You are on page 1of 10

1

‫مؤتمر الخريجين العام و دوره في الحركة الوطنية السودانية حتى عام‬


‫‪1945‬‬
‫مؤتمر الخريجين‬
‫هو‪ ‬كيان‪ ‬سوداني‪ ‬تم إنشاءه إبان فترة‪ ‬الحكم الثنائي االستعماري بالسودان على غرار‬
‫المؤتمر‪ ‬الهندي الذي اتى باالستقالل للهند‪ .‬وكان ميالد مؤتمر السودان في عام‪ 1938 ‬م على‬
‫أيدي خريجي‪ ‬كلية غردون ‪- ‬جامعة الخرطوم‪ ‬حاليا‪ ،‬وخريجي الكليات االجنبية األخرى‪.‬وقد‬
‫كان السكرتير للسودان هو الزعيم‪ ‬اسماعيل االزهري ‪.‬‬

‫خالصة البحث‬
‫سلط البحث الضوء على دراسة دور مؤتمر الخريجين العام في الحركة الوطنية السودانية‬
‫ح''تى ع''ام ‪ , 1945‬كون''ه أول هيئ''ة سياس''ية منظم''ة أنش''ئت في الس''ودان تحت ظ''ل الوج''ود'‬
‫االستعماري' البريطاني' ‪ ,‬استطاع جمع مختلف اإلطراف السياسية على اختالف توجهاتها‪ ',‬فض''الً‬
‫عن كونه قد استطاع من نقل صوت و معاناة الشعب السوداني للمس''تعمرين عن طري''ق مذكرت''ه‬
‫الش''هيرة في ع''ام ‪ , 1942‬يض''اف' إلى ذل''ك أن الم''ؤتمر ك''ان الن''واة األولى ال''تي انبثقت عنه''ا‬
‫األحزاب السياسية السودانية لتصبح في الس''ودان حي''اة حزبي''ة متع''ددة ‪ ,‬أس''همت بش''كل كب''ير في‬
‫تط''ور الحرك''ة الوطني''ة الس''ودانية وأعطت ص''ورة واض''حة للمس''تعمرين من أن هن''اك ممثلين‬
‫للشعب السوداني' ق''ادرين على ادار االم''ور' السياس''ية في البالد مم''ا مه''د في المس''تقبل لحص''ول‬
‫السودان على االستقالل الوطني عام ‪. 1956‬‬

‫المقدمة‬
‫تناولت الدراسة الدور الوطني' لمؤتمر الخريجين العام في السودان حتى العام ‪, 1945‬‬
‫إذ تعد هذه المرحلة التاريخية في السودان من أهم المراحل كونها شهدت انطالق أول حركة‬
‫وطنية سياسية تحمل هموم الشعب السوداني' ‪ ,‬إما أسباب اختيارنا' للعام ‪ , 1945‬فقد شهد العام‬
‫المذكور انتهاء الدور السياسي للمؤتمر' بظهور أحزاب سياسية انبعثت عنه فيما بعد وشكلت‬
‫الحياة الحزبية في السودان وأبرزها حزب األمة ‪ ,‬وحزب األشقاء وبنشوء هذه األحزاب انتهى‬
‫عمليا وجود المؤتمر' كجامع لإلطراف' السياسية المختلفة في السودان‬

‫ويضم البحث كال من‬

‫األوضاع السياسية في السودان قبل قيام المؤتمر' ‪1936-1924‬‬

‫قيام مؤتمر الخريجين العام ‪1936‬‬

‫الدور الوطني للمؤتمر' حتى قيام' األحزاب السياسية عام ‪1945‬‬

‫‪2‬‬
‫األوضاع السياسية‪ 3‬في السودان قبل قيام المؤتمر ‪1936-1924‬‬
‫شهدت األوضاع السياسية في السودان حالة من الركود بعد القضاء على الثورة ‪1924‬‬
‫والتي عبر من خاللها الشعب السوداني من خالل تظاهراته العارمة والتي ش''اركت فيه''ا وح''دات‬
‫من الجيش السوداني‪ ,‬عن رفضهم' للوجود البريطاني' متأثرة بثورة عام ‪1919‬في مص''ر ‪ ,‬وال''تي‬
‫كان لها دوراً بارزاً في نشاط الحركة الوطنية السودانية‪ ,‬ذ رفعت هذه التظ''اهرات ش'عار "وح''دة‬
‫وادي النيل واإليمان بضرورة وحدة الحركة الوطنية في مصر والسودان "‪ ,‬والتي فشلت ألسباب‬
‫متعددة كان في مقدمتها الطائفـية السياس''ية إذ ك''ان الس''ودان في تل''ك المرحل''ة تتقــاسمها' ثــالثة‬
‫أطراف دينية رئيسة هي طريقة الميرغني (الختمية) برئاسة (علي الميرغني ) في شرق السودان‬
‫و المهدية برئاسة (عبد الرحمن المهدي ) غرب السودان‪ ,‬و الشريف (يوسف الهن''دي) طائف''ة لهم‬
‫أيضاً‪.‬‬

‫عم'ل علم''اء ه''ذه الطوائ''ف على إجه''اض ه''ذه الث''ورة من خالل تحيي''د إتب''اعهم عن تأيي''د‬
‫الثورة ‪ ,‬الى جانب ذلك دأبت على تجهيل قطاعات كبيرة من جماهير الشعب الس''وداني' وإبع''ادهم'‬
‫عن الص'دام' م'ع االس''تعمار‪ ,‬و بالمقاب'ل عم'ل االس'تعمار على دعم رؤس''اء ه'ذه الطوائ''ف مادي'ا ً‬
‫ومعنوياً' مستفيداً من الجماهيرية الكبيرة التي يحظى بها هؤالء ضد خصومة السياسيين ‪.‬‬

