You are on page 1of 28

‫الباب الثاني‬

‫أ‪ .‬السيد نقيب العطاس؛ خلفيته العلمية ومصنفاته الفكرية‬

‫أ‪ .‬السيرة اللذاتية‬

‫إن السيد محمد نقيب العط اس ع الم مس لم معاص ر فيلس وف أديب م ؤرخ‬
‫ماليوي خطاط مهندس معماري لغوي بأفكار صوفية‪ 1.‬كما أن ه المفك ر العبق ري‬
‫‪3‬‬
‫للعالم اإلسالمي‪ 2 .‬حتى وصفته م نى أب ازا بالمستش رق المن اهض لالستش رقين‪،‬‬
‫ويوصف بأنه أحد المفكرين العبق ريين في ه ذا العص ر‪ 4.‬وأن أعمال ه ال تي تن اقش‬
‫التعليم واألدب وتاريخ ماليو والفلسفة اإلسالمية ال يقرأها الماليزيون فحسب ب ل‬
‫يستمتع بها كثير من الناس‪ .‬يمكن مالحظ ة ذل ك من خالل العدي د من كتابات ه ال تي‬
‫تُرجمت إلى لغات أخ رى غ ير اإلنجليزي ة والماليزي ة‪ .‬باإلض افة إلى ذل ك‪ ،‬يحت ل‬
‫العطاس موقعا استراتيجيا مرموقا يصف خبرته‪ .‬تظه ر ذروة حيات ه المهني ة من‬
‫خالل أعماله الفكرية الملموسة؛ من خالل إنشاء جامع ة‪ ISTAC‬للفك ر والحض ارة‬
‫‪ISTAC‬‬ ‫اإلسالمية في المكان الذي يعيش فيه‪ .‬كما قام بتصميم المبنى المعماري‬
‫‪5‬‬
‫وكذلك المنهج الدراسي فيه‪.‬‬

‫ولد العطاس في بوغور‪ ،‬جاوى الغربية‪ ،‬إندونيس يا في ‪ 5‬س بتمبر ‪.1931‬‬


‫وال ده س يد علي بن عب د هللا العط اس‪ ،‬زعيم الس يد‪ ،‬بينم ا ك انت والدت ه ش ريفة‬
‫راغوان عيدروس‪ ،‬من س اللة مل ك س وكابارنا‪ .‬ك ان من أج داده س يد أب و حفص‬
‫‪1‬‬
‫‪Usman Bugaje, “Contemporary Muslim Response to The Challenge of Knowledge”, in Journal of Inter-‬‬
‫‪Cultural Perspectives, Vol. 2, No. 1, 1996, P. 6‬‬
‫‪ 2‬هذا اللقب من صنع فضل الرحمن‪ .‬وان محمد نور وان داود ‪ ،‬الرحلة العلمية لوان محمد ن ور وان داود من الحداث ة‬
‫إلى أسلمة العلوم المعاصرة ‪ ،‬تحرير‪ .‬أديان الحسيني (كوااللومبور وجاكرتا ‪ UTM ،‬و ‪ ،)INSIST ، 2012‬ص‪120 .‬‬
‫‪ 3‬مصطلح مستشرق ضد االستشراق هو المصطلح الذي تستخدمه م نى أب ازا في وص ف العط اس‪ .‬تمت كتاب ة اللقب‬
‫الذي أطلقته أبازا في ورقة البحث التي راجعها مارتن فان بروينسن ( ‪ )Martin Van Bruinessen‬ومردخ اي فينجول د ( ‪Mordechai‬‬
‫‪ ،)Feingold‬وتم تق ديمها في جامع ة ب رلين ع ام ‪ .1998‬انظ ر‪ ،‬م نى أب ازا‪Intellectuals, Power and Islam in Malaysia, in ،‬‬
‫‪ " “Journal Archipel‬المجلد‪ 58 .‬سنة ‪.1999‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philosophy and Practice of Syed Muhammad Naquib al-Attas:‬‬
‫‪An Exposition of the Original Concept of Islamization, (Kuala Lumpur, ISTAC, 1998), P. 1-2‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Mona Abaza, ‘Syed Muhammad Naquib al-Attas; The Beacon on the Crest of a Hill or the Fusion of a‬‬
‫‪Military Ethos with Science?, in “Debates on Islam on Knowledge in Malaysia and Egypt,” (London: Routledge Curzon,‬‬
‫‪2002), P. 88‬‬
‫عم ر ب ا ص عيبان‪ ،‬ولي حض رمي‪ 6.‬ال ذي ق اد ن ور ال دين الرن يري إلى رتب ة‬
‫الرفاعية‪ .‬بينما كان أحد األجداد من جهة والدته؛ سيد عبد هللا بن محسن العطاس‪،‬‬
‫والي في إندونيس يا يمت د نف وذه إلى الش رق األوس ط‪ .‬ش قيقه األك بر س يد حس ين‬
‫العطاس‪ .‬عالم اجتماع رائد في آسيا ونائب رئيس سابق لجامع ة ماالي ا‪ .‬وفي نفس‬
‫الوقت‪ ،‬شقيقه األصغر هو سيد زي د العط اس‪ ،‬مهن دس كيمي ائي س ابق في معه د‬
‫م ارا ‪ MARA‬للتكنولوجي ا‪ .‬باإلض افة إلى ذل ك‪ ،‬ف إن معظم إخوت ه هم من أف راد‬
‫العائلة المالكة الماليزية‪ .‬واستمر نسله حتى رسول هللا صلى هللا علي ه وس لم ع بر‬
‫حسين‪ .‬للوهلة األولى يبدو واضحا أن العطاس من نسل رج ل عظيم‪ .‬كالهم ا من‬
‫‪7‬‬
‫نسل النبي‪ ،‬وكذلك من نسل النبالء الملكيين‪.‬‬

‫ب‪ .‬الخلفية العلمية‬

‫قد اتضح سابقا فإن العطاس عالم المع‪ ،‬لم يكن سليال عشوائيا‪ .‬وم ع ذل ك‪،‬‬
‫فإن ذكائه ال ينشأ بسبب ذلك‪ ،‬ولكن بسبب خلفيته الفكرية التي تكفي لجعل ه يطل ق‬
‫عليه "العالم العبق ري الممل وك للمس لمين الي وم‪ .‬من ذ س ن مبك رة‪ ،‬تلقى العط اس‬
‫التعليم والشخصية الدينية من تربية والديه النبالء في بوغور في ذلك الوقت‪ .‬تلقى‬
‫تعليم ه الرس مي في ع ام ‪ .1936‬تم إرس اله إلى جوه ور ماليزي ا للدراس ة في‬
‫مدرس ة نجي هينج االبتدائي ة‪ .‬هن اك درس لغ ة المالي و وآدابه ا وثقافته ا‪ .‬في‬
‫جوهور‪ ،‬عاش في مك ان م ع عائل ة رئيس وزراء جوه ور م ودرن‪ ،‬ل ذلك اعت اد‬
‫أسلوب الحياة األرستقراطية‪ .‬في عام ‪ 1941‬ذهب إلى سوكابومي لدراسة اإلسالم‬
‫بمقدمة عربية في المدرسة "العروة الوثقى" اإلسالمية الداخلية‪.‬‬

‫بع د أن أتم تعليم ه ال داخلي في ع ام ‪ ،1945‬ع اد العط اس إلى جوه ور‬


‫إلكمال تعليمه الثانوي في مدرسة ب وكيت زه رة‪ ،‬ثم إلى الكلي ة اإلنجليزي ة ح تى‬
‫‪6‬‬
‫‪Peter G. Riddell, Islam and the Malay-Indonesian World Transmission and Responses, (Malaysia, Horizon‬‬
‫‪Books, 2001), P. 234‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., hal. 1-2‬‬
‫أنهى عام ‪ 8.1951‬وقد وف رت تجرب ة التعليم الث انوي ال تي اختبره ا أساس ا متين ا‬
‫لقاعدة معارفه‪ ،‬خاصة في مج االت ال دين والعربي ة واإلنجليزي ة والماليزي ة‪ .‬في‬
‫نفس العام‪ ،‬أمضى العطاس وقتا طويال في ق راءة مخطوط ات ماليوي ة مهم ة في‬
‫مكتب ة عم ه‪ ،‬مكتب ة أونغك و عب د العزي ز‪ 9.‬في ذل ك ال وقت‪ ،‬ق رأ الكث ير من‬
‫المخطوط ات المالي و ال تي ناقش ت مواض يع مختلف ة‪ ،‬ب دءا من المخطوط ات‬
‫التاريخية واألدب والدين‪ 10.‬بعب ارة أخ رى‪ ، ،‬ك ان من ذ ص غر س نه على اتص ال‬
‫بالعديد من اآلداب الكالسيكية‪ ،‬لذا فليس من الخطأ أن يُدعى عالما لغويا مؤهال‪.‬‬

‫في الف ترة التالي ة‪ ،‬وهي ‪1952‬؛ بع د أن أتم مدرس ته الثاني ة‪ ،‬تم اختي ار‬
‫( ‪Gerald‬‬ ‫العطاس من قبل المندوب السامي البريطاني للماليو السير جيرالد تمبل ر‬
‫‪ ،)Templer‬لحض ور التعليم العس كري في إيت ون ه ول‪ ،‬تشيس تر‪ ،‬ويل ز‪ ،‬تليه ا‬
‫أكاديمية ساندهست العسكرية الملكية في إنكلترا‪ 11.‬وأثناء وج وده في ساندهس ت‪،‬‬
‫أتيحت الفرص ة للعط اس لدراس ة أعم ال التص وف ال تي وج دها في مكتب ة الح رم‬
‫الجامعي‪ .‬وهنا اهتم ألول مرة بأعمال الميتافيزيقيا الصوفية‪ ،‬وخاصة أعمال ن ور‬
‫ال دين عب د ال رحمن بن أحم د الج امع‪ .‬ش كلت الخ برة العس كرية االنض باط‬
‫والمثابرة‪ ،‬ولكن العالم األكاديمي الذي استمتع به خالل عملية التعلم جعله يق رر‬
‫االس تقالة من الع الم العس كري‪ .‬في ذل ك ال وقت‪ ،‬ك ان ق د التقى بع دد من الق ادة‬
‫المغاربة الذين حاربوا لطرد الغزاة الفرنسيين واإلسبان مثل آالل الفاس ي والمه دي‬
‫في ع ام ‪ ،1955‬اس تقال العط اس‬ ‫‪12‬‬
‫بنونة وسيدي عبد هللا كنون الحسني‪.‬‬
‫رس ميا من الجيش برتبت ه األخ يرة مالزم أول‪ .‬ثم أدرك حب ه للعلم بإدخال ه‬
‫‪ ،1957‬ال ت زال‬
‫محاضرات في جامعة مااليا التي كانت في ذل ك ال وقت‪ ،‬في ع ام‬

‫‪ 8‬نفس المرجع‪.‬‬
‫‪ 9‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪3 .‬‬
‫‪ 10‬نفس المرجع‬
‫‪11‬‬
‫‪Ach Maimun Syamsuddin, Integrasi Multidimensi Agama dan Sains Analisis Sains Islam Al-Attas, P. 109‬‬
‫‪12‬‬
‫‪Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philisophy..., P. 3-4‬‬
‫موجودة في سنغافورا‪ .‬خالل فترة دراسته كتب العط اس كت ابين ممتعين للغاي ة؛‬
‫‪Rangkaian Ruba’iyyat dan Some Aspects of Sufism as Understood and Practised‬‬
‫‪13‬‬
‫‪.Among Malays‬‬

