Professional Documents
Culture Documents
مقدمة9.................................................................................... :
الجزء األول :ماهية المؤسسة وأهم تصنيفاتها
الفصل األول :ماهية المؤسسة 13.....................................................
أول:مفهوم المؤسسة 15..................................................................
الفصل الثان :تصني ــف المؤسسات االقتصاديـة 31..................................
أول:تصنيف المؤسسات القتصادية وفقا للقطاع 32................................
ثانيا :تصنيف المؤسسات االقتصادية حسب المعيار االقتصاد 33.....................
ثالثا :المؤسسات القتصادية حسب معيار الجنسية والمعيار الجغرافي 34.......
رابعا :المؤسسات القتصادية حسب معيار الحجم 34...............................
ً ّ
القتصادية وفقا لطبيعة ملكيته 35.................. خامسا :تصنيف المؤسسات
ً
سادسا:تصنيف المؤسسات القتصادية وفقا للشكل القانون 36...................
الجزء الثان :ماهية التسييـر ومراحل تطور الفكر اإلداري
الفصل الثالث :ماهي ــة التسيي ــر 45.....................................................
التسيي(اإلدارة) 46..........................................................
ر أول :مفهوم
التسيي 49.... ................................................................
ر ثانيا :أهمية
ثالثا :مبادئ الت ر
سيي 51....................................................................
التسيي 55..............................................................
ر رابعا :مستويات
التسيي 56...............................................................
ر خامسا :وظائف
الفصل الرابع :مراحل تطور الفكر اإلداري 59.........................................
أول :المدرسة الكالسيكية 61.............................................................
ثانيا :المدرسة النيوكالسيكية76........................................................ :
ثالثا :المدارس الحديثة93............................................................... :
الجزء الثالث :وظائف التسيي
الفصل الخامس :وظيفة التخطيط 107..............................................
أول :مفهوم التخطيط109.............................................................. :
ثانيا :أهمية التخطيط110.............................................................. :
ثالثا .رشوط أو عوامل نجاح عملية التخطيط111.. ................................ :
رابعا :أنواع التخطيط112............................................................... :
خامسا :عنارص التخطيط113.......................................................... :
سادسا :مراحل التخطيط115.......................................................... :
سابعا:مشكالت ومعوقات التخطيط117............................................. :
الفصل السادس :وظيفة التنظيم 119.................................................
ثانيا :مراحل عملية التنظيم122 .......................................................... :
ثالثا :مبادئ التنظيم122... ................................................................ :
غي السليم125 ................................................... : رابعا :مظاهر التنظيم ر
126 ................................
. خامسا :أنواع التنظيم................................ :
سادسا :الهيكل التنظيم128 ............................................................. :
الفصل السابع :وظيفة التوجيه 137 .....................................................
أول :القيادة138 ............................................................................. :
ثانيا :التصال146 ........................................................................... :
التحفي149 ............................................................................ :
ر ثالثا:
:
الفصل الثامن وظيفة الرقابة 157 .......................................................
أول :مفهوم الرقابة158 ................................................................... :
ثانيا :مداخل الرقابة (التوجهات الفكرية للرقابة)160 ................................ :
ثالثا:.مراحل الرقابة160.... ................................................................ :
رابعا :أهمية الرقابة162.... ................................................................ :
خامسا :أنواع الرقابة163... ................................................................ :
سادسا :مبادئ الرقابة165 ................................................................ :
سابعا :أدوات الرقابة166.. ................................................................ :
الفصل التاسع :عملية اتخاذ القرار 169 .................................................
أول :مفهوم عملية اتخاذ القرار170 ..................................................... :
الجزء الرابع :ماهية التغيي والمـدخل إىل إدارته
ر
واسياتيجياته187 ...........: الفصل العاش :ماهية التغيي :مفهومه ،دوافعه،
التغيي :تعريفه ،خصائصه وأنواعه ،أهميته وأهدافه188 ............:
ر أول :مفهوم
التغيي ودوافعه204.............................................................
ر ثانيا :مظاهر
التغيي214 .......................................... : ثالثا :سيورة اختيار ر
اسياتيجيات
ر ر
الفصل الحادي عش :المدخل إىل إدارة التغيي 235.. ................................
التغيي236 ............................................................. :
ر تسيي
ر أول .ماهية
للتغيي261 ............................................... :
ر ثانيا .ر
سيورة العملية اإلدارية
الفصل الثان عش :مقاومة التغيي وصفات القائد الناجح ف إدارتها 301 .......
التغيي ،ومداخل إدارتها302 ...........................: ر أول .مفهوم ومراحل مقاومة
التغيي324 ........................................... :
ر ثانيا أنماط القادة ،وصفات قائد
التغيي339 ..................................... :
ر ثالثا .عوامل النجاح الحرجة ف قيادة
مقدمة:
تعد إدارة املنظمات اليوم وأكثر من أي وقت مض ى من أهم ركائز
وعوامل نجاح املنظمات عموما ومنظمات األعمال بالخصوص ،السيما
أمام التطور والتحول الذي شهدته بيئة األعمال وال تزال ،في مختلف
املجاالت التكنولوجية واالجتماعية والثقافية وحتى السياسية ،مما
يستدعي اكتساب املهارات اإلدارية تمكن من ممارسة الوظائف اإلدارية من
تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة بطريقة فعالة وكفؤة.
وقد حظيت العملية اإلدارية باهتمام العديد من املفكرين منذ ظهور
الثورة الصناعية وبروز حاجة املؤسسات لإلدارة ،حيث مر الفكر اإلداري
بعدة مراحل تطور خاللها مفهوم اإلدارة وكيفية ممارسة وظائف وذلك من
خالل أعمال العديد من املفكرين في العلوم اإلدارية وعلم النفس وعلم
االجتماع وغيرها من العلوم التي ساهمت في تغيير العديد من املمارسات
اإلدارية ومهارات اإلدارة عبر مختلف املدارس اإلدارية بدءا باملدرسة
الكالسيكية التي تضمنت نظرية اإلدارة العلمية ،واإلدارة البيروقراطية،
ونظرية التقسيم البيروقراطي ،ثم املدرسة النيوكالسيكية التي تضمنت
كال من نظرية العالقات اإلنسانية والنظرية السلوكية ،لتأتى بعدها
املدرسة الحديثة التي تضمن الكثير من النظريات ،كنظرية النظم ،ونظرية
اتخاذ القرار والنظرية املوقفية ،نظرية اإلدارة باألهداف وغيرها.
وال يزال مفهوم اإلدارة قيد التطوير حيث يتميز هذا األخير
بالديناميكية واملرونة وقابلية التطور والتكيف مع التغير الحاصل في بيئة
األعمال ،مما يستدعي التغيير في أسلوب ممارسة العملية اإلدارية ليتماش ى
مع هذه التغيرات.
09
إن التغير الحاصل في بيئة األعمال يستدعي حتما االستجابة والتكيف
معه ،من خالل تغيير طرق وأساليب وتكنولوجيا ووسائل العمل ،وحتى
ينجح هذا التغيير ال بد له من إدارة كفؤة لتوجيهه ،وهذا في إطار ما يسمى
بإدارة أو تسيير التغيير ،التي تستفيد من التطور الحاصل في علم اإلدارة،
ومن هنا جاءت فكرة هذا الكتاب ،حيث يتم استعراض مراحل تطور
الفكر اإلداري ،ثم نبذة عن وظائف اإلدارة في شكلها الحديث ثم التطرق
لكيفية إدارة التغيير وعوامل النجاح في تحقيقه.
10
الجزء األول
ماهية المؤسسة
وأهم تصنيفاتها
الفصل األول
ماهية المؤسسة
تعد املؤسسة عموما ،واملؤسسة االقتصادية بالخصوص ،الطابع
املميز للعصر الحديث والركيزة األساسية لتحقيق التنمية االقتصادية
واالجتماعية ألي دولة حيث تعمل املؤسسة من خالل وظائفها املختلفة
على تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية متعددة ،من خالل ما تقدمه من
سلع وخدمات تحقق رفاهية الفرد واملجتمع.
لقد عرفت املؤسسة من منظورات مختلفة ،لكل مبرره في تعريفها،
وسيتم في هذا الفصل التطرق ألهم التعاريف التي تشرح هذا الكيان من
مختلف وجهات النظر.
لقد تعددت املصطلحات التي يستخدمها املمارسون واألكاديميون على
حد سواء لإلشارة إلى هذه التجمعات الهادفة إلى خدمة املجتمع بأي شكل
من األشكال ،فنجد من يستعمل مصطلح منشأة أو مشروع أو منظمة
وحتى تنظيم ،كما يوجد هناك من يفضل استخدام مصطلح شركة أو
مؤسسة ،وغيرها من املصطلحات التي غالبا ما تستخدم للتعبير عن
الكيان نفسه ،دون االنتباه للفروقات الجوهرية بينها ،وهذا ما سيتم
التطرق إليه في هذا الفصل.
مرت املؤسسة بعدة مراحل ،بدءا بالنظام األسري البسيط بلوغا
األشكال التي تظهر بها في العصر الحالي من مؤسسات كبرى وأخرى عابرة
للقارات ،وفي هذا الفصل سيتم التطرق بش يء من التفصيل إلى هذه
املراحل.
14
ال تنشأ املؤسسة من فراغ بل لغرض معين تهدف إلى تحقيقه ،قد يكون
ربحيا أو اجتماعيا أو الهدفين معا ،وفي هذا الفصل سيتم التطرف إليها
بالتفصيل.
من أجل تحقيق أهدافها تقوم املؤسسة بالعديد من الوظائف منها
التجارية واملالية واإلنتاجية وغيرها ،سيتم التفصيل فيها في هذا الفصل.
أوال .مفهوم المؤسسة:
َ
املجاالت تحتل املؤسسات أهمية كبيرة في املجتمع ،في مختلف
االقتصادية ،واالجتماعية ،لذلك علينا فهم طبيعة العمل فيها ومعرفة
أجزائها والعالقات الرابطة بينها ،من خالل سرد مختلف التعاريف التي
تشرح مفهومها ،وتبيان االختالفات الجوهرية بينها وبين بعض املصطلحات
القريبة منها ،ومن ثم استنتاج خصائصها.
.1تعريف المؤسسة:
تعددت التعاريف التي تشرح مفهوم املؤسسة ،وذلك ناتج عن
التصور الفكري لصاحب التعريف ومجال بحثه ،فقد عرفت املؤسسة
بشكل عام على أنها " :مجموعة من الطاقات البشرية واملوارد املادية
تشغل فيما بينها وفق تركيبأو هيكل معين ،قصد إنجازاملهام املنوطة بها
من طرف املجتمع" مما يعني أن املؤسسات بمفهومها الواسع هي إنشاءات
ً
ال تقتصر نشاطاتها على جني األرباح واألموال ،كما أنها تقوم دائما
باألنشطة التي تخدم احتياجات املجتمع النابعة من عاداته وتقاليده.
وتستخدم ألجل ذلك مجموعة من املوارد امللموسة وغير امللموسة ،وفق
هيكل تنظيمي يحدد املهام واملسؤوليات.
15
كما تعرف املؤسسة بأنها '' وحدة إنتاجية تعمل على إنتاج سلع
وخدمات وتوجيهها للبيع ،في ذات الوقت هي نظام مكون من مجموعة
أفراد وموارد أخرى ،وهي أيضا تنظيم اجتماعي يشكل جزءا مهما من
اعتبارها ّ
للمؤسسة من منظورات ثالث: املجتمع" مما يعني أنه يمكن النظر
ِ
نظاما ،وفي ذات الوقت هيكال اجتماعيا ،وكذا عونا اقتصاديا.
ومن هذا املنطلق يمكن تعريف املؤسسة وفقا لهذه األبعاد الثالثة
كما يلي:
أ .املؤسسة كنظام:
هي نظام كلي يتكون من مجموعة من األنظمة الفرعية التي يعتمد كل
جزء منها على اآلخر لتحقيق أهدافه ،تتداخل العالقات بينها وبين البيئة
الخارجية لتحقيق الهدف العام للنظام الكلي ".مما يعني أن املؤسسة
عبارة عن نظام مفتوح فيما بينه وعلى البيئة الخارجية .وتتمثل عناصر
هذا النظام في كل من:
-املدخالت :وتمثل كافة العناصر التي تبدأ املؤسسة بها نشاطها من أفراد
ومواد وتجهيزات ومعلومات ومعرفة ،ويشترط فيها الجودة العالية لتحقيق
مخرجات ذات جودة.
-العمليات :أي عملية تحويل املدخالت إلى مخرجات وتضم كافة العمليات
التحويلية باملؤسسة.
-املخرجات :وتتمثل في املنتجات والخدمات واملعلومات واملعرفة الناتجة
عن العملية التحويلية للمدخالت.
16
عملية التغذية العكسية :هي املعلومات املرتدة من مراقبة أنشطة
املؤسسة والتي تساهم في رصد االنحرافات لتصحيحها للحصول على
املخرجات املرغوبة.
ب .املؤسسة كمتعامل أو عون اقتصادي:
تعرف املؤسسة االقتصادية بأنها" :هيكل تنظيمي مستقل ماليا له
إطاره القانوني واالجتماعي ،تقوم بنشاطات اقتصادية تهدف إلى تحقيق
سوقية عن طريق توظيف ودمج مجموعة من عوامل إنتاج (بشرية ّ قيمة
ٍ
ومادية ومالية وفكرية) ،من أجل إنتاج أو تبادل أكبر قدر ممكن من (سلع
أو خدمات) بهدف تحقيق الر ٍبح.
إذن تبحث املؤسسات االقتصادية عن تحقيق األرباح بأقل التكاليف،
مما يعني قيمة سوقية أكبر.
ح .املؤسسة ككيان اجتماعي:
هي "مجموعة من األفراد يتميزون بخصائص اجتماعية مختلفة،
يعملون بالتعاون فيما بينهم لتحقيق أهداف جماعية مشتركة ،وفق تنظيم
مهيكل وممارسات إدارية محددة ويخضعون لسلطة معينة تعنى بتوزيع
املهام واتخاذ القرارات" ،إذن تبحث املؤسسات عن تلبية الحاجات األفراد
"عمال ُومستهلكين" ،ورفع مستوى معيشتهم.
.2المؤسسة وبعض المصطلحات القريبة منها:
هناك العديد من هناك العديد من املصطلحات التي تستخدم عند
العامة وحتى ذوي االختصاص على حد املساواة مع املع املؤسسة،
بالرغم من وجود بعض الفروقات الجوهرية بينها ،وفيما يلي أهم هذه
17
املصطلحات مع شرح مختصر لكل منها:
1.2املنظمة:
تعد املنظمة ترجمة للمصطلح اإلنجليزي ،organizationوتعني:
مجموعة من األفراد لهم هدف معين ،يستخدمون طريقة أو أكثر للوصول
ً
إليه .فمثال هناك منظمات بيئية ،منظمات عمالية ،منظمات اقتصادية.
2.2املؤسسة:
هي هيكل مستقل يخضع ألطر قانونية واجتماعية ،يضم مجموعة من
املوارد (البشرية واملادية واملالية والفكرية) تشغل بطريقة منظمة من أجل
خلق منتجات أو خدمات ،وليس بالضرورة أن يكون الهدف منها اقتصاديا
أو ربحيا " ،أي أن ما يفرق املؤسسة عن املنظمة ،أن املنظمة أشمل من
املؤسسة ،كون هذه األخيرة تأخذ شكال قانونيا وهيكال واضحا ،عكس
املنظمة التي ال تشترط ذلك ،إال أنه كثيرا ما يستعمل املصطلحان على قدم
املساواة.
3.2الشركة:
تعرف الشركة بأنها كيان معترف به قانونيا ،يؤسسه عدد من
األشخاص لالستثمار في مجاالت تجارية ،بتقديم حصة من مال أو عمل
عد املؤسسات كيانات القتسام ما قد ينشأ عنه من ربح أو خسارة ،وبالتالي ُت ّ
ً
ذات أهداف أكثر تداخال وتعقيدا من الشركات ،كما أن املؤسسة قد ال
تنشأ عن شراكة ،بل ينشئها شخص واحد أو الدولة مثال.
4.2املنشأة:
قد تمثل املنشأة مؤسسة بذاتها أو جزءا من املؤسسة ،لها موقع ثابت،
يقوم بأداء نوع أو أكثر من األنشطة االقتصادية تحت إدارة معينة ،مثال
18
على ذلك فرع من فروع املؤسسة ،أو منجم أو مستودعا أو مصنعا ،قد
تأخذ شكال دائما فتأخذ صفة املنشأة الدائمة ،أو شكال مؤقتا فتأخذ
شكل املشروع .مما يعني أن املؤسسة أشمل من املنشأة ،حيث تشغل هذه
األخيرة محل واحد عكس املؤسسة قد تنتشر في أكثر من محل.
5.2املشروع :يقصد باملشروع كل شاط مؤقت له بداية ونهاية محدد
تين ينتج عنه شنئ فريد من نوعه (منتج أو خدمة أو نتيجة ما) ومن
الناحية االقتصادية املشروع هو أي تنظيم مؤقت يعمل على إنتاج أو
مبادلة سلع أو خدمات ،أو تداول األموال ،بهدف الحصول على ربح،
كمشروع تطوير منتج جديد.
. 3تطور مفهوم المؤسسة وفقا لمراحل تطور الفكر اإلداري:
املؤسسة مفهوم قديم ،حيث حاول اإلنسان التغلب على محدودية قدراته
ً
الجسدية عن طريق التعاون مع غيره سعيا منه لتقديم املساعدة
والحصول عليها من أجل تلبية حاجاته وحل مشكالته ،إلى أن أصبح يعيش
في بيئة تعج بمؤسسات تهيمن على كل نشاطاته .فأصبح من األهمية فهم
ماهية املؤسسات وتعلم أساليب تسييرها ،ومن ثم بدأت دراستها بطرق
علمية بدءا باملدرسة التقليدية حتى مدرسة النظم.
1.3مفهوم املؤسسة لدى املدرسة التقليدية:
حيث ركزت املدرسة التقليدية على تقسيم العمل في تعريفها للمؤسسة
وعرفتها على أنها " :التكوين أو البناء الهيكلي الذي ينشأ في األساس عن
تحديد العمل وتجميعه وتقسيمه وتعيين السلطات واملسؤوليات وإنشاء
وتأسيس العالقات بين األجزاء املكونة للمؤسسة".
2.3مدرستي العالقات اإلنسانية والسلوكية:
وعرفت مدرستي العالقات اإلنسانية والسلوكية املؤسسة بوصفها
مجموعة من األفراد ينشطون من أجل تحقيق هدف أو أهداف مشتركة.
19
3.3مدرسة النظم:
نظرت للمؤسسة باعتبارها نظام متكامل يتكون من مجموعة من
األجزاء أو األنظمة الفرعية ،لكل منها مدخالته وعملياته التحويلية ومن ثم
مخرجاته.
إذن قد تكون املؤسسة اقتصادية هادفة للربح ،كما قد تكون
اجتماعية هادفة لخدمة املجتمع دون مقابل كالجامعات ،ولعل املؤسسات
التي تلقى االهتمام األكبر في دراستها من حيث كيفية تسييرها هي
املؤسسات االقتصادية ،نظرا ألهميتها البالغة في تحقيق التنمية
االقتصادية واالجتماعية بالوطن ،لذلك سيتم فيما يلي التركيز على هذا
النوع من املؤسسات ،نظرا لشموليتها لخصائص وأهداف باقي أنواع
املؤسسات.
.4خصائص المؤسسة االقتصادية:
ّ
االقتصادية خصوصا بالعديد من تتميز املؤسسة عموما واملؤسسة
الخصائص ومنها:
ّ
االقتصادية: 1.4الخصائص
تتميز املؤسسة االقتصادية بمجموعة من الخصائص االقتصاديةّ
أهمها:
-قدرة املؤسسة على توفير واستخدام ودمج عوامل اإلنتاج إلنتاج سلع
أو خدمات؛
-القدرة على البقاء واالستمرار ،من خالل قدرتها على أداء املهمة التي
وجدت من أجلها (إنتاج سلع أو الخدمات) ،وذلك بتوفير املوارد املادية
والبشرية الالزمة ألداء نشاطها ،وكذا القدرة على إدارتها بكفاءة واختيار
أساليب العمل املالئمة؛
20
-القدرة على التحديد الواضح لألهداف وصياغة االستراتيجيات
والبرامج والسياسات ،والحرص على تحقيقها.
-قدرة املؤسسة على التكيف مع بيئتها الخارجية والتفاعل املتبادل
معها (كونها نظام مفتوح)؛
ّ
التقنية: 2.4الخصائص
تقنية مما يجعلها كيانا تتميز املؤسسة بمجموعة من الخصائص ال ّ
تقنيا وأهمها:
-حيازة املؤسسة على تقنيات وتكنولوجيا تساعدها على أداء مهمتها،
تمتزج هذه التكنولوجيا مع خصوصية املؤسسة (مهارات وكفاءات) مما
يحقق لها مخرجات تميزها عن غيرها من املؤسسات؛
-التجديد التكنولوجي ،حيث تحصل كل دورة إنتاج باملؤسسة على
ُمدخالت جديدة من التقنيات والتكنولوجيا التي تتطور باستمرار ،وبالتالي
ّ
تكنولوجية وسلع أو خدمات تعطي مخرجات جديدة في شكل معلومات
جديدة.
3.4الخصائص القانونية:
ّ
القانونية مما يجعلها كيانا تتميز املؤسسة بمجموعة من الخصائص
قانونيا وأهمها:
ً ً ّ
-امتالك املؤسسة لشخصية معنوية مستقلة ،واسما خاصا بها،
مالية ،وصالحيات وحقوق وواجبات. انية ّوميز ّ
-الشكل القانوني للمؤسسة يلزمها االنصياع ملختلف القواعد
واإلجراءات القانونية املنظمة لعملها.
21
4.4الخصائص االجتماعية:
تتميز املؤسسة بمجموعة من الخصائص االجتماعية مما يجعلها كيانا
اجتماعيا من أهمها:
والعمال تربطهم عالقات -تضم املؤسسة مجموعة من املوظفين ُ
اجتماعية متبادلة وأهداف مشتركة؛
-طابع التكافل الذي يميز املؤسسة من حيث اعتبارها مصدر رزق
للعديد من أفراد املجتمع؛
-استجابة املؤسسة ملتطلبات املجتمع من سلع وخدمات تتماش ى مع
ثقافة وعادات هذا األخير.
هذا إضافة إلى خاصية الفناء ،فبالرغم من املؤسسة قائمة أساسا على
مبدأ البقاء واالستمرار عكس املشروع ،فإنها تخضع للفناء ما لم تحقق
نجاحا أو انتهت املهمة التي أنشأت من أجلها.
.5مراحل تطور المؤسسة االقتصادية:
مرت املؤسسة بثالث مراحل وهي:
1.5مرحلة ما قبل الثورة الصناعية:
تميزت هذه املرحلة ببدائية وسائل اإلنتاج ،واالعتماد شبه الكلي على
املوارد الطبيعة ،وتقسم بدورها لثالث مراحل هي:
أ .مرحلة اإلنتاج األسري البسيط:
حيث كانت الفالحة هي النشاط السائد ،حيث اعتبرها اإلنسان املورد
األساس ي لبقائه ،أين تحقق األسر اكتفاءها الذاتي من الغذاء من خالل
زراعة األرض وتربية املواش ي ،هذا إلى جانب بعض الحرف البسيطة ،تميزت
هذه املرحلة ببساطة األدوات املستخدمة ،وظهر ألول مرة تقسيم أولي
22
للعمل بين الحرفيين والفالحين ،من خالل مفهوم املقايضة ،حيث تسد
األسر الفالحية احتياجاتها من األدوات والوسائل من خالل تبادل الفائض
عن حاجتها من املنتجات الفالحية مع الحرفيين ،ظهرت في هذه املرحلة
بعض التجمعات الحضرية في شكل مدن صغيرة.
ب .مرحلة الوحدات الحرفية:
نتيجة ظهور التجمعات الحضرية بدأ الطلب على مختلف املنتجات
الحرفية من مالبس وأدوات اإلنتاج في االرتفاع ،باملقابل تزايد أعداد
أصحاب الحرف بدون عمل ،مما ّأدى إلى تكوين ورشات يتجمع فيها
أصحاب الحرف املتشابهة من أجل اإلنتاج تحت إشراف القدماء منهم،
ونشأت عدة ورشات حرفية كالحدادة والنسيج ،وكانت تخضع للكنيسة في
تحديد األجور واألسعار وذلك من أجل حماية املستهلك ،ظهرت في هذه
املرحلة طبقة تجار كوسيط بين املنتجين واملستهلكين وأصبحت الوحدات
الحرفية مرغمة على التعامل معهم.
ج .مرحلة النظام الحرفي املنزلي:
نتيجة ظهور طبقة التجار الرأسمالية حدث تحول هام في كيفية اإلنتاج
والتمويل ،حيث وفر التجار املواد األولية وأدوات العمل ورؤوس األموال
ألصحاب الحرف ولألسر الريفية التي ترغب في زيادة دخلها باحتراف حرفة
أخرى إلى جانب الزراعة ،من أجل تغطية حاجاتها املتزايدة أمام التطور
الحضري وتحسن ظروف املعيشة.
2.5مرحلة ما بعد الثورة الصناعية )أواسط القرن الثامن عشر( :
لقد هيأت التطورات السابقة الظروف لالنتقال إلى مرحلة أكثر تطورا
23
وهيكلة ،ما يسمى بالثورة الصناعية ،وتميزت هذه املرحلة بدورها بثالث
مراحل:
أ.مرحلة ظهوراملؤسسات الصناعية في شكلها األولي "املانيفاكتورة":
يعود ظهور املؤسسات الصناعية إلى التطورات الحاصلة في طرق
اإلنتاج (وحدات اإلنتاج والنظام الحرفي) ،ونمو طبقة التجار نتيجة ارتفاع
الطلب وتطور املستوى الحضاري والنمو الديمغرافي ،إضافة إلى
االستكشافات الجغرافية وأثرها على تراكم الثروة واستيراد املواد األولية،
وظهور بعض اآلالت البسيطة كاآللة البخارية ،وكذا ظهور النظام
الرأسمالي وانفصال الكنيسة عن الحياة االقتصادية ،مما ّأدى إلى ثراء
طبقة التجار الذين استطاعوا امتالك أدوات اإلنتاج ،وقاموا بجمع
الحرفيين تحت سقف واحد ،ملراقبتهم وضمان االستغالل األمثل لوسائل
اإلنتاج ،وهكذا ظهرت املصانع في شكلها األولي ،والتي تتكون من أدوات
بدائية يشتغل عليها العمال بأيديهم ،وكان للمصانع شكالن؛ فإما أن يضم
املصنع عددا من العمال لهم نفس الحرفة ينفذون مرحلة معينة من
مراحل اإلنتاج يكملها مصنع آخر ،أو أن يجمع بين عمال لهم حرف
مختلفة مكملة لبعضها ،يشاركون في تنفيذ كل مراحل اإلنتاج كل في
تخصصه ،وأصبح صاحب املصنع هو صاحب السلطة يتحكم في عملية
اإلنتاج والتمويل والتوزيع.
ب .مرحلة ظهوراملؤسسات الصناعية اآللية (الحديثة):
مع بداية القرن 19بعد ظهور ما يسمى بالثورة الصناعية الثانية وما
صاحبها من استكشافات علمية وثورة فكرية ،وظهور االختراعات وتطور
وسائل اإلنتاج واتساع األسواق بشكل واسع ،باإلضافة إلى الدور الهام
24
للجهاز املصرفي في تحقيق التطور االقتصادي في مجال الصناعة ،بدأ نوع
جديد من املؤسسات بالظهور ،وهي الصناعة اآللية في شكل ورشات ،والتي
تميزت باعتمادها على وسائل عمل آلية ميكانيكية بدال من اليدوية.
ج .مرحلة التكتالت والشركات املتعددة الجنسيات:
كنتيجة للتطور الكبير الذي شهده االقتصاد الرأسمالي ،ظهرت
التكتالت االقتصادية مع نهاية القرن 19وبداية القرن .20كحل استراتيجي
انتهجته بعض املؤسسات االقتصادية بهدف التحكم في األسواق وبالتالي
القدرة على مواجهة املنافسة ومن هذه التكتالت نجد:
-الكارتل:
((Cartelمصطلح التيني مشتق من كلمة (Chartaوتعني امليثاق ،وهو
عبارة عن تجمع لعدد من املؤسسات في نفس القطاع بهدف التقليل من
حدة املنافسة وتحديد كميات وأسعار اإلنتاج في السوق ،يفرض أسعار
مرتفعة مقارنة مع األسواق املنافسة حيث يتم اقتسام الربح الزائد
وتحتفظ املؤسسات في الكارتل باستقاللية مالية وقانونية ،بحيث ال تندمج
مع بعضها كما هو الحال بالنسبة للترست وظهر الكارتل ألول مرة في أملانيا
سنة ،1870مثال على الكارتل شركة األوبك النفطية.
-التروست:(Trust) :
عبارة عن تكتل يجمع بين عدة مؤسسات ،نتيجة االندماج أو الشراء،
بحيث تفقد كل واحدة منها استقالليتها املالية وشخصيتها القانونية،
وتصبح تحت إدارة واحدة ،مع حق كل منها في االنتخاب داخل مجلس
اإلدارة ،وظهر الترست ألول مرة في الواليات املتحدة األمريكية سنة ،1880
مثال الشركة الدولية ترست للتأمين الفلسطينية.
25
-الشركات القابضة (املالكة) أو الهولدينغ (:)Holding
لشركات
ٍ الشركة القابضة هي املؤسسة التي تمتلك األسهم املتداولة
ُ
أخرى .وغالبا ما يشير املصطلح بشكل أساس ي إلى الشركة التي ال تنتج
ّ
السلع أو الخدمات بنفسها ،وإنما الغرض منها فقط تملك أسهم الشركات
األخرى .وتمتلك الشركة القابضة عادة أغلبية األسهم في الشركة التابعة
تخول لها الرقابة على إدارتها وإدارة حافظتها من األسهم ،دون أن تفقدها
استقاللها القانوني ،وقد استحدثت نتيجة ظهور املعامالت بين البنوك
واملؤسسات من خالل البورصة ،من خالل شراء البنوك ألسهم املؤسسات
سواء أكانت عمومية أو خاصة ،ويطلق اسم " الشركة األم" على املسيرين،
واسم "الفروع أو الشركات التابعة " على الشركات ّ
املسيرة ،مثال على ذلك
شركة LGالكورية.
-الشركات املتعددة الجنسيات:
هي مؤسسة تعود ملكيتها لجنسيات متعددة ،ويتولى إدارتها أشخاص
من جنسيات متعددة ،وتمارس نشاطها في بلدان أجنبية متعددة ،بينما
تصمم استراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها في مركزها الرئيس ي في
الدولة األم ،وتتوسع في نشاطها إلى دول أخرى تسمى الدول املضيفة ،مثال
على ذلك " "volsvagenاألملانية .
سسة:
.6أهداف المؤ ّ
تقسم أهداف ّ
املؤسسة على النحو التالي:
ّ
االقتصادية: 1.6األهداف
تسعى املؤسسة إلى تحقيق العديد من األهداف من أهمها:
26
أ -تحقيق األرباح :يعد الهدف األساس ّي للمؤسسة ،إذ يساهم في رفع
رأسمالها وتوسيع أعمالها ومنافسة ّ
املؤسسات األخرى.
ب -تحقيق حصة سوقية أكبر:
مما يساهممن خالل رفع مستويات اإلنتاج وتوزيعه في اآلجال املحددةّ ،
ّ
املحلية ،وحتى الخارجية .وذلك من خالل ترشيد في تغطية طلبات املجتمع
عوامل اإلنتاج ،وانتهاج أساليب التسيير الحديثة.
ت -تحقيق قيمة سوقية للمؤسسة :وذلك من خالل توظيف ّ
فعال
لعوامل اإلنتاج ،مما يحقق االستغالل الكفء ملوارد املؤسسة سواء
امللموسة وغير امللموسة.
ث-تحقيق ميزة تنافسية مستدامة :وذلك من خالل االستجابة
لرغبات العمالء وترجمتها إلى مستويات أداء يجب بلوغها.
2.6األهداف االجتماعية:
عمال بمبدأ املسؤولية االجتماعية للمؤسسة أهداف اجتماعية تتمثل
فيما يلي:
توفير مستوى مناسب من األجر يساهم في تطوير مستوى معيشة
املوظفين ،مما يحقق الرضا الوظيفي؛
منح العاملين تأمينات وحقوق ُعمالية ،وكذا رفع مستوى التالحم
بين العمال؛
توفير مناصب عمل للعمال تتماش ى مع مؤهالتهم وطموحاتهم
وإمكانياتهم ،مما يساهم في رفع مستوى معيشة املواطنين باملجتمع
وامتصاص الفائض من اليد العاملة في سوق العمل؛
27
تحقيق أهداف بيئية ،حيث تهدف املؤسسة أثناء أدائها لنشاطها
املساهمة في تحقيق مبدأ التنمية املستدامة كالحفاظ على البيئة من خالل
ترشيد استخدام املوارد الطبيعية ،وإنتاج منتجات صديقة للبيئة،
واملساهمة في عمليات إعادة التدوير ومعالجة النفايات ،وكذا تمويل
منظمات حماية البيئة؛
استحداث أنماط استهالكية جديدة بالتأثير على أذواق املجتمع
اعتمادا على توفير منتجات جديدة بخصائص إيجابية.
ّ
الثقافية: 3.6األهداف
تتمثل األهداف الثقافية للمؤسسة فيما يلي:
ّ
والترفيهية للموظفين من خالل نظام ّ
الثقافية توفير كافة الوسائل
مزايا وخدمات مرن وقابل للتعديل؛
الحرص على توفير التدريب املستمر لألفراد في مختلف مراحل
مسارهم املنهي ،وتماشيا مع التطور التكنولوجي الحاصل.
4.6األهداف التكنولوجية:
تتمثل األهداف التكنولوجية للمؤسسة فيما يلي:
تطوير املنتجات جديدة ومواكبة التطور التكنولوجي ،وذلك من
ّ
العلمي (الداخلي والخارجي)؛ خالل تطبيق نتائج البحث
االستخدام األمثل لتكنولوجيا املعلومات واالتصال من أجل
والحصول على املعلومات املوثوقة والدقيقة، تقليل التكاليف وربح الوقتُ ،
ّ
التنافسية في السوق. للمساهمة في املحافظة على القدرة
املساهمة في تطوير سياسة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي
للدولة من خالل دمج نتائج وحدات البحث والتطوير التي تملكها ،مع
28
مختلف أعمال هيئات ومراكز البحث بالوطن لتحقيق رافعة تكنولوجية
حقيقية.
.7وظائف المؤسسة االقتصادية:
ّ
االقتصادية مع مجموعة من الوظائف وهي: يرتبط عمل املؤسسة
1.7الوظيفة ّ
املالية:
تهتم بالبحث عن التمويل من مصادره املمكنة ،وذلك بعد تحديد
االحتياجات املالية للمؤسسة من خالل دراسة خططها االستثمارية،
واختيار طرق التمويل األفضل لتحقيقها ،إضافة إلى دورها في إدارة هذه
األموال وتوجيهها التوجيه الصحيح ومنع الهدر والوقوع في أزمات مالية غير
مبررة ،باالعتماد على األساليب الحديثة للتسيير املالي.
2.7وظيفة املوارد البشرية:
ّ ُ
البشرية في وتهتم بصياغة وتنفيذ الخطط املتعلقة بإدارة املوارد
املؤسسة ،وتتمثل أهم مهامها في التوظيف والتدريب وتقييم األداء وتسيير
املسار املنهي ،ونظام األجور والحوافز واملزايا والخدمات.
29
اإلنتاجية ،للحصول على مخرجات في شكل سلع ّ تحويلية تسمى بالعملية
أو خدمات.
5.7التسويق:
هو الوظيفة التي تبحث في مواصفات املنتج التي تتوافق واحتياجات
السوق ،وبالتالي تحديد خصائص املواد الداخلة في تركيبه والتكنولوجيا
الالزمة لتصنيعه ،وتحديد السعر املالئم والتنافس ي ،وكذا التعريف
بخصائص املنتج والترغيب في اقتناءه من طرف أكبر حجم من املستهلكين
من خالل أساليب الترويج املختلفة ،إضافة إلى البحث عن قنوات تصريف
هذا املنتج والتنويع فيها لتوفير املنتج في الوقت املناسب وبالطريقة املالئمة
ملختلف شرائح املجتمع.
6.7وظيفة البحث والتطوير:
وهي الوظيفة التي تعنى بعمليات البحث التطبيقي والتطوير
التكنولوجي واستغالل نتائج البحث األساس ي والتطورات التقنية الحاصلة
في البيئة التكنولوجية ،لغرض تطوير مدخالت املؤسسة من مواد ووسائل
إنتاج أو عملياتها ،أو مخرجاتها من سلع وخدمات.
30
الفصل الثاني
تصنيـــف المؤسسات
االقتصاديـة
بعد التطرق ملاهية املؤسسة من حيث مفهومها ونطورها التاريخي
وأهدافها وكذا وظائفها ،تجدر اإلشارة إلى أهم التصنيفات التي حظيت بها
املؤسسات ،حيث تصنف املؤسسات عموما واالقتصادية بالخصوص إلى
عدة أنواع ،وفقا للعديد من معايير التصنيف املعتمدة.
فمنها ما يصنف وفقا للقطاع الذي تنتمي إليه ،أو حسب املعيار
االقتصادي ،كما تصنف املؤسسات وفقا ملعيار الجنسية ،أو املعيار
القانوني ،وفي هذا الفصل سيتم التطرق لهذه التصنيفات بش يء من
التفصيل.
أوال .تصنيف المؤسسات االقتصادية وفقا للقطاع:
تصنف إلى ثالثة قطاعات هي:
.1القطاع األولي:
هي تلك املؤسسات التي تتميز بنشاط مرتبط بعالقة قوية مع الطبيعة،
أي املوارد الطبيعية القابلة لالستهالك في صورتها األولية ،مثل املناجم،
ومؤسسات الصيد البحر ّي ،واملؤسسات الزراعية.
.2القطاع الثانوي:
هي عبارة عن مؤسسات األشغال العمومية ،واملؤسسات التحويلية
التابعة لقطاع الصناعة.
. 3القطاع الثالث (القطاع الخدمي):
هو و ووو عبو و ووارة عو و وون املؤسسو و ووات التو و ووي ال تنتمو و ووي للقطو و وواعين السو و ووابقين،
والت و و و و ووي تق و و و و وودم خ و و و و وودمات ،مث و و و و وول مؤسس و و و و ووات التس و و و و ووويق ،والت و و و و ووأمين،
واملصارف واالتصاالت وغيرها.
32
ثانيا .تصنيف المؤسسات االقتصادية حسب
المعيار االقتصادي:
وتصنف املؤسسات حسب هذا املعيار إلى:
.1المؤسسات الصناعية:
وتصنف بدورها إلى:
1.1صناعات ثقيلة:
كالصناعات االستخراجية كصناعة الحديد والصلب ،أو صناعة
وسائل اإلنتاج وتحتاج إلى رأسمال ضخم وكفاءات بشرية وتكنولوجية
عالية.
2.1الصناعات الخفيفة:
وتتمثل في الصناعات التحويلية كصناعة املواد االستهالكية.
.2المؤسسات الفالحية:
تتمثل في املؤسسات الناشطة في الفالحة كالزراعة وتربية املواش ي،
إضافة إلى أنشطة الصيد البحري.
.3المؤسسات المالية:
وهي املؤسسات التي تعنى بالنشاط املالي كالبنوك ومؤسسات التأمين
ومؤسسات الضمان االجتماعي.
.4المؤسسات التجارية:
وهي املؤسسات التي تعنى بالنشاط التجاري كاألروقة وغيرها.
.5المؤسسات الخدمية:
وهي املؤسسات التي تعنى بتقديم خدمات كالبريد واالتصاالت
والجامعات والنقل وغيرها.
33
ثالثا .المؤسسات االقتصادية حسب معيار الجنسية
والمعيار الجغرافي:
وتصنف إلى:
.1مؤسسات وطنية:
تعمل داخل الوطن ومالكوها من داخل الوطن ويحملون الجنسية
الوطنية ،قد تكون تملك فرع واحد أو عدة فروع في مناطق متباعد من
الوطن.
.2مؤسسات أجنبية:
تعمل داخل الوطن ومالكوها من خارج الوطن ويحملون جنسية أجنبية
واحدة ،قد تكون تملك فرع واحد أو عدة فروع في مناطق متباعد من
الوطن.
.3مؤسسات مختلطة:
تعمل داخل الوطن ومالكوها جزء منهم من داخل الوطن وآخرون
أجنبيون ،قد تملك فرع واحد أو عدة فروع في مناطق متباعد من الوطن.
.4مؤسسات متعددة الجنسيات:
تعمل داخل الوطن ومالكوها من جنسيات مختلفة ،قد تملك فرع
واحد أو عدة فروع في مناطق متباعد من الوطن ،وتسمى أيضا املؤسسات
العابرة للقارات مراعاة للدول املضيفة لهذه املؤسسات.
رابعا .المؤسسات االقتصادية حسب معيار الحجم:
وتقسم إلى مؤسسات مصغرة وصغيرة ومتوسطة وكبيرة ،وهناك من
يضيف أشكال أخرى وهي املؤسسات الضخمة والعمالقة ،وتختلف معايير
تقسيم املؤسسات وفق الحجم من دولة ألخرى ،فهناك من الدول التي
تأخذ بمعيار عدد العمال كدول شرق آسيا ،التي تعتبر املؤسسة مصغرة
إذا كان عدد عمالها أقل من 10عمال ،وصغيرة إذا كان عدد عمالها من 10
34
إلى 59عامل ومتوسطة إذا كان عدد عمالها من 50إلى 99عامل وكبيرة إذا
كان عدد عمالها 100عامل أو أكثر ،هناك من الدول من تأخذ بعدد من
املعايير للتصنيف ،كنوع النشاط وعدد العمال والتكنولوجيا املستعملة
ونوع القطاع ومعيار رأس املال ،ورقم األعمال وامليزانية السنوية ،إلى غيرها.
البنك الد ولي مثال يأخذ بالحسبان عدد العمال ،الحد األقص ى لرأس
املال املستثمر وحجم املبيعات ،بينما االتحاد األوروبي يأخذ بالحسبان
معيار عدد العمال ورقم األعمال والحصيلة السنوية ،كما هو الحال
بالنسبة للجزائر ،وفيما يلي جدول يبين تصنيف الجزائر وفقا ملعيار
الحجم.
خامسا .تصنيف المؤسسات االقتصاد ّية وفقا ً
لطبيعة ملكيته:
وتصنف إلى األنواع اآلتية:
.1المؤسسات الخاصة:
وتنقسم املؤسسات الخاصة إلى:
1.1مؤسسات خاصة فردية:
يمتلكها فرد واحد وهو صاحب رأس املال ،وهو عادة القائم على
التسيير واتخاذ القرارات ،واملسؤول األول واألخير عن نتائجها ،وتتميز
بسهولة اإلنشاء والتنظيم ،ومن عيوبها نقص رأس املال وصعوبة التمويل
نتيجة نقص الضمانات ونقص الخبرة التسييرية لدى املالك.
2.1مؤسسات خاصة جماعية:
تمتلكها مجموعة من األشخاص يتوزع رأسمالها عليهم ،تتميز بقدرتها
على التمويل بفضل وجود ضمانات كافية نتيجة تعدد الشركاء ،وسيتم
التعرض لها بالتفصيل عند الحديث عن التصنيف القانوني للمؤسسات.
35
.2المؤسسات العامة:
ّ
هي املؤسسات التي تمتلكها الدولة ،وال يمكن إغالقها أو بيعها إال
بموافقة الحكومة ،وتنقسم إلى مؤسسات تابعة للوزارات حيث تقوم
بالرقابة الدورية على تسييرها ،ومؤسسات تابعة للجماعات املحلية
(الدائرة والبلدية).
.3المؤسسات المختلطة:
هي املؤسسات التي تتوزع ملكيتها بشكل مشترك بين القطاعين العام
والخاص ،حيث يشترط أن تكون نسبة القطاع العام أكبر من ( %51على
األقل) لضمان تحكم الدولة في القرارات الرئيسية للشركة.
سادسا .تصنيف المؤسسات االقتصادية وفقا ً
للشكل القانوني:
ً
وتصنف املؤسسات االقتصادية وفقا للشكل القانوني إلى نوعين
رئيسين هما:
.1شركات األشخاص:
هي املؤسسات التي ترتبط بوجود نوع من املخاطرة املالية غير
ّ
الشخصية للشركاء ،أي املحدودة ،وتعتمد هذه الشركات على االعتبارات
أن التعامل مع الشركة من طرف الغير يكون على أساس الثقة في
الشركاء ملا يتمتعون به من مؤهالت وصفات شخصية كاألمانة ،إضافة
للثقة املتبادلة بين الشركاء ،وتصنف هذه الشركات إلى:
أ .شركة التضامن:
وهي الشركة التي يعقدها شخصان أو أكثر قصد التجارة ،وتسمى أيضا
الشركة ذات االسم الجماعي ( ،)SNCيتألف عنوان الشركة من أسماء
جميع الشركاء ،أو أحدهم أو أكثر متبوع بكلمة وشركائه ،وتكمن أهميتها في
36
كونها أكثر مالئمة للتجار ذوي الثراء املحدود ،وانسجامها مع التجارة
العائلية التي تنشأ بين أفراد األسرة أو األصدقاء ،حيث تربطهم الثقة
املتبادلة التي تعد أساس إنشاء هذه املؤسسات .وعادة ما تكون مؤسسات
صغيرة أو متوسطة ،يكتسب فيها الشريك املتضامن صفة التاجر،
ويسأل مسؤولية "شخصية" عن ديون الشركة؛ فتكون ذمته املالية
بكاملها (أمواله الخاصة خارج حصته) ضامنة للوفاء بهذه الديون حتى
بعد انحالل الشركة ،وهذا أهم ما يميزها ،بينما يتقاسم الشركاء األرباح
حسب حصصهم التي ال يجوز أن تكون ممثلة في سندات قابلة للتداول،
وال يمكن إحالتها لآلخرين إال برضا جميع الشركاء.
يعين مدير أو أكثر من الشركاء أو غير الشركاء ،ويمكن للشركاء غير
املديرين أن ي طلعوا مرتين في السنة على الحسابات والعقود والفواتير
والوثائق املحررة واملستلمة ،وتنقض ي هذه الشركة عند اإلخالل بأحد
الشروط العامة إلنشائها كالسبب واملحل ،أو الخاصة كانسحاب أحد
الشركاء أو وفاته أو إفالسه أو فقدانه لألهلية ما لم ينص العقد التأسيس ي
عكس ذلك.
ب .شركة املحاصة:
هي شركة تجارية تنعقد بين شخصين أو أكثر ،تقوم على العالقة
الخاصة بينهم دون علم اآلخرين بوجودها ،وتهدف عادة إلى القيام بنشاط
تجاري مؤقت تنتهي الشركة بانتهائه ،يمارس أعمالها شريك ظاهر يتعامل
مع الغير تكون املعامالت باسمه ،وإذا علم الغير بها تتحول إلى شركة
تضامن ويجب تسجيلها .وهي شركة ال تتمتع بالشخصية املعنوية وال
37
تخضع لإلجراءات الشكلية التي تحكم باقي الشركات ألنها شركة مستترة.
لذلك فإن هناك أربعة صيغ مللكية الحصص:
أن يحتفظ كل شريك بملكية حصته ويستثمرها بنفسه.
أن يحتفظ كل شريك بملكية حصته ،مع تسيلم الحصص إلى
أحد الشركاء ليقوم باستثمارها لحساب الشركة.
وفي الحالتين ال يكون للدائنين املتعاملين مع الشريك الظاهر النفاذ
إلى حصص الشركاء األخرين.
أن ينقل الشركاء ملكية حصصهم إلى أحد الشركاء ليستثمرها،
وفي هذه الحالة يكون للدائنين أن ينفذوا إلى جميع الحصص ألن ملكيتها
انتقلت ملن تعامل معهم (الشريك املستثمر).
ً
أن تكون الحصص املقدمة مملوكة لهم جميعا ،وفي هذه الحالة
تطبق عليهم أحكام املال الشائع (العمل برأي األغلبية).
ً
ال يجوز للشركة أن تصدر صكوكا قابلة للتداول ،وليس للغير حق
الرجوع إال للشريك الذي تعاملوا معه (الشريك الظاهر) ،ولكن إذا حدث
وتعامل أحد باقي الشركاء مع الغير يجب أن يكون ذلك باسمه الخاص،
وتنقض ي شركة املحاصة بتحقق سبب من أسباب االنقضاء العامة أو
الخاصة املتعلقة باالعتبار الشخص ي للشريك الظاهر .وهي ال تخضع
لقواعد التصفية التي تخضع لها باقي الشركات النعدام الشخصية
املعنوية ،وبالتالي انعدام الذمة املالية املستقلة.
ّ
التوصية البسيطة: ت .شركة
هي الشركة التي تعقد بين شريك واحد أو أكثر متضامنين ومسئولين
بصفتهم الشخصية على إيفاء ديون الشركة ،وبين شريك واحد أو أكثر
38
يكونون أصحاب أموال فيها وخارجين عن اإلدارة ويسمون شركاء موصين،
يقدمون نسبة محددة من املال ،وال يلزم كل منهم إال في حدود النسبة التي
قدمها ،وتكمن أهميها في أنه يجوز لألشخاص املحرومين من حق ممارسة
التجارة بسبب الوظيفة التي يمارسونها أن يدخلوا كشركاء موصون في
شركة التوصية البسيطة.
ال يجوز إدراج أسماء الشركاء املوصون في عنوان الشركة ،عكس
الشركاء املتضامنون الذين يسألون عن ديون الشركة مسؤولية مطلقة،
مما يكسب الشريك املتضامن صفة التاجر عكس املوص ي ،وال يجوز أن
تكون حصص الشركاء ممثلة في سندات قابلة للتداول ،إال أنه يمكن
للشريك تحويل جزء من حصته إلى شريك موص ي أو شخص أجنبي عن
الشركة ولكن بموافقة الشركاء ،وال يلتزم الشريك املوص ي بتقييد اسمه في
السجل التجاري وبالتالي ال يكتسب صفة التاجر .كما ال يمكنه القيام بأي
عمل بالشركة ولو بمقتض ى وكالة ،وال يخضع لنظام اإلفالس ،وتنقض ي
شركة التوصية البسيطة باألسباب العامة أو ألسباب خاصة تتعلق
بالشريك املتضامن (وفاة أو إفالس ،)...ألن الشريك املوص ي مسؤول في
حدود حصته.
.2شركات األموال:
ّ
االقتصادية التي تقوم على االعتبار املالي وليس هي املؤسسات
الشخص ي كما في شركات األشخاصّ ،
تهتم بجمع أكبر كمية ممكنة من
رأس املال دون االهتمام بشخصية الشركاء ،وتكون عادة شركات كبيرة
وأهم أشكالها الشركة املساهمة العامة ،وهي شركة أموال ينقسم رأس
مالها إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول ،وال يكون كل شريك فيها
39
مسئوال عن ديون الشركة إال بقدر ما يملكه من أسهم ،ومع ذلك فإن
مسئولية مؤسس ي الشركة خالل مرحلة التأسيس تكون تضامنية قبل
الغير ،وال تعنون باسم أحد الشركاء وإنما يكون لها اسم يؤخذ من غرضها
الذي أنشئت من أجله مثال شركة التنمية السياحية ،أي أنها تبنى على
االعتبار املالي ال الشخص ي ،حيث تتكون الشركة من عدد كبير من
املساهمين ال يعرف بعضهم البعض ،وتختلف األسهم عن حصص
الشركاء في شركات األشخاص في كون األسهم قابلة للتداول دون حاجة
ملوافقة باقي الشركاء ،.وال يكتسب الشريك صفة التاجر ،وال تنقض ي
الشركة بوفاة أحد املساهمين أو إفالسه.
ويجب أن تتم دعوة الجمهور إلى االكتتاب بناء على نشرة معتمدة من
الهيئة العامة لسوق املال يتم نشرها فى صحيفتين يوميتين ،ويجب أن يظل
االكتتاب مفتوحا مدة ال تقل عن عشرة أيام وال تتجاوز شهرين ،وتنقض ي
شركة املساهمة العامة بانتهاء مدة الشركة أو هالك معظم رأسمالها أو
ً
انتهاء الغرض الذي أسست من أجله أو اندماجها مثال في شركة أخرى.
.3الشركات المختلطة:
وهي الشركات التي تحمل صفات النوعين السابقين (األشخاص
واألموال) وتتمثل في كل من:
ّ
املسؤولية املحدودةSARL : أ .الشركة ذات
ّ
يتحملون عدة أشخاص ال هي شركة مكونة من شخص واحد أو ّ
ً ّ ّ ّ
تضم إال شخصا الخسائر إال في حدود ما قدموا من حصص ،وإذا كانت ال
ً
واحدا ،فتسمى “مؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات املسؤولية املحدودة
وتعين بعنوان للشركة يمكن أن يشتمل على اسم واحد من الشركاء ّ EURL
40
أو أكثر على أن تكون هذه التسمية مسبوقة أو متبوعة بكلمات “شركة ذات
مسؤولية محدودة” ،أو األحرف األولى منها .وتتمتع هذه الشركة بالشخصية
املعنوية ،ويتكون رأسمالها من حصص نقدية وحصص عينية ،وإمكانية
تقديم حصة عمل ،والقانون األساس ي للشركة هو الذي يحدد كيفية
يخوله من أرباح ،وال تدخل هذه الحصة في تقدير قيمة هذا العمل وما ّ
تكوين رأس املال؛
مسؤولية الشريك تكون محدودة بقدر نسبة مساهمته في رأس املال،
ّ
وبالتالي فهو ال يكتسب صفة التاجر إال إذا كانت له هذه الصفة قبل
دخوله في الشركة ،وال تتأثر الشركة ِبما يطرأ على الشريك من عوارض،
كالوفاة أو اإلفالس غيرها ،ويجب أن تكون الحصص اسمية عكس شركات
األموال ،وال يمكن أن تكون ممثلة في سندات قابلة للتداول وهذه نقطة
ّ
تشابه مع شركات األشخاص ،إال أنه يمكن أن تنتقل إلى أشخاص أجانب
ولكن بموافقة أغلبية الشركاء ،كما يجوز أن تنتقل عن طريق اإلرث أو
إحالتها بين األزواج واألصول والفروع ،وال يجب أن يتجاوز عدد الشركاء
ً
خمسين شريكا وإال وجب تحويلها إلى شركة مساهمة في أجل سنة ،ويعود
سبب تحديد عدد الشركاء إلى الحفاظ على االعتبار الشخص ي للشريك من
حيث الثقة املتبادلة ،وتكون هذه الشركات عادة صغيرة أو متوسطة
صالحة لالستفادة من ذوي الكفاءات في تحقيق التنمية بالبالد.
ب .شركة التوصية باألسهم:
ً
وهي شركة تتكون من فريقين من الشركاء :فريق يضم على األقل شريكا
ً
متضامنا وفريق آخر يضم شركاء مساهمون وال يسألون عن ديون الشركة
إال بقدر حصصهم ،واالختالف الجوهري بينها وبين شركات التوصية
41
البسيطة كون املساهمون املوصون لهم حرية التصرف في حصصهم
كالتنازل عنها أو بيعها دون الرجوع للشركاء املتضامنين.
يتكون اسم شركة التوصية باألسهم من اسم واحد أو أكثر من الشركاء
املتضامنين دون املوصين ،على أن تضاف إلى اسمها عبارة (شركة توصية
باألسهم) ،وما يدل على غاياتها" .وال يجوز أن يذكر اسم الشريك املساهم
في اسم الشركة.
يتولى إدارة الشركة شريك متضامن أو أكثر ،كما أن هناك جهازان
رئيسيان يتوليان أعمال الرقابة الداخلية على إدارة الشركة وهما مجلس
الرقابة (ويتكون من ثالثة من املساهمين على األقل) ومراقب الحسابات،
وتنقض ي شركة التوصية باألسهم إذا تحقق أحد األسباب العامة ،أو
األسباب الخاصة التي تنقض ي بها شركات املساهمة أو شركات التضامن.
42
الجزء الثاني
ماهية التسييـر ومراحل
تطور الفكر اإلداري
الفصل الثالث
ماهيـــة التسييــــر
تطرقنا فيما سبق إلى مفهوم املؤسسة ومراحل تطورها وكذا أهم
أشكالها ،وإن هذا التطور في أنواع وطبيعة املؤسسات إنما يرد بالدرجة
األولى إلى عمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة التي تجعلها
تواكب التغيرات الحاصلة في بيئتها الخارجية والتي تشكل في مجملها أهم
وظيفة باملؤسسة ،وهي الوظيفة اإلدارية أو ما يسمى بالتسيير.
لقد تطور مفهوم التسيير ،أو اإلدارة باملعنى الواسع ،بتطور الفكر
اإلداري ،كما تأثر بالتطور الحاصل على املؤسسة نفسها ،كما يستقي
التسيير الحديث للمؤسسات جل مبادئه من مبادئ اإلدارة التي وضعها
هنري فايول في إطار املدرسة الكالسيكية ،والتي سيتم التعرض لها تفصيال
في هذا الفصل.
للتسيير أهمية قصوى في تحقيق نجاح وتطور ونمو املؤسسات ،سواء
بالنسبة للمؤسسة نفسها (املالك والعاملين) أو املجتمع ككل ،كما أن
عملية التسيير ال تقتصر على مستوى اإلدارة العليا ،بل إنها تمتد
للمستويين التكتيكي والتشغيلي لتقريب األطر املرجعية والفكرية ملختلف
املستويات مع بعضها ،في هذا الفصل سيتم التطرق ملختلف الجوانب التي
تشرح أهمية التسيير ،وكذا العمليات اإلدارية بمختلف مستوياته.
أوال .مفهوم التسيير(اإلدارة):
إن كلمة تسيير وهي ترجمة للكلمة الفرنسية ( )Gestionتعد مرادفا
لكلمة إدارة وهي ترجمة لكلمة" Managementقد تستخدم في الحياة
العمليوة فوي أكثر من مجال ،لذلك ال يوجد هناك حتى اآلن تعريف واحد
متفق عليه لإلدارة ،وذلك بسبب تعدد االهتمامات ووجهات النظر من
46
ناحية ،وبسبب التغير املستمر في دور املنظمات نتيجة للتغير املستمر في
البيئة املحيطة.
.1تعريف التسيير:
إن أولى محاوالت تعريف التسيير هي تلك التي قدمتها املدرسة
ّ
الكالسيكية ،حيث عرفه ) (Taylorعلى أنه" :تحديد ما هو مطلوب عمله
ّ ُّ
ثم التأكد من ّأنهم يؤدون ما هو مطلوب منهم من العاملين بشكل صحيح،
بأفضل الطرق ،وأقل التكاليف".
وعموما يعرف التسيير بأنه" :مجموعة متشابكة من الوظائف أو
العمليات (تخطيط ،تنظيم ،توجيه ،قيادة ،متابعة ،رقابة) تسعى إلى
تحقيق أهداف معينة عن طريق االستخدام األمثل للموارد املتاحة"
تنظيمية ُمعينة" .وهذا
ّ ّ
واملالية ،واملعلومات في بيئة ّ
واملادية، ّ
البشرية،
التعريف مستوحى من أعمال فايول حول وظائف التسيير.
كما عرفته مدرسة العالقات اإلنسانية على أنه" :تحقيق األهداف
املنتظرة بتنظيم استخدام اإلمكانيات املادية ،والبشرية املتاحة مع
املحافظة على العالقات اإلنسانية داخل املؤسسة"
بينما عرفته مارى باركر فوليت Parket Mary Folletعوام 1918:من
منظور كونه فنا على أنه " فن تحقيق األشياء من خالل اآلخرين" ،وبوالرغم
مون بساطة هذا التعريف إال أنه ركز على جوهر اإلدارة .ويقترب هذا من
تعريف لدونيللى وزمالئوه Donnellyوالذي يصف التسيير بأنه "تلك
العملية التي يتم القيوام بها من خالل شخص واحد أو عدة أشخاص
لتنسيق األنشطة واألعمال التي يقوم بها اآلخرون بغرض تحقيق نتائج
معينة ال يمكن إنجازها بواسطة فرد واحد "
47
يتضح مما سبق بأن التسيير هو نشاط ذهني يتضمن عملية متكاملة
مون التخطويط والتنظويم والتوجيه والرقابة لكافة املوارد امللموسة (مادية
ومالية) وغير امللموسة (بشرية ومعلوماتية ومعرفية) الالزموة لتحقيوق
أهداف املنظمة بكفاءة وفاعلية.
.2خصائص التسيير:
كما هو واضح من خالل التعاريف السابقة أن اإلدارة تتميز بالجوانب
الرئيسية التالية:
يعتبر التسيير علما باعتباره يتوفر على كل مقومات العلم من
نظريات ومبادئ وأسس علمية يقوم عليها ،وكذا استخدامه لألساليب
العلمية لحل املشكالت (تحديد وتحليل املشكلة وتقييم البدائل واختيار
البديل األمثل) ،كما أنه يقوم على التجربة واستخالص النتائج تماما كباقي
العلوم ،باإلضافة إلى كونه يستخدم مختلف الطرق الكمية للتنبؤ واتخاذ
القرار.
يعتبر التسيير فنا باعتباره يقوم على مهارات املسير وخبراته في
القيام بوظائف التسيير ،وتطويعها مع خصوصية املؤسسة املتمثلة في
التغير املستمر الذي يتطلب مرونة في تطبيق أساليب التسيير املختلفة،
وكذا كون املؤسسة كيان اجتماعي مكون من مجموعة من املوارد البشرية
التي تختلف في تركيبتها النفسية والسلوكية والتي تستدعي أخذها
بالحسبان عند إدارتها،
الطابع اإلنساني واالجتماعي للتسيير ،فهو نشاط إنساني يقوم
على تنفيذ األعموال واملهام عن طريق اآلخرين ،كما أن التسيير ليس عملية
48
فردية بقدر ما هي عملية تحتاج للجهد الجماعي والعالقات االجتماعية
لتحقيق أهدافه بكفاءة وفاعلية.
الحتمية ،بمعنى تحقيق املؤسسة ألهدافها يحتم عليها وجود هيئة
إدارية تقوم بتوجيه جهود األفراد والجماعات نحو الهدف املشترك لتفادي
التنفيذ االرتجالي والعشوائي للمهام.
االستهداف ،حيث أن لكل مؤسسة هدف تصبوا لتحقيقه
(فاملؤسسة الخاصة مثال تصبوا لتحقيق الربح بينما تستهدف املؤسسات
العامة أهدافا ذات طابع اجتماعي أكثر) ،ويفترض من املسيرين العمل على
تحقيقه ،من خالل اختيار األساليب املالئمة للهدف املنشود.
ً ً
هو نشاط ذهني غير ملموس ،وليس نشواطا تنفيذيا لألعمال
واملهام ،مما يؤثر على الخصائص واملؤهالت الالزم توفرها في األفراد الذين
يشغلون مناصب إدارية.
هو عملية متكاملة تنطوي على التخطويط والتنظويم والتوجيه
والقيادة والرقابة ،في مختلف مستويات التنظيم.
كما يمكن ممارسة التسيير في كافة أنوواع املؤسسات باخوتالف أحجامها
وطبيعة نشاطها ،كما ينصب التسيير على كافة املوارد املستخدمة في
املؤسسة سوواء كانوت بشرية أو مادية أو معلوماتية.
ثانيا .أهمية التسيير:
تتمثل املهمة الرئيسية للتسيير في تمكين املنظمة من تحقيق مستوى
عال من اإلنجاز ،حيث َيعتبر التسيير عامال أساسيا لنجاح املنظمات على
اختالف أنواعها ،من أجل تحقيق التكيف مع مختلف الظروف املحيطة
49
بها ،إضافة إلى تحقيق التطور والنمو ،واإلبداع .هذا إضافة للعديد من
النقاط أهمها:
-1استغالل الموارد على النحو األمثل:
وذلك عن طريق اختيار أساليب العمل األكثر فعالية والتي من شأنها
يؤدي إلى واملادية املُتو ّ ِفرة ّ
مما ّ البشريةّ ،
ّ تحقيق االستخدام األمثل للموارد
ّ ُ الفعاليةُّ ،
وتجنب َ ّ
الهدر في املؤسسة ،بحيث تتم االستفادة من تحقيق
ّ
املختصين ،والخبراء ،واستغالل مهاراتهم بشكل صحيح.
ِ
-2المساعدة على تحقيق أهداف المؤسسة:
تساهم وظائف التسيير من تخطيط وتنظيم ،وتنسيق ،وتوجيه
ُ
ومراقبة املوارد والعمليات في تحقيق أهداف املؤسسة ،دون إهدار للجهد،
والوقت ،واملال ،حيث ال يمكنها تحقيق أهدافها بدون استخدام آليات
التسيير املختلفة حتى لو كانت العناصر األخرى (عوامل اإلنتاج) جميعها
متوفرة ،واملقصود هنا هو التسيير الفاعل والكفء الذي يعتمد على
ّ ُ
األساليب العلمية املستخدمة في العملية اإلدارية واتخاذ القرارات،
-3تقليل التكاليف:
ّ
واملادية ّ
البشرية، حيث إن التخطيط السليم في استخدام املوارد
يساعد على التقليل من التكاليف ،وتحقيق املستوى األعلى من اإلنتاج.
-4تحقيق هيكلة سليمة للمؤسسة:
ّ
تنظيمي سليم يساعد على تحقيق أهداف وذلك عن طريق إنشاء هيكل
َ
املنظمة ،ويضمن عدم تداخل الوظائف ،وامل ّ
هام ،ويتماش ى ونشاط
املؤسسة وكذا خصائص األفراد.
50
-5تحقيق التوازن للمؤسسة:
حيث تحافظ اإلدارة على تحقيق توازن املنظمة ضمن البيئة املُ ّ
تغيرة،ِ
مهامها الحفاظ على ُنموّ
وتكيفها مع ُمتطلبات املجتمع ،باإلضافة إلى ّأن من ّ
ُّ
املنظمة.
-6تحقيق عوامل االزدهار للمجتمع:
ّ
االقتصادي ،وتحسين مستوى حيث ّ
تهتم اإلدارة بتحسين اإلنتاج
املعيشة ،وتوفير ُف َرص العمل لألفرادّ ،
مما يعود بالنفع عليهم ،وعلى
املجتمع ّ
ككل.
ثالثا .مبادئ التسيير:
يعتبر هنري فايول ( )1925 - 1841أول من أعطى مبادئ واضحة املعالم
للتسيير واإلدارة ،وأسماها األصول األربعة عشر لإلدارة والتي تتضمن كل
املهام اإلدارية ،وهي مالئمة للتطبيق على مستويات اإلدارة الدنيا والوسطى
والعليا على حد سواء.
.1مبدأ التخصص :ويعني
تجميع الوظائف املرتبطة مع بعضها البعض.
-2مبدأ السلطة والمسؤولية :
تمنح للمسير سلطة رسمية إلصدار األوامر حتى يتسنى له أداء مهامه
على أكمل وجه ،يستمدها من املنصب الرسمي واختصاصاته ،باملقابل
يجب أن يتمتع املسير بسلطة شخصية تنبع من صفاته الفردية كالذكاء
والخبرة والخلق القويم والقدرة على القيادة الجيدة ،والتي تمكنه من
إصدار األوامر ،وقد وضح فايول ،االرتباط الوثيق بين السلطة
واملسؤولية ،إذ أن املسؤولية منبثقة عن السلطة ،ويجب أن تكون موازية
أو مساوية لها حتى يتمكن املسير من أداء مهامه ،فال تكون املسؤولية
51
امللقاة على عاتقه أكبر من السلطات املخولة له فال يستطيع تحقيقها
بسبب محدودية إمكانياته أو عدم استجابة املرؤوسين له ،وال تكون
املسؤولية أقل من السلطة فيس يء املسير استخدامها .بالرغم من هذا فإن
االتجاهات الحديثة لإلدارة تدعوا إلى تحميل املسير مسؤوليات أكبر من
السلطات املخولة له إذا أثبت جدارته وذلك سعيا إلى رفع روح االنتماء
والوالء للمؤسسة.
-3مبدأ االنضباط:
يرى فايول أنه من الضروري احترام القواعد والقوانين الداخلية
للمؤسسة وإبداء مظاهر الطاعة واالحترام للمسيرين ،كما يرى أن تحقيق
هذا يرتبط بوجود مسيرين على درجة عالية من الكفاءة في جميع
املستويات ،بالرغم من ذلك فإن االتجاهات الحديثة للتسيير تدعوا إلى
ضرورة منح بعض املرونة والحرية لألفراد في اختيار الطرق املناسبة ألداء
مهامهم ما داموا يلتزمون بتحقيق األهداف املطلوبة منهم ،وهذا من أجل
تكريس مفهوم اإلبداع واالبتكار.
-4م بدأ وحدة القيادة :أو وحدة الرئاسة:
ويعني هذا أن يكون لكل موظف أو عامل رئيس واحد يتلقى منه األوامر
ويرفع له التقارير وذلك لتفادي التعارض في التعليمات.
-5مبدأ وحدة التوجيه :
أي أن كل مجموعة من األنشطة املتشابهة والتي تعمل لتحقيق هدف
واحد ،واملتضمنة ملجموعة من العمال واملوظفين ذوي تخصصات مشتركة
وأهداف مشتركة ،يجب أن يكون هناك شخص واحد يقوم بتوجيهها
وإدارتها( ،املدير) والذي يضع خطة واحدة يتم اتباعها ،ولعل مبدأ القيادة
ومبدأ التوجيه متداخلين فيما بينهما،
52
-6سيادة المصلحة العامة على المصلحة الفردية:
أي تسبيق املصلحة العامة واألهداف العامة للمؤسسة على مصالح
األفراد ،وأن تصب األهداف الفردية في الهدف العام للمؤسسة ،وفي
حال تعارض مصالح العاملين مع املصلحة العامة للمؤسسة ،يتطلب من
اإلدارة التدخل وذلك من أجل املحافظة على استقرار املؤسسة
واستمراريتها.
-7مبدأ التعويض أو األجر العادل :
أي أن تكون الرواتب واألجور واملكافآت عادلة ،حيث يعوض العامل أو
املوظف وكذا املسؤول بقدر الجهود املقدمة واملؤهل العلمي واملستوى
التنظيمي ،لتحقيق الرضا الوظيفي وااللتزام بتحقيق األهداف.
-8مبدأ المركزية أو تفويض السلطة :
يقصد باملركزية تركيز سلطة اتخاذ القرار في املستويات العليا للتنظيم
وعدم إشراك املرؤوسين في عملية اتخاذ القرار ،مع منح املوظف أو العامل
سلطة أداء عمله بالطريقة التي يراها صحيحة ،وهذا عكس الالمركزية التي
تتضمن مساحة واسعة من تفويض السلطة للمستويات اإلدارية األدنى،
ويختلف مدى تركيز السلطة أو توزيعها من مؤسسة ألخرى ،حسب نوعية
املشكالت ،وطبيعة املؤسسة وقدرات ومؤهالت األفراد
-9مبدأ تسلسل وتدرج السلطة :
ويعني هذا تسلسل الرؤساء من أعلى إلى أسفل بحيث تزيد السلطة في
املستويات اإلدارية لعليا وتنقص كلما اتجهنا نحو املستويات الدنيا ،أي
تدرج مستويات القيادة في التنظيم بشكل هرمي من القمة للقاعدة ،بحيث
تكون خطوط السلطة واضحة لجميع مستويات اإلدارة من خالل الخريطة
53
التنظيمية ،إال أن االتجاهات الحديثة لإلدارة تدعوا إلى ضرورة تبني أشكال
جديدة كالتنظيم الشبكي الذي يولي أهمية للمشاركة في اتخاذ القرار.
-10مبدأ الترتيب :
أي وضع كل ش يء وكل شخص في مكانه ،ويقسمه فايول إلى قسمين :
ترتيب مادي يعنى بوضع اآلالت واألدوات واملعدات في مكانها املناسب
ملصلحة العمل ،وترتيب اجتماعي يهتم بوضع كل شخص في املكان
املناسب ،كما يهتم بتنسيق الجهود وتحقيق االنسجام بين نشاطات
الوحدات املختلفة في التنظيم.
-11مبدأ المساواة في معاملة األفراد :
يجب أن يعامل املسير مرؤوسيه باملساواة من حيث تطبيق القواعد
والقوانين واإلجراءات وحتى العطف واملرونة ،وذلك بهدف الحصول على
والئهم وانتمائهم وتفانيهم في العمل.
-12مبدأ استقرار األفراد :
من األهمية استقرار املوظف في عمله ،وخفض معدل دوران العمالة،
لتحقيق استقرار املؤسسة ،السيما العمالة املتميزة بالكفاءة (املستويات
اإلدارية العليا بالخصوص) ،فكلما زاد معدل دوران هذه األخيرة كل زادت
تكلفة العمل بسبب دورات التدريب ،وزادت مشكالت عدم التأقلم مع
البيئة التنظيمية الجديدة للموظفين الجدد.
-13مبدأ حرية المبادرة (االبتكار) :
ويقصد بها منح الحرية لألفراد في إبداء املقترحات واملشاركة في إعداد
الخطط الخاصة بعمله واختيار كيفية تنفيذها ،وتحفيزهم على املبادرة في
العمل والعمل على تنمية روح االبتكار لديهم ،مما يحقق رضا األفراد عن
وظائفهم والتزامهم بتحقيق أهدافهم التي رسموها بأنفسهم.
54
-14مبدأ وحدة األفراد (التعاون) :
على املدير تكريس مفهوم العمل الجماعي واالتصاالت غير الرسمية،
ما يسمى حاليا بروح الفريق ،حيث توكل مهمة معينة لجماعة من األفراد
يعملون بالتنسيق فيما بينهم لتحقيقها.
رابعا .مستويات التسيير:
املستويات اإلدارية ثالث مستويات تختلف األنشطة اإلدارية
باختالفها ،وهي:
-1اإلدارة العليا:
وتتمركز في قمة الهرم التنظيمي ،حيث يتم فيها تحديد االستراتيجية
الشاملة والخطط والسياسات واألهداف واتخاذ القرارات طويلة املدى
للمؤسسة ،حيث تمارس على مستوى هذه اإلدارة ما يسمى باإلدارة
االستراتيجية.
-2اإلدارة الوسطى:
أو ما يسمى باإلدارة التكتيكية ،وتعنى بوضع الخطط والسياسات
متوسطة املدى ،وتهتم بتنظيم األعمال الخاصة باألقسام الفرعية التابعة
لها ،يتم على مستوى هذه اإلدارة وضع الخطط الوظيفية متوسطة املدى
لإلنتاج والتمويل والتسويق وغيرها.
-3اإلدارة الدنيا:
أو ما يسمى باإلدارة التشغيلية أو التنفيذية ،وتهتم باملهام التشغيلية
الروتينية التي تعنى باإلشراف على اإلنتاج ،وتدريب العمال ،وتحفيزهم وحل
مشاكلهم ،وتحديد مهامهم ،وما إلى ذلك من املهام املتميزة بالتكرار.
55
خامسا :وظائف التسيير:
إن أول من أرس ى القواعد األساسية لوظائف التسيير هو هنري فايول،
الرئيسية في أي ُمنظمة ،بغض النظر عن
ّ ّ
اإلدارية من املهام َ
وتعد الوظائف
نوع نشاطها ،وهي تلك الوظائف التي يمارسها املسيرون واملدراء في مختلف
ّ
اإلدارية ،وتتمثل هذه الوظائف فيما يلي: املستويات
-1التخطيط:
يعني التخطيط رسم معالم املستقبل كما نريد له أن يكون ،حيث يتم
فيه تحديد األهداف والسياسات والطرق واملوارد الالزمة والوسائل التي
سيتم استخدامها ،باإلضافة إلى تحديد األعمال والنشاطات التي تؤدي إلى
تحقيقها ،والتي تتم في مختلف املستويات اإلدارية ،ولكن تختلف درجة
التعقيد من مستوى آلخر ،فالتخطيط على مستوى اإلدارة العليا يعنى
بوضع االستراتيجيات طويلة املدى( ،االستراتيجية الشاملة) ،بينما يعنى
التخطيط على مستوى اإلدارة الوسطى بوضع الخطط التكتيكية
متوسطة املدى( ،الخطط الوظيفية متوسطة املدى) ،بينما يعنى
التخطيط على مستوى اإلدارة التشغيلية بإعداد الخطط التنفيذية
قصيرة املدى التي تتعامل بطريقة مباشرة مع املوارد املادية للمؤسسة
لتنفيذ الخطط سابقة الذكر ،ومن الجدير بالذكر بأن التخطيط يعتمد
على خبرة املخطط ومهارته في اإلحاطة بالوضع الحالي للمؤسسة ،واإلملام
بالظروف التي تحيط بها ،وسد الفجوة بين وضعها الحالي والوضع املرغوب.
مالحظة:
يتضمن التخطيط أيضا عملية تحديد املشكالت والبحث عن حلول
باقتراح مجموعة من البدائل املمكنة ،ثم اختيار أحسنها لتحقيق أهداف
56
املؤسسة ،وتسمى هذه العملية بعملية اتخاذ القرار ،وهناك من يعتبرها
وظيفة بحد ذاتها.
