Professional Documents
Culture Documents
خالصة البحث
سلط البحث الضوء على دراسة دور مؤتمر الخريجين العام في الحركة الوطنية السودانية
ح''تى ع''ام , 1945كون''ه أول هيئ''ة سياس''ية منظم''ة أنش''ئت في الس''ودان تحت ظ''ل الوج''ود'
االستعماري' البريطاني' ,استطاع جمع مختلف اإلطراف السياسية على اختالف توجهاتها ',فض''الً
عن كونه قد استطاع من نقل صوت و معاناة الشعب السوداني للمس''تعمرين عن طري''ق مذكرت''ه
الش''هيرة في ع''ام , 1942يض''اف' إلى ذل''ك أن الم''ؤتمر ك''ان الن''واة األولى ال''تي انبثقت عنه''ا
األحزاب السياسية السودانية لتصبح في الس''ودان حي''اة حزبي''ة متع''ددة ,أس''همت بش''كل كب''ير في
تط''ور الحرك''ة الوطني''ة الس''ودانية وأعطت ص''ورة واض''حة للمس''تعمرين من أن هن''اك ممثلين
للشعب السوداني' ق''ادرين على ادار االم''ور' السياس''ية في البالد مم''ا مه''د في المس''تقبل لحص''ول
السودان على االستقالل الوطني عام . 1956
المقدمة
تناولت الدراسة الدور الوطني' لمؤتمر الخريجين العام في السودان حتى العام , 1945
إذ تعد هذه المرحلة التاريخية في السودان من أهم المراحل كونها شهدت انطالق أول حركة
وطنية سياسية تحمل هموم الشعب السوداني' ,إما أسباب اختيارنا' للعام , 1945فقد شهد العام
المذكور انتهاء الدور السياسي للمؤتمر' بظهور أحزاب سياسية انبعثت عنه فيما بعد وشكلت
الحياة الحزبية في السودان وأبرزها حزب األمة ,وحزب األشقاء وبنشوء هذه األحزاب انتهى
عمليا وجود المؤتمر' كجامع لإلطراف' السياسية المختلفة في السودان
2
األوضاع السياسية 3في السودان قبل قيام المؤتمر 1936-1924
شهدت األوضاع السياسية في السودان حالة من الركود بعد القضاء على الثورة 1924
والتي عبر من خاللها الشعب السوداني من خالل تظاهراته العارمة والتي ش''اركت فيه''ا وح''دات
من الجيش السوداني ,عن رفضهم' للوجود البريطاني' متأثرة بثورة عام 1919في مص''ر ,وال''تي
كان لها دوراً بارزاً في نشاط الحركة الوطنية السودانية ,ذ رفعت هذه التظ''اهرات ش'عار "وح''دة
وادي النيل واإليمان بضرورة وحدة الحركة الوطنية في مصر والسودان " ,والتي فشلت ألسباب
متعددة كان في مقدمتها الطائفـية السياس''ية إذ ك''ان الس''ودان في تل''ك المرحل''ة تتقــاسمها' ثــالثة
أطراف دينية رئيسة هي طريقة الميرغني (الختمية) برئاسة (علي الميرغني ) في شرق السودان
و المهدية برئاسة (عبد الرحمن المهدي ) غرب السودان ,و الشريف (يوسف الهن''دي) طائف''ة لهم
أيضاً.
عم'ل علم''اء ه''ذه الطوائ''ف على إجه''اض ه''ذه الث''ورة من خالل تحيي''د إتب''اعهم عن تأيي''د
الثورة ,الى جانب ذلك دأبت على تجهيل قطاعات كبيرة من جماهير الشعب الس''وداني' وإبع''ادهم'
عن الص'دام' م'ع االس''تعمار ,و بالمقاب'ل عم'ل االس'تعمار على دعم رؤس''اء ه'ذه الطوائ''ف مادي'ا ً
ومعنوياً' مستفيداً من الجماهيرية الكبيرة التي يحظى بها هؤالء ضد خصومة السياسيين .