‫بع د الع امين المقبلين؛ إن العط اس حص ل على البك الوريوس‪ .‬في ه ذه‬
‫األثناء‪ ،‬أكسبه عمله المتعلق بالص وفية منح ة دراس ية من زمال ة المجلس الكن دي‬
‫لمواصلة درجة الماجستير في معهد الدراسات اإلسالمية ماكجيل‪ ،‬كن دا‪ ،‬في ع ام‬
‫‪ .1960‬وك ان هن اك التقى بالمستش رقين وأص حاب المي ول الغربي ة اإلس المية‪.‬‬
‫‪Fazlur‬‬ ‫‪ )Hamilton‬وفض ل ال رحمن‬ ‫( ‪Gibb‬‬ ‫علم اء مث ل؛ ب دأ ه اميلتون جيب‬
‫‪ ))Toshihiko‬والس يد حس ين نص ر‪ 14.‬في‬ ‫‪Izutsu‬‬ ‫‪ ))Rahman‬وتوش يهيكو إيزوتس و‬
‫ع ام ‪ ،1962‬أكم ل العط اس درج ة الماجس تير م ع مرتب ة الش رف بع د أن كتب‬
‫‪15‬‬
‫“ ‪”.Raniri and the Wujudiyyah of 17th Century Acheh‬‬ ‫أطروحة بعنوان‬

‫بع د ع ام‪ ،‬بن اء على اق تراح العدي د من المستش رقين البريط انيين مث ل أ‪.‬‬
‫واصل أربيري‪ ،‬والس ير م ورتيمر ويل ر‪ ،‬والس ير ريتش ارد وينس تيدت العط اس‬
‫دراس ات ال دكتوراه في كلي ة الدراس ات الش رقية واألفريقي ة ( ‪ )SOAS‬في جامع ة‬
‫لن دن‪ .‬وهن ا تعمقت دراس ة العط اس حيث درس مباش رة م ع مجموع ة من كب ار‬
‫المستش رقين الب ارزين‪ .‬بتوجي ه مباش ر من أرب يري وم ارتن لينج ز في كتاب ة‬
‫أطروحة حول أكبر شخصية صوفية ماليو وأكثرها إثارة للجدل بعنوان "تصوف‬
‫حمزة فنسوري" في مجلدين‪ 16.‬هذه األطروحة هي العم ل األك اديمي األك ثر ش موال‬
‫في فنسوري‪ .‬في أطروحته‪ ،‬ألول مرة في الدراسات اإلسالمية في عالم الماليو‪،‬‬
‫قدم العطاس طريقة التحليل الداللي في دراسة المعاني الرئيسية في نظام حم زة‬
‫فنسوري الصوفي‪ ،‬مثل؛ إرادة هللا ووجوده‪ ،‬وبقاؤه‪ ،‬ونفس ه‪ ،‬ووقت ه‪ ،‬وطبيعت ه‪،‬‬
‫نفس المرجع‬ ‫‪13‬‬

‫‪14‬‬
‫‪Syed Muhammad Naguib Al-Attas, The Mysticism of Hamzah Fansuri, (Kuala Lumpur, University of Malaya‬‬
‫‪Press, 1970), P.142, note 2.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philisophy..., P. 4.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 5‬‬
‫إلخ‪ 17 .‬تخ رج العط اس أخ يرا بتق دير االمتي از من ‪ SOAS‬في ع ام ‪ 18.1965‬ومن‬
‫المث ير لالهتم ام‪ ،‬كون ه مواطن ا ماليزي ا حص ل على درج ة ال دكتوراه األولى من‬
‫جامعة لن دن ‪ ،‬فق د جم ع بين نظري ة المعرف ة وعلم األكس يولوجيا في الفك ر‬
‫كثيف‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫والحضارة اإلسالمية‪ ،‬عندما كان كثير من الناس منشغلين بجو استعماري‬

‫‪SOAS‬‬ ‫شكلت تجاربه في مكغي ل ومدرس ة الدراس ات الش رقية واإلفريقي ة‬


‫روحا أكاديمي ة قوي ة نموذجي ة للمستش رقين‪ ،‬لكن يب دو الحق ا أن اتج اه دراس ات‬
‫العطاس هاجم المستشرقين بالفعل‪ .‬بعد عودت ه من إنكل ترا‪ ،‬ع اد العط اس لخدم ة‬
‫جامعته‪ .‬جامعة مااليا‪ ،‬و ُعين على الفور رئيس ا لقس م اآلداب في كلي ة الدراس ات‬
‫الماليزية حتى عام ‪ .1968‬وبصفته عميدا‪ ،‬أجرى العطاس تحسينات على الهيك ل‬
‫األكاديمي‪ ،‬كان أحدها جعل لغة الماليو لغة محادث ة كلغ ة الت دريس على مس توى‬
‫الكلية والجامعة‪ .‬في عام ‪ 1970‬فعل العطاس الشيء نفسه م ع جامع ة كيبانغس ان‬
‫ماليزيا بصفته مؤسسًا أول‪ .‬عالوة على ذل ك‪ ،‬فق د وض ع تص ورا لفلس فة ‪،UKM‬‬
‫وكان رائدا في إنشاء كلية العل وم والدراس ات اإلس المية‪ .‬لتعزي ز ج وانب الثقاف ة‬
‫المالوية‪ ،‬بعد ثالث سنوات في ع ام ‪ ،1973‬أس س العط اس وت رأس معه د اللغ ة‬
‫واألدب والثقافة الماليزي ة ( ‪ .)IBKKM‬وبع د ع دة س نوات‪ ،‬في ع ام ‪ ،1987‬أس س‬
‫(‬ ‫العطاس جامعة إس المية س ماها الجامع ة الدولي ة للفك ر اإلس المي والحض ارة‬
‫‪20‬‬
‫‪ ،)ISTAC‬الذي طوره وقاده بنفسه‪.‬‬

‫منذ ع ام ‪ 1973‬وح تى تأس يس ‪ ،ISTAC‬حص ل العط اس على العدي د من‬


‫الجوائز في مختلف المجاالت‪ .‬هذا يدل على اعتراف الجمهور والمجتم ع ال دولي‬
‫‪17‬‬
‫‪Wan Mohd Nor Wan Daud, “Islamization of Contemporary Knowledge: A Brief Comparison Between al-‬‬
‫‪Attas and Fazlur Rahman” in ‘al-Shajarah; Journal of the International Institute of Islamic Thought and Civilization’, Vol.‬‬
‫‪02, No. 01, (Kuala Lumpur: ISTAC, 1997), P. 3‬‬
‫‪18‬‬
‫‪Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 7‬‬
‫‪19‬‬
‫‪Abdullah Alwi Hj. Hasan, Sumbangan Para Ilmuwan Muslim dalam Pembinaan Negara di Malaysia, this‬‬
‫‪papper presented in Seminar on Regional Muslim Leadership at Akademi Pengajian Islam Universiti Malaya in 14-15 of‬‬
‫‪june 1999, P. 9‬‬
‫‪20‬‬
‫‪Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., hal. 7-9. Wan Mohd Nor Wan Daud, Rihlah‬‬
‫‪Ilmiah dari Neomodernisme ke Islamisasi Ilmu Kontemporer, Adian Husaini (Ed), (Kuala Lumpur-Jakarta, UTM-CASIS‬‬
‫‪and INSISTS, 2013), 1st edition, P. 181-215‬‬
‫بسلطته وكذلك رأس مال مهم في تحقيق حلم ه في جامع ة إس المية وال ذي تحق ق‬
‫الحقا في شكل ‪ .ISTAC‬في عام ‪ ،1973‬طُلب من العطاس قيادة حلقة نق اش ح ول‬
‫اإلسالم في جنوب شرق آسيا‪ ،‬في االحتف ال ال دولي للمستش رقين في ب اريس‪ .‬في‬
‫‪ ،)Henry‬والس يد حس ين نص ر‪،‬‬ ‫( ‪Corbin‬‬ ‫عام ‪ 1975‬تم تعيينه مع هنري ك وربين‬
‫‪ )Toshihiko‬كأعض اء في األكاديمي ة اإلمبراطوري ة‬ ‫( ‪Izutsu‬‬ ‫وتوشيهيكو إيزوتس و‬
‫اإليراني ة للفلس فة‪ .‬ثم في الع ام الت الي ‪ ، 1976‬طُلب من العط اس أن يص بح‬
‫مستشارا لمهرجان العالم اإلسالمي الذي أقيم في لندن‪ ،‬وكذلك متحدثا في المؤتمر‬
‫‪21‬‬
‫اإلسالمي الدولي في نفس المكان والزمان‪.‬‬

‫في ع ام ‪ 1977‬أص بح العط اس متح دثا ومش اركا نش طا في الع الم األول‬
‫للتربية اإلسالمية‪ .‬وفي العام نفسه‪ ،‬كان العطاس يزور األستاذ "الزائ ر" بجامع ة‬
‫تمبل بفيالدلفيا لمدة عام‪ .‬في العام التالي طلب من اليونسكو ت رؤس اجتم اع دولي‬
‫للمؤرخين اإلسالميين في حلب‪ ،‬سوريا‪ .‬ثم في عام ‪ ،1979‬منحه رئيس باكس تان‬
‫ضياء الحق الذكرى المئوية لميالد محمد إقبال "ميدالية إقبال المئوية التذكاري ة"‪.‬‬
‫خالل الف ترة ‪ ،1982-1980‬ش غل العط اس منص ب رئيس مجلس إدارة كرس ي‬
‫ت ون عب د ال رزاق لدراس ات جن وب ش رق آس يا في جامع ة الوالي ات المتح دة‬
‫األمريكية‪ .‬بعد عشر سنوات في عام ‪ ،1993‬عينه أن ور إب راهيم ك رئيس للمعه د‬
‫اإلسالمي الدولي ( ‪ )IIUM‬على رأس كرسي أبو حامد الغزالي للفكر اإلسالمي في‬
‫‪ .ISTAC‬ثم في الع ام الت الي ‪ ،1994‬عين العط اس من قب ل المل ك حس ين مل ك‬
‫األردن كعضو في األكاديمي ة الملكي ة األردني ة‪ ،‬وفي ع ام ‪ 1995‬منحت ه جامع ة‬
‫‪22‬‬
‫الخرطوم ‪ ،‬السودان درجة الدكتوراه الفخرية في اآلداب (دي ليت)‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 8‬‬
‫‪ 22‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪9-8 .‬‬
‫من جديته وانضباطه وعمله الجاد‪ ،‬حصل العط اس في كث ير من األحي ان‬
‫على ج وائز دولي ة؛ من المستش رقين الغرب يين ومن الخ براء في الحض ارات‬
‫اإلسالمية والماليزية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هذا ال يجعل بالضرورة العطاس يدعم ويتبع‬
‫أفكار االستشراق‪ ،‬فما يحدث هو عكس ذلك تماما‪ .‬وكثيرا ما ينتقد العطاس بعض‬
‫األفكار االستشراقية الغربية التي تميل إلى الخطأ والتدمير‪ .‬كم ا انخ رط العط اس‬
‫في عدة مناسبات في بعض الجدل الجاد مع عدد من المستشرقين الهولنديين مث ل؛‬
‫‪ A.‬فيم ا يتعل ق بت اريخ اإلس الم‬ ‫‪Teeuw‬‬ ‫‪ ، Drewes ،‬و‬ ‫‪P. Voorhoeve‬‬ ‫األستاذ ج‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫وفقه اللغة وكذلك تاريخ األدب الماليوي‪.‬‬

