You are on page 1of 127

‫الكتاب ‪ :‬إرشاد ذوي األلباب إلى حقيقة أقواؿ ابن عبدالوىاب‬

‫المؤلف ‪ :‬السيد العالمة محمد بن إسماعيل األمير الصنعاني‪.‬‬


‫المحقق ‪ :‬عبدالكريم جدباف ‪.‬‬
‫ترقيم الصفحات موافقة للكتاب المطبوع ‪.‬‬

‫تم التصدير والرفع بواسطة موقع ( الزيدي )‬

‫إرشاد ذوي األلباب‬


‫(إلى حقيقة أقواؿ ابن عبد الوىاب)‬

‫تأليف‬
‫اإلماـ محمد بن إسماعيل األمير الصنعاني‬
‫[ ‪ 9999‬ػ ‪9981‬ىػ ]‬
‫‪...‬‬
‫تحقيق ودراسة‬
‫عبد الكريم أحمد جدباف‬

‫(‪)9/9‬‬

‫_____________________________‬

‫‪l‬‬
‫مقدمة التحقيق‬
‫إف البحث عن اإلماـ محمد بن إسماعيل األمير وثروتو العلمية التي خلفها ألمتو اإلسالمية ‪ ،‬وفي مؤلفاتو‬
‫القيمة العديدة ‪ ،‬ليعطي صورة واضحة المعالم لشخصيتو الفذة ‪ ،‬وما خلفتو من تراث علمي نافع ‪ ،‬أغنى‬
‫المكتبة اإلسالمية بأروع الكتب وأجلها في مختلف المجاالت الشرعية والفكرية ‪ ،‬المتحررة من كل‬
‫معاني التقليد والجمود ‪ ،‬واالنقياد القسري لألفكار المتحجرة التي طبعت على التقليد األعمى في كل‬
‫أمورىا الدينية والدنيوية ‪ ،‬وما ذاؾ إال ألف اإلماـ األمير متفرد في أسلوبو ‪ ،‬ونهجو العلمي ‪ ،‬وبحثو في‬
‫كل مسألة تعرض لها في كل مؤلفاتو ورسائلو وفتاواه ‪ ،‬وفي نضالو المتواصل من أجل الحق ‪ ،‬والحقيقة‬
‫العلمية الناصعة التي تمسك بها قوال وعمال ‪ ،‬والجهر بها عالنية وإف جرت عليو الكثير من المتاعب‬
‫النفسية والفكرية في مجتمعو المنغلق الذي قاده التقليد إلى مهاوي الجهل ‪ ،‬ومزالق الجمود ‪ ،‬وأصبح‬
‫كل خارج عن نطاؽ تقليده المألوؼ مارقا ‪ ،‬يرمي صاحبو بالنصب والخروج عن جادة الصواب ‪ ،‬وعن‬
‫الحق والحقيقة العلمية‪.‬‬
‫ولكن اإلماـ األمير كاف بالرغم من ذلك المجتمع المنغلق ‪ ،‬المقلد في كل أموره الدينية والدنيوية ‪،‬‬
‫متحرر الفكر والمعتقد ‪ ،‬قوي الشكيمة ‪ ،‬ال يمكن أف يلين لباطل ‪ ،‬أو يضعف أماـ جبروت المتجبرين‬
‫وطغياف جهلهم العارـ ‪ ،‬وال يرضخ ألي فعل مخالف لكتاب اهلل وسنة رسولو األعظم صلى اهلل عليو‬
‫وسلم ‪ ،‬شأف العالم العامل بعلمو ‪ ،‬المطبق ألحكاـ التشريع ومراميو العظيمة‪ .‬لذلك كاف األمير عرضة‬
‫لتهجم‬

‫(‪)3/9‬‬

‫_____________________________‬

‫العواـ المقلدين ‪ ،‬وتهديداتهم العنيفة التي كانت تنذره في كتب من األحياف بالموت ‪ ،‬وذلك إما بدافع‬
‫التقليد والجهل والجمود الفكري والنفسي معا ‪ ،‬وإما بدافع المصلحة والتقرب من أصحاب تلك‬
‫العقليات المريضة ‪ ،‬والنفوس الضعيفة التي ترى في الحق والجهر بو خطرا يهدد مصالحها ‪ ،‬ويزلزؿ‬
‫قاعدتها في مركز السلطة والحكم والنفوذ‪.‬‬
‫ولقد كاف لإلماـ األمير مواقف عظيمة تكشف عن صدؽ إخالصو وتفانيو في سبيل الحق والجهر بو ‪،‬‬
‫وإرشاد الناس إليو لألخذ بو دوف غيره‪ .‬وعالم مناضل كاألمير جدير بالبحث المستفيض ‪ ،‬والتنقيب عن‬
‫كل آثاره العلمية الجليلة تعد مفخرة اليمن‪.‬‬
‫ولذلك أطلق عليو رجاؿ العلم وغيرىم من عامة الناس ‪ ،‬وبعد أف عرفوا من مؤلفاتو وكتبو القيمة مكانتو‬
‫العلمية وصدؽ إخالصو في كل أعمالو وأقوالو باإلماـ البدر ‪ ،‬إلشراؽ نفسو ونفاذ فكره في سماء‬
‫المعرفة ‪ ،‬وبعده عن كل معاني التقليد الذي أنفو وأباه في كل مناىج حياتو وسلوكو في البحث والتحقيق‬
‫‪ ،‬وفي مجاؿ التدوين والتأليف‪.‬‬
‫وما العالم إف لم يكن متحرر الفكر في بحثو وتحقيقو ‪ ،‬مخلصا لوجو الحق ‪ ،‬صادقا في القوؿ بما علمو‬
‫والجهر بو عالنية ‪ ،‬وإال كاف وسيلة للضالؿ والتضليل معا‪.‬‬
‫واألمير الصنعاني من أجل العلماء المتحررين فكرا ومعتقدا ‪ ،‬المناضلين في سبيل تبليغ ما علموه‪ .‬وعلم‬
‫من أعالـ ذلك الفكر النافذ الذي أخذ بأيدي الكثير إلى الحق وقادىم في طريق الصواب ‪ ،‬فكاف في‬
‫كل ذلك مثاال للفضيلة والتقوى ‪ ،‬وعلما للهداية والرشد ‪ ،‬وبكل ذلك استحق الخلود وأصبح مفخرة‬
‫من مفاخر‬

‫(‪)4/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الزمن ال في وطنو وبين أبناء أمتو فحسب ‪ ،‬وإنما في كل مكاف من ربوع اإلسالـ وشعوبو المتعددة‪.‬‬
‫المؤلف‬
‫ىو اإلماـ العالمة الشهير محمد‪ ،‬بن إسماعيل ‪ ،‬بن صالح ‪ ،‬بن محمد ‪ ،‬بن علي ‪ ،‬بن حفظ الدين ‪،‬‬
‫بن األمير الصنعاني ‪ ،‬ينتهي نسبو إلى اإلماـ يحيى بن حمزة الحسني ‪ ،‬الكحالني المولد ‪ ،‬وذلك نسبة‬
‫إلى كحالف عفار ‪ ،‬ويتصل نسبو باإلماـ يحيى بن حمزة بن سليماف رضواف اهلل علهيم أجمعين ‪،‬‬
‫ويتسلسل نسبو إلى اإلماـ علي بن أبي طالب كرـ اهلل وجهو‪.‬‬
‫مولده‬
‫ولد بكحالف ولد في النصف األوؿ من شهر جمادى اآلخرة سنة (‪9999‬ىػ‪.‬‬
‫نشأتو‬
‫نشأ في مدينة كحالف تحت رعاية والده العالم الجليل الورع ‪ ،‬واألديب الالمع ‪ ،‬إسماعيل بن صالح‬
‫األمير ‪ ،‬حيث درج في بيت علم ترفرؼ في سمائو معالم الفضيلة بكل معانيها ‪ ،‬وتجري في رياضو‬
‫ينابيع المعرفة ‪ ،‬وتفتحت عيناه على ضياء المعرفة ‪ ،‬فكاف لذلك أطيب األثر في نفسو ‪ ،‬إلى المزيد من‬
‫العرفاف والتمسك بأىداب الفضيلة‪.‬‬
‫ولقد توسم أبوه فيو مخايل الذكاء النادر ‪ ،‬فأواله جل اىتمامو ‪ ،‬وعكف على تدريسو العلوـ األولية ‪،‬‬
‫التي يجب أف تعطى لمثلو في سن الصبا المبكر ‪ ،‬فأخذ عنو القرءاف الكريم وحفظو عن ظهر قلب وىو‬
‫في السنة الثامنة من عمره‪ .‬ولما عرؼ والده أف طاقتو الذىنية وقدرتها على الهضم واالستيعاب أكبر من‬
‫سنو ‪ ،‬فكر في االنتقاؿ بو من مدينة كحالف إلى مدينة صنعاء العاصمة اليمنية ‪ ،‬لكونها محط العلم‬

‫(‪)5/9‬‬

‫_____________________________‬

‫والعلماء األجالء في كل فن حين ذاؾ ‪ ،‬وبعد تفكير طويل استمر بو عامين اثنين ‪ ،‬رأى أف ال مناص من‬
‫مغادرة مدينة كحالف واالنتقاؿ بابنو وأسرتو إلى مدينة صنعاء ‪ ،‬وذلك إلعطاء وحيده الصغير فرصة أوسع‬
‫في تلقي العلم والمعرفة ‪.‬‬
‫وانتقل بو إلى العاصمة اليمنية في عاـ (‪9999‬ىػ) ألف ومائة وعشرة ‪ ،‬إلى صنعاء حيث أكمل بها تالوة‬
‫القرءاف الكريم تجويدا وحفظا ‪ ،‬كما أخذ بها عن والده ورغم سنو المبكر قسطا كبيرا من الفقو والنحو‬
‫والبياف ‪ ،‬كما أخذ أيضا عن أبيو في أصوؿ الدين كتاب األساس لإلماـ القاسم ‪ ،‬ومجموع اإلماـ زيد بن‬
‫علي في الحديث ‪ ،‬وغيره من الكتب المدروسة في عصره الحي المليء بمختلف المعارؼ‪ .‬وبتوجيو أبيو‬
‫أكب على استيعاب المختصرات في النحو والصرؼ والمعاني والبياف بإقباؿ منقطع النظير ‪ ،‬وقدرة على‬
‫االستيعاب فائقة ‪ ،‬مما لفت إليو أنظار مشائخو األجالء ‪ ،‬وأساتذتو الذين الزـ حلقات دروسهم العامة‪.‬‬
‫وكاف شيخو العنسي يرى فيو الطالب المبرز ‪ ،‬المدرؾ للحقائق العلمية الناصعة بفكر وقاد ‪ ،‬فأواله كل‬
‫عنايتو وكل تقديره وتشجيعو ‪ ،‬وكاف األمير الصنعاني يقيم أياـ الطلب وفي أوقات التحصيل بجامع داود‬
‫المعروؼ بصنعاء ‪ ،‬وينفرد بنفسو في منزلة من منازلو لالستعادة والمذاكرة ‪ ،‬ومر شيخو القاضي العنسي‬
‫بجامع داود فذكر تلميذه األمير الصنعاني وإقامتو بمنازؿ الجامع ‪ ،‬فعرج فلم يجده فكتب إليو نظما‪:‬‬

‫وإذا مررت بسوح داود وقد ‪ ...‬تليت عليك رسائل ومسائل‬


‫عرج على تلك المنازؿ منشدا ‪( ...‬لك يا منازؿ في القلوب منازؿ)‬
‫قد حلك البدر األمير فلم أقل ‪( ...‬أقفرت أنت وىن منك أواىل)‬

‫(‪)6/9‬‬

‫_____________________________‬

‫رحلة اإلماـ البدر األمير إلى الحجاز‬


‫وبعد أف أخذ األمير الصنعاني أوفر قسط من العلوـ والمعارؼ بمدينة صنعاء ‪ ،‬وحتى أصبح من رجاؿ‬
‫االجتهاد ‪ ،‬أزمع المسير إلى أرض الحجاز وىو في الثانية والعشرين من العمر ‪ ،‬ألداء فريضة الحج‬
‫ولإلستزادة من علم الحديث ‪ ،‬فتوجو في عاـ (‪9911‬ىػ) إلى مكة المكرمة حيث أدى فريضة الحج ‪،‬‬
‫وبعد فراغو من كل المناسك انتقل إلى المدينة المنورة فأخذ عن عالمها الجليل الشيخ عبد الرحمن‬
‫الخطيب بن أبي الغيث خطيب الحرـ النبوي الشريف أوائل الصحيحين وغيرىما ‪ ،‬وقد أجازه إجازة‬
‫عامة ‪ ،‬كما أخذ عن الشيخ طاىر بن إبراىيم حسن الكردي المدني في فنوف عدة‪.‬‬
‫وبعد أف أخذ عن علماء مكة والمدينة ما كاف يطمح ألخذه في علم السنة المطهرة وغيرىا ‪ ،‬عاد إلى‬
‫صنعاء وقلبو مليء بالغبطة واإلصرار على العكوؼ على التدريس ونشر السنة النبوية في ربوع وطنو ‪،‬‬
‫واستمرت إقامتو بصنعاء عشر سنوات كاملة ‪ ،‬وكل ىمو نشر العلم والمعرفة ‪ ،‬ومالزمة حلقات الدرس‬
‫مع تالميذه حتى عاـ (‪9931‬ىػ) حيث أزمع المسير إلى مكة المكرمة مرة ثانية وذلك للحج‪.‬‬
‫وقصد للمرة الثالثة مكة المكرمة وذلك للحج في عاـ (‪9934‬ىػ) حيث اجتمع بأكابر العلماء‪.‬‬
‫وبعد عودتو تصدر بمدينة صنعاء لتدريس السنة المطهرة وغيرىا من فنوف العلم والمعرفة ‪ ،‬وللتأليف‬
‫والفتوى ‪ ،‬فناؿ احتراـ علماء عصره األجالء‪.‬‬

‫(‪)7/9‬‬

‫_____________________________‬

‫ترجمو الحوثي في نفحات العنبر‪ ،‬فقاؿ‪ (( :‬اإلماـ الكبير المجتهد المطلق صاحب التصانيف )) ‪(( ...‬‬
‫برع في جميع العلوـ وفاؼ األقراف‪ ،‬وتفرد برياسة العلم في صنعاء‪ ،‬وتظهر باإلجتهاد‪ ،‬وعمل باألدلة‪،‬‬
‫ونفر عن التقليد‪ ،‬وزيف ما ال دليل عليو من اآلراء الفقهية‪ ،‬وجرت لو مع أىل عصره خطوب ومحن‪،‬‬
‫وبالجلمة فهو من األئمة المجددين لمعالم الدين )) (‪.)9‬‬
‫وترجمو الحيمي في طيب السمر‪ ،‬والجرموزي في سالفة العصر‪ ،‬وأحمد قاطن في الدمية والتحفة‪،‬‬
‫وعبداهلل بن عيسى في الحدائق‪ ،‬وولده عبداهلل بن محمد بن إسماعيل األمير في سيرة جامعة‪.‬‬
‫وأورد السيد محمد بن محمد بن بارة الكثير من أخباره‪ ،‬والجيد من أشعاره‪ ،‬وأسماء المشهور من‬
‫مؤلفاتو في ترجمتو لو بنشر العرؼ (‪.)1‬‬
‫ثم جاء أستاذ الفلسفة األسالمية بجامعتي األسكندرية وصنعاء الدكتور المصري الجنسية أحمد محمود‬
‫صبحي‪ ،‬فترجم لو في كتابو القيم (( الزيدية )) ترجمة مستفيضة (ص ‪ )676-616‬ومما ورد فيها أف‬
‫(( أبن األمير ))‪ :‬تبحر في مختلف علوـ الدين فكاف في كل واحد منها كأنو متخصص فيو ‪ ،‬وأنو أخذ‬
‫على علماء مختلف الفرؽ والمذاىب فأىلو ىذا التكوين العلمي إلى أف يكوف واسع األفق‪ ،‬متسامح‬
‫الرأي؛ غير متعصف لمذىبو الزيدي ))‪.‬‬
‫(( وضل طواؿ حياتو عاكفا على الوعظ والتدريس والتأليف‪ ،‬آمرا بالمعروؼ ناىيا عن المنكر‪ ،‬مصلحا‬
‫ذات البين بين المتخاصمين‪ ،‬ال يخشى في اهلل لومة الئم ))‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬البدر الطالع ‪.933 /1‬‬
‫(‪ )1‬نشر العرؼ ‪.551 -595 /1‬‬

‫(‪)8/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وفد فند الدكتور صبحي مزاعم (( األساتذة )) قاسم غالب وزمالئو في كتابهم‪ ((:‬ابن األمير وعصره ))‬
‫وأبدى مالحظاتو الصادقة على ذلك النوع من الكتب التي تؤلف في فترات يحسب جهلة أبنائها أنهم ال‬
‫يستطيعوف التخلص من موبقات حاضرىم إال بهدـ ماضيهم‪ ،‬حتى (( يصبح أشالء وأكواما من الحطاـ‬
‫)) بل ويدفعهم (( شنئاف قوـ )) إلى مجانفة العدؿ واإلنصاؼ‪ ،‬بل وإلى (( التزيدة واإلفتراء )) ‪،‬ولقنهم‬
‫درسا بليغا في كتابة التاريخ قائال‪ (( :‬ينبغي أف يكتب التاريخ بموضوعية وأمانة وأف ال يكوف معوؿ ىدـ‬
‫لكل الماضي ))‪ ..‬استعرض حياة (( ابن األمير )) كداعية لإلصالح‪ ،‬وإماـ مفكر‪ ،‬ثم سرد أسماء ستة‬
‫وأربعين كتابا من مؤلفاتو المطبوعة والمخطوطة‪.‬‬
‫وبعد أف ذكر آراءه الدينية مثل (( عدـ جواز التقليد‪ ،‬ووجوب اإلجتهاد‪ ،‬ومحاربة البدع‪ ،‬وموقفو من‬
‫التصوؼ وكرامات األولياء‪ ،‬وموقفو من الحركة الوىابية تعرض لذكر أرائو السياسية كالخروج على الظالم‪،‬‬
‫ومخالطة الظلمة وقاؿ معقبا‪:‬‬
‫(( ىذا قدوة صالحة للعلماء في العلم والعمل‪ ،‬عمل بما علم‪ ،‬بلغ في العلم مبلغ اإلجتهاد في زمن عقم‬
‫فيو الفكر االسالمي عن إنجاب المجتهدين‪ ،‬وفرض احترامو على الخصوـ قبل األتباع ‪ ،‬بعملو الصالح‬
‫وإعراضو عن الدنيا ومطامع الملك‪ ،‬فكاف مسموع الكلمة في الملمات والخصومات‪ ،‬وإباف فتن يضيع‬
‫عادة فيها صوت الحق ))‪.‬‬
‫(( وقد نهج ابن األمير نهج ابن الوزير في اإلىتماـ بالفقو والحديث وترجيحهما على علم الكالـ‪ ،‬فأثرى‬
‫المذىب الزيدي بما كاف يعوزه من حفاظ على وجو الخصوص‪ ،‬وذلك بال شك اتجاه محمود‪ ،‬وكاف‬
‫متفتح الفكر على السنة ومذىب أىل السلف فتصدى للبدع والخرافات )) ثم قاؿ‪ ((:‬ولكن اإلعراض‬
‫عن‬

‫(‪)9/9‬‬

‫_____________________________‬

‫المسائل الكالمية ليس محمود العاقبة في كل حاؿ؛ إنو وإف لزـ عنو آفات الجدؿ والمراء فهو حصانة‬
‫للعقل‪ ،‬وحين أعرض فقهاء دولة المرابطين عن الكالـ سقطوا في التشبيو والتجسيم؛ حقيقة إف المذىب‬
‫الزيدي ال يسمح بمثل ذلك‪ ،‬ولكن ال غنى للفرع عن األصل وعلوـ الدين من فقو وحديث وغيرىما‬
‫إنما ىي فروع من أصل ثابت ىي أصوؿ الدين )) (‪.)9‬‬

‫مجتمع األمير الصنعاني وحياتو‬


‫لمع نجم األمير الصنعاني في سماء المعرفة ومجتمعو باىت الضالؿ ‪ ،‬تقوده سياسة معينة ‪ ،‬وتسيطر‬
‫على أفكاره بنية المذىبية الضيقة ‪ ،‬فجمد فكره على مفاىيم مغلوطة ليست من الدين وال من المذىب‬
‫الزيدي في شيء‪ .‬وكل ما يخالف تلك المفاىيم المغلوطة في مجتمع يعد في نظر العامة خروجا على‬
‫النهج اإلسالمي ‪ ،‬كما يرمى كل خارج على ذلك النهج بالنصب والمروؽ ‪ ،‬ولقد جاء األمير الصنعاني‬
‫حربا على تلك المفاىيم ‪ ،‬فهز أركاف المتمصلحين من ذلك الجمود الفكري المشين‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬من العجب العاجب أف الدكتور شوقي ضيف ‪-‬رئيس مجمع اللغة العربية بالقاىرة حاليا ‪ -‬عد‬
‫اإلماـ محمد بن إسماعيل األمير شعراء الدعوة الوىابية في كتابو تاريخ األدب العربي ( انظر الجزء‬
‫الخامس عشر الدولة واإلمارات ص ‪ ) 984 -989‬وىو يعلم أف الشيخ محمد بن عبد الوىاب ولد‬
‫سنة ‪9995‬ىػ وقد بلغ ابن األمير السابعة عشر؛ ولم تنتشر دعوة ابن عبد الوىاب إال حين وضع أمير‬
‫الدرعية محمد بن سعود يده في يد محمد بن عبد الوىاب سنة ‪9958‬ىػ وقد بلغ ابن األمير الستين أو‬
‫أشرؼ عليها واشتهر علمو وفضلو وطار صيتو في اآلفاؽ‪ ،‬فلو استنتج الدكتور ضيف العكس لكاف‬
‫أقرب إلى الحق‪ ،‬ولو قرأ تراجم ابن األمير بإمعاف أو اطلع على ما كتبو عنو الدكتور صبحي في كتابو ((‬
‫الزيدية )) لما وقع في مثل ىذا الخطأ الجسيم الذي ال يقصده مؤرخ موفق‪.‬‬

‫(‪)99/9‬‬

‫_____________________________‬

‫‪ ،‬وتلك الخرافات السائدة ‪ ،‬فلم يدع بدعة إال وسلط عليها األضواء ‪ ،‬وال مفهوما مغلوطا ليس من‬
‫الدين في شيء إال وركز ىجومو النقدي عليو ‪ ،‬وإف كاف قد شط في بعض األمور!! ولقد كاف ذلك باعثا‬
‫على استعداء المتمصلحين ‪ ،‬فرموه بالنصب والخروج عن المذىب الزيدي ‪ ،‬كما أف تدريسو للحديث‬
‫النبوي ‪ ،‬والتزامو في الصالة بالرفع والضم والتأمين من أسباب وعوامل اإلثارة أيضا ‪ ،‬فاتخذ وسيلة‬
‫إلثارة العامة على البدر األمير ‪ ،‬ولكنو كاف أقوى من عوامل االستثارة واالستعداء ‪ ،‬وأصلب من أولئك‬
‫المتمصلحين ‪ ،‬فلم تؤثر في األمير الصنعاني تهديداتهم وال تجمعاتهم وال دسائهم لإليقاع بو ‪ ،‬بل زادتو‬
‫إيمانا بنهجو ‪ ،‬وإصرارا على المضي في دربو ‪ ،‬ناشرا لسنن الرسوؿ في وسط يجهل كثيرا منها ‪ ،‬ويعد‬
‫أي مخالف للمألوؼ خروجو عن المذىب الزيدي وإف كاف منو ‪ ،‬ولقد أشار إلى ذلك في قصيدتو‬
‫الدالية التي يقوؿ فيها‪:‬‬

‫كاف الحديث بأرضكم ‪ ...‬مستغربا واهلل جدا‬


‫حتى نشرت فنونو ‪ ...‬وجلوت منو ما تصدى‬
‫ولدرسو وألخذه ‪ ...‬من بعدنا كل تصدى‬
‫وتنافس العلماء في ‪ ...‬كتب الحديث ىوى ووجدا‬
‫ىذا بتنسيخ وذا ‪ ...‬بشرائها بالماؿ نقدا‬
‫ما قلت ذا فخرا وال ‪ ...‬أرجو بنشر العلم جدا‬
‫بل قلتو متحدثا ‪ ...‬بنعيم من أعطى وأجدى‬
‫باهلل قل لي يا عذو ‪ ...‬ؿ عالـ تعذلني مجدا‬

‫تعرض البدر األمير الصنعاني لمحن جمة ‪ ،‬منها‪ :‬ثورة قبيلة برط واجتماع أعيانهم من ذي محمد ‪ ،‬وذي‬
‫حسين ‪ ،‬وكانت قد سرت إليهم إشاعة المغرضين بأف محمد بن إسماعيل األمير يهدـ المذىب بتدريسو‬
‫كتب الحديث للبخاري ومسلم‪.‬‬

‫(‪)99/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وكانوا قد خرجوا على اإلماـ المهدي ‪ ،‬وفي مقدمتهم حسن بن محمد العنسي البرطي لنصرة المذىب‬
‫واالقتصاص لو من األمير الصنعاني ‪ ،‬وكتبوا رسالة لإلماـ المهدي بجموعهم وخروجهم من برط إلى‬
‫صنعاء للثورة على األمير ‪ ،‬وعليو أيضا بحجة أنو يساعد األمير الصنعاني على ما يقوـ بو من أعماؿ‬
‫مخالفة للمذىب ‪ ،‬فوجو إليهم اإلماـ المهدي مجموعة من العلماء األعالـ وىم في طريقهم إلى صنعاء‬
‫لصدىم عن ذلك فلم يرعووا ‪ ،‬ففاوضهم على زيادة عشرين ألف لاير على مخصصاتهم السنوية التي‬
‫تدفعها الدولة لهم ‪ ،‬فاقتنعوا بذلك المغنم وعادوا إلى برط من حيث أتوا‪ .‬ولما بلغ األمير خبر أىل برط‬
‫ومقدىم عليو لتدريسو صحيح البخاري ومسلم ‪ ،‬قاؿ‪:‬‬

‫ليت شعري ىل في الوجود إماـ ‪ ...‬عالم مثل مسلم والبخاري‬


‫كنت أعملت في لقاه المطايا ‪ ...‬سائرا في مهامو وقفار‬
‫وبذلت النفيس في األخذ عنو ‪ ...‬تاركا لألوطاف واألوطار‬

‫وقد أقاـ المقلدوف المتعصبوف الدنيا ولم يقعدوىا على البدر األمير لمخالفتو لبعض مألوفاتهم التي‬
‫درجوا عليها ‪ ،‬وظنوا أف ما خالفها يعد خروجا على المذىب الزيدي ‪ ،‬وافتئاتا عليو ‪ ،‬وبغضا لعلي عليو‬
‫السالـ ‪ ،‬وعداوة ألىل البيت عليهم السالـ ‪ ،‬فاتهموه بكل عظيمة ‪ ،‬ورموه بكل زور ومين ‪ ،‬إلى الحد‬
‫الذي اتهموه فيو ببغض علي ومناصرة معاوية ‪ ،‬وىو الزيدي العقيدة ‪ ،‬والشيعي الهوى ‪ ،‬يدين بالعدؿ‬
‫والتوحيد ‪ ،‬ووالء اإلماـ علي وأىل البيت ‪.‬‬
‫فقاؿ األمير الصنعاني في ذلك‪:‬‬

‫يا أيها اإلخواف إني ‪ ...‬لم أجئ إمرا وإدا‬


‫لم أنو إال عن مخا ‪ ...‬لفة النبي ممن تعدى‬
‫المصطفى خير األنا ‪ ...‬ـ وآلو العالين جدا‬

‫(‪)91/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فهم النجوـ لمهتد ‪ ...‬وىم الرجوـ لمن تعدى‬

‫في شهر صفر سنة (‪9981‬ىػ) وصلت كتب من جبل برط من القضاة بني العنسي إلى أىل ىجرة حوث‬
‫وغيرىم يذكروف أف اإلماـ البدر المنير محمد بن إسماعيل األمير ‪ ،‬خالف مذىب أىل البيت عليهم‬
‫السالـ ‪ ،‬فقاؿ في ذلك‪:‬‬

‫رأيت كتابا فيو كل عجيبة ‪ ...‬ويأتيك باالخبار من لم تزود‬


‫وسود فيو كاتبوه مقالة ‪ ...‬سيسود منها وجو كل مسود‬
‫جهوؿ بأوالد البتوؿ وحيدر ‪ ...‬يقوؿ ومن ذا ابن األمير محمد‬
‫أنا الشمس في جو السماء منيرة ‪ ...‬بها يهتدي من شاء ربي ويقتدي‬
‫أنا ىاشمي فاطمي نسبتي ‪ ...‬على حسن سبط الرسوؿ محمد‬
‫ومذىبي التوحيد والعدؿ ال سوى ‪ ...‬وىذا لعمري دين كل موحد‬
‫فنحن بنو الزىرا وأبناء حيدر ‪ ...‬ورثنا العلى عن كل عاؿ ممجد‬
‫فجدي خير الرسل أحمد من بو الػ ‪ ...‬ػبراؽ سرى ليال إلى خير مقعد‬
‫ووالدي المولى األمير ابن حمزة ‪ ...‬عماد الهدى حتف على كل معتد‬
‫أماـ جهاد دوخ األرض كلها ‪ ...‬وأجرى دـ األعداء في كل فدفد‬
‫وقد فتحت صنعاء بأسياؼ جدنا ‪ ...‬وأىلك فيها كل باغ ومفسد‬
‫سل المهجم المعروؼ من ذا أباحو ‪ ...‬وأخرب فيها كل قصر مشيد‬
‫مع صنوه المنصور أفضل قائم ‪ ...‬من اآلؿ واسأؿ كل ىاد ومهتد‬
‫إماـ الهدى عبد اإللو ابن حمزة ‪ ...‬ومن بظفار فاز في خير مشهد‬
‫ىو الجبل البحر الذي بعلومو ‪ ...‬جميع الورى ما بين مفت ومقتدي‬
‫وفي سفح كحالف غدا قبر جدنا ‪ ...‬وزواره فيو تروح وتغتدي‬
‫أولئك آبائي إذا كنت جاىال ‪ ...‬ونحن بنوىم سيدا بعد سيد‬
‫ورثناىم علما وزىدا وسؤددا ‪ ...‬وسل من تشا يا جاىال أصل محتدي‬
‫(‪)93/9‬‬

‫_____________________________‬

‫ورثت علوـ اآلؿ طرا وبعدىا ‪ ...‬حفظت بحمد اهلل سنة أحمد‬
‫ودرست في العلمين أعالـ عصرنا ‪ ...‬فكل تالميذي فسل وتنشد‬
‫كذلك تفسير الكتاب حفظتو ‪ ...‬ودرست في التفسير كل موحد‬
‫على كل كرسي وفي كل مسجد ‪ ...‬فكل بما قلناه يهدي ويهتدي‬
‫لي الخطب الغر التي كل خاطب ‪ ...‬بها خاطب في كل أرض ومسجد‬
‫وألفت في كل العلوـ مؤلفا ‪ ...‬بها يهتدي أىل العلوـ ويقتدي‬
‫وسارت مسير الشمس في كل بلدة ‪ ...‬ويجهل ىذا كل فدـ مبلد‬
‫ولي في أمير المؤمنين قصائد ‪ ...‬بها تطرب األسماع من كل منشد‬
‫وشرحي لها شرح نفيس مهذب ‪ ...‬نشرت بها كل الفضائل عن يد‬

‫وقاؿ‪:‬‬

‫وقلتم بأف ابن األمير محمدا ‪ ...‬يخالف أىل البيت من غير مسعد‬
‫وليس اختالؼ اآلؿ في العلم ضائرا ‪ ...‬وال ىو عيب عند كل موحد‬
‫فقد خالف الهادي بنوه محمد ‪ ...‬وأحمد وانظر كتبهم وتفقد‬
‫وخالفو المنصور والناصر الذي ‪ ...‬يأمل سقيا لإلماـ المجدد‬
‫وكم من خالؼ بين صنوين قد جرى ‪ ...‬أبي طالب ثم اإلماـ المؤيد‬
‫وشاىدي األزىار والغيث فانظروا ‪ ...‬وفي البحر للمهدي ما يروي الصدي‬

‫وقاؿ لما لم يتركو الجهاؿ من القيل والقاؿ ‪ ،‬ونسبوا إليو أباطيل األقواؿ‪:‬‬

‫لقد نسب األناـ إلي قوال ‪ ...‬عليهم ربنا فيو شهيد‬


‫وقالوا قد رضينا بابن ىند ‪ ...‬وقلنا إنو رجل رشيد‬
‫كذبتم إنو واهلل عندي ‪ ...‬لفسيق وشيطاف مريد‬
‫وملعوف بما كسبت يداه ‪ ...‬كذلك نجلو الطاغي يزيد‬

‫(‪)94/9‬‬
‫_____________________________‬

‫وقاؿ رحمو اهلل لما وقف جماعة على جواب سؤاؿ في شأف معاوية بن أبي سفياف كنت كتبتو بخطي لم‬
‫يعرفوا معناه‪ ،‬وال تحققوا ما حواه ‪ ،‬نسبوا إلى كاتبو أقاويل ‪ ،‬واجتروا عليو أباطيل ‪ ،‬فقلت نصحا لهم‬
‫ومحبة ‪ ،‬ألنو إلزالة اإلثم عنهم لما توىموه من قبيح االعتقاد ‪ ،‬وذلك في سنة (‪9937‬ىػ) سبعة وثالثين‬
‫ومائة وألف‪:‬‬

‫عجبت لقوـ ينسبوف مقالة ‪ ...‬إلي كأني لست من نسل حيدر‬


‫ينظنوف أني أجحد الشمس ضوؤىا ‪ ...‬وأزعم أف الصبح ليس بنير‬
‫أأرضى الطليق ابن الطليق وقد بغى ‪ ...‬وقاد لحرب المرتضى كل مجتر‬
‫إماـ الهدى من جاء في الذكر مدحو ‪ ...‬وسل عنو آيات الكتاب تخبر‬
‫أليس المزكي راكعا في صالتو ‪ ...‬مشيرا إلى من يجتديو بخنصر‬
‫أليس الذي أسقى الطغاة حسامو ‪ ...‬من الموت كأسا مهلكا غير مسكر‬
‫أليس الذي أردى ابن ود بسيفو ‪ ...‬غداة غد جهال على اهلل يجتري‬
‫أليس الذي في يوـ بدر بسيفو ‪ ...‬على كل جبار وأحد وخيبر‬
‫أليس الذي قاـ الرسوؿ معرفا ‪ ...‬واليتو للمؤمنين بمحضر‬
‫أليس الذي واخاه من دوف غيره ‪ ...‬رسوؿ الهدىالمبعوث من خير عنصر‬
‫وزوجو الزىراء سيدة النسا ‪ ...‬بوحي وسائل كل راو ومخبر‬
‫وأدخلو تحت الكساء وحسبو ‪ ...‬بذلك فخرا دونو كل مفخر‬
‫وكم ذا عسى أمليو من عد فضلو ‪ ...‬ومن راـ عد الشهب لم يتيسر‬
‫وىل البن ىند غير كل قبيحة ‪ ...‬ومن ذا الذي فيو يشك ويمتري‬
‫أليس الذي أجرى الدماء مراقة ‪ ...‬بصفين من أصحاب خير مطهر‬
‫وقاد طغاـ الشاـ من كل وجهة ‪ ...‬يقاتل بغيا كل بر وخير‬
‫وأورد عمارا حياضا من الردى ‪ ...‬سقى جدثا قد ضمو كل ممطر‬

‫(‪)95/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وسب أمير المؤمنين مجاىرا ‪ ...‬وألزـ أف يملى على كل منبر‬


‫فقد عاد لعن الالعنين جميعو ‪ ...‬عليو كذا من سن سنة منكر‬
‫وكم من جنايات جناىا تجاريا ‪ ...‬وأبرزىا جهرا ولم يتستر‬
‫وسائل بذا عبد الحميد وشرحو ‪ ...‬على النهج واسلك نهج كل مقرر‬
‫أمجتهدا يدعا ابن ىند محققا ‪ ...‬ومن قاؿ ىذا فهو ال شك مفتري‬
‫ومن قاؿ ىذا فهو فدـ مغفل ‪ ...‬جسور على قوؿ الجهالة مجتري‬
‫وما ىو إال ماكر متحيل ‪ ...‬على الملك حتى نالو بتجبر‬
‫ولواله ما أضحى يزيد مؤمرا ‪ ...‬يدار عليو في الضحى كل مسكر‬
‫ينادـ جهرا بالمداـ ونظمو ‪ ...‬بذلك يروي لحنو كل مزىر‬
‫وال عفرت في الطف أبناء أحمد ‪ ...‬سقى دمعي الهتاف كل معقر‬
‫وال فتك الرجس الشقي ابن عقبة ‪ ...‬بطيبة فتك المسلمين بخيبر‬
‫أباح حماىا واستباح حريمها ‪ ...‬وأنهبها من جيشو كل قسور‬
‫ونشر مخازيو يطوؿ وقد درى ‪ ...‬بها كل واع في األناـ ومبصر‬
‫أيجهل مثلي منصب الحق بعدما ‪ ...‬عرفت يقينا ما حوى كل دفتر‬
‫وحققت من علم الدراية كلما ‪ ...‬يحققو في العلم كل محرر‬
‫وكم مبحث قد كاف من قبل مضمرا ‪ ...‬فأظهرتو حتى غدا غير مضمر‬
‫وكم خضت من بحر الرواية أبحرا ‪ ...‬وسآلت عن تحقيقها كل مخبر‬
‫فيا أيها اإلخواف في الدين ما لكم ‪ ...‬نسبتم إلينا جهرة كل منكر‬
‫ومزقتم األعراض كل ممزؽ ‪ ...‬وملتم إلى ما قالو كل مفتري‬
‫وأطعمتم من لحمنا كل آكل ‪ ...‬وأطعمتم اإلخواف في كل محضر‬
‫وما ىكذا أىل الديانة والهدى ‪ ...‬يجيبوف من يفري اللحوـ ويفتري‬

‫(‪)96/9‬‬

‫_____________________________‬

‫أإف كتب اإلنساف قوال بكفو ‪ ...‬نسبتم إليو كل قوؿ مسطر‬


‫ومن كتب الكفر الصريح بكفو ‪ ...‬فذلك باإلجماع غير مكفر‬
‫أقلوا أقلوا واحذروا الموقف الذي ‪ ...‬سيبرز فيو كل عرؼ ومنكر‬
‫ويسأؿ كل عن جميع فعالو ‪ ...‬وأقوالو من سابق ومؤخر‬
‫ودونكم ىذا النظاـ فإنو ‪ ...‬خطاب لمن وافاه من أي معشر‬
‫يخبركم أني بما قد ظننتم ‪ ...‬بريء ومما خالف الحق مبتري‬
‫وإني ال أرضى سوى اآلؿ قدوة ‪ ...‬أولئك آبائي وذخري لمحشري‬
‫بهدي رسوؿ اهلل واآلؿ أىتدي ‪ ...‬فما أنا إال أحمدي وحيدري‬
‫وصلوا على أىل الكساء محمد ‪ ...‬وفاطمة والسيدين وحيدر‬
‫كذا اآلؿ أرباب الهدى سادة الورى ‪ ...‬ومن ضمخت أوصافهم كل منبر‬

‫وقد جرى مثل ىذا لإلماـ محمد بن إبراىيم الوزير ‪ ،‬وىو القائل‪:‬‬

‫ىذي الفروع وفي األصوؿ عقيدتي ‪ ...‬ما ال يخالف فيو كل موحد‬


‫ديني كأىل البيت دينا قيما ‪ ...‬منزىا عن كل معتقد ردي‬
‫وأحب آؿ محمد نفسي الفدا لهم ‪ ...‬فما أحد كآؿ محمد‬
‫ىم باب حطة والسفينة والهدى ‪ ...‬فيهم وىم للظالمين بمرصد‬
‫وىم النجوـ لخير متعبد ‪ ...‬وىم الرجوـ لكل من لم يعبد‬
‫والقوـ والقرءاف فاعرؼ قدرىم ‪ ...‬ثقالف للثقلين نص محمد‬
‫ولهم فضائل لست أحصي عدىا ‪ ...‬من راـ عد الشهب لم تتعدد‬
‫وكفى لهم شرفا ومجدا باذخا ‪ ...‬شرع الصالة لهم بكل تشهد‬

‫ومثلو جرى لعلم الزيدية األكبر نشواف بن سعيد الحميري ‪ ،‬رغم سالمة عقيدتو ‪ ،‬وإعربو عن شخصيتو‬
‫الزيدية‪ ،‬ومحبتو ومودتو آلؿ الرسوؿ‪ ،‬وإف خالفهم‬

‫(‪)97/9‬‬

‫_____________________________‬

‫في المسائل االجتهادية والسياسية ولم يقل بحصر اإلمامة في أوالد البطنين‪ ،‬فذلك أمر‪ ،‬و { المودة في‬
‫القربى } أمر آخر‪ .‬قاؿ رحمو اهلل‪:‬‬

‫أيها السائل عني إنني ‪ ...‬مظهر من مذىبي ما أبطن‬


‫مذىب التوحيد والعدؿ الذي ‪ ...‬ىو في األرض الطريق البين‬

‫وقاؿ‪:‬‬

‫وذكرت آؿ محمد وودادىم ‪ ...‬فرض علينا في الكتاب مؤكد‬


‫وذكرت زيدا والحسين ومولدا ‪ ...‬لهم زكي األصل نعم المولد‬
‫بأبي وأمي من ذكرت ومن بو ‪ ...‬يهدي الجهوؿ ويرشد المترشد‬
‫وأنا المناضل ضدكم عن دينكم ‪ ...‬واهلل يعلم والبرية تشهد‬
‫ال أستعيض بدين زيد غيره ‪ ...‬ليس النحاس بو يقاس العسجد‬
‫إني على العهد القديم بحبكم ‪ ...‬كلف الفراد بكم وجسمي مبعد‬

‫وقاؿ‪:‬‬

‫وأود سائر أىل بيت محمد ‪ ...‬وودادىم فرض علي ومغنم‬


‫قوـ أدين بدينهم وبحكمهم ‪ ...‬ونصوصهم أفتى الخصوـ وأحكم‬
‫وأنا المحب بن المحب وإف وشى ‪ ...‬واش ورجم بالظنوف مرجم‬

‫وكذلك الحسن الجالؿ‪ ،‬والمقبلي‪ ،‬واكثير الكثير قديما وحديثا ‪ ،‬وما (( أشبو الليلة بالبارحة)) !!!‬
‫انقطاع األمير الصنعاني للتدريس ورفضو لكل المناصب‬
‫لقد كاف األمير الصنعاني قانعا ‪ ،‬بعيدا عن كل األطماغ والمغريات الشخصية ‪ ،‬فانقطع للتدريس في‬
‫جامع صنعاء الكبير ‪ ،‬وجامع المدرسة وغيرىما من المساجد ‪ ،‬وذلك من الصباح حتى المساء ‪ ،‬ولم‬
‫يقبل أي منصب حكومي مهما كاف ‪ ،‬بالرغم من المغريات والعروض التي كانت تقدـ لو ‪ ،‬وكاف قد‬
‫عرض عليو المتوكل القاسم‬

