بكسب رزقهم بطريقة شريفة بعد اإلفراج عنهم‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ - 1‬محمد صبحي نجم‪ ،‬املدخل إلى علم االجرام‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1988 ،‬ص‪.139‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬التهذيب‬

‫ب الرغم من أهمي ة التعليم إال أن ه ال يكفي لوح ده في عملي ة تأهي ل املحبوس ين‪ ،‬ب ل يجب أن يق ترن‬
‫بالتهذيب‪ ،‬إذ يقصد به إزالة القيم األخالقية الفاسدة التي ال تبالي بالقانون وتحل قيم أخرى محلها‪،‬‬
‫وله دور فع ال في تأهي ل املحبوس ين وذل ك عن طريق خل ق إرادة املشاركة في الحياة االجتماعية من‬
‫اح ترام للق انون واالمتث ال إلحكام ه ‪ ،‬بحيث اتسع نطاقه في ظل السياسة العقابية الحديثة ليشمل‬
‫‪1‬‬
‫التهذيب الديني واألخالقي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التهذيب الديني‬

‫يقصد به غرس املبادئ والقيم الدينية املتصلة باألخالق االجتماعية مما أثبتت الدراسات أن انعدام‬
‫ال وازع ال ديني ق د يك ون ع امال إجرامي ا‪ ،‬ل ذا من الض روري تنمي ة ه ذا ال وازع ال ديني ال ذي يس اعد‬
‫بصفة عامة على إصالح املحكوم عليهم وإعادة إدماجهم في املجتمع ‪ ،‬وهذا ما نصت علية املادة ‪66‬‬
‫الفقرة الثالثة من قانون تنظيم السجون‪..‬‬

‫ثانيا‪ :‬التهذيب األخالقي‬

‫يقصد بالتهذيب األخالقي إبراز القيم األخالقية للمحبوسين وإقناعهم بها وتدريبهم على أن يستمدوا‬
‫منها مع ايير الس لوك في املجتم ع ثم يل تزمون بها‪ ،‬ويق وم املختص ون في علم النفس والتربي ة والعقاب‬
‫به ذه املهم ة‪ ،‬ويفض ل في الته ذيب األخالقي اللق اءات الفردي ة بين الق ائم بالته ذيب و النزي ل‪ ،‬حيث يتم‬
‫التعرف على شخصية املحبوس ومساعدته وإعانته على حل مشاكله الشخصية والعائلية ‪ ،‬وفي هذا‬
‫الصدد نص املشرع الجزائري في املادة ‪ 88‬من قانون تنظيم السجون رقم ‪. 04-05‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬الرعاية الصحية‬

‫إن احتف اظ املحك وم علي ه بص حة جي دة داخ ل املؤسس ات العقابي ة ق د يس اهم في نج اح األس اليب‬
‫اإلصالحية األخرى‪ ،‬ولذلك أصبحت الرعاية الصحية حقا للمحكوم عليه إذ تلتزم الدولة بتوفيرها‬
‫له مجانا طاملا أنها مالزمة لتأهيله‪ ،‬وترجع علة هذا الحق إلى أن حق الدولة في العقاب يقتصر على‬
‫مجرد سلب الحرية دون اإلضرار بسالمته البدنية والنفسية‪.2‬‬

‫‪ - 2‬محمد صبحي نجم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪107‬‬

‫‪ - 1‬عمر خوري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.330-329‬‬

‫‪ - 2‬فهد يوسف الكساسبة‪ ،‬وظيفة العقوبة ودورها في اإلصالح والتأهيل "دراسة مقارنة"‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2010‬ص ‪.171‬‬
‫املطلب األول‪ :‬أغراض الرعاية الصحية ‪.‬‬

‫تساهم الرعاية الص حية ب التزام املحك وم عليه بالقواع د الصحية مما يس هل علي ه االعتياد‬ ‫‪‬‬
‫على النظام الداخلي للمؤسسة العقابية ويولد لديه االعتقاد بأن اإلجرام ال يليق به مستقبال‬
‫‪.‬‬
‫أك دت أبح اث علم اإلج رام ب ان املرض يش كل عنص را من عناص ر الخط ورة اإلجرامي ة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وبالتالي فان العالج من ذلك املرض يؤدي إلى استئصال احد العوامل اإلجرامية ويحول دون‬
‫العودة إلى ارتكاب الجريمة مرة أخرى‪.‬‬
‫للرعاية الصحية دور في املحافظة على الصحة العامة في املجتمع‪ ،‬فقد ثبت أن إهمال الرعاية‬ ‫‪‬‬
‫يترتب عليه تفشي األمراض املعدية داخل املؤسسة العقابية وخارجها‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أساليب الرعاية الصحية‬