‫بصرف النظر عن ذلك‪ ،‬يُشار إلى العطاس على أنه شخصية مهم ة ق امت‬
‫بنشر مصطلح النظ رة اإلس المية للع الم من النظ رة اإلس المية للع الم‪ .‬تلقى رأي ه‬
‫ردود فعل متباينة في العالم الغربي‪ .‬في مؤتمر دولي حضره فالس فة الع الم؛ ُعق د‬
‫ح والي ‪ 160‬باحث ا من ‪ 30‬دول ة في ع ام ‪ 2000‬في جامع ة ه اواي‪ ،‬وك ان‬
‫موضوعها "التكنولوجيا والقيم الثقافية على حافة األلفية الثالث ة"‪ ،‬وتلقى العط اس‬
‫( ‪Pater D.‬‬ ‫مالحظ ات ش يقة من ثالث ة علم اء مع روفين‪ ،‬وهم األب د‪ .‬هيرش وك‬
‫‪Roger‬‬ ‫‪ ،)Hershock‬ماريتا ستيبانيانتس ( ‪ ،)Marietta Stepaniants‬وروجر تي أميس‬
‫‪ .))T.‬في حين أن تفسير العطاس‪ ،‬حسب رأيهم‪ ،‬حول مالئمة وع دم تواف ق‬ ‫‪Ames‬‬

‫ال تراث الغ ربي في العل وم والتكنولوجي ا م ع النظ ام المع رفي والميت افيزيقي‬
‫اإلسالمي هو تفس ير مفص لي دقي ق ومنهجي‪ ،‬وه و أس اس المراجع ة اإلس المية‬
‫‪24‬‬
‫لألهداف واألخالق التي هي المباني في العلوم والتكنولوجيا‪.‬‬

‫‪ 23‬نقال عن ذلك في مقدمة كتاب العطاس من تأليف زين عثمان‪ ،‬طالع‪Syed Muhammad Naquib al-Attas, :‬‬
‫‪Makna Kebahagiaan dan Pengalamannya Dalam Islam, (Kuala Lumpur: ISTAC, 2002), P. xxii‬‬

‫‪24‬‬
‫‪Dinar Dewi Kania, Studi Komparatif Pemikiran Epistemologi Frithjof Schuon dan Syed Muhammad Naquib‬‬
‫‪al-Attas, Doctoral Dissertation, (Bogor: Universitas Ibn Khaldun), P. 84‬‬
‫باإلضافة إلى خبرته في المجال األكاديمي‪ ،‬كان ل دى العط اس العدي د من‬
‫المهارات التي نادرا ما يمتلكها معظم علم اء المس لمين في عص ره‪ .‬وتش مل ه ذه‬
‫المهارات الفنون؛ مثل الشعر والنثر والخ ط وح تى التص ميم؛ ك ل من التص ميم‬
‫المعماري وكذلك التصميم المرئي‪ .‬كما أن بعض القصائد التي كتبها كانت عميق ة‬
‫جدا‪ .‬مثل القصائد التي نزلت في كتابه “ ‪ 25”Rangkaian Rubaiyyat‬فمن خالل خبرته‪،‬‬
‫‪ ).D.‬من جامع ة الخرط وم في ع ام‬ ‫ة( ‪Litt‬‬ ‫حص ل على درج ة ال دكتوراه الفخري‬
‫‪26‬‬
‫‪.1995‬‬
‫‪27‬‬
‫في عام ‪ 1954‬أقام معرضا للخط في متحف تروبين بأمستردام‪ ،‬هولندا‪.‬‬
‫‪.ISTAC‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬شارك العطاس أيضا بشكل مباشر في تص ميم مب نى‬
‫غولزار حيدر‪ ،‬األستاذ في مجال العمارة المشهورة من جامعة كارلتون‪ ،‬أوت اريو‬
‫كندا‪ ،‬بعد رؤية اسكتشات وتصميمات ‪ ISTAC‬ومنمنماتها التي رسمها العطاس‪ ،‬علق‬
‫بأن قدرته على التخي ل في ص نع الخط وط واألش كال جي دة‪ .‬من حيث قدرت ه على‬
‫تكوين الكلمات واختيار الجمل‪ .‬حتى اآلن‪ ،‬يمكن مالحظة أن العطاس هو مفكر وع الم‬
‫كامل‪ .‬كل شيء أتقنه بعمق وبشكل جيد‪.‬‬

‫ج‪ .‬أعمال العطاس الفكرية‬

‫إنه بصفته مؤهال تأهيال عالي ا في العدي د من التخصص ات‪ ،‬أنتج العط اس‬
‫العديد من األعمال‪ .‬سواء في الكتابة أو في الفك ر‪ .‬يع د م ا ال يق ل عن ‪ 27‬كتاب ا‪،‬‬
‫باإلض افة إلى أك ثر من ‪ 400‬ورق ة كتبه ا العط اس‪ 28.‬تش مل كتابات ه األوراق‬
‫المنشورة والعديد من الدراسات القصيرة باإلض افة إلى األوراق العلمي ة المقدم ة‬
‫في الندوات والم ؤتمرات والمحاض رات العام ة‪ ،‬إلخ‪ .‬ص در كت اب العط اس األول‬
‫‪25‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib al-Attas, Rangkaian Ruba’iyat, (Kuala Lumpur: Dewan Bahasa dan Pustaka‬‬
‫‪Kementrian Pelajaran Perserikatan Tanah Melayu, 1959).‬‬
‫‪26‬‬
‫‪Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 9‬‬
‫‪27‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib al-Attas, Makna Kebahagiaan..., P. xxviii‬‬
‫‪28‬‬
‫‪Wan Daud, Educational Philosophy...., P. 9‬‬
‫عام ‪ 1959‬عندما كان ال يزال يدرس في جامعة مااليا‪ ،‬وتحديدا كتابه بعن وان‬
‫“ ‪.”Rangkaian Rubaiyyat‬‬
‫‪29‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬هناك كتاب آخر ألفه وتم االعتراف ب ه باعتب اره العم ل‬
‫األك اديمي األك ثر ص حة فيم ا يتعل ق ب األدب الكالس يكي ه و "بعض ج وانب‬
‫الصوفية كما فهمها وممارستها بين الماليو" ألن العط اس كتب الكت اب بن اء على‬
‫البيانات والمواد ال تي حقت ص حتها حق ا‪ .‬ح تى أن ه زار العدي د من البل دان للق اء‬
‫وجها لوجه مع قادة الصوفية للحصول على العقيدة الكاملة ومنظور أفك اره‪ .‬نُش ر‬
‫‪30‬‬
‫الكتاب من قبل المعهد الماليزي لبحوث علم االجتماع عام ‪.1963‬‬

‫باإلضافة إلى العملين المذكورين س ابقا‪ ،‬كتب العط اس أيض ا كتب ا أخ رى‬
‫باللغة الماليزية واإلنجليزية‪ .‬وم ع ذل ك‪ ،‬ت رجمت كتابات ه إلى العدي د من اللغ ات‪.‬‬
‫مثل العربي ة والفارس ية واألردي ة واإلندونيس ية والفرنس ية واأللماني ة والروس ية‬
‫والبوس نية والياباني ة والهندي ة والكوري ة إلى األلباني ة‪ .‬تتن اول كتابات ه العدي د من‬
‫مج االت الدراس ة مث ل الت اريخ الم اليزي اإلندونيس ي‪ ،‬والخطاب ات المتعلق ة‬
‫بالصوفية‪ ،‬وبعض التطلعات األدبي ة‪ ،‬وك ذلك تل ك ال تي تتعل ق بالتربي ة والفلس فة‬
‫اإلسالمية والفكر وما إلى ذلك‪.‬‬

‫بعد كتابة عملين في سن مبكرة‪ ،‬كتب العطاس عام ‪ 1966‬رسالة بعن وان‪:‬‬
‫رانيري والوجودية في آتش يه في الق رن الس ابع عش ر‪ .‬يفحص العط اس في ه ذه‬
‫األطروحة الفكر الميتافيزيقي لنور الدين الرنيري‪ .‬شخص ية ص وفية معروف ة في‬
‫آتشيه‪ .‬ثم بعد ثالث سنوات‪ ،‬في عام ‪ ،1969‬كتب كتاب ا بموض وع مختل ف قليال‪،‬‬
‫وهو؛ بيان تمهيدي حول النظرية العامة ألسلمة األرخبي ل الم اليزي اإلندونيس ي‪.‬‬
‫تشرح محتوياتها النظرية العامة ألسلمة العلم المعاصر في أراض ي المالي و‪ ،‬بم ا‬
‫في ذل ك إندونيس يا‪ .‬في الع ام الت الي‪ ،‬كتب العط اس م رة أخ رى كتاب ا بعن وان؛‬
‫‪ 29‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪5 .‬‬
‫‪ 30‬نفس المرجع‬
‫تصوف حمزة فنسوري‪ ،‬حيث كان هذا الكتاب أطروحة دكتوراه في جامعة لن دن‬
‫ونشرت الحقا ككتاب‪ .‬أش اد الكث ير بعمل ه على ه ذا‪ .‬ألن ه في ه ذا العم ل يش رح‬
‫العطاس عدة أمور تتعلق بتصوف حمزة فنسوري غاب عنها العدي د من الب احثين‬
‫السابقين في حمزة فنسوري‪.‬‬

‫ثم في ع ام ‪ 1972‬أل ف العط اس كت ابين في آن واح د ولكن بمواض يع‬


‫متطابقة‪ ،‬أال وهي التاريخ‪ .‬هنا‪ ،‬خبرة العطاس في الت اريخ واض حة‪ .‬ص حح ع دة‬
‫جوانب في تاريخ اإلسالم في أراضي الماليو‪ ،‬ال س يما تل ك المتعلق ة بترينج انو؛‬
‫الساحل الشرقي لشبه جزيرة ماليزي ا ض لل العدي د من المستش رقين وغ يرهم من‬
‫المؤرخين‪ .‬الكتابان بعنوان‪ ،‬التاريخ الصحيح لنسب ترينجانو واإلسالم في ت اريخ‬
‫وثقافة الماليو‪ .‬تُرجم الكت اب األخ ير إلى الروس ية والفرنس ية واإلندونيس ية‪ .‬بع د‬
‫عام‪ ،‬كتب مرة أخرى كتابا باللغة الماليوية بعنوان؛ هذا الكتاب في الواق ع عب ارة‬
‫عن مجموعة من خطابات‪/‬مالحظات العطاس في ع دة مناس بات‪ ،‬ب دأ كتابته ا في‬
‫عام ‪ 1973‬ولكن لم يتم نشرها حتى عام ‪ .2001‬في ذلك العام‪ ،‬نش ر ‪ ISTAC‬ذل ك‬
‫الجهد العلمي‪.‬‬