-2التنظيم:
وهي عملية تتضمن أوجه النشاط املختلفة الالزمة لتحقيق أهداف
املنظمة ،حيث تعنى بتجميع وتحديد املوارد املختلفة وتخصيصها وكذا
توزيع العمل على النحو الذي يساعد على تنفيذه بشكل متناسق ومتكامل،
أين يتم تجميع املوارد البشرية وتوزيعها على مختلف األقسام واإلدارات،
حيث يتم تصميم الوظائف في شكل مراكز عمل أو فرق عمل ،يتم فيها
تحديد واختصاصات وسلطات ،ومسؤوليات األفراد في كافة املستويات،
وكذا تنسيق العالقات املتبادلة فيما بينهم ،كما تتضمن هذه العملية
إعداد جداول العمل وإدارة االجتماعات ،وإعداد الهيكل التنظيمي
للمؤسسة في شكل خريطة تنظيمية تبين مختلف أوجه النشاط والعالقات
بينها وتدرج السلطات.
مالحظة:
تتضمن وظيفة التنظيم عملية التنسيق فيما بين األفراد ،والجماعات
واألقسام والوظائف لتنفيذ األعمال بطريقة فعالة ،وتفادي التناقض
والتداخل بين األعمال ،وهناك من يعتبرها وظيفة بحد ذاتها.
-3التوجيه أو القيادة:
بالنسبة لفايول تعني هذه الوظيفة عملية إصدار األوامر ،ولكن بشكل
أكثر تفصيال وشمولية ،فإنها تعني توجيه سلوك وجهود اآلخرين على النحو
الذي يحقق أهدافهم وأهداف املؤسسة على حد سواء ،حيث تعد هذه
الوظيفة من أكثر أدوات التسيير فعالية ،إذ أنه يساعد على تمكين املدير
من التأثير في العاملين ودفعهم نحو أداء أعمالهم ،مما يؤدي إلى أدائهم
57
لألعمال التي يكلفون بها بثقة ،علما بأن هذه الوظيفة تتكون من عدة
أنشطة مثل :اختيار أدوات االتصال الفعالة ،تحفيز األفراد بما يتماش ى
واحتياجاتهم ،وتدريب األفراد بما يتماش ى واحتياجاتهم الوظيفية.
مالحظة:
يتم على هذه الوظيفة قيادة األفراد والجماعات على النحو الذي
يجعلهم يمتثلون طواعية لاللتزام بمهماهم وأهدافهم الوظيفية ،وذلك من
خالل اختيار أساليب القيادة األكثر فعالية ،كاملبادأة واملشاركة ،العمل
على تحقيق الرضا الوظيفي وزيادة دافعية األفراد نحو العمل ورفع روحهم
املعنوية وتشجيعهم على األداء الجيد .وااللتزام بتحقيق األهداف وزرع روح
االنتماء والوالء للمؤسسة ،ودعم العالقات اإلنسانية ،وهناك من يعتبرها
وظيفة بحد ذاتها.
.4الرقابة والمتابعة:
وهي وظيفة مكملة لوظيفة التخطيط حيث تتحقق بأن ما تم عمله أو
تنفيذه قد بالطريقة الصحيحة وكما خطط لها ،وتعني مراقبة األداء ومدى
حياده عن املسار الصحيح ،والهدف منها هو متابعة مستوى التقدم في
تحقيق أهداف املؤسسة ،حيث تتضمن خطوات أربع هي :تحديد معايير
األداء ،ومستوياته ،قياس األداء الفعلي ،وإجراء املقارنة بينه وبين ما تم
تحديده مسبقا ،ثم تعيين االنحرافات وتحديد املشكالت والبحث عن
مسبباتها بهدف إجراء ما هو الزم لتصحيحها ،ثم اعتماد اإلجراءات الالزمة
والصحيحة للتقريب بين املنفذ واملخطط وتصحيح األداء.
58
الفصل الرابع
مراحل تطور الفكر
اإلداري
لم تصل العملية اإلدارية إلى التطور الذي بلغته حاليا بين عشية
وضحاها ،بل كان ذلك نتاجا للعديد من املراحل التي تطور عبرها الفكر
اإلداري ،وذلك من خالل مساهمات العديد من علماء اإلدارة والنفس
والسلوك والعلوم االجتماعية ،حيث تمازجت أفكار هؤالء لتطور في كل مرة
ممارسات العمل اإلداري وتزيد من فعالية األنشطة التنظيمية ،وترفع من
كفاءة مخرجاتها.
املدرسة الكالسيكية كانت أولى مدارس الفكر اإلداري ،التي أرس ى
مبادئها العالم فريدريك تايلور تزامنا مع أعمال العديد من العلماء
واملمارسين الذين أسسوا لنظرية اإلدارة العلمية ،باإلضافة إلى أعمال
هنري فايول في إطار نظرية التقسيم اإلداري ،وماكس فيبر حول
البيروقراطية الرشيدة.
بالرغم من املساهمات اإليجابية التي أتت بها املدرسة الكالسيكية في
محاولة حل مشكالت الكفاءة اإلنتاجية التي كانت تعاني منها املؤسسات
آنذاك ،والتي ال تزال تجد تطبيقات ملبادئها وأفكارها في العديد من
املنظمات الحديثة ،إال أنها القت انتقادات عديدة من قبل املنظرين
واملمارسين على حد سواء ،أدت هذه االنتقادات باإلضافة إلى التطور
الحاصل في مجال علم النفس والسلوك ،أدت إلى ظهور تيار جديد من
الفكر اإلداري في إطار املدرسة النيوكالسيكية ،تضمنت هذه املدرسة
تيارين رئيسيين؛ األول حول نظرية العالقات اإلنسانية بريادة إلتون مايو،
والثاني حول النظرية السلوكية بريادة أبراهام ماسلو ،حيث أرس ى هؤالء
وزمالءهم مبادئ فكر إداري جديد يرمي لتحقيق الكفاءة اإلنتاجية ولكن
من منظور إنساني بحت.
60
إن املغاالة في تطوير نظريات تهدف لألخذ بالحسبان الجانب اإلنساني
في العمل اإلداري ،أدت إلى تجاهل العديد من الجوانب الفكرية والعقالنية
في العملية اإلدارية ،مما أدى إلى توجيه انتقادات كثيرة لهذه املدرسة نتج
عنها والدة مدرسة جديدة تدعى باملدرسة الحديثة ،وسميت بذلك لحداثة
األفكار التي جاءت بها هذه األخيرة والتي ال تزال تتطور لحد اآلن ،ومن
روادها هربرت سيمون األب الروحي لنظرية القرار ،إضافة إلى نظرية النظم
ونظرية Zاليابانية وغيرها من النظريات التي ال تفتأ تضيف للفكر اإلداري
مبادئ تطور من العملية اإلدارية وتحسن من كفاءتها.
أوال .المدرسة الكالسيكية:
ّ
الكالسيكية في نهاية القرن التاسع عشر ،نتيجة لظهور نشأت املدرسة
الثورة الصناعية في إنجلترا واستخدام اآلالت التي تعمل بقوة البخار،
وتركيز العمال في مكان واحد ،حيث بدأت مشاكل جديدة تتعلق بنظام
املصنع في الظهور ،أهمها:
تتم العملية اإلدارية بطرق عشوائية ،كما تتخذ اإلدارة قراراتها
على أساس التخمين والحدس وليس على أسس علمية.
ال يدرك املدير الطاقة الحقيقية للعاملين ،وال يدرك الطرق
الصحيحة لتدريبهم على استخدامها.
املشرفون ال يدركون كيفية التعامل الصحيح مع مرؤوسيهم
لتحقيق االستغالل الكامل لطاقاتهم.
تقوم أفكار املدرسة الكالسيكية على أساس االعتقاد بأن للعاملين
احتياجات مادية فقط ،دون االهتمام باالحتياجات االجتماعية والنفسية
كالحاجة إلى الرضا الوظيفي ،وتتمحور أعمالها حول كيفية تحقيق كفاءة
61
إنتاجية أعلى وتعظيم األرباح ،ولتحقيق ذلك فهي تدعو ألعلى درجات
التخصص ،ومركزية القرارات ،ومن أهم مبادئ هذه املدرسة مبدأ تقسيم
العمل آلدم سميث في كتابه ثروة األمم سنة ( ،)1776حيث يهدف تقسيم
العمل إلى:
توفير الوقت الضائع في االنتقال بين املهام ،وتنمية املهارة نتيجة
تكرار مهمة محددة وبسيطة بفضل التخصص الدقيق؛
اختراع آالت جديدة نتيجة لتبسيط العمل وتنميطه والقدرة على
محاكاته آليا.
حقق نمو املنظمات طوليا بإضافة مستويات جديدة للتنظيم،
وعرضيا بإضافة وظائف جديدة لنفس املستوى التنظيمي.
وتشتمل املدرسة الكالسيكية لإلدارة على ثالث نظريات هي:
-نظرية اإلدارة العلمية :تركز على البحث عن أفضل طريقة ألداء
العمل
-النظرية البيروقراطية :تركز على القواعد واإلجراءات ،والتسلسل
الهرمي وتقسيم واضح للعمل
-نظرية املبادئ اإلدارية (التقسيم اإلداري) :تؤكد على تدفق املعلومات
داخل املنظمة
-1نظرية اإلدارة العلمية:
مهد إلى ظهورها الثورة الصناعية والحركات العمالية ،ركزت على كيفية
تنظيم العالقة بين العامل واآللة ،ومن روادها فردريك تايلور ،فرانك
جلبرت وزوجته ليليان ،ه وونري ميتوكالوف ،وهنري جانت.
62
1.1أعمال فردريك تايلور (:)1915-1856
سمي باألب الروحي لإلدارة العلمية ،عمل في مصانع الحديد والصلب
كمراقب لعمال الخط األول حتى أصبح رئيسا للمهندسين ،أين الحظ تدني
مستوى اإلنتاجية ،وكان يرى أن النظام السائد لإلدارة ال يقوم على أسس
صحيحة وعلمية ،وأن مشكلة اإلدارة تتلخص في أن الرؤساء واملشرفين ال
يعرفون الطاقة اإلنتاجية الحقيقية ملرؤوسهم ،كما أن العامل ال يعرف
املطلوب أداؤه من حيث الكم والكيف ،فقام بدراسات وأبحاث مستخدما
املنهج العلمي القائم على املالحظة والتجربة والقياس ،بهدف معرفة أسباب
تدني اإلنتاجية في املصنع ،واستغرق عدة سنوات في البحث عن أسلوب
لزيادة الكفاءة اإلنتاجية وتحسينها" ،ما أسماه بالطريقة األنجع ألداء
العمل “ومن أهم تجاربه:
أ .تجربة الكتل املعدنية:
حيث الحظ أن العمال يرفعون ما مقداره 12.5طن يوميا فيما تبين له
أنه بإمكانهم رفع 47طن وفي %43من الوقت ،حيث يستغل الوقت املتبقي
للراحة واستعادة النشاط ،وذلك بعد إعادة تنظيم العمل بطرق علمية.
أثبت تايلور من خالل هذه التجربة أنه من املمكن رفع كفاءة العمال
من خالل تحليل العمل إلى حركات بسيطة ودراستها إلعادة توليفها بأسلوب
علمي ،واختيار أفضل الطرق ألدائه وهذا ما سمي بدراسة الوقت
والحركة في أداء العمل ،أي تحديد الحركات الضرورية ألداء العمل،
والوقت املحدد إلنجازها ،وإلغاء الحركات غير الضرورية.
63
ب .تجربة مالئمة األدوات:
الحظ أن العمال يستخدمون نفس األدوات والتي يختارونها بأنفسهم،
لرفع أو جرف الكتل بمختلف األوزان ،مما يخفض إنتاجيتهم ،حيث قام
باستبدالها بأدوات مالئمة لكل عملية وحمل مسؤولية ذلك لإلدارة.
أثبت تايلور من خالل هذه التجربة أنه من املمكن رفع كفاءة العمال
من خالل تحديد أدوات العمل من طرف اإلدارة وليس العمال لتخفيض
وقت العامل وجهده وتقليل التكاليف ،ومن ثم خفض ثمن وحدة اإلنتاج،
وتحقيق أرباح أكبر.
مبادئ اإلدارة العلمية:
خلص تايلور إلى تعريف اإلدارة في كتابه مبادئ اإلدارة العلمية ()1911
بأنها" :املعرفة الصحيحة ملا يراد من العاملين أداؤه ثم التأكد من أنهم
يعملون بأحسن الطرق وأقلها تكلفة" كما رأى أن الهدف الرئيس ي للمسير
هو تحقيق أقص ى منفعة لصاحب العمل والتي يصحبها أقص ى منفعة لكل
عامل ،ولتحقيق ذلك ال بد من تبني املبادئ التالية:
إحالل األسلوب العلمي في أداء كل جانب من العمل محل الحدس
والتخمين؛
التقسيم العلمي للعمل من خالل التخصص الدقيق ،الناتج عن
تبسيط املهام إلى إجراءات أقل وقتا وجهدا (دراسة الوقت والحركة)،
متخصصا في جزء بسيط من العمل ،ولديه مهارات ً أين يصبح الفرد
محددة ألدائه ،مما يرفع إنتاجيته؛
استخدام الطرق العلمية في اختيار العمال وتدريبهم "بحيث تتوفر
فيهم املهارة التي يتطلبها العمل"؛
64
استخدام الحوافز املادية (ربط األجر بكمية اإلنتاج -األجر
بالقطعة) لحث العاملين على أداء العمل باملعدل املطلوب.
على اإلدارة تحمل مسؤولية تحديد أدوات وطرق العمل املناسبة،
وعدم إسناد هذا للعامل الفتراض عدم أهليته لذلك.
إحكام الرقابة على العاملين وذلك إلنجاز األعمال بكفاءة ،وذلك
الفتقادهم القدرة على الرقابة والتوجيه الذاتي.
التقسيم العادل للمسؤولية بين املدراء والعمال ،فاملدير يحدد
املهام والعمال ينفذون لتحقيق التعاون وبلوغ الهدف.
لقد أدى هذا األسلوب إلى رفع إنتاجية العمال ،إال أنه تسبب في
االستغناء عن بعض العمال ذوي اإلنتاجية املنخفضة لعدم تناسبهم مع
العمل املطلوب منهم ،واستبدالهم بآخرين تتوفر فيهم صفات العمل
املطلوب.
2.1أعمال ه ــنري ميتـكالـف (:)1927-1847
كان ميتكالف ضابطا مسؤوال عن ورشة لصنع األسلحة )(1886
بفرانكفورد ،وكانت أهم املشكالت اإلدارية أنذاك "عدم القدرة على حساب
التكاليف داخل ورش العمل ،حيث رأى أن أحد أسباب ذلك عدم وجود
سجالت مكتوبة ،لذلك نصح املديرين بضرورة االحتفاظ بسجالت عن كل
املعامالت السابقة ،لالستفادة منها في املستقبل لحساب التكاليف ومراقبة
األعمال ،وتسجيل مذكراتهم اإلدارية ونشر تجاربهم الناجحة حتى يمكن أن
يستفيد منها أجيال اإلدارة املتعاقبة ،كما ركز على وسائل الرقابة على
التكاليف واملواد ،وكان هذا بداية لظهور محاسبة التكاليف.
65
3.1أعمال فرانك وليليان جلبرت:
تابع الزوجان أعمال تايلور بشكل أكثر تفصيال ،حيث ركز فرانك على
تبسيط العمل باستخدام الصور والفيديوهات لدراسة وتحليل هيكل
املهام لكل وظيفة يقوم بها العامل ،بهدف الوصول إلى أكثر الطرق كفاءة
من حيث الكم والكيف والوقت ،من خالل تقليل الحركات غير الضرورية
وتبسيط الحركات الضرورية ،ووضع قواعد للعمل بتقسيمه إلى عدة
أقسام ،وكل قسم إلى خطوات ،وحدد لكل خطوة جزءا من الوقت الالزم
لألداء في القسم كله ،وأسماه الزمن املعياري ألداء النشاط ،ففي تجربته
في قطاع البناء استطاع خفض عدد حركات عامل البناء من 18إلى 4.5
حركة فقط ،مما أدى إلى زيادة اإلنتاجية بنسبة ،200%كما قام بوضع
خطة للترقية أسماها بالخطة ذات األبعاد الثالثة ،حيث يقوم العامل
بثالث مهام في الوقت ذاته :أداء وظيفته ،تحضير نفسه للترقي ،وتدريب من
يخلفه بعد الترقية.
بينما اهتمت ليليان بكيفية تحسين أداء العمال من خالل تحسين
الظروف املحيطة للعمل ،حيث اهتمت بحاالت اإلرهاق التي تصيب
العامل ،وقسمته إلى إرهاق ضروري ناتج عن العمل الذي يجب إنجازه،
وإرهاق غير ضروري ناتج عن الجهد غير الضروري ويجب إلغاءه ،واقترحت
منح العمال أوقات راحة أثناء العمل وفترات لتناول الغداء ،لتحقيق الرضا.
4.1أعمال هنري جانت :Gant. H
عمل هذا األخير مع تايلور ثم انفصل عنه وسعى إلى تعديل نظام
الحوافز من خالل تحديد األجر اليومي بشكل ثابت ،فإذا استطاع العامل
إنجاز العم ل املحدد له في وقت أقل فإنه يستحق أجرا يعادل الوقت الذي
66
اختصره ،كما قام بإعداد خرائط لجدولة اإلنتاج ألغراض الرقابة ،تسمى
خرائط جانت وتستخدم لحد اآلن ،حيث يوضح فيها العمليات واألنشطة
املطلوب أداءها من طرف العامل والوقت املطلوب لكل نشاط وفق تسلسل
زمني معين.
االنتقادات املوجهة لإلدارة العلمية:
بالرغم من إيجابيات الفكر الذي طرحه تايلور وزمالءه من حيث تبنيه
املنهج العلمي في اإلدارة ،وتمكنه من القضاء على مشكلة الكفاءة
اإلنتاجية ،إال أن له جوانب سلبية أهمها:
املغاالة في تقسيم العمل كان على حساب العامل ،الذي كان يعمل
وفق خطوات روتينية متكررة كاآللة ،مما يبعث على املل والسأم ،وقتل روح
املبادرة واالبتكار
منح السلطة للمدراء حسب تخصصهم ،أما العمال فقد أخضعهم
تايلور لسلطة كل هؤالء مما يؤدي إلى االزدواجية في تلقي األوامر والتعارض
في التنفيذ ،وكان هذا سببا لظهور نظرية التقسيم اإلداري لفايول.
االعتقاد بأن احتياجات العمال محددة في األجر املادي فقط،
وبالتالي يمكن تحفيزهم للعمل ماديا فحسب ،وأن الكفاءة اإلنتاجية
تتحقق فقط باالستغالل األمثل لآللة والعمال ،وإهمال تام للجوانب
االجتماعية واإلنسانية والنفسية.
افترض تايلور أن اإلدارة هي التي تعرف مصلحة العمل والعمال،
مما يعني احتكارها للتخطيط وعملية اتخاذ القرار ومنع العاملين من
االشتراك في ذلك أو حتى املعارضة ،مما يكرس مفهوم املركزية بشدة.
67
التقليل من أهمية العامل واعتباره كاآللة يجب استغاللها أقص ى
ما يمكن ،مما يضر بصحته الجسدية والنفسية.
يفترض تايلور أن هناك توافق وانسجام ضمني بين مصلحة العمال
واإلدارة واملالكين ،حيث انتقدت هذه الفرضية بشدة ووصفت باملثالية
السيما أمام اإلضرابات التي قام بها العمال آنذاك بعد تطبيق مبادئ هذه
املدرسة.
. 2النظريـــــــــــــة البيروقراطيـــــــــة لماكس فيبر (– 1864
:)1920
كلمو و و ووة بيروقراطيو و و ووة مركبو و و ووة مو و و وون شو و و ووقين bureauوتعنو و و ووي مكتو و و ووب
و cracyواملش و و ووتقة م و و وون الكلم و و ووة اإلغريقي و و ووة kratiaومعناه و و ووا القو و و وووة أو
السو و وولطة ،والكلمو و ووة فو و ووي مجموعهو و ووا تعنو و ووي قو و وووة أو سو و وولطة املكتو و ووب ،أمو و ووا
اصو و و ووطالحا فتعن و و و ووي" :ذل و و و ووك التنظو و و وويم اإلداري ال و و و ووذي يتس و و و ووم بتقس و و و وويم
األعم و ووال وتوزيعه و ووا ف و ووي ش و ووكل واجب و ووات رس و وومية مح و ووددة عل و ووى الوظ و ووائف،
حيو ووث يو ووتم تنظو وويم العالقو ووات والسو وولطات بينهو ووا بأسو وولوب هرمو ووي لتحقيو ووق
أكب و وور ق و وودر م و وون الكفاي و ووة اإلداري و ووة إلنج و وواز أه و ووداف التنظ و وويم" ،وتنسو و ووب
ه و ووذه النظري و ووة للباح و ووث االجتم و وواعي األمل و وواني م و وواكس فيب و وور ،ال و ووذي اه و ووتم
باملنظمات كبيرة الحجم باعتبارها وحدات اجتماعية.
1.2أسس التنظيم البيروقراطي:
من أهم الدراسات التي أسهم بها ماكس فيبر فيما يتعلق بالدراسات
التنظيمية واإلدارية ،هي نظريته الخاصة بهياكل السلطة ،وقد قسمها إلى
ثالثة أنواع:
السلطة البطولية الكاريزمية Charismatic authorityويمارس
السلطة من خالل املواصفات الشخصية.
68
السلطة التقليدية Traditional authorityيمارس سلطته من
خالل موقعه في التنظيم ،وكذا العادات والتقاليد املتوارثة.
السلطة القانونية الرشيدةRational legal authority :يمارس
السلطة من خالل الشكل البيروقراطي للتنظيم.
وقد أوضح فيبر بأنه ال يمكن لتنظيم واحد أن يتضمن هذه األنواع
معا ،ويرى أن النوع الثالث هو األكثر كفاءة ،وهو ما جعله يصف
البيروقراطية بأنها النموذج املثالي للتنظيمات اإلدارية الضخم ،وفيما يلي
األسس التي يقوم عليها:
يجب توزيع األعمال واختيار وتوظيف األفراد حسب التخصص
الوظيفي ،ووفقا ملعايير ولوائح رسمية؛
ضرورة توزيع السلطات رسميا للتمكن من إعطاء األوامر بتنفيذ
الواجبات ،إضافة لضرورة التدريب لرفع كفاءة األفراد؛
التحديد الواضح لألدوار ،وفق طرق وأساليب عمل محددة
مسبقا وبشكل رسمي لتنفيذ املهام والواجبات بكفاءة.
هرمية التنظيم (تدرج الوظائف ضمن هيكل تسلسلي ترسم في
قمته السياسات واألهداف ،وتنفذ األعمال في القاعدة)؛
التحديد الواضح للوائح واإلجراءات والقواعد والتعليمات
املنظمة لسلوك الفرد باملؤسسة ،بحيث تتصف بالشمول والعمومية
والثبات النسبي ،والتي يجب أن يلتزم بها الجميع وإال تعرضوا للعقاب ،مما
يحقق الوحدة وعدم االختالف؛
عدم التحيز في التعامل مع املوظفين باعتبار املصلحة العامة هي
األساس ،إضافة إلى ضرورة االلتزام بالسرية في العمل؛
69
يجب تدوين األوامر والقرارات والتعليمات كتابيا ،والحفاظ على
مختلف الوثائق واملستندات السترجاعها وقت الحاجة؛
يتم توظيف املوظفين على أساس الخبرة واملؤهالت وليس
املحسوبية والعالقات الشخصية؛
ضرورة وجود قسم خاص إلدارة حياة املوظفين من تعيين وتدريب
وأجور وغيرها ،إضافة إلى ضرورة عزل املوظف في العمل عن حياته
الخاصة ،وضرورة إلغاء الطابع الشخص ي واملبادرات الخاصة ،واالنصياع
للتعليمات املنظمة لسلوك الفرد.
2.2تقييم النظرية البيروقراطية:
رغم إيجابيات التنظيم البيروقراطي كوضع الرجل املناسب في املكان
املناسب ،واعتماد الكفاءة كمعيار للتوظيف والترقية ،إال أن هناك بعض
االنتقادات عليها ،ناتجة عن التطبيق السيئ ملبادئها وأهمها:
تركيز سلطة اتخاذ القرارات في يد مجموعة قليلة من القادة
والرؤساء في اإلدارة العليا؛
ً ً
التنظيم البيروقراطي يعتبر املؤسسة نظاما مغلقا ال يتأثر بالبيئة
أو يؤثر فيها؛
إهمال الجانب اإلنساني في التعامل مع املوظف أو العامل ،وعزله
عن حياته الخاصة وعدم فتح مجال للتداخل بينهما؛
إن التطبيق الدقيق للبيروقراطية قد يؤدي إلى نتائج مناقضة
للكفاءة املفترضة فيها ،كما أنه يؤدي إلى الجمود.
70
. 3نظرية التقسيم اإلداري (المبادئ اإلدارية) لهنري فايول
(: )1925-1841
عمل هنري فايول كمهندس بشركة للتعدين وأخذ يرتقي حتى وصل إلى
مركز مدير عام ،أين أجرى تغييرات لتحسين أوضاع العمل في املناجم،
وتغيير مالمح تقسيم العمل مثل السماح للموظفين بالعمل في فرق،
وظهرت أفكاره في كتابه املشهور (اإلدارة العامة والصناعية ،)1916 ،حيث
كان ينادي بمبادئ اإلدارة العلمية بفرنسا في الوقت الذي كان ينادي بها
تايلور في أمريكا ،وكان يشيد بأهمية العمل اإلداري.
1.3مبادئ اإلدارة عند هنري فايول:
كان االعتقاد السائد أن املديرين يولدون وال يصنعون ،ولكن فايول رأى
أن اإلدارة مهارة مثل املهارات األخرى التي يمكن تعلمها بمجرد فهم املبادئ
التي تقوم عليها ،وتتمثل هذه املبادئ في 14مبدأ وهي:
-مبدأ التخصص:
يرى فايول أن تميز الفرد يكمن في قدرته على أداء نوع معين من األعمال
يشمل عددا محدودا من املهام.
-مبدأ املسؤولية والسلطة :السلطة هي حق إصدار األوامر من الرئيس،
أما املسؤولية فهي نتيجة طبيعية للسلطة.
-مبدأ االنضباط (النظام والطاعة) :يعني طاعة األوامر وقرارات
وتنفيذها من أجل توفير سير حسن للعمل في املؤسسة.
-مبدأ وحدة األمر :ي
جب أال يتلقى املوظف تعليماته إال من رئيس واحد فقط وهو رئيسه
املباشر لتفادي اإلخالل بالنظام.
-مبدأ وحدة التوجيه :تعني رئيس واحد وخطة واحدة لتحقيق هدف
واحد ،وال يتعارض هذا مع وحدة األمر ،وذلك ألن هذه األخيرة تمارس على
71
األشخاص بينما تمارس وحدة التوجيه على املجموعات املتجانسة ،وتعتبر
ً ً
شرطا أساسيا لتنسيق القوى.
-م بدأ خضوع املصالح الفردية للمصلحة العامة :يتطلب هذا املبدأ
تغليب مصلحة املؤسسة على مصلحة موظفيها.
-مبدأ عدالة مكافأة األفراد :حيث يؤثر األجر العادل إيجابا على
املؤسسة .ويمكن استخدام مكافآت مالية أو عينية كحوافز لتحسين
مستوى األداء ويشترط أن تكون في حدود معقولة حتى يسود الرضا
والوفاق بين العاملين وأصحاب العمل.
-مبدأ املركزية :رأى فايول أن املركزية أمر طبيعي للمؤسسة ،مشبها
ذلك باملخ الذي يوجه األوامر إلى كل أجزاء الجسم.
-م بدأ تدرج السلطة :أي تسلسل السلطة من أعلى املراكز إلى أدناها،
وتوضيح حدود اتصاالت العمل ونطاق اإلشراف.
األشياء واألفراد ،ويتطلب هذا حسن تطبيق -مبدأ الترتيب :أي ترتيب ِ
قاعدتين :التنظيم الجيد ،واالختيار الجيد.
-مبدأ املساواة :املساواة تعمل على تشجيع العمال واملوظفين على بذل
كل طاقاتهم وقدراتهم وتحقيق اإلحساس بالوالء.
-م بدأ استقرار املستخدمين :استقرار العمالة وانخفاض معدل دورانها
يجنب املؤسسة التكاليف املختلفة للموظف الجديد.
-مبدأ املبادأة :تشجيع اإلدارة للموظفين على تنمية القدرة على التفكير
في حل املشكالت وطرح أفكاره والحرص على نجاحها.
-مبدأ روح التعاون :أي بث روح الفريق بين األفراد لتحقيق التعاون
واالنسجام بينهم ،مما يحقق قوة أكبر للمؤسسة.
72
2.3وظائف اإلدارة عند فايول:
ويعد أول من يهتم باملستويات اإلدارية العليا ،من خالل تحديد خمس
وظائف لإلدارة وهي:
أ .التخطيط:
فالبد أن يكون لدى القائد بعد النظر وقدرة على توقع املستقبل ،بحيث
يقدر كل االحتماالت ويستعد لها.
ب .التنظيم:
تحديد األعمال وتوزيع املهام وتحديد خطوط السلطة وتشكيل
األقسام واإلدارات ،والتنسيق بينها.
ت .األمر:
إصدار األوامر وإعطاء التعليمات وتوضيح القواعد واإلجراءات في
حدود السلطة املخولة.
ث .التوجيه:
دفع األفراد نحو إنجاز األعمال وتحقيق األهداف من خالل حفزهم
ماديا.
ج .الرقابة:
على املدير مراقبة اإلنجازات ومقارنتها مع املعايير املعدة مسبقا ورصد
االنحرافات ثم تصحيحها.
يرى فايول أن للمدير صفات تختلف عن صفات العامل التنفيذي،
ويرى أن الفرد يحتاج إلى الصفات اإلدارية كلما صعد في السلم اإلداري أكثر
من الصفات الفنية التي يحتاجها العامل ،كما حدد بعض الصفات التي
يجب أن تتوفر في املدير :كالصفات الذهنية وتتمثل في القدرة على
73
التحليل ،وصفات جسمية كالصحة ،وخلقية كحسن الصورة ،وتربوية
كاللباقة وحسن املعاملة ،وتقنية وترتبط بوظيفة املدير ،هذا إضافة إلى
الخبرة الناتجة عن التجربة واملعرفة املكتسبة.
قسم فايول النشاط في إدارة األعمال إلى ست مجموعات رئيسية
تتمثل فياألنشطة الفنية (تصنيع وإنتاج) ،وأنشطة تجارية (بيع وشراء)،
وأنشطة مالية (تأمين رأس مال واستخدام األموال) ،وأنشطة الحماية
واألمن (حماية املمتلكات واألفراد) ،وأنشطة محاسبية (تحديد األسعار
والتكاليف وأنشطة إدارية (تخطيط وتنظيم إعطاء أوامر ،تنسيق،
ورقابة).
3.3تقييم نظرية التقسيم اإلداري:
تستخدم مبادئ إدارة هنري فايول حتى اليوم إلدارة املنظمات ،ومع
ذلك ،انتقدت نظريته " نظرية
املبادئ اإلدارية او التقسيم اإلداري" لألسباب التالية:
النظرية موجهة لإلدارة :نظرية املبادئ اإلدارية ال تولي اهتماما
كبيرا ملشاكل العمال؛
عدم وجود أهمية للتنظيمات أو املجموعات غير الرسمية ،فهي
تعطي أهمية فقط للهيكل التنظيمي الرسمي؛
بعض مفاهيم نظرية التقسيم اإلداري مستوحاة من العلوم
العسكرية ،فقد أعطى فايول أهمية لألمر أكثر من التوجيه؛
نظرية التقسيم اإلداري تتبع منهج ميكانيكي ،حيث تهمل بعض
الجوانب الهامة لإلدارة مثل الدافع واالتصاالت والقيادة.
74
.4تقييم أعمال المدرسة الكالسيكية:
بالرغم من أن كل من تايلور وأتباعه ،فايول وماكس فيبر ،ينتمون
لنفس املدرسة إال أن كال منهم ركز على جانب معين ،فقد اهتم تايلور
بأساليب اإلدارة على مستوى التنفيذ (العاملين) ،مؤكدا على ضرورة
تنميط مبادئ اإلدارة العلمية وتطبيقها املتشدد ،في حين اهتم فايول
باملستوى األعلى لإلدارة ،ورأى أن املدير البد أن يتمتع باملرونة ،باملقابل ركز
ماكس فيبر على كيفية تنظيم العمل اإلداري من خالل مفهوم
البيروقراطية الرشيدة ،وبذلك تعتبر أفكارهم مكملة لبعضها ،باعتبارهم
يركزون على الكفاءة في املؤسسات ،وقد أسهمت املدرسة الكالسيكية في
تطوير الفكر اإلداري املعاصر ،حيث أبرزت أهمية اإلدارة في تطوير
املؤسسات وتقدم املجتمعات ،وأهم إسهامات هذه املدرسة ما يلي:
اعتبار اإلدارة علم كباقي العلوم ،واعتبارها مهنة ينبغي ممارستها
وفق أسس وقواعد وأصول؛
تحديد وظائف للعملية اإلدارية (تخطيط ،تنظيم ،أمر ،توجيه،
ورقابة( مما يعزز كونها علم قائم بذاته؛
وضع مبادئ الزالت تطبق لآلن كتحليل الوظائف ،نظم الحوافز،
جدولة اإلنتاج ،السجالت اإلدارية واملحاسبية ،التدريب؛
بادرت بدراسة املهام والوظائف ،كما أبرزت أهمية تعويض
ً
اعتمادا على األداء. العاملين
االنتقادات املوجهة للمدرسة الكالسيكية:
رغم إسهامات املدرسة الكالسيكية ،إال أنه وجهت لها بعض االنتقادات
أهمها:
75
اعتبار اإلنسان كآلة يمكن التحكم فيها من خالل الحوافز املادية
واللوائح والقوانين؛
إغفال الجوانب االجتماعية والنفسية للعامل مثل العالقات
االجتماعية ،واالهتمام بالجوانب الفنية والتقنية للعمل فقط؛
إغفال الحاجات والدوافع املعنوية للفرد ،حيث انصب االهتمام
بالحوافز املادية فقط لغرض زيادة اإلنتاجية؛
االهتمام بزيادة اإلنتاجية وتحقيق الكفاءة على حساب الفرد
صحيا ونفسيا؛
االعتقاد أن هذه األفكار صالحة للتطبيق في جميع املواقف
اإلدارية ،وفي جميع األزمنة ،وهذا ما مهد للنظرية املوقفية.
إذن أفكار املدرسة الكالسيكية تتالءم مع بيئة األعمال البسيطة التي
كانت تميز تلك الحقبة سواء تكنولوجيا أو اجتماعيا ،وكذا مع البيئة
املستقرة ،حيث يمكن التنبؤ بسهولة وبدقة بأحداث املستقبل ،حيث كان
الطابع الروتيني يميز أعمال املؤسسات ،كما أن مطلب اإلنتاجية والكفاءة
لم يصبحا كافيين لتحقيق استمرارية ونمو املؤسسات ،ففي هذا العصر
هناك أهداف أكبر على رأسها إرضاء العميل وتحقيق والئه ،مواكبة التغيير
وتحسين جودة املنتجات وتحقيق التميز.
ثانيا .المدرسة النيوكالسيكية:
أعقبت املدرسة الكالسيكية التي تميزت بالتعامل امليكانيكي مع
العمال مدرسة جديدة تبحث عن الكفاءة اإلنتاجية ولكن اهتمت بالجانب
اإلنساني الذي أغفلته املدرسة الكالسيكية ،وأهم مداخلها ،العالقات
اإلنسانية ،واملدخل السلوكي.
76
.1مدخل العالقات اإلنسانية:
جاءت هذه الحركة كردة فعل ألفكار نظرية اإلدارة العلمية ،حيث
أكدت على ضرورة إشباع الحاجات النفسية واالجتماعية للعامل لتحقيق
الكفاءة اإلنتاجية ،وأن الحوافز املادية وحدها ليست كافية لتحقيق ذلك.
يقصد بالعالقات اإلنسانية "،تلك العالقات التي تنطوي على خلق جو
من الثقة واالحترام املتبادل والتعاون بين كل من اإلدارة و األفراد ،وتهدف
هذه العالقات إلى رفع روحهم املعنوية وزيادة إنتاجيتهم" ،وبذلك انطلقت
هذه املدرسة من قاعدة أساسية وهي" إنسانية الفرد وكذا عالقته
بالجماعة" ،حيث أشارت هذه النظرية إلى ضرورة منح البعد االجتماعي
واإلنساني أهمية كبيرة في بناء املنظمة ،كعالقات األفراد ببعضهم
وعالقاتهم برؤسائهم ،كما أعطت األولوية لجماعات العمل غير الرسمية،
ورأت أن إشباع حاجات التنظيم غير الرسمي تؤدي تلقائيا إلى تحقيق
أهداف التنظيم الرسمي ،وركزت على رضا العامل وحاجاته اإلنسانية أكثر
من تركيزها على التنظيم الرسمي والهياكل والجوانب التنفيذية للعمل.
وعلى خالف منظري الفكر الكالسيكي الذين كانوا مدراء ممارسين
واعتمدوا على خبرتهم وتجاربهم الشخصية في وضع نظرياتهم ،فإن منظري
العالقات اإلنسانية كانوا أكاديميين من علماء االجتماع والنفس والسلوك،
ومن رواد هذه املدرسة هو البروفسور جورج إلتون مايو وهوجو منستربرغ،
روبرت أوين ،كيرت ليفين ،تشستر برنارد ،ماري باركر فوليت.
1.1هوجو منستربرغ علم النفس االداري:
وتكمن أعمال منستبرج في إبراز أهمية علم النفس في ميدان الصناعة
واألعمال ،من خالل االهتمام بالظروف النفسية التي تحيط بالعامل،
77
وأهمية املؤثرات االجتماعية على ظروف العمل ،وهو أول من أبرز العالقة
بين كفاءة املؤسسة ومدى فهم احتياجات الفرد وقدراته في "كتابه علم
النفس واإلدارة الصناعية" الذي صدر عام 1913والذي ركز فيه على
ضرورة تحديد قدرات األفراد الذهنية والنفسية عند اختيارهم لألعمال.
2.1روبرت اوين ( )1808-1771نظرية اآلالت الحية:
عمل أوين كمدير في مصانع النسيج بإسكتلندا ،حيث كانت ظروف
عمل ومعيشة العاملين سيئة جدا ،وكان يرى أن وضيفة املدير هي إعادة
تشكيل هذه الظروف من خالل االهتمام بالجانب اإلنساني للعاملين،
حيث بدأ في تحسين ظروف العمل وبناء مساكن أفضل للعاملين ومتجر
للبيع السلع بأثمان منخفضة ،كما خفض ساعات العمل ،ومنع تشغيل
الصبية دون العاشرة ،وبينما كان زمالئه من املديرين يستثمرون في
التكنولوجيا ،وكان يرى أن أفضل استثمار للمدير يكمن في العاملين ،على
وأطلق عليهم لقب " اآلالت الحية ّ" حيث شبه األفراد باآلالت ،فإذا كانت
املحافظة على اآلالت وصيانتها تؤدي إلى زيادة إنتاجيتها وضمان عملها ملدة
أطول ،فإن هذا يصبح أمرا طبيعيا بالنسبة لآلالت الحية (اآلدمية) بل
أكثر ،وقد حقق عوائد أكثر 50مرة مما سبق نتيجة تطبيقه هذه األفكار،
كما قدم طريقة للتحفيز تؤدي إلى زيادة اإلنتاجية ،حيث قام بترتيب عمل
الفرد حسب انجازه وبصورة معلنة لكل األفراد مما يمكن من التعرف على
مواطن الضعف ،كما يؤدي إلى نوع من املنافسة بين العاملين ومن ثم يزيد
من رغبتهم في األداء املتميز.
78
3.1كيرت لوين Kurt lewinنظرية املجال في سلوك الفرد:
طور لوين عددا من املفاهيم أسماها نظرية املجال في سلوك الفرد ،وفي
رأيه أن سلوك الفرد نتاج للعناصر املتواجدة بالبيئة املحيطة به والتي تؤثر
عليه نفسيا ،والتي أسماها املجال النفس ي ،حيث قام لوين بتجربة في
أمريكا ملعرفة أثر األنواع املختلفة للقيادة وما يسودها من أجواء التفاعل
االجتماعي في مشاعر األفراد واتجاهاتهم النفسية نحو القائد ونحو
بعضهم البعض ،وروحهم املعنوية وإنتاجيتهم ،أجريت التجربة على أوالد
في العاشرة ،وزعوا على مجموعات صغيرة تختلف أجوائها االجتماعية،
وهي :الجو االستبدادي الذي يمثل القيادة األوتوقراطية ،والجو التشاوري
الذي يمثل القيادة الديمقراطية ،وجو الحرية املطلقة ،و يمثل القيادة
الفوضوية ،وأسفرت التجربة عن أن سلوك األوالد يتوقف على جو
املجموعة أكثر من توقفه على الشخص الذي يقوم بدور القيادي ،فقد
توصل لوين إلى أن أسلوب القيادة الديمقراطي هو األسلوب األفضل ،كما
كشفت دراسته عن أهمية املشاركة في اإلدارة وأثرها في تحفيز املرؤوسين
على األداء الجيد ،وتنمي روح املبادرة واملشاركة والتعاون واملسؤولية
والصداقة والتوحد بالجماعة ،ويتميز هذا النمط بأن الجماعة هي التي
تتخذ القرارات ،وتهدف إلى تدريب عقول املرؤوسين .
4.1النظام التعاوني لتشستر برنار:
كان برنار رئيسا ملؤسسة أمريكية "نيو جرس ي" نشر كتاب بعنوان
وظائف املدير التنفيذي ،نادى من خالله إلى ضرورة التعاون بين العمال
واملشرفين (التنظيم الرسمي وغير الرسمي) ،من خالل تدريب العمال
وتشجيع العالقات االجتماعية في املؤسسة ،إذ أن الفرد ال يمكنه تحقيق
79
أهداف املنظمة بمفرده ،وأن األفراد يعملون جاهدين لتحقيق أهداف
التنظيمات الرسمية ،باملقابل عليها تحقيق احتياجاتهم الشخصية ،كما
رأى أن املؤسسة عبارة عن نظام تعاوني يحتاج إلى ثالث عناصر لنجاحه
هي :االستعداد للتعاون ،وجود هدف مشترك ،وفعالية االتصاالت .كما يرى
أن املرؤوسين هم مصدر السلطة وبإمكانهم قبولها أو رفضها ،وهناك أربع
شروط لقبول السلطة وهي :فهم األوامر ،اتساق األوامر مع أهداف
املنظمة ،انسجام األوامر مع اهتمامات العاملين والقدرة الجسمية
والذهنية لطاعة األوامر.
5.1ماريباركرفوليت اإلدارة باملشاركة:
رأت أن املديرين هم املسئولون عن خلق الدافعية لدى العاملين
لتحقيق األهداف التنظيمية ،وليس دفعهم لطاعة األوامر فقط ،وأن دور
املدير ال يقتصرعلى إصدار األوامر بل يجب أن يعمل كفريق مع مرؤوسيه
إلنجاز األهداف املشتركة ،كما رأت أن الرقابة يجب أن تكون موجهة
بالجماعة (مدى تحقيق الجماعة للهدف)،
6.1إلتون مايو وتجارب هاوثورن (:)1949-1880
جورج إلتون مايو ،استرالي املولد أمريكي الجنسية ،وهو أحد علماء
اإلدارة املشهورين ،قام بتجاربه على العمال في مصانع هاوثورن لشركة
وسترن الكتريك بشيكاغو دامت بين ( ،)1932-1924التي هدف من خاللها
إلى معرفة أثر البيئة املادية للعمل (اإلضاءة ،فترات الراحة ،األجور
والحوافز) على الكفاية اإلنتاجية للعمال ،حيث جاءت أعماله لتخفيف
حدة تطبيق مبادئ اإلدارة العلمية ،من خالل إدخال تحسينات على بيئة
80
العمل للتمكن من تطبيق هذه املبادئ ،بمعنى أن أعماله كانت مكملة
ألعمال املدرسة الكالسيكية ،وليست قطيعة عنها.
قام بالتجربة األولى الختبار العالقة بين كثافة اإلضاءة وإنتاجية
للعاملين ،فاختار مجموعتين إحداهما للتجربة وأخرى للمراقبة" ،كانت
املجموعة صغيرة ( 50فرد) سمحت بتكون عالقات غير رسمية ،حيث عمل
زمالئه على إدخال تحسينات في اإلضاءة بالنسبة ملجموعة التجربة وحدها،
لكنهم الحظوا أن معدل اإلنتاج قد ارتفع في املجموعتين ،فاستنتجوا أن
هناك عامال آخر أدى إلى زيادة اإلنتاج ،فقد تم خفض اإلضاءة قليال فلم
تتأثر اإلنتاجية لدى املجموعتين ،وجاءت النتائج غير متوقعة ،مؤكدة على
وجود متغير جديد وهو الروح املعنوية للعمال ودرجة االنسجام القائم بين
عناصر املجموعة العاملة.
أجريت تجربة أخرى ترمي إلى اختبار أثر الراحة ومدتها (إعادة جدولة
العمل) على اإلنتاجية فتكررت النتائج غير املتوقعة التي تؤكد تأثر
ً
اإلنتاجية أساسا بالحالة املعنوية للعمال ،فأجريت تجربة ثالثة الختبار أثر
تغيير طريقة دفع األجور والحوافز على الكفاية اإلنتاجية ،وتكررت النتائج
ً
غير املتوقعة والتي تؤكد أن اإلنتاجية ترتبط إيجابيا بالظروف االجتماعية
والنفسية للعاملين أكثر مما ترتبط بالتغييرات املادية التي تدخل على
ظروف وأحوال العمال.
كما تمت تجربتان إضافيتان كانت األولى عبارة عن مقابلة مع عديد من
العمال للتعبير عن ظروف العمل ومشاكله وأحواله ،وكانت النتيجة أن
ارتفعت معنويات العاملين بسبب تعبيرهم عن ما يدور في أذهانهم ،وبسبب
اإلحساس باهتمام اإلدارة بهم وتقديرها لهم ،والتجربة الثانية كانت عبارة
81
عن اختبار سلوك العاملين كمجموعات وليس كأفراد ،وذلك من خالل
املقابلة واملالحظة املباشرة ،حيث تم التأكد بأن الفرد ترتفع معنوياته أكثر
وتزيد إنتاجيته عندما يكون ضمن جماعة يحس بينها باالطمئنان
واالنسجام والراحة والثقة املتبادلة خارج التنظيم الرسمي الذي تحكمه
التعليمات والقوانين الرسمية ،وأن العامل يمكن تحفيزه من خالل تحقيق
انتماءه للمجموعة ،مما يحقق التعاون لتحقيق أهداف املنظمة.
. 2مبادئ مدرسة العالقات اإلنسانية:
توصلت تجارب هوثورن إلى النتائج التالية:
ميل األفراد لتكوين جماعات غير رسمية ،يتأثرون بقيمها وأنماط
سلوكها ،حيث تؤثر القيادة غير الرسمية على سلوكهم.
ال تتحدد طاقة الفرد جسميا فقط ،بل وفقا لطاقته االجتماعية
أيضا (كالتفاهم مع رؤسائه ،ودرجة التعاون مع زمالئه).
تحفيز العامل ال يقتصر على النواحي املادية ،بل يتعداها إلى
النواحي املعنوية كاالتصاالت االجتماعية والشعور باالهتمام.
ضرورة إشعار العامل واملجموعة التي ينتمي إليها بأهميتهم،
بغرض رفع الروح املعنوية التي تؤثر إيجابا في زيادة اإلنتاجية.
ردود فعل العاملين على اإلدارة العليا حيال مشاكل العمل ال
تأتي بشكل فردي بل عبر املجموعات التي ينتمون إليها،
ومن هنا برزت أهمية العالقات اإلنسانية داخل املنظمة في سلوك
العاملين ودور القيادة في التحكم في السلوك حيث اعتبر رواد هذه املدرسة
أن الجو االجتماعي في العمل هو األساس في التأثير على إنتاجية العاملين
وتفاعلهم مع اإلدارة العليا.
82
. 3تقييم مدخل العالقات اإلنسانية:
أسهم هذا املدخل في نشر االهتمام بالعالقات اإلنسانية في العمل ،مما
أدى إلى التغيير في كثير من املمارسات اإلدارية خالل الثالثينات من القرن
العشرين أهمها ما يلي:
ظهور ما يسمى " بإدارة األفراد والعالقات اإلنسانية" تتولى
االهتمام بحسن استخدام املوارد البشرية املتاحة والعمل على رفاهيتها
وحل مشكالتها ،ووجود أقسام للتحليل النفس ي داخل هذه اإلدارات؛
اعتراف اإلدارات بأهمية التنظيمات غير الرسمية في سلوك
العاملين ،وحقهم في إجازات سنوية ،وخفض ساعات العمل.
االعتراف بحق العمال في الرعاية الصحية والنفسية واالجتماعية
"وجبات غداء ،ساعة للراحة والعالج املجاني والتأمين.
تدريب الرؤساء على مراعاة العالقات اإلنسانية واملعاملة الحسنة
للعاملين ،لرفع روحهم املعنوية وزيادة قابليتهم للتعاون.
االنتقادات املوجهة ملدرسة العالقات اإلنسانية :لقد تداركت
حركة العالقات اإلنسانية النقص الذي كان يكتنف املعرفة اإلدارية من
حيث اهتمامها بالعنصر البشري ،إال أن هناك بعض املآخذ على أسلوبها
وفيما يلي أهمها:
لم تسهم في إيجاد نظرية متكاملة لإلدارة ،فقد ركزت على
املستويات التشغيلية أكثر من املستويات الوسطى أو العليا؛
عدم استخدام الطريقة العلمية للوصول إلى النتائج ،والتحيز
املسبق للعالقات اإلنسانية على حساب الجوانب املادية.
83
يرى علماء اإلدارة والنفس واالجتماع أن هذه املدرسة لم تقدم
حلوال للوصول إلى عالقات أفضل ،بل هي مجرد وصف؛
إغفال كبير للتنظيم الرسمي ،مما يوحي بوجود نمط اإلدارة األبوية
بين الرؤساء واملرؤوسين ويعيق تحقيق أهداف املنظمة.
.2المدخل السلوكي:
جاءت هذه املدرسة نتيجة لالنتقادات التي وجهت إلى املدارس السابقة،
بالرغم من أنها تحمل بعض مبادئ املدرسة الكالسيكية مثل التأكيد على
الكفاية اإلنتاجية ،وبعض مبادئ مدرسة العالقات اإلنسانية مثل تأكيد
أهمية العالقات اإلنسانية في محيط العمل ،فقد حاولت معرفة السلوك
اإلنساني من خالل دراسة الفرد وشخصيته ،بهدف معرفة تصرفاته وتنوع
واختالفات هذه التصرفات والدوافع التي تؤدي إلى سلوكه .ويعد هذا
ً
املدخل نتاجا لدراسة علم االجتماع وعلم النفس االجتماعي ،ويتميز بأنه
ركز على اإلدارة باعتبارها إدارة للعنصر البشري داخل املنظمات ،ومن أهم
رواده :أبراهام ماسلو ،ماكجريجور ،فريدريك هيزنبرج ،ماكيالند ،فكتور
فروم ،آدمز.
1.2نظرية الدافعية اإلنسانية ألبراهام ماسلو(:)1970 -1908
قام ماسلو بصياغة نظرية فريدة في علم النفس ركز فيها على جوانب
الدافعية اإلنسانية ،أين حاول تصميم نسق مترابط يفسر طبيعة الدوافع
ا لتي تحرك السلوك اإلنساني وتشكله ،حيث يفترض ماسلو أن الحاجات
اإلنسانية تتدرج تصاعديا وفقا لألولوية أو شدة التأثير ،فعندما تشبع
الحاجات األكثر قوة وإلحاحا ،فإن الحاجات التالية في التدرج الهرمي تبرز
وتطلب اإلشباع ،وهكذا وصوال إلى قمة سلم الدوافع.
84
حدد ماسلو خمسة أنواع من االحتياجات لكل الناس وحدد لها ترتيبا،
هذه االحتياجات هي:
أ .احتياجات فسيولوجية:
هي احتياجات أساسية لإلنسان كاملأكل واملسكن وامللبس ،تلبيها
املؤسسات بتوفير الدخل الكافي ملوظفيها أو تقديم الدعم لهم كقروض
اإلسكان.
ب .احتياجات األمان:
يحتاج اإلنسان للشعور باألمان من املخاطر ،يحققها من خالل العمل
اآلمن واملستقر والسكن اآلمن والصحة املستقرة .ويمكن للمؤسسات
تحفيز موظفيها بتوفير بيئة عمل آمنة ،وتوفير ضمانات لعدم الخوف من
الفصل ،وبتوفير بعض برامج العالج املجاني أو املدعم ،وبرامج توفر معاش
بعد التقاعد.
ت .احتياجات اجتماعية(االنتماء):
وهي الحاجة لالنتماء للمجتمع .لذلك فإن املؤسسات يمكنها تحفيز
العاملين بتوفير جو اجتماعي جيد وتنظيم لقاءات اجتماعية ،وتشمل
االحتياجات االجتماعية خارج العمل أيضا ،كقضاء وقت مع األسرة
واألصدقاء ،ويمكن تلبيتها من خالل منح إجازات وتحديد أوقات العمل.
ث .احتياجات االحترام (التقدير):
بعد توفير االحتياجات األساسية ثم األمان ثم االنتماء ،فإن اإلنسان
يبحث عن التقدير ممن حوله (زمالؤه في العمل ومن يعرفونه خارج
العمل) ،لذلك فإن مكافأة العاملين وتقدير مجهودهم ماديا ومعنويا هو
85
من األمور املحفزة كتقديم جائزة تفوق ،أو شكره على مجهود أو فكرة ،أو
ترقية ملراكز أعلى لكي يظهر نجاحه لزمالئه ومعارفه.
ج .الحاجة لتحقيق الذات:
بعد توفير كل هذه االحتياجات فإن اإلنسان يبدأ في البحث عن
تحقيق الذات وهو أن يقدم أحسن ما عنده ويستغل كل طاقاته فيبدع
ويتطور إلى أعلى درجات التميز في عمله ،أو االرتقاء إلى املناصب العليا.
تقييم نظرية ماسلو:
بالرغم من مساهمات نظرية ماسلو في تفسير الدوافع بحيث وفرت
لإلدارة طريقة لتحديد حاجات العاملين وطرق إشباعها ،كوسيلة تحفيز
للعمل ،إال أنها واجهت عدة انتقادات من أهمها:
افتراض ضرورة إشباع الحاجات الدنيا لالنتقال للحاجات العليا،
إال أن هناك من لم يشبع حاجاته األساسية ولكنه يقر بحاجته لألمان
واالنتماء ،كما أن هناك أفراد رغم إشباع حاجاتهم األساسية إال أنها ما
زالت هي املتحكمة في سلوكهم؛
تعميم فكرة تسلسل الحاجات عند كل الناس وفي كل الظروف،
حيث تحتل الحاجات الفيزيولوجية املرتبة األولى ،إال أنه قد يضحي الفرد
الذي يحس بعدم االحترام من رئيسه ببعض الحاجات الفيزيولوجية كاألجر
العالي لقاء حصوله على االحترام من رئيس آخر ولكن بأجر زهيد ،والعكس
قد يقبل فرد آخر اإلهانة مقابل أجر يكفل له األجر الكافي إلعالة عائلته؛
ليس من السهل اكتشاف الحاجات الكامنة في كل فرد بمجرد
التعامل معه في الحياة العملية ،حيث يفترض في الرئيس أن يكون عالم
86
نفس حتى يستطيع أن يحلل نفسية مرؤوسيه لفهم الحاجات التي تثير
فيهم دوافع العمل ،وهذا صعب التحقيق.
2 .2نظرية Xو :Yماك جريجور:
اهتم جريجور بكيفية قيادة املرؤوسين ،وانطلق من فكرة أن القيادات
يقومون بإدارة األفراد بناء على فرضيات خاطئة حول سلوك العاملين،
أسماها النظرية Xوقدم فرضيات بديلة أسماها النظرية .Y
أ .افتراضات النظرية : X
يفترض املديرين آنذاك أن:
العامل كائن كسول بطبيعته وال يحب العمل لذلك ال بد من
قيادته بالقوة واإلرغام والتهديد والعقاب ،وأن اإلدارة املركزية والرقابة
الشديدة هي النمط األنسب لهؤالء لدفعهم للعمل ،وأن الحوافز املادية هي
األنسب لحفزهم على العمل؛
العامل كائن سلبي غير طموح وال يتحمل املسؤولية ،يفضل األمان
ويتجنب القيادة ويحب أن يتم توجيهه ،لذلك على اإلدارة توجيه الجهود
البشرية وتنسيقها وتحديد سلوكها بما يحقق عوائد للمنظمة ،على
افتراض أن العامل ال يمكنه ذلك.
إن هذا التصور كان على حساب العاملين حيث جعل القيادات ال تفكر
في تلبية حاجاتهم ورغباتهم ،أو التفكير في طرق التحفيز غير املادية ،واملدير
الذي يؤمن بهذه النظرية هو مدير دكتاتوري تشاؤمي وموجه بالرقابة
الصارمة.
ب .افتراضات النظرية:Y
رد جريغور على هذه الفرضيات التشاؤمية ،بفرضيات أكثر تفاؤال
ومرونة وإنصافا ،وتتمثل فيما يلي:
87
العمل ظاهرة طبيعية ،يتقبلها الجميع ،وأن األفراد على اختالف
مستوياتهم يفضلون الدمج بين العمل الجسمي والذهني؛
الفرد مستعد لتنمية أهداف املنظمة وااللتزام بتحقيقها ،كما
بإمكانه تحقيق الرقابة والتوجيه الذاتي؛
األفراد طموحين بطبعهم ويسعون إلى القيادة أكثر من سعيهم
لألمان ،ويكرهون أن يتم التحكم فيهم ،كما يمكنهم تحمل املسؤولية إذا
ألقيت على عاتقهم ،بل ويسعون إليها أحيانا ،وأن الفرد بطبعه مبتكر
ومبدع إذا توفرت له البيئة املالئمة.
املدير الذي يؤمن بهذه النظرية هو مدير ديمقراطي تفاؤلي ،يثق في قدرة
األفراد على تحمل املسؤولية ،ويكون التحفيز هنا معنوي أكثر منه مادي
وذلك بخلق ظروف مالئمة لزيادة مقدرات الفرد من خالل توفير البيئة
املالئمة لالبتكار ،ومنحه جزء من املسؤولية والتفويض واملشاركة في اتخاذ
القرارات اإلدارية ،وحفزه على التوجيه والرقابة الذاتية.
3.2نظرية العاملين :فريدريك هيزنبرج(:)2000 - 1923
هيزنبرج عالم نفس أمريكي عرف بعمله حول اإلثراء الوظيفي كمدخل
للتحفيز ،وتطرق إلى دور العمل وظروف العمل في حفز العمال ،ويرى أن
هناك نوعين من العوامل تحدد شعور العمال تجاه أعمالهم ،األول حول
الجوانب غير املشبعة لدى الفرد (عوامل وقائية) والثاني حول تحقيق
الذات (العوامل الدافعة).
أ .العوامل األساسية (أي الوقائية):
وتتعلق بالظروف املحيطة بالعمل وليس بنوعيته ،وتشمل هذه
العوامل:
88
االستقرار الوظيفي وعدم التهديد بالفصل ،ووجود عدالة في نظم
املؤسسة ومالئمة سياستها وإدارتها؛
املكانة املناسبة للعامل وتشمل كاملركز الوظيفي والسلطات
املمنوحة ومكان العمل املحترم.
الدخل املادي الكافي واملميزات مثل العالج واإلجازات ووسائل
املواصالت وغير ذلك.
نمط اإلشراف املناسب مع قدر من الذاتية (التحكم الذاتي في
كيفية أداء العمل) ،والعالقات االجتماعية الجيدة.
ظروف العمل املادية املناسبة من حيث توفر أدوات العمل
والخدمات األساسية للعاملين وساعات العمل واألمن الوظيفي.
حسب هذه النظرية ،فإن توفير هذه العوامل تجعل العامل راضيا
ولكن ال تعمل على تحفيز الفرد وخلق فرص للنمو الشخص ي ،ونقصها يعد
عامل تثبيط وإحباط ،أي أنها عوامل ال بد من تلبيتها ولكنها غير كافية
للتحفيز.
ب .العوامل الدافعة (املحفزة) :
هي التي يسميها هيزنبرج مجموعة الحوافز وتشمل:
تحقيق الرضا الوظيفي بتوفير العمل الذي يرض ي اهتمامات
العامل ومؤهالته ،وفرص التخاذ القرارات وتحمل املسؤولية؛
التقدير واالحترام من الرؤساء والزمالء ،وكذا توفر فرص التقدم
والنمو الوظيفي كفرص الترقي وزيادة الدخل؛
القدرة على التحكم في الوظيفة ،ووجود مجال لتحقيق إنجازات
أكبر من األداء املطلوب كما أو كيفا من خالل التدريب.
89
وحسب هذه النظرية ،تعتبر هذه العوامل بمثابة التحفيز الحقيقي
للفرد نحو العمل والذي من شأنه رفع األداء.
4.2نظرية اإلنجاز لديفيد ماكيالند:
يرى ماكليالند في انتقاده لنظرية الحاجات ملاسلو أن الحاجات
الفيزيولوجية والحاجة لألمان هي حاجات ضرورية ألي فرد ،وشرط
تعاقدي بين املؤسسة والفرد يجب تحقيقه ليزاول عمله ،وليس مدخال
للتحفيز ،لذلك فقد قسم ماكيالند الحاجات حسب منظوره إلى ثالث
أقسام هي:
أ .الحاجة إلى اإلنجاز:
أي الحاجة التي تمكن الفرد من العمل الذي يشغله ويمكن إشباعها
من خالل البرامج التدريبية.
ب .الحاجة إلى االنتماء :الرغبة في إقامة عالقات اجتماعية ،والحاجة
إلى السلطة :الرغبة في السيطرة وتحمل املسؤوليات.
يرى ماكيالند أن الحافز على اإلنجاز هو األكثر أهمية للتحكم في سلوك
الفرد في العمل ،وهذا راجع إلى أن األداء يحدده أمرين هما :مستوى
الطموح ومستوى األداء الفعلي ،أي أنه وفقا ملقدرات الفرد الفطرية
واملكتسبة يضع مستوى أعلى لطموحه مستقبال ،ومن هذا املنطلق يمكن
للمنظمة تحفيز األفراد لالرتفاع بمستوى أداءهم من خالل وضع نظام
موضوعي لقياس الكفاءة الذي يمكن أيضا من معرفة نقاط الضعف
ألغراض التدريب والتنمية،
5.2نظرية العدالة آلدمز:
توضح هذه النظرية العالقة بين أداء الفرد وشعوره بالعدالة أي عدالة
املقابل الذي يتلقاه كحافز لألداء مقارنة مع غيره ،وكلما وجدت العدالة في
90
تقديم الحوافز سيرتفع مستوى رضاه عن العمل وزيادة دافعيته والعكس،
مما يستوجب وضع أنظمة عادلة للحوافز من خالل اإلجابة عن أسئلة
معينة حول مساهمات أو مدخالت األفراد ومستوى تعليمهم وخبرتهم
وجهودهم وكذا مستوى التعقيد في العمل ونسبة املدخالت إلى املخرجات.
6.2نظرية التوقع فكتور فروم:1932
يرى فروم أن الدافع الختيار سلوك معين يحدد من خالل الرغبة في
النتيجة" ،أي أن استعداد العامل لبذل جهد ما لبلوغ مستوى معين من
األداء متوقف على مجموعة الحاجات املتوقع أن يشبعها من خالل
تحقيقه لهذا األداء ،ويرى أن قوة الحفز عند الفرد لبذل الجهد الالزم
إلنجاز عمل ما يعتمد على نوعين من التوقعات:
أ .التوقع األول:
جهد معين سيقود إلى األداء املطلوب؛ أي مدى توقعتوقع الفرد أن بذل ٍ
الفرد بقدرته على النجاح في إنجاز العمل ،وهذا التوقع يوضح العالقة بين
الجهد واإلنجاز.
ب .التوقع الثاني:
اعتقاد الفرد أن العمل الذي اختاره سيحقق له الرغبات التي يريدها،
أي أنه إذا حقق الفرد اإلنجاز املرغوب فهل سيكافأ عليه ،وهذا التوقع
يوضح العالقة بين إتمام اإلنجاز واملكافأة التي سيحصل عليها الفرد
إذن على املنظمة وضع حوافز لألفراد وفقا لتوقعاتهم التي يجب
دراستها بدقة ،فإذا اعتقد الفرد أن زيادة إنتاجيته ستزيد من أجره فعلى
املنظمة تقديم حوافز مادية ،واألمر نفسه بالنسبة للحوافز املعنوية،
وتتمثل أهمية نظرية التوقع فيما يلي:
91
معرفة الحاجات التي يرغب األفراد في إشباعها ،والسلوك الالزم
لتحقيقها (التدريب الالزم إلتقان الوظيفة الراغب فيها)؛
معرفة الفرد ملستويات اإلنجاز املطلوب تحقيقها والجهد الالزم
بذله لتحقيق هذا االنجاز لبلوغ اإلشباع الكامل الحتياجاته.
.3مبادئ المدرسة النيوكالسيكية:
تعتبر أفكار املدرسة الكالسيكية تكملة ألعمال املدرسة التقليدية من
حيث تركيزها على الكفاءة اإلنتاجية ،وكيفية منح الحوافر بالرغم من
اختالف الطريقة ومن أهم مبادئها:
اعتبار املنظمة نظام اجتماعي يضم تنظيمات وأنماط اتصاالت
وسلطات رسمية وغير رسمية.
أهمية الجانب اإلنساني بما فيه النفس ي واالجتماعي في تحقيق
الكفاءة اإلنتاجية.
أهمية دراسة الدافعية لدى الفرد لفهم احتياجاته ،وكيفية
تحقيقها لبلوغ السلوك املرغوب لدى املؤسسة "رفع األداء"
.4تقييم المدرسة النيوكالسيكية:
ساعدت أفكار هذه املدرسة على تطوير العديد من املفاهيم املنظمة
للعملية اإلدارية بأسلوب مرن كالدافعية واالتصاالت والقيادة وتكوين
الجماعات ومقومات نجاحها ،وإدراج العالقات اإلنسانية كبعد هام
باملؤسسات ،إضافة إلى إعطاء إطار عام لسلم احتياجات الفرد وكيفية
تحقيقها لبلوغ السلوك املرغوب للفرد.
وبالرغم من إسهامات املدرسة النيوكالسيكية إال أنها انتقدت في
العديد من النقاط أهمها:
92
هنالك تناقضات في بعض الحاالت بين األفكار املقدمة من مفكري
املدرسة السلوكية مما دفع املديرين إلى رفضها.
اهتمت باإلنسان فقط وأغفلت جوانب هامة في بيئة العمل
الداخلية أو الخارجية ،والتفاعل واالرتباط بين هذه الجوانب.
إغفال للنواحي القانونية والتنظيمية لهياكل اإلدارة ،والعجز عن
الوصول إلى تعميمات ملبادئ اإلدارة العامة.
ثالثا .المدارس الحديثة:
جاءت املدارس الحديثة كنتيجة منطقية للتراكم املعرفي الحاصل في
الفكر اإلداري ،سواء أعمال املدرسة الكالسيكية أو النيوكالسيكية ،ومن
أهمها؛ مدرسة النظم ،مدرسة اتخاذ القرارات ،املدرسة املوقفية ،نظرية
اإلدارة باألهداف ،ونظرية.Z
.1مدرسة اتخاذ القرارات:
تسمى أيضا املدرسة الكمية ،وتولي هذه املدرسة أهمية كبيرة لعملية
اتخاذ القرار ،وتمحور أعمالها حول ضرورة إضفاء األساليب الكمية على
عملية اتخاذ القرار ،من أهم روادها؛ هربرت سيمون ،والندبوم.
1.1نظرية العقالنية املحدودة لهربرت سيمون:
تنسب نظرية اتخاذ القرار التي ظهرت تقريبا في سنة 1950م إلى هربرت
سيمون الذي أعطى تعريفا للتسيير يتمثل في كونه عملية اتخاذ القرارات،
وتتمثل مبادئ هذه النظرية فيما يلي:
املنظمة نظام اجتماعي مركب من عالقات واتصاالت ،ويقوم
أساسا على اتخاذ القرارات ،حيث ينصب عمل املنظمة على تتبع عملية
93
اتخاذ القرارات ،وتحديد املؤثرات التي تتفاعل فيما بينها لتوجيه الوصول
إلى قرار.
تقوم عملية اتخاذ القرار على التحليل العقالني والرياض ي لدراسة
املشكالت من أجل صنع القرارات وتحقيق األهداف.
اختيار البديل األفضل يعبر عن قدرة اإلدارة على املفاضلة بين
البدائل لحل املشكالت ،وهو أهم مبادئ نظرية القرار.
ليكون القرار عقالنيا ومؤثرا يجب أن يتوفر فيه بعدان :األول هو
التكيف املوضوعي للقرار ودرجة تماسكه مع باقي القرارات ،أما الثاني فهو
درجة تقبل الغير للقرار ،بحيث يرض ي أغلبية املعنيين بالقرار ،وذلك
باستخدام أسلوب اإلقناع.
فرق سيمون بين القرارات العقالنية الناتجة عن األساليب الكمية
والتي تتحقق عند توفر كل الظروف التخاذها ،والعقالنية املحدودة التي
تحكمها القيود املعرفية والزمنية واملعلوماتية التي تحول دون حصر كل
البدائل ،إذ يرى أنه ال يمكن تحقيق العقالنية التامة ،ألنه ال يمكن توفر
كل الشروط ،مما يستدعي خبرة املسير في استخدام األساليب الكمية.
قسم سيمون عملية اتخاذ القرار العقالني إلى أربع خطوات .1.
االستخبار أي تحديد املشكلة .2 ،تصميم وتحديد جميع البدائل املمكنة؛
.3اختيار الحل األنسب من خالل تحليل النتائج كل بديل ،ومقارنة فعالية
وكفاءة كل الخيارات املتاحة .4 ،تقييم نتائج االختيار .ومع ذلك رأى سيمون
مطلقا من تطبيق هذا اإلجراء على النحو األمثل ألنه من ً أنه لن نتمكن
املستحيل تحديد جميع الحلول املمكنة للمشكلة ،باإلضافة إلى صعوبة
توقع نتائجها بشكل دقيق.
94
2.1العقالنية التدريجية لتشارلزالندبوم:
اتفق تشارلز مع سيمون في كون العقالنية املحدودة هي األكثر واقعية،
وأضاف مفهوم العقالنية التدريجية ،حيث ال يكفي اختيار القرار األكثر
تعظيما لألهداف ،بل يجب اختيار القرار املرض ي لألغلبية ،ويمكن
االقتراب من العقالنية التامة في حالة فسح املجال للمجموعات للمساهمة
في اتخاذ القرار لتعظيم الهدف.
رأى رواد هذه املدرسة أنه من الضروري استخدام النماذج الكمية
(االستدالل اإلحصائي ،بحوث العمليات واملحاسبة املالية والتحليلية )...في
عملية اتخاذ القرار لتحديد البديل األمثل وتعظيم األهداف وتوقع الحلول
في حاالت عدم التأكد.
3.1تقييم مدرسة اتخاذ القرار:
بالرغم من أن هذه املدرسة قدمت العديد من األساليب الهامة التي
ً
تساعد صانعي القرارات في كافة املجاالت من صنع قرارات أكثر صوابا،
حيث استخدمت األساليب الكمية في مجال إدارة اإلنتاج على نطاق واسع
كجدولة اإلنتاج وتخطيط مستلزمات اإلنتاج .وحتى املنظمات الخدمية
(كاملصارف والنقل الجوي) تستخدم األساليب الكمية إلدارة العمليات
كتخطيط املوارد البشرية واملوازنات وجدولة مواعيد الطائرات .ال سيما
بعد تطور نظم وتقنيات املعلومات فقد زادت فاعلية وكفاءة عمليات صنع
القرارات اإلدارية بالرغم من ذلك وجهت لها انتقادات أهمها:
عدم قدرة أفكار هذه املدرسة من حل املشكالت ذات الطابع
اإلنساني واالجتماعي؛
95
تقترب األساليب الكمية من الحل الصحيح لكن ال يمكن
اعتمادها بشكل مطلق في اتخاذ القرار ،وتبقى خبرة املسير ومهارته تحكمان
العملية؛
عدم اهتمام املدخل الكمي باألفراد وبكيفية استخدامهم لهذه
األساليب واألدوات الكمية واهتموا باملدراء فقط.
.2مدرسة النظم:
كانت بدايات نظرية النظم ناتجة عن أفكار تشيستر برنارد في كتابه
وظائف املدير سنة 1938م ،وهو أول من تطرق إلى التسيير بمفهوم
النظام ،فهو ينظر إلى املؤسسة "على أنها نظام اجتماعي للتعاون املتبادل
بين الهيكل الرسمي وغير الرسمي" ،والذي استلهم نظرته للمؤسسة كنظام
متكامل ومفتوح من خالل مفهوم النظام السائد آنذاك.
1.2عناصراملؤسسة كنظام:
تشمل املنظمة باعتبارها نظاما مفتوح العناصر اآلتية:
أ .املدخالت:
وتشمل كافة املوارد والطاقات والتي تحتاجها املنظمة من البيئة
الخارجية (االجتماعية والسياسية والتقنية) مثل املواد الخام والعمالة
والتكنولوجيا إلى غيرها من املدخالت التي تؤثر في بناء املنظمة وتحديد
األهداف واالستراتيجيات.....الخ.
ب .العمليات (عمليات التحويل):
حيث يتم تحويل املدخالت إلى مخرجات مختلفة .وهي مجموعة
النشاطات التي تتم داخل املنظمة من تخطيط وتنفيذ واستخدام
96
للمعودات والتسهيالت لتحويل املوارد املختلفة إلى سلع وخدمات مخرجات
أخرى.
ت .املخرجات:
وهي نتيجة لعملية التحويل وعادة تأخذ شكل سلع والخدمات ومعرفة
ومعلومات وغيرها تحول للبيئة الخارجية،
ث .التغذية العكسية:
املعلومات املرتدة التي تمثل رد فعل البيئة الخارجية عن مخرجات
املنظمة ،يتم إرجاعها في شكل مدخالت يتم إخضاعها لدورة أخرى
لع مليات النظام ،مما يساهم في تحسين مكوناته من مدخالت عمليات
ومخرجات.
2.2مبادئ مدرسة النظم:
انطلق أصحاب هذه املدرسة من العديد من املبادئ أهمها:
يمكن حل مشاكل التسيير من خالل رؤية املدير للمؤسسة على
أنها" :نظام متكامل ومفتوح يتكون من مجموعة من العناصر (األنظمة
الفرعية) املتفاعلة واملتكاملة فيما بينها ،لكل منها هدف محدد يتكامل مع
أهداف باقي األنظمة لتحقيق الهدف العام واملشترك للنظام (املؤسسة)،
وهي في الوقت نفسه نظام جزئي من نظام كلي يمثل البيئة الخارجية لها؛
تتكون املؤسسة باعتبارها نظام من مجموعة من نظامين رئيسيين
مرتبطين فيما بينها وهما:
النظام التقني:
املتضمن لتكنوولووجيوا العمول كاألالت والعومليووات ويجووب أن يتماشووى
تصميمهووا مع تركيب ووة األفراد االجتماعية.
97
النظام االجتماعي:
واملكون من التنظي ووم الرسمووي (الهيكوول التنظيمووي ،اإلج وراءات
وال قواعود) والتنظيووم غوير الرسمووي (عوالقووات األفوراد وأنموواط تفاعولهووم
موع بعوضهووم ،ثقافة النظووام وفلسفته).
املؤسسة نظام مفتوح يعتمد في بقاءه على التفاعل مع البيئة
الخارجية من خالل تبادل املدخالت واملخرجات .لذلك على املدير تركيز
اهتمامه عليها باستمرار ،مما يمكنه من االستجابة للتغيرات البيئية
والتأثير فيها بما يتوافق مع أهداف املنظمة؛
إن أداء املنظمة كنظام يتوقف أساسا على أداء األنظمة الفرعية
املكونة لها ،كنظام اإلنتاج والتسويق واملوارد البشرية ،وغيرها ،فإن أي
قرار غير صائب في أحد النظم يؤدي إلى التأثير سلبا على قرارات باقي
األنظمة؛
يعتبر النظام اإلداري نظام فرعي من النظام االجتماعي العام
يتفاعل معه ويتأثر به بشكوول مستم وور.
3.2تقييم مدرسة النظم:
سمحت نظرية النظم بوضع نظرة شاملة في إدارة املنظمة واعتبارها
نظاما مفتوحا ،مما يمكنها من رؤية عناصر املشاكل اإلدارية من مختلف
الجوانب االجتماعية والفنية والبشرية ،ومدى تفاع وول ك وول هذه العناصر
مع البيئة الخارجية ،كما تجعل اإلداري مدركا ألهمية تكامل العناصر
املكونة للعملية اإلدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة ،وكذا تكامل
الوظائف واإلدارات ،وتكامل األهداف ،كما تفيد في تحقيق الرقابة الذاتية
من خالل التغذية العكسية.
