You are on page 1of 378

‫فهرس المحتويات‬

‫مقدمة‪9.................................................................................... :‬‬
‫الجزء األول‪ :‬ماهية المؤسسة وأهم تصنيفاتها‬
‫الفصل األول ‪:‬ماهية المؤسسة ‪13.....................................................‬‬
‫أول‪:‬مفهوم المؤسسة ‪15..................................................................‬‬
‫الفصل الثان‪ :‬تصني ــف المؤسسات االقتصاديـة ‪31..................................‬‬
‫أول‪:‬تصنيف المؤسسات القتصادية وفقا للقطاع ‪32................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬تصنيف المؤسسات االقتصادية حسب المعيار االقتصاد ‪33.....................‬‬
‫ثالثا‪ :‬المؤسسات القتصادية حسب معيار الجنسية والمعيار الجغرافي ‪34.......‬‬
‫رابعا‪ :‬المؤسسات القتصادية حسب معيار الحجم ‪34...............................‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫القتصادية وفقا لطبيعة ملكيته ‪35..................‬‬ ‫خامسا‪ :‬تصنيف المؤسسات‬
‫ً‬
‫سادسا‪:‬تصنيف المؤسسات القتصادية وفقا للشكل القانون ‪36...................‬‬
‫الجزء الثان‪ :‬ماهية التسييـر ومراحل تطور الفكر اإلداري‬
‫الفصل الثالث‪ :‬ماهي ــة التسيي ــر ‪45.....................................................‬‬
‫التسيي(اإلدارة) ‪46..........................................................‬‬
‫ر‬ ‫أول‪ :‬مفهوم‬
‫التسيي ‪49.... ................................................................‬‬
‫ر‬ ‫ثانيا‪ :‬أهمية‬
‫ثالثا‪ :‬مبادئ الت ر‬
‫سيي ‪51....................................................................‬‬
‫التسيي ‪55..............................................................‬‬
‫ر‬ ‫رابعا‪ :‬مستويات‬
‫التسيي ‪56...............................................................‬‬
‫ر‬ ‫خامسا‪ :‬وظائف‬
‫الفصل الرابع‪ :‬مراحل تطور الفكر اإلداري ‪59.........................................‬‬
‫أول‪ :‬المدرسة الكالسيكية ‪61.............................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المدرسة النيوكالسيكية‪76........................................................ :‬‬
‫ثالثا‪ :‬المدارس الحديثة‪93............................................................... :‬‬
‫الجزء الثالث‪ :‬وظائف التسيي‬
‫الفصل الخامس‪ :‬وظيفة التخطيط ‪107..............................................‬‬
‫أول‪ :‬مفهوم التخطيط‪109.............................................................. :‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية التخطيط‪110.............................................................. :‬‬
‫ثالثا‪ .‬رشوط أو عوامل نجاح عملية التخطيط‪111.. ................................ :‬‬
‫رابعا‪ :‬أنواع التخطيط‪112............................................................... :‬‬
‫خامسا‪ :‬عنارص التخطيط‪113.......................................................... :‬‬
‫سادسا‪ :‬مراحل التخطيط‪115.......................................................... :‬‬
‫سابعا‪:‬مشكالت ومعوقات التخطيط‪117............................................. :‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬وظيفة التنظيم ‪119.................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مراحل عملية التنظيم‪122 .......................................................... :‬‬
‫ثالثا‪ :‬مبادئ التنظيم‪122... ................................................................ :‬‬
‫غي السليم‪125 ................................................... :‬‬ ‫رابعا‪ :‬مظاهر التنظيم ر‬
‫‪126 ................................‬‬
‫‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬أنواع التنظيم‪................................ :‬‬
‫سادسا‪ :‬الهيكل التنظيم‪128 ............................................................. :‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬وظيفة التوجيه ‪137 .....................................................‬‬
‫أول‪ :‬القيادة‪138 ............................................................................. :‬‬
‫ثانيا‪ :‬التصال‪146 ........................................................................... :‬‬
‫التحفي‪149 ............................................................................ :‬‬
‫ر‬ ‫ثالثا‪:‬‬
‫‪:‬‬
‫الفصل الثامن وظيفة الرقابة ‪157 .......................................................‬‬
‫أول‪ :‬مفهوم الرقابة‪158 ................................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬مداخل الرقابة (التوجهات الفكرية للرقابة)‪160 ................................ :‬‬
‫ثالثا‪:.‬مراحل الرقابة‪160.... ................................................................ :‬‬
‫رابعا‪ :‬أهمية الرقابة‪162.... ................................................................ :‬‬
‫خامسا‪ :‬أنواع الرقابة‪163... ................................................................ :‬‬
‫سادسا‪ :‬مبادئ الرقابة‪165 ................................................................ :‬‬
‫سابعا‪ :‬أدوات الرقابة‪166.. ................................................................ :‬‬
‫الفصل التاسع‪ :‬عملية اتخاذ القرار ‪169 .................................................‬‬
‫أول‪ :‬مفهوم عملية اتخاذ القرار‪170 ..................................................... :‬‬
‫الجزء الرابع‪ :‬ماهية التغيي والمـدخل إىل إدارته‬
‫ر‬
‫واسياتيجياته‪187 ...........:‬‬ ‫الفصل العاش ‪:‬ماهية التغيي‪ :‬مفهومه‪ ،‬دوافعه‪،‬‬
‫التغيي‪ :‬تعريفه‪ ،‬خصائصه وأنواعه‪ ،‬أهميته وأهدافه‪188 ............:‬‬
‫ر‬ ‫أول‪ :‬مفهوم‬
‫التغيي ودوافعه‪204.............................................................‬‬
‫ر‬ ‫ثانيا‪ :‬مظاهر‬
‫التغيي‪214 .......................................... :‬‬ ‫ثالثا‪ :‬سيورة اختيار ر‬
‫اسياتيجيات‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫الفصل الحادي عش‪ :‬المدخل إىل إدارة التغيي ‪235.. ................................‬‬
‫التغيي‪236 ............................................................. :‬‬
‫ر‬ ‫تسيي‬
‫ر‬ ‫أول‪ .‬ماهية‬
‫للتغيي‪261 ............................................... :‬‬
‫ر‬ ‫ثانيا‪ .‬ر‬
‫سيورة العملية اإلدارية‬
‫الفصل الثان عش‪ :‬مقاومة التغيي وصفات القائد الناجح ف إدارتها ‪301 .......‬‬
‫التغيي‪ ،‬ومداخل إدارتها‪302 ...........................:‬‬ ‫ر‬ ‫أول‪ .‬مفهوم ومراحل مقاومة‬
‫التغيي‪324 ........................................... :‬‬
‫ر‬ ‫ثانيا أنماط القادة‪ ،‬وصفات قائد‬
‫التغيي‪339 ..................................... :‬‬
‫ر‬ ‫ثالثا‪ .‬عوامل النجاح الحرجة ف قيادة‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تعد إدارة املنظمات اليوم وأكثر من أي وقت مض ى من أهم ركائز‬
‫وعوامل نجاح املنظمات عموما ومنظمات األعمال بالخصوص‪ ،‬السيما‬
‫أمام التطور والتحول الذي شهدته بيئة األعمال وال تزال‪ ،‬في مختلف‬
‫املجاالت التكنولوجية واالجتماعية والثقافية وحتى السياسية‪ ،‬مما‬
‫يستدعي اكتساب املهارات اإلدارية تمكن من ممارسة الوظائف اإلدارية من‬
‫تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة بطريقة فعالة وكفؤة‪.‬‬
‫وقد حظيت العملية اإلدارية باهتمام العديد من املفكرين منذ ظهور‬
‫الثورة الصناعية وبروز حاجة املؤسسات لإلدارة‪ ،‬حيث مر الفكر اإلداري‬
‫بعدة مراحل تطور خاللها مفهوم اإلدارة وكيفية ممارسة وظائف وذلك من‬
‫خالل أعمال العديد من املفكرين في العلوم اإلدارية وعلم النفس وعلم‬
‫االجتماع وغيرها من العلوم التي ساهمت في تغيير العديد من املمارسات‬
‫اإلدارية ومهارات اإلدارة عبر مختلف املدارس اإلدارية بدءا باملدرسة‬
‫الكالسيكية التي تضمنت نظرية اإلدارة العلمية‪ ،‬واإلدارة البيروقراطية‪،‬‬
‫ونظرية التقسيم البيروقراطي‪ ،‬ثم املدرسة النيوكالسيكية التي تضمنت‬
‫كال من نظرية العالقات اإلنسانية والنظرية السلوكية‪ ،‬لتأتى بعدها‬
‫املدرسة الحديثة التي تضمن الكثير من النظريات‪ ،‬كنظرية النظم‪ ،‬ونظرية‬
‫اتخاذ القرار والنظرية املوقفية‪ ،‬نظرية اإلدارة باألهداف وغيرها‪.‬‬
‫وال يزال مفهوم اإلدارة قيد التطوير حيث يتميز هذا األخير‬
‫بالديناميكية واملرونة وقابلية التطور والتكيف مع التغير الحاصل في بيئة‬
‫األعمال‪ ،‬مما يستدعي التغيير في أسلوب ممارسة العملية اإلدارية ليتماش ى‬
‫مع هذه التغيرات‪.‬‬

‫‪09‬‬
‫إن التغير الحاصل في بيئة األعمال يستدعي حتما االستجابة والتكيف‬
‫معه‪ ،‬من خالل تغيير طرق وأساليب وتكنولوجيا ووسائل العمل‪ ،‬وحتى‬
‫ينجح هذا التغيير ال بد له من إدارة كفؤة لتوجيهه‪ ،‬وهذا في إطار ما يسمى‬
‫بإدارة أو تسيير التغيير‪ ،‬التي تستفيد من التطور الحاصل في علم اإلدارة‪،‬‬
‫ومن هنا جاءت فكرة هذا الكتاب‪ ،‬حيث يتم استعراض مراحل تطور‬
‫الفكر اإلداري‪ ،‬ثم نبذة عن وظائف اإلدارة في شكلها الحديث ثم التطرق‬
‫لكيفية إدارة التغيير وعوامل النجاح في تحقيقه‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الجزء األول‬
‫ماهية المؤسسة‬
‫وأهم تصنيفاتها‬
‫الفصل األول‬
‫ماهية المؤسسة‬
‫تعد املؤسسة عموما‪ ،‬واملؤسسة االقتصادية بالخصوص‪ ،‬الطابع‬
‫املميز للعصر الحديث والركيزة األساسية لتحقيق التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية ألي دولة حيث تعمل املؤسسة من خالل وظائفها املختلفة‬
‫على تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية متعددة‪ ،‬من خالل ما تقدمه من‬
‫سلع وخدمات تحقق رفاهية الفرد واملجتمع‪.‬‬
‫لقد عرفت املؤسسة من منظورات مختلفة‪ ،‬لكل مبرره في تعريفها‪،‬‬
‫وسيتم في هذا الفصل التطرق ألهم التعاريف التي تشرح هذا الكيان من‬
‫مختلف وجهات النظر‪.‬‬
‫لقد تعددت املصطلحات التي يستخدمها املمارسون واألكاديميون على‬
‫حد سواء لإلشارة إلى هذه التجمعات الهادفة إلى خدمة املجتمع بأي شكل‬
‫من األشكال‪ ،‬فنجد من يستعمل مصطلح منشأة أو مشروع أو منظمة‬
‫وحتى تنظيم‪ ،‬كما يوجد هناك من يفضل استخدام مصطلح شركة أو‬
‫مؤسسة‪ ،‬وغيرها من املصطلحات التي غالبا ما تستخدم للتعبير عن‬
‫الكيان نفسه‪ ،‬دون االنتباه للفروقات الجوهرية بينها‪ ،‬وهذا ما سيتم‬
‫التطرق إليه في هذا الفصل‪.‬‬
‫مرت املؤسسة بعدة مراحل‪ ،‬بدءا بالنظام األسري البسيط بلوغا‬
‫األشكال التي تظهر بها في العصر الحالي من مؤسسات كبرى وأخرى عابرة‬
‫للقارات‪ ،‬وفي هذا الفصل سيتم التطرق بش يء من التفصيل إلى هذه‬
‫املراحل‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ال تنشأ املؤسسة من فراغ بل لغرض معين تهدف إلى تحقيقه‪ ،‬قد يكون‬
‫ربحيا أو اجتماعيا أو الهدفين معا‪ ،‬وفي هذا الفصل سيتم التطرف إليها‬
‫بالتفصيل‪.‬‬
‫من أجل تحقيق أهدافها تقوم املؤسسة بالعديد من الوظائف منها‬
‫التجارية واملالية واإلنتاجية وغيرها‪ ،‬سيتم التفصيل فيها في هذا الفصل‪.‬‬
‫أوال‪ .‬مفهوم المؤسسة‪:‬‬
‫َ‬
‫املجاالت‬ ‫تحتل املؤسسات أهمية كبيرة في املجتمع‪ ،‬في مختلف‬
‫االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬لذلك علينا فهم طبيعة العمل فيها ومعرفة‬
‫أجزائها والعالقات الرابطة بينها‪ ،‬من خالل سرد مختلف التعاريف التي‬
‫تشرح مفهومها‪ ،‬وتبيان االختالفات الجوهرية بينها وبين بعض املصطلحات‬
‫القريبة منها‪ ،‬ومن ثم استنتاج خصائصها‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف المؤسسة‪:‬‬
‫تعددت التعاريف التي تشرح مفهوم املؤسسة‪ ،‬وذلك ناتج عن‬
‫التصور الفكري لصاحب التعريف ومجال بحثه‪ ،‬فقد عرفت املؤسسة‬
‫بشكل عام على أنها‪ " :‬مجموعة من الطاقات البشرية واملوارد املادية‬
‫تشغل فيما بينها وفق تركيبأو هيكل معين‪ ،‬قصد إنجازاملهام املنوطة بها‬
‫من طرف املجتمع" مما يعني أن املؤسسات بمفهومها الواسع هي إنشاءات‬
‫ً‬
‫ال تقتصر نشاطاتها على جني األرباح واألموال‪ ،‬كما أنها تقوم دائما‬
‫باألنشطة التي تخدم احتياجات املجتمع النابعة من عاداته وتقاليده‪.‬‬
‫وتستخدم ألجل ذلك مجموعة من املوارد امللموسة وغير امللموسة‪ ،‬وفق‬
‫هيكل تنظيمي يحدد املهام واملسؤوليات‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫كما تعرف املؤسسة بأنها '' وحدة إنتاجية تعمل على إنتاج سلع‬
‫وخدمات وتوجيهها للبيع‪ ،‬في ذات الوقت هي نظام مكون من مجموعة‬
‫أفراد وموارد أخرى‪ ،‬وهي أيضا تنظيم اجتماعي يشكل جزءا مهما من‬
‫اعتبارها‬ ‫ّ‬
‫للمؤسسة من منظورات ثالث‪:‬‬ ‫املجتمع" مما يعني أنه يمكن النظر‬
‫ِ‬
‫نظاما‪ ،‬وفي ذات الوقت هيكال اجتماعيا‪ ،‬وكذا عونا اقتصاديا‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق يمكن تعريف املؤسسة وفقا لهذه األبعاد الثالثة‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬املؤسسة كنظام‪:‬‬
‫هي نظام كلي يتكون من مجموعة من األنظمة الفرعية التي يعتمد كل‬
‫جزء منها على اآلخر لتحقيق أهدافه‪ ،‬تتداخل العالقات بينها وبين البيئة‬
‫الخارجية لتحقيق الهدف العام للنظام الكلي‪ ".‬مما يعني أن املؤسسة‬
‫عبارة عن نظام مفتوح فيما بينه وعلى البيئة الخارجية‪ .‬وتتمثل عناصر‬
‫هذا النظام في كل من‪:‬‬
‫‪ -‬املدخالت‪ :‬وتمثل كافة العناصر التي تبدأ املؤسسة بها نشاطها من أفراد‬
‫ومواد وتجهيزات ومعلومات ومعرفة‪ ،‬ويشترط فيها الجودة العالية لتحقيق‬
‫مخرجات ذات جودة‪.‬‬
‫‪ -‬العمليات‪ :‬أي عملية تحويل املدخالت إلى مخرجات وتضم كافة العمليات‬
‫التحويلية باملؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬املخرجات‪ :‬وتتمثل في املنتجات والخدمات واملعلومات واملعرفة الناتجة‬
‫عن العملية التحويلية للمدخالت‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫عملية التغذية العكسية‪ :‬هي املعلومات املرتدة من مراقبة أنشطة‬
‫املؤسسة والتي تساهم في رصد االنحرافات لتصحيحها للحصول على‬
‫املخرجات املرغوبة‪.‬‬
‫ب‪ .‬املؤسسة كمتعامل أو عون اقتصادي‪:‬‬
‫تعرف املؤسسة االقتصادية بأنها‪" :‬هيكل تنظيمي مستقل ماليا له‬
‫إطاره القانوني واالجتماعي‪ ،‬تقوم بنشاطات اقتصادية تهدف إلى تحقيق‬
‫سوقية عن طريق توظيف ودمج مجموعة من عوامل إنتاج (بشرية‬ ‫ّ‬ ‫قيمة‬
‫ٍ‬
‫ومادية ومالية وفكرية)‪ ،‬من أجل إنتاج أو تبادل أكبر قدر ممكن من (سلع‬
‫أو خدمات) بهدف تحقيق الر ٍبح‪.‬‬
‫إذن تبحث املؤسسات االقتصادية عن تحقيق األرباح بأقل التكاليف‪،‬‬
‫مما يعني قيمة سوقية أكبر‪.‬‬
‫ح‪ .‬املؤسسة ككيان اجتماعي‪:‬‬
‫هي "مجموعة من األفراد يتميزون بخصائص اجتماعية مختلفة‪،‬‬
‫يعملون بالتعاون فيما بينهم لتحقيق أهداف جماعية مشتركة‪ ،‬وفق تنظيم‬
‫مهيكل وممارسات إدارية محددة ويخضعون لسلطة معينة تعنى بتوزيع‬
‫املهام واتخاذ القرارات"‪ ،‬إذن تبحث املؤسسات عن تلبية الحاجات األفراد‬
‫"عمال ُومستهلكين"‪ ،‬ورفع مستوى معيشتهم‪.‬‬
‫‪ .2‬المؤسسة وبعض المصطلحات القريبة منها‪:‬‬
‫هناك العديد من هناك العديد من املصطلحات التي تستخدم عند‬
‫العامة وحتى ذوي االختصاص على حد املساواة مع املع املؤسسة‪،‬‬
‫بالرغم من وجود بعض الفروقات الجوهرية بينها‪ ،‬وفيما يلي أهم هذه‬

‫‪17‬‬
‫املصطلحات مع شرح مختصر لكل منها‪:‬‬
‫‪1.2‬املنظمة‪:‬‬
‫تعد املنظمة ترجمة للمصطلح اإلنجليزي ‪ ،organization‬وتعني‪:‬‬
‫مجموعة من األفراد لهم هدف معين‪ ،‬يستخدمون طريقة أو أكثر للوصول‬
‫ً‬
‫إليه‪ .‬فمثال هناك منظمات بيئية‪ ،‬منظمات عمالية‪ ،‬منظمات اقتصادية‪.‬‬
‫‪ 2.2‬املؤسسة‪:‬‬
‫هي هيكل مستقل يخضع ألطر قانونية واجتماعية‪ ،‬يضم مجموعة من‬
‫املوارد (البشرية واملادية واملالية والفكرية) تشغل بطريقة منظمة من أجل‬
‫خلق منتجات أو خدمات‪ ،‬وليس بالضرورة أن يكون الهدف منها اقتصاديا‬
‫أو ربحيا "‪ ،‬أي أن ما يفرق املؤسسة عن املنظمة‪ ،‬أن املنظمة أشمل من‬
‫املؤسسة‪ ،‬كون هذه األخيرة تأخذ شكال قانونيا وهيكال واضحا‪ ،‬عكس‬
‫املنظمة التي ال تشترط ذلك‪ ،‬إال أنه كثيرا ما يستعمل املصطلحان على قدم‬
‫املساواة‪.‬‬
‫‪ 3.2‬الشركة‪:‬‬
‫تعرف الشركة بأنها كيان معترف به قانونيا‪ ،‬يؤسسه عدد من‬
‫األشخاص لالستثمار في مجاالت تجارية‪ ،‬بتقديم حصة من مال أو عمل‬
‫عد املؤسسات كيانات‬ ‫القتسام ما قد ينشأ عنه من ربح أو خسارة‪ ،‬وبالتالي ُت ّ‬
‫ً‬
‫ذات أهداف أكثر تداخال وتعقيدا من الشركات‪ ،‬كما أن املؤسسة قد ال‬
‫تنشأ عن شراكة‪ ،‬بل ينشئها شخص واحد أو الدولة مثال‪.‬‬
‫‪ 4.2‬املنشأة‪:‬‬
‫قد تمثل املنشأة مؤسسة بذاتها أو جزءا من املؤسسة‪ ،‬لها موقع ثابت‪،‬‬
‫يقوم بأداء نوع أو أكثر من األنشطة االقتصادية تحت إدارة معينة‪ ،‬مثال‬
‫‪18‬‬
‫على ذلك فرع من فروع املؤسسة‪ ،‬أو منجم أو مستودعا أو مصنعا‪ ،‬قد‬
‫تأخذ شكال دائما فتأخذ صفة املنشأة الدائمة‪ ،‬أو شكال مؤقتا فتأخذ‬
‫شكل املشروع‪ .‬مما يعني أن املؤسسة أشمل من املنشأة‪ ،‬حيث تشغل هذه‬
‫األخيرة محل واحد عكس املؤسسة قد تنتشر في أكثر من محل‪.‬‬
‫‪ 5.2‬املشروع‪ :‬يقصد باملشروع كل شاط مؤقت له بداية ونهاية محدد‬
‫تين ينتج عنه شنئ فريد من نوعه (منتج أو خدمة أو نتيجة ما) ومن‬
‫الناحية االقتصادية املشروع هو أي تنظيم مؤقت يعمل على إنتاج أو‬
‫مبادلة سلع أو خدمات‪ ،‬أو تداول األموال ‪ ،‬بهدف الحصول على ربح‪،‬‬
‫كمشروع تطوير منتج جديد‪.‬‬
‫‪ . 3‬تطور مفهوم المؤسسة وفقا لمراحل تطور الفكر اإلداري‪:‬‬
‫املؤسسة مفهوم قديم‪ ،‬حيث حاول اإلنسان التغلب على محدودية قدراته‬
‫ً‬
‫الجسدية عن طريق التعاون مع غيره سعيا منه لتقديم املساعدة‬
‫والحصول عليها من أجل تلبية حاجاته وحل مشكالته‪ ،‬إلى أن أصبح يعيش‬
‫في بيئة تعج بمؤسسات تهيمن على كل نشاطاته‪ .‬فأصبح من األهمية فهم‬
‫ماهية املؤسسات وتعلم أساليب تسييرها‪ ،‬ومن ثم بدأت دراستها بطرق‬
‫علمية بدءا باملدرسة التقليدية حتى مدرسة النظم‪.‬‬
‫‪ 1.3‬مفهوم املؤسسة لدى املدرسة التقليدية‪:‬‬
‫حيث ركزت املدرسة التقليدية على تقسيم العمل في تعريفها للمؤسسة‬
‫وعرفتها على أنها‪ " :‬التكوين أو البناء الهيكلي الذي ينشأ في األساس عن‬
‫تحديد العمل وتجميعه وتقسيمه وتعيين السلطات واملسؤوليات وإنشاء‬
‫وتأسيس العالقات بين األجزاء املكونة للمؤسسة"‪.‬‬
‫‪ 2.3‬مدرستي العالقات اإلنسانية والسلوكية‪:‬‬
‫وعرفت مدرستي العالقات اإلنسانية والسلوكية املؤسسة بوصفها‬
‫مجموعة من األفراد ينشطون من أجل تحقيق هدف أو أهداف مشتركة‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪ 3.3‬مدرسة النظم‪:‬‬
‫نظرت للمؤسسة باعتبارها نظام متكامل يتكون من مجموعة من‬
‫األجزاء أو األنظمة الفرعية‪ ،‬لكل منها مدخالته وعملياته التحويلية ومن ثم‬
‫مخرجاته‪.‬‬
‫إذن قد تكون املؤسسة اقتصادية هادفة للربح‪ ،‬كما قد تكون‬
‫اجتماعية هادفة لخدمة املجتمع دون مقابل كالجامعات‪ ،‬ولعل املؤسسات‬
‫التي تلقى االهتمام األكبر في دراستها من حيث كيفية تسييرها هي‬
‫املؤسسات االقتصادية‪ ،‬نظرا ألهميتها البالغة في تحقيق التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية بالوطن‪ ،‬لذلك سيتم فيما يلي التركيز على هذا‬
‫النوع من املؤسسات‪ ،‬نظرا لشموليتها لخصائص وأهداف باقي أنواع‬
‫املؤسسات‪.‬‬
‫‪ .4‬خصائص المؤسسة االقتصادية‪:‬‬
‫ّ‬
‫االقتصادية خصوصا بالعديد من‬ ‫تتميز املؤسسة عموما واملؤسسة‬
‫الخصائص ومنها‪:‬‬
‫ّ‬
‫االقتصادية‪:‬‬ ‫‪ 1.4‬الخصائص‬
‫تتميز املؤسسة االقتصادية بمجموعة من الخصائص االقتصاديةّ‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬قدرة املؤسسة على توفير واستخدام ودمج عوامل اإلنتاج إلنتاج سلع‬
‫أو خدمات؛‬
‫‪ -‬القدرة على البقاء واالستمرار‪ ،‬من خالل قدرتها على أداء املهمة التي‬
‫وجدت من أجلها (إنتاج سلع أو الخدمات)‪ ،‬وذلك بتوفير املوارد املادية‬
‫والبشرية الالزمة ألداء نشاطها‪ ،‬وكذا القدرة على إدارتها بكفاءة واختيار‬
‫أساليب العمل املالئمة؛‬
‫‪20‬‬
‫‪ -‬القدرة على التحديد الواضح لألهداف وصياغة االستراتيجيات‬
‫والبرامج والسياسات‪ ،‬والحرص على تحقيقها‪.‬‬
‫‪ -‬قدرة املؤسسة على التكيف مع بيئتها الخارجية والتفاعل املتبادل‬
‫معها (كونها نظام مفتوح)؛‬
‫ّ‬
‫التقنية‪:‬‬ ‫‪ 2.4‬الخصائص‬
‫تقنية مما يجعلها كيانا‬ ‫تتميز املؤسسة بمجموعة من الخصائص ال ّ‬
‫تقنيا وأهمها‪:‬‬
‫‪ -‬حيازة املؤسسة على تقنيات وتكنولوجيا تساعدها على أداء مهمتها‪،‬‬
‫تمتزج هذه التكنولوجيا مع خصوصية املؤسسة (مهارات وكفاءات) مما‬
‫يحقق لها مخرجات تميزها عن غيرها من املؤسسات؛‬
‫‪ -‬التجديد التكنولوجي‪ ،‬حيث تحصل كل دورة إنتاج باملؤسسة على‬
‫ُمدخالت جديدة من التقنيات والتكنولوجيا التي تتطور باستمرار‪ ،‬وبالتالي‬
‫ّ‬
‫تكنولوجية وسلع أو خدمات‬ ‫تعطي مخرجات جديدة في شكل معلومات‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ 3.4‬الخصائص القانونية‪:‬‬
‫ّ‬
‫القانونية مما يجعلها كيانا‬ ‫تتميز املؤسسة بمجموعة من الخصائص‬
‫قانونيا وأهمها‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬امتالك املؤسسة لشخصية معنوية مستقلة‪ ،‬واسما خاصا بها‪،‬‬
‫مالية‪ ،‬وصالحيات وحقوق وواجبات‪.‬‬ ‫انية ّ‬‫وميز ّ‬
‫‪ -‬الشكل القانوني للمؤسسة يلزمها االنصياع ملختلف القواعد‬
‫واإلجراءات القانونية املنظمة لعملها‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ 4.4‬الخصائص االجتماعية‪:‬‬
‫تتميز املؤسسة بمجموعة من الخصائص االجتماعية مما يجعلها كيانا‬
‫اجتماعيا من أهمها‪:‬‬
‫والعمال تربطهم عالقات‬‫‪ -‬تضم املؤسسة مجموعة من املوظفين ُ‬
‫اجتماعية متبادلة وأهداف مشتركة؛‬
‫‪ -‬طابع التكافل الذي يميز املؤسسة من حيث اعتبارها مصدر رزق‬
‫للعديد من أفراد املجتمع؛‬
‫‪ -‬استجابة املؤسسة ملتطلبات املجتمع من سلع وخدمات تتماش ى مع‬
‫ثقافة وعادات هذا األخير‪.‬‬
‫هذا إضافة إلى خاصية الفناء‪ ،‬فبالرغم من املؤسسة قائمة أساسا على‬
‫مبدأ البقاء واالستمرار عكس املشروع‪ ،‬فإنها تخضع للفناء ما لم تحقق‬
‫نجاحا أو انتهت املهمة التي أنشأت من أجلها‪.‬‬
‫‪ .5‬مراحل تطور المؤسسة االقتصادية‪:‬‬
‫مرت املؤسسة بثالث مراحل وهي‪:‬‬
‫‪ 1.5‬مرحلة ما قبل الثورة الصناعية‪:‬‬
‫تميزت هذه املرحلة ببدائية وسائل اإلنتاج‪ ،‬واالعتماد شبه الكلي على‬
‫املوارد الطبيعة‪ ،‬وتقسم بدورها لثالث مراحل هي‪:‬‬
‫أ‪ .‬مرحلة اإلنتاج األسري البسيط‪:‬‬
‫حيث كانت الفالحة هي النشاط السائد‪ ،‬حيث اعتبرها اإلنسان املورد‬
‫األساس ي لبقائه ‪ ،‬أين تحقق األسر اكتفاءها الذاتي من الغذاء من خالل‬
‫زراعة األرض وتربية املواش ي‪ ،‬هذا إلى جانب بعض الحرف البسيطة‪ ،‬تميزت‬
‫هذه املرحلة ببساطة األدوات املستخدمة‪ ،‬وظهر ألول مرة تقسيم أولي‬
‫‪22‬‬
‫للعمل بين الحرفيين والفالحين‪ ،‬من خالل مفهوم املقايضة‪ ،‬حيث تسد‬
‫األسر الفالحية احتياجاتها من األدوات والوسائل من خالل تبادل الفائض‬
‫عن حاجتها من املنتجات الفالحية مع الحرفيين‪ ،‬ظهرت في هذه املرحلة‬
‫بعض التجمعات الحضرية في شكل مدن صغيرة‪.‬‬
‫ب‪ .‬مرحلة الوحدات الحرفية‪:‬‬
‫نتيجة ظهور التجمعات الحضرية بدأ الطلب على مختلف املنتجات‬
‫الحرفية من مالبس وأدوات اإلنتاج في االرتفاع‪ ،‬باملقابل تزايد أعداد‬
‫أصحاب الحرف بدون عمل‪ ،‬مما ّأدى إلى تكوين ورشات يتجمع فيها‬
‫أصحاب الحرف املتشابهة من أجل اإلنتاج تحت إشراف القدماء منهم‪،‬‬
‫ونشأت عدة ورشات حرفية كالحدادة والنسيج‪ ،‬وكانت تخضع للكنيسة في‬
‫تحديد األجور واألسعار وذلك من أجل حماية املستهلك‪ ،‬ظهرت في هذه‬
‫املرحلة طبقة تجار كوسيط بين املنتجين واملستهلكين وأصبحت الوحدات‬
‫الحرفية مرغمة على التعامل معهم‪.‬‬
‫ج‪ .‬مرحلة النظام الحرفي املنزلي‪:‬‬
‫نتيجة ظهور طبقة التجار الرأسمالية حدث تحول هام في كيفية اإلنتاج‬
‫والتمويل‪ ،‬حيث وفر التجار املواد األولية وأدوات العمل ورؤوس األموال‬
‫ألصحاب الحرف ولألسر الريفية التي ترغب في زيادة دخلها باحتراف حرفة‬
‫أخرى إلى جانب الزراعة‪ ،‬من أجل تغطية حاجاتها املتزايدة أمام التطور‬
‫الحضري وتحسن ظروف املعيشة‪.‬‬
‫‪ 2.5‬مرحلة ما بعد الثورة الصناعية )أواسط القرن الثامن عشر( ‪:‬‬
‫لقد هيأت التطورات السابقة الظروف لالنتقال إلى مرحلة أكثر تطورا‬

‫‪23‬‬
‫وهيكلة‪ ،‬ما يسمى بالثورة الصناعية‪ ،‬وتميزت هذه املرحلة بدورها بثالث‬
‫مراحل‪:‬‬
‫أ‪.‬مرحلة ظهوراملؤسسات الصناعية في شكلها األولي "املانيفاكتورة"‪:‬‬
‫يعود ظهور املؤسسات الصناعية إلى التطورات الحاصلة في طرق‬
‫اإلنتاج (وحدات اإلنتاج والنظام الحرفي)‪ ،‬ونمو طبقة التجار نتيجة ارتفاع‬
‫الطلب وتطور املستوى الحضاري والنمو الديمغرافي‪ ،‬إضافة إلى‬
‫االستكشافات الجغرافية وأثرها على تراكم الثروة واستيراد املواد األولية‪،‬‬
‫وظهور بعض اآلالت البسيطة كاآللة البخارية‪ ،‬وكذا ظهور النظام‬
‫الرأسمالي وانفصال الكنيسة عن الحياة االقتصادية‪ ،‬مما ّأدى إلى ثراء‬
‫طبقة التجار الذين استطاعوا امتالك أدوات اإلنتاج‪ ،‬وقاموا بجمع‬
‫الحرفيين تحت سقف واحد‪ ،‬ملراقبتهم وضمان االستغالل األمثل لوسائل‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وهكذا ظهرت املصانع في شكلها األولي‪ ،‬والتي تتكون من أدوات‬
‫بدائية يشتغل عليها العمال بأيديهم‪ ،‬وكان للمصانع شكالن؛ فإما أن يضم‬
‫املصنع عددا من العمال لهم نفس الحرفة ينفذون مرحلة معينة من‬
‫مراحل اإلنتاج يكملها مصنع آخر‪ ،‬أو أن يجمع بين عمال لهم حرف‬
‫مختلفة مكملة لبعضها‪ ،‬يشاركون في تنفيذ كل مراحل اإلنتاج كل في‬
‫تخصصه‪ ،‬وأصبح صاحب املصنع هو صاحب السلطة يتحكم في عملية‬
‫اإلنتاج والتمويل والتوزيع‪.‬‬
‫ب‪ .‬مرحلة ظهوراملؤسسات الصناعية اآللية (الحديثة)‪:‬‬
‫مع بداية القرن ‪ 19‬بعد ظهور ما يسمى بالثورة الصناعية الثانية وما‬
‫صاحبها من استكشافات علمية وثورة فكرية‪ ،‬وظهور االختراعات وتطور‬
‫وسائل اإلنتاج واتساع األسواق بشكل واسع‪ ،‬باإلضافة إلى الدور الهام‬
‫‪24‬‬
‫للجهاز املصرفي في تحقيق التطور االقتصادي في مجال الصناعة‪ ،‬بدأ نوع‬
‫جديد من املؤسسات بالظهور‪ ،‬وهي الصناعة اآللية في شكل ورشات‪ ،‬والتي‬
‫تميزت باعتمادها على وسائل عمل آلية ميكانيكية بدال من اليدوية‪.‬‬
‫ج‪ .‬مرحلة التكتالت والشركات املتعددة الجنسيات‪:‬‬
‫كنتيجة للتطور الكبير الذي شهده االقتصاد الرأسمالي‪ ،‬ظهرت‬
‫التكتالت االقتصادية مع نهاية القرن ‪ 19‬وبداية القرن ‪ .20‬كحل استراتيجي‬
‫انتهجته بعض املؤسسات االقتصادية بهدف التحكم في األسواق وبالتالي‬
‫القدرة على مواجهة املنافسة ومن هذه التكتالت نجد‪:‬‬
‫‪ -‬الكارتل‪:‬‬
‫(‪(Cartel‬مصطلح التيني مشتق من كلمة ‪ (Charta‬وتعني امليثاق‪ ،‬وهو‬
‫عبارة عن تجمع لعدد من املؤسسات في نفس القطاع بهدف التقليل من‬
‫حدة املنافسة وتحديد كميات وأسعار اإلنتاج في السوق‪ ،‬يفرض أسعار‬
‫مرتفعة مقارنة مع األسواق املنافسة حيث يتم اقتسام الربح الزائد‬
‫وتحتفظ املؤسسات في الكارتل باستقاللية مالية وقانونية‪ ،‬بحيث ال تندمج‬
‫مع بعضها كما هو الحال بالنسبة للترست وظهر الكارتل ألول مرة في أملانيا‬
‫سنة ‪ ،1870‬مثال على الكارتل شركة األوبك النفطية‪.‬‬
‫‪ -‬التروست‪:(Trust) :‬‬
‫عبارة عن تكتل يجمع بين عدة مؤسسات‪ ،‬نتيجة االندماج أو الشراء‪،‬‬
‫بحيث تفقد كل واحدة منها استقالليتها املالية وشخصيتها القانونية‪،‬‬
‫وتصبح تحت إدارة واحدة‪ ،‬مع حق كل منها في االنتخاب داخل مجلس‬
‫اإلدارة‪ ،‬وظهر الترست ألول مرة في الواليات املتحدة األمريكية سنة ‪،1880‬‬
‫مثال الشركة الدولية ترست للتأمين الفلسطينية‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪ -‬الشركات القابضة (املالكة) أو الهولدينغ (‪:)Holding‬‬
‫لشركات‬
‫ٍ‬ ‫الشركة القابضة هي املؤسسة التي تمتلك األسهم املتداولة‬
‫ُ‬
‫أخرى‪ .‬وغالبا ما يشير املصطلح بشكل أساس ي إلى الشركة التي ال تنتج‬
‫ّ‬
‫السلع أو الخدمات بنفسها‪ ،‬وإنما الغرض منها فقط تملك أسهم الشركات‬
‫األخرى‪ .‬وتمتلك الشركة القابضة عادة أغلبية األسهم في الشركة التابعة‬
‫تخول لها الرقابة على إدارتها وإدارة حافظتها من األسهم‪ ،‬دون أن تفقدها‬
‫استقاللها القانوني‪ ،‬وقد استحدثت نتيجة ظهور املعامالت بين البنوك‬
‫واملؤسسات من خالل البورصة‪ ،‬من خالل شراء البنوك ألسهم املؤسسات‬
‫سواء أكانت عمومية أو خاصة‪ ،‬ويطلق اسم " الشركة األم" على املسيرين‪،‬‬
‫واسم "الفروع أو الشركات التابعة " على الشركات ّ‬
‫املسيرة‪ ،‬مثال على ذلك‬
‫شركة ‪ LG‬الكورية‪.‬‬
‫‪ -‬الشركات املتعددة الجنسيات‪:‬‬
‫هي مؤسسة تعود ملكيتها لجنسيات متعددة‪ ،‬ويتولى إدارتها أشخاص‬
‫من جنسيات متعددة‪ ،‬وتمارس نشاطها في بلدان أجنبية متعددة‪ ،‬بينما‬
‫تصمم استراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها في مركزها الرئيس ي في‬
‫الدولة األم‪ ،‬وتتوسع في نشاطها إلى دول أخرى تسمى الدول املضيفة‪ ،‬مثال‬
‫على ذلك "‪ "volsvagen‬األملانية ‪.‬‬
‫سسة‪:‬‬
‫‪ .6‬أهداف المؤ ّ‬
‫تقسم أهداف ّ‬
‫املؤسسة على النحو التالي‪:‬‬
‫ّ‬
‫االقتصادية‪:‬‬ ‫‪1.6‬األهداف‬
‫تسعى املؤسسة إلى تحقيق العديد من األهداف من أهمها‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫أ‪ -‬تحقيق األرباح‪ :‬يعد الهدف األساس ّي للمؤسسة‪ ،‬إذ يساهم في رفع‬
‫رأسمالها وتوسيع أعمالها ومنافسة ّ‬
‫املؤسسات األخرى‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحقيق حصة سوقية أكبر‪:‬‬
‫مما يساهم‬‫من خالل رفع مستويات اإلنتاج وتوزيعه في اآلجال املحددة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫املحلية‪ ،‬وحتى الخارجية‪ .‬وذلك من خالل ترشيد‬ ‫في تغطية طلبات املجتمع‬
‫عوامل اإلنتاج‪ ،‬وانتهاج أساليب التسيير الحديثة‪.‬‬
‫ت‪ -‬تحقيق قيمة سوقية للمؤسسة‪ :‬وذلك من خالل توظيف ّ‬
‫فعال‬
‫لعوامل اإلنتاج‪ ،‬مما يحقق االستغالل الكفء ملوارد املؤسسة سواء‬
‫امللموسة وغير امللموسة‪.‬‬
‫ث‪-‬تحقيق ميزة تنافسية مستدامة‪ :‬وذلك من خالل االستجابة‬
‫لرغبات العمالء وترجمتها إلى مستويات أداء يجب بلوغها‪.‬‬
‫‪ 2.6‬األهداف االجتماعية‪:‬‬
‫عمال بمبدأ املسؤولية االجتماعية للمؤسسة أهداف اجتماعية تتمثل‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬توفير مستوى مناسب من األجر يساهم في تطوير مستوى معيشة‬
‫املوظفين‪ ،‬مما يحقق الرضا الوظيفي؛‬
‫‪ ‬منح العاملين تأمينات وحقوق ُعمالية‪ ،‬وكذا رفع مستوى التالحم‬
‫بين العمال؛‬
‫‪ ‬توفير مناصب عمل للعمال تتماش ى مع مؤهالتهم وطموحاتهم‬
‫وإمكانياتهم‪ ،‬مما يساهم في رفع مستوى معيشة املواطنين باملجتمع‬
‫وامتصاص الفائض من اليد العاملة في سوق العمل؛‬

