You are on page 1of 6

‫ال ّطبعة الثالثة‬

‫األول ‪2020‬‬ ‫السداسي ّ‬


‫كل الحقوق محفوظة لصالح دار الكلمات للنشر‬
‫والتوزيع‬
‫‪:‬ردمك‪ISBN:978-9931-695-75-2:‬‬
‫يمنع إعادة إصدار أو نسخ أو استعمال أي جزء من‬
‫هذا الكتاب بـأي وسيلـة تصويريـة أو إلكتـرونيـة أو‬
‫ميكـانيـكـية بـمـا فـيه التسـجيل الفـوتـوغرافي‬
‫والتسـجيل عــلى أشرطـة أو أقـــراص مــقروءة أو‬
‫أ َّيـة وسيلة نشر أخــرى بـما فيـها حفظ المعلومـات‪،‬‬
‫واسـتــرجــاعــها مــن دون إذن خــطي مـــــسبــق‬
‫مــن النــاشـر‬
‫دار الكلمات للنشر والتوزيع‬
‫العنوان‪ :‬النطندا مقابل الطريق الوطني تازولت‪ .‬باتنة‬
‫‪email:dar.elkalimat2018@gmail‬‬
‫الهاتف‪213 – 791 - 681 - 304 :‬‬
‫أحمد توفيق المدني‬
‫إ ّنه الرّ جل المناضل‪ ،‬المث ّقف‪ ،‬الباحث‪ ،‬المف ّكر‪ ،‬الكاتب‪ ،‬األديب العبقري الجزائري‪ .‬يعتبر من الرّ جال ّ‬
‫الذين‬
‫لعبوا دورا كبيرا ومتميّزا في تأسيس جمعية العلماء المسلمين‪.‬‬

‫اسمه ونسبه‬

‫هو أحمد توفيق بن محمد بن أحمد بن محمد المدني القُبِّي الغرناطي الجزائري‪ ،‬عالم كبير وم ؤرخ ووزي ر‬
‫جزائري‪.‬‬
‫ولد المدني في تونس يوم ‪ 1‬نوفمبر ‪1899‬م‪ ،‬ولك ّنه كان جزائري ال ّدم وال ّنبض‪ ،‬مؤمن ا ً بض رورة التح رّ ر‬
‫من قيود االستعمار ونيل االستقالل ّ‬
‫الذاتي‪ ،‬من أجل التفرّ غ لبناء جزائ ر قو ّي ة ومزده رة تض اهي بق ّي ة ال ّدول‬
‫الكبيرة األخرى‪.‬‬

‫قصة الجد‬
‫ّ‬

‫هاجر ج ُّد العاّل مة أحمد توفيق المدني من مدينة الجزائر العاصمة مصطحبا معه عائلته الصّغيرة بعد أن ت ّم‬
‫الث ورة‬‫احتاللها من طرف الفرنسيين‪ ،‬فاستقرّ مؤقتا بمنطقة جرج رة‪ ،‬وه ذا إلى غاي ة ‪1870‬م‪ ،‬حيث ان دلعت ّ‬
‫الط رق‬‫شيخ "الحداد"‪ ،‬فشارك فيه ا الج ّد وك ذا الوال د إلى غاي ة أن ت ّم إخماده ا بس بب ّ‬ ‫بزعامة "المقراني" وال ّ‬
‫الوحشية واألساليب الماكرة ال ّتي استعملها العدوّ أنذاك‪.‬‬
‫وهكذا فقد انتقل الجميع بعدها إلى "تونس" في قافلة واحدة ح ّتى انتهى بهم المطاف الجئين هناك‪.‬‬

‫دراسة المدني‬

‫أدخل المدني أحد كت اتيب "ت ونس" العاص مة وه و لم يتج اوز س نّ الخامس ة من عم ره‪ ،‬ث ّم انتق ل في ع ام‬
‫بعض من علوم ه األساس ية كال ّتفس ير‬‫‪1909‬م إلى المدرسة األهلي ة القرآني ة من أج ل حف ظ كت اب هللا‪ ،‬وتعلّم ٍ‬
‫وال ّتجويد‪ ،‬ومنها غادر إلى جامع ''الزيتون ة" إلتم ام دراس ته واالس تزادة من المع ارف وال ِخ برات‪ ،‬وه ذا ع ام‬
‫‪1913‬م‪ ،‬ويذكر في هذا السّياق‪ ،‬أ ّنه كان شغوفا بالمطالع ة حريص ا على إكم ال ك ّل كت اب أو مخط وط يج ده‬
‫داخل المكتبة أو يقع في يده‪ ،‬ولعلّه ما أسهم‪ ،‬إلى جوار علوم شيوخه وأساتذته‪ ،‬في تكوين ثقاف ٍة عصامية ن ادرة‬
‫لديه وشخصية مميّزة عبقرية قلما‪ ،‬توافرت لمن هم في مثل عمره‪ ،‬خصوصا في مجال ال ّتاريخ‪.‬‬
‫مرحلة ال ّنضالـ‬

