Professional Documents
Culture Documents
إن السيد محمد نقيب العط اس ع الم مس لم معاص ر فيلس وف أديب م ؤرخ
ماليوي خطاط مهندس معماري لغوي بأفكار صوفية 1.كما أن ه المفك ر العبق ري
3
للعالم اإلسالمي 2 .حتى وصفته م نى أب ازا بالمستش رق المن اهض لالستش رقين،
ويوصف بأنه أحد المفكرين العبق ريين في ه ذا العص ر 4.وأن أعمال ه ال تي تن اقش
التعليم واألدب وتاريخ ماليو والفلسفة اإلسالمية ال يقرأها الماليزيون فحسب ب ل
يستمتع بها كثير من الناس .يمكن مالحظ ة ذل ك من خالل العدي د من كتابات ه ال تي
تُرجمت إلى لغات أخ رى غ ير اإلنجليزي ة والماليزي ة .باإلض افة إلى ذل ك ،يحت ل
العطاس موقعا استراتيجيا مرموقا يصف خبرته .تظه ر ذروة حيات ه المهني ة من
خالل أعماله الفكرية الملموسة؛ من خالل إنشاء جامع ة ISTACللفك ر والحض ارة
ISTAC اإلسالمية في المكان الذي يعيش فيه .كما قام بتصميم المبنى المعماري
5
وكذلك المنهج الدراسي فيه.
قد اتضح سابقا فإن العطاس عالم المع ،لم يكن سليال عشوائيا .وم ع ذل ك،
فإن ذكائه ال ينشأ بسبب ذلك ،ولكن بسبب خلفيته الفكرية التي تكفي لجعل ه يطل ق
عليه "العالم العبق ري الممل وك للمس لمين الي وم .من ذ س ن مبك رة ،تلقى العط اس
التعليم والشخصية الدينية من تربية والديه النبالء في بوغور في ذلك الوقت .تلقى
تعليم ه الرس مي في ع ام .1936تم إرس اله إلى جوه ور ماليزي ا للدراس ة في
مدرس ة نجي هينج االبتدائي ة .هن اك درس لغ ة المالي و وآدابه ا وثقافته ا .في
جوهور ،عاش في مك ان م ع عائل ة رئيس وزراء جوه ور م ودرن ،ل ذلك اعت اد
أسلوب الحياة األرستقراطية .في عام 1941ذهب إلى سوكابومي لدراسة اإلسالم
بمقدمة عربية في المدرسة "العروة الوثقى" اإلسالمية الداخلية.
في الف ترة التالي ة ،وهي 1952؛ بع د أن أتم مدرس ته الثاني ة ،تم اختي ار
( Gerald العطاس من قبل المندوب السامي البريطاني للماليو السير جيرالد تمبل ر
،)Templerلحض ور التعليم العس كري في إيت ون ه ول ،تشيس تر ،ويل ز ،تليه ا
أكاديمية ساندهست العسكرية الملكية في إنكلترا 11.وأثناء وج وده في ساندهس ت،
أتيحت الفرص ة للعط اس لدراس ة أعم ال التص وف ال تي وج دها في مكتب ة الح رم
الجامعي .وهنا اهتم ألول مرة بأعمال الميتافيزيقيا الصوفية ،وخاصة أعمال ن ور
ال دين عب د ال رحمن بن أحم د الج امع .ش كلت الخ برة العس كرية االنض باط
والمثابرة ،ولكن العالم األكاديمي الذي استمتع به خالل عملية التعلم جعله يق رر
االس تقالة من الع الم العس كري .في ذل ك ال وقت ،ك ان ق د التقى بع دد من الق ادة
المغاربة الذين حاربوا لطرد الغزاة الفرنسيين واإلسبان مثل آالل الفاس ي والمه دي
في ع ام ،1955اس تقال العط اس 12
بنونة وسيدي عبد هللا كنون الحسني.
رس ميا من الجيش برتبت ه األخ يرة مالزم أول .ثم أدرك حب ه للعلم بإدخال ه
،1957ال ت زال
محاضرات في جامعة مااليا التي كانت في ذل ك ال وقت ،في ع ام
8نفس المرجع.
9نفس المرجع ،ص3 .
10نفس المرجع
11
Ach Maimun Syamsuddin, Integrasi Multidimensi Agama dan Sains Analisis Sains Islam Al-Attas, P. 109
12
Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philisophy..., P. 3-4
موجودة في سنغافورا .خالل فترة دراسته كتب العط اس كت ابين ممتعين للغاي ة؛
Rangkaian Ruba’iyyat dan Some Aspects of Sufism as Understood and Practised
13
.Among Malays
بع د الع امين المقبلين؛ إن العط اس حص ل على البك الوريوس .في ه ذه
األثناء ،أكسبه عمله المتعلق بالص وفية منح ة دراس ية من زمال ة المجلس الكن دي
لمواصلة درجة الماجستير في معهد الدراسات اإلسالمية ماكجيل ،كن دا ،في ع ام
.1960وك ان هن اك التقى بالمستش رقين وأص حاب المي ول الغربي ة اإلس المية.
Fazlur )Hamiltonوفض ل ال رحمن ( Gibb علم اء مث ل؛ ب دأ ه اميلتون جيب
))Toshihikoوالس يد حس ين نص ر 14.في Izutsu ))Rahmanوتوش يهيكو إيزوتس و
ع ام ،1962أكم ل العط اس درج ة الماجس تير م ع مرتب ة الش رف بع د أن كتب
15
“ ”.Raniri and the Wujudiyyah of 17th Century Acheh أطروحة بعنوان
بع د ع ام ،بن اء على اق تراح العدي د من المستش رقين البريط انيين مث ل أ.
واصل أربيري ،والس ير م ورتيمر ويل ر ،والس ير ريتش ارد وينس تيدت العط اس
دراس ات ال دكتوراه في كلي ة الدراس ات الش رقية واألفريقي ة ( )SOASفي جامع ة
لن دن .وهن ا تعمقت دراس ة العط اس حيث درس مباش رة م ع مجموع ة من كب ار
المستش رقين الب ارزين .بتوجي ه مباش ر من أرب يري وم ارتن لينج ز في كتاب ة
أطروحة حول أكبر شخصية صوفية ماليو وأكثرها إثارة للجدل بعنوان "تصوف
حمزة فنسوري" في مجلدين 16.هذه األطروحة هي العم ل األك اديمي األك ثر ش موال
في فنسوري .في أطروحته ،ألول مرة في الدراسات اإلسالمية في عالم الماليو،
قدم العطاس طريقة التحليل الداللي في دراسة المعاني الرئيسية في نظام حم زة
فنسوري الصوفي ،مثل؛ إرادة هللا ووجوده ،وبقاؤه ،ونفس ه ،ووقت ه ،وطبيعت ه،
نفس المرجع 13
14
Syed Muhammad Naguib Al-Attas, The Mysticism of Hamzah Fansuri, (Kuala Lumpur, University of Malaya
Press, 1970), P.142, note 2.