كم''ا تخلت الحكوم''ة المص''رية ال''تي ج''اءت بع''د اس''تقالة حكوم''ة س''عد زغل''ول ( في 24
تشرين الثاني من عام 1924برئاسة( احمد زي'ور' باش'ا ) و ال'تي انص'اعت للمط'الب البريطاني'ة
التي أصدرتها' بريطانيا' بعــــد اغتيال السير لي س'تاك ( ) Lee stackالح''اكم الع'ام للس'ودان في
القاهرة في 19تشرين الثاني من العام نفسه و إصدار' قرار يقضي بسحب الق''وات المص''رية مم''ا
جعل الشعب السوداني' يواج''ه الق''وات البريطاني''ة لوحـــــده ,زي''ادة على ذل''ك س''حب الوح''دات
السودانية من الجيش المص''ري ووض''عها تحت إم''رة الح''اكم الع''ام للس''ودان و تش''كيل ق''وة دف''اع
سودانية يكون والؤها له و تنفذ كل ما يصدر' منه .
ان لهذه األسباب واختصار' التأييد لهذه الثورة كان مستمداً من المدن بالدرجة األس''اس ومن
مجموع'''ة من الم'''وظفين والمثقفين ,زد على ذل'''ك ض'''عف االتص'''ال والتنس'''يق بين الض'''باط'
السودانيين في العاص''مة الخرط''وم ورفق''ائهم في ب''اقي الم''دن الس''ودانية ,ك''ل ه''ذه األس''باب أدت
بالنهاية إلى فشل الثورة في تحقيق أهدافها' .
دخلت الحركة الوطنية السودانية بعد هذا الحدث السياس''ي في مرحل''ة من الض''مور' اس''تمرت
لسنوات عديدة تبلور' فيها العمل الوطني' بأشكال عديدة يغلب عليه الطابع السلمي و ذلك من خالل
نشوء المدارس و االتجاهات الفكرية التي أخذت تزاول عملها خالل المناقشات األدبية االجتماعية
و الجلسات التي تعقد في المنازل الخاصة وفي األندية الرياضية واالجتماعية.
كانت جمعية أبو روف األدبية التي تأسس''ت ع''ام 1927في حي اب'و روف ( اح'دى إحي'اء
مدينة ام درم''ان ) من أوائ'ل الجمعي'ات ال''تي تأسس''ت في الس''ودان ,وك''انت الق''راءة هي المح'ور'
3
األساسي لنشأة الجمعية وقد' أسهمت إسهاما ً كبيراَ في دفع الحركة الثقافي''ة في الس''ودان إلى اإلم''ام
عالوة على ذلك جمعية ( الموردة ) التي أسست في أواخ''ر العش''رينات واهتمت ب''األدب والثقاف''ة
وجمعية دار الرفاق ',و كذلك جمعية األشقاء التي برزت للوجود' عام 1929ثم انتقل نش''اط ه''ذه
الجمعيات الى خارج العاصمة و تأسست جمعيات من أبرزها :جمعية األبيض األدبي''ة و الجمعي''ة
األدبية عام 1936في مدينة ود مدني و التي انبثق من خاللها مؤتمر' الخريجين ,كما سنتطرق' ل''ه
في المبحث القادم زيادة على ذلك نشاط المهرجان األدبي ال''ذي ك''ان ش''ارك' في''ه رج''ال الفك''ر و
الشعر في جميع إرجاء البالد في عطلة عيد الفطر من كل عام .
ك''ان إض''راب طالب كلي''ة غ''ردون ع''ام 1931ه''و أول عم''ل سياس''ي جم''اعي يق''وم ب''ه
المتعلمون ضد حكومة السودان البريطانية بعد ثورة عام 1924و يعد بداية النهاي'ة الم'دة الرك''ود
السياسي منذ قمع تلك الثورة و جاء هذا اإلض''راب نتيج''ة لتخفيض رواتب الخ''ريجين الى خمس''ة
جنيهات ونصف بعد أن كان ثمانية جنيهات ,فقد رأوا من خالل هذا التخفيض أنه يقلل من ش''أنهم
لذا فقد شكلوا لجنة سميت بلجنة العشرة للتفاوض مع الحكوم''ة و ك''انت برئاس''ة (احم''د الفي''ل ) و
كانت هذه الخطوة البدايات األولى للعمل المنظم للخريجين ,وقد اجبروا' فيه''ا الحكوم''ة االنكليزي''ة
على إع''ادة النظ''ر ب''التخفيض ,فق''د ك''ان ه''ذا اإلض''راب مرحل''ة أك''ثر التص''اقاً' بأس''اليب الكف''اح
السياسي من خالل قيام تنظيم شعبي بقي''ادة الش''باب المتعلمين في الم''دن وال''ذي مه''د في دوره في
تبلور قيم تنظيم بجميع الخريجين و يوحد أهدافهم .