‫انخرط العاّل مة المدني مب ّكرا في ال ّنضال السّياس ي‪ ،‬مغتنم ا فرص ة أح داث الح رب العالمي ة األولى (‪14‬ـ‬
‫ّ‬
‫والش عب من‬ ‫‪1917‬م)‪ ،‬فكوَّ ن مع رفاقه خليّة من الطلبة ال ّناشطين‪ ،‬ممّن يجمعهم ه ّم واحد؛ هو تحرير األرض‬
‫نير العبودية واإلذالل والقهر‪ ،‬لقد توحّ دوا رغم اختالف مشاربهم وتكوينهم الفك ري؛ من أج ل التح ريض على‬
‫الثورة ومقاومة االحتالل الفرنسي بك ّل س بيل ممكن‪ ،‬األم ر ال ّذي جع ل اإلدارة الفرنس ية تنتب ه إلى وج ودهم؛‬
‫ّ‬
‫فتأخذ في تسليط على المدني بشكل خاص‪ ،‬أل ّنه ا ع رفت أ ّن ه المح رك الحقيقي له ذا ال رّ فض‪ ،‬والعق ل الم دبّر‬
‫لجميع خطوات العمل في داخل الفريق الثاّئر‪ ،‬وهكذا ت ّم تضيق الخناق حول نشاطاته ونش اط رفاق ه مع ه أك ثر‬
‫الس جن‪ ،‬إلى غاي ة ش هر‬‫الس ابق‪ ،‬م ا أ ّدى في ال ّنهاي ة إلى القبض علي ه ي وم ‪ 14‬فيف ري ‪1915‬م وإدخال ه ّ‬
‫من ّ‬
‫نوفمبر ‪.1918‬‬

‫السياسية‬
‫عالقاته بزعماء الحركات ّ‬

‫بسرعة تعرف المدني على زعيم الحركة الوطنية التونس ية ذي األص ول الجزائري ة عب د العزي ز ّ‬
‫الثع البي‬
‫رحمه هللا‪ّ ،‬ثم توطدت هذه العالقة بينهما أكثر فكان بذلك من بين مؤسِّسي الحزب ال ّدستوري ال ّتونس ي في نفس‬
‫الفترة‪ّ ،‬ثم لم يلبث أنّ ّتم تعيينه أمينا ً عاما مساعدا للقلم العربي‪.‬‬
‫سوى أنّ هذا الحزب انهار بعدها بفترة قصيرة تحت ضربات االستعمار الفرنسي المتوالية‪ ،‬و ّتم إبعاد أحمد‬
‫توفيق المدني من تونس إلى بلده األصلي الجزائر‪ ،‬يوم ‪ 5‬جويلية ‪1925‬م‪.‬‬
‫في الجزائر‪.‬‬
‫الس ادة المث ّقفين‬
‫ك ان من بين أوّ ل م ا عمل ه الم دني ف ور رُجوع ه إلى أرض ال وطن‪ ،‬تأس يس جماع ة من ّ‬
‫الجزائريين‪ ،‬تكون لقاءاتهم عبارة عن مناقشة ألوض اع ال ّن اس وال وطن في ظ ّل ظ روف االس تعمار القاس ية‪،‬‬
‫ومستج ّدات السّياسة القاسية ال ّتي تتبعها إلخماد كل حراك ثقافي وإصالحي‪ّ ،‬ثم لم تلبث الفكرة أن تطوّ رت لكي‬
‫الترقي"‪.‬‬
‫تصبح ناديا ثقافيا وسياسيا مقرّ ه الجزائر العاصمة تحديدا‪ ،‬أسموه "نادي ّ‬
‫بسرعة صار ال ّنادي عبارة عن ملتقى لل ّنخبة المث ّقفة في الجزائر‪ُ ،‬تلقى في ه ال ّدروس والمحاض رات‪ ،‬وك ذا‬
‫الس مر‪ ،‬يستض يف بش كل منتظم نخب ة المث ّقفين والمف ّك رين من مختل ف جه ات‬ ‫مكانا إلقامة الحفالت ومجالس ّ‬
‫الزوار من خ ارج ال وطن‬ ‫شيخ العاّل مة "عبد الحميد بن باديس" والبشير اإلبراهيمي‪ ،‬وح ّتى بعض ّ‬ ‫الوطن‪ ،‬كال ّ‬
‫شيخ أحمد سكيرج المغربي" وغيره‪.‬‬ ‫"كال ّ‬