‫‪27‬‬
‫‪ ‬تحقيق أهداف بيئية‪ ،‬حيث تهدف املؤسسة أثناء أدائها لنشاطها‬
‫املساهمة في تحقيق مبدأ التنمية املستدامة كالحفاظ على البيئة من خالل‬
‫ترشيد استخدام املوارد الطبيعية‪ ،‬وإنتاج منتجات صديقة للبيئة‪،‬‬
‫واملساهمة في عمليات إعادة التدوير ومعالجة النفايات‪ ،‬وكذا تمويل‬
‫منظمات حماية البيئة؛‬
‫‪ ‬استحداث أنماط استهالكية جديدة بالتأثير على أذواق املجتمع‬
‫اعتمادا على توفير منتجات جديدة بخصائص إيجابية‪.‬‬
‫ّ‬
‫الثقافية‪:‬‬ ‫‪ 3.6‬األهداف‬
‫تتمثل األهداف الثقافية للمؤسسة فيما يلي‪:‬‬
‫ّ‬
‫والترفيهية للموظفين من خالل نظام‬ ‫ّ‬
‫الثقافية‬ ‫‪ ‬توفير كافة الوسائل‬
‫مزايا وخدمات مرن وقابل للتعديل؛‬
‫‪ ‬الحرص على توفير التدريب املستمر لألفراد في مختلف مراحل‬
‫مسارهم املنهي‪ ،‬وتماشيا مع التطور التكنولوجي الحاصل‪.‬‬
‫‪ 4.6‬األهداف التكنولوجية‪:‬‬
‫تتمثل األهداف التكنولوجية للمؤسسة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تطوير املنتجات جديدة ومواكبة التطور التكنولوجي‪ ،‬وذلك من‬
‫ّ‬
‫العلمي (الداخلي والخارجي)؛‬ ‫خالل تطبيق نتائج البحث‬
‫‪ ‬االستخدام األمثل لتكنولوجيا املعلومات واالتصال من أجل‬
‫والحصول على املعلومات املوثوقة والدقيقة‪،‬‬ ‫تقليل التكاليف وربح الوقت‪ُ ،‬‬
‫ّ‬
‫التنافسية في السوق‪.‬‬ ‫للمساهمة في املحافظة على القدرة‬
‫‪ ‬املساهمة في تطوير سياسة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي‬
‫للدولة من خالل دمج نتائج وحدات البحث والتطوير التي تملكها‪ ،‬مع‬
‫‪28‬‬
‫مختلف أعمال هيئات ومراكز البحث بالوطن لتحقيق رافعة تكنولوجية‬
‫حقيقية‪.‬‬
‫‪ .7‬وظائف المؤسسة االقتصادية‪:‬‬
‫ّ‬
‫االقتصادية مع مجموعة من الوظائف وهي‪:‬‬ ‫يرتبط عمل املؤسسة‬
‫‪ 1.7‬الوظيفة ّ‬
‫املالية‪:‬‬
‫تهتم بالبحث عن التمويل من مصادره املمكنة‪ ،‬وذلك بعد تحديد‬
‫االحتياجات املالية للمؤسسة من خالل دراسة خططها االستثمارية‪،‬‬
‫واختيار طرق التمويل األفضل لتحقيقها‪ ،‬إضافة إلى دورها في إدارة هذه‬
‫األموال وتوجيهها التوجيه الصحيح ومنع الهدر والوقوع في أزمات مالية غير‬
‫مبررة‪ ،‬باالعتماد على األساليب الحديثة للتسيير املالي‪.‬‬
‫‪ 2.7‬وظيفة املوارد البشرية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫البشرية في‬ ‫وتهتم بصياغة وتنفيذ الخطط املتعلقة بإدارة املوارد‬
‫املؤسسة‪ ،‬وتتمثل أهم مهامها في التوظيف والتدريب وتقييم األداء وتسيير‬
‫املسار املنهي‪ ،‬ونظام األجور والحوافز واملزايا والخدمات‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬للحصول على مخرجات في شكل سلع‬ ‫ّ‬ ‫تحويلية تسمى بالعملية‬
‫أو خدمات‪.‬‬
‫‪ 5.7‬التسويق‪:‬‬
‫هو الوظيفة التي تبحث في مواصفات املنتج التي تتوافق واحتياجات‬
‫السوق‪ ،‬وبالتالي تحديد خصائص املواد الداخلة في تركيبه والتكنولوجيا‬
‫الالزمة لتصنيعه‪ ،‬وتحديد السعر املالئم والتنافس ي‪ ،‬وكذا التعريف‬
‫بخصائص املنتج والترغيب في اقتناءه من طرف أكبر حجم من املستهلكين‬
‫من خالل أساليب الترويج املختلفة‪ ،‬إضافة إلى البحث عن قنوات تصريف‬
‫هذا املنتج والتنويع فيها لتوفير املنتج في الوقت املناسب وبالطريقة املالئمة‬
‫ملختلف شرائح املجتمع‪.‬‬
‫‪ 6.7‬وظيفة البحث والتطوير‪:‬‬
‫وهي الوظيفة التي تعنى بعمليات البحث التطبيقي والتطوير‬
‫التكنولوجي واستغالل نتائج البحث األساس ي والتطورات التقنية الحاصلة‬
‫في البيئة التكنولوجية‪ ،‬لغرض تطوير مدخالت املؤسسة من مواد ووسائل‬
‫إنتاج أو عملياتها‪ ،‬أو مخرجاتها من سلع وخدمات‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫تصنيـــف المؤسسات‬
‫االقتصاديـة‬
‫بعد التطرق ملاهية املؤسسة من حيث مفهومها ونطورها التاريخي‬
‫وأهدافها وكذا وظائفها‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أهم التصنيفات التي حظيت بها‬
‫املؤسسات‪ ،‬حيث تصنف املؤسسات عموما واالقتصادية بالخصوص إلى‬
‫عدة أنواع‪ ،‬وفقا للعديد من معايير التصنيف املعتمدة‪.‬‬
‫فمنها ما يصنف وفقا للقطاع الذي تنتمي إليه‪ ،‬أو حسب املعيار‬
‫االقتصادي‪ ،‬كما تصنف املؤسسات وفقا ملعيار الجنسية‪ ،‬أو املعيار‬
‫القانوني‪ ،‬وفي هذا الفصل سيتم التطرق لهذه التصنيفات بش يء من‬
‫التفصيل‪.‬‬
‫أوال‪ .‬تصنيف المؤسسات االقتصادية وفقا للقطاع‪:‬‬
‫تصنف إلى ثالثة قطاعات هي‪:‬‬
‫‪ .1‬القطاع األولي‪:‬‬
‫هي تلك املؤسسات التي تتميز بنشاط مرتبط بعالقة قوية مع الطبيعة‪،‬‬
‫أي املوارد الطبيعية القابلة لالستهالك في صورتها األولية‪ ،‬مثل املناجم‪،‬‬
‫ومؤسسات الصيد البحر ّي‪ ،‬واملؤسسات الزراعية‪.‬‬
‫‪ .2‬القطاع الثانوي‪:‬‬
‫هي عبارة عن مؤسسات األشغال العمومية‪ ،‬واملؤسسات التحويلية‬
‫التابعة لقطاع الصناعة‪.‬‬
‫‪ . 3‬القطاع الثالث (القطاع الخدمي)‪:‬‬
‫هو و ووو عبو و ووارة عو و وون املؤسسو و ووات التو و ووي ال تنتمو و ووي للقطو و وواعين السو و ووابقين‪،‬‬
‫والت و و و و ووي تق و و و و وودم خ و و و و وودمات‪ ،‬مث و و و و وول مؤسس و و و و ووات التس و و و و ووويق‪ ،‬والت و و و و ووأمين‪،‬‬
‫واملصارف واالتصاالت وغيرها‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ثانيا‪ .‬تصنيف المؤسسات االقتصادية حسب‬
‫المعيار االقتصادي‪:‬‬
‫وتصنف املؤسسات حسب هذا املعيار إلى‪:‬‬
‫‪ .1‬المؤسسات الصناعية‪:‬‬
‫وتصنف بدورها إلى‪:‬‬
‫‪ 1.1‬صناعات ثقيلة‪:‬‬
‫كالصناعات االستخراجية كصناعة الحديد والصلب‪ ،‬أو صناعة‬
‫وسائل اإلنتاج وتحتاج إلى رأسمال ضخم وكفاءات بشرية وتكنولوجية‬
‫عالية‪.‬‬
‫‪ 2.1‬الصناعات الخفيفة‪:‬‬
‫وتتمثل في الصناعات التحويلية كصناعة املواد االستهالكية‪.‬‬
‫‪ .2‬المؤسسات الفالحية‪:‬‬
‫تتمثل في املؤسسات الناشطة في الفالحة كالزراعة وتربية املواش ي‪،‬‬
‫إضافة إلى أنشطة الصيد البحري‪.‬‬
‫‪ .3‬المؤسسات المالية‪:‬‬
‫وهي املؤسسات التي تعنى بالنشاط املالي كالبنوك ومؤسسات التأمين‬
‫ومؤسسات الضمان االجتماعي‪.‬‬
‫‪ .4‬المؤسسات التجارية‪:‬‬
‫وهي املؤسسات التي تعنى بالنشاط التجاري كاألروقة وغيرها‪.‬‬
‫‪ .5‬المؤسسات الخدمية‪:‬‬
‫وهي املؤسسات التي تعنى بتقديم خدمات كالبريد واالتصاالت‬
‫والجامعات والنقل وغيرها‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫ثالثا‪ .‬المؤسسات االقتصادية حسب معيار الجنسية‬
‫والمعيار الجغرافي‪:‬‬
‫وتصنف إلى‪:‬‬
‫‪ .1‬مؤسسات وطنية‪:‬‬
‫تعمل داخل الوطن ومالكوها من داخل الوطن ويحملون الجنسية‬
‫الوطنية‪ ،‬قد تكون تملك فرع واحد أو عدة فروع في مناطق متباعد من‬
‫الوطن‪.‬‬
‫‪ .2‬مؤسسات أجنبية‪:‬‬
‫تعمل داخل الوطن ومالكوها من خارج الوطن ويحملون جنسية أجنبية‬
‫واحدة‪ ،‬قد تكون تملك فرع واحد أو عدة فروع في مناطق متباعد من‬
‫الوطن‪.‬‬
‫‪ .3‬مؤسسات مختلطة‪:‬‬
‫تعمل داخل الوطن ومالكوها جزء منهم من داخل الوطن وآخرون‬
‫أجنبيون‪ ،‬قد تملك فرع واحد أو عدة فروع في مناطق متباعد من الوطن‪.‬‬
‫‪ .4‬مؤسسات متعددة الجنسيات‪:‬‬
‫تعمل داخل الوطن ومالكوها من جنسيات مختلفة‪ ،‬قد تملك فرع‬
‫واحد أو عدة فروع في مناطق متباعد من الوطن‪ ،‬وتسمى أيضا املؤسسات‬
‫العابرة للقارات مراعاة للدول املضيفة لهذه املؤسسات‪.‬‬
‫رابعا‪ .‬المؤسسات االقتصادية حسب معيار الحجم‪:‬‬
‫وتقسم إلى مؤسسات مصغرة وصغيرة ومتوسطة وكبيرة‪ ،‬وهناك من‬
‫يضيف أشكال أخرى وهي املؤسسات الضخمة والعمالقة‪ ،‬وتختلف معايير‬
‫تقسيم املؤسسات وفق الحجم من دولة ألخرى‪ ،‬فهناك من الدول التي‬
‫تأخذ بمعيار عدد العمال كدول شرق آسيا‪ ،‬التي تعتبر املؤسسة مصغرة‬
‫إذا كان عدد عمالها أقل من ‪ 10‬عمال‪ ،‬وصغيرة إذا كان عدد عمالها من ‪10‬‬
‫‪34‬‬
‫إلى ‪ 59‬عامل ومتوسطة إذا كان عدد عمالها من ‪ 50‬إلى ‪99‬عامل وكبيرة إذا‬
‫كان عدد عمالها ‪ 100‬عامل أو أكثر‪ ،‬هناك من الدول من تأخذ بعدد من‬
‫املعايير للتصنيف‪ ،‬كنوع النشاط وعدد العمال والتكنولوجيا املستعملة‬
‫ونوع القطاع ومعيار رأس املال‪ ،‬ورقم األعمال وامليزانية السنوية‪ ،‬إلى غيرها‪.‬‬
‫البنك الد ولي مثال يأخذ بالحسبان عدد العمال‪ ،‬الحد األقص ى لرأس‬
‫املال املستثمر وحجم املبيعات‪ ،‬بينما االتحاد األوروبي يأخذ بالحسبان‬
‫معيار عدد العمال ورقم األعمال والحصيلة السنوية‪ ،‬كما هو الحال‬
‫بالنسبة للجزائر‪ ،‬وفيما يلي جدول يبين تصنيف الجزائر وفقا ملعيار‬
‫الحجم‪.‬‬
‫خامسا‪ .‬تصنيف المؤسسات االقتصاد ّية وفقا ً‬
‫لطبيعة ملكيته‪:‬‬
‫وتصنف إلى األنواع اآلتية‪:‬‬
‫‪.1‬المؤسسات الخاصة‪:‬‬
‫وتنقسم املؤسسات الخاصة إلى‪:‬‬
‫‪ 1.1‬مؤسسات خاصة فردية‪:‬‬
‫يمتلكها فرد واحد وهو صاحب رأس املال‪ ،‬وهو عادة القائم على‬
‫التسيير واتخاذ القرارات‪ ،‬واملسؤول األول واألخير عن نتائجها‪ ،‬وتتميز‬
‫بسهولة اإلنشاء والتنظيم‪ ،‬ومن عيوبها نقص رأس املال وصعوبة التمويل‬
‫نتيجة نقص الضمانات ونقص الخبرة التسييرية لدى املالك‪.‬‬
‫‪ 2.1‬مؤسسات خاصة جماعية‪:‬‬
‫تمتلكها مجموعة من األشخاص يتوزع رأسمالها عليهم‪ ،‬تتميز بقدرتها‬
‫على التمويل بفضل وجود ضمانات كافية نتيجة تعدد الشركاء‪ ،‬وسيتم‬
‫التعرض لها بالتفصيل عند الحديث عن التصنيف القانوني للمؤسسات‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ .2‬المؤسسات العامة‪:‬‬
‫ّ‬
‫هي املؤسسات التي تمتلكها الدولة‪ ،‬وال يمكن إغالقها أو بيعها إال‬
‫بموافقة الحكومة‪ ،‬وتنقسم إلى مؤسسات تابعة للوزارات حيث تقوم‬
‫بالرقابة الدورية على تسييرها‪ ،‬ومؤسسات تابعة للجماعات املحلية‬
‫(الدائرة والبلدية)‪.‬‬
‫‪ .3‬المؤسسات المختلطة‪:‬‬
‫هي املؤسسات التي تتوزع ملكيتها بشكل مشترك بين القطاعين العام‬
‫والخاص‪ ،‬حيث يشترط أن تكون نسبة القطاع العام أكبر من (‪ %51‬على‬
‫األقل) لضمان تحكم الدولة في القرارات الرئيسية للشركة‪.‬‬
‫سادسا‪ .‬تصنيف المؤسسات االقتصادية وفقا ً‬
‫للشكل القانوني‪:‬‬
‫ً‬
‫وتصنف املؤسسات االقتصادية وفقا للشكل القانوني إلى نوعين‬
‫رئيسين هما‪:‬‬
‫‪ .1‬شركات األشخاص‪:‬‬
‫هي املؤسسات التي ترتبط بوجود نوع من املخاطرة املالية غير‬
‫ّ‬
‫الشخصية للشركاء‪ ،‬أي‬ ‫املحدودة‪ ،‬وتعتمد هذه الشركات على االعتبارات‬
‫أن التعامل مع الشركة من طرف الغير يكون على أساس الثقة في‬
‫الشركاء ملا يتمتعون به من مؤهالت وصفات شخصية كاألمانة‪ ،‬إضافة‬
‫للثقة املتبادلة بين الشركاء‪ ،‬وتصنف هذه الشركات إلى‪:‬‬
‫أ‪ .‬شركة التضامن‪:‬‬
‫وهي الشركة التي يعقدها شخصان أو أكثر قصد التجارة‪ ،‬وتسمى أيضا‬
‫الشركة ذات االسم الجماعي (‪ ،)SNC‬يتألف عنوان الشركة من أسماء‬
‫جميع الشركاء‪ ،‬أو أحدهم أو أكثر متبوع بكلمة وشركائه‪ ،‬وتكمن أهميتها في‬
‫‪36‬‬
‫كونها أكثر مالئمة للتجار ذوي الثراء املحدود‪ ،‬وانسجامها مع التجارة‬
‫العائلية التي تنشأ بين أفراد األسرة أو األصدقاء‪ ،‬حيث تربطهم الثقة‬
‫املتبادلة التي تعد أساس إنشاء هذه املؤسسات‪ .‬وعادة ما تكون مؤسسات‬
‫صغيرة أو متوسطة‪ ،‬يكتسب فيها الشريك املتضامن صفة التاجر‪،‬‬
‫ويسأل مسؤولية "شخصية" عن ديون الشركة؛ فتكون ذمته املالية‬
‫بكاملها (أمواله الخاصة خارج حصته) ضامنة للوفاء بهذه الديون حتى‬
‫بعد انحالل الشركة‪ ،‬وهذا أهم ما يميزها‪ ،‬بينما يتقاسم الشركاء األرباح‬
‫حسب حصصهم التي ال يجوز أن تكون ممثلة في سندات قابلة للتداول‪،‬‬
‫وال يمكن إحالتها لآلخرين إال برضا جميع الشركاء‪.‬‬
‫يعين مدير أو أكثر من الشركاء أو غير الشركاء‪ ،‬ويمكن للشركاء غير‬
‫املديرين أن ي طلعوا مرتين في السنة على الحسابات والعقود والفواتير‬
‫والوثائق املحررة واملستلمة‪ ،‬وتنقض ي هذه الشركة عند اإلخالل بأحد‬
‫الشروط العامة إلنشائها كالسبب واملحل‪ ،‬أو الخاصة كانسحاب أحد‬
‫الشركاء أو وفاته أو إفالسه أو فقدانه لألهلية ما لم ينص العقد التأسيس ي‬
‫عكس ذلك‪.‬‬
‫ب‪ .‬شركة املحاصة‪:‬‬
‫هي شركة تجارية تنعقد بين شخصين أو أكثر‪ ،‬تقوم على العالقة‬
‫الخاصة بينهم دون علم اآلخرين بوجودها‪ ،‬وتهدف عادة إلى القيام بنشاط‬
‫تجاري مؤقت تنتهي الشركة بانتهائه‪ ،‬يمارس أعمالها شريك ظاهر يتعامل‬
‫مع الغير تكون املعامالت باسمه‪ ،‬وإذا علم الغير بها تتحول إلى شركة‬
‫تضامن ويجب تسجيلها‪ .‬وهي شركة ال تتمتع بالشخصية املعنوية وال‬

‫‪37‬‬
‫تخضع لإلجراءات الشكلية التي تحكم باقي الشركات ألنها شركة مستترة‪.‬‬
‫لذلك فإن هناك أربعة صيغ مللكية الحصص‪:‬‬
‫‪ ‬أن يحتفظ كل شريك بملكية حصته ويستثمرها بنفسه‪.‬‬
‫‪ ‬أن يحتفظ كل شريك بملكية حصته‪ ،‬مع تسيلم الحصص إلى‬
‫أحد الشركاء ليقوم باستثمارها لحساب الشركة‪.‬‬
‫وفي الحالتين ال يكون للدائنين املتعاملين مع الشريك الظاهر النفاذ‬
‫إلى حصص الشركاء األخرين‪.‬‬
‫‪ ‬أن ينقل الشركاء ملكية حصصهم إلى أحد الشركاء ليستثمرها‪،‬‬
‫وفي هذه الحالة يكون للدائنين أن ينفذوا إلى جميع الحصص ألن ملكيتها‬
‫انتقلت ملن تعامل معهم (الشريك املستثمر)‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬أن تكون الحصص املقدمة مملوكة لهم جميعا‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫تطبق عليهم أحكام املال الشائع (العمل برأي األغلبية)‪.‬‬
‫ً‬
‫ال يجوز للشركة أن تصدر صكوكا قابلة للتداول‪ ،‬وليس للغير حق‬
‫الرجوع إال للشريك الذي تعاملوا معه (الشريك الظاهر)‪ ،‬ولكن إذا حدث‬
‫وتعامل أحد باقي الشركاء مع الغير يجب أن يكون ذلك باسمه الخاص‪،‬‬
‫وتنقض ي شركة املحاصة بتحقق سبب من أسباب االنقضاء العامة أو‬
‫الخاصة املتعلقة باالعتبار الشخص ي للشريك الظاهر‪ .‬وهي ال تخضع‬
‫لقواعد التصفية التي تخضع لها باقي الشركات النعدام الشخصية‬
‫املعنوية‪ ،‬وبالتالي انعدام الذمة املالية املستقلة‪.‬‬
‫ّ‬
‫التوصية البسيطة‪:‬‬ ‫ت ‪ .‬شركة‬
‫هي الشركة التي تعقد بين شريك واحد أو أكثر متضامنين ومسئولين‬
‫بصفتهم الشخصية على إيفاء ديون الشركة‪ ،‬وبين شريك واحد أو أكثر‬
‫‪38‬‬
‫يكونون أصحاب أموال فيها وخارجين عن اإلدارة ويسمون شركاء موصين‪،‬‬
‫يقدمون نسبة محددة من املال‪ ،‬وال يلزم كل منهم إال في حدود النسبة التي‬
‫قدمها‪ ،‬وتكمن أهميها في أنه يجوز لألشخاص املحرومين من حق ممارسة‬
‫التجارة بسبب الوظيفة التي يمارسونها أن يدخلوا كشركاء موصون في‬
‫شركة التوصية البسيطة‪.‬‬
‫ال يجوز إدراج أسماء الشركاء املوصون في عنوان الشركة‪ ،‬عكس‬
‫الشركاء املتضامنون الذين يسألون عن ديون الشركة مسؤولية مطلقة‪،‬‬
‫مما يكسب الشريك املتضامن صفة التاجر عكس املوص ي‪ ،‬وال يجوز أن‬
‫تكون حصص الشركاء ممثلة في سندات قابلة للتداول‪ ،‬إال أنه يمكن‬
‫للشريك تحويل جزء من حصته إلى شريك موص ي أو شخص أجنبي عن‬
‫الشركة ولكن بموافقة الشركاء‪ ،‬وال يلتزم الشريك املوص ي بتقييد اسمه في‬
‫السجل التجاري وبالتالي ال يكتسب صفة التاجر‪ .‬كما ال يمكنه القيام بأي‬
‫عمل بالشركة ولو بمقتض ى وكالة‪ ،‬وال يخضع لنظام اإلفالس‪ ،‬وتنقض ي‬
‫شركة التوصية البسيطة باألسباب العامة أو ألسباب خاصة تتعلق‬
‫بالشريك املتضامن (وفاة أو إفالس‪ ،)...‬ألن الشريك املوص ي مسؤول في‬
‫حدود حصته‪.‬‬
‫‪ .2‬شركات األموال‪:‬‬
‫ّ‬
‫االقتصادية التي تقوم على االعتبار املالي وليس‬ ‫هي املؤسسات‬
‫الشخص ي كما في شركات األشخاص‪ّ ،‬‬
‫تهتم بجمع أكبر كمية ممكنة من‬
‫رأس املال دون االهتمام بشخصية الشركاء‪ ،‬وتكون عادة شركات كبيرة‬
‫وأهم أشكالها الشركة املساهمة العامة‪ ،‬وهي شركة أموال ينقسم رأس‬
‫مالها إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول‪ ،‬وال يكون كل شريك فيها‬
‫‪39‬‬
‫مسئوال عن ديون الشركة إال بقدر ما يملكه من أسهم‪ ،‬ومع ذلك فإن‬
‫مسئولية مؤسس ي الشركة خالل مرحلة التأسيس تكون تضامنية قبل‬
‫الغير‪ ،‬وال تعنون باسم أحد الشركاء وإنما يكون لها اسم يؤخذ من غرضها‬
‫الذي أنشئت من أجله مثال شركة التنمية السياحية‪ ،‬أي أنها تبنى على‬
‫االعتبار املالي ال الشخص ي‪ ،‬حيث تتكون الشركة من عدد كبير من‬
‫املساهمين ال يعرف بعضهم البعض‪ ،‬وتختلف األسهم عن حصص‬
‫الشركاء في شركات األشخاص في كون األسهم قابلة للتداول دون حاجة‬
‫ملوافقة باقي الشركاء‪ ،.‬وال يكتسب الشريك صفة التاجر ‪ ،‬وال تنقض ي‬
‫الشركة بوفاة أحد املساهمين أو إفالسه‪.‬‬
‫ويجب أن تتم دعوة الجمهور إلى االكتتاب بناء على نشرة معتمدة من‬
‫الهيئة العامة لسوق املال يتم نشرها فى صحيفتين يوميتين‪ ،‬ويجب أن يظل‬
‫االكتتاب مفتوحا مدة ال تقل عن عشرة أيام وال تتجاوز شهرين‪ ،‬وتنقض ي‬
‫شركة املساهمة العامة بانتهاء مدة الشركة أو هالك معظم رأسمالها أو‬
‫ً‬
‫انتهاء الغرض الذي أسست من أجله أو اندماجها مثال في شركة أخرى‪.‬‬
‫‪ .3‬الشركات المختلطة‪:‬‬
‫وهي الشركات التي تحمل صفات النوعين السابقين (األشخاص‬
‫واألموال) وتتمثل في كل من‪:‬‬
‫ّ‬
‫املسؤولية املحدودة‪SARL :‬‬ ‫أ‪ .‬الشركة ذات‬
‫ّ‬
‫يتحملون‬ ‫عدة أشخاص ال‬ ‫هي شركة مكونة من شخص واحد أو ّ‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫تضم إال شخصا‬ ‫الخسائر إال في حدود ما قدموا من حصص‪ ،‬وإذا كانت ال‬
‫ً‬
‫واحدا‪ ،‬فتسمى “مؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات املسؤولية املحدودة‬
‫وتعين بعنوان للشركة يمكن أن يشتمل على اسم واحد من الشركاء‬ ‫‪ّ EURL‬‬

‫‪40‬‬
‫أو أكثر على أن تكون هذه التسمية مسبوقة أو متبوعة بكلمات “شركة ذات‬
‫مسؤولية محدودة”‪ ،‬أو األحرف األولى منها‪ .‬وتتمتع هذه الشركة بالشخصية‬
‫املعنوية‪ ،‬ويتكون رأسمالها من حصص نقدية وحصص عينية‪ ،‬وإمكانية‬
‫تقديم حصة عمل‪ ،‬والقانون األساس ي للشركة هو الذي يحدد كيفية‬
‫يخوله من أرباح‪ ،‬وال تدخل هذه الحصة في‬ ‫تقدير قيمة هذا العمل وما ّ‬
‫تكوين رأس املال؛‬
‫مسؤولية الشريك تكون محدودة بقدر نسبة مساهمته في رأس املال‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبالتالي فهو ال يكتسب صفة التاجر إال إذا كانت له هذه الصفة قبل‬
‫دخوله في الشركة‪ ،‬وال تتأثر الشركة ِبما يطرأ على الشريك من عوارض‪،‬‬
‫كالوفاة أو اإلفالس غيرها‪ ،‬ويجب أن تكون الحصص اسمية عكس شركات‬
‫األموال‪ ،‬وال يمكن أن تكون ممثلة في سندات قابلة للتداول وهذه نقطة‬
‫ّ‬
‫تشابه مع شركات األشخاص‪ ،‬إال أنه يمكن أن تنتقل إلى أشخاص أجانب‬
‫ولكن بموافقة أغلبية الشركاء‪ ،‬كما يجوز أن تنتقل عن طريق اإلرث أو‬
‫إحالتها بين األزواج واألصول والفروع‪ ،‬وال يجب أن يتجاوز عدد الشركاء‬
‫ً‬
‫خمسين شريكا وإال وجب تحويلها إلى شركة مساهمة في أجل سنة‪ ،‬ويعود‬
‫سبب تحديد عدد الشركاء إلى الحفاظ على االعتبار الشخص ي للشريك من‬
‫حيث الثقة املتبادلة‪ ،‬وتكون هذه الشركات عادة صغيرة أو متوسطة‬
‫صالحة لالستفادة من ذوي الكفاءات في تحقيق التنمية بالبالد‪.‬‬
‫ب ‪ .‬شركة التوصية باألسهم‪:‬‬
‫ً‬
‫وهي شركة تتكون من فريقين من الشركاء‪ :‬فريق يضم على األقل شريكا‬
‫ً‬
‫متضامنا وفريق آخر يضم شركاء مساهمون وال يسألون عن ديون الشركة‬
‫إال بقدر حصصهم‪ ،‬واالختالف الجوهري بينها وبين شركات التوصية‬
‫‪41‬‬
‫البسيطة كون املساهمون املوصون لهم حرية التصرف في حصصهم‬
‫كالتنازل عنها أو بيعها دون الرجوع للشركاء املتضامنين‪.‬‬
‫يتكون اسم شركة التوصية باألسهم من اسم واحد أو أكثر من الشركاء‬
‫املتضامنين دون املوصين‪ ،‬على أن تضاف إلى اسمها عبارة (شركة توصية‬
‫باألسهم)‪ ،‬وما يدل على غاياتها‪" .‬وال يجوز أن يذكر اسم الشريك املساهم‬
‫في اسم الشركة‪.‬‬
‫يتولى إدارة الشركة شريك متضامن أو أكثر‪ ،‬كما أن هناك جهازان‬
‫رئيسيان يتوليان أعمال الرقابة الداخلية على إدارة الشركة وهما مجلس‬
‫الرقابة (ويتكون من ثالثة من املساهمين على األقل) ومراقب الحسابات‪،‬‬
‫وتنقض ي شركة التوصية باألسهم إذا تحقق أحد األسباب العامة‪ ،‬أو‬
‫األسباب الخاصة التي تنقض ي بها شركات املساهمة أو شركات التضامن‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الجزء الثاني‬
‫ماهية التسييـر ومراحل‬
‫تطور الفكر اإلداري‬
‫الفصل الثالث‬
‫ماهيـــة التسييــــر‬
‫تطرقنا فيما سبق إلى مفهوم املؤسسة ومراحل تطورها وكذا أهم‬
‫أشكالها‪ ،‬وإن هذا التطور في أنواع وطبيعة املؤسسات إنما يرد بالدرجة‬
‫األولى إلى عمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة التي تجعلها‬
‫تواكب التغيرات الحاصلة في بيئتها الخارجية والتي تشكل في مجملها أهم‬
‫وظيفة باملؤسسة‪ ،‬وهي الوظيفة اإلدارية أو ما يسمى بالتسيير‪.‬‬
‫لقد تطور مفهوم التسيير‪ ،‬أو اإلدارة باملعنى الواسع‪ ،‬بتطور الفكر‬
‫اإلداري‪ ،‬كما تأثر بالتطور الحاصل على املؤسسة نفسها‪ ،‬كما يستقي‬
‫التسيير الحديث للمؤسسات جل مبادئه من مبادئ اإلدارة التي وضعها‬
‫هنري فايول في إطار املدرسة الكالسيكية‪ ،‬والتي سيتم التعرض لها تفصيال‬
‫في هذا الفصل‪.‬‬
‫للتسيير أهمية قصوى في تحقيق نجاح وتطور ونمو املؤسسات‪ ،‬سواء‬
‫بالنسبة للمؤسسة نفسها (املالك والعاملين) أو املجتمع ككل‪ ،‬كما أن‬
‫عملية التسيير ال تقتصر على مستوى اإلدارة العليا‪ ،‬بل إنها تمتد‬
‫للمستويين التكتيكي والتشغيلي لتقريب األطر املرجعية والفكرية ملختلف‬
‫املستويات مع بعضها‪ ،‬في هذا الفصل سيتم التطرق ملختلف الجوانب التي‬
‫تشرح أهمية التسيير‪ ،‬وكذا العمليات اإلدارية بمختلف مستوياته‪.‬‬
‫أوال‪ .‬مفهوم التسيير(اإلدارة)‪:‬‬
‫إن كلمة تسيير وهي ترجمة للكلمة الفرنسية (‪ )Gestion‬تعد مرادفا‬
‫لكلمة إدارة وهي ترجمة لكلمة" ‪ Management‬قد تستخدم في الحياة‬
‫العمليوة فوي أكثر من مجال‪ ،‬لذلك ال يوجد هناك حتى اآلن تعريف واحد‬
‫متفق عليه لإلدارة‪ ،‬وذلك بسبب تعدد االهتمامات ووجهات النظر من‬

‫‪46‬‬
‫ناحية‪ ،‬وبسبب التغير املستمر في دور املنظمات نتيجة للتغير املستمر في‬
‫البيئة املحيطة‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف التسيير‪:‬‬
‫إن أولى محاوالت تعريف التسيير هي تلك التي قدمتها املدرسة‬
‫ّ‬
‫الكالسيكية‪ ،‬حيث عرفه )‪ (Taylor‬على أنه‪" :‬تحديد ما هو مطلوب عمله‬
‫ّ ُّ‬
‫ثم التأكد من ّأنهم يؤدون ما هو مطلوب منهم‬ ‫من العاملين بشكل صحيح‪،‬‬
‫بأفضل الطرق‪ ،‬وأقل التكاليف"‪.‬‬
‫وعموما يعرف التسيير بأنه‪" :‬مجموعة متشابكة من الوظائف أو‬
‫العمليات (تخطيط‪ ،‬تنظيم‪ ،‬توجيه‪ ،‬قيادة‪ ،‬متابعة‪ ،‬رقابة) تسعى إلى‬
‫تحقيق أهداف معينة عن طريق االستخدام األمثل للموارد املتاحة"‬
‫تنظيمية ُمعينة"‪ .‬وهذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملالية‪ ،‬واملعلومات في بيئة‬ ‫ّ‬
‫واملادية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫البشرية‪،‬‬
‫التعريف مستوحى من أعمال فايول حول وظائف التسيير‪.‬‬
‫كما عرفته مدرسة العالقات اإلنسانية على أنه‪" :‬تحقيق األهداف‬
‫املنتظرة بتنظيم استخدام اإلمكانيات املادية‪ ،‬والبشرية املتاحة مع‬
‫املحافظة على العالقات اإلنسانية داخل املؤسسة"‬
‫بينما عرفته مارى باركر فوليت ‪ Parket Mary Follet‬عوام ‪ 1918:‬من‬
‫منظور كونه فنا على أنه " فن تحقيق األشياء من خالل اآلخرين"‪ ،‬وبوالرغم‬
‫مون بساطة هذا التعريف إال أنه ركز على جوهر اإلدارة ‪ .‬ويقترب هذا من‬
‫تعريف لدونيللى وزمالئوه ‪ Donnelly‬والذي يصف التسيير بأنه "تلك‬
‫العملية التي يتم القيوام بها من خالل شخص واحد أو عدة أشخاص‬
‫لتنسيق األنشطة واألعمال التي يقوم بها اآلخرون بغرض تحقيق نتائج‬
‫معينة ال يمكن إنجازها بواسطة فرد واحد "‬
‫‪47‬‬
‫يتضح مما سبق بأن التسيير هو نشاط ذهني يتضمن عملية متكاملة‬
‫مون التخطويط والتنظويم والتوجيه والرقابة لكافة املوارد امللموسة (مادية‬
‫ومالية) وغير امللموسة (بشرية ومعلوماتية ومعرفية) الالزموة لتحقيوق‬
‫أهداف املنظمة بكفاءة وفاعلية‪.‬‬
‫‪ .2‬خصائص التسيير‪:‬‬
‫كما هو واضح من خالل التعاريف السابقة أن اإلدارة تتميز بالجوانب‬
‫الرئيسية التالية‪:‬‬
‫‪ ‬يعتبر التسيير علما باعتباره يتوفر على كل مقومات العلم من‬
‫نظريات ومبادئ وأسس علمية يقوم عليها‪ ،‬وكذا استخدامه لألساليب‬
‫العلمية لحل املشكالت (تحديد وتحليل املشكلة وتقييم البدائل واختيار‬
‫البديل األمثل)‪ ،‬كما أنه يقوم على التجربة واستخالص النتائج تماما كباقي‬
‫العلوم‪ ،‬باإلضافة إلى كونه يستخدم مختلف الطرق الكمية للتنبؤ واتخاذ‬
‫القرار‪.‬‬
‫‪ ‬يعتبر التسيير فنا باعتباره يقوم على مهارات املسير وخبراته في‬
‫القيام بوظائف التسيير‪ ،‬وتطويعها مع خصوصية املؤسسة املتمثلة في‬
‫التغير املستمر الذي يتطلب مرونة في تطبيق أساليب التسيير املختلفة‪،‬‬
‫وكذا كون املؤسسة كيان اجتماعي مكون من مجموعة من املوارد البشرية‬
‫التي تختلف في تركيبتها النفسية والسلوكية والتي تستدعي أخذها‬
‫بالحسبان عند إدارتها‪،‬‬
‫‪ ‬الطابع اإلنساني واالجتماعي للتسيير‪ ،‬فهو نشاط إنساني يقوم‬
‫على تنفيذ األعموال واملهام عن طريق اآلخرين‪ ،‬كما أن التسيير ليس عملية‬