‫(‪)98/9‬‬

‫_____________________________‬

‫بن حسين القضاء وتوليتو في مدينة المخاء ‪ ،‬فرفض ذلك وامتنع عن قبولو ‪ ،‬كما عرض عليو الوزارة فلم‬
‫يقبل ذلك ‪ ،‬ثم عرض عليو تولية القضاء العاـ فامتنع عن قبولو ورفض ذلك ‪ ،‬والتزـ التدريس ونشر‬
‫العلم والمعرفة ولم يقبل كل المناصب التي عرضت عليو ‪ ،‬غير القياـ بخطبتي الجمعة في الجامع الكبير‬
‫بصنعاء لكوف ذلك من واجب العلماء ‪ ،‬ومرتبطا مباشرة باألمر بالمعروؼ والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫ولقد تصدى للنضاؿ في جبهتين اثنتين نضاؿ السلطة الحاكمة ‪ ،‬ونشر السنن النبوية ‪ ،‬ومحاربة الخرافة‬
‫والجهل‪.‬‬
‫وألف رسالة بعنواف‪ :‬إزالة التهمة ببياف ما يجوز ويحرـ من مخالطة الظلمة ‪ ،‬وقد جمع فيها كل األدلة‬
‫المنافية لمخالطة الظلمة وأقواؿ علماء اإلسالـ نظما ونثرا ‪ ،‬ومن ذلك قصيدة العالم الجليل محمد بن‬
‫إبراىيم الوزير ‪ ،‬وكاف قد بعث بها إلى أخيو الهادي بن إبراىيم منتقدا لو وناعيا عليو اتصالو باإلماـ‬
‫الناصر محمد بن المهدي علي ‪ ،‬المعروؼ بصالح الدين وىو أكثر عدالة ممن تبعو وحل محلو في‬
‫قيادة األمة حين ذاؾ ‪ ،‬ومنها قولو‪:‬‬

‫يا سبط إبراىيم ال تنس ما ‪ ...‬كاف عليو في التحلي أبوؾ‬


‫فإف آباءؾ لو شاىدوا ‪ ...‬بعض الذي تفعلو أنبوؾ‬

‫إلى أف يقوؿ وىو ما يقصده األمير لالستدالؿ بو‪:‬‬

‫واعلم بأف العز في الزىد والػ ‪ ...‬ػفضل وأىل الملك طرا ىلوؾ‬
‫وابعد عن الملك وأربابو ‪ ...‬وإف ىموا يوما لها أىلوؾ‬
‫ال تنظرف يوما إلى قائم ‪ ...‬وانظر إلى ما قالو ناصحوؾ‬

‫وقد ظل (( ابن األمير )) وأضرابو ينصحوف ويصرخوف ولكن الشر تفاقم حتى تالشت دولة آؿ القاسم‬
‫وتمزقت اليمن بعودة األتراؾ في أواخر القرف الثالث عشر الهجري واحتالؿ األنكليز لعدف وكاف ما‬
‫كاف‪.‬‬

‫(‪)99/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وقد جرت بينو وبين علماء وشعراء عصره مراسالت تصور ما كاف يعانونو من ضيق بشؤوف وطنهم بل‬
‫والعالم اإلسالمي‪ ،‬ومن ذلك ما قالو العالمة إسماعيل بن محمد بن إسحاؽ من قصيدة مطلعها‪:‬‬

‫راـ قلبي بأف يخفف ىمو ‪ ...‬برؽ نجد لما شكى ما أىمو؟‬

‫جاء فيها‪:‬‬

‫ويح قلبي من ذا يدواي لو الػ‬


‫ػكلم‪ ..‬وكل يشكو من الدىر كلمو‬
‫كلما ىم بالسلو أراه الدىػ‬
‫ػر في الدين ما يضاعف ىمو‬
‫عظم الشر في زمانك لما‬
‫أىمل الناس‪ (( :‬كنتم خير أمة ))‬
‫فإذا ما أراد من ينكر المنػ‬
‫ػكر أمرا؛ قالوا‪ ((:‬جنوف ألمو ))‬
‫قد فشا الجهل فيو حتى غدا العػ‬
‫ػعلم على طالبيو عارا ووصمو‬
‫فإماـ الزماف وىو أبو الخلف‬
‫تراه في الجهل شبو أمو؟‬
‫قد رضينا بجهلو لو حمى اإلسالـ‬
‫عن ((حاشد)) و((ياـ ))و(( دىمو ))‬
‫ىمال أصبح الرعايا بهذا الدىػ‬
‫ػر ىل ىكذا تكوف األئمة؟‬
‫أين من يحفظ الذماـ ومن يرقب‬
‫في المؤمنين إال وذمة؟‬

‫(‪)19/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وقد أجاب عليو البدر (( األمير )) بقصيدة طويلة مطلعها‪:‬‬

‫ما على الصب في الصبابة وصمة ‪ ...‬يا عذولي فهل بعقلك لمة؟‬

‫ومنها‪:‬‬

‫ولشابهت فرقة في (( أزاؿ )) ‪ ...‬تركوا منهج الصالح ورسمو‬


‫شرت الفي بالهدى ثم باعت ‪ ...‬نور إيمانها بظلم وظلمو‬
‫واستباحت ما حرـ اهلل حتى ‪ ...‬ما لشيء مما يريدوف حرمو؟‬
‫ومطيل في عتبو ألناس ‪ ...‬ىم على المسلمين عار ووصمة‬
‫ىم ومن في اللحود سياف؛ لكن ‪ ...‬ما على ساكني اللحود مذمة‬
‫أي فضل لذي حياة إذا لم ‪ ...‬يسع في دفعو لك ملمة‬
‫فإذا لم يقم وينقم للدين‪ ... ..‬فقم داعيا عليو بنقمة‬
‫ما خال من يقوؿ‪ :‬عذري أني ‪ ...‬لم أجد سامعا لتنفيذ كلمة‬
‫كل من في الوجود لص وإف جا ‪ ...‬ء بسجادة إليك و (( ختمة ))‬
‫ويطيل السجود‪ ،‬وىو كموف ‪ ...‬الصطياد يرجوه من أي ثلمة‬

‫(‪)19/9‬‬

‫_____________________________‬

‫اعتقاؿ األمير الصنعاني وسجنو في قصر غمداف‬


‫كاف اإلماـ األمير يقوـ بخطبتي الجمعة في جامع صنعاء الكبير وبتكليف من اإلماـ ‪ ،‬وفي إحدى‬
‫الجمع رأى الجامع مكتظا بمن فيو من المصلين ‪ ،‬وأراد لذلك اإلختصار في خطبة الجمعة األخيرة ‪،‬‬
‫فأىمل ذكر األئمة تخفيفا على المصلين من اإلطالة ‪ ،‬فأخذ ذلك أصحاب المصالح وسيلة إلثارة‬
‫الدىماء على األمير ‪ ،‬ومنهم علي بن الحسين من آؿ القاسم ‪ ،‬وعلي بن عبد اهلل بن القاسم ‪ ،‬وىما من‬
‫آؿ اإلماـ ولهما في دولتو نفوذىما الواسع ‪ ،‬فحشدوا العامة وأثاروا مشاعرىا وحاولوا قتل األمير‬
‫الصنعاني لكونو لم يذكر اإلماـ القاسم في الخطبة وال بقية األئمة ‪ ،‬فلما بلغ ذلك المهدي عباس ‪،‬‬
‫سارع في استدعاء علي بن الحسين وعلي بن عبد اهلل بن القاسم واإلماـ البدر محمد بن إسماعيل‬
‫األمير إليو ‪ ،‬وبعد وصولهم إلى داره أمر األمير الصنعاني بالبقاء في دار األدب ‪ ،‬وعهد بو إلى النقيب‬
‫الماس سجانو في ذلك الحين ‪ ،‬كما أمر أيضا بسجن علي بن الحسين ‪ ،‬وعلي بن عبد اهلل بن القاسم ‪،‬‬
‫وذلك عقابا لهما على محاولتهما إلثارة الفتنة واستنفار العواـ ‪ ،‬وذلك بإىمالو في خطبة الجمعة األخيرة‬
‫لإلماـ القاسم وغيره من األئمة عن الذكر ‪ ،‬كما وجد المهدي عباس في ذلك فرصة العتقاؿ األمير‬
‫بحجة الحفاظ عليو من بني عمومتو والعواـ من الناس ‪ ،‬واعتقاؿ أبناء عمومتو في نفس الوقت للتخلص‬
‫من الجميع ‪ ،‬وذلك ألف األمير الصنعاني أصبح خطرا يهدد كياف سلطتو ‪ ،‬كما أف أبناء عمومتو أصبحوا‬
‫قوة ال يستهاف بها ‪ ،‬فأراد التخلص من الجميع‪.‬‬

‫(‪)11/9‬‬

‫_____________________________‬

‫قاؿ البدر األمير مبينا أسباب إيداعو السجن ‪:‬‬

‫وما حبسوني أنني جئت منكرا *** وال أنني نافست في الحكم والكرسي‬
‫ولكنني أحييت شرعة أحمد *** وأبرزتها شمسا على العرب والفرس‬
‫فقاؿ ألو الجهل المركب إنني *** أردت خالؼ اآلؿ عمدا بال لبس‬
‫فقلت جهلتم مذىب اآلؿ أنتم *** وإف طاؿ ىذا الجهل آؿ إلى الطمس‬
‫فإف أصوؿ اآلؿ تأبى بأنني *** أقلد كاألعمى يقاد بال حسي‬
‫ولكنكم ال تعرفوف أصولهم *** وال الطرد فيما قرروه من العكس‬
‫إذا لم يكن لالجتهاد مزية *** من الجهل يا ويح العلوـ من البخس ‪.‬‬

‫(‪)13/9‬‬

‫_____________________________‬

‫اإلماـ المؤلف‬
‫كاف البدر األمير بحرا زاخرا من العلم والمعرفة ‪ ،‬ترؾ آثارا جليلة أغنى بها المكتبة العربية واإلسالمية‪،‬‬
‫من مؤلفاتو‪:‬‬
‫‪ -‬إجابة السائل شرح بغية اآلمل بنظم الكافل (طبع ) ‪.‬‬
‫‪ -‬إتحاؼ االعالـ لما تكرر في نسخو من األحكاـ‪.‬‬
‫‪ -‬إتحاؼ اآلنس في الكالـ عن العلمين واسم الجنس‪.‬‬
‫‪ -‬إجازة الحديث‪.‬‬
‫‪ -‬أجوبة خمس مسائل‪.‬‬
‫‪ -‬األجوبة المرضية على األسئلة العصرية‪.‬‬
‫‪ -‬أجوبة مسائل أحمد بن إسحاؽ‪.‬‬
‫‪ -‬أجوبة مسائل قاطن‪.‬‬
‫‪ -‬أجوبة مسائل المحبشي‪.‬‬
‫‪ -‬اجابة في حكم بيع النسيئة (طبع ضمن ذخائر علماء اليمن ص‪ 33‬ػ ‪.)49‬‬
‫‪ -‬جواب سؤاؿ العماري في مواضع من علم الحديث (طبع ضمن ذخائر علماء اليمن ص‪ 69‬ػ ‪.)74‬‬
‫‪ -‬جواب سؤاؿ في صالة الجماعة ‪( .‬طبع ضمن ذخائر علماء اليمن ‪ 995‬ػ ‪.)915‬‬
‫‪ -‬األحراز لما في األساس من كناية المجاز‪.‬‬
‫‪ -‬األحرؼ التي جعلها الناس ألعداد معينة ‪( .‬بحث)‪::.‬‬

‫(‪)14/9‬‬

‫_____________________________‬
‫‪ -‬أخذ األجرة على الصالة واألذاف‪.‬‬
‫‪ -‬االدراؾ لضعف أدلة تحريم التنباؾ ‪.‬‬
‫‪ -‬األدلة الجلية في تحريم نظر األجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬أرجوزة في أصوؿ الدين‪.‬‬
‫‪ -‬إرساؿ المطر في شرح قصب السكر شرح منظومة نخبة الفكر‬
‫‪ -‬إرشاد القاصد ألدلة قضاء صالة العامد‪.‬‬
‫‪ -‬إرشاد النقاد إلى تيسير االجتهاد (بحث) طبع ضمن (الرسائل المنيرية)‪ ،‬ج‪ 9/4‬ػ ‪.47‬‬
‫‪ -‬إزالة التهمة ببياف ما يجوز ويحرـ من مخالطة الظلمة ‪.‬‬
‫‪ -‬إسباؿ السرور من صفات الحور والغرؼ والقصور‬
‫‪ -‬االستظهار على البحر والمنار‪.‬‬
‫‪ -‬استيفاء المقاؿ في حقيقة اإلسباؿ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشاعة في بياف من نهي فراقو عن الجماعة ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلصابة في الدعوات المجابة ‪.‬‬
‫‪ -‬إظهار المعنى ألحاديث ‪( ،‬أف اهلل يقتص من القرناء للجماء)‪.‬‬
‫‪ -‬إعالـ األنباة بعدـ شرطية عدالة اإلماـ في الصالة ‪.‬‬
‫‪ -‬إفادة األبرار في شرح حديث األنوار‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة البرىاف على جواز أخذ األجرة على تالوة القرآف‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة الدالئل في ايضاح الثالث المسائل ‪( ،‬طبع ضمن كتاب ذخائر علماء اليمن ‪75‬ػ ‪.)83‬‬
‫‪ -‬إقامة الدليل على ضعف أدلة تكفير التأويل ‪.‬‬
‫‪ -‬األقتباس لمعرفة الحق من أنواع القياس ‪::.‬‬

‫(‪)15/9‬‬

‫_____________________________‬

‫‪ -‬إقناع الباحث بإقامة األدلة بصحة الوصية ‪.‬‬


‫‪ -‬اإلنصاؼ في حقيقة األولياء ومالهم من األلطاؼ ‪.‬‬
‫‪ -‬األنفاس الرحمانية على اإلفاضة المدنية ‪.‬‬
‫‪ -‬األنوار شرح اإليثار ‪( .‬ذكره في كتابو شرح ديواف ابن الوزير)‪.‬‬
‫‪ -‬ايضاح االستدالؿ على موجب القتاؿ ألىل الضالؿ ‪( .‬لعلو المطبوع ضمن ذخائر علماء اليمن ‪955‬‬
‫ػ ‪.)963‬‬
‫‪ -‬اإليضاح والبياف في قصص القرآف ‪.‬‬
‫‪ -‬إيقاظ ذوي األلباب من سنة الغفلة عن أحكاـ الخضاب ‪.‬‬
‫‪ -‬إيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة ‪.‬‬
‫‪ -‬بحث حوؿ كلمة اإلستعاذة والبسملة ‪.‬‬
‫‪ -‬بحث في حقيقة الفقير الذي يستحق الزكاة ‪.‬‬
‫‪ -‬بحث في حكم من أدرؾ الركوع مع اإلماـ ‪( .‬طبع ضمن ذخائر علماء اليمن ‪ 933‬ػ ‪.)936‬‬
‫‪ -‬بحث موجز في قتاؿ أبي بكر لمانعي الزكاة ‪( .‬طبع ضمن ذخائر علماء اليمن ‪ 937‬ػ ‪.)949‬‬
‫‪ -‬بحث فيما يتلى من كتاب اهلل على األموات وما يصلهم من أجره بعد الموت ‪( .‬طبع ضمن ذخائر‬
‫علماء اليمن ص ‪ 349‬ػ ‪.)354‬‬
‫‪ -‬بذؿ الموجود في حكم اإلعسار وامرأة المفقود ‪.‬‬
‫‪ -‬بشرى الكئيب بلقاء الحبيب‪.‬‬
‫‪ -‬بغية اآلمل في نظم الكافل طبع في عدف سنة ‪9346‬ىػ‪.‬‬
‫‪ -‬تأنيس الغريب نظم بشرى الكئيب بلقاء الحبيب ‪::.‬‬

‫(‪)16/9‬‬

‫_____________________________‬

‫‪ -‬التحبير اليضاح معاني التيسير ‪.‬‬


‫‪ -‬تحقيق طلب موسى الرؤية ػ تحقيق حوؿ الشفاعة ػ تحقيق في جواز الضرب على التهمو من عدمو ‪.‬‬
‫‪ -‬التحيل إلسقاط الشفعة ‪( .‬طبع ضمن ذخائر علماء اليمن ‪ 949‬ػ ‪.)941‬‬
‫‪ -‬تطهير االعتقاد من درف اإللحاد ‪( .‬طبع في القاىرة سنة ‪9373‬ىػ)‪.‬‬
‫‪ -‬تفسير آيات { فمن زحزح عن النار }‪ { ،‬ال يسأؿ عما يفعل وىم يسألوف }‪ { ،‬لو شاء ما أشركنا }‪،‬‬
‫{ وإذ قاؿ ربك للمالئكة }‪ { ،‬وقيل يا أرض ابلعي ماءؾ } ذكرىا أحمد الحسيني في (مؤلفات‬
‫الزيدية)‪.‬‬
‫‪ -‬تفسير غريب القرآف ‪.‬‬
‫‪ -‬تنبيو ذوي الفطن على حسن السعي إلطفاء نار الفتن ‪.‬‬
‫‪ -‬التفكيك لعقود التشكيك ‪.‬‬
‫‪ -‬التنوير في شرح الجامع الصغير ‪.‬‬
‫‪ -‬توضيح األفكار على تنقيح األنظار‪.‬‬
‫‪ -‬ثمرات النظر في علم األثر‪.‬‬
‫‪ -‬جمع الشتيت في شرح أبيات التثبيت ‪ .‬طبع في مكة سنة‪9389‬ىػ‪.‬‬
‫‪ -‬حاشية البحر الزخار‪( .‬نشر العرؼ ‪.)515/1‬‬
‫‪ -‬حاشية شرح الرضي على الكافية ‪.‬‬
‫‪ -‬الحراسة في مخالفة المشروع من السياسة ‪.‬‬
‫‪ -‬حسن النبا عن مسائل تعم الربا ‪::.‬‬

‫(‪)17/9‬‬

‫_____________________________‬

‫‪ -‬حكاية القوؿ في القرآف الكريم‪.‬‬


‫‪ -‬حل العقاؿ عما في رسالة الزكاة للجالؿ من اإلشكاؿ ‪ +‬ذيل حل العقاؿ‪.‬‬
‫‪ -‬محو الحوبة في شرح أبيات التوبة‬
‫‪ -‬در النظم المنير من خزانة البحر األمير ‪( 98‬ديواف شعر) ‪ ،‬وديواف محمد بن إسماعيل األمير طبع‬
‫في القاىرة سنة ‪9964‬ـ في ‪ 468‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -‬الدراية على شرح العناية نظم الهداية (ىداية السؤؿ إلى علم األصوؿ)‪ ،‬طبع مع كتاب ىداية السؤؿ‬
‫بصنعاء‪.‬‬
‫‪ -‬داللة اللفظ على المفهوـ ‪.‬‬
‫‪ -‬ذيل األبحاث المسددة‪.‬‬
‫‪ -‬الرسالة الصادقة في الجهلة الجبرية الكاذبة ‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة في الرسالة‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة في تحريم قبض السياسات ‪.‬‬
‫‪ -‬رفع األستار في أدلة القائلين بفناء النار ‪.‬‬
‫‪ -‬الروض النضير من خطب السيد األمير ‪.‬‬
‫‪ -‬الروضة الندية في شرح التحفة العلوية ‪ .‬طبع في الهند سنة ‪9311‬ىػ‪ ،‬وفي صنعاء سنة ‪9371‬ىػ ‪،‬‬
‫في ‪ 351‬صفحة وطبع مرارا‪.‬‬
‫‪ -‬سبل السالـ الموصلة إلى بلوغ المراـ ‪ .‬طبع مرارا ‪ ،‬وأقدـ طبعة لو في الهند سنة ‪9391‬ىػ ‪::.‬‬

‫(‪)18/9‬‬

‫_____________________________‬
‫‪ -‬سمط الفرائد في نظم القواعد ‪.‬‬
‫‪ -‬سمط الاللئ الدرية الحاوي للفوائد البدرية‪.‬‬
‫‪ -‬سؤاؿ وجوابو في حديث (الناس شركاء في ثالث) ‪( .‬طبع ضمن كتاب ذخاء علماء اليمن ‪ 945‬ػ‬
‫‪.)954‬‬
‫‪ -‬السهم الصائب في نحر القوؿ الكاذب‪.‬‬
‫‪ -‬السيف الباتر في يمين الصابر والشاكر ‪.‬‬
‫‪ -‬شرح نظم ورقات الجويني‪.‬‬
‫‪ -‬شرط الخبر الصحيح والعدالة في الرواية ‪.‬‬
‫‪ -‬شفاء الصدور بتقديم الغفور على الشكور ‪.‬‬
‫‪ -‬صحة صالة المفترض خلف المتنفل ‪.‬‬
‫‪ -‬العدة على شرح العمدة ‪ ،‬نشره علي بن محمد الهندي ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬المطبعة السلفية سنة ‪9379‬ىػ‬
‫في أربعة مجلدات‪.‬‬
‫‪ -‬العرؼ الندي في تحقيق مذىب اإلماـ المهدي ‪.‬‬
‫‪ -‬العمارة في بيوت األوقاؼ ‪.‬‬
‫‪ -‬غاية البياف لخصائص رمضاف ‪( .‬طبع ضمن ذخائر علماء اليمن ص‪ 915‬ػ ‪.)939‬‬
‫‪ -‬غاية التنقيح في أبحاث تتعلق بالتحسين والتقبيح ‪.‬‬
‫‪ -‬فتح الخالق في شرح مجمع الحقائق‪.‬‬
‫‪ -‬القوؿ المتين في عطية السالطين ‪.‬‬
‫‪ -‬القوؿ المقبوؿ في فيضاف الغيوؿ والسيوؿ‪.‬‬
‫‪ -‬كشف القناع في حل الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها من الرضاع‪::.‬‬

‫(‪)19/9‬‬

‫_____________________________‬

‫‪ -‬اللمعة في تحقيق شرائط الجمعة ‪( .‬طبع ضمن كتاب ذخائر علماء اليمن ص‪ 49‬ػ ‪. )59‬‬
‫‪ -‬المسائل المرضية في بياف اتفاؽ أىل السنة والزيدية ‪ .‬طبع في جدة في ‪ 99‬صفحة ‪.‬‬
‫‪ -‬المسائل المهمة فيما تعم بو البلوى من أحكاـ األمة ‪( .‬طبع ضمن كتاب ذخائر علماء اليمن ‪ 99‬ػ‬
‫‪. )993‬‬
‫‪ -‬المسألة الثاقبو لألنظار في تصحيح أدلة فسخ المرأة باإلعسار‪.‬‬
‫‪ -‬مفاتيح الرضواف في تفسير الذكر بآيات القرآف‪.‬‬
‫‪ -‬المفاضلة بين الصحاح والقاموس‪.‬‬
‫‪ -‬المفاخرة بين العنب والنخيل ‪( .‬نشر ضمن مقامات من األدب اليمني للحبشي) ‪ ،‬كما نشر لو مقامة‬
‫(حرؽ الكتب األدبية)‪.‬‬
‫‪ -‬منسك الحج ‪ .‬طبع بالقاىرة سنة ‪9348‬ىػ ‪.‬‬
‫‪ -‬منحة الغفار على ضوء النهار ‪ .‬طبع ضمن كتاب ضوء النهار‪.‬‬
‫‪ -‬نصرة المعبود في الرد على أىل وحدة الوجود‪.‬‬
‫‪ -‬نهاية التحرير في الرد على قولهم ليس في مختلف فيو نكير‪.‬‬
‫‪ -‬نهاية التحرير في المحرـ من لبس الحرير ‪.‬‬
‫‪ -‬النهر الغاسل للقوؿ الباطل‪.‬‬
‫‪ -‬نظم بلوغ المراـ من أحاديث األحكاـ (طبع في عدف سنة ‪9366‬ىػ) ‪.‬‬
‫‪ -‬ىدية ذوي األلباب إلى كيفية الحكم بين أىل الكتاب ‪.‬‬
‫‪ -‬ىداية السبيل إلى التوقف عن التكفير والتضليل بالتأويل‬
‫‪ -‬ىداية المرتاب إلى صحة نية العبادات لنيل الثواب ودفع العقاب‪::.‬‬

‫(‪)39/9‬‬

‫_____________________________‬

‫‪ -‬اليواقيت في المواقيت‪.‬‬
‫‪ -‬بحث في بيع النسيئو ‪.‬‬
‫‪ -‬صحة الطالؽ بلفظ التحريم‪.‬‬
‫‪ -‬نظم عمدة األحكاـ من كالـ خير األناـ للمقدسي ‪ ،‬وصل فيو إلى كتاب الجنائز ‪::.‬‬

‫(‪)39/9‬‬

‫_____________________________‬

‫األمير الشاعر‬
‫إذا كاف األمير الصنعاني من أبرز علماء االجتهاد في عصره ‪ ،‬وإذا كاف األمير قد أغنى المكتبة العربية‬
‫واإلسالمية بمؤلفاتو القيمة التي انتفع بها المسلموف في أرجاء المعمورة ‪ ،‬فإنو كذلك في مقدمة شعراء‬
‫عصره الذين اتخذوا الكلمة الحرة سالحا لنضالهم الديني والوطني ‪ ،‬ودافعوا عن الشعب وعقيدتو بكل‬
‫إيماف وإخالص وتضحية ‪ ،‬ولم تكبح من جماح نضالهم الصادؽ السجوف والمعتقالت ‪ ،‬أو تثنيهم عن‬
‫ذلك النضاؿ المجيد تهديدات الحكاـ ‪ ،‬ودسائس المنتمين إليهم بحكم مصالحهم الشخصية ‪ ،‬ولقد‬
‫ىدد األمير الصنعاني بالقتل غير مرة ومن غير جهة ‪ ،‬كما عاش مشردا عن صنعاء مهد طفولتو لمواقفو‬
‫النضالية المتحررة من قيود التعصب والتقليد ‪ ،‬ومن عوامل التبعية في أي مسلك من المسالك‪.‬‬
‫ولألمير الصنعاني ديواف شعر ‪ ،‬يضم ما ينوؼ على أربعمائة صفحة ‪ ،‬وىو في معظم قصائد ديوانو ملتزـ‬
‫نهجو المعروؼ بالنضاؿ والثورة على الظلم والظالمين غير ىياب لسطوتهم ‪ ،‬وأساليب مكرىم ‪ ،‬وكاف‬
‫سالحو في كل ذلك إيمانو الراسخ الذي ال يتزعزع ‪ ،‬حتى أصبحت لو مدرسة علمية تعرؼ بمدرسة‬
‫البدر األمير ‪ ،‬وإذا لمس شيئا من االنحراؼ في تلميذ من تالميذ مدرستو ومشايعتو للظلمة ‪ ،‬سارع إلى‬
‫تصحيح ذلك االنحراؼ بقدرة فائقة‪.‬‬
‫وإلى جانب إيمانو الذي كاف سالحو وعمدتو في محارية الظلم والظالمين ‪ ،‬كانت الكلمة الصادقة أيضا‬
‫سالحو األمضى إما شعرا أو نثرا ‪ ،‬وىو في كال األسلوبين مبرز ومجيد ‪ ،‬ولم يكن شعره قاصرا على‬
‫المسائل العلمية كغيره من علماء عصره ‪ ،‬فاألمير الصنعاني شاعر مبدع مترسل ‪ ،‬وذلك ألف بيئتو التي‬
‫عاش بها كونت مواىبو األدبية وخلقت منو شاعرا فحال ‪ ،‬فأبوه وأستاذه في علوـ اللغة‬

‫(‪)31/9‬‬

‫_____________________________‬

‫واألدب وغيرىما من أبرز شعراء عصره ‪ ،‬وشعره الرقيق المعبر عن أصدؽ المشاعر الجياشة ‪ ،‬يحدد‬
‫لدارسيو مكانتو المرموقة حين ذاؾ‪.‬‬
‫فاألمير األب أرؽ شعرا من األمير االبن ‪ ،‬كما أف األمير االبن أوسع معرفة من األمير األب ‪ ،‬ولو مع أبيو‬
‫رسائل شعرية بديعة ترينا معنى األصالة والعراقة في مدرستو العلمية واألدبية ‪ ،‬كما شهد لو بذلك علماء‬
‫وأدباء عصره ‪ ،‬ومنهم أبوه إسماعيل بن صالح األمير ‪ ،‬وىو من الذين يتحروف الصدؽ في أقوالهم‬
‫وأفعالهم‪.‬‬
‫وكاف األمير األب لتواضعو وىو العالم الجليل واألديب المرموؽ ‪ ،‬يجلس في حلقات درس ابنو مجلس‬
‫التلميذ من أستاذه ‪ ،‬وال يجد في ذلك حرجا أو غضاضة ‪ ،‬فالفرع قد يزكو على األصل ويفوؽ ‪ ،‬ومن‬
‫ذلك ما قالو األمير األب إسماعيل بن صالح البنو محمد بن إسماعيل في قصيدتو البائية مشيدا بمناقبو‬
‫العلمية‪:‬‬

‫وإف ذكرت العلم ‪ ...‬فهو الفارس المجرب‬


‫جال على أقرانو ‪ ...‬إذ سابقوه وكبوا‬
‫أعجبهم أف يلحقوا ‪ ...‬بمجده فأضربوا‬
‫ما زاؿ في كسب العلوـ ‪ ...‬من صباه يدأب‬
‫حتى ارتقى مرتبة ‪ ...‬تنحط عنها الرتب‬
‫بفطنة تبدو فما ‪ ...‬عنها الصواب يحجب‬
‫يمشي مع الحق ‪ ...‬فما يقتاده التعصب‬

‫ويقوؿ معترفا في تواضع منقطع النظير ‪ ،‬وذلك بما البنو من مناقب ‪ ،‬مشيرا إلى مكانتو العلمية الرفيعة‪:‬‬

‫ما زاؿ يهديني إلى ‪ ...‬نهج الهدى ويندب‬


‫حتى كأني ولد ‪ ...‬مؤدب وىو األب‬
‫فاعجب لها قضية ‪ ...‬لمثلها يستغرب‬
‫وإف أرتنا عجبا ‪ ...‬فإنني ال أعجب‬

‫(‪)33/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فالفرع قد يزكو ‪ ...‬على أصولو وينجب‬


‫ىذي الضمار كلها ‪ ...‬أصولهن الخشب‬

‫ومن مدينة كحالف بعث البدر األمير الصنعاني إلى أبيو قصيدة جوابية مماثلة ‪ ،‬ومن تلك القصيدة ما‬
‫جاء مترجما عن زىد أبيو‪:‬‬

‫والزىد في ىذي الدنا ‪ ...‬لغيره ال ينسب‬


‫لقد تساوى عنده ‪ ...‬ترابها والذىب‬
‫آثر خدمة الذي ‪ ...‬إليو ينهى الطلب‬
‫على ملوؾ ما بهم ‪ ...‬في الدين إال اللقب‬
‫فال تراه شاكيا ‪ ...‬منهم إذا ما تحتجبوا‬
‫قطب ولي زاىد ‪ ...‬إليو تسمو الرتب‬
‫ذو فطنة وقادة ‪ ...‬أخاؼ ال تلتهب‬
‫وشعره في رقة ‪ ...‬من الطروس يشرب‬

‫وقاؿ مجيبا على السؤاؿ المشهور الذي أورده بعض الذميين ذكره المقبلي في (( العلم الشامخ )) وقد‬
‫أجاب عنو عدة من العلماء‪:‬‬

‫نعم قد قضى ربي بما ىو كائن ‪ ...‬بهذا أقاـ اهلل جل األدلة‬


‫وكفرؾ مما قد قضاه كما قضى ‪ ...‬بأفعالو في خلقو للبرية‬
‫وما سد عنك الباب كال وإنما ‪ ...‬أتاؾ اختيارا وىو أعظم حجة‬
‫فأنت سددت الباب جهال وضلة ‪ ...‬كما صنع الضالؿ في باب حطة‬
‫كذبت بأف اهلل قاؿ ارض بالقضا ‪ ...‬أيأمر أف ترضى بكفر وضلة‬
‫بلى قاؿ ال تكفر بأمر بالذي ‪ ...‬نهى عنو ىذا منك أعظم فرية‬
‫وصرح في الذكر المبين بنفيو ‪ ...‬رضاه بو فانظره في خير سورة‬
‫وسبق القضا ال يقتضي الجبر ىل ترى ‪...‬إلهك مجبورا لسبق القضية‬

‫(‪)34/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فإف قضاه سابق كل كائن ‪ ...‬ألفعالو قطعا وفعل البرية‬


‫وما أحد ينفي اختيار مكلف ‪ ...‬سوى جهم اآلتي بكل عجيبة‬
‫ومن قاؿ فعل العبد كسب فقد نجا ‪ ...‬وإف كاف ىذا الكسب في بطن خفية‬
‫ولكنهم [قد] فارقوا جهما الذي ‪ ...‬يقوؿ بأف العبد كالشجر التي‬
‫تميلها ريح تهب بدوحها ‪ ...‬تميل بها األغصاف في كل ىبة‬
‫فال تدعهم جبرية بعد ىذه ‪ ...‬وأنصف وجانب كل ذي عصبية‬
‫ولو كاف ىذا السبق عذرا لكافر ‪ ...‬إذا عذر الكفار باري البرية‬
‫وما شاء منك الكفر قط وإف بو بقضى ‪ ...‬فالقضاء ليس اختيار المشيئة‬
‫فما ىو إال العلم أنك ترتضي الضاللة ‪ ...‬اختيارا منك أقبح فعلة‬
‫وما العلم إال سابق غير سائق ‪ ...‬كذاؾ القضا فاعرؼ أصوؿ الشريعة‬
‫قضى ثم آتاؾ اختيارا وقد ىدى العباد ‪ ...‬إلى نجدى رشاد وشقوة‬
‫فأنت الذي اخترت الشقاء على الهدى ‪ ...‬فخذ شؤـ ما قدمت من كل زلة‬
‫وعلم وصي المصطفى في جوابو ‪ ...‬على سائل وافى بهذي البلية‬
‫بما ىو كل الحق فانظر جوابو ‪ ...‬تجده شفاء الداء من كل علة‬
‫ومن لم يكن باهلل والرسل مؤمنا ‪ ...‬فقد فاز بالخسراف في كل ملة‬
‫وصل على المختار واآلؿ إنها ‪ ...‬ختاـ بمسك في تماـ القصيدة‬
‫التحفة العلوية‬
‫وقاؿ رضي اهلل عنو مادحا أمير المؤمنين وسيد المتقين علي بن أبي طالب كرـ اهلل وجهو وسماىا ((‬
‫التحفة العلوية )) ‪ ،‬وشرحها بشرح نفيس سماه (( الروضة الندية )) وىو مجلد طبع عدة طبعات‪ ،‬قاؿ‪:‬‬

‫تحفة تهدى لمن يهوى عليا ‪ ...‬من رقى شأوا من المجد عليا‬

‫(‪)35/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وتحيي كل حي صادؽ ‪ ...‬قلبو مغرى بمن حل الغريا‬


‫وتنادي كل ناد حافل ‪ ...‬بلساف تنشر المسك ذكيا‬
‫لم يكن من مسك دارين وقد ‪ ...‬مأل الدارين عرفا معنويا‬
‫ضمخوا أسماعكم من نشره ‪ ...‬وارشفوا كأسا من النظم رويا‬
‫يا إماما سبق الخلق إلى ‪ ...‬طاعة المختار مذ كاف صبيا‬
‫باذال للنفس فيما يرتضي ‪ ...‬سيدا لرسل صباحا وعشيا‬
‫فرقى في مكة أكتافو ‪ ...‬فغدت أصنامهم منو جثيا‬
‫كاد أف يلمس أفالؾ السما ‪ ...‬ويالقي كفو كف الثريا‬
‫وفداه ليلة ىمت بو ‪ ...‬فتية تابعت الشيخ الغويا‬
‫بات في مضجعو حين سرى ‪ ...‬يا بروحي ساريا كاف سريا‬
‫خاب ما راموا وىب المرتضى ‪ ...‬ونجى المختار يطوي البيد طيا‬
‫واألمانات إلى أربابها ‪ ...‬عنو أداىا ووافاه بريا‬
‫كاف سهما نافذا حين مضى ‪ ...‬وعلى األعداء سيفا مشرفيا‬
‫من ببدر فلق الهاـ وقد ‪ ...‬ىاـ في الشقوة من كاف شقيا‬
‫وبأحد حين شبت نارىا ‪ ...‬فتية كانت بها أولى صليا‬
‫وابن ود من ترى قطره ‪ ...‬وىو ليث كاف في الحرب جريا‬
‫وانشر األخبار عن خيبر يا ‪ ...‬حبذا فتح بها كاف سنيا‬
‫وأبو السبطين يشكو جفنو ‪ ...‬وبريق المصطفى عاد بريا‬
‫ثم أعطاه بها رايتو ‪ ...‬بعد أف بشر بالفتح عشيا‬
‫ذاكرا أوصاؼ من يحملها ‪ ...‬فتمنى الكل لو كاف عليا‬
‫فدحى الباب وأردى مرحبا ‪ ...‬بعد أف صارع فيها قسوريا‬
‫ثم كاف الفتح والفيء بها ‪ ...‬واصطفى المختار من تلك صفيا‬
‫وحنينا سل بها أبطالها ‪ ...‬كم بها أردى من الكفر كميا‬

‫(‪)36/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وسل الناكث والقاسط والػ ‪ ...‬مارؽ اآلخذ باأليماف غيا‬


‫وقضايا فتكو لو رمتها ‪ ...‬رمت ما يعجزني لو دمت حيا‬
‫وىي في شهرتها شمس الضحى ‪ ...‬ىل ترى يجهل للشمس محيا‬
‫وكذا ما خصو اهلل بو ‪ ...‬من خصاؿ حصرىا ال يتهيا‬
‫من سواه كاف صنو المصطفى ‪ ...‬أو سواه بعده كاف وصيا‬
‫وأخي قاؿ لو خير الورى ‪ ...‬وىو أمر ظاىر ليس خفيا‬
‫وكهاروف غدا في شأنو ‪ ...‬منو إال أنو ليس نبيا‬
‫وبعيسى صح فيو مثل ‪ ...‬فسعيدا عد منهم وشقيا‬
‫وغداة الطير من شاركو ‪ ...‬فيو إذ جاء لو الطير شويا‬
‫وعليو الشمس ردت فغدا ‪ ...‬أفقها من بعد إظالـ مضيا‬
‫وبخم قاـ فيهم خاطبا ‪ ...‬تحت أشجار بها كاف تقيا‬
‫قائال من كنت مواله فقد ‪ ...‬صار مواله كما كنت عليا‬
‫والذي زكى بما في كفو ‪ ...‬راكعا أكرـ بو برا زكيا‬
‫ونفاقا بغضو صح كما ‪ ...‬حبو عنواف من كاف تقيا‬
‫باب علم المصطفى إف تأتو ‪ ...‬فهنيئا لك بالعلم مريا‬
‫فهو بحر عنو فاضت أبحر ‪ ...‬فاغترؼ منو إذا كنت ذكيا‬
‫كم قضايا حار صحب المصطفى ‪ ...‬عندىا أبدى لها حكما جليا‬
‫ولكم ظمآف وافى بحره ‪ ...‬فغدا من بحره العذب رويا‬
‫كل علم فإليو مسند ‪ ...‬سندا عند ذوي العلم عليا‬
‫من سواه وضع النحو وقد ‪ ...‬راعو لحن بمن قد حاز عيا‬

‫ولما اطلع على ىذا المقدار والده العالمة الزاىد إسماعيل بن صالح األمير رضي اهلل عنو قاؿ مذيال‬
‫لها‪:‬‬
‫ويدور الحق معو حيثما ‪ ...‬دار فافهمو حديثا نبويا‬

‫(‪)37/9‬‬

‫_____________________________‬

‫واختصاص اهلل بالزىرا لو ‪ ...‬لسواه مثلو لم يتهيا‬


‫فغدت عترتو من أجلها ‪ ...‬عترة المختار نصا أحمديا‬
‫وغدا السبطاف واآلؿ إذا ‪ ...‬نسبوىم نبويا علويا‬
‫وبو باىل طو إذ أتى ‪ ...‬وفد نجراف إذا كنت غبيا‬
‫وإذف سماه طو نفسو ‪ ...‬يا لو مجدا بو خص سميا‬

‫إلى ىنا من الذيل ‪ ،‬وقاؿ الوالد البدر رضي اهلل عنو‪:‬‬

‫معرض عن ىذه الدنيا يرى ‪ ...‬مقبال إف كاف أمرا أخرويا‬


‫ما ارتضى الدنيا وال زىرتها ‪ ...‬وأثاثا حسنا فيها وريا‬
‫قائال أنت ثالثا طالق ‪ ...‬قاليا وشيا عليها وحليا‬
‫والبالغات إليو تنتهي ‪ ...‬نهجو فيها يرى النهج السويا‬
‫إف رقى المنبر يوما خاطبا ‪ ...‬عاد سحباف لديو باقليا‬
‫حكم اليوناف والفرس معا ‪ ...‬ما تداني منو لفظا علويا‬
‫الزـ المحراب والحرب إلى ‪ ...‬أف أتى أشقى الورى األمر الفريا‬
‫ومضى نحو جوار المصطفى ‪ ...‬حبذا دار وجار قد تهيا‬
‫قائالت حورىا حين أتى ‪ ...‬مرحبا أىال بذا الروح وحيا‬
‫ومضى األشقى إلى قعر لظى ‪ ...‬يتصالىا غدوا وعشيا‬
‫عاقر الناقة فيها جاره ‪ ...‬ليس جار األشقياء إال شقيا‬

‫ثم قاؿ والده الضياء رحمو اهلل مذيال‪:‬‬

‫ثم قل من يسقي الخلق إذا ‪ ...‬وردوا في الحشر ماء كوثريا‬


‫ولواء الحمد من يحملو ‪ ...‬غيره أكرـ بو فخرا عليا‬
‫قل من المدح بما شئت فلم ‪ ...‬تأت فيما قلتو شيئا فريا‬
‫كل من راـ يداني شأوه ‪ ...‬في العلى فاعدده روما أشعبيا‬
‫كتمت أعداؤه من فضلو ‪ ...‬ما ىو الشمس فما يغنوف شيا‬

‫(‪)38/9‬‬

‫_____________________________‬

‫زعموا أف يطفئوا أنواره ‪ ...‬وىو نور اهلل ما انفك مضيا‬


‫كلما للصحب من مكرمة ‪ ...‬فلو السبق تراه األوليا‬
‫جمعت فيو وفيهم فرقت ‪ ...‬فلهذا فوقهم صار عليا‬
‫ناؿ ما قد ناؿ كل منهم ‪ ...‬والذي سابقو عاد بطيا‬
‫وكفاه كونو للمصطفى ‪ ...‬ثانيا في كل ذكر وصفيا‬
‫صلوات اهلل تترى لهما ‪ ...‬وعلى اآلؿ صباحا وعشيا‬

‫(‪)39/9‬‬

‫_____________________________‬

‫القصيدة النجدية‬

‫سالـ على نجد ومن حل في نجد‬


‫وإف كاف تسليمي عن(‪ )9‬البعد ال يجدي‬
‫لقد صدرت من سفح صنعاء سقى الحيا‬
‫رباىا وحياىا بقهقهة الرعد‬
‫سرت من أسير يسأؿ الريح إف سرت‬
‫أال يا صبا نجد متى ىجت من نجد‬
‫يذكرني مسراؾ نجدا وأىلو‬
‫لقد زادني مسراؾ وجدا على وجد‬
‫قفي واسألي عن عالم حل سوحها‬
‫بو يهتدي من ضل عن منهج الرشد‬
‫محمد الهادي لسنة أحمد‬
‫فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي‬
‫لقد أنكرت كل الطوائف قولو‬
‫بال صدر في الحق منهم وال ورد‬
‫وما كل قوؿ بالقبوؿ مقابل‬
‫وال كل قوؿ واجب الطرد والرد‬
‫سوى ما أتى عن ربنا ورسولو‬
‫فذلك قوؿ جل قدرا عن الرد‬
‫وأما أقاويل الرجاؿ فإنها ‪...‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪ :‬على‪.‬‬