98
بالرغم من ذلك وجهت لها انتقادات أهمها:
يرى بعض املفكرين أن أفكار مدرسة النظم مجردة وغير عملية،
فاملدير ال يستطيع مناقشة املشكالت اليومية وال صنع القرارات من خالل
التفكير كل مرة باملدخالت وعمليات التحويل واملخرجات ،نتيجة لتعقد
املشكالت في بعض األحيان؛
تولي مدرسة النظم أهمية كبيرة لتكامل وتفاعل أجزاء املنظمة
بحيث يؤدي أي خلل في أحدها إلى التأثير في النظام ككل.
املبالغة في تطبيق مفهوم النظام قد يؤدي إلى فقد روح االنتماء
للمنظمة ،مما يضفي صفة امليكانيكية عليه.
.3المدرسة الموقفية (الظرفية):
تنطلق أفكار هذه املدرسة من فرضية أساسية مفادها أن كل موقف
تتعرض له املؤسسة يتطلب اتخاذ إجراءات وحلول تناسبه ،وال توجد طرق
تسيير مثالية لكل الظروف واملواقف ،وقد القت هذه النظرية تأييدا كبيرا
نتيجة تجارب الباحثين في علم اإلدارة الذين وجدوا أن تطبيق أسلوب
املدرسة العلمية في بعض املؤسسات لم يحقق نتائج إيجابية كما فعل في
مؤسسات أخرى التي الئمها أسلوب املدرسة اإلنسانية والعكس ،بل إن
بعض التجارب أثبتت انه في املؤسسة الواحدة نجح أسلوب املدرسة
العلمية (الحوافز املادية مثال) مع مجموعة من األفراد بينما لم ينجح مع
مجموعة أخرى والتي ناسبها أسلوب املدرسة اإلنسانية (الحوافز املعنوية
مثال) ،فلكل مجموعة صفات وخصائص تختلف عن األخرى ،والتي
تختلف أيضا من فرد آلخر أحيانا ،ومهمة املدير اختيار األسلوب األنسب
لكل موقف وكل زمن.
99
1.3مبادئ املدرسة املوقفية:
تتمثل مبادئ هذه املدرسة فيما يلي:
ال توجد طريقة واحدة جيدة لإلدارة ،بل هناك العديد من
األساليب الجيدة كل منها يتوافق مع طبيعة املوقف؛
املدير الناجح هو الذي يحسن التكيف مع املواقف ،فما نجح مع
موقف وزمن معين قد ال ينجح مع مواقف وأزمنة أخرى؛
العوامل البيئية للمؤسسة سواء الداخلية كاألفراد والتقنيات ،أو
الخارجية كالقوانين والتكنولوجيا السائدة في وقت معين هي التي تملي
الحلول للمشكالت التي تواجهها ،وعلى املدير تشخيص وتحليل التغيرات
الحاصلة واختيار القرار املناسب؛
الخصائص الشخصية للرئيس واملرؤوسين ،والقيم االجتماعية
والتنظيمية للمنظمة هي التي تحدد أسلوب اإلدارة املتبع؛
يجب أن تتماش ى املمارسات اإلدارية مع طبيعة األفراد واختالف
مهامهم وحاجاتهم ثقافاتهم؛
ً
ضرورة تحليل املتغيرات والعالقات األكثر تأثيرا على تصميم
الهياكل التنظيمية وعمليات املنظمة ،الختيار أنسبها للمنظمة.
2.3تقييم املدرسة املوقفية:
رغم إسهامات هذه املدرسة ،إذ بينت أنه ال يمكن اعتماد وصفات
جاهزة لإلدارة ،وضرورة التفكير في أكثر األساليب اإلدارية مالئمة لظروفها،
كما ساعدت اإلداريين على تركيز اهتمامهم على التغيرات الحاصلة بالقوى
االجتماعويو ووة واالقتصادية والتكنولوجية املحيطة باملنظمة وتؤثر على
تفاعوولها ،إال أن هناك انتقادات وجهت لها أهمها:
100
اعتبر البعض أفكار هذه املدرسة مجرد تكييف ألفكار املدارس
السابقة مع الظروف املتغيرة للمؤسسة دون اإلتيان بالجديد؛
بما أن اإلدارة عبارة عن استجابة للمواقف املتغيرة ،فيمكن
ممارستها انطالقا من األحكام الشخصية للمدير ،مما يترتب عنه تجاهل
أفكار ومعارف مداخل الفكر اإلداري السابقة ،بالرغم من كفاءة بعضها؛
لم تشر هذه النظرية إلى أن هناك بعض الثوابت التي ال تتغير مهما
تغيرت الظروف والتي تعبر عن قيم املنظمة ومبادئها.
إذن إن اختيار املنظمة ملنهج املدرسة املوقفية ال يعني التخلي عن
املداخل السابقة ،إذ أنها مزيج بين أفكار املدرسة الكالسيكية واإلنسانية
والسلوكية والكمية وغيرها.
.4نظرية Zاليابانية:
تقوم هذه النظرية على ضرورة اعتماد أسلوب املشاركة الجماعية في
اتخاذ القرارات ،واملستلهمة من طبيعة املجتمع الياباني واألسرة اليابانية
التي يميزها االحترام املتبادل والترابط وروح التعاون ،يصبح أفراد املؤسسة
كعناصر في أسرة واحدة يكون فيها الرئيس بمثابة رب األسرة يهتم
بمصلحتها ومصلحة كل فرد فيها ،ويشاركهم مشاكلها ويطلب املشورة
واملشاركة في حلها ،حيث يفترض أيضا من األفراد بذل أقص ى مجهودهم
لتحقيق مصلحة املؤسسة دون انتظار املقابل املادي حيث نجد هؤالء
يبقون باملصنع لساعات متأخرة الستكمال أعمالهم دون املطالبة
بتعويضات مادية ألنهم يؤمنون بأن هذا واجبهم نحو مؤسستهم التي
يحبونها كأسرتهم ،هذه القيم تؤدي إلى سيادة روح املودة والتعاون واالنتماء
وحب العمل ،حيث أرجع علماء اإلدارة سر نجاح املؤسسات اليابانية في
اتباعها هذا األسلوب من اإلدارة.
101
وحتى يمكن للمؤسسات تبني هذه املقاربة ال بد من توافر عديد من
الشروط أهمها ،توفر الخبرة لدى األفراد ورغبتهم في املشاركة ،وكذا توفير
املعلومات الضرورية التخاذ القرار.
1.4مبادئ نظرية Zلإلدارة اليابانية:
تتمثل أسس اإلدارة اليابانية فيما يلي:
املشاركة في اتخاذ القرار وفي وضع األهداف وفي تنفيذها ،مما
ً
يحقق توافقا بين أهداف العاملين وأهداف املؤسسة ،ويحقق مفهوم
الرقابة الذاتية؛
االستقرار الوظيفي أي ضمان الوظيفة مدى الحياة ،حيث ال يتم
االستغناء عن املوظف حتى في أصعب الظروف ،مما يؤثر على إبداعه
وإنتاجيته؛
العمل كفريق والشعور الجماعي باملسؤولية عن العمل ،حيث يتم
قياس األداء الجماعي ،وتكون املكافأة جماعية ال فردية؛
تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص ،وتوفير مقومات االستقرار
ً
أجواء من التعاون واالحترام املتبادل ومتطلبات العيش الكريم ،مما يخلق
بينهم ،والتفاعل الطبيعي بين العمل والحياة االجتماعية.
.5اإلدارة باألهداف:
هي أسلوب لإلدارة يقوم على مشاركة اإلدارة لألفراد في وضع األهداف
لحفزهم لاللتزام بتحقيقها وتحقيق الرقابة الذاتية ،أي أنها أسلوب لتقييم
وحفز األفراد ،مما يمكنهم من املشاركة في اتخاذ القرارات الخاصة
بأعمالهم ،وضع أفكارها املفكر اإلداري بيتر دروكر في أوائل الخمسينات،
وتتم اإلدارة باألهداف وفقا للمراحل التالية:
يجتمع الرؤساء مع مرؤوسيهم ملناقشة األهداف التي تصبو
املؤسسة لتحقيقها من أجل إدراك شامل للفرد لهذه األهداف؛
102
االشتراك في تحديد األهداف التي يمكن للمرؤوسين تحقيقها
بحيث تكون واقعية وقابلة للقياس؛
اجتماع الرؤساء واملرؤوسين لتقييم اإلنجازات وإعالمهم بنتائج
التقييم ملعرفة مساهمتهم في تحقيق األهداف الشاملة؛
االجتماع لتشخيص نقاط الضعف واقتراح الحلول لتعديلها.
تحتاج هذه املقاربة لنجاحها إلى ضرورة وضوح األهداف وقابليتها
للقياس ،ووجود خطط جيدة لتحقيقها ،وكذا وجود تغذية عكسية
مستمرة لعملية التنفيذ ،وتدفق جيد للمعلومات واتصاالت فعالة داخل
الجماعات وثقة متبادلة بين الرؤساء واملرؤوسين ،وتهيئة علمية وعملية
ونفسية للمدرين ،وتحقق هذه املقاربة مشاركة أكبر في التنظيم ،واتصاالت
فعالة ورفع للروح املعنوية وأسلوب عادل للتحفيز.
لقد توالى التطور الفكري في مجال التسيير وظهرت العديد من األفكار
والنظريات كمقاربة املوارد التي ترمي إلى محدودية الحرية في العملية
اإلدارية واتخاذ القرارات نتيجة ارتباط املؤسسة ببيئتها الخارجية من حيث
توفيرها للموارد الالزمة لعملياتها ،حيث يملي األعوان االقتصاديين
شروطهم على املؤسسة تحد من حريتها في اإلدارة (مثال يملي البنك شروطا
على املؤسسة تحدد سقف التمويل الالزم ألداء نشاطها ،مما يؤثر في
قراراتها املالية).
كما ظهر مفهوم اإلدارة باملعرفة ،واإلدارة باإلبداع وإدارة التغيير،
وإدارة الجودة الشاملة وغيرها من املفاهيم املعاصرة لإلدارة التي غيرت
أساليب التسيير وجعلتها أكثر مرونة.
103
الجزء الثالث
وظائف التسيير
الفصل الخامس
وظيفة التخطيط
إن أهم ما نتج عن التطور املتواصل في مدارس ونظريات الفكر اإلداري
هو التحسين املستمر في املمارسات اإلدارية املتمثلة أساسا في وظائف
التسيير التي أرس ى أولى مبادئها العالم الكالسيكي هنري فايول ،واملتمثلة في
التخطيط والرقابة والتنظيم والتوجيه واتخاذ القرار.
يعتبر التخطيط أولى وظائف العملية اإلدارية وأهمها على اإلطالق،
حيث يوفر إطارا لتنظيم موارد املؤسسة وتوجيهها ،وكذا الرقابة على أدائها،
أي أنه األساس الذي تقوم عليه باقي الوظائف ،لذلك تجدر اإلشارة لهذه
الوظيفة من حيث التعريف والخصائص ،األهمية واألنواع والشروط،
العناصر واملراحل واملشكالت.
يعتبر التخطيط تلك العملية التي تعنى بالتحضير للمستقبل ،وإعداد
الخطط الالزمة للخوض فيه ،مما يكشف عن األهمية البالغة لهذه
الوظيفة ،حيث تجعل املستقبل املجهول واقعا يمكن رسم معامله وتغيير
معطياته وعناصره.
ال يقتصر التخطيط على اإلعداد للخطط قصيرة األجل التي تعنى
بتحديد املسارات التي ستحذوها املؤسسة في الشهور أو السنة القادمة
فحسب ،بل إنها يتعدى ذلك ،حيث يتم التخطيط لآلجال املتوسطة
والطويلة التي تبلغ أحيانا العشرين سنة القادمة أو أكثر.
تتم عملية التخطيط وفق مراحل عديدة تبدأ بالتنبؤ وتنتهي باملتابعة
والتقييم ،وذلك وفق شروط تضمن سير العملية بنجاح ،وتساهم في حل
املشكالت التي تصادفها.
108
أوال .مفهوم التخطيط:
يعد التخطيط الوظيفة أو العملية األكثر حيوية من بين مختلف
وظائف التسيير ،كونه يربط بين البيئتين الداخلية والخارجية للمؤسسة،
ويحقق ديناميكيتها وتفاعلها وتكيفها مع محيطها.
.1تعريف التخطيط:
التخطيط هو« :عملية تحديد األهداف املرغوب فيها من طرف
املؤسسة ،وتحديد األساليب والوسائل املمكنة لتحقيق هذه األهداف" .أو
هو« :عملية اتخاذ القرار بشأن ما سيتم عمله وكيف سيتم عمله ،ومتى
ومن سيقوم بعمله» .كما يعبر عن «األسلوب العلمي الذي يمكن املؤسسة
من االستعداد للمستقبل املجهول ،وكيفية التعامل معه».
أي أن التخطيط هو الوسيلة اإلدارية التي تمكن املؤسسة من الخوض
في املستقبل املجهول واالستعداد له واتخاذ القرارات بشأنه ،واإلعداد له
ماديا وفكريا.
.2خصائص التخطيط:
يتميز التخطيط بالخصائص التالية:
هو نشاط ذهني يعبر عن مرحلة التفكير السابقة للتنفيذ ،إذ
يقوم على وضع الفروض املتعلقة باملستقبل؛
عملية قائمة على اختيار مبني على الحقائق ،بين العديد من بدائل
التصرف ،إذن فهو ينطوي على عملية اتخاذ القرار؛
أسلوب علمي قائم على توقع األحداث املستقبلية واإلعداد
للتعامل معها بكفاءة بدال من االعتماد على الحدس ،مما يمكن املدير من
اتخاذ القرارات بشأن املشكالت القادمة ،بدال من التعامل مع املشاكل بعد
حدوثها دون اإلعداد لها ولكيفية حلها؛
109
هو الركيزة األساسية لباقي الوظائف اإلدارية التي تعتمد أساسا
على ما يحمله التخطيط من أهداف وسياسات وبرامج؛
هو نظرة حاضرة لسلوك مستقبلي ،وبالتالي فهو يفيد في تركيز
الجهود (في مختلف وظائف املؤسسة) باتجاه واحد.
ثانيا .أهمية التخطيط:
يعود التخطيط بالنفع للمؤسسة في العديد من الجوانب أهمها:
من خالل مؤشرات الحاضر يمكن التنبؤ باملشكالت وحلها في
املستقبل ،وبالتالي تقليص املخاطر والجهود.
التحديد الدقيق لألهداف وتدبير الوسائل واملوارد لتحقيقها ،مما
يحقق خفض تكاليف عدم التخطيط( ،مثال عدم التخطيط لالحتياجات
من املادة األولية سيكلفنا شراءها في مرحلة التنفيذ بأثمان أكبر)؛
معرفة مسببات املشكالت من خالل العودة إلى تجارب املاض ي،
مما يفيد في حلها جذريا؛
القدرة على التوقع النسبي ملا سيحدث مستقبال ووضع الخطط
الالزمة ،وتحديد الطرق واإلجراءات الواجب اتباعها من طرف العاملين
لتحقيق الهدف ،وكذا التنبؤ باالحتياجات من املوارد مسبقا ،لتفادي
حاالت العجز؛
تحقيق التنسيق بين األعمال ومنع التضارب في تحقيقها ،وكذا
الرقابة على األداء من خالل التحديد املسبق ملعايير األداء؛
يعرف األفراد ما هو مطلوب منهم وكيفية أداءه ،وكيفية
مساهمتهم في تحقيق الهدف العام ،مما يسهل عملية التوجيه.
110
ثالثا .شروط أو عوامل نجاح عملية التخطيط:
أهم الشروط الالزم توفرها في التخطيط حتى يحقق الهدف منه ما يلي:
صحة البيانات واإلحصائيات التي تقوم عليها افتراضات
التخطيط؛
مرونة الخطط بحيث تكون قابلة للتعديل في الظروف الطارئة أو
متغيرات جديدة لم تأخذ بالحسبان عند التنبؤ؛
الدقة والوضوح في األهداف وكذا السياسات واإلجراءات املحددة
لتنفيذها ،حتى يتسنى لألفراد تنفيذها دون أخطاء؛
الواقعية واملشروعية ،حيث ال نضع أهدافا صعبة التحقيق أو
مخالفة للقوانين السائدة في البيئة الداخلية والخارجية؛
ّ
فاعلية الخطط ،بحيث ال تكلفنا أكبر من الفائدة منها ،وكذا
ومالءمتها لألهداف املنشودة ،واإلمكانيات املتاحة؛
كفاءة الجهاز اإلداري املسؤول عن تنفيذ الخطط ،وإال فشلت
مهما كانت الخطة محكمة؛
املشاركة في التخطيط ،حيث يفضل أن يشارك في وضع الخطة
جميع العاملين في اإلدارة وكذا املسؤولين عن تنفيذها ،أين يتم مناقشة
األهداف ومدى واقعيتها وإمكانية تحقيقها نتيجة لعالقتهم املباشرة مع
الخطط التنفيذية (التشغيلية) ،ومع العمالء أيضا ،واالستماع آلرائهم
واقتراحاتهم حول عقبات التنفيذ واالحتياجات الالزمة ملواجهتها ،والطرق
الالزم اتباعها لبلوغ الهدف ،كما تفيد في تكوين نظرة شاملة حول ألهداف
املؤسسة ومعرفة دور كل فرد في تحقيق الهدف النهائي للمؤسسة ،مما
111
يؤدي إلى اإلحساس بروح املسؤولية عند التنفيذ وااللتزام بتحقيق
األهداف ،وكذا رفع روح االنتماء واملبادرة واإلبداع.
رابعا .أنواع التخطيط:
يقسم التخطيط حسب الفترة الزمنية إلى:
.1التخطيط قصير األجل:
يعنى بوضع الخطط التي سيتم تنفيذها خالل فترة زمنية قصيرة (سنة
فأقل) ،وتكون سهلة التحكم فيها ،وتكون التنبؤات دقيقة نسبيا لقرب فترة
التخطيط عن فترة التنفيذ ،وتتم على املستوى التشغيلي (اإلدارة الدنيا)
وتسمى بالخطط التشغيلية ،وتعنى بكل ما هو روتيني ،من إجراءات وطرق
عمل ،وموازنات.
.2التخطيط متوسط األجل:
يغطي الخطط متوسطة األجل التي يتم تنفيذها لفترة تمتد من سنة
حتى 5سنوات ،وتتضمن خطط تفصيلية للخطط طويلة األجل ،وتكون
دقة التنبؤات أقل دقة من الخطط التشغيلية نتيجة البعد الزمني عن
الحاضر ،وتسمى الخطط التكتيكية ،وتتم على مستوى اإلدارة الوسطى،
حيث يتم وضع السياسات الالزم اتباعها.
.3التخطيط طويل األجل:
هي الخطط التي يتم وضعها على مستوى اإلدارة العليا ،وتسمى الخطة
باالستراتيجي ،وتكون لفترات أطول (أكبر من 5سنوات) تكون دقة التنبؤات
فيها منخفضة ،نتيجة للبعد الزمني الفاصل عن وقت التخطيط حيث
يمكن حدوث تغيرات في البيئة الخارجية وحتى الداخلية ،وظهور
مستجدات قد تدفع إلى تعديل االستراتيجيات.
112
كل أنواع التخطيط هذه تحتاج إلى نظم معلومات ذات كفاءة لتزويد
املخطط باملعلومات الالزمة بالدقة الكافية عن البيئة.
كما يصنف التخطيط حسب نوع الوظيفة إلى تخطيط إنتاجي،
وتخطيط تسويقي إلى غير ذلك من الوظائف.
خامسا .عناصر التخطيط:
تتمثل عناصر أو مكونات التخطيط فيما يلي:
.1األهداف:
تعتبر األهداف اللبنة األساسية في عملية التخطيط والعملية اإلدارية
عموما ،وهي مجموعة الغايات واألغراض املراد تحقيقها ،وعلى أساسها
تقرر مجموعة السياسات واإلجراءات واملوارد الالزمة لتحقيقها .حيث
يجب أن يكون الهدف واضحا ودقيقا ومفهوما لدى القائمين على تنفيذه،
كما يجب أن يكون مشروعا وواقعيا وقابال للقياس حتى يمكن مراقبة مدى
تحقيقها ورصد االنحرافات بدقة لتعديلها ،كما يفضل أن تتميز باملرونة
وفقا للتغيرات بالبيئة الداخلية والخارجية.
.2التنبؤات:
توضع األهداف في الظروف الحاضرة ونريد الحصول على نتائجها خالل
فترات مستقبلية ،وفي ظل ظروف مختلفة ،لذا البد من وضع توقعات
تقريبية ملا يمكن أن يكون عليه الوضع وقت التنفيذ من مشكالت
ومستجدات ،ولعمل توقعات املستقبل البد من تشخيص الظروف
الحاضرة وكذا العودة للماض ي والتجارب السابقة لوضع توقعات لحاالت
مماثلة ،إذ أنها تعتبر مؤشرا ملا سيكون عليه الوضع مستقبال ،وال يتوقع
املخطط نجاح التوقعات بصفة مطلقة ،بل تكون تقريبية ومساعدة فقط،
حيث ال تبتعد عن الحقيقة بشكل كبير ،كما يفيد التنبؤ في وضع بدائل
113
للحلول احتياطا لعدم تحقق الخطط املرسومة ،ما يسمى بديناميكية
الخطط( ،تعدد الحلول حسب تعدد االفتراضات حول الظروف
واملشكالت).
.3السياسات:
هي بمثابة الدليل املوجه أو اإلطار الذي يجب أن يتم فيه التنفيذ ،وهي
مجموعة التوجهات واملسارات واألساليب التي تختارها السلطة الرسمية في
املنظمة لتحقيق أهدافها حيث توضح الخطوط العريضة لنشاطات
وأع مال املؤسسة على املدى املتوسط ،وعلى أساسها توضع القواعد
والقوانين الالزم العمل بها من طرف العمال عند التنفيذ ،حيث تحقق نوعا
من االستقرار والثبات النسبي في عملية تنفيذ الخطة ،وتحقيق االنسجام
والتنسيق وعدم التضارب في تنفيذ الخطط الجزئية ،يجب أن تكون
واضحة ،دقيقة ،مشروعة ،متناسقة فيما بينها بحيث تخلو من
التناقضات ،ومكتوبة حتى يعلم بها الجميع ،كما يجب أن تتميز بالثبات
النسبي حتى ال تشوش علمية التنفيذ ،في نفس الوقت يجب أن تتصف
باملرونة النسبية حتى تستجيب للتغيرات( ،مثال إذا أرادت املؤسسة رفع
حصتها السوقية فهي تلجأ إلى سياسة إغراق السوق).
.4اإلجراءات:
أي مجموعة الخطوات واملراحل الروتينية والتفاصيل الدقيقة التي
توضح كيفية تنفيذ األعمال من البداية حتى النهاية ،تتصف بالتكرار،
وتختلف من منظمة ألخرى( ،إجراءات التوظيف مثال) ،تتميز بالثبات لكن
ليس لدرجة الجمود فتقف عائقا أمام تنفيذ األهداف ،كما يجب أن تكون
واضحة ،متناسقة وغير متعارضة فيما بينها.
114
سادسا .مراحل التخطيط:
تمر عملية التخطيط باملراحل التالي:
.1تحديد األهداف:
يجب وجود هدف تدور حوله الخطة ،والعملية اإلدارية ،وأعمال
املؤسسة ككل ،وتتوفر فيه الشروط سابقة الذكر .تكون بعض األهداف
ناتجة عن وجود مشكلة يراد حلها ،وأخرى تطويرية وإبداعية.
. 2توفير البيانات واإلحصائيات:
يجب أن تجمع اإلدارة بيانات داخلية حول اإلمكانيات املادية والبشرية
واملالية الالزمة لتحقيق الهدف ،يجب أن تتصف بالدقة والحداثة
والواقعية إضافة إلى معلومات البيئة الخارجية (قوانين ،تكنولوجيا،
وغيرها) ،مما يستدعي وجود نظام معلومات عالي الكفاءة.
.3تشخيص الوضعية الحالية:
من خالل البيانات السابق جمعها ،يتم تحليل البيئة الداخلية
للمؤسسة واستخالص نقاط قوتها الستغاللها ،ونقاط ضعفها لتقليصها،
إضافة إلى تحليل البيئة الخارجية الستغالل فرصها وتفادي تهديداتها،
وبالتالي تقييم مدى القدرة على تحقيق األهداف ،حيث يمكن تعديل
األهداف حتى تتماش ى مع إمكانيات املؤسسة وفرصها.
. 4إعداد الخطط (التنبؤ واتخاذ القرار):
حيث يتم أوال إعداد االستراتيجية الشاملة وكذا استراتيجيات األعمال
واالستراتيجيات الوظيفية على مستوى اإلدارة العليا التي تمثل ترجمة
للرؤية طويلة املدى املراد الوصول إليها ،بعدها يتم تحديد الخطط
التكتيكية على مستوى اإلدارة الوسطى من السياسات والتوجهات الالزم
اتباعها خالل الفترة متوسطة املدى القادمة ،يليها الخطط قصيرة املدى في
115
شكل طرق وإجراءات وموازنات قابلة للتنفيذ املباشر ،حيث يتم تحديد
كافة االحتياجات من الوسائل واملوارد الالزمة وكيفية الحصول عليها
لتنفيذ الخطة وتحقيق األهداف.
وتحتاج مرحلة إعداد الخطة إلى قدرة على توقع األحداث واملشكالت
املحتملة في املستقبل ،وكذا الوضعيات التي تريد املؤسسة بلوغها ،ومدى
إمكانية ذلك ،على ضوء املعطيات البيئية ،حيث يتم وضع مجموعة من
الخطط البديلة من خالل تعدد االفتراضات املمكنة باستعمال أسلوب
تحليل الحساسية (ماذا لو ،)...حيث يتم اختيار البديل األمثل وفقا
للنتائج املتوقعة لكل بديل ،ومدى احتمالية وقوعه ،هذه الخطط البديلة
يتم اللجوء إليها في حالة عدم قابلية الخطط املختارة للتنفيذ( ،سقوط
االفتراضات التي تستند عليها الخطة القائمة) ،وهذا ملواجهة متغيرات
املستقبل املمكنة والظروف الطارئة
.5اإلعالم والموافقة:
حتى تأخذ الخطة شكلها النهائي يجب أن يتم املوافقة عليها من طرف
اإلدارة املعنية ،حسب درجة املركزية املتبعة (إذا كانت املركزية هي النمط
اإلداري املتبع ،فيجب أن يتم عرض كل الخطط على اإلدارة العليا ،أما إذا
كانت الالمركزية ،فإن املوافقة تكون حسب املستوى اإلداري للتخطيط،
كما يجب إعالم الجميع بالخطة املوضوعة وأهدافها ،حتى تتكون لدى
األفراد نظرة شاملة حول رؤية املؤسسة املستقبلية ،ومعرفة دورهم في
تحقيقها.
.6متابعة الخطة وتقييمها:
يتم متابعة التنفيذ من طرف الجهاز التنفيذي املعني ،حيث يتم
مراجعة الخطة بصفة دورية ،في ضوء املستجدات واملعلومات املرتدة عن
116
ا لتنفيذ ،أين يتم التحقق من أن كل ش يء يتم وفقا ملا خطط له ،والكشف
عن االنحرافات السلبية وأوجه الخلل لتصحيحها ،ومنع تكرارها من خالل
معرفة أسباب حدوثها ،كأن تكون األهداف مبالغ فيها ،أو أنها تجاهلت
بعض نقاط ضعف املؤسسة ،أو خطأ في التوقعات ،كما قد تكون املشكلة
في نقص التنسيق بين األفراد ،أو سوء فهمهم لألهداف ،أو أن ظروفا
خارجية طارئة لم يتم التنبؤ بها وليس لإلدارة يد فيها ،وهنا تظهر أهمية
الخطط البديلة.
سابعا .مشكالت ومعوقات التخطيط:
باعتبار التخطيط عملية تنبؤ للمستقبل ،فإن عددا من املعوقات قد
تحول دون فعاليتها:
.1اتجاهات وقيم اإلدارة وجمود الهياكل:
كالنظرة السطحية ألهمية التخطيط السيما األساليب الكمية للتنبؤ
واتخاذ القرار ،كما قد يتمسك املدير بأسلوبه في اإلدارة التقليدي وعدم
تقبل التغيير ،إضافة إلى غياب الكفاءات اإلدارية الالزمة للتخطيط السيما
االستراتيجي ،حيث يحتاج األمر إلى تشخيص للبيئة الداخلية والخارجية
والتي تحتاج إلى قدرة على التحليل.
. 2غياب المشاركة في التخطيط:
تؤدي عدم مشاركة املنفذين في التخطيط إلى املقاومة بسبب عدم فهم
الخطط ،وعدم فهم مساهماتهم الجزئية في الهدف العام ،إضافة إلى
غياب روح االلتزام بتحقيقه.
117
.3غياب نظام للمكافآت:
عادة ما يتم تقييم املديرين على املشكالت امللموسة والحاضرة ،وبالتالي
مكافئتهم تكون على أساس النتائج السريعة قصيرة األجل ،على حساب
النتائج املتعلقة باملدى الطويل ،مما يؤدي إلى غياب الحافز على تحقيقها.
باإلضافة إلى املشكالت التالية:
غياب أهداف محددة بدقة بما يؤدي إلى عدم وضوحها وفهمها
وتعارضها.
افتقار برامج تدريب املديرين على التخطيط السليم القائم على
أسس علمية.
صعوبة وضع التقديرات الدقيقة بسبب عدم جودة املعلومات.
العجز املالي والتقني ،قد تكون حائال دون وضع خطط طموحة،
والبقاء في إطار الوضع القائم.
وضع خطط أقل بكثير من اإلمكانيات املتاحة ،مما يؤدي إلى عدم
مواكبة املؤسسة للتطور وتنافسية أقل أو العكس ،أي خطط أكبر بكثير
من اإلمكانيات مما يؤدي إلى العجز عن تحقيقها.
118
الفصل السادس
وظيفة التنظيم
ال يعد التخطيط هدفا في حد ذاته بل إنه يجد أهميته في مرحلة
التنفيذ ،حيث يتم توفير املوارد والوسائل لتحقيقه ،وال يكفي مجرد حشد
املوارد ،بل من املهم وضعها في نسق متكامل قادر على تحقيق الخطط
بفعالية ،وهذا هو دور عملية التنظيم.
تمر عملية التنظيم بعدة مراحل تبدأ بمراجعة األهداف العامة
للمنظمة وتحديد نشاطاتها ،وتنتهي بتحديد واجبات ومسؤوليات الوظائف
وشاغليها ،حيث تنظم هذه العملية مجموعة من املبادئ مستقاة أصال من
أعمال هنري فايول في إطار أعمال نظرية التقسيم اإلداري ضمن املدرسة
الكالسيكية.
تعترض عملية التنظيم العديد من املشكالت كاملركزية الشديدة وغيرها
والتي تشكل في في مجملها مظاهر التنظيم غير السليم والتي ال بد من
التغلب عليها لتحقيق الهدف من التنظيم ،وبلوغ املرونة الالزمة في التنظيم.
يتنوع التنظيم وفق عدة تصنيفات ،أهمها التنظيم املركزي وغير
املركزي والتنظيم الرسمي وغير الرسمي ،لكل مزاياه وعيوبه ،سنوردها
بالتفصيل في هذا الفصل.
من أهم النتائج امللموسة للتنظيم هو الهيكل التنظيمي للمؤسسة،
والذي يتنوع بدوره إلى عدة أنواع بحسب األسلوب الذي تختاره املنظمة
لتنظيم نشاطاتها ،وسيتم التفصيل في هذا الفصل حول أهمية الهياكل
التنظيمية وأهم أشكالها.
أوال .مفهوم التنظيم:
يعد التنظيم ثاني وظائف التسيير والتي ال تقل أهمية عن سابقتها،
120
حيث يعد التنظيم بداية تجسيد خطط املنظمة ،من خالل تحديد
طرق العمل ،وتنظيم املوارد واألنشطة وغيرها.
.1تعريف التنظيم:
يعرف التنظيم على أنه «تحديد أوجه النشاط الضرورية إلنجاز
الخطط واألهداف العامة للمؤسسة ،وتجميعها في وظائف ووحدات
تنظيمية مناسبة ،وتحديد األدوار وتوضيح املسؤوليات والسلطات،
وتنسيق العالقات بينها ،وتوضيح كل هذا في شكل هيكل تنظيمي مما يمكن
األفراد من العمل بكفاءة وتحقيق الهدف العام للمؤسسة".
.2أهمية التنظيم:
تكمن أهمية التنظيم عموما في تمكين اإلدارة من تنفيذ الخطط
بكفاءة ،وتحقيق األهداف العامة للمؤسسة ،ويتضح من التعريف الفوائد
التالية للتنظيم:
توضيح عالقات السلطة (من مسؤول على من) وكيفية انسياب
القرارات من أعلى إلى أسفل (مركزية أو المركزية القرارات).
تحسين جودة العمل ،من خالل تحديد األدوار وتوزيع األعمال
واألنشطة بشكل علمي مما يحقق عدم ازدواجيتها وتعارضها.
تسهيل االتصاالت ،من خالل توفير شبكة اتصاالت لنقل
املعلومات واألوامر واالقتراحات عبر سائر التنظيم.
توضيح عالقات العمل بين األفراد واألقسام والوظائف باملستوى
اإلداري الواحد ،مما يحقق درجة عالية من التنسيق بينها.
تركيز مجهودات الفرد واهتماماته على الدور املحدد له من خالل
تقسيم العمل وتوزيع األدوار.
121
تحديد إجراءات مفصلة حول كيفية القيام باألعمال ،مع مساحة
من املرونة والحرية في اختيار طريقة أداءه مهامه.
ثانيا .مراحل عملية التنظيم:
تمر عملية التنظيم بعدة مراحل هي:
مراجعة األهداف العامة للمؤسسة ،ثم تحديد األعمال واألنشطة
الواجب القيام بها لتحقيق هذه األهداف.
تجميع النشاطات املتشابهة أو املتجانسة واملتكاملة (ذات العالقة
مع بعضه) في وظيفة واحدة.
تجميع الوظائف املتشابهة في وحدات إدارية (أقسام مثال
واستحداث وظيفة لهذه الوحدة (رئيس قسم مثال).
تجميع الوحدات اإلدارية السابقة (األقسام) في وحدات أشمل
(دوائر مثال) واستحداث وظيفة لها (مدير الدائرة مثال) ،وتستمر عملية
التجميع هذه حتى بلوغ اإلدارة العليا (مدير عام) وذلك حسب تعدد
املستويات اإلدارية املحدد.
وصف الوظيفة ،أي تحديد صالحيات وسلطات ومسؤوليات
وواجبات كل وظيفة من هذه الوظائف ،وتحديد املواصفات الالزم توفرها
فيمن يشغل هذه الوظيفة ،ثم شغل هذه الوظائف باألفراد املؤهلين وفقا
للمبادئ السليمة لالختيار والتعيين.
ثالثا .مبادئ التنظيم:
هناك العديد من مبادئ التنظيم واملستلهمة من أعمال مدارس الفكر
اإلداري ،وهذه أهمها:
122
.1وحدة الهدف:
أي تحقيق التكامل بين األهداف الجزئية ،لتصب جميعها في تحقيق
األهداف العامة للمؤسسة.
.2مبدأ التخصص وتقسيم العمل:
حيث يتم توزيع الواجبات بحيث تسند لكل فرد نوع واحد من العمل
حسب تخصصه ،ليتفرغ له مما يكسبه خبره ومهارة األداء ،أخذا
بالحسبان عدم التخصص الدقيق الذي يتسبب في امللل نتيجة تكرار نفس
العمل ،وكذا صعوبة التنسيق بينها ،كما ال يجب تعقيد الوظيفة بحيث
تحتوي على مهام متنوعة وتخصصات مختلفة قد تنقص من كفاءة من
يؤديها .وقد ظهر في هذا اإلطار مفهوم اإلثراء الوظيفي الذي يعني منح
الفرد مهام ومسؤوليات وصالحيات واستقاللية أكبر في العمل حيث يصبح
متكامال والهدف منه واضح ،مما يحفز الفرد على تحقيق األهداف ،وهذا
حسب قابلية األفراد للتنوع في املهام ،وحسب درجة التجانس فيها .كما
ظهر مفهوم عمل الفريق حيث يتعاون األفراد ألداء عمل متكامل له هدف
واضح ،توكل لكل فرد مهمة معينة ،مع إمكانية تبادل األدوار واآلراء مما
يحقق تنوع الخبرات واملعارف.
.3مبدأ التنسيق:
توحيد الجهود نحو الهدف العام ،من خالل ترتيب منتظم للجهد
الجماعي وتوضيح العالقات بين الوظائف واألفراد حسب نقاط التقاطع
ونقاط االعتمادية بينها (مخرجات إحداها تصلح كمدخالت األخرى) ،مما
يحقق التكامل بينها.
123
.4مبدأ التدرج في السلطة:
حيث يتم توضيح حدود السلطة وتسلسلها في الهرم التنظيمي من
القمة إلى القاعدة ،مما يزيد من فعالية اتخاذ القرارات ،ونظم االتصاالت.
.5مبدأ تحديد المسؤولية:
أي تحديد مسؤولية كل فرد ،وذلك من خالل التحديد الواضح للمهام
التي تقع ضمن وظيفته ،والتي يكون مسؤوال عن أداءها أمام رئيسه ،وينجر
عنها املحاسبة على أداء الواجبات الناتجة عن السلطة املفوضة له.
.6مبدأ التوازن بين المسؤولية والسلطة:
حيث يجب أن تتوافق السلطة املمنوحة للفرد كحق (إصدار األوامر
مثال) مع املسؤولية املناطة له كواجب (مراقبة األداء مثال) ،فال تكون
املسؤولية أقل من السلطة فيفقد العمل معناه ،وال تكون السلطة أقل من
املسؤولية فال يتمكن من أداء مسؤولياته.
.7مبدأ تفويض السلطة:
يواجه املدير أحيانا ظروف تجعله غير قادر على ممارسة بعض مهامه
فيعهد بعضها إلى مساعديه الذين يثق في إمكانياتهم ،ومنحهم حق
التصرف واتخاذ القرار بالقدر الالزم إلنجاز املهام املوكلة ألدائها ،حيث ال
يفوض كل السلطات ،ولكن يبقى مسؤوال عن األداء حيث أن املسؤولية ال
تفوض ،كما يفوض أحدهم سلطات فوضت لهمن رئيسه.
.8مبدأ نطاق اإلشراف المناسب:
حيث يجب أن يكون هناك حدود لعدد األفراد الذين يكونون تحت
إشراف املدير ،مما يمكنه من اإلشراف عليهم بفاعلية ،فكلما زاد عدد
املرؤوسين يحتاج األمر إلى نواب أو مساعدين لإلشراف عليهم ،وبالتالي
124
تزداد املستويات اإلدارية ويكون الهيكل التنظيمي أكثر طوال ،كما يتوقف
األمر على العديد من العوامل:
درجة عالية من الخبرة والتدريب على االستقاللية وتحمل
مسؤولية األعمال ،مما يمكن املدير على توسيع نطاق اإلشراف.
مدى وضوح األهداف والخطط ،مما يمكن للمرؤوسين من معرفة
ما يجب فعله دون الرجوع للرئيس.
كلما كان العمل روتينيا وبسيطا أمكن توسيع نطاق اإلشراف،
عكس العمل الذهني الذي يتصف بالتجديد والتعقيد.
التباعد الجغرافي لفروع املؤسسة يضيق من نطاق اإلشراف،
لصعوبة التحكم فيها من طرف شخص واحد.
نظم االتصاالت الفعالة تعفي الفرد من الرجوع الدائم لرئيسه،
مما يمكن هذا األخير من اإلشراف على أكبر عدد ممكن.
.9مبدأ وحدة اإلشراف:
حيث يجب أن يتلقى الفرد أوامره من شخص أو رئيس واحد يكون
مسؤوال أمامه عن أداء مهامه ،مما يؤدي إلى تفادي تضارب األوامر.
.10مبدأ املرونة :البد أن يتميز التنظيم االستقرار ،إال أن قدرا من
املرونة يجب أن يتوفر للتجاوب مع التغيرات البيئية.
رابعا .مظاهر التنظيم غير السليم:
تمثل املبادئ السابقة مظاهر التنظيم السليم ،أما مظاهر التنظيم غير
السليم فهي:
انخفاض الروح املعنوية لألفراد يتبعها ممارسات سلبية
(كاالستقاالت ،طلبات النقل ،الشكاوى ،الغياب ،الالمباالة).
125
امليل إلى الجماعات أو التنظيمات غير الرسمية لجلب املعلومات
بدل التنظيم الرسمي نتيجة عدم جودة االتصاالت.
املركزية الزائدة ،والتأخر في اتخاذ القرارات ،وعدم جودة
املخرجات من السلع والخدمات وحتى املعلومات.
خامسا .أنواع التنظيم:
ينقسم التنظيم وفق املعيار املتبع للتقسيم إلى:
. 1التنظيم الرسمي مقابل غير الرسمي:
أ .التنظيم الرسمي:
هو التنظيم الذي يخضع للبناء الهيكلي وتسلسل األدوار كما توضحها
الخريطة التنظيمية ،تحكمه قواعد وقوانين رسمية ،يهتم بتوزيع املهام
والواجبات واألدوار بشكل رسمي ،وتحديد العالقات بينها بشكل رسمي،
وتكون االتصاالت فيه رسمية بين األفراد واإلدارات حسب الحاجة التي
تمليها وتوضحها عالقات العمل الرسمية ،والتي تصب في تحقيق أهداف
العمل ،والهدف األساس ي للتنظيم الرسمي هو تنفيذ خطط وسياسات
العمل في املؤسسة،
ب .التنظيم غيرالرسمي:
هو التنظيم الذي ال يخضع إلى القوانين واألنظمة واللوائح الرسمية،
وينشأ بطريقة عفوية نتيجة تجمع األفراد في مكان عمل واحد ،تربطهم
عالقات الصداقة واملودة ،والثقة حتى في عدم وجود عالقات عمل مباشرة
بينهم ،وتكون االتصاالت فيه عشوائية ال تحكمها قنوات أو خطوط محددة
رسميا.
. 2التنظيم المركزي مقابل التنظيم غير المركزي:
أ .التنظيم املركزي:
تعني املركزية تركيز سلطة اتخاذ القرار في مستوى اإلدارة العليا ،حيث
126
يحتكر الرئيس كامل الصالحيات مما يؤثر على شكل الهيكل التنظيمي
الذي تقل فيه اإلدارات املساعدة ويصبح عموديا بقاعدة عريضة ،ومن
مزاياها:
تحقيق فريق متناسق وقوي لإلدارة العليا ،وبالتالي توحيد
القرارات والتقليل من ازدواجية وتناقض الوظائف اإلدارية.
تقليل االنحرافات عن الخطط ،والتقليل من إجراءات الرقابة
املفصلة.
أما عيوب املركزية فتتمثل في الحد من طموح العاملين واستقالليتهم،
وقتل روح املبادرة واإلبداع لديهم ،وكذا انشغال اإلدارة العليا باملهام
الثانوية والروتينية على حساب التخطيط طويل األجل ،وتمركز
املسؤوليات على عاتقها مما يحد من قدرتهم على أدائها بكفاءة ،إضافة إلى
عدم فعالية القرارات نتيجة بعدها عن موقع العمل.
ب .التنظيم الالمركزي:
تعني الالمركزية توزيع السلطة والصالحيات على مجموعة أشخاص
ومستويات إدارية متعددة ،أي أن الرئيس يخول بعض صالحياته لباقي
املستويات اإلدارية مما يمكنها من حق التصرف واتخاذ القرارات بحرية،
وتؤثر الالمركزية في إعطاء الهيكل التنظيمي الشكل الهرمي ،ويستدعي
تطبيقها املعرفة التامة للمفوضين بأهداف املنظمة وتنظيمها اإلداري
لتحقيق التنسيق بين األعمال ،والتأكد من التزامهم بأداء الواجبات املقررة
لهم ،ومن مزايا الالمركزية ما يلي:
تقليص الضغط على اإلدارة العليا في اتخاذ القرارات بشرط
التنسيق بينها وبين باقي املستويات اإلدارية.
127
إحساس املسؤولين باملستويات الدنيا بالعدالة والحرية ،وتهيئة
مديرين قادرين على تولي مناصب عليا في املستقبل.
رفع كفاءة القرارات لقرب متخذيها بمكان التنفيذ وتمكين
الوحدات املتباعدة جغرافيا من االستفادة من املوارد املحلية.
أما عيوب الالمركزية فتكمن في إمكانية فقد السيطرة الكاملة لإلدارة
العليا على املستويات اإلدارية املختلفة ،وكذا الوقوع في تناقضات في
القرارات املتخذة نتيجة التفويض املفرط للسلطة.
كلما زاد حجم القرارات املتخذة في املستويات اإلدارية األدنى وكلما
زادت الوظائف املتأثرة بها وتم قبولها من طرف املستويات العليا كانت
الالمركزية أكبر ،وكلما تبنت املؤسسة عملية نقل السلطة وليس تفويضها
فحسب لإلدارات املساعدة كانت الالمركزية أكبر .وعموما ال يمكن تطبيق
املركزية التامة فيشرف املدير العام على كل ش يء ،وال يمكن تطبيق
الالمركزية التامة فيتم إعطاء السلطة التامة لكل فرد فتكون الفوض ى،
حيث يجب التوفيق بينهما ،إذ يتم تطبيق املركزية في القرارات الحساسة
واملعقدة ،والالمركزية في القرارات األقل حساسية وخطورة وكذا القرارات
التي تحتاج إلى املشاركة في صنعها.
سادسا .الهيكل التنظيمي:
يعد الهيكل التنظيمي صورة مختصرة عاكسة للتنظيم املعتمد
باملؤسسة،
.1تعريف الهيكل التنظيمي:
هو مخطط يوضح الوحدات اإلدارية التي تكون في مجموعها املنظمة
128
والعالقات التي تربط تلك الوحدات ببعضها ،وخطوط السلطة
واملسؤولية التي تربط بين أجزاء املنظمة واألبعاد األفقية لنطاق اإلشراف.
.2أهمية الهيكل التنظيمي:
تكمن أهميته في إعطاء نظرة شاملة لكيفية تنظيم نشاطات املؤسسة
ومدى تطابقها مع املعايير واملبادئ السليمة للتنظيم ،والخروج بتوصيات
حول التعديل من خالل اكتشاف األخطاء لتصحيحها إضافة ملا يلي:
عرض نوعية النشاطات والوظائف املمارسة باملنظمة والوحدات
اإلدارية والعالقات بينها بوضوح السيما لألفراد الجدد.
يحدد حجم الهرم التنظيمي (املسؤوليات اإلدارية والنشاطات
املمارسة في كل منها ودرجة التسلسل) بوضوح.
يوضح نطاق اإلشراف لكل رئيس وحدة إدارية ،مما يساعد على
معرفة مدى التوفيق في تحديد نطاق اإلشراف املناسب.
توضيح كيفية تقسيم العمل بين املوظفين (العدد والنوع)،
ومراكز وخطوط السلطة ومنافذ االتصال الرسمي.
توضيح العالقات بين مختلف الوحدات اإلدارية للكشف عن
مدى التنسيق بينها ومعالجة حاالت االزدواجية والتعارض.
.3أنواع الهيكل التنظيمي:
هناك ثالثة أنواع من الهياكل التنظيمية:
1.3الهيكل التنظيمي الطويل:
يكون فيه نطاق اإلشراف ضيق ،ومن مزاياه تخصيص وقت أطول
لإلشراف والرقابة على كل مرؤوس ،وكذا سرعة االتصاالت بين املرؤوسين
ورئيسهم املباشر ،إال أنه يجعل الرئيس أكثر تدخال في أعمال مرؤوسيه مما
يضعف قدراتهم واستقالليتهم ،كما يصعب االتصال بين مختلف
129
املستويات اإلدارية نتيجة تباعدها ،إضافة إلى ارتفاع التكاليف ،وكذا
تعقيد عمليتي التخطيط والرقابة نتيجة كثرة الخطط بسبب كثرة
املستويات اإلدارية.
2.3الهيكل التنظيمي املفلطح:
يكون فيه نطاق اإلشراف واسع ومن مزاياه تكريس مفهوم تفويض
السلطة للمرؤوسين نتيجة كبر عددهم وصعوبة اإلشراف املباشر عليهم،
مما يصعب انفراده باتخاذ القرارات حيال كل الجزئيات ،مما يتيح الفرصة
لهؤالء لتحمل مسؤوليات أكبر وقدرة على املشاركة في اتخاذ القرار دون
الرجوع للرئيس ،مما يستوجب تعيين أفراد قادرين على االستقاللية
وتحمل املسؤولية ،كما يجب على الرؤساء تنمية قدرات مرؤوسيهم على
االعتماد على أنفسهم ،إضافة إلى خفض التكاليف وسهولة االتصاالت بين
املستويات العليا والدنيا .إال أن اإلشراف على عدد كبير من املرؤوسين قد
يؤدي إلى تأجيل اتخاذ القرارات في عديد من جزئيات العمل ،والتقليل من
فرص الترقية نتيجة قلة عدد املراكز اإلدارية ،كما أن هذا النوع من
الهياكل يحتاج إلى مدراء أكفاء يمكنهم الرقابة بفعالية على املرؤوسين
الذين تم تفويضهم ألداء بعض مهامه.
.4تقسيمات الهياكل التنظيمية:
تختلف الهياكل التنظيمية باختالف معيار التقسيم ،فهناك:
1.4هيكل تنظيمي على أساس الوظائف:
أي تجميع العاملين في مهنة واحدة مثال :الدائرة الهندسية ،يقدم
عناصرها خدمات هندسية لكل األقسام ،حيث تأخذ الوحدات اإلدارية
شكل وظائف (وظيفة اإلنتاج ،وظيفة املالية).
2.4هيكل تنظيمي على أساس املنتجات:
130
يستخدم عندما يكون تنوع في السلع وتكون متباينة في خصائصها،
حيث يكون لكل منتج تنظيم خاص به يحتوي على كل اإلدارات التي
يحتاجها ،وتتميز بكفاءة األداء وارتفاع التكاليف الناتجة.
3.4هيكل تنظيمي على أساس العمالء( :املنتفعين):
حيث يتم تقسيم الهيكل التنظيمي إلى وحدات إدارية تقدم الخدمة
لفئة معينة من العمالء لكل عميل تنظيم خاص يحتوي على كل اإلدارات
التي يحتاجها ،وتتميز بالكفاءة وارتفاع التكاليف.
4.4هيكل تنظيمي على أساس المشاريع:
كثير من املنظمات تتبنى التقسيم التنظيمي حسب املشاريع بحيث
تكون للمشروع استقاللية في أداء مهامه ،السيما في حالة مشروع منتج
جديد ،ويزود املشروع باإلدارات التي يحتاجها مما يرفع من تكاليفه.
5.4هيكل تنظيمي على أساس الموقع الجغرافي:
حيث تكون نشاطات املنظمة موزعة جغرافيا في عدة مناطق (فروع).
6.4الهيكل التنظيمي المصفوفي:
والذي تتقاطع فيه نوعين من الهياكل( ،مثال تقسيم على أساس
املشروع واملنتجات في آن واحد) ،تقل فيها ازدواجية اإلدارات وبالتالي
تنخفض التكاليف لكن يصعب التحكم فيها.
7.4الهيكل التنظيمي المركب:
أي أنه مركب عن عدد من التصنيفات سابقة الذكر ،في هيكل واحد،
يحتاج إلى تحكم كبير.
8.4الهيكل التنظيمي الشبكي:
وتكون فيه العالقات شبكية وليست هرمية ويكون أكثر فعالية حيث
131
يكون تقارب بين الرؤساء واملرؤوسين والعالقات في شكل شبكة بين
مختلف الوحدات اإلدارية.
أشكال وأنواع الهياكل التنظيمية:
الهيكل املفلطح (نطاق اإلشراف الواسع)
132
الهيكل التنظيمي التسلسلي(الطويل)
133
134
135
الفصل السابع
وظيفة التوجيه
تحتاج الخطط املوضوعة لتنفيذها بكفاءة ووفق التنظيم املعتمد إلى
عملية تحريك الجهود نحو تنفيذ األعمال املوكلة إليهم ،وتسمى هذه العملية
بالتوجيه ،وتتمحور هذه الوظيفة حول ثالث ممارسات إدارية هامة هي
القيادة والتحفيز واالتصاالت.
ويعرف التوجيه بكونه نشاط إداري يستهدف توحيد جهود األفراد،
وخلق الرغبة لديهم لتحقيق أهداف محددة ،أو هو" :تحريك جهود األفراد
نحو ال تطبيق السليم للخطط وتحقيق األهداف ،من خالل توفر قيادة
فعالة ،وفهم سلوك األفراد لتحفيزهم ،ووجود اتصاالت فعالة" .إذ يعتبر
التوجيه أولى مراحل التنفيذ لتحقيق األهداف وذلك انطالقا من فهم
السلوك البشري ومحاولة التأثير فيه ،وتوجيهه الوجهة املرغوبة ،وتتوقف
عملية التوجيه على فعالية الوظائف اإلدارية األخرى (التخطيط والتنظيم،
والرقابة) فكلما كانت محكمة كانت التوجيه أسهل والعكس.
وفيما يلي شرح للعناصر الثالثة الرئيسية للتوجيه املتمثلة في القيادة
والتحفيز واالتصال.
أوال :القيادة:
القيادة هي قدرة التأثير على اآلخرين ودفعهم إلى تحقيق أهداف معينة،
وبالتالي القائد هو الشخص الذي يمكنه التأثير على سلوك األفراد لتحقيق
هدف معين.
.1خصائص القيادة:
تنطوي القيادة على الخصائص التالية:
-وجود توزيع غير عادل للسلطة بين القادة واملرؤوسين.
138
-قدرة القائد على استخدام مختلف أنواع القوة للتأثير على املرؤوسين،
واملتمثلة في كل من :القوة الشرعية وهي حق املدير في القيادة ،والتي يكتسبها
انطالقا من السلطة الرسمية املمنوحة له .أو القوة القهرية ،ويكتسبها من
خالل عمليات العقاب التخويف ومنع املكافئة لدفع املرؤوسين للعمل ،أو
قوة الخبرة ،حيث يتقبل املرؤوسين االنقياد للشخص األكثر خبرة ملا لديه
من معرفة ومهارة ،حيث ال يحتاج لقوة السلطة للتأثير عليهم ،أو القوة
التحفيزية (قوة املكافئة) أي التأثير على اآلخرين من خالل مكافئتهم على
إنجازاتهم ماديا ومعنويا .وأخيرا القوة باملشاركة ،حيث يستمد املدير قوته
على التأثير من خالل مشاركة مرؤوسيه في عملية اتخاذ القرار وحل
املشكالت مما يخلق لديهم إحساس بالثقة تجاهه واالنقياد له طوعا.
-تقوم القيادة على ثالث مفاهيم أساسية هي .1 :السلطة الرسمية ،أي
حق اتخاذ القرارات أو إصدار األوامر ،و .2القوة وتمثل السلطة الفعلية
التي يستمدها الشخص من أحد مصادر القوة املذكورة آنفا ،وكذا .3
القدرة ،أي قدرة الفرد على القيادة حيث تمكنه من مختلف وسائل القيادة
الفعالة.
أي أن القيادة :السلطة xالقوة xالقدرة.
-تتوقف فاعلية القيادة على مدى قبول اآلخرين لها ،فبالرغم من أن
املدير يملك الحق في التأثير على مرؤوسيه من خالل السلطة الرسمية ،إال
أنه تتفاوت استجابة املرؤوسين له في التأثير على سلوكهم ،وقد تصل لحد
املقاومة ،والقائد الناجح ،هو الذي يعرف كيف يوسع من نطاق قبول
األوامر لدى مرؤوسيه من خالل العديد من املمارسات اإليجابية (كالتقدير
واالحترام ،واالستم اع والتحفيز وغيرها) .وتصبح القيادة هي حاصل تفاعل
العناصر األربعة :السلطة Xالقوة Xالقدرة Xالقبول
139
.2مداخل القيادة:
هناك العديد من املداخل التي تفسر مفهوم القيادة ،واملمارسات
الالزمة لقبولها،
1.2مدخل السمات (الصفات):
مفاد هذه النظرية أن هناك صفات (طبيعية ومكتسبة) يجب أن تتوفر
في الشخص حتى يمكنه أن يكون قائدا ،ويلقى القبول من مرؤوسيه:
-الذكاء ،مما يمكن القائد من التحليل وتفهم ما يحيط به ،والقدرة على
إيصال ما يريده ملرؤوسيه.
-الثقة بالنفس ،والدافعية لإلنجاز (الحافز الذاتي).
-النضج االجتماعي :مما يمكن القائد من مواجهة الظروف وعدم
اإلحباط من الفشل ،إضافة إلى الشعور اإليجابي تجاه اآلخرين ،والتمتع
بالحيادية ،وكذا مهارات التفاعل االجتماعي ،وأيضا ثقته في مرؤوسيه
وميوله القيادية (تشاركي أو فردي).
-الجدارة أو الكفاءة ،كالقدرة على حل املشكالت واتخاذ القرارات
والقيام باملهام اإلدارية املوكلة له بكفاءة.
-الصفات الكاريزماتية (الشخصية) ،ويستمدها الشخص من قوة
شخصيته ،بحيث يمكنه إقناع اآلخرين بقدرته على تحمل املسؤولية وحل
املشكالت واتخاذ القرارات ،وتحقيق األهداف ،ثقته في مرؤوسيه وميوله
القيادية (تشاركي أو فردي).
2.2المدخل السلوكي للقيادة:
يرى هذا املدخل أن القيادة الفعالة ال تستمد من مجرد مجموعة
صفات ،بل يجب أيضا الرجوع إلى سلوك القائد من حيث كيفية إثارة
دافعية املرؤوسين نحو العمل بحيث يكون قادرا على:
140
تحديد أو فهم احتياجات األفراد ،ومقومات رضاهم واتجاهاتهم
النفسية.
قدرة القائد على فهم املمارسات التي يستطيع من خاللها تحقيق
أهداف واحتياجات العاملين وكسب رضاهم ،أي قدرته على توقع الحوافز
املالئمة لكل فرد لكسب رضاه وانتماءه ووالئه للمنظمة ،وبالتالي التزامه
بتحقيق أهدافها.
قدرته على توضيح العالقة بين (األداء والحافز) أي العالقة بين
تحقيق األفراد ألهداف املنظمة وتحقيق القائد ألهدافهم.
3.2المدخل الموقفي:
يرمي هذا املدخل إلى أن القائد الناجح هو الذي يحسن اختيار األسلوب
املناسب للقيادة ،حسب املواقف أو الظروف التي تمليها متغيرات البيئة
الداخلية والخارجية ،حيث يختلف األسلوب الذي يختاره القائد للقيادة
باختالف:
الوظائف (هناك وظائف تستدعي املركزية (حساسة) وأخرى
تستدعي املشاركة في اتخاذ القرار.
طبيعة املنظمة (هناك منظمات طبيعة نشاطها يستدعي الحزم
وتطبيق السلطة الرسمية ومركزية القرار ،والعكس.
طبيعة املشكالت التي تواجه القائد (يمكن مشاركتها أم ال)،
وطبيعة عملية اتخاذ القرار (مستعجلة أم ال).
ضغوط البيئة الخارجية املمارسة على املنظمة تقلص من
صالحيات القائد ،وتملي عليه نوعا معينا من السلوكيات.
4.2المدخل التكاملي:
يرمي هذا املدخل إلى أن القيادة تتأثر بالعديد من املحددات املتكاملة
فيما بينها ،والتي تجمع بين املداخل الثالثة املذكورة آنفا (املدخل السلوكي،
141
املوقفي ،ومدخل الصفات) ،وأن هذه املداخل ليست محل اختيار بقدر ما
هي محل تكامل ،ومن ضروري توفرها كلها ،بشكل نسبي لتحقيق مفهوم
القائد الجيد والفعال.
.3أنماط القيادة:
ينطلق تقسيم القيادة إلى عدة أنماط من فكره أن القائد الفعال هو
الذي يقوم بوظيفتين أساسيتين هما :االهتمام بالعمل (تحقيق أهداف
املؤسسة) واالهتمام بالعامل (رصد احتياجاته وتحقيقها) ،حيث تتفاوت
ميوالت القادة إلحدى الوظيفتين على حساب األخرى مما يؤدي إلى ظهور
أربعة أنماط للقادة:
االهتمام بالعمل
142
1.3القيادة االجتماعية:
حيث يهتم القائد بدرجة عالية باألفراد ومشاركتهم في حل مشكالتهم
والعمل معهم كفريق ،وحرصه على تحقيق رضاهم وقبولهم له ،باملقابل
فهو يهتم بنسب أقل بالعمل ،من حيث إصدار األوامر والرقابة على التنفيذ.
2.3القيادة الديمقراطية:
اهتمام كبير باألفراد والعمل معا حيث يشارك مرؤوسيه في حل
املشكالت واتخاذ القرارات (روح الفريق) ويهتم بتلبية احتياجاتهم ،وفي
الوقت ذاته يهتم بدرجة عالية بتحقيق أهداف املنظمة من خالل األفراد.
3.3النمط األوتوقراطي:
يهتم أكثر بالعمل من خالل إصداره لألوامر والتعليمات والرقابة
الشديدة ،باملقابل يولي أهمية ضئيلة بالعمال من حيث احتياجاتهم
واتجاهاتهم ورضاهم حيث يعتبر الفرد أداة إنتاج فحسب.
3.4النمط المهمل (الفوضوي):
قليل االهتمام بالعمل والنتائج املحققة وتنفيذ الخطط واألهداف،
وأيضا قليل االهتمام باألفراد واحتياجاتهم ،ويعكس هذا النمط ضعف
القائد.
ويعد النمط الديمقراطي من أحسن أنماط القيادة ،إذ أنه يسمح
بتحقيق املرونة الالزمة في املورد البشري لتحقيق كفاءته من خالل عملية
املشاركة في اتخاذ القرار.
تصنيف القائد من حيث أساليب اتخاذ القرار:
وفقا للعالم شميدت ،فإنه يمكن تصنيف القيادات وفقا ملدى تقبلهم
ملبدأ املشاركة في اتخاذ القرار إلى:
143
مدير يتخذ القرار منفردا ،ويأمر مرؤوسيه بتنفيذه وهو أسلوب
األمر الصريح.
مدير يتخذ القرار ويحاول إقناع اآلخرين به وهو نمط األمر
املستتر.
مدير يقدم أفكار رئيسية حول املشكلة والحلول التي يقترحها
ويطلب املرؤوسين باإلدالء بتساؤالتهم وهو أسلوب تفاوض ي.
مدير يتخذ القرار بصفة مؤقتة ويدعو مرؤوسيه إلبداء الرأي،
حيث يكون القرار قابال للتغير وهو النمط االستشاري ،مدير يشارك
املرؤوسين في اتخاذ القرار ،حيث يعرض املشكلة ويطلب بدائل الحلول ثم
يتخذ.
القرار النهائي (النمط التشاركي).
مدير يسمح ملرؤوسيه باتخاذ بعض القرارات من خالل فريق
العمل ،ثم يقوم باعتماد القرارات ،وهو أسلوب تفويض السلطة.
مدير يسمح للمرؤوسين في حدود معينة ،أن يتخذوا قرارات دون
الرجوع إليه ،وهذا أسلوب نقل السلطة واملسؤولية.
.4القيادة غير الرسمية:
القيادة التي تم التطرق لها سابقا هي القيادة الرسمية ،والتي تخضع
لقواعد التنظيم الرسمي ،أما القيادة غير الرسمية ،فتمثل الدور القيادي
لبعض االشخاص باملنظمة في سلوك اآلخرين دون تمتعه بسلطة رسمية،
وتحكمها العالقات الشخصية غير الرسمية مع زمالءه ،وتحكم هذا النوع
من القيادة املصلحة الشخصية للجماعة ،ويستمد القائد غير الرسمي
قوته من ثقة الجماعة وقبولهم العام له ،وإجماعهم بأنه خير من يمثلهم
ويعبر عن اهتماماتهم ويدافع عن حقوقهم ،وحتى يكون القائد غير الرسمي
144
فعاال ،البد أن يتصف بااللتزام بالهدف الجماعي ،ويتوجه باملعتقدات
الجماعية واالتجاهات الجماعية ،إذ على القيادة الرسمية كسب تأييد
القيادات غير الرسمية لكسب قبول املرؤوسين لها وتفادي مقاومتها،
.5المهارات األساسية للقائد:
ال بد من توفر مجموعة من املهارات لدى القائد حتى يكون جديرا
بقيادة املؤسسة ،أهمها:
1.5مهارات فنية:
حيث يكون القائد على دراية باملسائل الفنية املتعلقة بمجال تخصص
إدارته (دائرة املحاسبة مثال).
2.5مهارات العالقات اإلنسانية:
أي القدرة على التفاعل اإليجابي مع املرؤوسين.
3.5مهارات فكرية:
القدرة على التفكير الشامل والتحليل االستراتيجي ،وحل املشكالت
واتخاذ القرارات.
4.5مهارات إدارية:
القدرة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
نادرا ما تتوفر هذه املهارات في شخص واحد لذلك تلجأ املؤسسات
الناجحة إلى تدريب وتكوين قياداتها مسبقا على املهارات الناقصة لديهم قبل
توليهم القيادة تفاديا للقصور الذي قد ينجم عن فقدانهم بعض املهارات.
الفرق بين املدير والقائد:
-املدير يدير أو يأمر مرؤوسيه بينما القائد يوجههم.
-املدير يعتمد على السلطة الرسمية ،والقائد يعتمد على فتراته.
-املدير يقول أنا ،والقائد يقول نحن.
145
-املدير يعلم كيف يقوم املرؤوسين باألشياء ،والقائد يعرف كيف يجب
أن يقوم بها.
-املدير يطلب االحترام ،والقائد يفرض احترامه تلقائيا.
-املدير يشيع الخوف بين املرؤوسين منه ،والقائد ينشر الحب واالحترام
بينهم
-حاول أن تكون قائدا وال تبحث عن مجرد كرس ي تجلس عليه.
ثانيا :االتصال:
إن املؤسسة ما هي إال كيان اجتماعي ،ال يمكن أن يظهر بصورة موحدة
إال بوجود شبكة اتصاالت ،تربط عناصر املنظمة ومستوياتها مع بعضها،
في نسق أو نظام واحد ،وإن أي خلل في هذه الشبكة سيؤدي إلى شلل
املنظمة ككل.
.1تعريف االتصال:
يعرف االتصال على أنه «عملية نقل املعلومات واألفكار وتبادلها مع
اآلخرين ،بقصد تحقيق أهداف معينة ،ويتكون االتصال من العناصر
التالية :املرسل ،مستلم الرسالة ومضمون الرسالة ،قناة االتصال والتغذية
العكسية».
.2أهمية االتصال:
ال يمكن تنسيق وتوحيد األعمال نحو هدف املؤسسة إال بوجود
اتصاالت فعالة باملؤسسة حيث تعمل على:
تمكين األفراد من معرفة أهداف وسياسات واستراتيجيات
املؤسسة ،وبالتالي معرفة أدوارهم في تحقيقها.
بوجود شبكة اتصاالت فعالة يتم توفير الوقت الستخدامه في
مجاالت أكثر أهمية من البحث عن املعلومة.
146
الرقابة الفعالة على التنفيذ ،واتخاذ القرارات الصحيحة نتيجة
توفر املعلومات بالكم والنوع والوقت الالزم توضيح الواجبات واملهام لكل
فرد ،وضمان التفاعل والتبادل املشترك للمعلومات والتنسيق.
الجيد بين األنشطة واألفراد.
.3أنواع االتصاالت:
تصنف االتصاالت إلى عدة أنواع:
1.3اتصاالت أفقية:
تعمل على تحقيق التنسيق بين جهود املدريين وحتى العمال في نفس
املستوى اإلداري ،إضافة إلى التنسيق بين املديرين أو األفراد في املستويات
املختلفة الذين ال تحكمهم عالقات سلطة بل عالقات عمل ،مما يحقق
تكامل أعمالهم لالستفادة من خبرات بعضهم ،وتزيد أهميتها هذا النوع من
االتصاالت عندما يكون تداخل كبير بين نشاطات املستوى الواحد.
2.3االتصاالت العمودية (الصاعدة والهابطة):
توفر االتصاالت الصاعدة قنوات ترفع عبرها التقارير واالقتراحات
واآلراء والشكاوى واالنشغاالت من أسفل إلى أعلى ،أما االتصاالت الهابطة
فتوفر قنوات اتصال النتقال األوامر والقرارات واملعلومات حول األهداف
والخطط ،وتجد االتصاالت الصاعدة والهابطة أهميتها أكثر في حالة القيادة
املشجعة للمشاركة.
3.3االتصاالت الشبكية:
تكون عندما تتبنى املؤسسة توجهات القيادة الديمقراطية ،حيث يكون
الهدف األساس ي لدى الجميع هو تحقيق األهداف العامة للمؤسسة (الوالء
التام للمؤسسة كما في اإلدارة اليابانية) ،ويسمح االتصاالت الشبكية
لألفراد بتقديم مقترحاتهم في أي وقت وفي أي اتجاه دون التقيد بالخطوط
147
الرسمية للسل طة ،مما يفيد القائد في إثراء معلوماته التخاذ القرار السليم،
ويصبح األفراد كشركاء ،مما يرفع الروح املعنوية ودرجة الوعي وااللتزام
بتحقيق األهداف العامة للمؤسسة.
3.3االتصاالت الرسمية وغيرالرسمية:
االتصاالت الرسمية هي االتصاالت التي يقرها التنظيم الرسمي وتتم عبر
القنوات الرسمية ،أما االتصاالت غير الرسمية ،فتنتج عن العالقات
االجتماعية للعاملين نتيجة التقارب الفكري ،وتفيد في إمكانية الوصول
للمعلومات بسرعة بدل التقيد باملسارات الرسمية لالتصال ،والتي تعيق
العمل واتخاذ القرارات.
4.3االتصاالت الداخلية والخارجية:
تتم االتصاالت الداخلية بين أفراد املنظمة ،بينما االتصاالت الخارجية
فتتم بين املنظمة وغيرها من املنظمات أو أفراد املجتمع أو العمالء ،وتفيد
في تحقيق تطور املؤسسة ونموها واالستجابة للتغيير.
5.3االتصاالت املكتوبة:
كالتقارير والتعليمات واألوامر ،تتميز بالوضوح وتضمن تحديد واضح
للمسؤولية وعدم التنكر لها في حالة الفشل ،وتفادي التحريف ،كما تفيد
في عملية الرقابة ،أما االتصاالت الشفوية ،فتتم في حالة الخوف من
تسرب املعلومات السرية ،أو الترجمة الخاطئة للرسائل املكتوبة ،كما
تستخدم في املقابالت واالجتماعات.
.4مهارات االتصال ومقوماته:
يجب أن يتمتع املرسل واملرسل إليه بالعديد من مهارات التواصل،
كمهارات الكتابة والتحرير اإلداري ،وكذا مهارات املحادثة والترجمة الجيدة
148
ملضمون الرسالة ،وكذا مهارات االستماع ،أما عن املقومات فتتمثل فيما
يلي:
وجود نظام فعال للمعلومات واالتصال يوفر املعلومة ذات الجودة
وفي الوقت املالئم.
التحديد الجيد ملضمون الرسالة والتوقيت املناسب لها ،والحرص
على معرفة مدى فهم الرسالة وترجمتها الترجمة الصحيحة.
وجود مناخ من الثقة في كافة املستويات ،مما يساهم في اشتراك
العاملين في املعلومات ،واحتواء االتصاالت غير الرسمية.
ثالثا .التحفيز:
أشارت العديد من الدراسات السلوكية املعاصرة إلى محددات كفاءة
العاملين ،وأهمها املقدرة والفرصة املتاحة والدافع للعمل ،إذن يعد الدافع
من محددات رفع كفاءة العاملين ،وهنا تجدر التفرقة بين الدافع والحافز.
.1تعريف الدافع:
الدافع هو الحاجات والرغبات والتصورات التي تؤدي إلى سلوك محدد
وظاهري للوصول إلى هدف معين ،أي أن الدوافع هي املحركات الداخلية
للسلوك الذي يثير أداء العمل ،حيث يعتمد األداء على درجة قوة الدافع أو
الرغبة.
.2الحوافز:
إذا كانت الدوافع هي املحركات الداخلية للسلوك فإن الحافز هو املحرك
الخارجي له ،إذا فالحوافز هي 'العوامل التي تهدف إلى إثارة القوى الكامنة في
الفرد والتي تحدد نمط السلوك املطلوب عن طريق إشباع كافة احتياجاته
اإلنسانية''
149
.3أهم النظريات حول الدوافع والحوافز:
تطرقنا لهذه النظريات بالتفصيل عند الحديث عن املدرسة السلوكية
(نظرية الحاجات اإلنسانية ملاسلو ،نظرية العاملين لهرزبرغ ،نظرية اإلنجاز
ملاكيالند ،نظرية العدالة آلدمز ،نظرية xو yملاك جريجور ،نظرية التوقع
لفروم وغيرها) ،يمكن للطالب الرجوع إليها ملعرفة كل جوانب النظرية
للدوافع والحوافز.
.4أهمية الحوافز:
تظهر أهمية التحفيز فيما يلي:
رفع الحالة املعنوية للفرد ،ودرجة الرضا عن العمل ،وبالتالي
استقرار الفرد في املنظمة؛
جودة أداء الفرد وإنتاجيته ،وبالتالي كفاءة األداء التنظيمي.
وسيلة لزيادة القيم املضافة من خالل زيادة جودة وحجم اإلنتاج
واملبيعات ،باملقابل خفض التكاليف والفاقد في املوارد.
إشباع احتياجات العاملين وإشعارهم بروح العدالة ،ورفع روح
االنتماء وتنمية روح الفريق والتضامن بين العاملين.
جذب الكفاءات املتميزة للمنظمة وتحسين صورة املنظمة أمام
املجتمع.
.5مبادئ وشروط التحفيز:
لزيادة فاعلية نظام الحوافز البد من اتخاذ التدابير التالية عند
تصميمه:
تناسب قيمة الحافز مع األداء أخذا بالحسبان إمكانيات العامل
وقدراته.
150
العدالة في تحديد املقابل للجهود املبذولة ،وكذا العدالة الداخلية
(بين األفراد داخل املؤسسة) وبين املؤسسة ومثيالتها.
مرونة نظام الحوافز وذلك باستخدام أنظمة تحفيزية متعددة
(حوافز مادية ومعنوية ،حوافز فردية وجماعية)؛
الجمع بين التحفيز املادي واملعنوي (كاملواقع الوظيفية العليا
وتوسيع الصالحيات ،حيث تلقى هذه الحوافز استجابة السيما من ذوي
األداء العالي؛
البساطة والوضوح في بنود نظام الحوافز وصياغته وحسابه ،وكذا
تحديد أنواع السلوك التي سيتم تحفيزها.
الشمولية ،أن يشمل كل العاملين ،ويفضل مشاركة هؤالء في
وضعه لزيادة اقتناعهم به؛
الواقعية ،أي إمكانية تحقيق األداء املحفز وإمكانية قياسه كميا
من خالل املقارنة مع معايير أداء موضوعة سابقا؛
أن يتسم باالستقرار إذ ال يتم تعديله إال في حاالت التغيير ،كما
يجب أن يتصف باملرونة التي تمكنه من إدراج التعديالت الالزمة.
يجب أن يكون معلنا لزيادة ثقة العاملين فيه ،كما يجب مساندة
اإلدارة العليا لهذا النظام.
.6أنواع نظم الحوافز:
تنقسم الحوافز إلى معنوية ومادية ،وفيما يلي شرح مفصل عنها:
1.6الحوافز المعنوية:
عند الحديث عن الحوافز تعطى األولوية دائما للحوافز املادية تأثرا بآراء
تايلور في هذا املجال ،إال أن نسبة كبيرة من األفراد قد تعنيهم الحو افز
املعنوية بالدرجة األولى ،فقد يحفز الفرد بمجرد منحه عمال مهما وذا قيمة
يكون املسؤول األول على نتائجه ،عالقة جيدة مع املشرف ،اتصاالت
151
مفتوحة في االتجاهين ،فرص الترقي والتطور ،التوازن بين الحياة العملية
والخاصة ،املشاركة في اتخاذ القرار ،وكذا تقدير الجهود.
2.6الحو افزاملادية:
أي التعويض على أساس األداء ،هذا األخير قد يكون على أساس فردي
أو جماعي أو تنظيمي.
أ .أنظمة الحو افزالفردية:
تحدد الحوافز الفردية نسبة مساهمة كل فرد في عملية األداء اإلجمالي،
ويمكن تقسيمها إلى:
األجر بالقطعة:
تعد هذه الطريقة من أقدم طرق التحفيز وما زالت تستخدم حتى
اآلن ،حيث يتم منح الفرد نسبة تزيد عن األجر املعياري لكل وحدة زائدة
عن الوحدات املعيارية الواجب إنتاجها ،فمثال إذا كان الفرد يتقاض ى 500
دج للقطعة ،وكان اإلنتاج املعياري هو 10قطع في اليوم ،فكل ما زاد عن
هذا القدر يحسب بو 700دج للقطعة كحافز على زيادة اإلنتاجية.