‫‪48‬‬
‫فردية بقدر ما هي عملية تحتاج للجهد الجماعي والعالقات االجتماعية‬
‫لتحقيق أهدافه بكفاءة وفاعلية‪.‬‬
‫‪ ‬الحتمية‪ ،‬بمعنى تحقيق املؤسسة ألهدافها يحتم عليها وجود هيئة‬
‫إدارية تقوم بتوجيه جهود األفراد والجماعات نحو الهدف املشترك لتفادي‬
‫التنفيذ االرتجالي والعشوائي للمهام‪.‬‬
‫‪ ‬االستهداف‪ ،‬حيث أن لكل مؤسسة هدف تصبوا لتحقيقه‬
‫(فاملؤسسة الخاصة مثال تصبوا لتحقيق الربح بينما تستهدف املؤسسات‬
‫العامة أهدافا ذات طابع اجتماعي أكثر)‪ ،‬ويفترض من املسيرين العمل على‬
‫تحقيقه‪ ،‬من خالل اختيار األساليب املالئمة للهدف املنشود‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ‬هو نشاط ذهني غير ملموس‪ ،‬وليس نشواطا تنفيذيا لألعمال‬
‫واملهام‪ ،‬مما يؤثر على الخصائص واملؤهالت الالزم توفرها في األفراد الذين‬
‫يشغلون مناصب إدارية‪.‬‬
‫‪ ‬هو عملية متكاملة تنطوي على التخطويط والتنظويم والتوجيه‬
‫والقيادة والرقابة‪ ،‬في مختلف مستويات التنظيم‪.‬‬
‫كما يمكن ممارسة التسيير في كافة أنوواع املؤسسات باخوتالف أحجامها‬
‫وطبيعة نشاطها‪ ،‬كما ينصب التسيير على كافة املوارد املستخدمة في‬
‫املؤسسة سوواء كانوت بشرية أو مادية أو معلوماتية‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬أهمية التسيير‪:‬‬
‫تتمثل املهمة الرئيسية للتسيير في تمكين املنظمة من تحقيق مستوى‬
‫عال من اإلنجاز‪ ،‬حيث َيعتبر التسيير عامال أساسيا لنجاح املنظمات على‬
‫اختالف أنواعها‪ ،‬من أجل تحقيق التكيف مع مختلف الظروف املحيطة‬

‫‪49‬‬
‫بها‪ ،‬إضافة إلى تحقيق التطور والنمو‪ ،‬واإلبداع‪ .‬هذا إضافة للعديد من‬
‫النقاط أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬استغالل الموارد على النحو األمثل‪:‬‬
‫وذلك عن طريق اختيار أساليب العمل األكثر فعالية والتي من شأنها‬
‫يؤدي إلى‬ ‫واملادية املُتو ّ ِفرة ّ‬
‫مما ّ‬ ‫البشرية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫تحقيق االستخدام األمثل للموارد‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الفعالية‪ُّ ،‬‬
‫وتجنب َ‬ ‫ّ‬
‫الهدر في املؤسسة‪ ،‬بحيث تتم االستفادة من‬ ‫تحقيق‬
‫ّ‬
‫املختصين‪ ،‬والخبراء‪ ،‬واستغالل مهاراتهم بشكل صحيح‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ -2‬المساعدة على تحقيق أهداف المؤسسة‪:‬‬
‫تساهم وظائف التسيير من تخطيط وتنظيم‪ ،‬وتنسيق‪ ،‬وتوجيه‬
‫ُ‬
‫ومراقبة املوارد والعمليات في تحقيق أهداف املؤسسة‪ ،‬دون إهدار للجهد‪،‬‬
‫والوقت‪ ،‬واملال‪ ،‬حيث ال يمكنها تحقيق أهدافها بدون استخدام آليات‬
‫التسيير املختلفة حتى لو كانت العناصر األخرى (عوامل اإلنتاج) جميعها‬
‫متوفرة‪ ،‬واملقصود هنا هو التسيير الفاعل والكفء الذي يعتمد على‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫األساليب العلمية املستخدمة في العملية اإلدارية واتخاذ القرارات‪،‬‬
‫‪ -3‬تقليل التكاليف‪:‬‬
‫ّ‬
‫واملادية‬ ‫ّ‬
‫البشرية‪،‬‬ ‫حيث إن التخطيط السليم في استخدام املوارد‬
‫يساعد على التقليل من التكاليف‪ ،‬وتحقيق املستوى األعلى من اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -4‬تحقيق هيكلة سليمة للمؤسسة‪:‬‬
‫ّ‬
‫تنظيمي سليم يساعد على تحقيق أهداف‬ ‫وذلك عن طريق إنشاء هيكل‬
‫َ‬
‫املنظمة‪ ،‬ويضمن عدم تداخل الوظائف‪ ،‬وامل ّ‬
‫هام‪ ،‬ويتماش ى ونشاط‬
‫املؤسسة وكذا خصائص األفراد‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ -5‬تحقيق التوازن للمؤسسة‪:‬‬
‫حيث تحافظ اإلدارة على تحقيق توازن املنظمة ضمن البيئة املُ ّ‬
‫تغيرة‪،‬‬‫ِ‬
‫مهامها الحفاظ على ُنموّ‬
‫وتكيفها مع ُمتطلبات املجتمع‪ ،‬باإلضافة إلى ّأن من ّ‬
‫ُّ‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫‪ -6‬تحقيق عوامل االزدهار للمجتمع‪:‬‬
‫ّ‬
‫االقتصادي‪ ،‬وتحسين مستوى‬ ‫حيث ّ‬
‫تهتم اإلدارة بتحسين اإلنتاج‬
‫املعيشة‪ ،‬وتوفير ُف َرص العمل لألفراد‪ّ ،‬‬
‫مما يعود بالنفع عليهم‪ ،‬وعلى‬
‫املجتمع ّ‬
‫ككل‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬مبادئ التسيير‪:‬‬
‫يعتبر هنري فايول (‪ )1925 - 1841‬أول من أعطى مبادئ واضحة املعالم‬
‫للتسيير واإلدارة‪ ،‬وأسماها األصول األربعة عشر لإلدارة والتي تتضمن كل‬
‫املهام اإلدارية‪ ،‬وهي مالئمة للتطبيق على مستويات اإلدارة الدنيا والوسطى‬
‫والعليا على حد سواء‪.‬‬
‫‪ .1‬مبدأ التخصص‪ :‬ويعني‬
‫تجميع الوظائف املرتبطة مع بعضها البعض‪.‬‬
‫‪ -2‬مبدأ السلطة والمسؤولية ‪:‬‬
‫تمنح للمسير سلطة رسمية إلصدار األوامر حتى يتسنى له أداء مهامه‬
‫على أكمل وجه‪ ،‬يستمدها من املنصب الرسمي واختصاصاته‪ ،‬باملقابل‬
‫يجب أن يتمتع املسير بسلطة شخصية تنبع من صفاته الفردية كالذكاء‬
‫والخبرة والخلق القويم والقدرة على القيادة الجيدة‪ ،‬والتي تمكنه من‬
‫إصدار األوامر ‪ ،‬وقد وضح فايول‪ ،‬االرتباط الوثيق بين السلطة‬
‫واملسؤولية‪ ،‬إذ أن املسؤولية منبثقة عن السلطة‪ ،‬ويجب أن تكون موازية‬
‫أو مساوية لها حتى يتمكن املسير من أداء مهامه‪ ،‬فال تكون املسؤولية‬
‫‪51‬‬
‫امللقاة على عاتقه أكبر من السلطات املخولة له فال يستطيع تحقيقها‬
‫بسبب محدودية إمكانياته أو عدم استجابة املرؤوسين له‪ ،‬وال تكون‬
‫املسؤولية أقل من السلطة فيس يء املسير استخدامها‪ .‬بالرغم من هذا فإن‬
‫االتجاهات الحديثة لإلدارة تدعوا إلى تحميل املسير مسؤوليات أكبر من‬
‫السلطات املخولة له إذا أثبت جدارته وذلك سعيا إلى رفع روح االنتماء‬
‫والوالء للمؤسسة‪.‬‬
‫‪-3‬مبدأ االنضباط‪:‬‬
‫يرى فايول أنه من الضروري احترام القواعد والقوانين الداخلية‬
‫للمؤسسة وإبداء مظاهر الطاعة واالحترام للمسيرين‪ ،‬كما يرى أن تحقيق‬
‫هذا يرتبط بوجود مسيرين على درجة عالية من الكفاءة في جميع‬
‫املستويات‪ ،‬بالرغم من ذلك فإن االتجاهات الحديثة للتسيير تدعوا إلى‬
‫ضرورة منح بعض املرونة والحرية لألفراد في اختيار الطرق املناسبة ألداء‬
‫مهامهم ما داموا يلتزمون بتحقيق األهداف املطلوبة منهم‪ ،‬وهذا من أجل‬
‫تكريس مفهوم اإلبداع واالبتكار‪.‬‬
‫‪ -4‬م بدأ وحدة القيادة‪ :‬أو وحدة الرئاسة‪:‬‬
‫ويعني هذا أن يكون لكل موظف أو عامل رئيس واحد يتلقى منه األوامر‬
‫ويرفع له التقارير وذلك لتفادي التعارض في التعليمات‪.‬‬
‫‪-5‬مبدأ وحدة التوجيه ‪:‬‬
‫أي أن كل مجموعة من األنشطة املتشابهة والتي تعمل لتحقيق هدف‬
‫واحد‪ ،‬واملتضمنة ملجموعة من العمال واملوظفين ذوي تخصصات مشتركة‬
‫وأهداف مشتركة‪ ،‬يجب أن يكون هناك شخص واحد يقوم بتوجيهها‬
‫وإدارتها‪( ،‬املدير) والذي يضع خطة واحدة يتم اتباعها‪ ،‬ولعل مبدأ القيادة‬
‫ومبدأ التوجيه متداخلين فيما بينهما‪،‬‬
‫‪52‬‬
‫‪ -6‬سيادة المصلحة العامة على المصلحة الفردية‪:‬‬
‫أي تسبيق املصلحة العامة واألهداف العامة للمؤسسة على مصالح‬
‫األفراد‪ ،‬وأن تصب األهداف الفردية في الهدف العام للمؤسسة‪ ،‬وفي‬
‫حال تعارض مصالح العاملين مع املصلحة العامة للمؤسسة‪ ،‬يتطلب من‬
‫اإلدارة التدخل وذلك من أجل املحافظة على استقرار املؤسسة‬
‫واستمراريتها‪.‬‬
‫‪ -7‬مبدأ التعويض أو األجر العادل ‪:‬‬
‫أي أن تكون الرواتب واألجور واملكافآت عادلة‪ ،‬حيث يعوض العامل أو‬
‫املوظف وكذا املسؤول بقدر الجهود املقدمة واملؤهل العلمي واملستوى‬
‫التنظيمي‪ ،‬لتحقيق الرضا الوظيفي وااللتزام بتحقيق األهداف‪.‬‬
‫‪-8‬مبدأ المركزية أو تفويض السلطة ‪:‬‬
‫يقصد باملركزية تركيز سلطة اتخاذ القرار في املستويات العليا للتنظيم‬
‫وعدم إشراك املرؤوسين في عملية اتخاذ القرار‪ ،‬مع منح املوظف أو العامل‬
‫سلطة أداء عمله بالطريقة التي يراها صحيحة‪ ،‬وهذا عكس الالمركزية التي‬
‫تتضمن مساحة واسعة من تفويض السلطة للمستويات اإلدارية األدنى‪،‬‬
‫ويختلف مدى تركيز السلطة أو توزيعها من مؤسسة ألخرى‪ ،‬حسب نوعية‬
‫املشكالت‪ ،‬وطبيعة املؤسسة وقدرات ومؤهالت األفراد‬
‫‪ -9‬مبدأ تسلسل وتدرج السلطة ‪:‬‬
‫ويعني هذا تسلسل الرؤساء من أعلى إلى أسفل بحيث تزيد السلطة في‬
‫املستويات اإلدارية لعليا وتنقص كلما اتجهنا نحو املستويات الدنيا‪ ،‬أي‬
‫تدرج مستويات القيادة في التنظيم بشكل هرمي من القمة للقاعدة‪ ،‬بحيث‬
‫تكون خطوط السلطة واضحة لجميع مستويات اإلدارة من خالل الخريطة‬