‫(‪)49/9‬‬

‫_____________________________‬

‫تدور على قدر األدلة في النقد‬


‫وقد جاءت األخبار عنو بأنو‬
‫يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي‬
‫وينشر جهرا ما طوى كل جاىل‬
‫ومبتدع منو فوافق ما عندي‬

‫(فصل في بدع المشاىد)‬


‫ويعمر أركاف الشريعة ىادما‬
‫مشاىد ضل الناس فيها عن الرشد‬
‫أعادوا بها معنى سواع ومثلو‬
‫يغوث وود بئس ذلك من ود‬
‫وقد ىتفوا عند الشدائد باسمها‬
‫كما يهتف المضطر بالصمد الفرد‬
‫وكم عقروا في سوحها من عقيرة‬
‫أىلت لغير اهلل جهال على عمد‬
‫وكم طائف حوؿ القبور مقبل‬
‫وملتمس األركاف منهن باأليدي‬
‫(فصل في كتاب دالئل الخيرات)‬

‫وحرؽ عمدا للدالئل دفترا‬


‫أصاب ففيها ما يجل عن العد‬
‫غلو نهى عنو الرسوؿ وفرية‬
‫بال مرية فاتركو إف كنت تستهدي‬
‫أحاديث ال تعزى إلى عالم فال ‪...‬‬

‫(‪)49/9‬‬

‫_____________________________‬

‫تساوي فلسا إف رجعت إلى النقد‬


‫وصيرىا الجهاؿ للدرس ضرة‬
‫ترى درسها أزكى لديها من الحمد‬
‫لقد سرني ما جاءني من طريقو‬
‫وكنت أرى ىذي الطريقة لي وحدي‬

‫(فصل في ذكر بدعة المذاىب والتمذىب)‬

‫وأقبح من كل ابتداع سمعتو‬


‫وأنكاه للقلب الموفق ذي الرشد‬
‫مذاىب من راـ الخالؼ لبعضها‬
‫يعض بأنياب األساود واألسد‬
‫يصب عليو سوط ذـ وعيبة‬
‫ويجفوه من قد كاف يهواه عن عمد‬
‫ويعزى إليو كل ماال يقولو‬
‫لتبغيضو عند التهامي والنجدي‬
‫فيرميو أىل النصب بالرفض فرية‬
‫ويرميو أىل الرفض بالنصب والجحد‬
‫وليس لو ذنب سوى أنو غدا‬
‫يتابع قوؿ اهلل في الحل والعقد‬
‫ويتبع أقواؿ الرسوؿ محمد‬
‫وىل غيره باهلل في الناس من يهدي‬
‫لئن عده الجهاؿ ذنبا فحبذا ‪...‬‬

‫(‪)41/9‬‬

‫_____________________________‬

‫بو حبذا يوـ انفرادي في لحدي‬

‫(فصل في ذكرأئمة المذاىب األربعة وبرآءتهم عن طلب تقليدىم)‬

‫عالـ جعلتم أيها الناس ديننا‬


‫ألربعة ال شك في فضلهم عندي ؟‬
‫ىم علماء الدين شرقا ومغربا‬
‫ونور عيوف الفضل والحق والزىد‬
‫ولكنهم كالناس ليس كالمهم‬
‫دليال وال تقليدىم في غد يجدي‬
‫وال زعموا حاشاىم أف قولهم‬
‫دليل فيستهدي بو كل مستهدي‬
‫بلى صرحوا أنا نقابل قولهم‬
‫إذا خالف المنصوص بالقدح والرد‬

‫(فصل في الثناء على من تمسك باألحاديث)‬

‫سالـ على أىل الحديث فإنني‬


‫نشأت على حب األحاديث من مهدي‬
‫ىم بذلوا في حفظ سنة أحمد‬
‫وتنقيحها من جهدىم غاية الجهد‬
‫وأعني بهم أسالؼ أمة أحمد‬
‫أولئك في بيت القصيد ىم قصدي‬
‫أولئك أمثاؿ البخاري ومسلم ‪...‬‬

‫(‪)43/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وأحمد أىل الجد في العلم والجد‬


‫بحور وحاشاىم عن الجزر إنما‬
‫لهم مدد يأتي من اهلل بالمد‬
‫رووا وارتووا من علم سنة أحمد‬
‫وليست لهم تلك المذاىب من ورد‬
‫كفاىم كتاب اهلل والسنة التي‬
‫كفت قبلهم صحب الرسوؿ ذوي الرشد‬
‫أأنتم أىدى أـ صحابة أحمد‬
‫وأىل الكساء ىيهات ما الشوؾ كالورد‬
‫أولئك أىدى في الطريقة منكم‬
‫فهم قدوتي حتى أوسد في لحدي‬
‫وشتاف ما بين المقلد في الهدى‬
‫ومن يقتدي والضد يعرؼ بالضد‬
‫فمن قلد النعماف أصبح شاربا‬
‫نبيذا وفيو القوؿ للبعض بالحد‬
‫ومن يقتدي أضحى إماـ معارؼ‬
‫وكاف أويسا في العبادة والزىد‬
‫فمقتديا في الحق كن ال مقلدا‬
‫وخل أخا التقليد في األسر في القد (‪)9‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬السير الذي يقد من الجلد‪.‬‬

‫(‪)44/9‬‬

‫_____________________________‬
‫(فصل في بدعة القائلين بوحدة الوجود المساوين بين األنبياء وأىل الجحود)‬

‫وأكفر أىل األرض من قاؿ إنو‬


‫إلو فإف اهلل جل عن الند‬
‫فسماه كل الكائنات جميعها‬
‫من الكلب والخنزير والقرد والفهد‬
‫وإف عذاب النار عذب ألىلو‬
‫سواء عذاب النار أو جنة الخلد‬
‫وعباد عجل السامري على ىدى‬
‫والئمهم في اللوـ ليس على رشد‬
‫وتنشدنا عنو نصوص فصوصو‬
‫تنادي خذوا في النظم مضموف ما عندي‬
‫وكنت أرى من جند إبليس فارتقى(‪)9‬‬
‫بي الدىر حتى صار إبليس من جندي‬
‫فلو مات قبلي كنت أدركت بعده‬
‫دقائق كفر ليس يدركها بعدي‬
‫وكم من ضالؿ في الفتوحات صدقت‬
‫بو فرقة أضحوا ألد من اللد‬
‫يلوذوف عند العجز بالذوؽ ليتهم‬
‫يذوقوف طعم الحق فالحق كالشهد‬
‫فنسألهم ما الذوؽ قالوا مثالو‬
‫عزيز فال بالرسم يدرؾ والحد‬
‫تسترىم بالكشف والذوؽ أشعرا ‪...‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪( ،‬ج)‪ :‬فارتمى‪.‬‬

‫(‪)45/9‬‬

‫_____________________________‬
‫بأنهم عن مطلب الحق في بعد‬
‫ومن يطلب اإلنصاؼ يدلي بحجة‬
‫ويرجع أحيانا ويهدي ويستهدي‬
‫وىيهات كل في الديانة تابع‬
‫أباه كأف الحق في األب والجد‬
‫وقد قاؿ ىذا قبلهم كل مشرؾ‬
‫فهل قدحوا ىذي العقيدة عن زند‬
‫كذلك أصحاب الكتاب تتابعوا‬
‫على مذىب األسالؼ فردا على فرد‬

‫(فصل في اغتراب الدين)‬

‫وىذا اغتراب الدين فاصبر فإنني‬


‫غريب وأصحابي كثير بال عد‬
‫إذا ما رأوني عظموني وإف أغب‬
‫فكم أكلوا لحمي وكم مزقوا جلدي‬
‫ىنيئا مريئا في اغتيابي فوائد‬
‫أفوز بها عند افترادي في لحدي‬
‫يصلي ولي أجر الصالة وصومو‬
‫ولي كل شيء من محاسنو يبدي‬
‫وكم حاسد قد أنضج الغيظ قلبو‬
‫ولكنو غيظ األسير على القد‬
‫ودونكها تحوي علوما جليلة ‪...‬‬

‫(‪)46/9‬‬

‫_____________________________‬

‫منزىة عن وصف قد وعن خد‬


‫وال مدحت وصال لليلى وزينب‬
‫وال ىي ذمت ىجر سعدى وال ىند‬
‫إليك طوت عرض الفيافي وطولها‬
‫فكم قطعت غورا ونجدا إلى نجد‬
‫أناخت بنجد واستراح ركابها‬
‫وراح خليا عن رحيل وعن شد‬
‫فأحسن قراىا (‪ )9‬بالقراءة ناطما‬
‫جوابا فقد أضحت لديك من الوفد‬
‫وصل على المختار واآلؿ إنها‬
‫لحسن ختاـ النظم واسطة العقد‬

‫أحدثت قصيدة البدر األمير ىذه ضجة كبرى في الجزيرة العربية ‪ ،‬والوطن العربي عموما‪ ،‬وىذا يدؿ على‬
‫مكانة البدر األمير‪ ،‬واتساع نطاؽ شهرتو التي طبقت اآلفاؽ‪ ،‬وأثارت موجة من السخط واإلستياء لدى‬
‫رجاؿ العلم واألدب خاصة‪ ،‬وىذا أيضا يدؿ على مقت شديد للشيخ محمد بن عبد الوىاب ‪،‬واستنكار‬
‫صارخ لتوجهاتو وممارساتو ضد المسلمين ‪.‬‬
‫فما كاف من علماء المسلمين على اختالؼ مذاىبهم وبلدانهم ‪ ،‬إال أف تصدوا للرد على البدر األمير‪،‬‬
‫وكشف حقيقة ابن عبد الوىاب‪ ،‬وممن تصدى للرد على البدر األمير الشيخ العالمة ناصر بن حسين‬
‫المحبشي الزيدي اليمني ‪ ،‬فإنو رحمو اهلل‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬ضيافتها وحسن استقبالها‪.‬‬

‫(‪)47/9‬‬

‫_____________________________‬

‫راجع البدر رضي اهلل عنو نثرا ونظما سائال عن وجو تصويب تحريق دالئل الخيرات ‪ ،‬قاؿ ‪:‬‬

‫أتاني در النظم من عالم مهدي‬


‫إلى عالم حبر تقي من نجد‬
‫يقرظو فيو لحسن طريقة‬
‫تحلى بها بين األناـ على قصد‬
‫لينصر شرع اهلل ممن أصابو‬
‫بجهل وتقليد األوائل عن عمد‬
‫ولكنو قد حك في الصدر قولكم‬
‫أصاب ففيها ما يحل عن العد‬
‫أزؿ ما عساه أف يكوف تخيال‬
‫مفصلو في النثر من واضح الرد‬
‫فللو ما أسديت يا عالم الورى‬
‫وال زلت فينا دائما للهدى تهدي‬
‫لقد سرني ما جاءني منك مرشدا‬
‫وذكرني أياـ شافهت بالرشد‬
‫ليالي قضينا من العلم حقو‬
‫وأبدؿ فيو مسلك النحس بالسعد‬
‫فليت إلهي يجمع الشمل بيننا‬
‫نجدد للعلم الشبيبة بالعهد‬
‫أحن ألياـ الوصاؿ وطيبها‬
‫ويوىنني أف التأسف ال يجدي‬
‫وإني على شرط المودة واإلخا‬

‫(‪)48/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وإف كانت األجساد منا على بعد‬


‫فدـ في رضا موالؾ في كل لحظة‬
‫وذكر فإف الذكر ينفع في الخلد‬

‫فأجاب البدر األمير رضواف اهلل عليو‪:‬‬

‫يسائلني من باىتدائي يستهدي‬


‫وذلك ىدي المصطفى خير من يهدي‬
‫عالـ أصوب رأي من أحرؽ الدال‬
‫ئل للخيرات من ساكني نجد‬
‫وأحسنت باستكشاؼ ما ىو مشكل‬
‫لديك فخذ عني الجواب الذي أبدي‬
‫وقد قلت في األبيات ما أنت عارؼ‬
‫لو من دليل في الذي قلتو عندي‬
‫غلو نهى عنو الرسوؿ وفرية‬
‫بال مرية فاتركو إف كنت تستهدي‬
‫أحاديث ال تعزى إلى عالم وال‬
‫تساوي فلسا إف رجعت إلى النقد‬
‫فهذاف من أقوى األدلة عند من‬
‫يصوب تحريق البياض من الجلد‬
‫وأشرحها بالنثر فالنظم قاصر الػ‬
‫عبارة عن ذكر األدلة والسرد‬
‫وخير األمور السالفات على الهدى‬
‫وشر األمور المحدثات على عمد‬
‫وذكرتني يا بن الحسين لياليا ‪...‬‬

‫(‪)49/9‬‬

‫_____________________________‬

‫تقضت لنا بالوصل في طالع السعد‬


‫نخوض بها في كل فن بفطنة‬
‫وذىن يرى أمضى من الصارـ الهندي‬
‫فنفتح منها كل ما كاف مقفال‬
‫ونفتض أبكار المعاني بما نبدي‬
‫كأنا إذا ما مجلس العلم ضمنا‬
‫نكوف على التحقيق في جنة الخلد‬
‫فواهلل ما في ىذه الدار لذة‬
‫سوىالعلم إف وافقت في العلم من يهدي‬
‫ذكيا تقيا منصفا ليس ىمو‬
‫سوى الحق يهدي من يشاء ويستهدي‬
‫قنوعا من الدنيا كفاه كفافها‬
‫تسربل فيها بالقناعة والزىد‬
‫يناصح سكاف البسيطة طاىر اللػ‬
‫ػساف سليم الصدر خلوا عن الحقد‬
‫فهذا الذي لو كنت يوما وجدتو‬
‫ظفرت بما أىوى وجدت بما عندي‬
‫عسى ولعل اهلل يجمع شملنا‬
‫فقد يجمع اهلل الشتيتين من بعد‬

‫فتخضر روضات العلوـ ونجتني‬


‫ثمار الهدى والحق من روضها الوردي‬
‫وإال فصلني بالدعا كل ساعة ‪...‬‬

‫(‪)59/9‬‬

‫_____________________________‬

‫إذا كنت حيا أو رحلت إلى لحدي‬


‫وقل لي جزاه اهلل خيرا فإنو‬
‫دعانا إلى نهج الهداية والرشد‬
‫إلى ىدي خير المرسلين محمد‬
‫عليو صالة اهلل تترى بال عد‬
‫وصل على اآلؿ الكراـ وصحبو الػ‬
‫ػفخاـ ذوي العز المشيد والمجد‬

‫ورد السهروردي على قصيدة األمير الصنعاني بقصيدة طنانة من بحرىا ورويها ‪ ،‬سماىا‪:‬‬
‫(الصوارـ الهندية ‪ ،‬المسلولة على رؤوس النجدية)‬

‫قواضب أىل الحق مرىفة الحد‬


‫لضرب رقاب الخارجين عن الحد‬
‫وأسهم فضل يصرع الجهل وقعها‬
‫ويقطع عرؽ النصب من كل مرتد‬
‫وأفراس عرفاف تكر على الذي‬
‫تمادى على أىل المفاخر والرشد‬
‫كراـ لهم في معرؾ البحث قوة‬
‫متى ما التقى الجمعاف في موقف الرد‬
‫إذا برزوا يوـ الجداؿ رأيتهم‬
‫أسود شرى ال بل أجل من األسد‬
‫رويدؾ مهال إنما قلت آنفا ‪...‬‬

‫(‪)59/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وما كاف من علم لديك ومن زىد‬


‫وأين البحوث الرائقات؟ وأينما‬
‫تداركتو فهما على زعمك المردي‬
‫فيكفيك فخرا لو فهمت مقالهم‬
‫وما حرروه من سؤاؿ ومن رد‬
‫ولكن أين الفهم منك؟ وأين ىم‬
‫وأين الثريا والسهيل من الصلد‬
‫‪...‬‬
‫فواهلل لو ذاكرت تلميذ بعضهم‬
‫لما بؤت إال بالمذلة والطرد‬
‫وتلقم أحجار العنا ال تطيق أف‬
‫تفوه بحرؼ قط من كثرة الوجد‬
‫على أنهم في كل فن أئمة‬
‫جهابذة في الجزر منو وفي المد‬
‫مداره أحكاـ الكتاب وسنة الػ‬
‫نبي وأقواؿ األئمة من بعد‬
‫وآدابها كالصرؼ كالنحو كاللغاة‬
‫وكالوضع مع ما في البياف من الشهد‬
‫وحازوا الرياضي والطبيعي جميعو‬
‫وأطرافو كالهندسيات والعد‬

‫ولم يدعوا ما تدعيو ولم يعوا‬


‫إلى ناعق يدعو من الجانب النجدي‬
‫وأينك واللطف الغياث ومن مضى ‪...‬‬

‫(‪)51/9‬‬

‫_____________________________‬

‫من السادة األعالـ كالحجة المهدي‬


‫عليهم سالـ كم لهم من مآثر‬
‫من الفضل ال تحصى بحصر وال عد‬
‫وال شك تسليم الوعود مصيبة‬
‫لما فيو من وقع الزالزؿ والعمد‬
‫وكاف صواب القوؿ فيها سقا الحيا‬
‫رباىا وحياىا بمنسكب العهد‬
‫غدوت لهذا الشأف أنشد مفردا‬
‫وأرثيهم واىجيو من شدة الحقد‬
‫لقد شرب الدىر الخؤوف صفاءىم‬
‫فأبقى وحوال كدرت موردة الحمد‬
‫أقوؿ وخير القوؿ ما كاف صادقا‬
‫وشر كالـ المرء ما كاف ذا إد‬
‫وبعد فقد وافت قوافي معاند‬
‫روائح نتن الكفر من نظمها يبدي‬
‫وحين تقوى العزـ في رفع قولو‬
‫وريشت سهم الرمي بالمنطق الكندي‬
‫نظرت إلى ما يدعيو فلم أجد‬
‫دليال لو يقوى على مقتضى رد‬

‫فأوردت إيرادا وسطرت عجزىا‬


‫وعجزتها بالصدر فاقنع بما أسدي‬
‫فيا سائلي سمعا لضعف مقالة ‪...‬‬

‫(‪)53/9‬‬

‫_____________________________‬

‫(سالـ على نجد ومن حل في نجد)‬


‫مكاف كثيف الطبع معظم أىلو‬
‫زنادقة كيف السالـ لهم تهدي‬
‫ولم يكفك التسليم في الكتب قائال‬
‫(وإف كاف تسليمي على البعد ال يجدي)‬
‫فهذا تنادي لو تأتت زيارة‬
‫إليها لعفرتم بها صفحة الخد‬
‫لقد صدرت من صفح صنعا سقى الحيا‬
‫ولم تدر ما في ذا الخطاب من النقد‬
‫دعوت على صنعا بأفصح دعوة‬
‫بقولك‪( :‬حياىا بقهقهة الرعد)‬
‫بالد الكراـ الصيد والعترة التي‬
‫سنا مجدىم قد الح في طالع السعد‬
‫وفيها غدا نور الخالفة مشرقا‬
‫بأضوائو أىل الشريعة تستهدي‬
‫إماـ الهدى ال زاؿ قائم عزمو‬
‫يبيد العدا بالمشرفيات والملد‬
‫وال برحت أنواء نور نوالو‬
‫تسح على العافين بالوابل النقد‬
‫وال زاؿ في دست الخالفة قائما‬
‫بتأييد دين اهلل والصمد الفرد‬
‫سرت من أسير ينشد الريح مذ سرت‬

‫(‪)54/9‬‬

‫_____________________________‬
‫أسير قصور ال أسير ىوى ىند‬
‫وقلد في التضمين من قاؿ منشدا‬
‫أال يا صبا نجد متى ىجت من نجد‬
‫يذكرني مسراؾ نجدا وأىلو‬
‫لعلية والجنس علية الود‬
‫وأقسم أف الشوؽ زاد لقولو‬
‫لقد زادني مسراؾ وجدا على وجد‬
‫قفي وأسألي عن عالم حل سوحها‬
‫وأظهر فيها الكفر عمدا لكي يردي‬
‫وقدـ معموؿ الهداية قاصرا‬
‫بو يهتدي من ضل عن منهج الرشد‬
‫محمد الهادي لسنة أحمد‬
‫تعالى بإثبات الهداية للنجدي‬
‫وناظر ما بين الضاللة والهدى‬
‫فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي‬
‫لقد أنكرت كل الطوائف قولو‬
‫سواه وىذا عنده منتهى القصد‬
‫وما كل قوؿ بالقبوؿ مقابل‬
‫وإف كاف حقا إف طما زاخر الجحد‬
‫فصغراؾ مع كبراؾ ممنوعتاف إف‬
‫رجعت إلى اآلداب أو كنت مستهدي‬
‫وقد جاءت األخبار عنو بأنو‬
‫سخيف عريض الظهر أوقح من صلد‬
‫إذا بدأ الرحمن ينفيك مثلو ‪...‬‬

‫(‪)55/9‬‬

‫_____________________________‬

‫يعود لنا الشرع الشريف بما يبدي‬


‫وسفسط أقواال وزخرؼ منكرا‬
‫بنى دينو المنهار بالجهل والجد‬
‫لتنزيلو األخبار في حتم من يرى‬
‫يغوث وود بئس ذلك من ود‬
‫وأما قبور الصالحين فلم نر‬
‫بها طائفا من أىل ود وال زىد‬
‫وكم عقروا في سوحها من عقيرة‬
‫إلطعاـ ذي جوع وكل على قصد‬
‫إذا كاف ىذا القصد في ذبحها فال‬
‫أىلت لغير اهلل جهرا على عمد‬
‫ومن ذا الذي يقرا الدالئل جاىال‬
‫يرى درسها أزكى لديو من الحمد‬
‫فهذا اختالؽ وافتراء تواترت‬
‫دعاويو مما في النفوس من الحقد‬
‫غلو نهى عنو الرسوؿ وبدعة‬
‫أتت منك في حق الكراـ أولي المجد‬
‫ودع ما ادعتو في مناقب أحمد‬
‫ونوه بما يختار في الجوىر الفرد‬

‫أحاديث ال تعزى إلى عالم وال‬


‫صدوؽ من األشياخ دعني من اللد‬
‫وأشنع من كل ابتداع رأيتو ‪...‬‬

‫(‪)56/9‬‬

‫_____________________________‬

‫طريقة ىذا حيث ما طابقت قصدي‬


‫فما قلتو في الدين أعظم فرية‬
‫وأنكأ للقلب الموفق للرشد‬
‫مذاىب من راـ الخالؼ لبعضها‬
‫إلى غيرىا قد بات بالذؿ والفقد‬
‫فمن ماؿ عن طرؽ الرشاد وأىلها‬
‫يعض بأنياب األساود واألسد‬
‫يصب عليو سوط ذـ وغيبة‬
‫ويجفوه من يهواه جهرا على عمد‬
‫ويعزى إليو كل ما ال يقولو‬
‫وكيف وذا قد قاؿ قوال لو مردي‬
‫فمجتهدا كن في الهدى ال مقلدا‬
‫نهى اهلل عن ىذا التمدح للعبد‬
‫تناوؿ باألسر المفيد لقيده‬
‫وخل أخا التقليد في األسر والقيد‬
‫عالـ جعلتم أيها الناس ديننا‬
‫على المنهج المشروع بالرسم والحد‬
‫تهكم في أىل المذاىب قائال‬
‫لطائفة ال شك في فضلهم عندي‬

‫وىم علماء الدين شرقا ومغربا‬


‫على الرغم إف أبديت أو لم تكن مبدي‬
‫وىم بهجة األسرار والفخر والعال ‪...‬‬

‫(‪)57/9‬‬

‫_____________________________‬

‫ونور عيوف الجد في الفضل والمجد‬


‫ولكنهم كالناس ليس كالمهم‬
‫يحاكي كالـ الناقضين عن العهد‬
‫وأما تقاليد األئمة فهي من‬
‫أجل التقى والنور ال تك في بعدي‬
‫ومن قصد الرحمن من غير مذىب‬
‫أرى قصده فيما أتاه كال قصد‬
‫ومن قلد الهادي أصبح شاربا‬
‫من الكوثر الفياض في جنة الخلد‬
‫ومن قلد النجدي ظل مغاضبا‬
‫إلهي وفيو القوؿ للبغض بالحد‬
‫ومثلك والنجدي ال في بقاكما‬
‫صالح وال إبقاكما في الدنا يجدي‬
‫وال أنتما أرباب علم وحجة‬
‫وال درية في نقل علم وال وجد‬
‫فال زلتما في ليل غي وفي عمى‬
‫تحاربكما األياـ بالعكس والطرد‬
‫وفي موقف األشهاد تلقى كما لقي‬
‫مسيلمة الكذاب في النار من خلد‬

‫وىاؾ على حسب اإلرادة حصة‬


‫من الشعر تبدي ضعف من كاف مستعدي‬
‫وترفع عنك النصب بالخفض جازما ‪...‬‬

‫(‪)58/9‬‬

‫_____________________________‬

‫على فعلك المذموـ بالختم والسد‬


‫ومنا صالة مع سالـ على النبي‬
‫محمد الهادي إلى سبل الرشد‬
‫كذا اآلؿ واألصحاب والتابعين ما‬
‫سرى الركب أو حادي السرى جد في الوجد‬

‫ورد الشيخ ابن غلبوف الليبي على قصيدة األمير الصنعاني بقصيدة طنانة من بحرىا ورويها ‪ ،‬مذكورة في‬
‫(( سعادة الدارين )) عدة أبياتها أربعوف بيتا ‪ ،‬مطلعها‪:‬‬

‫سالمي على أىل اإلصابة والرشد ‪ ...‬وليس على نجد ومن حل في نجد‬
‫ورد السيد مصطفى المصري البوالقي أيضا على قصيدة األمير الصنعاني بقصيدة طنانة من بحرىا ورويها‬
‫‪ ،‬مذكورة في (( سعادة الدارين )) ‪ ،‬عدة أبياتها مائة وستة وعشروف ‪ ،‬مطلعها‪:‬‬

‫بحمد ولى الحمد ال الذـ أستبدي ‪ ...‬وبالحق ال بالخلق للحق أستهدي‬

‫ورد السيد الطباطبائي البصري أيضا على قصيدة األمير الصنعاني بقصيدة طنانة من بحرىا ورويها ‪ ،‬ذكر‬
‫صاحب (( سعادة الدارين )) أبياتا منها‪.‬‬
‫قاؿ البدر األمير‪ (( :‬لما (‪ )9‬بلغت األبيات إلى نجد وصل إلينا بعد أعواـ من بلوغها إلى أىل نجد‬
‫رجل عالم يسمى الشيخ مربد بن أحمد التميمي‪ ،‬كاف وصولو‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪ :‬لما بلغت ىذه األبيات نجدا‪ ،‬وصل إلينا بعد أعواـ من بلوغها من أىل نجد رجل يسمى‬
‫الشيخ مربد بن أحمد التميمي‪ ،‬كاف وصولو في شهر صفر سنة سبعين ومائة وألف‪ ،‬أقاـ لدينا ثمانية‬
‫أشهر‪ ،‬وحصل بعض كتب ابن تيمية وابن القيم بخطو‪ ،‬وقرأ علينا في الكشاؼ وغيره‪ ،‬وفارقنا في عشرين‬
‫من شواؿ سنة (‪ 9979‬ىػ) راجعا إلى وطنو‪ ،‬وصل من طريق الحجاز مع الحجاج‪ ،‬وكاف من تالميذ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬الذي وجهنا إليو األبيات فأخبرنا ببلوغها‪ ،‬ولم يأت بجواب عنها‪ ،‬وكاف‬
‫قد تقدمو في الوصوؿ إلينا بعد بلوغها الشيخ عبد الرحمن النجدي‪ ،‬ووصف لنا من حاؿ ابن عبد‬
‫الوىاب أشياء أنكرناىا‪ ،‬من سفكو الدماء‪ ،‬ونهبو األمواؿ‪ ،‬وتجاريو على قتل النفوس ولو باالغتياؿ‪،‬‬
‫وتكفيره األمة المحمدية في جميع األقطار‪ ،‬فبقي معنا تردد فيما نقلو الشيخ عبد الرحمن‪ ،‬وذلك ألنو‬
‫قد كاف وصل إلينا لعلو سنة ‪ 9965‬بعد بلوغ األبيات‪ ،‬وذكر لنا حسن حاؿ ابن عبد الوىاب‪ ،‬وتحريو‬
‫واقتصاره على أدلة الكتاب والسنة‪ ،‬ثم فارقنا وبقي سنتين‪ ،‬ثم عاد إلينا مخبرا بتغير أحواؿ ابن عبد‬
‫الوىاب إلى ما ذكرناه‪،‬وطلب مني أف أضع رسالة في بطالف ما ذىب إليو‪ ،‬من سفكو الدماء‪ ،‬ونهبو‬
‫العباد‪ ،‬وغير ذلك من اإلفساد‪ ،‬وكاف ىذا الشيخ عبد الرحمن تقيا صائما نهاره قائما ليلو‪ ،‬كثير الذكر إال‬
‫أنو قليل الدراية بالعلم‪ ،‬فلذا ترددت فيما قالو‪ ،‬حتى وصل الشيخ العالم مربد بن أحمد ولو نباىة‪،‬‬
‫ووصل إلينا ببعض رسائل ابن عبد الوىاب التي جمعها في وجو تكفيره أىل اإليماف‪ ،‬وقتلهم ونهبهم‪،‬‬
‫وحقق لنا أحوالو وأفعالو وأقوالو‪ ،‬فرأينا أحوالو أحواؿ رجل عرؼ من الشريعة شطرا ‪،‬ولم يمعن النظر‪ ،‬وال‬
‫قرأ على من يهديو نهج الهداية‪ ،‬ويدلو على العلوـ النافعة ويفقهو فيها‪ ،‬بل طالع بعضا من مؤلفات الشيخ‬
‫أبي العباس ابن تيمية‪ ،‬ومؤلفات تلميذه ابن قيم الجوزية‪ ،‬وقلدىما من غير إتقاف‪ ،‬مع أنهما يحرماف‬
‫التقليد‪.‬‬
‫ولما حقق لنا أحوالو‪ ،‬ورأينا في الرسائل أقوالو‪ ،‬وذكر لي أنو عظم شأنو بوصوؿ األبيات التي وجهنا إليو‪،‬‬
‫وأنو يتعين علينا نقض ما قدمناه‪ ،‬وحل ما أبرمناه‪ ،‬وكانت أبياتنا ىذه قد طارت كل مطار‪ ،‬وبلغت غالب‬
‫األقطار‪ ،‬وأتتنا فيها جوابات من مكة المشرفة‪ ،‬ومن البصرة‪ ،‬ومن غيرىما‪ ،‬إال أنها جوابات خالية عن‬
‫اإلنصاؼ‪ ،‬وبعضها كالـ من غير معرفة لما أردناه‪ ،‬فجواب وفد من بندر المخا‪ ،‬كلو خصاـ‪ ،‬وذـ لقائل‬
‫النظاـ‪ ،‬وبيننا وبين الجميع يوـ يقوـ الناس لرب العالمين‪ ،‬وينتصف للمظلومين من الظالمين‪ ،‬فما ندـ‬
‫الناصح من يؤمن برب العالمين‪ .‬ولما أخذ علنيا الشيخ مربد ذلك تعين علينا‪ ،‬لئال نكوف سببا في شيء‬
‫من ىذه األمور‪ ،‬التي ارتكبها ابن عبد الوىاب المذكور‪ ،‬فقلت‪.‬‬
‫وفي (ج)‪ :‬ولماوصلت األبيات إلى نجد من طريق مكة ولم يصل لها جواب‪ ،‬ووصل رجل من أصحاب‬
‫ابن عبد الوىاب‪ ،‬يقاؿ لو الشيخ عبد الرحمن‪ ،‬وأخبر بوصوؿ األبيات‪ ،‬وأنها بعثتو على الخروج إلى عند‬
‫قائلها‪ ،‬وىو رجل عامي‪ ،‬إال أنو كثير العبادة‪ ،‬والحث على الزىادة‪ ،‬ولم يزؿ يذىب أياـ الحج للحج ثم‬
‫يعود بعد ذىابو إلى أىلو إلى صنعاء‪ ،‬ولم نستفد منو ػ لعاميتو ػ حقيقة ابن عبد الوىاب‪.‬‬
‫ثم إنو وصل إلينا الشيخ العالم مربد بن حسن _ قد تقدـ ذكره _ وكاف وصولو من طريق الحجاز‪ ،‬سنة‬
‫سبعين ومائة وألف‪9979(،‬ىػ) ولو معرفة ونباىة‪ ،‬وىو من تالميذ ابن عبد الوىاب‪ ،‬وأخبر بوصوؿ‬
‫األبيات‪ ،‬وكاف عنده منها نسخة‪ ،‬وأقاـ عندنا ثمانية أشهر‪ ،‬وحصل بعض كتب ابن تيمية بخطو‪ ،‬وقرأ‬
‫علينا في الكشاؼ‪ ،‬وذاكر في عدة مسائل‪.‬‬
‫ثم وصف لنا من حاؿ ابن عبد الوىاب أمورا عجيبة‪ ،‬من سفكو الدماء‪ ،‬وتكفير كل أىل الدنيا‪ ،‬وأخرج‬
‫صحبتو من رسائلو ما يحقق ما نقلو عنو‪ ،‬من تكفيره لألناـ‪ ،‬وسفكو للدـ الحراـ‪ ،‬ونهبو لألمواؿ‪ ،‬وسبيو‬
‫للحرـ المسلمة واألطفاؿ‪.‬‬
‫وقد كاف مستنكرا ألفعالو‪ ،‬مترددا في حقيقة حالو‪ ،‬وما خرج إال مسترشدا لما يرشده اهلل[إليو]‪ ،‬ويدلو‬
‫عليو‪ .‬فأبنا لو أف ىذه أفعاؿ ال تطابق شريعة اإلسالـ‪ ،‬وال توافق ما جاء بو سيد األناـ‪ ،‬عليو أفضل صالة‬
‫وسالـ‪.‬‬
‫وذكر أنو زاد بوصوؿ األبيات عظمة عند أتباعو‪ ،‬ورفعة عند أشياعو‪ ،‬وأنو يتعين علينا إزالة ذلك‪ ،‬وبياف‬
‫قبح ما سلكو من تلك المسالك‪ .‬فرأيتو يتعين ما قاؿ‪ ،‬وتأكد عندي ذلك المقاؿ‪ ،‬فبنيت أبياتا رددت‬
‫فيها أدلة رسالتو‪ ،‬وأبنت فيها قبيح مقالتو‪ ،‬وشرحتها شرحا شافيا‪ ،‬وأرسلتها صحبة الشيخ مربد‪ ،‬وفارقنا‬
‫في عشرين من شواؿ‪ ،‬سنة سبعين ومائة وألف‪ ،‬وأوؿ األبيات‪:‬‬

‫(‪)59/9‬‬

‫_____________________________‬

‫في شهر صفر سنة سبعين ومائة وألف‪ ،‬وأقاـ لدينا ثمانية أشهر‪ ،‬وحصل بعض كتب ابن تيمية وابن القيم‬
‫بخطو‪ ،‬وفارقنا في عشرين من شواؿ سنة سبعين راجعا إلى وطنو‪ ،‬وصل من طريق الحجاز وكاف من‬
‫تالميذ الشيخ محمد بن عبد الوىاب الذي وجهنا إليو األبيات‪ ،‬فأخبرنا ببلوغها ولم يأت بجواب عنها‪.‬‬
‫وكاف قد تقدمو في الوصوؿ إلينا بعد بلوغها الشيخ الفاضل عبد الرحمن النجدي‪ ،‬ووصف لنا من حاؿ‬
‫ابن عبد الوىاب أشياء أنكرناىا‪ ،‬من سفك الدماء‪ ،‬ونهبو األمواؿ‪ ،‬وتجاريو على قتل النفوس ولو‬
‫باالغتياؿ‪ ،‬وتكفير األمة المحمدية في‬

‫(‪)69/9‬‬

‫_____________________________‬

‫جميع األقطار‪ ،‬فبقي معنا تردد فيما نقلو الشيخ الفاضل عبد الرحمن‪ ،‬حتى وصل الشيخ العالم مربد بن‬
‫أحمد ولو نباىة‪ ،‬ووصل ببعض رسائل ابن عبد الوىاب التي جمعها في وجو تكفيره أىل اإليماف‪ ،‬وقتلهم‬
‫ونهبهم‪ ،‬وحقق لنا أقوالو وأفعالو وأحوالو‪ ،‬فرأينا أحوالو أحواؿ رجل عرؼ من الشريعة شطرا‪ ،‬ولم يمعن‬
‫النظر‪ ،‬وال قرأ على من يهديو نهج الهداية‪ ،‬ويدلو على العلوـ النافعة ويفقهو فيها‪ ،‬بل طالع بعضا من‬
‫مؤلفات الشيخ أبي العباس ابن تيمية‪ ،‬ومؤلفات تلميذه ابن قيم الجوزية‪ ،‬وقلدىما من غير إتقاف‪ ،‬مع‬
‫أنهما يحرماف التقليد‪.‬‬
‫ولما حقق لنا أحوالو‪ ،‬ورأينا في الرسالة أقوالو‪ ،‬وذكر لي أنو إنما عظم شأنو بوصوؿ األبيات التي وجهنا‬
‫إليو‪ ،‬وأنو يتعين علنيا نقض ما قدمناه‪ ،‬وحل ما أبرمناه‪ ،‬وكانت أبياتنا ىذه قد طارت كل مطار‪ ،‬وبلغت‬
‫غالب األقطار‪ ،‬وأتتنا فيها جوابات عن أىل مكة المشرفة‪ ،‬ومن البصرة‪ ،‬ومن غيرىما‪ ،‬إال أنها جوابات‬
‫خالية عن اإلنصاؼ وبعضها كالـ من غير معرفة لما أردناه‪ ،‬فجواب وصل من بندر المخا كلو خصاـ‪،‬‬
‫وذـ لقائل النظاـ‪ ،‬وبيننا وبين الجميع يوـ يقوـ الناس لرب العالمين‪ ،‬وينتصف للمظلومين من الظالمين‪،‬‬
‫ولما أخذ علينا الشيخ مربد ذلك‪ ،‬تعين علينا‪ ،‬لئال نكوف سببا في شيء من ىذه األمور‪ ،‬التي ارتكبها‬
‫ابن عبد الوىاب المذكور‪ ،‬كتبت أبياتا وشرحتها وأكثرت من النقل عن ابن القيم وشيخو ابن تيمية‪،‬‬
‫ألنهما عمدة الحنابلة‪ ،‬فقلت )) ‪:‬‬

‫رجعت عن النظم الذي قلت في النجدي‬


‫فقد صح لي عنو خالؼ الذي عندي‬
‫ظننت بو خيرا وقلت عسى عسى‬
‫نجد ناصحا يهدي العباد ويستهدي‬
‫فقد خاب فيو الظن الخاب نصحنا‬

‫(‪)61/9‬‬

‫_____________________________‬
‫وما كل ظن للحقائق لي مهدي‬
‫وقد جاءنا من أرضو الشيخ مربد‬
‫فحقق من أحوالو كل ما يبدي‬
‫وقد جاء من تأليفو برسائل‬
‫يكفر أىل األرض فيها على عمد‬
‫ولفق في تكفيرىم كل حجة‬
‫تراىا كبيت العنكبوت لدى النقد‬
‫تجارى على إجرا دما كل مسلم‬
‫مصل مزؾ ال يحوؿ عن العهد‬
‫تراىا كبيت العنكبوت لدى النقد‬
‫وقد جاءنا عن ربنا في براءة‬
‫براءتهم عن كل كفر وعن جحد‬

‫وإخواننا سماىم اهلل فاستمع‬


‫لقوؿ اإللو الواحد الصمد الفرد‬
‫وقد قاؿ خير المرسلين نهيت عن‬
‫فما بالو لم ينتو الرجل النجدي‬
‫وقاؿ لهم الما أقاموا الصالة في‬
‫أناس أتوا كل القبائح عن قصد‬
‫أبن لي أبن لي لم سفكت دماءىم‬
‫ولم ذا نهبت الماؿ قصدا على عمد‬
‫وقد عصموا ىذا وىذا بقوؿ ال‬
‫إلو سوى اهلل المهيمن ذي المجد‬
‫وقاؿ ثالث ال يحل لغيرىا‬

‫(‪)63/9‬‬

‫_____________________________‬

‫دـ المسلم المعصوـ في الحل والعقد‬


‫وقاؿ علي في الخوارج إنهم‬
‫من الكفر فروا بعد فعلهم المردي‬
‫ولم يحفر األخدود في باب كندة‬
‫ليحرقهم فافهمو إف كنت تستهدي‬
‫ولكن لقوـ قد أتوا بعظيمة‬
‫فقالوا علي ربنا منتهى القصد‬
‫إني إذا رأيت أمرا منكرا‬
‫أوقدت نارا ودعوت قنبرا‬
‫وىذا ىو الكفر الصريح وليس ذا‬
‫برفض وال رأي الخوارج في المهدي‬

‫وقد قلت في المختار أجمع كل من‬


‫حوى عصره من تابعي وذي رشد‬
‫على كفره ىذا يقين ألنو‬
‫تسمى نبيا ال كما قلت في الجعدي‬
‫فذلك(‪ )9‬لم يجمع على قتلو وال‬
‫سوى خالد ضحى بو وىو عن قصد‬
‫وقد أنكر اإلجماع أحمد قائل‬
‫ا‬
‫لمن يدعيو قد كذبت بال جحد‬
‫روى ذلك ابن القيم األوحد الذي‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬وذلك‪.‬‬

‫(‪)64/9‬‬

‫_____________________________‬

‫أتى بنفيس العلم في كل ما يبدي‬


‫كدعواؾ في أف الصحابة أجمعوا‬
‫على قتلهم والسبي والنهب والطرد‬
‫لمن لزكاة الماؿ قد كاف مانعا‬
‫وذلك من جهل بصاحبو يردي‬
‫فقد كاف أصناؼ العصاة ثالثة‬
‫كما قد رواه المسندوف ذوو النقد‬
‫وقد جاىد الصديق أصنافهم ولم‬
‫يكفر منهم غير من ضل عن رشد‬
‫وىذا لعمري غير ما أنت فيو من‬
‫تجاريك في قتل لمن كاف في نجد‬

‫فإنهم قد تابعوؾ على الهدى‬


‫ولم يجعلوا هلل في الدين من ند‬
‫وقد ىجروا ما كاف من بدع ومن‬
‫عبادة من حل المقابر في اللحد‬
‫فمالك في سفك الدما قط حجة‬
‫خف اهلل واحذر ما تسر وما تبدي‬
‫وعامل عباد اهلل باللطف وادعهم‬
‫إلى فعل ما يهدي إلى جنة الخلد‬
‫ورد عليهم ما سلبت فإنو‬
‫حراـ وال تغتر بالعز والجد‬
‫وال بأناس حسنوا لك ما ترى‬

‫(‪)65/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فما ىمهم إال األثاث مع النقد‬


‫يريدوف نهب المسلمين وأخذ ما‬
‫بأيديهم من غير خوؼ وال حد‬
‫فراقب إلو العرش من قبل أف ترى‬
‫صريعا فال شيء يفيد وال يجدي‬
‫نعم فاعلموا أني أرى كل بدعة‬
‫ضالال على ما قلت في ذلك العقد‬
‫وال تحسبوا أني رجعت عن الذي‬
‫تضمنو نظمي القديم إلى نجد‬
‫بلى كلما فيو ىو الحق إنما‬
‫تجاريك في سفك الدما ليس من قصدي‬

‫وتكفير أىل األرض لست أقولو‬


‫كما قلتو ال عن دليل بو تهدي‬
‫وىا أنا أبرى من فعالك في الورى‬
‫فما أنت في ىذا مصيب وال مهدي‬
‫ودونكها مني نصيحة مشفق‬
‫عليك عسى تهدي بهذا وتستهدي‬
‫وتغلق أبواب الغلو جميعو‬
‫وتأت األمور الصالحات على قصد‬
‫وىذا نظاـ جاء واهلل حجة‬
‫عليك فقابل بالقبوؿ الذي أىدي‬
‫وصل على المختار واآلؿ بعده‬

