You are on page 1of 3

‫املولد والنشأة‬

‫ولد عبد الحميد بن محمد بن املكي بن باديس يوم ‪ 11‬ربيع الثاني ‪ 1307‬املوافق ‪ 4‬ديسمبر‪/‬كانون‬
‫األول ‪ 1889‬بمدينة قسنطينة‪ ‬بالجزائر‪.‬‬

‫وقد‪ ‬نشأ في أسرة عريقة ومتدينة وذات مكانة وجاه‪ ،‬فأبوه محمد املصطفى بن باديس كان حافظا‬
‫للقرآن ومن أعيان املدينة‪ ،‬واشتغل قاضيا وعضوا في املجلس الجزائري األعلى‪ ،‬ومن رجال أسرته‬
‫املش هورين‪ ‬املع ز بن ب اديس ال ذي أعلن انفص ال الدول ة الص نهاجية عن الدول ة الفاطمي ة وأعلن فيه ا‬
‫مذهب أهل السنة والجماعة‪.‬‬

‫الدراسة والتكوين‬

‫تلقى بن باديس تعليمه األول في علوم الدين واللغة بداية من ‪ 1903‬بمسقط رأسه في جامع "سيدي‬
‫محمد النجار" على يد الشيخ حمدان الونيسي أحد علماء‪ ‬الجزائر‪ ‬آنذاك‪ .‬حفظ القرآن الكريم في ‪13‬‬
‫من عم ره‪ ،‬على ي د الش يخ محم د بن املداس ي أش هر مق رئ بقس نطينة‪ ،‬وفي ع ام ‪ 1910‬انتق ل‬
‫إلى‪ ‬تونس‪ ‬والتحق بجامع الزيتونة‪ ،‬وهناك أكمل تعليمه على يد صفوة من العلماء مثل محمد النخلي‬
‫القيرواني‪ ،‬ومحمد الطاهر بن عاشور‪ ،‬ومحمد الخضر بن حسين وغيرهم‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 1911‬نال شهادة "التطويع العاملية" وكان ترتيبه األول‪ ،‬وظل يتابع دراسته بتونس ملدة عام‬
‫ليعود بعد ذلك للجزائر‪ ،‬وبمسقط رأسه‪ ‬قسنطينة‪ ‬باشر في الجامع الكبير إلقاء سلسلة من الدروس‬
‫حول كتاب "الشفا" للقاضي عياض‪ ،‬وبقرار من اإلدارة الفرنسية تم منعه من مواصلة الدروس‪.‬‬

‫أدى فريضة الحج عام ‪ 1913‬وخالل إقامته باملدينة املنورة التي دامت ثالثة أشهر تعرف على الشيخ‬
‫البش ير اإلب راهيمي أح د أب رز العلم اء الجزائ ريين آن ذاك ومع ه أس س جمعي ة العلم اء املس لمين‬
‫الجزائ ريين‪ ،‬وفيه ا التقى بش يخه حم دان الونيس ي وبمجموع ة من كب ار العلم اء‪ ،‬وفي حض رتهم ألقى‬
‫درسا بالحرم النبوي‪.‬‬

‫خالل إقامته باملدينة عرض عليه شيخه الونيسي اإلقامة الدائمة باملدنية املنورة‪ ،‬لكنه أخذ بنصيحة‬
‫الش يخ حس ين أحم د الهن دي بض رورة الع ودة للجزائ ر خدم ة لل دين وللغ ة العربي ة‪ .‬ول دى عودت ه‬
‫للجزائر عرج على‪ ‬مصر‪ ‬وفيها التقى بمفتي الديار املصرية الشيخ محمد بخيت املطيعي الذي كتب له‬
‫بخط يده إجازة في دفتر إجازاته‪.‬‬

‫املسار اإلصالحي‬

‫أولى بن باديس التربية والتعليم اهتماما بالغا في نشاطه اإلصالحي‪ ،‬وتوج ذلك بتأسيس مكتب للتعليم‬
‫االبت دائي الع ربي ع ام ‪ 1926‬انبثقت عن ه في ع ام ‪ 1930‬مدرس ة جمعي ة التربي ة والتعليم اإلس المية‪،‬‬
‫وهي الجمعية التي أصبح لها نحو ‪ 170‬فرعا في مختلف مناطق الجزائر‪.‬‬