‫‪53‬‬
‫التنظيمية‪ ،‬إال أن االتجاهات الحديثة لإلدارة تدعوا إلى ضرورة تبني أشكال‬
‫جديدة كالتنظيم الشبكي الذي يولي أهمية للمشاركة في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫‪ -10‬مبدأ الترتيب ‪:‬‬
‫أي وضع كل ش يء وكل شخص في مكانه‪ ،‬ويقسمه فايول إلى قسمين ‪:‬‬
‫ترتيب مادي يعنى بوضع اآلالت واألدوات واملعدات في مكانها املناسب‬
‫ملصلحة العمل‪ ،‬وترتيب اجتماعي يهتم بوضع كل شخص في املكان‬
‫املناسب‪ ،‬كما يهتم بتنسيق الجهود وتحقيق االنسجام بين نشاطات‬
‫الوحدات املختلفة في التنظيم‪.‬‬
‫‪-11‬مبدأ المساواة في معاملة األفراد ‪:‬‬
‫يجب أن يعامل املسير مرؤوسيه باملساواة من حيث تطبيق القواعد‬
‫والقوانين واإلجراءات وحتى العطف واملرونة‪ ،‬وذلك بهدف الحصول على‬
‫والئهم وانتمائهم وتفانيهم في العمل‪.‬‬
‫‪-12‬مبدأ استقرار األفراد ‪:‬‬
‫من األهمية استقرار املوظف في عمله‪ ،‬وخفض معدل دوران العمالة‪،‬‬
‫لتحقيق استقرار املؤسسة‪ ،‬السيما العمالة املتميزة بالكفاءة (املستويات‬
‫اإلدارية العليا بالخصوص) ‪ ،‬فكلما زاد معدل دوران هذه األخيرة كل زادت‬
‫تكلفة العمل بسبب دورات التدريب‪ ،‬وزادت مشكالت عدم التأقلم مع‬
‫البيئة التنظيمية الجديدة للموظفين الجدد‪.‬‬
‫‪-13‬مبدأ حرية المبادرة (االبتكار) ‪:‬‬
‫ويقصد بها منح الحرية لألفراد في إبداء املقترحات واملشاركة في إعداد‬
‫الخطط الخاصة بعمله واختيار كيفية تنفيذها‪ ،‬وتحفيزهم على املبادرة في‬
‫العمل والعمل على تنمية روح االبتكار لديهم‪ ،‬مما يحقق رضا األفراد عن‬
‫وظائفهم والتزامهم بتحقيق أهدافهم التي رسموها بأنفسهم‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫‪-14‬مبدأ وحدة األفراد (التعاون) ‪:‬‬
‫على املدير تكريس مفهوم العمل الجماعي واالتصاالت غير الرسمية‪،‬‬
‫ما يسمى حاليا بروح الفريق‪ ،‬حيث توكل مهمة معينة لجماعة من األفراد‬
‫يعملون بالتنسيق فيما بينهم لتحقيقها‪.‬‬
‫رابعا‪ .‬مستويات التسيير‪:‬‬
‫املستويات اإلدارية ثالث مستويات تختلف األنشطة اإلدارية‬
‫باختالفها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلدارة العليا‪:‬‬
‫وتتمركز في قمة الهرم التنظيمي‪ ،‬حيث يتم فيها تحديد االستراتيجية‬
‫الشاملة والخطط والسياسات واألهداف واتخاذ القرارات طويلة املدى‬
‫للمؤسسة‪ ،‬حيث تمارس على مستوى هذه اإلدارة ما يسمى باإلدارة‬
‫االستراتيجية‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلدارة الوسطى‪:‬‬
‫أو ما يسمى باإلدارة التكتيكية‪ ،‬وتعنى بوضع الخطط والسياسات‬
‫متوسطة املدى‪ ،‬وتهتم بتنظيم األعمال الخاصة باألقسام الفرعية التابعة‬
‫لها‪ ،‬يتم على مستوى هذه اإلدارة وضع الخطط الوظيفية متوسطة املدى‬
‫لإلنتاج والتمويل والتسويق وغيرها‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلدارة الدنيا‪:‬‬
‫أو ما يسمى باإلدارة التشغيلية أو التنفيذية‪ ،‬وتهتم باملهام التشغيلية‬
‫الروتينية التي تعنى باإلشراف على اإلنتاج‪ ،‬وتدريب العمال‪ ،‬وتحفيزهم وحل‬
‫مشاكلهم‪ ،‬وتحديد مهامهم‪ ،‬وما إلى ذلك من املهام املتميزة بالتكرار‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫خامسا‪ :‬وظائف التسيير‪:‬‬
‫إن أول من أرس ى القواعد األساسية لوظائف التسيير هو هنري فايول‪،‬‬
‫الرئيسية في أي ُمنظمة‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلدارية من املهام‬ ‫َ‬
‫وتعد الوظائف‬
‫نوع نشاطها‪ ،‬وهي تلك الوظائف التي يمارسها املسيرون واملدراء في مختلف‬
‫ّ‬
‫اإلدارية‪ ،‬وتتمثل هذه الوظائف فيما يلي‪:‬‬ ‫املستويات‬
‫‪ -1‬التخطيط‪:‬‬
‫يعني التخطيط رسم معالم املستقبل كما نريد له أن يكون ‪ ،‬حيث يتم‬
‫فيه تحديد األهداف والسياسات والطرق واملوارد الالزمة والوسائل التي‬
‫سيتم استخدامها‪ ،‬باإلضافة إلى تحديد األعمال والنشاطات التي تؤدي إلى‬
‫تحقيقها‪ ،‬والتي تتم في مختلف املستويات اإلدارية‪ ،‬ولكن تختلف درجة‬
‫التعقيد من مستوى آلخر‪ ،‬فالتخطيط على مستوى اإلدارة العليا يعنى‬
‫بوضع االستراتيجيات طويلة املدى‪( ،‬االستراتيجية الشاملة)‪ ،‬بينما يعنى‬
‫التخطيط على مستوى اإلدارة الوسطى بوضع الخطط التكتيكية‬
‫متوسطة املدى‪( ،‬الخطط الوظيفية متوسطة املدى)‪ ،‬بينما يعنى‬
‫التخطيط على مستوى اإلدارة التشغيلية بإعداد الخطط التنفيذية‬
‫قصيرة املدى التي تتعامل بطريقة مباشرة مع املوارد املادية للمؤسسة‬
‫لتنفيذ الخطط سابقة الذكر‪ ،‬ومن الجدير بالذكر بأن التخطيط يعتمد‬
‫على خبرة املخطط ومهارته في اإلحاطة بالوضع الحالي للمؤسسة‪ ،‬واإلملام‬
‫بالظروف التي تحيط بها‪ ،‬وسد الفجوة بين وضعها الحالي والوضع املرغوب‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫يتضمن التخطيط أيضا عملية تحديد املشكالت والبحث عن حلول‬
‫باقتراح مجموعة من البدائل املمكنة‪ ،‬ثم اختيار أحسنها لتحقيق أهداف‬
‫‪56‬‬
‫املؤسسة‪ ،‬وتسمى هذه العملية بعملية اتخاذ القرار‪ ،‬وهناك من يعتبرها‬
‫وظيفة بحد ذاتها‪.‬‬
‫‪ -2‬التنظيم‪:‬‬
‫وهي عملية تتضمن أوجه النشاط املختلفة الالزمة لتحقيق أهداف‬
‫املنظمة‪ ،‬حيث تعنى بتجميع وتحديد املوارد املختلفة وتخصيصها وكذا‬
‫توزيع العمل على النحو الذي يساعد على تنفيذه بشكل متناسق ومتكامل‪،‬‬
‫أين يتم تجميع املوارد البشرية وتوزيعها على مختلف األقسام واإلدارات‪،‬‬
‫حيث يتم تصميم الوظائف في شكل مراكز عمل أو فرق عمل‪ ،‬يتم فيها‬
‫تحديد واختصاصات وسلطات‪ ،‬ومسؤوليات األفراد في كافة املستويات‪،‬‬
‫وكذا تنسيق العالقات املتبادلة فيما بينهم‪ ،‬كما تتضمن هذه العملية‬
‫إعداد جداول العمل وإدارة االجتماعات‪ ،‬وإعداد الهيكل التنظيمي‬
‫للمؤسسة في شكل خريطة تنظيمية تبين مختلف أوجه النشاط والعالقات‬
‫بينها وتدرج السلطات‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫تتضمن وظيفة التنظيم عملية التنسيق فيما بين األفراد‪ ،‬والجماعات‬
‫واألقسام والوظائف لتنفيذ األعمال بطريقة فعالة‪ ،‬وتفادي التناقض‬
‫والتداخل بين األعمال‪ ،‬وهناك من يعتبرها وظيفة بحد ذاتها‪.‬‬
‫‪ -3‬التوجيه أو القيادة‪:‬‬
‫بالنسبة لفايول تعني هذه الوظيفة عملية إصدار األوامر‪ ،‬ولكن بشكل‬
‫أكثر تفصيال وشمولية‪ ،‬فإنها تعني توجيه سلوك وجهود اآلخرين على النحو‬
‫الذي يحقق أهدافهم وأهداف املؤسسة على حد سواء‪ ،‬حيث تعد هذه‬
‫الوظيفة من أكثر أدوات التسيير فعالية‪ ،‬إذ أنه يساعد على تمكين املدير‬
‫من التأثير في العاملين ودفعهم نحو أداء أعمالهم‪ ،‬مما يؤدي إلى أدائهم‬
‫‪57‬‬
‫لألعمال التي يكلفون بها بثقة‪ ،‬علما بأن هذه الوظيفة تتكون من عدة‬
‫أنشطة مثل‪ :‬اختيار أدوات االتصال الفعالة‪ ،‬تحفيز األفراد بما يتماش ى‬
‫واحتياجاتهم‪ ،‬وتدريب األفراد بما يتماش ى واحتياجاتهم الوظيفية‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫يتم على هذه الوظيفة قيادة األفراد والجماعات على النحو الذي‬
‫يجعلهم يمتثلون طواعية لاللتزام بمهماهم وأهدافهم الوظيفية‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل اختيار أساليب القيادة األكثر فعالية‪ ،‬كاملبادأة واملشاركة‪ ،‬العمل‬
‫على تحقيق الرضا الوظيفي وزيادة دافعية األفراد نحو العمل ورفع روحهم‬
‫املعنوية وتشجيعهم على األداء الجيد‪ .‬وااللتزام بتحقيق األهداف وزرع روح‬
‫االنتماء والوالء للمؤسسة‪ ،‬ودعم العالقات اإلنسانية‪ ،‬وهناك من يعتبرها‬
‫وظيفة بحد ذاتها‪.‬‬
‫‪ .4‬الرقابة والمتابعة‪:‬‬
‫وهي وظيفة مكملة لوظيفة التخطيط حيث تتحقق بأن ما تم عمله أو‬
‫تنفيذه قد بالطريقة الصحيحة وكما خطط لها‪ ،‬وتعني مراقبة األداء ومدى‬
‫حياده عن املسار الصحيح‪ ،‬والهدف منها هو متابعة مستوى التقدم في‬
‫تحقيق أهداف املؤسسة‪ ،‬حيث تتضمن خطوات أربع هي‪ :‬تحديد معايير‬
‫األداء‪ ،‬ومستوياته‪ ،‬قياس األداء الفعلي‪ ،‬وإجراء املقارنة بينه وبين ما تم‬
‫تحديده مسبقا‪ ،‬ثم تعيين االنحرافات وتحديد املشكالت والبحث عن‬
‫مسبباتها بهدف إجراء ما هو الزم لتصحيحها‪ ،‬ثم اعتماد اإلجراءات الالزمة‬
‫والصحيحة للتقريب بين املنفذ واملخطط وتصحيح األداء‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫مراحل تطور الفكر‬
‫اإلداري‬
‫لم تصل العملية اإلدارية إلى التطور الذي بلغته حاليا بين عشية‬
‫وضحاها‪ ،‬بل كان ذلك نتاجا للعديد من املراحل التي تطور عبرها الفكر‬
‫اإلداري‪ ،‬وذلك من خالل مساهمات العديد من علماء اإلدارة والنفس‬
‫والسلوك والعلوم االجتماعية‪ ،‬حيث تمازجت أفكار هؤالء لتطور في كل مرة‬
‫ممارسات العمل اإلداري وتزيد من فعالية األنشطة التنظيمية‪ ،‬وترفع من‬
‫كفاءة مخرجاتها‪.‬‬
‫املدرسة الكالسيكية كانت أولى مدارس الفكر اإلداري‪ ،‬التي أرس ى‬
‫مبادئها العالم فريدريك تايلور تزامنا مع أعمال العديد من العلماء‬
‫واملمارسين الذين أسسوا لنظرية اإلدارة العلمية‪ ،‬باإلضافة إلى أعمال‬
‫هنري فايول في إطار نظرية التقسيم اإلداري‪ ،‬وماكس فيبر حول‬
‫البيروقراطية الرشيدة‪.‬‬
‫بالرغم من املساهمات اإليجابية التي أتت بها املدرسة الكالسيكية في‬
‫محاولة حل مشكالت الكفاءة اإلنتاجية التي كانت تعاني منها املؤسسات‬
‫آنذاك‪ ،‬والتي ال تزال تجد تطبيقات ملبادئها وأفكارها في العديد من‬
‫املنظمات الحديثة‪ ،‬إال أنها القت انتقادات عديدة من قبل املنظرين‬
‫واملمارسين على حد سواء‪ ،‬أدت هذه االنتقادات باإلضافة إلى التطور‬
‫الحاصل في مجال علم النفس والسلوك‪ ،‬أدت إلى ظهور تيار جديد من‬
‫الفكر اإلداري في إطار املدرسة النيوكالسيكية‪ ،‬تضمنت هذه املدرسة‬
‫تيارين رئيسيين؛ األول حول نظرية العالقات اإلنسانية بريادة إلتون مايو‪،‬‬
‫والثاني حول النظرية السلوكية بريادة أبراهام ماسلو‪ ،‬حيث أرس ى هؤالء‬
‫وزمالءهم مبادئ فكر إداري جديد يرمي لتحقيق الكفاءة اإلنتاجية ولكن‬
‫من منظور إنساني بحت‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫إن املغاالة في تطوير نظريات تهدف لألخذ بالحسبان الجانب اإلنساني‬
‫في العمل اإلداري‪ ،‬أدت إلى تجاهل العديد من الجوانب الفكرية والعقالنية‬
‫في العملية اإلدارية‪ ،‬مما أدى إلى توجيه انتقادات كثيرة لهذه املدرسة نتج‬
‫عنها والدة مدرسة جديدة تدعى باملدرسة الحديثة‪ ،‬وسميت بذلك لحداثة‬
‫األفكار التي جاءت بها هذه األخيرة والتي ال تزال تتطور لحد اآلن‪ ،‬ومن‬
‫روادها هربرت سيمون األب الروحي لنظرية القرار‪ ،‬إضافة إلى نظرية النظم‬
‫ونظرية ‪ Z‬اليابانية وغيرها من النظريات التي ال تفتأ تضيف للفكر اإلداري‬
‫مبادئ تطور من العملية اإلدارية وتحسن من كفاءتها‪.‬‬
‫أوال‪ .‬المدرسة الكالسيكية‪:‬‬
‫ّ‬
‫الكالسيكية في نهاية القرن التاسع عشر‪ ،‬نتيجة لظهور‬ ‫نشأت املدرسة‬
‫الثورة الصناعية في إنجلترا واستخدام اآلالت التي تعمل بقوة البخار‪،‬‬
‫وتركيز العمال في مكان واحد‪ ،‬حيث بدأت مشاكل جديدة تتعلق بنظام‬
‫املصنع في الظهور‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬تتم العملية اإلدارية بطرق عشوائية‪ ،‬كما تتخذ اإلدارة قراراتها‬
‫على أساس التخمين والحدس وليس على أسس علمية‪.‬‬
‫‪ ‬ال يدرك املدير الطاقة الحقيقية للعاملين‪ ،‬وال يدرك الطرق‬
‫الصحيحة لتدريبهم على استخدامها‪.‬‬
‫‪ ‬املشرفون ال يدركون كيفية التعامل الصحيح مع مرؤوسيهم‬
‫لتحقيق االستغالل الكامل لطاقاتهم‪.‬‬
‫تقوم أفكار املدرسة الكالسيكية على أساس االعتقاد بأن للعاملين‬
‫احتياجات مادية فقط‪ ،‬دون االهتمام باالحتياجات االجتماعية والنفسية‬
‫كالحاجة إلى الرضا الوظيفي‪ ،‬وتتمحور أعمالها حول كيفية تحقيق كفاءة‬
‫‪61‬‬
‫إنتاجية أعلى وتعظيم األرباح‪ ،‬ولتحقيق ذلك فهي تدعو ألعلى درجات‬
‫التخصص‪ ،‬ومركزية القرارات‪ ،‬ومن أهم مبادئ هذه املدرسة مبدأ تقسيم‬
‫العمل آلدم سميث في كتابه ثروة األمم سنة (‪ ،)1776‬حيث يهدف تقسيم‬
‫العمل إلى‪:‬‬
‫‪ ‬توفير الوقت الضائع في االنتقال بين املهام‪ ،‬وتنمية املهارة نتيجة‬
‫تكرار مهمة محددة وبسيطة بفضل التخصص الدقيق؛‬
‫‪ ‬اختراع آالت جديدة نتيجة لتبسيط العمل وتنميطه والقدرة على‬
‫محاكاته آليا‪.‬‬
‫‪ ‬حقق نمو املنظمات طوليا بإضافة مستويات جديدة للتنظيم‪،‬‬
‫وعرضيا بإضافة وظائف جديدة لنفس املستوى التنظيمي‪.‬‬
‫وتشتمل املدرسة الكالسيكية لإلدارة على ثالث نظريات هي‪:‬‬
‫‪ -‬نظرية اإلدارة العلمية‪ :‬تركز على البحث عن أفضل طريقة ألداء‬
‫العمل‬
‫‪ -‬النظرية البيروقراطية‪ :‬تركز على القواعد واإلجراءات‪ ،‬والتسلسل‬
‫الهرمي وتقسيم واضح للعمل‬
‫‪ -‬نظرية املبادئ اإلدارية (التقسيم اإلداري)‪ :‬تؤكد على تدفق املعلومات‬
‫داخل املنظمة‬
‫‪ -1‬نظرية اإلدارة العلمية‪:‬‬
‫مهد إلى ظهورها الثورة الصناعية والحركات العمالية‪ ،‬ركزت على كيفية‬
‫تنظيم العالقة بين العامل واآللة‪ ،‬ومن روادها فردريك تايلور‪ ،‬فرانك‬
‫جلبرت وزوجته ليليان‪ ،‬ه وونري ميتوكالوف‪ ،‬وهنري جانت‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ 1.1‬أعمال فردريك تايلور (‪:)1915-1856‬‬
‫سمي باألب الروحي لإلدارة العلمية‪ ،‬عمل في مصانع الحديد والصلب‬
‫كمراقب لعمال الخط األول حتى أصبح رئيسا للمهندسين‪ ،‬أين الحظ تدني‬
‫مستوى اإلنتاجية‪ ،‬وكان يرى أن النظام السائد لإلدارة ال يقوم على أسس‬
‫صحيحة وعلمية‪ ،‬وأن مشكلة اإلدارة تتلخص في أن الرؤساء واملشرفين ال‬
‫يعرفون الطاقة اإلنتاجية الحقيقية ملرؤوسهم‪ ،‬كما أن العامل ال يعرف‬
‫املطلوب أداؤه من حيث الكم والكيف‪ ،‬فقام بدراسات وأبحاث مستخدما‬
‫املنهج العلمي القائم على املالحظة والتجربة والقياس‪ ،‬بهدف معرفة أسباب‬
‫تدني اإلنتاجية في املصنع‪ ،‬واستغرق عدة سنوات في البحث عن أسلوب‬
‫لزيادة الكفاءة اإلنتاجية وتحسينها‪" ،‬ما أسماه بالطريقة األنجع ألداء‬
‫العمل “ومن أهم تجاربه‪:‬‬
‫أ‪ .‬تجربة الكتل املعدنية‪:‬‬
‫حيث الحظ أن العمال يرفعون ما مقداره ‪ 12.5‬طن يوميا فيما تبين له‬
‫أنه بإمكانهم رفع ‪ 47‬طن وفي ‪ %43‬من الوقت‪ ،‬حيث يستغل الوقت املتبقي‬
‫للراحة واستعادة النشاط‪ ،‬وذلك بعد إعادة تنظيم العمل بطرق علمية‪.‬‬
‫أثبت تايلور من خالل هذه التجربة أنه من املمكن رفع كفاءة العمال‬
‫من خالل تحليل العمل إلى حركات بسيطة ودراستها إلعادة توليفها بأسلوب‬
‫علمي‪ ،‬واختيار أفضل الطرق ألدائه وهذا ما سمي بدراسة الوقت‬
‫والحركة في أداء العمل‪ ،‬أي تحديد الحركات الضرورية ألداء العمل‪،‬‬
‫والوقت املحدد إلنجازها‪ ،‬وإلغاء الحركات غير الضرورية‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫ب‪ .‬تجربة مالئمة األدوات‪:‬‬
‫الحظ أن العمال يستخدمون نفس األدوات والتي يختارونها بأنفسهم‪،‬‬
‫لرفع أو جرف الكتل بمختلف األوزان‪ ،‬مما يخفض إنتاجيتهم‪ ،‬حيث قام‬
‫باستبدالها بأدوات مالئمة لكل عملية وحمل مسؤولية ذلك لإلدارة‪.‬‬
‫أثبت تايلور من خالل هذه التجربة أنه من املمكن رفع كفاءة العمال‬
‫من خالل تحديد أدوات العمل من طرف اإلدارة وليس العمال لتخفيض‬
‫وقت العامل وجهده وتقليل التكاليف‪ ،‬ومن ثم خفض ثمن وحدة اإلنتاج‪،‬‬
‫وتحقيق أرباح أكبر‪.‬‬
‫‪ ‬مبادئ اإلدارة العلمية‪:‬‬
‫خلص تايلور إلى تعريف اإلدارة في كتابه مبادئ اإلدارة العلمية (‪)1911‬‬
‫بأنها‪" :‬املعرفة الصحيحة ملا يراد من العاملين أداؤه ثم التأكد من أنهم‬
‫يعملون بأحسن الطرق وأقلها تكلفة" كما رأى أن الهدف الرئيس ي للمسير‬
‫هو تحقيق أقص ى منفعة لصاحب العمل والتي يصحبها أقص ى منفعة لكل‬
‫عامل‪ ،‬ولتحقيق ذلك ال بد من تبني املبادئ التالية‪:‬‬
‫إحالل األسلوب العلمي في أداء كل جانب من العمل محل الحدس‬ ‫‪‬‬
‫والتخمين؛‬
‫التقسيم العلمي للعمل من خالل التخصص الدقيق‪ ،‬الناتج عن‬ ‫‪‬‬
‫تبسيط املهام إلى إجراءات أقل وقتا وجهدا (دراسة الوقت والحركة)‪،‬‬
‫متخصصا في جزء بسيط من العمل‪ ،‬ولديه مهارات‬ ‫ً‬ ‫أين يصبح الفرد‬
‫محددة ألدائه‪ ،‬مما يرفع إنتاجيته؛‬
‫‪ ‬استخدام الطرق العلمية في اختيار العمال وتدريبهم "بحيث تتوفر‬
‫فيهم املهارة التي يتطلبها العمل"؛‬
‫‪64‬‬
‫‪ ‬استخدام الحوافز املادية (ربط األجر بكمية اإلنتاج‪ -‬األجر‬
‫بالقطعة) لحث العاملين على أداء العمل باملعدل املطلوب‪.‬‬
‫‪ ‬على اإلدارة تحمل مسؤولية تحديد أدوات وطرق العمل املناسبة‪،‬‬
‫وعدم إسناد هذا للعامل الفتراض عدم أهليته لذلك‪.‬‬
‫‪ ‬إحكام الرقابة على العاملين وذلك إلنجاز األعمال بكفاءة‪ ،‬وذلك‬
‫الفتقادهم القدرة على الرقابة والتوجيه الذاتي‪.‬‬
‫‪ ‬التقسيم العادل للمسؤولية بين املدراء والعمال‪ ،‬فاملدير يحدد‬
‫املهام والعمال ينفذون لتحقيق التعاون وبلوغ الهدف‪.‬‬
‫لقد أدى هذا األسلوب إلى رفع إنتاجية العمال‪ ،‬إال أنه تسبب في‬
‫االستغناء عن بعض العمال ذوي اإلنتاجية املنخفضة لعدم تناسبهم مع‬
‫العمل املطلوب منهم‪ ،‬واستبدالهم بآخرين تتوفر فيهم صفات العمل‬
‫املطلوب‪.‬‬
‫‪ 2.1‬أعمال ه ــنري ميتـكالـف (‪:)1927-1847‬‬
‫كان ميتكالف ضابطا مسؤوال عن ورشة لصنع األسلحة )‪(1886‬‬
‫بفرانكفورد‪ ،‬وكانت أهم املشكالت اإلدارية أنذاك "عدم القدرة على حساب‬
‫التكاليف داخل ورش العمل‪ ،‬حيث رأى أن أحد أسباب ذلك عدم وجود‬
‫سجالت مكتوبة‪ ،‬لذلك نصح املديرين بضرورة االحتفاظ بسجالت عن كل‬
‫املعامالت السابقة‪ ،‬لالستفادة منها في املستقبل لحساب التكاليف ومراقبة‬
‫األعمال‪ ،‬وتسجيل مذكراتهم اإلدارية ونشر تجاربهم الناجحة حتى يمكن أن‬
‫يستفيد منها أجيال اإلدارة املتعاقبة‪ ،‬كما ركز على وسائل الرقابة على‬
‫التكاليف واملواد‪ ،‬وكان هذا بداية لظهور محاسبة التكاليف‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ 3.1‬أعمال فرانك وليليان جلبرت‪:‬‬
‫تابع الزوجان أعمال تايلور بشكل أكثر تفصيال‪ ،‬حيث ركز فرانك على‬
‫تبسيط العمل باستخدام الصور والفيديوهات لدراسة وتحليل هيكل‬
‫املهام لكل وظيفة يقوم بها العامل‪ ،‬بهدف الوصول إلى أكثر الطرق كفاءة‬
‫من حيث الكم والكيف والوقت‪ ،‬من خالل تقليل الحركات غير الضرورية‬
‫وتبسيط الحركات الضرورية‪ ،‬ووضع قواعد للعمل بتقسيمه إلى عدة‬
‫أقسام‪ ،‬وكل قسم إلى خطوات‪ ،‬وحدد لكل خطوة جزءا من الوقت الالزم‬
‫لألداء في القسم كله‪ ،‬وأسماه الزمن املعياري ألداء النشاط‪ ،‬ففي تجربته‬
‫في قطاع البناء استطاع خفض عدد حركات عامل البناء من ‪ 18‬إلى ‪4.5‬‬
‫حركة فقط‪ ،‬مما أدى إلى زيادة اإلنتاجية بنسبة ‪ ،200%‬كما قام بوضع‬
‫خطة للترقية أسماها بالخطة ذات األبعاد الثالثة‪ ،‬حيث يقوم العامل‬
‫بثالث مهام في الوقت ذاته‪ :‬أداء وظيفته‪ ،‬تحضير نفسه للترقي‪ ،‬وتدريب من‬
‫يخلفه بعد الترقية‪.‬‬
‫بينما اهتمت ليليان بكيفية تحسين أداء العمال من خالل تحسين‬
‫الظروف املحيطة للعمل‪ ،‬حيث اهتمت بحاالت اإلرهاق التي تصيب‬
‫العامل‪ ،‬وقسمته إلى إرهاق ضروري ناتج عن العمل الذي يجب إنجازه‪،‬‬
‫وإرهاق غير ضروري ناتج عن الجهد غير الضروري ويجب إلغاءه‪ ،‬واقترحت‬
‫منح العمال أوقات راحة أثناء العمل وفترات لتناول الغداء‪ ،‬لتحقيق الرضا‪.‬‬
‫‪ 4.1‬أعمال هنري جانت ‪:Gant. H‬‬
‫عمل هذا األخير مع تايلور ثم انفصل عنه وسعى إلى تعديل نظام‬
‫الحوافز من خالل تحديد األجر اليومي بشكل ثابت‪ ،‬فإذا استطاع العامل‬
‫إنجاز العم ل املحدد له في وقت أقل فإنه يستحق أجرا يعادل الوقت الذي‬
‫‪66‬‬
‫اختصره‪ ،‬كما قام بإعداد خرائط لجدولة اإلنتاج ألغراض الرقابة‪ ،‬تسمى‬
‫خرائط جانت وتستخدم لحد اآلن‪ ،‬حيث يوضح فيها العمليات واألنشطة‬
‫املطلوب أداءها من طرف العامل والوقت املطلوب لكل نشاط وفق تسلسل‬
‫زمني معين‪.‬‬
‫‪ ‬االنتقادات املوجهة لإلدارة العلمية‪:‬‬
‫بالرغم من إيجابيات الفكر الذي طرحه تايلور وزمالءه من حيث تبنيه‬
‫املنهج العلمي في اإلدارة‪ ،‬وتمكنه من القضاء على مشكلة الكفاءة‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬إال أن له جوانب سلبية أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬املغاالة في تقسيم العمل كان على حساب العامل‪ ،‬الذي كان يعمل‬
‫وفق خطوات روتينية متكررة كاآللة‪ ،‬مما يبعث على املل والسأم‪ ،‬وقتل روح‬
‫املبادرة واالبتكار‬
‫‪ ‬منح السلطة للمدراء حسب تخصصهم‪ ،‬أما العمال فقد أخضعهم‬
‫تايلور لسلطة كل هؤالء مما يؤدي إلى االزدواجية في تلقي األوامر والتعارض‬
‫في التنفيذ‪ ،‬وكان هذا سببا لظهور نظرية التقسيم اإلداري لفايول‪.‬‬
‫‪ ‬االعتقاد بأن احتياجات العمال محددة في األجر املادي فقط‪،‬‬
‫وبالتالي يمكن تحفيزهم للعمل ماديا فحسب‪ ،‬وأن الكفاءة اإلنتاجية‬
‫تتحقق فقط باالستغالل األمثل لآللة والعمال‪ ،‬وإهمال تام للجوانب‬
‫االجتماعية واإلنسانية والنفسية‪.‬‬
‫‪ ‬افترض تايلور أن اإلدارة هي التي تعرف مصلحة العمل والعمال‪،‬‬
‫مما يعني احتكارها للتخطيط وعملية اتخاذ القرار ومنع العاملين من‬
‫االشتراك في ذلك أو حتى املعارضة‪ ،‬مما يكرس مفهوم املركزية بشدة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ ‬التقليل من أهمية العامل واعتباره كاآللة يجب استغاللها أقص ى‬
‫ما يمكن‪ ،‬مما يضر بصحته الجسدية والنفسية‪.‬‬
‫‪ ‬يفترض تايلور أن هناك توافق وانسجام ضمني بين مصلحة العمال‬
‫واإلدارة واملالكين‪ ،‬حيث انتقدت هذه الفرضية بشدة ووصفت باملثالية‬
‫السيما أمام اإلضرابات التي قام بها العمال آنذاك بعد تطبيق مبادئ هذه‬
‫املدرسة‪.‬‬
‫‪ . 2‬النظريـــــــــــــة البيروقراطيـــــــــة لماكس فيبر (‪– 1864‬‬
‫‪:)1920‬‬
‫كلمو و و ووة بيروقراطيو و و ووة مركبو و و ووة مو و و وون شو و و ووقين ‪ bureau‬وتعنو و و ووي مكتو و و ووب‬
‫و ‪ cracy‬واملش و و ووتقة م و و وون الكلم و و ووة اإلغريقي و و ووة ‪ kratia‬ومعناه و و ووا القو و و وووة أو‬
‫السو و وولطة‪ ،‬والكلمو و ووة فو و ووي مجموعهو و ووا تعنو و ووي قو و وووة أو سو و وولطة املكتو و ووب‪ ،‬أمو و ووا‬
‫اصو و و ووطالحا فتعن و و و ووي‪" :‬ذل و و و ووك التنظو و و وويم اإلداري ال و و و ووذي يتس و و و ووم بتقس و و و وويم‬
‫األعم و ووال وتوزيعه و ووا ف و ووي ش و ووكل واجب و ووات رس و وومية مح و ووددة عل و ووى الوظ و ووائف‪،‬‬
‫حيو ووث يو ووتم تنظو وويم العالقو ووات والسو وولطات بينهو ووا بأسو وولوب هرمو ووي لتحقيو ووق‬
‫أكب و وور ق و وودر م و وون الكفاي و ووة اإلداري و ووة إلنج و وواز أه و ووداف التنظ و وويم"‪ ،‬وتنسو و ووب‬
‫ه و ووذه النظري و ووة للباح و ووث االجتم و وواعي األمل و وواني م و وواكس فيب و وور‪ ،‬ال و ووذي اه و ووتم‬
‫باملنظمات كبيرة الحجم باعتبارها وحدات اجتماعية‪.‬‬
‫‪ 1.2‬أسس التنظيم البيروقراطي‪:‬‬
‫من أهم الدراسات التي أسهم بها ماكس فيبر فيما يتعلق بالدراسات‬
‫التنظيمية واإلدارية‪ ،‬هي نظريته الخاصة بهياكل السلطة‪ ،‬وقد قسمها إلى‬
‫ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ ‬السلطة البطولية الكاريزمية ‪ Charismatic authority‬ويمارس‬
‫السلطة من خالل املواصفات الشخصية‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫‪ ‬السلطة التقليدية ‪ Traditional authority‬يمارس سلطته من‬
‫خالل موقعه في التنظيم‪ ،‬وكذا العادات والتقاليد املتوارثة‪.‬‬
‫‪ ‬السلطة القانونية الرشيدة‪Rational legal authority :‬يمارس‬
‫السلطة من خالل الشكل البيروقراطي للتنظيم‪.‬‬
‫وقد أوضح فيبر بأنه ال يمكن لتنظيم واحد أن يتضمن هذه األنواع‬
‫معا‪ ،‬ويرى أن النوع الثالث هو األكثر كفاءة‪ ،‬وهو ما جعله يصف‬
‫البيروقراطية بأنها النموذج املثالي للتنظيمات اإلدارية الضخم‪ ،‬وفيما يلي‬
‫األسس التي يقوم عليها‪:‬‬
‫‪ ‬يجب توزيع األعمال واختيار وتوظيف األفراد حسب التخصص‬
‫الوظيفي‪ ،‬ووفقا ملعايير ولوائح رسمية؛‬
‫‪ ‬ضرورة توزيع السلطات رسميا للتمكن من إعطاء األوامر بتنفيذ‬
‫الواجبات‪ ،‬إضافة لضرورة التدريب لرفع كفاءة األفراد؛‬
‫‪ ‬التحديد الواضح لألدوار‪ ،‬وفق طرق وأساليب عمل محددة‬
‫مسبقا وبشكل رسمي لتنفيذ املهام والواجبات بكفاءة‪.‬‬
‫‪ ‬هرمية التنظيم (تدرج الوظائف ضمن هيكل تسلسلي ترسم في‬
‫قمته السياسات واألهداف‪ ،‬وتنفذ األعمال في القاعدة)؛‬
‫‪ ‬التحديد الواضح للوائح واإلجراءات والقواعد والتعليمات‬
‫املنظمة لسلوك الفرد باملؤسسة‪ ،‬بحيث تتصف بالشمول والعمومية‬
‫والثبات النسبي‪ ،‬والتي يجب أن يلتزم بها الجميع وإال تعرضوا للعقاب‪ ،‬مما‬
‫يحقق الوحدة وعدم االختالف؛‬
‫‪ ‬عدم التحيز في التعامل مع املوظفين باعتبار املصلحة العامة هي‬
‫األساس‪ ،‬إضافة إلى ضرورة االلتزام بالسرية في العمل؛‬
‫‪69‬‬
‫‪ ‬يجب تدوين األوامر والقرارات والتعليمات كتابيا‪ ،‬والحفاظ على‬
‫مختلف الوثائق واملستندات السترجاعها وقت الحاجة؛‬
‫‪ ‬يتم توظيف املوظفين على أساس الخبرة واملؤهالت وليس‬
‫املحسوبية والعالقات الشخصية؛‬
‫‪ ‬ضرورة وجود قسم خاص إلدارة حياة املوظفين من تعيين وتدريب‬
‫وأجور وغيرها‪ ،‬إضافة إلى ضرورة عزل املوظف في العمل عن حياته‬
‫الخاصة‪ ،‬وضرورة إلغاء الطابع الشخص ي واملبادرات الخاصة‪ ،‬واالنصياع‬
‫للتعليمات املنظمة لسلوك الفرد‪.‬‬
‫‪ 2.2‬تقييم النظرية البيروقراطية‪:‬‬
‫رغم إيجابيات التنظيم البيروقراطي كوضع الرجل املناسب في املكان‬
‫املناسب‪ ،‬واعتماد الكفاءة كمعيار للتوظيف والترقية‪ ،‬إال أن هناك بعض‬
‫االنتقادات عليها‪ ،‬ناتجة عن التطبيق السيئ ملبادئها وأهمها‪:‬‬
‫‪ ‬تركيز سلطة اتخاذ القرارات في يد مجموعة قليلة من القادة‬
‫والرؤساء في اإلدارة العليا؛‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ‬التنظيم البيروقراطي يعتبر املؤسسة نظاما مغلقا ال يتأثر بالبيئة‬
‫أو يؤثر فيها؛‬
‫‪ ‬إهمال الجانب اإلنساني في التعامل مع املوظف أو العامل‪ ،‬وعزله‬
‫عن حياته الخاصة وعدم فتح مجال للتداخل بينهما؛‬
‫‪ ‬إن التطبيق الدقيق للبيروقراطية قد يؤدي إلى نتائج مناقضة‬
‫للكفاءة املفترضة فيها‪ ،‬كما أنه يؤدي إلى الجمود‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ . 3‬نظرية التقسيم اإلداري (المبادئ اإلدارية) لهنري فايول‬
‫(‪: )1925-1841‬‬
‫عمل هنري فايول كمهندس بشركة للتعدين وأخذ يرتقي حتى وصل إلى‬
‫مركز مدير عام‪ ،‬أين أجرى تغييرات لتحسين أوضاع العمل في املناجم‪،‬‬
‫وتغيير مالمح تقسيم العمل مثل السماح للموظفين بالعمل في فرق‪،‬‬
‫وظهرت أفكاره في كتابه املشهور (اإلدارة العامة والصناعية‪ ،)1916 ،‬حيث‬
‫كان ينادي بمبادئ اإلدارة العلمية بفرنسا في الوقت الذي كان ينادي بها‬
‫تايلور في أمريكا‪ ،‬وكان يشيد بأهمية العمل اإلداري‪.‬‬
‫‪ 1.3‬مبادئ اإلدارة عند هنري فايول‪:‬‬
‫كان االعتقاد السائد أن املديرين يولدون وال يصنعون‪ ،‬ولكن فايول رأى‬
‫أن اإلدارة مهارة مثل املهارات األخرى التي يمكن تعلمها بمجرد فهم املبادئ‬
‫التي تقوم عليها‪ ،‬وتتمثل هذه املبادئ في ‪ 14‬مبدأ وهي‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ التخصص‪:‬‬
‫يرى فايول أن تميز الفرد يكمن في قدرته على أداء نوع معين من األعمال‬
‫يشمل عددا محدودا من املهام‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ املسؤولية والسلطة‪ :‬السلطة هي حق إصدار األوامر من الرئيس‪،‬‬
‫أما املسؤولية فهي نتيجة طبيعية للسلطة‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ االنضباط (النظام والطاعة)‪ :‬يعني طاعة األوامر وقرارات‬
‫وتنفيذها من أجل توفير سير حسن للعمل في املؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ وحدة األمر‪ :‬ي‬
‫جب أال يتلقى املوظف تعليماته إال من رئيس واحد فقط وهو رئيسه‬
‫املباشر لتفادي اإلخالل بالنظام‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ وحدة التوجيه‪ :‬تعني رئيس واحد وخطة واحدة لتحقيق هدف‬
‫واحد‪ ،‬وال يتعارض هذا مع وحدة األمر‪ ،‬وذلك ألن هذه األخيرة تمارس على‬
‫‪71‬‬
‫األشخاص بينما تمارس وحدة التوجيه على املجموعات املتجانسة‪ ،‬وتعتبر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شرطا أساسيا لتنسيق القوى‪.‬‬
‫‪ -‬م بدأ خضوع املصالح الفردية للمصلحة العامة‪ :‬يتطلب هذا املبدأ‬
‫تغليب مصلحة املؤسسة على مصلحة موظفيها‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ عدالة مكافأة األفراد‪ :‬حيث يؤثر األجر العادل إيجابا على‬
‫املؤسسة‪ .‬ويمكن استخدام مكافآت مالية أو عينية كحوافز لتحسين‬
‫مستوى األداء ويشترط أن تكون في حدود معقولة حتى يسود الرضا‬
‫والوفاق بين العاملين وأصحاب العمل‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ املركزية‪ :‬رأى فايول أن املركزية أمر طبيعي للمؤسسة‪ ،‬مشبها‬
‫ذلك باملخ الذي يوجه األوامر إلى كل أجزاء الجسم‪.‬‬
‫‪ -‬م بدأ تدرج السلطة‪ :‬أي تسلسل السلطة من أعلى املراكز إلى أدناها‪،‬‬
‫وتوضيح حدود اتصاالت العمل ونطاق اإلشراف‪.‬‬
‫األشياء واألفراد‪ ،‬ويتطلب هذا حسن تطبيق‬ ‫‪ -‬مبدأ الترتيب‪ :‬أي ترتيب ِ‬
‫قاعدتين‪ :‬التنظيم الجيد‪ ،‬واالختيار الجيد‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ املساواة‪ :‬املساواة تعمل على تشجيع العمال واملوظفين على بذل‬
‫كل طاقاتهم وقدراتهم وتحقيق اإلحساس بالوالء‪.‬‬
‫‪ -‬م بدأ استقرار املستخدمين‪ :‬استقرار العمالة وانخفاض معدل دورانها‬
‫يجنب املؤسسة التكاليف املختلفة للموظف الجديد‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ املبادأة‪ :‬تشجيع اإلدارة للموظفين على تنمية القدرة على التفكير‬
‫في حل املشكالت وطرح أفكاره والحرص على نجاحها‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ روح التعاون‪ :‬أي بث روح الفريق بين األفراد لتحقيق التعاون‬
‫واالنسجام بينهم‪ ،‬مما يحقق قوة أكبر للمؤسسة‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫‪ 2.3‬وظائف اإلدارة عند فايول‪:‬‬
‫ويعد أول من يهتم باملستويات اإلدارية العليا‪ ،‬من خالل تحديد خمس‬
‫وظائف لإلدارة وهي‪:‬‬
‫أ‪ .‬التخطيط‪:‬‬
‫فالبد أن يكون لدى القائد بعد النظر وقدرة على توقع املستقبل‪ ،‬بحيث‬
‫يقدر كل االحتماالت ويستعد لها‪.‬‬
‫ب‪ .‬التنظيم‪:‬‬
‫تحديد األعمال وتوزيع املهام وتحديد خطوط السلطة وتشكيل‬
‫األقسام واإلدارات‪ ،‬والتنسيق بينها‪.‬‬
‫ت‪ .‬األمر‪:‬‬
‫إصدار األوامر وإعطاء التعليمات وتوضيح القواعد واإلجراءات في‬
‫حدود السلطة املخولة‪.‬‬
‫ث‪ .‬التوجيه‪:‬‬
‫دفع األفراد نحو إنجاز األعمال وتحقيق األهداف من خالل حفزهم‬
‫ماديا‪.‬‬
‫ج‪ .‬الرقابة‪:‬‬
‫على املدير مراقبة اإلنجازات ومقارنتها مع املعايير املعدة مسبقا ورصد‬
‫االنحرافات ثم تصحيحها‪.‬‬
‫يرى فايول أن للمدير صفات تختلف عن صفات العامل التنفيذي‪،‬‬
‫ويرى أن الفرد يحتاج إلى الصفات اإلدارية كلما صعد في السلم اإلداري أكثر‬
‫من الصفات الفنية التي يحتاجها العامل‪ ،‬كما حدد بعض الصفات التي‬
‫يجب أن تتوفر في املدير‪ :‬كالصفات الذهنية وتتمثل في القدرة على‬
‫‪73‬‬
‫التحليل‪ ،‬وصفات جسمية كالصحة‪ ،‬وخلقية كحسن الصورة‪ ،‬وتربوية‬
‫كاللباقة وحسن املعاملة‪ ،‬وتقنية وترتبط بوظيفة املدير‪ ،‬هذا إضافة إلى‬
‫الخبرة الناتجة عن التجربة واملعرفة املكتسبة‪.‬‬
‫قسم فايول النشاط في إدارة األعمال إلى ست مجموعات رئيسية‬
‫تتمثل فياألنشطة الفنية (تصنيع وإنتاج)‪ ،‬وأنشطة تجارية (بيع وشراء)‪،‬‬
‫وأنشطة مالية (تأمين رأس مال واستخدام األموال)‪ ،‬وأنشطة الحماية‬
‫واألمن (حماية املمتلكات واألفراد)‪ ،‬وأنشطة محاسبية (تحديد األسعار‬
‫والتكاليف وأنشطة إدارية (تخطيط وتنظيم إعطاء أوامر‪ ،‬تنسيق‪،‬‬
‫ورقابة)‪.‬‬
‫‪ 3.3‬تقييم نظرية التقسيم اإلداري‪:‬‬
‫تستخدم مبادئ إدارة هنري فايول حتى اليوم إلدارة املنظمات‪ ،‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬انتقدت نظريته " نظرية‬
‫املبادئ اإلدارية او التقسيم اإلداري" لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ ‬النظرية موجهة لإلدارة‪ :‬نظرية املبادئ اإلدارية ال تولي اهتماما‬
‫كبيرا ملشاكل العمال؛‬
‫‪ ‬عدم وجود أهمية للتنظيمات أو املجموعات غير الرسمية‪ ،‬فهي‬
‫تعطي أهمية فقط للهيكل التنظيمي الرسمي؛‬
‫‪ ‬بعض مفاهيم نظرية التقسيم اإلداري مستوحاة من العلوم‬
‫العسكرية‪ ،‬فقد أعطى فايول أهمية لألمر أكثر من التوجيه؛‬
‫‪ ‬نظرية التقسيم اإلداري تتبع منهج ميكانيكي‪ ،‬حيث تهمل بعض‬
‫الجوانب الهامة لإلدارة مثل الدافع واالتصاالت والقيادة‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ .4‬تقييم أعمال المدرسة الكالسيكية‪:‬‬
‫بالرغم من أن كل من تايلور وأتباعه‪ ،‬فايول وماكس فيبر‪ ،‬ينتمون‬
‫لنفس املدرسة إال أن كال منهم ركز على جانب معين‪ ،‬فقد اهتم تايلور‬
‫بأساليب اإلدارة على مستوى التنفيذ (العاملين)‪ ،‬مؤكدا على ضرورة‬
‫تنميط مبادئ اإلدارة العلمية وتطبيقها املتشدد‪ ،‬في حين اهتم فايول‬
‫باملستوى األعلى لإلدارة‪ ،‬ورأى أن املدير البد أن يتمتع باملرونة‪ ،‬باملقابل ركز‬
‫ماكس فيبر على كيفية تنظيم العمل اإلداري من خالل مفهوم‬
‫البيروقراطية الرشيدة‪ ،‬وبذلك تعتبر أفكارهم مكملة لبعضها‪ ،‬باعتبارهم‬
‫يركزون على الكفاءة في املؤسسات‪ ،‬وقد أسهمت املدرسة الكالسيكية في‬
‫تطوير الفكر اإلداري املعاصر‪ ،‬حيث أبرزت أهمية اإلدارة في تطوير‬
‫املؤسسات وتقدم املجتمعات‪ ،‬وأهم إسهامات هذه املدرسة ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬اعتبار اإلدارة علم كباقي العلوم‪ ،‬واعتبارها مهنة ينبغي ممارستها‬
‫وفق أسس وقواعد وأصول؛‬
‫‪ ‬تحديد وظائف للعملية اإلدارية (تخطيط‪ ،‬تنظيم‪ ،‬أمر‪ ،‬توجيه‪،‬‬
‫ورقابة( مما يعزز كونها علم قائم بذاته؛‬
‫‪ ‬وضع مبادئ الزالت تطبق لآلن كتحليل الوظائف‪ ،‬نظم الحوافز‪،‬‬
‫جدولة اإلنتاج‪ ،‬السجالت اإلدارية واملحاسبية‪ ،‬التدريب؛‬
‫‪ ‬بادرت بدراسة املهام والوظائف‪ ،‬كما أبرزت أهمية تعويض‬
‫ً‬
‫اعتمادا على األداء‪.‬‬ ‫العاملين‬
‫‪ ‬االنتقادات املوجهة للمدرسة الكالسيكية‪:‬‬
‫رغم إسهامات املدرسة الكالسيكية‪ ،‬إال أنه وجهت لها بعض االنتقادات‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪75‬‬
‫‪ ‬اعتبار اإلنسان كآلة يمكن التحكم فيها من خالل الحوافز املادية‬
‫واللوائح والقوانين؛‬
‫‪ ‬إغفال الجوانب االجتماعية والنفسية للعامل مثل العالقات‬
‫االجتماعية‪ ،‬واالهتمام بالجوانب الفنية والتقنية للعمل فقط؛‬
‫‪ ‬إغفال الحاجات والدوافع املعنوية للفرد‪ ،‬حيث انصب االهتمام‬
‫بالحوافز املادية فقط لغرض زيادة اإلنتاجية؛‬
‫‪ ‬االهتمام بزيادة اإلنتاجية وتحقيق الكفاءة على حساب الفرد‬
‫صحيا ونفسيا؛‬
‫‪ ‬االعتقاد أن هذه األفكار صالحة للتطبيق في جميع املواقف‬
‫اإلدارية‪ ،‬وفي جميع األزمنة‪ ،‬وهذا ما مهد للنظرية املوقفية‪.‬‬
‫إذن أفكار املدرسة الكالسيكية تتالءم مع بيئة األعمال البسيطة التي‬
‫كانت تميز تلك الحقبة سواء تكنولوجيا أو اجتماعيا‪ ،‬وكذا مع البيئة‬
‫املستقرة‪ ،‬حيث يمكن التنبؤ بسهولة وبدقة بأحداث املستقبل‪ ،‬حيث كان‬
‫الطابع الروتيني يميز أعمال املؤسسات‪ ،‬كما أن مطلب اإلنتاجية والكفاءة‬
‫لم يصبحا كافيين لتحقيق استمرارية ونمو املؤسسات‪ ،‬ففي هذا العصر‬
‫هناك أهداف أكبر على رأسها إرضاء العميل وتحقيق والئه‪ ،‬مواكبة التغيير‬
‫وتحسين جودة املنتجات وتحقيق التميز‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬المدرسة النيوكالسيكية‪:‬‬
‫أعقبت املدرسة الكالسيكية التي تميزت بالتعامل امليكانيكي مع‬
‫العمال مدرسة جديدة تبحث عن الكفاءة اإلنتاجية ولكن اهتمت بالجانب‬
‫اإلنساني الذي أغفلته املدرسة الكالسيكية‪ ،‬وأهم مداخلها‪ ،‬العالقات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬واملدخل السلوكي‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫‪ .1‬مدخل العالقات اإلنسانية‪:‬‬
‫جاءت هذه الحركة كردة فعل ألفكار نظرية اإلدارة العلمية‪ ،‬حيث‬
‫أكدت على ضرورة إشباع الحاجات النفسية واالجتماعية للعامل لتحقيق‬
‫الكفاءة اإلنتاجية‪ ،‬وأن الحوافز املادية وحدها ليست كافية لتحقيق ذلك‪.‬‬
‫يقصد بالعالقات اإلنسانية‪ "،‬تلك العالقات التي تنطوي على خلق جو‬
‫من الثقة واالحترام املتبادل والتعاون بين كل من اإلدارة و األفراد‪ ،‬وتهدف‬
‫هذه العالقات إلى رفع روحهم املعنوية وزيادة إنتاجيتهم"‪ ،‬وبذلك انطلقت‬
‫هذه املدرسة من قاعدة أساسية وهي" إنسانية الفرد وكذا عالقته‬
‫بالجماعة"‪ ،‬حيث أشارت هذه النظرية إلى ضرورة منح البعد االجتماعي‬
‫واإلنساني أهمية كبيرة في بناء املنظمة‪ ،‬كعالقات األفراد ببعضهم‬
‫وعالقاتهم برؤسائهم‪ ،‬كما أعطت األولوية لجماعات العمل غير الرسمية‪،‬‬
‫ورأت أن إشباع حاجات التنظيم غير الرسمي تؤدي تلقائيا إلى تحقيق‬
‫أهداف التنظيم الرسمي‪ ،‬وركزت على رضا العامل وحاجاته اإلنسانية أكثر‬
‫من تركيزها على التنظيم الرسمي والهياكل والجوانب التنفيذية للعمل‪.‬‬
‫وعلى خالف منظري الفكر الكالسيكي الذين كانوا مدراء ممارسين‬
‫واعتمدوا على خبرتهم وتجاربهم الشخصية في وضع نظرياتهم‪ ،‬فإن منظري‬
‫العالقات اإلنسانية كانوا أكاديميين من علماء االجتماع والنفس والسلوك‪،‬‬
‫ومن رواد هذه املدرسة هو البروفسور جورج إلتون مايو وهوجو منستربرغ‪،‬‬
‫روبرت أوين‪ ،‬كيرت ليفين‪ ،‬تشستر برنارد‪ ،‬ماري باركر فوليت‪.‬‬
‫‪ 1.1‬هوجو منستربرغ علم النفس االداري‪:‬‬
‫وتكمن أعمال منستبرج في إبراز أهمية علم النفس في ميدان الصناعة‬
‫واألعمال‪ ،‬من خالل االهتمام بالظروف النفسية التي تحيط بالعامل‪،‬‬
‫‪77‬‬
‫وأهمية املؤثرات االجتماعية على ظروف العمل‪ ،‬وهو أول من أبرز العالقة‬
‫بين كفاءة املؤسسة ومدى فهم احتياجات الفرد وقدراته في "كتابه علم‬
‫النفس واإلدارة الصناعية" الذي صدر عام ‪ 1913‬والذي ركز فيه على‬
‫ضرورة تحديد قدرات األفراد الذهنية والنفسية عند اختيارهم لألعمال‪.‬‬
‫‪ 2.1‬روبرت اوين (‪ )1808-1771‬نظرية اآلالت الحية‪:‬‬
‫عمل أوين كمدير في مصانع النسيج بإسكتلندا‪ ،‬حيث كانت ظروف‬
‫عمل ومعيشة العاملين سيئة جدا‪ ،‬وكان يرى أن وضيفة املدير هي إعادة‬
‫تشكيل هذه الظروف من خالل االهتمام بالجانب اإلنساني للعاملين‪،‬‬
‫حيث بدأ في تحسين ظروف العمل وبناء مساكن أفضل للعاملين ومتجر‬
‫للبيع السلع بأثمان منخفضة‪ ،‬كما خفض ساعات العمل‪ ،‬ومنع تشغيل‬
‫الصبية دون العاشرة‪ ،‬وبينما كان زمالئه من املديرين يستثمرون في‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬وكان يرى أن أفضل استثمار للمدير يكمن في العاملين‪ ،‬على‬
‫وأطلق عليهم لقب " اآلالت الحية ّ" حيث شبه األفراد باآلالت‪ ،‬فإذا كانت‬
‫املحافظة على اآلالت وصيانتها تؤدي إلى زيادة إنتاجيتها وضمان عملها ملدة‬
‫أطول‪ ،‬فإن هذا يصبح أمرا طبيعيا بالنسبة لآلالت الحية (اآلدمية) بل‬
‫أكثر‪ ،‬وقد حقق عوائد أكثر ‪ 50‬مرة مما سبق نتيجة تطبيقه هذه األفكار‪،‬‬
‫كما قدم طريقة للتحفيز تؤدي إلى زيادة اإلنتاجية‪ ،‬حيث قام بترتيب عمل‬
‫الفرد حسب انجازه وبصورة معلنة لكل األفراد مما يمكن من التعرف على‬
‫مواطن الضعف‪ ،‬كما يؤدي إلى نوع من املنافسة بين العاملين ومن ثم يزيد‬
‫من رغبتهم في األداء املتميز‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪ 3.1‬كيرت لوين ‪Kurt lewin‬نظرية املجال في سلوك الفرد‪:‬‬
‫طور لوين عددا من املفاهيم أسماها نظرية املجال في سلوك الفرد‪ ،‬وفي‬
‫رأيه أن سلوك الفرد نتاج للعناصر املتواجدة بالبيئة املحيطة به والتي تؤثر‬
‫عليه نفسيا‪ ،‬والتي أسماها املجال النفس ي‪ ،‬حيث قام لوين بتجربة في‬
‫أمريكا ملعرفة أثر األنواع املختلفة للقيادة وما يسودها من أجواء التفاعل‬
‫االجتماعي في مشاعر األفراد واتجاهاتهم النفسية نحو القائد ونحو‬
‫بعضهم البعض‪ ،‬وروحهم املعنوية وإنتاجيتهم‪ ،‬أجريت التجربة على أوالد‬
‫في العاشرة‪ ،‬وزعوا على مجموعات صغيرة تختلف أجوائها االجتماعية‪،‬‬
‫وهي‪ :‬الجو االستبدادي الذي يمثل القيادة األوتوقراطية‪ ،‬والجو التشاوري‬
‫الذي يمثل القيادة الديمقراطية‪ ،‬وجو الحرية املطلقة‪ ،‬و يمثل القيادة‬
‫الفوضوية‪ ،‬وأسفرت التجربة عن أن سلوك األوالد يتوقف على جو‬
‫املجموعة أكثر من توقفه على الشخص الذي يقوم بدور القيادي‪ ،‬فقد‬
‫توصل لوين إلى أن أسلوب القيادة الديمقراطي هو األسلوب األفضل‪ ،‬كما‬
‫كشفت دراسته عن أهمية املشاركة في اإلدارة وأثرها في تحفيز املرؤوسين‬
‫على األداء الجيد‪ ،‬وتنمي روح املبادرة واملشاركة والتعاون واملسؤولية‬
‫والصداقة والتوحد بالجماعة‪ ،‬ويتميز هذا النمط بأن الجماعة هي التي‬
‫تتخذ القرارات‪ ،‬وتهدف إلى تدريب عقول املرؤوسين ‪.‬‬
‫‪ 4.1‬النظام التعاوني لتشستر برنار‪:‬‬
‫كان برنار رئيسا ملؤسسة أمريكية "نيو جرس ي" نشر كتاب بعنوان‬
‫وظائف املدير التنفيذي‪ ،‬نادى من خالله إلى ضرورة التعاون بين العمال‬
‫واملشرفين (التنظيم الرسمي وغير الرسمي)‪ ،‬من خالل تدريب العمال‬
‫وتشجيع العالقات االجتماعية في املؤسسة‪ ،‬إذ أن الفرد ال يمكنه تحقيق‬
‫‪79‬‬
‫أهداف املنظمة بمفرده‪ ،‬وأن األفراد يعملون جاهدين لتحقيق أهداف‬
‫التنظيمات الرسمية‪ ،‬باملقابل عليها تحقيق احتياجاتهم الشخصية‪ ،‬كما‬
‫رأى أن املؤسسة عبارة عن نظام تعاوني يحتاج إلى ثالث عناصر لنجاحه‬
‫هي‪ :‬االستعداد للتعاون‪ ،‬وجود هدف مشترك‪ ،‬وفعالية االتصاالت‪ .‬كما يرى‬
‫أن املرؤوسين هم مصدر السلطة وبإمكانهم قبولها أو رفضها‪ ،‬وهناك أربع‬
‫شروط لقبول السلطة وهي‪ :‬فهم األوامر‪ ،‬اتساق األوامر مع أهداف‬
‫املنظمة‪ ،‬انسجام األوامر مع اهتمامات العاملين والقدرة الجسمية‬
‫والذهنية لطاعة األوامر‪.‬‬
‫‪ 5.1‬ماريباركرفوليت اإلدارة باملشاركة‪:‬‬
‫رأت أن املديرين هم املسئولون عن خلق الدافعية لدى العاملين‬
‫لتحقيق األهداف التنظيمية‪ ،‬وليس دفعهم لطاعة األوامر فقط‪ ،‬وأن دور‬
‫املدير ال يقتصرعلى إصدار األوامر بل يجب أن يعمل كفريق مع مرؤوسيه‬
‫إلنجاز األهداف املشتركة‪ ،‬كما رأت أن الرقابة يجب أن تكون موجهة‬
‫بالجماعة (مدى تحقيق الجماعة للهدف)‪،‬‬
‫‪ 6.1‬إلتون مايو وتجارب هاوثورن (‪:)1949-1880‬‬
‫جورج إلتون مايو‪ ،‬استرالي املولد أمريكي الجنسية‪ ،‬وهو أحد علماء‬
‫اإلدارة املشهورين‪ ،‬قام بتجاربه على العمال في مصانع هاوثورن لشركة‬
‫وسترن الكتريك بشيكاغو دامت بين (‪ ،)1932-1924‬التي هدف من خاللها‬
‫إلى معرفة أثر البيئة املادية للعمل (اإلضاءة‪ ،‬فترات الراحة‪ ،‬األجور‬
‫والحوافز) على الكفاية اإلنتاجية للعمال‪ ،‬حيث جاءت أعماله لتخفيف‬
‫حدة تطبيق مبادئ اإلدارة العلمية‪ ،‬من خالل إدخال تحسينات على بيئة‬