‫كم''ا تخلت الحكوم''ة المص''رية ال''تي ج''اءت بع''د اس''تقالة حكوم''ة س''عد زغل''ول ( في ‪24‬‬
‫تشرين الثاني من عام ‪ 1924‬برئاسة( احمد زي'ور' باش'ا ) و ال'تي انص'اعت للمط'الب البريطاني'ة‬
‫التي أصدرتها' بريطانيا' بعــــد اغتيال السير لي س'تاك (‪ ) Lee stack‬الح''اكم الع'ام للس'ودان في‬
‫القاهرة في ‪ 19‬تشرين الثاني من العام نفسه و إصدار' قرار يقضي بسحب الق''وات المص''رية مم''ا‬
‫جعل الشعب السوداني' يواج''ه الق''وات البريطاني''ة لوحـــــده‪ ,‬زي''ادة على ذل''ك س''حب الوح''دات‬
‫السودانية من الجيش المص''ري ووض''عها تحت إم''رة الح''اكم الع''ام للس''ودان و تش''كيل ق''وة دف''اع‬
‫سودانية يكون والؤها له و تنفذ كل ما يصدر' منه ‪.‬‬

‫ان لهذه األسباب واختصار' التأييد لهذه الثورة كان مستمداً من المدن بالدرجة األس''اس ومن‬
‫مجموع'''ة من الم'''وظفين والمثقفين ‪ ,‬زد على ذل'''ك ض'''عف االتص'''ال والتنس'''يق بين الض'''باط'‬
‫السودانيين في العاص''مة الخرط''وم ورفق''ائهم في ب''اقي الم''دن الس''ودانية‪ ,‬ك''ل ه''ذه األس''باب أدت‬
‫بالنهاية إلى فشل الثورة في تحقيق أهدافها' ‪.‬‬

‫دخلت الحركة الوطنية السودانية بعد هذا الحدث السياس''ي في مرحل''ة من الض''مور' اس''تمرت‬
‫لسنوات عديدة تبلور' فيها العمل الوطني' بأشكال عديدة يغلب عليه الطابع السلمي و ذلك من خالل‬
‫نشوء المدارس و االتجاهات الفكرية التي أخذت تزاول عملها خالل المناقشات األدبية االجتماعية‬
‫و الجلسات التي تعقد في المنازل الخاصة وفي األندية الرياضية واالجتماعية‪.‬‬

‫كانت جمعية أبو روف األدبية التي تأسس''ت ع''ام ‪ 1927‬في حي اب'و روف ( اح'دى إحي'اء‬
‫مدينة ام درم''ان ) من أوائ'ل الجمعي'ات ال''تي تأسس''ت في الس''ودان ‪,‬وك''انت الق''راءة هي المح'ور'‬
‫‪3‬‬
‫األساسي لنشأة الجمعية وقد' أسهمت إسهاما ً كبيراَ في دفع الحركة الثقافي''ة في الس''ودان إلى اإلم''ام‬
‫عالوة على ذلك جمعية ( الموردة ) التي أسست في أواخ''ر العش''رينات واهتمت ب''األدب والثقاف''ة‬
‫وجمعية دار الرفاق‪ ',‬و كذلك جمعية األشقاء التي برزت للوجود' عام ‪ 1929‬ثم انتقل نش''اط ه''ذه‬
‫الجمعيات الى خارج العاصمة و تأسست جمعيات من أبرزها ‪:‬جمعية األبيض األدبي''ة و الجمعي''ة‬
‫األدبية عام‪ 1936‬في مدينة ود مدني و التي انبثق من خاللها مؤتمر' الخريجين ‪ ,‬كما سنتطرق' ل''ه‬
‫في المبحث القادم زيادة على ذلك نشاط المهرجان األدبي ال''ذي ك''ان ش''ارك' في''ه رج''ال الفك''ر و‬
‫الشعر في جميع إرجاء البالد في عطلة عيد الفطر من كل عام ‪.‬‬

‫ك''ان إض''راب طالب كلي''ة غ''ردون ع''ام ‪ 1931‬ه''و أول عم''ل سياس''ي جم''اعي يق''وم ب''ه‬
‫المتعلمون ضد حكومة السودان البريطانية بعد ثورة عام ‪ 1924‬و يعد بداية النهاي'ة الم'دة الرك''ود‬
‫السياسي منذ قمع تلك الثورة و جاء هذا اإلض''راب نتيج''ة لتخفيض رواتب الخ''ريجين الى خمس''ة‬
‫جنيهات ونصف بعد أن كان ثمانية جنيهات ‪ ,‬فقد رأوا من خالل هذا التخفيض أنه يقلل من ش''أنهم‬
‫لذا فقد شكلوا لجنة سميت بلجنة العشرة للتفاوض مع الحكوم''ة و ك''انت برئاس''ة (احم''د الفي''ل ) و‬
‫كانت هذه الخطوة البدايات األولى للعمل المنظم للخريجين ‪,‬وقد اجبروا' فيه''ا الحكوم''ة االنكليزي''ة‬
‫على إع''ادة النظ''ر ب''التخفيض ‪ ,‬فق''د ك''ان ه''ذا اإلض''راب مرحل''ة أك''ثر التص''اقاً' بأس''اليب الكف''اح‬
‫السياسي من خالل قيام تنظيم شعبي بقي''ادة الش''باب المتعلمين في الم''دن وال''ذي مه''د في دوره في‬
‫تبلور قيم تنظيم بجميع الخريجين و يوحد أهدافهم ‪.‬‬