الساعات اإلضافية:
تختلف عن سابقتها كون الفرد يأخذ حوافز عن الساعات الزائدة
عن الوقت القانوني للعمل ،من خالل منحه نسبة يحددها القانون (،10
)%50 ،25من أجره.
العمولة:
يتالءم هذا النوع مع الوظائف البيعية (رجال البيع ،ومحصلي
الديون) حيث يحصلون على نسبة مئوية من املبيعات أو الديون املحصلة،
حيث يتم منحهم مرتب ثابت ملواجهة أعباء املعيشة ،إضافة إلى عموالت
لقاء املجهودات البيعية اإلضافية.
152
العالوة:
يضمن هذا النوع زيادة سنوية للعاملين في مرتباتهم على ضوء نتائج
التقييم أو األقدمية أو معايير أخرى ،وعادة ما تبقى هذه النسب مع الفرد
طيلة حياته العملية بمجد أخذها أول مرة ،وتقسم العالوات إلى عدة أنواع:
عالوة الكفاءة:
تمثل نسبة من األجر تمنح للفرد عند تحقيقه لألداء املعياري
(املطلوب) بعد فترة عام تقريبا 3 ،إلى %5من األجر - .العالوة االستثنائية:
تمنح عند تحقيق أداء متميز أكبر من األداء املعياري ،ويستلزم تعويضا أكبر
من عالوة الكفاءة 6( ،إلى )% 10
عالوة األقدمية:
تمنح كتعويض عن عضوية الفرد في املنظمة تعبيرا عن إخالصه
ووالءه دون أن يقابله زيادة في اإلنتاجية.
عادة ما يميل املشرفين إلى منح مرؤوسيهم عالوات عالية وبالتالي
يصبح للعالوة أثر تكافل اجتماعي أكثر منه حافز ،كما يميل البعض إلى
تقديم عالوات متساوية رغم اختالف مستويات أدائهم ،مما يضعف من
دور الحافز.
املكافئة قصيرة األجل:
تقدم املكافئة للمتخصصين أو اإلداريين بناءا على األداء العام
للمنظمة ككل ،أو بناء على أدائهم أعمالهم اإلدارية ،ويقاس عادة باألرباح أو
بكميات اإلنتاج أو املبيعات ،وتختلف نسبة املكافئة وفقا للمستوى اإلداري
للمسؤول .واملكافئات ال تصبح جزءا من املرتب كما هو الحال بالنسبة
للعالوات بل تمنح مرة واحدة.
153
املكافئة طويلة املدى:
يتم مكافئة املدراء على ما حققوه من معدالت نمو على املدى
الطويل ،وتشجيعا لهم لالهتمام بنمو املنظمة ،وتهدف اإلبقاء على املديرين
باملنظمة ،من خالل شراء جزء من أسهم املنظمة لتحسيسهم بأنهم شركاء
فيها.
ب .أنظمة الحو افزالجماعية:
نتيجة لالتجاه املتزايد نحو نمط فرق العمل ،برزت الحاجة إلى الحوافز
الجماعية ،التي توفر الدعم املتكامل لعمل الفريق ،ويشترط أن تكون
مدخالت الفريق ومخرجاته محددة وقابلة للقياس ،وتستعمل أنظمة
التحفيز الجماعية في حالة كون مستوى أداء الفرد ال يعكس فقط ما يبذله
من جهد ولكن يتضمن في نفس الوقت جهد زمالئه ،كما يعمل على ضمان
حل مشكالت العمل وضمان تحقيق روح التعاون واالنسجام بين أعضاء
الفريق ،وفرض ضغوط من طرف الجماعة على األفراد ذوي اإلنتاجية
املنخفضة أو االتجاهات السلبية ،كما تشجع ذوي املهارات من نقل خبراتهم
إلى زمالءهم ،وتزيد من فرص التنمية والتطوير وتسهل عمليات التعلم
واإلبداع ،ومن عيوبها كون الفرد قد يحصل على عوائد ال تعكس ما بذله
من مجهود .
ت .أنظمة الحو افزالتنظيمية:
تمنح هذه الحوافز لجميع أفراد املنظمة اعتمادا على أداء هذه األخيرة
إما في شكل خفض التكاليف أو الزيادة في اإلنتاجية .وهناك ثالث أنواع هي:
154
يحصل عليها جميع العاملين باستقطاع نسبة من أرباح املنظمة ثم
توزيعها عليهم حسب مرتباتهم أو املستوى اإلداري ،ويأخذ على هذه الطريقة
كونها تكافئ الكل على األداء الكلي للمنظمة بالرغم من عدم مساهمة
البعض فيه ،إال أن لها مزايا أهمها تنمية مشاعر االنتماء للمنظمة ودفع
الحماس لتحقيق أهدافها ورفع روح املشاركة لدى العاملين.
خطط االقتراح:
الغرض من هذه املكافئات تشجيع األفراد على وضع اقتراحات
بشأن خفض التكاليف وحل املشكالت ،حيث يسعى األفراد إلى البحث في
املشاكل املختلفة في أساليب العمل وطرق األداء واإلجراءات واملوارد ثم
البحث عن حلول لها.
ملكية العاملين ألسهم الشركة:
حيث تمنح األفراد الحق في ملكية شركتهم بنسب محدودة
كأسلوب للمشاركة في الناتج النهائي للمنظمة ،حيث يتم شراءها من طرف
العمال في شكل أسهم ،كألوب لرفع اإلحساس باالنتماء والوالء للمنظمة.
155
الفصل الثامن
وظيفة الرقابة
تحتاج الخطط التي تم إعدادها ،والتنظيم الذي تم اعتماده وحتى طرق
التوجيه املتبعة (من قيادة ،اتصال وتحفيز) وكذا عمليات التنفيذ ،إلى
عملية تقييم فعاليتها وكفاءتها وهو مضمون عملية أو وظيفة الرقابة.
والرقابة هي الوظيفة الرابعة من حيث الترتيب املنهجي لوظائف
التسيير ،إال أنها في الواقع عملية متزامنة مع عمليات أو وظائف التسيير
األخرى والتي تضمن كفاءتها ،حيث تخضع هذه األخيرة إلى الرقابة املستمرة
للتأكد من فعاليتها ،وتصحيح االنحرافات في وقتها ،وكذا إدراج التغييرات
الالزمة تماشيا مع تغيرات املحيط.
وللرقابة ثالثة مداخل رئيسية ،مخل كالسيكي وآخر سلوكي ،باإلضافة
إلى املدل العلمي ،سيتم التطرق إليها تفصيال في هذا الفصل.
تمر الرقابة شأنها في ذلك شأن باقي وظائف التسيير ،بدءا بمعايير
األداء ،بلوغا مرحلة تصحيح االنحرافات كما تقوم الرقابة على مجموعة
من املبادئ التي ال يفترض الخروج عنها لتحقيق فعاليتها ،والتي سيتم
شرحها في هذا الفصل.
تتعدد أنواع الرقابة من قبلية وبعدية ،تشغيلية واستراتيجية ،تحتاج
في مجملها للعديد من األدوات الرقابية التي سيتم سردها بالتفصيل في هذا
الفصل.
أوال .مفهوم الرقابة:
ال بد للخطط التي تم وضعها من رقابة تضمن التنفيذ الصحيح لها،
وتصحح االنحرافات املمكنة ،وتعديل الخطط وحتى األهداف املسطرة
تماشيا مع معطيات البيئة املحيطة باملؤسسة.
158
.1تعريف الرقابة:
إن أول من أعطى تعريفا علميا للرقابة هو هنري فايول ،حيث عرفها
على أنها « :عملية التحقق مما إذا كان كل ش يء يحدث وفقا للخطة
املوضوعة ،والتعليمات الصادرة واملبادئ التي تم إعدادها» حيث ركز
فايول على الرقابة البعدية.
كما عرفت الرقابة على أنها« :العملية التي تهتم بالنشاط الذي تقوم به
اإلدارة ملتابعة تنفيذ السياسات املوضوعة وتقييمها ،والعمل على إصالح
ما قد يعتريها من ضعف حتى يمكن تحقيق األهداف املنشودة» مما يبين
أن الرقابة ليست مجرد مقارنة اإلنجاز مع ما خطط ،بل إنها نشاط مرافق
لكل مراحل عملية التنفيذ ،أي أنها عملية قبلية وآنية وبعدية.
كما عرفت بأنها« :عملية وضع معايير إلنجاز األهداف التنظيمية،
ومقارنة اإلنجاز الفعلي ،مع املعايير واتخاذ اإلجراءات التصحيحية متى
استدعت الضرورة» ،بمعنى ضرورة وضع معايير تتم املقارنة معها.
.2خصائص الرقابة:
من أهم خصائص الرقابة أو النظام الرقابي ما يلي:
الشمولية ،النظام الرقابي شامل لكل الوظائف اإلدارية ووظائف
املؤسسة (إنتاج ،تسويق ،)...وكذا األفراد واملوارد.
مسؤولية الرقابة تقع على كل مسؤول حسب مستواه اإلداري.
الرقابة عملية مستمرة بدءا بالخطط ،التنفيذ ،وبعد التنفيذ
لعالج االنحرافات حال وقوعها.
ال تقتصر الرقابة على املاض ي بمراقبة التنفيذ والبحث عن
األسباب ألغراض محاسبة املقصر ومكافئة املجد ،بل أيضا هي عملية
159
مستقبلية تبصر اإلدارة بما سيحدث من أخطاء التخاذ االحتياطات
الالزمة لتفادي وقوعها.
معايير الرقابة تكون معدة مسبقا (في مرحلة التخطيط).
ثانيا .مداخل الرقابة (التوجهات الفكرية للرقابة):
هناك ثالث مداخل للرقابة هي:
.1المدخل الكالسيكي:
حيث ينظر للرقابة بأنها عملية تفتيش عن الخطأ ،وينجر عنها عقاب
املخطئ ومكافئة املصيب.
.2المدخل السلوكي:
يركز على ضرورة التأثير على سلوك اآلخرين من خالل معرفة توجهاتهم،
واحتياجاتهم لتحقيقها ،مما يولد لديهم روح االلتزام بتحقيق األهداف ،مما
يؤدي إلى تحقيق مفهوم الرقابة الذاتية لبلوغ أهداف املؤسسة وبالتالي
أهدافهم.
.3االتجاه العلمي:
يركز على الجانب التطبيقي للرقابة ،بإبراز الخطوات الالزم اتباعها،
(قياس األداء ،متابعة التنفيذ ،مقارنة مع املعايير وكشف االنحرافات)
والكشف عن الخلل حتى قبل وقوعه ،أي أن الرقابة تتضمن ليس فقط
على التحقق بأن الخطط تنفذ طبقا ملا خطط بل التحقق بأنها تتم بأفضل
الطرق.
ثالثا .مراحل الرقابة:
تتم الرقابة وفقا ملجموعة من املراحل ،ولكن قبل الشروع في العملية
على املدير التأكد بأن املرؤوسين على دراية تامة بالخطط واألهداف
160
املحددة لهم ،وأهداف املؤسسة ككل ،والتأكد من توفير املوارد ،وفيما يلي
مراحل عملية الرقابة:
.1وضع معايير األداء:
ف ي هذه املرحلة يطرح السؤال :ما هي النتائج املطلوب تحقيقها،
واألهداف املراد بلوغها ،حيث تعتبر هذه األخيرة ،أدوات لقياس األداء،
ويعبر عنها بوحدات قياس واضحة (مقاييس) ،مثال :معايير اإلنتاج تقاس
بعدد الوحدات املنتجة أو عدد الوحدات التالفة أو كمية املادة األولية
املستخدمة ،معايير اإليرادات تقاس كمية وقيمة املبيعات ،املعيير املالية
تقاس بالربح والتكلفة املحققة ،معاييرالعمل تقاس بساعات عمل الفرد،
أو اآللة ،وكذا املعايير النوعية كرضا العميل ،ورضا العامل ،وجودة املنتج،
يجب أن تكون املعايير املختارة واضحة ،سهلة ،وواقعية ،ومعلنة للمعنيين
بها.
.2قياس األداء الفعلي:
أي تحديد ما تم إنجازه وتتم هذه العملية بشكل مستمر ،ووفقا لنفس
املقاييس املستخدمة في معايير الرقابة ،لتسهيل املقارنة ،ويتم إعداد
مسبق للنماذج أو السجالت أو التقارير التي سيتم تدوين نتائج األداء عليها
ومن ثم تسليمها بسرعة لإلدارة املعنية إلجراء املقارنات الالزمة ،واتخاذ
التدابير الالزمة.
.3مقارنة األداء الفعلي مع معايير األداء:
حيث يتم رصد االنحرافات سواء كانت إيجابية لتعزيزها ،أو سلبية
لتحديد املسؤولين عنها وأسبابها للحد من استمرارية حدوثها أو تفاقمها،
وكذا اتخاذ التدابير واإلجراءات التصحيحية املناسبة.
161
.4تصحيح االنحرافات:
كلما تمكنت اإلدارة من رصد االنحرافات بسرعة تمكنت من اتخاذ
التدابير املناسبة ،بالنسبة لالنحرافات اإليجابية ،يتم مكافئة املسؤولين
عنها ،وتدوينها كتجارب ناجحة تستفيد منها في املستقبل ،وكذا رفع مستوى
معايير األداء لتحقيق التطوير التنظيمي والتحسين املستمر ،أما
االنحرافات السلبية فيجب تصحيحها أخذا بأحد التدابير التالية:
تدريب العاملين ،وتعديل ظروف العمل ،وطرق التنفيذ.
تعديل الخطط وإعادة النظر في املعايير املوضوعة.
محاسبة املسؤولين عنها إذا استدعى األمر (في حالة املخالفات أو
السرقة أو اإلهمال.)....
رابعا .أهمية الرقابة:
تكمن أهمية الرقابة في التنسيق بين مختلف املستويات اإلدارية،
والتكيف مع البيئة الخارجية ،إضافة إلى:
تشجيع اإلدارة واألفراد على تحقيق أهداف املؤسسة ،من خالل
الكشف عن مشاكل وصعوبات التنفيذ ،فعندما يشعر الفرد أن عمله
مراقب يعمل على تحقيق مستويات عمل أكبر مما يحقق الرقابة الذاتية
وااللتزام بتحقيق األهداف.
تقييم كفاءات القيادات اإلدارية ،وكذا العاملين مما يساهم في
تنمية كفاءاتهم (من خالل تقوية جوانب الضعف فيهم).
تعديل الخطط والبرامج من خالل املتابعة املستمرة لها ولعملية
تنفيذها ،وتحسين معايير الرقابة حتى تكون أكثر واقعية.
162
ضمان السير الحسن للتنفيذ بفضل الرقابة اآلنية ،وبالتالي
التصحيح اآلني لالنحرافات واستكمال التنفيذ الصحيح للخطط.
تحقيق العدالة بين املوظفين ،والكشف عن املبدعين من املديرين
والعاملين ملكافئتهم ووضعهم في املكان املناسب لهم.
معرفة املستوى الحقيقي ألداء املوارد البشرية واملادية ،التخاذ
التدابير الالزمة لرفع كفاءتها وحمايتها من سوء االستخدام.
تحسين جودة املخرجات (السلع والخدمات وحتى املعلومات).
التأكد من االستخدام األمثل للموارد لرفع كفاءتها.
حماية حقوق األطراف ذات العالقة باملؤسسة (عمال ،عمالء،
مساهمين ،حكومات ،بمراقبة مدى وفائها بالتزاماتها تجاههم.
خامسا .أنواع الرقابة:
تصنف الرقابة وفقا للعديد من معاييرالتصنيف:
.1الرقابة وفقا لزمن حدوثها:
تصنف الرقابة وفقا لزمن حدوثها إلى:
1.1الرقابة القبلية (الوقائية) :
أي التنبؤ بالخطأ قبل حدوثه ،وتتم من خالل مراجعة الخطط واملعايير
املوضوعة ،وكذا مراقبة املدخالت من موارد ومعلومات ،والرقابة في
املراحل األولى من التنفيذ ،إذ تعطي أحيانا مؤشرات تبين عدم إمكانية
تحقيق الخطط إذا تم التنفيذ بالطريقة نفسها ،حيث يتم وقف التنفيذ
واتخاذ التصحيحات الالزمة لتفادي االنحرافات قبل حدوثها.
2.1الرقابة املتزامنة (اآلنية):
حيث تكون عملية الرقابة متزامنة مع عملية التنفيذ ،وبشكل مستمر
من البداية حتى النهاية ،وبالتالي رصد االنحرافات حال وقوعها ،لتداركها
قبل تفاقمها.
163
3.1الرقابة البعدية (النهائية):
وتتم بعد إنجاز أو تنفيذ األعمال ،حيث يتم مقارنة النتائج النهائية مع
املعايير (الخطط) ،ورصد األخطاء والكشف عن مسبباتها لتفادي وقوعها
مستقبال.
إن هذه األنواع من الرقابة ليست محل اختيار ،بل إنها ضرورية معا،
حيث يجب ممارستها بشكل متكامل.
. 2الرقابة من حيث مستوياتها اإلدارية:
تصنف الرقابة وفقا ملستوياتها اإلدارية إلى:
1.2الرقابة االستراتيجية:
تتم على مستوى اإلدارة العليا ألجل التأكد أن االستراتيجية تم تطبيقها
وأن األهداف العامة تم تحقيقها.
2.2الرقابة اإلدارية:
تتم على مستوى اإلدارة الوسطى وتسمى مراقبة التسيير ،أين يتم
مراقبة العمليات اإلدارية ،من تخطيط وتنظيم وتوجيهه ،للتأكد من مدى
كفاءة املسيرين ،والقيادات اإلدارية ،وتعد حلقة وصل بين الرقابة
االستراتيجية والتشغيلية.
3.2الرقابة التشغيلية:
تتم على مستوى اإلدارة التشغيلية أي مراقبة التنفيذ املباشر للخطط،
حيث يتم مراقبة العمال في خطوط اإلنتاج ،وباقي وظائف املؤسسة،
(مراقبة تنفيذ األعمال اليومية من إجراءات وعمليات وغيرها).
.3الرقابة الداخلية والخارجية:
بالنسبة للرقابة الداخلية تكون فيها أجهزة الرقابة تابعة للمؤسسة
(مراقبة املشرفين على العمال) أو مراقبة رؤساء األقسام على الدوائر .أما
164
الرقابة الخارجية فيكون الجهاز الرقابي تابع ألطراف خارجية مستقلة عن
املؤسسة ،وذلك حسب طبيعة نشاط املؤسسة ،واملجال الرقابي( ،مراقبة
الحسابات الخارجي على حسابات املؤسسة مثال).
سادسا .مبادئ الرقابة:
البد من وجود نظام فعال ومتكامل ملمارسة الرقابة (أقل تكلفة وأقل
وقت) الكتشاف األخطاء والتنبؤ بها وتفادي وقوعها مستقبال ،وأهم
املبادئ الالزم توفرها لتحقيق ذلك ما يلي:
اإلدارة باالستثناء:
أي االهتمام باألنشطة والعمليات األكثر أهمية واألكثر تأثيرا على سير
عملية التنفيذ والتي تكون األخطاء الناتجة عنها فادحة ،بدل االهتمام بكل
صغيرة.
مراعاة طبيعة النشاط:
يجب وضع نظام رقابي يتماش ى مع كل نشاط على حدا( ،مثال أساليب
الرقابة على اإلنتاج ليست نفسها أساليب الرقابة على املبيعات .)...
البساطة والوضوح:
يجب أن يكون النظام الرقابي بسيط وسهل التطبيق ،والفهم من
حيث الخطوات واملعايير والقواعد ،كما يجب أن يساعد على تحديد حجم
االنحرافات وأماكن تواجدها واملسؤولين عنها بسرعة.
مرونة النظام:
أي إمكانية تعديل النظام الرقابي إذا أثبت عدم فاعليته ،وسرعة نقل
التقارير بمجرد كشف االنحرافات.
165
االقتصاد في التكاليف:
يجب أن يكون النظام الرقابي أقل تكلفة مقارنة مع العائد منه ،فال
يكون عبء إضافي دون فائدة.
مراعاة الجانب اإلنساني:
فإذا كان األفراد ممن يفضل العمل بحرية واستقاللية ،ولهم قدرة على
اإلبداع واالبتكار فال يالئمهم النظام الرقابي الصارم املتقيد باإلجراءات
والقواعد الرسمية.
ضرورة قياس األداء وفقا لألسلوب الذي وضعت به املعايير
لتسهيل عملية املقارنة.
ضرورة تقديم معلومات صحيحة وموقوتة حول مسببات
االنحرافات ،تساعد في اتخاذ القرار الصحيح وفي الوقت املناسب.
سابعا .أدوات الرقابة:
هناك العديد من أدوات الرقابة ،وأهمها:
.1الموازنات التقديرية:
هي عبارة عن موازنات توضح ترجمة نقدية وقيمية للموارد املستخدمة
والنتائج املتوقعة ،خالل فترة قصيرة املدى أقصاها سنة (كموازنة
املبيعات ،اإلنتاج )... ،وهي في األصل عبارة عن خطط.
قانت: .2خرائط
وهي عبارة عن جداول تتضمن العمليات الواجب القيام بها من طرف
األفراد ،واملدة الالزمة لكل عملية ،حيث تحدد االنحرافات عن املعايير
بخطوط أفقية.
.3التقارير اإلدارية:
وتحتوي على معلومات مختصرة حول أداء العاملين ،وكفاية املوارد
وغيرها.
166
.4المالحظة الشخصية:
يكون املشرف على اتصال مباشر بالقائمين على التنفيذ ،ويرى عن
قرب ظروف التنفيذ ،ويرصد االنحرافات ،وبالتالي تصحيحها في أوانها قبل
تفاقمها ،وإرجاع عملية التنفيذ إلى مسارها الصحيح.
.5اإلدارة باألهداف:
يتم وضع أهداف كل فرد ومرافقتهم بتقديم املساعدة ومتابعة التنفيذ
ثم مقارنة اإلنجازات مع األهداف.
167
الفصل التاسع
عملية اتخاذ القرار
يخلط العديد من الباحثين بين وظائف اإلدارة وعملية اتخاذ القرار،
حيث يعتبره الكثيرون بأنه وظيفة خامسة للعمل اإلداري ،والحقيقة أن
عملية اتخاذ القرار هي عملية مرافقة للعمل اإلداري ككل ،من تخطيط،
وتنظيم وتوجيه ورقابة ،فكل منها يحتاج إلى حسم بين العديد من بدائل
الحلول ،وتعد عملية اتخاذ القرار عند سيمون أهم مهام املدير حيث تعد
املعيار لقياس نجاحه في عملية التسيير.
أوال .مفهوم عملية اتخاذ القرار:
تعتبر عملية اتخاذ القرار املرحلة األكثر صعوبة في العمل اإلداري ألنها
الفاصل بين التخطيط والتنفيذ ،والفاصل أيضا بين الصحيح والخطأ،
لذلك فإنه من الجدير بما كان االهتمام بهذه العملية ،وتبيان كيفية اتخاذ
القرار السليم.
. 1تعريف القرار وعملية اتخاذ القرار:
يعرف الكثير من الباحثين كال من القرار وعملية اتخاذ القرار بنفس
الطريقة ،إال أن الصحيح هو أن القرار عبارة عن "البديل الذي تم اختياره
على أساس املفاضلة بين عدة بدائل وحلول ممكنة ومتاحة لحل املشكلة"،
حيث يع تبر هذا البديل األكثر كفاءة وفعالية من بين البدائل املتاحة ،أما
عملية اتخاذ القرار فهي" :مجموعة من الخطوات العملية املتتابعة التي
يستخدمها متخذ القرار في سبيل الوصول إلى اختيار القرار األنسب
واألفضل" ،إذن القرار هو مرحلة من مراحل عملية اتخاذ القرار والذي
يعرفه البعض بأنه " اختيار مدرك للغايات".
وعموما فإن عملية اتخاذ القرار هي جزء من عملية التخطيط بل هي
لب عملية التخطيط ،إال أن العديد من الباحثين يفضل اعتبارها وظيفة
170
مستقلة ،ولكن الحقيقة أن الغاية من أخذها مستقلة عن وظيفة
التخطيط هو لدواعي بيداغوجية تحقق فهم أحسن للطالب نتيجة ملا
تحتويه العملية من تفاصيل يفضل ان تأخذ مستقلة.
.2نظرية القرار لدى هربرت سيمون:
يعد هربرت سيمون األب الروحي لنظرية القرار ،حيث يعتبر هذا األخير
أن التسيير عبارة عن عملية اتخاذ للقرار في مختلف وظائف التسيير من
تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة ،وأن املؤسسة قائمة أساسا على فعالية
هذه العملية ،وقد فرق سيمون بين العقالنية التامة والعقالنية املحدودة،
حيث يرى أنه ال يمكن تحقيق العقالنية التامة التي تتحقق في ظل توفر كل
الظروف ،حيث يرى أن البديل أو القرار الذي يتم اختياره ليس بالضرورة
الحل األمثل مطلقا (الحل الراشد أو العقالني التام) ،بل هو أفضل الحلول
املتاحة في ظل مجموعة من العوامل واملحددات بالبيئة الداخلية
والخارجية للمؤسسة ،التي تحول دون تحقيق الحل األمثل (املتصف
بالرشد أو العقالنية التامة) ،حيث ال يمكن للمسير اإلحاطة بكل بدائل
الحلول (نقص املعلومات ،عدم كفاية املوارد ،الخبرة ،املهارة ،عدم االنتباه
لكل البدائل ،الوقت) كما ال يمكنه أن يحيط بكل النتائج التي تعقب كل
بديل من الحلول ،حيث غالبا ما يتسم القرار بحالة عدم التأكد وعدم
القدرة على التنبؤ بالوضعيات املستقبلية ،وهذا ما أسماه هربرت سيمون
بالعقالنية املحدودة ،كما يؤكد سيمون على ضرورة استخدام األساليب
الكمية والعلمية في مختلف مراحل عملية اتخاذ القرار السيما مرحلة
تكوين بدائل الحلول.
171
. 3المبادئ األساسية لعملية اتخاذ القرار السليم:
حتى يتمكن املسير من تحقيق سيرورة ناجحة لعملية اتخاذ القرار ،البد
من مجموعة من املبادئ الالزم توفرها ،وأهمها:
الكفاءة ،أي القدرة على تحقيق األهداف املطلوبة بأفضل الطرق
(من حيث التكلفة ،الزمان ،املكان ،والكم والنوع).
القبول ،أي قبول العاملين املعنيين بتنفيذ القرار املتخذ ،مما
يحقق تأييدهم والتزامهم بتحقيقها ،وكذا قبول املنتفعين من القرار
واملتأثرين به من عاملين وعمالء ومجتمع ،مما يخفض من مقاومة القرار
املتخذ.
املسؤولية االجتماعية (أمن وسالمة العاملين واملجتمع) ،حيث
ال تضر مخرجات أو نتائج القرار بعناصر البيئة الداخلية أو الخارجية
(الجوانب املادية واإلنسانية) كإنتاج منتج مضر بالبيئة ،أو اتخاذ قرار يهدد
بقاء العمال باملؤسسة.
مشاركة العاملين واملتأثرين بالقرار وكذا الخبراء واملستشارين
الفنيين واإلداريين في العملية للوصول للقرار األكثر عقالنية ،وكذا إعالمهم
بنتائج القرار السيما اإليجابية لتحفيزهم ،وعدم تعصب متخذي القرار
لرأيهم في مختلف مراحل اتخاذ القرار.
التحديد الدقيق للهدف من حل املشكلة ،والقدرة على تحديد
العالقة بين نتائج كل بديل واألهداف املراد تحقيقها جراء اتخاذ القرار (هل
فعال هذا البديل يحقق نتائج تتماش ى والهدف املراد تحقيقه ،وهذا حتى
يعرف املسير أي البدائل أفضل.
172
منح الوقت الكافي لدراسة البدائل وتقييمها قبل االنتقال الختيار
البديل ،أخذا بالحسبان الوقت الالزم التخاذ القرار.
االعتماد على األساليب العلمية والكمية في اتخاذ القرار ،وعدم
استعمال األساليب غير العلمية (التخمين).
حرية االختبار بين البدائل املطروحة ،حيث يجب أن تكون
البدائل متوافقة مع اإلمكانيات واملحددات املوجودة.
إن مشكلة متخذ القرار والتي تجعله من غير املمكن نسبيا اتخاذ القرار
األمثل على اإلطالق ،هو استحالة توفر كامل شروط أو مبادئ اتخاذ القرار
هذه في الوقت نفسه ،وهذا ما يؤكد نظرية العقالنية املحدودة لدى هربرت
سيمون ،حيث يجب إدراك أن القرار املتخذ ال يؤدي إلى حل قاطع للمشكلة
بل هو أفضل البدائل املتاحة وأكثرها فعالية.
.4أنواع القرارات:
يمكن تصنيف القرارات حسب عدة معايير تتداخل فيما بينها ،إال أنه
هناك معيارين أساسيين هما:
-1-4تصنيف القرارات وفقا ملعياراملستوى اإلداري:
تقسم القرارات وفقا للمستوى اإلداري الذي تتخذ فيه إلى:
أ .القرارات االستراتيجية:
هي قرارات تتخذ على مستوى اإلدارة العليا ،يظهر أثرها على املدى
الطويل ،حيث تعنى ببرامج العمل املستقبلية طويلة املدى ،وتعبر عن رؤية
املؤسسة البعيدة (كقرار دخول سوق جديد) ،وتعنى بتحقيق تكيف
املنظمة مع بيئتها الخارجية حيث تتأثر بتغيرات املحيط ،والعالقات
املتبادلة بين املؤسسة ومحيطها ،وتتصف بما يلي:
173
هي قرارات عارضة غير اعتيادية وغير مبرمجة ،ويصعب اتخاذها
بشكل فوري ،حيث ال توجد إجراءات واضحة ملعالجتها.
تعتمد على خبرة ومهارة متخذ القرار ،وقدرته على التفكير
االستراتيجي واالبتكاري ،ومهارات التحليل.
تتصف بدرجة عالية من املخاطرة ،تتطلب قدرا عاليا من
املعلومات ،وتقبل عالي للمخاطرة ،والخوض فيها.
تتميز بالتعقيد والجدة واالستثنائية ،ويطغى عليها ظروف عدم
التأكد نتيجة ارتباطها بالبعد الزمني الطويل ،حيث ال تتوفر املعلومات
الكافية للتنبؤ بالوضعيات املستقبلية ،وتحديد نسب احتمال حدوثها ،وال
تقدير نسب احتمال وقوع نتائجها.
آثارها كبيرة من حيث التكلفة والعائد منها ،كما تؤثر في نمو وتطور
املؤسسة مستقبال.
ب .القرارات التكتيكية (اإلدارية):
هي قرارات تتخذ على مستوى اإلدارة الوسطى ،وتتعلق عادة بتسيير
املوارد املختلفة (مادية ،مالية ،بشرية )...كما تعنى بتطوير العملية
اإلدارية ،من تنظيم وتخطيط وتوجيه ورقابة) وتتميز بكونها:
قرارات شبه مبرمجة ويمكن اتخاذها اعتمادا على االساليب
العلمية الداعمة للقرار (وسائل دعم القرار) كالنماذج اإلحصائية،
البرمجة الخطية ،التسيير املالي ،املوازنات التقديرية.
قرارات تقل فيها آثار العائد والتكلفة الناتجة عنها مقارنة
بالقرارات االستراتيجية ،كما تقل فيها نسبة املخاطرة.
174
يمكن التنبؤ بنسب احتمال حدوثها ،كما يمكن تقدير الظروف
والوضعي ات واملتغيرات محتملة الحدوث في املستقبل متوسط املدى،
واتخاذ القرار املالئمة لها.
حيث تظهر هنا أهمية بدائل الحلول ،حيث يتم وضع مجموعة من
االفتراضات حول الظروف املحتملة باملستقبل (مشكالت ،تغيرات،
تحوالت) تقابلها مجموعة من الحلول ،يعتبر كل منها حل لكل وضعية ،ويتم
اللجوء إليها في حالة عدم جدوى القرار املتخذ ،حتى ال يقع متخذ القرار في
حالة عجز عن توفير البديل ،ال سيما أمام اعتبارات الوقت.
ج .القرارات التشغيلية:
هي القرارات التي يتم اتخاذها على مستوى اإلدارة التشغيلية (اإلدارة
الدنيا) وتعنى باملشاكل املتصلة بالتنفيذ املباشر لخطط املنظمة ،وتهدف
إلى االستخدام األمثل للموارد املختلفة ،وهي قرارات قصيرة املدى ،تعنى
بتسيير األعمال اليومية الروتينية ،وتتميز بكونها:
قرارات روتينية ،متكررة ،بدرجة عالية من التأكد من نتائجها (أي
أن النتيجة تكون معلومة عند توفر ظروف معينة).
آثارها من حيث العائد والتكلفة ضئيلة.
تتميز بدرجة ضئيلة من املخاطرة لتوفر املعلومات الكافية
التخاذها مسبقا.
ال تحتاج إلى وقت وجهد كبير لجمع املعلومات عنها ،والختيار
البديل األمثل.
هي قرارات مبرمجة يمكن التنبؤ بنتائجها ،يتم البت فيها وفي
شروطها مسبقا وفق برامج محددة تعالج مشكالت روتينية (كقرارات
175
الترقية) ،أي أنها تخضع لقواعد نمطية معدة مسبقا ،يتم اللجوء إليها كلما
صادف املدير مواقف مماثلة.
هذا النوع من القرارات غالبا ال يمر بمرحلتي صياغة املشكلة
وتصميم بدائل الحلول واختبار البديل.
2-4تصنيف القرارات وفقا ملتخذيها:
تصنف القرارات وفقا ملتخذيها إلى نوعان:
أ .قرارات فردية:
هي قرارات يتخذها فرد واحد غالبا يكون املدير ،حيث يتأثر القرار
باألحكام الشخصية للفرد متخذ القرار ،وال يشرك فيه حتى املعنيين
بالقرار.
ب .قرارات جماعية:
هي القرارات التي يشارك في صنعها أكثر من فرد ،ويكون القرار الجماعي
أكثر فعالية من القرار الفردي ،حيث تتوفر العديد من وجهات النظر حول
املشكلة ،وبالتالي تعدد البدائل وإمكانية اإلجماع على البديل األمثل،
وعموما فإنه حتى القرار الفردي هو في األصل قرار جماعي في مراحل
إعداده ،حيث يحتاج إلى مجموعة معلومات دقيقة يوفرها األفراد في
املنظمة ،وتختلف درجة املشاركة في اتخاذ القرارات على درجة الالمركزية
املتبناة في املؤسسة.
.5مراحل عملية اتخاذ القرار:
قسم سيمون عملية اتخاذ القرار إلى ثالث خطوات رئيسية ،وهي مرحلة
التحري ،مرحلة التصميم ومرحلة االختيار ،وتتخلل هذه املراحل خطوات
فرعية أكثر تفصيال نذكرها فيما يلي:
176
1.5مرحلة تحديد املشكلة وتحليلها:
يعد تشخيص املشكلة املرحلة األساسية في اتخاذ القرار ،حيث ال تكون
الحاجة للقرار ما لم تكن هناك مشكلة ،أو وضعية ما تحتاج إلى البت فيها،
وال يشترط أن تكون املشكلة أمرا سلبيا ،بل قد تكون فرصة تريد املؤسسة
استغاللها ،أو وضعية ما تحتاج إلى التصرف ،ومن هذا املنطق تعرف
املشكلة بأنها :عدم توازن بين ما هو موجود (الحالة القائمة) وما يجب أن
ولعل التحديد الصحيح للمشكلة أهم من حلها، يكون (الحالة املرغوبة) ّ
لذلك يجب التعمق في تحليل الوضعية ملعرفة املشكلة الحقيقية ،بدل
التركيز على األعراض الظاهرة والتي تعتقد اإلدارة أنها هي املشكلة
الرئيسية ،وذلك من خالل البحث في املسببات الحقيقية للمشكلة
الظاهرة ،وتقص ي املعلومات والحقائق املتعلقة بها ،ملعرفة طبيعة املشكلة،
وجوهرها وأبعادها ،وحدودها ،وأسبابها ،ونتائجها ومضاعفاتها املتوقعة،
والجهة املتأثرة بها ،وأين حدثت لتحديد ما إذا كانت مستعجلة أو آجلة،
معقدة أو بسيطة ،حيث يجب تحليل املشكلة من حيث:
تحديد طبيعة املشكلة (وفقا ملوضوعها ،مالية ،بشرية ،)...
وتحليل أسبابها والعوامل األكثر تأثيرا فيها.
تحديد موقعها (اإلدارة املعنية باملشكلة) وتحديد نطاقها (واسع
يعني املؤسسة ككل أو ضيق يعني إدارة أو وظيفة معينة).
تحديد مدى تكرار املشكلة (عارضة أو متكررة) لتحديد مدى
إمكانية برمجتها.
تحديد اآلثار املتوقعة للمشكلة على سير العمل ومدى تفاقمها في
حالة عدم الحل.
177
2.5تحديد الهدف من اتخاذ القرار:
وذلك لتسهيل عملية اختيار البديل الذي يحقق الهدف املحدد ،بحيث
يكون الهدف قابل للتحقيق من حيث املوارد والقيود.
3.5تحديد البدائل:
حيث يتم وضع مجموعة من بدائل الحلول (نماذج أولية للقرارات)
استنادا للمعلومات التي تم جمعها حول املشكلة ،وفي حدود اإلمكانيات
والوسائل املتاحة أمام متخذ القرار لحلها ،بحيث تكون قادرة على حل
املشكلة املطروحة.
4.5تقييم البدائل:
يتم تقييم كل بديل من حيث إيجابياته وسلبياته باالستعانة بمختلف
الخبراء واالستشاريين لتحديد النتائج املترتبة عن كل بديل ،وتختلف درجة
الحاجة إلى تعدد البدائل تبعا لدرجة تعقيد القرارات ودرجة قابليتها
للبرمجة ،وظروف التأكد أو املخاطرة التي تعتريها ،فكلما كانت املشكلة
معقدة واتسمت ظروفها بعدم التأكد ،احتاج القرار إلى العديد من البدائل
للمفاضلة بينها ،والعكس ،ويجب تقييم هذه البدائل وفق معايير
موضوعية تبين مزايا وعيوب كل بديل ،إذ يجب األخذ بالحسبان التكاليف
التي يتطلبها كل بديل مقارنة مع العائد منه ،وانعكاساته النفسية
واالجتماعية ومدى قبول املرؤوسين له.
5.5اختبارالبديل األمثل (اتخاذ القرار):
إذا تم تحديد املشكلة بدقة (بشكل صحيح) واملفاضلة بين البدائل
بموضوعية يكون متخذ القرار قادر على تحديد الحل األفضل للمشكلة
والبديل املناسب ،في ضوء االعتبارات االقتصادية واالجتماعية والبيئية
178
السائدة ،حيث يتم اختيار البديل الذي يؤدي إلى االستغالل األمثل للموارد
(البشرية ،املادية ،املالية ،والتكنولوجية) واألقل تكلفة ،وضمن إمكانيات
املؤسسة وظروفها السائدة ،كما يجب أن يحقق السرعة في حل املشكلة.
6.5متابعة وتقييم عملية تنفيذ القرار:
حيث يجب متابعة عملية تنفيذ القرار للتأكد من سالمة عملية
التطبيق ،وكذا التأكد من فعالية وكفاءة القرار املتخذ ،وأن التوقعات
املنتظرة من القرار قد تحققت وأن الخطة الناتجة عن القرار تتم كما
خطط لها .أما إذا ظهرت نتائج معاكسة ملا هو متوقع يتم الرجوع للبدائل
األخرى ،أو البحث عن بدائل أخرى ،وهنا تظهر أهمية مشاركة العاملين في
عملية اتخاذ القرار ،حيث يصبح بإمكانهم تنفيذه لعلمهم بحيثياته ،ويقلل
من مقاومته.
. 6العوامل المؤثرة في عملية اتخاذ القرار:
تؤثر العديد من العوامل في سير عملية اتخاذ القرار بالشكل السليم
وأهمها:
عوامل متعلقة بالبيئة الخارجية ،باعتبار املؤسسة نظام مفتوح،
فإن سيرورة القرار فيها تتأثر بالعديد من العوامل الخارجية كالقوانين
والتشريعات ،املنافسة ،العمالء ،الظروف االجتماعية واالقتصادية وحتى
السياسة السائدة.
شخصية متخذ القرار ،وذلك وفقا لدرجة ميوله للمخاطرة،
واملبادرة واإلبداع ،إضافة إلى مكتسباته املعرفية ،واملهارات والخبرات،
وحتى الثقافة املكونة من القيم واملعتقدات التي يستمدها من بيئته
اجتماعية.
179
الظروف أو البيئة املحيطة باملشكلة (بالقرار) من حيث وفرة
املعلومات ،ومدى تعقيد املشكلة وشموليتها وظروف املخاطرة وعدم التأكد
السائدة ،والتي تؤثر في كم ونوع البدائل املتاحة ،وحتى النتائج املمكنة لكل
بديل.
مدى قبول األفراد للقرار ،فكلما كانت درجة مقاومتهم له أقل كان
القرار أكثر قابلية للتنفيذ والعكس.
اإلمكانيات أو املوارد املتاحة (بشرية ،مادية ،مالية ،)...وكذا
طبيعة التنظيم ،وطرق االتصال الرسمي وغير الرسمي.
أهمية القرار ،حيث تتأثر عملية اتخاذ القرار بدرجة أهمية هذا
األخير ،وتتحدد أهميته من خالل درجة تعقيد املشكلة ،وآثارها على األفراد
واملؤسسة ،وكذا آثارها من حيث التكلفة والعائد ،والوقت الالزم لحلها.
.7معوقات عملية اتخاذ القرار:
هناك العديد من العوامل التي من شأنها عرقلة عملية اتخاذ القرار
وأهمها:
عدم وضوح األهداف املراد بلوغها ،مما يصعب تحويلها إلى برامج
عمل قابلة للتنفيذ ،فقد تكون غير قياسية ،مبهمة ،هالمية ،كما قد
تتعارض أهداف مختلف الوظائف واإلدارات مع بعضها ،أين يجب التركيز
على أكثرها أهمية للمؤسسة.
الفشل في تحديد املشكلة بدقة نتيجة عدم توفر املعلومات
الكافية ،أو نتيجة تداخل مسببات املشكلة مع نتائجها ،وبالتالي االهتمام
بحل املشاكل الفرعية (الظاهرة) بدل الرئيسية.
180
خصائص متخذ القرار ،كعدم تمتعه بروح املبادرة واالبتكار أو
انشغاله بمصالحه الشخصية ،أو انشغاله باملشكالت الفرعية ،واالبتعاد
عن املشكالت الرئيسية ،وكذا التهرب من القرارات الصعبة خوفا من
املساءلة (غياب املخاطرة).
تدخل السلطة العليا في توجيه القرارات على مستوى باقي
اإلدارات ،مما ينقص من كفاءتها لعدم إحاطتها بكل الجوانب.
عدم مشاركة العمال مما يؤدي للمقاومة ومحاولة إفشال
القرارات ،إذ يجب التفاوض معهم حول القضايا محل االختالف.
القيود الداخلية للتنظيم (البيروقراطية ،والجمود والتقيد
باإلجراءات والقواعد والتعليمات الرسمية ،مما يحد من حرية متخذ
القرار في الخوض في مجاالت أكثر طموحا وتطورا والبقاء في الوضعية
القائمة.
181
الجزء الرابع
ماهية التغيير والمـدخل
إلى إدارته
لقد شهدت بيئة األعمال في الحقبة األخيرة العديد من التحوالت
والتغيرات من عوملة وانفتاح على األسواق العاملية وتطور تكنولوجي
باألخص تكنولوجيا املعلومات التي أصبحت مكونا رئيسيا في عمليات
اإلنتاج والتوزيع ،بل كمكون في الخدمة أو املنتج نفسه ،ال سيما في نهاية
القرن العشرين وإلى يومنا هذا ،حيث تغيرت معها معالم منشآت األعمال
وكيفية أداءها ألعمالها ونشاطاتها .وأمام هذا الكم الهائل من التحوالت،
والوعي الذي بلغه املستهلك من حيث الجودة والسعر والتميز في املنتجات،
من جهة ،ومن حيث قدرته على تحديد احتياجاته ورغباته ،وخصائص
املنتج الذي يرغب في بلوغه من جهة أخرى ،وأمام التطور الذي حققته
املؤسسات الرائدة من تميز وتنويع وتجديد في املنتجات ،على املؤسسات
التي تصبو للتميز أو على األقل الصمود أمامها ،أن تعي حقيقة التغيير
وأهميته ،من أجل اتخاذ التدابير الالزمة ،ال إلجراء تغييرات آنية تمليها
الضرورة الحتمية ،بل من أجل اتخاذه كاستراتيجية ورؤية طويلة املدى،
من جهة ،وتبنيه كثقافة عمل ،وكقيمة تبني املؤسسة على أساسها قراراتها
واستراتيجياتها من جهة أخرى.
من خالل الطرح السابق تظهر حاجة املؤسسات االقتصادية إلى معرفة
حقيقة التغيير وأهميته ،وأهم البدائل االستراتيجية للتغيير ،وكذا معرفة
طرق التسيير الناجح له وكيفية مواجهة املقاومة ،وأهم عوامل النجاح
الحرجة إلدارة التغيير .ولهذا الغرض قسم هذا الجزء إلى ثالث فصول هي:
الفصل العاشر :ماهية التغيير :مفهومه ،دوافعه ،واستراتيجياته.
الفصل الحادي عشر :املدخل إلى إدارة التغيير.
الفصل الثاني عشر :مقاومة التغيير وصفات القائد الناجح في إدارتها.
184
أما الدروس املستفادة من هذا الجزء هي معرفة مختلف املفاهيم
حول التغيير ،كيفية إدارة التغيير وخفض مقاومته ،وأهم عوامل النجاح
في ذلك ،وكذا صفات القائد الذي بإمكانه قيادة عملية التغيير ،ليس لفترة
معينة فحسب ،بل قدرته على جعل التغيير ثقافة متجذرة في قيم األفراد
وسلوكياتهم ،إضافة إلى تعلم كيفية اختيار استراتيجية التغيير املالئمة
ملختلف الوضعيات.
185
الفصل العاشر
ماهية التغيير :مفهومه،
دوافعه ،واستراتيجياته
لم يعد يختلف اثنان على أهمية التغيير لتحقيق نجاح املؤسسات ،أو
على األقل االستمرار في ظل التحوالت املتسارعة في بيئة األعمال ،والتي
تستدعي تبني التغيير كثقافة قائمة في كل املؤسسة من إداريين وعمال في
كل املستويات .وتحتاج املؤسسة من أجل هذا ،إلى فهم طبيعة التغيير
وخصوصيته ،وأهميته في املؤسسات االقتصادية ،وبالتالي إلى استراتيجية
تغيير محكمة االختيار واإلعداد.
أوال .مفهوم التغيير :تعريفه ،خصائصه وأنواعه،
أهميته وأهدافه:
لقد حض ي التغيير باهتمام غير مسبوق في اآلونة األخيرة ،نتيجة
للتحوالت التي شهدها محيط األعمال ،وما لها من أثر على منشآت األعمال،
وبالتالي حاجتها إلى فهم صحيح له ،وتوضيح أهميته وخصائصه وأهدافه،
وأنواعه من أجل توضيح الرؤية للمسيرين الذين يودون تبني التغيير
ويرغبون في إدراجه باملؤسسة.
.1تعريف التغيير:
تختلف تعاريف التغيير باختالف الزاوية التي ينظر إليه منها ،مما يؤدي
إلى االختالف في الرؤية والفهم واإلدراك ،وبالتالي في التعامل مع هذه
الظاهرة ،وإن وجود تعريف واضح ومقبول من الجميع ،يساعد على وجود
فهم وإدراك ولغة مشتركة.
وقد ورد التغيير في عدة سور في القرآن الكريم ،حيث قال هللا تعالى في
سورة األنفال :آية.53 .
"ذلك بأن هللا لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم وأن هللا سميع عليم".
188
إذن فإن التغيير ال يأتي إال بإرادة من داخل اإلنسان وبرغبة منه.
بينما يعرف التغييرلغة :تغيير الش يء عن حاله :أي غيره ،وحوله وبدله
أي جعله غير ما كان عليه ،وغير الش يء :بدل به غيره أو أنه :االنتقال من
وضعية ألخرى .كعملية استبدال شخص بآخر أو ش يء بآخر أو ترك مكان
نحو آخر أو ترك وضعية واقعية من أجل أخرى .أي أن التغيير هو انتقال
الش يء من حالة إلى حالة مختلفة ،واختالفه عما كان عليه خالل فترة من
الزمن.
فيما يعرف التغيير إداريا على أنه "التحول في وضع معين على عكس
ما كان عليه من قبل ،قد يكون في الشكل أو النوعية أو الحالة ،وهو إخالل
في موقف اإلدارة بالنسبة لعناصر املوقف املحيط ،الداخلي والخارجي ،إذ
أن قوى التغيير قد تأتي من الخارج أو من الداخل ،وقد تكون مواتية إذ
تتيح فرصا للمنظمة أو العكس بحيث تهدد أعمالها" .إذن فالقوى الدافعة
للتغيير قد تكون فرصا أو تهديدات ،تدفع اإلدارة إلى تغيير مواقفها ،بما
يتماش ى وهذه التغيرات ،والهدف منه هو تغيير املعتقدات والسلوكيات
والهياكل باملنظمة من أجل التكيف مع التغيرات البيئية.
-يعرفه الدكتور سعيد يس ،على أنه "استجابة مخططة أو غير
مخططة من طرف املنظمة للضغوط كالتطور الفني امللموس وغير
امللموس من ماديات وأفكار ومعارف ،وهو حركي بإتباع طرق وأساليب
مستحدثة ناتجة عن اإلبداعات املادية والفكرية ،وقد يكون منتجا أو
معوقا بحسب أخذ نا ألسباب النجاح وأساليبه املعرفية" أي أن التغيير قد
يكون إراديا ومخطط من طرف اإلدارة ،أو غير مخطط وناتج عن ضرورة
189
حتمية ،كما أنه متوقف على مدى األخذ باألساليب املعرفية للنجاح ،وإال
كان عائقا غير منتج.
-يعرفه gerardبشكل عام ،على أنه "عبارة عن عملية تغيير إيجابي أو
سلبي لواقعنا الحالي إلى االفتراض ي وهو نتيجة لكل األعمال التي تغير
واقعنا ،أو أنه عملية مقاربة أقص ى ما يمكن ،للواقع الحالي بالواقع
االفتراض ي أو املرغوب" .أي أن التغيير ليس إيجابي دوما ،بل قد يكون
سلبيا أيضا .بينما يعرف Garethالتغيير على أنه "العملية التي من خاللها
تتحرك املنظمة من وضعيتها الحالية إلى وضعية مستقبلية مرغوبة ،لرفع
كرفع كفاءتها" .وركز Garethعلى كون الهدف من التغيير هو تحقيق
الكفاءة ،ويري يأن الهدف من التغيير املخطط هو إيجاد طرق جديدة أو
محسنة الستعمال مواردها وإمكاناتها ،لرفع قدرتها على خلق القيمة
وتحسين مداخل مالكيها ،كما يرى أن أهم محاور التغيير هي:
املوارد البشرية باعتبارها مصدرا للميزة التنافسية ،من خالل
التحفيز وحسن استغالل املهارات في املجاالت األكبر تقديما للقيمة
املضافة؛
املوارد الوظيفية ،من خالل تحويل املوارد تجاه الوظائف التي
تقدم أكبر قيمة مضافة؛
اإلمكانات التكنولوجية التي تعد عادة الدافع األول للتغيير،
والوسيلة املباشرة الغتنام فرص املحيط؛
اإلمكانات التنظيمية من خالل تغيير الهيكل والثقافة بما يتماش ى
والتحول البيئي.
190
أما الدكتور زيد منير عبوي ،يعرفه على أنه "عبارة عن تغيير موجه
ومقصود وهادف وواع ،يسعى إلى تحقيق التكيف البيئي الداخلي والخارجي
بما يضمن االنتقال إلى حالة تنظيمية أكثر قدرة على حل املشكالت ،أما
التغير فهو ظاهرة طبيعية ومستمرة في حياة املنظمات تحدث دون تخطيط
مسبق وبشكل تلقائي وعفوي “يوضح هذا التعريف الفرق بين التغيير
والتغير ،حيث أن األول مقصود ومخطط ،والثاني غير مخطط ،موضحا
اختالفه مع التعريف السابق ،أي أن االستجابة غير املخططة ليست تغييرا
إنما تغيرا.
-يعرف الدكتور سعيد العطيوي التغيير على أنه "عميله تشمل
سلوكيات األفراد وهياكل التنظيم ونظم األداء والتكنولوجيا وتقييمها
بغرض التكيف والتفاعل مع البيئة" .أي أن التغيير هو عملية تكيف مع
البيئة كما بين جوانب املنظمة التي يمكن أن يمسها التغيير ،موضحا أنه
عملية شاملة.
-أما الدكتور العطيات يعرف التغيير على أنه "عملية التحول من
الواقع الحالي للفرد أو املؤسسة إلى واقع آخر منشود يرغب في الوصول إليه
خالل فترة زمنية معينة ،بأساليب وطرق معروفة لتحقيق أهداف طويلة أو
قصيرة املدى ،كي تعود بالنفع على الفرد أو املؤسسة أو معا ،أو هو إحداث
تعديالت في أهداف وسياسات اإلدارة أو في أي عنصر من عناصر العمل
التنظيمي ،مستهدفة أحد أمرين أساسيين هما ،مالئمة أوضاع التنظيم ،أو
استحداث أوضاع تنظيمية جديدة للتنظيم لم يسبق غيره من التنظيمات
فيها" .ويبين هذا التعريف أن التغيير عملية شاملة ،وأنه يصبو لتحقيق
191
أهداف املنظمة بشكل أفضل ،كما أن التغيير ليس عملية تكيف فحسب
بل أنه استحداثي وخروج عن املألوف من أجل الريادة أيضا.
يعرف التغيير من وجهة نظر إدارة املوارد البشرية بأنه" :ناتج الجهد
البشري في محاوالته لتغيير واقعه والتغلب على املشاكل والقيود التي تحد
من إشباع احتياجاته ،وأنه نسق من الجهود البشرية نحو الصدام مع
القيود واملحددات القائمة وإزالتها والتأثير عليها من أجل تحقيق عدة
مصالح هامة تتم مع إرساء نظم جديدة وأشكال جديدة من العالقات" .أي
أن هناك محددات وضوابط تضع قيودا على حركة وقدرة قوى التغيير على
صنع التغيير املستهدف تلميحا لوجود مقاومة للتغيير .ويتم التركيز على
مفهوم الفريق .باعتباره حجر الزاوية في عملية التغيير .ويعرفه Pierre
Pastorعلى أنه ''الغوص في املجهول أي مواجهة عدم التحكم والجدة ،مما
يؤدي إلى تخوف عادة ما يكون غير عقالني وغير واعي ،وبالتالي إلى مقاومة''.
ويلمح Pastorلحتمية وجود مقاومة للتغيير ،والناتجة عادة عن عدم
األكادة والغموض الذي يكتنفه في غالب األحيان.
حسب نموذج لوين فإن التغيير حالة من عدم التوازن بين قوى موجهة
للتغيير وقوى معوقة له ،إذ أن كل محاوالت التغيير تحتاج إلى طاقة كبرى،
إذ أن كل محاولة لتغيير وضع حالي إلى وضع مستقبلي مرغوب ،يواجه قوى
كبرى وهي قوى العطالة للرجوع للوضع السابق .أي أن التغيير هو عملية
ناتجة عن عدم التوازن بين القوى الدافعة واملقاومة له وتكمن إدارة
التغيير في خلق هذه الحالة من عدم التوازن ،حيث تتحرك قوى التوازن
وقوى القطيعة أي مؤيدي التغيير ،بحثا عن األداء األفضل.
192
إذن التغيير هو عملية مخططة تتضمن االنتقال من وضع حالي
مرفوض إلى وضع مستقبلي مرغوب ،ناتج عن تغير بيئي ،ويواجه مقاومة في
أغلب الحاالت ،يتسم بالشمولية واالستمرارية.
. 2أهداف التغيير ،خصائصه وأنواعه:
إن التغيير بمفهومه الحديث ليس مجرد إجراء روتيني ،أو قرارا منفردا
تحتكره اإلدارة العليا ،بل هو أكبر من ذلك ،إذ يعبر على رؤية مشتركة
وبرنامج متكامل يحتاج لتنفيذه ونجاحه إلى مساندة املوارد البشرية بكل
املنظمة ،وقبل ذلك إلى تقبلهم له ،ولهذا الغرض ،فإن املؤسسات الناجحة
تعمد أوال إلى توضيح الهدف من التغيير ،أهميته ونوع التغيير املزمع
إجراءه.
1.2أهداف التغيير:
قبل التطرق ألهداف التغيير ،يجب إبراز أهم مظاهر عدم التغيير والتي
على ضوئها نستشف أهميته وأهدافه ،وفيما يلي أهم املظاهر السلبية التي
تنبئ بضرورة التغيير باملنظمة:
جمود الفكر والتشبث بالوضع الراهن مما يفقد املنظمة حيوتها
ويصيبها بالتبلد؛
السلبية وغياب املبادرة ،وطغيان املنفعة املادية للقادة ومحاربة
األفكار الجديدة؛
سيادة النمطية واملحاكاة ،والتقليد ،بدل التغيير والتقدم وبالتالي
التخلف والتأخر؛
تدهور مقومات اإلنتاج واإلنتاجية ،وبالتالي تراجع املؤسسات
االقتصادية ،واتساع نطاق الفساد؛
193
اتساع نطاق الضائع في املؤسسات بشكل يفقدها اقتصاديات
اإلنتاج ،وزيادة العاطل من عوامل اإلنتاج؛
زيادة نسبة الفاقد في العمليات اإلنتاجية (جهدا ووقتا ومواد خام
وغيرها) وزيادة نسبة املعيب في املنتج التام ،وعدم الرشادة في استخدام
املوارد؛
فقدان السوق واملستهلك وظهور حاالت رفض وعداء للمنتجات،
واملنظمة أيضا.
إن هذه املظاهر قد تتسبب إذا استمرت في اندثار املنظمة مما يبرز
أهمية التغيير في نجاح واستمرار املؤسسات ،في عصر تغيرت فيه املفاهيم
والثقافات وحتى اإلدراكات ،ففي املاض ي كان النجاح املادي مطلبا تسعى
إليه املؤسسات ،أما حاليا تطور مفهوم النجاح إلى أوسع من ذلك باعتباره
منهج متكامل على املنظمة أن تتبناه ،إلحداث التوازن واملفاضلة بين
متطلبات كافة املتعاملين مع املؤسسة لتحقيق التميز.
تتعدد أهداف التغيير بتعدد األطراف املعنيين به ،فالعمال يريدون
وظائف تتحدى مهاراتهم وتنمي شخصياتهم وتوسع خبراتهم ،وتحقق لهم
املساواة في املناخ التنظيمي لتحقيق التأثير املتبادل بين عالقاتهم ،وكذا
لتحقيق ذاتهم ،أما العمالء فقد أصبحت لهم األهمية الكبرى في أعمال
املنظمة وأهدافها بسبب التطور الهائل الذي بلغته تكنولوجيا املعلومات
والتي جعلت العالم يتواصل بسهولة تامة ،مما منح العمالء قدرة هائلة في
املقارنة بين املنتجات واختبار األفضل جودة وسعرا وخدمة ،عبر العالم
مما يشكل تحديا للمنظمات التي تصبوا لالستمرار في ظل التغير السريع في
194
بيئتها ،أين أصبح رضا العمالء يمثل الصدارة في استراتيجية املنظمات
لدرجة أن بعضها يشركهم في وضع السياسات واإلجراءات.
فيما يلي بعض األهداف العامة للتغيير:
تحقيق القدرة على التعامل مع البيئة املحيطة باملنظمة والتكيف
والتوافق مع التغيرات البيئية غير الثابتة من أجل تحقيق البقاء
واالستمرار؛
زيادة القدرة على التعاون بين املجموعات املتخصصة إلنجاز
األهداف العامة وتحقيق الرضا الوظيفي؛
خلق مناخ من الثقة واالنفتاح بين األفراد ،والكشف عن الصراع
إلدارته بشكل يخدم املنظمة؛
زيادة مستوى األداء التنفيذي واملمارسة التشغيلية من خالل
اكتشاف نقاط الضعف ومعرفة نقاط القوة وإثارة الرغبة في التحسين
واالرتقاء والتقدم في كل املجاالت؛
تنمية القدرة على االبتكار وتجديد الحيوية داخل املنظمات
وتفعيل املشاركة اإليجابية وتخفيض السلبية والالمباالة الناجمة عن
الثبات واالستقرار على الحالة القائمة.
يهدف التغيير أيضا إلى مساعدة املنظمة على حل مشاكلها من خالل
توفير املعلومات الالزمة لذلك ،وكذا تحقيق نظام حيوي قائم على
الالمركزية واملشاركة في اتخاذ القرارات وتبادل االتصاالت في مختلف
االتجاهات ،وتشجيع الرقابة الذاتية.
إضافة إلى إزكاء الرغبة والدافع نحو االرتقاء والتقدم من خالل
التحسين والتطوير الشامل واملتكامل ،وكذا تحقيق التوافق مع املتغيرات
195
البيئية واملواقف غير الثابتة.
إن الهدف من التغيير أكبر من التفكير في عدم إحداثه ،فإن غيابه
يتسبب في نتائج سلبية بل قد يؤثر في استمرارية املنظمة نفسها ،إذ أنه
وسيلة لتكيفها مع البيئة الخارجية والتماش ي مع التطورات املتسارعة التي
تتميز بها ،حيث تغيرت املرجعيات واملنتجات والطلبات ،فالعميل أصبح
أكثر إلحاحا وتطلبا من ذي قبل .إذن فالتغيير يتعدى كونه مجرد مشروع
مقترح يمكن قبوله كما يمكن رفضه ،بل هو فلسفة وثقافة إيجابية ،على
املنظمة تبنيها ونشرها ،كما أن حتمية االستمرار في إحداثه والترويج له
أقوى من محاولة تجاهله.
2.2مبادئ التغيير:
إن التغيير عملية مخططة كما سبق واتضح ذلك عند التعريف به،
ولذلك ال يمكن البدء في أي عملية تغييرية دون أن تكون لدينا القناعة
الكافية بضرورته ،واإلمكانيات الالزمة إلنجاحه ،وقبل كل هذا املبادئ التي
يجب تبنيها والتي يقوم عليها أي مشروع تغييري ومن أهمها:
أن تدفع ثمن التغيير أفضل من دفع ثمن عدم التغيير؛
االستعداد للتغيير متوقف على الطموح واملستوى الثقافي لألفراد؛
يمكن تقبل التغييرات التدريجية بمعدل أسرع من تلك التي تتم
دفعة واحدة؛
كلما جرب التغيير لدى اآلخرين تم قبوله أكثر؛
النقد عملية بناءة يجب تشجيعها واالستفادة منها ال رفضها.
يضيف Gerardاملبادئ التالية للتغيير:
196
قصر دورة حياة التغيير ،ال سيما أمام ما تفرضه العوملة من
ضغوط اجتماعية واقتصادية ومن تنميط لكل جوانب الحياة سلوكيا
وثقافيا وفكريا ،مما يستدعي تغييرات متتالية باملؤسسة تماشيا مع كل
هذا؛
التغيير هو حالة عدم توازن ،إذ أنه عملية حركية دائمة تتغير فيها
النقاط املرجعية في كل مرة ،والتحدي هنا هو إيجاد حالة استقرار نسبية
تتوافق مع حركية التغيير ،أي البحث عن حالة استقرار حركي؛
التغيير مرتبط بالحاجة وعدم اإلشباع ،فاألفراد واملؤسسات ال
يبدؤون في عملية التغيير إال بعد اإلحساس بحاجته أو عدم إشباع معين؛
التغيير هو عملية وليس حدثا لحظيا ،فهو عبارة عن مجموعة
أحداث أو عمليات أو نتائج.
يخضع التغيير لقوانين أهمها:
املقاومة بمثابة محرك لعملية التغيير ،فالتغيير الذي ال يجد
مقاومة يفشل في الغالب؛
تطبيق وتجسيد التغيير ال يتطابق تماما مع الخطة أو الفكرة
األولية ،وإن تم ذلك فإنها تختلف في التفاصيل ،إذ تتضح الرؤية كلما
استمرينا في عملية التنفيذ؛
حدة التغيير تتناقص مع الوقت ال سيما عند رؤية النتائج
اإليجابية ،وتوضح الرؤية؛
وتيرة التغيير تميل للتسارع مع الوقت ،حيث تزداد سرعة التغيير
كلما زاد حجم التغيير نفسه ،حيث يتم التعود عليه وتقل مقاومته.
197
إن من أهم مبادئ التغيير ،االقتناع بضرورته والوعي بالخسائر
الناتجة عن عدم إحداثه ،فبهذا يمكن االستعداد له والتقص ي عن تجارب
اآلخرين حوله وتقبل النقد واملقاومة.
3.2خصائص التغيير:
تتمثل خصائص عملية التغيير فيما يلي:
أ .التغيير عملية مستمرة:
حيث تحدث تغيرات مستمرة على مستوى بيئة املنظمة الداخلية
والخارجية ،تستدعي تغييرا مستمرا في أنظمتها من تكنولوجيا وإدارة وهياكل
ووظائف وغيرها.
ب .التغيير عملية مخططة:
حيث ينشأ التغيير نتيجة ظهور حاجة معينة إذ يجب التخطيط ملا يجب
تغييره إلشباعها أي كيف ومتى يتم التغيير ،والتكلفة والنتائج املتوقعة
واآلثار واملشاكل وكيف يمكن التصدي للمشكالت الناتجة عن التغيير
واملسؤول عن التغيير وغيرها.
يحتاج التخطيط للتغيير إلى معلومات عن مشكالت وفرص املنظمة،
واملشاركة على ضوئها في اتخاذ القرار حول برنامج التغيير الالزم إتباعه.
ت .التغييرمسؤولية إدارية:
حيث يعد التغيير من مهام كل املستويات اإلدارية ،فاإلدارة العليا
مسؤولة عن الدعم املادي واملعنوي ،وكذا املصادقة على خطط التغيير
وحل املشكالت الناتجة عن قرار تنفيذها واختيار استراتيجية التغيير
املالئمة ،وتعنى باقي املستويات التنفيذية بالتخطيط املشترك للتغيير
وتنفيذه ومعالجة املشاكل اليومية باملشاركة مع العاملين في التنفيذ
198
العملي له ،وكذا جهود قسم متخصص في مجال التغيير داخل املنظمة أو
بمساعدة مستشار خارجي.
ث .تعدد أساليب التغيير:
أي أن أسلوب التغيير يختلف من منظمة ألخرى وما نجح في إحداها
قد يفشل في أخرى وال يوجد وصفة واحدة للتغيير .فإن وصف طريقة
معينة للتغيير اتخذتها مؤسسة مماثلة في مجال نشاطها وتعميمها على كل
املؤسسات ،يعد تضييقا للخصائص املميزة لكل منها ،وتقييدا لالختيار ،فال
توجد وصفة سحرية للتغيير لكل املؤسسات أو مجاالت النشاط ،إذ على
املؤسسة طرح األسئلة املالئمة قبل تنفيذ أي تغيير ،وتحليل جيد لبيئتها
الداخلية والخارجية ،الختيار التغيير األكثر مالئمة ،ألن الوصفات الجاهزة
ّ
للتغيير ليست دائمة النجاعة والنجاح ،فلكل مؤسسة خصوصيتها ،إذ
يفترض في عملية التغيير املرونة حيال وضعية املؤسسة وثقافتها وكفاءاتها.
ليس هذا فحسب بل على املؤسسة عدم تبني حتى عمليات التغيير
الناجحة التي قامت بها سابقا قبل مراجعتها ،والبحث عن أسباب نجاحها،
ووضعية املؤسسة آنذاك ،ومدى اختالفها عن الوضع الراهن ،ومدى
إمكانية تطبيق البرامج التغييرية السابقة ،وما هي التعديالت الالزم إدراجها
وفقا لالختالفات مع الوضعية الحالية.
ج .التغييرمبني على الشمولية ومفهوم النظم املفتوحة:
أي أن التغيير الذي يحدث باملنظمة يتأثر بظروفها الخارجية ،كما أن
تغيير أحد النظم داخل املنظمة يعقبه غالبا تغيير في بعض النظم ذات
العالقة لتنسجم مع الوضع الجديد ،فإذا كان التغيير تكنولوجيا مثال
احتاج األمر إلى تعديل االستراتيجيات والخطط والسياسات التنظيمية،
199
مما يؤدي إلى توتر أو ضغط ،ومقاومة ناتجة عن عدم التأكد والخوف،
هذه األخيرة تفترض تغيرات على الجوانب الفنية واملمارسات والتطبيقات
الفنية.
يقول جمس شامبي ،مؤلف كتاب إعادة الهندسة ،في هذا الصدد أنه
"كلما كان مقدار التغيير أكبر ،فإن هناك فرصة أكبر للنجاح" .حيث أن أي
تغيير في املنظمة يحتاج إلى تغيير كل املنظمة ،إذ قد يحتاج األمر إلى تغيير
السياسات واألهداف ومعايير تحقيقها ،وكذا العادات والقيم والسلوكيات
اإلدارية ،إال أن هناك من يرى أنه كلما كان التغيير صغيرا كلما تم تقبله
أكثر ،والتخاذ موقف عادل بين الرأيين يفضل تبني خطة شاملة لكل ما
يجب تغييره ،ولكن إدراج العملية بشكل متدرج من أجل تقبله بسهولة.
4.2أنواع التغيير:
تتعدد أنواع التغيير حسب معايير التصنيف املستخدمة فهناك:
أ .التغييرالشامل والتغييرالجزئي:
يشمل التغيير الشامل كافة الجوانب واملجاالت باملنظمة ،بينما
التغيير الجزئي فيقتصر على جانب واحد ،والخطورة في هذا النوع ،نشوء
عدم التوازن بين ما تم تغييره وباقي الجوانب مما يقلل من فاعليه التغيير.
ب .التغييراملادي والتغييراملعنوي:
فاألول يعنى بالهيكل والتكنولوجيا ومؤشرات األداء ،أما الثاني فيعنى
بالجانب السلوكي والنفس ي واالجتماعي والقيمي ،وغالبا ما يتطلب التغيير
املادي تغييرا في الجوانب املعنوية ،وعموما يقسم التغيير حسب هذا املعيار
إلى:
200
ت .التغييرفي مؤشرات األداء والنتائج:
لتحقيق األهداف املحددة في مجال تحسين األداء ،ال بد من إعداد
مقاييس جديدة لألداء تكون أكثر فعالية ،إذ يجب الحذر في عملية مراقبة
األداء ،حيث ال يجب التركيز على النتائج فحسب بل أيضا على العمليات،
إذ قد يركز األفراد على تحقيق املعايير الكمية دون النوعية.
ث .التغييرفي السلوكيات:
إن أي تغيير في التكنولوجيا أو أنظمة العمل أو األدوار يقود إلى ضرورة
تغيير السلوكيات السائدة باملنظمة ،هذه األخيرة تتأثر باملعتقدات وطرق
التفكير والتعامل واملواقف الفردية ،كما تسيرها الثقافة العامة السائدة
باملنظمة ،التي يجب تغييرها هي األخرى ولكن بنسب متفاوتة وفقا ملا
يستدعيه حجم ونوع وظرف التغيير املدرج.
ج .التغييرفي نظام القيم:
إن وجود نظام قيم مشتركة ومحددة مسبقا يساعد املنظمة على
تحديد السلوك الالزم لتحقيق التغيير املبرمج بعيدا عن أساليب الرقابة
الكالسيكية ،وفي حالة تناقض قيم التغيير املقترح مع نظام القيم السائد
فهذا يستدعي تعديال في هذا األخير وقد يصعب ذلك في الحاالت التالية:
القيم املقترحة ال تعكس الواقع السيما في سلوكيات املسئولين،
حيث يتم اعتبارها مجرد شعارات؛
الغرض من التغيير طمس لقيم األفراد ومسح لشخصيتهم؛
املنظمة متباعدة الفروع ،السيما عند اختالف الثقافات ،أين
يصعب خلق نظام قيم مشتركة.
201
إن تغيير بسيط في املنظمة يستدعي تغييرات بسيطة في السلوكيات،
دون تغيير أساس ي في نظام القيم املشتركة ،بعكس ما إذا كان التغيير عميقا
وجذريا.
ح .التغييرحسب موضوعه:
قد يختلف التغيير حسب موضوعه بحيث:
قد يمس األنشطة واألعمال "باإلضافة أو الحذف أو الدمج" وقد
يطرأ على املوارد البشرية "بالزيادة أو التخفيض أو التدريب والتنمية".
قد يكون التغيير في السياسات واإلجراءات وطرق العمل "بإبقاء ما
هو قائم منها أو بعضها أو تعديلها أو إضافة أخرى حسب ما يستدعيه
التغيير.
قد يكون التغيير في الهيكل التنظيمي بإعادة تقسيم الوحدات
اإلدارية أو دمجها أو استحداث أخرى جديدة؛
قد يكون التغيير في العملية اإلنتاجية أو املنتج نفسه في مختلف
مراحله.
كما يضيف Gerardتصنيفين هما :التغيير في النظام والتغيير في
السلوكيات أما األول فيتضمن تعديال في أحد جوانب النظام املتمثلة في
العالقات املتبادلة بين األشخاص الذين يكونونه ،واملبادئ التي تنظم
أعمالهم ،فإن أي نظام يتجه نحو التطور يصبح أكثر تعقيدا ،وإن في أي
من م راحل تطوره يعد تغيرا يحتاج إلى التكيف ،أما الثاني ،فيعبر عن
استجابة ملجرى األحداث ،وتعبيرا عن شخصيتنا ،وتتغير سلوكياتنا ليس
فقط بقرار منا بل أيضا وفقا للبيئة املحيطة بنا ،كما يصنف التغيير إلى:
202
التغييرالتلقائي والتغييراملقصود:
أي أن يكون عفويا ومفاجئا وغير مقصود ،أو مقصودا ومخططا له،
إال أن األصل في التغيير أنه مقصود وإرادي ومخطط.
التغييرالسريع والتغييرالتدريجي:
حيث يتم األول دفعة واحدة والتالي تدريجيا وعلى مراحل ،وهذا حسب
طبيعة التغيير ،فكلما ازداد توقع مقاومة التغيير ازدادت الحاجة إلى البطء
في التنفيذ ،باملقابل هناك تغييرات يجب اإلسراع فيها وإال ذهبت الجدوى
منها كظهور منتج جديد في السوق ،فإذا كان التغيير التدريجي أكثر فعالية
ورسوخا ،فإن املنظمة أحيانا تختار السرعة تماشيا مع طبيعة الظرف.
يمكن تصنيف التغيير وفقا للنشاط املستهدف تغييره ،فهناك تغيير
اقتصادي ،اجتماعي ،سياس ي ،تشريعي ،فكري ،تكنولوجي ،أو وفقا ملدته
إلى تغيير سريع قصير األجل ،يتميز بكونه تغييرا إجرائيا وتكيفي ،أو تغيير
متوسط األجل ،والذي يتصل بالسياسات املختلفة ،والتغيير طويل األجل
واملتصل باالستراتيجيات وعمليات إعادة الهيكلة ،والتي تدوم أكثر من
عقدين من الزمن ،وتتداخل هذه األنواع حيث يحتوي التغيير املتوسط،
التغيير قصير األجل ويحتويهما التغيير طويل األجل.
كما يصنف التغيير وفقا للمضمون إلى تغيير هيكلي أساس ي ،حيث
يستهدف القواعد األساسية للكيان اإلداري من قناعات ومضامين
وسلوكيات ،إذ ق د يحدث ثورة في نمط التفكير والنشاط السائد ،باملقابل
تغيير شكلي وإجرائي ال يتعدى تأثيره سطح األحداث وال ينفذ إلى أعماقها،
ويصنف التغيير أيضا وفقا لدرجة التعقيد ،إلى تغيير معقد ومتشابك
ومتداخل العوامل واألسباب واملحفزات والنتائج ،يتميز بالغموض ويحتاج
203
إلى فريق متنوع التخصصات ومتكامل ،يقابله تغيير بسيط وواضح ،قد
يحدثه القائد دون استشارة اآلخرين.
يصنف التغيير وفقا لدوافعه إلى تغيير دوافعه داخلية ذاتية خاصة
باملنظمة ،وإن النجاح في هذا النوع نسبته كبيرة نتيجة ملعلومية املحددات،
والقيود ونقاط القوة والضعف ،يقابله تغيير دوافعه خارجية ،حيث تجبر
التغيرات الخارجية القائد على إحداث التغيير استجابة لهذه الضغوط،
كما يمكن تصنيفه وفقا للرؤية الفلسفية واالتجاه الفكري الذي يحمله،
فهناك تغيير يحمل رؤية واتجاه فكري يمكن من خالله تحريك قوى التغيير
في اتجاه معين وفي إطار جوهري واضح ومحدد ،يستقطب قوى إضافية
تجد مالذها في هذا التغيير ،بحيث يتوافق مع أهدافهم ورغباتهم مما يحقق
التماسك العضوي بين القديم والجديد ،كما أن هناك تغييرا شكليا
وسطحيا بعيدا عن املضمون ،تقليد أعمى يسهل رفضه ومقاومته كما
يسهل قبوله.