15
Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philisophy..., P. 4.
16
Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 5
إلخ 17 .تخ رج العط اس أخ يرا بتق دير االمتي از من SOASفي ع ام 18.1965ومن
المث ير لالهتم ام ،كون ه مواطن ا ماليزي ا حص ل على درج ة ال دكتوراه األولى من
جامعة لن دن ،فق د جم ع بين نظري ة المعرف ة وعلم األكس يولوجيا في الفك ر
كثيف.
19
والحضارة اإلسالمية ،عندما كان كثير من الناس منشغلين بجو استعماري
في ع ام 1977أص بح العط اس متح دثا ومش اركا نش طا في الع الم األول
للتربية اإلسالمية .وفي العام نفسه ،كان العطاس يزور األستاذ "الزائ ر" بجامع ة
تمبل بفيالدلفيا لمدة عام .في العام التالي طلب من اليونسكو ت رؤس اجتم اع دولي
للمؤرخين اإلسالميين في حلب ،سوريا .ثم في عام ،1979منحه رئيس باكس تان
ضياء الحق الذكرى المئوية لميالد محمد إقبال "ميدالية إقبال المئوية التذكاري ة".
خالل الف ترة ،1982-1980ش غل العط اس منص ب رئيس مجلس إدارة كرس ي
ت ون عب د ال رزاق لدراس ات جن وب ش رق آس يا في جامع ة الوالي ات المتح دة
األمريكية .بعد عشر سنوات في عام ،1993عينه أن ور إب راهيم ك رئيس للمعه د
اإلسالمي الدولي ( )IIUMعلى رأس كرسي أبو حامد الغزالي للفكر اإلسالمي في
.ISTACثم في الع ام الت الي ،1994عين العط اس من قب ل المل ك حس ين مل ك
األردن كعضو في األكاديمي ة الملكي ة األردني ة ،وفي ع ام 1995منحت ه جامع ة
22
الخرطوم ،السودان درجة الدكتوراه الفخرية في اآلداب (دي ليت).
21
Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 8
22نفس المرجع ،ص9-8 .
من جديته وانضباطه وعمله الجاد ،حصل العط اس في كث ير من األحي ان
على ج وائز دولي ة؛ من المستش رقين الغرب يين ومن الخ براء في الحض ارات
اإلسالمية والماليزية .ومع ذلك ،فإن هذا ال يجعل بالضرورة العطاس يدعم ويتبع
أفكار االستشراق ،فما يحدث هو عكس ذلك تماما .وكثيرا ما ينتقد العطاس بعض
األفكار االستشراقية الغربية التي تميل إلى الخطأ والتدمير .كم ا انخ رط العط اس
في عدة مناسبات في بعض الجدل الجاد مع عدد من المستشرقين الهولنديين مث ل؛
A.فيم ا يتعل ق بت اريخ اإلس الم Teeuw ، Drewes ،و P. Voorhoeve األستاذ ج.
23
وفقه اللغة وكذلك تاريخ األدب الماليوي.
بصرف النظر عن ذلك ،يُشار إلى العطاس على أنه شخصية مهم ة ق امت
بنشر مصطلح النظ رة اإلس المية للع الم من النظ رة اإلس المية للع الم .تلقى رأي ه
ردود فعل متباينة في العالم الغربي .في مؤتمر دولي حضره فالس فة الع الم؛ ُعق د
ح والي 160باحث ا من 30دول ة في ع ام 2000في جامع ة ه اواي ،وك ان
موضوعها "التكنولوجيا والقيم الثقافية على حافة األلفية الثالث ة" ،وتلقى العط اس
( Pater D. مالحظ ات ش يقة من ثالث ة علم اء مع روفين ،وهم األب د .هيرش وك
Roger ،)Hershockماريتا ستيبانيانتس ( ،)Marietta Stepaniantsوروجر تي أميس
.))T.في حين أن تفسير العطاس ،حسب رأيهم ،حول مالئمة وع دم تواف ق Ames
ال تراث الغ ربي في العل وم والتكنولوجي ا م ع النظ ام المع رفي والميت افيزيقي
اإلسالمي هو تفس ير مفص لي دقي ق ومنهجي ،وه و أس اس المراجع ة اإلس المية
24
لألهداف واألخالق التي هي المباني في العلوم والتكنولوجيا.
23نقال عن ذلك في مقدمة كتاب العطاس من تأليف زين عثمان ،طالعSyed Muhammad Naquib al-Attas, :
Makna Kebahagiaan dan Pengalamannya Dalam Islam, (Kuala Lumpur: ISTAC, 2002), P. xxii
24
Dinar Dewi Kania, Studi Komparatif Pemikiran Epistemologi Frithjof Schuon dan Syed Muhammad Naquib
al-Attas, Doctoral Dissertation, (Bogor: Universitas Ibn Khaldun), P. 84
باإلضافة إلى خبرته في المجال األكاديمي ،كان ل دى العط اس العدي د من
المهارات التي نادرا ما يمتلكها معظم علم اء المس لمين في عص ره .وتش مل ه ذه
المهارات الفنون؛ مثل الشعر والنثر والخ ط وح تى التص ميم؛ ك ل من التص ميم
المعماري وكذلك التصميم المرئي .كما أن بعض القصائد التي كتبها كانت عميق ة
جدا .مثل القصائد التي نزلت في كتابه “ 25”Rangkaian Rubaiyyatفمن خالل خبرته،
).D.من جامع ة الخرط وم في ع ام ة( Litt حص ل على درج ة ال دكتوراه الفخري
26
.1995
27
في عام 1954أقام معرضا للخط في متحف تروبين بأمستردام ،هولندا.
.ISTAC باإلضافة إلى ذلك ،شارك العطاس أيضا بشكل مباشر في تص ميم مب نى
غولزار حيدر ،األستاذ في مجال العمارة المشهورة من جامعة كارلتون ،أوت اريو
كندا ،بعد رؤية اسكتشات وتصميمات ISTACومنمنماتها التي رسمها العطاس ،علق
بأن قدرته على التخي ل في ص نع الخط وط واألش كال جي دة .من حيث قدرت ه على
تكوين الكلمات واختيار الجمل .حتى اآلن ،يمكن مالحظة أن العطاس هو مفكر وع الم
كامل .كل شيء أتقنه بعمق وبشكل جيد.