‫قيام مؤتمر‪ 3‬الخريجين العام ‪1936‬‬


‫بدأت فكرة إنشاء م''ؤتمر الخ''ريجين على ي''د ع''دد من أعض''اء جمعي''ة ود م''دني األدبي''ة‬
‫الذين اتخذوا من نادي الخريجين مقراً الجتماعاتهم و نقاشاتهم' ال''تي ج''ذبت الكث''ير من الخ''ريجين‬
‫في واد مدني حتى أصبح كل عضو في نادي الخريجين في ود م''دني إم''ا مش''اركا ً أو منتس''با ً في‬
‫هذه الجماعية التي تأسست عام ‪.1936‬‬

‫ك''ان لجماع''ة من الخ''ريجين دوراً ب''ارزاً في ه''ذه االجتماع''ات اُطل''ق عليهم اس''م (جماع''ة‬
‫مدرسة ود مدني ) وهم كل من (احمد خير ‪ ,‬إسماعيل العثماني ‪ ,‬إبراهيم عثمان ‪ ,‬إب''راهيم أنيس )‬
‫وقد كان( احم'د خ'ير) ال''روح المحرك'ة له'ذه الجماع'ة خاص''ة بع'د إن ألقى محاض'رته بع''د عق'د‬
‫المعاهدة المصرية‪-‬البريطانية عام ‪ 1936‬بعنوان (عن واجبنا السياسي' بع''د المعاه''دة ) و نش''رتها‬
‫مجلة الفجر التي أضحت محل النقاش وجدل بين الخ''ريجين في الن''وادي والمج''الس الخاص''ة ‪ ,‬و‬
‫دعا فيها لحماية مصالح الشعب و تحقيق المطالب الوطنية و إصالح التعليم والقوانين و دع''ا إلى‬
‫االتح''اد الفك''ري بين الخريجــين ‪ ,‬و إص''الح اللوائـح الخاص''ة ب''اإلدارة األهلي''ة و الق''روض‬
‫والتجـارة ‪.‬‬

‫فوجئ الس''ودانيون من إب''رام معاه''دة ع''ام ‪ 1936‬بين مص''ر وبريطاني''ا دون إش''راكهم' في‬
‫المفاوضات واخذ رأيهم في المسائل المتعلقة بالسودان‪ ,‬فقد كان ل'دى الس'ودانيين قل''ق وخش'ية من‬
‫نتائج هذه المعاهدة من أن تؤدي' إلى المزيد من قوة نفوذ الحكومة المحلية (البريطانية ) و تراج''ع‬
‫تطلعات األمة (السودانية ) لذلك شعروا بعدم االرتياح لهذه المعاه''دة‪ ,‬عالوة على أن الس''ودانيين‬
‫نظروا إلى إن مصر قد خذلتهم لمصلحة بريطانيا‬

‫‪4‬‬
‫انتقد الخريجون معاهدة ‪ 1936‬لعدم مشاركة ممثلين من السودان فيه''ا خاص''ة أن بن''ود ه''ذه‬
‫المعاهدة تحتوي على قرارات هامة تؤثر' على مستقبل بلدهم ‪ ,‬فقد اكتفت هذه المعاهدة فيما يتعلق‬
‫بالسودان على العودة للعمل باتفاقية الحكم الثنائي إي إدارة السودان تبقى مس''تمدة من اتفاقي''ة ع''ام‬
‫‪ 1899‬و ع''ودة الجيش المص''ري' إلى الس''ودان وتع''يين المص''ريين كم''ا يعين البريط''انيين في‬
‫وظ''ائف حكوم''ة الس''ودان ‪ ,‬وأن ال يك''ون هنال''ك ف''رق بين المص''ريين والبريط''انيين فيم''ا يتعل''ق‬
‫بالتمليك ‪ ,‬و تخويل مفتش الري المصري حضور مجلس الحاكم العام للسودان‪,‬عند النظر بشؤون‬
‫متعلقة بمهام وظيفته ‪.‬‬

‫كان لمعاهدة عام ‪ 1936‬دور كبير في ظه''ور م''ؤتمر الخ''ريجين الع''ام بع''د س'نتين من ه''ذه‬
‫المعاهدة ‪ ,‬فقد دعا الخريجون لتأسيس مؤتمر' لوضع برنامج وطني' و في نهاية ع''ام ‪ 1937‬ك''انت‬
‫فكرة مؤتمر' الخريجين قد لقت قبوالً وتاييداً' عاما ً من ج''انب الخ''رجين وخاص''ة بع''د كلم''ة احم''د‬
‫خير ‪ ,‬والتي نشرت في مجلة الفجر بتاريخ ‪ 16‬أيار ‪ 1937‬وتلقاها الخريجون وعلقوا عليها ام''االً‬
‫و انتقل المؤمنون بها إلى نادي الخريجين بـ(أم درمان ) فقد دعى من خالل ه''ذه الكلم''ة إن يك''ون‬
‫للسودانيين رابطة أو مؤتمراً مركزه بأم درمان‪,‬ويكون لها فروع أخرى في باقي المدن الس''ودانية‬
‫ينشر من خالله برنامجه السياسي القومي لكي نعرف واجبنا السياسي ‪.‬‬