‫في العامين الت اليين‪ ،‬كتب العط اس كتاب ا ك ل ع ام على الت والي‪ .‬في ع ام‬
‫‪ 1975‬كتب كتاب ا بعن وان "تعليق ات على إع ادة فحص حج ة الص ديق‪ :‬رد على‬
‫الرانيري‪ .‬هذا الكتاب تعليق العطاس على تعليقات أس تاذ هولن دي على الرن يري‪.‬‬
‫تم تسمية األستاذ ‪ .GWJ Drewes‬نشر مقاال في مجلة بعنوان "حجة الصديق لداف‬
‫الزندق لنور الدين الرانيري‪ ،‬أعيد فحصه"‪ .‬في مقدمته‪ ،‬ي ذكر العط اس أن هن اك‬
‫الكث ير من س وء الفهم ح ول الران يري في شخص يته‪ .‬ه ذا دروي ز‪ 31 .‬في الع ام‬
‫التالي أعاد كتاب ة كت اب بعن وان "اإلس الم‪ :‬مفه وم ال دين وأس س األخالق" ‪ ،‬وال ذي‬
‫تُ رجم إلى الكوري ة والياباني ة والتركي ة‪ .‬تاله كت اب "اإلس الم والعلماني ة" في‬
‫‪31‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib al-Attas, Comments on the Re-Examination of al-Raniri’s Hujjatu’l Siddiq; a‬‬
‫‪Refutation, (Kuala Lumpur: Museums Department Peninsular, 1975), P. 1‬‬
‫العام التالي‪ ،‬وال ذي تُ رجم إلى لغ ات مختلف ة‪ ،‬مث ل الهندي ة والفارس ية واألردي ة‬
‫والتركية والعربية والروسية‪ .‬أصبح هذا الكتاب بحد ذاته مرجعا لكثير من الن اس‬
‫في التصنيف والمصطلحات ومفهوم العلماني ة والعلمن ة‪ ،‬حيث يراجعه ا العط اس‬
‫بعمق ‪ ،‬ولكن بطريقة منهجية وشاملة‪.‬‬

‫ثم بعد ذلك‪ ،‬ومرت ثالث سنوات‪ ،‬كتب العطاس م رة أخ رى كتاب ا مث يرا‬
‫لالهتمام بعنوان "مفهوم التربية في اإلسالم"‪ .‬مثل كتبه السابقة‪ ،‬تُرجم هذا الكتاب‬
‫أيضا إلى لغات أخرى‪ ،‬مثل اإلندونيسية والفارس ية والعربي ة‪ .‬ثم في ف ترة س ماح‬
‫طويلة إلى حد ما تبلغ ست سنوات‪ ،‬أعاد حجز كتاب بعنوان؛ شرح حجة الصديق‬
‫لنور الدين الرانيري‪ .‬بع د ذل ك بع امين‪ ،‬كتب كتاب ا آخ ر بعن وان أق دم مخطوط ة‬
‫مالوية معروفة‪ :‬ترجمة مالوية من القرن السادس عشر لعقائد النسفي‪ ،‬تاله كتاب‬
‫اإلس الم وفلس فة العل وم‪ ،‬في الع ام الت الي‪ ،‬وال ذي تم أيض ا نش ره‪ .‬ت رجمت إلى‬
‫اإلندونيسية والبوسنية والفارسية والتركية‪.‬‬

‫بعد ذلك بسنوات قليلة‪ ،‬في عام ‪ ،1990‬أعاد العطاس كتاب ة كت اب ين اقش‬
‫الخط اب النفس ي اإلس المي بعن وان‪ ،‬طبيع ة اإلنس ان وعلم النفس البش رية ‪ ،‬تاله‬
‫كتاب معنى السعادة في اإلسالم وتجربتها‪ ،‬في ع ام ‪ 1993‬وال ذي ل ه أيض ا تمت‬
‫ترجمته إلى العربية والتركية واأللمانية والماليزية‪ .‬في عام ‪ ،1995‬نشر العطاس‬
‫‪Prolegomena to Metaphysics of Islam: An Exposition of the‬‬ ‫كتاب ه العظيم‪،‬‬
‫يناقش العطاس في هذا الكتاب‬ ‫‪.Fundamental Agents of the World view of Islam‬‬

‫جوانب مختلفة من منظور إس المي للع الم‪ ،‬ب دءا من قض ية هللا‪ .‬اإلس الم كمفه وم‬
‫دي ني ومب دأ أخالقي؛ اإلس الم وفلس فة العلم‪ .‬البش ر وعلم النفس ل ديهم‪ ،‬بمع نى‬
‫السعادة وتجربته ا في اإلس الم‪ .‬مناقش ة ح دس الوج ود؛ ال يمكن فص ل ‪ quiditi‬و‬
‫‪ essence‬أيضا عن كتابه عن هذا الكت اب‪ .‬في غض ون ذل ك‪ ،‬وبع د س ت س نوات‪،‬‬
‫كتب العط اس م رة أخ رى كتاب ا بعن وان ت اريخي بعن وان؛ الحقيق ة التاريخي ة‬
‫والخيال‪ ،‬يعد الكتاب حديثا عن أعماله المتعلقة بتاريخ أرخبيل ماالي ا وإندونيس يا‪.‬‬
‫آخرها هو "في العدل وطبيعة اإلنس ان" ال ذي يتح دث عن أص ل اإلنس ان حس ب‬
‫اإلسالم‪ ،‬ويدحض نظرية داروين في التطور‪.‬‬

‫ب‪ .‬السيد نقيب العطاس؛ فلسفته العلمية‬

‫أ‪ .‬الجانب األنطولوجي (تجريد الوجود)‬

‫علم الوجود نقطة أساسية إلى حد ما في بناء خطاب فلسفة العطاس‬


‫للعل وم‪ .‬كم ا ذك ر ع دي س يتيا‪ ،‬أن فلس فة العلم في إط ار العط اس هي رؤي ة‬
‫أنطولوجيا أو ميتافيزيقيا للوجود المطلق والواق ع على أس اس ال وحي‪ 32.‬ل دى علم‬
‫الوجود نقطة أساسية إلى حد ما في بن اء خط اب فلس فة العط اس في العل وم‪ .‬كم ا‬
‫ذكر عدي س يتيا‪ ،‬ف إن فلس فة العلم في إط ار العط اس هي رؤي ة لألنطولوجي ا أو‬
‫الميتافيزيقي ا ح ول الوج ود المطل ق والواق ع على أس اس ال وحي‪ .‬س يؤدي الفهم‬
‫الصحيح لعلم األنطولوجيا إلى االستنتاج الصحيح ح ول كيفي ة وج ود فلس فة العلم‬
‫في الواقع‪ .‬والعكس صحيح؛ الفهم الخاطئ لن يؤدي إال إلى جعل بناء فلس فة العلم‬
‫خاطئا أيضا‪ ،‬وال يُفهم على ما ه و علي ه‪ .‬لكن نقط ة أخ رى مهم ة للتأكي د هي أن‬
‫أساس هذه األنطولوجيا ال يعتم د على التخمين ات الحس ية والعق ل‪ ،‬ب ل يق وم على‬
‫الوحي‪.‬‬

‫في ه ذا الص دد‪ ،‬يص بح الح ق نفس ها ج زءا مهم ا في بن اء الميتافيزيقي ا‬


‫واألنطولوجي ا‪ .‬بالنس بة للعط اس‪ ،‬ال يش ير الح ق فق ط إلى حقيق ة عب ارة "حقيق ة‬
‫‪33‬‬
‫البيان"‪ ،‬أو االعتقاد‪ ،‬أو االعتبار‪ ،‬ب ل يش ير أيض ا إلى نس بة من طبيع ة الواق ع؛‬

‫‪ 32‬قال العطاس‪Islamic science and philosophy have always found coherent expression within a basic “ :‬‬
‫‪metaphysical structure founded upon the authority of revelation, tradition, sound reason, experience and intuition.”. Syed‬‬
‫‪Muhammad Naquib al-Attas, A Commentary on Hujjāt al-Siddīq of Nūr al-Dīn al-Rāniri, (Kuala Lumpur: Ministry of‬‬
‫)‪ ، Culture, 1986‬ص‪ .460 .‬طالع أيضا‪Adi Setia, Al-Attas’ Philosophy of Science and Extended Outline, dalam “a Companion :‬‬
‫‪.to the Worldview of Islam: course materials for wise summer school 2015” (Malaysia: UTM, 2015), hal. 163‬‬

‫‪33‬‬
‫‪Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 178‬‬
34
.‫ وهي الواق ع والحقيق ة‬.‫ ثم يكون للحق معنى لشيئين دفعة واحدة‬.‫شامل الوجود‬
‫ورأى إن له ذا الفهم مع نى مهم ا في جع ل الن اس يفهم ون الحقيق ة كله ا؛ أي أن‬
‫ ولكن أيض ا م ا ال يق ل‬،‫الحقيقة ال تُفهم على أنها طبيع ة البي ان واالعتق اد والحكم‬
35
.‫أهمية هو طبيعة الواقع نفسه‬
“Ḥaqq means a suitableness to the requirements of wisdom,
justice, rightness, truth, reality, propriety. It is a state, quality or
prophecy of being wise, just, right, true, real, proper; it is state of
being necessary, unavoidable, obligatory, due; it is state of
existence and encompasses everything…The things and the events
in existence which ḥaqq designates pertain not only to their
present condition, but also to their past as well as future condition.
With regards to future condition ḥaqq verification, realization,
actualization. Indeed, that the meaning of ḥaqq is understood to
encompass both reality and truth pertaining to the state of
existence is due to the fact that it is one of the names of God
describing Him as the absolute existence which is the reality and
not concept of existence.”36

‫توضح الحقيقة والحق الموصوفة أعاله أن الواقع كش كل وص فه العط اس‬


‫ أي أن ه ال‬.‫ إنه متعدد المستويات ولك ل منه ا مكان ه في ت رتيب الواق ع‬.‫هو هرمي‬
.‫يمكن تخصيصها ثم تكثيفها في عالم تجريبي‬

‫يؤك د العط اس أن الحق ائق خ ارج نفس ه هي في الواق ع أش كال وج وانب‬


‫ كل جانب من ج وانب خليق ة هللا‬.‫مختلفة للواقع الواحد والواقع الديناميكي المطلق‬
‫ هللا ه و‬37.‫مجهز بعناصر روحية متدرجة وتختلف حسب مكانها في هرم الوجود‬
‫ ال ذي ي درك دائ ًم ا إرادت ه من خالل‬، ‫ األعظم واألق وى‬، ‫أساس كل األش ياء وخالقه ا‬
34
Muhammad Naquib Al-Attas, Islām and the Philosophy of Science, (Kuala Lumpur: ISTAC, 1989), P. 21
18 .‫ ص‬،‫ نفس المرجع‬35
.Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 178 :‫ انظر أيضا‬،18 .‫ ص‬،‫ نفس المرجع‬36
37
Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 63
‫الخلق واإلبادة وإعادة الخل ق باس تمرار بحيث يك ون هن اك تجلي وتف رد لمختل ف‬
‫االحتماالت‪ .‬الواردة في األسماء والصفات الالنهائي ة ‪ .‬على خطى ابن ع ربي في‬
‫الجوهر والجوهر‪38.‬يصف العطاس التسلسل الهرمي للوجود على النحو التالي‪:‬‬