ك''ان لجماع''ة من الخ''ريجين دوراً ب''ارزاً في ه''ذه االجتماع''ات اُطل''ق عليهم اس''م (جماع''ة
مدرسة ود مدني ) وهم كل من (احمد خير ,إسماعيل العثماني ,إبراهيم عثمان ,إب''راهيم أنيس )
وقد كان( احم'د خ'ير) ال''روح المحرك'ة له'ذه الجماع'ة خاص''ة بع'د إن ألقى محاض'رته بع''د عق'د
المعاهدة المصرية-البريطانية عام 1936بعنوان (عن واجبنا السياسي' بع''د المعاه''دة ) و نش''رتها
مجلة الفجر التي أضحت محل النقاش وجدل بين الخ''ريجين في الن''وادي والمج''الس الخاص''ة ,و
دعا فيها لحماية مصالح الشعب و تحقيق المطالب الوطنية و إصالح التعليم والقوانين و دع''ا إلى
االتح''اد الفك''ري بين الخريجــين ,و إص''الح اللوائـح الخاص''ة ب''اإلدارة األهلي''ة و الق''روض
والتجـارة .
فوجئ الس''ودانيون من إب''رام معاه''دة ع''ام 1936بين مص''ر وبريطاني''ا دون إش''راكهم' في
المفاوضات واخذ رأيهم في المسائل المتعلقة بالسودان ,فقد كان ل'دى الس'ودانيين قل''ق وخش'ية من
نتائج هذه المعاهدة من أن تؤدي' إلى المزيد من قوة نفوذ الحكومة المحلية (البريطانية ) و تراج''ع
تطلعات األمة (السودانية ) لذلك شعروا بعدم االرتياح لهذه المعاه''دة ,عالوة على أن الس''ودانيين
نظروا إلى إن مصر قد خذلتهم لمصلحة بريطانيا
4
انتقد الخريجون معاهدة 1936لعدم مشاركة ممثلين من السودان فيه''ا خاص''ة أن بن''ود ه''ذه
المعاهدة تحتوي على قرارات هامة تؤثر' على مستقبل بلدهم ,فقد اكتفت هذه المعاهدة فيما يتعلق
بالسودان على العودة للعمل باتفاقية الحكم الثنائي إي إدارة السودان تبقى مس''تمدة من اتفاقي''ة ع''ام
1899و ع''ودة الجيش المص''ري' إلى الس''ودان وتع''يين المص''ريين كم''ا يعين البريط''انيين في
وظ''ائف حكوم''ة الس''ودان ,وأن ال يك''ون هنال''ك ف''رق بين المص''ريين والبريط''انيين فيم''ا يتعل''ق
بالتمليك ,و تخويل مفتش الري المصري حضور مجلس الحاكم العام للسودان,عند النظر بشؤون
متعلقة بمهام وظيفته .
كان لمعاهدة عام 1936دور كبير في ظه''ور م''ؤتمر الخ''ريجين الع''ام بع''د س'نتين من ه''ذه
المعاهدة ,فقد دعا الخريجون لتأسيس مؤتمر' لوضع برنامج وطني' و في نهاية ع''ام 1937ك''انت
فكرة مؤتمر' الخريجين قد لقت قبوالً وتاييداً' عاما ً من ج''انب الخ''رجين وخاص''ة بع''د كلم''ة احم''د
خير ,والتي نشرت في مجلة الفجر بتاريخ 16أيار 1937وتلقاها الخريجون وعلقوا عليها ام''االً
و انتقل المؤمنون بها إلى نادي الخريجين بـ(أم درمان ) فقد دعى من خالل ه''ذه الكلم''ة إن يك''ون
للسودانيين رابطة أو مؤتمراً مركزه بأم درمان,ويكون لها فروع أخرى في باقي المدن الس''ودانية
ينشر من خالله برنامجه السياسي القومي لكي نعرف واجبنا السياسي .