‫توصل الخريجون بعد العديد من النقاشات التي جرت في نادي الخريجين بمدينه أم درم''ان‬
‫إلى هيئة تمثل كل الخريجين و تتحدث باس''مهم' و ك''ان ش''كلها النه''ائي باس''م م''ؤتمر الخ''ريجين و‬
‫انعق''دت ال''دورة األولى للخ''ريجين ‪ ,‬وكتب الم''ؤتمرون للس''كرتير' اإلداري للح''اكم اإلداري في‬
‫السودان انقس جيالن ( ‪ ) Ansks Gilan‬خطابا ً طلبوا فيه التصديق' على تكوين مؤتمر لهم باسم‬
‫مؤتمر الخريجين العام ‪ ,‬وصادق السكرتير اإلداري على تكوين الم''ؤتمر في ش''باط ‪ , 1938‬على‬
‫أساس أن المؤتمر هيئة اجتماعية وليست سياسية ‪ ,‬وانه ال يمث''ل الش''عب الس''وداني' ب''أي ح''ال من‬
‫األحوال وانه يمثل وجهة نظر أعضائه فقط ‪.‬‬

‫عق''د أول اجتم''اع للم''ؤتمر' في ‪ 12‬ك''انون األول من ع''ام ‪ 1938‬وق 'د' حض''ره (‪)1180‬‬
‫خريجا ً وانتخب هيئ''ة تتك''ون من س''تين عض''واً ‪ ,‬انتخبت ب''دورها' لجن''ة تنفيذي''ة من خمس''ة عش''ر‬
‫عضواً وله''ا س''كرتير' دائم ورئاس''ة دوري''ة تش''مل أعض''اء اللجن''ة على إن يتج''دد انتخ''اب الهيئ''ة‬
‫الستينية واللجنة التنفيذية في عي''د األض''حى من ك'ل ع'ام ‪ ,‬وعلى ال''رغم من أن أه''داف الم''ؤتمر‬
‫المعلن''ة هي أه''داف اجتماعي''ة وإقليمي''ة االَ أن اله''دف األعلى ك''ان اس''تقالل الس''ودان حيث أن‬
‫الم''ؤتمر لم يش''أ أن يعلن ه''ذا اله''دف ب''ل اخ''ذ ج''انب الح''رص من خالل إعالن أه''داف عام''ة ‪,‬‬
‫وأصبح إسماعيل األزهري أول سكرتير للمؤتمر‪'.‬‬

‫أيدت اإلدارة البريطانية قيام مؤتمر الخ''ريجين في البداي''ة لكي تظه''ر في الواجه''ة حاجته''ا‬
‫للديمقراطية ‪ ,‬واع''دت ذل''ك ش''كالً مناس''با ً ت''تيح له''ا ‪,‬إذا أحس''نت اس''تغالل الس''يطرة على متعلمي‬
‫ومثقفي السودان وربطهم بها‪,‬وت''أتي ه''ذه النظ'رة انطالق'ة من أن ه''ذه الفئ'ة وم''ا تملك'ه من ثقاف'ة‬
‫سياس''ية يمكن من خالل احتوائه''ا' أن يك''ون له''ا دور محوري''ا في ض''مان واس''تقرار الوج''ود‬
‫البريطاني' وكونها فئة يمكن التعامل معها على الرغم من التزاماتهــا الوطنية‪.‬‬

‫يرى البعض أن التأيي''د ج''اء متماش''ياً' م''ع السياس''ة البريطاني''ة في الس''ودان القائم''ة على بث‬
‫التناقضات والخالفات' ‪ ,‬فقد رأت في تكوين مؤتمر الخريجين جهة جديدة تضاف للمتنافس''ين على‬
‫‪5‬‬
‫زعامة الشعب السوداني' أي تضاف له الخالفات التقليدية بين طائفتي الختمية واألنصار ‪ ,‬فض''الً‬
‫عن إبعاد األثر المصري' عن السودان فقد رأت بريطانيا بالمؤتمر بارقة أم''ل جدي''د في ان تنش 'ا ً‬
‫حركة سودانية خالصة بعيدة عن مصر‪.‬‬

‫أم'''ا الموق'''ف' المص'''ري من قي'''ام م'''ؤتمر الخ'''ريجين ‪ ,‬فق'''د اختل'''ف عن موق'''ف اإلدارة‬
‫البريطانية ‪ ,‬فلم تتحمس لقيام المؤتمر' و اعدت صيغة بريطانية لتكريس فصل السودان عن مصر‬
‫و خدمة المصالح البريطانية ‪ ,‬خاصة أن المؤتمر كان اغلب أعضائه لم يكونوا من الموالين لفكرة‬
‫مص''ر الرامي''ة لتحقي''ق وح''دة وادي الني''ل ‪ ,‬أال أن الموق'ف' المص''ري ق''د تغ''ير تج''اه نظرت''ه إلى‬
‫المؤتمر خاصة بعد الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء المصري' علي ماهر(‪ )1940 '-1939‬في‬
‫‪ 18‬كانون األول عام ‪ 1940‬إلى السودان و اجتماعه بأعضاء اللجنة التنفيذية للم''ؤتمر و اطالع''ه‬
‫على أهداف المؤتمر' و أسباب قيامه عن قرب و تأكيد المؤتمر على عمق العالقة مع مصر ‪.‬‬