إنه بصفته مؤهال تأهيال عالي ا في العدي د من التخصص ات ،أنتج العط اس
العديد من األعمال .سواء في الكتابة أو في الفك ر .يع د م ا ال يق ل عن 27كتاب ا،
باإلض افة إلى أك ثر من 400ورق ة كتبه ا العط اس 28.تش مل كتابات ه األوراق
المنشورة والعديد من الدراسات القصيرة باإلض افة إلى األوراق العلمي ة المقدم ة
في الندوات والم ؤتمرات والمحاض رات العام ة ،إلخ .ص در كت اب العط اس األول
25
Syed Muhammad Naquib al-Attas, Rangkaian Ruba’iyat, (Kuala Lumpur: Dewan Bahasa dan Pustaka
Kementrian Pelajaran Perserikatan Tanah Melayu, 1959).
26
Wan Mohd Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 9
27
Syed Muhammad Naquib al-Attas, Makna Kebahagiaan..., P. xxviii
28
Wan Daud, Educational Philosophy...., P. 9
عام 1959عندما كان ال يزال يدرس في جامعة مااليا ،وتحديدا كتابه بعن وان
“ .”Rangkaian Rubaiyyat
29
عالوة على ذلك ،هناك كتاب آخر ألفه وتم االعتراف ب ه باعتب اره العم ل
األك اديمي األك ثر ص حة فيم ا يتعل ق ب األدب الكالس يكي ه و "بعض ج وانب
الصوفية كما فهمها وممارستها بين الماليو" ألن العط اس كتب الكت اب بن اء على
البيانات والمواد ال تي حقت ص حتها حق ا .ح تى أن ه زار العدي د من البل دان للق اء
وجها لوجه مع قادة الصوفية للحصول على العقيدة الكاملة ومنظور أفك اره .نُش ر
30
الكتاب من قبل المعهد الماليزي لبحوث علم االجتماع عام .1963
باإلضافة إلى العملين المذكورين س ابقا ،كتب العط اس أيض ا كتب ا أخ رى
باللغة الماليزية واإلنجليزية .وم ع ذل ك ،ت رجمت كتابات ه إلى العدي د من اللغ ات.
مثل العربي ة والفارس ية واألردي ة واإلندونيس ية والفرنس ية واأللماني ة والروس ية
والبوس نية والياباني ة والهندي ة والكوري ة إلى األلباني ة .تتن اول كتابات ه العدي د من
مج االت الدراس ة مث ل الت اريخ الم اليزي اإلندونيس ي ،والخطاب ات المتعلق ة
بالصوفية ،وبعض التطلعات األدبي ة ،وك ذلك تل ك ال تي تتعل ق بالتربي ة والفلس فة
اإلسالمية والفكر وما إلى ذلك.
بعد كتابة عملين في سن مبكرة ،كتب العطاس عام 1966رسالة بعن وان:
رانيري والوجودية في آتش يه في الق رن الس ابع عش ر .يفحص العط اس في ه ذه
األطروحة الفكر الميتافيزيقي لنور الدين الرنيري .شخص ية ص وفية معروف ة في
آتشيه .ثم بعد ثالث سنوات ،في عام ،1969كتب كتاب ا بموض وع مختل ف قليال،
وهو؛ بيان تمهيدي حول النظرية العامة ألسلمة األرخبي ل الم اليزي اإلندونيس ي.
تشرح محتوياتها النظرية العامة ألسلمة العلم المعاصر في أراض ي المالي و ،بم ا
في ذل ك إندونيس يا .في الع ام الت الي ،كتب العط اس م رة أخ رى كتاب ا بعن وان؛
29نفس المرجع ،ص5 .
30نفس المرجع
تصوف حمزة فنسوري ،حيث كان هذا الكتاب أطروحة دكتوراه في جامعة لن دن
ونشرت الحقا ككتاب .أش اد الكث ير بعمل ه على ه ذا .ألن ه في ه ذا العم ل يش رح
العطاس عدة أمور تتعلق بتصوف حمزة فنسوري غاب عنها العدي د من الب احثين
السابقين في حمزة فنسوري.
في العامين الت اليين ،كتب العط اس كتاب ا ك ل ع ام على الت والي .في ع ام
1975كتب كتاب ا بعن وان "تعليق ات على إع ادة فحص حج ة الص ديق :رد على
الرانيري .هذا الكتاب تعليق العطاس على تعليقات أس تاذ هولن دي على الرن يري.
تم تسمية األستاذ .GWJ Drewesنشر مقاال في مجلة بعنوان "حجة الصديق لداف
الزندق لنور الدين الرانيري ،أعيد فحصه" .في مقدمته ،ي ذكر العط اس أن هن اك
الكث ير من س وء الفهم ح ول الران يري في شخص يته .ه ذا دروي ز 31 .في الع ام
التالي أعاد كتاب ة كت اب بعن وان "اإلس الم :مفه وم ال دين وأس س األخالق" ،وال ذي
تُ رجم إلى الكوري ة والياباني ة والتركي ة .تاله كت اب "اإلس الم والعلماني ة" في
31
Syed Muhammad Naquib al-Attas, Comments on the Re-Examination of al-Raniri’s Hujjatu’l Siddiq; a
Refutation, (Kuala Lumpur: Museums Department Peninsular, 1975), P. 1
العام التالي ،وال ذي تُ رجم إلى لغ ات مختلف ة ،مث ل الهندي ة والفارس ية واألردي ة
والتركية والعربية والروسية .أصبح هذا الكتاب بحد ذاته مرجعا لكثير من الن اس
في التصنيف والمصطلحات ومفهوم العلماني ة والعلمن ة ،حيث يراجعه ا العط اس
بعمق ،ولكن بطريقة منهجية وشاملة.
ثم بعد ذلك ،ومرت ثالث سنوات ،كتب العطاس م رة أخ رى كتاب ا مث يرا
لالهتمام بعنوان "مفهوم التربية في اإلسالم" .مثل كتبه السابقة ،تُرجم هذا الكتاب
أيضا إلى لغات أخرى ،مثل اإلندونيسية والفارس ية والعربي ة .ثم في ف ترة س ماح
طويلة إلى حد ما تبلغ ست سنوات ،أعاد حجز كتاب بعنوان؛ شرح حجة الصديق
لنور الدين الرانيري .بع د ذل ك بع امين ،كتب كتاب ا آخ ر بعن وان أق دم مخطوط ة
مالوية معروفة :ترجمة مالوية من القرن السادس عشر لعقائد النسفي ،تاله كتاب
اإلس الم وفلس فة العل وم ،في الع ام الت الي ،وال ذي تم أيض ا نش ره .ت رجمت إلى
اإلندونيسية والبوسنية والفارسية والتركية.