توصل الخريجون بعد العديد من النقاشات التي جرت في نادي الخريجين بمدينه أم درم''ان
إلى هيئة تمثل كل الخريجين و تتحدث باس''مهم' و ك''ان ش''كلها النه''ائي باس''م م''ؤتمر الخ''ريجين و
انعق''دت ال''دورة األولى للخ''ريجين ,وكتب الم''ؤتمرون للس''كرتير' اإلداري للح''اكم اإلداري في
السودان انقس جيالن ( ) Ansks Gilanخطابا ً طلبوا فيه التصديق' على تكوين مؤتمر لهم باسم
مؤتمر الخريجين العام ,وصادق السكرتير اإلداري على تكوين الم''ؤتمر في ش''باط , 1938على
أساس أن المؤتمر هيئة اجتماعية وليست سياسية ,وانه ال يمث''ل الش''عب الس''وداني' ب''أي ح''ال من
األحوال وانه يمثل وجهة نظر أعضائه فقط .
عق''د أول اجتم''اع للم''ؤتمر' في 12ك''انون األول من ع''ام 1938وق 'د' حض''ره ()1180
خريجا ً وانتخب هيئ''ة تتك''ون من س''تين عض''واً ,انتخبت ب''دورها' لجن''ة تنفيذي''ة من خمس''ة عش''ر
عضواً وله''ا س''كرتير' دائم ورئاس''ة دوري''ة تش''مل أعض''اء اللجن''ة على إن يتج''دد انتخ''اب الهيئ''ة
الستينية واللجنة التنفيذية في عي''د األض''حى من ك'ل ع'ام ,وعلى ال''رغم من أن أه''داف الم''ؤتمر
المعلن''ة هي أه''داف اجتماعي''ة وإقليمي''ة االَ أن اله''دف األعلى ك''ان اس''تقالل الس''ودان حيث أن
الم''ؤتمر لم يش''أ أن يعلن ه''ذا اله''دف ب''ل اخ''ذ ج''انب الح''رص من خالل إعالن أه''داف عام''ة ,
وأصبح إسماعيل األزهري أول سكرتير للمؤتمر'.
أيدت اإلدارة البريطانية قيام مؤتمر الخ''ريجين في البداي''ة لكي تظه''ر في الواجه''ة حاجته''ا
للديمقراطية ,واع''دت ذل''ك ش''كالً مناس''با ً ت''تيح له''ا ,إذا أحس''نت اس''تغالل الس''يطرة على متعلمي
ومثقفي السودان وربطهم بها,وت''أتي ه''ذه النظ'رة انطالق'ة من أن ه''ذه الفئ'ة وم''ا تملك'ه من ثقاف'ة
سياس''ية يمكن من خالل احتوائه''ا' أن يك''ون له''ا دور محوري''ا في ض''مان واس''تقرار الوج''ود
البريطاني' وكونها فئة يمكن التعامل معها على الرغم من التزاماتهــا الوطنية.
يرى البعض أن التأيي''د ج''اء متماش''ياً' م''ع السياس''ة البريطاني''ة في الس''ودان القائم''ة على بث
التناقضات والخالفات' ,فقد رأت في تكوين مؤتمر الخريجين جهة جديدة تضاف للمتنافس''ين على
5
زعامة الشعب السوداني' أي تضاف له الخالفات التقليدية بين طائفتي الختمية واألنصار ,فض''الً
عن إبعاد األثر المصري' عن السودان فقد رأت بريطانيا بالمؤتمر بارقة أم''ل جدي''د في ان تنش 'ا ً
حركة سودانية خالصة بعيدة عن مصر.
أم'''ا الموق'''ف' المص'''ري من قي'''ام م'''ؤتمر الخ'''ريجين ,فق'''د اختل'''ف عن موق'''ف اإلدارة
البريطانية ,فلم تتحمس لقيام المؤتمر' و اعدت صيغة بريطانية لتكريس فصل السودان عن مصر
و خدمة المصالح البريطانية ,خاصة أن المؤتمر كان اغلب أعضائه لم يكونوا من الموالين لفكرة
مص''ر الرامي''ة لتحقي''ق وح''دة وادي الني''ل ,أال أن الموق'ف' المص''ري ق''د تغ''ير تج''اه نظرت''ه إلى
المؤتمر خاصة بعد الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء المصري' علي ماهر( )1940 '-1939في
18كانون األول عام 1940إلى السودان و اجتماعه بأعضاء اللجنة التنفيذية للم''ؤتمر و اطالع''ه
على أهداف المؤتمر' و أسباب قيامه عن قرب و تأكيد المؤتمر على عمق العالقة مع مصر .