‫كفل املشرع الجزائري الرعاية الصحية لكل محبوس منذ دخوله املؤسسة العقابية إلى غاية اإلفراج‬
‫عن ه‪ ،‬وذل ك من املادة ‪57‬الى غاي ة املادة ‪ 65‬من ق انون تنظيم الس جون رقم ‪ 04-05‬وتتن اول الرعاي ة‬
‫الصحية جانبي الوقاية والعالج‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األساليب الوقاية‬

‫يقص د بالوقاي ة اتخ اذ االحتياط ات الض رورية لحماي ة املحبوس ين من األم راض خاص ة األم راض‬
‫املعدية‪ ،‬وتتمثل طرق ووسائل الوقاية الصحية في ما يلي‪:‬‬

‫هيك ل املؤسس ة العقابي ة‪ :‬من الض روري أن تش مل مب اني املؤسس ة العقابي ة على أم اكن‬ ‫‪‬‬
‫مخصص ة للعم ل وأخ رى مخصص ة للوجب ات الغذائي ة وأخ رى للن وم ذات مس احة معقول ة‬
‫بالنسبة لعدد املحبوسين‪ ،‬بحيث تكون جميع هذه األماكن معرضة للهواء الطلق واإلضاءة‬
‫الكهربائية ‪ ،‬وان تخصص فيها لكل محبوس سرير وأغطية كافية تتناسب مع فصول السنة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وان تزود تلك األماكن بدورات مياه يقضي فيها املحبوسين حاجتهم الطبيعية‪.‬‬

‫‪ - 1‬إسحاق إبراهيم منصور‪ ،‬مجوز في علم العقاب و علم اإلجرام‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫املأكل‪ :‬يجب أن تكون كمية الغذاء متناسبة مع سن املحبوس وحالته الصحية ونوع العمل‬ ‫‪‬‬
‫ال ذي يزاول ه ‪ ،‬وان تك ون قيمت ه الغذائي ة كافي ة لس المة جس مه ونم وه م ع مراع اة تق ديم‬
‫وجبات خاصة للنساء الحوامل أثناء الحمل والرضاعة‪ ،‬وقد أكدت على هذا القاعدة ‪ 20‬من‬
‫القواع د النموذجي ة ال دنيا املعامل ة الس جناء‪ ،‬حيث نص ت في فقرته ا األولى على أن ت وفر‬
‫اإلدارة الكل سجين في الساعات املعتادة وجبة طعام ذات قيمة غذائية كافية للحفاظ على‬
‫صحته وقواه ‪ ،‬وجودة النوعية وحسن اإلعداد والتقويم ‪ ،‬فاملشرع الجزائري بدوره أولى‬
‫اهتمام ا للوجب ة الغذائي ة للمحبوس ين حيث نص ان ه يجب أن تك ون متوازن ة وذات قيم ة‬
‫غذائية كافية‪.1‬‬
‫امللبس‪ :‬يتعين على املحكوم عليه بارتداء اللباس الخاص بالسجن وينبغي أن يكون هذا امللبس‬ ‫‪‬‬
‫مالئما للظروف املناخية ‪ ،‬وان ال يكون في هيئته ما يدل على التحقير أو إهدار لكرامته‪ ،‬كما‬
‫ينبغي أن تسمح لهم إدارة السجون بتغييره كي يبقى نظيفا دائما‪.‬‬
‫النظافة الشخصية على املؤسسة العقابية أن تيهئ للمحبوسين وسائل تتعلق بنظافة البدن‬ ‫‪‬‬
‫من م اء س اخن وص ابون وأدوات الحالق ة للش عر وال ذقن وقص األظ افر ‪ ،‬وأم اكن خاص ة‬
‫لالس تحمام وأيض ا وس ائل التنظي ف للمالبس ‪ ،‬وان ت وفر لهم املالبس الخاص ة للعم ل ال ذي‬
‫يزاولونه‪ ،‬وذلك بهدف عدم إشعار املحبوسين باالحتقار وأيضا لرفع معنوياتهم باستمرار‪،‬‬
‫ويسهر على مراعاة قواعد الصحة والنظافة الفردية والجماعية الطبيب باملؤسسة العقابية‪،‬‬
‫إذ يت وجب علي ه أن يتفق د جمي ع األم اكن ويخط ر املدير بك ل املعاين ات للنق ائص أو ك ل‬
‫الوضعيات التي من شانها اإلضرار بصحة املحبوسين النفسية والجسمانية‬
‫النشاط الرياضي‪ :‬لألنشطة الرياضية اثر ايجابي على صحة املحكوم عليه‪ ،‬وعلى هذا تقوم‬ ‫‪‬‬
‫إدارة املؤسس ات العقابي ة بتوف ير ظ روف ممارس ة أن واع األنش طة الرياض ية من م دربين‬
‫وأدوات ضرورية وأوقات منتظمة ومحددة في الهواء الطلق مع األخذ بعين االعتبار الحالة‬
‫الصحية للمحكوم عليهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األساليب العالجية‪:‬‬