بعد ذلك بسنوات قليلة ،في عام ،1990أعاد العطاس كتاب ة كت اب ين اقش
الخط اب النفس ي اإلس المي بعن وان ،طبيع ة اإلنس ان وعلم النفس البش رية ،تاله
كتاب معنى السعادة في اإلسالم وتجربتها ،في ع ام 1993وال ذي ل ه أيض ا تمت
ترجمته إلى العربية والتركية واأللمانية والماليزية .في عام ،1995نشر العطاس
Prolegomena to Metaphysics of Islam: An Exposition of the كتاب ه العظيم،
يناقش العطاس في هذا الكتاب .Fundamental Agents of the World view of Islam
جوانب مختلفة من منظور إس المي للع الم ،ب دءا من قض ية هللا .اإلس الم كمفه وم
دي ني ومب دأ أخالقي؛ اإلس الم وفلس فة العلم .البش ر وعلم النفس ل ديهم ،بمع نى
السعادة وتجربته ا في اإلس الم .مناقش ة ح دس الوج ود؛ ال يمكن فص ل quiditiو
essenceأيضا عن كتابه عن هذا الكت اب .في غض ون ذل ك ،وبع د س ت س نوات،
كتب العط اس م رة أخ رى كتاب ا بعن وان ت اريخي بعن وان؛ الحقيق ة التاريخي ة
والخيال ،يعد الكتاب حديثا عن أعماله المتعلقة بتاريخ أرخبيل ماالي ا وإندونيس يا.
آخرها هو "في العدل وطبيعة اإلنس ان" ال ذي يتح دث عن أص ل اإلنس ان حس ب
اإلسالم ،ويدحض نظرية داروين في التطور.
32قال العطاسIslamic science and philosophy have always found coherent expression within a basic “ :
metaphysical structure founded upon the authority of revelation, tradition, sound reason, experience and intuition.”. Syed
Muhammad Naquib al-Attas, A Commentary on Hujjāt al-Siddīq of Nūr al-Dīn al-Rāniri, (Kuala Lumpur: Ministry of
) ، Culture, 1986ص .460 .طالع أيضاAdi Setia, Al-Attas’ Philosophy of Science and Extended Outline, dalam “a Companion :
.to the Worldview of Islam: course materials for wise summer school 2015” (Malaysia: UTM, 2015), hal. 163
33
Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 178
34
. وهي الواق ع والحقيق ة. ثم يكون للحق معنى لشيئين دفعة واحدة.شامل الوجود
ورأى إن له ذا الفهم مع نى مهم ا في جع ل الن اس يفهم ون الحقيق ة كله ا؛ أي أن
ولكن أيض ا م ا ال يق ل،الحقيقة ال تُفهم على أنها طبيع ة البي ان واالعتق اد والحكم
35
.أهمية هو طبيعة الواقع نفسه
“Ḥaqq means a suitableness to the requirements of wisdom,
justice, rightness, truth, reality, propriety. It is a state, quality or
prophecy of being wise, just, right, true, real, proper; it is state of
being necessary, unavoidable, obligatory, due; it is state of
existence and encompasses everything…The things and the events
in existence which ḥaqq designates pertain not only to their
present condition, but also to their past as well as future condition.
With regards to future condition ḥaqq verification, realization,
actualization. Indeed, that the meaning of ḥaqq is understood to
encompass both reality and truth pertaining to the state of
existence is due to the fact that it is one of the names of God
describing Him as the absolute existence which is the reality and
not concept of existence.”36
المرتبة األولى؛ هللا هو الواقع المطلق أو الكائن المطلق .هن ا ه و الج وهر
الحقيقي .في ه ذه المرتب ة أو المس توى من األحادي ة ،ال يوج د ش يء وال أح د إال
نفسه ،مخفي وسري .بدأ يعرّف عن نفس ه بالح دود ال تي وض عها نفس ه باعتب اره
األعلى في المرتبة الثانية ،وهي الواحدية .في هذه المرتبة ،تنعكس معرفة ال ذات
باهلل من خالل عملية السفر وتوسيع الوجود ،والتي تُعرف باسم االنصهار األقدس
(الفيض األقدس) أو "الكثرة األق دس" وهي مظه ر ( التجلي) الواق ع المطل ق في
المس توى األول (الدرج ة األولى من التجلّي) .تجلي في ه ذا المس توى األول،
يعرّف هللا نفسه بدرج ة وح دة الكينون ة (الوح دة) ال تي تح دد أو تنقص بع د ذل ك
(الت ن ّزل) في المرتب ة الثالث ة ،وهي األس ماء والص فات (أس ماء وص فات) .إن
األسماء والصفات ليست هللا على أن ه الحقيق ة المطلق ة نفس ها ،ولكنه ا ال تنفص ل
عنه أبدا ،وهي دائما تابعة ،في إشارة إليه.
التجلي على مستوى األسماء والصفات هو واقع باإلض افة إلى دلي ل قدم ه
هللا على أنه يمكن الوصول إليه وفهمه وكذلك حقيقة كيانه من قبل البشر .يتع رف
هللا على هويته من خالل الوحي وعلى مستوى متعلق بالفهم البش ري .في الواق ع،
أسماءه وصفاته أوسع من تلك التي وصفها في الوحي .هذا هو البعد الداخلي الذي
يعرف ه بدق ة ألن أس ماءه وص فاته غ ير مح دودة .إذا نظرن ا إلى األس ماء بش كل
منفص ل عن الج وهر اإللهي ،فهي س مات يتط ابق ع ددها وطبيعته ا م ع تل ك
الموجودة في األسماء .إن اس م هللا "العليم" على س بيل المث ال ،عن دما يُنظ ر إلي ه
على أنه حقيقة قائمة بذاتها تش ير تحدي دا إلى ج وانب معين ة من ج وهر هللا ،فإن ه
38
Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., P. 267-280
يجعل تلقائيا طبيعة المعرفة به ذا االس م حقيق ة منفص لة وله ا مع نى مختل ف .من
السمات األخرى الموجودة في األسماء األخرى .في الواقع ،تظل جميع أس ماء هللا
39
عند اإلشارة إلى جوهر هللا كما هي في جوهرها.
ال يمكن ذكر أسماء هللا وصفاته على أنه ا ك ائن وال وج ود ،ولكن كش يء
يحتل المرتبة الرابعة ،أي الكيانات األولى الدائم ة أو يمكن أن يطل ق علي ه أيض ا
النماذج األصلية الدائمة (األعيان الثابتة) .هذه الكيان ات هي ش يء ث ابت ال يتغ ير
وارد في معرفته أو وعيه الذي ال ينكش ف أب دا .س ميت بالكيان ات الدائم ة األولى
ألن وجودها ما زال محتمال ومخفيا في علم ه أو وعي ه .تخت بر النم اذج األص لية
الدائمة الخلق واإلبادة وإعادة الخلق بأشكالها األصلية التي ال ت وفر فق ط عناص ر
40
الدوام أو الخلود (باقة) داخل نفسها ،ولكنها توفر عناصر من الوحدة والهوية.