بدأت أولى الخطوات التنفيذية للمؤتمر في هذا المجال عندما قدم احمد خير (عضو الم'ؤتمر' )
م''ذكرة في مطل''ع ع''ام 1940يق''ترح فيه''ا على الم''ؤتمر أن يتب''نى مش''روع' التعليم األهلي و
تخصيص يوم له تجمع فيه التبرعات من المواطنين و تق'ام األس'واق الخيري'ة لجم'ع الم'ال الالزم
لبناء المدارس وقد تم تبني المشروع من قبل اللجنة التنفيذية للمؤتمر' و اشترك الجميع بالتبرع''ات
ما عدا أفراد الجالية االنكليزية وقد تم وضع الئح'ة خاص''ة من قب'ل اللجن'ة لتنظيم جمي''ع المس''ائل
المتعلقة بيوم التعليم من إيرادات ومصروفات' .
حدد مؤتمر' الخريجين انجازاته في مجال التعليم في احدى منشوراته التي يدعو فيها للتبرع في
يوم التعليم و هي كاألتي -:
-2إتمام بناء المدارس التي لم يستطع القائمون عليها على انجازها .
أما المرحلة السياسية للم''ؤتمر فق'د ب'دأت باص'دار' الم'ذكرة الش'هيرة في نيس'ان ع'ام 1942
والتي سميت بم''ذكرة الخ''ريجين ,فق''د اس''تغل الم''ؤتمر' الظ''روف' المحلي''ة والخارجي''ة لمض''اعفة
العم''ل السياس''ي من خالل اعالن ميث''اق االطلنطي' في 14اب من ع''ام 1941م''روراً ببعث''ة
كريبس ()43الخاصة بمناقشة استقالل الهند خاصة بعد زيارته'ا' الى الس''ودان والتقائه''ا بالص''حفيين
السودانيين ,فضالً عن ان السودان وقفت الى جانب الحلفاء في اثن''اء الح''رب العالمي''ة الثاني'ة من
خالل ارس''ال وح''دات من ق''وة دف''اع الس''ودان الى افريقي''ا وص''والً' الى ليبي''ا ال''تي اع''ترض فيه''ا
المؤتمرون على ارسال هذه القوات الى ليبيا دون استشارة الرأي العام الس''وداني' قب''ل القي''ام به''ذا
االجراء.
ساهمت هذه العوامل الداخلية والخارجية بوضع المؤتمر' مذكـرته الشهير من قبل اعضائه
وهم ُكــال من ( اسماعيل االزهــري ,عبد الحليم محمد ,عبد هللا ميرغنــي ,واحمد خيـــر) وتم
رفعها الى الحاكم العام للسودان بعد قبولها' من اللجنة التنفيذية فقد احتوت هذه المذكرة على
المطالب االتية -:
إصدار تصريح مشترك من الحكومتين ( االنكليزية ,المصرية) بمنح السودان حق تقرير -1
المصير بعد الحرب مباشرة .
-5إلغاء قوانين المناطق' المقفولة و رفع قيود االتجار واالنتقال عن السودانيين .
-7وقف' الهجرة إلى السودان فيما عدا ما قررته المعاهدة االنكليزية المصرية .
-9تطبيق' مبدأ الرفاهية والمبدئية في الوظائف بإعطاء السودانيين فرصة باالشتراك الفعلي في
الوظائف .
-10قصر' الوظائف على السودانيين' أما المناصب الضرورية لملئها بغير السودانيين فٌتمأل بعقود
محدودة األجل
7
-11تمكين السودانيين من استثمار موارد البالد التجارية والزراعية والصناعية .
-12و ضع قانون بإلزام الشركات و البيوتات التجارية بتحديد' نسبة مقبولة من وظائفها إلى
السودانيين .