‫‪80‬‬
‫العمل للتمكن من تطبيق هذه املبادئ‪ ،‬بمعنى أن أعماله كانت مكملة‬
‫ألعمال املدرسة الكالسيكية‪ ،‬وليست قطيعة عنها‪.‬‬
‫قام بالتجربة األولى الختبار العالقة بين كثافة اإلضاءة وإنتاجية‬
‫للعاملين‪ ،‬فاختار مجموعتين إحداهما للتجربة وأخرى للمراقبة‪" ،‬كانت‬
‫املجموعة صغيرة (‪ 50‬فرد) سمحت بتكون عالقات غير رسمية‪ ،‬حيث عمل‬
‫زمالئه على إدخال تحسينات في اإلضاءة بالنسبة ملجموعة التجربة وحدها‪،‬‬
‫لكنهم الحظوا أن معدل اإلنتاج قد ارتفع في املجموعتين‪ ،‬فاستنتجوا أن‬
‫هناك عامال آخر أدى إلى زيادة اإلنتاج‪ ،‬فقد تم خفض اإلضاءة قليال فلم‬
‫تتأثر اإلنتاجية لدى املجموعتين‪ ،‬وجاءت النتائج غير متوقعة‪ ،‬مؤكدة على‬
‫وجود متغير جديد وهو الروح املعنوية للعمال ودرجة االنسجام القائم بين‬
‫عناصر املجموعة العاملة‪.‬‬
‫أجريت تجربة أخرى ترمي إلى اختبار أثر الراحة ومدتها (إعادة جدولة‬
‫العمل) على اإلنتاجية فتكررت النتائج غير املتوقعة التي تؤكد تأثر‬
‫ً‬
‫اإلنتاجية أساسا بالحالة املعنوية للعمال‪ ،‬فأجريت تجربة ثالثة الختبار أثر‬
‫تغيير طريقة دفع األجور والحوافز على الكفاية اإلنتاجية‪ ،‬وتكررت النتائج‬
‫ً‬
‫غير املتوقعة والتي تؤكد أن اإلنتاجية ترتبط إيجابيا بالظروف االجتماعية‬
‫والنفسية للعاملين أكثر مما ترتبط بالتغييرات املادية التي تدخل على‬
‫ظروف وأحوال العمال‪.‬‬
‫كما تمت تجربتان إضافيتان كانت األولى عبارة عن مقابلة مع عديد من‬
‫العمال للتعبير عن ظروف العمل ومشاكله وأحواله‪ ،‬وكانت النتيجة أن‬
‫ارتفعت معنويات العاملين بسبب تعبيرهم عن ما يدور في أذهانهم‪ ،‬وبسبب‬
‫اإلحساس باهتمام اإلدارة بهم وتقديرها لهم‪ ،‬والتجربة الثانية كانت عبارة‬
‫‪81‬‬
‫عن اختبار سلوك العاملين كمجموعات وليس كأفراد‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫املقابلة واملالحظة املباشرة‪ ،‬حيث تم التأكد بأن الفرد ترتفع معنوياته أكثر‬
‫وتزيد إنتاجيته عندما يكون ضمن جماعة يحس بينها باالطمئنان‬
‫واالنسجام والراحة والثقة املتبادلة خارج التنظيم الرسمي الذي تحكمه‬
‫التعليمات والقوانين الرسمية‪ ،‬وأن العامل يمكن تحفيزه من خالل تحقيق‬
‫انتماءه للمجموعة‪ ،‬مما يحقق التعاون لتحقيق أهداف املنظمة‪.‬‬
‫‪ . 2‬مبادئ مدرسة العالقات اإلنسانية‪:‬‬
‫توصلت تجارب هوثورن إلى النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ ‬ميل األفراد لتكوين جماعات غير رسمية‪ ،‬يتأثرون بقيمها وأنماط‬
‫سلوكها‪ ،‬حيث تؤثر القيادة غير الرسمية على سلوكهم‪.‬‬
‫‪ ‬ال تتحدد طاقة الفرد جسميا فقط‪ ،‬بل وفقا لطاقته االجتماعية‬
‫أيضا (كالتفاهم مع رؤسائه‪ ،‬ودرجة التعاون مع زمالئه)‪.‬‬
‫‪ ‬تحفيز العامل ال يقتصر على النواحي املادية‪ ،‬بل يتعداها إلى‬
‫النواحي املعنوية كاالتصاالت االجتماعية والشعور باالهتمام‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إشعار العامل واملجموعة التي ينتمي إليها بأهميتهم‪،‬‬
‫بغرض رفع الروح املعنوية التي تؤثر إيجابا في زيادة اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ ‬ردود فعل العاملين على اإلدارة العليا حيال مشاكل العمل ال‬
‫تأتي بشكل فردي بل عبر املجموعات التي ينتمون إليها‪،‬‬
‫ومن هنا برزت أهمية العالقات اإلنسانية داخل املنظمة في سلوك‬
‫العاملين ودور القيادة في التحكم في السلوك حيث اعتبر رواد هذه املدرسة‬
‫أن الجو االجتماعي في العمل هو األساس في التأثير على إنتاجية العاملين‬
‫وتفاعلهم مع اإلدارة العليا‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫‪ . 3‬تقييم مدخل العالقات اإلنسانية‪:‬‬
‫أسهم هذا املدخل في نشر االهتمام بالعالقات اإلنسانية في العمل‪ ،‬مما‬
‫أدى إلى التغيير في كثير من املمارسات اإلدارية خالل الثالثينات من القرن‬
‫العشرين أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬ظهور ما يسمى " بإدارة األفراد والعالقات اإلنسانية" تتولى‬
‫االهتمام بحسن استخدام املوارد البشرية املتاحة والعمل على رفاهيتها‬
‫وحل مشكالتها‪ ،‬ووجود أقسام للتحليل النفس ي داخل هذه اإلدارات؛‬
‫‪ ‬اعتراف اإلدارات بأهمية التنظيمات غير الرسمية في سلوك‬
‫العاملين‪ ،‬وحقهم في إجازات سنوية‪ ،‬وخفض ساعات العمل‪.‬‬
‫‪ ‬االعتراف بحق العمال في الرعاية الصحية والنفسية واالجتماعية‬
‫"وجبات غداء‪ ،‬ساعة للراحة والعالج املجاني والتأمين‪.‬‬
‫‪ ‬تدريب الرؤساء على مراعاة العالقات اإلنسانية واملعاملة الحسنة‬
‫للعاملين‪ ،‬لرفع روحهم املعنوية وزيادة قابليتهم للتعاون‪.‬‬
‫‪ ‬االنتقادات املوجهة ملدرسة العالقات اإلنسانية‪ :‬لقد تداركت‬
‫حركة العالقات اإلنسانية النقص الذي كان يكتنف املعرفة اإلدارية من‬
‫حيث اهتمامها بالعنصر البشري‪ ،‬إال أن هناك بعض املآخذ على أسلوبها‬
‫وفيما يلي أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬لم تسهم في إيجاد نظرية متكاملة لإلدارة‪ ،‬فقد ركزت على‬
‫املستويات التشغيلية أكثر من املستويات الوسطى أو العليا؛‬
‫‪ ‬عدم استخدام الطريقة العلمية للوصول إلى النتائج‪ ،‬والتحيز‬
‫املسبق للعالقات اإلنسانية على حساب الجوانب املادية‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ ‬يرى علماء اإلدارة والنفس واالجتماع أن هذه املدرسة لم تقدم‬
‫حلوال للوصول إلى عالقات أفضل‪ ،‬بل هي مجرد وصف؛‬
‫‪ ‬إغفال كبير للتنظيم الرسمي‪ ،‬مما يوحي بوجود نمط اإلدارة األبوية‬
‫بين الرؤساء واملرؤوسين ويعيق تحقيق أهداف املنظمة‪.‬‬
‫‪ .2‬المدخل السلوكي‪:‬‬
‫جاءت هذه املدرسة نتيجة لالنتقادات التي وجهت إلى املدارس السابقة‪،‬‬
‫بالرغم من أنها تحمل بعض مبادئ املدرسة الكالسيكية مثل التأكيد على‬
‫الكفاية اإلنتاجية‪ ،‬وبعض مبادئ مدرسة العالقات اإلنسانية مثل تأكيد‬
‫أهمية العالقات اإلنسانية في محيط العمل‪ ،‬فقد حاولت معرفة السلوك‬
‫اإلنساني من خالل دراسة الفرد وشخصيته‪ ،‬بهدف معرفة تصرفاته وتنوع‬
‫واختالفات هذه التصرفات والدوافع التي تؤدي إلى سلوكه‪ .‬ويعد هذا‬
‫ً‬
‫املدخل نتاجا لدراسة علم االجتماع وعلم النفس االجتماعي‪ ،‬ويتميز بأنه‬
‫ركز على اإلدارة باعتبارها إدارة للعنصر البشري داخل املنظمات‪ ،‬ومن أهم‬
‫رواده‪ :‬أبراهام ماسلو‪ ،‬ماكجريجور‪ ،‬فريدريك هيزنبرج‪ ،‬ماكيالند‪ ،‬فكتور‬
‫فروم‪ ،‬آدمز‪.‬‬
‫‪ 1.2‬نظرية الدافعية اإلنسانية ألبراهام ماسلو(‪:)1970 -1908‬‬
‫قام ماسلو بصياغة نظرية فريدة في علم النفس ركز فيها على جوانب‬
‫الدافعية اإلنسانية‪ ،‬أين حاول تصميم نسق مترابط يفسر طبيعة الدوافع‬
‫ا لتي تحرك السلوك اإلنساني وتشكله‪ ،‬حيث يفترض ماسلو أن الحاجات‬
‫اإلنسانية تتدرج تصاعديا وفقا لألولوية أو شدة التأثير‪ ،‬فعندما تشبع‬
‫الحاجات األكثر قوة وإلحاحا‪ ،‬فإن الحاجات التالية في التدرج الهرمي تبرز‬
‫وتطلب اإلشباع‪ ،‬وهكذا وصوال إلى قمة سلم الدوافع‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫حدد ماسلو خمسة أنواع من االحتياجات لكل الناس وحدد لها ترتيبا‪،‬‬
‫هذه االحتياجات هي‪:‬‬
‫أ‪ .‬احتياجات فسيولوجية‪:‬‬
‫هي احتياجات أساسية لإلنسان كاملأكل واملسكن وامللبس‪ ،‬تلبيها‬
‫املؤسسات بتوفير الدخل الكافي ملوظفيها أو تقديم الدعم لهم كقروض‬
‫اإلسكان‪.‬‬
‫ب‪ .‬احتياجات األمان‪:‬‬
‫يحتاج اإلنسان للشعور باألمان من املخاطر‪ ،‬يحققها من خالل العمل‬
‫اآلمن واملستقر والسكن اآلمن والصحة املستقرة‪ .‬ويمكن للمؤسسات‬
‫تحفيز موظفيها بتوفير بيئة عمل آمنة‪ ،‬وتوفير ضمانات لعدم الخوف من‬
‫الفصل‪ ،‬وبتوفير بعض برامج العالج املجاني أو املدعم‪ ،‬وبرامج توفر معاش‬
‫بعد التقاعد‪.‬‬
‫ت‪ .‬احتياجات اجتماعية(االنتماء)‪:‬‬
‫وهي الحاجة لالنتماء للمجتمع‪ .‬لذلك فإن املؤسسات يمكنها تحفيز‬
‫العاملين بتوفير جو اجتماعي جيد وتنظيم لقاءات اجتماعية‪ ،‬وتشمل‬
‫االحتياجات االجتماعية خارج العمل أيضا‪ ،‬كقضاء وقت مع األسرة‬
‫واألصدقاء‪ ،‬ويمكن تلبيتها من خالل منح إجازات وتحديد أوقات العمل‪.‬‬
‫ث‪ .‬احتياجات االحترام (التقدير)‪:‬‬
‫بعد توفير االحتياجات األساسية ثم األمان ثم االنتماء‪ ،‬فإن اإلنسان‬
‫يبحث عن التقدير ممن حوله (زمالؤه في العمل ومن يعرفونه خارج‬
‫العمل)‪ ،‬لذلك فإن مكافأة العاملين وتقدير مجهودهم ماديا ومعنويا هو‬

‫‪85‬‬
‫من األمور املحفزة كتقديم جائزة تفوق‪ ،‬أو شكره على مجهود أو فكرة‪ ،‬أو‬
‫ترقية ملراكز أعلى لكي يظهر نجاحه لزمالئه ومعارفه‪.‬‬
‫ج‪ .‬الحاجة لتحقيق الذات‪:‬‬
‫بعد توفير كل هذه االحتياجات فإن اإلنسان يبدأ في البحث عن‬
‫تحقيق الذات وهو أن يقدم أحسن ما عنده ويستغل كل طاقاته فيبدع‬
‫ويتطور إلى أعلى درجات التميز في عمله‪ ،‬أو االرتقاء إلى املناصب العليا‪.‬‬
‫‪ ‬تقييم نظرية ماسلو‪:‬‬
‫بالرغم من مساهمات نظرية ماسلو في تفسير الدوافع بحيث وفرت‬
‫لإلدارة طريقة لتحديد حاجات العاملين وطرق إشباعها‪ ،‬كوسيلة تحفيز‬
‫للعمل‪ ،‬إال أنها واجهت عدة انتقادات من أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬افتراض ضرورة إشباع الحاجات الدنيا لالنتقال للحاجات العليا‪،‬‬
‫إال أن هناك من لم يشبع حاجاته األساسية ولكنه يقر بحاجته لألمان‬
‫واالنتماء‪ ،‬كما أن هناك أفراد رغم إشباع حاجاتهم األساسية إال أنها ما‬
‫زالت هي املتحكمة في سلوكهم؛‬
‫‪ ‬تعميم فكرة تسلسل الحاجات عند كل الناس وفي كل الظروف‪،‬‬
‫حيث تحتل الحاجات الفيزيولوجية املرتبة األولى‪ ،‬إال أنه قد يضحي الفرد‬
‫الذي يحس بعدم االحترام من رئيسه ببعض الحاجات الفيزيولوجية كاألجر‬
‫العالي لقاء حصوله على االحترام من رئيس آخر ولكن بأجر زهيد‪ ،‬والعكس‬
‫قد يقبل فرد آخر اإلهانة مقابل أجر يكفل له األجر الكافي إلعالة عائلته؛‬
‫‪ ‬ليس من السهل اكتشاف الحاجات الكامنة في كل فرد بمجرد‬
‫التعامل معه في الحياة العملية‪ ،‬حيث يفترض في الرئيس أن يكون عالم‬

‫‪86‬‬
‫نفس حتى يستطيع أن يحلل نفسية مرؤوسيه لفهم الحاجات التي تثير‬
‫فيهم دوافع العمل‪ ،‬وهذا صعب التحقيق‪.‬‬
‫‪ 2 .2‬نظرية ‪ X‬و‪ :Y‬ماك جريجور‪:‬‬
‫اهتم جريجور بكيفية قيادة املرؤوسين‪ ،‬وانطلق من فكرة أن القيادات‬
‫يقومون بإدارة األفراد بناء على فرضيات خاطئة حول سلوك العاملين‪،‬‬
‫أسماها النظرية ‪ X‬وقدم فرضيات بديلة أسماها النظرية ‪.Y‬‬
‫أ‪ .‬افتراضات النظرية ‪: X‬‬
‫يفترض املديرين آنذاك أن‪:‬‬
‫‪ ‬العامل كائن كسول بطبيعته وال يحب العمل لذلك ال بد من‬
‫قيادته بالقوة واإلرغام والتهديد والعقاب‪ ،‬وأن اإلدارة املركزية والرقابة‬
‫الشديدة هي النمط األنسب لهؤالء لدفعهم للعمل‪ ،‬وأن الحوافز املادية هي‬
‫األنسب لحفزهم على العمل؛‬
‫‪ ‬العامل كائن سلبي غير طموح وال يتحمل املسؤولية‪ ،‬يفضل األمان‬
‫ويتجنب القيادة ويحب أن يتم توجيهه‪ ،‬لذلك على اإلدارة توجيه الجهود‬
‫البشرية وتنسيقها وتحديد سلوكها بما يحقق عوائد للمنظمة‪ ،‬على‬
‫افتراض أن العامل ال يمكنه ذلك‪.‬‬
‫إن هذا التصور كان على حساب العاملين حيث جعل القيادات ال تفكر‬
‫في تلبية حاجاتهم ورغباتهم‪ ،‬أو التفكير في طرق التحفيز غير املادية‪ ،‬واملدير‬
‫الذي يؤمن بهذه النظرية هو مدير دكتاتوري تشاؤمي وموجه بالرقابة‬
‫الصارمة‪.‬‬
‫ب‪ .‬افتراضات النظرية‪:Y‬‬
‫رد جريغور على هذه الفرضيات التشاؤمية‪ ،‬بفرضيات أكثر تفاؤال‬
‫ومرونة وإنصافا‪ ،‬وتتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪87‬‬
‫‪ ‬العمل ظاهرة طبيعية‪ ،‬يتقبلها الجميع‪ ،‬وأن األفراد على اختالف‬
‫مستوياتهم يفضلون الدمج بين العمل الجسمي والذهني؛‬
‫‪ ‬الفرد مستعد لتنمية أهداف املنظمة وااللتزام بتحقيقها‪ ،‬كما‬
‫بإمكانه تحقيق الرقابة والتوجيه الذاتي؛‬
‫‪ ‬األفراد طموحين بطبعهم ويسعون إلى القيادة أكثر من سعيهم‬
‫لألمان‪ ،‬ويكرهون أن يتم التحكم فيهم‪ ،‬كما يمكنهم تحمل املسؤولية إذا‬
‫ألقيت على عاتقهم‪ ،‬بل ويسعون إليها أحيانا‪ ،‬وأن الفرد بطبعه مبتكر‬
‫ومبدع إذا توفرت له البيئة املالئمة‪.‬‬
‫املدير الذي يؤمن بهذه النظرية هو مدير ديمقراطي تفاؤلي‪ ،‬يثق في قدرة‬
‫األفراد على تحمل املسؤولية‪ ،‬ويكون التحفيز هنا معنوي أكثر منه مادي‬
‫وذلك بخلق ظروف مالئمة لزيادة مقدرات الفرد من خالل توفير البيئة‬
‫املالئمة لالبتكار‪ ،‬ومنحه جزء من املسؤولية والتفويض واملشاركة في اتخاذ‬
‫القرارات اإلدارية‪ ،‬وحفزه على التوجيه والرقابة الذاتية‪.‬‬
‫‪ 3.2‬نظرية العاملين‪ :‬فريدريك هيزنبرج(‪:)2000 - 1923‬‬
‫هيزنبرج عالم نفس أمريكي عرف بعمله حول اإلثراء الوظيفي كمدخل‬
‫للتحفيز‪ ،‬وتطرق إلى دور العمل وظروف العمل في حفز العمال‪ ،‬ويرى أن‬
‫هناك نوعين من العوامل تحدد شعور العمال تجاه أعمالهم‪ ،‬األول حول‬
‫الجوانب غير املشبعة لدى الفرد (عوامل وقائية) والثاني حول تحقيق‬
‫الذات (العوامل الدافعة)‪.‬‬
‫أ‪ .‬العوامل األساسية (أي الوقائية)‪:‬‬
‫وتتعلق بالظروف املحيطة بالعمل وليس بنوعيته‪ ،‬وتشمل هذه‬
‫العوامل‪:‬‬
‫‪88‬‬
‫‪ ‬االستقرار الوظيفي وعدم التهديد بالفصل‪ ،‬ووجود عدالة في نظم‬
‫املؤسسة ومالئمة سياستها وإدارتها؛‬
‫‪ ‬املكانة املناسبة للعامل وتشمل كاملركز الوظيفي والسلطات‬
‫املمنوحة ومكان العمل املحترم‪.‬‬
‫‪ ‬الدخل املادي الكافي واملميزات مثل العالج واإلجازات ووسائل‬
‫املواصالت وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬نمط اإلشراف املناسب مع قدر من الذاتية (التحكم الذاتي في‬
‫كيفية أداء العمل)‪ ،‬والعالقات االجتماعية الجيدة‪.‬‬
‫‪ ‬ظروف العمل املادية املناسبة من حيث توفر أدوات العمل‬
‫والخدمات األساسية للعاملين وساعات العمل واألمن الوظيفي‪.‬‬
‫حسب هذه النظرية‪ ،‬فإن توفير هذه العوامل تجعل العامل راضيا‬
‫ولكن ال تعمل على تحفيز الفرد وخلق فرص للنمو الشخص ي‪ ،‬ونقصها يعد‬
‫عامل تثبيط وإحباط‪ ،‬أي أنها عوامل ال بد من تلبيتها ولكنها غير كافية‬
‫للتحفيز‪.‬‬
‫ب‪ .‬العوامل الدافعة (املحفزة) ‪:‬‬
‫هي التي يسميها هيزنبرج مجموعة الحوافز وتشمل‪:‬‬
‫‪ ‬تحقيق الرضا الوظيفي بتوفير العمل الذي يرض ي اهتمامات‬
‫العامل ومؤهالته‪ ،‬وفرص التخاذ القرارات وتحمل املسؤولية؛‬
‫‪ ‬التقدير واالحترام من الرؤساء والزمالء‪ ،‬وكذا توفر فرص التقدم‬
‫والنمو الوظيفي كفرص الترقي وزيادة الدخل؛‬
‫‪ ‬القدرة على التحكم في الوظيفة‪ ،‬ووجود مجال لتحقيق إنجازات‬
‫أكبر من األداء املطلوب كما أو كيفا من خالل التدريب‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫وحسب هذه النظرية‪ ،‬تعتبر هذه العوامل بمثابة التحفيز الحقيقي‬
‫للفرد نحو العمل والذي من شأنه رفع األداء‪.‬‬
‫‪ 4.2‬نظرية اإلنجاز لديفيد ماكيالند‪:‬‬
‫يرى ماكليالند في انتقاده لنظرية الحاجات ملاسلو أن الحاجات‬
‫الفيزيولوجية والحاجة لألمان هي حاجات ضرورية ألي فرد‪ ،‬وشرط‬
‫تعاقدي بين املؤسسة والفرد يجب تحقيقه ليزاول عمله‪ ،‬وليس مدخال‬
‫للتحفيز‪ ،‬لذلك فقد قسم ماكيالند الحاجات حسب منظوره إلى ثالث‬
‫أقسام هي‪:‬‬
‫أ‪ .‬الحاجة إلى اإلنجاز‪:‬‬
‫أي الحاجة التي تمكن الفرد من العمل الذي يشغله ويمكن إشباعها‬
‫من خالل البرامج التدريبية‪.‬‬
‫ب‪ .‬الحاجة إلى االنتماء‪ :‬الرغبة في إقامة عالقات اجتماعية‪ ،‬والحاجة‬
‫إلى السلطة‪ :‬الرغبة في السيطرة وتحمل املسؤوليات‪.‬‬
‫يرى ماكيالند أن الحافز على اإلنجاز هو األكثر أهمية للتحكم في سلوك‬
‫الفرد في العمل‪ ،‬وهذا راجع إلى أن األداء يحدده أمرين هما‪ :‬مستوى‬
‫الطموح ومستوى األداء الفعلي‪ ،‬أي أنه وفقا ملقدرات الفرد الفطرية‬
‫واملكتسبة يضع مستوى أعلى لطموحه مستقبال‪ ،‬ومن هذا املنطلق يمكن‬
‫للمنظمة تحفيز األفراد لالرتفاع بمستوى أداءهم من خالل وضع نظام‬
‫موضوعي لقياس الكفاءة الذي يمكن أيضا من معرفة نقاط الضعف‬
‫ألغراض التدريب والتنمية‪،‬‬
‫‪ 5.2‬نظرية العدالة آلدمز‪:‬‬
‫توضح هذه النظرية العالقة بين أداء الفرد وشعوره بالعدالة أي عدالة‬
‫املقابل الذي يتلقاه كحافز لألداء مقارنة مع غيره‪ ،‬وكلما وجدت العدالة في‬
‫‪90‬‬
‫تقديم الحوافز سيرتفع مستوى رضاه عن العمل وزيادة دافعيته والعكس‪،‬‬
‫مما يستوجب وضع أنظمة عادلة للحوافز من خالل اإلجابة عن أسئلة‬
‫معينة حول مساهمات أو مدخالت األفراد ومستوى تعليمهم وخبرتهم‬
‫وجهودهم وكذا مستوى التعقيد في العمل ونسبة املدخالت إلى املخرجات‪.‬‬
‫‪ 6.2‬نظرية التوقع فكتور فروم‪:1932‬‬
‫يرى فروم أن الدافع الختيار سلوك معين يحدد من خالل الرغبة في‬
‫النتيجة‪" ،‬أي أن استعداد العامل لبذل جهد ما لبلوغ مستوى معين من‬
‫األداء متوقف على مجموعة الحاجات املتوقع أن يشبعها من خالل‬
‫تحقيقه لهذا األداء‪ ،‬ويرى أن قوة الحفز عند الفرد لبذل الجهد الالزم‬
‫إلنجاز عمل ما يعتمد على نوعين من التوقعات‪:‬‬
‫أ‪ .‬التوقع األول‪:‬‬
‫جهد معين سيقود إلى األداء املطلوب؛ أي مدى توقع‬‫توقع الفرد أن بذل ٍ‬
‫الفرد بقدرته على النجاح في إنجاز العمل‪ ،‬وهذا التوقع يوضح العالقة بين‬
‫الجهد واإلنجاز‪.‬‬
‫ب‪ .‬التوقع الثاني‪:‬‬
‫اعتقاد الفرد أن العمل الذي اختاره سيحقق له الرغبات التي يريدها‪،‬‬
‫أي أنه إذا حقق الفرد اإلنجاز املرغوب فهل سيكافأ عليه‪ ،‬وهذا التوقع‬
‫يوضح العالقة بين إتمام اإلنجاز واملكافأة التي سيحصل عليها الفرد‬
‫إذن على املنظمة وضع حوافز لألفراد وفقا لتوقعاتهم التي يجب‬
‫دراستها بدقة‪ ،‬فإذا اعتقد الفرد أن زيادة إنتاجيته ستزيد من أجره فعلى‬
‫املنظمة تقديم حوافز مادية‪ ،‬واألمر نفسه بالنسبة للحوافز املعنوية‪،‬‬
‫وتتمثل أهمية نظرية التوقع فيما يلي‪:‬‬
‫‪91‬‬
‫‪ ‬معرفة الحاجات التي يرغب األفراد في إشباعها‪ ،‬والسلوك الالزم‬
‫لتحقيقها (التدريب الالزم إلتقان الوظيفة الراغب فيها)؛‬
‫‪ ‬معرفة الفرد ملستويات اإلنجاز املطلوب تحقيقها والجهد الالزم‬
‫بذله لتحقيق هذا االنجاز لبلوغ اإلشباع الكامل الحتياجاته‪.‬‬
‫‪ .3‬مبادئ المدرسة النيوكالسيكية‪:‬‬
‫تعتبر أفكار املدرسة الكالسيكية تكملة ألعمال املدرسة التقليدية من‬
‫حيث تركيزها على الكفاءة اإلنتاجية‪ ،‬وكيفية منح الحوافر بالرغم من‬
‫اختالف الطريقة ومن أهم مبادئها‪:‬‬
‫‪ ‬اعتبار املنظمة نظام اجتماعي يضم تنظيمات وأنماط اتصاالت‬
‫وسلطات رسمية وغير رسمية‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية الجانب اإلنساني بما فيه النفس ي واالجتماعي في تحقيق‬
‫الكفاءة اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية دراسة الدافعية لدى الفرد لفهم احتياجاته‪ ،‬وكيفية‬
‫تحقيقها لبلوغ السلوك املرغوب لدى املؤسسة "رفع األداء"‬
‫‪ .4‬تقييم المدرسة النيوكالسيكية‪:‬‬
‫ساعدت أفكار هذه املدرسة على تطوير العديد من املفاهيم املنظمة‬
‫للعملية اإلدارية بأسلوب مرن كالدافعية واالتصاالت والقيادة وتكوين‬
‫الجماعات ومقومات نجاحها‪ ،‬وإدراج العالقات اإلنسانية كبعد هام‬
‫باملؤسسات‪ ،‬إضافة إلى إعطاء إطار عام لسلم احتياجات الفرد وكيفية‬
‫تحقيقها لبلوغ السلوك املرغوب للفرد‪.‬‬
‫وبالرغم من إسهامات املدرسة النيوكالسيكية إال أنها انتقدت في‬
‫العديد من النقاط أهمها‪:‬‬
‫‪92‬‬
‫‪ ‬هنالك تناقضات في بعض الحاالت بين األفكار املقدمة من مفكري‬
‫املدرسة السلوكية مما دفع املديرين إلى رفضها‪.‬‬
‫‪ ‬اهتمت باإلنسان فقط وأغفلت جوانب هامة في بيئة العمل‬
‫الداخلية أو الخارجية‪ ،‬والتفاعل واالرتباط بين هذه الجوانب‪.‬‬
‫‪ ‬إغفال للنواحي القانونية والتنظيمية لهياكل اإلدارة‪ ،‬والعجز عن‬
‫الوصول إلى تعميمات ملبادئ اإلدارة العامة‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬المدارس الحديثة‪:‬‬
‫جاءت املدارس الحديثة كنتيجة منطقية للتراكم املعرفي الحاصل في‬
‫الفكر اإلداري‪ ،‬سواء أعمال املدرسة الكالسيكية أو النيوكالسيكية‪ ،‬ومن‬
‫أهمها؛ مدرسة النظم‪ ،‬مدرسة اتخاذ القرارات‪ ،‬املدرسة املوقفية‪ ،‬نظرية‬
‫اإلدارة باألهداف‪ ،‬ونظرية‪.Z‬‬
‫‪ .1‬مدرسة اتخاذ القرارات‪:‬‬
‫تسمى أيضا املدرسة الكمية‪ ،‬وتولي هذه املدرسة أهمية كبيرة لعملية‬
‫اتخاذ القرار‪ ،‬وتمحور أعمالها حول ضرورة إضفاء األساليب الكمية على‬
‫عملية اتخاذ القرار‪ ،‬من أهم روادها؛ هربرت سيمون‪ ،‬والندبوم‪.‬‬
‫‪ 1.1‬نظرية العقالنية املحدودة لهربرت سيمون‪:‬‬
‫تنسب نظرية اتخاذ القرار التي ظهرت تقريبا في سنة ‪1950‬م إلى هربرت‬
‫سيمون الذي أعطى تعريفا للتسيير يتمثل في كونه عملية اتخاذ القرارات‪،‬‬
‫وتتمثل مبادئ هذه النظرية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬املنظمة نظام اجتماعي مركب من عالقات واتصاالت‪ ،‬ويقوم‬
‫أساسا على اتخاذ القرارات‪ ،‬حيث ينصب عمل املنظمة على تتبع عملية‬

‫‪93‬‬
‫اتخاذ القرارات‪ ،‬وتحديد املؤثرات التي تتفاعل فيما بينها لتوجيه الوصول‬
‫إلى قرار‪.‬‬
‫‪ ‬تقوم عملية اتخاذ القرار على التحليل العقالني والرياض ي لدراسة‬
‫املشكالت من أجل صنع القرارات وتحقيق األهداف‪.‬‬
‫‪ ‬اختيار البديل األفضل يعبر عن قدرة اإلدارة على املفاضلة بين‬
‫البدائل لحل املشكالت‪ ،‬وهو أهم مبادئ نظرية القرار‪.‬‬
‫‪ ‬ليكون القرار عقالنيا ومؤثرا يجب أن يتوفر فيه بعدان‪ :‬األول هو‬
‫التكيف املوضوعي للقرار ودرجة تماسكه مع باقي القرارات‪ ،‬أما الثاني فهو‬
‫درجة تقبل الغير للقرار‪ ،‬بحيث يرض ي أغلبية املعنيين بالقرار‪ ،‬وذلك‬
‫باستخدام أسلوب اإلقناع‪.‬‬
‫‪ ‬فرق سيمون بين القرارات العقالنية الناتجة عن األساليب الكمية‬
‫والتي تتحقق عند توفر كل الظروف التخاذها‪ ،‬والعقالنية املحدودة التي‬
‫تحكمها القيود املعرفية والزمنية واملعلوماتية التي تحول دون حصر كل‬
‫البدائل‪ ،‬إذ يرى أنه ال يمكن تحقيق العقالنية التامة‪ ،‬ألنه ال يمكن توفر‬
‫كل الشروط‪ ،‬مما يستدعي خبرة املسير في استخدام األساليب الكمية‪.‬‬
‫قسم سيمون عملية اتخاذ القرار العقالني إلى أربع خطوات ‪.1.‬‬
‫االستخبار أي تحديد املشكلة‪ .2 ،‬تصميم وتحديد جميع البدائل املمكنة؛‬
‫‪ .3‬اختيار الحل األنسب من خالل تحليل النتائج كل بديل‪ ،‬ومقارنة فعالية‬
‫وكفاءة كل الخيارات املتاحة‪ .4 ،‬تقييم نتائج االختيار‪ .‬ومع ذلك رأى سيمون‬
‫مطلقا من تطبيق هذا اإلجراء على النحو األمثل ألنه من‬ ‫ً‬ ‫أنه لن نتمكن‬
‫املستحيل تحديد جميع الحلول املمكنة للمشكلة‪ ،‬باإلضافة إلى صعوبة‬
‫توقع نتائجها بشكل دقيق‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫‪ 2.1‬العقالنية التدريجية لتشارلزالندبوم‪:‬‬
‫اتفق تشارلز مع سيمون في كون العقالنية املحدودة هي األكثر واقعية‪،‬‬
‫وأضاف مفهوم العقالنية التدريجية‪ ،‬حيث ال يكفي اختيار القرار األكثر‬
‫تعظيما لألهداف‪ ،‬بل يجب اختيار القرار املرض ي لألغلبية‪ ،‬ويمكن‬
‫االقتراب من العقالنية التامة في حالة فسح املجال للمجموعات للمساهمة‬
‫في اتخاذ القرار لتعظيم الهدف‪.‬‬
‫رأى رواد هذه املدرسة أنه من الضروري استخدام النماذج الكمية‬
‫(االستدالل اإلحصائي‪ ،‬بحوث العمليات واملحاسبة املالية والتحليلية‪ )...‬في‬
‫عملية اتخاذ القرار لتحديد البديل األمثل وتعظيم األهداف وتوقع الحلول‬
‫في حاالت عدم التأكد‪.‬‬
‫‪ 3.1‬تقييم مدرسة اتخاذ القرار‪:‬‬
‫بالرغم من أن هذه املدرسة قدمت العديد من األساليب الهامة التي‬
‫ً‬
‫تساعد صانعي القرارات في كافة املجاالت من صنع قرارات أكثر صوابا‪،‬‬
‫حيث استخدمت األساليب الكمية في مجال إدارة اإلنتاج على نطاق واسع‬
‫كجدولة اإلنتاج وتخطيط مستلزمات اإلنتاج‪ .‬وحتى املنظمات الخدمية‬
‫(كاملصارف والنقل الجوي) تستخدم األساليب الكمية إلدارة العمليات‬
‫كتخطيط املوارد البشرية واملوازنات وجدولة مواعيد الطائرات‪ .‬ال سيما‬
‫بعد تطور نظم وتقنيات املعلومات فقد زادت فاعلية وكفاءة عمليات صنع‬
‫القرارات اإلدارية بالرغم من ذلك وجهت لها انتقادات أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬عدم قدرة أفكار هذه املدرسة من حل املشكالت ذات الطابع‬
‫اإلنساني واالجتماعي؛‬

‫‪95‬‬
‫‪ ‬تقترب األساليب الكمية من الحل الصحيح لكن ال يمكن‬
‫اعتمادها بشكل مطلق في اتخاذ القرار‪ ،‬وتبقى خبرة املسير ومهارته تحكمان‬
‫العملية؛‬
‫‪ ‬عدم اهتمام املدخل الكمي باألفراد وبكيفية استخدامهم لهذه‬
‫األساليب واألدوات الكمية واهتموا باملدراء فقط‪.‬‬
‫‪ .2‬مدرسة النظم‪:‬‬
‫كانت بدايات نظرية النظم ناتجة عن أفكار تشيستر برنارد في كتابه‬
‫وظائف املدير سنة ‪1938‬م‪ ،‬وهو أول من تطرق إلى التسيير بمفهوم‬
‫النظام‪ ،‬فهو ينظر إلى املؤسسة "على أنها نظام اجتماعي للتعاون املتبادل‬
‫بين الهيكل الرسمي وغير الرسمي"‪ ،‬والذي استلهم نظرته للمؤسسة كنظام‬
‫متكامل ومفتوح من خالل مفهوم النظام السائد آنذاك‪.‬‬
‫‪1.2‬عناصراملؤسسة كنظام‪:‬‬
‫تشمل املنظمة باعتبارها نظاما مفتوح العناصر اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ .‬املدخالت‪:‬‬
‫وتشمل كافة املوارد والطاقات والتي تحتاجها املنظمة من البيئة‬
‫الخارجية (االجتماعية والسياسية والتقنية) مثل املواد الخام والعمالة‬
‫والتكنولوجيا إلى غيرها من املدخالت التي تؤثر في بناء املنظمة وتحديد‬
‫األهداف واالستراتيجيات‪.....‬الخ‪.‬‬
‫ب‪ .‬العمليات (عمليات التحويل)‪:‬‬
‫حيث يتم تحويل املدخالت إلى مخرجات مختلفة‪ .‬وهي مجموعة‬
‫النشاطات التي تتم داخل املنظمة من تخطيط وتنفيذ واستخدام‬