‫ال تقتصر الرعاية الصحية على الوسائل الوقائية بل تشمل أيضا الجانب العالجي وتتمثل في ما يلي‪. :‬‬

‫فحص املحك وم علي ه‪ :‬يجب فحص املحك وم علي ه من ط رف الط بيب أو األخص ائي النفس اني‬ ‫‪‬‬
‫عند دخوله املؤسسة العقابية وعند اإلفراج عنه‪ ،‬فكلما دعت الضرورة إلى ذلك ويخضع له‬

‫‪ - 1‬املادة ‪63‬من ق ت س رقم‪"04-05:‬يجب أن تكون الوجبة الغذائية للمحبوسين متوازنة وذات قيمة غذائية كافية‪.‬‬
‫املحكوم وحوبيا وحتى ولو لم يرضى به ‪ ،‬ويشمل هذا الفحص ناحيتين‪ ،‬الصحية والنفسية‬
‫مع ا‪ ،‬مم ا يتطلب أن تك ون بك ل مؤسس ة عقابي ة إدارة طبي ة تتك ون من ع دد من األطب اء في‬
‫التخصصات العالجية املختلفة‪ ،‬بهدف تشخيص حالته تشخيصا عاما ومعرفة ما به من علل‬
‫بدنية أو عقلية‪.1‬‬
‫اإلخض اع العالج املناس ب‪ :‬يس تفيد املحك وم علي ه من العالج الط بي في مص لحة املؤسس ة‬ ‫‪‬‬
‫العقابية وعند الضرورة في أي مؤسسة استشفائي خارج املؤسسة العقابية‪ ،‬إذا كان املرض‬
‫الذي يعاني منه ال يستطيع عالجه داخل السجن وسواء كان هذا املرض بدني أو عقلي ‪ ،‬في‬
‫حالة ثبت مرضه العقلي فانه ينقل إلى مستشفى األمراض العقلية وحوبيا‪ ،‬وإذا كان مرضه‬
‫ب دني فينق ل إلى املستش فى املختص به ذا املرض ‪ ،‬ويخض ع للعالج مث ل أي ش خص ع ادي‬
‫وتقدم تقاريره الطبية الدورية إلدارة املؤسسة العقابية الذي يقضي عقوبته فيها‪.2‬‬

‫‪ - 1‬إسحاق إبراهيم منصور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪201‬‬

‫‪ - 2‬جودي زوليخة و قادري کريمة‪ ،‬إعادة التربية واإلدماج االجتماعي للمحبوسين في الجزائر‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاستر في الحقوق‬
‫الرحمن جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪2015-2014 ،‬‬
‫خاتمة‬

‫لق د تغ يرت معامل ة املحبوس ين في املؤسس ات العقابي ة في العص ر الح ديث‪ ،‬فبع دما ك انت الغاي ة من‬
‫توقيع عقوبة سلب للحرية هدف بحد ذاته‪ ،‬أصبح الهدف من هذه العقوبة في ظل السياسة العقابية‬
‫الجديدة هو اإلصالح وإعادة تأهيل املحكوم عليه وتقويم سلوكه إلعادة إدماجه مجددا في املجتمع‬
‫بعد اإلفراج عنه وإحاطته برعاية مناسبة بما يحفظ كرامته كانسان وهذا بغض النظر عما إذا كان‬
‫مرتكبا للجريمة‪. .‬‬

‫وقد اعتمد املشرع الجزائري على سياسة عقابية تحقق هذا الغرض وتسهل عملية إدماج املحبوسين‬
‫والتي يستفيد منها املحكوم عليه سواء من عمليات التشغيل أو التعليم أو التهذيب‪ ،‬والتي بدونها ال‬
‫يمكن البدا في عملية إعادة التربية واإلدماج االجتماعي للمحبوسین‪.‬‬

You might also like