‫تأسيس الجمعية‬
‫ي وم ‪ 5‬م اي ‪1931‬م ت ّم تأس يس جمعي ة العلم اء المس لمين الجزائ ريين‪ ،‬وه و ح دث يعت بر عاّل م ة فارق ة‬
‫ومنعطفا حاسماً‪ ،‬ال في تاريخ حركات اإلصالح والتحرّ ر فحسب‪ ،‬ولكنّ في تاريخ الجزائر كك ل‪ ،‬والحقيق ة أنّ‬
‫"المدني" قد لعب دورا بارزاً للغاية في عملية تش كيل ه ذه الجمعي ة الرائ دة وتنظيمه ا‪ ،‬فتـقلّد في نفس ال وقت‬
‫منصب أمين عام الجمعية ورئيس تحرير َجريدة البص ائر لس ان حاله ا‪ ،‬ولق د م ارس أعب اء ه ذين المرك زين‬
‫بكف اءة كب يرة واحترافي ة منقطع ة ال ّنظ ير إلى غاي ة ‪1956‬م‪ ،‬أين انض ّم إلى فري ق تحري ر جري دة ّ‬
‫الش هاب‬
‫لصاحبها "عبد الحميد ابن باديس" رحمة هللا عليه‪.‬‬

‫إلى القاهرة‬

‫شيخ "عباس بن ّ‬
‫الشـيخ الحســين" إلى الق اهرة حيث ك ان يقيم‬ ‫في عام ‪1956‬م سافر "المدني" مع رفيقه ال ّ‬
‫شيخ "اإلبراهيمي"‪ ،‬وهناك أعلنوا رسميا انض مام جمعي ة العلم اء المس لمين الجزائ ريين إلى جبه ة ال ّتحري ر‬ ‫ال ّ‬
‫بالثورة التحريرية المباركة‪ ،‬ال ّتي اندلعت شرارتها قبل عامين‪.‬‬‫الوطني والتحاقها بصفة تامة ّ‬
‫للث ورة الجزائري ة‪ّ ،‬ثم ص ار بع دها ب زمن وش يك عض وا في‬ ‫عُين "المــدني" عض وا في المجلس الوط ني ّ‬
‫شؤون ّ‬
‫الثقافية في تشكيلتها األولى‪.‬‬ ‫الحكومة المؤ ّقتة‪ ،‬أين أسندت إليه وزارة ال ّ‬

‫بعد االستقالل‬

‫والش ؤون ال ّديني ة‪ ،‬وس اند الحكوم ة ال ّتي أنش أها المجلس‬
‫ّ‬ ‫بعد االستقالل ّتم تنصيب المدني وزيرا لألوق اف‬
‫الثوري برئاسة العقيد الهواري بوم دين س نة ‪1965‬م‪ ،‬وعيّن س فيرا ومفوض ا عن الحكوم ة في أك ثر من بل د‬ ‫ّ‬
‫عربي وإسالمي‪.‬‬

‫آثار المدني الفكرية‬

‫‪5‬‬
‫أثرى المدني رحمه هللا المكتبة العربية والوطنية بعدد من المؤلفات القيمة نذكر منها‪:‬‬
‫ـ مذكرات الحاج أحمد شريف الزهار (تحقيق)‪.‬‬
‫ـ حرب الثالثمائة عام بين الجزائر وإسبانيا‪.‬‬
‫ـ محمد عثمان باشا داي الجزائر (‪66‬ـ‪1791‬م)‪ ،‬وهو كتاب يتن اول بالت أريخ س يرة الرّ ج ل وحروب ه ال ّتي‬
‫خاضها مع أعدائه وكذا أعماله وإنجازاته الكبرى‪ ،‬مع تحديد نظام ال ّدولة والحياة العامّة في عهده‪.‬‬
‫ـ تقويم المنصور‪ ،‬وهو كتاب نافع قامت إدارة االحتالل بمصادرته فور صدوره وحرّ مت تداول ه في جمي ع‬
‫بلدان المغرب تحت سيطرتها‪.‬‬
‫الطبيعية والسّياسية وعناصر س ّكانها‪.‬‬ ‫ـ كتاب الجزائر‪ :‬ويتناول بال ّتحليل تاريخ الجزائر وجغرافيتها ّ‬
‫ـ هذه هي الجزائر‪.‬‬
‫ـ المسلمون في جزيرة صقلية وجنوب إيطاليا‪.‬‬
‫شخصية في ثالثة أجزاء‪.‬‬ ‫ـ حياة كفاح‪ :‬وهي مذ ّكراته ال ّ‬
‫شهاب ال ّتابعتين لجمعية العلم اء المس لمين‬ ‫كما يذكر أ ّنه كتب عشرات من المقاالت في جريدتي البصائر وال ّ‬
‫الجزائريين‪.‬‬

‫الوفاة‬

‫الس ابقة ج زءا رابع ا يتمّم م ا ج اء في األج زاء‬ ‫كان في نيّة أحم د توفي ق الم دني أن يض يف إلى مذكرات ه ّ‬
‫خريف سنة ‪1983‬م‪.‬‬
‫َ‬ ‫السّابقة‪ ،‬ولكنّ أدركته المنيّة قبل إتمام ذلك‬
‫هكذا انتهى العالمة المؤمن أحمد توفيق الم دني بجس ده لتبقى أفك اره المم ّي زة ومؤلّفات ه ّ‬
‫الثري ة ح ّي ة بينن ا‪،‬‬
‫خالدة في وجدان أمّته إلى يوم ال ّدين‪.‬‬

You might also like