ثانيا .مظاهر التغيير ودوافعه:
يعد التغيير من صفات بيئة املنظمات مهما كان نوعها ،وإن إدراك
التغيرات البيئية والتعامل معها ورؤيتها بشكل متكامل من أهم أسباب
نجاح املنظمات في التكيف معها من خالل تبنى التغييرات التنظيمية
املالئمة بشكل مستمر ،وهذا من أهم أهداف املنظمات الساعية للبقاء
والنجاح.
.1مظاهر التغيير:
تشهد بيئة األعمال حاليا ،العديد من التغييرات الجوهرية والتوجهات
204
الجديدة التي تشكل فجوة بين املنظمات التقليدية واملنظمات الحديثة
ومن أهم مظاهرها كما صنفها Pierre Pastorإلى:
التحول من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلوماتي ،ومن اقتصاد
وطني إلى اقتصاد عاملي؛
التحول من رؤية التسيير قصير املدى إلى التسيير طويل املدى؛
التحول نحو استعمال التكنولوجيا الحديثة بطريقة أكثر
تخصصا؛
التحول من سوق عمل ضيق إلى سوق متنوع االختيار من حيث
الخبرة وتنوع التخصصات ،العمل عن بعد ،التوظيف املؤقت ،وإمكانية
التحول من مؤسسة ألخرى.
إن هذه التحوالت تؤدي بدورها إلى آثار متعاقبة ،أي أن أي تحول أو تغير
يشكل في الوقت نفسه عامل تغيير ودافعا له ،هذا إضافة إلى املظاهر
التالية:
1.1تعدد طرق وأساليب العمل:
باملاض ي كان هناك تنميط للسلوكيات اإلدارية والوظيفية ،حيث كانت
مركزية اإلدارة ه ي النمط الوحيد لها ،وكان الهيكل الهرمي هو التنظيم
الغالب في كل املنظمات مهما كان نوعها ،بينما حاليا تبين أنه من املمكن
تبني تركيب هيكلي في املنظمة الواحدة ،إذ يمكن أن تكون هناك مركزية في
إدارة ما وال مركزية في إدارة أخرى حسب طبيعة وخصوصية عملياتها،
ودرجة الحرية التي يحتاجها القائمون عليها إلنجاح أدائها ،كما أن نجاح
املنظمة لم يعد يتوقف على تسلسل هيكلها أو حجمها ،بقدر ما يتوقف على
التوافق والتفاعل مع املتغيرات البيئية بمبادرات مبدعة في كافة األنشطة
205
واملمارسات ،مما يتطلب وضع نماذج تحقق االستقرار في األوضاع املتغيرة،
نماذج خاصة باملنظمة بحيث تتالءم مع خصوصيتها وطبيعة عملها .ومن
أهم السلوكيات اإلدارية الحديثة والتي يمكن أن تحقق ما سبق ما يلي:
اليقظة واملرونة في الحصول على املوارد ،وكذا الترابط واالنطالق
نحو أهداف محددة؛
التجديد واالبتكار املتواصل ،وكذا تحول دور القائد من دور األمر
إلى دور اإلرشاد والتوجيه؛
تحول الوحدات الكبيرة إلى األنظمة الصغيرة التي تميزها فرق
العمل واملجموعات املدارة ذاتيا؛
تحول املنظمات الرأسية متعددة املستويات ،واملركزية الشديدة
إلى التنظيمات املسطحة والدمج بين املركزية والالمركزية حسب
احتياجات املنظمة وبالتالي تنظيم أكثر مرونة.
2.1تغيرطرق وأساليب إدارة املوارد البشرية:
بظهور نوع جديد من املوظفين من ذوي املهارات واملعارف ،أصبح من
الصعب إدارتهم بنفس الطرق التقليدية القائمة على األمر والتبعية
وبالتالي ظهور أسس إدارية جديدة تتضمن:
توحيد قيم وأهداف وتطلعات املوظفين مع أهداف املنظمة؛
حث العمال باالقتناع بأدوارهم في تحقيق رؤية وأهداف املنظمة،
وتبيان دور املعرفة واملهارات والخبرات في ذلك؛
االعتماد على قاعدة بشرية قوية ،ديناميكية ومرنة وقادرة على
التكيف.
206
3.1سيطرة النظرة العاملية على النظرة الوطنية:
في عصر أصبحت فيه أجزاء املنتج الواحد تصنع في أكثر من مكان من
العالم ،أين يتم كل نشاط في مكان ،وبشكل وتنظيم مختلف عبر العالم،
فقد أصبح املنتج عامليا ،والسوق عاملية ،والشركة عاملية ،وبالتالي فاإلدارة
أيضا أصبحت عاملية ،وتتم وفقا لنظام عاملي محكم االتصال والتنسيق
بين مختلف األعمال "أبحاث ،تصميم ،تصنيع ،تسويق" والتي تدعمها
تكنولوجيا املعلومات واالتصال الحديثة ،التي نتج عنها العديد من
التطبيقات املتميزة أهمها التجارة اإللكترونية التي فتحت الباب لشكل
جديد من التعامالت التجارية بين منظمات األعمال ،هذا باإلضافة إلى
ظهور شخصيات قيادية قادرة على جعل مؤسساتها أكثر تطورا وتنافسية
ومجاراة للتغيير وتحدياته.
إن هذه املظاهر السائدة في بيئة األعمال تظهر عدم توافق اإلجراءات
واألساليب واألفكار والقيم السائدة باملنظمات التقليدية ،مع متطلبات
العصر الحديث وتخلق فجوة بينها وبين منافسيها مما يشكل ضغوطات
تدفع إلى التغيير سواء كانت إيجابية أو سلبية وأهم هذه الضغوطات:
إدراك أن األمور يجب أن تتغير تفاديا ألزمة قد تحصل؛
إدراك الصورة اإليجابية التي ستتحقق باملستقبل من خالل جهود
التغيير؛
التنبؤ بأن التغيير سيحول املنظمة إلى وضعية أفضل ،أي أنه
فرصة للرقي ،وبالتالي يجب استغاللها؛
التنبؤ بأن ش يء سيحدث في املستقبل سيؤثر سلبا على املنظمة
واستمراريتها ،مما يستلزم التغيير.
207
.2أسباب ودوافع التغيير:
إن الرغبة في التغيير ال تأتي من فراغ ،إنما لتوفر أسباب ودوافع ،إذ قد
يكون التغيير خارجي املصدر ،كحدوث تحوالت سياسية أو اقتصادية أو
قانونية تستدعي استجابة من قبل املنظمة ،أو داخلي املصدر أي إرادي
وذاتي ،كأن يقرر القائد تغيير الهيكل التنظيمي ملنظمته دون أي ضغط
خارجي ،أو مزدوج املصدر ،ويمثل الحالة األكثر شيوعا للتغيير .ويمكن
سرد أهم هذه الدوافع واألسباب كما يلي:
1.2األسباب الداخلية:
هي تلك التغيرات التي ترتبط بالبيئة الداخلية للمنظمة كالهيكل
واألنظمة ،طرق القيادة وأنظمة العمل والعالقات اإلنسانية والتعاونية بين
املوظفين وعادة ال تخرج عما يلي:
التغيرات املرتبطة بطبيعة املنظمة ،ومناخها وهيكلها واألساليب
والسياسات واإلجراءات املتبعة في حل املشكالت وتحقيق أهداف
واتجاهات العمال واملسئولين؛
متطلبات املشاركة في العمل وتغير القيم واملواقف لدى العمال
وزيادة مهاراتهم ،وإدراك الحاجة إلى ضرورة التماش ي مع كل هذا؛
إدراك الحاجة إلى التنسيق بين مناخ املنظمة واحتياجات األفراد
وكذلك بين جماعات العمل فيها بينها؛
تغير أهداف املنظمة بدوره يستدعي التغيير في البناء التنظيمي
واألمر نفسه عند تغير فلسفة اإلدارة وأسلوبها وتقنياتها؛
إضافة إلى الدوافع املتعلقة بالجوانب التنظيمية وأهمها:
208
ضغوط نمو املنظمات ،حيث تمر بحاالت ترغب فيها بالتوسع
والنمو ،الذي تفرضه ضغوط دورة حياة املنتج ،زيادة الحجم ،عمر
املنظمة ،طبيعة وتركيبة املوارد البشرية ،قيم العاملين وثقافتهم ،مما
يستدعي تغيير في التنظيم والتكنولوجيا ،والعمليات؛
تفكك املنظمة من جراء التخصص املفرط والصراعات بين
املركزية والالمركزية ،وبين اإلدارات أيضا ،وبالتالي غياب التنسيق
والتكامل ،مما يستدعي تحقيق التوازن في تقسيم العمل بين الوحدات
واإلدارات والتكامل بينها ،والتوازن بين اإلدارة والعمال وبين املركزية
والالمركزية في اتخاذ القرار؛
الصراعات املتواجدة عادة على مستوى اإلدارة العليا ،والثقافات
البالية والسائدة بها والتي تبعدها عن املنحى الصحيح لإلدارة الكفؤة
للمنظمة ،مما يستدعي تغييرها وتبني ثقافة تنظيمية جديدة ،وإجراء رقابة
على اإلدارة العليا أو تبني استراتيجيات جديدة كاالندماج أو الخصخصة.
الضغوط املالية التي تتعرض لها املنظمة من جهة والنمط
القيادي لها من جهة أخرى ،فإذا كان هذا األخير تقليديا فهي ترفض
التغيير ،أما إذا كان متطورا فإنها تستجيب وتساعد على إحداثه.
2.2األسباب الخارجية:
هي تغيرات خارجة عن إرادة املنظمة وسيطرتها ،حيث يجب التكيف
معها وعموما هي ال تخرج عن املحاور األساسية التالية:
أ .األسباب االجتماعية والسياسة والقانونية:
لقد أسهمت النزاعات السياسية واالتجاهات االجتماعية في تحول نمط
الحياة االجتماعية القائمة على النزعة الفردية إلى النزعة الجماعية والتي
209
تؤثر حتما على سلوك وعمل األفراد واحتياجاتهم ،إذ البد على القادة
املسيرين من مجاراة ومتابعة التغييرات املستمرة ومعرفة أسبابها للتمكن
من التنبؤ بآثارها ومن أمثلة هذه التغيرات ما يلي:
تغيرات في العادات والتقاليد ،املسؤولية نحو املجتمع ،القيم،
وكذا االتجاهات واملواقف نحو العمل؛
نمو السكان وتفاعلهم وتغير األنظمة والسياسات الحكومية
التحالفات السياسية وقيم العمل في املجتمع؛
تغير األنظمة السياسية للدول وسيطرة الغرب على السياسة
العاملية وتدخل رجال األعمال في السياسة؛
ظهور العديد من القوانين ،كقوانين حماية املنافسة وحماية
امللكية الفكرية والرقابة على الشركات ،قانون العمل والعمال وحماية
البيئة ،أدى كل هذا إلى تغير في البيئة االجتماعية من اهتمامات وسلوكيات
وحتى العالقات االجتماعية ،وكذا في البيئة االقتصادية وطرق اإلنتاج
ونمط االستهالك وغيرها.
ب .األسباب التكنولوجية والتقنية:
لقد أدى تصاعد االكتشافات العلمية واالختراعات والقدرة املتزايدة
على استحداث املعارف الجديدة وانتشار نشاطات البحث والتطوير وكذا
اتساع استعماالت تكنولوجيا املعلومات والتطور الهائل في التخصصات
العلمية إلى التقادم السريع للمهارات الفنية وتغير في تشكيل القوى العاملة
وبالتالي في شكل التدريب والتأهيل الفني الالزم .كما أن تطور طرق التفكير
واملستوى الثقافي والعلمي لألفراد ،ينتج عنه احتياجات جديدة وبالتالي
تغييرات جديدة في البيئة التنظيمية للتماش ي معها ،إذ البد من االنفتاح
210
على كل تطور تكنولوجي من شأنه تحقيق التنافسية ومحاولة تبنيه وإتقانه
من طرف أفراد املنظمة.
ت .األسباب االقتصادية:
إن املجال االقتصادي أكثر عرضة للتغيير وأهم هذه الجوانب:
تغيرات في احتياجات املجتمع ،والتي تتطلب تغيير في إنتاج املنظمة
وعملياتها اإلنتاجية إلشباعها؛
القرارات املتخذة من طرف التنظيمات التي تنتمي إليها املنظمة
والتي تستدعي تغيير أساليب عملها؛
تغير وتعدد األسواق العاملية واملنافسة الشديدة وكذا تغير ظروف
اإلنتاج والتسويق والسياسات املالية؛
تغير في هياكل قوى العمل ،حيث أصبحت القوة العاملة أكثر
علما ووعيا ،وثقافة مما يستلزم نظام حوافز أكثر فعالية ،ونمط جديد
لحل املشكالت والصراعات؛
ظهور املنظمات العاملية التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على
أنماط وسلوكيات املنظمة؛
انخفاض رقابة الدولة على االقتصاد واضطراب األسواق
العاملية ،واندماج الشركات والبنوك وكذا التحالفات االستراتيجية ،وظهور
الشركات الصغيرة كقوة اقتصادية.
إن الرغبة في التطور واالرتقاء تولد الدافع نحو التغيير ،والذي يجد
أسبابه فيما سبق ،كما يصنفها الخضيري إلى:
دو افع اقتصادية قصيرة املدى:
تتمثل الدوافع االقتصادية قصيرة املدى فيما يلي:
211
الدافع نحو زيادة اإلنتاج:
إن زيادة اإلنتاج مطلب كل منظمة وفي كل دولة ،سعيا إلى إشباع
املستهلكين ،فضال عن وفورات الحجم والنطاق التي توفرها أنظمة اإلنتاج
الكبيرة ،وبالتالي تحسين القدرة التنافسية من خالل خفض األسعار الناتج
عن التكاليف األقل ،كما أن زيادة اإلنتاج هدف دائم للتغيير ،يضمن
تجاوب كافة األطراف واستعداد تحمل التكاليف.
تقليل املستخدم من املواد الخام:
يهدف التغيير إلى تقليل نسبة الفاقد من املواد الخام أثناء عمليات
التخزين والنقل والتصنيع من خالل تحسين الكفاءة اإلنتاجية ،وبالتالي
تقليل تكاليف املادة الخام وتوجيهها إلى نشاطات البحث والتطوير إليجاد
حلول وأساليب ابتكارية تقلل من املستخدم من عوامل اإلنتاج وليس فقط
املادة األولية.
زيادة اآللية في العمل:
إن تبني اآللية في العمل تؤدي إلى تبني استراتيجية طويلة املدى ،مؤداها
قبول التغيير الدائم بمعدالت سريعة ،فاقتصاديات التشغيل اآللي تقوم
على استيعاب التكنولوجيا الجديدة ملا تتميز به من فاعلية إنتاجية تكون
نسبة األعطال واملعيب واإلجهاد فيها أقل ،ونسبة زيادة ساعات العمل أكثر.
خفض التكلفة:
إن من أهم دوافع التغيير خفض الكلفة وبالتالي زيادة الربحية ،وهي أهم
أهداف أي منظمة اقتصادية لذلك تعمد هذه األخيرة إلى تبني األساليب التي
من شأنها ذلك ،كرفع كفاءة اليد العاملة من خالل التدريب وتحسين مناخ
العمل ،رفع كفاءة خطوط اإلنتاج من خالل الصيانة أو اإلحالل والتجديد،
212
وكذا رفع كفاءة دوران رأس املال لتحقيق السيولة والربحية واستثمار
وتدوير األموال املتاحة.
رفع كفاءة اإلدارة:
يتم رفع كفاءة اإلدارة بالتدريب وصقل الخبرات واملهارات وتزويدها
باملعارف الجديدة في هذا املجال.
دو افع اقتصادية متوسطة وطويلة األجل:
تتمثل الدوافع االقتصادية متوسطة وطويلة املدى فيما يلي:
دو افع إعادة الهيكلة:
كثيرا ما يصطدم اإلبداع والتطوير بجمود الهيكل التنظيمي واإلداري،
والثقافي القائم ،أين يصبح هدف التغيير الرئيس ي هو إعادة الهيكلة من
خالل تفكيك الهيكل القائم من أجل القضاء على القيود واملحددات
القائمة أو إفقادها قوتها وسيطرتها ،ثم بناء أو إعادة بناء قواعد وأسس
بنيان الهيكل الجديد ،مما يتيح املرونة في حركة قوى التغيير واإلبداع
والتطوير من أجل التقدم واالرتقاء.
دو افع الحصة السوقية:
تعد الحصة السوقية من الدوافع القوية نحو التغيير في النظم
واإلجراءات من أجل املحافظة على النصيب السوقي وزيادته وزيادة القدرة
التنافسية ،وقيادة السوق والتحكم فيه ،مما يستدعي تغييرات في
االستراتيجيات التسويقية "هجومية ودفاعية" والسياسات التسويقية
"تكامل وتوسيع وانتشار" ،وتكتيكات تسويقية وفقا ملا يتطلبه املوقف.
213
دو افع السيطرة على األسواق الدولية:
إن السيطرة على األسواق الدولية تقوم على التجديد ،هذا األخير يقوم
على الجودة واإلبداع ،وتقديم الجديد املفيد ،النافع والفعال ،واألكثر
إشباعا وكذا الجودة العالية والسعر املنخفض والتميز ،كما أن شدة
املنافسة تقتض ي سرعة تطور املشروعات وإتباع استراتيجيات هجومية
شديدة التأثير وقوية األثر على إدارة التغيير بفاعلية لخلق الثروات،
باالبتكار والتجديد والبناء الهيكلي.
عموما فإن الدافع الرئيس ي للتغيير هو تحقيق مفهوم املنظمة
املتعلمة ،حيث يلعب مصدر التغيير دورا هاما في إحداثه ،فإن املصدر
الخارجي للتغيير يسهل العملية ،إذ يعد مبررا ظاهرا للتغيير ،واملصدر
الداخلي يبرر الفائدة منه ،واجتماعهما يمثل املنفعة الظاهرة من التغيير.
ثالثا .سيرورة اختيار استراتيجيات التغيير:
ليس من السهل تبني أحد استراتيجيات التغيير دون دراسة شاملة
لحيثيات الوضع الراهن ،فقبل اختيار أي من استراتيجيات التغيير
املتعارفة ال بد من القيام بمجموعة نشاطات سيتم سردها فيما يلي:
.1تشخيص طبيعة التغيير وتحليل عملية اختيار استراتيجية
التغيير:
يتم اختيار استراتيجية التغيير حسب طبيعة ومدى املشاكل الناجمة
عنه ،من خالل تحليلها وتحليل ميكانيزمات حلها ،أخذا بالحسبان األطراف
املستهدفة من التغيير ،إذا قبل إدراج التغيير البد من:
1.1تشخيص طبيعة التغيير:
تتم عملية التشخيص من جانبيه التنظيمي والسلوكي.
214
أ .التشخيص التنظيمي لطبيعة التغيير:
تتم عملية التشخيص التنظيمي من خالل تحديد موقع وشدة ومدى
وكذا سرعة التغيير ،التخاذ القرار حيال التغيير الالزم إدراجه وتتمحور
هذه العملية فيما يلي:
تحديد الوحدات واألقسام التي تتأثر بالتغيير لتقديم الدعم
الكافي؛
تحديد التعقيدات املوجودة في التغيير املبرمج لتحديد املعلومات
واإلجراءات والتدريبات الالزمة؛
تحديد مدى التغيير مقارنة مع الوقت الالزم إلحداثه والتعليمات
التي قد تنجم نتيجة لطبيعته ،والتي قد تنجم نتيجة للمقاومة ،لتحديد
نوعية التدخل الالزم لخفض املقاومة،
تحديد سرعة التغيير ودرجة تكراره بحيث هناك عالقة عكسية
بين الوقت واملقاومة ،فكلما كان وقت التغيير أطول قلت املقاومةR=C/T .
بحيث : R:هي املقاومة :C ،التغيير:T ،الوقت ،وعالقة طردية بين
السرعة واملقاومة ،فكلما كان التغيير أسرع كانت املقاومة أكبر.
R=C.vبحيث تمثل :vالسرعة.
كما أن هناك عالقة طردية بين املقاومة وتكرار التغيير حتى يبلغ حدا
معينا أين تصبح العالقة عكسية ويتجاوب األفراد مع التغيير ويتم اعتباره
كثقافة راسخة لدى املنظمة وأفرادها ،وبالتالي فإن شدة املقاومة تتوقف
على مدى وسرعة وتكرار التغيير.
ب .التشخيص السلوكي لطبيعة التغيير:
يتم التشخيص السلوكي من خالل ما يلي:
215
تحديد الجماعات املتجانسة سياسيا ،وثقافيا ،وتحديد أهميتها
في إنجاح أو إفشال التغيير؛
مصادر املقاومة واألفراد األكثر تأثيرا في املقاومة واألكثر تأييدا لها.
من خالل التحليل السابق يمكن تحديد االستراتيجية األنسب للتغيير،
واألكثر احتماال لنجاحها.
من أجل االختيار السليم الستراتيجية التغيير املناسبة ال بد من طرح
األسئلة التالية :ملاذا وماذا وكيف يتم التغيير؟ حيث يفيد الجواب على
التساؤل األول عن دوافع املنظمة للتغيير ،حيث تفيد معرفة هذه األخيرة
على اإلجابة عن التساؤل الثاني ،بحيث يمكن تحديد مجاالت ونطاق
التغيير ،ويفيد هذا بدوره في اإلجابة عن التساؤل األخير ،بحيث تتمكن
املنظمة من اختيار األسلوب الذي ستنتهجه لتنفيذ التغيير.
.2تحليل أسس وعوامل اختيار استراتيجية التغيير:
بعد تحديد طبيعة التغيير سلوكيا وتنظيميا ،ال بد من تحديد أسس
االختيار وتحليل عالقة املنظمة بالبيئة الخارجية وكذا تحليل عوامل
االختيار.
أ .تحديد أسس اختياراستراتيجية التغيير:
بما أن التغيير من سمات املؤسسة الناجحة ،وهو عملية مستمرة
ومتكررة فيها ،فإنه البد من التعامل معه وإدارته بحذر ،وألنه ال توجد وصفة
أو طريقة واحدة يمكن إتباعها إلنجاح عملية التغيير ،أصبح من الضروري
التعامل معه بشكل معمق الختيار أفضل الطرق ووضع االستراتيجيات
الفعالة إلحداثه ،وجعل األفراد يتعايشون معه بإيجابية وهذا من خالل:
216
جعل استراتيجية التغيير فعال حقيقيا من خالل خلق ثقافة
صالحة لرع اية سياق استراتيجي متواصل ،وتهيئة البيئة املناسبة التي
تجعل األفراد يشقون بأنفسهم طريق التغيير التي يرونها مناسبة ،وخلق
ثقافة ابتكارية تجعل استراتيجيات النمو والتميز فعال تلقائيا ،بدل صياغة
استراتيجيات براقة وإلزام العاملين بها؛
تحديد درجة الحاجة للتغيير قبل اختيار وصياغة استراتيجية
التغيير ،فكلما كانت عاجلة وملحة كلما كان االتجاه نحو التغيير أكبر؛
إن مقاومة أو قبول األفراد للتغيير من جهة واإلدارة العليا من جهة
أخرى ،من شأنها تأخير أو تعجيل عملية التغيير ،فكلما كانت املقاومة أكبر
كلما كان التأخير إلحداث التغيير أطول رغم الحاجة إليه.
من خالل قيام املنظمة بالتحليل السابق ،يمكنها اختيار االستراتيجية
املناسبة للتغيير ،حيث تختلف االستراتيجيات املتبعة للتغيير باختالف
ظروف وإمكانيات املؤسسة ونوعية التغيير نفسه.
ب .تحليل العالقة بين البيئة واملنظمة:
إن املؤسسات الناجحة تحقق تكيفا استراتيجيا مع بيئتها السوقية
وخفض حاالت عدم اليقين التي تواجهها ،وتلجأ إلى تدعيم استراتيجيتها
لهياكل مصممة جيدا وعمليات إدارية مناسبة ،فاملؤسسة املتكيفة هي التي
تحقق التوافق بين االستراتيجية والهيكل والبيئة ،ولعل الهيكل املرن
والعضوي ،هو األكثر تالءما مع البيئات املرنة املضطربة التي يصعب التنبؤ
بها ،إال أن النظريات االحتمالية لتكيف التنظيم مع البيئة تحاط بمشاكل
تعريف مصطلح منظمة وأيضا مصطلح بيئة ،مما قد يشكك في مصداقية
العالقة املتصلة بين الشكل التنظيمي والنجاح ،إذ تطرح محاولة تعريف
217
البيئة مشكلة فكرية مهمة ،إذ يمكن تلخيص مفاهيم البيئة التنظيمية
حيث تقع ضمن ثالثة تصنيفات.
البيئة واقع محدد بالنسبة لألفراد وهي الوجود الخارجي
للمؤسسات ،ويمكن وصفه وتعريفه؛
البيئة هي واقع يخضع إلدراك األفراد ،إذ ينظر لها على أنها
مجموعة ملموسة من العوامل الخارجية ،ولكنها تعتمد في تعريفها على
التغييرات الشخصية املتعلقة باألفراد ،وكل منهم ينصرف تجاهها حسب
رؤيته وإدراكه لها وليس حسب الواقع املوضوعي؛
البيئة ليست واقعا مجردا وال تخضع لإلدراك ،ولكن هي عملية
تفاعل ،ألنها تؤثر على األفراد في املؤسسات ولكن في الوقت نفسه ،يعاد
االستفادة منها ،ويعاد تعريفها بواسطتهم ،وبالتالي فإن املؤسسات تؤثر
وتتأثر بالبيئة وإن إقامة خط فاصل بين املؤسسة وبيئتها الخارجية أمر غير
مقبول ،فالحدود يمكن تعريفها واختراقها ويأخذ ذا في االعتبار عند صياغة
استراتيجية التغيير.
كما يمكن تلخيص مفهوم مصطلح املنظمة وفقا ملدخل النظم
املفتوحة ،إذ أن املؤسسة جزء مستقل من كل كبير ،وأن قراراتها وخواصها
ال تتحدد بقدرات مديرها فحسب ،بل وقفا لصفات الروابط بينها وبين
البيئة املحيطة بها ،وهذه األخيرة تمكننا من تحديد طبيعة التغيير الالزم
إحداثه.
إن اعتبار املنظمة كنظام مفتوح ،يميزها بالخصائص التالية:
218
حرية االختيار ،في تصميم التنظيم الداخلي ،وأنه ليس هناك
طريقة أفضل من أخرى ألداء األعمال ،فهناك العديد من الطرق تؤدي إلى
نفس الهدف؛
تأخذ املنظمة أكثر مما تحتاجه من البيئة من موارد إلنتاج
مخرجاتها وبالتالي تخزين طاقة تساعدها على االستمرار والبقاء في حالة
ندرة املوارد؛
هناك توازن واستقرار ناتجين عن التعادل بين املدخالت
واملخرجات إال أن هذا التوازن عرضة للتغيرات من حين آلخر ،ينتهي
بالتعادل في عمليات التبادل التي تحدث بين النظام والبيئة؛
الدورية أي أن عوائد املنظمة الناتجة عن مخرجاتها تسمح بمزيد
من املدخالت من بيئتها الخارجية وتتداخل هذه الدورات بتنوع املدخالت
واملخرجات لتكون النتيجة دورات أكثر تعقيدا.
إن تواجد املؤسسة داخل تجمعات من املنظمات لصناعة واحدة ،أو
قطاع صناعي واحد ،تواجه إطارات بيئية مماثلة مما يجعلها تمتثل لألخذ
باستراتيجيات تغيير مماثلة في شكل وصفات تغيير (كإعادة التنظيم،
التصفية ،االستيالء أو االندماج) لكن حين يطرأ تغيير على استراتيجيات
معينة مثال لبعض املؤسسات وخروجها عن الوضعية املخططة للقطاع،
فإن هذا ينعكس على توازن النظام املفتوح مؤقتا ،مما يخلق نوع من الدعم
للميزة التنافسية لهذه املؤسسات بتسهيل ميزة الريادة في التغيير ،طاملا أن
عملية امتزاج الهيكل والعمليات واألفراد والثقافة تظل مميزة وغير قابلة
للتعليم ،لتبني ثقافة جديدة أو استراتيجية جديدة ،كاستراتيجية تغيير
موجهة تكنولوجيا مثال.
219
إن تعريفي املنظمة والبيئة يقودان إلى نتيجة تتمثل في كون التغيير
التنظيمي يمثل عملية تكيف املنظمة مع البيئة ،وأن العوامل الخارجية
تفسر االختالف داخل املنظمة ،ولصناعة استراتيجية فعالة للتغيير البد
من األخذ بالحسبان هذه العالقة بينهما.
ت .تحديد عوامل اختياراستراتيجية التغيير:
إن جذور مداخل التغيير تمتد إلى نظرية التنظيم ،التي كانت تقوم على
أساس الهيكلية الوظيفية ،أين كان علماء اإلدارة يبحثون عن قوانين عامة
للتنظيم في العلوم االجتماعية ،أسوة بتلك القوانين املوجودة في العلوم
الطبيعية على غرار اإلدارة العلمية لدى تايلور ،والتي تعمل على تخفيض
الحياة التنظيمية إلى عدد كبير من املتغيرات والتي مثلت النموذج السائد في
دراسة التغيير ،وال يزال إلى وقت قريب ،البحث عن قوانين عامة يسود هذه
النظريات والدراسات.
إال أن نظريات التنظيم األخرى شككت في إمكانية تجميع إدارة التغيير
في مجموعة معينة من املتغيرات في شكل وصفة ،إال أنه ظهر ما يسمى
بالالمنطق في النظرية التنظيمية واالعتراف بعدم القابلية لتصميم برامج
التغيير املخطط ،إذ يجب النظر إلى النتائج والعمليات كنسيج متداخل
لفهم التغيير جيدا ،فكالهما منتج وناتج للبيئة التي يحدثان فيها .كما أن
فكرة أن الهياكل االقتصادية تفرض إجراءات املؤسسة الواحدة والتي
تنشأ عنها قوى وضغوط من أجل التغيير من داخل األفراد واملؤسسات،
جعلت الحوار والجدل قائما بين السلوك الفردي والحتمية االقتصادية أو
البيئية ،وهكذا تصبح عملية التغيير نوعا من التفاوض واإلقناع بين
جماعات تفترض أوتوماتيكيا أنها صائبة.
220
عموما فإن هناك عوامل تمكن من تحديد أي االستراتيجيات أحسن،
وهذه العوامل هي:
أهداف التغيير ومضمونه والجهة املستهدفة؛
املوارد املتاحة (بشرية ،مادية ،معرفية ،زمنية)؛
الفرص والقيود التي تفرضها البيئة الخارجية للمنظمة؛
وسيط التغيير "داخلي أو خارجي".
تختلف كل استراتيجية تغيير عن األخرى باختالف الهدف من التغيير
نفسه ،فإن كان الهدف التحول نحو سوق أضيق مع تميز في الخدمات
املقدمة للعميل ،فلن نختار استراتيجية التحكم في التكاليف ،كما أن
مضمون التغيير والجهة املستهدفة به ،تضيق من مجال االختيار ،إضافة
إلى أن املوارد املتاحة تلعب دورا هاما في اختيار استراتيجية التغيير ،فلن
نختار استراتيجية إعادة الهندسة مثال ،دون توفر بنية تحتية صلبة من
تكنولوجية املعلومات واالتصال ،أو دون مهارات بشرية كافية لذلك.
إن استراتيجية التغيير املختارة من طرف املنظمة تتأثر أيضا بالفرص
املتاحة بالبيئة الخارجية ،كظهور تكنولوجيا جديدة تمكن املنظمة من
تغيير تشكيلة منتجاتها أو خلق سوق جديدة مثال ،باملقابل فإن تهديدات
املحيط قد تحد من حرية اختيار أحد االستراتيجيات املقترحة ،كظهور
منافس أقوى يمنعها من اختيار استراتيجية التركيز على سوق معينة مثال
خوفا من تفوق املنافس الجديد عليها.
إن للوسيط في عملية التغيير دورا هاما في اختيار استراتيجية التغيير،
فإن كان داخليا اتسعت رقعة االختيار ،أما إذا كان خارجيا ،فقد يتم فرض
طريقة التغيير وأسلوبه ،دون منح الفرصة للمنظمة الختيار استراتيجية
التغيير األنسب لظروفها ،من بين البدائل املتاحة ،والتي سيتم التطرق إليها
في املطلب املوالي.
221
.2استراتيجيات التغيير والتكيف التنظيمي:
تتعدد استراتيجيات التغيير باختالف املعايير املتخذة للتصنيف،
وفيما يلي أهم استراتيجيات التغيير.
1.2استراتيجية التغييروفقا لدرجة التعقيد:
يتم تصنيف استراتيجية التغيير وفقا لهذا املعيار إلى:
أ .استراتيجية التغييراملتدرج:
إن التغيير املتدرج من االستراتيجيات الفعالة ،إذ تتم على فترات وليس
دفعة واحدة ،يسمح هذا التدرج بتكيف األفراد مع عملية التغيير ،وتتبناها
املؤسسة في حاالت االستقرار النسبي لبيئتها الخارجية ،والصحة الجيدة
لبيئتها الداخلية.
تحتاج هذه االستراتيجية إلى مهارات عالية وثقافة ورغبة في املشاركة في
التغيير من طرف العاملين ،وتحميس وتحضير مستمرين ،وتختلف نسبة
املشاركة في مثل هذا النوع من التغيير وفقا لدرجة املقاومة من جهة،
ودرجة إلحاح التغيير من جهة أخرى ،والشكل املوالي يوضح ذلك الشكل
رقم : 1
مصفوفة املشاركة في التغيير
المقاومة
ن
222
تكون درجة املشاركة واسعة في حالة انخفاض مقاومة التغيير
وضرورة التغيير كذلك ،مما يسمح لألفراد بتحديد التغيير وكيفية إحداثه
ومعرفة تفاصيله ،ويساعد على التحفيز إلحداثه بسرعة.
تكون املشاركة مركزة على األفراد األكثر حسما في نجاح التغيير
عند إلحاح التغيير وضعف املقاومة.
في حالة كون املقاومة عالية ودرجة إلحاح التغيير منخفضة،
تنتهج اإلدارة أسلوب اإلقناع بضرورة قبول التغيير من خالل خلق رؤية
مشركة ملستقبل املنظمة وإيجاد أفضل الحلول.
أما إذا كانت املقاومة قوية ،والتغيير ملح ،فإن األسلوب الجبري
يعد املنفذ الوحيد ويبقى االتصال مفتوحا مع العاملين لتوضيح األهداف
والرؤية.
تندرج هذه االستراتيجية ضمن نموذج يدعى نموذج البحث ،حيث
تتضمن عملية دورية تقوم على البحث املتواصل عن معلومات حول
احتياجات املنظمة للتغيير ،ثم يتم البحث في نتائج التغيير املدرج حيث
تظهر الحاجة لتغيير أخر وهكذا.
ب .استراتيجية التغييراملرن:
أي تعويد املرؤوسين بالتغيير والخروج من املألوف والحالة القائمة
كثقافة للمنظمة ،هذا ال يعني تبني التغيير من أجل التغيير ،بل إحداثه أين
استدعى األمر لذلك ،حيث يصبح أمرا اعتياديا ،فالتغييرات املتعددة
واملتوالية تكون مقاومتها أقل قوة من التغييرات املتباعدة واملنفصلة.
إن تبني مثل هذه االستراتيجية يحتاج أوال إلى عملية توعية ونشر
لثقافة التغيير املستمر ،سواء تعلق األمر باألفراد أو املسيرين باإلدارات
223
الوسطى والعليا ،كما أنها تحتاج إلى بنى تحتية وهياكل تنظيمية مرنة
تتماش ى وطبيعة التغييرات املدرجة دون الحاجة إلى تغييرها أو تعديلها.
ت .استراتيجية املو اقع القيادية:
أين يتم اختيار موقع معين لتجربة برنامج التغيير حيث يكون احتمال
النجاح فيه قويا ،بدل إدراجه على املستوى الكلي دفعة واحدة ،ومن
إيجابيات هذا األسلوب:
إمكانية اختبار أثر األنظمة الجديدة واكتشاف نقاط القصور
والضعف في البرنامج التغييري ،وكذا املشاكل والصعوبات غير املتوقعة،
وبالتالي تداركها قبل تعميمه على املنظمة ككل؛
إن تحقيق النجاح في مشروع التغيير في موقع معين في املنظمة يعد
حافزا لتبني ثقافة التغيير وخلق وعي جماعي للحاجة إليه ال سيما في
املنظمات التي يقل فيها الوعي بأهمية التغيير؛
يفيد هذا األسلوب في خفض املوارد املوجهة إلدارة التغيير نتيجة
لتدارك األخطاء قبل تعميم التنفيذ.
يفيد هذا األسلوب في حاالت عدم أكادة نتائج برنامج التغيير ،كما يفيد
املنظمات ذات املواقع املتباعدة ،كما يستدعي تطبيق األنظمة الجديدة
بالتوازي مع القديمة إلى حين إثبات جدواها.
ث .استراتيجية التغييرالبنيوي:
يحتاج التغيير البنيوي أو الجذري تخطيطا دقيقا وعناية أكبر ،إذ أنه
قد يهدد أمن العاملين أو يفقدهم وظائفهم ،فاملؤسسة بعد هذا النوع من
التغيير تتغير تماما ،تحتاج هذه االستراتيجية إلى براعة قيادية في طرح فكرة
التغيير ،وتعزيز القدرة الدافعة له ،وهذا في حالة انخفاض درجة املقاومة
224
وعدم وجود أزمة أو إلحاح للتغيير .بينما في حالة حدوث أزمة ،يتبع القائد
أسلوب اإلجبار لعدم وجود وقت للمشاركة أو اإلقناع ،شرط تحقيق
االتحاد بين العاملين مما يضمن الثقة واالطمئنان ،أما عندما تكون املقاومة
قوية واألزمة في أوجها ،يصبح األسلوب األنسب هو القسر بالرغم مما يتبعه
من ضرر لألفراد.
تقوم استراتيجية التغيير الجذري على مفهوم الهدم البناء أي ترك
للقديم من مبادئ وأساليب وأفكار ،وتبني أخرى جديدة ،وذلك من خالل
مسح شامل لألساليب اإلدارية الحديثة وفهمها وتحليلها وتطبيقها،
كمفهوم املنظمات املسطحة وأساليب التخطيط العلمية الحديثة،
التوجه بالعميل ،اإلدارة باملشاريع ،التنسيق بتدفق املعلومات ،تخصيص
املوارد على أساس املشروعات والبرامج وغيرها من مفاهيم حديثة لإلدارة.
2.2تصنيف استراتيجيات التغييروفقا ملدى التغييروطبيعته :هناك
من يدعو للتغيير املستمر تماشيا مع التطور املستمر للبيئة ،حيث يمكن
إحداث تغيرات مستمرة بمستوى أكبر من التكيفي والحصول على نفس
نتائج التغيير الجذري ولكن بأقل أضرار وأقل مقاومة ،بينما هناك من
يدعو للتغيير املتقطع من خالل حاالت توازن متعاقبة تنتقل فيها املنظمة
خالل فترات أقل للتغيير الجذري كما يلعب مدى التغيير الذي ترغبه
املنظمة دورا حاسما في اختيار استراتيجية التغيير .وفيما يلي تصنيف لها
وفقا لهذين املعيارين:
أ .استراتيجية التكيف:
هو التغيير الذي يمكن أن يحدث بطريقة تدريجية ،دون التعديل في
النموذج ،يكون الهدف كبيرا لكن تحقيقه يتم على فترات وملدة طويلة ،وال
225
تتأثر املؤسسة في هذه الحالة بشكل كبير سواء ماديا أو ماليا أو حتى بشريا
إذ تغير بالتدريج وتعمل بالتوازي مع النموذج القديم ،ويسير وفق خطة
طويلة املدى لتغيير كبير أو عميق.
ت .استراتيجية إعادة البناء:
هو تغيير أكثر سرعة ،يمكنه أن يحدث تحوالت باملؤسسة دون الحاجة
إلى تغيير النموذج أو إحداث تطوير أساس ي فيه ،كإعادة تقويم األداء املالي
للمؤسسة في مرحلة التدهور ،أو تعديل في بعض القواعد أو املبادئ
السارية باملنظمة ،وتتم هذه االستراتيجية على مراحل؛ حيث يتم هدم
النظام القديم وتعميق الفهم نحو رفضه وتغييره ،بعدها تتم تهيئة املناخ
ثم إقامة النظام الجديد.
إن هذه االستراتيجية مرحلية وتحتاج ملدة زمنية كافية ،تتسم بدورها
بعدم االستقرار وعدم التوازن كما تشهد انتكاسات ناجمة عن املقاومة،
إال أنها في النهاية تضع البنية األساسية ثقافيا وفكريا واقتصاديا واجتماعيا
لعملية التغيير تمكنها من التقدم نحو االستراتيجية التالية "االرتقاء
والنمو".
ث .استراتيجية االرتقاء والنمو:
هي استراتيجية تدعم املسار نحو التغيير املستمر ،أين يتم التوسع
والشمول في مجاالت ال تغيير ،تأخذ املبادئ واألفكار طريقها للتطبيق
العملي ،ويدعى هذا النوع بالتغيير التطوري أو التنموي ،ويحتاج إلى تغيير
في النموذج ،ولكن بطريقة تدريجية وحذرة ،حيث يقدر املسيرون التحول
الالزم ،ثم التخطيط للتغيير على ضوئه .هذه االستراتيجية يصحبها
226
استراتيجية تراكمية للقوة ،إذ أنها تختار مسارات تتجه نحو زيادة القوة
وليس تبديدها ،تمهيدا لالستراتيجية املوالية.
ج .استراتيجية الهيمنة:
تقوم هذه االستراتيجية على القوة التي بلغتها املنظمة في املراحل
السابقة ،والتي حققت لها مجموعة من املزايا غير العادية ،تمنحها مكانة
على املستوى الدولي ،حيث يصبح لديها:
قوة جذب تسويقية كجذب املستهلك األجنبي نتيجة لريادة
منتجاتها؛
قوة جذب تمويلية كاستقطاب رؤوس األموال باعتبار املنظمة
مركز أمان ،وحماية ورعاية لها؛
قوة جذب علمي كاستقطاب العلماء واملفكرين نتيجة لتوفيرها
للمخصصات املوجهة للبحث العلمي؛
قوة جذب األفراد نتيجة ملا توفره من أجور ،وظروف عمل وفرص
تحقيق الذات؛
قوة جذب للشراكة نتيجة التنويع والتمييز الذي توفره املنظمة؛
قوة جذب اجتماعي ،ثقافي ،سياس ي وتجاري ،نتيجة لقدرتها على
التأثير.
ح .استراتيجية التغييرالجذري:
سبق اإلشارة لهذا الصنف من استراتيجيات التغيير ،إال أنه هذه املرة
يأتي كمرحلة حتمية لالستراتيجيات سابقة الذكر في شكل مراحل ،إذ أنه
متوقع من املنظمة التي حققت مثل ذلك النجاح والقوة في مرحلة الهيمنة،
فقد ال تتماش ى البنى والهياكل الحالية مع التطور الذي حققته ،كما أنها قد
227
تكون اكتسبت من املعارف والخبرات ما يؤهلها إلى الدخول في غمار
استراتيجية أكثر إبداعا وتميزا.
يحدث هذا النوع من التغيير في فترة قصيرة نسبيا تكون نتيجة قرار
سريع ،وردة فعل لعوامل خارجية وداخلية ملحة ،كما يكون عادة مفروضا
حيث يفرض تصحيحات عميقة للممارسات التنظيمية تماشيا مع تغيرات
بيئية كرغبات جديدة للعمالء والتعديالت القانونية ،باملقابل يحتاج
األفراد إلى وقت طويل نسبيا للتعود على سلوكيات جديدة ومفاجئة ،مما
يطيل من املدة النهائية لهذا النوع من التغيير .كما أن التكيف مع التغيير
الجذري لطرق العمل تقابلها عادة مقاومة شديدة ،السيما في املؤسسات
الناجحة ،حيث كل ش يء يعمل بشكل جيد ،بعكس املؤسسات التي تعاني
من أزمات ،حيث تجد عذرها في حاجتها للتغيير.
ال يكون اختيار أي استراتيجية مما سبق عشوائيا ،وإنما توافقا مع طبيعة
ومدى التغيير املراد إجراءه ،والشكل املوالي يوضح ذلك الشكل :2
228
ملحا أو التكيف إذا كان غير ذلك للتمكن من االستمرار لحين توفر املوارد
التي تمكنها من تحقيق التحول الجذري.
ال توجد تجارب واقعية تثبت نجاعة أحد االستراتيجيات السابقة عن
األخرى ،وبالتالي يمكن القول بأن كلها مجد ،ولكن باختالف املنظمات
املطبقة ألي منها وباختالف مراحل حياة كل منها ،حيث يتماش ى التغيير
املستمر مع املنظمات التي يتميز محيطها بالتغير السريع كالصناعات عالية
التكنولوجيا ،بالرغم من أن هناك عناصر باملنظمة تستدعي االستقرار
والسكون ،بينما يتماش ى النموذج املتقطع مع الصناعات التي تتميز شروط
املنافسة فيها باالستقرار النسبي ،حيث يمكن أن تبقى املنظمة تنافسية
ملدة طويلة دون تغيير ملحوظ في طرق عملها ،كالصناعات الكيميائية.
وبالتالي ال يمكن نصح منظمة تعمل في مجال معين بتطبيق استراتيجية
تغيير معينة نجحت في مجال آخر ،إال أن أكثر الطرق أو االستراتيجيات
التغييرية املنتهجة شيوعا هي إعادة البناء ثم التطوري ،أي تفادي األزمة ثم
التخطيط لتغيير متوسط أو طويل األجل.
.4.2تصنيف استراتيجيات التغييرحسب سبب إحداثه:
تصنف استراتيجيات التغيير وفقا لهذا املعيار إلى:
أ .استراتيجية العقالنية امليدانية:
هي استراتيجية قائمة على التعليم ونشر املعرفة ،وتشجيع البعثات
الدراسية .هذه االستراتيجية تتبع عندما يكون سبب التغيير هو الفجوة
املعرفية بين املنظمة ومنافسيها.
ب .استراتيجية التثقيف والتوعية املوجهة:
أين يكون سبب مقاومة التغيير ليس نقص املعرفة ،وإنما خوف من
ا لتغيير ،ويتم التغلب عليها من خالل تغيير اتجاهات الفرد ومواقفه.
229
ت .استراتيجية اإلثارة:
أي إثارة عدم الرضا حول الوضع القائم من خالل التركيز على سلبيات
املنظمة واالختالالت التي تحتاج للتصحيح.
ث .استراتيجية ربط الكفاءات بالتغيير:
يتعلق األمر هنا بالحوافز املادية (املكافئات املالية) واملعنوية (التقدير
واالحترام ،واملركز االجتماعي).
ج .استراتيجية التحليل امليداني:
أي تحليل القوى الضاغطة باتجاه إحداث التغيير ،والقوى املقاومة
له ،لتعزيز األولى وتثبيط الثانية والتحرك نحو التغيير املطلوب.
5.2تصنيف استراتيجيات التغييرحسب معياراملوضوع:
يمكن تصنيف استراتيجيات التغيير ،حسب معيار موضوع التغيير إلى
ما يلي:
التغيير على مستوى املنظمة:
من أهم مداخل التغيير واستراتيجياته على مستوى املنظمة.
إعادة الهندسة:
هي ''إعادة صياغة الوظائف املنفردة القائمة على مبدأ البيروقراطية
والتسلسل الهيكلي للسلطة ،إلى وحدات عمل موجهة أساسا لخدمة
العميل'' ،أو هي ''إعادة تصميم للعمليات واإلجراءات الهامة بشكل سريع
وجذري'' ،أين يتم دراسة للوضع الراهن لغرض تطويره ،بدءا بالعميل أي
متلقي الخدمة سواء داخلي أو خارجي ،ثم العمليات الهامة ذات القيمة
املضافة ،بعدها جمع املعلومات حول هذه األخيرة وكذا األدوات واملكان
والنماذج املستخدمة ،تأتي بعدها مرحلة إعادة تصميم العمليات بعد
230
تحليلها وتحديد أنشطة القيمة املضافة ومشاكل العمليات ثم بدائل
التحسين ،ثم إعادة التصميم الفني واالجتماعي ،ثم عملية التحول ،واملبدأ
األساس ي في إعادة الهندسة هي أن تخدم العمالء بشكل ممتاز وإال فال
تحاول.
إعادة الهيكلة:
هو تغير جذري في الهياكل اإلدارية واملالية للمنظمة لتجديد األنظمة
اإلدارية ،كاندماج الوحدات أو إلغاء بعضها ،وتغيير رأس املال أو العمالة
أو محفظة االستثمار أو اندماج املنظمة مع أخرى أو تصغير أجزاءها ،وهي
عكس إعادة الهندسة حيث تتم على املستوى األعلى والكلي للمنظمة ال
التنفيذي ،فهي تمس الوظائف املالية واإلدارية للمنظمة ،ألسباب
وضغوط داخلية وخارجية ،حيث تسعى إعادة الهيكلة إلى تحسين
استخدام املوارد وكذا اإلنتاجية وسرعة اتخاذ القرارات ومرونة األنظمة
وغيرها.
استراتيجية املقارنة بأفضل منافس:
إن أهم طرق التغيير واستراتيجياته ،هي مقارنة األداء لدى املنظمة
بأداء املنظمات الرائدة في مجال نشاط املنظمة ،أو باملنظمات املتميزة في
ممارسات تعد هي األفضل فيها بغض النظر عن الصناعة التي تعمل في
إطارها ،باعتبار هذه األخيرة مثال على أكبر ما يمكن تحقيقه من نجاح في
مختلف املجاالت .وتتم هذه العملية من خالل:
دراسة ممارسات املؤسسة الرائدة ،وجمع املعلومات حول أداءها
بمختلف الطرق املتاحة (حول السياسات ،األهداف ،الجودة ،التكاليف،
االستراتيجيات ،التسويق)؛
231
تحليل ممارسات املنظمة من خالل دراسة سجالتها ،ثم تحديد
الفجوة وتصحيحها ،من خالل البدائل التي تتيحها عملية تحليل الفجوة.
من أهم مجاالت تطبيق استراتيجية املقارنة بأفضل منافس:
الهياكل التنظيمية من حيث مدى التخصص وطريقة تقييم
اإلدارات وأساليب التنسيق والتكامل ،تفويض السلطة ،درجة الرسمية،
هيكل الوظائف ،درجة املركزية ،نطاق اإلشراف وعدد املستويات
التنظيمية؛
االستراتيجيات ،من حيث أعمال املنظمة ورؤيتها وأهدافها
وتوجهاتها واالستراتيجية املتبعة؛
التكنولوجيا ،نتيجة تغير التكنولوجيا بالبيئة الخارجية،
واستجابة لتداعيات التغيير في الجوانب األخرى؛
املوارد البشرية ،نتيجة للتغيرات سابقة الذكر ،تحتاج هذه
األخيرة إلى تغيير في املهام واملهارات واملعارف؛
الثقافة التنظيمية من قيم أخالقية ومعايير أداء وعادات
وسلوكيات؛
البيئة الخارجية كاملوردين والعمالء واملنافسين واملستهلكين
النهائيين ،حيث قد تتغير هذه األطراف استجابة للتغير الهيكلي
واالستراتيجي الحاصل.
إن كال من هذه العناصر قد يشكل موضوعا للتغيير وبالتالي استراتيجية
تغييرية ،تحتاج إلدارة قائمة بذاتها إلنجاح أهدافها ومساعيها ،وهذا ما
سيتم التطرق إليه في الفصل املوالي.
232
مهما تكن استراتيجية التغيير التي تم اختيارها ال بد أن تقوم خالل
عملية التخطيط االستراتيجي على تحديد املوارد املتاحة أوال قبل تحديد
األهداف ،عكس ما هو متعارف في أبيات اإلدارة االستراتيجية ،وهذا ألن
املؤسسة يمكن أن تتوفر لديها اإلمكانيات للخوض في عملية تغيير أكثر
فعالية ،إال أنه بتحديد األهداف أوال فإن الكثير من القدرات التي تملكها
ستبقى كامنة وغير مسخرة ،كما أن االنتقال من الوضع السابق إلى
الوضعية املرغوبة ،يجب أن يتم التخطيط له وتنفيذه بعناية ،حيث
تتمكن املنظمة من تحقيق توازن مماثل ملا كانت عليه قبل عملية التغيير،
وإال فإن هذا األخير لن يحقق النجاح املتوقع وتعود املؤسسة إلى
السلوكيات القديمة ،وعموما فإن التغيير مهما كان مدخله أو أسلوبه ،ال
بد أن يتضمن أو يحقق تحسين األداء االقتصادي للمؤسسة والتي يمكن
التعبير عنها بالصيغة التالية:
الفعالية االقتصادية للتغيير = فعالية التدفق املنظم للقوى املشاركة/
التسرب ومضادات التدفق.
أي ،P=V.S.T.(M/R).t :بحيث p( :تعبر عن األداء v ،اإلرادة في التغيير،
sاالستراتيجيةT ،التكتيك M ،الوسائل املستعملة في حركية التغييرR ،
مقاومة التغيير t ،الزمن)
إذ أن كال من القوى املشاركة في التغيير والقوى املضادة تحتاج إلى
إدارة كفؤة تحسن استغالل األولى ،وخفض الثانية ،وهذا ما سيتم التطرق
إليه الحقا.
يعد التغيير عملية االنتقال اإلرادي من وضعية مرفوضة إلى وضعية
مرغوبة ،وتظهر الحاجة إليه من خالل ظهور مظاهر سلبية كالتراجع
233
والجمود ،حيث يهدف التغيير إلى معالجتها ،وتحقيق القدرة على التكيف
مع البيئة الخارجية ،وزيادة مستوى األداء وتنمية القدرة على االبتكار،
وبالتالي فإن التغيير أكبر من التفكير في عدم إحداثه ،فأن تدفع ثمن
التغيير أفضل من أن تدفع ثمن عدمه.
يتسم التغيير بكونه عملية مخططة ومستمرة قائمة على الشمولية
والنظم املفتوحة ،وهو مسئولية إدارية بالدرجة األولى ،كما أن أسلوب
التغيير يختلف من مؤسسة ألخرى فما ينجح في إحداها قد ال ينجح في
أخرى ،ويتنوع التغيير إلى شامل وجزئي ،مادي ومعنوي ،سريع أو تدريجي،
كما قد يكون اقتصاديا أو اجتماعيا أو سياسيا أو فكريا أو تكنولوجيا أو
تشريعيا ،كما قد يكون في اإلجراءات أو السياسات أو الوظائف أو الهياكل.
إن سيطرة النظرة العاملية على النظرة الوطنية ،تغير أساليب العمل
واإلدارة ،من أهم املظاهر التي أبزت بعض جوانب القصور والتناقض
والصراع التي شكلت دوافع قوية للتغيير ،والختيار استراتيجية تغيير
تتماش ى وأهداف التغيير باملؤسسة ،ال بد من تشخيص طبيعة التغيير أوال
ومن ثم تحليل عملية االختيار بدءا بتحديد أسس وعوامل اختيار
االستراتيجية ،ثم تحليل عالقة املنظمة مع البيئة ،ومن ثم اختيار
االستراتيجية ،كأن تكون تدريجية أو مرنة ،بنيوية أو تكيفية أو جذرية.
234
الفصل الحادي عشر
المدخل إلى إدارة التغيير
سبق وتمت اإلشارة إلى أن التغيير عملية مخططة وال يمكن أن تترك
ملحض الصدفة ،فهو يحتاج لنجاحه تضافرا للجهود وتجنيدا للموارد،
وبالتالي إلى إدارة قائمة بذاتها تعنى بكل هذا ،وتسعى إلى إنجاح مشروع
التغيير ،السيما أمام املقاومة التي تواجه أي مشروع تغيير ،كبير كان أو
صغير.
فيما يلي سيتم توضيح مختلف جوانب تسيير التغيير من مفاهيم
وخصائص ومبادئ ومراحل وكيفية التغلب على مقاومة التغيير ،وصفات
قائد التغيير الناجح وكذا عوامل النجاح الحرجة لعملية التغيير.
أوال .ماهية تسيير التغيير:
لقد أصبح التغيير أمرا ال مفر منه وبالتالي على املنظمات اإلحاطة
بمختلف جوانب إدارته من مبادئ ومتطلبات وغيرها ،سيتم سردها تباعا
فيما يلي.
.1مفهوم تسيير التغيير :التعريف والخصائص:
1.1تعريف تسييرالتغيير:
تعددت تعاريف تسيير التغيير وفقا لوجهات نظر املؤلفين حول التغيير
نفسه ،حيث يعرف عامر يس إدارة التغيير على أنها" :كيفية استخدام
أفضل الطرق اقتصادا وفعالية إلحداث التغيير ،بقصد خدمة أهدافه،
واالضطالع باملسؤوليات التي تمليها أبعاد التغيير الفعال ،أو هي التأكد من
املمارسة الفعالة للتغيير من خالل املمارسات اإلدارية املختلفة" إذن إدارة
التغيير هي املمارسة اإلدارية لعملية التغيير وفقا ألبعاده واملتمثلة فيما يلي:
أ .البعد األول:
كون التغيير يخضع إلى حتمية االستمرارية في التحرك الفعال تناسبا
مع حركية املجتمع وكافة األطراف املتعاملة مع املنظمة ،والتقليص من
236
مختلف املشكالت املستمرة ،وذلك من خالل خطة خاضعة ملعايير أداء
مقبولة ،وبالتالي الحاجة إلى إدارة على مستوى عال من الكفاءة والخبرة
والدراية لالضطالع بمهام التغيير.
ب .البعد الثاني:
مدى مواكبة املنظمة للتغيرات الحاصلة ،ويتوقف ذلك على وجود خط
إداري جيد وموارد بشرية مناسبة وتقنية حديثة وأفكار حديثة خاصة
بأساليب العمل.
كما يقدم الدكتور عامر يس ،تعريفا آخر إلدارة التغيير ،مركزا على
الفرد باعتباره املحور األساس ي في عملية التغيير ويعرفها على أنها" :املعالجة
الفعالة للضغوط اليومية املتغيرة التي يتعرض لها الشخص نتيجة للتقدم
والتطور في جوانب الحياة املادية وغير املادية واألفكار ،والتفاعل معها
داخل املؤسسات وخارجها ،من خالل ممارسة العمليات اإلدارية بكفاءة
وفعالية للوصول إلى الوضع املنشود".
يعرف دافيد ويلسون إدارة التغيير على أنها "عبارة عن عملية إعادة
تكيف مستمرة وتفاوض بخصوص هيكل الوقت" .حيث ركز دافيد
ويلسون في تعريفه إلدارة التغيير على أهمية الوقت في إحداثه ،كما يقتصر
على اعتبار التغيير عملية تكيف ،مغفال الدافع الريادي له ،كما يرى أن
غرض التغيير استراتيجي بالدرجة األولى ،وهو ضمان استراتيجية املنظمة
وتنافسيها ،فالبد أن يكون التغيير أيضا استراتيجيا وإدارته كذلك ،ويعبر
التغيير االستراتيجي ،عن عمليات اتخاذ قرارات استراتيجية ال تتعارض مع
قرارات العمليات ،وتتطلب تغيير الطرق السائدة في العمل أو التفكير
السائد باملنظمة عموما ونموذج تفكير املسير بالخصوص ،هذا ال يعني
237
التقليل من شأن التغييرات اإلجرائية ،فإن القيام بتغييرات إجرائية كبيرة،
يعد قرارا استراتيجيا يهاجم مشاكل وثغرات املنظمة الداخلية ،وبالتالي
يحتاج التغيير االستراتيجي إلى استراتيجية تغيير محكمة التخطيط ،حيث
تتضمن االنتقال من رؤية واضحة إلى وضع مستقبلي مرغوب.
يعرف العطيات إدارة التغيير على أنها'' :االستعداد املسبق من خالل
توفير املهارات الفنية والسلوكية واإلدارية واإلدراكية الستخدام املوارد
املتاحة "بشرية ،قانونية ،مادية ،وزمنية" بكفاءة خالل فترة محددة بأقل
سلبيات ممكنة على األفراد'' .أي أن تسيير أو إدارة التغيير ليست بالعملية
البسيطة والسهلة بل هي سيرورة من األعمال والخطط وتركيبة من املوارد
واألفكار.
أما Garethفيعرف إدارة التغيير على أنها" :إيجاد طرق جديدة ،أو
تحسين الطرق املوجودة الستعمال املوارد والكفاءات ،لرفع قابلية املنظمة
في خلق القيمة وتحسين عوائد مالكيها" .يشير Garethإلى أن إدارة التغيير
يمكنها تبني تغييرات جذرية أو تحسينية ،كما ربط فعاليتها بضرورة إنتاج
قيم وعوائد وعموما فإن عملية التغيير تحقق املعادلة التالية:
القدرة × الرغبة = عملية التغيير.
فالرغبة في التغيير تحتاج إلى إمكانيات وقدرات إلحداثه ،والدافع نحو
التغيير هو من يوجد هذه الرغبة ،والرؤية العلمية تكشف عن املوارد
واإلمكانيات املادية وغير املادية الالزمة إليجاد القدرة على التغيير ،وبالتالي
فإن إدارة التغيير تحتاج إلى اهتمام جدي إلحداثه ،واستعداد ملواجهة
تحدياته وكذا استعداد للتغير ألجله ،وحكمة في إدارة موارده السيما
الوقت ،والذي يعد املورد األكثر أهمية في إدارة التغيير ،فإن التأخر في
238
االنطالق في عملية التغيير أو في تنفيذه قد ينقص من كفاءة نتائجه أو
يفقده الجدوى من إحداثه ،إضافة إلى اإلدارة الفعالة للمورد البشري
السيما في أوقات األزمات.
إذن إدارة التغيير هي اإلدارة العلمية والرشيدة التي تتولى تحديد
املسارات السليمة لحركة قوى التغيير ،املقاومة منها واملساندة.
.2.1خصائص إدارة التغيير:
مما سبق يمكن استخالص أهم خصائص إدارة التغيير فيما يلي:
أ .االستهداف:
تتجه عملية إدارة التغيير إلى تحقيق هدف محدد وتسعى إلى غاية
معلومة تكون مقبولة من طرف قوى التفسير .ومن األهداف الرئيسية
إلدارة التغيير:
امتصاص الضغوط السلبية الناجمة عن املقاومة وتحويلها إلى
إيجابية؛
إصالح ما هو قائم من عيوب واختالالت وليس مجرد تقليد؛
القدرة على التطوير واالبتكار فالتغيير يعمل نحو االرتقاء
والتقدم؛
إضفاء املرونة الالزمة ملشروع التغيير الستيعاب عملياته بشكل
سليم واالستجابة ملتطلباته.
ت .الفعالية:
قدرة إدارة التغيير على الحركة بحرية والقدرة على الرؤية الشاملة
للقوى املتصارعة والفعالية في التأثير والتوجيه لقوة الفعل في األنظمة
املستهدف تغييرها.
239
ت .التكيف :القدرة على التكيف مع األحداث والتحكم في اتجاهها
ومسارها ،وملا ال صنعها.
ث .االتصال واإلعالم :حيث تحتاج عملية التغيير إلى جهد إعالمي
اتصالي ،لتوضيح مزايا التغيير وضرورته ،وحتميته للقضاء على الخوف
والجهل والسلبية وتحويلها إلى أمن ومعرفة وإيجابية.
ج .األمن :القدرة على تحقيق األمان سواء تعلق األمر بقوى التغيير أو
الجهات املستفيدة منه ،في حالة تعرضهم لردود فعل املقاومة.
ح .البعد االجتماعي:
أي أن يحافظ التغيير على نسيج العالقات االجتماعية املتواجدة،
وهيكل القيم والعادات واملبادئ االجتماعية ،إال ما استدعى التغيير بشرط
إحداث توازنات جديدة مؤثرة وفاعلة في النظام االجتماعي ،بحيث يشارك
في إنجاح التغيير.
خ .البعد التكنولوجي:
عادة ما يكون املبرر الحتمي لعملية التغيير إدخال تكنولوجيا جديدة
متطورة إذ تحسن هذه األخيرة في اإلنتاجية واالرتقاء بمعايير الجودة ما يزيد
من حماس قوى التغيير وتقلل املقاومة.
يضيف الدكتور زيد منير عبوي الخصائص التالية:
د .الو اقعية:
أي أن ترتبط إدارة التغيير بالواقع العملي للمنظمة وفي إطار إمكانياتها
ومواردها وظروفها.
240
ه.التو افقية:
تحقيق التوافق بين عملية التغيير احتياجات وتطلعات القوى املختلفة
(قادة التغيير ،منفذيه ،مموليه ،القوى املحايدة ،القوى املعارضة،
واألطراف املستفيدة) مع مراعاة حدود وإمكانيات كل طرف.
ر .املشاركة:
أي املشاركة الواعية لألطراف املتأثرة بالتغيير وتفاعلها مع قادة
التغيير ،من أجل تحقيق التفاعل اإليجابي بينهما.
ز .الشرعية القانونية واألخالقية:
في حالة تعارض القانون القائم باملنظمة مع اتجاهات التغيير يجب أوال
تعديله حتى ال يكون سندا قويا للمقاومة ،حيث يتعين على اإلطار القانوني
والشرعي أن يتوافق مع متطلبات الحاضر حتى يكون فعاال في إحداث
التغيير.
س .الرشادة:
أي أن تخضع إدارة التغيير العتبارات التكلفة والعائد ،ويكمن التحدي
في تحديد العائد ،إذ أنه متعلق باملستقبل ،كما أن التغيير يحدث في حدود
اإلمكانيات واملوارد املتوفرة لدى املنظمة.
ش .القيمة املضافة:
يجب أن يحقق التغيير قيمة مضافة للمؤسسة ،ويتبادر السؤال حول
قيمة التغيير ،إذ تتعدد طرق حسابها ،ويقدم Dominiqueمعايير لقياسها
وتتمثل في املفاضلة بين التكاليف والنتائج االقتصادية واالجتماعية
للتغيير ،وتتمثل التكاليف االقتصادية في املوارد املالية واملادية
املستخدمة ،أما النتائج االقتصادية تتمثل في خلق الثروة والتطور
241
والتنافسية ،وتتمثل التكاليف االجتماعية في تهديد آمال وطموحات
وأعمال األفراد والجماعات وحتى تواجدهم باملنظمة ،أما النتائج
االجتماعية فتتمثل في التوازن والتجانس االجتماعي املمكن إحداثه ،وتكون
قيمة التغيير إيجابية كلما زادت نتائج التغيير عن تكاليفه.
.2مبادئ ومتطلبات وأهداف وعناصر إدارة التغيير:
هناك مبادئ على القائمين بإدارة التغيير تبنيها ،كما أنه ثمة متطلبات
ال بد من توفيرها ،باملقابل تصبو إدارة التغيير إلى أهداف ال بد من
تحديدها بدقة ،وتحديد العناصر القائمين على تحقيقها.
1.2مبادئ وفروض إدارة التغيير:
إنه من الصعب بمكان سرد مجموعة من املبادئ واألسس الثابتة التي يمثل
االلتزام بها ضرورة حتمية ،هذا ألن التغيير خاضع لقضايا ديناميكية
وتأثيرات غير ثابتة ،وإذا كانت اإلدارة التقليدية مشكلة العصر ،فهذا يجعل
إدارة التغيير املشكلة األكبر ،هذا ألنها تحتاج إلى وعي كاف للتأكد من حسن
تقييم املواقف بعناية ،وفيما يلي بعض املبادئ التي تفيد إدارة التغيير عند
االسترشاد بها:
تتغير املاديات بمعدل أسرع من تغير األفكار ،حيث يستقبل
البشر صور اإلبداع امللموس أسرع وأسهل من صور اإلبداع غير امللموس
ومن ثم فإن إدارة التغيير متوقفة على موضوع التغيير من حيث سهولة
حركته ،ومن حيث كونه ماديا أو معنويا؛
تعتمد أغلب املنظمات على قدرات ابتكارية خارج نطاق العمل
وبيئته ،وبالتالي يقع على عاتق منظمات األعمال مواكبة التغير الخارجي
وتخصيص الوقت للبحث عن مواطن األفكار وصور اإلبداع البناءة؛
242
املستويات اإلدارية العليا غالبا هي التي تتخذ قرار التغيير ،إال أنه
عادة نجد اختالفات في وجهات النظر بين العاملين والقائد تجاه قضايا
التغيير ،مما يطرح تساؤالت ومقاومة تحتاج إلى مداخل سلوكية تساعد
على االنسجام والتقبل ،ومن األفضل أن تتم العملية من أسفل السلم
الوظيفي إلى أعاله لتخفف حدة املقاومة؛
ضرورة وجود منحنى تعلم تنظيمي ملعظم التغييرات ،حيث يعد كل
ش يء جديد صعب في البداية إلى أن يتم تعلمه والتعود عليه؛
يتم تقبل التغييرات بمعدل أسرع كلما قل حجمها ،مما يجعل
استراتيجية التغيير املتدرج أكثر نجاحا ،فإن تطبيق عدد من التغييرات
دفعة واحدة يحد من فعاليتها ومن الفائدة املرجوة منها بسبب ازدواجية
األدوار؛
يعتبر املدير البيروقراطي معوقا للتغيير ،إما بطريقة مباشرة
بتحطيم مجهودات التغيير أو بطريقة غير مباشرة من خالل سلوكياته
الجانبية املؤدية لنفس النتيجة؛
ترتفع معدالت التغيير في املنظمات الكبرى وترتفع بذلك معدالت
مقاومته ،عكس املنظمات الصغيرة؛
إن التغييرات ال تصبح فعالة إال بعد املمارسة العملية لها ،كما أن
تعقيد التغيير يثير التخوف لدى األفراد " كإحالل الذكاء االصطناعي محل
املجهودات الذهنية" مما يستدعي حملة توعية ومداخل سلوكية ذكية؛
كلما زاد عدد األخصائيين في مجال التغيير كلما زادت فرصة
الحصول على أفكار تغيير أكثر فعالية؛
243
ليس بالضرورة أن أي تغيير معلن قابل للتنفيذ أو التبني ،وبالتالي من
أجل تغيير رؤية األفراد الحالية يجب استبدالها برؤية أوضح ،كما أن
األفراد يتقبلون التغييرات بمعدل أكبر كلما أتيحت لهم فرصة مناقشتها
قبل تنفيذها وهو أفضل املداخل السلوكية لقبول التغيير .كما يمكن
إضافة املبادئ التالية:
حدة التغيير متوقفة على مدى تعلق األفراد بالحالة القائمة،
فكلما كان التعلق أكبر كان التغيير أصعب؛
مقاومة التغيير هي عامل تطور وفرصة لتحسين البرنامج
التغييري؛
يعقب كل تغيير إحساس بالخسارة والربح معا ،حتى بالنسبة
للتغيير املقبول؛
ال يمكن فصل برنامج التغيير عن أنظمة القيم ،كما ال يمكن
تنفيذه دون تغيير أو تطوير هذه األخيرة؛
يرفض األفراد والجماعات دائما التغيير املفروض عليهم بالقوة؛
التغييرات الناجحة ما هي إال مرحلة في عملية التغيير املستمرة.
أما فروض التغيير فتتمثل بصفة عامة فيما يلي:
تتمثل وظيفة املدير أساسا في إدارة التغيير؛
إن لم يهتم املدير بإدارة التغيير فسوف يقوم التغيير بإدارته؛
ال يمكن للتغيير أن يدير نفسه.
إذن على إدارة التغيير األخذ بهذه املبادئ والفروض عند التفكير في
إدراج أي تغيير باملنظمة ،وال يعني هذا أنها غير قابلة للتعديل بل العكس،
وهذا وفقا لظروف املوقف ،واالعتبارات املحيطة ،والتوقيت الزمني،
244
والعوامل الحضارية وغيرها ،فمثال بالرغم من مقاومة التغيير املفروض
على األفراد ،إال أنه قد تضطر إليه املنظمة أحيانا ،نتيجة ظروف ما أو
لضيق الوقت.
2.2متطلبات إدارة التغيير:
تستدعي إدارة التغيير تحديد مالمح التغيير املنشود ونوعه ،وكذا مالمح
اإلدارة القادرة على إحداثه وتوجيهه بالشكل املناسب ،إضافة إلى أسلوب
التغيير املطلوب والذي يكفل انطالق التفكير واإلبداع ،كما يجب تحديد
طبيعة وظروف مجتمع التغيير وشكل املقاومة وحجم الضغوط والقيود
التي يفرضها أصحاب املصالح وجماعات الضغط وكذا حدود التغيير التي
ال يتعين تجاوزها ،وتتطلب إدارة التغيير لنجاحها مجموعة نقاط يجب
توفرها قبل البدء في تنفيذ عملية التغيير وأهمها:
هدف مبرمج زمنيا يحدد أولويات مرحلية ممثلة في أهداف
ابتدائية وتكميلية وثانوية وختامية؛
موازنة مخططة لإلنفاق على عملية التغيير تضمن إتاحة املوارد
عند الحاجة إليها؛
تحديد مجموعات العمل القائمة على التغيير وتدريبها على قيمه؛
نظام متابعة ورقابة وقائي وحمائي للتنبؤ بموقع القصور
واالنحراف قبل حدوثه ،ومعالجة أسبابه للحيلولة دون وقوعه ،إضافة إلى
الرقابة العالجية السريعة والفاعلة ،بمجرد حدوث الخطأ قبل استفحاله
واتساع مداه أو انتشاره ،ويحتاج هذا النظام الرقابي إلى نظام معلومات
متكامل؛
245
مقياس جيد لألداء التنفيذي للتأكد أن ما يتم فعال هو املطلوب
ووفقا للمعدالت والجودة والوقت املخطط.
إضافة إلى ضرورة تحديد ما يلي:
املعايير املالئمة لتقييم التغيير الالزم إحداثه ،وضرورة استخدام
هذه املعايير أثناء تنفيذ عملية التغيير ،للحصول على النتائج املرغوبة؛
تحليل مقاومة التغيير ومنه تصميم برنامج دقيق لخفضها
وتسهيل عملية التغيير.
يضيف برنار بورنس املتطلبات التالية:
إجراء التغيير على ضوء استراتيجية املنظمة ،أخذا بالحسبان
تالءم أه داف املستقبل مع أولويات التنظيم ،وتماش ي هيكل التنظيم
وعملياته مع خطة التغيير؛
التغيير يجب أن يتم على مراحل ،وليس دفعة واحدة ،أهمها
تحديد الحاجة للتغيير ،تنفيذه وتثبيت ما تم إنجازه على مستوى التنظيم؛
إشراك األفراد السيما الذين يمسهم التغيير في اإلعداد له
وتنفيذه ،وتختلف درجة املشاركة حسب التغيير املدرج ،وتوفير أكبر قدر
من املعلومات حول التغيير ومنح الحرية لألفراد لطرح واختيار البدائل؛
تغيير سلوكيات األفراد بما يتماش ى والتغيير املدرج؛
أي مشروع تغيير يتضمن تغيير أو على األقل تعديل ثقافة املنظمة
توافقا مع الوضع الجديد.
من أجل السير الحسن ملشروع التغيير ،ال تباشر املنظمة تنفيذ عملية
التغيير إال بعد التأكد من استيفاء هذه املتطلبات ،سواء تعلق األمر
بالجوانب املادية واملالية أو املعنوية تجنبا لفشل أو تعطل املشروع.
246
3.2عناصرإدارة التغيير:
تتمثل عناصر إدارة التغيير فيما يلي:
موضوع التغيير ،أي الجانب املراد تغييره؛
املغير ،أي املطالب أو البادئ في ممارسة عملية التغيير؛
املؤيد للتغيير ،وهو الذي يؤيد ويقدم املساعدة أو يطالب بها ألجل
التغيير؛
املحايد ،وهو الشخص الذي لم يبدي موقفا تجاه العملية ،سواء
بالدفع أو املعارضة؛
املقاوم ،وهو الرافض لعملية التغيير والساعي إلفشالها؛
مقاومة املقاومة ،وهي املمارسات التي يقوم بها قادة التغيير
ومؤيدوه للقضاء على املقاومة وإفشال أثرها ،وأكثر من ذلك الحصول على
تأييدها.
يمثل كل من املغير واملؤيد القوى الدافعة والساعية إلنجاح التغيير
تحقيقا ملصالح قد تكون لفائدة املنظمة ككل أو خاصة بهؤالء ،بينما تمثل
املقاومة قوى العطالة التي يهمها إفشال مشروع التغيير بدافع موضوعي
ومنطقي ،اعتقادا بأنه في غير صالح املنظمة واألفراد ،أو بدافع ذاتي كأن
يتعارض مع مصالحها الشخصية ،أما املحايد فال يهمه موضوع التغيير،
لذلك يكون غير محفز لالنتماء ألي من القوى ،ومن مهام إدارة التغيير أن
تجعله من مؤيدي التغيير حتى ال تستميله املقاومة لفائدتها ،أما مقاومة
املقاومة ،فتمثل مساعي إدارة التغيير في خفض حدة املقاومة أو كسبها في
صف التغيير.
247
.4.2أهداف إدارة التغيير :تتطلب إدارة التغيير لنجاحها وجود هدف
محدد تصبو إليه كما سبق الذكر ،هذا الهدف أو هذه األهداف قد تكون
خاصة ناتجة عن ضرورات تغيير تمس نشاط املؤسسة نفسها ،كما أن
هناك أهداف عامة تصبوا إليها كل إدارة سيتم ذكرها في شكل محاور كما
يلي:
أ .اإلصالح:
من خالل تصحيح أوجه القصور واالختالالت القائمة وإعادة التوازن
التشغيلي واألدائي.