‫الدور الوطني للمؤتمر‪ 3‬حتى قيام األحزاب السياسية‪ 3‬عام ‪1945‬‬


‫م'ر نش'اط م''ؤتمر الخ''ريجين الع'ام في الس'ودان بمرحل'تين في س'بيل تحقي'ق أهداف''ه فق'د‬
‫انحصرت نشاطاته في المرحلة األولى في مج''ال التعليم و األم''ور' االجتماعي''ة ‪ ,‬ففي نيس''ان من‬
‫ع''ام ‪ 1938‬ش''رع الم''ؤتمر في كتاب''ة م''ذكرة عن التعليم في الس''ودان رفعه 'ا' إلى الح''اكم الع''ام‬
‫للس'ودان وض'ح فيه'ا رؤيت'ه ح'ول التعليم في الس'ودان وان يك'ون توجه'ه عربي'ا ً إس'الميا ً و ليس‬
‫إفريقي وإن يشمل جميع المواطنين وإنشاء مجلس استشاري للكليات يمثل فيه السودانيين ‪.‬‬

‫بدأت أولى الخطوات التنفيذية للمؤتمر في هذا المجال عندما قدم احمد خير (عضو الم'ؤتمر' )‬
‫م''ذكرة في مطل''ع ع''ام ‪ 1940‬يق''ترح فيه''ا على الم''ؤتمر أن يتب''نى مش''روع' التعليم األهلي و‬
‫تخصيص يوم له تجمع فيه التبرعات من المواطنين و تق'ام األس'واق الخيري'ة لجم'ع الم'ال الالزم‬
‫لبناء المدارس وقد تم تبني المشروع من قبل اللجنة التنفيذية للمؤتمر' و اشترك الجميع بالتبرع''ات‬
‫ما عدا أفراد الجالية االنكليزية وقد تم وضع الئح'ة خاص''ة من قب'ل اللجن'ة لتنظيم جمي''ع المس''ائل‬
‫المتعلقة بيوم التعليم من إيرادات ومصروفات' ‪.‬‬

‫حدد مؤتمر' الخريجين انجازاته في مجال التعليم في احدى منشوراته التي يدعو فيها للتبرع في‬
‫يوم التعليم و هي كاألتي ‪-:‬‬

‫‪-1‬إنشاء مدارس جديدة في مختلف مراحل التعليم ‪.‬‬

‫‪ -2‬إتمام بناء المدارس التي لم يستطع القائمون عليها على انجازها ‪.‬‬

‫‪ -3‬إعانة المدارس األهلية التي كانت في حاجة لتواصل عملها ‪.‬‬

‫‪ -4‬إعانة الطلبة الذين ال يستطيعون' اإلنفاق على أنفسهم ‪.‬‬

‫‪ -5‬تدريب المدرسين والمدرسات' لنشر التعليم األهلي ‪.‬‬

‫‪ -6‬إرسال بعثات تعليمية خارج السودان ‪.‬‬


‫‪6‬‬
‫توسع المؤتمر في اقامة المدارس االهلية حتى اصبح في كل مدين''ة مدرس''ة ابتدائي''ة ح''تى‬
‫بلغ خالل السنوات االربع من نشاط المؤتمر انشاء حوالي مائة مدرسة ‪,‬ولم يقتصر نشاط المؤتمر‬
‫على الحقل التعليمي فقد امتد الى الحقل الرياضي اذ اقام مهرجانا ً رياضياً' في ام درمان اش''تركت‬
‫فيه االندية الرياضية المحلية وافتتح يوم السودان الرياضي على طريقة االلع''اب الرياض''ية واهتم‬
‫بالمهرجان االدبي الذي دعت اليه الجمعية االدبية ب''واد م''دني ليص''بح عي''داً وطني'ا ً يحتف''ل ب''ه في‬
‫اليوم الثاني في عيد الفطر من كل عام‪.‬‬

‫أما المرحلة السياسية للم''ؤتمر فق'د ب'دأت باص'دار' الم'ذكرة الش'هيرة في نيس'ان ع'ام ‪1942‬‬
‫والتي سميت بم''ذكرة الخ''ريجين ‪ ,‬فق''د اس''تغل الم''ؤتمر' الظ''روف' المحلي''ة والخارجي''ة لمض''اعفة‬
‫العم''ل السياس''ي من خالل اعالن ميث''اق االطلنطي' في ‪ 14‬اب من ع''ام ‪ 1941‬م''روراً ببعث''ة‬
‫كريبس (‪)43‬الخاصة بمناقشة استقالل الهند خاصة بعد زيارته'ا' الى الس''ودان والتقائه''ا بالص''حفيين‬
‫السودانيين ‪ ,‬فضالً عن ان السودان وقفت الى جانب الحلفاء في اثن''اء الح''رب العالمي''ة الثاني'ة من‬
‫خالل ارس''ال وح''دات من ق''وة دف''اع الس''ودان الى افريقي''ا وص''والً' الى ليبي''ا ال''تي اع''ترض فيه''ا‬
‫المؤتمرون على ارسال هذه القوات الى ليبيا دون استشارة الرأي العام الس''وداني' قب''ل القي''ام به''ذا‬
‫االجراء‪.‬‬

‫ساهمت هذه العوامل الداخلية والخارجية بوضع المؤتمر' مذكـرته الشهير من قبل اعضائه‬
‫وهم ُكــال من ( اسماعيل االزهــري ‪,‬عبد الحليم محمد ‪ ,‬عبد هللا ميرغنــي ‪,‬واحمد خيـــر) وتم‬
‫رفعها الى الحاكم العام للسودان بعد قبولها' من اللجنة التنفيذية فقد احتوت هذه المذكرة على‬
‫المطالب االتية ‪-:‬‬