-13وقف' اإلعالنات لمدارس اإلرساليات و توحيد' برامج التعليم في الشمال والجنوب .
ردت الحكومة على هذه المذكرة الشهيرة في 29نيسان من العام نفسه عن طريق السكرتير'
اإلداري دوغالس نيوبول''د ( ) Dongles Newboldمعت''براً ان''ه ليس من اس''تطاعة الح''اكم
العام قبول' تلك المذكرة وهي لهذا مردودة عليكم و أنكر انه من حق المؤتمر' التحدث باسم الش''عب
السوداني وليس من حقه ان يتقدم بهذه المطالب السياسية الكبيرة .
فضالً عن ذلك هدد بسحب اعتراف الحكومة ب''المؤتمر ,توع''دهم وه''ددهم بالرس''الة ال''تي
بعثها إلى رئيس المؤتمر (إبراهيم احمد ) ,و استمر' تبادل الم'ذكرات بين الط'رفين دون ج'دوى' ,
وك''ان رد الس''كرتير' اإلداري دائم 'ا ً إن ه''ذه المط''الب تمس مباش''رة بم''ا اس''ماه مرك''ز الس''ودان
السيــاسي و دستوره القائم على اتفاقيـة الحكــم الثـنائي عام 1899و معاهدة عام , 1936معتبراً
أن هذه األمور من واجب وش''أن حكوم''ة الس''ودان وليس من ش''أن اح''د س''واها حس''ب التزاماته''ا
كوصي على أهل السودان .
ترتب على قرار' رفض مذكرة مؤتمر الخريجين العام بداية مرحل''ة الص''دام الفعلي المباش''ر
بين اإلدارة البريطانية في السودان ومؤتمر' الخ'ريجين الع'ام ,فق'د اع'ده الم'ؤتمر' ان رفض ه'ذه
المذكرة هو إساءة ألعضاء المؤتمر واعدوه انه قرار متعج''رف' من قب''ل اإلدارة البريطاني''ة ,فق''د
أرادت ه''ذه اإلدارة من رفض ه''ذه الم''ذكرة التج''ريح بكرام''ة الم''ؤتمر و احتق''اره ألنه''ا أدركت
خطره .
انقسم مؤتمر' الخريجين الع''ام إزاء ه'ذا الموق'ف' من اإلدارة البريطاني'ة بع''د رفض الم''ذكرة
إلى معسكرين سياسيين احدهما معسكر سمي بمعسكر المعت''دلين برئاس''ة (إب''راهيم احم''د ) رئيس
المؤتمر العام والذي كان ي'رى ان'ه ال ب'د من اس'تمرار العالق'ة بين الم'ؤتمر' و اإلدارة البريطاني'ة
على ال''رغم من رفض الم''ذكرة و المعس''كر ,األخ''ر ي''رى ان''ه ال ج''دوى من الح''وار م''ع اإلدارة
البريطانية و ال بد من المواجهة السياسة المباشرة وه''ذا لم يتحق''ق أال باإلطاح''ة برئاس''ة الم''ؤتمر'
وتم ذلك في انتخابات عام 1943فق''د تم انتخ''اب إس''ماعيل األزه''ري رئيس'اً' للم''ؤتمر' ال''ذي ك''ان
ألتباعه الغالبية في المؤتمر و انتخب أمين زيدان سكرتيراً' للجنة التنفيذية .
شرعت اإلدارة البريطانية بوضع' العراقيل المكثف''ة لعرقل''ة إعم''ال الم''ؤتمر ومحاول''ة ش''قه
والعمل على اصطناع' مؤسسات أسمتها دستورية لتك''ون بديل''ة عن الم''ؤتمر من خالل تش''كيل م''ا
يعرف بالمجلس االستشاري' في العام , 1944مع''ده أن ه''ذا المجلس حققت نقل'ه نوعي'ة في مج''ال
نقل الصالحيات إلى السلطات المحلية في السودان ,فق''د ش''كلت ه''ذا المجلس في ش''مال الس''ودان
وتك''ون من خمس والي''ات هي( الخرط''وم' ,كس''ال ,كردف''ان ',دارف''ور ,الني''ل االزرق) ممثل''ة
بأعضائها بهذا المجلس مقتصرة دورهم' على مساعدة الحك''ام في تنفي''ذ واجب''اتهم' وتق''ديم مش''اريع
القوانين لهم .