‫المرتبة األولى؛ هللا هو الواقع المطلق أو الكائن المطلق‪ .‬هن ا ه و الج وهر‬
‫الحقيقي‪ .‬في ه ذه المرتب ة أو المس توى من األحادي ة‪ ،‬ال يوج د ش يء وال أح د إال‬
‫نفسه‪ ،‬مخفي وسري‪ .‬بدأ يعرّف عن نفس ه بالح دود ال تي وض عها نفس ه باعتب اره‬
‫األعلى في المرتبة الثانية‪ ،‬وهي الواحدية‪ .‬في هذه المرتبة‪ ،‬تنعكس معرفة ال ذات‬
‫باهلل من خالل عملية السفر وتوسيع الوجود‪ ،‬والتي تُعرف باسم االنصهار األقدس‬
‫(الفيض األقدس) أو "الكثرة األق دس" وهي مظه ر ( التجلي) الواق ع المطل ق في‬
‫المس توى األول (الدرج ة األولى من التجلّي)‪ .‬تجلي في ه ذا المس توى األول‪،‬‬
‫يعرّف هللا نفسه بدرج ة وح دة الكينون ة (الوح دة) ال تي تح دد أو تنقص بع د ذل ك‬
‫(الت ن ّزل) في المرتب ة الثالث ة‪ ،‬وهي األس ماء والص فات (أس ماء وص فات)‪ .‬إن‬
‫األسماء والصفات ليست هللا على أن ه الحقيق ة المطلق ة نفس ها‪ ،‬ولكنه ا ال تنفص ل‬
‫عنه أبدا‪ ،‬وهي دائما تابعة‪ ،‬في إشارة إليه‪.‬‬

‫التجلي على مستوى األسماء والصفات هو واقع باإلض افة إلى دلي ل قدم ه‬
‫هللا على أنه يمكن الوصول إليه وفهمه وكذلك حقيقة كيانه من قبل البشر‪ .‬يتع رف‬
‫هللا على هويته من خالل الوحي وعلى مستوى متعلق بالفهم البش ري‪ .‬في الواق ع‪،‬‬
‫أسماءه وصفاته أوسع من تلك التي وصفها في الوحي‪ .‬هذا هو البعد الداخلي الذي‬
‫يعرف ه بدق ة ألن أس ماءه وص فاته غ ير مح دودة‪ .‬إذا نظرن ا إلى األس ماء بش كل‬
‫منفص ل عن الج وهر اإللهي‪ ،‬فهي س مات يتط ابق ع ددها وطبيعته ا م ع تل ك‬
‫الموجودة في األسماء‪ .‬إن اس م هللا "العليم" على س بيل المث ال‪ ،‬عن دما يُنظ ر إلي ه‬
‫على أنه حقيقة قائمة بذاتها تش ير تحدي دا إلى ج وانب معين ة من ج وهر هللا‪ ،‬فإن ه‬
‫‪38‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., P. 267-280‬‬
‫يجعل تلقائيا طبيعة المعرفة به ذا االس م حقيق ة منفص لة وله ا مع نى مختل ف‪ .‬من‬
‫السمات األخرى الموجودة في األسماء األخرى‪ .‬في الواقع‪ ،‬تظل جميع أس ماء هللا‬
‫‪39‬‬
‫عند اإلشارة إلى جوهر هللا كما هي في جوهرها‪.‬‬

‫ال يمكن ذكر أسماء هللا وصفاته على أنه ا ك ائن وال وج ود‪ ،‬ولكن كش يء‬
‫يحتل المرتبة الرابعة‪ ،‬أي الكيانات األولى الدائم ة أو يمكن أن يطل ق علي ه أيض ا‬
‫النماذج األصلية الدائمة (األعيان الثابتة)‪ .‬هذه الكيان ات هي ش يء ث ابت ال يتغ ير‬
‫وارد في معرفته أو وعيه الذي ال ينكش ف أب دا‪ .‬س ميت بالكيان ات الدائم ة األولى‬
‫ألن وجودها ما زال محتمال ومخفيا في علم ه أو وعي ه‪ .‬تخت بر النم اذج األص لية‬
‫الدائمة الخلق واإلبادة وإعادة الخلق بأشكالها األصلية التي ال ت وفر فق ط عناص ر‬
‫‪40‬‬
‫الدوام أو الخلود (باقة) داخل نفسها‪ ،‬ولكنها توفر عناصر من الوحدة والهوية‪.‬‬

‫كما ق ال وان داود‪ ،‬ف إن ه ذه النم اذج الدائم ة ق ادرة على قب ول وف رة هللا‬
‫(الفيض المقدس) التي تنش أ من الحرك ات الوجودي ة ال تي تحت وي على إمكان ات‬
‫بدائي ة أو إرادة أبدي ة (االس تادات)‪ .‬يش ير االس تعداد األزلي إلى امتالك ج وهره‬
‫الخاص الذي سيحدد طبيعة ومصير كل كيان والذي سيشكل الحقا واقع ا وجودي ا‬
‫‪41‬‬
‫في العالم الخارجي‪.‬‬

‫يعكس تجلي للواقع المطلق في هذا المستوى تجلي األنماط األصلية الدائمة‬
‫الذي يقدم بعد ذلك المستوى الخ امس من التسلس ل اله رمي للوج ود‪ ،‬أي النم اذج‬
‫األصلية الخارجية (األعيان الخارجية) حيث تتحقق اإلمكانات األولية أو األشكال‬
‫المحتملة في شكل ملموس (موضوع) ثم تحديده في المستوى السادس‪ ،‬أي المجال‬
‫الحسي أو العالم التجريبي‪ ،‬بما في ذلك العالم الذي يشغله البشر اليوم‪ 42.‬ال يح دث‬

‫‪39‬‬
‫‪Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 42‬‬
‫‪40‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., hal. 244-245‬‬
‫‪41‬‬
‫‪Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 42‬‬
‫‪ 42‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪41 .‬‬
‫تنوع األشكال الناتجة عن تجليته (ع بر النم اذج األص لية الدائم ة) فق ط في واق ع‬
‫واحد من الوجود‪ ،‬ولكن على مستويات مختلفة من متلقي الوج ود‪ ،‬ك ل منهم يقب ل‬
‫النموذج وفقا لمستويات القوة أو القدرة الخاصة بكل منهما‪ .‬لن يدمر تنوع الوجود‬
‫وحدة الوجود ألن كل كائن موجود ه و ش كل واح د من أش كال الوج ود وليس ل ه‬
‫حالة وجودية منفصلة‪ 43.‬والبيان الفلسفي أعاله ليس مجرد بناء عقلي‪ ،‬فهو يص ف‬
‫واقعا موجودا بالفعل (مجود) نشأ من الكائن األسمى‪ .‬يتم الحص ول على المعرف ة‬
‫واالعتقاد بشأن التسلسل الهرمي للوجود من خالل الحدس كتجربة روحي ة احتض نت‬
‫جوانب معينة من الواقع‪ .‬تتميز التجربة على هذا المستوى فوق األدبي بوجود هياكل‬
‫بشرية والباقة‪ .‬يمكن رسم خريطة لبنية البشر في التجربة المميت ة‪ ،‬والتجرب ة‬
‫المميت ة الفان ا والتج ارب األعلى لفن ا الفان ا (ع دم إدراكه ا للوف اة)‪ .‬على مس توى‬
‫الخبرة حيث لم يعد المختارون مدركين لموتهم‪ .‬وبحسب العط اس‪ ،‬هن اك تنش يط‬
‫للوعي والرؤية‪ ،‬حتى يتمكنوا من مشاهدة العملي ة عن دما يف رز الواح د (الوح دة)‬
‫‪44‬‬
‫نفسه للكسرة دون أن ينال من أصالته‪.‬‬

‫فالمفهوم األنطولوجي أعاله يرفض أخيرا االفتراضات العلمانية الموجودة‬


‫خارج المفهوم الميت افيزيقي لإلس الم‪ .‬من بين االفتراض ات العلماني ة مث ل؛ أوال‪،‬‬
‫يدعي وجود ك ون مس تقل أو أب دي أو وهمي‪ .‬الحقيق ة الفعلي ة‪ ،‬ه ذه الطبيع ة هي‬
‫حقيقة موجودة كما تجليها وال تزال تميز بين الكينون ة والكائن ات‪ .‬وتلقائي ا أيض ا‪،‬‬
‫فإن آراء الوحدانية ووحدة الوجود القائلة بأن كل م ا يكمن في ه ذا الك ون ه و هللا‬
‫وهللا طبيع ة وأن البش ر ليس وا س وى هللا ألنهم اخت بروا االتح اد م ع هللا وهللا ه و‬
‫اإلنس ان نفس ه هي نتيج ة خاطئ ة‪ .‬تح دث أش ياء كه ذه ألن األش خاص المعن يين‬
‫يعانون من عيوب روحية وتجارب الكشف بحيث ي نزلقون من الطري ق الص حيح‬
‫وفي نفس ال وقت محجوب ون من خالل آرائهم الذاتي ة ال تي تجعلهم غ ير م دركين‬
‫‪43‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., P. 248‬‬
‫‪ 44‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪192-185 .‬‬
‫لفهم التسلسل الهرمي للوجود كواقع‪ .‬ثانيا‪ ،‬عبادة المنظور الج وهري ‪ -‬أن وج ود‬
‫الشيء يسبقه جوهره أو أن الوجود ليس أكثر من الج وهر‪ .‬في الحقيق ة الواقعي ة‪،‬‬
‫"الجوهر" أو "الماهي ة" ليس ت س وى ع دد من النت ائج (ع راض) للوج ود‪ ،‬وفي‬
‫‪45‬‬
‫نفس الوقت فإن "الجوهر" هو مفاهيمي في الطبيعة‪.‬‬

‫يميل األص وليون إلى إعط اء األولوي ة للنس بة (ق انون الوس ط المس تبعد)‬
‫بحيث ال يزالون يرون ويفهمون حقيقة نتائج تعاينه وتجلي (خاص ة على درج ات‬
‫الطبيعة الحسية أو التجريبية) التي تقف وحدها‪ ،‬بصرف النظ ر عن إذا لم يكون وا‬
‫متصلين بالواحد‪ .‬في هذه األثناء‪ ،‬يرى الوجوديون ويفهمون هذه الحقيقة بالح دس‬
‫(ق انون الوس ط المش مول) حيث مس تويات الوج ود الحالي ة هي الت أيُّن والتجلي‪،‬‬
‫الشخص الذي يشير إليه ويرتبط به‪.‬‬

‫من الواض ح أن الوج ود يس بق ج وهر الش يء‪ .‬أي أن الوج ود ليس ش يئا‬
‫موجودا في العقل وحده‪ .‬إنها ليست مفاهيمية بحتة‪ .‬الوجود هو شيء حقيقي بحيث‬
‫أن ج وهر ك ل ش يء ه و الوج ود كم ا ه و متف رّد في ش كل معين‪ .‬ه ذا يع ني أن‬
‫الوجود كواقع ليس شيئا ثابتا‪ .‬إنه ديناميكي ونشط وخالق ويحتوي على إمكاني ات‬
‫ال حصر لها للتعبير عن الذات األنطولوجي‪ .‬إنه ج انب من ج وانب هللا ينبث ق من‬
‫الطبيعة الداخلية ألس مائه وص فاته كحقيق ة "واعي ة"‪ ،‬تتص رف وفق ا لطريق ة هللا‬
‫المعتادة في التصرف (سنة هللا)‪ .‬إن حقيقة الوجود ه ذه هي ال تي ُأعلن عنه ا على‬
‫أنه ا الحقيق ة الش املة (الح ق)‪ ،‬وبه ذا أيض ا يُ دعى هللا المطل ق في جمي ع أش كال‬
‫الظهور‪ 46.‬وهكذا‪ ،‬فإن كال من االدع اء باس تقالل الطبيع ة‪ ،‬وك ذلك عب ادة النظ رة‬
‫الجوهرية‪ ،‬يرمزان إلى موقف الظلم في تق ييم الواق ع ويس ببان أخط اء في تحدي د‬
‫قيمة الحقيقة‪.‬‬