كما ق ال وان داود ،ف إن ه ذه النم اذج الدائم ة ق ادرة على قب ول وف رة هللا
(الفيض المقدس) التي تنش أ من الحرك ات الوجودي ة ال تي تحت وي على إمكان ات
بدائي ة أو إرادة أبدي ة (االس تادات) .يش ير االس تعداد األزلي إلى امتالك ج وهره
الخاص الذي سيحدد طبيعة ومصير كل كيان والذي سيشكل الحقا واقع ا وجودي ا
41
في العالم الخارجي.
يعكس تجلي للواقع المطلق في هذا المستوى تجلي األنماط األصلية الدائمة
الذي يقدم بعد ذلك المستوى الخ امس من التسلس ل اله رمي للوج ود ،أي النم اذج
األصلية الخارجية (األعيان الخارجية) حيث تتحقق اإلمكانات األولية أو األشكال
المحتملة في شكل ملموس (موضوع) ثم تحديده في المستوى السادس ،أي المجال
الحسي أو العالم التجريبي ،بما في ذلك العالم الذي يشغله البشر اليوم 42.ال يح دث
39
Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 42
40
Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., hal. 244-245
41
Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 42
42نفس المرجع ،ص41 .
تنوع األشكال الناتجة عن تجليته (ع بر النم اذج األص لية الدائم ة) فق ط في واق ع
واحد من الوجود ،ولكن على مستويات مختلفة من متلقي الوج ود ،ك ل منهم يقب ل
النموذج وفقا لمستويات القوة أو القدرة الخاصة بكل منهما .لن يدمر تنوع الوجود
وحدة الوجود ألن كل كائن موجود ه و ش كل واح د من أش كال الوج ود وليس ل ه
حالة وجودية منفصلة 43.والبيان الفلسفي أعاله ليس مجرد بناء عقلي ،فهو يص ف
واقعا موجودا بالفعل (مجود) نشأ من الكائن األسمى .يتم الحص ول على المعرف ة
واالعتقاد بشأن التسلسل الهرمي للوجود من خالل الحدس كتجربة روحي ة احتض نت
جوانب معينة من الواقع .تتميز التجربة على هذا المستوى فوق األدبي بوجود هياكل
بشرية والباقة .يمكن رسم خريطة لبنية البشر في التجربة المميت ة ،والتجرب ة
المميت ة الفان ا والتج ارب األعلى لفن ا الفان ا (ع دم إدراكه ا للوف اة) .على مس توى
الخبرة حيث لم يعد المختارون مدركين لموتهم .وبحسب العط اس ،هن اك تنش يط
للوعي والرؤية ،حتى يتمكنوا من مشاهدة العملي ة عن دما يف رز الواح د (الوح دة)
44
نفسه للكسرة دون أن ينال من أصالته.
يميل األص وليون إلى إعط اء األولوي ة للنس بة (ق انون الوس ط المس تبعد)
بحيث ال يزالون يرون ويفهمون حقيقة نتائج تعاينه وتجلي (خاص ة على درج ات
الطبيعة الحسية أو التجريبية) التي تقف وحدها ،بصرف النظ ر عن إذا لم يكون وا
متصلين بالواحد .في هذه األثناء ،يرى الوجوديون ويفهمون هذه الحقيقة بالح دس
(ق انون الوس ط المش مول) حيث مس تويات الوج ود الحالي ة هي الت أيُّن والتجلي،
الشخص الذي يشير إليه ويرتبط به.
من الواض ح أن الوج ود يس بق ج وهر الش يء .أي أن الوج ود ليس ش يئا
موجودا في العقل وحده .إنها ليست مفاهيمية بحتة .الوجود هو شيء حقيقي بحيث
أن ج وهر ك ل ش يء ه و الوج ود كم ا ه و متف رّد في ش كل معين .ه ذا يع ني أن
الوجود كواقع ليس شيئا ثابتا .إنه ديناميكي ونشط وخالق ويحتوي على إمكاني ات
ال حصر لها للتعبير عن الذات األنطولوجي .إنه ج انب من ج وانب هللا ينبث ق من
الطبيعة الداخلية ألس مائه وص فاته كحقيق ة "واعي ة" ،تتص رف وفق ا لطريق ة هللا
المعتادة في التصرف (سنة هللا) .إن حقيقة الوجود ه ذه هي ال تي ُأعلن عنه ا على
أنه ا الحقيق ة الش املة (الح ق) ،وبه ذا أيض ا يُ دعى هللا المطل ق في جمي ع أش كال
الظهور 46.وهكذا ،فإن كال من االدع اء باس تقالل الطبيع ة ،وك ذلك عب ادة النظ رة
الجوهرية ،يرمزان إلى موقف الظلم في تق ييم الواق ع ويس ببان أخط اء في تحدي د
قيمة الحقيقة.
يصف العطاس العلم بأنه ش بكة مرتبط ة بأش ياء مختلف ة .يقتص ر تعري ف
العلم عند العطاس على توصيف (وصف) جوهره (الراسم) بحيث ال توج د قي ود
محددة (حد) 47.العلم هو عملية أو حركة ق وة الكتس اب المعرف ة ويش ير إلى س مة
موجودة في شيء (بشري) على قي د الحي اة وال تي تس مح لل ذات ال تي تع رف أن
تعرف ما هو معروف .المعرفة هي اكتس اب القلب لش يء يص ف ج وهره بش كل
صحيح وواضح ،سواء كان ذلك الجوهر هو م ا يظه ر في "ع الم الش هداء أو م ا
ه و داخلي وموج ود في الع الم غ ير الم رئي .يمكن أيض ا تفس ير العلم على أن ه
تص ميم أو تعه د ب النفس أو قلب الحقيق ة .ل ذلك ف إن المعرف ة ص فة تقض ي على
الجه ل وااله تزاز والتخمين .العلم ن ور يض عه هللا في القلب وينتج عن ه الس الم
الذاتي وكذلك االدعاء االعتراف بالتسلسل الهرمي للوجود 48.مثل هذا الوصف لعلم
العط اس ،باإلض افة إلى تغطي ة أبع اد نظري ة المعرف ة وعلم األكس يولوجيا
واألنطولوجيا ،ف العلم ج زء ال يتج زأ عن اإليم ان والحقيق ة واألخالق ،والش يء
األساسي هو الحقيقة المطلق ة وه و هللا .واالدع اء واالع تراف الص حيحين يص بح
عنصرا أساسيا في بناء العلم.