8
رفض مؤتمر' الخريجين العام فكرة المجلس االستشاري وح''ذر أعض''اؤه من االش''تراك في''ه
معلنـا ً انه مـــن سيش''ترك في''ه سيفص''ل ف''وراً مع''داً أن المجلس لم يكن ل''ه س''لطة تش''ريعية وان''ه
اقتصر على شمال الس''ودان وأقص''ى الجن''وب وان ه''ذه المحـــاولة تنط''وي' على تهدي''د لوح''دة
الوطن على الرغم من إعطــــــــاء مقعـــدين ألعضـــاء المــــؤتمر' فان الغالبــية من أعضــــــاء
المجلس والبــالغ عددهم ( )28هـــم من زعماء العشــائر والسلطات المحلية .
ك'ان المجلس برئاس'ة الح'اكم للس''ودان هندرس''ون ال''ذي أص''بح س'كرتيرا للمجلس االستش''اري'
لذلك كان الموق''ف من المجلس االستش''اري' مث''ار ن''زاع إط''راف الم''ؤتمر االخ''رين فق''د أي''د م''ا
يسمون بالمعتدلين االشتراك' في المجلس العتقادهم بأنه يتيح فرصة للمتعلمين السودانيين لمناقش''ة
قضايا البالد وكان عب''د ال''رحمن المه''دي ( زعيم طائف''ة األنص''ار ) من المؤي''دين لفك''رة المجلس
واعتبره بأنه خطوة نحو حصول السودان على حقوقه والمجلس هو جزء من هذه الحق''وق .فق''د
أص'''بح عض'''واً في ه'''ذا المجلس ال'''ذي ك'''ان س'''كرتيره الح'''اكم الع'''ام للس'''ودان هندرس'''ون (
. ) Henderson
تعرض المؤتمر' نتيجة لهذه المواقف إلى اخطر انقسام منذ إنش''ائه ,فق''د رأى المعس''كر ال''ذي
فقد الثقـــة في اإلدارة البريطانية أن يتجه نحو مصر' ويتعاون معها لتحري''ر الس''ودان وذل''ك رف''ع
شعـــار االتحاد مع التـــــاج المصري' وكان هذه المعسكر برئاسة إسماعـــيل األزه''ري ,بينمــا
انسحـــب الفريق األخـــر الذي سمي بالمعتدلين من المؤتمر وكانوا' برئاسة عبد ال''رحمن المه''دي
واألنصار' وانشأوا حزبا ً أسموه ح'زب األم'ة ع'ام 1945ال'ذي جع'ل ش'عار الس'ودان للس'ودانيين'
وأيدوا استقالل السودان ,منطلقين من رؤي'ة زعيمهم عب'د ال'رحمن المه'دي ال'ذي ك'ان ل'ه نظ'رة
خاصة ب''الوجود البريط''اني' من خالل االستس''الم' لألم''ر الواق''ع ورفض الث''ورة المس''لحة عالوة
على انه كان ينظر بمنظور ط''ائفي ض''يق من خالل حرص''ه على حماي''ة طائف''ة (األنص''ار' ) من
االضطهاد معداً أن البريطانيين مستمسكون بالعدالة ما دامت ال تتعارض مع مصالحهم' .
ترتب على انسحاب المهدي وأنصاره من الم'ؤتمر أن لج'أ الب'اقون لتش'كيل ح'زب سياس'ي'
أسموه حزب األش''قاء 31آذار ع''ام 1945وب''دأوا بتنفي''ذ برن''امجهم' السياس''ي ووقف''وا' إلى ج''انب
مصر ودعمتهم ووقف' زعيم طائفة الختمية في السودان علي الميرغني إلى ج''انبهم ,فق''د اس''تغل
الخريج''ون العالق''ة الس''يئة والمزمن''ة بين زعيمي الط''ائفتين والتن''افس' بينهم''ا إذا تهم الميرغ''ني
مراراً عب''د ال''رحمن المه''دي ب''التطلع إلى إقام''ة حكم ملكي في الس''ودان واتهم' اإلدارة البريطاني''ة
بتش''جيع ه''ذا التطل''ع وك''ان ه''ذا الت''دهور' في العالق''ة س''ببا في تأيي''د الميرغ''ني لح''زب األش''قاء ,
وبتش''كيل األح''زاب الجدي''دة في الس''ودان يك''ون ق''د انتهى بش''كل عملي ال''دور السياس'ي' لم''ؤتمر
الخريجين العام بوصفها هيئة سياسية او تجمع سياسي السودان أدت دوراً محوري 'ا ً وش''كل نقط''ة
تحول تاريخية في تاريخ السودان السياسي' الحديث كأول تنظيم سياسي ممثالً عن ش''عب الس''ودان
ومطالبة الوطنية .