‫إصدار تصريح مشترك من الحكومتين ( االنكليزية ‪,‬المصرية) بمنح السودان حق تقرير‬ ‫‪-1‬‬
‫المصير بعد الحرب مباشرة ‪.‬‬

‫‪ -2‬تأسيس هيئة تمثيلية من السودانيين إلقرار' الميزانية و القوانين ‪.‬‬

‫‪ -3‬تأسيس مجلس أعلى للتعليم أغلبيته من السودانيين ‪.‬‬

‫‪ -4‬فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية ‪.‬‬

‫‪-5‬إلغاء قوانين المناطق' المقفولة و رفع قيود االتجار واالنتقال عن السودانيين ‪.‬‬

‫‪ -6‬وضع تشريع بتحديد' الجنسية السودانية ‪.‬‬

‫‪ -7‬وقف' الهجرة إلى السودان فيما عدا ما قررته المعاهدة االنكليزية المصرية ‪.‬‬

‫‪ -8‬عقد تمديد الشركة الزراعية بالجزيرة ‪.‬‬

‫‪ -9‬تطبيق' مبدأ الرفاهية والمبدئية في الوظائف بإعطاء السودانيين فرصة باالشتراك الفعلي في‬
‫الوظائف ‪.‬‬

‫‪ -10‬قصر' الوظائف على السودانيين' أما المناصب الضرورية لملئها بغير السودانيين فٌتمأل بعقود‬
‫محدودة األجل‬

‫‪7‬‬
‫‪ -11‬تمكين السودانيين من استثمار موارد البالد التجارية والزراعية والصناعية ‪.‬‬

‫‪ -12‬و ضع قانون بإلزام الشركات و البيوتات التجارية بتحديد' نسبة مقبولة من وظائفها إلى‬
‫السودانيين ‪.‬‬

‫‪ -13‬وقف' اإلعالنات لمدارس اإلرساليات و توحيد' برامج التعليم في الشمال والجنوب ‪.‬‬

‫ردت الحكومة على هذه المذكرة الشهيرة في ‪ 29‬نيسان من العام نفسه عن طريق السكرتير'‬
‫اإلداري دوغالس نيوبول''د ( ‪ ) Dongles Newbold‬معت''براً ان''ه ليس من اس''تطاعة الح''اكم‬
‫العام قبول' تلك المذكرة وهي لهذا مردودة عليكم و أنكر انه من حق المؤتمر' التحدث باسم الش''عب‬
‫السوداني وليس من حقه ان يتقدم بهذه المطالب السياسية الكبيرة ‪.‬‬

‫فضالً عن ذلك هدد بسحب اعتراف الحكومة ب''المؤتمر ‪ ,‬توع''دهم وه''ددهم بالرس''الة ال''تي‬
‫بعثها إلى رئيس المؤتمر (إبراهيم احمد ) ‪,‬و استمر' تبادل الم'ذكرات بين الط'رفين دون ج'دوى' ‪,‬‬
‫وك''ان رد الس''كرتير' اإلداري دائم 'ا ً إن ه''ذه المط''الب تمس مباش''رة بم''ا اس''ماه مرك''ز الس''ودان‬
‫السيــاسي و دستوره القائم على اتفاقيـة الحكــم الثـنائي عام ‪ 1899‬و معاهدة عام ‪ , 1936‬معتبراً‬
‫أن هذه األمور من واجب وش''أن حكوم''ة الس''ودان وليس من ش''أن اح''د س''واها حس''ب التزاماته''ا‬
‫كوصي على أهل السودان ‪.‬‬

‫ترتب على قرار' رفض مذكرة مؤتمر الخريجين العام بداية مرحل''ة الص''دام الفعلي المباش''ر‬
‫بين اإلدارة البريطانية في السودان ومؤتمر' الخ'ريجين الع'ام ‪ ,‬فق'د اع'ده الم'ؤتمر' ان رفض ه'ذه‬
‫المذكرة هو إساءة ألعضاء المؤتمر واعدوه انه قرار متعج''رف' من قب''ل اإلدارة البريطاني''ة ‪ ,‬فق''د‬
‫أرادت ه''ذه اإلدارة من رفض ه''ذه الم''ذكرة التج''ريح بكرام''ة الم''ؤتمر و احتق''اره ألنه''ا أدركت‬
‫خطره ‪.‬‬

‫انقسم مؤتمر' الخريجين الع''ام إزاء ه'ذا الموق'ف' من اإلدارة البريطاني'ة بع''د رفض الم''ذكرة‬
‫إلى معسكرين سياسيين احدهما معسكر سمي بمعسكر المعت''دلين برئاس''ة (إب''راهيم احم''د ) رئيس‬
‫المؤتمر العام والذي كان ي'رى ان'ه ال ب'د من اس'تمرار العالق'ة بين الم'ؤتمر' و اإلدارة البريطاني'ة‬
‫على ال''رغم من رفض الم''ذكرة و المعس''كر‪ ,‬األخ''ر ي''رى ان''ه ال ج''دوى من الح''وار م''ع اإلدارة‬
‫البريطانية و ال بد من المواجهة السياسة المباشرة وه''ذا لم يتحق''ق أال باإلطاح''ة برئاس''ة الم''ؤتمر'‬
‫وتم ذلك في انتخابات عام ‪ 1943‬فق''د تم انتخ''اب إس''ماعيل األزه''ري رئيس'اً' للم''ؤتمر' ال''ذي ك''ان‬
‫ألتباعه الغالبية في المؤتمر و انتخب أمين زيدان سكرتيراً' للجنة التنفيذية ‪.‬‬