يمكن تعميق مراجعة تعريف علم العطاس أعاله من خالل النظر في كيفية
ارتباطه بنظام األنطولوجيا الموصوف سابقا .بدءا من معنى كلمة "معنى" ،يمكن
العثور على معرفة العط اس ووجه ات نظ ره الوجودي ة في ه ذا الص دد .يع رّف
العطاس المعنى بأنه شكل من أشكال الصورة الفكرية (المعقولة) ال تي تظه ر من
خالل استخدام كلمة أو تعبير أو رمز يصبح فكرة في العقل (عقل) ،ثم يش ار إلي ه
بـ "شيء" .الذي تم فهمه "(مفهم) .كشكل من أشكال الصورة الدينية ال تي تتش كل
يش ير المك ان الص حيح إلى مس تويات الوج ود البش ري ال تي تعتم د على
نطاق تشغيل الحواس الخارجية والداخلية .تشمل مستويات الوج ود ه ذه ،الوج ود
الحقيقي الذي هو وجود على مس توى الواق ع الموض وعي مث ل الع الم الخ ارجي.
يش مل الوج ود الحس ي المقتص ر على ق درات الحس والتجرب ة الحس ية األحالم
والرؤى الذهنية واألوهام .بعد ذلك ،الوجود التخيلي ه و وج ود أش ياء ذات خ برة
في الخي ال عن دما ال تك ون األش ياء في اإلدراك البش ري .الوج ود الفك ري ال ذي
يتكون من مفاهيم مج ردة في العق ل البش ري .الوج ود المماث ل ،ال ذي يتك ون من
أشياء ال توجد في المستويات المذكورة أعاله ،ولكنها موجودة كشيء آخر يشبهها
في بعض الن واحي أو يماثله ا وه و م دى انتش ار الملك ات الخطابي ة أو الفكري ة
51
(فكري) للذات.
إن الوج ودات الخمس ة أعاله يق ف على مس توى الحقيق ة العقالني ة .في
الواقع ،ال يزال هناك مستوى أعلى ،وهو مستوى الوجود فوق العديم أو المتع الي
الذي يعيشه األنبي اء وأوص ياء هللا والحكم اء ال ذين ل ديهم معرف ة عميق ة .يرتب ط
49
Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., P. 123
50نفس المرجع ،ص124 .
51نفس المرجع ،ص124-123 .
مفهوم المكان المناسب بمستويات الوجود المختلفة .كما ذكر العطاس ،فإن المعنى
ال ذي يمكن التقاط ه يش مل الع والم األنطولوجي ة والكوني ة والنفس ية واإلنس انية
والتجريبية باإلضافة إلى الجوانب األخالقية والدينية للوجود البش ري .كم ا يش ير
إلى "الواقعي" و "الحقيقي" .وهذا ي دل على ارتب اط العلم بكلم ات الح ق والواق ع
ضا تفسير العلم في شكل وصول الروح إلى المعنى
والحقيقة .لهذا السبب ،يمكن أي ً
ووصول المعنى إلى الروح على أنه نقل شيء يتوافق م ع الواق ع (في إش ارة إلى
الترتيب األنطولوجي) ويشير إلى تقييم فيما يتعلق للواقع أو المواقف الواقعية التي
تنس جم م ع النظ ام الق رآني في ال روح حيث تلعب ال روح دورا ف اعال في قب ول
52
وصول الشيء.
أما قناة المعرفة التي تصورها العطاس فهي قناة متكاملة للمعرفة .في ه ذه
الحالة ،جمع العطاس أفكار ابن سينا ( ،)1037-980والغ زالي (،)1111-1058
والنس في ( ،)1142-1067والتفت ازاني ( )1390-1322والران يري إلثب ات أن
المعرف ة ت أتي من مص ادر أو قن وات مختلف ة ،أي من خالل الح واس الخمس ة
الصحية (الحواس الخمسة) ،والفطرة (العقل السليم) ،والحدس (اإللهام) واألخب ار
53
الصحيحة (الخبر) .مرتبة حسب التسلسل الهرمي ولها قدراتها وفضائلها.
52
Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., P. 124-125
53
Syed Muhammad Naquib Al-Attas, A Commentary on the Ḥujjāt al-Shiddīq of Nur al-Dīn al-Raniri, (Kuala
Lumpur: Ministry of Culture Malaysia, 1986), P. 31
(الخي الي) ،والتق دير ،وال ذاكرة واالس تذكار (الحاف ظ ،وال ذكر) ،والخي ال
54
(المتخيلة).
قبل أن يفسر العطاس "العقل السليم" بشكل أعم ق ،يربط ه أوال ب الحواس
الخمسة .بالنسبة للعطاس ،فإن "الفطرة السليمة" ال تعني االقتصار على العناصر
الحسية أو القدرات العقلية التي تنظم وتفس ر منطقي ا حق ائق التجرب ة الحس ية؛ أو
الذي يحول بيانات التجرب ة الحس ية إلى ص ورة علمي ة تُفهم بع د الم رور بعملي ة
التجريد؛ أو الذين يقومون بعمل اس تخالص الحق ائق والبيان ات الحس ية والعالق ة
بينهم .أو استخالص وتحرير (تجريد) ذلك الواقع من الحوادث المرتبطة به والتي
ليست جوهرها ،مثل الكمية والنوعية والفضاء والموقع الذي يرتبه ا بع د ذل ك في
قاعدة تنتج القوانين بحيث يمكن فهم الكون .هذا ه و مع نى العق ل ال ذي يش ير إلى
العق ل (أح د أبع اد العق ل) 55.بمع نى أوس ع ،العق ل ه و م ادة روحي ة متأص لة في
العضو الروحي للفهم المسمى القلب أو القلب والتي تسمح للبشر ككائنات عقالنية
ب التعرف على الحقيق ة والق درة على تمييزه ا عن الباط ل وهي مك ان لح دوث
56
الحدس.
من مفه وم الح دس على أن ه فهم مباش ر للحق ائق الديني ة ،وحقيق ة هللا
ووجوده .في المستوى األعلى ،الحدس هو وحي الوجود نفسه .يؤك د العط اس أن
الحدس عند المستويات العليا من الحقيقة ال يصل إلى أحد .هناك على األقل بعض
المتطلب ات األساس ية ليخت بر الش خص الح دس عن د ه ذا المس توى .أوال ،ع اش
اإلنس ان حيات ه من خالل اختب ار الحقيق ة الديني ة والحص ول عليه ا من خالل
ممارسة التكريس الصادق هلل .ثانيا ،من خالل اإلنجاز الفك ري للف رد ،فهم الم رء
طبيعة وحدانية هللا بمعنى نظام ميتافيزيقي موحد .ثالثا ،التأمل المكث ف في طبيع ة
54
Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Prolegomena to the Metaphysics of Islām..., P. 118
55نفس المرجع ،ص119 .
56نفس المرجع ،ص120 .