ب .التحرر:
التحرر من القيود واملعوقات التي تفرضها الحالة القائمة ،من أجل
إطالق العنان لإلبداع.
ت .التطوير:
فإن التغيير فقط ألجل التغيير يعد تكلفة من غير عائد ،فالبد أن يكون
الغرض منه التحسين واالتقاء بالجودة واإلشباع والعائد واألداء وغيرها من
محددات نجاح أي مؤسسة.
إضافة لألهداف التالية:
تحسين أداء املنظمة ،كحسن استخدام املوارد وارتفاع القدرة
التنافسية وخفض في التكاليف وزيادة في املبيعات وارتفاع األرباح ومعدل
العائد على األصول.
تحسين السلوك الفردي والجماعي ،كرفع الدافعية واملهارات
والقدرة على حل املشاكل والتكيف معها واملشاركة في اتخاذ القرارات.
248
تحقيق الرقابة الذاتية من خالل تحقيق التطابق بين األهداف
الفردية والتنظيمية ورفع الثقة بين األفراد.
إن ما سبق من محاور داخلية وذاتية يستعملها القائد لتقويم األوضاع
الداخلية للمنظمة ،بينما هناك محاور خارجية ،أكثر قوة ،تتفاعل مع
األولى للتكيف مع البيئة الخارجية ،وأهم هذه املحاور:
إعادة بناء قوى الفعل في املنظمة ،لتكون أكثر توافقا مع متطلبات
واحتياجات التعامل مع العالم الخارجي والسوق الخارجي ،من حيث القدرة
على الوفاء بالجودة ،الكمية والسعر؛
االنفتاح على العالم ،من أجل مزيد من املعلومات واملعارف
إلحداث اليقظة الدافعة للتغيير؛
التكامل مع العالم الخارجي واالندماج مع األسواق العاملية حتى
تصبح املنظمة عضوا فاعال على املستوى الدولي وليس محليا فحسب ،من
خالل تنمية القدرة على تلبية احتياجات األسواق الخارجية.
تعد هذه األهداف عامة وتخص أي منظمة ،إال أن هناك أهداف
خاصة تميز كل منظمة عن غيرها ،وتمثل الدافع الرئيس ي للتغيير ،هذه
األهداف تحددها إدارة التغيير بالتنسيق مع العاملين واإلدارة العليا.
5.2مسؤولية إدارة التغيير:
على املنظمة تحديد الجهة القائمة على التغيير ،فإن كان التغيير من
الداخل فعليها تحديد سلطة التغيير ،أما إذا كان من الخارج فعليها اختيار
املستشار األنسب لذلك ،أما إذا كان مختلطا فعليها تحديد دور الطرفين
في التغيير ومهام كليهما ،ويظهر اتجاهين إلدارة التغيير.
249
أ .االتجاه األول :اإلدارة الداخلية للتغيير:
حيث يكون مشروع التغيير ضمن نشاطات املنظمة ،في هذه الحالة
عليها تحديد سلطة إدارة التغيير ،أين يمكن املفاضلة بين ثالثة مقترحات:
الطريقة األولى :مبدأ السلطة من جانب واحد:
حيث تستأثر اإلدارة العليا عملية إدارة التغيير من تخطيط ،تنظيم
وقرارات اعتمادا على خبرات املدراء ومعلوماتهم الشخصية ،أو على
التقارير اآلتية من املستويات الدنيا للتنظيم ،وتكون االتصاالت في هذه
الحالة ذات اتجاه واحد حيث ال يشارك األفراد في أي من مراحل إدارة
التغيير إال في إطار ضيق جدا ،حيث ينفصل مصممو التغيير تماما عن
منفذيه.
يوضح برنار أسس املدرسة الكالسيكية في هذا الصدد وهي كما يلي:
يتحمل املسيرون في اإلدارة العليا مسئولية تحديد الرؤية الشاملة
للتغيير ،وإعالم باقي أفراد التنظيم بها؛
مفتاح نجاح التغيير هو خلق ثقافة مرنة تسمح للمنظمة بتحقيق
التغيير والتحسين املستمر؛
على املسئولين خلق املناخ املالئم لألفراد والجماعات لتنفيذ أوامر
التغيير وتحديد األدوار بدقة؛
اختيار بعض النماذج املثالية لتجارب عاملية ،واختيار األقرب
لحالة املنظمة ،ثم تحديد الهياكل والتطبيقات الالزمة للتنفيذ.
يمكن استخدام هذا املدخل من خالل املفاضلة بين أسلوبين وفقا
لظروف املنظمة وثقافة مسيريها ،وسيتم ذكرهما فيما يلي:
250
أسلوب التوجيه واإلعالم:
أين يتم إحداث التغيير من طرف املسئولين بحكم القوة الوظيفية
والرسمية التي يتمتعون بها ،من خالل تحديد أدوار املرؤوسين ،والقيام
بعمليات اإلحالل الوظيفي وتحديد عالقات العمل الجديدة وفقا ملا يتطلبه
التغيير ،أين يتم إعالن التغيير الذي سوف ينجز كأسلوب للتشجيع
والتحفيز وكذا خفض املقاومة ،وهذا األسلوب يفيد في حاالت التصحيح
الهيكلي ،ومن عيوبه ما يلي:
إن هذا النوع من إدارة التغيير ،يثير عادة مقاومة شديدة للبرنامج
التغييري ،وبالتالي نقص االلتزام الحقيقي إلنجازه ،نتيجة استبعاد األفراد
عند التخطيط له ورسم معامله؛
قد يتظاهر األفراد بتبني البرنامج التغييري بينما يستمرون في
املمارسات والسلوكيات القديمة.
أسلوب القسر (توجه القوة):
أحيانا يضطر املدير إلى فرض التغيير قسرا ،في حالة قوة املقاومة
وعدم التمكن من مواجهتها من جهة ،وضرورة املض ي في التغيير من جهة
أخرى ،كما أن ضرورة اإلسراع في بعض التغييرات التي ال تحتمل التأجيل
الناتجة عن رغبات العميل مثال ،يضطر القائد أن يفرض التغيير دون
إشراك األفراد فيه أو حتى إعالمهم ،لضيق الوقت وعدم إمكانية الشرح،
إال أنه البد أن يعرف كيف يقوم بذلك كأن يقدم لهم أسباب التغيير
وأسباب عدم إشراكهم فيه وكذلك دعم وتأييد وتفهم ردود أفعالهم.
إذن يحتاج القائد إلى القوة من أجل التغيير ،وفيما يلي مداخل القوة
التي تمكنه من فرض التغيير:
251
القوة املبنية على املكافئة "ترقيات أو أجور زائدة"؛
القوة املبنية على السلطة (العقوبات)؛
القوة الشرعية املصاحبة للدور واملركز ،أي موقع املدير في
التنظيم؛
القوة املبنية على الخبرة ،أي تحكم املدير في املعلومات واملعرفة
والخبرة مرتفعة القيمة؛
قوة الشخصية ،كالجاذبية الناتجة عن السمعة واملصداقية.
لعل قوة الشخصية هي األكثر نجاحا في كسب تعاون األفراد لقبول
التغيير املفروض ،كما يمكن للقائد ذلك من خالل والءهم له ،والناتج عن
معاملتهم بعدل واحترام ،كما أن العملية العكسية واردة حيث يكتسب
العاملون التأثير في سلوك رئيسهم عن طريق العمل الجاد والتعاون والوالء.
يكون لهذا األسلوب عواقب سلبية على مستوى األفراد من إحباط،
وغياب التعهد وااللتزام ،وعلى مستوى البرنامج التغييري إذ ال يؤتي ثماره
املرجوة منه ،إال بنسب ضئيلة جدا ،ويستعمل عادة في وقت األزمات.
الطريقة الثانية :مبدأ التفويض:
أين يتم تحويل السلطة لباقي املستويات التنظيمية في عملية التغيير،
أين يقوم األفراد بإعداد برنامج التغيير في كل مراحله ،بدءا بتحديد معامله
ومهامه وبدائل الحلول واختيار الحل املناسب من خالل التدريب الجماعي
لتنمية اإلدراك الذاتي ،والتحسس لسلوك األفراد والجماعات ذات
العالقة باملشكلة ،كأسلوب ملنحهم القدرة لحل مشاكلهم ،ويكمن دور
اإلدارة العليا في تشجيع األفراد لحل مشاكلهم باستقاللية بدل فرض
252
الحلول من طرفها .وتتم عملية التغيير عن طريق التفويض من خالل
املفاضلة بين أسلوبين:
أسلوب الفرق الخبيرة:Les groupe de bon pratique :
حيث تأتي فكرة التغيير من طرف فرد أو مجموعة أفراد في قسم معين
يتميزون بالكفاءة والخبرة العالية في مجال معين ،يرغبون في استغالل
فرصة جديدة ،أو تطبيق عمليات أو أنظمة عمل جديدة في مجال
تخصصهم ،تكون لهم خبرة ومعرفة سابقة في تطبيق وممارسة هذه
األخيرة ،حيث يقدم هؤالء نموذجا لبرنامج التغيير إلتباعه في عملية
التنفيذ ،ويجد هذا األسلوب تطبيقاته في حالة التغيير التدريجي لتحسين
التطبيقات التنظيمية باستمرار ،إذ ال يتالءم مع التغيير السريع والشامل،
كما يجد أهميته في املؤسسات األقل خبرة في مجال تسيير التغيير ،ويشترط
هذا األسلوب لنجاحه تجربة هذه التطبيقات على نطاق ضيق ثم تعميمها
على باقي املنظمة في حالة إثبات نجاحها.
أسلوب التدريب وااللتزام:
أين يتم تحسيس األفراد بأهمية التغيير لكسب دعمهم والتزامهم
وبالتالي تحمل مسؤولية إنجازه ،حيث تفوض لهم اإلدارة مسؤولية إنجاز
برنامج التغيير في مختلف مراحله ،في شكل مشروع مستقل ،يأخذ خالله
األفراد تدريبات وتكوينات حول ما يراد تغييره في شكل دورات وورشات
تعليم تسبق عملية التغيير ،كما يمكن استخدام أسلوب تدريب
الحساسية ،حيث يتم التركيز على تدريب األفراد مهارات التبصر بالذات،
والوعي بما يحدث من حولهم ،الحساسية ملشاكل املنظمة والعاملين فيها،
وتعترض هذا األسلوب مجموعة عراقيل أهمها:
253
صعوبة االنتقال من التعليم النظري إلى التطبيق الواقعي لبرامج
التغيير ،حيث قد يعتبر األفراد حلقات التعليم التي تلقوها حتى وإن كانت
عملية ،مجرد تمارين مهمة ،لكن ال تكفي لتنفيذ برنامج تغييري ،إذ يحتاج
هذا األخير إلى عمليات واضحة ومحددة؛
قد تفيد حلقات التعليم في التحفيز للتغيير والتحسيس بحاجته،
إال أنها غير كافية لخلق االلتزام الكامل بتنفيذه ،ال سيما في حالة عدم
جدية ودعم الجهات العليا للتنظيم؛
ارتفاع تكاليف التعليم لكل أفراد التنظيم ،وطول فترة
التحسيس؛
عدم القدرة على اختبار كفاءة التكوين والتدريب واقعيا أي أثناء
إجراء التغيير ،كونها عملية مسبقة للتغيير ،حيث من الصعب تدارك
النقائص والعيوب ،مما يقلل من إمكانية التعلم التنظيمي.
قد يكون للتفويض إيجابياته الكثيرة ،إال أنه قد يفشل أحيانا نتيجة
لتعارض مصالح األفراد فيما بينهم ،وبالتالي تعارض مقترحات التغيير ،مما
يستوجب تدخل اإلدارة العليا في كثير من الحاالت.
مبدأ املشاركة:
أين يتم إشراك املرؤوسين ،السيما ذوو القدرات العالية في اتخاذ
القرارات ذات الصلة بالتغيير ،إذ يصبح لهم جزء من السلطة للقيام
باألعمال ،وقد تكون هذه املشاركة ضيقة النطاق إذ تنحصر في اختيار
البديل األنسب من البدائل املحددة مسبقا من قبل اإلدارة العليا ،أو أن
تكون على نطاق أوسع ،بدءا بمناقشة املشكلة ووضع البدائل واختيار
البديل األنسب ،مما يحقق تفاعال بين املستويات التنظيمية.
وتكون املشاركة من خالل إحدى األساليب التالية:
254
التعاون:
أين تطالب اإلدارة العامة األفراد باملشاركة والتعاون في تحديد ما يجب
تغييره والطريقة التي يتم بها ذلك ،بدءا باختيار األهداف ،ونهاية بتحديد
وسائل تنفيذها ،وهذا من خالل عقد اجتماعات تضم املسئولين واألفراد،
ومستشارين خارجيين إذا استدعى األمر لذلك ،من أجل توضيح الوسائل
التحليلية التي تمكن األفراد من خلق رؤية جديدة لنشاطاتهم ،وتحديد
العوائق األساسية لتحقيقها ،وكذا تحديد معايير القياس الالزمة ،فكلما
كان عدد املتعاونين أكثر كان االلتزام بالتغيير أكبر ،كما يمكنهم التأثير على
باقي أفراد التنظيم لتقبل التغيير وبالتالي احتواء املقاومة املحتملة ،ومن
العوائق التي تعترض هذا األسلوب ما يلي:
يأخذ هذا األسلوب وقتا طويال ،وبالتالي ال يصلح في حالة األزمات؛
إمكانية تعارض أفكار ومقترحات األفراد مع أهداف اإلدارة العليا،
وبالتالي فقدان السيطرة ،كما قد تكون تقليدية وغير خالقة ال تمكن
املؤسسة من تحقيق الهدف الحقيقي من التغيير مما يستدعي توضيح
عدم جدواها ،حتى إن استدعى األمر مستشارا خارجيا؛
في حالة تجاهل اإلدارة ألفكار األفراد تكون النتيجة عكسية ،حيث
يحدث إحباط وعداء تجاه التغيير.
يفيد هذا األسلوب أكثر في حالة املؤسسات التي تتميز باستقاللية
أفرادها والفرق املسيرة ذاتيا ،والتي ترفض أن يفرض عليها التغيير قسرا.
أسلوب التدخل:
أين يكون التعاون محدودا من طرف األفراد ،حيث تصمم اإلدارة العليا
الرؤية العامة للتغيير وأهدافه ،وتطالب األفراد بالتفكير فيما يجب تغييره
وفي كيفية ذلك ،وكذا تصميم املهام التفصيلية ،حيث تجتمع فرق العمل
255
ملعالجة املشكالت والتطبيقات الجديدة كما تأخذ على عاتقها مسؤولية
شرح أفكار التغيير لباقي أفراد التنظيم وجمع وجهات نظرهم كأسلوب
لإلعالم وللتحفيز للتغيير وشحذ الطاقات.
إن هذا األسلوب يسمح لإلدارة العليا بالتحكم أكثر في سير األمور
ومراقبة النتائج ،باملقابل فهي تكسب دعم والتزام األفراد ،حيث تخفض
املشاركة من حدة املقاومة ،إذ ال يرفض األفراد برنامجا كانوا طرفا في
تصميمه ،كما أنهم يصبحون أكثر دراية بدوافعه وأهدافه وحيثياته.
إذن هناك من يرى أن على دائرة مديري التغيير أن تتسع لتشمل العاملين،
املشرفين ،اإلدارة العليا ،اإلدارة الوسطى ،وهو املذهب الذي تبنته السويد
واليابان أوال ،إال أن هناك من يرى أن إدارة التغيير تتم من طرف املدير،
حيث يتمتع بقوة هرمية غير قابلة للنقاش وسلطة تمكنه من السيطرة على
باقي أجزاء املنظمة متجاهال أدوار القيادة والتحفيز .وهو النمط املتبع من
طرف اإلنجليز وأمريكا ،إال أنه بدأ يتالش ى لتبني املذهب األول من خالل
تطور استراتيجيات إدارة املوارد البشرية.
تتوقف عملية االختيار بين االتجاهات السابقة على عمق وسرعة
التغيير وكذا الخصائص التنظيمية (بيروقراطية أو مرنة) وأسلوب اإلدارة
(تشاركي أو العكس) واملوازنة بين التكاليف واملخاطر.
ب .االتجاه الثاني :اإلدارة الخارجية للتغيير (األخرجة):
أين تقوم املنظمة باختيار استشاريين ذوي خبرة في مجال التغيير املعني
"مراكز بحث ،الجامعات ،أطراف متخصصة" أين يصبح على املنظمة
التواصل املستمر والدائم مع هذه الجهات من أجل التغذية العكسية
للمعلومات.
256
تحتاج املنظمة إلى مستشار خارجي كدعم لعملية التغيير باعتباره
يقدم معارف ومهارات وخدمات احترافية مكثفة وواضحة ،كما أنه ينظر
للمشكلة بحيادية ويقدم معلومات وأساليب علمية حديثة قد تكون غائبة
عن اإلدارة ،كما أن العائد على االستشارة أكثر من تكلفتها .إال أن هذا قد
يعد اعترافا بالفشل في التعامل مع املشاكل ،وقد يهدد أسرار املنظمة
ويفقدها فرصة تطوير املهارات الداخلية ،إضافة إلى غياب املرونة في
التعامل ،لذلك تلجأ بعض املنظمات إلى تعيين مستشار داخلي يكون ذو
خبرة في هذا املجال وعلى قدر كبير من املعرفة بالبيئة الداخلية والخارجية
للمنظمة لضمان والءه وقدرته على إدارة التغيير.
إن معظم الطرق املستعملة لدى أكبر املكاتب االستشارية تتمحور
حول كيفية التنسيق بين مجموعة من الطرق والقوائم املعدة مسبقا من
طرف مستشارين سابقين في إدارة التغيير ،وبالتالي تشابه التطبيقات لدى
كل املكاتب االستشارية ،بينما يبقى الحكم على جودة التدخل متوقف على
خبرة هذه املكاتب.
قد يكون للمدخل االستشاري فوائده من ناحية التكلفة والوقت ،لكن
قد يعاني من جوانب قصور من ناحية الوعي الحقيقي باملشكلة لعدم
معايشتها ،ومن أسباب تفضيل أن يكون فريق التغيير داخليا ما يلي:
املعرفة العميقة بتفاصيل املنظمة؛
االتصاالت قائمة مسبقا بين أفراد املنظمة وفريق التغيير؛
االختيار الجيد لألفراد املناسبين للعملية نتيجة معرفة أي األفراد
من املنظمة قادر على مهمة معينة؛
استفادة األفراد من خالل اكتساب الخبرة أثناء إنجاز املشروع
وتحقيق مفهوم التعلم؛
257
اندماج األفراد واجتماعهم حول هدف أساس ي وهو نجاح
املنظمة.
ال يعني هذا أنه ليس لالستشارة مزايا ،إذ لديها الخبرة في قيادة التغيير
وإمكانية جلب تطبيقات جديدة وغير معتادة باملنظمة ،وعموما يمكن
الحكم على فعالية أحد هذه الطرق بإخضاعها للمعايير التالية:
رضا العمال ،ودرجة املقاومة؛
سرعة التغيير ،والنتائج املباشرة وقصيرة املدى؛
االلتزام بالتغيير والتجديد املستمر.
ليس من الخطأ أن تتخذ اإلدارة موقفا وسطا من خالل تأسيس فريق
تغيير تكون فيه األغلبية من داخل املؤسسة ،ومدعمة ببعض
االستشاريين ،وهذه الطريقة تمكن من تراكم مزايا الطريقتين.
من ناحية أخرى يتوقف قرار التغيير على نوعية أو نمط اإلدارة في
املنظمة والتي تم تصنيفها وفق معياري االستقرار واملرونة في بيئة التنظيم
إلى:
إدارة محافظة:
أي اإلدارة التقليدية التي تتبع أسلوبا دفاعيا كرد الفعل وسد الثغرات،
أين تعمل في بيئة مستقرة وقليلة املرونة ،إدارة ثابتة األهداف ونمطية،
تسودها التقاليد واألعراف وترفض التغيير واألفكار الجديدة وأقل قدرة
على مواجهة املشاكل املستقبلية والتأقلم معها.
إدارة رد الفعل:
تعمل في بيئة متغيرة وتواجه التغير بعد حدوثه ،بطيئة التأقلم وتعمل
على املدى القصير.
إدارة التوقع:
258
تعمل في بيئة عالية التغير وتملك درجة عالية من التأقلم مع البيئة من
خالل استعمالها ألساليب التغيير السليمة التي تمكنها من التعامل مع
الظروف الحالية واملستقبلية بمرونة ،أين تتوقع حدوث التغيير وتخطط له
وإلدارته مسبقا بدل انتظار حدوثه ،وهو أسلوب اإلدارة النموذجية
املتطورة.
اإلدارة القانعة:
تعمل في بيئة عالية االستقرار ودرجة تأقلمها عالية ،تتعدد فيها
املستويات اإلدارية ،محددة األدوار واإلجراءات ،تستجيب للتغيير وتتأقلم
معه.
املخطط املوالي يلخص ما سبق:
مصفوفة أنواع اإلدارات.
إدارة الفعل إدارة التوقع
اإلدارة املحافظة اإلدارة القانعة
259
االتصاالت القائمة على رد الفعل حيال التغيير وليس على
املشاركة فيه؛
قصور في تنفيذ املشروع بسبب نقص الكفاءة التقنية لدى رئيس
املشروع أو لضخامة املوارد الالزمة
وثقل املهام الجديدة وانخفاض املزايا وعدم القدرة على تبني أفكار
جديدة وعلى احتواء املقاومة؛
القصور في عملية التدريب التي تعد من أهم دعائم نجاح املشروع،
كأن يتم التدريب حول التقنية ،أو التكنولوجيا الجديدة املدرجة في النظام
الجديد ،مع إهمال باقي السلوكيات املتعلقة بتطور املهمة نفسها.
بالتالي من أهم أسباب الحاجة إلى إدارة التغيير:
وضع استراتيجيات لخفض املقاومة ،ورفع عزيمة األفراد
املتعهدون بالتغيير وتزويدهم بفرق عمل كنواة لتحديد نقاط الضعف
لتقويمها؛
تقييم أثر التغيير على املنظمة وعلى األفراد ،وتحديد مشاكل
تنفيذ املشروع وحلها؛
قياس مدى قبول األفراد للتغيير واتخاذ اإلجراءات لرفعه بين
األعوان الرئيسين ،وتحديد األدوار املتاحة ،واملتغيرات املحددة ،وكذا
تنفيذ التحول إلى النظام الجديد مع إدماج البعد البشري فيه.
إذن على املنظمة أن تكون على دراية كافية بمختلف النماذج اإلدارية
لعملية التغيير ومراحل إحداثه ومختلف الجوانب األخرى ذات العالقة
بنجاح مشروع التغيير.
260
ثانيا .سيرورة العملية اإلدارية للتغيير:
يواجه قادة التغيير ثالث قضايا هامة إلدارة التغيير أولها :الحاجة إلى
التغيير كفرض من فروض استمرارية املنظمة ،مما يدفع إلى ضرورة
إحداثه ،وثانيها :عدم التأكد من كيفية التغيير ،ويكون الحل محاولة
إحداثه ال العزوف عنه ،وثالثها :الخوف من التغيير ،ويكون الحل في
االستمرارية إلى حين تقييم املوقف من أجل املعالجة السليمة للمقاومة،
إذن التغيير محكوم باستعداد قائد التغيير ملواجهة القضايا الثالث بشكل
إيجابي ،وبالتالي عليه التساؤل حول مدى توصل املؤسسة إلى مرحلة
االستعداد الالزمة للتغيير ،وكذا مدى توفر تشكيلة موارد بشرية قادرة على
إحداثه ،ودرجة التأكد من نجاح عملياته.
.1نماذج إدارة التغيير:
إن تحول املنظمة من وضع راهن ترفضه إلى وضع مستقبلي ترغب فيه،
يتم وفق مراحل يجب تحديدها بدقة إلنجاح العملية ،ولقد اجتهد العديد
من الباحثين في هذا املجال إلعطاء نماذج إلدارة التغيير تكون كمرجع
به من طرف املنظمات الراغبة في التغيير وأهم هذه النماذج.
1.1نموذج عوامل النجاح الحرجة لكيلمان:
تمر إدارة التغيير حسب كيلمان بعدة مراحل ،تبدأ بتشخيص
املشكالت وبعدها إنشاء برنامج للتغيير ،ومن ثم جدولة املسارات وتطبيقها،
وأخيرا تقييم التطبيق ،ويتضمن النموذج على خمسة متغيرات "املدير،
املجموعات وفرق العمل ،البيئة ،نسق القيم ،املنظمة" وهي موضحة
بالتفصيل في الشكل التالي:
261
نموذج كيلمان للتغيير.
البيئة
-التغيرات السريعة - ،التأثير الدولي المتبادل - ،أصحاب
المصالح
المنظمة: المدير:
-التنظيم الرسمي. -الخط القيادي.
القوة الطاقة االجتماعية
-الرؤية الخفية
-كفاءة التشخيص.
والرسالة. الفريق. القيم والقناعات المشتركة ،وروح
-القناعات والمشكالت
-األهداف.
اإلستراتيجية. -وصناعة القرارات القناعات المشتركة
-نظم الثواب
والعقاب.
املجموعات واألفراد:
-تبادل املعرفة بين املجموعات وفرق العمل.
-التفاعل بين املجموعات وروح الفريق.
-صناعة القرارات ،االبتكار ،الرشادة والفعالية.
هيكل التنظيم
اإلستراتيجية النظم
نسق القيم
والقواعد
ينطوي هذا النموذج على وجود تفاعل بين املتغيرات السبعة إلحداث
التغيير في كل منها ،بحيث يكون قابل للتحسين في املستقبل مطبقا ملفهوم
النظم املفتوحة.
يخلو نموذج ماكينزي من أي إشارة لتأثير وتأثر البيئة الخارجية ،وهو
أهم عنصر في عملية التغيير ألن أغلب التغييرات في املنظمة مصدرها أو
دافعها األول هو التغير في البيئة الخارجية ،كما أهمل أيضا دور املقاومة في
إفشال التغيير وكيفية خفضها.
264
.3.1نموذج التحفيز:
قدم املؤلفان بيكهارد وهاريس عام 1987نموذجا يهتم بتحفيز التغيير
حيث وضعا املعادلة التالية .ABC>D :بحيث:
-Aعدم الرضا بالحالة القائمة واملستقرة -B .املستقبل املرغوب-C .
مسار التغيير -D .تكاليف التغيير.
حيث بين املؤلفان أنه إلحداث التغيير يجب أن يكون هناك رفض للحالة
املستقرة ،وإدراك مستقبل يرغب فيه األفراد ،ومسار لتحقيقه ،وإن
تفاعل هذه العناصر البد أن تعطي نتيجة أكبر من تكاليف التغيير.
يشير املؤلفان إلى أن التركيز يكون أكثر إيجابية عندما يكون التحفيز
إلدارة التغيير حول املستقبل أكثر من الحاضر وهذا لألسباب التالية:
إحالل التفاؤل محل التشاؤم بتوضيح الرؤية املستقبلية ،وتمكين
األفراد من تخيل دورهم في تحقيقها؛
التقليل من عدم التأكد والشعور بعدم األمن ،وتركيز االنتباه
حول ما يجعل التنظيم أكثر أداء.
لقد وضح املؤلفان كيفية االنتقال من الوضع الراهن إلى الوضع
املرغوب بأقل تكاليف ،إال أنهما أغفال عنصر القوة ،وبالتالي املقاومة
ودورها ،حيث ال يحتاج الفرد دائما ألن يكون مقتنعا باملستقبل املرغوب
في ه واملسار العملي ،فإن التغيير يمكن أن يفرض بالقوة ،وهذا ما تثبته
أغلب تجارب التغيير.
4.1نموذج املسارالحرج لبيير:)1990( :
هي طريقة إلدارة التغيير على مستوى الوحدة أو التنظيم ،إلعادة
تجديد املؤسسة وهي عملية عامة يقودها املدير ،والتي تتم وفقا ملا يلي:
265
تجنيد الطاقة لدى القوى الدافعة للتغيير عن طريق مشاركتهم في
تشخيص املشاكل التي تعوق التنافسية؛
تطوير رؤية حول كيفية تنظيم التنافسية وإدارتها ،وتكوين إجماع
بأن الرؤية الجديدة صحيحة ،وكفؤة لتعميمها ،كنقطة بداية لتحريك
التغيير؛
نشر العزم الجديد على كل األقسام بطريقة تجنب اإلدراك أن
البرنامج مدفوعا من القمة ،وضمان االتساق في نفس الوقت مع التغييرات
التنظيمية الجارية بالفعل؛
توحيد التغييرات من خالل سياسات ونظم وهياكل نظامية
تؤسس العزم الجديد؛
املراقبة املستمرة وتحديد االستراتيجيات لالستجابة للمشاكل
املتنبأ بها في عملية التغيير.
لقد ربط املؤلف إدارة التغيير بإدارة التنافسية ،وهذا جيد ألن
الهدف األول لإلدارة بصفة عامة وإدارة التغيير خاصة هو تحقيق
التنافسية ،إال أنه أرجأ إعالم األفراد بعد وضع البرنامج واإلجماع عليه من
طرف فريق التغيير بدل مشاركتهم من البداية ،ولعل هذا يشكل نوعا من
املقاومة لعدم فهم أسباب التغيير.
5.1نموذج التغييراالستراتيجي لبرناربورنس :Bernard Burenes:
يرى برنار أنه من أجل النجاح في إدارة التغيير ،يجب إضفاء الصبغة
االستراتيجية على مختلف مراحله ،أي أن ال تعمل بمعزل عن املسار
االستراتيجي للمنظمة ،ويقترح املراحل التالية إلدارة التغيير:
خلق الرؤية وتطوير االستراتيجيات؛
266
خلق الظروف املالئمة لنجاح التغيير ،وخلق الثقافة الصحيحة؛
تحديد الحاجة إلى التغيير ونوعه ،وبرمجة خطة التغيير،
ومشاركة األفراد في اإلعداد له؛
تحديد التوقيت املالئم لتنفيذ التغيير ،وأخيرا التحسين املستمر.
لقد فصل برنار في سرد مراحل التغيير ،وتطرق ملختلف الجوانب
التي تمكن من إنجاح العملية ،إال أنه لم يتطرق للمقاومة التي تنشأ جراء
التغيير وكيفية تفاديها.
6.1نموذج املوقف إلدارة التغييرلشميديت وتانينبوم:
أثبتت التجارب أن معظم التغييرات التي حدثت على مستوى مختلف
املؤسسات على مر التاريخ كانت من القمة ،إال أن البعض من محاوالت
التغيير ،شملت األفراد وشاركتهم في اتخاذ القرار ،وهي تجارب قليلة كما
حدث في إحدى املؤسسات الخيرية ،إال أن هذا لم يكن ليحدث عند إعادة
هيكلة إحدى املصانع التحويلية ،وهنا يكمن التساؤل عن سبب اختالف
طرق التغيير واستراتيجياته ،والتساؤل عن سبب كون طريقة أكثر مالئمة
عن غيرها.
يقدم املؤلفان نموذجا التخاذ القرار يركز فيه عن درجة مشاركة
األفراد في اتخاذ القرار ،التي تتراوح بين االحتفاظ بهم في الظالم ،من حيث
إخطارهم وشرح القرارات واستشارتهم فيها ،إلى التفويض.
267
نموذج شميدت وتانينبوم التخاذ القرار.
مراقبة إدارية
المدير يتخذ
األفراد في
الظالم
268
يمكن تبني هذا النموذج لشرح كيفية إدارة التغيير ،حسب درجة وعي
األفراد من جهة ،وإملام املدير من جهة أخرى ،ويقدم فروم وجوقو( Vroom
) and jogoبعض األسئلة التي توضح اإلجابة عنها أي أنماط اتخاذ القرار،
وبالتالي املشاركة في التغيير الالزم تبنيها في عملية إدارة التغيير ،وفيما يلي
بعضها:
ما مدى أهمية التزام العاملين بالقرار؟ ما مدى اشتراكهم في وضع
أهداف التغيير؟
هل لدى املدير والعاملون معلومات وكفاءة كافية التخاذ قرار
مرتفع الجودة؟
إذا اتخذ املدير القرار ،هل من املرجح أن يقبل العاملون القرار؟
وما الوقت املتاح التخاذ القرار؟
إن أهم هذه األسئلة هو مدى أهمية التزام العاملين بالقرار ،أي مدى
أهمية النظام البشري في تحقيق أهداف التغيير ،فإذا كان من الضروري
توفر مستوى مرتفع من التحفيز أو استبقاء العاملين لتحقيق هذه
األهداف ،يكون النظام البشري عامال حرجا لنجاح التغيير ،بعكس ما إذا
كان النظام تقنيا ،واملطلوب من األفراد مجموعة مهارات معينة فحسب،
فيصبح االلتزام باألهداف أقل أهمية ،وتقل ضرورة املشاركة ،إال أن هذا
التحليل ال يمكن تعميمه دائما وفي كل املنظمات ،وهذا متوقف على ظرف
التغيير نفسه ،فقد يكون اللتزام األفراد أهمية في نجاح التغيير ،إال أن
ظرف املؤسسة ال يسمح بمشاركتهم.
كما أن التساؤل حول القيم واألهداف املشتركة ،من أهم عوامل
النجاح الحرجة للتغيير وإدارته ،حيث يعد نطاق األهداف مشكلة في حد
269
ذاته ،فلدى األفراد في مختلف مستويات املنظمة وأجزاءها أهدافا
مختلفة ،حيث تركز اإلدارة العليا على االستراتيجية ،واإلدارة الوسطى على
العمليات وسيرها ،واإلدارة الدنيا على العمل ،فإن االختالف في الهدف
يعمل على تقليل القدرة على تبني املشاركة في إدارة التغيير ،فعندما ال
يمكن تحقيق إجماع خاص برسالة التنظيم واستراتيجيته ،فيمكن أن
يكون نمط اإلدارة استبدادي ويصبح التغيير مفروضا بعيدا عن مشاركة
األفراد.
7.1نموذج التوازن لكيرت لوين:kuirt Lwin :
من وجهة نظر لوين أن أي قوة تستخدم في نظام ما ،توجد قوة عكسية
تعارضها ،مما يخلق نوعا من التوازن باملنظمة هذه القوى هي القوى
الدافعة للتغيير والقوى املعارضة له ،وفي حالة توازن هذه القوى تشكل
حالة استقرار وعطالة وبالتالي عدم التغيير.
نجد نموذج لوين في معظم نماذج إدارة التغيير ،وخالصته أن التغيير
ينتج عن تعارض القوى التي يصطدم بها التنظيم أو املجموعة أو الفرد،
وشرح ذلك من خالل طريقة مجال القوة ،حيث يمكن أن يأتي التغيير عن
طريق إجراءات تقوي القوى الدافعة أو تضعف مقاومة التغيير (القوى
املعارضة) ،ويشير لوين إلى أن تقوية القوى الدافعة للتغيير دون إضعاف
املقاومة ينتج عنها توتر.
من أجل إحداث التغيير يجب الرفع من القوى الدافعة للتغيير أو
خفض القوى املقاومة له أو إحداثهما معا ،وقد بين نموذج لوين ثالث
مراحل إلدارة التغيير:
270
أ .مرحلة التذويب:
يتم فيها إدراك الحاجة للتغيير وضرورته وعدم الرغبة في الوضع
الراهن.
ب .مرحلة إحداث التغيير:
االنتقال للحالة الجديدة أين تتخذ إجراءات تقوية القوى الدافعة
وإضعاف املقاومة.
ت .مرحلة إعادة التجميد:
حيث يصبح الوضع الجديد جزء من تفكير وثقافة وممارسات اإلدارة
واألفراد ،أين يستقر التنظيم في اتزان ديناميكي جديد.
271
نموذج لوين إلدارة التغيير.
R
Changement
Unfreezing
و ج
272
أكد لوين أن التعارض بين قوى املقاومة وقوى الدفع إذا كان كبير
سيخلق وضعية صراع ،وأن هناك طريقتين لتغيير موقف أي فرد من
املعارضة ،إما من خالل تقديم الشرح وإعطاء األسباب والضغوط
والتهديدات املمارسة على املنظمة والتي استدعت التغيير ،حيث قد تالقي
هذه الطريقة تجاوبا ،كما قد تؤول إلى الفشل ،أما الطريقة الثانية ،وهي
فتح النقاش الحر بين األفراد حول موضوع التغيير وفتح باب االقتراحات
وإدماجهم في اإلعداد له واملشاركة الفعالة فيه ،واملشاركة في اتخاذ
القرارات حول كيفية تنفيذه ،وهذه الطريقة عادة هي األنسب لتفادي
املقاومة الحادة للتغيير.
يفتقر نموذج لوين إلى التفاصيل بالرغم من إيجابيته في الخطوط
العريضة إلدارة التغيير ،إذ لم يذكر ما يمكن أن يقوي القوى الدافعة
للتغيير ،وما يمكن أن يضعف القوى املعارضة له.
مما سبق من سرد للنماذج ،وجد أن لكل إيجابياته ونقائصه،
والستدراكه ،سيتم إدراج مراحل إدارة التغيير ،باالستفادة من أفكار كل
منهم ،وإدماجها للحصول على صورة متكاملة تغطي نقائص كل نموذج.
.2مراحل إدارة التغيير.
جرت العادة أن يتم التفكير في التغيير فقط في حال وجود قصور أو
فجوات في األداء ،إال أنه وفي عصر تتسارع فيه التطورات واإلبداعات
التكنولوجية بشكل غير مسبوق ،أصبحت املؤسسات الناجحة تفكر في
التغيير من أجل التجديد التنظيمي ال لحل املشكالت فحسب ،ومن هذا
املنطلق ،فإن املنظمة تبدأ بتطوير رؤية طموحة تحدد بعدها اإلمكانيات
273
الالزمة لبلوغها ،وسيتم فيما يلي سرد لهذه املراحل مع محاولة دمج أفكار
كل من النماذج سالفة الذكر للحصول على نموذج أكثر تكامل وشمولية.
1.2تطويررؤية جديدة:
أي منح الحرية للمسيرين واألفراد للتفكير في مستقبل املنظمة ،وكيف
يريدونها أن تكون على املدى الطويل ،دون األخذ بالحسبان العوائق الحالية
فيما يخص املوارد ،وتبدأ بوضع رؤية مبدئية وتحديد الفجوة بينها وبين
الرؤية الحالية ويشترط أن تكون أكثر طموحا في إطار مناقشات واسعة بين
اإلدارة واألفراد من أجل التحفيز على تحقيقها .حيث تقوم إدارة التغيير على
وجود رؤية مستقبلية متكاملة تعمل على تحديد قوى صنع املستقبل ،إذ
أنها قوى كامنة في الحاضر لكنها تملك إمكانيات ضخمة للنمو ملا تملكه من
خصائص تؤهلها من صنع التغيير املطلوب ،من خالل تحويل مكامنها إلى
طاقات إبداعية ،ولكن ال تكتمل الرؤية املستقبلية إال من خالل عملية
إدارية متكاملة يتم ذكر مهامها كما يلي:
البد من عملية تخطيط لبرامج التغيير ،أي وضع خطة تقوم على
رؤية طويلة األجل ملا يجب أن يكون عليه املستقبل وما تريد أن تكون عليه
املنظمة على املدى الطويل ،تبدأ بتصورات تترجم إلى برامج واقعية
للتنفيذ ،وتترجم الخطة إلى أهداف وسياسات وأعمال مبرمجة زمنيا،
وحشد للموارد واإلمكانيات؛
تنظيم عناصر صنع املستقبل ،من مشرفين ،مراقبين ،ومتابعين
لعملية التغيير ،إضافة إلى ضرورة وصف األعمال واملهام الواجب القيام
بها؛
274
حتى تتضح جدوى الرؤية يجب وضعها محل التنفيذ ،من خالل
تنمية األدوار اإلدارية املناسبة واملهارات والقدرات واألساليب املستخدمة
في تحقيقها؛
تحتاج الرؤية أيضا إلى عملية متابعة وتوجيه ،من خالل نظام
يقظة دائم وفوري ،ليس لتحديد االنحرافات لتصحيحها فحسب ،بل
الستبصار املستقبل (كما يجب أن يكون وكما يمكن أن يكون) واملتابعة
تكون وقائية من خالل التنبؤ بمواقع الخلل أو عالجية من خالل التدخل
املباشر أثناء عملية التغيير.
يتضمن تطوير الرؤية الجديدة تحديد العناصر التالية:
املهمة ،أي السبب االستراتيجي واملباشر لوجود املنظمة؛
تقدير املخرجات املرغوبة من أداء وغيرها والتي تشكل أهداف
التغيير فيما بعد؛
تقدير الطريقة التي من خاللها يمكن تحقيق هذه املخرجات،
والتي ستبين نشاطات التغيير الالزم إحداثه؛
تحديد األهداف الفرعية لتحقيق الرؤية الجديدة ،بحيث تكون
أكثر واقعية ووضوحا وقابلية للتسيير.
ال يبين تحديد الرؤية بهذه الطريقة ما تريد املنظمة أن تكون عليه
فحسب ،بل أيضا توضح مسار تحقيقها.
2.2مرحلة التهيؤ واالستعداد التنظيمي:
أي التحلل من القديم وفقا لنموذج لوين ،وتتم عملية االستعداد
للتغيير وفقا للمراحل التالية:
275
أ .تشخيص الوضع الراهن:
تحتاج هذه املرحلة إلى جمع مكثف للمعلومات لتشخيص الوضع
الراهن ،لتحديد الحاجة للتغيير وفقا للرؤية املطورة ،وللوقوف عند أهم
النقاط التي تستوجب التغيير ،وتتم عملية التشخيص هذه وفقا ملا يلي:
تخطيط الدراسة االستطالعية ،أين يتم التركيز على هدف
الدراسة والنتيجة املرجوة منها ،وتحديد املشكالت لغرض تحديد التدخل
املالئم؛
تحديد فريق الدراسة االستطالعية ،الذي يشترط أن يكون أكثر
إملاما بأوضاع املنظمة؛
إجراءات الدراسة االستطالعية ،وهي استكشاف سريع للمنظمة
يمكن من معرفة نوعية املعلومات الالزم جمعها حول مختلف املجاالت في
البيئتين الداخلية (رسالة ،رؤية ،أهداف ،خطط ،قيادات ،أنظمة ،أفراد)
والخارجية (منافسين ،موردين ،عمالء)؛
اعتماد برنامج للدراسة االستطالعية ،يتضمن عرضا كامال
ملشروع التشخيص ،يوضح فيه الهدف ،الخطوات ،املنهج ،نوع البيانات
املطلوبة ،الجدول الزمني وامليزانية؛
تحليل البيانات واختصارها ،واستخالص النتائج منها وهناك
نوعين من التحليل هما :التحليل الكمي ،من خالل األساليب الكمية
(كاالنحدار واالرتباط) ،والتحليل الكيفي ،من خالل تحليل املضمون من
سياسات وإجراءات واستراتيجيات ،وتحليل القوى املؤثرة في مختلف
املجاالت والظواهر واملشكالت.
276
التغذية العكسية ،وتتضمن تقريرا حول التشخيص امليداني
للوضع الراهن ،ومناقشتها مع اإلدارة العليا ،لالنتقال إلى التشخيص النهائي
ملشكالت املنظمة ،تمهيدا لرسم معالم التدخالت أو العالج.
تفيد في هذا الصدد خرائط اإلدراك أو خرائط السببية ( causal
)mapsالتي توضح الحاجة للتغيير انطالقا من معطيات البيئة الخارجية
والداخلية ،ومن ثم تحديد االستراتيجية املناسبة للتغيير وتحقق هذه
الخرائط مفهوم التعلم ،حيث تتم العملية في شكل نسق تسلسلي سببي
يوضح د وافع كل خطوة أو مرحلة من مراحل عملية التغيير ،انطالقا من
معطيات واقعية وموضوعية بعيدا عن التخمين والعشوائية.
تكمن أهم جوانب التشخيص في قيم وثقافة وأولويات املنظمة
والخدمات واملنتجات التي تحقق تموقعها ،والعمالء الحاليين ودرجة
إشباعهم وكذا درجة استجابتهم للمنتجات الجديدة ،وما هي ركائز ميزتها
التنافسية ،والتطورات املتوقع إدراجها ،واألهم من كل هذا تشخيص
ثقافة املسيرين حول التغيير ،كمدى قدرتهم على تحقيق التكامل في
األهداف ،وكيفية إدارتهم للصراعات داخل األقسام وإدارته لألداء الفردي
والجماعي ،وما مدى تقديره للكفاءات واستخدامه ملفهوم التسيير
باملشاركة ،ومدى تطبيقه ملقاربة العميل ويتضمن التشخيص أيضا تحديد
مشكالت وفرص املنظمة والتهديدات وحاالت عدم التوازن والفجوات
املوجودة فيها ،أين يتم تحديد املشكلة األساسية ومجالها وأسبابها
وأعراضها ونتائجها وحدتها ومدى تكرارها واملشاكل الفرعية املرتبطة بها،
ويتم التشخيص من خالل العديد من األساليب أهمها:
277
أسلوب الفجوة:
أي تحديد الفجوة بين الوضع الراهن والوضع املرغوب فيه ،والذي
يحدد من طرف مديري املنظمة والعاملين فيها حتى يكون واقعيا.
أسلوب األسباب والنتائج:
قائم على تحديد ظاهرة سلبية في املنظمة ثم تحديد نتائجها املباشرة
وغير املباشرة ،وأسبابها املباشرة وغير املباشرة ،حيث تجمع هذه التحليالت
حتى تتضح صورتها الكاملة.
مخطط إيشيكاوا:
هي شبيهة بالطريقة السابقة حيث يتم تشخيص املشكلة األساسية،
ثم تحديد األسباب الرئيسية لها ثم األسباب الفرعية لكل سبب رئيس ي،
وتتبع املشكلة حتى أدنى سبب لها ،وتفيد في تشجيع املعنيين بدراسة جميع
جوانب املشكلة ،وتبيان العالقات بين األسباب واألهمية النسبية لكل منها.
طريقة دلفي:
أين يرسل القائم بالتغيير املشكلة محددة وواضحة في تقرير إلى كافة
األعضاء ،يقدم هؤالء اقتراحاتهم في مجموعات يبينون مزاياها وعيوبها في
تقرير واحد مختصر ،يرسل كل تقرير إلى كافة األعضاء كل في موضع عمله
لتقديم تقييم بدائل االقتراحات واختيار أنسبها ،ترسل بعدها إلى القائم
بالتغيير الختيار أفضلها ،بعدها يرسل هذا الحل إلى األعضاء ويتم مناقشة
طريقة التنفيذ بنفس الطريقة .وتناسب هذه الطريقة املشكالت غير
املستعجلة واملعقدة بحيث تحتاج إلى وقت لدراستها كما تحتاج إلى رئيس
عارف بهذه الطريقة وقادر على التحليل واالختصار وكذا إيمان األعضاء
بفعالية هذا األسلوب.
278
العصف الذهني:
يقوم هذا األسلوب على افتراض أن أحد أهم العقبات التي تحول دون
نشأة أفكار إبداعية هو الخوف من النقد والتقييم والسخرية من طرف
الزمالء والرؤساء ،ولذلك فإن أسلوب العصف الذهني يعمل على إماطة
هذا اإلحساس ،حيث يجتمع املعنيون باملوضوع بحيث ال يزيد عددهم عن
اثني عشرة شخصا إلمكانية التحكم في إدارة الجلسة ،وتهيئتهم للتفكير
بطريقة مرنة وابتكارية ،أين يقدم كل منهم أكبر قدر من االقتراحات دون
حدود أو ضوابط ،بعدها يتم عرض هذه الحلول في مجموعات متشابهة
ومناقشتها ملعرفة جدواها ،ومزاياها وعيوبها وتكلفتها والعائد منها ونتائجها
لتصفيتها واختيار أفضلها .ويجب أن تكون املشكلة محددة وواضحة،
ويكون املشاركون على درجة من املرونة وعلى وعي بهذه الطريقة ،ومهارة في
تسجيل األفكار وتصفيتها كما تتطلب مديرا كفءا إلدارة اجتماع العصف
الذهني
مروحة الحلول:
هي فكرة يابانية مشتقة من مروحة اليد حيث تبدأ من نقطة ارتكاز
تعتبر الحل الرئيس ي وتنبثق عنه حلوال فرعية ،وبدورها تكون نقطة ارتكاز
لحلول أخرى فرعية تضمن هذه الفكرة تكامل الحلول الفرعية مع
الرئيسية ،أين يتم حذف الحلول املتعارضة واملكلفة واملطولة.
يمكن استعمال أحد هذه الطرق ،كما يمكن استخدامها مجتمعة
لتحقيق التكامل ،كاستخدام طريقة إيشيكاوا إليجاد مسببات املشكلة
وطريقة املروحة إليجاد الحلول ،واستخدام الطريقتين في مجالس العصف
الذهني.
279
ب .توقع التغيير:
إن توقع التغير الذي قد يحدث على أعمال املنظمة أمر مهم إلدارة
التغيير إذ البد من:
وصف التحوالت التي تحدث باملنظمة ،والتي من شأنها أن تؤدي
إلى تغييرات في األنظمة والهياكل واالستراتيجيات ،ورصد البيئة الخارجية
وإدراك بعض املؤثرات املهمة في تحريك عملية التغيير؛
تقدير الحاجة إلى التغيير من خالل تحديد الفجوة بين موقع
املنظمة حاليا وبين ما تريد تحقيقه على ضوء الرؤية الجديدة ،كما تظهر
الحاجة للتغيير عند بروز مظاهر سلبية معيقة لسير العمل والتي
تختلف درجة تأثيرها من فرد آلخر ،حيث ما يعتبره أحدهم عائقا قد يعتبره
آخرون فرصة ،وتحتاج هذه املرحلة إلى وقت الستيعاب تغيرات املحيط
وتحسس الفجوات ووقت الستيعاب أن التغيير قد يكون مفيدا؛
تقدير نوع أو شكل التغيير الواجب إدراجه ،ويتم هذا على ضوء
االستراتيجية املطورة ،أو من خالل قصور في األداء والذي تم توضيحه عند
تحديد الحاجة للتغيير ،أو استجابة لفرص في املحيط؛
تقدير قوى املقاومة ،حيث أن أي تغيير في املنظمة يصحبه
مقاومة من طرف بعض أفرادها ،إذ البد من تقدير كيفية التعامل معها،
وتخفيض حدتها ،أو كسبها لصالح التغيير.
( -)تكون هذه المظ اهر في شكل مؤشرات ،كالصراعات داخل جماعات العمل
والغيابات أو أخطاء متكررة إداريا أو إنتاجيا أو محاسبيا ،تنبئ هذه المؤشرات بوجود
مشكلة رئيسية أدت إلى ذلك ،ويتم التعرف عليها من خالل تتبع ودراسة وتحليل هذه
المؤشرات.
280
تقدير مدى جاهزية فريق التغيير لتحمل أعباءه عمليا ومعنويا،
وكذا قدرات العاملين واإلدارات على تنفيذه ،وتوقع البدائل والحلول
للمستجدات الطارئة واملتوقعة أثناء تنفيذ التغيير ،وكذا توقع املهارات
واملعارف الالزمة لقيادة التغيير ،وإعداد الخطط التدريبية الالزمة لتوفير
املفقود منها؛
التأكد من توافق أهداف التغيير مع أهداف املنظمة ،واستعراض
التجارب التي تعكس خبراتها في هذا املجال ملعرفة معوقات التغييرات
السابقة وكيفية التغلب عليها لالستفادة منها مستقبال ،وتوقع الدرجة التي
يمكن عندها وصول نتائج التغيير املتوقعة إلى حد املساهمة الفعالة
ملختلف املستويات التنظيمية؛
معرفة مدى مساندة اإلدارة العليا ملجهودات التغيير ،ومدى
استجابتها الفعلية ملشروعاته ،إذ تعد حجر الزاوية نظرا لثقل تأثيرها على
باقي املستويات اإلدارية ،بل إنها أهم أسباب النجاح والفشل األولى للتغيير،
مما يستدعي توضيح من طرف فريق التغيير ملختلف جوانب مشروع
التغيير.
إن التأكد من االعتبارات سابقة الذكر يعمل كحافز لألفراد واإلدارات
على حد سواء لتقبل التغيير ،حيث من األهمية بما كان إيجابية االنطباع
األول لديهم ،حيث تعمل آثاره السلوكية على تحقيق النتائج املرجوة.
ت .تطويراستراتيجية التغيير:
أين يتم تصميم االستراتيجية الشاملة للتغيير واالستراتيجيات الفرعية
له ،وفقا ملا يستدعيه تحقيق الرؤية املطورة ،وعلى ضوء التشخيص الذي
قامت به املنظمة في البداية ،أخذا بالحسبان التداخل املوجود بين
281
مختلف الوظائف يتم مراجعتها نظاميا كل سنة ،وبصفة غير نظامية كلما
استدعت الضرورة ،كما أن تطبيقها يتم في تسلسل متكامل نحو تحقيق
الرؤية الجديدة وليس دفعة واحدة.
يكمن التحدي هنا في كيفية جعل األفراد ال يتفهمون التغيير فحسب،
بل يشاركون في اإلعداد له والتعاون من أجل إرساء رؤية مشتركة حول
أهدافه وغاياته ،من خالل مناقشة أسبابه الرئيسية وموضوعه
واالستراتيجية املالئمة لتحقيقه ،وكذا مداه ووتيرته ونتائجه املنتظرة،
لذلك يجب التأكد من طريقة تبرير التغيير واستراتيجيته ،والتأكد من
اإلدراك الصحيح لها من طرف األفراد ،وإيجاد روابط فعالة للعمل
الجماعي من خالل التحاور مع املسئولين الذين لديهم رؤية شاملة للمنظمة
واألفراد الذين لديهم فكرة حول طرق التفكير بها ،وكذا األشخاص الذين
لديهم خبرة في مجال التغيير املعني.
ث .اإلعداد لعملية التغيير:
أين يجب وضع البرامج التفصيلية للبدء في عملية التنفيذ ،أين نحتاج
إلى تحديد الفجوة بين ما نريد وما هو موجود حاليا من أنظمة وعمليات
وكفاءات ونظم معلومات ويقظة ومعارف حول األداء والتنافسية ،ملعرفة
نقاط الضعف التي يجب تحسينها ،والعمليات التي يجب التخلص منها،
والعناصر التي يجب تعزيزها والقيم والسلوكيات الواجب تغييرها ،كما
تظهر النشاطات املفتاحة لكل فرد ،وتكلفة املوارد البشرية في كل عملية
جديدة ،كما يتضح ثالث أنواع من العناصر:
عناصر يتم إدراجها كاملة في التصميم للمستقبل؛
عناصر يجب تعديلها وتحسينها لتتماش ى والرؤية الجديدة؛
282
عناصر جديدة تماما يجب إرساؤها ،وأخرى يجب حذفها تماما.
تذهب العديد من املؤسسات في هذا الصدد إلى تطبيق مفهوم األداء
املقارن ،أي املقارنة مع مؤسسات قامت بنفس موضوع التغيير لتفادي
األخطاء التي وقعت فيها ،مع التقليص من وقت التنفيذ وتحقيق فعالية
أكثر وإثراء أفكار فريق التغيير ،وفيما يلي أهم الجوانب الضرورية لإلعداد
للعملية:
إعداد برنامج التغيير بدءا بتشكيل فريق إدارة التغيير يتضمن
مختلف املسئولين عن الجوانب التي يمسها التغيير ،ثم التخطيط
لنشاطات التغيير وتحديد النشاطات ذات األولوية في التنفيذ ،وتحديد
األهداف الرئيسية والفرعية لكل نشاط ،إضافة إلى إشراك األفراد
والجماعات الذين يحتاج التغيير إلى دعمهم ،وكذا محاولة كسب دعم
األشخاص ذوي الصفات القيادية واملؤثرة على باقي أفراد التنظيم لقيادة
عملية التغيير؛
تحديد أسلوب التغيير والجهود والوسائل الالزمة إلحداثه،
وامليزانية التقديرية والجدولة الزمنية له؛إضافة إلى ضرورة:
قي و و و و و وواس انطب و و و و و وواع األفو و و و و و وراد حي و و و و و ووال مش و و و و و ووروع التغيي و و و و و وور وم و و و و و وودى
قو ووابليتهم واسو ووتعدادهم للقيو ووام بو ووه ،وقيو وواس قو وودراتهم الوظيفيو ووة لو ووذلك،
واتخ و وواذ الت و وودابير الالزم و ووة حي و ووال كو و وول ه و ووذا م و وون ت و وودريب وتعل و ووم امله و ووارات
والسلوكيات الجديدة؛
قياس القدرات والكفاءات اإلدارية من أجل إعداد برنامج
تحسيس ي لهؤالء ،السيما إذا كان التغيير عميقا إذ يحتاج إلى تغيير في طرق
التفكير والتسيير والعمل أخذا بالحسبان تضارب املصالح ؛
283
إعداد عناصر الثقافة املالئمة مستقبال ،ومقارنتها مع عناصر
الثقافة الحالية ،من أجل معرفة الجهود الالزم بذلها من توعية وتكوين
لتقليص الفجوة الثقافية املوجودة ،وكيفية تفادي العمل وفقا للثقافة
القديمة؛
تحديد منفذي عملية التغيير والسلطات املخولة لكل فرد ،وأخذ
موافقة اإلدارة العليا ،على خطة التغيير.
إن اختيار األفراد من ذوي املهارات والخبرات املتميزة لتكوين فريق
التغيير ،يعد ممارسة حساسة ،ملا ينطوي عليه هذا من مجهودات لتحديد
من يجب اختيارهم ومهام كل منهم وفقا لألدوار التالية:
املجدد ،وهو الذي يعنى بصياغة االتجاهات وتحليل املعلومات
لوضعها في إطار فكري ونماذج مبتكرة؛
املطور ،وهو الذي يعنى بكفاءة وفعالية الجوانب التنظيمية من
خالل تشخيص القضايا واملشكالت الصعبة واملسؤوليات الجديدة
والبحث عن املزايا والفرص املتاحة؛
املوفق ،وهو املعني بالتوفيق بين التغيير وبين خطط
واستراتيجيات املنظمة من جهة ،والحرص على تقبل األفراد للتغيير وتقبل
املنظمة لفريق العمل وأفكاره ومجهوداته من جهة أخرى؛
الخبير ،وهو الذي يتحمل مسؤولية الجوانب النفسية للتغيير،
والقائمة على كم هائل من املعلومات واملعارف والخبرات ومهارات متميزة؛
املدير ،وهو املكلف بمهام التفويض وتحديد األولويات وتنمية
األفكار والعمل على أداء الوظائف وفق خطة وجدولة زمنية معينة؛
284
الكفيل ،وهو املكلف بالسعي لكسب مساندة اإلدارة العليا
للتغيير ،من خالل خلق جسر مفتوح من االتصاالت مع كافة املستويات
اإلدارية.
إذن فإن جماعة العمل تضم تشكيلة من ذوي املهارات املتنوعة التي
تتفاعل وتتكامل لتحقيق النتائج املتوقعة من التغيير ،حيث يعمل املجدد
واملطور على عرض أفكار التغيير ليقوم الخبير واملدير بإجراءات التنفيذ
واملتابعة ،ليأتي الكفيل واملوفق من أجل استمرارية مجهودات التغيير،
وألن التغيير عملية انتقال من املعلوم إلى املجهول ويحتمل الفشل
والنجاح ،فإنه يحتاج إلى خلق ظروف مالئمة لتقبله ،وتبني مقاربة تقلل من
احتمال مقاومته ،إذ يجب على املنظمة إتباع الخطوات التالية:
تحسيس األفراد بدوافع التغيير كضغوط السوق ،ومستوى األداء
الالزم لتحقيق التنافسية ،وشرح الرؤية الجديدة والبرامج االستراتيجية
املنبثقة عنها تبريرا للصعوبات التي يمكن أن تواجه عملية تنفيذ التغيير؛
نشر التجارب الناجحة للتغيير ،وتوضيح برامجها بدقة وآثارها
اإليجابية على األفراد كنماذج لخلق انطباع إيجابي حيال التغيير،
وتحفيزهم على تنفيذه؛
تفهم احتياجا األفراد وانشغاالتهم واهتماماتهم وتخوفاتهم حيال
التغيير ،من أجل تقليل درجة تضررهم من التغيير من جهة ،ووضع
الشخص املناسب في املكان املناسب من جهة أخرى؛
شرح تفصيلي لبرنامج التغيير لألفراد خاصة املنفذين والذين
يمسهم التغيير ،حيث يضمن التزامهم ويقلل مقاومتهم ،وذلك من خالل
نشرات أو مذكرات أو لقاءات يشرح فيها برنامج التغيير ومبرراته وفوائده.
285
على اإلدارة العليا املتابعة والدعم املستمرين لعملية التغيير ،وربطه
بأهداف شخصية لكل فرد كدافع لتقبله ،والتأكد من مشاركة األغلبية
فيه .كما تقوم بتشكيل مجموعة إدارية تشرف على عملية التغيير ،وكذلك
سياسات وإجراءات مؤقتة ملرحلة التغيير تتصف باملرونة في تجربة ما هو
جديد ،ومراعاة تحقيق صرامة اإلجراءات والحرص على تعدد قنوات
االتصال ودوران معلومات التغذية العكسية.
في نهاية هذه املرحلة يصبح لدى املنظمة برنامج تغيير متكامل
للمستويات الثالثة للتنظيم ،حيث يتم على مستوى اإلدارة العليا تحديد
املحاور واألولويات واألهداف االستراتيجية للتغيير ،األمور الالزم توفرها
للنجاح والنتائج املتوقعة ،املسئوليات وخريطة عالئقية بين مختلف
األقسام والوظائف ،أما على مستوى اإلدارة الوسطى يتم تحديد طرق
اإلدارة والرقابة وتسلسل املسئوليات والعالقات بينها ،تدفق القرارات
واالحتياجات من الكفاءات ،وعلى مستوى اإلدارة التشغيلية يتم تحديد
مخطط العمل وكيفية التنفيذ والتنسيق بين مختلف النشاطات وفقا
ألولوياتها ،وتقسيم مراكز العمل والعالقات بينها ،والقواعد واإلجراءات
والخطوات التنفيذية وامليزانيات والجداول الزمنية وكذا طرق القياس.
3.2مرحلة تنفيذ التغيير:
بعد تشخيص عميق للمشاكل وتحديد للبدائل ،يقوم الخبراء والقادة
واملنفذين بإحداث التغيير ،وينصح عدم االستعجال والتريث لتجنب
املقاومة ،وهذا بإتباع الخطوات التالية:
توفير موارد التنفيذ من معلومات وتجهيزات وأنظمة داعمة
للتنفيذ من هياكل وخبراء ومستشارين وأنظمة معلومات وأنظمة تنسيق
286
وأنظمة حل للصراعات.
تجربة التغيير على حيز ضيق من املنظمة ثم تنفيذه وفق الخطة
الكاملة وإزالة العقبات املعيقة له؛
املتابعة والرقابة والتوجيه من خالل املعلومات املرتدة من عملية
التنفيذ ،واتخاذ القرارات حيال االنحرافات الحاصلة لتصحيحها حتى يتم
التنفيذ في االتجاه السليم.
إن نظام يقظة ضروري جدا في هذه املرحلة ،من أجل املتابعة املستمرة
لسير مشروع التغيير وتقييم أشكال التنظيم املتبناة ،ال سيما نقاط
االشتراك في العمليات أو األقسام أو الوظائف ،حيث يجب وضع مؤشرات
ملا يجب بلوغه ملقارنتها مع ما تم تنفيذه في شكل لوحة تحكم .كما تحتاج
إلى بيانات أكيدة لقياس األداء الفعلي وبالتالي إلى مقاييس وأساليب كمية
وأخرى نوعية للتأكد من صحة البيانات على طول فترة التغيير ،أين يجب
التأكد من عدم التحيز في النتائج ،ومن أهم مقاييس األداء الفعلي:
مقاييس العائد والتكلفة واإلنتاجية والجودة والتنافسية
والحصة السوقية؛
مقياس االلتزام بالخطة (األهداف ،األزمنة ،خطوات الخطة،
امليزانية) ومقاييس املراجعة اإلدارية؛
مقاييس الرضا عن األداء من خالل قوائم االستقصاء واملقابلة
واملالحظة واملراجعة وفحص السجالت.
ال يمكن تنفيذ التغيير تماما كما خطط له ،ولكن إذا تم اإلعداد له كما
سبق الذكر ،يكون التنفيذ أقل انحرافا عن التوقعات ،حيث تختفي بعض
287
حاالت املقاومة املتوقعة ،بالرغم من ذلك قد تظهر بعض الحاالت يجب
االستماع إليها والبحث في أسبابها ،ال سيما بعد ظهور الصيغ الجديدة
للتوظيف ،كالتوظيف املؤقت والتعاقد ،مما يثير تخوف األفراد حيال
دخلهم أو حتى منصبهم ،وبالتالي رفض التغيير.
في هذه املرحلة على قائد التغيير مراعاة ما يلي:
تشجيع اإلدارة الذاتية ،بحيث يتحمل كل شخص مسؤولية جانب
من جوانب التغيير؛
ترك هامش للمقاومة ومساعدة املقاومين من التحرر من آثار
املاض ي ،ومساعدتهم على التكيف مع التغيير ومنحهم فرصة للعودة إلى
الوراء ،للمقارنة بين ماض ي وحاضر املنظمة بعد التغيير؛
تشجيع العاملين على التفكير اإلبداعي بتوسيع نطاق التعاون
بينهم ألجل اكتشاف الفرص املشتركة؛
ال ينفذ التغيير عشوائيا بل من خالل تحديد أولويات التغيير،
سواء املوضوعية أو ا لهيكلية بحيث تعطي نتائج إيجابية وسريعة تقلل من
املقاومة وتحفز على تنفيذ باقي جوانب مشروع التغيير.
العديد من املهام الجديدة تظهر كضرورة حتمية للتغيير الحاصل
تحتاج إلى إعداد البرامج التدريبية لتلقينها ،سواء تعلق األمر
بالتكنولوجيات الجديدة أو طرق اإلدارة الحديثة ،إضافة إلى ضرورة
تحديد النتائج املتوقعة من كل فرد ومقارنتها باإلنجازات الحقيقية ،وربط
األداء الفردي باألداء الجماعي حتى تحقق فكرة خدمة األهداف الفردية
لألهداف الجماعية وبالتالي األهداف النهائية للمنظمة فمن الضروري
تقدير وتحفيز العناصر الداعمة لحركية التغيير ماديا ومعنويا ،كما أن
288
التدخالت السريعة حيال االنحرافات الحاصلة وشرح أسبابها لألفراد أمر
ضروري الستمرار عملية التنفيذ في املنحى الصحيح.
في هذه املرحلة تطرح أيضا إشكالية وقت البدء في التغيير ،ألن البقاء
في الوضعية القائمة ملدة طويلة يشكل قوة كبيرة ملا لها من امتيازات يصعب
التخلي عنها ،فإن أي مسير مستعد لتنفيذ تغييرات جزئية في شكل
تحسينات للنظام القائم ،بينما يعتقد بوجود خطر على مركزه املنهي عند
الحديث عن تغييرات كبيرة وعميقة واستراتيجية ،إما لنقص في الخبرة
واملعرفة ،أو لتوقع تناقضات في املصالح ،وصراعات اجتماعية قد تظهر
وتهدد استقراره ،لذلك البد من منح الوقت لإلطارات واألفراد وحتى
النقابات لتقبل وتفهم حتمية التغيير ،كما يجب التأكد من اكتمال العديد
من الجوانب قبل البدء في تنفيذ التغيير وهي:
توفر املوارد الالزمة لتنفيذ املشروع لتفادي تعطيله ،وإحباط
األفراد عند اكتشاف أي نقص في املوارد؛
الحصول على أكبر قدر من الدعم سواء أفراد أو إدارات لتفادي
املقاومة ،وهذا من خالل تكثيف حمالت التوعية والتحفيز وإزالة العراقيل
والصعوبات املتوقعة؛
التأكد من اكتساب األفراد للكفاءات واملهارات الجديدة وتقبلهم
لتبني السلوكيات املرغوبة.
إذن يجب التفكير في وقت تنفيذ التغيير حسب نوعه وظروفه ،فإذا
كان التغيير سطحيا وبسيطا فالقرار سهل وأقل مقاومة ،بعكس ما إذا
تعلق األمر بتغييرات جذرية وعميقة ،كما أنه في حالة وجود أزمة ،فإن هذا
دافع كاف لالقتناع بالبدء في تنفيذ التغيير ،بينما في الحاالت العادية أين
289
ال وجود لألزمة يزداد األمر صعوبة ،فإن وجود متضررين من الوضع الراهن
مثال دافع قوي للبدء في تنفيذ عملية التغيير ،حيث يصعب إقناع األفراد
بأهمية إجراء تغيير جوهري بينما تظهر األمور عادية وجيدة ،كما أن قرار
االنطالق في التغيير تحكمه اعتبارات أخرى ،كحالة السوق واملنافسة
ووضعية املنظمة ومتطلبات العمالء.
أثناء تنفيذ مشروع التغيير ،العديد من القيم وطرق التفكير الجديدة
يتم إرساؤها ،تحتاج إلى وقت لتقبلها أين يجب التفكير في كيفية تفادي
العودة إلى السلوكيات القديمة ،والتأكد من أن التنفيذ تم وفقا ملا خطط
له.
4.2مرحلة التثبيت:
أي ترسيخ تجربة التغيير في املنظمة كجزء من ممارساتها ،أين يتم
إرساء ثقافته وقيمه ومبادئه ،وترسيخ السلوكيات الجديدة والتخلي تماما
عن القديمة في كل أرجاء املنظمة.
أ .العوامل املؤثرة في عملية تثبيت التغيير:
بعد تنفيذ مشروع التغيير وبدءا في تثبيته وغلغلته في سلوكيات األفراد،
يجب عدم دفع هؤالء إليها من خالل أوامر وتعليمات ،بل يجب تركهم
يحددون طريقهم للوضع الجديد من خالل محاوالت الفشل والنجاح حتى
تترسخ املهام الجديدة في سلوكياتهم ،وضمان عدم العودة للسلوكيات
القديمة ،ولنجاح عملية ترسيخ التغيير هناك العديد من العوامل املؤثرة
وأهمها:
دعم اإلدارة واستقرار البيئة الداخلية ،وكذا توفر األنظمة
الداعمة واملوارد البشرية الالزمة؛
290
تحسين رضا العاملين ووالئهم وتعهدهم بتطبيق أفكار التغيير
وقبوله كجزء من واقع العمل وممارسات املنظمة ،واالستمرار في تدريبهم
على املمارسات الجديدة ،وتنمية معارفهم ومهاراتهم ورفع أداءهم بالتعاون
واملشاركة فيما بينهم ،وتحفيزهم ماديا ومعنويا لتقبله ورفع حماسهم
ودافعيتهم؛
نشر تجربة التغيير على أرجاء املنظمة وتحقيق التناغم بين قيمها
وسلوكيات أفرادها وفلسفة التغيير بها.
يتم في هذه املرحلة إرساء التغيير املنفذ في سلوكيات األفراد وأعمالهم،
أين يتم هضم القواعد والقيم ومناطق السلطة وحدود العمل الجديدة،
بحيث تصبح روتينيات يومية وال تحتاج إلى جهود للتكيف معها ،بحيث
تنقص عمليات التصحيح وتقل الصراعات ،وترتفع الفعالية ويتقلص
وقت أداء املهام.
عند االنتهاء من إرساء التغيير ،تبقى املنظمة تعمل بالنظام القديم
بالتوازي مع الجديد ،إلى حين التأكد من تقسيم األدوار واملهام الجديدة
بالشكل الصحيح ،ومن أن مخرجات النظام الجديد مطابقة ملا خطط له،
حتى يتم التثبيت النهائي للتغيير ،والتخلي تماما عن املمارسات القديمة
للنظام القديم.
ب .تغييرثقافة املنظمة:
من البديهي أن تتأثر ثقافة املنظمة بالتغيير الحاصل بها ،مما يتسبب في
ظهور تعارض بين الثقافة الحالية والثقافة التي يفرضها التغيير ،مما
يشكل مقاومة لهذا األخير ،بحيث كلما كانت الثقافة قوية وصلبة وراسخة،
كلما كانت املقاومة أكبر ،مما يستدعي إدارة حكيمة للتغيير ،وتحكم أكبر
291
من طرف قائد وفريق التغيير ،فكلما أخذت الثقافة بالحسبان كانت فرصة
نجاح مشروع التغيير أكبر.
تتمثل ثقافة املنظمة( )في "القيم والسلوكيات والعادات والتقاليد
واالتجاهات النفسية السائدة باملنظمة ،ويتم تغييرها من خالل هدم
للمالمح غير املستحبة والتقليدية والسلبية للثقافة القديمة ،ثم تصميم
مالمح الثقافة الجديدة ،وفقا للتغيير املحدث باملنظمة ،ثم غلغلة الثقافة
الجديدة على أرجاءها ،ثم تدعيمها من خالل التعليم والتدريب والتفويض
والتحفيز" .قد يكون هذا التعريف موضحا ملا يعنيه هذا املصطلح ،إال أنه
في الحقيقة يصعب تقديم تعريف دقيق لها ملا تكتنفه من شمولية يفترض
أن يحتويها هذا األخير ،إضافة لكونها مزدوجة التوجه ،حيث ينظر إليها أنها
ش يء يمكن التحكم فيه من جهة ،وأنها ش يء عميق يتسم بالرمزية من جهة
أخرى ،كما أنها متعددة األشكال ،فقد تكون بناءا تحليليا أو متغيرا قابال
للتطبيق كما أن هناك من يرى أنها ش يء مكون من رموز ولغة وطقوس،
فاللغة تستخدم لوصف األحداث التنظيمية ،والرموز تدل على املكانة
والعضوية ،والطقوس تمثل األسلوب الذي يؤدي به األفراد أدوارهم
املختلفة ،وفي ا لواقع تقوم الهياكل والبنى التنظيمية بوصف الثقافات
نفسها ،حيث تميز ثقافة القوة الناتجة عن الهيكل املركزي التي يسيطر فيها
شخص أو مجموعة من األشخاص على الكل ،بينما تسمح الهياكل
( - )لثقافة المنظمة دور هام في تحقيق أهدافها بفعالية من خالل القواعد التي تحدد
السلوكيات المرغوبة وتقلل من حاالت التناقض الداخلي ،أي انها تلعب دور الرقابة على
نشاطات األفراد وتصحيح المسارات وتوجيه الطاقات نحو النتائج المرغوبة وتحقيق
اندماج عناصر المنظمة.
292
العضوية ملركز القوة بمراقبة العمليات الجدية واألكثر استراتيجية ،بينما
الهياكل البيروقراطية فتصف الثقافة التنظيمية بقواعد ولوائح وأوامر
وإجراءات ،أما هيكل املصفوفة فيسمح لثقافة العمل بأن تكون فلسفة
سائدة باملنظمة.
ال تعبر ثقافة املنظمة عن مجموعة أشياء ثابتة كما هو سائد ومعتقد
-عدا بعض القيم الراسخة -بل هي دائمة التحول والتكيف مع البيئة،
حيث تبدأ من مجموعة الثقافات الجزئية التي تميز كل قسم أو وظيفة
وفقا لخصوصية كل منها ،والتي تندرج في مجملها تحت الثقافة الكلية
للمنظمة ( ،)والتي تندرج بدورها ضمن ثقافة أوسع وهي الثقافة الوطنية
التي ال يجب أن تخرج عن إطارها ،والتي تندرج ضمن ثقافة أوسع وهي
ال ثقافة العاملية الناتجة عن اندماج الثقافات وتأثيرها بعضها بفعل العوملة
واملعرفة.
لقد أثبتت التجارب أن هناك ثقافات وهياكل معينة تؤيد التغيير
التنظيمي أكثر من أخرى ،ويعوق بعضها تحقيقه ،وإنه من األجدر أن تكون
لدينا ثقافة تنظيمية تمنح العنصر البشري األولوية في جدول أعمال
اإلدارة ،حيث تتطلب هذه الثقافة والء من األفراد للمنظمة من جهة
وهياكل مصممة من أجلهم ،وخطوط اتصاالت واضحة ،ومسؤولية
( - )هناك ثالث مستويات لثقافة المنظمة ،األول إستراتيجي يشمل مجموعة المعتقدات
حول الرؤية اإلستراتيجية والتهديدات والفرص وكذا األنظمة الداخلية للعمل ،والثاني وهو
األكثر بروزا والذي يظهر في شكل عادات ورموز وسلوكيات ومبادئ العمل والقيم
المشتركة بين فرق العمل ،أما المستوى الثالث ،فهو بمثابة النواة الصلبة التي تشتمل على
القيم العميقة واألساسية ،واإلديولوجية المتبعة والمعتقدات الثابتة التي يصعب تغييرها.