‫‪ 45‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪188 .‬‬


‫‪ 46‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪128-127 .‬‬
‫ب‪ .‬الجانب المعرفي‬

‫يصف العطاس العلم بأنه ش بكة مرتبط ة بأش ياء مختلف ة‪ .‬يقتص ر تعري ف‬
‫العلم عند العطاس على توصيف (وصف) جوهره (الراسم) بحيث ال توج د قي ود‬
‫محددة (حد)‪ 47.‬العلم هو عملية أو حركة ق وة الكتس اب المعرف ة ويش ير إلى س مة‬
‫موجودة في شيء (بشري) على قي د الحي اة وال تي تس مح لل ذات ال تي تع رف أن‬
‫تعرف ما هو معروف‪ .‬المعرفة هي اكتس اب القلب لش يء يص ف ج وهره بش كل‬
‫صحيح وواضح‪ ،‬سواء كان ذلك الجوهر هو م ا يظه ر في "ع الم الش هداء أو م ا‬
‫ه و داخلي وموج ود في الع الم غ ير الم رئي‪ .‬يمكن أيض ا تفس ير العلم على أن ه‬
‫تص ميم أو تعه د ب النفس أو قلب الحقيق ة‪ .‬ل ذلك ف إن المعرف ة ص فة تقض ي على‬
‫الجه ل وااله تزاز والتخمين‪ .‬العلم ن ور يض عه هللا في القلب وينتج عن ه الس الم‬
‫الذاتي وكذلك االدعاء االعتراف بالتسلسل الهرمي للوجود‪ 48.‬مثل هذا الوصف لعلم‬
‫العط اس‪ ،‬باإلض افة إلى تغطي ة أبع اد نظري ة المعرف ة وعلم األكس يولوجيا‬
‫واألنطولوجيا‪ ،‬ف العلم ج زء ال يتج زأ عن اإليم ان والحقيق ة واألخالق‪ ،‬والش يء‬
‫األساسي هو الحقيقة المطلق ة وه و هللا‪ .‬واالدع اء واالع تراف الص حيحين يص بح‬
‫عنصرا أساسيا في بناء العلم‪.‬‬

‫يمكن تعميق مراجعة تعريف علم العطاس أعاله من خالل النظر في كيفية‬
‫ارتباطه بنظام األنطولوجيا الموصوف سابقا‪ .‬بدءا من معنى كلمة "معنى"‪ ،‬يمكن‬
‫العثور على معرفة العط اس ووجه ات نظ ره الوجودي ة في ه ذا الص دد‪ .‬يع رّف‬
‫العطاس المعنى بأنه شكل من أشكال الصورة الفكرية (المعقولة) ال تي تظه ر من‬
‫خالل استخدام كلمة أو تعبير أو رمز يصبح فكرة في العقل (عقل)‪ ،‬ثم يش ار إلي ه‬
‫بـ "شيء"‪ .‬الذي تم فهمه "(مفهم)‪ .‬كشكل من أشكال الصورة الدينية ال تي تتش كل‬

‫‪ 47‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪127 .‬‬


‫‪48‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Risalah Untuk Kaum Muslimin, Cet. 4, (Kuala Lumpur, Ta’dib‬‬
‫‪Intenational, 2020), P. 51-52‬‬
‫اس تجابة لس ؤال "م اذا" يس مى المع نى "الج وهر" (الماهي ة)‪ .‬يُطل ق على معن ا‬
‫"الحقيقة" عندما تكون خارج العقل أو توجد بش كل موض وعي‪ .‬ينظ ر إليه ا على‬
‫أنه ا حقيق ة خاص ة تختل ف عن غيره ا‪ ،‬ف المعنى يس مى "الفردي ة" أو "الوج ود‬
‫الفردي"‪ .‬يختصر العطاس تعريف المعنى من خالل التع رف على مك ان الش يء‬
‫في النظ ام ال ذي يح دث عن دما تص بح العالق ة بين الش يء واآلخ رين في النظ ام‬
‫واضحة ومفهومة‪ 49.‬عالوة على ذلك‪ ،‬فيما يتعلق بالعلم‪ ،‬يذكر العطاس أن وحدات‬
‫المع نى ال تي ترتب ط ارتباط ا وثيق ا ببعض ها البعض‪ ،‬وبالت الي تش كل أفك ارا‬
‫‪50‬‬
‫ومفاهيم وأحكاما حول مكان طبيعي في نظام ما‪ ،‬يمكن تسميتها بالعلم‪.‬‬

‫يش ير المك ان الص حيح إلى مس تويات الوج ود البش ري ال تي تعتم د على‬
‫نطاق تشغيل الحواس الخارجية والداخلية‪ .‬تشمل مستويات الوج ود ه ذه‪ ،‬الوج ود‬
‫الحقيقي الذي هو وجود على مس توى الواق ع الموض وعي مث ل الع الم الخ ارجي‪.‬‬
‫يش مل الوج ود الحس ي المقتص ر على ق درات الحس والتجرب ة الحس ية األحالم‬
‫والرؤى الذهنية واألوهام‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬الوجود التخيلي ه و وج ود أش ياء ذات خ برة‬
‫في الخي ال عن دما ال تك ون األش ياء في اإلدراك البش ري‪ .‬الوج ود الفك ري ال ذي‬
‫يتكون من مفاهيم مج ردة في العق ل البش ري‪ .‬الوج ود المماث ل‪ ،‬ال ذي يتك ون من‬
‫أشياء ال توجد في المستويات المذكورة أعاله‪ ،‬ولكنها موجودة كشيء آخر يشبهها‬
‫في بعض الن واحي أو يماثله ا وه و م دى انتش ار الملك ات الخطابي ة أو الفكري ة‬
‫‪51‬‬
‫(فكري) للذات‪.‬‬

‫إن الوج ودات الخمس ة أعاله يق ف على مس توى الحقيق ة العقالني ة‪ .‬في‬
‫الواقع‪ ،‬ال يزال هناك مستوى أعلى‪ ،‬وهو مستوى الوجود فوق العديم أو المتع الي‬
‫الذي يعيشه األنبي اء وأوص ياء هللا والحكم اء ال ذين ل ديهم معرف ة عميق ة‪ .‬يرتب ط‬
‫‪49‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., P. 123‬‬
‫‪ 50‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪124 .‬‬
‫‪ 51‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪124-123 .‬‬
‫مفهوم المكان المناسب بمستويات الوجود المختلفة‪ .‬كما ذكر العطاس‪ ،‬فإن المعنى‬
‫ال ذي يمكن التقاط ه يش مل الع والم األنطولوجي ة والكوني ة والنفس ية واإلنس انية‬
‫والتجريبية باإلضافة إلى الجوانب األخالقية والدينية للوجود البش ري‪ .‬كم ا يش ير‬
‫إلى "الواقعي" و "الحقيقي"‪ .‬وهذا ي دل على ارتب اط العلم بكلم ات الح ق والواق ع‬
‫ضا تفسير العلم في شكل وصول الروح إلى المعنى‬
‫والحقيقة‪ .‬لهذا السبب‪ ،‬يمكن أي ً‬
‫ووصول المعنى إلى الروح على أنه نقل شيء يتوافق م ع الواق ع (في إش ارة إلى‬
‫الترتيب األنطولوجي) ويشير إلى تقييم فيما يتعلق للواقع أو المواقف الواقعية التي‬
‫تنس جم م ع النظ ام الق رآني في ال روح حيث تلعب ال روح دورا ف اعال في قب ول‬
‫‪52‬‬
‫وصول الشيء‪.‬‬

‫أما قناة المعرفة التي تصورها العطاس فهي قناة متكاملة للمعرفة‪ .‬في ه ذه‬
‫الحالة‪ ،‬جمع العطاس أفكار ابن سينا (‪ ،)1037-980‬والغ زالي (‪،)1111-1058‬‬
‫والنس في (‪ ،)1142-1067‬والتفت ازاني (‪ )1390-1322‬والران يري إلثب ات أن‬
‫المعرف ة ت أتي من مص ادر أو قن وات مختلف ة‪ ،‬أي من خالل الح واس الخمس ة‬
‫الصحية (الحواس الخمسة)‪ ،‬والفطرة (العقل السليم)‪ ،‬والحدس (اإللهام) واألخب ار‬
‫‪53‬‬
‫الصحيحة (الخبر)‪ .‬مرتبة حسب التسلسل الهرمي ولها قدراتها وفضائلها‪.‬‬

‫وبالنسبة للعطاس‪ ،‬تشير الحواس الخمسة الصحية إلى اإلدراك والمالحظة‬


‫التي تشمل الحواس الخارجي ة‪ ،‬أي طعم الجس م والرائح ة وطعم اللس ان والبص ر‬
‫والسمع‪ ،‬وكلها تعمل على إدراك أشياء معينة في هذا الع الم الخ ارجي‪ .‬باإلض افة‬
‫إلى ذلك‪ ،‬هناك خمسة حواس داخلية تدرك الصور الحسية ومعانيها‪ ،‬وتوح دها أو‬
‫تفصلها‪ ،‬وتدرك (تصور) األفكار عنها‪ ،‬وتخزن نتائج اإلدراك والعقل عليها‪ .‬هذه‬
‫الح واس الخمس ة الداخلي ة هي الحس الس ليم (الحسّ المتح رك)‪ ،‬والتمثي ل‬

‫‪52‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., P. 124-125‬‬
‫‪53‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, A Commentary on the Ḥujjāt al-Shiddīq of Nur al-Dīn al-Raniri, (Kuala‬‬
‫‪Lumpur: Ministry of Culture Malaysia, 1986), P. 31‬‬
‫(الخي الي)‪ ،‬والتق دير‪ ،‬وال ذاكرة واالس تذكار (الحاف ظ‪ ،‬وال ذكر) ‪ ،‬والخي ال‬
‫‪54‬‬
‫(المتخيلة)‪.‬‬

‫قبل أن يفسر العطاس "العقل السليم" بشكل أعم ق‪ ،‬يربط ه أوال ب الحواس‬
‫الخمسة‪ .‬بالنسبة للعطاس‪ ،‬فإن "الفطرة السليمة" ال تعني االقتصار على العناصر‬
‫الحسية أو القدرات العقلية التي تنظم وتفس ر منطقي ا حق ائق التجرب ة الحس ية؛ أو‬
‫الذي يحول بيانات التجرب ة الحس ية إلى ص ورة علمي ة تُفهم بع د الم رور بعملي ة‬
‫التجريد؛ أو الذين يقومون بعمل اس تخالص الحق ائق والبيان ات الحس ية والعالق ة‬
‫بينهم‪ .‬أو استخالص وتحرير (تجريد) ذلك الواقع من الحوادث المرتبطة به والتي‬
‫ليست جوهرها‪ ،‬مثل الكمية والنوعية والفضاء والموقع الذي يرتبه ا بع د ذل ك في‬
‫قاعدة تنتج القوانين بحيث يمكن فهم الكون‪ .‬هذا ه و مع نى العق ل ال ذي يش ير إلى‬
‫العق ل (أح د أبع اد العق ل)‪ 55.‬بمع نى أوس ع‪ ،‬العق ل ه و م ادة روحي ة متأص لة في‬
‫العضو الروحي للفهم المسمى القلب أو القلب والتي تسمح للبشر ككائنات عقالنية‬
‫ب التعرف على الحقيق ة والق درة على تمييزه ا عن الباط ل وهي مك ان لح دوث‬
‫‪56‬‬
‫الحدس‪.‬‬