9
الخاتمة
اتضح لنا من خالل دراستنا' لدور مؤتمر الخريجين الع''ام في الحرك''ة الوطني''ة الس''ودانية ,
انه مثل انطالقة لتبلور' الوعي السياسي المنظم والجامع للطبقة المثقفة السودانية و توحي''د أه''دافها
لخدمة أهداف الشعب الس''وداني' و المتمثل''ة بتحقي''ق االس''تقالل الوط''ني ,الى ج''انب ذل''ك كون''ه
استطاع في الحصول على دعم ومساندة زعماء الطوائف' الدينية في السودان ( الختمية ,األنصار'
) األمر الذي جعله يستطيع من الوقوف في وجه المس''تعمر' البريط''اني' بوص''فه ق''وة سياس''ية له''ا
ثقلها الوطني ,عالوة على ذلك إن المؤتمر كان بمثابة الممهد لقيام النظام السياس'ي' الس''وداني' ،و
نشوء الطبقة السياسية في السودان و التهيئة لبعث ال''روح السياس''ية الواض''حة األه''داف والمع''الم
لدى المواطن السوداني' ,مما جعل المستعمر' يفق''د أهم مس''ببات وج''وده في الس''ودان بع''دم وج''ود'
طبقة سياسية تستطيع' قيادة البلد ,بالتالي أصبح المؤتمر العامل األساس لقيام هذه الطبقة السياس''ية
المثقفة ,مما مهد الطريق' و بشكل متسرع نحو االستقالل الوطني' السوداني.
الهوامش
كلية غردون ,أنشئت عام 1902تخليداً لذكرى غردون باشا الذي اغتالته قوات اإلمام المهدي
عام 1885يوم فتح الخرطوم' و تم إنشاؤها من قبل اللورد كتشنر الحاكم العام للسودان و كانت
بمثابة المدرسة الثانوية الوحيدة في السودان ,ينظر بشير محمد سعيد ,من وثائق' لجنة االحتفال
باليوبيل الذهبي لمؤتمر الخريجين في السودان , 1988- 1938 ,لجنة إحياء ذكرى المؤتمر ,
الخرطوم' ,ص. 12
المراجع
اعتمد البحث على العديد من المصادر والوثائق التي اختصت بموضوع البحث بشكل
مباشر ,اما الكتب فكان اهمها كتاب تاريخ الحركة الوطنية السودانية لالستاذ الدكتور' محم''د عم''ر
البشير ,وكتاب ( تطور الحركة الوطنية الس''ودانية ) لمؤلف''ه غ'الب حام''د النجم ,وكت''اب م''ؤتمر
الخريجين لمؤلفه بشير محمود بشير وهو كتاب وثائقي ,فضال عن كتاب (وث''ائق لجن''ة االحتف''ال
.باليوبيل' الذهبي للمؤتمر' ) لمؤلفة بشير محمد سعيد وهو كتاب وثائقي
كما اعتمد الدراسة على الرسائل واالطاريح االكاديمية كان أبرزها ( الحركة
االستقاللية السودانية في القرن العشرين ) للباحثة رشاد رنوني' ,الوثائق المنشورة والخاصة
بتقارير الحاكم العام للسودان ,والتي تناولت تفاصيل عديدة حول الوضع السوداني' ,هذا ويأمل
الباحثان إن يسهم هذا الجهد المتواضع في استفادة الباحثين والمهتمين بتاريخ الوطن العربي'
بشكل عام وبتاريخ السودان السياسي' المعاصر بشكل خاص ومن هللا التوفيق' .
10