‫‪96‬‬
‫للمعودات والتسهيالت لتحويل املوارد املختلفة إلى سلع وخدمات مخرجات‬
‫أخرى‪.‬‬
‫ت‪ .‬املخرجات‪:‬‬
‫وهي نتيجة لعملية التحويل وعادة تأخذ شكل سلع والخدمات ومعرفة‬
‫ومعلومات وغيرها تحول للبيئة الخارجية‪،‬‬
‫ث‪ .‬التغذية العكسية‪:‬‬
‫املعلومات املرتدة التي تمثل رد فعل البيئة الخارجية عن مخرجات‬
‫املنظمة‪ ،‬يتم إرجاعها في شكل مدخالت يتم إخضاعها لدورة أخرى‬
‫لع مليات النظام‪ ،‬مما يساهم في تحسين مكوناته من مدخالت عمليات‬
‫ومخرجات‪.‬‬
‫‪ 2.2‬مبادئ مدرسة النظم‪:‬‬
‫انطلق أصحاب هذه املدرسة من العديد من املبادئ أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬يمكن حل مشاكل التسيير من خالل رؤية املدير للمؤسسة على‬
‫أنها‪" :‬نظام متكامل ومفتوح يتكون من مجموعة من العناصر (األنظمة‬
‫الفرعية) املتفاعلة واملتكاملة فيما بينها‪ ،‬لكل منها هدف محدد يتكامل مع‬
‫أهداف باقي األنظمة لتحقيق الهدف العام واملشترك للنظام (املؤسسة)‪،‬‬
‫وهي في الوقت نفسه نظام جزئي من نظام كلي يمثل البيئة الخارجية لها؛‬
‫‪ ‬تتكون املؤسسة باعتبارها نظام من مجموعة من نظامين رئيسيين‬
‫مرتبطين فيما بينها وهما‪:‬‬
‫‪ ‬النظام التقني‪:‬‬
‫املتضمن لتكنوولووجيوا العمول كاألالت والعومليووات ويجووب أن يتماشووى‬
‫تصميمهووا مع تركيب ووة األفراد االجتماعية‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫‪ ‬النظام االجتماعي‪:‬‬
‫واملكون من التنظي ووم الرسمووي (الهيكوول التنظيمووي‪ ،‬اإلج وراءات‬
‫وال قواعود) والتنظيووم غوير الرسمووي (عوالقووات األفوراد وأنموواط تفاعولهووم‬
‫موع بعوضهووم‪ ،‬ثقافة النظووام وفلسفته)‪.‬‬
‫‪ ‬املؤسسة نظام مفتوح يعتمد في بقاءه على التفاعل مع البيئة‬
‫الخارجية من خالل تبادل املدخالت واملخرجات‪ .‬لذلك على املدير تركيز‬
‫اهتمامه عليها باستمرار‪ ،‬مما يمكنه من االستجابة للتغيرات البيئية‬
‫والتأثير فيها بما يتوافق مع أهداف املنظمة؛‬
‫‪ ‬إن أداء املنظمة كنظام يتوقف أساسا على أداء األنظمة الفرعية‬
‫املكونة لها‪ ،‬كنظام اإلنتاج والتسويق واملوارد البشرية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬فإن أي‬
‫قرار غير صائب في أحد النظم يؤدي إلى التأثير سلبا على قرارات باقي‬
‫األنظمة؛‬
‫‪ ‬يعتبر النظام اإلداري نظام فرعي من النظام االجتماعي العام‬
‫يتفاعل معه ويتأثر به بشكوول مستم وور‪.‬‬
‫‪ 3.2‬تقييم مدرسة النظم‪:‬‬
‫سمحت نظرية النظم بوضع نظرة شاملة في إدارة املنظمة واعتبارها‬
‫نظاما مفتوحا‪ ،‬مما يمكنها من رؤية عناصر املشاكل اإلدارية من مختلف‬
‫الجوانب االجتماعية والفنية والبشرية‪ ،‬ومدى تفاع وول ك وول هذه العناصر‬
‫مع البيئة الخارجية‪ ،‬كما تجعل اإلداري مدركا ألهمية تكامل العناصر‬
‫املكونة للعملية اإلدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة‪ ،‬وكذا تكامل‬
‫الوظائف واإلدارات‪ ،‬وتكامل األهداف‪ ،‬كما تفيد في تحقيق الرقابة الذاتية‬
‫من خالل التغذية العكسية‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫بالرغم من ذلك وجهت لها انتقادات أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬يرى بعض املفكرين أن أفكار مدرسة النظم مجردة وغير عملية‪،‬‬
‫فاملدير ال يستطيع مناقشة املشكالت اليومية وال صنع القرارات من خالل‬
‫التفكير كل مرة باملدخالت وعمليات التحويل واملخرجات‪ ،‬نتيجة لتعقد‬
‫املشكالت في بعض األحيان؛‬
‫‪ ‬تولي مدرسة النظم أهمية كبيرة لتكامل وتفاعل أجزاء املنظمة‬
‫بحيث يؤدي أي خلل في أحدها إلى التأثير في النظام ككل‪.‬‬
‫‪ ‬املبالغة في تطبيق مفهوم النظام قد يؤدي إلى فقد روح االنتماء‬
‫للمنظمة‪ ،‬مما يضفي صفة امليكانيكية عليه‪.‬‬
‫‪ .3‬المدرسة الموقفية (الظرفية)‪:‬‬
‫تنطلق أفكار هذه املدرسة من فرضية أساسية مفادها أن كل موقف‬
‫تتعرض له املؤسسة يتطلب اتخاذ إجراءات وحلول تناسبه‪ ،‬وال توجد طرق‬
‫تسيير مثالية لكل الظروف واملواقف‪ ،‬وقد القت هذه النظرية تأييدا كبيرا‬
‫نتيجة تجارب الباحثين في علم اإلدارة الذين وجدوا أن تطبيق أسلوب‬
‫املدرسة العلمية في بعض املؤسسات لم يحقق نتائج إيجابية كما فعل في‬
‫مؤسسات أخرى التي الئمها أسلوب املدرسة اإلنسانية والعكس‪ ،‬بل إن‬
‫بعض التجارب أثبتت انه في املؤسسة الواحدة نجح أسلوب املدرسة‬
‫العلمية (الحوافز املادية مثال) مع مجموعة من األفراد بينما لم ينجح مع‬
‫مجموعة أخرى والتي ناسبها أسلوب املدرسة اإلنسانية (الحوافز املعنوية‬
‫مثال) ‪ ،‬فلكل مجموعة صفات وخصائص تختلف عن األخرى‪ ،‬والتي‬
‫تختلف أيضا من فرد آلخر أحيانا‪ ،‬ومهمة املدير اختيار األسلوب األنسب‬
‫لكل موقف وكل زمن‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫‪ 1.3‬مبادئ املدرسة املوقفية‪:‬‬
‫تتمثل مبادئ هذه املدرسة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬ال توجد طريقة واحدة جيدة لإلدارة‪ ،‬بل هناك العديد من‬
‫األساليب الجيدة كل منها يتوافق مع طبيعة املوقف؛‬
‫‪ ‬املدير الناجح هو الذي يحسن التكيف مع املواقف‪ ،‬فما نجح مع‬
‫موقف وزمن معين قد ال ينجح مع مواقف وأزمنة أخرى؛‬
‫‪ ‬العوامل البيئية للمؤسسة سواء الداخلية كاألفراد والتقنيات‪ ،‬أو‬
‫الخارجية كالقوانين والتكنولوجيا السائدة في وقت معين هي التي تملي‬
‫الحلول للمشكالت التي تواجهها‪ ،‬وعلى املدير تشخيص وتحليل التغيرات‬
‫الحاصلة واختيار القرار املناسب؛‬
‫‪ ‬الخصائص الشخصية للرئيس واملرؤوسين‪ ،‬والقيم االجتماعية‬
‫والتنظيمية للمنظمة هي التي تحدد أسلوب اإلدارة املتبع؛‬
‫‪ ‬يجب أن تتماش ى املمارسات اإلدارية مع طبيعة األفراد واختالف‬
‫مهامهم وحاجاتهم ثقافاتهم؛‬
‫ً‬
‫‪ ‬ضرورة تحليل املتغيرات والعالقات األكثر تأثيرا على تصميم‬
‫الهياكل التنظيمية وعمليات املنظمة‪ ،‬الختيار أنسبها للمنظمة‪.‬‬
‫‪ 2.3‬تقييم املدرسة املوقفية‪:‬‬
‫رغم إسهامات هذه املدرسة‪ ،‬إذ بينت أنه ال يمكن اعتماد وصفات‬
‫جاهزة لإلدارة‪ ،‬وضرورة التفكير في أكثر األساليب اإلدارية مالئمة لظروفها‪،‬‬
‫كما ساعدت اإلداريين على تركيز اهتمامهم على التغيرات الحاصلة بالقوى‬
‫االجتماعويو ووة واالقتصادية والتكنولوجية املحيطة باملنظمة وتؤثر على‬
‫تفاعوولها‪ ،‬إال أن هناك انتقادات وجهت لها أهمها‪:‬‬
‫‪100‬‬
‫‪ ‬اعتبر البعض أفكار هذه املدرسة مجرد تكييف ألفكار املدارس‬
‫السابقة مع الظروف املتغيرة للمؤسسة دون اإلتيان بالجديد؛‬
‫‪ ‬بما أن اإلدارة عبارة عن استجابة للمواقف املتغيرة‪ ،‬فيمكن‬
‫ممارستها انطالقا من األحكام الشخصية للمدير‪ ،‬مما يترتب عنه تجاهل‬
‫أفكار ومعارف مداخل الفكر اإلداري السابقة‪ ،‬بالرغم من كفاءة بعضها؛‬
‫‪ ‬لم تشر هذه النظرية إلى أن هناك بعض الثوابت التي ال تتغير مهما‬
‫تغيرت الظروف والتي تعبر عن قيم املنظمة ومبادئها‪.‬‬
‫إذن إن اختيار املنظمة ملنهج املدرسة املوقفية ال يعني التخلي عن‬
‫املداخل السابقة‪ ،‬إذ أنها مزيج بين أفكار املدرسة الكالسيكية واإلنسانية‬
‫والسلوكية والكمية وغيرها‪.‬‬
‫‪ .4‬نظرية ‪ Z‬اليابانية‪:‬‬
‫تقوم هذه النظرية على ضرورة اعتماد أسلوب املشاركة الجماعية في‬
‫اتخاذ القرارات‪ ،‬واملستلهمة من طبيعة املجتمع الياباني واألسرة اليابانية‬
‫التي يميزها االحترام املتبادل والترابط وروح التعاون‪ ،‬يصبح أفراد املؤسسة‬
‫كعناصر في أسرة واحدة يكون فيها الرئيس بمثابة رب األسرة يهتم‬
‫بمصلحتها ومصلحة كل فرد فيها‪ ،‬ويشاركهم مشاكلها ويطلب املشورة‬
‫واملشاركة في حلها‪ ،‬حيث يفترض أيضا من األفراد بذل أقص ى مجهودهم‬
‫لتحقيق مصلحة املؤسسة دون انتظار املقابل املادي حيث نجد هؤالء‬
‫يبقون باملصنع لساعات متأخرة الستكمال أعمالهم دون املطالبة‬
‫بتعويضات مادية ألنهم يؤمنون بأن هذا واجبهم نحو مؤسستهم التي‬
‫يحبونها كأسرتهم‪ ،‬هذه القيم تؤدي إلى سيادة روح املودة والتعاون واالنتماء‬
‫وحب العمل‪ ،‬حيث أرجع علماء اإلدارة سر نجاح املؤسسات اليابانية في‬
‫اتباعها هذا األسلوب من اإلدارة‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫وحتى يمكن للمؤسسات تبني هذه املقاربة ال بد من توافر عديد من‬
‫الشروط أهمها‪ ،‬توفر الخبرة لدى األفراد ورغبتهم في املشاركة‪ ،‬وكذا توفير‬
‫املعلومات الضرورية التخاذ القرار‪.‬‬
‫‪1.4‬مبادئ نظرية ‪ Z‬لإلدارة اليابانية‪:‬‬
‫تتمثل أسس اإلدارة اليابانية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬املشاركة في اتخاذ القرار وفي وضع األهداف وفي تنفيذها‪ ،‬مما‬
‫ً‬
‫يحقق توافقا بين أهداف العاملين وأهداف املؤسسة‪ ،‬ويحقق مفهوم‬
‫الرقابة الذاتية؛‬
‫‪ ‬االستقرار الوظيفي أي ضمان الوظيفة مدى الحياة‪ ،‬حيث ال يتم‬
‫االستغناء عن املوظف حتى في أصعب الظروف‪ ،‬مما يؤثر على إبداعه‬
‫وإنتاجيته؛‬
‫‪ ‬العمل كفريق والشعور الجماعي باملسؤولية عن العمل‪ ،‬حيث يتم‬
‫قياس األداء الجماعي‪ ،‬وتكون املكافأة جماعية ال فردية؛‬
‫‪ ‬تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص‪ ،‬وتوفير مقومات االستقرار‬
‫ً‬
‫أجواء من التعاون واالحترام املتبادل‬ ‫ومتطلبات العيش الكريم‪ ،‬مما يخلق‬
‫بينهم‪ ،‬والتفاعل الطبيعي بين العمل والحياة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .5‬اإلدارة باألهداف‪:‬‬
‫هي أسلوب لإلدارة يقوم على مشاركة اإلدارة لألفراد في وضع األهداف‬
‫لحفزهم لاللتزام بتحقيقها وتحقيق الرقابة الذاتية‪ ،‬أي أنها أسلوب لتقييم‬
‫وحفز األفراد‪ ،‬مما يمكنهم من املشاركة في اتخاذ القرارات الخاصة‬
‫بأعمالهم‪ ،‬وضع أفكارها املفكر اإلداري بيتر دروكر في أوائل الخمسينات‪،‬‬
‫وتتم اإلدارة باألهداف وفقا للمراحل التالية‪:‬‬
‫‪ ‬يجتمع الرؤساء مع مرؤوسيهم ملناقشة األهداف التي تصبو‬
‫املؤسسة لتحقيقها من أجل إدراك شامل للفرد لهذه األهداف؛‬
‫‪102‬‬
‫‪ ‬االشتراك في تحديد األهداف التي يمكن للمرؤوسين تحقيقها‬
‫بحيث تكون واقعية وقابلة للقياس؛‬
‫‪ ‬اجتماع الرؤساء واملرؤوسين لتقييم اإلنجازات وإعالمهم بنتائج‬
‫التقييم ملعرفة مساهمتهم في تحقيق األهداف الشاملة؛‬
‫‪ ‬االجتماع لتشخيص نقاط الضعف واقتراح الحلول لتعديلها‪.‬‬
‫تحتاج هذه املقاربة لنجاحها إلى ضرورة وضوح األهداف وقابليتها‬
‫للقياس‪ ،‬ووجود خطط جيدة لتحقيقها‪ ،‬وكذا وجود تغذية عكسية‬
‫مستمرة لعملية التنفيذ‪ ،‬وتدفق جيد للمعلومات واتصاالت فعالة داخل‬
‫الجماعات وثقة متبادلة بين الرؤساء واملرؤوسين‪ ،‬وتهيئة علمية وعملية‬
‫ونفسية للمدرين‪ ،‬وتحقق هذه املقاربة مشاركة أكبر في التنظيم‪ ،‬واتصاالت‬
‫فعالة ورفع للروح املعنوية وأسلوب عادل للتحفيز‪.‬‬
‫لقد توالى التطور الفكري في مجال التسيير وظهرت العديد من األفكار‬
‫والنظريات كمقاربة املوارد التي ترمي إلى محدودية الحرية في العملية‬
‫اإلدارية واتخاذ القرارات نتيجة ارتباط املؤسسة ببيئتها الخارجية من حيث‬
‫توفيرها للموارد الالزمة لعملياتها‪ ،‬حيث يملي األعوان االقتصاديين‬
‫شروطهم على املؤسسة تحد من حريتها في اإلدارة (مثال يملي البنك شروطا‬
‫على املؤسسة تحدد سقف التمويل الالزم ألداء نشاطها‪ ،‬مما يؤثر في‬
‫قراراتها املالية)‪.‬‬
‫كما ظهر مفهوم اإلدارة باملعرفة‪ ،‬واإلدارة باإلبداع وإدارة التغيير‪،‬‬
‫وإدارة الجودة الشاملة وغيرها من املفاهيم املعاصرة لإلدارة التي غيرت‬
‫أساليب التسيير وجعلتها أكثر مرونة‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫الجزء الثالث‬
‫وظائف التسيير‬
‫الفصل الخامس‬
‫وظيفة التخطيط‬
‫إن أهم ما نتج عن التطور املتواصل في مدارس ونظريات الفكر اإلداري‬
‫هو التحسين املستمر في املمارسات اإلدارية املتمثلة أساسا في وظائف‬
‫التسيير التي أرس ى أولى مبادئها العالم الكالسيكي هنري فايول‪ ،‬واملتمثلة في‬
‫التخطيط والرقابة والتنظيم والتوجيه واتخاذ القرار‪.‬‬
‫يعتبر التخطيط أولى وظائف العملية اإلدارية وأهمها على اإلطالق‪،‬‬
‫حيث يوفر إطارا لتنظيم موارد املؤسسة وتوجيهها‪ ،‬وكذا الرقابة على أدائها‪،‬‬
‫أي أنه األساس الذي تقوم عليه باقي الوظائف‪ ،‬لذلك تجدر اإلشارة لهذه‬
‫الوظيفة من حيث التعريف والخصائص‪ ،‬األهمية واألنواع والشروط‪،‬‬
‫العناصر واملراحل واملشكالت‪.‬‬
‫يعتبر التخطيط تلك العملية التي تعنى بالتحضير للمستقبل‪ ،‬وإعداد‬
‫الخطط الالزمة للخوض فيه‪ ،‬مما يكشف عن األهمية البالغة لهذه‬
‫الوظيفة‪ ،‬حيث تجعل املستقبل املجهول واقعا يمكن رسم معامله وتغيير‬
‫معطياته وعناصره‪.‬‬
‫ال يقتصر التخطيط على اإلعداد للخطط قصيرة األجل التي تعنى‬
‫بتحديد املسارات التي ستحذوها املؤسسة في الشهور أو السنة القادمة‬
‫فحسب‪ ،‬بل إنها يتعدى ذلك‪ ،‬حيث يتم التخطيط لآلجال املتوسطة‬
‫والطويلة التي تبلغ أحيانا العشرين سنة القادمة أو أكثر‪.‬‬
‫تتم عملية التخطيط وفق مراحل عديدة تبدأ بالتنبؤ وتنتهي باملتابعة‬
‫والتقييم‪ ،‬وذلك وفق شروط تضمن سير العملية بنجاح‪ ،‬وتساهم في حل‬
‫املشكالت التي تصادفها‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫أوال‪ .‬مفهوم التخطيط‪:‬‬
‫يعد التخطيط الوظيفة أو العملية األكثر حيوية من بين مختلف‬
‫وظائف التسيير‪ ،‬كونه يربط بين البيئتين الداخلية والخارجية للمؤسسة‪،‬‬
‫ويحقق ديناميكيتها وتفاعلها وتكيفها مع محيطها‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف التخطيط‪:‬‬
‫التخطيط هو‪« :‬عملية تحديد األهداف املرغوب فيها من طرف‬
‫املؤسسة‪ ،‬وتحديد األساليب والوسائل املمكنة لتحقيق هذه األهداف"‪ .‬أو‬
‫هو‪« :‬عملية اتخاذ القرار بشأن ما سيتم عمله وكيف سيتم عمله‪ ،‬ومتى‬
‫ومن سيقوم بعمله»‪ .‬كما يعبر عن «األسلوب العلمي الذي يمكن املؤسسة‬
‫من االستعداد للمستقبل املجهول‪ ،‬وكيفية التعامل معه»‪.‬‬
‫أي أن التخطيط هو الوسيلة اإلدارية التي تمكن املؤسسة من الخوض‬
‫في املستقبل املجهول واالستعداد له واتخاذ القرارات بشأنه‪ ،‬واإلعداد له‬
‫ماديا وفكريا‪.‬‬
‫‪ .2‬خصائص التخطيط‪:‬‬
‫يتميز التخطيط بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ ‬هو نشاط ذهني يعبر عن مرحلة التفكير السابقة للتنفيذ‪ ،‬إذ‬
‫يقوم على وضع الفروض املتعلقة باملستقبل؛‬
‫‪ ‬عملية قائمة على اختيار مبني على الحقائق‪ ،‬بين العديد من بدائل‬
‫التصرف‪ ،‬إذن فهو ينطوي على عملية اتخاذ القرار؛‬
‫‪ ‬أسلوب علمي قائم على توقع األحداث املستقبلية واإلعداد‬
‫للتعامل معها بكفاءة بدال من االعتماد على الحدس‪ ،‬مما يمكن املدير من‬
‫اتخاذ القرارات بشأن املشكالت القادمة‪ ،‬بدال من التعامل مع املشاكل بعد‬
‫حدوثها دون اإلعداد لها ولكيفية حلها؛‬
‫‪109‬‬
‫‪ ‬هو الركيزة األساسية لباقي الوظائف اإلدارية التي تعتمد أساسا‬
‫على ما يحمله التخطيط من أهداف وسياسات وبرامج؛‬
‫‪ ‬هو نظرة حاضرة لسلوك مستقبلي‪ ،‬وبالتالي فهو يفيد في تركيز‬
‫الجهود (في مختلف وظائف املؤسسة) باتجاه واحد‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬أهمية التخطيط‪:‬‬
‫يعود التخطيط بالنفع للمؤسسة في العديد من الجوانب أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬من خالل مؤشرات الحاضر يمكن التنبؤ باملشكالت وحلها في‬
‫املستقبل‪ ،‬وبالتالي تقليص املخاطر والجهود‪.‬‬
‫‪ ‬التحديد الدقيق لألهداف وتدبير الوسائل واملوارد لتحقيقها‪ ،‬مما‬
‫يحقق خفض تكاليف عدم التخطيط‪( ،‬مثال عدم التخطيط لالحتياجات‬
‫من املادة األولية سيكلفنا شراءها في مرحلة التنفيذ بأثمان أكبر)؛‬
‫‪ ‬معرفة مسببات املشكالت من خالل العودة إلى تجارب املاض ي‪،‬‬
‫مما يفيد في حلها جذريا؛‬
‫‪ ‬القدرة على التوقع النسبي ملا سيحدث مستقبال ووضع الخطط‬
‫الالزمة‪ ،‬وتحديد الطرق واإلجراءات الواجب اتباعها من طرف العاملين‬
‫لتحقيق الهدف‪ ،‬وكذا التنبؤ باالحتياجات من املوارد مسبقا‪ ،‬لتفادي‬
‫حاالت العجز؛‬
‫‪ ‬تحقيق التنسيق بين األعمال ومنع التضارب في تحقيقها‪ ،‬وكذا‬
‫الرقابة على األداء من خالل التحديد املسبق ملعايير األداء؛‬
‫‪ ‬يعرف األفراد ما هو مطلوب منهم وكيفية أداءه‪ ،‬وكيفية‬
‫مساهمتهم في تحقيق الهدف العام‪ ،‬مما يسهل عملية التوجيه‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫ثالثا‪ .‬شروط أو عوامل نجاح عملية التخطيط‪:‬‬
‫أهم الشروط الالزم توفرها في التخطيط حتى يحقق الهدف منه ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬صحة البيانات واإلحصائيات التي تقوم عليها افتراضات‬
‫التخطيط؛‬
‫‪ ‬مرونة الخطط بحيث تكون قابلة للتعديل في الظروف الطارئة أو‬
‫متغيرات جديدة لم تأخذ بالحسبان عند التنبؤ؛‬
‫‪ ‬الدقة والوضوح في األهداف وكذا السياسات واإلجراءات املحددة‬
‫لتنفيذها‪ ،‬حتى يتسنى لألفراد تنفيذها دون أخطاء؛‬
‫‪ ‬الواقعية واملشروعية‪ ،‬حيث ال نضع أهدافا صعبة التحقيق أو‬
‫مخالفة للقوانين السائدة في البيئة الداخلية والخارجية؛‬
‫ّ‬
‫‪ ‬فاعلية الخطط‪ ،‬بحيث ال تكلفنا أكبر من الفائدة منها‪ ،‬وكذا‬
‫ومالءمتها لألهداف املنشودة‪ ،‬واإلمكانيات املتاحة؛‬
‫‪ ‬كفاءة الجهاز اإلداري املسؤول عن تنفيذ الخطط‪ ،‬وإال فشلت‬
‫مهما كانت الخطة محكمة؛‬
‫‪ ‬املشاركة في التخطيط‪ ،‬حيث يفضل أن يشارك في وضع الخطة‬
‫جميع العاملين في اإلدارة وكذا املسؤولين عن تنفيذها‪ ،‬أين يتم مناقشة‬
‫األهداف ومدى واقعيتها وإمكانية تحقيقها نتيجة لعالقتهم املباشرة مع‬
‫الخطط التنفيذية (التشغيلية)‪ ،‬ومع العمالء أيضا‪ ،‬واالستماع آلرائهم‬
‫واقتراحاتهم حول عقبات التنفيذ واالحتياجات الالزمة ملواجهتها‪ ،‬والطرق‬
‫الالزم اتباعها لبلوغ الهدف‪ ،‬كما تفيد في تكوين نظرة شاملة حول ألهداف‬
‫املؤسسة ومعرفة دور كل فرد في تحقيق الهدف النهائي للمؤسسة‪ ،‬مما‬

‫‪111‬‬
‫يؤدي إلى اإلحساس بروح املسؤولية عند التنفيذ وااللتزام بتحقيق‬
‫األهداف‪ ،‬وكذا رفع روح االنتماء واملبادرة واإلبداع‪.‬‬
‫رابعا‪ .‬أنواع التخطيط‪:‬‬
‫يقسم التخطيط حسب الفترة الزمنية إلى‪:‬‬
‫‪ .1‬التخطيط قصير األجل‪:‬‬
‫يعنى بوضع الخطط التي سيتم تنفيذها خالل فترة زمنية قصيرة (سنة‬
‫فأقل)‪ ،‬وتكون سهلة التحكم فيها‪ ،‬وتكون التنبؤات دقيقة نسبيا لقرب فترة‬
‫التخطيط عن فترة التنفيذ‪ ،‬وتتم على املستوى التشغيلي (اإلدارة الدنيا)‬
‫وتسمى بالخطط التشغيلية‪ ،‬وتعنى بكل ما هو روتيني‪ ،‬من إجراءات وطرق‬
‫عمل‪ ،‬وموازنات‪.‬‬
‫‪ .2‬التخطيط متوسط األجل‪:‬‬
‫يغطي الخطط متوسطة األجل التي يتم تنفيذها لفترة تمتد من سنة‬
‫حتى ‪ 5‬سنوات‪ ،‬وتتضمن خطط تفصيلية للخطط طويلة األجل‪ ،‬وتكون‬
‫دقة التنبؤات أقل دقة من الخطط التشغيلية نتيجة البعد الزمني عن‬
‫الحاضر‪ ،‬وتسمى الخطط التكتيكية‪ ،‬وتتم على مستوى اإلدارة الوسطى‪،‬‬
‫حيث يتم وضع السياسات الالزم اتباعها‪.‬‬
‫‪ .3‬التخطيط طويل األجل‪:‬‬
‫هي الخطط التي يتم وضعها على مستوى اإلدارة العليا‪ ،‬وتسمى الخطة‬
‫باالستراتيجي‪ ،‬وتكون لفترات أطول (أكبر من ‪ 5‬سنوات) تكون دقة التنبؤات‬
‫فيها منخفضة‪ ،‬نتيجة للبعد الزمني الفاصل عن وقت التخطيط حيث‬
‫يمكن حدوث تغيرات في البيئة الخارجية وحتى الداخلية‪ ،‬وظهور‬
‫مستجدات قد تدفع إلى تعديل االستراتيجيات‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫كل أنواع التخطيط هذه تحتاج إلى نظم معلومات ذات كفاءة لتزويد‬
‫املخطط باملعلومات الالزمة بالدقة الكافية عن البيئة‪.‬‬
‫كما يصنف التخطيط حسب نوع الوظيفة إلى تخطيط إنتاجي‪،‬‬
‫وتخطيط تسويقي إلى غير ذلك من الوظائف‪.‬‬
‫خامسا‪ .‬عناصر التخطيط‪:‬‬
‫تتمثل عناصر أو مكونات التخطيط فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬األهداف‪:‬‬
‫تعتبر األهداف اللبنة األساسية في عملية التخطيط والعملية اإلدارية‬
‫عموما‪ ،‬وهي مجموعة الغايات واألغراض املراد تحقيقها‪ ،‬وعلى أساسها‬
‫تقرر مجموعة السياسات واإلجراءات واملوارد الالزمة لتحقيقها‪ .‬حيث‬
‫يجب أن يكون الهدف واضحا ودقيقا ومفهوما لدى القائمين على تنفيذه‪،‬‬
‫كما يجب أن يكون مشروعا وواقعيا وقابال للقياس حتى يمكن مراقبة مدى‬
‫تحقيقها ورصد االنحرافات بدقة لتعديلها‪ ،‬كما يفضل أن تتميز باملرونة‬
‫وفقا للتغيرات بالبيئة الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫‪ .2‬التنبؤات‪:‬‬
‫توضع األهداف في الظروف الحاضرة ونريد الحصول على نتائجها خالل‬
‫فترات مستقبلية‪ ،‬وفي ظل ظروف مختلفة‪ ،‬لذا البد من وضع توقعات‬
‫تقريبية ملا يمكن أن يكون عليه الوضع وقت التنفيذ من مشكالت‬
‫ومستجدات‪ ،‬ولعمل توقعات املستقبل البد من تشخيص الظروف‬
‫الحاضرة وكذا العودة للماض ي والتجارب السابقة لوضع توقعات لحاالت‬
‫مماثلة‪ ،‬إذ أنها تعتبر مؤشرا ملا سيكون عليه الوضع مستقبال‪ ،‬وال يتوقع‬
‫املخطط نجاح التوقعات بصفة مطلقة‪ ،‬بل تكون تقريبية ومساعدة فقط‪،‬‬
‫حيث ال تبتعد عن الحقيقة بشكل كبير‪ ،‬كما يفيد التنبؤ في وضع بدائل‬
‫‪113‬‬
‫للحلول احتياطا لعدم تحقق الخطط املرسومة‪ ،‬ما يسمى بديناميكية‬
‫الخطط‪( ،‬تعدد الحلول حسب تعدد االفتراضات حول الظروف‬
‫واملشكالت)‪.‬‬
‫‪ .3‬السياسات‪:‬‬
‫هي بمثابة الدليل املوجه أو اإلطار الذي يجب أن يتم فيه التنفيذ‪ ،‬وهي‬
‫مجموعة التوجهات واملسارات واألساليب التي تختارها السلطة الرسمية في‬
‫املنظمة لتحقيق أهدافها حيث توضح الخطوط العريضة لنشاطات‬
‫وأع مال املؤسسة على املدى املتوسط‪ ،‬وعلى أساسها توضع القواعد‬
‫والقوانين الالزم العمل بها من طرف العمال عند التنفيذ‪ ،‬حيث تحقق نوعا‬
‫من االستقرار والثبات النسبي في عملية تنفيذ الخطة‪ ،‬وتحقيق االنسجام‬
‫والتنسيق وعدم التضارب في تنفيذ الخطط الجزئية‪ ،‬يجب أن تكون‬
‫واضحة‪ ،‬دقيقة‪ ،‬مشروعة‪ ،‬متناسقة فيما بينها بحيث تخلو من‬
‫التناقضات‪ ،‬ومكتوبة حتى يعلم بها الجميع‪ ،‬كما يجب أن تتميز بالثبات‬
‫النسبي حتى ال تشوش علمية التنفيذ‪ ،‬في نفس الوقت يجب أن تتصف‬
‫باملرونة النسبية حتى تستجيب للتغيرات‪( ،‬مثال إذا أرادت املؤسسة رفع‬
‫حصتها السوقية فهي تلجأ إلى سياسة إغراق السوق)‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلجراءات‪:‬‬
‫أي مجموعة الخطوات واملراحل الروتينية والتفاصيل الدقيقة التي‬
‫توضح كيفية تنفيذ األعمال من البداية حتى النهاية‪ ،‬تتصف بالتكرار‪،‬‬
‫وتختلف من منظمة ألخرى‪( ،‬إجراءات التوظيف مثال)‪ ،‬تتميز بالثبات لكن‬
‫ليس لدرجة الجمود فتقف عائقا أمام تنفيذ األهداف‪ ،‬كما يجب أن تكون‬
‫واضحة‪ ،‬متناسقة وغير متعارضة فيما بينها‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫سادسا‪ .‬مراحل التخطيط‪:‬‬
‫تمر عملية التخطيط باملراحل التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬تحديد األهداف‪:‬‬
‫يجب وجود هدف تدور حوله الخطة‪ ،‬والعملية اإلدارية‪ ،‬وأعمال‬
‫املؤسسة ككل‪ ،‬وتتوفر فيه الشروط سابقة الذكر‪ .‬تكون بعض األهداف‬
‫ناتجة عن وجود مشكلة يراد حلها‪ ،‬وأخرى تطويرية وإبداعية‪.‬‬
‫‪ . 2‬توفير البيانات واإلحصائيات‪:‬‬
‫يجب أن تجمع اإلدارة بيانات داخلية حول اإلمكانيات املادية والبشرية‬
‫واملالية الالزمة لتحقيق الهدف‪ ،‬يجب أن تتصف بالدقة والحداثة‬
‫والواقعية إضافة إلى معلومات البيئة الخارجية (قوانين‪ ،‬تكنولوجيا‪،‬‬
‫وغيرها)‪ ،‬مما يستدعي وجود نظام معلومات عالي الكفاءة‪.‬‬
‫‪ .3‬تشخيص الوضعية الحالية‪:‬‬
‫من خالل البيانات السابق جمعها‪ ،‬يتم تحليل البيئة الداخلية‬
‫للمؤسسة واستخالص نقاط قوتها الستغاللها‪ ،‬ونقاط ضعفها لتقليصها‪،‬‬
‫إضافة إلى تحليل البيئة الخارجية الستغالل فرصها وتفادي تهديداتها‪،‬‬
‫وبالتالي تقييم مدى القدرة على تحقيق األهداف‪ ،‬حيث يمكن تعديل‬
‫األهداف حتى تتماش ى مع إمكانيات املؤسسة وفرصها‪.‬‬
‫‪ . 4‬إعداد الخطط (التنبؤ واتخاذ القرار)‪:‬‬
‫حيث يتم أوال إعداد االستراتيجية الشاملة وكذا استراتيجيات األعمال‬
‫واالستراتيجيات الوظيفية على مستوى اإلدارة العليا التي تمثل ترجمة‬
‫للرؤية طويلة املدى املراد الوصول إليها‪ ،‬بعدها يتم تحديد الخطط‬
‫التكتيكية على مستوى اإلدارة الوسطى من السياسات والتوجهات الالزم‬
‫اتباعها خالل الفترة متوسطة املدى القادمة‪ ،‬يليها الخطط قصيرة املدى في‬
‫‪115‬‬
‫شكل طرق وإجراءات وموازنات قابلة للتنفيذ املباشر‪ ،‬حيث يتم تحديد‬
‫كافة االحتياجات من الوسائل واملوارد الالزمة وكيفية الحصول عليها‬
‫لتنفيذ الخطة وتحقيق األهداف‪.‬‬
‫وتحتاج مرحلة إعداد الخطة إلى قدرة على توقع األحداث واملشكالت‬
‫املحتملة في املستقبل‪ ،‬وكذا الوضعيات التي تريد املؤسسة بلوغها‪ ،‬ومدى‬
‫إمكانية ذلك‪ ،‬على ضوء املعطيات البيئية‪ ،‬حيث يتم وضع مجموعة من‬
‫الخطط البديلة من خالل تعدد االفتراضات املمكنة باستعمال أسلوب‬
‫تحليل الحساسية (ماذا لو ‪ ،)...‬حيث يتم اختيار البديل األمثل وفقا‬
‫للنتائج املتوقعة لكل بديل‪ ،‬ومدى احتمالية وقوعه‪ ،‬هذه الخطط البديلة‬
‫يتم اللجوء إليها في حالة عدم قابلية الخطط املختارة للتنفيذ‪( ،‬سقوط‬
‫االفتراضات التي تستند عليها الخطة القائمة)‪ ،‬وهذا ملواجهة متغيرات‬
‫املستقبل املمكنة والظروف الطارئة‬
‫‪ .5‬اإلعالم والموافقة‪:‬‬
‫حتى تأخذ الخطة شكلها النهائي يجب أن يتم املوافقة عليها من طرف‬
‫اإلدارة املعنية‪ ،‬حسب درجة املركزية املتبعة (إذا كانت املركزية هي النمط‬
‫اإلداري املتبع‪ ،‬فيجب أن يتم عرض كل الخطط على اإلدارة العليا‪ ،‬أما إذا‬
‫كانت الالمركزية‪ ،‬فإن املوافقة تكون حسب املستوى اإلداري للتخطيط‪،‬‬
‫كما يجب إعالم الجميع بالخطة املوضوعة وأهدافها‪ ،‬حتى تتكون لدى‬
‫األفراد نظرة شاملة حول رؤية املؤسسة املستقبلية‪ ،‬ومعرفة دورهم في‬
‫تحقيقها‪.‬‬
‫‪ .6‬متابعة الخطة وتقييمها‪:‬‬
‫يتم متابعة التنفيذ من طرف الجهاز التنفيذي املعني‪ ،‬حيث يتم‬
‫مراجعة الخطة بصفة دورية‪ ،‬في ضوء املستجدات واملعلومات املرتدة عن‬
‫‪116‬‬
‫ا لتنفيذ‪ ،‬أين يتم التحقق من أن كل ش يء يتم وفقا ملا خطط له‪ ،‬والكشف‬
‫عن االنحرافات السلبية وأوجه الخلل لتصحيحها‪ ،‬ومنع تكرارها من خالل‬
‫معرفة أسباب حدوثها‪ ،‬كأن تكون األهداف مبالغ فيها‪ ،‬أو أنها تجاهلت‬
‫بعض نقاط ضعف املؤسسة‪ ،‬أو خطأ في التوقعات‪ ،‬كما قد تكون املشكلة‬
‫في نقص التنسيق بين األفراد‪ ،‬أو سوء فهمهم لألهداف‪ ،‬أو أن ظروفا‬
‫خارجية طارئة لم يتم التنبؤ بها وليس لإلدارة يد فيها‪ ،‬وهنا تظهر أهمية‬
‫الخطط البديلة‪.‬‬
‫سابعا‪ .‬مشكالت ومعوقات التخطيط‪:‬‬
‫باعتبار التخطيط عملية تنبؤ للمستقبل‪ ،‬فإن عددا من املعوقات قد‬
‫تحول دون فعاليتها‪:‬‬
‫‪ .1‬اتجاهات وقيم اإلدارة وجمود الهياكل‪:‬‬
‫كالنظرة السطحية ألهمية التخطيط السيما األساليب الكمية للتنبؤ‬
‫واتخاذ القرار‪ ،‬كما قد يتمسك املدير بأسلوبه في اإلدارة التقليدي وعدم‬
‫تقبل التغيير‪ ،‬إضافة إلى غياب الكفاءات اإلدارية الالزمة للتخطيط السيما‬
‫االستراتيجي‪ ،‬حيث يحتاج األمر إلى تشخيص للبيئة الداخلية والخارجية‬
‫والتي تحتاج إلى قدرة على التحليل‪.‬‬
‫‪ . 2‬غياب المشاركة في التخطيط‪:‬‬
‫تؤدي عدم مشاركة املنفذين في التخطيط إلى املقاومة بسبب عدم فهم‬
‫الخطط‪ ،‬وعدم فهم مساهماتهم الجزئية في الهدف العام‪ ،‬إضافة إلى‬
‫غياب روح االلتزام بتحقيقه‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫‪ .3‬غياب نظام للمكافآت‪:‬‬
‫عادة ما يتم تقييم املديرين على املشكالت امللموسة والحاضرة‪ ،‬وبالتالي‬
‫مكافئتهم تكون على أساس النتائج السريعة قصيرة األجل‪ ،‬على حساب‬
‫النتائج املتعلقة باملدى الطويل‪ ،‬مما يؤدي إلى غياب الحافز على تحقيقها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى املشكالت التالية‪:‬‬
‫‪ ‬غياب أهداف محددة بدقة بما يؤدي إلى عدم وضوحها وفهمها‬
‫وتعارضها‪.‬‬
‫‪ ‬افتقار برامج تدريب املديرين على التخطيط السليم القائم على‬
‫أسس علمية‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة وضع التقديرات الدقيقة بسبب عدم جودة املعلومات‪.‬‬
‫‪ ‬العجز املالي والتقني‪ ،‬قد تكون حائال دون وضع خطط طموحة‪،‬‬
‫والبقاء في إطار الوضع القائم‪.‬‬
‫‪ ‬وضع خطط أقل بكثير من اإلمكانيات املتاحة‪ ،‬مما يؤدي إلى عدم‬
‫مواكبة املؤسسة للتطور وتنافسية أقل أو العكس‪ ،‬أي خطط أكبر بكثير‬
‫من اإلمكانيات مما يؤدي إلى العجز عن تحقيقها‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫الفصل السادس‬
‫وظيفة التنظيم‬
‫ال يعد التخطيط هدفا في حد ذاته بل إنه يجد أهميته في مرحلة‬
‫التنفيذ‪ ،‬حيث يتم توفير املوارد والوسائل لتحقيقه‪ ،‬وال يكفي مجرد حشد‬
‫املوارد‪ ،‬بل من املهم وضعها في نسق متكامل قادر على تحقيق الخطط‬
‫بفعالية‪ ،‬وهذا هو دور عملية التنظيم‪.‬‬
‫تمر عملية التنظيم بعدة مراحل تبدأ بمراجعة األهداف العامة‬
‫للمنظمة وتحديد نشاطاتها‪ ،‬وتنتهي بتحديد واجبات ومسؤوليات الوظائف‬
‫وشاغليها‪ ،‬حيث تنظم هذه العملية مجموعة من املبادئ مستقاة أصال من‬
‫أعمال هنري فايول في إطار أعمال نظرية التقسيم اإلداري ضمن املدرسة‬
‫الكالسيكية‪.‬‬
‫تعترض عملية التنظيم العديد من املشكالت كاملركزية الشديدة وغيرها‬
‫والتي تشكل في في مجملها مظاهر التنظيم غير السليم والتي ال بد من‬
‫التغلب عليها لتحقيق الهدف من التنظيم‪ ،‬وبلوغ املرونة الالزمة في التنظيم‪.‬‬
‫يتنوع التنظيم وفق عدة تصنيفات‪ ،‬أهمها التنظيم املركزي وغير‬
‫املركزي والتنظيم الرسمي وغير الرسمي‪ ،‬لكل مزاياه وعيوبه‪ ،‬سنوردها‬
‫بالتفصيل في هذا الفصل‪.‬‬
‫من أهم النتائج امللموسة للتنظيم هو الهيكل التنظيمي للمؤسسة‪،‬‬
‫والذي يتنوع بدوره إلى عدة أنواع بحسب األسلوب الذي تختاره املنظمة‬
‫لتنظيم نشاطاتها‪ ،‬وسيتم التفصيل في هذا الفصل حول أهمية الهياكل‬
‫التنظيمية وأهم أشكالها‪.‬‬
‫أوال‪ .‬مفهوم التنظيم‪:‬‬
‫يعد التنظيم ثاني وظائف التسيير والتي ال تقل أهمية عن سابقتها‪،‬‬