‫(‪)66/9‬‬

‫_____________________________‬

‫صالة وتسليما تدوـ بال حد‬


‫ورض على أصحاب أحمد إنهم‬
‫أولي الجد في نصح الخالئق والجد‬

‫‪---‬‬

‫(‪)67/9‬‬

‫_____________________________‬

‫محمد بن عبد الوىاب والوىابية‬


‫ينسب مذىب الوىابية إلى محمد بن عبد الوىاب بن سليماف بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن‬
‫بريد بن محمد بن بريد بن مشرؼ بن عمر بن بعضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علي بن وىيب‬
‫التميمي ‪.‬‬
‫وفي خالصة الكالـ في أمراء البلد الحراـ للشيخ أحمد بن زيني دحالف الشافعي مفتي مكة‪ :‬ولد محمد‬
‫بن عبد الوىاب سنة (‪9999‬ىػ) وتوفي سنة (‪9197‬ىػ) فيكوف عمره ستا وتسعين سنة‪ ،‬وأخذ في أوؿ‬
‫أمره عن كثير من علماء مكة والمدينة‪ ،‬وكانوا يتفرسوف فيو الضالؿ واإلضالؿ‪ ،‬وكاف والده عبد الوىاب‬
‫من العلماء الصالحين‪ ،‬وكاف يتفرس فيو ذلك ويذمو كثيرا ويحذر الناس منو‪ ،‬وكذا أخوه سليماف بن عبد‬
‫الوىاب أنكر عليو ما أحدث وألف كتابا في الرد عليو‪.‬‬
‫وكاف في أوؿ أمره مولعا بمطالعة أخبار مدعي النبوة كمسيلمة وسجاح واألسود العنسي وطليحة األسدي‬
‫وأمثالهم‪.‬‬
‫وخلف محمد بن عبد الوىاب بعده أربعة أوالد‪ ،‬وىم‪ :‬عبد اهلل‪ ،‬وحسن ‪،‬وحسين ‪،‬وعلي‪ ،‬فقاـ بالدعوة‬
‫عبد اهلل أكبرىم‪ ،‬ولما مات خلف سليماف ‪ ،‬وعبد الرحمن‪ ،‬وكاف سليماف متعصبا تعصبا شديدا في‬
‫أمرىم‪ ،‬فقتلو إبراىيم باشا سنة (‪9133‬ىػ) وقبض على عبد الرحمن وأرسلو إلى مصر فمات بها وخلف‬
‫حسن عبد الرحمن وولي قضاء مكة أياـ استيالء الوىابيين عليها‪ ،‬وعمر عبد الرحمن حتى قارب المائة‬
‫وخلف عبد اللطيف‪ ،‬وخلف كل من حسين وعلي أوالدا كثيرة ولم يزؿ نسلهم باقيا بالدرعية إلى اآلف‬
‫يسمونهم أوالد الشيخ‪.‬‬

‫(‪)68/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وكاف القائم بنصرة محمد بن عبد الوىاب ونشر عقيدتو محمد بن سعود ثم ولده عبد العزيز ثم ولد‬
‫سعود‪ .‬انتهى ملخصا‪.‬‬
‫وسعود بن عبد العزيز ىو الذي غزا العراؽ والحجاز ومنع المسلمين من الحج فانقطع الحج في زمانو‬
‫عدة سنين‪.‬‬
‫وقاؿ ملطبروف في جغرافيتو المترجمة من رفاعة بك ناظر مدرسة األلسن وقلم الترجمة بمصر المطبوعة‬
‫بمصر‪ :‬أصل المذىب الوىابي أف العرب سيما أىل اليمن تحدثوا بأف راعيا فقيرا اسمو‪ :‬سليماف‪ ،‬رأى‬
‫في منامو كأف شعلة نار خرجت منو وانتشرت في األرض وصارت تحرؽ من قابلها‪ ،‬فقصها على معبر‬
‫فعبرىا بأف ولدا لو يحدث دولة قوية‪ ،‬فتحققت الرؤيا في حفيده محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬فلما كبر محمد‬
‫صار محترما عند أىل بلده بسبب ىذه الرؤيا التي اليعلم أنها كانت أـ ال‪.‬‬
‫أوؿ أمره بين مذىيو سرا فاتبعو جماعة‪ ،‬ثم سافر إلى الشاـ فلم يتبعو أحد‪ ،‬فرجع إلى بالد العرب بعد أف‬
‫غاب عنها ثالث سنين‪ ،‬وجاء إلى بالد نجد وأظهر ىذا المذىب فتبعو عليو سعود وكاف شهما حازما‪،‬‬
‫وتقوى كل منهما باآلخر فقوى سعود إمارتو من طريق الدين باتباعو محمد بن عبد الوىاب على مذىبو‪،‬‬
‫وقوى ابن عبد الوىاب دعوتو من طريق السيف باتباع سعود لو وانتصاره بو‪ ،‬فكاف سعود األمير الحاكم‬
‫‪ ،‬وابن عبد الوىاب الرئيس الديني‪ ،‬وصارت ذرية كل منهما تتولى مرتبة سلفها‪.‬‬
‫وبعد أف صار سعود حاكما على قبيلتو تغلب على قبيلتين من اليمن ‪ ،‬وداف بهذا المذىب قبائل كثيرة‬
‫من العرب وجميع أعراب نجد‪ ،‬واختاروا مدينة الدرعية قاعدة بالدىم وىي في الجنوب الشرقي من‬
‫البصرة‪ ،‬وبعد خمس عشرة سنة اتسعت والية سعود وىو يطمع في الزيادة‪ ،‬وكاف يأخذ ممن يطيعو عشر‬
‫المواشي والنقود‬

‫(‪)69/9‬‬

‫_____________________________‬

‫والعروض بل واألنفس‪ ،‬فيأخذ عشر الناس بالقرعة‪ ،‬فجمع أمواال عظيمة وصار جيشو يربو على مائة‬
‫وعشرين ألف مقاتل‪.‬‬
‫وفي خالصة الكالـ‪ :‬كاف ابتداء ظهور محمد بن عبد الوىاب سنة (‪9943‬ىػ) واشتهر أمره بعد‬
‫الخمسين‪ ،‬فأظهر العقيدة الزائفة بنجد وقرأىا‪ ،‬فقاـ بنصره محمد بن سعود أمير الدرعية فحمل أىلها‬
‫على متابعتو فتابعوه‪ ،‬وما زاؿ يطيعو كثير من أحياء العرب حتى قوي أمره فخافتو البادية‪ ،‬وكاف يقوؿ‬
‫لهم‪ :‬إنما أدعوكم إلى التوحيد وترؾ الشرؾ باهلل‪.‬‬
‫وعن كتاب تاريخ نجد لمحمود شكري األلوسي أف ابن عبد الوىاب نشأ في بلد العيينة من بالد نجد‪،‬‬
‫فقرأ على أبيو الفقو على مذىب أحمد بن حنبل‪ ،‬وكاف من صغره يتكلم بكلمات ال يعرفها المسلموف‪،‬‬
‫وينكر عليهم أكثر الذي اتفقوا على فعلو‪ ،‬لكنو لم يساعده على ذلك أحد‪ ،‬فسافر من العيينة إلى مكة‬
‫المشرفة ثم إلى المدينة‪ ،‬فأخذ عن الشيخ عبد اهلل بن إبراىيم بن سيف‪ ،‬وشدد النكير على اإلستغاثة‬
‫بالنبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم عند قبره‪.‬‬
‫ثم رحل إلى نجد ثم إلى البصرة يريد الشاـ‪ ،‬فلما ورد البصرة أقاـ فيها مدة وأخذ فيها عن الشيخ محمد‬
‫المجموعي‪ ،‬وأنكر على أىلها أشياء كثيرة‪ ،‬فأخرجوه منها فخرج ىاربا‪ ،‬ثم جاء بعد عدة تحوالت إلى‬
‫بلد حريملة من نجد وكاف أبوه بها‪ ،‬فالزمو وقرأ عليو وأظره اإلنكار على مسلمي نجد في عقائدىم‪،‬‬
‫فنهاه أبوه فلم ينتو حتى وقع بينهما نزاع ‪ ،‬ووقع بينو وبين المسلمين في حريملة جداؿ كثير‪ ،‬فأقاـ على‬
‫ذلك سنتين حتى توفي أبوه سنة (‪9953‬ىػ) فاجترأ على إظهار عقائده اإلنكار على المسلمين فيما‬
‫أطبقوا عليو‪ ،‬وتبعو حثالة من الناس إلى أف غص أىل البلد من مقاالتو وىموا بقتلو‪ ،‬فانتقل من حريملة‬
‫إلى العيينة ورئيسها يومئذ عثماف بن أحمد بن معمر‪،‬‬

‫(‪)79/9‬‬
‫_____________________________‬

‫فأطمعو ابن عبد الوىاب في ملك نجد فساعده عثماف وأعلن النكير على المسلمين‪ ،‬فتبعو بعض أىل‬
‫العيينة‪ ،‬وىدـ قبة زيد بن الخطاب التي عند الجبيلة‪ ،‬فعظم أمره وبلغ خبره سليماف بن محمد بن عزيز‬
‫الحميدي صاحب األحساء والقطيف وتوابعها‪ ،‬فأرسل سليماف كتابا إلى عثماف يأمره فيو بقتلو ويهدده‬
‫على المخالفة‪ ،‬فلم تسعو مخالفتو فأرسل إليو وأمره بالخروج عن مملكتو‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬إف نصرتني ملكت‬
‫نجدا فلم يسمع منو‪.‬‬
‫وخرج إلى الدرعية سنة (‪9969‬ىػ) وىي بالد مسليمة الكذاب‪ ،‬وصاحبها يومئذ محمد بن سعود من‬
‫قبيلة عنيزة فتوسل بامرأة الحاكم إليو وأطمعو في ملك بالد نجد فتبعو وبايعو على قتاؿ المسلمين‪،‬‬
‫فكتب إلى أىل نجد ورؤساءىم وقضاتهم يطلب الطاعة فأطاعو بعضهم وبعضهم لم يحفل بو‪ ،‬فأمر أىل‬
‫الدرعية بالقتاؿ فأجابوه وقاتلوا معو أىل نجد واألحساء مرارا كثيرة‪ ،‬حتى دخل بعضهم في طاعتو طوعا‬
‫أو كرىا‪ ،‬وصارت إمارة نجد جميعها آلؿ سعود بالقهر والغلبة‪.‬‬
‫ومات ابن عبد الوىاب سنة (‪9196‬ىػ) ‪ ،‬ثم مات محمد بن سعود فخلفو ولده عبد العزيز‪ ،‬وقاـ بنصرة‬
‫ىذا المذىب‪ ،‬وقاتل عليو وبلغت سراياه وعمالو أقصى بالد نجد‪ ،‬ثم مات عبد العزيز فخلفو ولده سعود‬
‫وكاف أشد من أبيو في التوىب منع المسلمين عن الحج وخرج على السلطاف‪ ،‬وغالى في تكفير من‬
‫خالفهم‪ ،‬ثم مات سعود وخلفو ابنو عبد اهلل‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وفي خالصة الكالـ‪ :‬أف الوىابيين أرسلوا في دولة الشريف مسعود بن سعيد بن زيد المتوفي سنة‬
‫(‪9965‬ىػ) ثالثين من علمائهم فأمرالشريف أف يناظرىم علماء الحرمين فناظروىم‪ ،‬فوجدوا عقائدىم‬
‫فاسدة‪ ،‬وكتب قاضي الشرع حجة بكفرىم‬

‫(‪)79/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وسجنهم فسجن بعضهم وفر الباقوف‪ .‬ثم في دولة الشريف أحمد المتوفي سنة (‪9995‬ىػ) أرسل أمير‬
‫الدرعية بعض علمائو فناظرىم علماء مكة وأثبتوا كفرىم‪ ،‬فلم يأذف لهم في الحج‪ .‬انتهى ملخصا‪.‬‬
‫وىذ المذىب وإف كاف ظهوره وانتشاره في زمن محمد بن عبد الوىاب في القرف الثاني عشر إال أف بذرة‬
‫قد بذر قبل ذلك من زمن أحمد بن تيمية في القرف السابع وتلميذه ابن القيم الجوزية وابن عبد الهادي‬
‫ومن نسج على منوالهم‪ .‬وقد عثرنا فيو على رسالة لمحمد بن إسماعيل األمير اليمني الصنعاني المولود‬
‫سنة (‪9959‬ىػ) والمتوفى سنة (‪9981‬ىػ)‪ ،‬كما عن كتاب البدر الطالع للشوكاني سماىا‪ :‬تطهير‬
‫االعتقاد عن أدراف اإللحاد‪ ،‬وىذا الرجل كاف معاصرا البن عبد الوىاب‪ .‬وعن كتاب أبجد العلوـ‬
‫للصديق حسن خاف القنوجي كاف المولى العالمة السيد محمد بن إسماعيل األمير بلغو من أحواؿ‬
‫النجدي ما سره فقاؿ قصيدتو المشهورة‪:‬‬

‫سالـ على نجد ومن حل في نجد‬


‫وإف كاف تسليمي على البعد ال يجدي‬

‫ثم لما تحقق األحواؿ من بعض من وصل إلى اليمن وجد األمر غير خاؿ من األدغاؿ وقاؿ‪:‬‬

‫رجعت عن القوؿ الذي قلت في نجد‬


‫فقد صح لي عنو خالؼ الذي عندي‬

‫انتهى‪.‬‬

‫(‪)71/9‬‬

‫_____________________________‬

‫قاؿ العالمة جميل صدقي الزىاوي‪ (( :‬الوىابية فرقة منسوبة إلى محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬وابتداء ظهور‬
‫محمد ىذا كاف سنة (‪9943‬ىػ)‪ ،‬وإنما اشتهر أمره بعد الخمسين فأظهر عقيدتو الزائفة في نجد‪،‬‬
‫وساعده على إظهارىا محمد بن سعود أمير الدرعية بالد مسيلمة الكذاب مجبرا أىلها على متابعة ابن‬
‫عبد الوىاب ىذا فتابعوه‪ ،‬وما زاؿ ينخدع لو في ىذا األمرحي بعد حي من أحياء العرب حتى عمت‬
‫فتنتو‪ ،‬وكبرت شهرتو‪ ،‬واستفحل أمره فخافتو البادية‪ ،‬وكاف يقوؿ للناس‪:‬‬
‫ما أدعوكم إال إلى التوحيد‪ ،‬وترؾ الشرؾ باهلل تعالى في عبادتو‪ ،‬وكانوا يمشوف خلفو حيثما مشى حتى‬
‫اتسع لو الملك )) (‪.)9‬‬
‫وقاؿ الشريف عبد اهلل بن الشريف حسين باشا‪ (( :‬إف ابتداء ظهور ابن عبد الوىاب ببدعتو في نجد‬
‫كاف سنة (‪ 9943‬ىجرية)‪ ،‬ثم كاف استيالء الوىابية على مكة سنة (‪9198‬ىػ) فتسمية الوىابيين‬
‫بخوارج القرف الثاني عشر ىي مبنية على ابتداء ظهور بدعتهم‪ ،‬ال على ابتداء استيالئهم األوؿ على مكة‬
‫(‪.)1‬‬
‫وقاؿ العالمة جميل صدقي الزىاوي‪ :‬وكاف في ابتداء أمره من طلبة العلم‪ ،‬يتردد على مكة والمدينة‬
‫ألخذه من علمائها‪.‬‬
‫وممن أخذ عنو في المدينة‪ :‬الشيخ محمد بن سليماف الكردي‪ ،‬والشيخ محمد حياة السندي‪ ،‬وكاف‬
‫الشيخاف المذكوراف وغيرىما من المشائخ الذين أخذ عنهم يتفرسوف فيو الغواية واإللحاد‪ ،‬ويقولوف‪(( :‬‬
‫سيضل اهلل تعالى ىذا‪ ،‬ويظل بو من أشقاه من عباده )) فكاف األمر كذلك‪ ،‬وكاف أبوه عبد الوىاب ‪-‬‬
‫وىو من العلماء‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬الفجر الصادؽ ‪ 96/‬طبعة مصر عاـ (‪9313‬ىػ)‪.‬‬
‫(‪ )1‬صدؽ الخبر في خوارج القرف الثاني عشر ‪.9 /‬‬

‫(‪)73/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصالحين ‪ -‬يتفرس فيو اإللحاد‪ ،‬ويحذر الناس منو‪ ،‬وكذلك أخوه الشيخ سليماف )) (‪.)9‬‬
‫عقيدتو‬
‫تنحصر عقيدتو في أربعة أمور‪:‬‬
‫‪ -9‬تشبيو اهلل سبحانو وتعالى بخلقو‪.‬‬
‫‪ -1‬توحيد األلوىية والربوبية‪.‬‬
‫‪ -3‬عدـ توقيره النبي‪.‬‬
‫‪ -4‬تكفير المسلمين‪.‬‬
‫قاؿ أبو حامد بن مرزوؽ في مقدمة كتابو عن التوسل بالنبي وبالصالحين‪ (( :‬فهذه خالصة علمية في‬
‫عقائد محمد بن عبد الوىاب ومقلديو جمعت أكثر درىا المنقوؿ والمعقوؿ من تحقيق علماء اإلسالـ‬
‫األعالـ‪ ،‬وشيدت صرحها بتاريخ اإلسالـ‪ ،‬ودعمتها بكثير من آيات الكتاب الحكيم‪ ،‬وسنتو عليو الصالة‬
‫والسالـ‪ ،‬فجاءت بحمد اهلل حصنا منيعا ال يراـ ))‪.‬‬
‫وقد ردد بعض أتباع األئمة األربعة عليو وعلى مقلديو بتآليف كثيرة جيدة‪ ،‬وممن رد عليو من الحنابلة‪:‬‬
‫أخوه سليماف بن عبد الوىاب‪.‬‬
‫ومن حنابلة الشاـ‪ :‬آؿ الشطي‪ ،‬والشيخ عبد القدومي النابلسي في رحلتو‪ ،‬وكلها مطبوعة في ناحيتين‪:‬‬
‫زيارة النبي‪ ،‬والتوسل بو وبالصالحين من أمتو‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنو مع مقلديو من الخوارج‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬الفجر الصادؽ ‪ 96/‬طبعة مصر عاـ (‪9313‬ىػ)‪.‬‬

‫(‪)74/9‬‬

‫_____________________________‬
‫وممن نص على ىذا‪ :‬العالمة المحقق السيد محمد أمين بن عابدين في حاشيتو (( رج المحتار على‬
‫الدر المختار )) في باب البغاة‪ ،‬والشيخ الصاوي المصري في حاشيتو على الجاللين‪ ،‬لتكفير أىل (ال‬
‫إلو إال اهلل محمد رسوؿ اهلل) برأيو‪.‬‬
‫وال شك أف التكفير سمة الخوارج وكل المبتدعة الذين يكفروف مخالفي رأيهم من القبلة‪ ،‬وال تفيد ىذه‬
‫الخالصة من مرؽ إلى الجهة األخرى‪ ،‬ألف العلماء قالوا‪ (( :‬إف البدعة إذا رسخت في قلب ال يرجع‬
‫صاحبها عنها‪ ،‬ولو رأى ألف دليل واضح وضوح الشمس يبطلها إال إذا أدركتو عناية اهلل‪ ،‬وإنما ىي‬
‫عاصمة إف شاء اهلل تعالى من لم يدخل في بدعهم )) (‪.)9‬‬
‫فظائع من تاريخ الوىابية‬
‫الحديث طويل وذو شجوف عن الفظائع التي ارتكبت باسم اإلسالـ والدفاع عنو ضد المشركين كما‬
‫يزعم أعراب نجد التي قاؿ فيها النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬من ىنالك يطلع قرف الشيطاف )) !!‬
‫وسأكتفي بإيراد مقتطفات بأقالـ أمينة نزيهة‪.‬‬
‫قاؿ العالمة أحمد بن زيني دحالف مفتي الشافعية في كتابو (( خالصة الكالـ في أمراء البالد الحراـ ))‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬التوسل بالنبي وبالصالحين ‪ 9 /‬طبع استانبوؿ عاـ (‪9984‬ـ)‪.‬‬

‫(‪)75/9‬‬

‫_____________________________‬

‫غزوة الوىابية العراؽ سنة ‪9115 - 9196‬ىػ وإعادتهم فاجعة كربالء‬


‫وفي سنة (‪9196‬ىػ) جهز سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود الوىابي جيشا عظيما من أعارب‬
‫نجد وغزا بو العراؽ وحاصر كربالء‪ ،‬ثم دخلها عنوة وأعمل في أىلها السيف ولم ينج منهم إال من فر‬
‫ىاربا أو اختفى في مخبأ أو تحت حطب ونحوه‪ ،‬ولم يعثروا عليو ‪ ،‬وىم جيراف قبر ابن بنت رسوؿ اهلل‬
‫اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم السبط الشهيد‪ ،‬ونهبها وىدـ قبر الحسين عليو السالـ واقتلع الشباؾ‬
‫الموضوع على القبر الشريف‪ ،‬ونهب جميع ما في المشهد من الذخائر ‪ ،‬ولم يرع لرسوؿ اهلل صلى اهلل‬
‫عليو وآلو وسلم وال لذريتو حرمة‪ ،‬وأعاد بأعمالو ذكرى فاجعة كربالء ويوـ الحرة وأعماؿ بني أمية‬
‫والمتوكل العباسي‪ ،‬ويقوؿ أىل العراؽ ‪ -‬وىم أعلم بما جرى في بالدىم ‪ :-‬إنو ربط خيلو في الصحن‬
‫الشريف‪ ،‬وطبخ القهوة ودقها في الحضرة الشريفة‪.‬‬
‫دخوؿ الوىابيين الطائف عنوة سنة ‪9197‬ىػ وفظائعهم فيها‬
‫‪ ...‬فدخلوا البلد عنوة (‪ )9‬في ذي القعدة سنة (‪9197‬ىػ) وقتلوا الناس قتال عاما حتى األطفاؿ‪ ،‬وكانوا‬
‫يذبحوف الطفل الرضيع على صدر أمو‪ ،‬وكاف جماعة من‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أما الجبرتي فإنو قاؿ‪ :‬في أواخر سنة ‪9197‬ىػ أغار الوىابيوف على الحجاز‪ ،‬فلما قاربوا الطائف‬
‫خرج إليهم الشريف غالب فهزموه‪ ،‬فرجع إلى الطائف وأحرؽ داره وىرب إلى مكة‪ ،‬فحاربوا الطائف‬
‫ثالثة أياـ حتى دخلوىا عنوة وقتلوا الرجاؿ وأسروا النساء واألطفاؿ‪ ،‬وىذا دأبهم مع من يحاربهم‪ ،‬وىدـ‬
‫المضايفي قبة ابن عباس بالطائف الغريبة الشكل والوصف‪ .‬تاريخ الجبرتي‪.‬‬

‫(‪)76/9‬‬

‫_____________________________‬

‫أىل الطائف خرجوا قبل ذلك ىاربين فأدركتهم الخيل وقتلت أكثرىم وفتشوا على من توارى في البيوت‬
‫وقتلوه‪ ،‬وقتلوا من في المساجد وىم في الصالة‪ ،‬ودخل نيف وعشروف رجال إلى بيت الفتنى ومائتا رجل‬
‫إلى بيت الفعر وامتنعوا عن التسليم وقاتلوا ثالثة أياـ ‪ ،‬فراسلهم ابن شكباف باألماف وقاؿ‪ :‬أنتم في وجو‬
‫ابن شكباف وعثماف‪ ،‬وأعطوىم العهود فكفوا عن القتاؿ‪ ،‬فأرسلوا جماعة أخذوا منهم السالح وقالوا‪ :‬ال‬
‫يجوز للمشركين حملو‪ ،‬ثم أمروىم بالخروج لمقابلة األمير‪ ،‬فأمر بقتلهم فقتلوا جميعا بقوز يسمى‪ :‬دقاؽ‬
‫اللوز‪.‬‬
‫وكاف في بيوت ذوي عيسى نحو الخمسين متترسين يرموف بالرصاص فأخرجوىم باألماف على النفس‬
‫دوف الماؿ ‪ ،‬فسلبوىم وأخرجوىم إلى وادي وج وتركوىم فيو مكشوفي السوأتين ومعهم النساء ‪ ،‬حتى‬
‫رموا عليهم أطمارا بالية ثم عاىدوىم بعد ثالثة عشر يوما على التوىب‪ ،‬فصاروا يتكففوف الناس فيعطى‬
‫السائل الحفنة من الذرة يقضمها‪.‬‬
‫وصارت األعراب تدخل كل يوـ إلى الطائف وتنقل المنهوبات إلى الخارج حتى صارت كأمثاؿ الجباؿ‪،‬‬
‫فأعطوا خمسها لألمير واقتسموا الباقي‪ ،‬ونشروا المصاحف وكتب الحديث والفقو والنحو في األزقة‪،‬‬
‫وأخبروا أف األمواؿ مدفونة في المخابي‪ ،‬فحفروا في موضع فوجدوا فيو ماال‪ ،‬فعندىا حفروا جميع بيوت‬
‫البلد حتى بيوت الخالء والبالوعات‪ ،‬ثم ارتحل ابن شكباف وبقي عثماف أميرا على الطائف‪ ،‬وكتبوا إلى‬
‫سعود يخبرونو بذلك‪ ،‬فسر بو سرورا عظيما‪ ،‬وكاف مبرزا بالدىناء مسير سبعة أياـ عن الدرعية يريد غزو‬
‫العراؽ‪.‬‬

‫(‪)77/9‬‬

‫_____________________________‬

‫استيالء الوىابية على مكة بدوف حرب سنة ‪9198‬ىػ‬


‫وفي ثامن المحرـ وصل سعود (‪ )9‬محرما فطاؼ وسعى ونحر من اإلبل نحو المائة‪ ،‬ونزؿ في بستاف‬
‫الشريف الذي في المحصب‪ ،‬وفي اليوـ الثاني لوصولو نادى مناديو باجتماع الناس غدا ضحوة النهار‪،‬‬
‫فاجتمعوا وصعد على أعلى درج الصفا والمفتي عن يمينو والقاضي عن شمالو‪ ،‬فحمد اهلل وأثنى عليو‬
‫وقاؿ‪ :‬اهلل أكبر اهلل أكبر ال إلو إال اهلل وحده‪ ،‬صدؽ وعده‪ ،‬ونصر عبده‪ ،‬وأنجز وعده‪ ،‬وأعز جنده‪ ،‬ال‬
‫إلو إال اهلل وال نعبد إال إياه مخلصين لو الدين ولو كره الكافروف‪ .‬الحمد اهلل الذي صدقنا وعده‪ ،‬وسكت‬
‫‪.‬‬
‫ثم قاؿ‪ :‬يا أىل مكة أنتم جيراف بيتو‪ ،‬آمنوف بأمنو‪ ،‬وسكنى حرمو‪ ،‬وأنتم في خير بقعة‪ ،‬اعلموا أف مكة‬
‫حراـ ما فيها ال يحتلى خالىا وال ينفر صيدىا وال يعضد شجرىا‪ ،‬وإنما أحلت ساعة من نهار‪ ،‬وإنا كنا‬
‫من أضعف العرب‪ ،‬ولما أراد اهلل ظهور ىذا الدين دعونا إليو وكل يهزأ بنا ويقاتلنا عليو‪ ،‬وينهب مواشينا‬
‫ونشتريها منهم‪ ،‬ولم نزؿ ندعو الناس لإلسالـ وجميع من تراه عيونكم ومن تسمعوف بو من القبائل إنما‬
‫أسلموا بهذا السيف ورفع سيفو تجاه الكعبة‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬الذي في تاريخ الجبرتي‪ :‬أف الواصل مع عسكر الوىابيين إلى مكة ىو عبد العزيز بن سعود‪ ،‬وأف‬
‫دخولهم إليها كاف يوـ عاشوراء سنة ‪9198‬ىػ بعد ارتحاؿ الحاج والشريف غالب بيومين‪ ،‬قاؿ‪ :‬فولى‬
‫الشريف عبد المعين أميرا على مكة‪ ،‬والشيخ عقيال قاضيا‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وفي رسالة عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب‪ :‬أف دخولهم كاف يوـ السبت نصف النهار ثامن المحرـ‬
‫سنة ‪9198‬ىػ‪ ،‬وىو الصواب ألنو كاف معهم‪.‬‬

‫(‪)78/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وقد كنت في ىذا العاـ غازيا نحو العراؽ‪ ،‬فلما سمعت ما وقع من المسلمين بغزوة الطائف وأقبلوا‬
‫عليكم يغزونكم‪ ،‬خفت عليكم من العرباف والبادية‪ ،‬فاحمدوا اهلل الذي ىداكم لإلسالـ وأنقذكم من‬
‫الشرؾ‪ ،‬وأنا أدعوكم أف تعبدوا اهلل وحده‪ ،‬وتقلعوا عن الشرؾ الذي كنتم عليو‪ ،‬وأطلب منكم أف تبايعوني‬
‫على دين اهلل ورسولو‪ ،‬وتوالوف من وااله‪ ،‬وتعادوف من عاداه‪ ،‬في السراء والضراء‪ ،‬والسمع والطاعة‪.‬‬
‫ثم جلس فبايعو الشريف عبد المعين ثم المفتي ثم القاضي ثم بقية الناس على طبقاتهم‪ .‬ثم قاؿ‪:‬‬
‫انتظروني بعد صالة العصر بين الركن والمقاـ ألبين لكم الدين وشرائط اإلسالـ‪ ،‬ثم انصرؼ‪ ،‬فلما كاف‬
‫العصر اجتمعوا فصعد على ظهر زمزـ ومعو المفتي‪ ،‬فجعل يعلمو وىو يعلم الناس ويقوؿ‪ :‬اعلموا أيها‬
‫الناس أف األمير سعودا يقوؿ لكم إف الخمر والزنا حراـ ‪ ...‬إلى آخر ما قاؿ‪ ،‬مما ال يجهلو أحد‪ ،‬ثم‬
‫قاؿ لهم في غد‪ :‬اىدموا القبب واألصناـ حتى ال يكوف لكم معبود غير اهلل‪.‬‬
‫ىدـ الوىابية القبور والقبب بمكة وحملهم الناس على معتقداتهم سنة (‪9198‬ىػ)‬
‫وفي الصباح بادر الوىابيوف ومعهم كثير من الناس بالمساحي‪ ،‬فهدموا أوال ما في المعلى من القبب وىي‬
‫كثيرة‪ ،‬ثم ىدموا قبة مولد النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬ومولد أبي بكر‪ ،‬وعلي‪ ،‬وقبة السيدة خديجة‪.‬‬
‫وفي تاريخ الجبرتي‪ :‬أنهم ىدموا أيضا قبة زمزـ والقباب التي حوؿ الكعبة‪ ،‬واألبنية التي ىي أعلى من‬
‫الكعبة‪.‬‬

‫(‪)79/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وتتبعوا جميع المواضع التي فيها آثار الصالحين فهدموىا ‪ ،‬وىم عند الهدـ يرتجزوف ويضربوف الطبل‬
‫ويغنوف ويبالغوف في شتم القبور‪ ،‬ويقولوف‪ :‬إف ىي إال أسماء سميتموىا‪ ،‬حتى قيل‪ :‬إف بعضهم باؿ على‬
‫قبر السيد المحجوب‪.‬‬
‫دخوؿ الشريف غالب مكة وخروج الوىابيين منها سنة ‪9198‬ىػ‬
‫‪ ...‬ثم أرسل الشريف جندا إلى قرف فجاءىم جند كثير من قبل عثماف فعادوا إلى مكة ودخلت ثقيف‬
‫في طاعة عثماف‪ ،‬فجهز الشريف عليهم عسكرا فقتل منهم وأخذ حلتهم ومواشيهم‪ ،‬ثم توجو المضايفي‬
‫وابن شكباف لقتاؿ ىذيل الشاـ‪ ،‬فقتلوا من ىذيل وسلبوا النساء‪ ،‬ثم أرسلوا إلى بني مسعود وىم في‬
‫جبلهم ليتوىبوا فلم يقبلوا‪ ،‬ووقع القتاؿ فقتل بنو مسعود من الوىابية نحو السبعمائة‪ ،‬ثم صعد الوىابية‬
‫الجبل وقتلوا من أدركوه‪ ،‬ثم نزلوا ونادوا باألماف فعاد إليهم من بقي من بني مسعود‪ ،‬فأخذ منهم ابن‬
‫شكباف غرامة شيئا كثيرا‪.‬‬
‫ثم غزا المضايفي األشراؼ بني عمرو أىل اللفاع‪ ،‬وقامت الحرب بينهم حتى قتل من األشراؼ ستة‬
‫وعشروف‪ ،‬ونهبوىم وسلبوا نساءىم حتى جردوىا من الثياب‪ ،‬فطلبوا األماف وتوىبوا‪ ،‬ثم أقبل المضايفي‬
‫وابن شكباف لحصار مكة فلما وصلوا السيل نهبوا كل ما في طريقهم من المواشي واقتسموه‪ ،‬وكاف أمير‬
‫الحاج الشامي سليماف باشا مملوؾ أحمد باشا الجزار‪ ،‬فطلب منو الشريف غالب إبقاء طائفة من‬
‫العسكر لحماية البلد الحراـ‪ ،‬ويقوـ الشريف بلوازمهم فأبى‪ ،‬ثم قبل بواسطة أمين الصرة أف يبقي مائة‬
‫وخمسين مع مائة وخمسين جمال بما عليها من لوازـ القتاؿ‪.‬‬

‫(‪)89/9‬‬

‫_____________________________‬

‫تشديد الوىابية الحصار على مكة‬


‫وقاؿ العالمة محسن األمين‪ :‬وفي المحرـ سنة (‪9119‬ىػ) ارتحل الوىابيوف الذين بالوادي إلى أطراؼ‬
‫مكة‪ ،‬فقاتلهم العبيد الذين في األبراج حوؿ مكة من الظهر إلى الغروب‪ ،‬وقتل من الوىابيين سبعة‪،‬‬
‫فتوجو الوىابيوف إلى الحسينية‪ ،‬وأخذوا مواشيها وقتلوا من أىلها أحد عشر رجال‪.‬‬
‫نهب الوىابية ذخائر الحجرة النبوية وىدـ القباب بالمدينة المنورة سنة ‪9119‬ىػ‬
‫وفيها أخذ الوىابي كل ما في الحجرة النبوية من األمواؿ والجواىر‪ ،‬وطرد قاضيي مكة والمدينة‪ ،‬وأقاـ‬
‫لقضاء مكة الشيخ عبد الحفيظ‪ ،‬ولقضاء المدينة بعض علمائها‪ ،‬ومنعوا الناس من زيارة النبي صلى اهلل‬
‫عليو وآلو وسلم‪.‬‬
‫وقاؿ الجبرتي‪ :‬لما استولى الوىابيوف على المدينة المنورة ىدموا القباب التي فيها وفي ينبع‪ ،‬ومنها قبة‬
‫أئمة البقيع بالمدينة‪ ،‬لكنهم لم يهدموا قبة النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬وحملوا الناس على ما‬
‫حملوىم عليو بمكة‪ ،‬وأخذوا جميع ذخائر الحجرة النبوية وجواىرىا حتى أنهم ملئوا أربع سحاحير من‬
‫الجواىر المحالة بالماس والياقوت العظيمة القدر‪ ،‬ومن ذلك أربع شمعدانات من الزمرد وبدؿ الشمعة‬
‫قطعة ماس تضيء في الظالـ‪ ،‬ونحو مائة سيف ال تقوـ قراباتها‪ ،‬ملبسة بالذىب الخالص‪ ،‬ومنزؿ عليها‬
‫ماس وياقوت‪ ،‬ونصابها من الزمرد واليشم ونحو ذلك‪ ،‬ونصلها من الحديد الموصوؼ‪ ،‬وعليها أسماء‬
‫الملوؾ والخلفاء السالفين‪ ،‬وطرد الوىابية أغوات الحرـ والقاضي الذي كاف قد توجو لقضاء المدينة‬
‫واسمو‪ :‬سعد بك‪ ،‬وخداـ الحرـ المكي‪ ،‬وقاضي مكة‪ ،‬فتوجو مع الشاميين‪.‬‬

‫(‪)89/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وقاؿ الجبروتي في حوادث سنة ‪9111‬ىػ‪ :‬في ىذه السنة أخبر الحجاج المصريوف أنهم منعوا من زيارة‬
‫المدينة المنورة‪.‬‬
‫ىجوـ الوىابيين على سورية سنة ‪9115‬ىػ‬
‫عن تاريخ األمير حيدر الشهابي أنو في ىذه السنة ىجم عبد اهلل بن سعود الوىابي على بالد حوراف‬
‫فنهب األمواؿ‪ ،‬وأحرؽ الغالؿ‪ ،‬وقتل األنفس البريئة‪ ،‬وسبى النساء‪ ،‬وقتل األطفاؿ‪ ،‬وىدـ المنازؿ‪،‬‬
‫وعاث في األرض فسادا‪ ،‬حتى قيل‪ :‬إنو أتلف في تلك البالد ما قيمتو ثالثة آالؼ ألف درىم‪.‬‬
‫قتل الوىابيين الحاج اليماني سنة ‪9349‬ىػ‬
‫في ىذه السنة التقى الوىابيوف بالحاج اليماني وىو أعزؿ من السالح وجميع آالت الدفاع‪ ،‬فسايروىم‬
‫في الطريق وأعطوىم األماف ثم غدروا بهم‪ ،‬فلما وصلوا إلى سفح جبل مشى الوىابيوف في سفح الجبل‬
‫واليمانيوف تحتهم‪ ،‬فعطفوا على اليمانيين وأطلقوا عليهم الرصاص حتى قتلوىم عن بكرة أبيهم‪ ،‬وكانوا‬
‫ألف إنساف‪ ،‬ولم يسلم منهم غير رجلين ىربا وأخبرا بالحاؿ (‪.)9‬‬
‫وأراد السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار على عادتو في تلفيق األعذار عن أفعاؿ الوىابيين االعتذار‬
‫عن ىذه الفعلة الشنعاء‪ ،‬فقاؿ في مجموعة مقاالتو (( الوىابيوف والحجاز )) (‪ (( :)1‬إف الملك حسينا‬
‫كاف أرسل حملة على منطقة عسير بعد وفاة السيد محمد علي اإلدريسي الذي كاف قد تخلى عنها‬
‫لسلطاف نجد‪ ،‬وفي‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬ىذه المجزرة وقعت في منطقة تنومة بالحجاز‪ ،‬وىي مشهورة عند أىل اليمن‪ .‬بل إنني ال زلت أذكر‬
‫رجال ممن نجا من المجزرة كاف شيخا كبيرا وىو السيد العالمة العابد حسين بن عبد اهلل الحرجي‪.‬‬
‫(‪ )1‬الوىابيوف والحجاز‪.33 /‬‬

‫(‪)81/9‬‬

‫_____________________________‬

‫أثر تنكيل الوىابية بحملتو ىنالك‪ ،‬وقعت حادثة حجاج اليمن الذين اعتقد الوىابيوف أنهم نجدة منهم‪،‬‬
‫فأطلقوا عليهم الرصاص‪ ،‬وبعد أف عرؼ األمر اعتذر السلطاف عبد العزيز لإلماـ يحيى عن ىذا الخطأ‪،‬‬
‫واتفقا على حفظ المودة بينهما بتعويض مقبوؿ معقوؿ‪.‬‬
‫ىجوـ الوىابيين على الحجاز وفظائعهم في الطائف سنة ‪9341‬ىػ ‪9914 -‬ـ‬
‫في أوائل ىذه السنة ىجم الوىابيوف على الحجاز وحاصروا الطائف ومعهم الشريف خالد بن لؤي من‬
‫أشراؼ مكة المعادين للملك حسين‪ ،‬وأحد عماؿ السلطاف ابن سعود‪ ،‬ثم دخلوىا عنوة وأعملوا في‬
‫أىلها السيف‪ ،‬فقتلوا الرجاؿ والنساء واألطفاؿ‪ ،‬حتى قتلوا منها ما يقرب من ألفين بينهم العلماء‬
‫والصلحاء‪ ،‬وأعملوا فيها النهب‪ ،‬وعملوا فيها من الفظائع ما تقشعر لو األبداف‪ ،‬وتتفطر القلوب‪ ،‬نظير ما‬
‫عملوه في المرة األولى كما سبق‪ ،‬وممن قتلوا من المعروفين الشيخ عبد اهلل الزواوي مفتي الشافعية‬
‫بصورة فظيعة‪ ،‬وقتلوا جملة من بني شيبة سدنة الكعبة المكرمة كانوا مصطافين في الطائف‪ ،‬وجاءت‬
‫األخبار بارتكابهم فظائع ال يليق ذكرىا‪ ،‬وأف السلطاف ابن سعود لما سئل عنها لم ينكر وقوعها لكنو‬
‫اعتذر بما وقع من خالد بن الوليد يوـ فتح مكة‪ ،‬وقوؿ النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬اللهم إني‬
‫أبرأ إليك مما صنع خالد ))‪ ،‬ثم أخذوا ما وراء الطائف من المعاقل الحصينة‪ ،‬وأىمها الهدى وكرى‪.‬‬

‫(‪)83/9‬‬

‫_____________________________‬

‫ىدـ الوىابيين القباب والمزارات بالحجاز عاـ ‪9341‬ىػ‬


‫لما دخل الوىابيوف إلى الطائف ىدموا قبة ابن عباس‪ ،‬كما فعلوا في المرة األولى‪ ،‬ولما دخلوا مكة‬
‫المكرمة ىدموا قباب عبد المطلب جد النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬وأبي طالب عمو‪ ،‬وخديجة أـ‬
‫المؤمنين‪ ،‬وخربوا مولد النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬ومولد فاطمة الزىراء عليها السالـ‪ ،‬ولما دخلوا‬
‫جدة ىدموا قبة حواء‪ ،‬وخربوا قبرىا‪ ،‬كما خربوا قبور من ذكر أيضا‪ ،‬وىدموا جميع ما بمكة ونواحيها‪،‬‬
‫والطائف ونواحيها‪ ،‬وجدة ونواحيها‪ ،‬من القباب والمزارات واألمكنة التي يتبرؾ بها‪.‬‬
‫ولما حاصروا المدينة المنورة ىدموا مسجد حمزة ومزاره‪ ،‬ألنهما خارج المدينة‪ ،‬وشاع أنهم ضربوا‬
‫بالرصاص على قبة النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬ولكنهم أنكروا ذلك‪ ،‬ولما بلغ ذلك مسامع الدولة‬
‫اإليرانية اىتمت لو غاية االىتماـ‪ ،‬واجتمع العلماء وأكبروا ذلك‪ ،‬وجاءتنا إلى دمشق برقية من خراساف‬
‫من أحد أعاظم علماء المشهد المقدس باالستعالـ عن حقيقة الحاؿ‪ ،‬ثم قررت الدولة اإليرانية بموافقة‬
‫العلماء إرساؿ وفد رسمي إلى الحجاز الستطالع حقيقة الحاؿ‪ ،‬فرفع الوفد إلى دولتو تقريرا بما شاىده‬
‫في الحجاز من أعماؿ الوىابيين‪.‬‬
‫ولما استولوا على المدينة المنورة خرج قاضي قضاتهم الشيخ عبد اهلل بن بليهد من مكة إلى المدينة في‬
‫شهر رمضاف سنة (‪9344‬ىػ)‪ ،‬ووجو إلى أىل المدينة سؤاال يسألهم فيو عن ىدـ القباب والمزارات‪،‬‬
‫فسكت كثير منهم خوفا‪ ،‬وأجابو بعضهم بلزوـ الهدـ‪ ،‬وسيأتي ذكر السؤاؿ والجواب إف شاء اهلل في‬
‫فصل البناء على القبور‪.‬‬
‫وإنما أراد بها السؤاؿ تسكين النفوس ال االستفتاء الحقيقي‪ ،‬فإف الوىابيين ال يتوقفوف في وجوب ىدـ‬
‫جميع القباب واألضرحة حتى قبة النبي صلى اهلل عليو وآلو‬