هذا الواقع .رابعا ،خالل هذا التأمل وبمشيئة هللا ،يختفي وعي المرء لنفسه وحالته
الذاتية ثم ي دخل في حال ة أعلى من ال ذات ،وهي البقع ة .من حيث الج وهر ،ف إن
اإلعداد لتلقي وتفسير هذا الواق ع بش كل ص حيح ال يتطلب فق ط الت دريب ،وتنمي ة
القدرات الفكرية والخبرة الحسية ،ولكن التدريب والتط وير واالنض باط للج وانب
الداخلية المتعلقة بفهم الحق .في هذا المستوى ،تظهر لمحة عن طبيعة الواقع أثناء
اللقاء مع الحق .يتم التعبير عنه ،ويظهر الوج ود في نظ ام الواق ع المتكام ل كك ل
57
(الكلية) .لقد اختبر األنبياء والقديسون هذه الحقيقة حيث كان بينهم درجات.
على مستوى الوعي البشري الطبيعي ،يمكن أيض ا تحقي ق الح دس ،ال ذي
يختبره علم اء عظم اء في لحظ ة اكتش اف الق وانين والمب ادئ ال تي تحكم طبيع ة
التابعي .يتم تحقيق هذا الشرط من خالل التدريب ،وتطوير قوة التفك ير والخ برة،
واالنضباط الذاتي الذي يعمل عندما يكون العقل والخبرة غير قادرين على إعطاء
معنى متماسك لمشاكل معينة .في الواقع ،من خالل الحدس يص ل ه ؤالء العلم اء
إلى المعنى ،ألن الحدس قادر على تجميع األشياء ال تي تُ رى بش كل منفص ل عن
58
طريق العقل والخبرة دون القدرة على االندماج في كل متماسك.
إن اكتساب المعرفة في اإلسالم يشير أيض ا إلى الس لطة .أعلى س لطة هي
الق رآن وس نة الن بي ،بم ا في ذل ك ش خص الرس ول الك ريم .وبحس ب العط اس،
كالهما يمثل السلطة ليس فقط بمعنى نقل الحقيقة ،ولكن أيضا في تشكيل الحقيق ة.
كالهم ا يمث ل س لطة مبني ة على مس تويات أعلى من اإلدراك الفك ري وال روحي
وعلى الخبرة المتسامية التي ال يمكن تضييقها إلى مستوى العقل والخبرة العادي ة.
في الواق ع ،المخت ارون عن دما يص لون إلى التجرب ة الحدس ية لمس توى أعلى من
يتم ترتيب مصادر المعرفة أو قنواتها األربعة أعاله على مراحل .ك ل من
ه ذه المص ادر أو القن وات له ا موقعه ا ووظيفته ا .إذا تم الف رز ،ف إن المع نى
الخارجي يكون في أدنى مرتبة ،يليه الحواس الداخلية ،ثم العقل ثم الح دس .أعلى
مس توى ه و ال وحي باعتب اره أعلى س لطة .يرتب ط فهم أو تفس ير ال وحي أيض ا
بالتقرير الذي قدمه الرسول والذي تم تفصيله من قبل العلماء من خالل إطار سند.
إن العمليات المعرفية التي تحدث من خالل الحواس الداخلي ة والخارجي ة والعق ل
والحدس تستند دائما إلى الوحي ويوجهه .المعنى الذي يتم الحصول عليه ويص بح
معرف ة ه و ال ذي يتواف ق م ع مكان ه الط بيعي في النظ ام األنطول وجي واإلط ار
المفاهيمي القرآني .إن الروح ال تي تص ل إلى المع نى هي الجه د النش ط لإلنس ان
بكل أعمال قناة المعرفة الخاصة به ،ووصول المعنى إلى الروح مرتب ط بق وة هللا
وإرادت ه ونعمت ه لجلب ه ذا المع نى إلى روح مس تعدة ل ذلك .اقب ل وص ول ه ذا
المع نى .يش ير ه ذا إلى أن عملي ة تحقي ق المعرف ة والوص ول إليه ا (العملي ة
المعرفية) ال تنط وي فق ط على الخ برة الحس ية والجه د العقالني البش ري ،ولكن
الحقيقة األسمى ،أي أن هللا يلعب دورا في جلب المعرفة دائما وغرس ها في النفس
البشرية.
سيفهم البش ر المطلع ون عه ودهم األص لية ،ألن االع تراف والتأكي د على
العهد في عالم األرواح هو ما يشكل في الواقع هوية اإلنسان كخادم يجب االدع اء
به واالعتراف به وتأكيده أمام هللا .ال يذوب أب دا في العزل ة ،ألن اإلنس ان يع رف
حدسيا من خالل العبادة التي تتضمن القراءة والتدبر والتفك ير المس تمر في كلم ة
هللا ،مدى قرب ه من هللا باعتب اره الخ الق ورب ه ،ال ذي يت ذكره (ال ذكر) ،ومن ه و
العلي الحامي الرحمن الرحيم أضمن سالمة الحياة ومعه يص لي .لق د ع رف ه ذا
النوع من اإلنسان نفسه باسمه ،وع رف اله دف النه ائي لحيات ه ،بحيث يك ون ل ه
تأثير على السالم والسعادة الحقيقيين فيه ،وسيتحرر من الصدى المخي ف للوح دة
62
المطلقة ،ويتحرر من قبضة الخوف الصامت.
يؤكد وضوح وفائدة السعي وراء المعرفة التي وصفها العط اس أن البش ر
الذين يفهمونها ويمارسونها بشكل صحيح ال يمكن أن يتورطوا في البؤس .السعي
وراء العلم في اإلسالم ال ي ؤدي إلى ه ّز وس واس ال نهاي ة لهم ا .ك ان يجب على
المسلم صاحب المعرفة الكامنة في روحه أن يجيب بشكل كام ل على س ؤال "من
أنا؟" و "أين مصير حياتي في النهاي ة؟" .أح د أه داف العلم المتض منة في تفك ير
61
Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Risalah..., P. 59
62
Syed Muhammad Naquib Al-Attas , Islām and Secularism..., P. 90
العطاس هو في الواقع تجنب أزمة الهوية ،أي االرتب اك واإللح اح واألخط اء في
تحديد الذات 63.لذلك ،ف إن المعرف ة في اإلس الم تق ود اإلنس ان إلى معرف ة ال ذات
الحقيقي ة ،وتكش ف العالق ة الحقيقي ة بين اإلنس ان وإلههم ،وتواص ل ط وال الحي اة
والخلفاء .وهذا ما ي دفع
64
السعي للوصول إلى معنى الذات المتمثل في مكانة الخدم
بالمسلم العارف إلى باب السعادة.