293
مستقلة بامتداد خط السلطة من أعلى إلى أسفل ،ويرتبط التغيير
والثقافة التنظيمية بروابط قوية ال يمكن ألي منها االنفصال عن األخرى
حيث أن:
الثقافة واألداء التنظيمي مرتبطان بروابط قوية للغاية ،فمن أجل
إدخال تغيير في األداء التنظيمي فإنه البد أوال من االهتمام بهيكل الثقافة
التنظيمية ،إذ أن هناك عالقة خطية بين التغيير الثقافي واألداء التنظيمي؛
إن الخصائص القومية بدورها يجب أخذها بالحسبان في التغيير
التنظيمي ،فلثقافة األمة وما تتشكل منه من عوامل تأثير على كيفية تفكير
وتصرف املنظمات وأفرادها كاللغة والتاريخ والبيئة السياسية والبيئة
الشرعية والقانونية ،وكذا مستويات التعليم واملمارسة وقيم واتجاهات
املواطنين.
يجب إذا مراجعة خصائص الثقافة الحالية للمؤسسة ،قبل البدء في
تنفيذ التغيير ،ففي حالة عدم تالؤم الثقافة الحالية بمختلف محدداتها
مع التغيير املخطط ،فإن إدارة وفريق التغيير يفكرون في إحدى الحلين:
تكييف مشروع التغيير مع الثقافة السائدة؛ تعديل بعض عناصر
الثقافة بما يتالءم مع التغيير بحيث تكون أكثر انسجاما مع النظام
الجديد ،إذ يجب التنبؤ بالصعوبات التي قد تواجه هذا القرار والوقت
الالزم لتنفيذه ،ومخاطر اإلبقاء على الثقافة الحالية.
توجد في هذا الصدد ثالث نماذج حول تغيير ثقافة املنظمة؛ النموذج
األول يستدعي وجود اندماج كلي بين الثقافة الرئيسية والثقافات الفرعية،
بحيث ال تتعارض ثقافة األفراد باملستويات الوسطى والتشغيلية للتنظيم
فيما بينهم ومع الثقافة الكلية للمؤسسة مما يحقق تماسكا بين أجزاء
294
التنظيم ،بينما يتضمن النموذج الثاني مزيجا للثقافات الفرعية قد
تختلف بعضها مع الثقافة الكلية ،ولكن بشرط معلومية االتجاهات
والقيم املختلفة ألجزاء التنظيم لدى القادة ،ويشكل هذا تميزا واختالفا قد
يكون محمودا في حالة حسن تسييره مما ينجر عنه إبداعات غير متوقعة،
بينما النموذج الثالث فيمثل املؤسسات التي ال تعير اهتماما للثقافة
املتواجدة مما يضعها في موقف غموض.
إن استخدام أحد طرق التغيير يحتاج إلى بناء ثقافة تنظيمية جديدة
تساعد على نجاح املمارسات الجديدة للمنظمة ،كما أن تبني ثقافة جديدة
تعد طريقة من طرق التغيير ،إذ البد من استخدام االستراتيجية املالئمة
لذلك ،بحيث يجب مراعاة مدى موافقة الثقافة الحالية للتغيير الحاصل،
وإلى أي حد يجب تغييرها .واملصفوفة التالية تبين مختلف الحاالت املمكنة
في هذا الصدد.
مصفوفة :الثقافة –اإلستراتيجية
من الشكل أعاله تبرز الحاالت التالية للعالقة بين التغيير وثقافة
املنظمة:
295
إدارة التغيير:
تكون الحاجة للتغيير في االستراتيجية عالية ،وتوافق عالي بين الثقافة
املوجودة والتغيير املخطط ،أين يتم تعزيزه من خالل املشاركة في الرؤية
وتعزيز نظام القيم الجديد من خالل املكافئات.
تعزيزالثقافة الحالية:
أين تكون الحاجة لتغيير االستراتيجية طفيفة ،إذ يتم ترسيخ الثقافة
املوجودة.
أدر نحو التغيير:
هنا تكون الحاجة لتغيير االستراتيجية عالية واحتمالية موافقة الثقافة
املوجودة للتغيير منخفضة ،أين يجب تعزيز نظام القيم وتعديل القوى
ويتم استخدام مختلف الروافع كامليزانية وإعادة التنظيم.
تغييراالستراتيجية:
أين تكون املخاطرة عالية وغير موافقة تماما للثقافة املوجودة ،وتكون
املقاومة عالية ،حيث يتم التفكير في تغيير االستراتيجية ،لتقترب من ثقافة
املنظمة.
عموما هناك عدة حاالت تكون فيها تغيير الثقافة ضروري تكيفا مع
تغييرات البيئة وهي أن يكون:
- التغير البيئي سريع واملنافسة عالية
- يكون وضع الشركة س يء
- قيم الشركة قوية لكن غير موافقة للتغير البيئي
- املؤسسة لها روابط مع الحالة القائمة تمنعها من التغيير
296
إذن يجب تقدير ما يمكن خسارته جراء الثقافة الحالية ،وما يمكن
ربحه إذا تم إرساء الثقافة الجديدة ،من خالل وصف عام ملا يجب تطويره
ومدى تماش ي الثقافة الحالية مع ذلك مقارنة مع الخسائر املحققة جراء
هذه األخيرة ،ومدى قدرة الثقافة الجديدة على تفادي كل هذا من حيث
التسلسل املرغوب لألعمال والسلوكيات املرغوبة والنتائج املتوقعة ،من
أجل تحديد عناصر الثقافة الواجب اإلبقاء عليها وتلك التي يجب تغييرها
أخذا بالحسبان مدى إلحاح التغيير ،وتحديد العناصر املتضررة واملنتفعة
من الثقافة الحالية ،والش يء نفسه بالنسبة للثقافة الجديدة.
إذن أصبح من غير املمكن تجاهل ثقافة املنظمة ودورها البالغ األهمية
في نظرية اإلدارة عند الكالم عن التغيير التنظيمي ،بل أصبح شعار غير
ثقافتك حال ملعظم املشاكل التنظيمية ،وألن إدارة التغيير أصبحت مجاال
للتميز اإلداري ،أصبح على املدير أن يكون متعدد املهارات ،قادرا على
التخطيط للتغيير ،والعمل على خلق ثقافات تنظيمية تسمح لألفراد بأن
يزداد والءهم ألهداف وقيم املنظمة.
5.2التحسين املستمر:
ال يعني تنفيذ برنامج التغيير انتهاء العملية ،إذ ال بد من رقابة بعدية
ملعرفة جوانب القصور لتعديلها ،وتستعمل أغلب املؤسسات أسلوب
حلقات الجودة لهذا الغرض ،حيث يتمكن األفراد من معرفة جوانب األداء
التي تستدعي التحسين ،إضافة إلى االقتراحات التي يمكن أن يقدمها هؤالء
لإلدارة العليا لتعديل مسار التطبيق من جراء ممارستهم للمهام الجديدة
واكتشاف جوانب القصور فيها.
297
يضيف Pastorمرحلة سادسة إلدارة التغيير ،وهي رسملة التغيير
باعتباره استثمارا على املدى الطويل وليس عملية عابرة أو ردة فعل أو
تكيف قصير املدى لظرف ما في البيئة الداخلية أو الخارجية ،من أجل
تهيئة وتكييف املنظمة لتغيرات مستقبلية وجعلها عملية مستمرة،
وتستفيد املنظمة من خالل الرسملة تراكم املعارف حول التغيير حيث
توفر الجهد والوقت واملال عند أي تغييرات مستقبلية بدل البدء من
البداية في كل مرة .وتحتاج املنظمة ألجل رسملة التغيير إلى ذاكرة تنظيمية
تتضمن التجارب السابقة للتغيير ،ناجحة كانت أو فاشلة ،إضافة لكل
املعارف ذات العالقة بها.
من أجل بلوغ عملية التغيير لهذه املرحلة حيث يصبح هذا األخير ثقافة
راسخة تستفيد منه املنظمة في عمليات التغيير املقبلة ،ال بد أن يكون
التغيير ناتجا عن عملية تخطيط استراتيجي ،وليس حلوال مؤقتة ملشكالت
قائمة ،كما يجب توفر بنى هيكلية مرنة ومنفتحة على العالم الخارجي
مشجعة لعملية التعلم الداخلي والخارجي ،إضافة إلى ضرورة وجود ثقافة
تتقبل الخطأ والفشل باعتبار أن أي تجربة فاشلة ما هي إلى دروس
مستفادة لنجاحات في عمليات التغيير املقبلة.
من الجدير أن ينجح قائد التغيير في إدارته وتحقيق أهدافه ،ففي
حالة العكس تظهر نتائج سلبية تتمحور في اتجاهين كالهما أسوء من
الثاني ،األول سلبي يعمل على إضعاف القوى الدافعة للتغيير وإفشال
مساعيهم ،أما الثاني ،سلبي في مضمونه إيجابي في ظاهره ،إذ يعمل على
إنجاح التغيير بشتى الوسائل ،غير عابئ بالقواعد والقوانين والشرعية،
مما يحوله إلى اتجاه سلبي مدمر في مضمونه.
298
تعمل إدارة التغيير على استخدام أفضل الطرق اقتصادا وفعالية
إلحداثه وتحقيق أهدافه ،ويفترض في هذه اإلدارة أن تكون هادفة ،وفعالة
ورشيدة وتشاركية ،قادرة على التكيف مع األحداث وصنعها ،تحافظ على
نسيج العالقات االجتماعية املتواجدة ،إدارة مرتبطة بالواقع العملي
للمنظمة ،وتحقق التوافق بين احتياجات مختلف القوى ،تحافظ على
الشرعية القانونية واألخالقية ،وتحقق قيما مضافة ،كما تتطلب إدارة
التغيير األخذ بالحسبان استراتيجية املنظمة ،وتعديل ولو جزئي لثقافتها.
تهدف إدارة التغيير إلى التحرر من القيود التي تفرضها الحالة القائمة،
وتحسين أداء املنظمة وتحقيق الثقافة الذاتية ،وكذا إعادة بناء قوى
الفعل في املنظمة لتكون أكثر توافقا مع احتياجات التعامل واالنفتاح
والتكامل مع العالم الخارجي ،كما أنه على إدارة التغيير أن تكون إدارة
توقع ،حيث تملك درجة عالية من التأقلم مع البيئة ،وتتعامل مع الظروف
الحالية واملستقبلية بمرونة ،حيث تتوقع التغيير وتخطط له بدل انتظار
حدوثه.
قد تتولى اإلدارة العليا إدارة التغيير من خالل التوجيه واإلعالم ،أو من
خالل القسر واإلرغام ،كما قد يتم تفويض اإلدارات باملستويات األخرى
بالتنظيم من خالل املشاركة الجزئية أو الكلية لألفراد ،في اإلعداد
والتنفيذ ،أما إذا كان التغيير فرعيا وال يدخل ضمن املهمة الرئيسة
للمنظمة ،فيتم أخرجتها ،علما أن هذا األسلوب يحرم املنظمة من فرص
التعلم وتطوير املهارات.
تتم إدارة التغيير عبر مراحل تبدأ بتطوير رؤية جديدة تكون أكثر
طموحا وتعمل على صنع قوى املستقبل ،بعدها ِ
التهيؤ واالستعداد
299
التنظيمي للتحلل من القديم بدءا بتشخيص للوضع الراهن باستخدام
إحدى الطرق املتاحة كتحليل الفجوة ودلفي ،ومن ثم توقع التغييرات
املمكن إجراءه تكيفا مع التغيرات البيئية ،وتقدير املقاومة املمكنة ،من
أجل التخطيط الحتوائها ،ومن ثم تطوير استراتيجية نهائية واضحة املعالم
للتغيير ،واإلعداد لتنفيذها.
ال يكفي تنفيذ استراتيجية التغيير املختارة ،بل يجب اعتماد التحسين
املستمر ،لتعديل جوانب القصور املمكنة ،وبعد التأكد من إيجابية
مخرجات لبرنامج التغيير ،يتم تثبيت قيمه ضمن ثقافة املنظمة واألفراد،
أين يتم تعديل هذه األخيرة جزئيا أو كليا.
300
الفصل ال ثاني عشر
مقاومة التغيير وصفات
القائد الناجح في إدارتها
لقد تكرر فيما سبق اإلشارة إلى ضرورة األخذ بالحسبان مقاومة
األفراد للتغيير في أكثر من موقف ،مما يبين ضرورة احتواءها وتخفيضها،
هذا ألن مقاومة التغيير أمر طبيعي ومشروع ،ألنه خروج على املألوف من
أساليب عمل ونظم وغيرها ،وهو أمر متوقع في أذهان قائد وفريق التغيير،
وكلما اتسع مجال التغيير ،كلما زاد احتمال املقاومة وزادت حدتها ،وإن
الخطأ األكثر شيوعا في إدارة التغيير ،التقليل من شأن التأثير الذي يتركه
التغيير على األفراد ،واالعتقاد بأن املهم هو إجراء التغيير دون االكتراث
لالضطراب الذي يصاحبه ،نتيجة التخلي عن أنماط العمل املألوفة ،إذ ال
يالقي التغيير ،قبوال على الدوام ،فقد يواجه مقاومة من مسيري املنظمة أو
األفراد أو الجماعات ،ألسباب عديدة.
أوال .مفهوم ومراحل مقاومة التغيير ،ومداخل
إدارتها:
تتعدد أوجه املقاومة باملنظمة حسب اختالف الجهة الرافضة للتغيير،
كما تمر بعدة مراحل يجب تخطيها بحذر ،ويحتاج كل هذا إلى إدارة واعية
لتخرج منها بأقل األضرار.
.1مفاهيم أساسية حول مقاومة التغيير:
إن العديد ممن استهجنوا مقاومة األفراد للتغيير بالرغم من أنه ردة
فعل واستجابة طبيعية ومتوقعة لهؤالء تجاه ش يء مجهول ،وتزداد املقاومة
حدة كلما كانت املنظمة بيروقراطية التنظيم وقليلة التغيير حيث يعتاد
األفراد على نمط معين من السلوك يرفضون تغييره فجأة دون معرفة
األسباب أو عدم كفايتها.
302
1.1تعريف مقاومة التغيير:
اجتهد العديد من الباحثين في تعريف مقاومة التغيير ،حيث عرفت على
أنها" :عبارة عن استجابة عاطفية وسلوكية ،تجاه خطر حقيقي أو متوقع،
يهدد أسلوب العمل الحالي" .أي أنها رد فعل عاطفي وسلوكي ناتج عن
اإلحساس بالخطر من التغيير حقيقيا كان أو احتماليا.
كما تعرف على أنها" :سلوك يقوم به املقاوم ،يصدر من إحساسه
بنقص أو عجز عن القيام بالتغيير املطلوب وعدم اليقين من نتائجه،
بهدف الثبات في الوضع الراهن ومحاولة إلفشال التغيير املبرمج".
يعرف Garethاملقاومة على أنها " قوة العطالة التنظيمية املعبرة عن
ميل املنظمة للحفاظ على الحالة القائمة ،إذ تتسبب في خفض فعاليتها
وتقلل من فرص استمراريتها" .ويركز هذا التعريف على ميل املنظمة إلى
تفضيل البقاء في الوضع الراهن بالرغم من سلبيته ،بدل الخوض في
تغييرات مجهولة النتائج.
إذن فاملقاومة هي رد فعل سلبي من قبل الفرد أو الجماعة أو املنظمة
ككل ،تمثل استجابة عاطفية وسلوكية تجاه خطر حقيقي أو متوقع ناتج
عن عملية تغيير إيجابية أو سلبية ،تهدد أسلوب العمل الحالي الذي تم
التعود عليه واالرتياح له ،وخوفا من العجز في تنفيذ برنامج التغيير أو شكا
في نتائجه وخوفا من سلب بعض املزايا املكتسبة سلفا ،معبرا عن كل هذا
بعمليات منافية لبرنامج التغيير قصد إفشاله.
2.1خصائص مقاومة التغيير:
من التعاريف السالفة تبرز الخصائص التالية للمقاومة:
303
املقاومة هي رد فعل سلبي لعملية التغيير ،حيث يرى األفراد أن
التغيير أمرا سلبيا ومضرا وخطرا ،حتى وإن كان إيجابيا في حقيقته؛
املقاومة استجابة حسية عاطفية أو سلوكية ،فردية أو جماعية؛
قد يكون سبب املقاومة حقيقيا إذ يمس مصالح األفراد ،أو
متوقعا ومجرد تخوفات ناتجة عن جهل برنامج التغيير ونتائجه أو شكا في
مصداقيته أو عجزا في التكيف معه أو خوفا من فقدان املزايا املكتسبة.
يستند التغيير إلى قوى معينة تعمل على إحداثه وحماية مكاسبه
واستمراره ،والتي تخضع إلى توازنات تستقر بها إدارة التغيير ،وأخرى
تفرزها عملية التغيير نفسها ،وأخرى تفرضها البيئة املحيطة بالتغيير،
وبالتالي يجب معرفة هذه التوازنات وتأثيرها املتعدد واملتشابك على عملية
التغيير ويمكن سردها كما يلي:
أ .توازنات القوة:
من لديه القوة بأبعادها السياسية والجغرافية واالقتصادية والبشرية
وحتى املعنوية ،يكون أكثر تأثيرا وفاعلية وسيطرة على مجريات األحداث
واملتغيرات ،وبإمكانه تغيير وفرض ما يشاء موافقة أو انصياعا ،فإذا كانت
القوة بيد القوى الدافعة للتغيير ،فإنه سيكتب له النجاح ،أما إذا كانت
بيد املقاومة فنسبة النجاح ضعيفة.
ب .توازنات املصالح والحقوق:
ترتبط عملية التغيير بحسابات دقيقة لتأثير أصحاب املصالح ،وقدرتهم
على توليد الضغوط املؤثرة واملوجهة لقوى التغيير ،فكلما اتسع حجم هذه
املصالح ،كلما كانت أكثر تحكما في حركة التغيير واتجاها له ،حيث يصبح
التغيير في حد ذاته مدعما الستمرارية هذه املصالح وزيادتها ويسير في
304
إطارها ،هذا إن كانت لصالح القوى الدافعة للتغيير ،أما إذا كانت لصالح
املقاومة ،فإن مجرى عملية التغيير سيتغير في اتجاه مصالح املقاومة،
السيما إذا ساندتها توازنات القوة فمن خالل توازنات املصالح ،يمكن رصد
حركة املتغيرات وقوى التغيير اإليجابية السلبية ،ومن ثم التعامل معها.
إن التعارض في املصالح والذي تخلقه الوظائف نفسها قد يشكل
مقاومة ،فكل مجال نشاط أو فرع أو قسم يركز حول منطق منفعته
الخاصة ،مما يؤدي إلى تعارض فيما بينها من جهة ،وتعارض مع املصلحة
العامة للمؤسسة من جهة أخرى ،مما يستوجب تصحيحات وإعادة ترتيب
لضمان التنسيق والتكامل الشامل والحفاظ على القدرة على االستمرار،
إذ أن الصراع واالختالف في التوجهات بين الوظائف والنشاطات قد يؤدي
إلى إبطاء عملية التغيير أو إلغائها ،نتيجة اختالل في التوازنات فكل منها يرى
املشكلة بوجهة نظر مختلفة مما يعمل على تأجيل عملية التغيير لحين
تقريب وجهات النظر.
بازدياد الوعي واملعرفة وارتقاء الفكر اإلنساني أصبح من الجدير
الحديث عن الحقوق ،ومن األجدر التفكير في تغيير األوضاع واالتجاه نحو
التغيير الذي يكفل للجميع توازنا في الحقوق والواجبات.
إن هذه التوازنات سابقة الذكر ،تظهر نوعين من القوى ،قوى دافعة
للتغيير وأخرى رافضة له.
القوى الدافعة للتغيير:
هي القوى التي تفجر الرغبة في التغيير وتوجد الدافع نحوه ،وهي التي
ترسم صورة املستقبل ما بعد التغيير ،وتتكون هذه القوى من أفراد
متميزون بسمو الفكر واملبادئ وبعد النظر ورجاحة العقل ،تستميلهم
305
مشكالت املنظمات وتسعدهم معالجتها ،من إصالح اجتماعي وإداري
وغيره ،ويحتاج هؤالء إلى وجود شخص يتميز بالقيادة والقدرة على اإلقناع
واستقطاب قوى مؤيدة ومدعمة للتغيير ،من خالل ما يمتلكه من مميزات
فكرية وخبرة ومعرفة وتقدير واحترام ورجاحة الرأي ،مثل هذا الشخص
يمكنه تغيير الرؤية وبالتالي نمط التفكير لدى األفراد ،كما يؤثر على
السلوك والفعل وردة الفعل ،وبالتالي القدرة على التغيير ،باعتبار هذا
األخير نتيجة فكر وهدف وأيضا نتيجة حاجة ومطلب ملح.
إن للمبدعين دور هام في إحداث التغيير ،بل هم القوة األكثر دفعا له،
فأي إبداع جديد يجر معه تغييرات ليس فقط في مجال ما تم إبداعه ،بل
يتعدى باقي املجاالت ذات العالقة بنسب متفاوتة عمال بمفهوم النظم،
فالعديد من اإلبداعات غيرت أنماط السلوك ونظم وأساليب ممارسة
األنشطة ،وفي أسلوب الحياة نفسه.
القوى املقاومة للتغيير:
تتعدد القوى الرافضة للتغيير حسب درجة خطورة التغيير على
مصالح القوى الرافضة ،فهناك املعارضون وهم أخطر أنواعها ،حيث
يعملون على إيقاف مسيرة التغيير وإفشالها وانتكاسها ،السيما وأن
مصالحها في موضع تهديد مستمر باستمرار التغيير ،حيث تشتد قوة
املعارضة بتعارض املصالح ،ويكون لها صدى سلبي على التغيير كلما
اشتدت سيطرتها على الكيان اإلداري .ال سيما إذا كانت املعارضة من
املستويات العليا للتنظيم حيث يرفض املسؤولون أي تغيير قد يهدد
مصالحهم ،أو يستوجب إعادة النظر في أسلوب قيادتهم للمنظمة ،تحسبا
ملهام جديدة هم في غنى عنها.
306
تندرج تحت قوى املقاومة فئة أقل خطورة بالرغم من سلبيتها وهي فئة
الرافضين للتغيير بمجرد الرفض ،إضافة إلى قوى املحافظة على القديم،
وهي ترتبط بالوضع الراهن ارتباطا عاطفيا ،أكثر من كونه عقالنيا
ومحسوبا ،وترفض الجديد إال إذا قدم في ثوب القديم ،وهذه الفئة تضم
املتقدمين في السن الذين يرون في استمرار القديم استمراريتهم ،والتغيير
في ظنهم سيلغي كيانهم املنهي وخبرتهم ووجدانهم.
3.1أسباب مقاومة التغيير:
إن نمط التنظيم واملناخ الذي تعمل فيه املنظمة وكذلك ثقافتها
واستراتيجيتها ،كلها عوامل تسهم في تحديد حدة املقاومة املتوقعة من
األفراد ،فاملنظمة القائمة على املركزية ووحدة السلطة ،عادة ما تزيد فيها
حدة املقاومة ،كما تتعدد أسباب مقاومة التغيير بتعدد جوانب الخسارة
املتوقعة "اجتماعية ،اقتصادية ،عاطفية ومعنوية وأمنية وعقالنية" إذ
يقول الكاتب م انفريد آف في كتابه "الحياة واملوت" أن "التغيير يطلق كما
هائال من مشاعر الخوف من املجهول ،وفقدان الحرية وامليزات أو املراكز
والصالحيات واملسؤوليات وفقدان ظروف العمل الجيدة والدخل املادي
الجيد".
قد تصدر املقاومة من األفراد وهو الشائع ،حيث يكون قرار التغيير
من أعلى ،إذ ال يستمع الفرد إال ملا يتالءم مع أفكاره وعاداته ومصلحته
ونظرته لألمور ،كما أنه يترجم أي معلومات يستقبلها حسب مرجعيته
وواقعه ،وأي تغيير يتعارض مع كل هذا ال يرى الفائدة منه ،كما قد تكون
املقاومة من املسئولين حيث تأتي فكرة التغيير من املستويات الدنيا
للتنظيم ومن طرف أفراد يرفضون حالة االستقرار ويعتبرونها عائقا ألي
307
محاولة لإلبداع ،ويكون الرفض نتيجة الرتباط املنظمة بعادات وقيم
وسلوكيات تشكل ثقافتها لعدة سنوات ،كما قد يكون ألسباب مادية بحتة،
أو لتعارض التغيير مع اتفاقيات املنظمة مع منظمات أو تنظيمات خارجية
مثال ،ويمكن سرد هذه التخوفات كما يلي:
أ .التخوفات املعنوية والعاطفية :تتمثل املقاومة العاطفية في رفض
للتغيير نفسه ،يكون عادة لدى دعاة الحالة القائمة املستقرة ،السيما
أولئك الذين ال مصلحة لهم في عملية التغيير ،بغض النظر عن نوعية
التغيير أو نتائجه ويشكل حالة من عدم االستقرار النفس ي الناتجة عن
الخوف من املجهول الذي يخبئه التغيير ،أو عدم االرتياح للقائمين عليه
وعدم الثقة بهم.
ب .التخوفات األمنية واالقتصادية:
قد يكون الدافع ملقاومة التغيير أمنيا ،أين يشعر الفرد أو الجماعة
بعدم السيطرة على مستقبلها ،أي الخوف من املجهول ويمكن سردها كما
يلي:
التخوف من استبدال بعض املسؤوليات والوظائف وتغيير جدول
األولويات والترقيات؛
التخوف من فقدان السلطة أو عالقات السيطرة والنفوذ
السائدة؛
عندما يهدد التغيير املصالح الشخصية لألفراد ونزع بعض
االمتيازات وبالتالي األمان النفس ي لهم.
308
تخفيضات في املداخيل واملكافئات الناتج عن حاجة املؤسسة إلى
تغيير في ميزانيات األعمال مثال ،أو توقع الخسارة أو ظهور تكاليف غير
مجدية نتيجة لعدم السيطرة على عملية التنفيذ.
إن هذه التخوفات قد تكون مبنية على أساس حقيقي وصحيح ،نتيجة
االطالع على البرنامج التغييري ،كما قد تكون مجرد مخاوف وهمية جراء
غياب تجارب سابقة في هذا املجال.
ت .التخوفات العملية والثقافية:
غالبا ما تجد فكرة التغيير مقاومة تختلف حدتها باختالف نوعية
التغيير والثقافة والنتائج املترتبة عنه ،السيما إذا تعلق األمر بالجوانب
العملية وكيفية أداء العمل ،نظرا لتكوين الفرد لعادات وأنماط سلوك
تحدد طريقة تصرفه واستجابته للمواقف ،ويشكل التغيير بالنسبة له
خطرا يهدد هذه األخيرة ،فقد أصبح مبرمجا عليها ويعتقد أنه ليس بإمكانه
تغييرها ،ومن أهم هذه التخوفات:
صعوبة تبني أسلوب حياة أفضل ،وفي هذا الصدد كتب يون
كنيث بجامعة هارفارد مؤلفه (طبيعة فقر الجماهير) أين يتساءل عن
سبب تقبل الشعوب للفقر لعدة قرون ،واستنتج بعد دراسته ألربع
مجتمعات ،أن هذه األخيرة تفضل الفقر بالرغم من قساوته على التحدي
املتمثل في إيجاد أسلوب يؤدي إلى حياة أفضل؛
تخوف العمال من عدم كفاءتهم في العمل في ظل النظام الجديد،
وضرورة تعلم مهارات جديدة وتجميد املهارات املكتسبة ،وخسارة الخبرة
واملعرفة القديمة؛
309
إذا ارتبط التغيير بضغوط عمل كبيرة ،أو تغيير في املواقع واألدوار
واملصالح واملسؤوليات ،أو توقع عدم التكافؤ بين برنامج التغيير واإلمكانات
املتاحة ،وكذا الخوف من الفشل جراء التجارب الفاشلة.
قد تكون ثقافة املنظمة مصدرا للمقاومة أيضا ،فالقواعد والقيم
الناتجة عن سلسلة من حاالت االستقرار والثبات تجعل األفراد يتصرفون
بطرق تعودوا القيام بها دون تفكير ،وأي تغيير يرغمهم على العمل بطرق
مغايرة سيخلق مقاومة ،بل قد يظهر للمسئولين جليا عدم جدوى
املمارسات املوجودة وأنه من الضروري تغييرها ،بالرغم من ذلك يرفضون
هذا نتيجة تعودهم على إدارة األعمال بشكل معين ال يستطيعون تغييره،
وبالتالي كلما طالت فترة الحالة القائمة كان التغيير أصعب ومقاومته أكبر،
لذلك ينصح بتبني التغيير كثقافة سائدة باملنظمة بدل إجراء تغييرات
متباعدة املدى يستهجنها األفراد والجماعات وحتى القادة.
ث .التخوفات االجتماعية:
قد يهدد التغيير العالقات االجتماعية املكونة بين األفراد ،وأهم أشكالها:
إلغاء التواصل املألوف بين األفراد أو مع الزبائن أو املدراء ،مما
يفقد الفرد الشعور باالنتماء إلى الفريق أو الجماعة أو املؤسسة بذاتها،
إضافة إلى عدم الثقة في فريق التغيير السيما إذا ارتبط بأسباب شخصية
أو عالقات سلبية بينه وبين العمال.
عادة ما تطور جماعات العمل قواعد غير رسمية تميز سلوكياتها
وتسير العالقات بين أفرادها ،وأي تغيير في هذه القواعد حتى وإن كانت
خاطئة من شأنه إضعاف قوة هذه العالقات وفرص التفاعل االجتماعي،
أو حتى تغيير عناصر الجماعة نفسها ،قد يالقي مقاومة شديدة؛
310
إذن من الصعب تقبل التغيير الذي يمس تجانس الجماعة أو يغير
قواعدها ،إذ تعودت الجماعات على هذه القواعد كما تعود األفراد على
عناصر جماعتهم ،وخوفا لفقدان الجماعة لتجانسها بتغيير عناصرها.
ج .التخوفات املعلوماتية :من أهم أسباب مقاومة التغيير ،عدم
الشفافية ونقص املعلومات ،وينتج عنها:
عدم إدراك األفراد لنقاط ضعف املنظمة ونقاط القوة التي
يوفرها التغيير نتيجة استبعادهم عن العملية؛
عدم وضوح أهداف التغيير نتيجة عدم مشاركة األفراد في
التخطيط له ،إضافة لعدم تفهم املوظفين لبرنامج التغيير ،السيما إذا
أساء الفريق إدارته وتنفيذه وعدم ظهور النتائج بالسرعة املطلوبة؛
جهل األفراد للمهام املوكلة لهم باملستقبل والتخوف من عدم
القدرة على تعلمها ،ونقص املعرفة عن كيفية التعامل مع الوضع الجديد
وباملقابل ،صعوبة اإلفصاح عن كل هذا.
قد تكون هذه األسباب عقالنية ومنطقية ونابعة من تحليل وتقويم
عقالني لجدوى التغيير ،أو عاطفية ونفسية ترفض التغيير نفسه ،كما قد
تكون داخلية أو خارجية كاملستفيدين الخارجيين من خدمات املنظمة،
كما قد تكون هذه التخوفات تصورا خاطئا بعدم وجود تخلف إداري أو
اقتصادي في املنظمة املقصودة ،أو اعتبار التغيير أمر نظري ،أو االعتراف
بكل هذا وعدم االقتناع بإمكانية معالجته أو الشك بكفاءة القائمين على
ذلك ،وقد يحدث أحد هذه األسباب أو بعضها ،وقد تجتمع كلها مشكلة
مقاومة أكثر شدة.
311
يعد فرض التغيير على األفراد والجماعات أهم عوامل مقاومته ،حيث
يرونه تهديدا ملصالحهم السيما إذا تكون رأي جماعي ضد التغيير ،يبرز
احتماالته السلبية ويحرض الجماعات ضده وضد قادته ،والذي يدعمه
التنظيم غير الرسمي والتنظيمات املختلفة كالنقابات العمالية ،التي تلعب
دورا هاما في الحفاظ على الحالة القائمة بدافع ظاهري يكمن في الحفاظ
على نسق العالقات االجتماعية ،وبدافع ضمني يكمن في الحفاظ على نطاق
النفوذ أو التأثير املمارس الذي تتمتع به هذه التنظيمات ،بحيث تحتاج إلى
وقت للتفكير في الطريقة التي تجعلها تتقبل التغيير مع الحفاظ على
امتيازاتها ،حتى إن اضطرت للتغيير هي األخرى.
من نتائج مقاومة التغيير السيما القادمة من طرف اإلدارة العليا -أي
القادة السلبيون -أن يقوم هؤالء بالقضاء على فكرة التغيير في مهدها،
السيما إذا كان يهدد مصالحهم وامتيازاتهم ،وذلك من خالل تضييق نطاق
الحرية واملشاركة ،وتوسيع نطاق األوامر واملرؤوسية ،أما إذا عجز القادة
على القضاء على التغيير وقواه اإليجابية ،فهم يلجؤون إلى اإلرجاء
والتعطيل أطول فترة لقضاء مصالحهم ،وذلك من خالل:
التشكيك في مدى ضرورة التغيير وعدم التسرع فيه؛
التشكيك في قوى التغيير بحجة أن التغيير طموح شخص ي أو
تصفية حسابات مع القادة؛
التشكيك في مدى توفر اإلمكانيات واملوارد الالزمة للقيام
بالتغيير؛
التشكيك في نتائجه وعوائده ومدى إمكانية تحقيقها أصال،
والتشكيك في مدى سالمة أسلوبه؛
312
تقليل االعتمادات املالية وتوجيهها إلى أغراض أخرى ،وتوجيه
طاقة قوى التغيير إلى قضايا جانبية.
إن الظاهر هو أن مقاومة التغيير أمر سلبي إذ يعيق سيرورة تنفيذه،
إال أنه أحيانا يصبح إيجابيا انطالقا من األبعاد التالية:
املقاومة تدفع اإلدارة إلى توضيح أهداف التغيير ووسائله وآثاره،
وتفعيل عمليات االتصال وتنقل املعلومات ،وتعرف املديرين أكثر على
انشغاالت األفراد وإعطاء فرصة أكبر ملناقشة وتفهم التغيير؛
تكشف املقاومة عن نقاط الضعف املوجودة في برنامج التغيير
املقترح ،وطرق حل املشكالت واتخاذ القرارات ،إذ يمكن تحسينه شكال
ومضمونا ،مما يدفع املنظمة إلى إعادة النظر وتحليل أدق للعملية ونتائجها
املحتملة وتفحص مقترحاتها للتأكد من مناسبتها ،وبالتالي تجنب قرارات
غير سليمة؛
تفيد املقاومة في إفشال التغيير الذي يحمل نوايا سيئة وتسيره
املصلحة الشخصية ،كما أنها تدفع إلى إنجاز التغيير اإليجابي إلثبات
ضرورته ،كما أن غياب املقاومة يؤدي إلى الفراغ االجتماعي ،وينبئ بغياب
قوة الشخصية الناتجة أساسا عن االختالف في اآلراء لدى األفراد.
من عادة املسيرين تبرير فشلهم في إدارة التغيير إلى املقاومة التي
تواجههم من طرف األفراد ،إال أن هذه األخيرة استجابة طبيعية تجاه ش يء
مجهول ،في الوقت الذي يفترض منهم التفكير في أسلوب يمكنهم من تحويل
املقاومة إلى فرصة ،وكسب املقاومين لصالح التغيير.
تمر مقاومة التغيير بمجموعة من املراحل تبدأ بالرفض التام للتغيير،
وتنتهي بقبوله والتحفيز لتنفيذه عند اإلدارة الجيدة للعملية ،أو باإلصرار
313
على رفضه ومحاولة إفشاله في حالة اإلدارة السيئة للعملية من جهة ،أو
اكتشاف عدم جدوى مشروع التغيير املقدم من جهة أخرى ،وهذا ما سيتم
التطرق إليه فيما يلي.
.2مراحل مقاومة التغيير:
يشتمل التغيير على مخاطر وفرص ،فإن االستجابة األولية لألفراد،
تنظر للتغيير على أنه خطر أو تهديد موجه إليهم ،فتكون املقاومة ،وفور
حدوث التغيير يبدأ التعود عليه ورؤية الفرص الجديدة التي يتيحها،
واالقتناع باألساليب الجديدة ،حينها يكون التغيير قد بدأ في الطريق
الصحيح ،نحو التطبيق الناجح.
تتمثل املخاطر في مرحلتي اإلنكار واملقاومة أما الفرص فتتمثل في
مرحلتي االستكشاف وااللتزام ،والتي يبينها نموذج مراحل املقاومة "العملية
االنتقالية" والتي يبينها الشكل التالي:
314
نموذج مراحل املقاومة "املرحلة االنتقالية إلى التغيير"
315
في كل مرحلة من هذه املراحل املوضحة في الشكل أعاله ،يأتي دور
القائد في مساعدة األفراد واملجموعات على عبورها بنجاح ،من خالل
متابعة األفراد ملعرفة ردود أفعالهم أثناء عملية التغيير وتحليلها والتعامل
معها .حيث في املرحلة األولى والثانية (اإلنكار واملقاومة) يتشبث الفرد
باملاض ي وفي املرحلتين الثالثة والرابعة (االستكشاف وااللتزام) يبدأ األفراد
النظر نحو املستقبل ،ونحو الفرص التي يمكنها أن تبنى ويتم سرد هذه
املراحل تباعا فيما يلي.
1.2فترة اإلنكار (الرفض):
عند اإلعالن عن التغيير تظهر االستجابة األولية في شكل ال مباالة،
واستمرارية األمر على ما هو عليه ،وقد تطول هذه الفترة إن لم يتم التدخل
من طرق القائد ومطالبة األفراد بالتغيير مباشرة ،فبعض القادة يعتقدون
أنه ال مبرر لهذه الردود ،وليس من حق األفراد اإلفصاح عن آرائهم حيال
التغيير وقبوله مباشرة ،ما داموا يحصلون على مقابل مادي لقاء عملهم،
ومن بين هذه الردود االنسحاب والهرب من املسؤولية وااللتزام بالطرق
التقليدية لألداء ،والدفاع عن اإلجراءات القديمة ،ورفض التغيير وتجاهله
باعتبار أنه ال منفعة منه وال حاجة له .ويتوجب على القائد في هذه املرحلة:
مواجهة األفراد باملعلومات والحقائق حول التغيير ،والتركيز على
اإلطار العام وتأجيل التفاصيل؛
اقتراح اإلجراءات التي يمكن أن يقوم األفراد بها للتكيف مع
التغيير وإتاحة الوقت الكافي لذلك.
316
إذن على القائد تتبع سلوكيات األفراد في هذه املرحلة ،ومحاولة
احتوائهم ،لتخفيف وطأة التغيير عليهم ،فإذا تحكم القائد في إدارة هذه
املرحلة قد ال يحتاج األفراد أو معظمهم إلى االنتقال للمرحلة املوالية.
2.2مرحلة املقاومة:
أين تتردى اإلنتاجية إلى حد كبير ويسود االضطراب والسلبية وتكثر
االحتجاجات ،والحوادث واإلجازات املرضية والغياب ،كما يتم في هذه
املرحلة اإلعداد إلفشال مشروع التغيير ،وإن أخطر أنواع املقاومة هي
املقاومة املستترة ،حيث ال يمكن اكتشافها إذ يبقى الحال على ما هو عليه
دون استجابة حقيقية للتغيير أين يحتفظ األفراد بالسلوكيات القديمة
سرا ،فإن التعبير عن املقاومة هو أولى بوادر تخفيفها ،السيما إذا وجدت
القائد الذي يشارك األفراد انشغاالتهم ويعمل على تجاوز هذه املرحلة.
يتدخل القائد لخفض عالمات املقاومة هذه ،من غضب ولوم وقلق
وإحباط وصراع من خالل:
تقبل تصرفات املقاومين والتواصل معهم وتشجيعهم على
املناقشة املشتركة ملشروع التغيير؛
التأكيد على ضرورة التغيير وضرورة قبوله؛
التريث وعدم تعجيل عملية التغيير لحين احتواء أكبر قدر من
املقاومة.
3.2مرحلة االستكشاف واالستفسار:
هذه املرحلة تعد أولى الخطوات نحو التغيير ،حيث يتم التعبير على
تحفظات املقاومين عن التغيير وأسباب رفضهم له ،وهي مرحلة تفاوض
نسبي حول مضمون التغيير ،وتغيير بعض تفاصيله بما يتماش ى ورغبات
317
واحتياجات املقاومين وظروفهم ،أو تطوير قدراتهم للتماش ي مع التغيير ،أو
تبني املدخلين معا لتحقيقا الندماج.
قد تكون نتيجة التفاوض بين املقاومين واملروجين للتغيير الفشل ،إذ
قد ال يتمكن دعاة التغيير من إقناع املقاومة ،أو تكييف التغيير وفقا
لرغباتهم ،في هذه الحالة يحدث أحد أمرين:
إفشال التغيير سواء رفضا ملوضوعه أو ملروجيه ،أو حفاظا على
الحالة القائمة إلدراك عدم جدواه ،ومن أهم مظاهر محاوالت اإلفشال،
اإلضرابات واالستقاالت أو التحويل أو حتى اللجوء إلى العدالة عندما يكون
مجحفا في حقق األفراد ،وتنجح محاوالت اإلفشال عادة نتيجة السلطة
التي تملكها املقاومة واملستخدمة ضد مروجي التغيير بمحاولة إيجاد نقاط
ضعف لبرنامج التغيير إلبطاله ،أو لعدم جدواه؛
فشل محاوالت إبطال برنامج التغيير ،أين تحدث حالة إحباط
للمقاومين في شكل تشوش للرؤية وإحساس بالظلم أحيانا ،والتي قد تطول
أو تقصر تبعا لشدة املقاومة ،ووفقا لكم التغييرات الالزم إجراؤها.
باملقابل قد تكون النتيجة تقارب وجهات النظر واملرجعيات حول
فائدة التغيير وحاجته ،ومحاولة رؤية األمور من زاوية أخرى تجعل التغيير
أكثر تقبال ،ومحاولة االستعداد لواقع جديد ،بمعتقدات وثقافة ورؤى
جديدة ،وتقبل التغيير املقترح من زاوية املصلحة والحاجة واملنفعة التي ال
تزال غير واضحة جيدا.
تعد هذه املرحلة األطول وتحتاج إلى تعاضد أفراد املنظمة في مختلف
مستوياتها ،أين تنطلق طاقاتهم باتجاه التركيز على املستقبل ،حيث يحاول
العاملون تشكيل املهمات الجديدة ،والبحث عن طرق جديدة للتواصل،
318
وتعلم ما يمكن أن يفديهم في املستقبل واستطالع سبل النجاح في التغيير،
ومحاولة استثمار طاقاتهم وأفكارهم إلبداع طرق جديدة للعمل ،أين يظهر
إفراط في االستعدادات الشخصية واالرتباك والخوف وكثرة األفكار
الجديدة ،وتزايد املطلوب إنجازه ،وعدم القدرة على التركيز ،وانخفاض
مستوى القدرة على العمل والتضارب في املسؤوليات أين يتوجب على قائد
التغيير ما يلي:
التركيز على األولويات التي يمكن إنجازها ،وتقديم الدعم
والتدريب الكافي مع ضرورة التواجد؛
مراقبة مدى تقدم العمل مع التركيز على األهداف قصيرة األجل،
وتشجيع األفراد عن طريق أساليب توليد األفكار الجديدة ،وتجنب الرفض
السريع لألفكار ،وتشجيع الجهود املبذولة بكل الطرق املتاحة.
4.2مرحلة االلتزام واالندماج:
هي مرحلة تقبل كاملة للتغيير ووضوح الرؤية ،يتم خاللها العمل على
إدراج املمارسات والسلوكيات الجديدة ضمن روتينيات املنظمة ،ورفض
أي محاولة للعودة إلى املمارسات القديمة ،حيث يتم االقتناع بالحاجة
للتغيير ومنفعته؛ أين يتم التركيز على خطة العمل لتنفيذها بنجاح يكون
فيها األفراد والجماعات جاهزين لتعلم الطرق الجديدة للعمل معا وتبني
القيم الجديدة ،ووضع مجموعة من األهداف وتوضيح كيفية الوصول
إليها بطرق إبداعية ،أين يقوم القائد بما يلي:
إشراك العاملين في وضع األهداف طويلة األجل ،والتركيز على
املتميزين ،وبناء فريق عمل للتعاون والتنسيق ملواجهة التحديات الجديدة؛
مكافئة املستجيبين للتغيير وتحديد املعايير العادلة لذلك.
319
تعد هذه املرحلة من املراحل الحرجة في املقاومة إذ من الصعب ترك
سلوكيات وممارسات تم التعود عليها وإتقانها ،بأخرى جديدة أقل كفاءة في
أداءها ،إضافة إلى عالقات ولغة تواصل جديدة.
قد ال تأتي هذه املراحل متتالية بهذا الشكل بالنسبة لكل األفراد ،فإنهم
قد ال يتواجدون في ذات املرحلة في الوقت نفسه ،ألن كل فرد يحتاج إلى
وقت معين للمرور باملراحل سابقة الذكر.
.3مقاومة المقاومة ومداخل إدارتها:
إن التغيير حالة من عدم االتزان ،إذ أنه حالة غير مألوفة وتحتاج إلى
إثبات لجدواها ،وبما أن التغيير في معظم حاالته يبدو في مظهره إيجابيا،
إال أنه لدى األفراد شك دائم في نتائجه ،وفي نوايا وقدرات قادته ،لذلك
عليهم التحلي بالشفافية لكسب ثقة هؤالء ،واتباع التدابير الالزمة
المتصاص املقاومة ،أو تخفيفها ،والتغلب عليها ،وكسبها في صف التغيير.
قد تكون جهود التغلب على املقاومة عملية قبلية أو بعدية ،واألجدى
أن تكون قبلية لتفادي حدوثها من خالل توقعها؛ وذلك بتحليل برنامج
التغيير واستنتاج الجوانب التي قد تشكل دافعا للمقاومة ،ومن ثم تبني
الحلول املالئمة لتجنبها مسبقا وتحضير األفراد لتقبل التغيير والتحمس
له .أما عملية مقاومة املقاومة البعدية ،تعد األصعب من حيث احتواءها
إذ يصبح لألفراد انطباع سلبي يمثل تجاهلهم واستبعادهم عن عملية
التغيير ،وفي كال الحالتين يتوجب تحديد العوامل املحددة ملقاومة املقاومة
لتحديد مداخل إدارتها.
1.3العوامل املحددة ملقاومة املقاومة:
إن أحد األسباب املعيقة للتغيير ضعف العالقات االجتماعية في
املؤسسة ،لذلك فإن تعديل السلوك من أهم أسباب النجاح في عملية
320
التغيير ،بدءا برسم صورة عن الثقافة التنظيمية التي يرغب فيها قادة
التغيير وفقا للنماذج الثقافية املتاحة والنتائج االستراتيجية املفترضة،
ومن ثم إقناع األفراد باالنصياع لها ،وتكمن الصعوبة حينها إذا طلب منهم
تغيير سلوكهم تماما وليس تعديلها فقط.
على املديرين والقادة تحليل التغيير والتنبؤ بالنتائج املترتبة عليه
ملعالجة املقاومة الظاهرة ضده ،إذ يقول لوين "إن املؤسسات تكون في
حالة توازن ،وهي حالة الوضع الراهن ،أين تتوازن قوى املعارضة مع قوى
الدفع فال يكون التغيير ،ومن أجل إحداثه البد من خلق نوع من عدم
التوازن بين الطرفين ،بدءا بخفض املعارضة أو إزالتها ،مما يجعل العوامل
املؤيدة للتغيير تندفع أوتوماتيكيا إلى األمام "،لذلك على القادة التركيز على
التدريب الالزم للتعرف على القوى املؤيدة واملعارضة ،واتخاذ اإلجراءات
الالزمة إلدارة التوازن في االتجاه املطلوب ،ولو أمكن تجميع القوى املؤيدة
واملعارضة في رؤية واحدة شاملة ،لحصلنا على سلسلة من السلوك
املناسب إلدارة التغيير ،ويعتمد هذا على:
مدى خبرة ونضج متخذ القرار اإلداري ،ووعيه بأهمية التغيير،
فك لما كان ناضجا ومكتمل التكوين والشخصية ،كلما كان معترفا ومتقبال
لضرورة التغيير ،واستيعاب مطالبه وأسلوبه؛
حجم الضغوط التي تمارسها قوى التغيير ،فإذا كان التغيير يمثل
مطالب جماعية ،كانت قوة الضغط من أجل التغيير قوية ،ومهيمنة على
فكر األفراد في مختلف املستويات اإلدارية ،والعكس صحيح؛
املرحلة التي بلغها التغيير ،فلكل منها طابعها الخاص ودرجة
استجابة خاصة ،فكلما كانت املرحلة متقدمة ،كانت االستجابة للتغيير
321
أفضل حيث تظهر معامله ،وأهدافه وبعض نتائجه ،أما إذا كان التغيير
مجرد فكرة أو أمل ،فهو ال يلقى استجابة قوية نتيجة لغموض مالمحه.
2.3مداخل مقاومة املقاومة :تختلف أساليب خفض مقاومة التغيير
وفق الظروف التي يتواجد فيها التغيير املقترح ،ووفقا للمكونات الشخصية
ملروجي التغيير ومقاوميه ،ومن أهم أساليب التقليل من املقاومة:
الشفافية وتوفير املعلومات عن املشكلة ،والبدائل وطرق التدخل
وأثرها على تحسين األوضاع؛
مشاركة األفراد في التخطيط وتنفيذ عملية التغيير ،ورفع
الحماس من خالل توفير حوافز للمنفذين؛
التعليم والتدريب على املهارات الالزمة للتغيير ،وتحسين القدرة
التحليلية لدى األفراد؛
تفويض األفراد على أداء بعض مهام التغيير وتحميلهم وإشعارهم
باملسؤولية ومتابعتهم؛
املهارة القيادية لعملية التغيير ،واالتصال بين املنفذين واملدراء؛
مساندة اإلدارة العليا من خالل تحديد الرؤية واألهداف والخطط
األساسية للتغيير ،وتوفير الدعم املادي واملعنوي الالزمين ،واإلشراف على
أنشطة التغيير ومتابعتها ،وكذا التنسيق بين الوحدات املشتركة في التغيير،
وتعويض املتضررين ماديا أو معنويا.
باملقابل هناك بعض املمارسات يجب تفاديها وأهمها:
غياب التحسيس بأهمية التغيير وأن تكلفة عدم التغيير أكبر من
تكلفة إجرائه ،وأنه أكبر من التفكير في عدم القيام به؛
التخطيط للتغيير وتنفيذه دون مساندة فريق عمل قريب من
322
اإلدارة ،مما يضعف من إمكانية تقبله؛
عدم تقديم أهداف واضحة لبرنامج التغيير مما يضعف الحافز
للقيام به؛
إهمال دور االتصال في عملية التغيير ،مما يعطي انطباع لألفراد
بالتهميش واالستبعاد؛
إهمال عوائق التغيير السيما تلك املتعلقة باألفراد املتضررين
منه ،مما ينتج عداء قوي لهؤالء للتغيير.
التأخر في تقديم أو اإلعالم بالنتائج األولى للتغيير ،بالرغم من
دورها في تهدئة املقاومة؛
عدم إدراج التغيير ضمن ثقافة املنظمة ،وهذا أخطر خطأ إذ أنه
يصبح حبرا على ورق وال يتم تبنيه من طرف األفراد والعودة للممارسات
والسلوكيات القديمة.
قد يكون الدافع لتعاون األفراد مع التغيير ماديا أو ملزيد من االستمتاع
والرضا بالعمل أو والء للمدير أو خوفا من خسارة املنصب أو العتقادهم
أنه عملهم الذي يجب أن يقوموا به ،وإن التعاون الفعال هو الذي يكون
بإرادة من األفراد وليس رد فعل أو إرغاما ،حيث يدفعهم ذلك إلى التزامهم
ومسؤوليتهم عن النتائج ،وبالتالي حماس مرتفع لتحقيق ذلك وهذا ما
يسمى بااللتزام الداخلي ،حيث يصل الفرد إلى اإلحساس بأنه يلبي
احتياجاته الشخصية ،متأثرا بقواه الخاصة ،وليس تأثير قوى خارجية
تحثه على العمل.
إن الفرد عادة ال يقاوم التغيير من أجل املقاومة فحسب ،بل بحثا
عن أمنه وبقاءه باملنظمة ،وبالتالي ال بد من توضيح أثر التغيير على
323
املؤسسة واألفراد والجماعات ،وتحديد الجوانب املستهدفة من طرفه وفي
أي وقت ،ودرجة تأثر مختلف البنى به ،إضافة إلى توضيح مختلف
تصنيفات العمال في مختلف املستويات اإلدارية ،وتوضيح نشاطاتهم
الحالية واملنتظرة ،وتحليل الجوانب التي يمسها التغيير من حيث الكفاءات
والتشغيل وأشكال التنظيم والسلوكيات ،ليس من أجل خفض مقاومة
األفراد فحسب ،بل لكسب تعاونهم في تحديد ما يجب فعله ،وتقديم
اقتراحاتهم وتبادل الخبرات داخل فرق العمل وفيما بينها إلنجاح التغيير.
ثانيا أنماط القادة ،وصفات قائد التغيير:
يحتاج القائد لتنفيذ التغيير إلى موافقة اآلخرين على أداء األشياء
بصورة مختلفة ،وكثيرا ما يتساءل هذا األخير عن كيفية جعل األفراد
يفكرون بكيفية مختلفة بالنسبة لعملهم ،وكيف يمكنه جعلهم يغيرون
كيفية أداءهم لعملهم ،وتبني عمليات جديدة ونظم إدارية وتقنية معلومة
جديدة ،وكيفية تغييره للعالقات بينهم "عمل الفريق ،املشاركة في
املعلومات ،وحل املشاكل ،توفير الدعم لبعضهم" .ومن أجل تحديد
صفات القائد املغير يجب أوال التعرف على أنماط القادة بصفة عامة،
ملعرفة أيها أنسب لقيادة التغيير.
.1أنماط القادة:
لقد أصبحت إدارة التغيير من أهم نقاط التركيز لدى مديري العصر
الحديث ،إلدراكهم أن اإلعداد ملنظمة دائمة التغيير ،أفضل من التخطيط
ملنظمة مستقرة تعتبر التغيير ظاهرة تلقائية تتحقق من خالل النمو
التدريجي لها ،وألن شرارة التغيير عادة تبدأ من املدير نفسه ،فهو مطالب
بتقييم قدراته ومهاراته ونقاط قوته وسلبياته ،وفيما يلي األنماط املختلفة
324
ل لقادة التي تمكن املدير من معرفة أي نمط هو ،وأي الخصائص يجب أن
يتميز بها ليصبح قائدا للتغيير.
1.1تصنيف القادة وفقا لدرجة االنفتاح:
يصنف القادة وفق هذا املعيار إلى تحفظي وتقدمي ،نتيجة الختالف
القدرة على التفاعل ونوعية االتصاالت مع العالم الخارجي ،وسيتم
توضيحهما فيما يلي:
أ .القائد التحفظي:
يتصف القائد التحفظي بمعرفة جيدة بظروف العمل الداخلية ،وبعده
عن العالم الخارجي ،حريص على االتجاهات التقليدية باملنظمة ومتأثر
بقيمها أكثر من تأثيره عليها.
ب .القائد التقدمي :يتصف النمط التقدمي بالتأثير الفعال باملنظمة
وفعالية اتصاالته بالعالم الخارجي وحسن استقباله لألفكار الخارجية
والتفاعل معها واالستفادة منها ،ومن الواضح أن هذا النمط هو األكثر
قدرة على قيادة التغيير ،نتيجة انفتاحه على العالم الخارجي وقبوله
للخوض في املجهول.
2.1تصنيف القادة وفقا لدرجة املهارة القيادية:
يقدم روبنسون تصنيفا آخر للقادة وفقا لدرجه مهارتهم في تولي القيادة
سيتم ذكرها فيما يلي:
أ .القائد املاهر :يتصف هذا النمط من القادة بما يلي:
قلة انشغاله بتفاصيل املهام الروتينية لإلدارة ،وتركيز اهتمامه
باملنتج والعميل ،إال أنه محدود االتصال ،وقليل االهتمام بتطوير فرق
العمل؛
325
\ يعتبر نفسه أحد أعضاء الفريق ،ويتم االعتماد عليه في كل
أعمال املنظمة ،مما يفيد جهود النمو املتوقعة في إدارة التغيير؛
يتم االعتماد عليه في أداء األعمال اإلدارية ،وبالتالي عدم وجود
فريق حقيقي لإلدارة.
لعل الظاهر أن هذا النمط مالئم أكثر لقيادة التغيير ،إال أن اعتماده
على نفسه في تنفيذ مختلف املهام ،يضعف من كفاءة فرق العمل في تنفيذ
التغيير وتبني مبادئه.
ب .القائد األسطوري:
من صفاته ما يلي:
يحرص على تطوير مهاراته في العمل ،وتوسيع أفكاره ومشاركتها
مع اآلخرين ،وتظهر مهاراته في أوقات األزمات ،إذ ينظر إليه كبطل
أسطوري ،ألنه يحتفظ باملهام الرئيسية الهامة لنفسه نظرا لعدم وجود
الكفاءات التي يمكنها التعامل مع مثل هذه املهام ،كما أنه الوحيد الذي
يعرف مجريات األمور؛
يبادر بوضع اإلجراءات الروتينية لإلدارة بالرغم من انخفاض
مهارة األفراد ،وال يولي الوقت الكافي للتفكير االستراتيجي ،أو التعامل
الفعال مع التغيير ،وال يهتم بتدريب األفراد على اتخاذ القرارات.
مثل هذا القائد ال يمكنه قيادة التغيير بنجاح ألنه ال يحسن إعداد
األفراد ال لتقبل التغيير وال للقدرة على تنفيذه ،كما ال يملك الوقت الكافي
للتفكير في عملية التغيير نظرا النشغاله باملهام الروتينية.
ت .القائد الفضولي:
يتميز القائد الفضولي عن غيره من القادة بما يلي:
326
يعمل على رفع مستوى مهاراته اإلدارية ،ويركز على تعديل النظم
اإلدارية ،ومراقبة ومتابعة األفراد ،ممن فوض إليهم بعض أعماله منعا
لحدوث األخطاء؛
يحرص على القراءة واالطالع لزيادة معرفته ،مشكلته الرئيسية
إدارة األعمال الروتينية ،وانشغاله بالتدخل في أعمال اآلخرين ومراقبتهم،
مما يحد من وضع استراتيجية تغيير فعالة.
ث .النمط االستراتيجي:
من صفاته ما يلي:
قادر على رؤية املستقبل واملحافظة على استمرارية عملية التغيير
وتقدمها ،وتحفيز وإعطاء الصالحيات الكاملة لألفراد ،كما يحرص على
تطوير مستوى مهاراتهم وقدراتهم؛
يحرص على تخصيص وقت أكبر للتفكير االستراتيجي ،مع
املتميزين من الفريق ،دون إغفال دوره في املتابعة وحل املشكالت وتوجيه
األفراد.
يظهر جليا أن هذا النمط أكثر تجاوبا مع توجهات التغيير واحتياجاته
الهتمامه بالجوانب االستراتيجية دون إغفال الجوانب الروتينية ،كما ال
تلهيه عملية صقل مهاراته عن تطوير وتنمية قدرات مرؤوسيه.
.3صفات وأدوار ومهام قائد التغيير:
إن االهتمام بمختلف حيثيات الشخص الذي سيتولى قيادة التغيير لم
يأتي من فراغ ،بل يعود للحساسية التي تكتنف العملية ،السيما إذا تعلق
األمر بتغييرات جذرية واستراتيجية.
327
1.3صفات قائد التغيير:
إن تولي القيادة أثناء التغيير ليس باألمر الهين ،حيث يمثل حجر الزاوية
في فعالية مسار التغيير وبلوغ ما هو متوقع تجاه قضايا التغيير ،إذ يحتاج
األمر إلى مهارات إدارية مختلفة وتحديات جديدة وجهود أكبر ،وبالتالي ،من
يكون هذا القائد ،هل هو املدير أو صاحب الفكر التغييري؟ فاملدير بدون
فكر تغييري ال يمكنه قيادة عملية التغيير ،كما أن أصحاب الفكر التغييري
دون سلطة أو تفويض أو دعم الجهات ذات التأثير القوي في املنظمة ،ال
يمكنهم املض ي قدما لتحقيق التغيير ومواجهة املقاومة.
تعرف القيادة التغييرية بأنها "عملية ديناميكية تعبر عن العالقة
التفاعلية بين القائد ومرؤوسيه أو تابعيه" حيث يمكن للقائد أن يؤثر في
سلوك مرؤوسيه تأثير إيجابيا إذا أدرك هؤالء كفاءته ،كما تعرف بأنها
"قدرة الفرد في التأثير على األخرين وتوجيههم وإرشادهم ،من أجل كسب
تعاونهم وحفزهم للعمل بدرجات كفاءة عالية لتحقيق األهداف
التنظيمية" ويقول jihim kotterوهو أستاذ إدارة التغيير في جامعة هارفارد
في كتابه "قيادة التغيير" في هذا الصدد أنه "ال غنى ألي منظمة عن وجود
القيادة واإلدارة ،فوجود اإلدارة فقط يؤدي إلى وجود الجمود ،وعدم
مسايرة التقدم ،نظرا لتركيزه على التفاصيل دون النظر إلى الصورة
الكاملة ،وإلى تجنب املخاطرة والتركيز على التخصص ،والتمسك باللوائح
والقوانين ،أما إذا توفر الجانب القيادي فقط ،فيصبح التركيز على
الخطوط العريضة أو الصورة الشاملة دون االهتمام بالتفاصيل ،ويسود
عدم االلتزام باملصادر املتاحة ،وامليزانيات ،والتركيز على تجنيد الطاقات
دون التقيد بقواعد الرقابة ،مما يترتب عليه فرض التغيير دون مراعاة
املخاطر املحتملة" .أي أن عملية التغيير تحتاج إلى مديرين ذوي صفات
328
قيادية ،حيث يمكن تأهيل القائد إداريا والعكس غير صحيح ،فالقادة
يغيرون الوضع الراهن واملدراء يعملون على إدارته ،السيما وأن فكرة
التغيير قد تأتي من املستويات العليا أو الوسطى لإلدارة ،فيحتاج املدير في
هذه املستويات لتحقيق فكرته إلى صفات قيادية تمكنه من فهم وصياغة
رؤية حول وجهة سير فريق التغيير ،وإيجاد بيئة يتمكن فيها العاملون على
تجسيد الرؤية إلى واقع ،كما يمكن أن تأتي فكرة التغيير من املستويات
الدنيا للتنظيم ،أين يحتاج أصحاب الفكر التغييري ،إلى سلطة وفكر
إداري.
لكل قائد رؤية خاصة وصفات تؤثر في وجدان وعواطف األفراد ،وقدرة
على جعلهم يصغون إليه ويتقبلون آراءه ،مما يمكنه من توجيههم نحو
التغيير وإقناعهم على تقبل أعباءه ،ومن هذه الصفات:
أ.الزعامة الجماهيرية:
حيث يكون القائد أكثر األفراد إحساسا ومعايشة لظروف األفراد
وأحسن ممثل لهم ،بالقدرة على التعبير عن مصالحهم وأمانيهم
وطموحاتهم.
ب .الو اقعية:
أي االرتباط بالواقع ،والظروف السائدة واإلمكانيات واملوارد ،والقيود
والضوابط ،واملحددات التي تضع أطر اجتماعية وسياسية واقتصادية
وثقافية على حركة قوى التغيير.
ت .التواصل:
التواصل مع مجريات األحداث في الكيان اإلداري ،واالتصال الدائم
باألفراد وانشغاالتهم.
كما على القائد أن يتصف بالصفات التالية:
329
ث .املوضوعية:
أي قدرته على معرفة املتغيرات البيئية الخارجية والداخلية ،وتحليلها
بشكل عقالني وقدرته على تحليل الوضع الراهن بموضوعية.
ج .إدراك الذات :القدرة على تقييم الذات وفقا آلراء اآلخرين ،مما
يساعده في تقويم سلوكياته وممارساته.
ح .الرؤية السليمة:
القدرة على إدراك حاجات السوق ،وتكوين رؤية تتوافق مع حاجات
العمالء والعمال.
خ .التقمص:
أي أن يضع القائد نفسه موضع املرؤوسين ،ملعرفة حاجاتهم
واتجاهاتهم نحو العمل ،واملنظمة وأهدافها ونحو زمالئهم ،ونحو القيم
التنظيمية.
د .التفكيراالبتكاري:
القدرة على التفكير بأسلوب ابتكاري من أجل إيجاد حلول ابتكارية
للمشكالت.
ذ .ديناميكية األهداف:
يأتي املحك الرئيس ي للتعرف على قادة التغيير ،من خالل املهام التي
يضطلعون بها ،وقدراتهم املميزة إلدارة جهود التغيير ،لتحقيق ديناميكية
األهداف على ضوء إنجازاتهم املشهود لهم بها ،والقدرة على الحركة
السريعة ،واألخذ بزمام املبادرة ،ويمكن استعمال مدخل ديناميكية
األهداف لتحديد صفات قائد التغيير ،حيث تتطلب هذه األخيرة البعد عن
330
الجوانب الجامدة ألبعاد السلطة ،عند عرض وتطبيق أفكار التغيير ،وفيما
يلي أهم مالمحها:
ترتيب األولويات في ضوء االعتبارات واملتغيرات القائمة ،أثناء
وضع األهداف (في كافة الجوانب املوضوعية واإلجرائية التي قد تعيق سير
عمليات التغيير) فعندما تتغير األوضاع ،تتغير األهداف؛
تحديد أهداف األداء العادي وأهداف األداء املتميز ،من خالل
تشخيص ما يمكن اعتباره أداء متميز وأداء عادي ،في ظل اإلمكانيات
املتاحة ،كما يستدعي األمر ترجمة رقمية لتلك األهداف وجدولتها
لتصنيف املهام ،مع الفصل في خطط مختلف األقسام ،من أجل تحقيق
ديناميكية األهداف من عادية إلى متميزة؛
تجنب قادة التغيير الوقوع في خطأ افتراض أن األهداف تنصرف
إلى الوظيفة فقط وليس إلى املوظف أيضا ،فإن صياغة األهداف تأخذ
بالحسبان خبرة األفراد ،إذ يجب وضع أهداف متواضعة ،تالئم إمكانيات
املوظف قليل الخبرة واملعرفة ،إذ ال يمكن قياس األهداف العادية واملتميزة
بنفس املرجعية ،مع األخذ بالحسبان اعتبارات اإلخفاق ،السيما لألفراد
قليلي الخبرة؛
ضرورة التنسيق بين األهداف والتأكد من عدم التعارض فيما
بينها ،سواء على مستوى الوظائف واألقسام ،أو بين املستويات املختلفة
للتنظيم ،باستخدام أساليب اتصال تضمن تدفق املعلومات من أسفل إلى
أعلى السلم الوظيفي ،عند معالجة ومناقشة قضايا األهداف ،أين يشارك
الجميع في النجاح واإلخفاق؛
331
است خدام أساليب كمية للتنبؤ ألغراض الرقابة ورصد
االنحرافات لتصحيحها ،من خالل املقارنة بين مجريات عملية التغيير
بالتقديرات ،والتعرف على أسبابها ،فقد يكون موطن االنحراف في التطبيق
أو في التقدير مما يظهر أهمية التقييم؛
يجب أن تكون األهداف عادلة ،ليس فقط من وجهة نظر السلطة
بل أيضا القائمين على تنفيذها ،وينمي هذا االنطباع ،مشاركتهم في وضعها،
حيث يتمسك الفرد أكثر باألهداف التي يشارك في وضعها؛
الديناميكية في عملية التفويض ،حيث ال يكفي توزيع املهام من
منطلق ساكن ،إذ يجب تعريف املرؤوسين على نصيبهم في املسؤولية
العامة ،بالقياس إلى اآلخرين املساهمين معه في إنجاز الهدف ،وتحسيسهم
باالستقاللية في إنجاز أهدافهم وتحفيزهم من خالل تحسيسهم بفعالية
دورهم في عملية التغيير وتشجيعهم على التقدم بمقترحات وأفكار قد تفيد
في حركية األهداف نحو األفضل؛
بعد تسطير األهداف ،يقوم القائد بحل املشكالت الناجمة عن
تعارض آراءه مع آراء األفراد أو الناتجة عن كثرة األهداف الناتجة عن
تداخل األعمال ،وذلك من خالل وضع أولويات لألهداف من أجل تخفيف
عبء األعمال على املوظفين ،كما أن تحديد أهداف مثيرة وذات طابع
دافعي ومتحدية ومتفق عليها ،مع تغذية عكسية منتظمة ،يعد أسلوبا
ناجحا للتغيير؛
وضع األهداف موضع التنفيذ ،مما يقلل انطباع الشك وعدم
الطمأنينة حول مصداقية هذه األهداف الناتج عن ندرة املعلومات الالزمة
لوضعها كونها أهداف جديدة الرتباطها بعملية التغيير.
332
إن املشاركة في وضع األهداف والغايات تتطلب بيئة مصممة لحل
املشك الت ،ففي أوقات التغيير تصبح هذه األخيرة عرضة للتغيير املستمر
وينبغي أن تخضع للتقييم كل حين ،وتبدأ عملية املشاركة في وضع األهداف
بتقييم الوضع الراهن ،وتحليلها وتأكيدها من طرف القائد ،ثم توضيح
األهداف بحيث يمكن تحقيقها ،وتكون محددة ملا يراد إنجازه وقابلة
للقياس ومحددة زمنيا.
إن االلتزام بالهدف شرط ضروري لتحقيقه ،ويتأتى هذا من خالل
مشاركة العاملين في تحديده واستخدام الحوافز والتدريب ،وإدراك
شرعية سلطة املدير وإدراك أن األهداف عادلة ومعقولة.
يؤثر النجاح والفشل على سلوكيات األفراد ،لذلك من األفضل تجنب
األهدا ف املشكوك في إمكانية تحقيقها ،السيما في املراحل األولى للتغيير
تفاديا لإلحباط ،فإذا نجح القائد في كل هذا سيتجه األفراد بحماس نحو
تحقيق األهداف املسطرة ،بل قد يرسمون ألنفسهم أهدافا أشد تميزا
نتيجة اإلحساس باالنتماء للنظام واملشاركة في األداء املتكامل.
2.3أدوارومهام قائد التغيير:
إضافة إلى الصفات السابق ذكرها ،هناك مجموعة من األدوار على
القائد التكفل بها ،والجدول التالي يبين هذه األدوار القيادية وأساليب
تنفيذها.
333
األدوارالقيادية وأساليب تنفيذها.
أساليب تنفيذها األدوار القيادية
-الــوص ـ ـ ـ ـ ــول إلــى أقصـ ـ ـ ـ ـ ــى أداء مــن خــالل الخبير :يمتل ــك فهم ــا عميق ــا في
املثابرة واملعرفة مجال عمله وإدارته.
املكتسـ ـ ـ ــبة في حقل التخصـ ـ ـ ــص ،ومتابعة
التطورات التكنولوجية.
-التقليــل من األعمــال الكتــابيــة ،وتحــديــد املنظم :التــأكيــد على اتسـ ـ ـ ـ ــابيــة
األنظمة والقيم العمليات في الوحدات
والقواعـ ــد الالزمـ ــة لضـ ـ ـ ـ ـمـ ــان الس ـ ـ ـ ــيطرة واألقسام والتنسيق بينها.
والرقابة على النشاطات.
-إن نجـاح القـائـد ينبع من نجـاح العـاملين رجل العالقات اإلنســانية :همه
وقدراتهم وتركيزه األول تلبية
وإش ـ ـ ـ ــراكهم في تحم ــل املس ـ ـ ـ ــؤولي ــة وخلق اح ـ ـ ـت ـ ـ ـيـ ـ ــاجـ ـ ــات ال ـ ـ ـعـ ـ ــام ـ ـ ـل ـ ـ ـيـ ـ ــن
مناخ تنظيمي منفتح. وتطويرهم.
-دراس ـ ـ ـ ـ ـ ــة البيئـ ــة الخـ ــارجيـ ــة والـ ــداخليـ ــة التخطيط االســتراتيجي :الرؤية
وتجديد رسالة املنظمة املستقبلية طويلة األمد.
على ض ـ ـ ـ ــوء الفرو والته ــدي ــدات ونق ــاط
القوة والضعف.
-ال ـت ـرك ـيــز ع ـلــى امل ـب ـ ــادرات والــنشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاط ـ ــات وكيــل تغيير :يسـ ـ ـ ــتخــدم التغيير
الجديدة؛
كمفتاح للتطوير والتقدم.
-قيادة التغيير وتشجيع توليد األفكار.
334
يوضح الجدول أعاله أنه على قائد التغيير ،اإلدراك السليم للتغيير
واإلطار الضمني له ،واتجاهات العاملين تجاهه ودوافعهم لذلك ،كما عليه
طرح األسئلة حول مدى استعداد املنظمة للتغيير ،ما هي ثقافة املنظمة
ومن هم جمهور التغيير ،كما عليه أن يكون مبادرا في تكوين رؤية واضحة
مستقبلية ،ووضع خطة عمل واالتصال الدائم بالعاملين وإقناعهم بأفكار
التغيير ،وأن يكون قدوة في تصرفاته وتفكيره.
إن التحدي الحقيقي لقائد التغيير هو التقليل أقص ى ما يمكن من
مقاومة التغيير ،ولعل أحد األساليب الناجحة في ذلك هو تكوين فريق
داعم ومساند للتغيير يعمل جنبا بجنب مع القائد ،حيث يكون عناصر
الفريق أسوة لباقي العمال مما يمكن من جذب هؤالء لتقبل التغيير ثم
مساندته ،من خالل احتكاكهم ببعض ونقل أهداف التغيير وحيثياته
باللغة التي يفهمها هؤالء بحكم تقاربهم الوظيفي واإلداري.
إن أولى وأهم مهام قائد التغيير هي توفير املوارد التي يحتاجها التغيير
وتحقيق التوازن طيلة فترة التغيير ،باعتبارها فترة انتقالية تجتمع فيها
السلوكيات القديمة ومحاولة إرساء السلوكيات الجديدة ،كما أن هناك
مجموعة من املهام التي يجب أن يقوم بها القائد القائم بالتغيير وأهمها:
التزود باملهارات الفعالة التي تمكنه من مواجهة التغيير والتأقلم
معه وقبوله وكذا التزود باملعلومات واملعارف الالزم توفرها عند إحداثه؛
إدراك أهمية الزمن إلحداث التغيير في وقته مجاراة لسرعة
التغير ،ومن أجل عدم ذهاب الفائدة منه؛
إدراك أهمية املورد البشري السيما األفراد املعنيين بالتغيير.
335
اإلدارة الواعية للتكاليف دون التأثير السلبي على جودة منتجات
املنظمة وخدماتها؛
املعرفة اإلدارية والقيادية واإلملام بالنظريات الحديثة لإلدارة،
والقدرة على التنسيق بين مختلف األعمال بفعالية وكفاءة ،كما أن توفر
الرغبة وحب املهنة أمر ضروري لتحقيق الدافعية املطلوبة في قيادة
التغيير؛
بعد النظر ،إذ ال يكون التغيير من أجل التغيير أو تقليدا فحسب،
فالنظرة السطحية للتغيير تفقده الهدف منه ،فالقائد االستراتيجي هو
الذي يضع معايير عالية ،ويعمل على تحقيقها ،بحيث يكون لديه القدرة
على:
التأثير على اآلخرين والحفاظ على العالقة التفاعلية معهم والعمل
بمبدأ التمكين وتشجيع العمل الجماعي؛
وضوح الرؤية والتعلم والتطوير املستمرين وتقوية الذات والقيام
باملخاطرات املحسوبة؛
الذكاء في التعامل مع الظروف املختلفة وتوفر مهارات إدراكية
كالتحليل املنطقي واالستنتاج العلمي؛
ضرورة تعلم واستخدام املهارات التكنولوجية وتلقينها لألفراد ال
سيما تكنولوجيا املعلومات؛
صياغة التوجه من خالل القيادة باملثال العملي؛
إضافة إلى ما سبق من الضروري أن يقوم قائد التغيير باملهام التالية:
التكيف مع متطلبات التغيير ،إذ عليه أن يكون مرنا في مواجهة
املواقف املستعصية والغامضة ،بتفتحه وتقبله لوجهات نظر مرؤوسيه
336
ورؤية املواقف من عدة زوايا ،حيث يهتم بمتطلبات املوقف أكثر من
سلطته الرسمية ويعمل بروح الفريق ويدير باملشاركة؛
أن يؤمن بتعدد األساليب ملعالجة موقف واحد ،وأال يتصف
بقصر النظر ومحدودية التفكير السيما في املستويات العليا للتنظيم،
حيث القرارات استراتيجية وهامة؛
لقد ارتبطت القيادة في اإلدارة الحديثة بالتغيير االبتكاري ،السيما
بعد التسارع التكنولوجي والتنظيمي الحاصل ،أين أصبحت فاعلية القائد
تتوقف على فاعليته في إدارة التغيير بأسلوب ابتكاري ،كتغيير أساليب
اإلدارة بما يخدم أغراض االبتكار ،مما يتطلب القدرة على وضع
استراتيجية تغيير ابتكارية لتحقيقه بكفاءة.
يتم اختيار قائد مشروع التغيير على أساس مجال التغيير ،والكفاءات
الرئيسية والتكميلية التي يمتلكها في هذا الصدد ،ومدى االنضباط
والتواجد واإلرادة القوية في تقلد املسئولية والتعهد بتحقيق األهداف،
ودرجة التحدي في مواجهة تعقيدات املهام املوكلة إليه ،والقدرة على
تحديد األهداف وتوفير مستلزمات تحقيقها.