‫(‪)84/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وسلم‪ ،‬بل ىو قاعدة مذىبهم وأساسو‪ ،‬وبعد صدور ىذا السؤاؿ والجواب ىدموا جميع ما بالمدينة‬
‫ونواحيها من القباب واألضرحة والمزارات‪ ،‬فهدمة قبة أئمة أىل البيت بالبقيع‪ ،‬ومعهم العباس عم النبي‬
‫صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬وجدرانها وأزالوا الصندوؽ والقفص الموضوعين على قبورىم‪ ،‬وصرفوا على‬
‫ذلك ألف لاير مجيدي‪ ،‬ولم يتركوا غير أحجار موضوعة على تلك القبور كالعالمة‪ ،‬وىدموا قباب عبد اهلل‬
‫وآمنة أبوي النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬وأزواجو‪ ،‬وعثماف بن عفاف‪ ،‬وإسماعيل بن جعفر الصادؽ‪،‬‬
‫ومالك إماـ دار الهجرة‪ ،‬وغير ذلك مما يطوؿ باستيفائو الكالـ (‪.)9‬‬
‫‪---‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬كشف اإلرتياب في أتباع محمد بن عبد الوىاب ‪.69 - 18/‬‬

‫(‪)85/9‬‬

‫_____________________________‬
‫الكتاب‬
‫أصلو قصيدة بعثها البدر األمير إلى محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬عندما بلغو عنو بعض األخبار الطيبة عنو‪،‬‬
‫فلما تحقق لو فساد عقيدتو وتكفيره وقتلو للمسلمين‪ ،‬وغير ذلك من الجرائم‪ ،‬وكانت قصيدتو قد طارت‬
‫كل مطار‪ ،‬تراجع عنها‪ ،‬وأعلن فساد عقيدة ابن عبد الوىاب وأعلن إنكاره ألفعالو‪.‬‬
‫وشرحها بشرح لطيف سماه التوبة لمحو الحوبة‪ ،‬ويسمى أيضا‪ :‬النشر الندي بتحقيق أقواؿ محمد بن‬
‫عبد الوىاب النجدي‪ ،‬ويسمى أيضا‪ :‬إرشاد ذوي األلباب إلى حقيقة أقواؿ محمد بن عبد الوىاب‪.‬‬
‫وقد حصلت على أربع نسخ من الكتاب‪:‬‬
‫األولى‪ :‬بخطو وىي المسودة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬عنوانها بقلمو وعليها تصحيحاتو وتوقيعو‪ .‬من مكتبة حفيده األستاذ الفاضل محمد عبد الخالق‬
‫األمير‪.‬‬
‫والقصيدتاف المبتدأة‪ :‬سالـ على نجد ‪ ...‬والرجوع عنهما كالىما في ديوانو‪.‬‬
‫فالكتاب من تألفيو ال شك في ذلك وال ريب‪.‬‬
‫وما أكدت نسبة الكتاب إليو إال ألني سمعت بعض المهووسين يشككوف في صحة نسبة الكتاب إليو‪.‬‬
‫بحجة أف لو كتبا يوافق فيها محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬فكيف يرد عليهم وينقض قولو؟!‬
‫وىذا غاية الجهل فإنو يؤكد في القصيدة أنو لم يرجع عما نهى عنو مما اعتبره من البدع‪ ،‬وإنما رجع عن‬
‫اإلشادة بمحمد بن عبد الوىاب‪.‬‬

‫(‪)86/9‬‬

‫_____________________________‬

‫‪ ... ...‬صور للمخطوطات‬


‫الصفحة األولى من الكتاب النسخة ( أ )‬

‫(‪)87/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصفحة الثانية من الكتاب النسخة ( أ )‬

‫(‪)88/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصفحة األخيرة من الكتاب النسخة ( أ )‬


‫(‪)89/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصفحة األولى من الكتاب النسخة ( ب )‬

‫(‪)99/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصفحة الثانية من الكتاب النسخة ( ب )‬

‫(‪)99/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصفحة األخيرة من الكتاب النسخة ( ب )‬

‫(‪)91/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصفحة األولى من الكتاب النسخة ( ج )‬

‫(‪)93/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصفحة الثانية من الكتاب النسخة ( ج )‬

‫(‪)94/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصفحة األخيرة من الكتاب النسخة ( ج )‬

‫(‪)95/9‬‬

‫_____________________________‬
‫غالؼ الكتاب من النسخة ( د ) بخط المؤلف‬

‫(‪)96/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصفحة األولى من الكتاب النسخة ( د )‬

‫(‪)97/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الصفحة األخيرة من الكتاب النسخة ( د )‬


‫ويرى في نهايتها مراجعة المؤلف وتوقيعتو بقلمو‬

‫(‪)98/9‬‬

‫_____________________________‬

‫سائال اهلل أف يتقبل إنو سميع مجيب‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬


‫عبد الكريم أحمد جدباف‬
‫اليمن ‪ -‬صعدة ‪ / 96‬ربيع اآلخرة ‪9413 /‬ىػ‬
‫الموافق ‪1991 / 6 / 17‬ـ‬

‫(‪)99/9‬‬

‫_____________________________‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫ما زالت(‪ )9‬تبلغنا األخبار من سنة (‪9969‬ىػ )‪ .‬بأنو ظهر رجل في نجد يدعو إلى اتباع السنة النبوية‪،‬‬
‫وينهى عن اإلبتداع‪ ،‬والتزاـ المذاىب‪ ،‬واالعتقادات في األولياء وفي العباد من األحياء واألموات‪ ،‬وينهى‬
‫عما نهى عنو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم من العمارة على القبور والقباب‪ ،‬وبالجملة أنو ينهى‬
‫عن كل بدعة‪ ،‬ويأمر باتباع السنة‪ ،‬وأنو ىدـ مشاىد وقبابا كانت على قبور من يعظمونهم‪ ،‬وصار يأمر‬
‫بكل معروؼ وينهى عن كل منكر‪ ،‬فأحببت ما ذكر عنو‪ ،‬وتوسمت منو كل خير‪ ،‬فكتبت إليو ىذه‬
‫األبيات‪ ،‬وأرسلتها إلى مكة‪ ،‬فبلغت إليو‪ ،‬ويأتيك تحقيق ما انتهى إليو الحاؿ بعد تماـ األبيات‪ ،‬وىي‬
‫ىذه‪:‬‬
‫سالـ على نجد ومن حل في نجد‬
‫وإف كاف تسليمي عن(‪ )1‬البعد ال يجدي‬
‫لقد صدرت من سفح صنعاء سقى الحيا‬
‫رباىا وحياىا بقهقهة الرعد‬
‫سرت من أسير يسأؿ الريح إف سرت‬
‫أال يا صبا نجد متى ىجت من نجد‬
‫يذكرني مسراؾ نجدا وأىلو ‪...‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪ :‬ما زاؿ يبلغنا ممن يفد من األعراب من أىل مكة أنو خرج بنجد رجل عالم‪ ،‬وأنو ال يقلد‬
‫في دينو الرجاؿ‪ ،‬وال يعمل إال بالكتاب العزيز والسنة النبوية‪ ،‬وأنو ينهى عن االبتداع‪ ،‬ويأمر بحسن‬
‫االتباع‪ ،‬لمن أمر اهلل بطاعتو‪ ،‬وىو كتابو ورسولو صلى اهلل عليو وآلو‪ ،‬فرأينا ىذا موافقا لما نراه‪ ،‬وعجبنا‬
‫من وجوده فاشتقنا إليو‪ ،‬وكتبنا إليو ىذه األبيات لعلها في سنة ‪9961‬ىػ ننظر ما لديو‪ ،‬وىي ىذه‪.‬‬
‫(‪ )1‬في (ب)‪ :‬على‪.‬‬

‫(‪)999/9‬‬

‫_____________________________‬

‫لقد زادني مسراؾ وجدا على وجد‬


‫قفي واسألي عن عالم حل سوحها‬
‫بو يهتدي من ضل عن منهج الرشد‬
‫محمد الهادي لسنة أحمد‬
‫فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي‬
‫لقد أنكرت كل الطوائف قولو‬
‫بال صدر في الحق منهم وال ورد‬
‫وما كل قوؿ بالقبوؿ مقابل‬
‫وال كل قوؿ واجب الطرد والرد‬
‫سوى ما أتى عن ربنا ورسولو‬
‫فذلك قوؿ جل قدرا عن الرد‬
‫وأما أقاويل الرجاؿ فإنها‬
‫تدور على قدر األدلة في النقد‬
‫وقد جاءت األخبار عنو بأنو‬
‫يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي‬
‫وينشر جهرا ما طوى كل جاىل‬
‫ومبتدع منو فوافق ما عندي‬

‫(فصل في بدع المشاىد)‬


‫ويعمر أركاف الشريعة ىادما‬
‫مشاىد ضل الناس فيها عن الرشد‬
‫أعادوا بها معنى سواع ومثلو‬
‫يغوث وود بئس ذلك من ود‬
‫وقد ىتفوا عند الشدائد باسمها ‪...‬‬

‫(‪)999/9‬‬

‫_____________________________‬

‫كما يهتف المضطر بالصمد الفرد‬


‫وكم عقروا في سوحها من عقيرة‬
‫أىلت لغير اهلل جهال على عمد‬
‫وكم طائف حوؿ القبور مقبل‬
‫وملتمس األركاف منهن باأليدي‬

‫(فصل في كتاب دالئل الخيرات)‬

‫وحرؽ عمدا للدالئل دفترا‬


‫أصاب ففيها ما يجل عن العد‬
‫غلو نهى عنو الرسوؿ وفرية‬
‫بال مرية فاتركو إف كنت تستهدي‬
‫أحاديث ال تعزى إلى عالم فال‬
‫تساوي فلسا إف رجعت إلى النقد‬
‫وصيرىا الجهاؿ للدرس ضرة‬
‫ترى درسها أزكى لديها من الحمد‬
‫لقد سرني ما جاءني من طريقو‬
‫وكنت أرى ىذي الطريقة لي وحدي‬

‫(فصل في ذكر بدعة المذاىب والتمذىب)‬

‫وأقبح من كل ابتداع سمعتو‬


‫وأنكاه للقلب الموفق ذي الرشد‬
‫مذاىب من راـ الخالؼ لبعضها‬
‫يعض بأنياب األساود واألسد‬
‫يصب عليو سوط ذـ وعيبة ‪...‬‬

‫(‪)991/9‬‬

‫_____________________________‬

‫ويجفوه من قد كاف يهواه عن عمد‬


‫ويعزى إليو كل ماال يقولو‬
‫لتبغيضو عند التهامي والنجدي‬
‫فيرميو أىل النصب بالرفض فرية‬
‫ويرميو أىل الرفض بالنصب والجحد‬
‫وليس لو ذنب سوى أنو غدا‬
‫يتابع قوؿ اهلل في الحل والعقد‬
‫ويتبع أقواؿ الرسوؿ محمد‬
‫وىل غيره باهلل في الناس من يهدي‬
‫لئن عده الجهاؿ ذنبا فحبذا‬
‫بو حبذا يوـ انفرادي في لحدي‬

‫(فصل في ذكرأئمة المذاىب األربعة وبرآءتهم عن طلب تقليدىم)‬

‫عالـ جعلتم أيها الناس ديننا‬


‫ألربعة ال شك في فضلهم عندي ؟‬
‫ىم علماء الدين شرقا ومغربا‬
‫ونور عيوف الفضل والحق والزىد‬
‫ولكنهم كالناس ليس كالمهم‬
‫دليال وال تقليدىم في غد يجدي‬

‫وال زعموا حاشاىم أف قولهم‬


‫دليل فيستهدي بو كل مستهدي‬
‫بلى صرحوا أنا نقابل قولهم‬

‫(‪)993/9‬‬

‫_____________________________‬

‫إذا خالف المنصوص بالقدح والرد‬

‫(فصل في الثناء على من تمسك باألحاديث)‬

‫سالـ على أىل الحديث فإنني‬


‫نشأت على حب األحاديث من مهدي‬
‫ىم بذلوا في حفظ سنة أحمد‬
‫وتنقيحها من جهدىم غاية الجهد‬
‫وأعني بهم أسالؼ أمة أحمد‬
‫أولئك في بيت القصيد ىم قصدي‬
‫أولئك أمثاؿ البخاري ومسلم‬
‫وأحمد أىل الجد في العلم والجد‬
‫بحور وحاشاىم عن الجزر إنما‬
‫لهم مدد يأتي من اهلل بالمد‬
‫رووا وارتووا من علم سنة أحمد‬
‫وليست لهم تلك المذاىب من ورد‬
‫كفاىم كتاب اهلل والسنة التي‬
‫كفت قبلهم صحب الرسوؿ ذوي الرشد‬
‫أأنتم أىدى أـ صحابة أحمد‬
‫وأىل الكساء ىيهات ما الشوؾ كالورد‬
‫أولئك أىدى في الطريقة منكم‬
‫فهم قدوتي حتى أوسد في لحدي‬
‫وشتاف ما بين المقلد في الهدى‬

‫(‪)994/9‬‬

‫_____________________________‬

‫ومن يقتدي والضد يعرؼ بالضد‬


‫فمن قلد النعماف أصبح شاربا‬
‫نبيذا وفيو القوؿ للبعض بالحد‬
‫ومن يقتدي أضحى إماـ معارؼ‬
‫وكاف أويسا في العبادة والزىد‬
‫فمقتديا في الحق كن ال مقلدا‬
‫وخل أخا التقليد في األسر في القد (‪)9‬‬

‫(فصل في بدعة القائلين بوحدة الوجود المساوين بين األنبياء وأىل الجحود)‬

‫وأكفر أىل األرض من قاؿ إنو‬


‫إلو فإف اهلل جل عن الند‬
‫فسماه كل الكائنات جميعها‬
‫من الكلب والخنزير والقرد والفهد‬
‫وإف عذاب النار عذب ألىلو‬
‫سواء عذاب النار أو جنة الخلد‬
‫وعباد عجل السامري على ىدى‬
‫والئمهم في اللوـ ليس على رشد‬

‫وتنشدنا عنو نصوص فصوصو‬


‫تنادي خذوا في النظم مضموف ما عندي‬
‫وكنت أرى من جند إبليس فارتقى(‪)1‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬السير الذي يقد من الجلد‪.‬‬
‫(‪ )1‬في (ب)‪( ،‬ج)‪ :‬فارتمى‪.‬‬

‫(‪)9-/9‬‬

‫_____________________________‬

‫بي الدىر حتى صار إبليس من جندي‬


‫فلو مات قبلي كنت أدركت بعده‬
‫دقائق كفر ليس يدركها بعدي‬
‫وكم من ضالؿ في الفتوحات صدقت‬
‫بو فرقة أضحوا ألد من اللد‬
‫يلوذوف عند العجز بالذوؽ ليتهم‬
‫يذوقوف طعم الحق فالحق كالشهد‬
‫فنسألهم ما الذوؽ قالوا مثالو‬
‫عزيز فال بالرسم يدرؾ والحد‬
‫تسترىم بالكشف والذوؽ أشعرا‬
‫بأنهم عن مطلب الحق في بعد‬
‫ومن يطلب اإلنصاؼ يدلي بحجة‬
‫ويرجع أحيانا ويهدي ويستهدي‬
‫وىيهات كل في الديانة تابع‬
‫أباه كأف الحق في األب والجد‬
‫وقد قاؿ ىذا قبلهم كل مشرؾ‬
‫فهل قدحوا ىذي العقيدة عن زند‬

‫كذلك أصحاب الكتاب تتابعوا‬


‫على مذىب األسالؼ فردا على فرد‬

‫(‪)996/9‬‬
‫_____________________________‬

‫( فصل في اغتراب الدين)‬

‫وىذا اغتراب الدين فاصبر فإنني‬


‫غريب وأصحابي كثير بال عد‬
‫إذا ما رأوني عظموني وإف أغب‬
‫فكم أكلوا لحمي وكم مزقوا جلدي‬
‫ىنيئا مريئا في اغتيابي فوائد‬
‫أفوز بها عند افترادي في لحدي‬
‫يصلي ولي أجر الصالة وصومو‬
‫ولي كل شيء من محاسنو يبدي‬
‫وكم حاسد قد أنضج الغيظ قلبو‬
‫ولكنو غيظ األسير على القد‬
‫ودونكها تحوي علوما جليلة‬
‫منزىة عن وصف قد وعن خد‬
‫وال مدحت وصال لليلى وزينب‬
‫وال ىي ذمت ىجر سعدى وال ىند‬
‫إليك طوت عرض الفيافي وطولها‬
‫فكم قطعت غورا ونجدا إلى نجد‬

‫أناخت بنجد واستراح ركابها‬


‫وراح خليا عن رحيل وعن شد‬
‫فأحسن قراىا (‪ )9‬بالقراءة ناطما ‪...‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬ضيافتها وحسن استقبالها‪.‬‬

‫(‪)997/9‬‬

‫_____________________________‬
‫جوابا فقد أضحت لديك من الوفد‬
‫وصل على المختار واآلؿ إنها‬
‫لحسن ختاـ النظم واسطة العقد‬

‫لما (‪ )9‬بلغت األبيات إلى نجد وصل إلينا بعد أعواـ من بلوغها إلى أىل نجد رجل عالم يسمى الشيخ‬
‫مربد بن أحمد التميمي‪ ،‬كاف وصولو في شهر صفر سنة‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪ :‬لما بلغت ىذه األبيات نجدا‪ ،‬وصل إلينا بعد أعواـ من بلوغها من أىل نجد رجل يسمى‪:‬‬
‫الشيخ مربد بن أحمد التميمي‪ ،‬كاف وصولو في شهر صفر سنة سبعين ومائة وألف‪ ،‬أقاـ لدينا ثمانية‬
‫أشهر‪ ،‬وحصل بعض كتب ابن تيمية وابن القيم بخطو‪ ،‬وقرأ علينا في الكشاؼ وغيره‪ ،‬وفارقنا في عشرين‬
‫من شواؿ سنة (‪ 9979‬ىػ) راجعا إلى وطنو‪ ،‬وصل من طريق الحجاز مع الحجاج‪ ،‬وكاف من تالميذ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬الذي وجهنا إليو األبيات فأخبرنا ببلوغها‪ ،‬ولم يأت بجواب عنها‪ ،‬وكاف‬
‫قد تقدمو في الوصوؿ إلينا بعد بلوغها الشيخ عبد الرحمن النجدي‪ ،‬ووصف لنا من حاؿ ابن عبد‬
‫الوىاب أشياء أنكرناىا‪ ،‬من سفكو الدماء‪ ،‬ونهبو األمواؿ‪ ،‬وتجاريو على قتل النفوس ولو باالغتياؿ‪،‬‬
‫وتكفيره األمة المحمدية في جميع األقطار‪ ،‬فبقي معنا تردد فيما نقلو الشيخ عبد الرحمن‪ ،‬وذلك ألنو‬
‫قد كاف وصل إلينا لعلو سنة ‪ 9965‬بعد بلوغ األبيات‪ ،‬وذكر لنا حسن حاؿ ابن عبد الوىاب‪ ،‬وتحريو‬
‫واقتصاره على أدلة الكتاب والسنة‪ ،‬ثم فارقنا وبقي سنتين‪ ،‬ثم عاد إلينا مخبرا بتغير أحواؿ ابن عبد‬
‫الوىاب إلى ما ذكرناه‪،‬وطلب مني أف أضع رسالة في بطالف ما ذىب إليو‪ ،‬من سفكو الدماء‪ ،‬ونهبو‬
‫العباد‪ ،‬وغير ذلك من اإلفساد‪ ،‬وكاف ىذا الشيخ عبد الرحمن تقيا صائما نهاره قائما ليلو‪ ،‬كثير الذكر إال‬
‫أنو قليل الدراية بالعلم‪ ،‬فلذا ترددت فيما قالو‪ ،‬حتى وصل الشيخ العالم مربد بن أحمد ولو نباىة‪،‬‬
‫ووصل إلينا ببعض رسائل ابن عبد الوىاب التي جمعها في وجو تكفيره أىل اإليماف‪ ،‬وقتلهم ونهبهم‪،‬‬
‫وحقق لنا أحوالو وأفعالو وأقوالو‪ ،‬فرأينا أحوالو أحواؿ رجل عرؼ من الشريعة شطرا ‪،‬ولم يمعن النظر‪ ،‬وال‬
‫قرأ على من يهديو نهج الهداية‪ ،‬ويدلو على العلوـ النافعة ويفقهو فيها‪ ،‬بل طالع بعضا من مؤلفات الشيخ‬
‫أبي العباس ابن تيمية‪ ،‬ومؤلفات تلميذه ابن قيم الجوزية‪ ،‬وقلدىما من غير إتقاف‪ ،‬مع أنهما يحرماف‬
‫التقليد‪.‬‬
‫ولما حقق لنا أحوالو‪ ،‬ورأينا في الرسائل أقوالو‪ ،‬وذكر لي أنو عظم شأنو بوصوؿ األبيات التي وجهنا إليو‪،‬‬
‫وأنو يتعين علينا نقض ما قدمناه‪ ،‬وحل ما أبرمناه‪ ،‬وكانت أبياتنا ىذه قد طارت كل مطار‪ ،‬وبلغت غالب‬
‫األقطار‪ ،‬وأتتنا فيها جوابات من مكة المشرفة‪ ،‬ومن البصرة‪ ،‬ومن غيرىما‪ ،‬إال أنها جوابات خالية عن‬
‫اإلنصاؼ‪ ،‬وبعضها كالـ من غير معرفة لما أردناه‪ ،‬فجواب وفد من بندر المخا‪ ،‬كلو خصاـ‪ ،‬وذـ لقائل‬
‫النظاـ‪ ،‬وبيننا وبين الجميع يوـ يقوـ الناس لرب العالمين‪ ،‬وينتصف للمظلومين من الظالمين‪ ،‬فما ندـ‬
‫الناصح من يؤمن برب العالمين‪ .‬ولما أخذ عليا الشيخ مربد ذلك تعين علينا‪ ،‬لئال نكوف سببا في شيء‬
‫من ىذه األمور‪ ،‬التي ارتكبها ابن عبد الوىاب المذكور‪ ،‬فقلت‪.‬‬
‫وفي (ج)‪ :‬ولماوصلت األبيات إلى نجد من طريق مكة ولم يصل لها جواب‪ ،‬ووصل رجل من أصحاب‬
‫ابن عبد الوىاب‪ ،‬يقاؿ لو الشيخ عبد الرحمن‪ ،‬وأخبر بوصوؿ األبيات‪ ،‬وأنها بعثتو على الخروج إلى عند‬
‫قائلها‪ ،‬وىو رجل عامي‪ ،‬إال أنو كثير العبادة‪ ،‬والحث على الزىادة‪ ،‬ولم يزؿ يذىب أياـ الحج للحج ثم‬
‫يعود بعد ذىابو إلى أىلو إلى صنعاء‪ ،‬ولم نستفد منو ػ لعاميتو ػ حقيقة ابن عبد الوىاب‪.‬‬
‫ثم إنو وصل إلينا الشيخ العالم مربد بن حسن _ قد تقدـ ذكره _ وكاف وصولو من طريق الحجاز‪ ،‬سنة‬
‫سبعين ومائة وألف‪9979(،‬ىػ) ولو معرفة ونباىة‪ ،‬وىو من تالميذ ابن عبد الوىاب‪ ،‬وأخبر بوصوؿ‬
‫األبيات‪ ،‬وكاف عنده منها نسخة‪ ،‬وأقاـ عندنا ثمانية أشهر‪ ،‬وحصل بعض كتب ابن تيمية بخطو‪ ،‬وقرأ‬
‫علينا في الكشاؼ‪ ،‬وذاكر في عدة مسائل‪.‬‬
‫ثم وصف لنا من حاؿ ابن عبد الوىاب أمورا عجيبة‪ ،‬من سفكو الدماء‪ ،‬وتكفير كل أىل الدنيا‪ ،‬وأخرج‬
‫صحبتو من رسائلو ما يحقق ما نقلو عنو‪ ،‬من تكفيره لألناـ‪ ،‬وسفكو للدـ الحراـ‪ ،‬ونهبو لألمواؿ‪ ،‬وسبيو‬
‫للحرـ المسلمة واألطفاؿ‪.‬‬
‫وقد كاف مستنكرا ألفعالو‪ ،‬مترددا في حقيقة حالو‪ ،‬وما خرج إال مسترشدا لما يرشده اهلل[إليو]‪ ،‬ويدلو‬
‫عليو‪ .‬فأبنا لو أف ىذه أفعاؿ ال تطابق شريعة اإلسالـ‪ ،‬وال توافق ما جاء بو سيد األناـ‪ ،‬عليو أفضل صالة‬
‫وسالـ‪.‬‬
‫وذكر أنو زاد بوصوؿ األبيات عظمة عند أتباعو‪ ،‬ورفعة عند أشياعو‪ ،‬وأنو يتعين علينا إزالة ذلك‪ ،‬وبياف‬
‫قبح ما سلكو من تلك المسالك‪ .‬فرأيتو يتعين ما قاؿ‪ ،‬وتأكد عندي ذلك المقاؿ‪ ،‬فبنيت أبياتا رددت‬
‫فيها أدلة رسالتو‪ ،‬وأبنت فيها قبيح مقالتو‪ ،‬وشرحتها شرحا شافيا‪ ،‬وأرسلتها صحبة الشيخ مربد‪ ،‬وفارقنا‬
‫في عشرين من شواؿ‪ ،‬سنة سبعين ومائة وألف‪ ،‬وأوؿ األبيات‪:‬‬

‫(‪)998/9‬‬

‫_____________________________‬

‫سبعين ومائة وألف‪ ،‬وأقاـ لدينا ثمانية أشهر‪ ،‬وحصل بعض كتب ابن تيمية وابن القيم بخطو‪ ،‬وفارقنا في‬
‫عشرين من شواؿ سنة سبعين راجعا إلى وطنو‪ ،‬وصل من طريق الحجاز وكاف من تالميذ الشيخ محمد‬
‫بن عبد الوىاب الذي وجهنا إليو األبيات‪ ،‬فأخبرنا ببلوغها ولم يأت بجواب عنها‪.‬‬
‫وكاف قد تقدمو في الوصوؿ إلينا بعد بلوغها الشيخ الفاضل عبد الرحمن النجدي‪ ،‬ووصف لنا من حاؿ‬
‫ابن عبد الوىاب أشياء أنكرناىا‪ ،‬من سفك الدماء‪ ،‬ونهبو األمواؿ‪ ،‬وتجاريو على قتل النفوس ولو‬
‫باالغتياؿ‪ ،‬وتكفير األمة المحمدية في جميع األقطار‪ ،‬فبقي معنا تردد فيما نقلو الشيخ الفاضل عبد‬
‫الرحمن‪ ،‬حتى وصل الشيخ العالم مربد بن أحمد ولو نباىة‪ ،‬ووصل ببعض رسائل ابن عبد الوىاب التي‬
‫جمعها في وجو تكفيره أىل اإليماف‪ ،‬وقتلهم ونهبهم‪ ،‬وحقق لنا أقوالو وأفعالو وأحوالو‪ ،‬فرأينا أحوالو‬
‫أحواؿ رجل عرؼ من الشريعة شطرا‪ ،‬ولم يمعن النظر‪ ،‬وال قرأ على من يهديو نهج الهداية‪ ،‬ويدلو على‬
‫العلوـ النافعة ويفقهو فيها‪ ،‬بل طالع بعضا من مؤلفات الشيخ أبي العباس ابن تيمية‪ ،‬ومؤلفات تلميذه ابن‬
‫قيم الجوزية‪ ،‬وقلدىما من غير إتقاف‪ ،‬مع أنهما يحرماف التقليد‪.‬‬
‫ولما حقق لنا أحوالو‪ ،‬ورأينا في الرسالة أقوالو‪ ،‬وذكر لي أنو إنما عظم شأنو بوصوؿ األبيات التي وجهنا‬
‫إليو‪ ،‬وأنو يتعين علنيا نقض ما قدمناه‪ ،‬وحل ما أبرمناه‪ ،‬وكانت أبياتنا ىذه قد طارت كل مطار‪ ،‬وبلغت‬
‫غالب األقطار‪ ،‬وأتتنا فيها‬

‫(‪)999/9‬‬

‫_____________________________‬

‫جوابات عن أىل مكة المشرفة‪ ،‬ومن البصرة‪ ،‬ومن غيرىما‪ ،‬إال أنها جوابات خالية عن اإلنصاؼ وبعضها‬
‫كالـ من غير معرفة لما أردناه‪ ،‬فجواب وصل من بندر المخا كلو خصاـ‪ ،‬وذـ لقائل النظاـ‪ ،‬وبيننا وبين‬
‫الجميع يوـ يقوـ الناس لرب العالمين‪ ،‬وينتصف للمظلومين من الظالمين‪ ،‬ولما أخذ علينا الشيخ مربد‬
‫ذلك‪ ،‬تعين علينا‪ ،‬لئال نكوف سببا في شيء من ىذه األمور‪ ،‬التي ارتكبها ابن عبد الوىاب المذكور‪،‬‬
‫كتبت أبياتا وشرحتها وأكثرت من النقل عن ابن القيم وشيخو ابن تيمية‪ ،‬ألنهما عمدة الحنابلة‪ ،‬فقلت‪:‬‬

‫رجعت عن النظم الذي قلت في النجدي‬


‫فقد صح لي عنو خالؼ الذي عندي‬
‫ظننت بو خيرا وقلت عسى عسى‬
‫نجد ناصحا يهدي العباد ويستهدي‬
‫فقد خاب فيو الظن الخاب نصحنا‬
‫وما كل ظن للحقائق لي مهدي‬
‫وقد جاءنا من أرضو الشيخ مربد‬
‫فحقق من أحوالو كل ما يبدي‬
‫وقد جاء من تأليفو برسائل‬
‫يكفر أىل األرض فيها على عمد‬
‫ولفق في تكفيرىم كل حجة‬
‫تراىا كبيت العنكبوت لدى النقد‬
‫تجارى على إجرا دما كل مسلم‬
‫مصل مزؾ ال يحوؿ عن العهد‬
‫وقد جاءنا عن ربنا في براءة ‪...‬‬

‫(‪)999/9‬‬

‫_____________________________‬

‫براءتهم عن كل كفر وعن جحد‬


‫وإخواننا سماىم اهلل فاستمع‬
‫لقوؿ اإللو الواحد الصمد الفرد‬

‫قاؿ اهلل تعالى في المشركين‪ { :‬فإف تابوا وأقاموا الصالة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين } [التوبة‪]99:‬‬

‫وقد قاؿ خير المرسلين نهيت عن‬


‫فما بالو لم ينتو الرجل النجدي‬

‫أخرج اإلماـ أحمد‪ ،‬والشافعي‪ ،‬في مسنديهما (‪ ،)9‬من حديث عبد اهلل بن عدي بن الخيار‪ ،‬أف رجال‬
‫من األنصار حدثو‪ (( :‬أنو أتى إلى النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم وىو في مجلسو‪ ،‬فسآره يستأذنو في‬
‫قتل رجل من المنافقين‪ ،‬فجهر رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم فقاؿ‪ :‬أليس يشهد أف ال إلو إال اهلل؟‬
‫قاؿ األنصاري‪ :‬بلى يا رسوؿ اهلل‪ ،‬وال شهادة لو‪ .‬قاؿ‪ :‬أليس يشهد أف محمدا رسوؿ اهلل؟ قاؿ‪ :‬بلى‪ ،‬وال‬
‫شهادة لو‪ .‬قاؿ‪ :‬أليس يصلي؟ قاؿ‪ :‬بلى‪ ،‬وال صالة لو‪ .‬قاؿ‪ :‬أولئك الذين نهاني اهلل عن قتلهم ))‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو أحمد في المسند ‪ ،)13719(431/5‬ومالك ‪ ،)493(979/9‬ولم أجده في مسند‬
‫الشافعي‪.‬‬

‫(‪)991/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وفي الصحيحين (‪ )9‬من حديث أبي سعيد‪ ،‬في قصة الرجل الذي قاؿ‪ (( :‬يا رسوؿ اهلل اتق اهلل‪ .‬وفيو‬
‫فقاؿ خالد بن الوليد‪ :‬أال أضرب عنقو؟ فقاؿ‪ :‬ال‪ .‬لعلو أف يكوف يصلي‪ .‬فقاؿ خالد‪ :‬فكم من مصل‬
‫يقوؿ بلسانو ما ليس في قلبو؟! فقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ :‬إني لم أؤمر أف أفتش عن‬
‫قلوب الناس‪ ،‬وال أشق بطونهم ))(‪.)1‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو البخاري ‪ ،)4994(9589/4‬ومسلم ‪ ،)9964(749/1‬وأبو داود ‪،)4764(143/4‬‬
‫وأبو يعلى ‪.)9963(399/1‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو أبو داود ‪ ،)4918(181/4‬والبيهقي في الكبرى ‪ ،)96764(114/8‬وأبو يعلى‬
‫‪ ،)6916(599/99‬والدارقطني ‪ ،)9(54/1‬ولفظ الحديث‪ :‬سمعت أبا سعيد الخدري يقوؿ‪(( :‬‬
‫بعث علي بن أبي طالب رضي اهلل تعالى عنو إلى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم من اليمن بذىيبة في‬
‫أديم مقروظ لم تحصل من ترابها‪ ،‬قاؿ فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن بدر‪ ،‬وأقرع بن حابس‪ ،‬وزيد‬
‫الخيل‪ ،‬والرابع إما علقمة‪ ،‬وإما عامر بن الطفيل‪ ،‬فقاؿ رجل من أصحابو‪ :‬كنا نحن أحق بهذا من ىؤالء!‬
‫قاؿ‪ :‬فبلغ ذلك النبي صلى اهلل عليو وسلم فقاؿ‪ :‬أال تأمنونني وأنا أمين من في السماء‪ ،‬يأتيني خبر‬
‫السماء صباحا ومساء‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاـ رجل غائر العينين‪ ،‬مشرؼ الوجنتين‪ ،‬ناشز الجبهة‪ ،‬كث اللحية‪،‬‬
‫محلوؽ الرأس‪ ،‬مشمر اإلزار‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ اهلل اتق اهلل! قاؿ‪ :‬ويلك أو لست أحق أىل األرض أف‬
‫يتقي اهلل؟! قاؿ‪ :‬ثم ولى الرجل‪ .‬قاؿ خالد بن الوليد‪ :‬يا رسوؿ اهلل أال أضرب عنقو؟! قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬لعلو أف‬
‫يكوف يصلي‪ .‬فقاؿ خالد‪ :‬وكم من مصل يقوؿ بلسانو ما ليس في قلبو‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫وسلم‪ :‬إني لم أومر أف أنقب قلوب الناس‪ ،‬وال أشق بطونهم‪ .‬قاؿ‪ :‬ثم نظر إليو وىو مقف‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إنو‬
‫يخرج من ضئضئ ىذا قوـ يتلوف كتاب اهلل رطبا ال يجاوز حناجرىم‪ ،‬يمرقوف من الدين كما يمرؽ السهم‬
‫من الرمية‪ - ،‬وأظنو قاؿ‪ :‬لئن ‪ -‬أدركتهم ألقتلنهم قتل ثمود ‪.‬‬

‫(‪)993/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وفي حديث‪ ((:‬نهيت عن قتل المصلين )) (‪ ،)9‬فجعل صلى اهلل عليو وآلو وسلم إقامة الصالة مانعة‬
‫من قتلو‪.‬‬

‫وقاؿ لهم الما أقاموا الصالة في‬


‫أناس أتوا كل القبائح عن قصد‬

‫في البيت إشارة إلى ما أخرجو مسلم في صحيحو عن أـ سلمة‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬أنو‬
‫قاؿ‪ (( :‬يستعمل عليكم أمراء‪ ،‬فتعرفوف وتنكروف‪ ،‬فمن أنكر فقد بريء‪ ،‬ومن كره فقد سلم‪ ،‬ولكن من‬
‫رضي وتابع‪ .‬فقالوا يا رسو اهلل‪ :‬أال نقاتلهم؟ قاؿ‪ :‬ال ما صلوا )) (‪ .)1‬انتهى‪ .‬وفي رواية‪ (( :‬ما أقاموا‬
‫الصالة ‪.)) ...‬‬
‫فقولنا‪ :‬وقاؿ‪ ،‬ضمير قاؿ لو صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬الحديث أشرنا بما ترى‪ ،‬كما في قولنا في البيت‪:‬‬
‫نهيت عن‪ .‬ففي البيتين من علم البديع االكتفاء‪.‬‬

‫أبن لي أبن لي لم سفكت دماءىم‬


‫ولم ذا نهبت الماؿ قصدا على عمد‬
‫وقد عصموا ىذا وىذا بقوؿ ال‬
‫إلو سوى اهلل المهيمن ذي المجد‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬عن أبي ىريرة (( أف النبي صلى اهلل عليو وسلم أتي بمخنث قد خضب يديو ورجليو بالحناء‪ ،‬فقاؿ‬
‫النبي صلى اهلل عليو وسلم‪ :‬ما باؿ ىذا؟! فقيل‪ :‬يا رسوؿ اهلل يتشبو بالنساء‪ ،‬فأمر فنفي إلى النقيع‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬يا رسوؿ اهلل أال نقتلو؟! فقاؿ إني نهيت عن قتل المصلين‪ .‬قاؿ أبو أسامة‪ :‬والنقيع ناحية عن‬
‫المدينة وليس بالبقيع‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو مسلم ‪ ،)9854(9489/3 ،)9854(9489/3‬وأبو داود ‪،)4769(141/4‬‬
‫والترمذي ‪ ،)1165(519/4‬وأحمد ‪ ،)16699( 391/6‬والبيهقي في الكبرى ‪،)6195(367/3‬‬
‫والطيالسي ‪.)9595(113/‬‬

‫(‪)994/9‬‬

‫_____________________________‬

‫إشارة إلى ما في الصحيحين من حديث عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما‪ ،‬أف النبي صلى اهلل عليو وآلو‬
‫وسلم قاؿ‪ (( :‬أمرت أف أقاتل الناس حتى يشهدوا أف ال إلو إال اهلل‪ ،‬وأف محمدا رسوؿ اهلل‪ ،‬ويقيموا‬
‫الصالة‪ ،‬ويؤتوا الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءىم‪ ،‬وأموالهم‪ ،‬إال بحق اإلسالـ‪ ،‬وحسابهم‬
‫على اهلل )) (‪.)9‬‬
‫وأخرج اإلماـ [أحمد] في مسنده‪ ،‬وابن خزيمة في صحيحو‪ ،‬من حديث أبي ىريرة قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬أمرت أف أقاتل الناس حتى يشهدوا أف ال إلو إال اهلل‪ ،‬وأف محمدا رسوؿ‬
‫اهلل‪ ،‬ويقيموا الصالة‪ ،‬ويؤتوا الزكاة‪ ،‬ثم قد حرمت علي دماءىم‪ ،‬وأموالهم‪ ،‬وحسابهم على اهلل )) (‪.)1‬‬
‫فأخبر صلى اهلل عليو وآلو وسلم أف الناس إذا آمنوا‪ ،‬وأقاموا الصالة‪ ،‬وآتوا الزكاة‪ ،‬حرمت دماءىم‬
‫وأموالهم‪.‬‬
‫وأما قولو إال بحق اإلسالـ‪ ،‬فالمراد بو ما أباحو اإلسالـ في الدماء من قتل النفس المؤمنة بغير حق‪ ،‬ومن‬
‫زنى وىو محصن‪ ،‬ومن ارتد عن اإلسالـ‪ ،‬أو قطع يد السارؽ‪ ،‬ومن الساعي في األرض فسادا‪ ،‬ونحوىا‪،‬‬
‫وما أباحو من األمواؿ كأخذ الزكاة من الغاؿ‪ ،‬وتغريم من اغتصب األمواؿ‪.‬‬

‫وقاؿ ثالث ال يحل لغيرىا‬


‫دـ المسلم المعصوـ في الحل والعقد‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو البخاري ‪ ،)15(97/9‬ومسلم ‪ ،)19(51/9‬وأبو داود ‪ ،)1649(44/3‬وأحمد‬
‫‪ ،)8515(345/1‬وابن حباف ‪ ،)975( 499/9‬وابن خزيمة ‪ ،)1148(8/4‬والحاكم‬
‫‪ ،)9418(544/9‬وغيرىم‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو أحمد ‪ )8515(345/1‬بلفظ‪ (( :‬قد حرـ ‪ ،)) ...‬وابن خزيمة في الصحيح‬
‫‪.)1148(8/4‬‬

‫(‪)995/9‬‬

‫_____________________________‬

‫إشارة إلى حديث ابن مسعود رضي اهلل عنو أنو صلى اهلل عليو وآلو وسلم قاؿ‪ (( :‬ال يحل دـ امرئ‬
‫مسلم إال بإحدى ثالث‪ ،‬كفر بعد إيماف‪ ،‬أو زنا بعد إحصاف‪ ،‬أو قتل نفس بغير حق )) (‪.)9‬‬
‫أخرجو الشيخاف بألفاظ‪.‬‬
‫وىذا ىو الذي أشار إليو بقولو صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬إال بحق اإلسالـ )) (‪.)1‬‬

‫وقاؿ علي في الخوارج إنهم‬


‫من الكفر فروا بعد فعلهم المردي‬

‫إشارة إلى ما روي عن أمير المؤمنين علي عليو السالـ (( أنو سئل عن الخوارج‪ :‬أكفار ىم؟ فقاؿ‪ :‬من‬
‫الكفر فروا‪ .‬قيل‪ :‬فما ىم؟ قاؿ‪ :‬إخواننا باألمس بغوا علينا )) (‪. )3‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو أبو داود ‪ ،)4591(979/4‬والنسائي في المجتبى ‪ ،)4999(99/7‬وابن ماجة‬
‫‪ ،)1533(847/1‬وأحمد ‪ ،)468(65/9‬والنسائي في الكبرى ‪ ،)3481(191/1‬والبيهقي‬
‫‪ ،)95619(98/8‬والطيالسي ‪ ،)71(93/‬وابن الجارود في المنتقى ‪ ،)836(193/‬وابن أبي عاصم‬
‫في اآلحاد المثاني ‪ ،)949(931/9‬وأحمد في فضائل الصحابة ‪ ،)896(495/9‬والطحاوي في‬
‫شرح معاني اآلثار ‪ ،959/3‬والحارث في المسند (بغية الباحث) ‪ .)977(899/1‬بلفظ‪ (( :‬ال يحل‬
‫دـ امرئ مسلم إال بإحدى ثالث‪ :‬كفر بعد إسالـ‪ ،‬أو زنا بعد إحصاف‪ ،‬أو قتل نفس بغير نفس ‪.)) ...‬‬
‫(‪ )1‬أي‪ :‬في الحديث اآلنف الذكر‪.‬‬
‫(‪ )3‬عن أبي البختري قاؿ سئل علي رضي اهلل عنو عن أىل الجمل أمشركوف ىم ؟قاؿ من الشرؾ فروا ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬أمنافقوف ىم ؟قاؿ ‪ :‬إف المنافقين ال يذكروف اهلل إال قليال ‪.‬قيل‪ :‬فما ىم ؟! قاؿ‪ :‬إخواننا بغوا‬
‫علينا‪.‬‬
‫أخرجو البيهقي في سننو الكبرى ج ‪/8‬ص ‪/973‬ح ‪96499‬‬
‫وعبد الرزاؽ في مصنفو ج‪/7‬ص‪/535‬ح‪.37763‬‬