‫‪120‬‬
‫حيث يعد التنظيم بداية تجسيد خطط املنظمة‪ ،‬من خالل تحديد‬
‫طرق العمل‪ ،‬وتنظيم املوارد واألنشطة وغيرها‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف التنظيم‪:‬‬
‫يعرف التنظيم على أنه «تحديد أوجه النشاط الضرورية إلنجاز‬
‫الخطط واألهداف العامة للمؤسسة‪ ،‬وتجميعها في وظائف ووحدات‬
‫تنظيمية مناسبة‪ ،‬وتحديد األدوار وتوضيح املسؤوليات والسلطات‪،‬‬
‫وتنسيق العالقات بينها‪ ،‬وتوضيح كل هذا في شكل هيكل تنظيمي مما يمكن‬
‫األفراد من العمل بكفاءة وتحقيق الهدف العام للمؤسسة"‪.‬‬
‫‪ .2‬أهمية التنظيم‪:‬‬
‫تكمن أهمية التنظيم عموما في تمكين اإلدارة من تنفيذ الخطط‬
‫بكفاءة‪ ،‬وتحقيق األهداف العامة للمؤسسة‪ ،‬ويتضح من التعريف الفوائد‬
‫التالية للتنظيم‪:‬‬
‫‪ ‬توضيح عالقات السلطة (من مسؤول على من) وكيفية انسياب‬
‫القرارات من أعلى إلى أسفل (مركزية أو المركزية القرارات)‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين جودة العمل‪ ،‬من خالل تحديد األدوار وتوزيع األعمال‬
‫واألنشطة بشكل علمي مما يحقق عدم ازدواجيتها وتعارضها‪.‬‬
‫‪ ‬تسهيل االتصاالت‪ ،‬من خالل توفير شبكة اتصاالت لنقل‬
‫املعلومات واألوامر واالقتراحات عبر سائر التنظيم‪.‬‬
‫‪ ‬توضيح عالقات العمل بين األفراد واألقسام والوظائف باملستوى‬
‫اإلداري الواحد‪ ،‬مما يحقق درجة عالية من التنسيق بينها‪.‬‬
‫‪ ‬تركيز مجهودات الفرد واهتماماته على الدور املحدد له من خالل‬
‫تقسيم العمل وتوزيع األدوار‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫‪ ‬تحديد إجراءات مفصلة حول كيفية القيام باألعمال‪ ،‬مع مساحة‬
‫من املرونة والحرية في اختيار طريقة أداءه مهامه‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬مراحل عملية التنظيم‪:‬‬
‫تمر عملية التنظيم بعدة مراحل هي‪:‬‬
‫‪ ‬مراجعة األهداف العامة للمؤسسة‪ ،‬ثم تحديد األعمال واألنشطة‬
‫الواجب القيام بها لتحقيق هذه األهداف‪.‬‬
‫‪ ‬تجميع النشاطات املتشابهة أو املتجانسة واملتكاملة (ذات العالقة‬
‫مع بعضه) في وظيفة واحدة‪.‬‬
‫‪ ‬تجميع الوظائف املتشابهة في وحدات إدارية (أقسام مثال‬
‫واستحداث وظيفة لهذه الوحدة (رئيس قسم مثال)‪.‬‬
‫‪ ‬تجميع الوحدات اإلدارية السابقة (األقسام) في وحدات أشمل‬
‫(دوائر مثال) واستحداث وظيفة لها (مدير الدائرة مثال)‪ ،‬وتستمر عملية‬
‫التجميع هذه حتى بلوغ اإلدارة العليا (مدير عام) وذلك حسب تعدد‬
‫املستويات اإلدارية املحدد‪.‬‬
‫‪ ‬وصف الوظيفة‪ ،‬أي تحديد صالحيات وسلطات ومسؤوليات‬
‫وواجبات كل وظيفة من هذه الوظائف‪ ،‬وتحديد املواصفات الالزم توفرها‬
‫فيمن يشغل هذه الوظيفة‪ ،‬ثم شغل هذه الوظائف باألفراد املؤهلين وفقا‬
‫للمبادئ السليمة لالختيار والتعيين‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬مبادئ التنظيم‪:‬‬
‫هناك العديد من مبادئ التنظيم واملستلهمة من أعمال مدارس الفكر‬
‫اإلداري‪ ،‬وهذه أهمها‪:‬‬

‫‪122‬‬
‫‪ .1‬وحدة الهدف‪:‬‬
‫أي تحقيق التكامل بين األهداف الجزئية‪ ،‬لتصب جميعها في تحقيق‬
‫األهداف العامة للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ .2‬مبدأ التخصص وتقسيم العمل‪:‬‬
‫حيث يتم توزيع الواجبات بحيث تسند لكل فرد نوع واحد من العمل‬
‫حسب تخصصه‪ ،‬ليتفرغ له مما يكسبه خبره ومهارة األداء‪ ،‬أخذا‬
‫بالحسبان عدم التخصص الدقيق الذي يتسبب في امللل نتيجة تكرار نفس‬
‫العمل‪ ،‬وكذا صعوبة التنسيق بينها‪ ،‬كما ال يجب تعقيد الوظيفة بحيث‬
‫تحتوي على مهام متنوعة وتخصصات مختلفة قد تنقص من كفاءة من‬
‫يؤديها‪ .‬وقد ظهر في هذا اإلطار مفهوم اإلثراء الوظيفي الذي يعني منح‬
‫الفرد مهام ومسؤوليات وصالحيات واستقاللية أكبر في العمل حيث يصبح‬
‫متكامال والهدف منه واضح‪ ،‬مما يحفز الفرد على تحقيق األهداف‪ ،‬وهذا‬
‫حسب قابلية األفراد للتنوع في املهام‪ ،‬وحسب درجة التجانس فيها‪ .‬كما‬
‫ظهر مفهوم عمل الفريق حيث يتعاون األفراد ألداء عمل متكامل له هدف‬
‫واضح‪ ،‬توكل لكل فرد مهمة معينة‪ ،‬مع إمكانية تبادل األدوار واآلراء مما‬
‫يحقق تنوع الخبرات واملعارف‪.‬‬
‫‪ .3‬مبدأ التنسيق‪:‬‬
‫توحيد الجهود نحو الهدف العام‪ ،‬من خالل ترتيب منتظم للجهد‬
‫الجماعي وتوضيح العالقات بين الوظائف واألفراد حسب نقاط التقاطع‬
‫ونقاط االعتمادية بينها (مخرجات إحداها تصلح كمدخالت األخرى)‪ ،‬مما‬
‫يحقق التكامل بينها‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ .4‬مبدأ التدرج في السلطة‪:‬‬
‫حيث يتم توضيح حدود السلطة وتسلسلها في الهرم التنظيمي من‬
‫القمة إلى القاعدة‪ ،‬مما يزيد من فعالية اتخاذ القرارات‪ ،‬ونظم االتصاالت‪.‬‬
‫‪ .5‬مبدأ تحديد المسؤولية‪:‬‬
‫أي تحديد مسؤولية كل فرد‪ ،‬وذلك من خالل التحديد الواضح للمهام‬
‫التي تقع ضمن وظيفته‪ ،‬والتي يكون مسؤوال عن أداءها أمام رئيسه‪ ،‬وينجر‬
‫عنها املحاسبة على أداء الواجبات الناتجة عن السلطة املفوضة له‪.‬‬
‫‪ .6‬مبدأ التوازن بين المسؤولية والسلطة‪:‬‬
‫حيث يجب أن تتوافق السلطة املمنوحة للفرد كحق (إصدار األوامر‬
‫مثال) مع املسؤولية املناطة له كواجب (مراقبة األداء مثال)‪ ،‬فال تكون‬
‫املسؤولية أقل من السلطة فيفقد العمل معناه‪ ،‬وال تكون السلطة أقل من‬
‫املسؤولية فال يتمكن من أداء مسؤولياته‪.‬‬
‫‪ .7‬مبدأ تفويض السلطة‪:‬‬
‫يواجه املدير أحيانا ظروف تجعله غير قادر على ممارسة بعض مهامه‬
‫فيعهد بعضها إلى مساعديه الذين يثق في إمكانياتهم‪ ،‬ومنحهم حق‬
‫التصرف واتخاذ القرار بالقدر الالزم إلنجاز املهام املوكلة ألدائها‪ ،‬حيث ال‬
‫يفوض كل السلطات‪ ،‬ولكن يبقى مسؤوال عن األداء حيث أن املسؤولية ال‬
‫تفوض‪ ،‬كما يفوض أحدهم سلطات فوضت لهمن رئيسه‪.‬‬
‫‪ .8‬مبدأ نطاق اإلشراف المناسب‪:‬‬
‫حيث يجب أن يكون هناك حدود لعدد األفراد الذين يكونون تحت‬
‫إشراف املدير‪ ،‬مما يمكنه من اإلشراف عليهم بفاعلية‪ ،‬فكلما زاد عدد‬
‫املرؤوسين يحتاج األمر إلى نواب أو مساعدين لإلشراف عليهم‪ ،‬وبالتالي‬

‫‪124‬‬
‫تزداد املستويات اإلدارية ويكون الهيكل التنظيمي أكثر طوال‪ ،‬كما يتوقف‬
‫األمر على العديد من العوامل‪:‬‬
‫‪ ‬درجة عالية من الخبرة والتدريب على االستقاللية وتحمل‬
‫مسؤولية األعمال‪ ،‬مما يمكن املدير على توسيع نطاق اإلشراف‪.‬‬
‫‪ ‬مدى وضوح األهداف والخطط‪ ،‬مما يمكن للمرؤوسين من معرفة‬
‫ما يجب فعله دون الرجوع للرئيس‪.‬‬
‫‪ ‬كلما كان العمل روتينيا وبسيطا أمكن توسيع نطاق اإلشراف‪،‬‬
‫عكس العمل الذهني الذي يتصف بالتجديد والتعقيد‪.‬‬
‫‪ ‬التباعد الجغرافي لفروع املؤسسة يضيق من نطاق اإلشراف‪،‬‬
‫لصعوبة التحكم فيها من طرف شخص واحد‪.‬‬
‫‪ ‬نظم االتصاالت الفعالة تعفي الفرد من الرجوع الدائم لرئيسه‪،‬‬
‫مما يمكن هذا األخير من اإلشراف على أكبر عدد ممكن‪.‬‬
‫‪ .9‬مبدأ وحدة اإلشراف‪:‬‬
‫حيث يجب أن يتلقى الفرد أوامره من شخص أو رئيس واحد يكون‬
‫مسؤوال أمامه عن أداء مهامه‪ ،‬مما يؤدي إلى تفادي تضارب األوامر‪.‬‬
‫‪ .10‬مبدأ املرونة‪ :‬البد أن يتميز التنظيم االستقرار‪ ،‬إال أن قدرا من‬
‫املرونة يجب أن يتوفر للتجاوب مع التغيرات البيئية‪.‬‬
‫رابعا‪ .‬مظاهر التنظيم غير السليم‪:‬‬
‫تمثل املبادئ السابقة مظاهر التنظيم السليم‪ ،‬أما مظاهر التنظيم غير‬
‫السليم فهي‪:‬‬
‫‪ ‬انخفاض الروح املعنوية لألفراد يتبعها ممارسات سلبية‬
‫(كاالستقاالت‪ ،‬طلبات النقل‪ ،‬الشكاوى‪ ،‬الغياب‪ ،‬الالمباالة)‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫‪ ‬امليل إلى الجماعات أو التنظيمات غير الرسمية لجلب املعلومات‬
‫بدل التنظيم الرسمي نتيجة عدم جودة االتصاالت‪.‬‬
‫‪ ‬املركزية الزائدة‪ ،‬والتأخر في اتخاذ القرارات‪ ،‬وعدم جودة‬
‫املخرجات من السلع والخدمات وحتى املعلومات‪.‬‬
‫خامسا‪ .‬أنواع التنظيم‪:‬‬
‫ينقسم التنظيم وفق املعيار املتبع للتقسيم إلى‪:‬‬
‫‪ . 1‬التنظيم الرسمي مقابل غير الرسمي‪:‬‬
‫أ‪ .‬التنظيم الرسمي‪:‬‬
‫هو التنظيم الذي يخضع للبناء الهيكلي وتسلسل األدوار كما توضحها‬
‫الخريطة التنظيمية‪ ،‬تحكمه قواعد وقوانين رسمية‪ ،‬يهتم بتوزيع املهام‬
‫والواجبات واألدوار بشكل رسمي‪ ،‬وتحديد العالقات بينها بشكل رسمي‪،‬‬
‫وتكون االتصاالت فيه رسمية بين األفراد واإلدارات حسب الحاجة التي‬
‫تمليها وتوضحها عالقات العمل الرسمية‪ ،‬والتي تصب في تحقيق أهداف‬
‫العمل‪ ،‬والهدف األساس ي للتنظيم الرسمي هو تنفيذ خطط وسياسات‬
‫العمل في املؤسسة‪،‬‬
‫ب‪ .‬التنظيم غيرالرسمي‪:‬‬
‫هو التنظيم الذي ال يخضع إلى القوانين واألنظمة واللوائح الرسمية‪،‬‬
‫وينشأ بطريقة عفوية نتيجة تجمع األفراد في مكان عمل واحد‪ ،‬تربطهم‬
‫عالقات الصداقة واملودة‪ ،‬والثقة حتى في عدم وجود عالقات عمل مباشرة‬
‫بينهم‪ ،‬وتكون االتصاالت فيه عشوائية ال تحكمها قنوات أو خطوط محددة‬
‫رسميا‪.‬‬
‫‪ . 2‬التنظيم المركزي مقابل التنظيم غير المركزي‪:‬‬
‫أ‪ .‬التنظيم املركزي‪:‬‬
‫تعني املركزية تركيز سلطة اتخاذ القرار في مستوى اإلدارة العليا‪ ،‬حيث‬
‫‪126‬‬
‫يحتكر الرئيس كامل الصالحيات مما يؤثر على شكل الهيكل التنظيمي‬
‫الذي تقل فيه اإلدارات املساعدة ويصبح عموديا بقاعدة عريضة‪ ،‬ومن‬
‫مزاياها‪:‬‬
‫‪ ‬تحقيق فريق متناسق وقوي لإلدارة العليا‪ ،‬وبالتالي توحيد‬
‫القرارات والتقليل من ازدواجية وتناقض الوظائف اإلدارية‪.‬‬
‫‪ ‬تقليل االنحرافات عن الخطط‪ ،‬والتقليل من إجراءات الرقابة‬
‫املفصلة‪.‬‬
‫أما عيوب املركزية فتتمثل في الحد من طموح العاملين واستقالليتهم‪،‬‬
‫وقتل روح املبادرة واإلبداع لديهم‪ ،‬وكذا انشغال اإلدارة العليا باملهام‬
‫الثانوية والروتينية على حساب التخطيط طويل األجل‪ ،‬وتمركز‬
‫املسؤوليات على عاتقها مما يحد من قدرتهم على أدائها بكفاءة‪ ،‬إضافة إلى‬
‫عدم فعالية القرارات نتيجة بعدها عن موقع العمل‪.‬‬
‫ب‪ .‬التنظيم الالمركزي‪:‬‬
‫تعني الالمركزية توزيع السلطة والصالحيات على مجموعة أشخاص‬
‫ومستويات إدارية متعددة‪ ،‬أي أن الرئيس يخول بعض صالحياته لباقي‬
‫املستويات اإلدارية مما يمكنها من حق التصرف واتخاذ القرارات بحرية‪،‬‬
‫وتؤثر الالمركزية في إعطاء الهيكل التنظيمي الشكل الهرمي‪ ،‬ويستدعي‬
‫تطبيقها املعرفة التامة للمفوضين بأهداف املنظمة وتنظيمها اإلداري‬
‫لتحقيق التنسيق بين األعمال‪ ،‬والتأكد من التزامهم بأداء الواجبات املقررة‬
‫لهم‪ ،‬ومن مزايا الالمركزية ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تقليص الضغط على اإلدارة العليا في اتخاذ القرارات بشرط‬
‫التنسيق بينها وبين باقي املستويات اإلدارية‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫‪ ‬إحساس املسؤولين باملستويات الدنيا بالعدالة والحرية‪ ،‬وتهيئة‬
‫مديرين قادرين على تولي مناصب عليا في املستقبل‪.‬‬
‫‪ ‬رفع كفاءة القرارات لقرب متخذيها بمكان التنفيذ وتمكين‬
‫الوحدات املتباعدة جغرافيا من االستفادة من املوارد املحلية‪.‬‬
‫أما عيوب الالمركزية فتكمن في إمكانية فقد السيطرة الكاملة لإلدارة‬
‫العليا على املستويات اإلدارية املختلفة‪ ،‬وكذا الوقوع في تناقضات في‬
‫القرارات املتخذة نتيجة التفويض املفرط للسلطة‪.‬‬
‫كلما زاد حجم القرارات املتخذة في املستويات اإلدارية األدنى وكلما‬
‫زادت الوظائف املتأثرة بها وتم قبولها من طرف املستويات العليا كانت‬
‫الالمركزية أكبر ‪ ،‬وكلما تبنت املؤسسة عملية نقل السلطة وليس تفويضها‬
‫فحسب لإلدارات املساعدة كانت الالمركزية أكبر‪ .‬وعموما ال يمكن تطبيق‬
‫املركزية التامة فيشرف املدير العام على كل ش يء‪ ،‬وال يمكن تطبيق‬
‫الالمركزية التامة فيتم إعطاء السلطة التامة لكل فرد فتكون الفوض ى‪،‬‬
‫حيث يجب التوفيق بينهما‪ ،‬إذ يتم تطبيق املركزية في القرارات الحساسة‬
‫واملعقدة‪ ،‬والالمركزية في القرارات األقل حساسية وخطورة وكذا القرارات‬
‫التي تحتاج إلى املشاركة في صنعها‪.‬‬
‫سادسا‪ .‬الهيكل التنظيمي‪:‬‬
‫يعد الهيكل التنظيمي صورة مختصرة عاكسة للتنظيم املعتمد‬
‫باملؤسسة‪،‬‬
‫‪ .1‬تعريف الهيكل التنظيمي‪:‬‬
‫هو مخطط يوضح الوحدات اإلدارية التي تكون في مجموعها املنظمة‬

‫‪128‬‬
‫والعالقات التي تربط تلك الوحدات ببعضها‪ ،‬وخطوط السلطة‬
‫واملسؤولية التي تربط بين أجزاء املنظمة واألبعاد األفقية لنطاق اإلشراف‪.‬‬
‫‪ .2‬أهمية الهيكل التنظيمي‪:‬‬
‫تكمن أهميته في إعطاء نظرة شاملة لكيفية تنظيم نشاطات املؤسسة‬
‫ومدى تطابقها مع املعايير واملبادئ السليمة للتنظيم‪ ،‬والخروج بتوصيات‬
‫حول التعديل من خالل اكتشاف األخطاء لتصحيحها إضافة ملا يلي‪:‬‬
‫‪ ‬عرض نوعية النشاطات والوظائف املمارسة باملنظمة والوحدات‬
‫اإلدارية والعالقات بينها بوضوح السيما لألفراد الجدد‪.‬‬
‫‪ ‬يحدد حجم الهرم التنظيمي (املسؤوليات اإلدارية والنشاطات‬
‫املمارسة في كل منها ودرجة التسلسل) بوضوح‪.‬‬
‫‪ ‬يوضح نطاق اإلشراف لكل رئيس وحدة إدارية‪ ،‬مما يساعد على‬
‫معرفة مدى التوفيق في تحديد نطاق اإلشراف املناسب‪.‬‬
‫‪ ‬توضيح كيفية تقسيم العمل بين املوظفين (العدد والنوع)‪،‬‬
‫ومراكز وخطوط السلطة ومنافذ االتصال الرسمي‪.‬‬
‫‪ ‬توضيح العالقات بين مختلف الوحدات اإلدارية للكشف عن‬
‫مدى التنسيق بينها ومعالجة حاالت االزدواجية والتعارض‪.‬‬
‫‪ .3‬أنواع الهيكل التنظيمي‪:‬‬
‫هناك ثالثة أنواع من الهياكل التنظيمية‪:‬‬
‫‪ 1.3‬الهيكل التنظيمي الطويل‪:‬‬
‫يكون فيه نطاق اإلشراف ضيق‪ ،‬ومن مزاياه تخصيص وقت أطول‬
‫لإلشراف والرقابة على كل مرؤوس‪ ،‬وكذا سرعة االتصاالت بين املرؤوسين‬
‫ورئيسهم املباشر‪ ،‬إال أنه يجعل الرئيس أكثر تدخال في أعمال مرؤوسيه مما‬
‫يضعف قدراتهم واستقالليتهم‪ ،‬كما يصعب االتصال بين مختلف‬
‫‪129‬‬
‫املستويات اإلدارية نتيجة تباعدها‪ ،‬إضافة إلى ارتفاع التكاليف‪ ،‬وكذا‬
‫تعقيد عمليتي التخطيط والرقابة نتيجة كثرة الخطط بسبب كثرة‬
‫املستويات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ 2.3‬الهيكل التنظيمي املفلطح‪:‬‬
‫يكون فيه نطاق اإلشراف واسع ومن مزاياه تكريس مفهوم تفويض‬
‫السلطة للمرؤوسين نتيجة كبر عددهم وصعوبة اإلشراف املباشر عليهم‪،‬‬
‫مما يصعب انفراده باتخاذ القرارات حيال كل الجزئيات‪ ،‬مما يتيح الفرصة‬
‫لهؤالء لتحمل مسؤوليات أكبر وقدرة على املشاركة في اتخاذ القرار دون‬
‫الرجوع للرئيس‪ ،‬مما يستوجب تعيين أفراد قادرين على االستقاللية‬
‫وتحمل املسؤولية‪ ،‬كما يجب على الرؤساء تنمية قدرات مرؤوسيهم على‬
‫االعتماد على أنفسهم‪ ،‬إضافة إلى خفض التكاليف وسهولة االتصاالت بين‬
‫املستويات العليا والدنيا‪ .‬إال أن اإلشراف على عدد كبير من املرؤوسين قد‬
‫يؤدي إلى تأجيل اتخاذ القرارات في عديد من جزئيات العمل‪ ،‬والتقليل من‬
‫فرص الترقية نتيجة قلة عدد املراكز اإلدارية‪ ،‬كما أن هذا النوع من‬
‫الهياكل يحتاج إلى مدراء أكفاء يمكنهم الرقابة بفعالية على املرؤوسين‬
‫الذين تم تفويضهم ألداء بعض مهامه‪.‬‬
‫‪ .4‬تقسيمات الهياكل التنظيمية‪:‬‬
‫تختلف الهياكل التنظيمية باختالف معيار التقسيم‪ ،‬فهناك‪:‬‬
‫‪1.4‬هيكل تنظيمي على أساس الوظائف‪:‬‬
‫أي تجميع العاملين في مهنة واحدة مثال‪ :‬الدائرة الهندسية‪ ،‬يقدم‬
‫عناصرها خدمات هندسية لكل األقسام‪ ،‬حيث تأخذ الوحدات اإلدارية‬
‫شكل وظائف (وظيفة اإلنتاج‪ ،‬وظيفة املالية)‪.‬‬
‫‪ 2.4‬هيكل تنظيمي على أساس املنتجات‪:‬‬
‫‪130‬‬
‫يستخدم عندما يكون تنوع في السلع وتكون متباينة في خصائصها‪،‬‬
‫حيث يكون لكل منتج تنظيم خاص به يحتوي على كل اإلدارات التي‬
‫يحتاجها‪ ،‬وتتميز بكفاءة األداء وارتفاع التكاليف الناتجة‪.‬‬
‫‪ 3.4‬هيكل تنظيمي على أساس العمالء‪( :‬املنتفعين)‪:‬‬
‫حيث يتم تقسيم الهيكل التنظيمي إلى وحدات إدارية تقدم الخدمة‬
‫لفئة معينة من العمالء لكل عميل تنظيم خاص يحتوي على كل اإلدارات‬
‫التي يحتاجها‪ ،‬وتتميز بالكفاءة وارتفاع التكاليف‪.‬‬
‫‪ 4.4‬هيكل تنظيمي على أساس المشاريع‪:‬‬
‫كثير من املنظمات تتبنى التقسيم التنظيمي حسب املشاريع بحيث‬
‫تكون للمشروع استقاللية في أداء مهامه‪ ،‬السيما في حالة مشروع منتج‬
‫جديد‪ ،‬ويزود املشروع باإلدارات التي يحتاجها مما يرفع من تكاليفه‪.‬‬
‫‪ 5.4‬هيكل تنظيمي على أساس الموقع الجغرافي‪:‬‬
‫حيث تكون نشاطات املنظمة موزعة جغرافيا في عدة مناطق (فروع)‪.‬‬
‫‪ 6.4‬الهيكل التنظيمي المصفوفي‪:‬‬
‫والذي تتقاطع فيه نوعين من الهياكل‪( ،‬مثال تقسيم على أساس‬
‫املشروع واملنتجات في آن واحد)‪ ،‬تقل فيها ازدواجية اإلدارات وبالتالي‬
‫تنخفض التكاليف لكن يصعب التحكم فيها‪.‬‬
‫‪ 7.4‬الهيكل التنظيمي المركب‪:‬‬
‫أي أنه مركب عن عدد من التصنيفات سابقة الذكر‪ ،‬في هيكل واحد‪،‬‬
‫يحتاج إلى تحكم كبير‪.‬‬
‫‪ 8.4‬الهيكل التنظيمي الشبكي‪:‬‬
‫وتكون فيه العالقات شبكية وليست هرمية ويكون أكثر فعالية حيث‬

‫‪131‬‬
‫يكون تقارب بين الرؤساء واملرؤوسين والعالقات في شكل شبكة بين‬
‫مختلف الوحدات اإلدارية‪.‬‬
‫أشكال وأنواع الهياكل التنظيمية‪:‬‬
‫الهيكل املفلطح (نطاق اإلشراف الواسع)‬

‫‪132‬‬
‫الهيكل التنظيمي التسلسلي(الطويل)‬

‫‪133‬‬
134
135
‫الفصل السابع‬
‫وظيفة التوجيه‬
‫تحتاج الخطط املوضوعة لتنفيذها بكفاءة ووفق التنظيم املعتمد إلى‬
‫عملية تحريك الجهود نحو تنفيذ األعمال املوكلة إليهم‪ ،‬وتسمى هذه العملية‬
‫بالتوجيه‪ ،‬وتتمحور هذه الوظيفة حول ثالث ممارسات إدارية هامة هي‬
‫القيادة والتحفيز واالتصاالت‪.‬‬
‫ويعرف التوجيه بكونه نشاط إداري يستهدف توحيد جهود األفراد‪،‬‬
‫وخلق الرغبة لديهم لتحقيق أهداف محددة‪ ،‬أو هو‪" :‬تحريك جهود األفراد‬
‫نحو ال تطبيق السليم للخطط وتحقيق األهداف‪ ،‬من خالل توفر قيادة‬
‫فعالة‪ ،‬وفهم سلوك األفراد لتحفيزهم‪ ،‬ووجود اتصاالت فعالة"‪ .‬إذ يعتبر‬
‫التوجيه أولى مراحل التنفيذ لتحقيق األهداف وذلك انطالقا من فهم‬
‫السلوك البشري ومحاولة التأثير فيه‪ ،‬وتوجيهه الوجهة املرغوبة‪ ،‬وتتوقف‬
‫عملية التوجيه على فعالية الوظائف اإلدارية األخرى (التخطيط والتنظيم‪،‬‬
‫والرقابة) فكلما كانت محكمة كانت التوجيه أسهل والعكس‪.‬‬
‫وفيما يلي شرح للعناصر الثالثة الرئيسية للتوجيه املتمثلة في القيادة‬
‫والتحفيز واالتصال‪.‬‬
‫أوال‪ :‬القيادة‪:‬‬
‫القيادة هي قدرة التأثير على اآلخرين ودفعهم إلى تحقيق أهداف معينة‪،‬‬
‫وبالتالي القائد هو الشخص الذي يمكنه التأثير على سلوك األفراد لتحقيق‬
‫هدف معين‪.‬‬
‫‪.1‬خصائص القيادة‪:‬‬
‫تنطوي القيادة على الخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ -‬وجود توزيع غير عادل للسلطة بين القادة واملرؤوسين‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ -‬قدرة القائد على استخدام مختلف أنواع القوة للتأثير على املرؤوسين‪،‬‬
‫واملتمثلة في كل من‪ :‬القوة الشرعية وهي حق املدير في القيادة‪ ،‬والتي يكتسبها‬
‫انطالقا من السلطة الرسمية املمنوحة له‪ .‬أو القوة القهرية‪ ،‬ويكتسبها من‬
‫خالل عمليات العقاب التخويف ومنع املكافئة لدفع املرؤوسين للعمل‪ ،‬أو‬
‫قوة الخبرة‪ ،‬حيث يتقبل املرؤوسين االنقياد للشخص األكثر خبرة ملا لديه‬
‫من معرفة ومهارة‪ ،‬حيث ال يحتاج لقوة السلطة للتأثير عليهم‪ ،‬أو القوة‬
‫التحفيزية (قوة املكافئة) أي التأثير على اآلخرين من خالل مكافئتهم على‬
‫إنجازاتهم ماديا ومعنويا‪ .‬وأخيرا القوة باملشاركة‪ ،‬حيث يستمد املدير قوته‬
‫على التأثير من خالل مشاركة مرؤوسيه في عملية اتخاذ القرار وحل‬
‫املشكالت مما يخلق لديهم إحساس بالثقة تجاهه واالنقياد له طوعا‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم القيادة على ثالث مفاهيم أساسية هي‪ .1 :‬السلطة الرسمية‪ ،‬أي‬
‫حق اتخاذ القرارات أو إصدار األوامر‪ ،‬و‪ .2‬القوة وتمثل السلطة الفعلية‬
‫التي يستمدها الشخص من أحد مصادر القوة املذكورة آنفا‪ ،‬وكذا ‪.3‬‬
‫القدرة‪ ،‬أي قدرة الفرد على القيادة حيث تمكنه من مختلف وسائل القيادة‬
‫الفعالة‪.‬‬
‫أي أن القيادة‪ :‬السلطة ‪ x‬القوة ‪ x‬القدرة‪.‬‬
‫‪ -‬تتوقف فاعلية القيادة على مدى قبول اآلخرين لها‪ ،‬فبالرغم من أن‬
‫املدير يملك الحق في التأثير على مرؤوسيه من خالل السلطة الرسمية‪ ،‬إال‬
‫أنه تتفاوت استجابة املرؤوسين له في التأثير على سلوكهم‪ ،‬وقد تصل لحد‬
‫املقاومة‪ ،‬والقائد الناجح‪ ،‬هو الذي يعرف كيف يوسع من نطاق قبول‬
‫األوامر لدى مرؤوسيه من خالل العديد من املمارسات اإليجابية (كالتقدير‬
‫واالحترام‪ ،‬واالستم اع والتحفيز وغيرها)‪ .‬وتصبح القيادة هي حاصل تفاعل‬
‫العناصر األربعة‪ :‬السلطة ‪ X‬القوة ‪X‬القدرة ‪X‬القبول‬
‫‪139‬‬
‫‪ .2‬مداخل القيادة‪:‬‬
‫هناك العديد من املداخل التي تفسر مفهوم القيادة‪ ،‬واملمارسات‬
‫الالزمة لقبولها‪،‬‬
‫‪1.2‬مدخل السمات (الصفات)‪:‬‬
‫مفاد هذه النظرية أن هناك صفات (طبيعية ومكتسبة) يجب أن تتوفر‬
‫في الشخص حتى يمكنه أن يكون قائدا‪ ،‬ويلقى القبول من مرؤوسيه‪:‬‬
‫‪ -‬الذكاء‪ ،‬مما يمكن القائد من التحليل وتفهم ما يحيط به‪ ،‬والقدرة على‬
‫إيصال ما يريده ملرؤوسيه‪.‬‬
‫‪ -‬الثقة بالنفس‪ ،‬والدافعية لإلنجاز (الحافز الذاتي)‪.‬‬
‫‪ -‬النضج االجتماعي‪ :‬مما يمكن القائد من مواجهة الظروف وعدم‬
‫اإلحباط من الفشل‪ ،‬إضافة إلى الشعور اإليجابي تجاه اآلخرين‪ ،‬والتمتع‬
‫بالحيادية‪ ،‬وكذا مهارات التفاعل االجتماعي‪ ،‬وأيضا ثقته في مرؤوسيه‬
‫وميوله القيادية (تشاركي أو فردي)‪.‬‬
‫‪ -‬الجدارة أو الكفاءة‪ ،‬كالقدرة على حل املشكالت واتخاذ القرارات‬
‫والقيام باملهام اإلدارية املوكلة له بكفاءة‪.‬‬
‫‪ -‬الصفات الكاريزماتية (الشخصية)‪ ،‬ويستمدها الشخص من قوة‬
‫شخصيته‪ ،‬بحيث يمكنه إقناع اآلخرين بقدرته على تحمل املسؤولية وحل‬
‫املشكالت واتخاذ القرارات‪ ،‬وتحقيق األهداف‪ ،‬ثقته في مرؤوسيه وميوله‬
‫القيادية (تشاركي أو فردي)‪.‬‬
‫‪ 2.2‬المدخل السلوكي للقيادة‪:‬‬
‫يرى هذا املدخل أن القيادة الفعالة ال تستمد من مجرد مجموعة‬
‫صفات‪ ،‬بل يجب أيضا الرجوع إلى سلوك القائد من حيث كيفية إثارة‬
‫دافعية املرؤوسين نحو العمل بحيث يكون قادرا على‪:‬‬
‫‪140‬‬
‫‪ ‬تحديد أو فهم احتياجات األفراد‪ ،‬ومقومات رضاهم واتجاهاتهم‬
‫النفسية‪.‬‬
‫‪ ‬قدرة القائد على فهم املمارسات التي يستطيع من خاللها تحقيق‬
‫أهداف واحتياجات العاملين وكسب رضاهم‪ ،‬أي قدرته على توقع الحوافز‬
‫املالئمة لكل فرد لكسب رضاه وانتماءه ووالئه للمنظمة‪ ،‬وبالتالي التزامه‬
‫بتحقيق أهدافها‪.‬‬
‫‪ ‬قدرته على توضيح العالقة بين (األداء والحافز) أي العالقة بين‬
‫تحقيق األفراد ألهداف املنظمة وتحقيق القائد ألهدافهم‪.‬‬
‫‪ 3.2‬المدخل الموقفي‪:‬‬
‫يرمي هذا املدخل إلى أن القائد الناجح هو الذي يحسن اختيار األسلوب‬
‫املناسب للقيادة‪ ،‬حسب املواقف أو الظروف التي تمليها متغيرات البيئة‬
‫الداخلية والخارجية‪ ،‬حيث يختلف األسلوب الذي يختاره القائد للقيادة‬
‫باختالف‪:‬‬
‫‪ ‬الوظائف (هناك وظائف تستدعي املركزية (حساسة) وأخرى‬
‫تستدعي املشاركة في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫‪ ‬طبيعة املنظمة (هناك منظمات طبيعة نشاطها يستدعي الحزم‬
‫وتطبيق السلطة الرسمية ومركزية القرار‪ ،‬والعكس‪.‬‬
‫‪ ‬طبيعة املشكالت التي تواجه القائد (يمكن مشاركتها أم ال)‪،‬‬
‫وطبيعة عملية اتخاذ القرار (مستعجلة أم ال)‪.‬‬
‫‪ ‬ضغوط البيئة الخارجية املمارسة على املنظمة تقلص من‬
‫صالحيات القائد‪ ،‬وتملي عليه نوعا معينا من السلوكيات‪.‬‬
‫‪ 4.2‬المدخل التكاملي‪:‬‬
‫يرمي هذا املدخل إلى أن القيادة تتأثر بالعديد من املحددات املتكاملة‬
‫فيما بينها‪ ،‬والتي تجمع بين املداخل الثالثة املذكورة آنفا (املدخل السلوكي‪،‬‬
‫‪141‬‬
‫املوقفي‪ ،‬ومدخل الصفات)‪ ،‬وأن هذه املداخل ليست محل اختيار بقدر ما‬
‫هي محل تكامل‪ ،‬ومن ضروري توفرها كلها‪ ،‬بشكل نسبي لتحقيق مفهوم‬
‫القائد الجيد والفعال‪.‬‬
‫‪ .3‬أنماط القيادة‪:‬‬
‫ينطلق تقسيم القيادة إلى عدة أنماط من فكره أن القائد الفعال هو‬
‫الذي يقوم بوظيفتين أساسيتين هما‪ :‬االهتمام بالعمل (تحقيق أهداف‬
‫املؤسسة) واالهتمام بالعامل (رصد احتياجاته وتحقيقها)‪ ،‬حيث تتفاوت‬
‫ميوالت القادة إلحدى الوظيفتين على حساب األخرى مما يؤدي إلى ظهور‬
‫أربعة أنماط للقادة‪:‬‬