‫من مفه وم الح دس على أن ه فهم مباش ر للحق ائق الديني ة‪ ،‬وحقيق ة هللا‬
‫ووجوده‪ .‬في المستوى األعلى‪ ،‬الحدس هو وحي الوجود نفسه‪ .‬يؤك د العط اس أن‬
‫الحدس عند المستويات العليا من الحقيقة ال يصل إلى أحد‪ .‬هناك على األقل بعض‬
‫المتطلب ات األساس ية ليخت بر الش خص الح دس عن د ه ذا المس توى‪ .‬أوال‪ ،‬ع اش‬
‫اإلنس ان حيات ه من خالل اختب ار الحقيق ة الديني ة والحص ول عليه ا من خالل‬
‫ممارسة التكريس الصادق هلل‪ .‬ثانيا‪ ،‬من خالل اإلنجاز الفك ري للف رد‪ ،‬فهم الم رء‬
‫طبيعة وحدانية هللا بمعنى نظام ميتافيزيقي موحد‪ .‬ثالثا‪ ،‬التأمل المكث ف في طبيع ة‬
‫‪54‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., P. 118‬‬
‫‪ 55‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪119 .‬‬
‫‪ 56‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪120 .‬‬
‫هذا الواقع‪ .‬رابعا‪ ،‬خالل هذا التأمل وبمشيئة هللا‪ ،‬يختفي وعي المرء لنفسه وحالته‬
‫الذاتية ثم ي دخل في حال ة أعلى من ال ذات‪ ،‬وهي البقع ة‪ .‬من حيث الج وهر‪ ،‬ف إن‬
‫اإلعداد لتلقي وتفسير هذا الواق ع بش كل ص حيح ال يتطلب فق ط الت دريب‪ ،‬وتنمي ة‬
‫القدرات الفكرية والخبرة الحسية‪ ،‬ولكن التدريب والتط وير واالنض باط للج وانب‬
‫الداخلية المتعلقة بفهم الحق‪ .‬في هذا المستوى‪ ،‬تظهر لمحة عن طبيعة الواقع أثناء‬
‫اللقاء مع الحق‪ .‬يتم التعبير عنه‪ ،‬ويظهر الوج ود في نظ ام الواق ع المتكام ل كك ل‬
‫‪57‬‬
‫(الكلية)‪ .‬لقد اختبر األنبياء والقديسون هذه الحقيقة حيث كان بينهم درجات‪.‬‬

‫على مستوى الوعي البشري الطبيعي‪ ،‬يمكن أيض ا تحقي ق الح دس‪ ،‬ال ذي‬
‫يختبره علم اء عظم اء في لحظ ة اكتش اف الق وانين والمب ادئ ال تي تحكم طبيع ة‬
‫التابعي‪ .‬يتم تحقيق هذا الشرط من خالل التدريب‪ ،‬وتطوير قوة التفك ير والخ برة‪،‬‬
‫واالنضباط الذاتي الذي يعمل عندما يكون العقل والخبرة غير قادرين على إعطاء‬
‫معنى متماسك لمشاكل معينة‪ .‬في الواقع‪ ،‬من خالل الحدس يص ل ه ؤالء العلم اء‬
‫إلى المعنى‪ ،‬ألن الحدس قادر على تجميع األشياء ال تي تُ رى بش كل منفص ل عن‬
‫‪58‬‬
‫طريق العقل والخبرة دون القدرة على االندماج في كل متماسك‪.‬‬

‫إن اكتساب المعرفة في اإلسالم يشير أيض ا إلى الس لطة‪ .‬أعلى س لطة هي‬
‫الق رآن وس نة الن بي‪ ،‬بم ا في ذل ك ش خص الرس ول الك ريم‪ .‬وبحس ب العط اس‪،‬‬
‫كالهما يمثل السلطة ليس فقط بمعنى نقل الحقيقة‪ ،‬ولكن أيضا في تشكيل الحقيق ة‪.‬‬
‫كالهم ا يمث ل س لطة مبني ة على مس تويات أعلى من اإلدراك الفك ري وال روحي‬
‫وعلى الخبرة المتسامية التي ال يمكن تضييقها إلى مستوى العقل والخبرة العادي ة‪.‬‬
‫في الواق ع‪ ،‬المخت ارون عن دما يص لون إلى التجرب ة الحدس ية لمس توى أعلى من‬

‫‪ 57‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪120-119 .‬‬


‫‪ 58‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪120 .‬‬
‫الواقع يؤكدونها مقاب ل أعلى س لطة‪ .‬إذا ك انت متناقض ة‪ ،‬ف إن التجرب ة ال تس مى‬
‫علما‪.‬‬
‫‪59‬‬

‫يتم ترتيب مصادر المعرفة أو قنواتها األربعة أعاله على مراحل‪ .‬ك ل من‬
‫ه ذه المص ادر أو القن وات له ا موقعه ا ووظيفته ا‪ .‬إذا تم الف رز‪ ،‬ف إن المع نى‬
‫الخارجي يكون في أدنى مرتبة‪ ،‬يليه الحواس الداخلية‪ ،‬ثم العقل ثم الح دس‪ .‬أعلى‬
‫مس توى ه و ال وحي باعتب اره أعلى س لطة‪ .‬يرتب ط فهم أو تفس ير ال وحي أيض ا‬
‫بالتقرير الذي قدمه الرسول والذي تم تفصيله من قبل العلماء من خالل إطار سند‪.‬‬
‫إن العمليات المعرفية التي تحدث من خالل الحواس الداخلي ة والخارجي ة والعق ل‬
‫والحدس تستند دائما إلى الوحي ويوجهه‪ .‬المعنى الذي يتم الحصول عليه ويص بح‬
‫معرف ة ه و ال ذي يتواف ق م ع مكان ه الط بيعي في النظ ام األنطول وجي واإلط ار‬
‫المفاهيمي القرآني‪ .‬إن الروح ال تي تص ل إلى المع نى هي الجه د النش ط لإلنس ان‬
‫بكل أعمال قناة المعرفة الخاصة به‪ ،‬ووصول المعنى إلى الروح مرتب ط بق وة هللا‬
‫وإرادت ه ونعمت ه لجلب ه ذا المع نى إلى روح مس تعدة ل ذلك‪ .‬اقب ل وص ول ه ذا‬
‫المع نى‪ .‬يش ير ه ذا إلى أن عملي ة تحقي ق المعرف ة والوص ول إليه ا (العملي ة‬
‫المعرفية) ال تنط وي فق ط على الخ برة الحس ية والجه د العقالني البش ري‪ ،‬ولكن‬
‫الحقيقة األسمى‪ ،‬أي أن هللا يلعب دورا في جلب المعرفة دائما وغرس ها في النفس‬
‫البشرية‪.‬‬

‫ب‪ .‬الجانب األكسيولوجي (علم القيم)‬

‫تشمل المعرفة في اإلسالم اإليمان والعقيدة‪ 60.‬ليست المعرفة جزءا منفصال‬


‫من اإليم ان‪ .‬ليس من المس تغرب أن يق ول العط اس إن الس عي وراء المعرف ة يجب أن‬
‫يسترشد دائما بالهدف النهائي لإلنسان في تحقيق الرخاء المطلق‪ ،‬وهو التح رر‬

‫‪ 59‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪121 .‬‬


‫‪60‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas , Islām and Secularism, (Kuala Lumpur, ISTAC, 1993), P. 85‬‬
‫وتطه ير نفس ه من أغالل الظلم والس طحية لرغب ات الحي اة وس مات مث ل الحس د‬
‫والكبرياء والكراهي ة وغيره ا‪ .‬وال ذي يوج ه بع د ذل ك إلى البش ر ال ذين هم على‬
‫دراية حقيقية‪ ،‬هم البشر الذين يحصلون على الحكم ة وينعم ون باإلرش اد اإللهي‪،‬‬
‫والبشر ال ذين ي دركون مس ؤوليتهم تج اه إلههم الحقيقي‪ .‬وق ال العط اس‪ :‬إذا ك ان‬
‫العلم غير مرتبط وله تأثير على معرفة الذات‪ ،‬فإن التمسك بالتعاليم الدينية وتقوية‬
‫األخالق والشخصية ال فائدة منه رغم أن طالب المعرفة ذكي وموث وق في مج ال‬
‫‪61‬‬
‫العلم‪ .‬لقد كذب الرجل وظلم وضلل نفسه‪.‬‬

‫سيفهم البش ر المطلع ون عه ودهم األص لية‪ ،‬ألن االع تراف والتأكي د على‬
‫العهد في عالم األرواح هو ما يشكل في الواقع هوية اإلنسان كخادم يجب االدع اء‬
‫به واالعتراف به وتأكيده أمام هللا‪ .‬ال يذوب أب دا في العزل ة‪ ،‬ألن اإلنس ان يع رف‬
‫حدسيا من خالل العبادة التي تتضمن القراءة والتدبر والتفك ير المس تمر في كلم ة‬
‫هللا‪ ،‬مدى قرب ه من هللا باعتب اره الخ الق ورب ه‪ ،‬ال ذي يت ذكره (ال ذكر)‪ ،‬ومن ه و‬
‫العلي الحامي الرحمن الرحيم أضمن سالمة الحياة ومعه يص لي‪ .‬لق د ع رف ه ذا‬
‫النوع من اإلنسان نفسه باسمه‪ ،‬وع رف اله دف النه ائي لحيات ه‪ ،‬بحيث يك ون ل ه‬
‫تأثير على السالم والسعادة الحقيقيين فيه‪ ،‬وسيتحرر من الصدى المخي ف للوح دة‬
‫‪62‬‬
‫المطلقة‪ ،‬ويتحرر من قبضة الخوف الصامت‪.‬‬

‫يؤكد وضوح وفائدة السعي وراء المعرفة التي وصفها العط اس أن البش ر‬
‫الذين يفهمونها ويمارسونها بشكل صحيح ال يمكن أن يتورطوا في البؤس‪ .‬السعي‬
‫وراء العلم في اإلسالم ال ي ؤدي إلى ه ّز وس واس ال نهاي ة لهم ا‪ .‬ك ان يجب على‬
‫المسلم صاحب المعرفة الكامنة في روحه أن يجيب بشكل كام ل على س ؤال "من‬
‫أنا؟" و "أين مصير حياتي في النهاي ة؟"‪ .‬أح د أه داف العلم المتض منة في تفك ير‬

‫‪61‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Risalah..., P. 59‬‬
‫‪62‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas , Islām and Secularism..., P. 90‬‬
‫العطاس هو في الواقع تجنب أزمة الهوية‪ ،‬أي االرتب اك واإللح اح واألخط اء في‬
‫تحديد الذات‪ 63.‬لذلك‪ ،‬ف إن المعرف ة في اإلس الم تق ود اإلنس ان إلى معرف ة ال ذات‬
‫الحقيقي ة‪ ،‬وتكش ف العالق ة الحقيقي ة بين اإلنس ان وإلههم‪ ،‬وتواص ل ط وال الحي اة‬
‫والخلفاء‪ .‬وهذا ما ي دفع‬
‫‪64‬‬
‫السعي للوصول إلى معنى الذات المتمثل في مكانة الخدم‬
‫بالمسلم العارف إلى باب السعادة‪.‬‬