سيكون للتقديم الذاتي آثار على كيفية تطبيق المنفعة على مستوى المجتم ع
المحلي .يجب على البشر الذين يعرفون أنفسهم على أنهم يجب أن يحاولوا غ رس
القيم الروحية في المجتمع والتي تؤدي بعد ذلك إلى العالقة الحميمة والتق رب م ع
هللا ،نح و إنت اج العلم والمعرف ة ،ونح و المج د والعظم ة في إدارة الع الم ،ونح و
الكمال االقتصادي و الصحي 65.يوضح المقتطف أعاله أن الغرض من الدراسة ه و
إنتاج ورعاية وتنشئة البشر الذين يفهمون ويعرفون ويدركون أنفسهم ودق ة عالقتهم
بمستويات مختلفة من الواقع والتي أشار إليها العط اس على أنه ا مثالي ة .اإلنس ان أو
اإلنسان الكامل .وبحسب العط اس ،ف إن تحقي ق مس توى الكم ال (الطبيع ة) كإنس ان
صالح يؤدي بالتأكيد إلى تحقيق مواطن كامل أو مواطن ص الح .وه ذا يع ني أن
المعرفة والوج ود اإلنس اني الجي د هم ا ج وهر وج ود الع دل ورفاهي ة المجتم ع
66
والدولة.
من المعروف أن المعرفة شرط أساسي لتحقيق اإلنسان الكامل .إن الس عي
وراء إدراك المعرفة التي توج ه العلم ينش ر الحكم ة ال تي يتم فيه ا التع رف على
حدود فائدتها والمكان المعقول للمعرفة التي تتطلبها وفهمها بشكل صحيح .عالوة
على ذلك ،فإن مثل هذا الكائن البشري ج زء ال يتج زأ من األدب ال ذي يش ع من ه
بعد ذلك إلى الخارج .األدب المقصود هو االع تراف واالدع اء بالمك ان الص حيح
63
Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Risalah..., P. 93
64
Syed Muhammad Naquib Al-Attas , Islām and Secularism..., P. 63
65
Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Risalah..., P. 78
66نفس المرجع ،ص85-84 .43 .
والمناسب والظرف والموقف في الحياة واالنضباط ال ذاتي ح تى يش اركوا بش كل
إيجابي ويكونوا على استعداد للعب دورهم وفقا لذلك االعتراف واالدع اء 67.بم ا
في ذلك تفاعالتهم وأدوارهم في الكون الذي يعيشون فيه.
إن اإلنسان الكام ل ال ذي اخت بر تح وال روحي ا فكري ا س يكون ق ادرا على
تج اوز تن وع ظ واهر الك ون ويش هد أو يش عر بوح دة جمي ع الكائن ات من خالل
تجرب ة الكش ف .ال يمكنهم التفك ير في ه ذا الع الم الهائ ل على أن ه مج رد خي ال
بشري ،وال حتى باهلل نفسه .كما أن ه من المس تحيل بالنس بة لهم االدع اء ب أن ه ذا
الكون هو العالم الحقيقي الوحيد ،حيث أن العلم والفلسفة الحديث ة أنكرت ا التسلس ل
الهرمي للواقع (ترتيب الوج ود والوج ود) .ال توج د فج وة تقريب ا بالنس بة لهم في
عدم تفسير أن هذه الطبيعة هي شكل آخر من أش كال وحي هللا ال ذي يحت وي على
إشارات أو رموز تشير إلى وجود هللا وأنه هو الذي يخل ق وينظم والمس ؤول عن
الطبيعة التي يعيشون فيها.
67
Syed Muhammad Naquib Al-Attas , Islām and Secularism..., P. 105-106
68
Syed Muhammad Naquib Al-Attas, Risalah..., P.122
69
Wan Moh Nor Wan Daud, The Educational Philosophy..., P. 65
دراس ة الطبيع ة واس تخدامها من قب ل البش ر الطي بين يخل ق في الواق ع موقف ا
مسؤوال.
70
على الرغم من أنه ال ي زال يس توعب األم ور العملي ة إلى ح د م ا ،إال أن
تفس ير العط اس أعاله ليس ه و نفس ه ال ذي ع برت عن ه البراغماتي ة .ال تقيم
البراغماتية فائ دة التنفس ال ديني أو اس تخدامه العملي ،ولكنه ا ترك ز على منط ق
الذرائعية التي يتم فيها تجاه ل الحق ائق الروحي ة وع بر التجريبي ة .العط اس ه و
عكس ذلك تماما ،يجب الحكم على كل فائدة أو منفعة بأشكالها المختلفة ،وتبريرها
بالوحي لقيادة اإلنسان إلى السالم الداخلي والخارجي.
الباب الثالث
إن االدعاء بالحقيقة ليس خطابا جدي دا في تقالي د المفك رين الغرب يين .م ع
ذلك ،عندما دخل العصر الحديث ،شهد انخفاضا في القيم ة لتتواف ق م ع األص ول
العلمية .يرتبط هذا االنكماش بهيمنة استبداد أحد النماذج العلمي ة الحديث ة ارتباط ا
وثيقا ،هو مبدأ الوضعية .أن إحدى القضايا الرئيسية التي جلبتها ه ذه الفلس فة هي
سلطة بعض القواعد أو المنهجي ات ال تي تنتج قيم ا علمي ة للحقيق ة تك ون محاي دة
وقابل ة للتط بيق بص ورة عالمي ة .ه ل يص ح ه ذا المش روع؟ للعث ور على إجاب ة
موضوعية ،يجب تتب ع دراس ة متعمق ة لإلط ار الميت افيزيقي والمع رفي .في ه ذا
الفص ل ،س يقوم الك اتب بالتحلي ل والتوص يف عن؛ االفتراض ات األساس ية وراء
ادع اءات الحقيق ة العلمي ة ال تي تطرحه ا الفلس فة .إن الحص ول على ص ورة
ميتافيزيقي ة س يجعل من الس هل على الكت اب وص ف نم ط األس س المعرفي ة
والمنهجية التي يستخدمونها للحصول على المعرفة الموضوعية .لم يتوقف األم ر
عن د ه ذا الح د ،فق د تم تق ديم العدي د من ال ردود النقدي ة ك ذلك لك ل من ه ذه
االفتراضات.
االفتراض األساسي أ.
يراد بالوضعية إحدى مدارس الفلس فة الغربي ة ال تي تم تلوينه ا وتط ورت
على نطاق واسع لدرجة أنها تهيمن على الف روق الدقيق ة في المعرف ة الحديث ة .تم
تصور الوضعية من قبل المفكرين الفرنسيين ،هم ا ه نري س ينز س يمون ( Henry
71
Syed Muhammad Naquib Al-Attas , Islām and Secularism, P. 85
72للحصول على السيرة الذاتية الكاملة ألوجيست كونت ،راج عH. James Birx, Encyclopedia of time:science, philosophy, :
theology, and culture, (New York; SAGE Publications, 2009), P. 206