‫(‪)996/9‬‬

‫_____________________________‬

‫في فتح الباري (( أف عليا عليو السالـ لم يكفر الخوارج مع تكفيرىم لو‪ ،‬وقتلهم لعباد اهلل‪ ،‬وتكفيرىم‬
‫لمن ليس على بدعتهم من عباد اهلل )) (‪ ،)9‬وللعلماء فيهم أقواؿ واسعة‪.‬‬

‫ولم يحفر األخدود في باب كندة‬


‫ليحرقهم فافهمو إف كنت تستهدي‬
‫ولكن لقوـ قد أتوا بعظيمة‬
‫فقالوا علي ربنا منتهى القصد‬

‫إشارة إلى ما أخرجو أبو المظفر اإلسفرائيني في الملل والنحل‪ :‬أف الذين أحرقهم علي عليو السالـ‬
‫طائفة من الذين غلوا فيو وادعو فيو اإللهية‪ ،‬وكاف كبيرىم عبد اهلل بن سبأ‪ ،‬كاف يهوديا ثم أظهر اإلسالـ‬
‫وابتدع ىذه المقالة (‪.)1‬‬
‫وأخرج أبو الطاىر المخلص‪ ،‬من طريق عبد اهلل بن شريك العامري‪ ،‬عن أبيو قاؿ‪ :‬قيل لعلي عليو‬
‫السالـ‪ :‬إف ىاىنا قوما خارج المسجد يزعموف أنك ربهم !! فدعاىم وقاؿ‪ :‬ويلكم ما تقولوف؟! قالوا‪:‬‬
‫أنت ربنا وخالقنا ورازقنا‪ .‬فقاؿ‪ :‬إنما أنا عبد آكل الطعاـ كما تأكلوف‪ ،‬وأشرب كما تشربوف‪ ،‬إف أطعت‬
‫اهلل أثابني‪ ،‬وإف عصيتو خشيتو أف يعذبني‪ ،‬فارجعوا‪ .‬فأبوا فلما كاف الغد غدوا عليو‪ ،‬فجاء قنبر فقاؿ‪:‬‬
‫واهلل رجعوا يقولوف ذلك الكالـ‪ .‬قاؿ‪ :‬أدخلهم‪ .‬فقالوا‪ :‬كذلك‪ .‬فلما كاف اليوـ الثالث قاؿ‪ :‬لئن قلتم‬
‫ألقتلنكم شر قتلة! فأبوا إال ذلك‪ .‬فقاؿ‪ :‬يا قنبر ائتني‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬انظر فتح الباري ‪.391/91‬‬
‫(‪ )1‬المقصود بو عبد القاىر البغدادي صاحب كتاب (الفرؽ بين الفرؽ)‪ .‬والقصة موجود فيو ‪،115/‬‬
‫‪ .133‬وليس كتاب حديث حتى يقوؿ المصنف‪ :‬أخرجو أبو المظفر‪ .‬والقصة مذكورة أيضا في طبقات‬
‫المحدثين البن حباف ‪.)197(349/1‬‬

‫(‪)997/9‬‬

‫_____________________________‬

‫بفعلة‪ )9(،‬فخد لهم خدودا بين باب المسجد والقصر‪ ،‬قاؿ‪ :‬احفروا وأبعدوا في األرض‪ ،‬وجاء بالحطب‬
‫وطرحو في النار في األخدود‪ ،‬وقاؿ‪ :‬إني طارحكم فيها أو ترجعوف‪ .‬فأبوا أف يرجعوا‪ ،‬فقذفهم فيها وقاؿ‪:‬‬

‫إني إذا رأيت أمرا منكرا‬


‫أوقدت نارا ودعوت قنبرا‬

‫قاؿ الحافظ ابن حجر إسناده صحيح‪.‬‬


‫وقاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية في كتاب منهاج السنة‪ :‬إف عليا عليو السالـ أمر بإحراؽ الذين ادعوا فيو‬
‫اإللهية‪ ،‬فإنو خرج ذات يوـ فسجدوا لو‪ .‬فقاؿ لهم‪ :‬ما ىذا؟ قالوا‪ :‬أنت ىو‪ .‬قاؿ‪ :‬من أنا؟ قالوا‪ :‬أنت‬
‫اهلل الذي ال إلو إال ىو‪ .‬فقاؿ‪ :‬ويلكم ىذا كفر‪ ،‬فارجعوا عنو وإال ضربت أعناقكم‪ .‬فصنعوا في اليوـ‬
‫الثاني والثالث كذلك‪ ،‬وأخرىم ثالثة أياـ‪ ،‬ألف المرتد يستتاب ثالثة أياـ‪ ،‬فلما لم يرجعوا أمر بأخاديد من‬
‫نار ‪....‬إلى آخر ما ذكرناه‪ .‬وقاؿ‪ :‬وىذا واجب باتفاؽ المسلمين‪ .‬انتهى كالمو‪.‬‬
‫وأنشد لبعض النصيرية‪:‬‬

‫أشهد أف ال إلو إال ‪ ...‬علي األنزع البطين‬


‫وال حجاب عليو إال ‪ ...‬محمد الصادؽ األمين‬
‫وال طريق إليو إال ‪ ...‬سليماف ذو القوة المتين‬

‫إذا عرفت ىذا‪ ،‬فلذا قلنا‪:‬‬

‫وىذا ىو الكفر الصريح وليس ذا‬


‫برفض وال رأي الخوارج في المهدي‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬الفعلة‪ :‬العماؿ‪.‬‬

‫(‪)998/9‬‬

‫_____________________________‬

‫أردنا بالمهدي‪ :‬عليا عليو السالـ‪ ،‬ألف النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم قاؿ‪ (( :‬اللهم اجعلو ىاديا مهديا‬
‫في بعثو إلى اليمن )) (‪ ،)9‬وبو يعلم أف عليا عليو السالـ حرؽ من كفر باهلل‪ ،‬وسجد لو‪ ،‬وزعم أنو رب‬
‫العالمين‪ ،‬وقتلو واجب بإجماع المسلمين‪ ،‬كما قاؿ ابن تيمية‪ ،‬وكما ىو معروؼ من ضرورة دين سيد‬
‫المرسلين‪.‬‬
‫فاعجب لجعل ابن عبد الوىاب فعل (‪ )1‬علي عليو السالـ دليال على قتل المسلمين المصلين المزكين‬
‫الموحدين !!! ذكره في رسالتو دليال على قتلو عباد اهلل ونهبهم‪.‬‬
‫وقولنا وال رأي الخوارج في المهدي‪ ،‬أي‪ :‬أنهم ال يقولوف‪ :‬علي رضي اهلل عنو إلو‪ ،‬بل يقولوف‪ :‬إنو كافر‪،‬‬
‫وحاشاه عما يقوؿ الظالموف‪.‬‬
‫ثم استدؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب بأنو‪ :‬أجمع التابعوف وبقية الصحابة على قتل المختار بن أبي‬
‫عبيد فأشرنا إلى ذلك بقولنا‪:‬‬

‫وقد قلت في المختار أجمع كل من‬


‫حوى عصره من تابعي وذي رشد‬
‫على كفره ىذا يقين ألنو‬
‫تسمى نبيا ال كما قلت في الجعدي‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬في (أ)‪ :‬قتل‪.‬‬

‫(‪)999/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فمن العجب استداللو بقتل المختار بن أبي عبيد الثقفي (‪ ،)9‬وأنو أجمع التابعوف‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي‪ ،‬أبو إسحاؽ‪ ،‬من زعماء الثائرين على بني أمية‪ ،‬وأحد‬
‫الشجعاف األفذاذ من أىل الطائف‪ ،‬انتقل منها إلى المدينة مع أبيو في زمن عمر‪ ،‬وتوجو أبوه إلى العراؽ‬
‫فاستشهد يوـ الجسر‪ ،‬وبقي المختار في المدينة منقطعا إلى بني ىاشم‪ ،‬وتزوج عبد اهلل بن عمر بن‬
‫الخطاب أختو صفية بنت أبي عبيد‪ ،‬ثم كاف مع علي بالعراؽ‪ ،‬وسكن البصرة بعد علي‪ ،‬ولما قتل‬
‫الحسين سنة (‪69‬ىػ) انحرؼ المختار عن عبيد اهلل بن زياد (أمير البصرة) فقبض عليو ابن زياد وجلده‬
‫وحبسو‪ ،‬ونفاه بشفاعة ابن عمر إلى الطائف‪ .‬ولما مات يزيد بن معاوية سنة (‪64‬ىػ) وقاـ عبد اهلل بن‬
‫الزبير في المدينة بطلب الخالفة‪ ،‬ذىب إليو المختار وعاىده‪ ،‬وشهد معو بداية حرب الحصين بن نمير‪،‬‬
‫ثم استأذنو في التوجو إلى الكوفة ليدعو الناس إلى طاعتو‪ ،‬فوثق بو وأرسلو ووصى عليو‪ ،‬غير أنو كاف‬
‫أكبر ىمو منذ دخل الكوفة أف يقتل من قاتلوا الحسين وقتلوه‪ ،‬فدعا إلى إمامة (محمد ابن الحنفية)‬
‫وقاؿ‪ :‬إنو استخلفو‪ ،‬فبايعو زىاء سبعة عشر ألف رجل سرا‪ ،‬فخرج بهم على والي الكوفة عبد اهلل بن‬
‫مطيع‪ ،‬فغلب عليها واستولى على الموصل وعظم شأنو‪ .‬وتتبع قتلة الحسين‪ ،‬فقتل منهم شمر بن ذي‬
‫الجوشن الذي باشر قتل الحسين‪ ،‬وخولي بن يزيد الذي سار برأسو إلى الكوفة‪ ،‬وعمر بن سعد بن أبي‬
‫وقاص أمير الجيش الذي حاربو‪.‬‬
‫وأرسل إبراىيم بن األشتر في عسكر كثيف إلى عبيد اهلل بن زياد‪ ،‬الذي جهز الجيش لحرب الحسين‪،‬‬
‫فقتل ابن زياد وقتل كثيرين ممن كاف لهم ضلع في تلك الجريمة‪.‬‬
‫وكاف يرسل بعض الماؿ إلى صهره ابن عمر وإلى ابن عباس وإلى ابن الحنفية فيقبلونو‪ .‬وشاعت في‬
‫الناس أخبار عنو بأنو ادعا النبوة ونزوؿ الوحي عليو‪ ،‬وأنو كاف ال يوقف لو على مذىب‪ ،‬ونقلوا عنو‬
‫أسجاعا‪ ،‬قيل‪ :‬كاف يزعم أنها من اإللهاـ‪ ،‬منها‪ (( :‬أما والذي شرع األدياف‪ ،‬وحبب اإليماف‪ ،‬وكره‬
‫العصياف‪ ،‬ألقتلن أزد عماف‪ ،‬وجل قيس عيالف‪ ،‬وتميما أولياء الشيطاف‪ ،‬حاشا النجيب بن ظبياف ))‪ ،‬وقد‬
‫يكوف ىذا من اختراع أصحاب القصص‪ ،‬وقد نقلو الثعالبي‪ .‬وعلم المختار بأف عبد اهلل بن الزبير اشتد‬
‫علي ابن الحنفية وابن عباس المتناعهما عن بيعتو في المدينة‪ ،‬وأنو حصرىما ومن كاف معهما في الشعب‬
‫بمكة‪ ،‬فأرسل المختار عسكرا حاصر مكة وأخرجهما من الشعب‪ ،‬فانصرفا إلى الطائف وحمد الناس لو‬
‫عملو‪ .‬ورويت عنو أبيات قالها في ذلك‪ ،‬أولها‪:‬‬

‫تسربلت من ىمداف درعا حصينة ‪ ...‬ترد العوالي باألنوؼ الرواغم‬

‫وعمل مصعب بن الزبير‪ ،‬وىو أمير البصرة بالنيابة عن أخيو عبد اهلل‪ ،‬على خضد شوكة المختار فقاتلو‪،‬‬
‫ونشبت وقائع انتهت بحصر المختار في قصر الكوفة‪ ،‬وقتلو ومن كاف معو‪ .‬ومدة إمارتو ستة عشر‬
‫شهرا‪ .‬وفي (اإلصابة) وىو من غريب المصادفات‪ :‬أف عبد الملك بن عمر ذكر أنو رأى عبيد اهلل بن‬
‫زياد وقد جيء إليو برأس الحسين‪ ،‬ثم أتي برأس المختار‪ ،‬ثم رأى عبد الملك بن مرواف وقد حمل إليو‬
‫رأس مصعب‪ .‬ومما كتب في سيرتو (أخبار المختار ػ ط) ويسمى‪( :‬آخذ الثار) لبي مخنف لوط بن يحيى‬
‫األزدي‪ .‬وسمى صاحب كتاب (الغدير) واحدا وعشرين مصنفا في أخباره‪ .‬اإلصابة (‪ ،)8547‬والفرؽ‬
‫بين الفرؽ ‪ ،37 - 39/‬وابن األثير ‪ ،998-81/4‬والشعور بالعور‪ ،‬والطبري ‪ ،946/7‬والحور العين‬
‫‪ ،981/‬وثمار القلوب ‪ ،79/‬وفرؽ الشيعة ‪ ،13/‬والمرزباني ‪ ،498/‬واألخبار الطواؿ ‪،399-181/‬‬
‫والذريعة ‪ 348/9‬و ‪ ،349‬وانظر منتخبات في أخبار اليمن ‪ ،31/‬والفاطميوف في مصر ‪،38 - 34/‬‬
‫وفيو بحث عن عالقة المختار بالكيسانية‪ ،‬وفي التاج ‪ ،138/4‬والغدير ‪ .345 - 344/1‬األعالـ‬
‫‪.991/7‬‬

‫(‪)919/9‬‬

‫_____________________________‬

‫مع بقية الصحابة على قتلو‪ ،‬ووجو العجب منا‪ :‬أف المختار طالب ملك‪ ،‬تغلب على الكوفة ونواحيها‪،‬‬
‫وكاف عبد اهلل بن الزبير (‪ )9‬قد ادعا الخالفة لنفسو بمكة‪ ،‬وغلب‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬عبد اهلل بن الزبير بن العواـ القرشي األسدي‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬فارس قريش في زمنو‪ ،‬وأوؿ مولود في‬
‫المدينة بعد الهجرة‪ ،‬شهد فتح إفريقية زمن عثماف‪ ،‬وبويع لو بالخالفة سنة (‪64‬ىػ)‪ ،‬عقيب موت يزيد بن‬
‫معاوية‪ ،‬فحكم مصر والحجاز واليمن وخراساف والعراؽ وأكثر الشاـ‪ ،‬وجعل قاعدة ملكو المدينة‪.‬‬
‫وكانت لو مع األمويين وقائع ىائلة‪ ،‬حتى سيروا إليو الحجاج الثقفي في أياـ عبد الملك بن مرواف‪،‬‬
‫فانتقل إلى مكة‪ ،‬وعسكر الحجاج في الطائف‪ .‬ونشبت بينهما حروب أتى المؤؤخوف على تفصيلها‪،‬‬
‫انتهت بمقتل ابن الزبير في مكة‪ ،‬بعد أف خذلو عامة أصحابو وقاتل قتاؿ األبطاؿ‪ ،‬وىو في عشر‬
‫الثمانين‪ .‬وكاف من خطباء قريش المعدودين‪ ،‬يشبو في ذلك بأبي بكر‪.‬‬
‫مدة خالفتو تسع سنين‪ ،‬وكاف نقش الدراىم في أيامو بأحد الوجهين‪ :‬محمد رسوؿ اهلل‪ ،‬وباآلخر‪ :‬أمر اهلل‬
‫بالوفاء والعدؿ‪ ،‬وىو أوؿ من ضرب الدراىم المستديرة‪ ،‬لو في كتب الحديث ‪ 33‬حديثا‪ ،‬وكانت في‬
‫األعماؿ البهنساوية (بمصر) طائفة من بنيو‪ ،‬ىم‪ :‬بنو بدر‪ ،‬وبنو مصلح‪ ،‬وبنو نصارة‪ .‬ابن األثير ‪935/4‬‬
‫وما قبلها‪ ،‬وفوات الوفيات ‪ ،199/9‬وتاريخ الخميس ‪ ،399/1‬وحلية ‪ ،319/9‬واليعقوبي ‪،1/3‬‬
‫وصفة الصفوة ‪ ،311/9‬والطبري ‪ ،191/7‬وتهذيب ابن عساكر ‪ ،396/7‬وشذور العقود للمقريزي‬
‫‪ ،6/‬وجمهرة األنساب ‪ 993/‬و ‪ .994‬األعالـ ‪.87/4‬‬

‫(‪)919/9‬‬

‫_____________________________‬

‫على الحجاز واليمن‪ ،‬وبعث أخاه مصعبا (‪ )9‬إلى العراؽ ليأخذىا لو‪ ،‬فقتل مصعب بن الزبير المختار‬
‫ابن أبي عبيد‪ ،‬كما قتل بعد ذلك عبد الملك مصعبا‪ ،‬وقتل الحجاج‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬مصعب بن الزبير بن العواـ بن خويلد األسدي القرشي‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬أحد الوالة األبطاؿ في صدر‬
‫اإلسالـ‪ ،‬نشأ بين يدي أخيو عبد اهلل بن الزبير‪ ،‬فكاف عضده األقوى في تثبيت ملكو بالحجاز والعراؽ‪،‬‬
‫وواله عبد اهلل البصرة سنة (‪67‬ىػ) فقصدىا‪ ،‬وضبط أمورىا وقتل المختار الثقفي‪ ،‬ثم عزلو عبد اهلل عنها‬
‫مدة سنة‪ ،‬وأعاده في أواخر سنة (‪68‬ىػ)‪ ،‬وأضاؼ إليو الكوفة فأحسن سياستهما‪ .‬وتجرد عبد الملك بن‬
‫مرواف لقتالو‪ ،‬فسير إليو الجيوش‪ ،‬فكاف مصعب يفلها‪ ،‬حتى خرج إليو عبد الملك بنفسو‪ ،‬فلما دخل‬
‫العراؽ خذؿ مصعبا قواد جيشو وأصحابو‪ ،‬فثبت فيمن بقي معو‪ ،‬فأنفذ إليو عبد الملك أخاه محمد بن‬
‫مرواف‪ ،‬فعرض عليو االماف ووالية العراقين أبدا ما داـ حيا ومليوني درىم صلة‪ ،‬على أف يرجع عن القتاؿ‬
‫فأبى مصعب‪ ،‬فشد عليو جيش عبد الملك في وقعة عند دير الجاثليق (على شاطئ دجيل من أرض‬
‫مسكن) وطعنو زائدة بن قيس السعدي‪ ،‬أو (عبيد اهلل بن زياد بن ظبياف) فقتلو‪ ،‬وحمل رأسو إلى عبد‬
‫الملك‪.‬‬
‫وبمقتلو نقلت بيعة أىل العراؽ إلى ملوؾ الشاـ‪ ،‬وكانت في البهنساوية بمصر قبيلة تنتسب إليو تعرؼ‬
‫ببني مصعب‪ .‬قاؿ أبو عبيدة معمرة بن المثنى‪ :‬كاف مصعب أحب أمراء العراؽ إلى أىل العراؽ‪ ،‬يعطيهم‬
‫عطاءين‪ ،‬عطاء للشتاء وعطاء للصيف‪ ،‬وكاف يشتد في موضع الشدة ويلين في موضع اللين‪ .‬الطبري‬
‫‪/‬حوادث سنة ‪ 79‬وما قبلها‪ ،‬ومثلو الكامل البن األثير‪ ،‬والبداية والنهاية‪ ،‬وىو في تاريخ اإلسالـ للذىبي‬
‫‪ 998/3‬في حوادث سنة ‪ ،71‬وأرخو ابن سعد في الطبقات ‪ 935/5‬سنة ‪ ،71‬ومثلو في تاريخ بغداد‬
‫‪ ،995/93‬قلت‪ :‬والمؤرخوف مع اختالفهم في مقتلو سنة ‪ 79‬أو ‪71‬ىػ‪ ،‬يذكروف في عمره يوـ قتل‬
‫ثالث روايات‪35 :‬سنة‪ ،‬و‪ 49‬و‪ ،45‬واقتصر ابن الجوزي في (أعمار األعياف ػ خ) على الرواية األخيرة‪.‬‬
‫ونسب قريش ‪ ،159 - 149‬وانظر فهرستو‪ .‬ورغبة اآلمل ‪ ،85/9‬و‪ ،979 ،914/3‬و‪،135/5‬‬
‫و‪ ،38/6‬و‪ ،985/7‬والنقائض طبعة لندف ‪ .9999‬األعالـ ‪.148 - 147/7‬‬

‫(‪)911/9‬‬

‫_____________________________‬

‫(‪ )9‬عبد اهلل بن الزبير‪ ،‬فهؤالء أقواـ طالب ملك ودنيا‪ ،‬وال يستدؿ بأفعالهم عاقل‪ ،‬وال يقاؿ في‬
‫أفعالهم‪ :‬أجمع الناس على قتل فالف منهم‪ ،‬وإال لزمو أنو أجمع الناس‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي‪ ،‬أبو محمد‪ ،‬قائد‪ ،‬داىية‪ ،‬سفاؾ‪ ،‬خطيب‪ .‬ولد ونشأ في‬
‫الطائف بالحجاز‪ ،‬وانتقل إلى الشاـ فلحق بروح بن زنباع نائب عبد الملك بن مرواف‪ ،‬فكاف في عديد‬
‫شرطتو‪ ،‬ثم ما زاؿ يظهر حتى قلده عبد الملك أمر عسكره‪ ،‬وأمره بقتاؿ عبد اهلل بن الزبير‪ ،‬فزحف إلى‬
‫الحجاز بجيش كبير وقتل عبد اهلل وفرؽ جموعو‪ ،‬فواله عبد الملك مكة والمدينة والطائف‪ ،‬ثم أضاؼ‬
‫إليها العراؽ والثورة قائمة فيو‪ ،‬فانصرؼ إلى بغداد في ثمانية أو تسعة رجاؿ على النجائب‪ ،‬فقمع الثورة‬
‫وثبتت لو اإلمارة عشرين سنة‪ ،‬وبنى مدينة واسط ‪ -‬بين الكوفة والبصرة ‪ -‬وكاف سفاكا سفاحا باتفاؽ‬
‫معظم المؤرخين‪ .‬قاؿ عبد بن شوذب‪ :‬ما رؤي مثل الحجاج لمن أطاعو وال مثلو لمن عصاه‪ .‬وقاؿ أبو‬
‫عمرو بن العالء‪ :‬ما رأيت أحدا أفصح من الحسن البصري والحجاج‪ .‬وقاؿ ياقوت (في معجم البلداف)‪:‬‬
‫ذكر الحجاج عند عبد الوىاب الثقفي بسوء‪ ،‬فغضب وقاؿ‪ :‬إنما تذكروف المساوئ! أو ما تعلموف أنو‬
‫أوؿ من ضرب درىما عليو‪ :‬ال إلو إال اهلل محمد رسوؿ اهلل‪ ،‬وأوؿ من بنى مدينة بعد الصحابة في‬
‫اإلسالـ‪ ،‬وأوؿ من اتخذ المحامل‪ ،‬وأف امرأة من المسلمين سبيت في الهند فنادت يا حجاجاه‪ ،‬فاتصل‬
‫بو ذلك فجعل يقوؿ‪ :‬لبيك لبيك! وأنفق سبعة آالؼ ألف درىم حتى أنقذ المرأة‪.‬‬
‫واتخذ (المناظر) بينو وبني قزوين‪ ،‬فكاف إذا دخن أىل قزوين دخنت المناظر إف كاف نهارا‪ ،‬وإف كاف ليال‬
‫أشعلوا نيرانا‪ ،‬فتجرد الخيل إليهم‪ ،‬فكانت المناظر متصلة بين قزوين وواسط‪ ،‬وأصحبت قزوين ثغرا‬
‫حينئذ‪ .‬وأخبار الحجاج كثيرة‪ ،‬مات بواسط‪ ،‬وأجري على قبره الماء‪ ،‬فاندرس‪ .‬معجم البلداف ‪،381/8‬‬
‫ووفيات األعياف ‪ ،913/9‬والمسعودي ‪ ،999 - 993/1‬وتهذيب التهذيب ‪ ،199/1‬وتهذيب ابن‬
‫عساكر ‪ ،48/4‬وابن األثير ‪ ،111/4‬وسير النبالء ‪ -‬خ ‪ -‬وفيو‪ :‬لو حسنات مغمورة في بحر ذنوبو‪،‬‬
‫وأمره إلى اهلل‪ .‬والبدء والتاريخ ‪ ،18/6‬وفيو صفتو‪ :‬كاف رجال أخفش‪ ،‬حمش الساقين‪ ،‬منقوص‬
‫الجاعرتين‪ ،‬صغير الجثة‪ ،‬دقيق الصوت‪ ،‬أكتم الحلق‪ .‬األعالـ ‪.968/1‬‬

‫(‪)913/9‬‬

‫_____________________________‬

‫على قتل عبد اهلل بن الزبير‪ ،‬بل ىؤالء أقواـ يسفكوف الدماء لطلب الملك‪ ،‬فأفعالهم دولية ال دليلية‪،‬‬
‫فليس لعاقل وال عالم أف يجعل أفعالهم قدوة‪.‬‬
‫نعم وقولو‪ :‬ألنو تسمى نبيا‪ .‬يعني‪ :‬أف المختار بن أبي عبيد كاف يدعي النبوة‪.‬‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية في كتابو منهاج السنة‪ :‬إف المختار بن أبي عبيد كاف كذابا‪ ،‬يدعي النبوة‬
‫وإتياف جبريل إليو‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬وىذا كفر إف لم يتب منو كاف مرتدا‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وقولنا‪ :‬ال كما قلت في الجعدي‪ .‬إشارة إلى قولو في رسالتو‪ :‬أنو أجمع التابعوف ومن بعدىم على قتل‬
‫الجعد بن درىم (‪ .)9‬ىذا كالمو في الرسالة‪ ،‬فادعا اإلجماع على قتل الجعد‪.‬‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ في كتابو منهاج السنة‪ :‬إف الجعد بن درىم يقاؿ‪ :‬إنو أوؿ من ابتدع القوؿ بنفي‬
‫الصفات‪ ،‬وكاف يعلم مرواف بن محمد (‪ )1‬آخر خلفاء بني‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬الجعد بن درىم من الموالي‪ ،‬مبتدع‪ ،‬لو أخبار في الزندقة‪ ،‬سكن الجزيرة الفراتية‪ ،‬وأخذ عنو مرواف‬
‫بن محمد لما ولي الجزيرة في أياـ ىشاـ بن عبد الملك فنسب إليو‪ ،‬أو كاف الجعد مؤدبو في صغره‪،‬‬
‫ومن أراد ذـ مرواف لقبو بالجعدي‪ ،‬نسبة إليو‪ .‬قاؿ الذىبي‪ :‬عداده في التابعين‪ ،‬مبتدع ضاؿ‪ ،‬زعم أف اهلل‬
‫لم يتخذ إبراىيم خليال ولم يكلم موسى‪ ،‬فقتل على ذلك بالعراؽ يوـ النحر‪ .‬وقاؿ ابن األثير‪ :‬كاف مرواف‬
‫يلقب بالجعدي‪ ،‬ألنو تعلم من الجعد بن درىم مذىبو في القوؿ بخلق القرآف والقدر‪ .‬وقيل‪ :‬كاف الجعد‬
‫زنديقا‪ ،‬شهد عليو ميموف بن مهراف‪ ،‬فطلبو ىشاـ فظفر بو وسيره إلى خالد القسري ‪ -‬في العراؽ ‪-‬‬
‫فقتلو‪ .‬وقاؿ الزبيدي‪ :‬الجعد بن درىم مولى سويد بن غفلة‪ ،‬صاحب رأي أخذ بو جماعة بالجزيرة‪ ،‬وإليو‬
‫نسب مرواف‪ ،‬فيقاؿ لو‪ :‬الجعدي‪ ،‬وكاف إذ ذاؾ واليا بالجزيرة‪ .‬وقاؿ ابن تغري بردي في كالمو على‬
‫مرواف‪ :‬كاف يعرؼ بالجعدي‪ ،‬نسبة إلى مؤدبو جعد بن درىم‪ .‬وقاؿ الدياربكري‪ :‬مؤدبو وأستاذه‪ .‬ميزاف‬
‫االتداؿ ‪ ،985/9‬والكامل البن األثير ‪ ،969/5‬والتاج ‪ ،319/1‬ولساف الميزاف ‪ ،995/1‬واللباب‬
‫‪ ،139/9‬والنجوـ الزاىرة ‪ ،311/9‬وتاريخ الخميس ‪ .311/1‬األعالـ ‪.919/1‬‬
‫(‪ )1‬مرواف بن محمد بن مرواف بن الحكم األموي‪ ،‬يعرؼ بالجعدي‪ ،‬وبالحمار ولد بالجزيرة سنة‪/‬‬
‫‪71‬ىػ‪ .‬واله ىشاـ أرمينية وأذربيجاف‪ ،‬ولما قتل الوليد بن يزيد‪ ،‬وضعفت الدولة األموية دعا إلى نفسو‬
‫بأرمينية فبايعوه فيها‪ .‬وقصد الشاـ وتولى عرش بني مرواف‪ ،‬وقويت الدعوة العباسية في أيامو‪ ،‬وقتل في‬
‫معركة بينو وبين بني العباس سنة‪931 /‬ىػ ولقب بالحمار لجرأتو في الحروب‪ .‬تولى خمس سنوات‬
‫وعشرة أشهر ‪ -‬األعالـ ‪.199 _198 /7‬‬

‫(‪)914/9‬‬

‫_____________________________‬

‫أمية‪ ،‬وكاف الجعد من خراساف‪ ،‬ثم ذكر أف خالد القسري (‪ )9‬ضحى بالجعد بن درىم وقتلو يوـ النحر‪.‬‬
‫وقاؿ في خطبة عيد(‪ )1‬النحر‪ :‬أيها الناس ضحوا تقبل اهلل منكم‪ ،‬وإني مضح بالجعد بن درىم‪ ،‬فإنو‬
‫يقوؿ إف اهلل لم يتخذ إبراىيم خليال‪ ،‬وال كلم اهلل موسى تكليما‪ ،‬فذبحو (‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬خالد بن عبد اهلل بن يزيد بن أسد القسري‪ ،‬من بجيلة‪ ،‬أبو الهيثم‪ ،‬أمير العراقيين وأحد خطباء‬
‫العرب وأجوادىم‪ ،‬يماني األصل من أىل دمشق‪ .‬ولي مكة سنة (‪89‬ىػ) للوليد بن عبد الملك‪ ،‬ثم واله‬
‫ىشاـ العراقيين (الكوفة والبصرة) سنة (‪995‬ىػ) فأقاـ بالكوفة‪ ،‬وطالت مدتو إلى أف عزلو ىشاـ سنة‬
‫(‪919‬ىػ)‪ ،‬وولى مكانو يوسف بن عمر الثقفي وأمره أف يحاسبو‪ ،‬فسجنو يوسف وعذبو بالحيرة ثم قتلو‬
‫في أياـ الوليد بن يزيد‪ ،‬وكاف خالد يرمى بالزندقة‪ ،‬وللفرزدؽ ىجاء فيو‪ .‬األغاني ‪،64 9 53/99‬‬
‫وتهذيب ابن عساكر ‪ ،89 - 67/5‬والوفيات ‪ ،969/9‬وتهذيب التهذيب‪ ،‬والبداية والنهاية‪ ،‬وابن‬
‫خلدوف ‪ 995/3‬وما قبلها‪ ،‬وابن األثير ‪ ،195/4‬و ‪ .999/5‬األعالـ ‪197./1‬‬
‫(‪ )1‬في(أ)‪ :‬يوـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرج القصة البيهقي في السنن ‪ ،)19676(195/99‬والبخاري في خلق أفعاؿ العباد ‪،19/‬‬
‫والمزي في تهذيب الكماؿ ‪ ،)9617( 997/8‬و ‪ ،)4819(437/13‬والخطيب في تاريخو‬
‫‪ ،)6871(415/91‬والبخاري في التاريخ الكبير ‪ ،)943(64/9‬و ‪ ،)541( 958/3‬وابن حجر في‬
‫الفتح ‪.449 ،347/93‬‬

‫(‪)915/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فهذا الذي قتل الجعد عامل من عماؿ بني أمية‪ ،‬قتلو بغير مشاورة عالم من علماء الدين‪ ،‬فكيف يقوؿ‬
‫ابن عبد الوىاب‪ :‬إنو قتلو بإجماع التابعين ؟! فأين الحياء من رب العالمين في نسبة اإلجماع لهذا الفعل‬
‫إلى التابعين ؟!! وىو فعل عامل من عماؿ الجائزين !!! ولذا قلنا‪:‬‬

‫فذلك(‪ )9‬لم يجمع على قتلو وال‬


‫سوى خالد ضحى بو وىو عن قصد‬

‫وقد عرفت معنى البيت مما سبق‪ ،‬على أف ابن عبد الوىاب خالف إمامو اإلماـ أحمد بن حنبل في‬
‫دعوى اإلجماع‪ ،‬فإف أحمد يقوؿ‪ (:‬من ادعى اإلجماع فهو كاذب) ولذا قلنا‪:‬‬

‫وقد أنكر اإلجماع أحمد قائال‬


‫لمن يدعيو قد كذبت بال جحد‬
‫روى ذلك ابن القيم األوحد الذي‬
‫أتى بنفيس العلم في كل ما يبدي‬

‫قاؿ أبو بكر بن قيم الجوزية في كتابو أعالـ الموقعين في الجزء األوؿ منو في أثناء كالمو‪ :‬وصار من ال‬
‫يعرؼ الخالؼ من المقلدين إذا احتج عليو بالقرآف (‪ )1‬والسنة قاؿ‪ :‬ىذا خالؼ اإلجماع‪ .‬وىذا ىو‬
‫الذي أنكره أئمة اإلسالـ‪ ،‬وعابوا من كل ناحية على من ارتكبو‪ ،‬وكذبوا من ادعاه‪ .‬فقاؿ اإلماـ أحمد في‬
‫رواية عبد اهلل‪:‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬وذلك‪.‬‬
‫(‪ )1‬في (أ)‪( ،‬ج)‪ :‬احتج عليو القرآف‪ .‬وفي (ب)‪ :‬احتج بالقرآف‪ .‬ولفقت النص من الجميع‪.‬‬

‫(‪)916/9‬‬

‫_____________________________‬

‫من ادعا اإلجماع فهو كاذب‪ .‬انتهى بألفاظو‪ .‬وىذا ينقلو عن أحمد األئمة أىل أصوؿ الفقو (‪،)9‬‬
‫فنقلو(‪ )1‬ابن الحاجب في مختصر المنتهى‪ .‬وغيره‪.‬‬
‫وقاؿ ابن حزـ في شرح (‪ )3‬المحلى‪ :‬إف من ادعا اإلحاطة باإلجماع كاذب‪ .‬وإذا عرفت ىذا عرفت أف‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب كاذب بنص إمامو‪.‬‬

‫كدعواؾ في أف الصحابة أجمعوا‬


‫على قتلهم والسبي والنهب والطرد‬
‫لمن لزكاة الماؿ قد كاف مانعا‬
‫وذلك من جهل بصاحبو يردي‬

‫نقل الشيخ محمد [ بن عبد الوىاب ] في رسالتو عن الشيخ ابن تيمية أنو قاؿ في الكالـ على كفر‬
‫مانعي الزكاة‪ :‬والصحابة لم يقولوا ىل أنت مقر بوجوبها أو جاحدىا ؟ ىذا لم يعهد من الخلفاء‬
‫والصحابة‪ ،‬بل قاؿ الصديق‪ :‬واهلل لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم‬
‫لقاتلتهم على منعها‪ .‬فجعل المبيح(‪ )4‬للقتاؿ مجرد(‪ )5‬المنع الجحد الوجوب‪ ،‬وقد روي أف طوائف‬
‫منهم كانوا يقروف بالوجوب(‪ )6‬لكن بخلوا بها‪ ،‬ومع ىذا فسيرة الخلفاء فيهم جميعا سيرة واحدة‪ ،‬وىي‬
‫قتل مقاتليهم‪ ،‬وسبي ذراريهم‪ ،‬وغنيمة أموالهم‪ ،‬والشهادة على قتالىم بالنار‪ ،‬وسموىم جميعا أىل الردة‪.‬‬
‫وكاف من أعظم فضائل الصديق عندىم‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬األئمة أىل السنة فنقل‪.‬‬
‫(‪ )1‬في(أ)‪ :‬فنقل‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬في شرحو ‪...‬‬
‫(‪ )4‬في (أ)‪ :‬الشبح‪ .‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )5‬في (أ)‪ :‬القتاؿ لمجرد‪...‬‬
‫(‪ )6‬سقط من (أ)‪ :‬بالوجوب‪.‬‬

‫(‪)917/9‬‬

‫_____________________________‬

‫أف ثبتو اهلل عند قتالهم‪ ،‬ولم يتوقف كما توقف غيره‪ ،‬فناظرىم حتى رجعوا‪ ...‬إلى قولو‪:‬‬
‫وأما قتاؿ المقرين بنبوة مسيلمة الكذاب فهؤالءلم يقع بينهم نزاع في قتالهم‪ .‬انتهى ما نقلو ابن عبد‬
‫الوىاب عن ابن تيمية‪ .‬فتأمل كالمو في تكفير المانع‪ )9(،‬والشهادة عليو إذ(‪ )1‬قتل بالنار‪ ،‬وسبي‬
‫حريمو وأوالده‪ ،‬عند منع الزكاة‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ثم قاؿ‪ :‬ومن أعظم ما يجلو االشكاؿ في مسألة التكفير‪ ،‬والقتاؿ لمن قصده اتباع الحق‪ ،‬إجماع‬
‫الصحابة على قتاؿ مانعي الزكاة‪ ،‬وإدخالهم في أىل الردة‪ ،‬وسبي ذراريهم‪ ،‬وجعلهم معهم كما(‪ )3‬صح‬
‫عنهم‪ ،‬وىو أوؿ قتاؿ وقع في اإلسالـ على من ادعا أنو من المسلمين‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ال(‪ )4‬أدري كيف ىذا النقل ! فالذي قالو القاضي عياض اليحصبي (‪ )5‬العالمة المالكي‪ ،‬في‬
‫شرحو لمسلم المسمى باالكماؿ‪ ،‬وقاؿ غيره من علماء السنة وفحوؿ الرجاؿ‪ :‬إف الذين خالفوا الصديق‬
‫بعد وفاة النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم كانوا ثالثة أصناؼ‪:‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬الغير‪ .‬وفي (ب)‪ :‬المعين‪ .‬كالىما مصحقة‪ .‬وظنن في (ب)‪ :‬بالمانع‪ ،‬وىو الصواب‪.‬‬
‫(‪ )1‬في جميع المخطوطات‪ :‬إذا‪ .‬ولعل الصواب ما أثبت‪.‬‬
‫(‪ )3‬في المخطوطات‪ :‬ما‪ .‬ولعل الصواب ما أثبت‪.‬‬
‫(‪ )4‬في (أ)‪ :‬وال‪.‬‬
‫(‪ )5‬عياض بن موسى بن عياض بن عمروف اليحصبي السبتي‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬عالم المغرب وإماـ أىل‬
‫الحديث في وقتو‪ ،‬كاف من أعلم الناس بكالـ العرب وأنسابهم وأيامهم‪ ،‬ولي قضاء سبتة‪ ،‬ومولده فيها‪،‬‬
‫ثم قضاء غرناطة‪ ،‬وتوفي بمراكش مسموما‪ ،‬قيل‪ :‬سمو يهودي‪ .‬من تصانيفو (الشفا بتعريف حقوؽ‬
‫المصطفى ػ ط)‪ ،‬و (شرح صحيح مسلم ػ خ)‪ ،‬و (مشارؽ األنوار ػ ط) مجلداف في الحديث‪.39/ ،‬‬
‫األعالـ ‪.99/5‬‬

‫(‪)918/9‬‬

‫_____________________________‬
‫صنف عادوا إلى عبادة األصناـ‪.‬‬
‫وصنف تبعوا مسيلمة (‪ ،)9‬واألسود العنسي (‪ ،)1‬وكاف كل واحد منهما ادعا النبوة قبل موت رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬فصدؽ مسيلمة أىل اليمامة‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي‪ ،‬أبو ثمامة‪ ،‬متنبئ من المعمرين‪ ،‬وفي األمثاؿ‪:‬‬
‫أكذب من مسيلمة‪ .‬ولد ونشأ باليمامة في القرية المسماة اليوـ بالجبيلة بقرب العيينة بوادي حنيفة في‬
‫نجد‪ ،‬وتلقب في الجاىلية بالرحمن‪ ،‬وعرؼ برحماف اليمامة‪ ،‬ولما ظهر اإلسالـ في غربي الجزيرة‪،‬‬
‫وافتتح النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم مكة ودانت لو العرب‪ ،‬جاءه وفد من بني حنيفة‪ ،‬قيل‪ :‬كاف‬
‫مسيلمة معهم إال أنو تخلف مع الرحاؿ خارج مكة‪ ،‬وىو شيخ ىرـ‪ ،‬فأسلم الوفد وذكروا للنبي صلى اهلل‬
‫عليو وآلو وسلم مكاف مسيلمة‪ ،‬فأمر لو بمثل ما أمر بو لهم‪ ،‬وقاؿ‪ :‬ليس بشركم مكانا‪ ،‬ولما رجعوا إلى‬
‫ديارىم كتب مسيلمة إلى النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ :‬من مسيلمة رسوؿ اهلل إلى محمد رسوؿ اهلل‪،‬‬
‫سالـ عليك‪ ،‬أما بعد فإني قد أشركت في األمر معك‪ ،‬وإف لنا نصف األرض ولقريش نصف األرض‪،‬‬
‫ولكن قريشا قوـ يعتدوف‪ .‬فأجابو‪ :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬من محمد رسوؿ اهلل إلى مسليمة الكذاب‪،‬‬
‫السالـ على من اتبع الهدى‪ ،‬أما بعد فإف األرض هلل يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين‪ .‬وذلك‬
‫في أواخر سنة (‪99‬ىػ) كما في سيرة ابن ىشاـ (‪ ،)74/3‬وأكثر مسيلمة من وضع أسجاع يضاىي بها‬
‫القرآف‪ ،‬وتوفي النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم قبل القضاء على فتنتو‪ ،‬فلما انتظم األمر ألبي بكر‪،‬‬
‫انتدب لو أعظم قواده خالد بن الوليد على رأس جيش قوي‪ ،‬ىاجم ديار بني حنيفة‪ ،‬وصمد ىؤالء‪،‬‬
‫فكانت عدة من استشهد من المسلمين على قلتهم في ذلك الحين ألفا ومائتي رجل‪ ،‬منهم أربعمائة‬
‫وخمسوف صحابيا( كما في الشذرات)‪ ،‬وانتهت المعركة بظفر خالد ومقتل مسيلمة سنة (‪91‬ىػ)‪ ،‬وال‬
‫يزاؿ في نجد وغيرىا من ينتسب إلى بني حنيفة الذين تفرقوا في أنحاء الجزيرة‪ ،‬وكاف مسيلمة ضئيل‬
‫الجسم‪ ،‬قالوا في وصفو‪ :‬كاف رويجال‪ ،‬أصيغر‪ ،‬أخينس‪ .‬كما في كتاب البدء والتاريخ‪ .‬وقيل‪ :‬اسمو‬
‫ىاروف‪ ،‬ومسيلمة لقبو (كما في تاريخ الخميس)‪ ،‬ويقاؿ‪ :‬كاف اسمو‪ :‬مسلمة‪ ،‬وصغره المسلموف تحقيرا‬
‫لو‪ .‬قاؿ عمارة بن عقيل‪:‬‬