‫سيكون للتقديم الذاتي آثار على كيفية تطبيق المنفعة على مستوى المجتم ع‬
‫المحلي‪ .‬يجب على البشر الذين يعرفون أنفسهم على أنهم يجب أن يحاولوا غ رس‬
‫القيم الروحية في المجتمع والتي تؤدي بعد ذلك إلى العالقة الحميمة والتق رب م ع‬
‫هللا‪ ،‬نح و إنت اج العلم والمعرف ة‪ ،‬ونح و المج د والعظم ة في إدارة الع الم‪ ،‬ونح و‬
‫الكمال االقتصادي و الصحي‪ 65.‬يوضح المقتطف أعاله أن الغرض من الدراسة ه و‬
‫إنتاج ورعاية وتنشئة البشر الذين يفهمون ويعرفون ويدركون أنفسهم ودق ة عالقتهم‬
‫بمستويات مختلفة من الواقع والتي أشار إليها العط اس على أنه ا مثالي ة‪ .‬اإلنس ان أو‬
‫اإلنسان الكامل‪ .‬وبحسب العط اس‪ ،‬ف إن تحقي ق مس توى الكم ال (الطبيع ة) كإنس ان‬
‫صالح يؤدي بالتأكيد إلى تحقيق مواطن كامل أو مواطن ص الح‪ .‬وه ذا يع ني أن‬
‫المعرفة والوج ود اإلنس اني الجي د هم ا ج وهر وج ود الع دل ورفاهي ة المجتم ع‬
‫‪66‬‬
‫والدولة‪.‬‬

‫من المعروف أن المعرفة شرط أساسي لتحقيق اإلنسان الكامل‪ .‬إن الس عي‬
‫وراء إدراك المعرفة التي توج ه العلم ينش ر الحكم ة ال تي يتم فيه ا التع رف على‬
‫حدود فائدتها والمكان المعقول للمعرفة التي تتطلبها وفهمها بشكل صحيح‪ .‬عالوة‬
‫على ذلك‪ ،‬فإن مثل هذا الكائن البشري ج زء ال يتج زأ من األدب ال ذي يش ع من ه‬
‫بعد ذلك إلى الخارج‪ .‬األدب المقصود هو االع تراف واالدع اء بالمك ان الص حيح‬
‫‪63‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Risalah..., P. 93‬‬
‫‪64‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas , Islām and Secularism..., P. 63‬‬
‫‪65‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Risalah..., P. 78‬‬
‫‪ 66‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪85-84 .43 .‬‬
‫والمناسب والظرف والموقف في الحياة واالنضباط ال ذاتي ح تى يش اركوا بش كل‬
‫إيجابي ويكونوا على استعداد للعب دورهم وفقا لذلك االعتراف واالدع اء‪ 67.‬بم ا‬
‫في ذلك تفاعالتهم وأدوارهم في الكون الذي يعيشون فيه‪.‬‬

‫إن اإلنسان الكام ل ال ذي اخت بر تح وال روحي ا فكري ا س يكون ق ادرا على‬
‫تج اوز تن وع ظ واهر الك ون ويش هد أو يش عر بوح دة جمي ع الكائن ات من خالل‬
‫تجرب ة الكش ف‪ .‬ال يمكنهم التفك ير في ه ذا الع الم الهائ ل على أن ه مج رد خي ال‬
‫بشري‪ ،‬وال حتى باهلل نفسه‪ .‬كما أن ه من المس تحيل بالنس بة لهم االدع اء ب أن ه ذا‬
‫الكون هو العالم الحقيقي الوحيد‪ ،‬حيث أن العلم والفلسفة الحديث ة أنكرت ا التسلس ل‬
‫الهرمي للواقع (ترتيب الوج ود والوج ود)‪ .‬ال توج د فج وة تقريب ا بالنس بة لهم في‬
‫عدم تفسير أن هذه الطبيعة هي شكل آخر من أش كال وحي هللا ال ذي يحت وي على‬
‫إشارات أو رموز تشير إلى وجود هللا وأنه هو الذي يخل ق وينظم والمس ؤول عن‬
‫الطبيعة التي يعيشون فيها‪.‬‬

‫ه ذا الك ون ه و كت اب عظيم مفت وح يتكلم من خالل س نته ال تي تكش ف‬


‫معناها‪ .‬يمكن فهم هذا المعنى بشكل صحيح من قبل البشر المسلحين بالمعرف ة في‬
‫شكل حكمة وحدس روحي (البصيرة الداخلية)‪ 68.‬هذه هي الطريقة التي يفهم به ا‬
‫اإلنس ان الجي د مع نى الك ون‪ .‬ل ذلك‪ ،‬ال توج د إمكاني ة ل ديهم لتط وير العل وم‬
‫والتكنولوجيا ( ‪ )IPTEK‬والتي ب دورها س تدمر وتض طهد الك ون باإلض افة إلى‬
‫أنفسهم‪ .‬إنهم ال ينتقدون الكون ويهينونه كمكان لهم للعيش فيه‪ ،‬رغم أن الق رآن‬
‫يشبه حياة الع الم بـ "مل ذات مهمل ة" و "أم اكن للتس لية" ألن الغ رض منه ا من‬
‫الخلق والحياة يتم امتصاصها‪ ،‬وعيش ها بعناي ة وص حيحة‪ 69 .‬في النهاي ة‪ ،‬ف إن‬

‫‪67‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas , Islām and Secularism..., P. 105-106‬‬
‫‪68‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Risalah..., P.122‬‬
‫‪69‬‬
‫‪Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 65‬‬
‫دراس ة الطبيع ة واس تخدامها من قب ل البش ر الطي بين يخل ق في الواق ع موقف ا‬
‫مسؤوال‪.‬‬
‫‪70‬‬

‫على الرغم من أنه ال ي زال يس توعب األم ور العملي ة إلى ح د م ا‪ ،‬إال أن‬
‫تفس ير العط اس أعاله ليس ه و نفس ه ال ذي ع برت عن ه البراغماتي ة‪ .‬ال تقيم‬
‫البراغماتية فائ دة التنفس ال ديني أو اس تخدامه العملي‪ ،‬ولكنه ا ترك ز على منط ق‬
‫الذرائعية التي يتم فيها تجاه ل الحق ائق الروحي ة وع بر التجريبي ة‪ .‬العط اس ه و‬
‫عكس ذلك تماما‪ ،‬يجب الحكم على كل فائدة أو منفعة بأشكالها المختلفة‪ ،‬وتبريرها‬
‫بالوحي لقيادة اإلنسان إلى السالم الداخلي والخارجي‪.‬‬

‫يمكن االستنتاج أن الغ رض من المالحق ة واكتس اب المعرف ة من منظ ور‬


‫العطاس هو إنجاب اإلنسان الكام ل‪ .‬حيث تتحق ق الفوائ د ال تي تع ود على ال ذات‬
‫والمجتمع والكون في حياتهم‪ .‬وبش كل أعم ق‪ ،‬ف إن المنفع ة المقص ودة هي إقام ة‬
‫العدل في إدراك وفهم ووضع ال ذات فيم ا يتعل ق باهلل وال دين والمجتم ع والك ون‪.‬‬
‫العدالة هنا تعني حالة يكون فيها كل شيء في المكان المناسب‪ .‬وه ذا يع ني أن هللا‬
‫نفسه كإنسان وجزء من المجتمع وكذلك الكون يُفهم بش كل ص حيح وفق ا للتسلس ل‬
‫اله رمي للوج ود بن اء على إرش اد ال وحي والعلم وك ذلك الطريق ة الص حيحة‬
‫للمقاضاة واالكتساب‪ .‬إن تطبيق العدالة هو جهد لتحقيق ظروف "آمن ة" في حي اة‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬لألفراد وغيرهم من البشر‪ .‬إذا كان األمر كذلك‪ ،‬فإن الس عي وراء‬
‫المعرفة واكتسابها في اإلسالم مرتبطان ارتباطا وثيقا ويجب أن يكون لهم ا ت أثير‬
‫على سالمة مصير اإلنسان في الكون واآلخرة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ف إن الغ رض‬
‫من طلب العلم في اإلسالم ه و غ رس الخ ير أو العدال ة في اإلنس ان كبش ر وذات‬
‫شخصية‪ ،‬وليس في البشر كمواطنين أو كجزء من المجتمع فحس ب‪ ،‬بحيث يك ون‬

‫‪ 70‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪64 .‬‬


‫ما يتم التأكيد عليه هو قيمة البشر(روح)‪ ،‬وليس قيمة البش ر كأش ياء مادي ة تُق اس‬
‫‪71‬‬
‫بالمعنى البراغماتي أو فائدتها بعد فائدتها للبلد والمجتمع والعالم‪.‬‬

‫الباب الثالث‬

‫قضايا الحقيقة العلمية في فلسفة الوضعية‬

‫إن االدعاء بالحقيقة ليس خطابا جدي دا في تقالي د المفك رين الغرب يين‪ .‬م ع‬
‫ذلك‪ ،‬عندما دخل العصر الحديث‪ ،‬شهد انخفاضا في القيم ة لتتواف ق م ع األص ول‬
‫العلمية‪ .‬يرتبط هذا االنكماش بهيمنة استبداد أحد النماذج العلمي ة الحديث ة ارتباط ا‬
‫وثيقا‪ ،‬هو مبدأ الوضعية‪ .‬أن إحدى القضايا الرئيسية التي جلبتها ه ذه الفلس فة هي‬
‫سلطة بعض القواعد أو المنهجي ات ال تي تنتج قيم ا علمي ة للحقيق ة تك ون محاي دة‬
‫وقابل ة للتط بيق بص ورة عالمي ة‪ .‬ه ل يص ح ه ذا المش روع؟ للعث ور على إجاب ة‬
‫موضوعية‪ ،‬يجب تتب ع دراس ة متعمق ة لإلط ار الميت افيزيقي والمع رفي‪ .‬في ه ذا‬
‫الفص ل‪ ،‬س يقوم الك اتب بالتحلي ل والتوص يف عن؛ االفتراض ات األساس ية وراء‬
‫ادع اءات الحقيق ة العلمي ة ال تي تطرحه ا الفلس فة‪ .‬إن الحص ول على ص ورة‬
‫ميتافيزيقي ة س يجعل من الس هل على الكت اب وص ف نم ط األس س المعرفي ة‬
‫والمنهجية التي يستخدمونها للحصول على المعرفة الموضوعية‪ .‬لم يتوقف األم ر‬
‫عن د ه ذا الح د‪ ،‬فق د تم تق ديم العدي د من ال ردود النقدي ة ك ذلك لك ل من ه ذه‬
‫االفتراضات‪.‬‬
‫االفتراض األساسي‬ ‫أ‪.‬‬
‫يراد بالوضعية إحدى مدارس الفلس فة الغربي ة ال تي تم تلوينه ا وتط ورت‬
‫على نطاق واسع لدرجة أنها تهيمن على الف روق الدقيق ة في المعرف ة الحديث ة‪ .‬تم‬
‫تصور الوضعية من قبل المفكرين الفرنسيين‪ ،‬هم ا ه نري س ينز س يمون ( ‪Henry‬‬

‫‪ )Sains Simon‬وتلميذه أوجيست كونت ( ‪ 1760-1825( )Auguste Comte‬م)‪.‬‬


‫‪72‬‬

‫‪71‬‬
‫‪Syed Muhammad Naquib Al-Attas , Islām and Secularism, P. 85‬‬
‫‪ 72‬للحصول على السيرة الذاتية الكاملة ألوجيست كونت‪ ،‬راج ع‪H. James Birx, Encyclopedia of time:science, philosophy, :‬‬
‫‪theology, and culture, (New York; SAGE Publications, 2009), P. 206‬‬

You might also like