‫اس تعمل الص حافة لنش ر فك ره اإلص الحي من خالل إص دار جري دة املنتق د ع ام ‪ ،1925‬ال تي ت ولى‬
‫رئاسة تحريرها‪ ،‬ثم جريدة الشهاب في نفس السنة‪.‬‬

‫أنشأ رفقة ‪ 72‬عاملا من شتى االتجاهات الدينية جمعية العلماء املسلمين الجزائريين (‪ )1931‬وانتخب‬
‫رئيسا لها‪ ،‬وجعل شعارها "اإلسالم ديننا‪ ،‬العربية لغتنا‪ ،‬الجزائر وطننا"‪.‬‬

‫أسهم بمواقفه وآرائه في إثراء الفكر السياسي بالحديث عن قضايا األمة‪ ،‬ففي عام ‪ 1936‬دعا لعقد‬
‫م ؤتمر إس المي ب الجزائر إلفش ال فك رة ان دماج الجزائ ر م ع فرنس ا‪ ،‬كم ا ش ارك ض من وف د املؤتمر‬
‫اإلسالمي املنعقد بباريس في يوليو‪/‬تموز ‪.1936‬‬

‫حاور لجنة البحث في البرملان الفرنسي في أبريل‪/‬نيسان ‪ ،1937‬ودعا النواب ملقاطعة املجالس النيابية‬
‫في ش هر أغس طس‪/‬آب س نة ‪ ،1937‬كم ا دع ا ملقاطع ة احتف االت فرنس ية بمناس بة م رور ق رن على‬
‫استعمار الجزائر في ‪.1937‬‬

‫ات‬ ‫املؤلف‬
‫في حياته لم يترك أية مؤلفات منشورة ويقال إنه ألف الرجال ولم يؤلف الكتب‪ .‬غير أنه ترك آثارا‬
‫كثيرة جمعها تالمذته في أعمال منشورة أهمها‪ :‬تفسير ابن باديس طبعه أحمد بوشمال عام ‪،1948‬‬
‫ثم طبعت ه وزارة الش ؤون الديني ة ب الجزائر تحت عن وان "مج الس الت ذكير من كالم الحكيم الخب ير"‬
‫ع ام ‪ ،1982‬وطبعت ه م رة أخ رى وزارة الش ؤون الديني ة ب الجزائر تحت عن وان مج الس الت ذكير من‬
‫حديث البشير النذير عام ‪.1983‬‬
‫كما ترك كتاب العقائد اإلسالمية من اآليات القرآنية واألحاديث النبوية الذي طبعه تلميذه محمد‬
‫الص الح رمض ان س نة ‪ ،1963‬ثم على ي د الش يخ محم د الحس ن فض الء في ‪ .1984‬كم ا طب ع ك ل من‬
‫توفي ق ش اهين ومحم د الص الح رمض ان كت اب رج ال الس لف ونس اؤه ع ام ‪ ،1966‬ثم كت اب مب ادئ‬
‫األصول الذي حققه ونشره الدكتور عمار طالبي سنة ‪.1988‬‬

‫وخل ف آث ارا عدي دة نش رت على ش كل مق االت وخطب ومحاض رات وقص ائد ش عر في ص حف بينه ا‬
‫املنتقد‪ ،‬والشهاب‪ ،‬والنجاح‪ ،‬والشريعة املطهرة‪ ،‬والسنة املحمدية‪ ،‬والبصائر‪.‬‬

‫اة‬ ‫الوف‬
‫ت وفي عب د الحمي د بن ب اديس مس اء الثالث اء ‪ 9‬ربي ع األول ‪ ،1359‬املواف ق ‪ 16‬أبري ل‪/‬نيس ان ‪1940‬‬
‫بمسقط رأسه قسنطينة‪ ،‬وحمل طلبة الجامع األخضر جثمانه عصر اليوم التالي‪ ،‬وشيعوه في جنازة‬
‫شارك فيها عشرات اآلالف من األشخاص الذين توافدوا من كافة مناطق الجزائر‪.‬‬

You might also like