‫شرعت اإلدارة البريطانية بوضع' العراقيل المكثف''ة لعرقل''ة إعم''ال الم''ؤتمر ومحاول''ة ش''قه‬
‫والعمل على اصطناع' مؤسسات أسمتها دستورية لتك''ون بديل''ة عن الم''ؤتمر من خالل تش''كيل م''ا‬
‫يعرف بالمجلس االستشاري' في العام ‪, 1944‬مع''ده أن ه''ذا المجلس حققت نقل'ه نوعي'ة في مج''ال‬
‫نقل الصالحيات إلى السلطات المحلية في السودان ‪ ,‬فق''د ش''كلت ه''ذا المجلس في ش''مال الس''ودان‬
‫وتك''ون من خمس والي''ات هي( الخرط''وم' ‪ ,‬كس''ال ‪,‬كردف''ان‪ ',‬دارف''ور ‪,‬الني''ل االزرق) ممثل''ة‬
‫بأعضائها بهذا المجلس مقتصرة دورهم' على مساعدة الحك''ام في تنفي''ذ واجب''اتهم' وتق''ديم مش''اريع‬
‫القوانين لهم ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫رفض مؤتمر' الخريجين العام فكرة المجلس االستشاري وح''ذر أعض''اؤه من االش''تراك في''ه‬
‫معلنـا ً انه مـــن سيش''ترك في''ه سيفص''ل ف''وراً مع''داً أن المجلس لم يكن ل''ه س''لطة تش''ريعية وان''ه‬
‫اقتصر على شمال الس''ودان وأقص''ى الجن''وب وان ه''ذه المحـــاولة تنط''وي' على تهدي''د لوح''دة‬
‫الوطن على الرغم من إعطــــــــاء مقعـــدين ألعضـــاء المــــؤتمر' فان الغالبــية من أعضــــــاء‬
‫المجلس والبــالغ عددهم (‪ )28‬هـــم من زعماء العشــائر والسلطات المحلية ‪.‬‬

‫ك'ان المجلس برئاس'ة الح'اكم للس''ودان هندرس''ون ال''ذي أص''بح س'كرتيرا للمجلس االستش''اري'‬
‫لذلك كان الموق''ف من المجلس االستش''اري' مث''ار ن''زاع إط''راف الم''ؤتمر االخ''رين فق''د أي''د م''ا‬
‫يسمون بالمعتدلين االشتراك' في المجلس العتقادهم بأنه يتيح فرصة للمتعلمين السودانيين لمناقش''ة‬
‫قضايا البالد وكان عب''د ال''رحمن المه''دي ( زعيم طائف''ة األنص''ار ) من المؤي''دين لفك''رة المجلس‬
‫واعتبره بأنه خطوة نحو حصول السودان على حقوقه والمجلس هو جزء من هذه الحق''وق ‪ .‬فق''د‬
‫أص'''بح عض'''واً في ه'''ذا المجلس ال'''ذي ك'''ان س'''كرتيره الح'''اكم الع'''ام للس'''ودان هندرس'''ون (‬
‫‪. ) Henderson‬‬

‫تعرض المؤتمر' نتيجة لهذه المواقف إلى اخطر انقسام منذ إنش''ائه ‪,‬فق''د رأى المعس''كر ال''ذي‬
‫فقد الثقـــة في اإلدارة البريطانية أن يتجه نحو مصر' ويتعاون معها لتحري''ر الس''ودان وذل''ك رف''ع‬
‫شعـــار االتحاد مع التـــــاج المصري' وكان هذه المعسكر برئاسة إسماعـــيل األزه''ري ‪ ,‬بينمــا‬
‫انسحـــب الفريق األخـــر الذي سمي بالمعتدلين من المؤتمر وكانوا' برئاسة عبد ال''رحمن المه''دي‬
‫واألنصار' وانشأوا حزبا ً أسموه ح'زب األم'ة ع'ام ‪ 1945‬ال'ذي جع'ل ش'عار الس'ودان للس'ودانيين'‬
‫وأيدوا استقالل السودان ‪ ,‬منطلقين من رؤي'ة زعيمهم عب'د ال'رحمن المه'دي ال'ذي ك'ان ل'ه نظ'رة‬
‫خاصة ب''الوجود البريط''اني' من خالل االستس''الم' لألم''ر الواق''ع ورفض الث''ورة المس''لحة عالوة‬
‫على انه كان ينظر بمنظور ط''ائفي ض''يق من خالل حرص''ه على حماي''ة طائف''ة (األنص''ار' ) من‬
‫االضطهاد معداً أن البريطانيين مستمسكون بالعدالة ما دامت ال تتعارض مع مصالحهم' ‪.‬‬