‫أكاف مسلمة الكذاب قاؿ لكم ‪ ...‬لن تدركوا المجد حتى تغضبوا مضرا‬

‫ولهشاـ الكلبي النسابة (كتاب مسيلمة)‪ .‬سيرة ابن ىشاـ ‪ ،74/3‬والروض األنف ‪ ،1،349‬والكامل‬
‫البن األثير ‪ ،949 - 937/1‬وفتوح البلداف للبالذري ‪ ،999 - 94/‬وشذرات الذىب ‪،13/9‬‬
‫وتاريخ الخميس ‪ ،957/1‬األعالـ ‪.116/7‬‬
‫(‪ )1‬عيهلة بن كعب بن عوؼ العنسي‪ ،‬ويقاؿ عبهلة‪ ،‬متنبئ مشعوذ‪ ،‬من أىل اليمن‪ ،‬كاف بطاشا جبارا‪،‬‬
‫أسلم حين أسلم أىل اليمن‪ ،‬وارتد في أياـ النبي صلى اهلل عليو وآلو‪ ،‬فكاف أوؿ مرتد عن اإلسالـ‪،‬‬
‫وادعا النبوة‪ ،‬وأرى قومو أعاجيب إستهواىم بها‪ ،‬فأتبعتو مذ حج‪ ،‬وتغلب على نجراف وصنعاء‪ ،‬واتسع‬
‫سلطانو حتى غلب على ما بين حضرموت إلى الطائف إلى البحرين واالحساء إلى عدف‪.‬‬
‫حرض النبي صلى اهلل عليو وآلو على قتلو‪ ،‬فأغتالو أحدىم‪ ،‬قبل موت النبي صلى اهلل عليو وآلو بشهر‬
‫واحد سنة‪99/‬ىػ‪ .‬وتسمى‪ :‬رحماف اليمامة‪ .‬الكامل ألبن األثير حوادث‪99 /‬ىػ‪ .‬األعالـ ‪.999 /5‬‬

‫(‪)919/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وجماعة من غيرىم‪ ،‬وصدؽ األسود أىل صنعاء وجماعة من غيرىم‪ ،‬فقتل األسود قبل وفاتو صلى اهلل‬
‫عليو وآلو وسلم‪ ،‬فبقي بعض من آمن بو (‪ ،)9‬فقاتلهم عماؿ أبي بكر رضي اهلل عنو‪ ،‬وأما مسيلمة فجهز‬
‫إليو أبو بكر رضي اهلل عنو الجيوش‪ ،‬وكاف أميرىم خالد بن الوليد‪ ،‬فقتلوا مسيلمة بعد حرب شديد‪.‬‬
‫وصنف ثالث استمروا على اإلسالـ‪ ،‬ولكنهم جحدوا الزكاة وتأولوا(‪ )1‬بأنها خاصة لزمنو صلى اهلل عليو‬
‫وآلو وسلم‪ ،‬وىم الذين ناظر عمر أبا بكر في قتالهم‪ ،‬وىذا معروؼ في البخاري وغيره‪ .‬وفيو أف أبا بكر‬
‫رضي اهلل عنو لم يقل بكفر من منعو الزكاة وإنو بمنعو إياىا ارتد عن اإلسالـ‪ ،‬إذ لو كاف ىذا رأيو وأنهم‬
‫كفار‪ ،‬لم يطالبهم بالزكاة‪ ،‬بل يطالبهم باإليماف والرجوع‪ ،‬ولقاؿ لعمر رضي اهلل عنو لما‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬سقط من (أ)‪ :‬بو‪.‬‬
‫(‪ )1‬في (أ)‪ :‬وقالوا‪ .‬مصحفة‪.‬‬

‫(‪)939/9‬‬

‫_____________________________‬

‫ناظره‪ :‬إنهم كفار‪ ،‬بل قاؿ‪ (( :‬واهلل ألقاتلن من فرؽ بين الصالة والزكاة )) (‪ .)9‬وىو صريح أف قتالهم‬
‫لمنعهم(‪ )1‬الزكاة‪ ،‬ولذا قاؿ‪ (( :‬واهلل لو منعوني عناقا‪ )) ...‬الحديث‪ ،‬وىذا في صحيح البخاري وغيره‪.‬‬
‫وإنما قاتلهم الصديق رضي اهلل عنو لما أصروا على منعها‪ ،‬ولم يعذرىم بالجهل ألنهم نصبوا القتاؿ‪،‬‬
‫فبعث إليهم من دعاىم إلى الرجوع‪ ،‬فلما أصروا قاتلهم ولم يكفرىم‪ ،‬ثم اختلف الصحابة فيهم بعد‬
‫الغلبة عليهم‪ :‬ىل تغنم أموالهم‪ ،‬وتسبى ذراريهم كالكفار‪ ،‬أو ال تغنم األمواؿ وال تسبى الذراري كالبغاة‪،‬‬
‫فذىب أبو بكر رضي اهلل عنو إلى األوؿ‪.‬‬
‫وذىب عمر إلى الثاني‪ ،‬ووافقو غيره بعد خالفتو‪ ،‬وأرجع من كاف سباىم أبو بكر‪ ،‬وأرجع إليهم أموالهم‪،‬‬
‫كما ذكره بسنده العالمة أبو عمرو بن عبد البر في كتابو التمهيد‪.‬‬
‫قاؿ الحافظ ابن حجر‪ :‬واستمر اإلجماع على رأي عمر‪ .‬وقاؿ‪ :‬إف تسمية ىؤالء أىل الردة تغليبا مع‬
‫الصنفين األولين‪ ،‬وإال فليسوا بكفار (‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫وقد(‪ )4‬عرفت ما في نقل الشيخ محمد [ بن عبد الوىاب ] عن ابن تيمية‪ ،‬وأنو مخالف لما في‬
‫الصحيحين‪ ،‬ولما قالو العلماء‪ ،‬وأنو ال إجماع على تكفير مانعي‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو البخاري ‪ ،)9335(597/1‬و ‪ ،)6855(1657/6 ، ،)6516(1538/6‬ومسلم‬
‫‪ ،)19(59/9‬وأبو داود ‪ ،)9556(93/1‬والترمذي ‪ ،)1697(3/5‬والنسائي في المجتبى‬
‫‪ ،)1443(94/5‬وأحمد ‪ ،)997(99/9‬وابن حباف ‪ ،)196(449/9‬والنسائي في الكبرى‬
‫‪ ،)1113(8/1‬والبيهقي ‪ ،)7996(994/4‬والطبراني في األوسط ‪ ،)945(591/9‬وغيرىم‪.‬‬
‫(‪ )1‬في (أ)‪ :‬بمنعهم‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر القصة في فتح الباري ‪.189/91‬‬
‫(‪ )4‬في (ب)‪ :‬وبو‪.‬‬

‫(‪)939/9‬‬

‫_____________________________‬

‫الزكاة‪ ،‬ولذا قلنا‪ :‬إف دعواه في اإلجماع على قتل الجعد بن درىم‪ ،‬كدعواه في إجماع الصحابة على ما‬
‫ذكر‪ ،‬وزدناه(‪ )9‬إيضاحا بقولنا‪:‬‬

‫فقد كاف أصناؼ العصاة ثالثة‬


‫كما قد رواه المسندوف ذوو النقد‬
‫وقد جاىد الصديق أصنافهم ولم‬
‫يكفر منهم غير من ضل عن رشد‬

‫قد عرفت بما حققناه معنى البيتين‪ ،‬وتيقنت أف ال إجماع من الصحابة إال على كفر أصحاب مسيلمة‬
‫والعنسي‪ ،‬وعلى قتالهم‪.‬‬
‫وأما مانعوا(‪ )1‬الزكاة فلم يكفرىم أحد من الصحابة‪ ،‬وال أجمعوا على سبي وال نهب‪ ،‬بل رد عمر رضي‬
‫اهلل عنو ذلك‪ ،‬والشيخ محمد [ بن عبد الوىاب ] ينقل ىذه األقواؿ مستدال بها على كفر من لديو من‬
‫المسلمين‪ ،‬وغير من لديو‪ ،‬وإباحة الدماء واألمواؿ‪ ،‬وىذه جهل ال يخفى على الجهاؿ‪ ،‬فضال عن‬
‫العلماء والعقاؿ ولذا قلنا‪:‬‬
‫وىذا لعمري غير ما أنت فيو من‬
‫تجاريك في قتل لمن كاف في نجد‬
‫فإنهم قد تابعوؾ على الهدى‬
‫ولم يجعلوا هلل في الدين من ند‬
‫وقد ىجروا ما كاف من بدع ومن‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬وزدنا‪.‬‬
‫(‪ )1‬في المخطوطات‪ :‬مانعي‪.‬‬

‫(‪)931/9‬‬

‫_____________________________‬

‫عبادة من حل المقابر في اللحد‬


‫فمالك في سفك الدما قط حجة‬
‫خف اهلل واحذر ما تسر وما تبدي‬
‫وعامل عباد اهلل باللطف وادعهم‬
‫إلى فعل ما يهدي إلى جنة الخلد‬
‫ورد عليهم ما سلبت فإنو‬
‫حراـ وال تغتر بالعز والجد‬
‫وال بأناس حسنوا لك ما ترى‬
‫فما ىمهم إال األثاث مع النقد‬
‫يريدوف نهب المسلمين وأخذ ما‬
‫بأيديهم من غير خوؼ وال حد‬
‫فراقب إلو العرش من قبل أف ترى‬
‫صريعا فال شيء يفيد وال يجدي‬
‫نعم فاعلموا أني أرى كل بدعة‬
‫ضالال على ما قلت في ذلك العقد‬
‫وال تحسبوا أني رجعت عن الذي‬
‫تضمنو نظمي القديم إلى نجد‬
‫بلى كلما فيو ىو الحق إنما‬
‫تجاريك في سفك الدما ليس من قصدي‬
‫وتكفير أىل األرض لست أقولو‬
‫كما قلتو ال عن دليل بو تهدي‬
‫وىا أنا أبرى من فعالك في الورى‬

‫(‪)933/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فما أنت في ىذا مصيب وال مهدي‬


‫ودونكها مني نصيحة مشفق‬
‫عليك عسى تهدي بهذا وتستهدي‬
‫وتغلق أبواب الغلو جميعو‬
‫وتأت األمور الصالحات على قصد‬
‫وىذا نظاـ جاء واهلل حجة‬
‫عليك فقابل بالقبوؿ الذي أىدي‬
‫وصل على المختار واآلؿ بعده‬
‫صالة وتسليما تدوـ بال حد‬
‫ورض على أصحاب أحمد إنهم‬
‫أولي الجد في نصح الخالئق والجد‬

‫تمت األبيات في الرجوع عما قيل في رسالة النجدي‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪ ،‬حمدا طيبا مباركا فيو‪،‬‬
‫وسبحاف اهلل وبحمده‪.‬‬

‫‪---‬‬
‫ثم رأيت من كماؿ نصح العباد‪ ،‬وما أدخر أجره ليوـ المعاد‪ ،‬ذكر أمور وفوائد(‪ )9‬تتعلق بالتكفير‪ ،‬وذلك‬
‫أنو ورد في الشرع على قسمين‪ ،‬وكل قسم لو حكم‪ ،‬وسأوضحو نظما وأشرحو‪ )1(،‬فقلت‪:‬‬

‫نعم ثم إف الكفر قسماف فاعلموا ‪...‬‬


‫__________‬
‫(‪ )9‬سقط من (أ)‪ :‬وفوائد‪.‬‬
‫(‪ )1‬في (أ)‪ :‬نظما وشرحا‪.‬‬

‫(‪)934/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وكل من القسمين أحكامو(‪ )9‬أبدي‬


‫فكفر اعتقاد حكمو السفك للدما‬
‫وسبي الذراري وانتهاب ذوي الجحد‬

‫في النهاية للعالمة ابن األثير الجزري ما لفظو الكفر على أربعة أنحاء‪:‬‬
‫كفر إنكار‪ ،‬بأف ال يعرؼ اهلل تعالى أصال وال يعترؼ بو‪.‬‬
‫وكفر جحود ككفر إبليس‪ ،‬يعرؼ اهلل بقلبو وال يقر بلسانو‪.‬‬
‫وكفر عناد‪ ،‬وىو أف(‪ )1‬يعرؼ اهلل بقلبو ويعترؼ بلسانو وال يدين بو‪-،‬حسدا وبغيا‪ )3( -‬ككفر أبي‬
‫جهل وأضرابو‪.‬‬
‫وكفر نفاؽ‪ ،‬وىو أف يعترؼ بلسانو وال يعتقد بقلبو (‪ .)4‬انتهى‪.‬‬
‫ويأتي تحقيقو أنو يرجع إلى شيئين‪ :‬كفر اعتقاد‪ ،‬وكفر عمل‪.‬‬
‫فكفر االعتقاد قد أشرنا إلى حكمو‪ ،‬وىو سفك دـ أصحابو‪ ،‬وسبي ذراريهم‪ ،‬ونهب أموالهم‪ ،‬وىؤالء‬
‫الذين بعث إليهم رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم يدعوىم إلى التوحيد‪ ،‬وال يكف عنهم ىذه‬
‫األحكاـ ويعصمها إال ما أشار إليو قولنا‪:‬‬

‫إلى أف يقروا بالشهادة للذي‬


‫لو الخلق واألمر اإللو الذي يهدي‬
‫وأف يشهدوا أف الرسوؿ محمدا‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬أقسامو‪ .‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )1‬سقط من (ب)‪ :‬أف‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬وال يدين بو جده ككفر ‪ ...‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )4‬النهاية ‪.986/4‬‬

‫(‪)935/9‬‬
‫_____________________________‬

‫نبي أتى بالحق والنور والرشد‬

‫قد علم من ضرورة دين اإلسالـ‪ ،‬أنها ال تقبل شهادة أف ال إلو إال اهلل‪ ،‬إال بشهادة أف محمدا رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬ىذا معلوـ من ضرورة الدين‪ ،‬فال نحتاج(‪ )9‬إلى الدليل‪ ،‬وقاؿ تعالى { قد‬
‫جاءكم الرسوؿ بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم ‪[ } ...‬النساء‪ ]979:‬اآلية (‪.)1‬‬
‫وأما أنو صلى اهلل عليو وآلو وسلم جاء بالنور‪ ،‬فقاؿ تعالى‪ { :‬يا أىل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم‬
‫كثيرا مما كنتم تخفوف من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من اهلل نور وكتاب مبين } [المائدة‪.]95:‬‬
‫والنور‪ :‬القرآف‪ ،‬وىو من أسمائو‪.‬‬
‫وقولنا‪ :‬الرشد‪ .‬قاؿ تعالى حكاية عن الجن‪ :‬إنهم قالوا‪ { :‬يهدي إلى الرشد } [الجن‪.]1:‬‬

‫وأف يشهدوا أف المعاد حقيقة‬


‫يعيد بهم رب العباد الذي يبدي‬

‫قاؿ اإلماـ الرازي في أسرار التنزيل‪ :‬على أف أصوؿ اإلسالـ ىذه الثالثة‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬إثبات توحيد اهلل الدالة(‪ )3‬عليو كلمة ال إلو إال اهلل‪.‬‬
‫والثانية النبوة‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬يحتاج‪.‬‬
‫(‪ )1‬كماؿ اآلية‪ ... { :‬وإف تكفروا فإف هلل ما في السماوات واألرض وكاف اهلل عليما حكيما }‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬الداؿ‪.‬‬

‫(‪)936/9‬‬

‫_____________________________‬

‫والثالثة المعاد‪.‬‬
‫وأطاؿ ذكر األدلة على ذلك من القرآف الكريم‪ ،‬مما ال يحتملو ىذا غير اإلشارة إليو‪ ،‬واإليماف بالمعاد‬
‫داخل في اإليماف بأف محمدا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬ألنو جاء بإثبات المعاد واألدلة‬
‫عليو‪ .‬واإليماف(‪ )9‬بو صلى اهلل عليو وآلو وسلم ىو تصديقو في كل ما جاء بو‪ ،‬ومنو اإليماف بالمعاد‪،‬‬
‫فلذلك كانت كلمة الشهادتين متكفلة بجميع حقائق اإليماف‪ ،‬واكتفى صلى اهلل عليو وآلو وسلم من‬
‫الكفار بقولهما‪ ،‬فمن لم يقلهما حل دمو ومالو وأىلو‪ ،‬إال من استثنيناه بقولنا‪:‬‬

‫خال من لو منهم كتاب فإنو‬


‫المعاىد واإليفاء حتم لذي العهد‬

‫قاؿ اهلل تعالى‪ { :‬قاتلوا الذين ال يؤمنوف باهلل وال باليوـ اآلخر وال يحرموف ما حرـ اهلل ورسولو وال يدينوف‬
‫دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وىم صاغروف }[التوبة‪ .]19:‬فأمر تعالى‬
‫بقتالهم إلى أف يعطوا الجزية‪ ،‬فخصوا من قولو صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬أمرت أف أقاتل الناس حتى‬
‫يقولوا ال إلو إال اهلل ))‪ ،‬أي‪ :‬وأف محمدا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬فإف أىل الكتاب جعل‬
‫اهلل غاية قتالهم بإعطاء الجزية‪ ،‬كما جعل غاية قتاؿ المشركين التكلم بالشهادتين‪ ،‬وىذا النوع األوؿ من‬
‫الكفر وأحكامو‪.‬‬
‫وأما النوع الثاني فأشرنا إليو بقولنا‪:‬‬

‫وكفر كمن(‪ )1‬يأتي الكبائر ال سوى‬


‫وليس ككفر بالمعيد وبالمبدي‬
‫كتارؾ فرض للصالة تعمدا ‪...‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬واإليماف إيماف بو‪ .‬زيادة سهو من النسخ‪.‬‬
‫(‪ )1‬في (أ)‪ :‬لمن‪ .‬مصحفة‪.‬‬

‫(‪)937/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وتارؾ حكم اهلل في الحل والعقد‬

‫ورد في تارؾ الصالة أحاديث أنو كفر بتركو إياىا‪ ،‬أخرج مسلم في صحيحو عن جابر بن عبد اهلل رضي‬
‫اهلل عنو‪ ،‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬بين الرجل وبين الكفر ترؾ الصالة ))‪ .‬ورواه‬
‫أىل السنن األربع‪ ،‬وصححو الترمذي (‪.)9‬‬
‫وأخرج أحمد‪ ،‬وأىل السنن‪ ،‬وصححو الترمذي من حديث بريدة بن الحصيب األسلمي قاؿ‪ :‬سمعت‬
‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم يقوؿ‪ (( :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصالة فمن تركها فقد كفر ))‬
‫(‪.)1‬‬
‫وأخرج ىبة اهلل الطبري ‪ -‬وقاؿ إسناده صحيح على شرط مسلم ‪ -‬من حديث ثوباف مولى رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو وآلو وسلم يقوؿ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم يقوؿ‪ (( :‬بين العبد وبين‬
‫الكفر الصالة‪ ،‬فإذا تركها فقد‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو مسلم ‪ ،)81(88/9‬وأبو داود ‪ ،)4678(199/4‬والترمذي ‪،)1698(93/5‬‬
‫(‪ ،)1619‬والنسائي في المجتبي ‪ ،)464(131/9‬وابن ماجة ‪ ،)9978(341/9‬والدارمي‬
‫‪ ،)9133(397/9‬وأحمد ‪ ،)95919(379/3‬وابن حباف ‪ ،)9453(394/4‬والنسائي في الكبرى‬
‫‪ ،)339(945/9‬والبيهقي ‪ ،)6187( 365/3‬وأبو يعلى ‪ ،)9783(398/3‬والطبراني في الصغير‬
‫‪ ،)374(139/9‬والكبير ‪ ،)8939(999/9‬والدارقطني ‪ ،)4(53/1‬والقضاعي في مسند الشهاب‬
‫‪ ،)166(989/9‬وعبد بن حميد في منتخب المسند ‪ ،)9911(394/‬وابن الجعد في مسنده‬
‫‪.)1634(385/‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو الترمذي ‪ ،)1619(93/5‬والحاكم في المستدرؾ ‪ ،)99(48/9‬والدارقطني ‪،)1(51/1‬‬
‫والنسائي في المجتبى ‪ ،)463(139/9‬وابن حباف في الصحيح ‪ ،)9454(395/4‬وأحمد‬
‫‪ ،)11987(346/5‬وابن ماجة ‪ ،)9979(341/9‬والدارمي ‪ ،)9133(397/9‬والبيهقي في‬
‫الكبرى ‪ ،)6199(366/3‬وعبد بن حميد في المنتخب ‪.)9911(394/‬‬

‫(‪)938/9‬‬

‫_____________________________‬

‫أشرؾ )) (‪ ،)9‬وفي الباب أحاديث كثيرة سمى فيها رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم تارؾ الصالة‬
‫عمدا كافرا‪.‬‬
‫وأما قولنا‪ :‬وتارؾ حكم اهلل في الحل والعقد‪ ،‬فهو‪ :‬إشارة إلى قولو تعالى‪ { :‬ومن لم يحكم بما أنزؿ اهلل‬
‫فأولئك ىم الكافروف } [المائدة‪ ،]44:‬و { ىم الظالموف } [المائدة‪ ،]45:‬و{ ىم الفاسقوف }‬
‫[المائدة‪.]47:‬‬

‫كذا سارؽ أو شارب الخمر أو زنى‬


‫فعنهم نفى اإليماف أحمد ذو المجد‬

‫أخرج الطبراني‪ ،‬والبزار عن أبي أوفى قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬ال يشرب‬
‫الخمر حين يشربها وىو مؤمن‪ ،‬وال يزني حين يزني وىو مؤمن‪ ،‬وال ينتهب نهبة ذات شرؼ‪ ،‬أو يسرؽ‬
‫وىو مؤمن ))(‪.)1‬‬
‫قاؿ الحافظ الهيثمي‪ :‬فيو مدرؾ بن عمارة ذكره البيهقي في الثقات‪ .‬وبقية بن خالد‪ ،‬وبقية رجالو رجاؿ‬
‫الصحيح‪ .‬وفي الصحيح عن أبي ىريرة‪ ،‬يرفعو‪ (( :‬ال يزني الزاني حين يزني وىو مؤمن‪ ،‬وال يسرؽ‬
‫السارؽ وىو مؤمن )) (‪ ،)3‬وفي الباب عن‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو ابن ماجة ‪ ،)9989(341/9‬وىناؾ أحاديث كثيرة بألفاظ متقابة مثل‪ (( :‬إف بين الرجل‬
‫وبين الشرؾ والكفر ترؾ الصالة ))‪ .‬أخرجو مسلم ‪ ،)81(88/9‬والدارمي ‪ ،)9133(397/9‬وأحمد‬
‫‪ ،)95919(379/3‬وغيرىم‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو عن أبي أوفى الطيالسي عن طريق مدرؾ بن عمارة ‪.)813(999/‬‬
‫(‪ )3‬أخرجو البخاري ‪ ،)1343(875/1‬ومسلم ‪ ،)57(76/9‬وأبو داود ‪،)4689(119/4‬‬
‫والترمذي ‪ ،)1615(95/5‬والنسائي في المجتبى ‪ ،)4869(63/8‬وابن ماجة ‪،)3936(9198/1‬‬
‫والدارمي ‪ ،)1996(956/1‬وأحمد ‪ ،)7396(143/1‬وابن حباف ‪ ،)986(494/9‬والحاكم في‬
‫المستدرؾ ‪ ،)56(71/9‬والنسائي في الكبرى ‪ ،)5969(117/3‬والبيهقي ‪،)19541(986/99‬‬
‫وأبو يعلى ‪ ،)6199(988/99‬والطبراني في الصغير ‪ ،)996(939/1‬واألوسط ‪،)538(314/9‬‬
‫والكبير ‪ ،)99613(144/99‬والطيالسي ‪ ،)813( 999/‬والحميدي في المسند‬
‫‪ ،)9918(478/1‬وإسحاؽ بن راىويو في المسند ‪ ،)496(386/9‬وعبد بن حميد ‪،)151(986/‬‬
‫وابن الجعد في المسند ‪ ،)165(57/‬وىماـ بن منبو الصنعاني في الصحيفة ‪ ،)89(51/‬والحارث في‬
‫زوائد المسند (بغية الباحث) ‪ ،)31(979/9‬والطبراني في مسند الشاميين ‪.)9399(159/1‬‬

‫(‪)939/9‬‬

‫_____________________________‬

‫جماعة من الصحابة‪ :‬ابن عمر‪ ،‬وعائشة‪ ،‬وعبد اهلل بن معقل‪ ،‬وأبي سعيد‪ ،‬وجماعة آخرين‪ ،‬فنفى صلى‬
‫اهلل عليو وآلو وسلم عن ىؤالء اإليماف‪ ،‬ومن الزمو إثبات الكفر لهم‪.‬‬
‫وقولنا‪:‬‬

‫ومن صدؽ الكهاف أو كاف آتيا‬


‫المرأة في حشها غير مستهدي‬
‫إشارة إلى ما(‪ )9‬أخرجو أحمد‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وابن ماجة‪ ،‬والبيهقي من حديث أبي‬
‫ىريرة مرفوعا‪ (( :‬من أتى كاىنا فصدقو بما يقوؿ‪ ،‬أو أتى امرأة حائضا أو امرأة في دبرىا‪ ،‬فقد برئ مما‬
‫أنزؿ على محمد صلى اهلل عليو وآلو وسلم )) (‪.)1‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬إشارة إلى ما روى أبو ىريرة رضي اهلل عنو أخرجو‪....‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو أبو داود ‪ ،)3994(95/4‬وأحمد ‪ ،)9179(498/1‬والبيهقي ‪،)93991(998/7‬‬
‫وإسحاؽ بن راىويو في المسند ‪ ،)481(413/9‬وابن الجارود في المنتقى ‪ ،)997(37/‬وابن الجعد‬
‫في المسند ‪ .)9959(189/‬ولم أقف عليو عند النسائي‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وابن ماجة‪ ،‬بهذا اللفظ‪.‬‬

‫(‪)949/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وأخرج أحمد‪ ،‬والحاكم من حديثو أيضا مرفوعا‪ (( :‬من أتى عرافا‪ ،‬أو كاىنا‪ ،‬فصدقو بما يقوؿ‪ ،‬فقد كفر‬
‫بما أنزؿ على محمد )) (‪.)9‬‬

‫وقولنا‪:‬‬

‫ومن ألخيو قاؿ يا كافر فقد‬


‫بها باء ىذا أو بها باء من يبدي‬

‫أي من يبدي ىذا القوؿ‪ ،‬وىو قولو ألخيو‪ :‬يا كافر‪ .‬وحاصلو أف اللفظ ال يضيع‪ ،‬بل ال بد أف يكوف لمن‬
‫قيل فيو إف كاف لو أىال‪ ،‬وإال عاد على قائلو‪ ،‬وىذا إشارة إلى ما أخرجو البخاري من حديث أبي ىريرة‬
‫رضي اهلل عنو مرفوعا (‪ ،)1‬وأحمد‪ ،‬والبخاري من حديث ابن عمر‪ ،‬عنو صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪(( :‬‬
‫إذ قاؿ الرجل ألخيو‪ :‬يا كافر باء بها أحدىما ))(‪.)3‬‬
‫وقولنا‪:‬‬

‫وليس بهذا الكفر يصبح خارجا‬


‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو أحمد ‪ ،)9531(419/1‬و ‪ ،)99979(476/1‬والترمذي ‪ ،)935(141/9‬وابن ماجة‬
‫‪ ،)639(199/9‬والدارمي ‪ ،)9936( 175/9‬والبيهقي ‪ ،)96173(935/8‬والطيالسي‬
‫‪ ،)599381/‬وإسحاؽ بن راىويو في المسند ‪ ،)593(434/9‬وابن الجعد في المسند‬
‫‪ ،)415(77/‬ولم أقف عليو عند الحاكم‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو البخاري ‪.)5751(113/5‬‬
‫(‪ )3‬أخرجو البخاري ‪ ،)5753(1164/5‬وأحمد ‪ ،)4687(98/1‬ولو طرؽ عدة عند أحمد‪ .‬وأخرجو‬
‫مسلم ‪ ،)69(79/9‬وأبو داود ‪ ،)4687(119/4‬والترمذي ‪ ،)1637(11/5‬ومالك‬
‫‪ ،)9777(984/1‬وابن حباف ‪ ،)148(483/9‬والبيهقي ‪ ،)19699(198/99‬والطيالسي‬
‫‪ ،)9841(151/‬والحميدي في المسند ‪ ،)698(396/1‬والبخاري في األدب المفرد‬
‫‪ ،)449( ،)439(957/‬وابن الجعد في المسند ‪.)9594(141/‬‬

‫(‪)949/9‬‬

‫_____________________________‬

‫من الدين فافهم ما أقرره عندي‬

‫ىذا ىو(‪ )9‬بياف أف ىذا الكفر وإف أطلقو الشارع على فاعل ىذه الكبائر‪ ،‬فإنو ال يخرج بو العبد عن‬
‫اإليماف‪ ،‬ويفارؽ بو الملة‪ ،‬ويباح دمو ومالو وأىلو‪ ،‬كما ظنو من العلماء من لم يفرؽ بين الكفرين‪ ،‬ولم‬
‫يميز بين األمرين‪ ،‬وقد عقد البخاري في صحيحو في كتاب اإليماف بابا لكفر دوف كفر‪ ،‬وذكر أحاديث‬
‫دالة على ذلك فراجعو‪.‬‬
‫قاؿ العالمة أبو بكر المعروؼ بابن القيم في كتابو في الصالة‪ :‬إف الحكم بغير ما أنزؿ اهلل‪ ،‬وترؾ‬
‫الصالة‪ ،‬من الكفر العملي‪ ،‬وتحقيقو أف الكفر كفر عمل‪ ،‬وكفر جحود‪.‬‬
‫أما كفر الجحود فهو‪ :‬أف يكفر بما علم أف الرسوؿ جاء بو من عند اهلل‪ ،‬جحودا وعنادا‪ ،‬فهذا الكفر‬
‫يضآد االيماف من كل وجو‪.‬‬
‫وأما كفر العمل فهو نوعاف‪:‬‬
‫نوع يضآد االيماف‪ ،‬ويأتي بيانو‪.‬‬
‫ونوع ال يضآده كالحكم بغير ما أنزؿ اهلل‪ ،‬فإف اهلل سمى فاعلو‪ :‬كافرا‪ ،‬ومثلو تارؾ الصالة سماه رسوؿ‬
‫اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ :‬كافرا‪ ،‬كما سمعتو قريبا‪ ،‬ولكن ىذا كفر عمل ال كفر اعتقاد‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أخرج الفريابي‪ ،‬وسعيد بن منصور‪ ،‬وابن المنذر‪ ،‬وابن أبي حاتم‪ ،‬والحاكم‪ ،‬وصححو البيهقي في‬
‫سننو‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،‬في قولو تعالى‪ { :‬ومن لم يحكم بما أنزؿ اهلل فأولئك ىم الكافروف }‬
‫[المائدة‪.]44:‬قاؿ‪ (( :‬إنو ليس‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬سقط من (أ)‪ :‬ىو‪.‬‬

‫(‪)941/9‬‬

‫_____________________________‬

‫بالكفر الذي تذىبوف إليو‪ ،‬إنو ليس كفرا ينقل من الملة‪ ،‬كفر دوف كفر )) (‪ ،)9‬وأخرج عبد الرزاؽ‪،‬‬
‫وعبد بن حميد‪ ،‬وابن جرير‪ ،‬وابن المنذر‪ ،‬وابن أبي حاتم‪ ،‬وأبو الشيخ عن ابن عباس‪ ،‬أيضا في اآلية‬
‫قاؿ‪ (( :‬ىي بو كفر‪ ،‬وليس كمن كفر باهلل واليوـ اآلخر )) (‪.)1‬‬
‫ثم قاؿ ابن القيم‪ :‬وقد (( نفى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم اإليماف عن الزاني‪ ،‬والسارؽ‪،‬‬
‫وشارب الخمر‪ ،‬وعمن لم يأمن جاره بوائقو )) (‪ ،)3‬وإذا نفى عنو اسم اإليماف فهو كافر من جهة العلم‪،‬‬
‫وإف انتفى عنو كفر الجحود واالعتقاد‪.‬‬
‫وكذلك قولو صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬ال ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض )) (‪،)4‬‬
‫فهذا كفر عمل‪ ،‬وكذا قولو صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬من أتى كاىنا فصدقو ))‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو البيهقي في الكبرى ‪ ،)95631(19/8‬والحاكم ‪ ،)3199(341/1‬السيوطي في والدر‬
‫المنثور ‪.87/3‬‬
‫(‪ )1‬لم أقف عليو في الدر المنثور‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجو البخاري ‪ ،)5679(1149/5‬ومسلم ‪ ،)46(68/9‬وأحمد ‪ ،)7865(188/1‬والحاكم‬
‫‪ ،)19(53/9‬وأبو يعلى ‪ ،)4151( 145/7‬والطبراني في الكبير ‪ ،)8159(334/8‬والطيالسي‬
‫‪ ،)9349(999/‬وابن أبي الدنيا في مكارـ األخالؽ ‪ ،)341(996/‬والقضاعي في مسند الشهاب‬
‫‪ ،)981(939/9‬والبخاري في األدب المفرد ‪.)919(55/‬‬
‫(‪ )4‬أخرجو البخاري ‪ ،)919(56/9‬ومسلم ‪ ،)65(89/9‬وأبو داود ‪ ،)4686(119/4‬والترمذي‬
‫‪ ،)1993(486/4‬والنسائي في المجتبى ‪ ،)4915(916/7‬وابن ماجة ‪،)3941(9399/1‬‬
‫والدارمي ‪ ،)9919(95/1‬وأحمد ‪ ،)3895(491/9‬وابن حباف ‪ ،)987(496/9‬والنسائي في‬
‫الكبرى ‪ ،)3599(396/1‬والبيهقي ‪ ،)9397(949/5‬وأبو يعلى ‪ ،)9451(39/3‬والطبراني في‬
‫الصغير ‪ ،)417(169/9‬والكبير ‪ ،)1177(397/1‬والطيالسي ‪ ،)664(91/‬والطبراني في مسند‬
‫الشهاميين ‪.)546(399/9‬‬

‫(‪)943/9‬‬

‫_____________________________‬
‫وقولو صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬من أتى امرأة في دبرىا‪ ،‬فقد كفر بما أنزؿ على محمد ))‪.‬‬
‫وقولو صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ (( :‬إذا قاؿ الرجل ألخيو‪ :‬يا كافر‪ ،‬فقد باء بها أحدىما ))‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬وىذا الكفر ال يخرجو عن الدائرة اإلسالمية‪ ،‬والملة بالكلية‪ ،‬كما لم يخرج الزاني والسارؽ‬
‫والشارب من الملة‪ ،‬وإف زاؿ عنو اسم االيماف )) (‪ ، )9‬وىذا التفصيل ىو الذي أشرنا إليو بقولنا‪:‬‬

‫وىذا بو جمع األحاديث والذي‬


‫أتى في كتاب اهلل ذي العز والمجد‬

‫فإنو إشارة إلى أنها تعارضت األحاديث‪ ،‬فحديث‪ (( :‬حتى يقولوا ال إلو إال اهلل )) ‪ ،‬وحديث‪ (( :‬من قاؿ‬
‫ال إلو إال اهلل دخل الجنة‪ ،‬وإف زنى وإف سرؽ ))(‪ ،)1‬مع أف الجنة محرمة على الكافرين‪ ،‬وغيرىا(‪)3‬‬
‫مما في معناىا‪ ،‬وعارضتها ىذه األحاديث التي سمعت من وصف من أتى ىذه المعاصي‪ ،‬فإنو كافر مع‬
‫أنو مقر بالشهادتين معتقد لها‪ ،‬وكذلك آيات القرآف الثالث‪ ،‬عارضت تلك األحاديث‪ ،‬فجمع العلماء‬
‫المحققوف بما تراه من تقسيم الكفر‪.‬‬
‫قاؿ ابن القيم‪ ((:‬وىذا الجمع بهذا التفصيل ىو قوؿ الصحابة‪ ،‬الذين ىم أعلم بكتاب اهلل‪ ،‬وباإليماف‬
‫والكفر ولوازمهما‪ ،‬فال تتلقى ىذه المسائل إال عنهم‪ ،‬فإف‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬الصالة حكم تاركها ‪.71/9‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو البخاري ‪ ،)5489(1993/5‬ومسلم ‪ ،)94(95/9‬وأحمد ‪.)19594(966/5‬‬
‫(‪ )3‬يعني‪ :‬غير األحاديث السالفة الذكر‪.‬‬

‫(‪)944/9‬‬

‫_____________________________‬

‫المتأخرين لم يفهموا مرادىم‪ ،‬فانقسموا فريقين‪ ،‬فريقا أخرجوا(‪ )9‬من الملة بالكبائر‪ ،‬وقضوا على‬
‫أصحابها بالخلود في النار‪ .‬وفريقا جعلوىم مؤمنين كاملي اإليماف‪ ،‬فهؤالء غلوا وىؤالء جفوا‪ ،‬وىدى اهلل‬
‫أىل السنة للطريقة المثلى‪ ،‬والقوؿ الوسط‪.‬‬
‫ثم أخرج عن(‪ )1‬ابن عباس بسنده ما قدمنا‪ ،‬وأخرج عن طاوس قاؿ‪ (( :‬سئل ابن عباس عن قولو تعالى‪:‬‬
‫‪ { :‬ومن لم يحكم بما أنزؿ اهلل فأولئك ىم الكافروف } [المائدة‪.]44:‬قاؿ‪ :‬ىو لهم كفر‪ ،‬وليس كمن‬
‫كفر باهلل ومالئكتو وكتبو ورسلو ))‪.‬‬
‫وقاؿ عنو في رواية أخرى‪ (( :‬كفر ال ينقل عن الملة ))‪.‬‬
‫وقاؿ عطاء‪ (( :‬كفر دوف كفر‪ ،‬وظلم دوف ظلم‪ ،‬وفسق دوف فسق ))(‪.)3‬‬
‫قلت‪ :‬ومن ىذا كفر من يدعو األولياء‪ ،‬ويهتف بهم عند الشدائد‪ ،‬ويطوؼ بقبورىم ويقبل جدارتها‪)4(،‬‬
‫وينذر لها بشيء من مالو‪ ،‬فإنو كفر عملي ال اعتقادي‪ ،‬فإنو مؤمن باهلل وبرسولو وباليوـ اآلخر‪ ،‬ولكن زين‬
‫لو الشيطاف أف ىؤالء عباد اهلل الصالحين (‪ ،)5‬ينفعوف ويشفعوف ويضروف‪ ،‬فاعتقدوا ذلك جهال‪ ،‬كما‬
‫اعتقده أىل الجاىلية في األصناـ‪ ،‬لكن ىؤالء مثبتوف التوحيد هلل‪ ،‬ال يجعلوف األولياء آلهة كما قالو‬
‫الكفار‪ ،‬إنكارا على رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم لما دعاىم إلى كلمة‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪ :‬خرجوا‪ .‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )1‬سقط من (أ)‪ :‬عن‪.‬‬
‫(‪ )3‬حكم تارؾ الصالة ‪.75 -74 /9‬‬
‫(‪ )4‬في (أ)‪ :‬جدرانها‪.‬‬
‫(‪ )5‬كذا في المخطوطات‪ :‬واألولى‪ :‬الصالحوف‪ ،‬إال أف لها وجها في العربية وىو النصب على القطع‪،‬‬
‫بتقدير أعني أو أخص‪.‬‬

‫(‪)945/9‬‬

‫_____________________________‬

‫التوحيد‪:‬؟‪ { :‬أجعل اآللهة إلها واحدا } [ص‪ ،]5:‬فهؤالء جعلوا شركاء هلل حقيقة‪ ،‬وقالوا في التلبية‪(( :‬‬
‫لبيك ال شريك لك‪ )9(،‬إال شريك ىو لك‪ ،‬تملكو وما ملك )) (‪ ،)1‬فأثبتوا لألصناـ شركة مع رب‬
‫األناـ‪ ،‬وإف كانت عبادتهم الضالة قد أفادت أنو ال شريك لو‪ ،‬ألنو إذا كاف يملكو وما ملك‪ ،‬فليس‬
‫بشريك(‪ )3‬لو بل ىو مملوؾ‪ ،‬فعباد األصناـ جعلوا هلل أندادا‪ ،‬واتخذوا من دونو شركاء وتارة يقولوف‪:‬‬
‫شفعاء يقربونهم إلى اهلل زلفى‪ ،‬بخالؼ جهلة المسلمين الذين اعتقدوا في أوليائهم النفع والضر‪ ،‬فإنهم‬
‫مقروف هلل بالوحدانية‪ ،‬وإفراده باإللهية‪ ،‬وصدقوا رسلو‪ ،‬فالذي(‪ )4‬أتوه من تعظيم األولياء كفر عملي ال‬
‫اعتقادي‪.‬‬
‫فالواجب ىو وعظهم‪ ،‬وتعريفهم جهلهم‪ ،‬وزجرىم ولو بالتعزير‪ ،‬كما أمرنا بحد الزاني والشارب والسارؽ‬
‫من أىل الكفر العملي‪ ،‬كما صرحنا بو في األبيات األصلية حيث قلنا‪:‬‬

‫وقد ىتفوا عند الشدائد باسمها ‪............................. ...‬‬

‫وكما قلنا‪:‬‬
‫وكم عقروا في سوحها من عقيرة ‪............................. ...‬‬

‫وكما قلنا‪:‬‬
‫وكم طائف حوؿ القبور ‪........................... ...‬‬

‫‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬سقط من (أ)‪ :‬لك‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو مسلم ‪.)9985(843/1‬‬
‫(‪ )3‬في (ب)‪ :‬شريكا‪.‬‬
‫(‪ )4‬في المخطوطات‪ :‬فالذين‪ .‬وما أثبت اجتهاد‪.‬‬

‫(‪)946/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فهذه كلها قبائح محرمة من أعماؿ الجاىلية‪ ،‬فهي من الكفر العملي‪ ،‬وقد ثبت أف ىذه األمة تفعل أمورا‬
‫من أمور الجاىلية‪ ،‬الفخر في األحساب‪ ،‬والطعن في األنساب‪ ،‬واالستسقاء بالنجوـ والنياحة‪ ،‬أخرجو‬
‫مسلم في صحيحو من حديث ابن مالك األشعري‪ )9(،‬فهذه من الكفر العملي ال تخرج بها األمة عن‬
‫الملة‪ ،‬بل ىم مع إتيانهم(‪ )1‬لهذه(‪ )3‬الخصلة الجاىلية أضافهم صلى اهلل عليو وآلو وسلم إلى نفسو‪،‬‬
‫فقاؿ‪ (( :‬من أمتي ))‪.‬‬
‫فإف قلت‪ :‬الجاىلية يقولوف(‪ )4‬في أصنامهم إنهم(‪ )5‬يقربونهم إلى اهلل زلفى‪ ،‬كما يقولو القبوريوف‪،‬‬
‫ويقولوف { ىؤالء شفعاؤنا عند اهلل} [يونس‪ .]98:‬كما يقولو القبوريوف أيضا؟‬
‫قلت‪ :‬ال سواء‪ ،‬إف القبوريين مثبتوف لتوحيد اهلل باإللهية‪ ،‬قائلوف‪ :‬إنو ال إلو إال اهلل‪ ،‬ولو ضربت عنقو على‬
‫أنو يقوؿ‪ :‬الولي إلو مع اهلل لما قالها‪ ،‬بل عنده اعتقاد جهل أف الولي لما أطاع اهلل حق طاعتو كاف لو‬
‫عنده تعالى(‪ )6‬جاه‪ ،‬بو تقبل شفاعتو‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو مسلم ‪ ،)934(644/1‬بلفظ‪ (( :‬أربع في أمتي من أمر الجاىلية ال يتركونهن‪ :‬الفخر في‬
‫األحساب‪ ،‬والطعن في األنساب‪ ،‬واإلستسقاء بالنجوـ‪ ،‬والنياحة ‪ ،)) ...‬وأحمد ‪،)11963(344/5‬‬
‫وابن حباف ‪ ،)3943(491/7‬والبيهقي ‪ ،)6991(63/4‬وأبو يعلى ‪ ،)9577(948/3‬والطبراني في‬
‫الكبير ‪ ،)3415(185/3‬وابن ماجة ‪.)9589(593/9‬‬
‫(‪ )1‬في (أ)‪ :‬إثباتهم‪ .‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (ب)‪ :‬بهذه‪.‬‬
‫(‪ )4‬في (ب)‪ :‬تقربهم‪.‬‬
‫(‪ )5‬سقط من (أ)‪ :‬إنهم‪.‬‬
‫(‪ )6‬في(أ)‪ :‬عند اهلل جاه‪.‬‬