يجب على القائد تحديد األدوار الالزمة إلنجاح جهود التغيير ،والحرص
على إحداث االنسجام والتالؤم بين األدوار واالستعدادات واملهارات
الشخصية ،وبين مجموعة أدوار الجماعة واستعدادهم ومهاراتهم،
لتحقيق التفاعل والتكامل في إحداث التغيير ،ويحتاج هذا إلى وجود
اتصال مفتوح وفعال مع أفراد الفريق للتنسيق بين جهودهم.
إضافة إلى بعض املهام التي يجب على القائد القيام بها وهي:
337
تنمية قدراته في الحكم على الظواهر من أجل القدرة على
استنباط العوامل الحرجة في تحليله للمضمون املؤسس ي واتخاذ القرارات
الصحيحة؛
تنمية قدراته التحليلية كتحليل الثقافة السائدة وقدرات األفراد
ومداخل تحفيزهم ،فبدونها يلجأ القائد إلى الوصفات الجاهزة للتغيير دون
معرفة جدواها؛
تنمية قدرته على تسيير التعقيد والقدرة على التأثير في الغير ،وكذا
قدرته على التنفيذ ،حيث قد يتحول برنامج التغيير إلى مجرد عملية
تخطيط بسيطة ال تهاجم واقع التغيير باملنظمة؛
املعرفة والوعي بالذات ،أي معرفة القائد لقدراته على الحكم على
خبراته واختياراته ،حيث يترك القائد عادة -ومن غير وعي منه -فلسفته
الشخصية تؤثر على مسار التغيير ،بحيث ال تتماش ى غالبا التدخالت التي
يختارها مع املضمون الحقيقي لبرنامج التغيير واحتياجاته.
إن التحدي الحقيقي لقائد التغيير هو تحقيق االلتزام الحقيقي لألفراد
لتحقيق أهداف التغيير ،ولعل ذلك ال يتأتى إال من وجود ثقة متبادلة بين
القائد واألفراد والقائمة أساسا على مصداقية الوعود املعلنة والضمنية.
في بداية عملية التغيير تبدو األمور مبهمة ،إذ يحتاج خاللها قائد التغيير
إلى قدراته ومهاراته في قيادة التغيير .إذ عليه أن يكون القدوة في سلوكياته
اإلدارية عند ممارسة التغيير مما يستوجب إعداد القيادات املغيرة ،إذ أن
التغيير اإليجابي يستدعي نوعا جديدا من القادة.
338
مما سبق يتضح أن قائد التغيير يجب أن يتقلد األدوار املختلفة
واملتكاملة من تنظيم وتخطيط استراتيجي وعالقات إنسانية مما يخول له
القدرة على القيادة املتكاملة ملختلف جوانب عملية التغيير.
ثالثا .عوامل النجاح الحرجة في قيادة التغيير:
يقوم نجاح التغيير على طريقة إحداثه ،وإن فشل محاوالت التغيير ال
تكمن دائما في الخطأ في اختيار نوع التغيير وإنما لغياب العناية الالزمة
بإعداد األرضية املالئمة التي يتم عليها ،فإن النجاح في التغيير يكمن في
التفكير في كيفية إدراجه أكثر من برنامج التغيير نفسه ،إذ ال بد من
اإلعداد القبلي ألرضية التغيير سواء من الناحية النظامية واإلجرائية أو
السلوكية ،وفيما يلي أهم عوامل النجاح الحرجة لقيادة التغيير.
. 1تطوير رؤية جديدة وتحديد الحاجة للتغيير:
إن أي برنامج تغييري يقوم أساسا على رؤية جديدة يصبو إلى تحقيقها،
كما تحركه الحاجة إلى االنتقال من وضع راهن مرفوض إلى وضع مستقبلي
مرغوب ،وكالهما أي الرؤية والحاجة ،تحركها محددات تصبو إلى إنجاح
مشروع التغيير ،وسيتم توضيحه الحقا.
1.1تطويررؤية جديدة:
يقول بورتر "إذا لم تكن هناك رؤية مناسبة فإن الجهود التي نبذلها
للتغيير يمكن أن تتحول بسرعة إلى مجموعة من املشاريع غير املتوائمة
والتي تستنفذ الوقت ،مما يجعل الجهود تسير في االتجاه الخاطئ أو دون
اتجاه محدد على اإلطالق" ولعل املنظمات التي تواجه صعوبة في تطوير
منظور جدي لها كونها غير قادرة على رؤية افتراضاتها الخاصة ،وهو السبب
الرئيس ي في عدم تقبل معظمها للتغيير .كما أن العديد من القادة يصرفون
339
الكثير من الوقت في التخطيط االستراتيجي ملستقبل املنظمة ،إال أن
النتيجة كثيرا ما تكون غير مرضية ،ولعل السبب ال يكمن في عدم كفاءة
القائد في عملية التخطيط وال لعدم كفاية املوارد بقدر ماهي مشكلة رؤية
غير محددة املعالم واألهداف.
ال يقصد بالرؤية مجموعة الشعارات البراقة "كالعناية بالعميل،
وتحسين الخدمة" دون الفهم الصحيح والتام ملا يراد فعله ،وال يقصد بها
االستجابة لألساليب الحديثة لإلدارة ،أو للضغوط التنافسية قصيرة
األجل ،دون الوعي الكافي للغاية منها ،وإن كان األمر كذلك ،فال جدوى من
التغيير ،والبقاء على الحالة القائمة والوضع الراهن أفضل ،فمن
الضروري أن تعبر الرؤية املستقبلية ،عن عملية التغيير املطلوب ،إذ أنها
تحفز أكثر للعملية ،وإن الرؤية الجيدة يجب أن تعكس أمرين أساسيين
هما:
أ .الحافز :يجب أن تمكن الرؤية من حفز األفراد وزيادة طاقتهم
ونشاطهم ،إذ تتصف بما يلي:
الجاذبية :حيث تثير انتباه واهتمام األفراد حين سماعها.
سهولة الفهم :أي من السهل استيعابها وفهم املقصود منها.
املنظورالواعد :حيث تعبر عن صورة جديدة وواعدة للمستقبل؛
األصالة :حيث يجب أن تكون جديدة في مضمونها.
الصدق :بحيث تتصف بالصراحة ،واالستجابة قدر اإلمكان
للمناخ والثقافة السائدة باملنظمة.
من مثبطات التغيير وأسباب فشله غياب الحافز الكافي إن كان لدى
األفراد أو القادة مما يضعف القدرة على التحدي ووضع رؤى طموحة،
340
مما يجعل وضعية املنظمة بعد التغيير مماثلة لوضعيتها قبله.
ب .التوجيه :يجب أن تتضمن الرؤية توجيها وترجمة ملا يجب فعله
لتحويلها إلى حقيقة فعلية بحيث تكون:
عملية :أي اتفاقها ومالءمتها مع املمارسات اليومية.
مستقرة :أي قدرتها على االستمرار لفترة طويلة دون تغييرها.
و اقعية :أي أن تكون مضمونة وغير مبالغ فيها ،وقابلة للتحقيق.
هادفة :أي وجود غاية محددة تسعى إليها.
إذن املؤسسات التي تملك رؤية هي تلك التي لديها إحساس وإدراك قوي
بما تقبل عليه ،إال أن الجانب السلبي في هذه الثقافة هو أن املؤسسة التي
لديها إيمان قوي بهدفها فهي تستبعد ذوي الفكر املختلف ،وهنا تبرز
ضرورة تطوير الرؤية ،إذ من املهم جدا أن يكون القائد داعما لفكرة
التطوير هذه ،وأن يحمل ثقافة اإلبداع ويؤمن بها ،حيث تصبح عملية
التبني سهلة ،كما تظهر ضرورة املشاركة في تقييم الرؤية الجديدة
والتخطيط لبلوغها ،لتفادي االنطالق في تنفيذ إبداع غير فعال ما من
شأنه تعريض املؤسسة ملخاطر كبيرة من حيث عدم تقبل السوق لإلبداع
الجديد ،أو مقاومة شديدة من طرف العاملين باملنظمة.
ن الغرض من مشاركة األفراد في تطوير الرؤية الجديدة ،ليس خفض
املقاومة فحسب ،إنما أيضا ملعرفة املهارات التي يحتاجها كل منهم
لتحقيقها ،فإن إشراك العاملين في وضع فرضيات حول املستقبل املرغوب
باستخدام أساليب توليد األفكار وتبادلها والبحث عن توجهات التغيير
واملشاركة في وضع البدائل اإلضافية للمستقبليخفض من الفرضيات غير
املالئمة حول مستقبل املنظمة بعد التغيير ،إضافة إلى توسيع مجال
341
اإلدراك لدى املشاركين ،ويجعل العاملين يدركون حقيقة أنهم يلعبون دورا
هاما في تشكيل مستقبلهم وتحديد الوجهة التي يتجهون إليها ،كما يتم
توضيح القيم الجديدة التي ستحل محل القديمة ،وتوضيح الفرق بينهما،
وما ستؤول إليه املنظمة بعد ذلك.
يتم تطوير الرؤية من خالل إيجاد وتحديد الحاجة للتغيير ،وتحليل
وضعية املنظمة حيال بدائل التغيير الختيار االستراتيجية األنسب.
2.1إيجاد الحاجة للتغيير:
يرى ميشال وروسال أن أول خطوة للنجاح في أي مجهود فعلي للتغيير
يبدأ بتحديد دقيق وواضح ملشكالت املنظمة التي تعبر عن الحاجة للتغيير،
ويتم ذلك من خالل تشخيص مشترك لوضع املنظمة الراهن ،ونقاط
ضعفها وأسباب تراجعها ،والعوامل التي خلقت الفجوة بينها وبين باقي
املنظمات املشابهة واملنافسة ،وقد أجمع املؤلفون ،أن الوقوف على
الطريق الصحيح للتغيير يبدأ ،من اختالق أزمة رهيبة ،تسبب رعبا كبيرا
لدى معظم األفراد ،تجعلهم يطلبون التغيير وينادون به بأنفسهم.
يمكن للقائد أن يقوم بتحسيس األفراد للحاجة للتغيير من خالل:
نشر الوعي بأن التغيير قضية ال مفر منها ،وأنه عملية استشراف
للمستقبل وتحويل املنظمة من وضع س يء إلى ما هو أفضل؛
إبراز مصادر التغيير وتشخيص املشاكل التنظيمية بأسلوب
علمي؛
إعطاء أمثلة عن تجارب ناجحة ملنظمات مشابهة أو منافسة،
وتوضيح الفجوة بينها وبين هذه األخيرة؛
342
توليد قيم الرغبة في التغيير ،واالبتكار والتجديد لدى األفراد ،من
خالل الحوافز اإليجابية.
لعل أهم مداخل تحديد الحاجة للتغيير ،هي مساهمة األفراد في تقديم
تشخيص كامل ملجاالت األداء الضعيف باملنظمة ،وتشخيص عام
ملشاكلها ،مما يجعلهم يقرون بالحاجة إلى تغيير الوضع الراهن ،بل
ويقترحون الحلول املناسبة لذلك.
.3.1تحليل الوضعية:
يتوقف التغيير الناجح على مدى قدرة قائد التغيير على تحليل وضعية
املنظمة وأخذها بالحسبان في إدراج التغيير ،إذ من الخطير االعتماد الكلي
على الوصفات الجاهزة أو الخبرات السابقة الداخلية أو الخارجية ،وهذا
ال يعني عدم جدوى هذه األخيرة ،مما يبين ضرورة التطرق إلى كيفية تحليل
مميزات وضعية املنظمة محل التغيير ،والتي يمكن حصرها في النقاط
التالية:
أ .فترة التغييرومداه ودرجة االستقرار:
ال بد من تحديد فترة التغيير ومداه لتحديد نمط التغيير الالزم.
فترة التغيير:
تلعب الفترة املتاحة لتنفيذ التغيير دورا هاما في اختيار املدخل املناسب
لذلك ،ففي فترات األزمات يكون املدخل املناسب هو التغيير املوجه من
طرف اإلدارة العليا ،إال أنه في هذه الحالة تكون الحلول سطحية وظاهرية
ومؤقتة وال تمس مشاكل األداء الحقيقية ،وفي أول فرصة تتاح فيها املوارد
الالزمة ،تشرع املنظمة في عملية تغيير أساسية وعميقة وطويلة املدى،
بالرغم من ذلك لألزمة إيجابيات ،إذ تجعل األفراد أقل مقاومة إذ يقبلون
343
وسائل تغيير كانت مرفوضة سابقا ،أما في األوقات العادية والوقت متاح،
فالقائد يختار املداخل التدريجية للتغيير بدءا بتهيئة األفراد ماديا ومعنويا
لتقبل التغيير والقدرة على تنفيذه ،ثم االنتقال إلى التغييرات األساسية،
وتتم املفاضلة بين عدة مداخل حسب درجة الوعي املكتسبة في املرحلة
السابقة ،فإذا كان الوعي ضعيفا تولت اإلدارة العليا توجيه عملية التغيير،
ويكون املدخل تشاركيا في حالة العكس ،كما تتمكن املنظمة من تعديل
نظام القيم والسلوكيات في حالة التغيير الجذري.
مهما كانت ظروف املنظمة أثناء التغيير ،يجب منح حد أدنى من الوقت
إلعطاء الفرصة للمسيرين واألفراد على حد سواء لتعلم املمارسات
التسييرية والتشغيلية الجديدة ،تفاديا لحاالت اإلحباط املمكنة الناتجة
عن عدم التأقلم مع الوضع الجديد ،كما أنه من الضروري اختيار الوقت
املناسب للتغيير ،أو باألحرى الوقت الذي تحتاج فيه املنظمة للتغيير.
مدى التغيير :على قائد التغيير قياس مدى التغيير انطالقا من
بعدين هما:
عمق التغيير ،بدءا بالتغييرات السطحية ونهاية بالتغيير الجذري؛
سعة التغيير ،إذ قد يمس التغيير جزءا من املنظمة أو كلها.
انطالقا من البعدين يمكن للقائد تحديد درجة التغيير الالزمة ،أي
مدى إمكانية إدراج التغيير ضمن النموذج الحالي من روتينيات وقيم
وغيرها أم يجب تغيير النموذج جذريا ،وذلك من خالل مقارنة نظام القيم
ال حالي مع ذلك الذي يفرضه التغيير ،حيث كلما كان التغيير عميقا وكبيرا
كلما كانت إدارته أكثر صعوبة.
344
درجة االستقراروالتحفظ :أي درجة الرغبة في اإلبقاء على الحالة
القائمة ،وتحدد هذه األخيرة الجزء من رأسمال املنظمة املادي واملعنوي
املراد إبقاءه حفاظا على وحدة املنظمة واستقرارها ،من خالل املفاضلة بين
ما تقدمه الحالة القائمة وما يقدمه التغيير ،كما يجب تحديد درجة
التحفظ التي يفرضها التغيير نفسه ،فاملعارف التي تقدم ميزة تنافسية،
ومختلف املفاهيم الثقافية كروح الفريق وااللتزام الفردي والجماعي
والوالء للقائد ،يجب الحفاظ عليها ،والحرص على عدم فقدها أثناء تنفيذ
التغيير ،كما أن درجة التحفظ تحدد مدى التغيير الالزم إدراجه ،واملدخل
املالئم لذلك ،فالرغبة في اإلبقاء على موظفين متخصصين ومتميزين
ومطلوبين في سوق العمل ،تدفع القائد إلى اختيار املدخل التشاركي في إدارة
التغيير ،كما أنه من الصعب تغيير نظام القيم لدى هؤالء نتيجة
لالستقاللية التي يتمتعون بها.
إن درجة من التنسيق والترابط والتوازن يجب أن يوفرها التغيير املزمع
إجراءه بين كل من االستراتيجية والتنظيم والبيئة الخارجية ،مما يحقق
التوافق بين مفهومي التغيير واالستقرار في املنظمة إذ تحتاج املنظمات إلى
التغيير لتتكيف مع البيئة كما تحتاج لالستقرار من أجل تنفيذ استراتيجية
التغيير املختارة.
ب .درجة التنوع ومستوى القدرات والوسائل املتاحة للتغيير :بالرغم
من أن أحد مبادئ التغيير لدى املؤسسات الرائدة في مجال األعمال تجاوز
اإلمكانيات والقدرات من أجل التخطيط لبرنامج تغيير أكثر طموحا وإبداعا
بحثا عن التميز ومن ثم البحث على كيفية توفير هذه اإلمكانيات ،إال أن
ذلك يجب أن يتم في حدود غير مبالغ فيها حيث يصطدم التغيير بعوائق
345
عدم توفر اإلمكانيات والقدرات لتنفيذه ،كما أنه من الضروري مراعاة
درجة التنوع في مشاريع التغيير بحيث تكون في حدود القدرة على التحكم
فيها.
درجة التنوع:
يفترض العديد من املنظرين ضرورة تجانس املنظمة في مختلف
جوانبها ،إال أنه أحيانا تفقد هذا التجانس بسبب التنوع املوجود في مختلف
مجاالتها ،وكذا درجة التنوع التي يريدها القائد في برنامج التغيير نفسه ،أي
تنوع مشاريع التغيير في مختلف الفروع واألقسام والوحدات ،والتي يشترط
التنسيق بينها ،مما يؤثر على تنفيذ التغيير ،فكلما كان التنوع في الثقافات
والعقليات ،كلما كانت صعوبة في إدراج تغيير مشترك وموحد ،وعموما فإن
الرؤية العامة واحدة ويكمن التنوع في كيفية تحقيقها.
مستوى القدرات باملنظمة:
إن القدرات املطلوبة إلدراج تغيير في بيئة مستقرة ليست نفسها
القدرات املطلوبة في بيئة متغيرة باستمرار ،ومن أجل تقييم قدرات املنظمة
للتغيير نميز بين نوعين:
القدرات الفردية ،وتتنوع إلى قدرات استعدادية وأخرى إجرائية،
إذ على القائد معرفة مدى مرونة األفراد في تلقي التأهيل الالزم والسلوكيات
الجديدة ،فكلما كانت هذه األخيرة كبيرة كانت إمكانية التغيير أكبر ،حيث
تحتاج املنظمة إلى أفراد مستعدين للتطوير والتنوع إذ يكون هؤالء أقل
مقاومة لتغيير أنفسهم وبالتالي لبرنامج التغيير أكثر من أولئك املتعلقين
بعمل محدد ،كما أن قدرة الفرد على إجراء التغيير سواء تعلق األمر
باإلطارات العليا وموهبتهم في كسب والء ومساندة األفراد ،أو قدرة وخبرة
346
املسئولين في إدارة أكثر من مشروع تغيير ،وكذا قدرة املسئولين
التشغيليين()على مساعدة األفراد في فترات التغيير.
القدرات اإلدارية ،أي املعرفة بأساليب اإلدارة الحديثة للموارد
املادية واملعنوية ،سواء تعلق األمر باإلدارة العليا أو الوسطى أو التشغيلية.
القدرات التنظيمية ،وتعني خبرة املنظمة في مجال التغيير ،حيث
هناك مؤسسات تركز على مجال تغيير معين كوسيلة للتغيير ،بينما أخرى
لديها خبرة في أكثر من مجال ،من تخطيط ونظم معلومات وتسويق وإنتاج
وغيرها ،مما يمكنها من الحصول على ميزات تنافسية مستدامة نتيجة
قدراتها الحركية في مجال التغيير ،فعلى القائد تحليل درجة قدرة مختلف
الوحدات باملنظمة في مجال التغيير ودرجة الترابط والتكامل املوجود بينها،
إذ أن فرقا متخصصة في التغيير يمكن تشكيلها على كل املستويات ،حيث
ال يمكن إجراء تغيير جذري وعميق دون حيازة القدرات الالزمة لذلك ،مما
يستلزم تبني استراتيجية تنموية في مجال تسيير التغيير وتطوير القدرات
وإدراج وسائل التخطيط الالزمة وطرق تقييم األداء املناسبة.
إن التغيير في النظام القيمي لألفراد واملنظمة ككل ،يحتاج إلى قدرات
فردية وتنظيمية خاصة في مجال تسيير التغيير ،بل فرق استشارة
متخصصة في هذا املجال أحيانا ،كما أن القدرات والكفاءات املوجودة
باملنظمة تحدد نوع املدخل الالزم للتغيير ،فاملدخل التشاركي مثال يحتاج إلى
( -)لقد أثبتت العديد من الدراسات التطبيقية أن المسئول في المستوى التشغيلي هو من
يصنع الفرق بين النجاح أو الفشل في برامج التغيير ،حيث يتابع العملية باستمرار ،كما
ينفذ برامج التغيير حسب األولوية وليس دفعة واحدة أين تتم مكافئته وفقا للنتائج المحققة
في هذا المجال.
347
مواهب إدارية وتفاوضية ودبلوماسية ،وفي حالة غيابها تضطر املنظمة إلى
مستشارين خارجيين أو تبني األسلوب التوجيهي.
ج .الوسائل املتاحة للتغيير:
تمثل الوسائل مجموعة املوارد املتاحة من مال ووقت وموظفين،
الستثمارها في مشروع التغيير ،والتي يجب تقييمها قبل البدء في اإلعداد
للتغيير وتنفيذه ،حيث تحتاج املنظمة إلى موارد مالية من أجل تكوين
أفرادها ،إضافة إلى إعادة التجهيز التي يفرضها التغيير ،وإذا أراد القائد
الحصول على نتائج مرضية من مشروع التغيير ،عليه أن يمنح الوقت الكافي
لذلك ،السيما فيما يخص تغيير القيم والسلوكيات واملهام الروتينية ،كما
أن توفر أفراد بالقدرات والتحفيز الالزم يساهم في إنجاحه.
تؤثر الوسائل املتاحة في االستراتيجية املختارة للتغيير ،فالتغيير
الجذري يحتاج إلى أموال كثيرة ومتسع من الوقت وكفاءات متميزة ،كما أن
املدخل التشاركي أكثر تكلفة من التغيير املوجه .كما تحدد الوسائل املتاحة
باملنظمة وكالء التغيير ،فعادة ما يكون املدير العام هو األكثر مالئمة لهذا
الغرض إال أن ضيق وقته يدفعه إلى اختيار أشخاص آخرين داخليين أو
اختيار أسلوب األخرجة.
ب .الرغبة في التغيير وحدود السلطة املمارسة:
يحتاج التغيير إلى إرادة قوية من طرف الداعين إليه تمكنهم من مواجهة
املقاومة وعدم التراجع ،كما يجب أن تقترن الرغبة في التغيير بدعم من
السلطات العليا.
348
اإلرادة والرغبة في التغيير:
تترجم إرادة األفراد في التغيير بدرجة وعيهم بالحاجة له ودرجة التعهد
وااللتزام بتنفيذه والتي تحددها املصلحة الشخصية ،وكذا درجة السلم
الوظيفي للفرد ،فاإلطارات العليا يدركون الحاجة للبدء في التغيير بحكم
معرفتهم بتداعيات البيئة الداخلية والخارجية ،إال أن كون املنظمة في
حالة رخاء يجعل من الصعب تحديد الحاجة للتغيير بوضوح لألفراد في
املستويات الدنيا للتنظيم.
تؤثر درجة الرغبة في التغيير على االستراتيجية املختارة لذلك ،فكلما
كانت قوية كلما مال القائد إلى اختيار التغيير الجذري ،كما أن املدخل
التشاركي أكثر مالئمة في حالة ضعف اإلرادة في التغيير وهذا من أجل
محاولة خلقها في األفراد ،وكلما زادت الرغبة في التغيير اتسعت مساحة
االختيارات املمكنة.
حدود السلطة املمارسة:
تحدد حدود السلطة املمارسة على قائد التغيير ،جوانب الرؤية املمكن
تطويرها ،كما تحدد الهامش املسموح به من التغيير ،إذ يجب معرفة مراكز
السلطة وأساليب التأثير عليها لتقبل التغيير ،فقد ترفض جهات ذات
سلطة قوية باملنظمة برنامجا تغييريا قد يحقق نجاحا كبيرا.
يفترض أن تكون لإلدارة العليا كامل السلطة في اختيار استراتيجية
التغيير ،إال أن الواقع يكشف عن عوائق تحد من ذلك ،كالرقابة املمارسة
من قبل الدولة على املؤسسات العمومية ،والضغوط املمارسة من طرف
املساهمين واألسواق املالية على املؤسسات الخاصة ،والقادة غير
الرسميين والجماعات ذوو التأثير على األفراد وكذا الفروع القوية
باملؤسسة ،قد تمثل مراكز سلطة تحد من حرية القادة في إدارة التغيير.
349
من املهم أن يحمل القادة في املستويات العليا للتنظيم ثقافة إبداعية
مما يمكن من تثمين املقترحات واألفكار اإلبداعية ،إال أن املفارقة هنا هي
أن املدير الناجح هو املدير القادر على إدارة األعمال بفعالية وكفاءة،
واألمر نفسه يمنعه من إدراك اإلمكانات اإلبداعية ،أي أن نفس اإلمكانات
التي تؤهله من إدارة األمور بشكل صحيح هي نفسها التي ال تمكنه من رؤية
صحيحة لألشياء ،وبالتالي فإن األمر يتعلق باملبادئ والثقافة التي يتبناها
املدير ،فإن ذوي الفكر املرن واملحفز للتغيير يمكنهم رؤية ما ال يراه ذوي
الفكر املنغلق والثابت ،كماأن القائد املحفز لإلبداع يشجع على املخاطرة
وارتياد املجهول ،إذ يقول دروكر "اإلبداع دائما هو القدرة على تغيير كل
ش يء ،إال أن الش يء غير املتوقع هو ما يحدث دوما"
تلعب مراكز السلطة دورا هاما في اختيار وكالء التغيير ،إذ يعمد
القائد إلى توكيل األشخاص ذوو التأثير القوي على األفراد من أجل رئاسة
فريق التغيير ،كما أن وجود فرق عمل قوية ومسيرة ذاتيا وذوو سلطة على
العاملين ،تحد من إمكانية فرض التغيير وبالتالي اختيار املدخل التشاركي.
.2تكوين فريق تغيير فعال وتطوير الكفاءات:
ال يمكن لقائد التغيير أن يتكفل بمفرده بمختلف عمليات التغيير ،إذ
ال بد من التعاون مع أشخاص يتم اختيارهم بعناية ،كما أنه من الضروري
االهتمام بتطوير كفاءات فريق التغيير وكذا باقي أفراد التنظيم.
1.2تكوين فريق تغييرفعال:
يتطلب التغيير الناجح اختيار فرق العمل انطالقا من قدراتهم في مجال
التغيير املعني من جهة ،ودرجة دافعيتهم وتحمسهم للتغيير من جهة أخرى،
تتكفل بتنفيذ برنامج التغيير ،مكونة من مدراء ومتخصصين ممن يمكنهم
تحقيق املكاسب واإلتيان باألفكار الجديدة.
350
أ .مهام ومقومات فريق التغيير:
يعمل فريق التغيير كخلية متكاملة للبحث في حيثيات التغيير وطرقه
ووسائله وأهدافه ونتائجه وتحديد العوائق واالستراتيجيات البديلة،
إضافة إلى األبعاد التشغيلية املتعلقة بإجراءات التنفيذ ،وبين الدور
الرئيس ي والتشغيلي تتراوح مهام فريق التغيير فيما يلي:
إعداد التشخيص املبدئي وتحديد االستراتيجية املالئمة للتغيير؛
إعداد مخططات العمل واالحتياجات من املعلومات واملوارد
وتوجيه عمليات التكوين؛
إجراء الخطوات األولى والتجريبية للتغيير ،واقتراح التصحيحات
إلعطاء اإلطار العام للمشروع ،واالنطالق في التنفيذ النهائي له.
إذا كانت جماعات العمل مناطة بالتغيير فاألحرى أن تخضع
بدورها للتغيير ،بحيث تكتسب املرونة الالزمة للتكيف مع التغيير ،وأهم
جوانب التغيير في فرق العمل ،إعادة تشكيل الجماعة وتغيير بعض قيمها
ومبادئها وكذا أساليب وأنماط االتصال وحتى أهداف الجماعة ،ومن أهم
مقومات فريق التغيير ما يلي:
أن يكون الفريق على اتفاق تام حول الرؤية املستقبلية ،وتكون
لديهم القدرة على إدارة املوارد الرئيسية للشركة( ،الوقت ،املال ،األفراد)
وتركيزها في خدمة جهود التغيير؛
أن يكون لديهم حس يرفض الوضع القائم ،بحيث تكون لهم
األغلبية أمام مناصري االستقرار؛
351
القدرة على كسب دعم األفراد لفكرة التغيير ،بحيث يتمتع
الفريق بالسمعة الطيبة واالحترام الكبير داخل املنظمة والكفاءة أيضا،
بحيث تؤخذ قراراتهم بجدية؛
االلتزام بالتواجد الدائم أثناء التغيير ،والتضحية من أجله
بالوقت والجهد؛
تقدير جهود وتضحيات األفراد إلنجاح التغيير ،واستخدام نظام
الحوافز بالشكل الذي يدعم التغييرات السلوكية الالزمة لتحقيق الرؤية
املنشودة؛
ال ب د من فريق مختلف التخصصات تناط له عملية تنفيذ
التغيير ،وال بأس من إدراج أفراد من خارج التنظيم ،إذ يرى هؤالء مشاكل
املنظمة من زاوية جديدة ،عكس أفرادها؛
تحديد نقاط التركيز في عملية التدريب وتوظيف األفراد حسب
احتياجات التغيير.
كما يحتاج فريق التغيير إلى مساحة من الحرية في اختيار الطريق الذي
يسلكه في سبيل تحقيق التغيير املنشود ،إذن ال بد من اختيار أفراد من
مختلف مستويات التنظيم ،مؤيدين للتغيير ومؤمنون بمبادئه ،متميزون
وملتزمون بتطبيقه ،وإمدادهم باملعلومات واملعارف الكافية حول التغيير،
وإعدادهم لتنفيذه ومنحهم مسؤولية إقناع باقي أفراد التنظيم من
محايدين ومقاومين بقبول التغيير وبضرورة إحداثه.
إن الغرض من تبني مفهوم فرق العمل هو معالجة املشاكل املربكة أو
اقتراح طرق جديدة للقيام باألعمال ،إال أن الفكر السائد أنه إذا كانت فرق
العمل أداة ممتازة لاللتزام وإنجاز االعمال ،فهي ليست بالضرورة كذلك في
352
مجال إيجاد أفضل األفكار ،بل إنها تفرض نوعا من التفكير الجماعي
والبقاء في حدود الفلسفة املتفق عليها ،بحكم ثقافة املراقبة حيث يتم
استهجان األفكار الخارجة عن هذا اإلطار ،مما يكبح اإلبداع لدى عناصر
الفريق ،حيث يكمن التحدي هنا في تغيير هذا الفكر وإعطاء بعد جديد
لفرق العمل قائم أساسا على التفكير اإلبداعي بعيدا عن الفكر التقليدي،
كما يجب منح االستقاللية لفرق العمل ،وتحقيق مفهوم فرق العمل
املستقلة )( ،بما تحمله من مفاهيم التضامن والتنسيق والتالحم
والتنظيم واالتصال الفعال واختالف وتنوع في املهام ،مما يضمن رفع األداء
وإثراء األعمال وتحسين خدمة العميل ،وال يتنافى مفهوم فرق العمل
املستقلة مع الترابط والتكامل املشروط في عملية التغيير ،حيث يتم الربط
بينها من خالل تداخل العمليات واألهداف ،بتنسيق وإشراف قائد
املشروع ،كما يعمل هذا األخير على تسيير املناخ االجتماعي على مستوى
فريق التغيير لتفادي أنواع الصراع املمكنة داخله.
ب .إعطاء الصبغة القانونية لفريق التغيير وتقسيم األدوار بين
عناصره:
إن وجود أفراد في فريق التغيير يتمتعون بسلطة ونفوذ داخل املنظمة
يضفون الصبغة القانونية ملشروع التغيير ،بحيث تكون لديهم
رؤيةاستراتيجية واضحة لوضعية املؤسسة ويعملون كفريق إداري داعم
ملشروع التغيير ،ومن مهامه ما يلي:
( -)ال تعني االستقاللية غياب الرقابة والتسيير المنعزل للتغيير ،بل تحقق من خالل
عملية تحسيس مسبقة بمسئولية األفراد نحو تحقيق أهداف التغيير.
353
تحديد أولويات التغيير وشرح أسبابه وتوجيه املوارد وفقا ملراحل
املشروع وأولوياته؛
تأمين دوران املعلومات وتسهيل تبادلها لألخذ بالحسبان كل
األفكار التي يمكن أن تغذي املشروع؛
تنظيم عملية احتواء املقاومة من خالل كسب األفراد في صف
التغيير والتعهد بتحقيق أهدافه؛
يعنى هذا الفريق بعملية التغيير إداريا ،من حيث تحديد اإلطار العام
واألهداف العامة واملوارد املالية والبشرية الالزمة بتعاون من اإلدارة العليا
وفريق من املدراء املساعدين وبعض العناصر املشاركة ،أين يتم تحديد
األدوار لتفادي تعارضها مع التسلسل التقليدي للوظائف ،وألن اإلدارة
تكون عادة بعيدة عن املجريات اليومية لألعمال ،ولديها مسؤولياتها
الثقيلة ال تمكنها من التضحية بكل وقتها ملشروع التغيير ،كما أنها تفضل
منح األفراد فضاء من الحرية في اتخاذ القرارات للحصول على تقدم في
عملية التغيير ،فإنها تقوم بتحديد املسئول املباشر عن املشروع وإرساء
فريق عملي للتغيير يكون تحت سلطته للقيام باختيار معاونيه من املستوى
التشغيلي في شكل شبكة تغيير تعنى بتذليل الصعوبات الناشئة عن
التغيير.
من الضروري خفض حاالت التناقض وعدم التوافق في اإلدراك
الناتجة عن وجود طاقات إبداعية لدى كل فرد ،والتي يفيد التقسيم
املتوازن لألدوار داخل الفريق في ظهورها ،وبالتالي تعظيم مشاركة كل فرد،
حيث تتوافق أهداف عناصر الفريق مع أهداف الفريق وبالتالي أهداف
املنظمة حيال عملية التغيير ،كما يفيد التقسيم املتوازن لألدوار واملهام في
354
شعور الفرد بمكانته االجتماعية داخل الفريق من جهة ،ورفع حسه
باملسئولية من جهة أخرى ،إذ يعرف ما له وما عليه مما يضمن التكامل في
األدوار لتحقيق الهدف العام.
لتفادي الجمود والروتين في سلوكيات وأداء أعضاء الفريق يتوجب على
القائد القيام بالتجديد من خالل التدريب واالتصال بالبيئة الخارجية
وتغيير مالمح الفريق نفسه ،من حيث تجديد وتغيير األعضاء وكذا املهام
بصورة مستمرة تشجع على اإلبداع من خالل تهيئة مناخ من التحدي
املستمر لدى األفراد.
إن مشاركة أعضاء الفريق في إعداد الرؤية العامة للتغيير ،تدفعهم
لتحقيقها من خالل فهم نوع مشاركة كل منهم في ذلك عمال بمفهوم
التقسيم املتوازن لألدوار ،مما يحقق حاجتهم لالنتماء وتحقيق الذات،
باملقابل فإن اقتسام املعرفة والخبرات يساعد في تالحم الفريق ،مما يخلق
مناخا من الثقة املتبادلة وااللتزام الجاد بأهداف الفريق بعيدا عن الذاتية،
فإن نجاح الفريق في تحقيق أهدافه يساعد على التحام أعضاءه.
2.2تطويروتنمية الكفاءات:
من أجل تقليص الفجوة بين ما يتطلبه التغيير وما هو موجود من
كفاءات ،يجب االنتقال من مجرد برنامج تكوين إلى مفهوم تطوير
الكفاءات ،من خالل نظام متكامل لتأهيل األفراد ،يتصف باملرونة
والحركية والتنوع ،ملواجهة التطور املستمر والسريع للمهام التي يفرضها
التغيير ،وإدماج مختلف املعارف التقنية والعملية ،من أجل تحقيق
الرهانات التالية:
القدرة على اإلبداع والتعامل مع املشاكل غير االعتيادية؛
355
تحسين القدرات العالئقية واملسئولية الفردية ،والحركية
والتواجد الدائم.
لقد تراجعت فكرة التكوين ملواجهة مشكلة القدرات ،حيث ظهرت
أساليب عملية أكثر ،كالتدريب في مكان العمل ،والتعلم وتبادل التطبيقات
وتنوع الخبرات وتقاسمها ،وتحويل معارف وخبرات وكفاءات األفراد من
خالل تطوير بنك املعارف ،كما أن التطورات الثقافية واالجتماعية أدت إلى
ظهور الحاجة إلى التنويع في املهام وتغيير مسئوليات الفرد من حين آلخر،
حيث ال يبقى الفرد منغلق على نفس املنصب طوال خدمته ،كما يتم
االنتقال من املهام املحددة لوظيفة ما إلى مجموعة واسعة من املهام من
أجل تحقيق تنوع في خبرات األفراد ،مما يساعد على تطوير جودة العمل
وفعالية أكبر وآجال أقل ،مما يدعم مفهوم الفرق املستقلة واملتعاونة .هذا
باإلضافة إلى ضرورة تطوير وتكييف الكفاءات باملنظمة مع االحتياجات
من الوظائف واملهام الجديدة ،الناتجة عن تغييرات وتطويرات في
النشاطات والهياكل ،والناتجة عن إدراج تكنولوجيا جديدة كاألنترانت
وغيرها ،كما أن تطوير منتجات وخدمات جديدة يحتاج إلى تحويل كفاءات
املنظمة إلى نشاطات جديدة وبالتالي مهام مزدوجة تحتاج إلى درجة كبيرة
من املرونة لتحقيقها.
لعل األهم من كل هذا هو االنتقال من مفهوم التكوين نحو التمكين
واملشاركة الفعلية لألفراد في عملية اتخاذ القرار وااللتزام بتحقيقه ،من
خالل توزيع السلطات وخلق تحديات جديدة لفتح آفاق إبداعية جديدة.
356
.3االتصال والمشاركة في عملية التغيير:
تحتاج عمليات التغيير إلى فتح وتنويع قنوات اتصال بين القادة
واملنفذين ،كما أن املشاركة في التخطيط وتنفيذ التغيير يضمن نجاحه
وعدم مقاومته.
1.3االتصال وتوفيراملعلومات:
أثناء فترات التغيير ،تتغير طبيعة األعمال الوظيفية واملهام املوكلة
لألفراد ،باإلضافة أو االستبدال ،كما تظهر مهام جديدة تماما بتقنيات
ومهارات جديدة ،مما يستدعي فتح وتنويع قنوات االتصال بين القادة
واملنفذين ،من أجل تنشيط معلومات التغذية العكسية التي تقلل من
الضرر الناجم عن الخطأ ،السيما عند االنتقال إلى القيم واألنماط
الجديدة للعمل ،إذ على الجانبين مناقشة األمر تفاديا للمقاومة ،وذلك
باستعمال أساليب العصف الذهني التي تجعل من الفرد والجماعة تختار
بنفسها هذه املهام القتناعهم بضرورتها ،كما قد تحدث أمور غير متوقعة
أثناء عملية التغيير ،تجعل من التطبيق العملي له ،ليس بالسهولة
املتوقعة ،مما يستدعي التعامل معها والتغلب عليها ،وتبين املعادلة التالية
أهم الجوانب التي تحتاج إلى تواصل وتوفير معلومات عنها وإقناع العاملين
بهاC = (A.B.D)>X:بحيث:
:Cاحتمالية نجاح التغيير :A ،عدم الرضا عن الوضع الراهن،
:Bالحالة املنشودة بعد التغيير.
:Dالخطوات األولى الثابتة نحو الهدف املنشود :X ،تكلفة التغيير.
أي أنه على قائد التغيير إقناع األفراد بضرورة التغيير وعدم جدوى
الوضع الحالي ،وإيجاد تصور لديهم بمدى التحسن الذي سيطرأ بعد
357
التغيير ،وتوضيح جدية األمر بتحقيق بعض النتائج اإليجابية والسريعة،
وأن حاصل هذه العملية وفوائدها أكبر من تكلفة التغيير.
لعل إقناع األفراد بالحاجة إلى التغيير هو املدخل لنجاحه ،وهذا من
خالل فتح قنوات اتصال من أجل:
تقديم جميع املعلومات عن التغيير من خالل فتح النقاش بين
العاملين والقادة ،حول أسبابه وأثره على املنظمة واألفراد واملجموعات،
وبيان سلبياته وإيجابيات ،مما يضفي على النقاش شفافية ومصداقية
أكثر؛
تفادي القرارات املفاجئة ،وإحاطة األفراد بأي تعديل يطرأ على
عملية التغيير وأهدافه ودواعيه؛
نشر ثقافة التغيير والتجديد ،وإشعار األفراد بأنهم هم أصحاب
التغيير ،وتبيان أن مصلحتهم في املرتبة األولى من حيث اختزال األعباء،
وتضمينه للقيم السائدة بينهم ،وتوضيح مرونة البرنامج وقابليته للتعديل
باالشتراك مع األفراد باإلدالء باقتراحاتهم وآرائهم ،مع عدم إغفال
التنظيمات غير الرسمية؛
مخاطبة العاملين شخصيا وبشكل مباشر ،ملعرفة ردود األفعال
الحقيقية والتمكن من مناقشتها وحلها.
إن شفافية االتصاالت هي املفتاح لنجاح التغيير ،وتكون في مختلف
مراحله؛ حيث يكون الحوار في بداية املشروع حول السؤال "ملاذا التغيير"
أي ما فوائده وما أهدافه وحوافزه ،أما املرحلة الثانية حول "ماذا نغير" أي
املحتوى التشغيلي للتغيير ،بتوضيح نقاط الضعف في النظام الحالي
358
وعناصر األزمة ،واملرحلة األخيرة حول كيفية إدراج التغيير ويكون هذا عبر
مختلف قنوات االتصال.
تختلف طريقة االتصال باختالف متلقي الرسالة؛ فال يخاطب األفراد
باملستويات الدنيا للتنظيم بنفس أسلوب مخاطبة اإلطارات العليا،
والش يء نفسه بالنسبة للعمالء واملوردين واملساهمين واألسواق املالية
وغيرهم ،إذ يجب تكييف املعلومات املقدمة مع كل صنف مما سبق ،بحيث
تقدم املعلومات التي تهم كال منهم ويريد سماعها ،السيما املتأثرين
املباشرين من التغيير.
غالبا ما يحتاج القائد إلى إقناع األفراد بتغيير مواقفهم من معتقدات
واتجاهات وسلوكيات ،وإن تمسكهم بمواقفهم تجاه إدارتهم وعملهم
وتنظيمهم يجعلهم يعملون بطرق معينة تجعلهم مستقرين نسبيا ،وبالتالي
مقاومين للتغيير ،ومن أجل النجاح في التخلص من املواقف غير املرغوبة
يتم تغييرها تدريجيا ،السيما تلك املتطرفة باعتبارها األكثر تجذرا وصعوبة
للتغيير ،وهناك من املواقف التي ال تتغير ،مما يجعل القائد يتبع سلوكا
مغايرا كاإلجبار أو االستبدال ،إال أن هذا الحل في تغيير السلوك مع عدم
تغيير املوقف ،لن يسفر عن إيجابيته في العمل ولعل الحل األنسب في هذه
الحالة ترك الفرد يكتشف التناقض بين مواقفه وما يجب أن يكون ،وإن
فتح قنوات االتصال املباشرة بين هؤالء واإلدارة يسهل عملية االقتناع
التدريجي.
إن التغيير ال يستدعي بالضرورة إجماعا كامال من طرف عناصر
التنظيم ،إال أن الخطر يكمن في حالة ما إذا كان اتجاه األغلبية نحو رفض
التغيير ،لذلك فإن إعالم األفراد بالتغيير في بداياته يضمن تفهمهم وتقبلهم
359
وتكيفهم ورغبتهم والتزامهم به ،ويفضل أن يكون ذلك من طرف اإلطارات
العليا للتنظيم للتحسيس بأهمية ما سيحدث ،وتفاديا لإلحساس
بالتجاهل أو الخطر ،ويتولى املسئولون عن الفروع ووحدات العمل
واألقسام تقديم تفاصيل مشروع التغيير.
تطرح عادة مشكلتين أساسيتين فيما يخص التغيير ،األولى حول املعنى
والثانية حول عدم األكادة ،حيث تطرح دائما مشكلة االختالف بين ما نريد
إيصاله من معلومات ،وبين ما يتم إيصاله فعال ،أي ما يستعمل من ألفاظ،
كما أن هناك اختالف بين ما يقال وما يفهم ،ومن أجل معالجة هذه
املفارقات يجب العمل على:
التأكد من أن املشاركين في الحوار يملكون نفس املرجعية للفهم،
والحرص على تعدد أشكال االتصال؛
تفادي األلفاظ أو التصرفات التي توحي بفرض التغيير ،إذ يجب
أن يكون الحوار في فترات التغيير أكثر مرونة وانفتاحا ،مع استعمال
أساليب الحوار الحديثة من مخططات وسيناريوهات مدعمة تكنولوجيا؛
تأمين مناخ مالئم لالستماع ،ومنح الوقت للفهم واإلدراك؛
اإلجابة الجدية والواقعية للتساؤالت املطروحة حيال مشروع
التغيير ،لتفادي التأويالت والفهم العكس ي ،وترك املجال للمعارضين
للنقاش ،ومحاولة إعطاء الدوافع التي من شأنها خفض املقاومة؛
نقل املعلومات تدريجيا الستيعابها ال سيما الجديدة منها.
كما أن لطريقة اإلعالن عن التغيير ووقته أثر على حسن تسييره ،إذ
يجب أن تتوفر فيه العناصر التالية:
360
الوضوح؛ إذ يجب اإلشارة إلى كل املعلومات حول التغيير ساعة
اإلعالن عنه ،فإن تأجيل بعضها السيما الحرجة ،قد يؤدي إلى مقاومة قد
توقف سير التنفيذ ،مما يفقد األفراد ثقتهم في قادة التغيير واملروجين له.
الواقعية؛ أي التصريح بحقيقة التغيير وموضوعه وكيفيته،
ولكن بأسلوب مرغب وعبارات محفزة.
الدقة؛ أي إعطاء املعلومات الدقيقة حول التغيير املبرمج،
وتفادي العمومية والغموض ،باإلشارة للهدف من التغيير وآثاره ونتائجه،
واألسباب املوضوعية إلحداثه من حيث األهمية واملصلحة والحاجة ،وكذا
عناصره اإليجابية من حيث القيمة ،والسلبية من حيث التكلفة
االجتماعية واالقتصادية ،ووصف الواقع الجديد الذي ستؤول إليه
املنظمة بدقة ووضوح تفاديا للترجمة الخاطئة.
املرجعية اإلدراكية املشتركة؛ إذ يجب مراعاة املرجعية اإلدراكية
لكل فرد ،فترجمة املدير املالي مثال ألسباب التغيير ونتائجه تختلف عما يراه
مدير املوارد البشرية ،لذلك ال بد من مراعاة ما يلي:
تحديد وتقييم منطق ومرجعية األفراد ،وتقييم وجهات نظرهم
حول أسباب التغيير ونتائجه وأسلوبه؛
مراجعة القائد ألفكاره ومنطقه حول التغيير ومقارنتها مع منطق
األفراد ،واختيار األحسن بعد املناقشة؛
تفادي الجدل العقيم وتحفيز االستماع اإليجابي وإيجاد لغة
مشتركة تقرب مرجعيات وإدراك الكل.
2.3املشاركة في عملية التغيير:
سبقت اإلشارة إلى ضرورة مشاركة األفراد في التغيير في أكثر من
مناسبة ،ال لش يء إال ألن إشراك املوظفين املتأثرين بالتغيير ليس فقط في
361
تنفيذه بل في كل مراحله ،يفيد في زيادة االلتزام في تنفيذه ،وإبداع طرق
خاصة أين يصبح التغيير قضية خاصة بكل فرد.
إن الدافع للمشاركة كون األفراد ال يقاومون أفكارهم ،لذلك ينصح
مشاركتهم ليس فقط في تنفيذ التغيير ،بل أيضا في وضع القرار الخاص
بالتغيير ،مما يجعل األفراد ال يدعمون التغيير فحسب بل ويدفعهم لتغيير
أنفسهم ،ومن الطبيعي أن عدم إشراك األفراد في التغيير يخلق مقاومة
شديدة له ،وحسب اإلداري جون براون ،من جامعة هارفارد تكمن تحديات
قائد التغيير في تحفيز األفراد للمشاركة في التغيير من خالل:
أ .إيجاد الرغبة في املشاركة:
بحيث ال يمكن لشخص القيام بعمل ال يرغب فيه ،وهذه الرغبة ال تتأتى
إال من خالل توفر قواعد شخصية سواء نفسية أو مادية من خالل:
التأثير القيادي للقائد ،مما يجعل مرؤوسيه يتبعون نهجه
ويتقبلون خططه؛
رؤية مشتركة ألهداف املنظمة مما يمنح تفكيرا موحدا بين القائد
ومرؤوسيه ،ويخلق التزاما لتحقيقها؛
إثارة الرغبة الداخلية بالتحسين ،من خالل االعتراف بدور األفراد
في املنظمة وتحفيزهم لدفعهم للتغيير ،وفتح الحوار حول مشاكل املنظمة
الجوهرية مما يفسح املجال ألفكار وإبداعات جديدة ورائدة ،فالفرد كلما
استمع إليه قادته وتقبلوا أفكاره وتبنوها ،كلما حاول تنميتها وبذل جهد
أكبر في تقديم األحسن.
من املؤكد أنه ال يمكن تحقيق نجاح مساعي التغيير والتطوير بدون
وجود سياسة اجتماعية تعتبر املشاركة رافعة حقيقية لتحقيق التميز،
362
حيث انتقلت املنظمات من تبني مفهوم التدرج في السلطة إلى مفهوم
املؤسسة الشبكية.
ب .تجهيزاألفراد للمشاركة:
تفاديا لنفور األفراد من التغيير نتيجة التخوف من رفض مبادراتهم،
على القائد اتخاذ التدابير الالزمة لتغيير اعتقاداتهم من خالل:
توفير البيئة املالئمة واملتعاونة ،وذلك برفع الحواجز املعيقة
لعملية التعلم ،بتوفير بيئة للتعاون وتبادل الخبرات الشخصية ،من أجل
التجديد واإلبداع في طرق وأساليب العمل؛
التعلم من الفشل ،وذلك من خالل اعتباره تجربة يجب االستفادة
منها ،وإدراجه ضمن برامج التدريب لتعلم كيفية االستفادة من الفشل،
واالنطالق منه لتصحيح األوضاع لألفضل.
ت .تمكين األفراد من املشاركة:
يجب إعطاء األفراد انطباع أن التغيير من صنعهم وليس مفروضا عليهم
وأنه لصالحهم إذ يزودهم بخبرات جديدة ويقلل من واجباتهم ،كما يجب
أن ينسجم مع قيمهم من خالل:
تزويد العاملين باملوارد واملعلومات الالزمة لتنفيذ العملية ،إضافة
إلى ضرورة دورات تعلم نظرية وعملية ،والتأكد من فهمهم ألدوارهم في
إحداث التغيير؛
توضيح أهمية اإلبداع كأفضل مدخل للتغيير ،وفتح املجال
إلخراج أفكار جديدة ،وإعطاء األهمية لوظائف العاملين وليس لسلطات
اتخاذ القرار ،وجعل الهدف الرئيس ي للتغيير هو نتائج األداء؛
363
تشجيع السلوكيات املوافقة للتغيير املطلوب ومكافئة األداء
املتميز واإلعالن عنه أمام جميع املشاركين ،والتركيز على األفراد املتعاونين
مع التغيير ،وحثهم على مساعدة اآلخرين على تقبله؛
مناقشة جميع األفكار الخاصة بمخاوف التغيير وتفهم رفضه
واالستماع والتجاوب مع اهتمامات األفراد وتساؤالتهم السيما املتأثرين منه
مباشرة ،ويستحسن استشارتهم في كيفية التغلب على املعوقات وإعطاء
البدائل والحلول املمكنة والتعويضات املناسبة وأخذ هذا بالحسبان في
عملية التخطيط للتغيير؛
إن التغيير بمشاركة القادة غير الرسمين أكثر فعالية ،حيث يلعب
هؤالء دورا إيجابيا في توقع املشكالت املمكنة في تنفيذ التغيير ،واستدراكها
أثناء عملية التخطيط وبالتالي تجنب املقاومة املتوقعة ،باالستفادة من
تأثيرهم ونفوذهم وكفاءتهم وكسب ثقة التنظيمات غير الرسمية والنقابات
لنفس الغرض.
هناك من ينصح بمشاركة األفراد في جوانب التغيير التي تدخل في إطار
تفضيالتهم وفي كيفية تنفيذ عملية التغيير ،بينما ال يشاركون في القرارات
التي تمس أهداف التغيير ،ولعل هذا صحيح في حالة كون التغيير املقترح
يفوق املستوى الفكري لألفراد ،أو لحساسية التغيير ،كما قد تتسع
املشاركة لتضم عناصر خارج املنظمة كاملستشارين الخارجين والخبراء
والعمالء األكثر أهمية وحتى املوردين ،ليتم إعادة النظر في االستراتيجيات
املوضوعة من قبل القادة أخذا بالحسبان اقتراحاتهم وآراءهم
ومالحظاتهم ،وتنفذ هذه املشاركة الواسعة في شكل اجتماعات أو
مؤتمرات ،تفيد في تبادل األفكار وتضمن املزيد من االلتزام والقبول لعملية
364
التغيير وإسراعه ،وكذا التنسيق بين مختلف مشاريع التغيير للحصول على
نتائج أفضل.
إن إدارة التغيير باملشاركة يجب ان تتم برشادة ودون إفراط ،إذ يجب
أن ال تفقد القائد قدرته على الرقابة وسلطته في اتخاذ القرار وهدر الوقت.
.4التحفيز للتغيير:
لتحقيق النتائج املسطرة للتغيير ،فإن فريق العمل يبذل جهودا أكبر
تحت تأثير عامل أساس ي هو الحافز ،إذ ال يمكن إخراج كل طاقاته دون
حافز قوي.
1.4مفهوم ووسائل التحفيز:
حسب هرم ماسلو للحاجات ،فإن الفرد تقوده الحاجة إما اجتماعية
كاالنتماء أو نفسية كالتقدير أو مادية كالعالوات ،إذ يجب أوال تحديد
مستوى الحاجات املشبعة لدى األفراد للتعامل مع الحاجات غير املشبعة
ألنها أكثر تحفيزا ،ومن أجل ذلك يمكن طرح األسئلة التالية :هل هناك
حاجة للتغيير؟ في أي مستوى تتواجد هذه الحاجة ضمن هرم ماسلو؟
عندما يتم التغيير ،ما هي الحاجات التي يشبعها؟
يرى العالم فروم ( ،)Vroomوهو مطور نظرية التوقع في سلوك العمل،
أن التحفيز هو حاصل ضرب الطريقة التي يختارها الفرد إلشباع حاجاته
( )Valenceواحتمال تحقيق هذه الطريقة لهذه الحاجة (.)Esperance
Motivation = Esperance x Valence
تمثل الحاجة حالة داخلية من عدم االتزان أو العجز ،والتي لها سعة
لتنشيط السلوك ،فعند وجود حاجة ما فإن الفرد يتحفز إلشباعها ،إذ
يحفز األفراد باحتياجات مختلفة من فرد ألخر ،ويحفز الفرد باحتياجات
365
مختلفة باختالف فترات حياته ،ويعد إشباع االحتياجات البشرية مجزيا
ورفضها عقوبة ،وأثبتت التجارب بأن الفرد يعمل للحصول على مكافئة أو
تجنب عقوبة ،ويمكن استغالل هذا املفهوم لصالح التغيير ،أين يجب أن
تتناسب املكافئة مع الجهد املطلوب لتغيير السلوك غير املرغوب
والحصول على السلوك املرغوب ،إلى أن يبلغ الفرد مرحلة املحفز الذاتي
النابع عن قناعته الخاصة في قدرته على التغيير.
من طرق تقديم الحوافز ،املكافئات املادية أو الحوافز املعنوية ،حيث
يرى األفراد املنفذون لعملية التغيير ،أن هذه العملية تعود عليهم بعدم
االستقرار وكونه عبء إضافي فحسب ،وتعود على املستويات العليا في
التنظيم بالنفع واإلفادة ،لذلك البد من حوافز لتقبل التغيير وتنفيذه،
حيث يصمم التغيير بحيث يضم احتياجاتهم ورغباتهم ،والتفكير في
تعويضات إيجابية ومتماشية مع ما يمكن أن يفقده الفرد من جراء التغيير
كالشعور باألهمية وتحقيق الذات ،وإذا وجدت فئة متضررة من التغيير،
فإن الحل هو التفاوض معها ،وإعطاء امتيازات مناسبة وتقدير القائمين
على التغيير ،والتعبير على ذلك بحوافز مادية ومعنوية ،ترفع معنوياتهم
وتكون دافعا لالستمرار في تنفيذ وإنجاح وتثبيت التغيير ،كما تمنح حوافز
للمبادرين بالتغيير تشجيعا لهم على طرح أفكار جديدة ،يكون التحفيز
معنويا باالعتراف والتقدير وإدراج أفكارهم ومقترحاتهم ضمن عمل
املنظمة ،وال بأس بمقابل مادي مشجع ،ومنح مكافئات ملن يتعاونون مع
التغيير بإزالة العقبات عن طريقه ،وألولئك املتجاوبين مع حلقات التدريب
لتعلم مهارات جديدة تتماش ى وعملية التغيير.
366
لدى البعض معتقدات ذاتية ناتجة عن افتقارهم للثقة في النفس على
األداء الجيد في املواقف الجديدة ،لذلك يحتاج القائد إلى تحفيزهم بتوفير
الدعم لضمان تغيير هذا االعتقاد من خالل التدريب والتوعية
2.4وسائل التحفيز:
من أهم الطرق التي تمكن القائد من تحفيز األفراد على تقبل التغيير ما
يلي:
تسهيل اندماج األفراد وخلق روح االنتماء للمنظمة ،وتأمين
التنسيق وانسجام الفريق؛
التكيف املستمر مع التطبيقات من خالل تطوير القدرات؛
جمع وتوجيه الطاقات وخلق ثقافة قائمة على قيم قوية فيما
يخص خدمة العميل ،الجودة ،التكيف ،اإلبداع ،روح الفريق ،إثراء وتنوع
املهام ،املسؤولية نحو تحقيق األهداف ،كل هذا يجعل من األفراد بالكفاءة
التي تمكنهم من تقاسم جزء من السلطة في اتخاذ القرار ولو بصفة
ضمنية؛
تحفيز األفراد على اليقظة البيئية ،من أجل القدرة على توقع ما
يجب تغييره ،والعمل على تهيئة التنظيم والهياكل والسلوكيات من أجل
القدرة على التكيف املستمر وخلق ثقافة تغيير حقيقية ودائمة؛
كما يعد إظهار نتائج سريعة من أهم طرق التحفيز للتغيير ،إذ يقول
كوتر في كتابه حول قيادة التغيير "معظم الناس ال يصبرون على السفر
الطويل ،إال إذا شاهدوا نتائج ملموسة ،ولذا فبدون تحقيق نجاحات
قصيرة املدى ،فإن العديد من املوظفين سوف يتخلون عن الفكرة ،أو أنهم
سوف ينظمون إلى املقاومة" ،وذلك ألن هذه النتائج تعتبر مقياسا ملدى
367
إمكانية تطبيق الرؤية املستقبلية ،وتعمل كمرشد لكيفية إعادة صياغة
رؤية واضحة تماما ،وإذا استعسر األمر على إظهار نتائج مبكرة ،يجب
إقناع األفراد بأن إيجابيات التغيير أكثر من سلبياته ،وعدم التسرع في رؤية
النتائج امللموسة واإلصرار على االستمرار في العملية ،ومحاولة إدراج
التغيير أوال في األماكن املتوقع تحقيق نجاح أسرع فيها لتشجيع العملية في
باقي املراكز.
يجد أي برنامج تغيير مقاومة تختلف حدتها كما يختلف مصدرها ،وتعد
املقاومة استجابة عاطفية وسلوكية تجاه خطر حقيقي أو متوقع ووهمي،
ناتج عن تغيير إيجابي أو سلبي ،يهدد أسلوب العمل الحالي ،شكا في نتائجه
أو خوفا منها ،ووفقا لتوازنات القوة واملصالح يمكن الحكم على تفوق
القوى الدافعة للتغيير أو املقاومة له .قد تكون هذه املقاومة ناتجة عن
تخوفات معنوية وعاطفية ،أو أمنية واقتصادية ،أو عملية أو ثقافية ،أو
اجتماعية أو معلوماتية .تتوقف حدة التغيير على خبرة متخذي القرار
والوعي بأهمية التغيير ،وكذا حجم الضغوط التي تمارسها قوى التغيير،
واملرحلة التي بلغها هذا األخير.
تبدأ املقاومة باإلنكار والرفض ،كاستجابة أولية في شكل المباالة ،ثم
املقاومة ،أين يسود االضطراب والسلبية واالحتجاجات ،تأتي بعدها مرحلة
االستكشاف واالستفسار ،وهي أولى الخطوات نحو التغيير ،يتم فيها
التفاوض حول مضمون التغيير ،أين يتم تغيير بعض تفاصيله لصالحهم،
وتعد أطول مرحلة إذ يستعد فيها األفراد لترك ما ألفوه وتعلم سلوكيات
جديدة ،بعدها تأتي مرحلة االلتزام واالندماج ،حيث يتم تقبل تام للتغيير
وتعهد على تبني سلوكياته ضمن روتينيات املنظمة ،ورفض العودة إلى
368
السلوكيات القديمة ،وتحتاج هذه املراحل لحدوثها بهذا الشكل ،إلى إدارة
واعية تؤمن بالشفافية واملشاركة وتوفر املعلومات وتحفز للتغيير ،وإال
توقفت عند املرحلة الثانية ،وإلغاء برنامج التغيير ،أو إحداثه قسرا.
إلنجاح برنامج التغيير يتوجب وجود قائد تغييري ،بصفات إدارية
وقيادية في نفس الوقت ،حيث يتصف بالزعامة الجماهيرية ،وكذا
الواقعية والتواصل واملوضوعية ،إضافة إلى الرؤية السليمة ،وإدراك
الذات وإمكانية التقمص وكذا التفكير االبتكاري وديناميكية األهداف .كما
عليه التزود باملهارات واملعرفة القيادية واإلدارية وبعد النظر والتحكم في
التعقيد ،إضافة إلى القدرة على التحكم في الوقت واإلدارة الواعية
للتكاليف ،مما يمكنه من مواجهة التغيير .وإن أي مدخل للتغيير يجب أن
يحقق مجموعة عوامل لنجاحه أهمها تطوير رؤية جديدة ،تطوير
الكفاءات ،وتحقيق االتصال واملشاركة ،والتحفيز للتغيير.
يعد التغيير عملية ضرورية تتضمن االنتقال من وضعية مرفوضة إلى
أخرى مرغوبة ،وتظهر الحاجة إليه بظهور مظاهر سلبية باملؤسسة ،حيث
يهدف إلى معالجتها وتحقيق التكيف مع البيئة الخارجية وزيادة مستوى
األداء ،أو من خالل الرغبة في صنع التغيير وتنمية القدرة على االبتكار،
وبالتالي فإن التغيير أكبر من التفكير في عدم إحداثه ،ويعد التغيير
مسئولية إدارية قائمة على التخطيط واالستمرارية والشمولية والنظم
املفتوحة ،كما أنه من الضروري اختيار استراتيجية تغيير تتماش ى وأهداف
التغيير باملؤسسة ،إذ ال بد من تشخيص طبيعة التغيير وتحليل عالقة
املنظمة مع البيئة ،ومن ثم اختيار االستراتيجية املناسبة.
369
على إدارة التغيير استخدام أفضل الطرق اقتصادا وفعالية لتنفيذه؛
حيث يفترض أن تكون إدارة قائمة على املشاركة ،قادرة على التكيف مع
األحداث وصنعها ،تحافظ على نسيج العالقات االجتماعية وترتبط بالواقع
العملي للمنظمة بحيث تحقق قيما مضافة ،كما تحقق التوازن بين
مختلف القوى وتحافظ على الشرعية القانونية واألخالقية ،كما تتطلب
إدارة التغيير األخذ بالحسبان استراتيجية املنظمة وثقافتها.
تهدف إدارة التغيير إلى التحرر من القيود التي تفرضها الحالة القائمة،
وتحسين أداء املنظمة ،بإعادة بناء قوى الفعل في املنظمة لتكون أكثر
توافقا مع احتياجات االنفتاح والتكامل مع العالم الخارجي ،كما أنه على
إدارة التغيير أن تكون إدارة توقع ،حيث تتوقع وتخطط للتغيير بدل انتظار
حدوثه.
تتولى اإلدارة العليا إدارة التغيير طواعية أو قسرا ،كما قد تفوض ذلك
لإلدارات األخرى بمشاركة جزئية أو كلية لألفراد ،كما يمكن أخرجتها ،مما
يحرم املنظمة من فرص التعلم وتطوير املهارات ،وتتم عملية إدارة التغيير
التهيؤ واالستعداد
عبر مراحل تبدأ بتطوير رؤية جديدة طموحة ،ثم ِ
التنظيمي للتحلل من القديم ،ومن ثم تطوير استراتيجية نهائية للتغيير،
وال يكفي تنفيذ استراتيجية التغيير ،بل يجب اعتماد التحسين املستمر،
لتعديل جوانب القصور املمكنة ،وبعد التأكد من إيجابية مخرجات برنامج
التغيير ،يتم تثبيت قيمه ضمن ثقافة املنظمة واألفراد ،أين يتم تعديل
هذه األخيرة جزئيا أو كليا.
يجد كل برنامج تغيير مقاومة تختلف حدتها باختالف نوعه ودرجته،
وهي استجابة لخطر حقيقي أو متوقع لعملية تغيير إيجابية أو سلبية ،قد
370
تكون هذه املقاومة ناتجة عن تخوفات معنوية أو أمنية أو اقتصادية أو
عملية أو ثقافية أو اجتماعية أو معلوماتية ،وتبدأ املقاومة باإلنكار
والرفض كاستجابة أولية ،ثم املقاومة ،تأتي بعدها مرحلة االستكشاف
واالستفسار ،وهي أولى الخطوات نحو التغيير ،يتم فيها التفاوض حول
مضمون التغيير وتحفظات املقاومين ،أين يتم تغيير بعض تفاصيله
لصالحهم ،وتعلم سلوكيات جديدة ،بعدها تأتي مرحلة االلتزام واالندماج،
حيث يتم تقبل تام للتغيير وتعهد على تبني سلوكياته.
إن نجاح برنامج التغيير مرهون بوجود قائد بصفات إدارية وقيادية،
يتصف بالواقعية والتواصل واملوضوعية وكذا التفكير االبتكاري
وديناميكية األهداف ،كما عليه التزود بمهارات معينة كالتحكم في التعقيد
وبعد النظر والقدرة على التحكم في الوقت ،كما أن أي مدخل للتغيير يجب
أن يحقق مجموعة عوامل لنجاحه أهمها تطوير رؤية جديدة ،تطوير
الكفاءات ،وتحقيق االتصال واملشاركة ،والتحفيز للتغيير.
371
قائمة المراجع:
المراجع باللغة العربية:
-البلوي صالح بن فالح .عبد هللا ،اتجاهات العاملين نحو التغيير التنظيمي( ،الرياض:
دراسة مقدمة استكماال ملتطلبات الحصول على درجة املاجستير في العلوم اإلدارية.)2005 ،
-الخضيري محسن أحمد ،إدارة التغيير( ،دمشق،دار الرضا للنشر.)2000 ،
-السكارنة بالل خلف .الريادة وإدارة منظمات األعمال( ،األردن :دار امليسرة)2008 ،
-السلمي علي .إدارة التميز"نماذج وتقنيات اإلدارة في عصر العوملة"( ،القاهرة :دار غريب،
)2000
-السلمي ،علي تطوير أداء وتجديد املنظمات( ،القاهرة :دار قباء.)2000 ،
-السويدان طارق ،منهجية التغيير في املنظمات( ،الرياض :دار حزم للنشر.)2001 ،
-الصيرفي محمد ،إدارة التغير ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية- ،2006 ،
-الصيرفي محمد ،السلوك اإلداري والعالقات اإلنسانية ،دار الوفاء لدنيا الطباعة،
اإلسكندرية.2008 ،
-الصيرفي محمد .القيادة اإلدارية واإلبداعية( ،اإلسكندرية :دار الفكر الجامعية)2007 ،
-الطمور رامز "إدارة التغيير واستراتيجيات التعامل مع مخاوف التغيير" ،مؤتمر اإلبداع
والتحول اإلداري واالقتصادي ،كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية ،جامعة اليرموك .2006
-العربي عمار .التسويق كأداة لتغيير التسيير باملؤسسات االقتصادية الجزائرية ،دراسة
حالة ملبنة األوراس )11/30 ،و( ،09 ،)2004/12/01الجزائر ،املنتدى الثاني للمؤسسات حول
تسيير التغيير في املؤسسات االقتصادية ،جامعة باجي مختار -عنابة.
-العطيات محمد بن يوسف النمران ،إدارة التغيير والتحديات العصرية للمدير "رؤية
معاصرة ملدير القرن الواحد والعشرين" (األردن :دار الحامد للنشر والتوزيع.)2006 ،
-برس يورك ،إدارة التغيير ،سلسلة املتميزون اإلدارية( ،الطبعة اإلنجليزية :شركة ألف)،
(الطبعة العربية ،مصر :الشركة املصرية العاملية للنشر لونجمان)2005 ،
-بكري محمد عبد العليم ،مبادئ إدارة األعمال( ،مصر ،جامعة بنها.)2007 ،
-سكوت سنيتا – نيس جيف ،ترجمة بشير البرغوثي مركز القعيد للترجمة :إدارة التغيير
في العمل ،إشراف على الترجمة :إبراهيم محمد القعيد( ،الرياض :دار املعرفة البشرية.)1995 ،
-سمير البعلبكي ،إدارة األعمال :مشاكل وحلول ،دار عالم الكتب ،لبنان.1998 ،
-شهاب شهرزاد محمد ،القيادة اإلدارية ودورها في تأطير روابط العالقات العامة .دراسات
تربوية ،العدد الحادي عشر ،تموز www.pdffactory.com 2010
-عامر سعيد يس " ،دور املشرف في إدارة التغيير" املؤتمر الحادي عشر حول تحديات
التغيير( ،القاهرة :وايد سرفيس)2001 ،
-عامر سعيد يس "(،مبادئ إدارة التغيير) ،املؤتمر السنوي األول استراتيجيات التغيير
وتطوير املنظمات ،1991 ،القاهرة :وايد سرفيس ،"1991 ،
-عبوي زيد منير" ،إدارة التغيير والتطوير" (القاهرة :دار كنوز املعرفة)2007 ،
-كنعان نواف ،القيادة اإلدارية( ،األردن :مكتبة دار الثقافة)2000 ،
-كينج نيجل .نيل أندرسون .إدارة أنشطة االبتكار والتغيير ،تعريب محمود حسن حسني،
(اململكة العربية السعودية :دار املريخ.)2004 ،
-لوينثال جفري إن ،إعادة الهندسة ،تعريب :عبد هللا دخيل هللا( ،الرياض :دار املريخ،
،)2002
-ماجيرسون شارلز .قيادة الفريق "دليل نجاح نظم إدارة الفريق" ترجمة سرور علي إبراهيم
سرور (الرياض :دار املريخ)2005 ،
-ماهر أحمد ،التنظيم :الدليل العملي لتصميم الهياكل واملمارسات التنظيمية ،الدار
الجامعية ،اإلسكندرية2008 ،
-هواريب فرانسيس .تعريب :محمد سمير العطائي ،تكوين الثقافة اإلبداعية( ،األردن:
العبيكات)2003 ،
-ويلسون دافيد ،ترجمة تحية عمارة ،استراتيجية التغيير ،مفاهيم ومناظرات ونظريات في
إدارة التغيير( ،القاهرة :دار الفجر للنشر والتوزيع ط.)1999 ،II
-ويلمز آالن وآخرون ،ترجمة سرور علي إبراهيم سرور :إدارة التغيير بنجاح ،استخدام
النظرية والخبرة في تنفيذ التغيير( ،الرياض :دار املريخ،)2004 ،
-الخشالي شاكر جار هللا ،موضوعات إدارية معاصرة ،الطبعة األولى ،دار حامد للنشر
والتوزيع ،األردن.2015 ،
:المراجع باللغات األجنبية
- Balgun Julia. Stratégie du changement, 2ed, (France :
édition éducation, 2005)
Ballé Michael , Reengineering des processus, Traduit -
de l’anglais par Monique Sperry, (Paris : Dunod, 1995)
- Bernard De Momorillon. Jean pierre. Tol Belin.
Organisation et gestion de l’entreprise, (Paris : édition litec,
1995).
- Betone Alain et autre, Dictionnaire des sciences
économiques, (Paris : Armand colin, 2007)
- Boyer Luc. Noel Equlbey, Histoire de Management,
(Paris : édition d’organisation, 1990),
- Burenes Bernard, Managing change, (Great Britain:
1992)
- Carton Gerard Dominique. Élogue de changement,
(Paris : pearson édition, 2004)
- Christopher G. Worley, Organization Development and
change, 5ed, (Los Angeles: West Publishing Company,1993).
- Cummings Thomas G. & Christopher G. Worley,
-Organization development and change,
- Cummings Thomas G. & Christopher G. Worley,
Organization development and change,( New York : West
publishing company, 1993)
- Fahey Liam, V.K.Narayanan, Linking changes in
revealed causal maps and environmental change –empirical
study, (Great Britan : Galliard, Great yarmouth, the
international library of management,1994)
Fouré Pierre, Changer la culture, cultiver le -
.changement, (Paris : Edition d’organisation, 2006)
- Helfer. Jean Pierre. Michel Kalika. Jacque Orsoni,
Management: Stratégie et organisation, (France :
vuibert, sans date de publication)
- Hollard Michel, Genie industriel :Les enjeux
économique, (Grenoble : presses universitaire,1994
- Johnson Gerry. Kevan Scholes. Frédéric Fréry.
Stratégique, (France : Pearson Education, 2002)
- Livian Yves –Frédérik, changement et gestion des
ressources humaines (France : édition d’organisatin,
2006)
- Marie Peretti Jean. Gestion des ressources
-humaines, (France : Vuibert, 19ed)
- Musso Pierre – Laurent, Ponthou – Eric Seulliet.
Fabriquer le futur, (Paris : Village Mondial, 2005)
- Newenhuijeze H.Dobers-v. The technological era-
Continuity and change in Arab and European
societies, (international institute Konrad –Adenauer-
Stiftung,1985)
- Pastor Pierre,Gestion du changement,
(Paris : édition liaisons, 2005)
- R. Jones, Gareth . Organizational Theory Design,
and Change, (America : Pearson Education
.International, 2007)
- S.Barr Pamela. J.L.Stimpert. Anne . S.Huff.
cognitive change, strategic action, and
organizational renewal, (Great Brittan Galliard, Great
yarmouth, the international library of management,1994)
- Thiétart, Raymond –Alain. Le management, (Paris :
Dahlab, 1995)
- Vandermewe. Sandra, Making strategic change
happen, Bengt-Arne. Vedim Artical about:
Management of change and innovation,),(Great Britan,
Gallliard ,The International library of management,
1994) ,
- warhavtig Wanda. Flight to the future, Managing
change in financial services for sustainable growth,
(Europe: Limra,2005).( New York : West publishing
company, 1993)
- Abdeloihed Serhane. Gérer le
changement « concept et approche », (Algérie :
.département de EMI. ISCAE, 2005)
- Ali Naghibi Mohammad. Hediyeh Baban. Strategic
change management. The challenges faced by
organisations, International Conference on Economics
and Finance Research IPEDR vol.4 (Singapore IACSIT
Press 2011))
- ChebaneHassane, résistance au changement et
stratégie de minimisation, une approche de gestion
de changement, (Algérie, Batna : revue des science
)2004 social et humaine
- Christensen Clayton M. et Michel overdorf,
Rependre au défi du changement radical, Harvard
business review, sur l’innovation, (Paris : édition
d’organisation, 2003)
- passerelles «groupe IMT des solutions pour le
France : Revue )changement » Dossier N=°50.
française », 2012)
- Lahouel Ali, le triple rôle de l’état dans l’industrie
pharmaceutique Algérienne,( Algérie : Université
Djilali Liabes, Sidi Bel Abes, 2013),
- Livian Yves – Frederic: Changement et gestion des
ressources humaines, (Paris : édition d’organisation,
:2003). www.dimitri.wiess.com,dernier consultation,
2014 /06/12
Jean Marie Peretti. Gestion des ressources -
humaines, (France : Vuibert,
19ed)www.colectionentreprise.fr dernier consultation
2014 /06/12
- Brilman Jean., Les meilleurs pratique de
management,3émeed (Paris: édition d’organisation,
.2001)
-Geger Cecile. Precis de gestion d’entreprise
(France : édition Nathan, 1996).
- Thiétart Raimond Alain, Le management, 7éme ed
(France : édition Dahleb, 1995).
- Harris, Stanley G; Hirschfeld, Robert R; Feild,
Hubert S; Mossholder, Kevin W, Psychological
attachment: Relationships with job characteristics,
attitudes, Group & Organization Management; vol. 18,
No 04; Dec 1993.