‫ترتب على انسحاب المهدي وأنصاره من الم'ؤتمر أن لج'أ الب'اقون لتش'كيل ح'زب سياس'ي'‬
‫أسموه حزب األش''قاء ‪ 31‬آذار ع''ام ‪ 1945‬وب''دأوا بتنفي''ذ برن''امجهم' السياس''ي ووقف''وا' إلى ج''انب‬
‫مصر ودعمتهم ووقف' زعيم طائفة الختمية في السودان علي الميرغني إلى ج''انبهم ‪ ,‬فق''د اس''تغل‬
‫الخريج''ون العالق''ة الس''يئة والمزمن''ة بين زعيمي الط''ائفتين والتن''افس' بينهم''ا إذا تهم الميرغ''ني‬
‫مراراً عب''د ال''رحمن المه''دي ب''التطلع إلى إقام''ة حكم ملكي في الس''ودان واتهم' اإلدارة البريطاني''ة‬
‫بتش''جيع ه''ذا التطل''ع وك''ان ه''ذا الت''دهور' في العالق''ة س''ببا في تأيي''د الميرغ''ني لح''زب األش''قاء ‪,‬‬
‫وبتش''كيل األح''زاب الجدي''دة في الس''ودان يك''ون ق''د انتهى بش''كل عملي ال''دور السياس'ي' لم''ؤتمر‬
‫الخريجين العام بوصفها هيئة سياسية او تجمع سياسي السودان أدت دوراً محوري 'ا ً وش''كل نقط''ة‬
‫تحول تاريخية في تاريخ السودان السياسي' الحديث كأول تنظيم سياسي ممثالً عن ش''عب الس''ودان‬
‫ومطالبة الوطنية ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الخاتمة‬

‫اتضح لنا من خالل دراستنا' لدور مؤتمر الخريجين الع''ام في الحرك''ة الوطني''ة الس''ودانية ‪,‬‬
‫انه مثل انطالقة لتبلور' الوعي السياسي المنظم والجامع للطبقة المثقفة السودانية و توحي''د أه''دافها‬
‫لخدمة أهداف الشعب الس''وداني' و المتمثل''ة بتحقي''ق االس''تقالل الوط''ني ‪ ,‬الى ج''انب ذل''ك كون''ه‬
‫استطاع في الحصول على دعم ومساندة زعماء الطوائف' الدينية في السودان ( الختمية ‪ ,‬األنصار'‬
‫) األمر الذي جعله يستطيع من الوقوف في وجه المس''تعمر' البريط''اني' بوص''فه ق''وة سياس''ية له''ا‬
‫ثقلها الوطني ‪ ,‬عالوة على ذلك إن المؤتمر كان بمثابة الممهد لقيام النظام السياس'ي' الس''وداني' ‪ ،‬و‬
‫نشوء الطبقة السياسية في السودان و التهيئة لبعث ال''روح السياس''ية الواض''حة األه''داف والمع''الم‬
‫لدى المواطن السوداني' ‪ ,‬مما جعل المستعمر' يفق''د أهم مس''ببات وج''وده في الس''ودان بع''دم وج''ود'‬
‫طبقة سياسية تستطيع' قيادة البلد ‪ ,‬بالتالي أصبح المؤتمر العامل األساس لقيام هذه الطبقة السياس''ية‬
‫المثقفة ‪ ,‬مما مهد الطريق' و بشكل متسرع نحو االستقالل الوطني' السوداني‪.‬‬

‫الهوامش‬

‫كلية غردون ‪ ,‬أنشئت عام ‪ 1902‬تخليداً لذكرى غردون باشا الذي اغتالته قوات اإلمام المهدي‬
‫عام ‪ 1885‬يوم فتح الخرطوم' و تم إنشاؤها من قبل اللورد كتشنر الحاكم العام للسودان و كانت‬
‫بمثابة المدرسة الثانوية الوحيدة في السودان ‪ ,‬ينظر بشير محمد سعيد ‪ ,‬من وثائق' لجنة االحتفال‬
‫باليوبيل الذهبي لمؤتمر الخريجين في السودان ‪ , 1988- 1938 ,‬لجنة إحياء ذكرى المؤتمر ‪,‬‬
‫الخرطوم' ‪ ,‬ص‪. 12‬‬

‫المراجع‬

‫اعتمد البحث على العديد من المصادر والوثائق التي اختصت بموضوع البحث بشكل‬
‫مباشر‪ ,‬اما الكتب فكان اهمها كتاب تاريخ الحركة الوطنية السودانية لالستاذ الدكتور' محم''د عم''ر‬
‫البشير ‪ ,‬وكتاب ( تطور الحركة الوطنية الس''ودانية ) لمؤلف''ه غ'الب حام''د النجم ‪ ,‬وكت''اب م''ؤتمر‬
‫الخريجين لمؤلفه بشير محمود بشير وهو كتاب وثائقي ‪ ,‬فضال عن كتاب (وث''ائق لجن''ة االحتف''ال‬
‫‪ .‬باليوبيل' الذهبي للمؤتمر' ) لمؤلفة بشير محمد سعيد وهو كتاب وثائقي‬

‫كما اعتمد الدراسة على الرسائل واالطاريح االكاديمية كان أبرزها ( الحركة‬
‫االستقاللية السودانية في القرن العشرين ) للباحثة رشاد رنوني' ‪ ,‬الوثائق المنشورة والخاصة‬
‫بتقارير الحاكم العام للسودان ‪ ,‬والتي تناولت تفاصيل عديدة حول الوضع السوداني' ‪ ,‬هذا ويأمل‬
‫الباحثان إن يسهم هذا الجهد المتواضع في استفادة الباحثين والمهتمين بتاريخ الوطن العربي'‬
‫بشكل عام وبتاريخ السودان السياسي' المعاصر بشكل خاص ومن هللا التوفيق' ‪.‬‬

‫‪10‬‬

You might also like