‫(‪)947/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فيرجا(‪ )9‬نفعو‪ ،‬ال أنو إلو مع اهلل‪ ،‬بخالؼ الوثني‪ ،‬فإنو امتنع من قوؿ ال إلو إال اهلل حتى ضربت عنقو‪،‬‬
‫زاعما أف وثنو إلو مع اهلل‪ ،‬ويسميو ربا وإلها‪.‬‬
‫قاؿ يوسف عليو السالـ‪ {:‬أأرباب متفرقوف خير أـ اهلل الواحد القهار }[يوسف‪ ، 39:‬سماىم‪:‬ا أربابا‬
‫ألنهم كانوا يسمونهم بذلك‪ ،‬كما قاؿ الخليل { ىذا ربي} [األنعاـ‪ ،]78 ،77 ،76:‬في الثالث‬
‫اآليات‪ ،‬مستفهما لهم مبكتا(‪ )1‬متكلما على خطأىم‪ )3(،‬حيث يسموف الكواكب‪ :‬أربابا !! فقالوا(‪:)4‬‬
‫{ أجعل اآللهة إلها واحدا } [ص‪.]5:‬وقاؿ قوـ إبراىيم عليو السالـ(‪ { :)5‬من فعل ىذا بآلهتنا}‬
‫[األنبياء‪ { ،]59:‬أأنت فعلت ىذا بآلهتنا يا إبراىيم }[األنبياء‪.]61:‬‬
‫وقاؿ إبراىيم مستفهما ‪ { :‬أئفكا آلهة دوف اهلل تريدوف } [الصافات‪ .]86:‬ومن ىنا تعلم أف الكفار غير‬
‫مقرين بتوحيد اإللهية‪ ،‬وال الربوبية‪ ،‬كما توىمو من توىم من قولو‪ {:‬ولئن سألتهم من خلق السماوات‬
‫واألرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } [الزخرؼ‪ ،]9:‬قل من يرزقكم من السماء واألرض ‪ }...‬إلى‬
‫قولو‪{ :‬فسيقولوف اهلل} [يونس‪ .)6( ]39:‬فهذا إقرار بتوحيد الخالقية والرازقية‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪ :‬ويرجى‪.‬‬
‫(‪ )1‬في (أ)‪ :‬منكرا‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬خطابهم‪ .‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )4‬الضمير في قالوا ليس عائدا على قوـ إبراىيم كما يفهم من كالـ المؤلف‪ ،‬بل ىو عائد على قريش‬
‫قوـ محمد‪ ،‬صلى اهلل عليو وعلى إبراىيم وعلى آلهما كل‪.‬‬
‫(‪ )5‬سقط من (ب)‪ :‬عليو السالـ‪.‬‬
‫(‪ )6‬في (أ)‪ { :‬ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن‪ ،‬خلقهن العزيز العليم قل من يرزقكم من السماوات‬
‫واألرض ‪...‬إلى قولو‪ :‬ليقولن اهلل }‪.‬‬
‫وفي (ب)‪ { :‬ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن اهلل من خلق السماوات واألرض ليقولن‪ .} ...‬واآليتاف‬
‫المذكورتاف ال توجداف في القرآف بالشكل الوارد‪ ،‬وإنما الصحيح ما أثبت‪ .‬ولعلو سهو من البدر األمير‪،‬‬
‫ومن النساخ‪ .‬واآلية { قل من يرزقكم من السماء واألرض السمع واألبصار ومن يخرج الحي من الميت‬
‫ويخرج الميت من الحي ومن يدبر األمر؟ فسيقولوف اهلل‪ ،‬فقل أفال تتقوف }‪.‬‬

‫(‪)948/9‬‬

‫_____________________________‬

‫ونحوىما هلل‪ ،‬ال أنو إقرار بتوحيد اإللهية‪ ،‬ألنهم يجعلوف أوثانهم آلهة أربابا‪ ،‬كما عرفت‪ ،‬فهذا الكفر‬
‫الجاىلي كفر اعتقاد‪ ،‬ومن الزمو كفر العمل‪ ،‬بخالؼ من اعتقد في األولياء النفع والضر‪ ،‬مع توحيد اهلل‪،‬‬
‫وااليماف بو‪ ،‬وبرسلو‪ ،‬وباليوـ اآلخر‪ ،‬فإنو كفر عمل‪ ،‬فهذا تحقيق بالغ‪ ،‬وإيضاح لما ىو الحق‪ ،‬من غير‬
‫إفراط وال تفريط‪.‬‬
‫نعم قد أشرنا لك إلى أف بعض الكفر العملي [ الذي ] يضآد االيماف‪ ،‬ويصير فاعلو في حكم الكفر‬
‫اإلعتقادي‪ ،‬قد أشرنا إليو بقولنا‪:‬‬

‫بلى بعض ىذا الكفر يخرج فاعال‬


‫لو أف يكن (‪ )9‬للشرع والدين كالضد‬
‫كمن ىو لألصناـ يصبح ساجدا‬
‫وساب رسوؿ اهلل فهو أخو الجحد‬

‫فالسجود للصنم‪ ،‬وسب الرسوؿ صلى اهلل عليو وآلو وسلم وقتلو‪ ،‬واالستهانة بالمصحف من الكفر‬
‫العملي في صورتو (‪ ،)1‬لكنو يضآد اإليماف فلو حكم الكفر االعتقادي‪ ،‬فالكفر العملي قسماف‪ :‬قسم‬
‫ال يضاد اإليماف كما ذكرنا سابقا‪ ،‬وكفر يضاده كما ذكرناه اآلف‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬حذؼ الواو من‪ :‬يكوف‪ ،‬للضرورة‪.‬‬
‫(‪ )1‬سقط من (أ)‪ :‬في صورتو‪.‬‬

‫(‪)949/9‬‬

‫_____________________________‬

‫والذي يقوى عندي أف السجود للصنم‪ ،‬وإىانة المصحف‪ ،‬وقتل النبي صلى اهلل عليو وآلو وسلم وسبو‪،‬‬
‫من الكفر االعتقادي العملي‪ ،‬فإنو ال يسجد للصنم وىو يؤمن باهلل‪ ،‬وال يقتل النبي صلى اهلل عليو وآلو‬
‫وسلم وىو مصدؽ أنو نبي‪.‬‬
‫أال ترى أف قريشا في صلح الحديبية لم يرضوا أف يكتب صلى اهلل عليو وآلو وسلم(‪ )9‬ىذا ما صالح‬
‫عليو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪ ،‬وقالوا‪ (( :‬قل محمد‪ ،‬فلو نعلم أنك رسوؿ اهلل لما صددناؾ‬
‫عن البيت ‪ )1( )) ...‬الحديث‪.‬‬

‫وىذا الذي فصلتو الحق فاتبع‬


‫طريق الهدى إف كنت للحق تسجدي(‪)3‬‬

‫قد(‪ )4‬تبين لك وجو أنو الحق وأنو رأي سلف األمة‪.‬‬


‫واعلم أف ىذا التفصيل ليس خاصا بالكفر بل ثبت انقساـ النفاؽ إلى قسمين‪ ،‬وكذلك الفسق والظلم‬
‫والشرؾ‪ ،‬وقد أشرنا إليو بقولنا‪:‬‬

‫وجا مثل ىذا في النفاؽ وغيره ‪ ...‬من الفسق والشرؾ الذي كلو مردي‬

‫قاؿ وكيع‪ :‬عن سفياف عن ابن جريح‪ ،‬عن عطاء‪ (( :‬كفر دوف كفر‪ ،‬وظلم دوف ظلم‪ ،‬وفسق دوف فسق‬
‫))‪ ،‬وىذا الذي قالو عطاء بين في القرآف لمن فهمو‪ ،‬فإف اهلل سما من حكم بغير ما أنزؿ اهلل كافرا‪،‬‬
‫وسما جاحد ما أنزؿ على رسولو كافرا‪ ،‬وليس الكفراف على حد سواء‪ ،‬وسما الكافر ظالما في قولو {‬
‫والكافروف ىم الظالموف‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬سقط من (أ)‪ :‬صلى اهلل عليو وآلو وسلم‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو البخاري ‪ ،)1589(974/1‬وأحمد ‪ ،)98948(318/4‬وابن حباف‬
‫‪ ،)4871(196/99‬والبيهقي ‪ ،)98587(198/9‬والطبراني في الكبير ‪.)93( 9/19‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬تهتدي‪.‬‬
‫(‪ )4‬في (أ)‪ :‬وقد‪.‬‬

‫(‪)959/9‬‬

‫_____________________________‬

‫} [البقرة‪ ،]154:‬وسما متعدي حدوده في النكاح والطالؽ والرجعة والخلع ظالما‪ ،‬فقاؿ‪ { :‬ومن يتعد‬
‫(‪ )9‬حدود اهلل فقد ظلم نفسو } [الطالؽ‪.]9:‬‬
‫وقاؿ يونس رسولو ونبيو‪ { :‬ال إلو إال أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } [األنبياء‪.]87:‬‬
‫وقاؿ صفيو آدـ (‪ { :)1‬ربنا ظلمنا أنفسنا } [األعراؼ‪.]13:‬‬
‫وقاؿ كليمو موسى‪ { :‬رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي } [القصص‪ .]96:‬ومعلوـ يقينا أف ىذا الظلم‬
‫ليس كمثل ذلك الظلم‪.‬‬
‫وسما اهلل الكافر فاسقا في قولو‪ { :‬وما يضل بو إال الفاسقين ‪ ،‬الذين ينقضوف عهد اهلل من بعد ميثاقو‬
‫‪[ } ...‬البقرة‪ ]17 - 16:‬اآلية (‪ ،)3‬وفي قولو‪ { :‬ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إال‬
‫الفاسقوف } [البقرة‪.]99:‬‬
‫وسما العاصي المؤمن فاسقا في قولو‪ { :‬يا أيها الذين آمنوا إف جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ‪} ...‬‬
‫[الحجرات‪ ]6:‬اآلية (‪ .)4‬وىي نزلت في الوليد(‪ )5‬بن عقبة على‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬سقط من (أ)‪ :‬ومن يتعد‪.‬‬
‫(‪ )1‬القائل آدـ وحواء‪ ،‬ألف اآلية ىكذا‪ { :‬قاال ربنا‪.}...‬‬
‫(‪ )3‬كماؿ اآلية‪ { :‬ويقطعوف ما أمر اهلل بو أف يوصل ويفسدوف في األرض أولئك ىم الخاسروف }‪.‬‬
‫(‪ )4‬كماؿ اآلية‪ { :‬أف تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }‪.‬‬
‫(‪ )5‬في (أ)‪ ،‬و(ج)‪ :‬مسلم بن عقبة‪ .‬وىو سهو‪.‬‬
‫الوليد بن عقبة بن أبي معيط‪ ،‬أخرج الطبراني في األوسط عن جابر بن عبد اهلل قاؿ‪ :‬بعث رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو وآلو وسلم الوليد بن عقبة إلى بني وكيعة‪ ،‬وكانت بينهم شحناء في الجاىلية‪ ،‬فلما بلغ‬
‫بني وكيعة استقبلوه لينظروا ما في نفسو‪ ،‬فخشي القوـ‪ ،‬فرجع إلى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وآلو وسلم‬
‫فقاؿ‪ :‬إف بني وكيعة أرادوا قتلي ومنعوني الصدقة‪ ،‬فلما بلغ بني وكيعة الذي قاؿ الوليد أتوا رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو وآلو وسلم فقالوا‪ :‬يا رسوؿ اهلل لقد كذب الوليد‪ .‬قاؿ‪ :‬وأنزؿ اهلل في الوليد‪ { :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا إف جاءكم فاسق بنبأ ‪ } ...‬اآلية‪.‬‬
‫وأخرج نحوه أحمد‪ ،‬وابن أبي حاتم‪ ،‬والطبراني‪ ،‬وابن مندة‪ ،‬وابن مردويو‪ ،‬وابن جرير‪ ،‬وإسحاؽ بن‬
‫راىويو‪ ،‬والبيهقي في السنن‪ ،‬وابن عساكر‪ ،‬وعبد بن حميد‪ .‬ذكر ذلك السيوطي في الدر المنثور‬
‫‪ ،557 - 555/7‬عند تفسير اآلية‪.‬‬

‫(‪)959/9‬‬

‫_____________________________‬

‫األكثر‪ .‬وفي قولو فيمن رمى المحصنات‪ { :‬وال تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك ىم الفاسقوف }‬
‫[النور‪ .]4:‬واآليات كثيرة في األمرين‪.‬‬
‫والشرؾ أيضا شركاف‪ ،‬شرؾ‪ :‬ينقل عن الملة وىو الشرؾ األكبر‪ ،‬وشرؾ‪ :‬ال ينقل عنها وىو األصغر‪،‬‬
‫وىو(‪ )9‬شرؾ العمل كالرياء‪ ،‬قاؿ تعالى في الشرؾ األكبر‪ { :‬ومن يشرؾ باهلل فكأنما خر من السماء‬
‫فتخطفو الطير أو تهوي بو الريح في مكاف سحيق } [الحج‪.]39:‬‬
‫وفي األصغر‪ { :‬فمن كاف يرجو لقاء ربو فليعمل عمال صالحا وال يشرؾ بعبادة ربو أحدا }‬
‫[الكهف‪.]999:‬‬
‫ومن األصغر حديث‪ (( :‬من حلف بغير اهلل فقد أشرؾ ))‪ ،‬رواه أبو داود وغيره (‪.)1‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬سقط من (أ)‪ :‬األصغر وىو‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجو أبو داود ‪ ،)3159(113/3‬والترمذي ‪ ،9535(999/4‬وأحمد ‪ ،)319(47/9‬وابن‬
‫حباف ‪ ،)4358(999/99‬والحاكم في المستدرؾ ‪.)967(997/9‬‬

‫(‪)951/9‬‬

‫_____________________________‬

‫ومنو في آدـ عليو السالـ وحواء‪ ،‬اآلية‪ { :‬فلما آتاىما صالحا جعال لو شركاء فيما آتاىما }‬
‫[األعراؼ‪ ..]999:‬فإنهما سميا ولدىما عبد الحارث‪ )9(،‬وىو اسم الشيطاف فكانت التسمية بعبد‬
‫الحارث(‪ )1‬شركا عمليا‪ ،‬والقصة مبسوطة في كتب التفسير ومعلوـ أف حلفو بغير اهلل ال يخرجو عن‬
‫الملة‪ ،‬وال يوجب لو حكم الكفار‪.‬‬
‫ومنو‪ :‬حديث‪ (( :‬الشرؾ في ىذه األمة أخفى من دبيب النمل )) (‪.)3‬‬
‫وكذلك النفاؽ نفاقاف‪ :‬نفاؽ اعتقاد‪ ،‬ونفاؽ عمل‪.‬‬
‫فنفاؽ االعتقاد‪ :‬ىو (‪ )4‬الذي ذكر أف أىلو في الدرؾ األسفل من النار‪ ،‬وىو كثير في القرآف‪.‬‬
‫ونفاؽ العمل بالحديث الصحيح‪ (( :‬آية المنافق ثالث‪ :‬إذا حدث كذب‪ ،‬وإذا أوعد أخلف‪ ،‬وإذا أؤتمن‬
‫خاف )) (‪ .)5‬وفي معناه أحاديث في بعضها‪ (( :‬أربع ‪ -‬زاد ‪ -‬وإذا خاصم فجر )) (‪ ،)6‬فهذا نفاؽ‬
‫عمل‪ ،‬قد يجتمع مع أصل اإليماف‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬أخرجو أبو داود في السنن‪.)3159(133/3‬‬
‫(‪ )1‬سقط من (أ)‪ :‬بعبد الحارث‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجو أحمد ‪ ،)99611(493/4‬والحاكم في المستدرؾ ‪ ،)3948(399/1‬وأبو يعلى‬
‫‪ ،)58(69/9‬والبخاري في األدب ‪.)796(159/‬‬
‫(‪ )4‬في (ب)‪ :‬وىو‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجو البخاري ‪ ،)33(19/9‬ومسلم ‪ ،)59(78/9‬والنسائي في المجتبى ‪،)5919(996/8‬‬
‫وأحمد ‪ ،)8679(357/1‬وابن حباف ‪ ،)157(499/9‬والنسائي في الكبرى ‪،)99751(535/6‬‬
‫والبيهقي ‪ ،)19698(996/99‬وأبو يعلى ‪ ،)4998(936/7‬والطبراني في الكبير‬
‫‪ ،)6986(179/6‬وإسحاؽ بن راىويو في المسند ‪ ،)383(379/9‬وابن أبي الدنيا في مكارـ‬
‫األخالؽ ‪.)998(46/‬‬
‫(‪ )6‬أخرجو البخاري ‪ ،)34(19/9‬ومسلم ‪ ،)58(78/9‬وأبو داود ‪ ،)4688(119/4‬والترمذي‬
‫‪ ،)1631(99/5‬والنسائي في المجتبى ‪ ،)5919(996/8‬وأحمد ‪ ،)6768(989/1‬وابن حباف‬
‫‪ ،)154(488/9‬والنسائي في الكبرى ‪ ،)8734(114/5‬والبيهقي ‪ ،)98615(139/9‬وعبد بن‬
‫حميد في المنتخب من المسند ‪.)311(931/‬‬

‫(‪)953/9‬‬

‫_____________________________‬

‫ومنو‪ :‬أحاديث (‪ (( :)9‬أف بغض علي عليو السالـ نفاؽ )) (‪ ،)1‬فإنو نفاؽ عمل‪ .‬فعرفت من ىذا كلو‬
‫أف الكفر كفراف‪ :‬كفر اعتقاد‪ ،‬وكفر عمل‪ ،‬ومثلو النفاؽ‪ .‬والشرؾ شركاف‪ :‬أصغر‪ ،‬وأكبر‪ .‬والظلم ظلماف‪،‬‬
‫والفسق فسقاف‪ ،‬ومن لو فهم وتوفيق ال يخفاه(‪ )3‬محل اإلطالؽ‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬سقط من (أ)‪ :‬أحاديث‪.‬‬
‫(‪ )1‬عن عدي عن زر قاؿ قاؿ علي إنو لعهد النبي األمي صلى اهلل عليو وسلم إلي أنو ال يحبك إال‬
‫مؤمن وال يبغضك إال منافق‬
‫أخرجو مسلم في صحيحو ج ‪/9‬ص‪/86‬ح‪)78‬‬
‫والنسائي في سننو ج ‪/8‬ص‪/996‬ح‪/6 ، )5998‬ص ‪/534‬ح ‪)99749‬‬
‫وابن حباف في صحيحو ج ‪/95‬ص‪/368‬ح‪،)6914‬‬
‫وابن ماجو في سننو ج ‪/9‬ص‪/41‬ح‪)994‬‬
‫وابن حنبل في مسنده ج ‪/9‬ص‪/95‬ح‪،)739‬‬
‫والنسائي في سننو الكبرى ج ‪/5‬ص‪/47‬ح‪،)8953‬‬
‫وابن حنبل في فضائل الصحابة ‪/1‬ص‪/564‬ح‪)948‬‬
‫وأبو يعلى في مسنده ج ‪/9‬ص‪/159‬ح‪)199‬‬
‫وعبد الرزاؽ في مصنفو ج ‪/6‬ص‪/365‬ح‪.)31964‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬ال يخفاه في محل‪...‬‬
‫(‪)954/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فإف قلت‪ :‬قد ذكرت في األبيات األصلية أف القائلين بوحدة الوجود والوجود المطلق‪ ،‬ىم أكفر أىل‬
‫األرض‪ ،‬مع أنهم يصلوف‪ ،‬ويتشهدوف‪ )9(،‬ويأتوف بأركاف اإلسالـ؟‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬ويشهدوف‪.‬‬

‫(‪)955/9‬‬

‫_____________________________‬

‫قلت‪ :‬قد أشرنا إلى ىذا وجوابو‪ ،‬بقولنا‪:‬‬

‫فإف قلت قد كفرت من قاؿ إنو‬


‫إلو وإف اهلل جل عن الند‬
‫مسماه(‪ )9‬كل الكائنات جميعها‬
‫من الكلب والخنزير والفهد والقرد‬
‫مع أنو صلى وصاـ وجانب التو‬
‫سع(‪ )1‬في الدنيا وماؿ إلى الزىد‬
‫فقلت استمع مني الجواب والتكن‬
‫غبيا جهوال للحقائق كاللد‬
‫فإف الذي عنو سألت مجاىر‬
‫بنفي اإللو الواحد الصمد الفرد‬
‫ونفي نبوات النبيين كلهم‬
‫فما أحمد الهادي لدى ذاؾ بالمهدي‬
‫وتصويب أىل الشرؾ في شركهم فما‬
‫أبو لهب إال كحمزة في الجد(‪)3‬‬
‫وىاروف أخطا حين الـ جماعة‬
‫عكوفا على عجل يخور وال يهدي‬

‫فإف لم يكن ىذا ىو الكفر كلو ‪...‬‬


‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬فسماه‪.‬‬
‫(‪ )1‬في (ب)‪ :‬الترفع‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي‪ :‬في الحظ والدين‪ .‬وفيو تورية‪ ،‬ألف الجد بذلك المعنى‪ ،‬وبمعنى أب األب وأبوىما وجدىما‬
‫واحد‪.‬‬

‫(‪)956/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فعقلك عقل الطفل زمل في المهد‬


‫فقد كفر الشيخ ابن تيمية ومن‬
‫سواه من األعالـ في السهل والنجد‬
‫أولئك إذ قالوا الوجود بأسره‬
‫ىو اهلل ال رب تميز من(‪ )9‬عبد‬

‫واعلم ( أنا قد حققنا أحواؿ من ذكر من ابن عربي وغيره‪ ،‬في رسالتنا التي سميناىا‪ :‬نصرة المعبود‪،‬‬
‫ونقلنا ألفاظهم الكفرية من كتبهم‪ ،‬ونصوص كلماتهم في شعرىم ونثرىم‪ ،‬وإنما نشير ىنا إلى بعض ما‬
‫ذكرناه فيها ) (‪.)1‬‬
‫إنو قد وقع السؤاؿ من(‪ )3‬القائلين بوحدة الوجود‪ ،‬في رأس المائة الثامنة‪ ،‬ونقلت(‪ )4‬في السؤاؿ بعض‬
‫ألفاظهم‪ ،‬وانتدب علماء اإلسالـ للجواب عنو‪ ،‬من أئمة المذاىب األربعة وغيرىم‪.‬‬
‫ولفظ السؤاؿ‪ :‬ما يقوؿ العلماء في كتاب بين أظهر الناس‪ ،‬أكثره ضد لما أنزلو اهلل في كتبو المنزلة‪،‬‬
‫وعكس لما قالو(‪ )5‬أنبياؤه عليهم السالـ‪ ،‬فيو‪ :‬أف آدـ عليو السالـ إنما سمي إنسانا‪ ،‬ألنو من الحق‬
‫بمنزلة إنساف العين‪ ،‬الذي يكوف بو(‪ )6‬النظر‪.‬‬
‫وقاؿ في محل آخر‪ :‬إف الحق المنزه‪ ،‬ىو الخلق المشبو‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪ :‬عن‪.‬‬
‫(‪ )1‬سقط من (أ)‪ :‬ما بين القوسين‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (ب)‪ :‬عن‪.‬‬
‫(‪ )4‬في (أ)‪ :‬ونقل‪.‬‬
‫(‪ )5‬في (أ)‪ :‬وعكس ما قالوا أنبياؤه‪.‬‬
‫(‪ )6‬سقط من (ب)‪ :‬بو‪.‬‬

‫(‪)957/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وقاؿ في قوـ نوح عليو السالـ‪ :‬إنهم لو تركوا عبادتهم(‪ )9‬لود‪ ،‬وسواع‪ ،‬ويغوث‪ ،‬ويعوؽ‪ )1(،‬لجهلوا‬
‫من(‪ )3‬الحق أكثر مما تركوا‪.‬‬
‫وقاؿ‪ :‬إف قوـ ىود كانوا على صراط مستقيم‪.‬‬
‫ثم أنكر حكم الوعيد‪ ،‬في حق من حقت(‪ )4‬عليو كلمة العذاب من سائر العبيد‪ .‬فهل يكفر بذلك‬
‫ويكفر من يصدقو أـ ال؟ وىل يأثم سامعو إذا كاف بالغا عاقال‪ ،‬ولم ينكره بلسانو أو بقلبو؟‬
‫فأجاب عنو علماء األمة‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ شيخ اإلسالـ ابن تيمية‪ ،‬المتفق على إمامتو في علوـ العقل والنقل‪ ،‬رحمو اهلل تعالى ما‬
‫لفظو‪ (:‬ىذه الكلمات المذكورة(‪ )5‬المنقولة‪ ،‬كل كلمة منها من الكفر‪ ،‬الذي ال نزاع فيو بين أىل الملل‬
‫من المسلمين واليهود والنصارى‪ ،‬فضال عن كونها كفرا في شريعة اإلسالـ‪.‬‬
‫فإف قوؿ القائل‪ :‬إف آدـ للحق تقدس وتنزه وتعالى‪ ،‬بمنزلة إنساف العين من العين الذي يكوف بو النظر‪،‬‬
‫يقتضي أف آدـ عليو السالـ(‪ )6‬جزء من الحق تقدس‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪ :‬عباداتهم‪.‬‬
‫(‪ )1‬سقط من (أ)‪ :‬ويعوؽ‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬عن‪.‬‬
‫(‪ )4‬في (ب)‪ :‬الوعيد فيمن حقت عليو‪.‬‬
‫(‪ )5‬سقط من (أ)‪ :‬المذكورة‪.‬‬
‫(‪ )6‬سقط من (أ)‪ :‬عليو السالـ‪.‬‬

‫(‪)958/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وتعالى وبعض منو‪ ،‬بل أفضل أبعاضو وأجزائو‪ ،‬وىذا ىو حقيقة مذىب ىؤالء القوـ‪ ،‬وىم مقروف بو من‬
‫أقوالهم )(‪.)9‬‬
‫ثم(‪ )1‬قاؿ‪ (:‬ولما قرأوا(‪ )3‬ىذا الكتاب ‪ -‬أعني ‪ -‬الفصوص على أفضل(‪ )4‬متأخريهم‪ ،‬قاؿ قائل‪ :‬إف‬
‫ىذا الكتاب مخالف للقرآف‪ )5(،‬قاؿ القرآف كلو شرؾ‪ ،‬وإنما التوحيد في كالمنا ىذا(‪ - )6‬يعني ‪ -‬أف‬
‫القرآف يفرؽ(‪ )7‬بين العبد والرب‪ .‬وحقيقة التوحيد عندىم أف العبد ىو الرب‪.‬‬
‫فقاؿ لو قائل‪ :‬فأي فرؽ بين أختي وزوجتي‪ ،‬وبنتي؟!‬
‫قاؿ‪ :‬ال فرؽ‪ ،‬لكن ىؤالء المحجوبوف قالوا حراـ!‬
‫قلنا‪ :‬حراـ عليكم )(‪!)8‬‬
‫وأجاب سعد الدين قاضي الحنابلة بالقاىرة‪ :‬ما ذكر من الكالـ‪ ،‬قد تضمن تصديقو بما ىو كفر‪ ،‬فيجب‬
‫الرجوع عنو‪ ،‬والتلفظ بالشهادتين عنده‪ ،‬وحق على‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪ :‬وىو معروؼ من أقوالهم‪ .‬من تعليقة للشيخ ابن تيمية على فصوص الحكم‪ .‬الفتاوى‬
‫‪.911/1‬‬
‫(‪ )1‬سقط من (أ)‪ :‬ثم‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬قدروا‪ .‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )4‬في (ب)‪ :‬أىل‪ .‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )5‬في (ب)‪ :‬يخالف القرآف‪.‬‬
‫(‪ )6‬سقط من (أ)‪ :‬ىذا‪.‬‬
‫(‪ )7‬في (أ)‪ :‬يقرف‪ .‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )8‬سقط من (أ)‪ :‬عليكم‪.‬‬

‫(‪)959/9‬‬

‫_____________________________‬

‫من سمع ذلك إنكاره‪ ،‬ويجب محو ذلك وما كاف قريبا منو‪ ،‬وال يترؾ بحيث يطلع عليو‪ ،‬فإف في ذلك‬
‫ضررا عظيما‪ ،‬على من لم يستحكم اإليماف من(‪ )9‬قلبو‪.‬‬
‫وأجاب جماعة من األئمة‪ ،‬منهم بدر الدين بن جماعة‪ ،‬والخطيب شمس الدين محمد بن يوسف‬
‫الجزري الشافعي‪ )1(،‬والقاضي بدر الدين الكتاني الشافعي‪ ،‬وشرؼ الدين الداودي(‪ )3‬المالكي‪ ،‬وأئمة‬
‫الشاـ‪ ،‬ومصر‪ ،‬والحرمين‪ ،‬بجوابات مصرحة بكفر قائل ذلك وناقلو‪[ ،‬و] ىي عندنا‪ ،‬إال أنو ال يحتمل‬
‫شرح األبيات الزيادة على ىذا في بياف ما أشرنا إليو‪:‬‬

‫وىذا مقاؿ للفالسفة األولى‬


‫إلى النار مسراىم يقينا بال رد‬
‫أي أف قوؿ أىل ىذه المقالة‪ ،‬قوؿ قالو قبلهم أىل التعطيل واإللحاد من الفالسفة‪ ،‬وىم القائلوف‬
‫بالوجود المطلق‪ ،‬وأقوالهم مبسوطة في كتب المقاالت‪ ،‬فجاء ىؤالء الطوائف تظهروا باالسالـ‪ ،‬وأدخلوا‬
‫فيو(‪ )4‬ىذه الدواىي العظاـ‪ ،‬وألفوا في ىذه الكفريات مؤلفات أشرنا إليها بقولنا‪:‬‬

‫وألف في ىذا ابن سبعين كتبو‬


‫وتابعو الجيلى ويا بئس ما يبدي‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (ب)‪ :‬في‪.‬‬
‫(‪ )1‬محمد بن يوسف الجزري الشافعي‪ ،‬خطيب من فقهاء الشافعية‪ ،‬ولد بالجزيرة سنة (‪637‬ىػ)‬
‫ونسب إليها‪ ،‬ونشأ بها‪ ،‬وسافر إلى مصر‪ ،‬فأقاـ بقوص ثم بالقاىرة‪ ،‬وتوفي فيها سنة (‪799‬ىػ)‪ ،‬لو ديواف‬
‫شعر وخطب وشرح‪ ،‬منها‪ :‬الوصوؿ إلى علم األصوؿ للبيضاوي‪ ،‬وشرح ألفية ابن مالك‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬الراوي‪.‬‬
‫(‪ )4‬سقط من (أ)‪ :‬فيو‪.‬‬

‫(‪)969/9‬‬

‫_____________________________‬

‫قاؿ ابن خلدوف قاضي الديار المصرية‪ :‬إنو ألف ابن عربي‪ ،‬وابن سبعين‪ ،‬وابن برجاف‪ ،‬وأتباعهم ممن‬
‫سلك سبيلهم‪ ،‬وداف بنحلتهم‪ ،‬ولهم تآليف كثيرة يتداولونها(‪ )9‬مشحونة بصريح الكفر‪ ،‬ومستهجن‬
‫البدع‪.‬‬
‫وأما الجيلي ػ بالجيم ػ (‪ )1‬فهو مصنف كتاب االنساف الكامل‪ ،‬كتاب مأله بالكفر والضاللة‪ )3(،‬مع ركة‬
‫ألفاظ‪ ،‬وشعر في غاية الضعف‪ .‬ولذا قلنا‪:‬‬

‫ولكن أرى الطائي أطولهم يدا‬


‫أتى بفصوص ال تزاف بها األيدي‬

‫المراد‪ :‬ابن عربي الطائي‪ ،‬فإنو فتح لهم باب جهنم‪ ،‬بالتأليفات المشتملة على تخريب األحاديث‬
‫واآليات‪ ،‬ككتاب الفتوحات المكية‪ ،‬والفصوص‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫وجا منهم ابن الفارض الشاعر الذي‬
‫أتى بعظيم الكفر في روضة الورد‬
‫أجاد نظاما مثل ما جاد كفره‬
‫فسبحاف ذي العرش الصبور على العبد‬

‫ثبت إطالؽ الصبور عليو تعالى في أسمائو الحسنى‪ ،‬والمراد بابن الفارض ىو عمر بن الفارض‪ ،‬شاعر‬
‫رقيق(‪ )4‬األلفاظ‪ ،‬بديع المعاني‪ ،‬سلك طريقة إخوانو‪ ،‬وأتى في تائيتو(‪ )5‬بالكفر الصريح‪ ،‬الذي قصر‬
‫عنو عباد المسيح‪ ،‬وجعل نفسو إلها كما يفعلو غيره‪ .‬وقاؿ‪:‬‬

‫وما عقد الزنار حكما سوى يدي ‪...‬‬


‫__________‬
‫(‪ )9‬سقط من (أ)‪ :‬يتداولونها‪.‬‬
‫(‪ )1‬سقط من (أ)‪ :‬بالجيم‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬واإلضالؿ‪.‬‬
‫(‪ )4‬في (أ)‪ :‬دقيق‪.‬‬
‫(‪ )5‬في (ب)‪ :‬بائيتو‪ .‬مصحفة‪.‬‬

‫(‪)969/9‬‬

‫_____________________________‬

‫وإف حل باإلقرار لي فهي حلت‬

‫وقاؿ‪:‬‬

‫لها صلواتي في المقاـ أقيمها‬


‫وأشهد فيها أنها لي صلت‬
‫إلي رسوال(‪ )9‬كنت مني مرسال‬
‫ونفسي بآياتي علي استدلت‬

‫وقاؿ في تصويب األوثاف‪:‬‬


‫وإف خر لألحجار في البدو(‪ )1‬عاكف‬
‫فال تغد باإلنكار للعصبية (‪)3‬‬

‫ولو فيها كلها عجيب (‪ ،)4‬قصر عنو إبليس وفرعوف في كفرىما‪ ،‬وقد صوب ابن عربي قوؿ فرعوف‪ {:‬أنا‬
‫ربكم األعلى } [النازعات‪ ، ]14:‬بما ىو معروؼ‪ ،‬وقد بسطنا أقاويلهم في الرد عليهم‪ ،‬في رسالة‬
‫سميتها‪ :‬نصرة المعبود‪ ،‬في الرد على أىل وحدة الوجود‪.‬‬

‫أنزىو عن كل قوؿ يقولو‬


‫ذوو الكفر والتعطيل من كل ذي جحد‬
‫وأثني عليو وىو ػ واهلل ػ بالثنا‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في المخطوطات‪ :‬رسوؿ‪ .‬وما أثبت من ديواف ابن الفارض ‪.59/‬‬
‫(‪ )1‬في الديواف‪ :‬في البد‪.66/ .‬‬
‫(‪ )3‬األبيات من قصيدة البن الفارض بعنواف‪ :‬نظم السلوؾ‪ .‬وىي طويلة جدا‪،‬واألبيات من مواضع‬
‫مختلفة من القصيدة‪.‬انظر ديوانو‪.67/‬‬
‫(‪ )4‬في (أ)‪ :‬أعاجيب‪.‬‬

‫(‪)961/9‬‬

‫_____________________________‬

‫حقيق فقل ما شئت في الواحد الفرد‬


‫بديع السماوات العال خالق المال‬
‫ورازقهم من غير كد وال جهد‬
‫بدا(‪ )9‬خلقنا من أرضو ويردنا‬
‫إليها ويخرجنا [ منها ] معيدا كما يبدي‬

‫أي‪ :‬حاؿ كونو معيدا كما بدأنا‪ ،‬قاؿ تعالى‪ { :‬كما بدأكم تعودوف } [األعراؼ‪ .]19:‬وقاؿ تعالى‪{ :‬‬
‫منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } [طو‪.]55:‬‬
‫فريقين ىذا في جهنم نازؿ‬
‫وذلك مزفوؼ إلى جنة الخلد‬
‫أال ليت شعري أي دار أزورىا‬
‫فقد طاؿ فكري في الوعيد وفي الوعد‬
‫إذا ما ذكرت الذنب خفت جهنما‬
‫فقاؿ الرجا بل غير ىذا ترى عندي‬
‫أليس رحيما بالعباد وغافرا‬
‫لما ليس شركا قالو الرب ذو المجد‬
‫فقلت نعم لكن أتانا مقيدا‬
‫بمن شأه فافهم وعض ىنا(‪ )1‬األيدي‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬برى‪.‬‬
‫(‪ )1‬في (أ)‪ :‬وعض علي األيدي‪.‬‬

‫(‪)963/9‬‬

‫_____________________________‬

‫قاؿ اهلل تعالى‪ {:‬إف اهلل ال يغفر أف يشرؾ بو ويغفر ما دوف ذلك لمن يشاء } [النساء ‪. ]948 :‬‬
‫مقيد(‪ )9‬إطالؽ غفراف اهلل ما دوف الشرؾ بالمشيئة‪ ،‬فأين يقوى(‪ )1‬الرجاء والقيد مبهم؟! ولذا قلنا‪:‬‬

‫فهل أنا ممن شاء غفراف ذنبو‬


‫فيا حبذا أـ لست من ذلك الورد ؟!‬
‫ىنا قطع الخوؼ القلوب وأسبل الد‬
‫موع من األبرار في ساحة الخد‬
‫فأسألو حسن الختاـ فإنما‬
‫إليو انقالبي في الرحيل(‪ )3‬إلى اللحد‬
‫ومغفرة منو ولطفا ورحمة‬
‫إذا ما نزلت القبر منفردا وحدي‬
‫فأرجوه(‪ )4‬يعفو(‪ )5‬كل ذنب أتيتو‬
‫ويغفر لي ما كاف في الهزؿ والجد‬
‫ويلحقنا بالمصطفى وبآلو الكػ‬
‫ػراـ كراما والصحاب أولي الرشد‬
‫قصدت بهذا النظم نصح أحبتي‬
‫وأختمو بالشكر هلل والحمد‬
‫وصل على خير الورى وآلو ‪...‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬فعند‪ .‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )1‬سقط من (أ)‪ :‬يقوى‪.‬‬
‫(‪ )3‬في (أ)‪ :‬الدخيل‪ .‬مصحفة‪.‬‬
‫(‪ )4‬في (ب)‪ :‬وأرجوه‪.‬‬
‫(‪ )5‬في (أ)‪ :‬يغفر‪ .‬لعلها مصفحة‪.‬‬

‫(‪)964/9‬‬

‫_____________________________‬

‫صالة وتسليما يدوـ (‪ )9‬بال حد‬


‫ورض عن األصحاب أصحاب أحمد‬
‫أولي الجد في نصر الشريعة والجد‬

‫‪---‬‬
‫__________‬
‫(‪ )9‬في (أ)‪ :‬يدوما‪.‬‬

‫(‪)965/9‬‬

‫_____________________________‬

‫فهرس المحتويات‬
‫مقدمة التحقيق ‪3 ...‬‬
‫المؤلف ‪5 ...‬‬
‫مولده ‪5 ...‬‬
‫نشأتو ‪5 ...‬‬
‫رحلة اإلماـ البدر األمير إلى الحجاز ‪7 ...‬‬
‫مجتمع األمير الصنعاني وحياتو ‪99 ...‬‬
‫انقطاع األمير الصنعاني للتدريس ورفضو لكل المناصب ‪98 ...‬‬
‫اعتقاؿ األمير الصنعاني وسجنو في قصر غمداف ‪11 ...‬‬
‫اإلماـ المؤلف ‪14 ...‬‬
‫األمير الشاعر ‪31 ...‬‬
‫التحفة العلوية ‪35 ...‬‬
‫القصيدة النجدية ‪49 ...‬‬
‫(فصل في بدع المشاىد) ‪49 ...‬‬
‫(فصل في كتاب دالئل الخيرات) ‪49 ...‬‬
‫(فصل في ذكر بدعة المذاىب والتمذىب) ‪41 ...‬‬
‫(فصل في ذكرأئمة المذاىب األربعة وبرآءتهم عن طلب تقليدىم) ‪43 ...‬‬
‫(فصل في الثناء على من تمسك باألحاديث) ‪43 ...‬‬
‫(فصل في بدعة القائلين بوحدة الوجود المساوين بين األنبياء وأىل الجحود) ‪45 ...‬‬
‫( فصل في اغتراب الدين) ‪46 ...‬‬
‫(الصوارـ الهندية ‪ ،‬المسلولة على رؤوس النجدية) ‪59 ...‬‬
‫محمد بن عبد الوىاب والوىابية ‪68 ...‬‬
‫عقيدتو ‪74 ...‬‬
‫فظائع من تاريخ الوىابية ‪75 ...‬‬
‫غزوة الوىابية العراؽ سنة ‪9115 - 9196‬ىػ وإعادتهم فاجعة كربالء ‪76 ...‬‬

‫(‪)966/9‬‬

‫_____________________________‬

‫دخوؿ الوىابيين الطائف عنوة سنة ‪9197‬ىػ وفظائعهم فيها ‪76 ...‬‬
‫استيالء الوىابية على مكة بدوف حرب سنة ‪9198‬ىػ ‪78 ...‬‬
‫ىدـ الوىابية القبور والقبب بمكة وحملهم الناس على معتقداتهم سنة (‪9198‬ىػ) ‪79 ...‬‬
‫دخوؿ الشريف غالب مكة وخروج الوىابيين منها سنة ‪9198‬ىػ ‪89 ...‬‬
‫تشديد الوىابية الحصار على مكة ‪89 ...‬‬
‫نهب الوىابية ذخائر الحجرة النبوية وىدـ القباب بالمدينة المنورة سنة ‪9119‬ىػ ‪89 ...‬‬
‫ىجوـ الوىابيين على سورية سنة ‪9115‬ىػ ‪81 ...‬‬
‫قتل الوىابيين الحاج اليماني سنة ‪9349‬ىػ ‪81 ...‬‬
‫ىجوـ الوىابيين على الحجاز وفظائعهم في الطائف سنة ‪9341‬ىػ ‪9914 -‬ـ ‪83 ...‬‬
‫ىدـ الوىابيين القباب والمزارات بالحجاز عاـ ‪9341‬ىػ ‪84 ...‬‬
‫صور للمخطوطات ‪87 ...‬‬
‫(فصل في كتاب دالئل الخيرات) ‪991 ...‬‬
‫(فصل في ذكر بدعة المذاىب والتمذىب) ‪991 ...‬‬
‫(فصل في ذكرأئمة المذاىب األربعة وبرآءتهم عن طلب تقليدىم) ‪993 ...‬‬
‫(فصل في الثناء على من تمسك باألحاديث) ‪994 ...‬‬
‫(فصل في بدعة القائلين بوحدة الوجود المساوين بين األنبياء وأىل الجحود) ‪995 ...‬‬
‫( فصل في اغتراب الدين) ‪997 ...‬‬
‫فهرس المحتويات ‪966 ...‬‬

‫(‪)967/9‬‬

‫_____________________________‬

You might also like