‫االهتمام بالعمل‬

‫‪142‬‬
‫‪1.3‬القيادة االجتماعية‪:‬‬
‫حيث يهتم القائد بدرجة عالية باألفراد ومشاركتهم في حل مشكالتهم‬
‫والعمل معهم كفريق‪ ،‬وحرصه على تحقيق رضاهم وقبولهم له‪ ،‬باملقابل‬
‫فهو يهتم بنسب أقل بالعمل‪ ،‬من حيث إصدار األوامر والرقابة على التنفيذ‪.‬‬
‫‪ 2.3‬القيادة الديمقراطية‪:‬‬
‫اهتمام كبير باألفراد والعمل معا حيث يشارك مرؤوسيه في حل‬
‫املشكالت واتخاذ القرارات (روح الفريق) ويهتم بتلبية احتياجاتهم‪ ،‬وفي‬
‫الوقت ذاته يهتم بدرجة عالية بتحقيق أهداف املنظمة من خالل األفراد‪.‬‬
‫‪ 3.3‬النمط األوتوقراطي‪:‬‬
‫يهتم أكثر بالعمل من خالل إصداره لألوامر والتعليمات والرقابة‬
‫الشديدة‪ ،‬باملقابل يولي أهمية ضئيلة بالعمال من حيث احتياجاتهم‬
‫واتجاهاتهم ورضاهم حيث يعتبر الفرد أداة إنتاج فحسب‪.‬‬
‫‪ 3.4‬النمط المهمل (الفوضوي)‪:‬‬
‫قليل االهتمام بالعمل والنتائج املحققة وتنفيذ الخطط واألهداف‪،‬‬
‫وأيضا قليل االهتمام باألفراد واحتياجاتهم‪ ،‬ويعكس هذا النمط ضعف‬
‫القائد‪.‬‬
‫ويعد النمط الديمقراطي من أحسن أنماط القيادة‪ ،‬إذ أنه يسمح‬
‫بتحقيق املرونة الالزمة في املورد البشري لتحقيق كفاءته من خالل عملية‬
‫املشاركة في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫تصنيف القائد من حيث أساليب اتخاذ القرار‪:‬‬
‫وفقا للعالم شميدت‪ ،‬فإنه يمكن تصنيف القيادات وفقا ملدى تقبلهم‬
‫ملبدأ املشاركة في اتخاذ القرار إلى‪:‬‬
‫‪143‬‬
‫‪ ‬مدير يتخذ القرار منفردا‪ ،‬ويأمر مرؤوسيه بتنفيذه وهو أسلوب‬
‫األمر الصريح‪.‬‬
‫‪ ‬مدير يتخذ القرار ويحاول إقناع اآلخرين به وهو نمط األمر‬
‫املستتر‪.‬‬
‫‪ ‬مدير يقدم أفكار رئيسية حول املشكلة والحلول التي يقترحها‬
‫ويطلب املرؤوسين باإلدالء بتساؤالتهم وهو أسلوب تفاوض ي‪.‬‬
‫‪ ‬مدير يتخذ القرار بصفة مؤقتة ويدعو مرؤوسيه إلبداء الرأي‪،‬‬
‫حيث يكون القرار قابال للتغير وهو النمط االستشاري‪ ،‬مدير يشارك‬
‫املرؤوسين في اتخاذ القرار‪ ،‬حيث يعرض املشكلة ويطلب بدائل الحلول ثم‬
‫يتخذ‪.‬‬
‫‪ ‬القرار النهائي (النمط التشاركي)‪.‬‬
‫‪ ‬مدير يسمح ملرؤوسيه باتخاذ بعض القرارات من خالل فريق‬
‫العمل‪ ،‬ثم يقوم باعتماد القرارات‪ ،‬وهو أسلوب تفويض السلطة‪.‬‬
‫‪ ‬مدير يسمح للمرؤوسين في حدود معينة‪ ،‬أن يتخذوا قرارات دون‬
‫الرجوع إليه‪ ،‬وهذا أسلوب نقل السلطة واملسؤولية‪.‬‬
‫‪ .4‬القيادة غير الرسمية‪:‬‬
‫القيادة التي تم التطرق لها سابقا هي القيادة الرسمية‪ ،‬والتي تخضع‬
‫لقواعد التنظيم الرسمي‪ ،‬أما القيادة غير الرسمية‪ ،‬فتمثل الدور القيادي‬
‫لبعض االشخاص باملنظمة في سلوك اآلخرين دون تمتعه بسلطة رسمية‪،‬‬
‫وتحكمها العالقات الشخصية غير الرسمية مع زمالءه‪ ،‬وتحكم هذا النوع‬
‫من القيادة املصلحة الشخصية للجماعة‪ ،‬ويستمد القائد غير الرسمي‬
‫قوته من ثقة الجماعة وقبولهم العام له‪ ،‬وإجماعهم بأنه خير من يمثلهم‬
‫ويعبر عن اهتماماتهم ويدافع عن حقوقهم‪ ،‬وحتى يكون القائد غير الرسمي‬
‫‪144‬‬
‫فعاال‪ ،‬البد أن يتصف بااللتزام بالهدف الجماعي‪ ،‬ويتوجه باملعتقدات‬
‫الجماعية واالتجاهات الجماعية‪ ،‬إذ على القيادة الرسمية كسب تأييد‬
‫القيادات غير الرسمية لكسب قبول املرؤوسين لها وتفادي مقاومتها‪،‬‬
‫‪ .5‬المهارات األساسية للقائد‪:‬‬
‫ال بد من توفر مجموعة من املهارات لدى القائد حتى يكون جديرا‬
‫بقيادة املؤسسة‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪1.5‬مهارات فنية‪:‬‬
‫حيث يكون القائد على دراية باملسائل الفنية املتعلقة بمجال تخصص‬
‫إدارته (دائرة املحاسبة مثال)‪.‬‬
‫‪ 2.5‬مهارات العالقات اإلنسانية‪:‬‬
‫أي القدرة على التفاعل اإليجابي مع املرؤوسين‪.‬‬
‫‪ 3.5‬مهارات فكرية‪:‬‬
‫القدرة على التفكير الشامل والتحليل االستراتيجي‪ ،‬وحل املشكالت‬
‫واتخاذ القرارات‪.‬‬
‫‪ 4.5‬مهارات إدارية‪:‬‬
‫القدرة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة‪.‬‬
‫نادرا ما تتوفر هذه املهارات في شخص واحد لذلك تلجأ املؤسسات‬
‫الناجحة إلى تدريب وتكوين قياداتها مسبقا على املهارات الناقصة لديهم قبل‬
‫توليهم القيادة تفاديا للقصور الذي قد ينجم عن فقدانهم بعض املهارات‪.‬‬
‫الفرق بين املدير والقائد‪:‬‬
‫‪ -‬املدير يدير أو يأمر مرؤوسيه بينما القائد يوجههم‪.‬‬
‫‪ -‬املدير يعتمد على السلطة الرسمية‪ ،‬والقائد يعتمد على فتراته‪.‬‬
‫‪ -‬املدير يقول أنا‪ ،‬والقائد يقول نحن‪.‬‬
‫‪145‬‬
‫‪ -‬املدير يعلم كيف يقوم املرؤوسين باألشياء‪ ،‬والقائد يعرف كيف يجب‬
‫أن يقوم بها‪.‬‬
‫‪ -‬املدير يطلب االحترام‪ ،‬والقائد يفرض احترامه تلقائيا‪.‬‬
‫‪ -‬املدير يشيع الخوف بين املرؤوسين منه‪ ،‬والقائد ينشر الحب واالحترام‬
‫بينهم‬
‫‪ -‬حاول أن تكون قائدا وال تبحث عن مجرد كرس ي تجلس عليه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االتصال‪:‬‬
‫إن املؤسسة ما هي إال كيان اجتماعي‪ ،‬ال يمكن أن يظهر بصورة موحدة‬
‫إال بوجود شبكة اتصاالت‪ ،‬تربط عناصر املنظمة ومستوياتها مع بعضها‪،‬‬
‫في نسق أو نظام واحد‪ ،‬وإن أي خلل في هذه الشبكة سيؤدي إلى شلل‬
‫املنظمة ككل‪.‬‬
‫‪.1‬تعريف االتصال‪:‬‬
‫يعرف االتصال على أنه «عملية نقل املعلومات واألفكار وتبادلها مع‬
‫اآلخرين‪ ،‬بقصد تحقيق أهداف معينة‪ ،‬ويتكون االتصال من العناصر‬
‫التالية‪ :‬املرسل‪ ،‬مستلم الرسالة ومضمون الرسالة‪ ،‬قناة االتصال والتغذية‬
‫العكسية»‪.‬‬
‫‪.2‬أهمية االتصال‪:‬‬
‫ال يمكن تنسيق وتوحيد األعمال نحو هدف املؤسسة إال بوجود‬
‫اتصاالت فعالة باملؤسسة حيث تعمل على‪:‬‬
‫‪ ‬تمكين األفراد من معرفة أهداف وسياسات واستراتيجيات‬
‫املؤسسة‪ ،‬وبالتالي معرفة أدوارهم في تحقيقها‪.‬‬
‫‪ ‬بوجود شبكة اتصاالت فعالة يتم توفير الوقت الستخدامه في‬
‫مجاالت أكثر أهمية من البحث عن املعلومة‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫‪ ‬الرقابة الفعالة على التنفيذ‪ ،‬واتخاذ القرارات الصحيحة نتيجة‬
‫توفر املعلومات بالكم والنوع والوقت الالزم توضيح الواجبات واملهام لكل‬
‫فرد‪ ،‬وضمان التفاعل والتبادل املشترك للمعلومات والتنسيق‪.‬‬
‫‪ ‬الجيد بين األنشطة واألفراد‪.‬‬
‫‪ .3‬أنواع االتصاالت‪:‬‬
‫تصنف االتصاالت إلى عدة أنواع‪:‬‬
‫‪ 1.3‬اتصاالت أفقية‪:‬‬
‫تعمل على تحقيق التنسيق بين جهود املدريين وحتى العمال في نفس‬
‫املستوى اإلداري‪ ،‬إضافة إلى التنسيق بين املديرين أو األفراد في املستويات‬
‫املختلفة الذين ال تحكمهم عالقات سلطة بل عالقات عمل‪ ،‬مما يحقق‬
‫تكامل أعمالهم لالستفادة من خبرات بعضهم‪ ،‬وتزيد أهميتها هذا النوع من‬
‫االتصاالت عندما يكون تداخل كبير بين نشاطات املستوى الواحد‪.‬‬
‫‪ 2.3‬االتصاالت العمودية (الصاعدة والهابطة)‪:‬‬
‫توفر االتصاالت الصاعدة قنوات ترفع عبرها التقارير واالقتراحات‬
‫واآلراء والشكاوى واالنشغاالت من أسفل إلى أعلى‪ ،‬أما االتصاالت الهابطة‬
‫فتوفر قنوات اتصال النتقال األوامر والقرارات واملعلومات حول األهداف‬
‫والخطط‪ ،‬وتجد االتصاالت الصاعدة والهابطة أهميتها أكثر في حالة القيادة‬
‫املشجعة للمشاركة‪.‬‬
‫‪ 3.3‬االتصاالت الشبكية‪:‬‬
‫تكون عندما تتبنى املؤسسة توجهات القيادة الديمقراطية‪ ،‬حيث يكون‬
‫الهدف األساس ي لدى الجميع هو تحقيق األهداف العامة للمؤسسة (الوالء‬
‫التام للمؤسسة كما في اإلدارة اليابانية)‪ ،‬ويسمح االتصاالت الشبكية‬
‫لألفراد بتقديم مقترحاتهم في أي وقت وفي أي اتجاه دون التقيد بالخطوط‬
‫‪147‬‬
‫الرسمية للسل طة‪ ،‬مما يفيد القائد في إثراء معلوماته التخاذ القرار السليم‪،‬‬
‫ويصبح األفراد كشركاء‪ ،‬مما يرفع الروح املعنوية ودرجة الوعي وااللتزام‬
‫بتحقيق األهداف العامة للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ 3.3‬االتصاالت الرسمية وغيرالرسمية‪:‬‬
‫االتصاالت الرسمية هي االتصاالت التي يقرها التنظيم الرسمي وتتم عبر‬
‫القنوات الرسمية‪ ،‬أما االتصاالت غير الرسمية‪ ،‬فتنتج عن العالقات‬
‫االجتماعية للعاملين نتيجة التقارب الفكري‪ ،‬وتفيد في إمكانية الوصول‬
‫للمعلومات بسرعة بدل التقيد باملسارات الرسمية لالتصال‪ ،‬والتي تعيق‬
‫العمل واتخاذ القرارات‪.‬‬
‫‪ 4.3‬االتصاالت الداخلية والخارجية‪:‬‬
‫تتم االتصاالت الداخلية بين أفراد املنظمة‪ ،‬بينما االتصاالت الخارجية‬
‫فتتم بين املنظمة وغيرها من املنظمات أو أفراد املجتمع أو العمالء‪ ،‬وتفيد‬
‫في تحقيق تطور املؤسسة ونموها واالستجابة للتغيير‪.‬‬
‫‪ 5.3‬االتصاالت املكتوبة‪:‬‬
‫كالتقارير والتعليمات واألوامر‪ ،‬تتميز بالوضوح وتضمن تحديد واضح‬
‫للمسؤولية وعدم التنكر لها في حالة الفشل‪ ،‬وتفادي التحريف‪ ،‬كما تفيد‬
‫في عملية الرقابة‪ ،‬أما االتصاالت الشفوية‪ ،‬فتتم في حالة الخوف من‬
‫تسرب املعلومات السرية‪ ،‬أو الترجمة الخاطئة للرسائل املكتوبة‪ ،‬كما‬
‫تستخدم في املقابالت واالجتماعات‪.‬‬
‫‪ .4‬مهارات االتصال ومقوماته‪:‬‬
‫يجب أن يتمتع املرسل واملرسل إليه بالعديد من مهارات التواصل‪،‬‬
‫كمهارات الكتابة والتحرير اإلداري‪ ،‬وكذا مهارات املحادثة والترجمة الجيدة‬
‫‪148‬‬
‫ملضمون الرسالة‪ ،‬وكذا مهارات االستماع‪ ،‬أما عن املقومات فتتمثل فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬وجود نظام فعال للمعلومات واالتصال يوفر املعلومة ذات الجودة‬
‫وفي الوقت املالئم‪.‬‬
‫‪ ‬التحديد الجيد ملضمون الرسالة والتوقيت املناسب لها‪ ،‬والحرص‬
‫على معرفة مدى فهم الرسالة وترجمتها الترجمة الصحيحة‪.‬‬
‫‪ ‬وجود مناخ من الثقة في كافة املستويات‪ ،‬مما يساهم في اشتراك‬
‫العاملين في املعلومات‪ ،‬واحتواء االتصاالت غير الرسمية‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬التحفيز‪:‬‬
‫أشارت العديد من الدراسات السلوكية املعاصرة إلى محددات كفاءة‬
‫العاملين‪ ،‬وأهمها املقدرة والفرصة املتاحة والدافع للعمل‪ ،‬إذن يعد الدافع‬
‫من محددات رفع كفاءة العاملين‪ ،‬وهنا تجدر التفرقة بين الدافع والحافز‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف الدافع‪:‬‬
‫الدافع هو الحاجات والرغبات والتصورات التي تؤدي إلى سلوك محدد‬
‫وظاهري للوصول إلى هدف معين‪ ،‬أي أن الدوافع هي املحركات الداخلية‬
‫للسلوك الذي يثير أداء العمل‪ ،‬حيث يعتمد األداء على درجة قوة الدافع أو‬
‫الرغبة‪.‬‬
‫‪.2‬الحوافز‪:‬‬
‫إذا كانت الدوافع هي املحركات الداخلية للسلوك فإن الحافز هو املحرك‬
‫الخارجي له‪ ،‬إذا فالحوافز هي 'العوامل التي تهدف إلى إثارة القوى الكامنة في‬
‫الفرد والتي تحدد نمط السلوك املطلوب عن طريق إشباع كافة احتياجاته‬
‫اإلنسانية''‬
‫‪149‬‬
‫‪.3‬أهم النظريات حول الدوافع والحوافز‪:‬‬
‫تطرقنا لهذه النظريات بالتفصيل عند الحديث عن املدرسة السلوكية‬
‫(نظرية الحاجات اإلنسانية ملاسلو‪ ،‬نظرية العاملين لهرزبرغ‪ ،‬نظرية اإلنجاز‬
‫ملاكيالند‪ ،‬نظرية العدالة آلدمز‪ ،‬نظرية ‪ x‬و ‪ y‬ملاك جريجور‪ ،‬نظرية التوقع‬
‫لفروم وغيرها)‪ ،‬يمكن للطالب الرجوع إليها ملعرفة كل جوانب النظرية‬
‫للدوافع والحوافز‪.‬‬
‫‪ .4‬أهمية الحوافز‪:‬‬
‫تظهر أهمية التحفيز فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬رفع الحالة املعنوية للفرد‪ ،‬ودرجة الرضا عن العمل‪ ،‬وبالتالي‬
‫استقرار الفرد في املنظمة؛‬
‫‪ ‬جودة أداء الفرد وإنتاجيته‪ ،‬وبالتالي كفاءة األداء التنظيمي‪.‬‬
‫‪ ‬وسيلة لزيادة القيم املضافة من خالل زيادة جودة وحجم اإلنتاج‬
‫واملبيعات‪ ،‬باملقابل خفض التكاليف والفاقد في املوارد‪.‬‬
‫‪ ‬إشباع احتياجات العاملين وإشعارهم بروح العدالة‪ ،‬ورفع روح‬
‫االنتماء وتنمية روح الفريق والتضامن بين العاملين‪.‬‬
‫‪ ‬جذب الكفاءات املتميزة للمنظمة وتحسين صورة املنظمة أمام‬
‫املجتمع‪.‬‬
‫‪ .5‬مبادئ وشروط التحفيز‪:‬‬
‫لزيادة فاعلية نظام الحوافز البد من اتخاذ التدابير التالية عند‬
‫تصميمه‪:‬‬
‫‪ ‬تناسب قيمة الحافز مع األداء أخذا بالحسبان إمكانيات العامل‬
‫وقدراته‪.‬‬
‫‪150‬‬
‫‪ ‬العدالة في تحديد املقابل للجهود املبذولة‪ ،‬وكذا العدالة الداخلية‬
‫(بين األفراد داخل املؤسسة) وبين املؤسسة ومثيالتها‪.‬‬
‫‪ ‬مرونة نظام الحوافز وذلك باستخدام أنظمة تحفيزية متعددة‬
‫(حوافز مادية ومعنوية‪ ،‬حوافز فردية وجماعية)؛‬
‫‪ ‬الجمع بين التحفيز املادي واملعنوي (كاملواقع الوظيفية العليا‬
‫وتوسيع الصالحيات‪ ،‬حيث تلقى هذه الحوافز استجابة السيما من ذوي‬
‫األداء العالي؛‬
‫‪ ‬البساطة والوضوح في بنود نظام الحوافز وصياغته وحسابه‪ ،‬وكذا‬
‫تحديد أنواع السلوك التي سيتم تحفيزها‪.‬‬
‫‪ ‬الشمولية‪ ،‬أن يشمل كل العاملين‪ ،‬ويفضل مشاركة هؤالء في‬
‫وضعه لزيادة اقتناعهم به؛‬
‫‪ ‬الواقعية‪ ،‬أي إمكانية تحقيق األداء املحفز وإمكانية قياسه كميا‬
‫من خالل املقارنة مع معايير أداء موضوعة سابقا؛‬
‫‪ ‬أن يتسم باالستقرار إذ ال يتم تعديله إال في حاالت التغيير‪ ،‬كما‬
‫يجب أن يتصف باملرونة التي تمكنه من إدراج التعديالت الالزمة‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن يكون معلنا لزيادة ثقة العاملين فيه‪ ،‬كما يجب مساندة‬
‫اإلدارة العليا لهذا النظام‪.‬‬
‫‪ .6‬أنواع نظم الحوافز‪:‬‬
‫تنقسم الحوافز إلى معنوية ومادية‪ ،‬وفيما يلي شرح مفصل عنها‪:‬‬
‫‪ 1.6‬الحوافز المعنوية‪:‬‬
‫عند الحديث عن الحوافز تعطى األولوية دائما للحوافز املادية تأثرا بآراء‬
‫تايلور في هذا املجال‪ ،‬إال أن نسبة كبيرة من األفراد قد تعنيهم الحو افز‬
‫املعنوية بالدرجة األولى‪ ،‬فقد يحفز الفرد بمجرد منحه عمال مهما وذا قيمة‬
‫يكون املسؤول األول على نتائجه‪ ،‬عالقة جيدة مع املشرف‪ ،‬اتصاالت‬
‫‪151‬‬
‫مفتوحة في االتجاهين‪ ،‬فرص الترقي والتطور‪ ،‬التوازن بين الحياة العملية‬
‫والخاصة‪ ،‬املشاركة في اتخاذ القرار‪ ،‬وكذا تقدير الجهود‪.‬‬
‫‪ 2.6‬الحو افزاملادية‪:‬‬
‫أي التعويض على أساس األداء‪ ،‬هذا األخير قد يكون على أساس فردي‬
‫أو جماعي أو تنظيمي‪.‬‬
‫أ‪ .‬أنظمة الحو افزالفردية‪:‬‬
‫تحدد الحوافز الفردية نسبة مساهمة كل فرد في عملية األداء اإلجمالي‪،‬‬
‫ويمكن تقسيمها إلى‪:‬‬
‫‪ ‬األجر بالقطعة‪:‬‬
‫‪ ‬تعد هذه الطريقة من أقدم طرق التحفيز وما زالت تستخدم حتى‬
‫اآلن‪ ،‬حيث يتم منح الفرد نسبة تزيد عن األجر املعياري لكل وحدة زائدة‬
‫عن الوحدات املعيارية الواجب إنتاجها‪ ،‬فمثال إذا كان الفرد يتقاض ى ‪500‬‬
‫دج للقطعة‪ ،‬وكان اإلنتاج املعياري هو ‪ 10‬قطع في اليوم‪ ،‬فكل ما زاد عن‬
‫هذا القدر يحسب بو ‪ 700‬دج للقطعة كحافز على زيادة اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ ‬الساعات اإلضافية‪:‬‬
‫‪ ‬تختلف عن سابقتها كون الفرد يأخذ حوافز عن الساعات الزائدة‬
‫عن الوقت القانوني للعمل‪ ،‬من خالل منحه نسبة يحددها القانون (‪،10‬‬
‫‪ )%50 ،25‬من أجره‪.‬‬
‫‪ ‬العمولة‪:‬‬
‫‪ ‬يتالءم هذا النوع مع الوظائف البيعية (رجال البيع‪ ،‬ومحصلي‬
‫الديون) حيث يحصلون على نسبة مئوية من املبيعات أو الديون املحصلة‪،‬‬
‫حيث يتم منحهم مرتب ثابت ملواجهة أعباء املعيشة‪ ،‬إضافة إلى عموالت‬
‫لقاء املجهودات البيعية اإلضافية‪.‬‬
‫‪152‬‬
‫‪ ‬العالوة‪:‬‬
‫‪ ‬يضمن هذا النوع زيادة سنوية للعاملين في مرتباتهم على ضوء نتائج‬
‫التقييم أو األقدمية أو معايير أخرى‪ ،‬وعادة ما تبقى هذه النسب مع الفرد‬
‫طيلة حياته العملية بمجد أخذها أول مرة‪ ،‬وتقسم العالوات إلى عدة أنواع‪:‬‬
‫‪ ‬عالوة الكفاءة‪:‬‬
‫تمثل نسبة من األجر تمنح للفرد عند تحقيقه لألداء املعياري‬
‫(املطلوب) بعد فترة عام تقريبا‪ 3 ،‬إلى ‪ %5‬من األجر‪ - .‬العالوة االستثنائية‪:‬‬
‫تمنح عند تحقيق أداء متميز أكبر من األداء املعياري‪ ،‬ويستلزم تعويضا أكبر‬
‫من عالوة الكفاءة‪ 6( ،‬إلى ‪)% 10‬‬
‫‪ ‬عالوة األقدمية‪:‬‬
‫تمنح كتعويض عن عضوية الفرد في املنظمة تعبيرا عن إخالصه‬
‫ووالءه دون أن يقابله زيادة في اإلنتاجية‪.‬‬
‫عادة ما يميل املشرفين إلى منح مرؤوسيهم عالوات عالية وبالتالي‬
‫يصبح للعالوة أثر تكافل اجتماعي أكثر منه حافز‪ ،‬كما يميل البعض إلى‬
‫تقديم عالوات متساوية رغم اختالف مستويات أدائهم‪ ،‬مما يضعف من‬
‫دور الحافز‪.‬‬
‫‪ ‬املكافئة قصيرة األجل‪:‬‬
‫تقدم املكافئة للمتخصصين أو اإلداريين بناءا على األداء العام‬
‫للمنظمة ككل‪ ،‬أو بناء على أدائهم أعمالهم اإلدارية‪ ،‬ويقاس عادة باألرباح أو‬
‫بكميات اإلنتاج أو املبيعات‪ ،‬وتختلف نسبة املكافئة وفقا للمستوى اإلداري‬
‫للمسؤول‪ .‬واملكافئات ال تصبح جزءا من املرتب كما هو الحال بالنسبة‬
‫للعالوات بل تمنح مرة واحدة‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫‪ ‬املكافئة طويلة املدى‪:‬‬
‫يتم مكافئة املدراء على ما حققوه من معدالت نمو على املدى‬
‫الطويل‪ ،‬وتشجيعا لهم لالهتمام بنمو املنظمة‪ ،‬وتهدف اإلبقاء على املديرين‬
‫باملنظمة‪ ،‬من خالل شراء جزء من أسهم املنظمة لتحسيسهم بأنهم شركاء‬
‫فيها‪.‬‬
‫ب‪ .‬أنظمة الحو افزالجماعية‪:‬‬
‫نتيجة لالتجاه املتزايد نحو نمط فرق العمل‪ ،‬برزت الحاجة إلى الحوافز‬
‫الجماعية‪ ،‬التي توفر الدعم املتكامل لعمل الفريق‪ ،‬ويشترط أن تكون‬
‫مدخالت الفريق ومخرجاته محددة وقابلة للقياس‪ ،‬وتستعمل أنظمة‬
‫التحفيز الجماعية في حالة كون مستوى أداء الفرد ال يعكس فقط ما يبذله‬
‫من جهد ولكن يتضمن في نفس الوقت جهد زمالئه‪ ،‬كما يعمل على ضمان‬
‫حل مشكالت العمل وضمان تحقيق روح التعاون واالنسجام بين أعضاء‬
‫الفريق‪ ،‬وفرض ضغوط من طرف الجماعة على األفراد ذوي اإلنتاجية‬
‫املنخفضة أو االتجاهات السلبية‪ ،‬كما تشجع ذوي املهارات من نقل خبراتهم‬
‫إلى زمالءهم‪ ،‬وتزيد من فرص التنمية والتطوير وتسهل عمليات التعلم‬
‫واإلبداع‪ ،‬ومن عيوبها كون الفرد قد يحصل على عوائد ال تعكس ما بذله‬
‫من مجهود ‪.‬‬
‫ت‪ .‬أنظمة الحو افزالتنظيمية‪:‬‬
‫تمنح هذه الحوافز لجميع أفراد املنظمة اعتمادا على أداء هذه األخيرة‬
‫إما في شكل خفض التكاليف أو الزيادة في اإلنتاجية‪ .‬وهناك ثالث أنواع هي‪:‬‬

‫‪154‬‬
‫يحصل عليها جميع العاملين باستقطاع نسبة من أرباح املنظمة ثم‬
‫توزيعها عليهم حسب مرتباتهم أو املستوى اإلداري‪ ،‬ويأخذ على هذه الطريقة‬
‫كونها تكافئ الكل على األداء الكلي للمنظمة بالرغم من عدم مساهمة‬
‫البعض فيه‪ ،‬إال أن لها مزايا أهمها تنمية مشاعر االنتماء للمنظمة ودفع‬
‫الحماس لتحقيق أهدافها ورفع روح املشاركة لدى العاملين‪.‬‬
‫‪ ‬خطط االقتراح‪:‬‬
‫الغرض من هذه املكافئات تشجيع األفراد على وضع اقتراحات‬
‫بشأن خفض التكاليف وحل املشكالت‪ ،‬حيث يسعى األفراد إلى البحث في‬
‫املشاكل املختلفة في أساليب العمل وطرق األداء واإلجراءات واملوارد ثم‬
‫البحث عن حلول لها‪.‬‬
‫‪ ‬ملكية العاملين ألسهم الشركة‪:‬‬
‫حيث تمنح األفراد الحق في ملكية شركتهم بنسب محدودة‬
‫كأسلوب للمشاركة في الناتج النهائي للمنظمة‪ ،‬حيث يتم شراءها من طرف‬
‫العمال في شكل أسهم‪ ،‬كألوب لرفع اإلحساس باالنتماء والوالء للمنظمة‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫وظيفة الرقابة‬
‫تحتاج الخطط التي تم إعدادها‪ ،‬والتنظيم الذي تم اعتماده وحتى طرق‬
‫التوجيه املتبعة (من قيادة‪ ،‬اتصال وتحفيز) وكذا عمليات التنفيذ‪ ،‬إلى‬
‫عملية تقييم فعاليتها وكفاءتها وهو مضمون عملية أو وظيفة الرقابة‪.‬‬
‫والرقابة هي الوظيفة الرابعة من حيث الترتيب املنهجي لوظائف‬
‫التسيير‪ ،‬إال أنها في الواقع عملية متزامنة مع عمليات أو وظائف التسيير‬
‫األخرى والتي تضمن كفاءتها‪ ،‬حيث تخضع هذه األخيرة إلى الرقابة املستمرة‬
‫للتأكد من فعاليتها‪ ،‬وتصحيح االنحرافات في وقتها‪ ،‬وكذا إدراج التغييرات‬
‫الالزمة تماشيا مع تغيرات املحيط‪.‬‬
‫وللرقابة ثالثة مداخل رئيسية‪ ،‬مخل كالسيكي وآخر سلوكي‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى املدل العلمي‪ ،‬سيتم التطرق إليها تفصيال في هذا الفصل‪.‬‬
‫تمر الرقابة شأنها في ذلك شأن باقي وظائف التسيير‪ ،‬بدءا بمعايير‬
‫األداء‪ ،‬بلوغا مرحلة تصحيح االنحرافات كما تقوم الرقابة على مجموعة‬
‫من املبادئ التي ال يفترض الخروج عنها لتحقيق فعاليتها‪ ،‬والتي سيتم‬
‫شرحها في هذا الفصل‪.‬‬
‫تتعدد أنواع الرقابة من قبلية وبعدية‪ ،‬تشغيلية واستراتيجية‪ ،‬تحتاج‬
‫في مجملها للعديد من األدوات الرقابية التي سيتم سردها بالتفصيل في هذا‬
‫الفصل‪.‬‬
‫أوال‪ .‬مفهوم الرقابة‪:‬‬
‫ال بد للخطط التي تم وضعها من رقابة تضمن التنفيذ الصحيح لها‪،‬‬
‫وتصحح االنحرافات املمكنة‪ ،‬وتعديل الخطط وحتى األهداف املسطرة‬
‫تماشيا مع معطيات البيئة املحيطة باملؤسسة‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫‪.1‬تعريف الرقابة‪:‬‬
‫إن أول من أعطى تعريفا علميا للرقابة هو هنري فايول‪ ،‬حيث عرفها‬
‫على أنها‪ « :‬عملية التحقق مما إذا كان كل ش يء يحدث وفقا للخطة‬
‫املوضوعة‪ ،‬والتعليمات الصادرة واملبادئ التي تم إعدادها» حيث ركز‬
‫فايول على الرقابة البعدية‪.‬‬
‫كما عرفت الرقابة على أنها‪« :‬العملية التي تهتم بالنشاط الذي تقوم به‬
‫اإلدارة ملتابعة تنفيذ السياسات املوضوعة وتقييمها‪ ،‬والعمل على إصالح‬
‫ما قد يعتريها من ضعف حتى يمكن تحقيق األهداف املنشودة» مما يبين‬
‫أن الرقابة ليست مجرد مقارنة اإلنجاز مع ما خطط‪ ،‬بل إنها نشاط مرافق‬
‫لكل مراحل عملية التنفيذ‪ ،‬أي أنها عملية قبلية وآنية وبعدية‪.‬‬
‫كما عرفت بأنها‪« :‬عملية وضع معايير إلنجاز األهداف التنظيمية‪،‬‬
‫ومقارنة اإلنجاز الفعلي‪ ،‬مع املعايير واتخاذ اإلجراءات التصحيحية متى‬
‫استدعت الضرورة»‪ ،‬بمعنى ضرورة وضع معايير تتم املقارنة معها‪.‬‬
‫‪ .2‬خصائص الرقابة‪:‬‬
‫من أهم خصائص الرقابة أو النظام الرقابي ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الشمولية‪ ،‬النظام الرقابي شامل لكل الوظائف اإلدارية ووظائف‬
‫املؤسسة (إنتاج‪ ،‬تسويق‪ ،)...‬وكذا األفراد واملوارد‪.‬‬
‫‪ ‬مسؤولية الرقابة تقع على كل مسؤول حسب مستواه اإلداري‪.‬‬
‫‪ ‬الرقابة عملية مستمرة بدءا بالخطط‪ ،‬التنفيذ‪ ،‬وبعد التنفيذ‬
‫لعالج االنحرافات حال وقوعها‪.‬‬
‫‪ ‬ال تقتصر الرقابة على املاض ي بمراقبة التنفيذ والبحث عن‬
‫األسباب ألغراض محاسبة املقصر ومكافئة املجد‪ ،‬بل أيضا هي عملية‬
‫‪159‬‬
‫مستقبلية تبصر اإلدارة بما سيحدث من أخطاء التخاذ االحتياطات‬
‫الالزمة لتفادي وقوعها‪.‬‬
‫‪ ‬معايير الرقابة تكون معدة مسبقا (في مرحلة التخطيط)‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬مداخل الرقابة (التوجهات الفكرية للرقابة)‪:‬‬
‫هناك ثالث مداخل للرقابة هي‪:‬‬
‫‪.1‬المدخل الكالسيكي‪:‬‬
‫حيث ينظر للرقابة بأنها عملية تفتيش عن الخطأ‪ ،‬وينجر عنها عقاب‬
‫املخطئ ومكافئة املصيب‪.‬‬
‫‪.2‬المدخل السلوكي‪:‬‬
‫يركز على ضرورة التأثير على سلوك اآلخرين من خالل معرفة توجهاتهم‪،‬‬
‫واحتياجاتهم لتحقيقها‪ ،‬مما يولد لديهم روح االلتزام بتحقيق األهداف‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى تحقيق مفهوم الرقابة الذاتية لبلوغ أهداف املؤسسة وبالتالي‬
‫أهدافهم‪.‬‬
‫‪.3‬االتجاه العلمي‪:‬‬
‫يركز على الجانب التطبيقي للرقابة‪ ،‬بإبراز الخطوات الالزم اتباعها‪،‬‬
‫(قياس األداء‪ ،‬متابعة التنفيذ‪ ،‬مقارنة مع املعايير وكشف االنحرافات)‬
‫والكشف عن الخلل حتى قبل وقوعه‪ ،‬أي أن الرقابة تتضمن ليس فقط‬
‫على التحقق بأن الخطط تنفذ طبقا ملا خطط بل التحقق بأنها تتم بأفضل‬
‫الطرق‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬مراحل الرقابة‪:‬‬
‫تتم الرقابة وفقا ملجموعة من املراحل‪ ،‬ولكن قبل الشروع في العملية‬
‫على املدير التأكد بأن املرؤوسين على دراية تامة بالخطط واألهداف‬
‫‪160‬‬
‫املحددة لهم‪ ،‬وأهداف املؤسسة ككل‪ ،‬والتأكد من توفير املوارد‪ ،‬وفيما يلي‬
‫مراحل عملية الرقابة‪:‬‬
‫‪.1‬وضع معايير األداء‪:‬‬
‫ف ي هذه املرحلة يطرح السؤال‪ :‬ما هي النتائج املطلوب تحقيقها‪،‬‬
‫واألهداف املراد بلوغها‪ ،‬حيث تعتبر هذه األخيرة‪ ،‬أدوات لقياس األداء‪،‬‬
‫ويعبر عنها بوحدات قياس واضحة (مقاييس)‪ ،‬مثال‪ :‬معايير اإلنتاج تقاس‬
‫بعدد الوحدات املنتجة أو عدد الوحدات التالفة أو كمية املادة األولية‬
‫املستخدمة‪ ،‬معايير اإليرادات تقاس كمية وقيمة املبيعات‪ ،‬املعيير املالية‬
‫تقاس بالربح والتكلفة املحققة‪ ،‬معاييرالعمل تقاس بساعات عمل الفرد‪،‬‬
‫أو اآللة‪ ،‬وكذا املعايير النوعية كرضا العميل‪ ،‬ورضا العامل‪ ،‬وجودة املنتج‪،‬‬
‫يجب أن تكون املعايير املختارة واضحة‪ ،‬سهلة‪ ،‬وواقعية‪ ،‬ومعلنة للمعنيين‬
‫بها‪.‬‬
‫‪.2‬قياس األداء الفعلي‪:‬‬
‫أي تحديد ما تم إنجازه وتتم هذه العملية بشكل مستمر‪ ،‬ووفقا لنفس‬
‫املقاييس املستخدمة في معايير الرقابة‪ ،‬لتسهيل املقارنة‪ ،‬ويتم إعداد‬
‫مسبق للنماذج أو السجالت أو التقارير التي سيتم تدوين نتائج األداء عليها‬
‫ومن ثم تسليمها بسرعة لإلدارة املعنية إلجراء املقارنات الالزمة‪ ،‬واتخاذ‬
‫التدابير الالزمة‪.‬‬
‫‪ .3‬مقارنة األداء الفعلي مع معايير األداء‪:‬‬
‫حيث يتم رصد االنحرافات سواء كانت إيجابية لتعزيزها‪ ،‬أو سلبية‬
‫لتحديد املسؤولين عنها وأسبابها للحد من استمرارية حدوثها أو تفاقمها‪،‬‬
‫وكذا اتخاذ التدابير واإلجراءات التصحيحية املناسبة‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫‪.4‬تصحيح االنحرافات‪:‬‬
‫كلما تمكنت اإلدارة من رصد االنحرافات بسرعة تمكنت من اتخاذ‬
‫التدابير املناسبة‪ ،‬بالنسبة لالنحرافات اإليجابية‪ ،‬يتم مكافئة املسؤولين‬
‫عنها‪ ،‬وتدوينها كتجارب ناجحة تستفيد منها في املستقبل‪ ،‬وكذا رفع مستوى‬
‫معايير األداء لتحقيق التطوير التنظيمي والتحسين املستمر‪ ،‬أما‬
‫االنحرافات السلبية فيجب تصحيحها أخذا بأحد التدابير التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تدريب العاملين‪ ،‬وتعديل ظروف العمل‪ ،‬وطرق التنفيذ‪.‬‬
‫‪ ‬تعديل الخطط وإعادة النظر في املعايير املوضوعة‪.‬‬
‫‪ ‬محاسبة املسؤولين عنها إذا استدعى األمر (في حالة املخالفات أو‬
‫السرقة أو اإلهمال‪.)....‬‬
‫رابعا‪ .‬أهمية الرقابة‪:‬‬
‫تكمن أهمية الرقابة في التنسيق بين مختلف املستويات اإلدارية‪،‬‬
‫والتكيف مع البيئة الخارجية‪ ،‬إضافة إلى‪:‬‬
‫‪ ‬تشجيع اإلدارة واألفراد على تحقيق أهداف املؤسسة‪ ،‬من خالل‬
‫الكشف عن مشاكل وصعوبات التنفيذ‪ ،‬فعندما يشعر الفرد أن عمله‬
‫مراقب يعمل على تحقيق مستويات عمل أكبر مما يحقق الرقابة الذاتية‬
‫وااللتزام بتحقيق األهداف‪.‬‬
‫‪ ‬تقييم كفاءات القيادات اإلدارية‪ ،‬وكذا العاملين مما يساهم في‬
‫تنمية كفاءاتهم (من خالل تقوية جوانب الضعف فيهم)‪.‬‬
‫‪ ‬تعديل الخطط والبرامج من خالل املتابعة املستمرة لها ولعملية‬
‫تنفيذها‪ ،‬وتحسين معايير الرقابة حتى تكون أكثر واقعية‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫‪ ‬ضمان السير الحسن للتنفيذ بفضل الرقابة اآلنية‪ ،‬وبالتالي‬
‫التصحيح اآلني لالنحرافات واستكمال التنفيذ الصحيح للخطط‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق العدالة بين املوظفين‪ ،‬والكشف عن املبدعين من املديرين‬
‫والعاملين ملكافئتهم ووضعهم في املكان املناسب لهم‪.‬‬
‫‪ ‬معرفة املستوى الحقيقي ألداء املوارد البشرية واملادية‪ ،‬التخاذ‬
‫التدابير الالزمة لرفع كفاءتها وحمايتها من سوء االستخدام‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين جودة املخرجات (السلع والخدمات وحتى املعلومات)‪.‬‬
‫التأكد من االستخدام األمثل للموارد لرفع كفاءتها‪.‬‬
‫‪ ‬حماية حقوق األطراف ذات العالقة باملؤسسة (عمال‪ ،‬عمالء‪،‬‬
‫مساهمين‪ ،‬حكومات‪ ،‬بمراقبة مدى وفائها بالتزاماتها تجاههم‪.‬‬
‫خامسا‪ .‬أنواع الرقابة‪:‬‬
‫تصنف الرقابة وفقا للعديد من معاييرالتصنيف‪:‬‬
‫‪ .1‬الرقابة وفقا لزمن حدوثها‪:‬‬
‫تصنف الرقابة وفقا لزمن حدوثها إلى‪:‬‬
‫‪ 1.1‬الرقابة القبلية (الوقائية) ‪:‬‬
‫أي التنبؤ بالخطأ قبل حدوثه‪ ،‬وتتم من خالل مراجعة الخطط واملعايير‬
‫املوضوعة‪ ،‬وكذا مراقبة املدخالت من موارد ومعلومات‪ ،‬والرقابة في‬
‫املراحل األولى من التنفيذ‪ ،‬إذ تعطي أحيانا مؤشرات تبين عدم إمكانية‬
‫تحقيق الخطط إذا تم التنفيذ بالطريقة نفسها‪ ،‬حيث يتم وقف التنفيذ‬
‫واتخاذ التصحيحات الالزمة لتفادي االنحرافات قبل حدوثها‪.‬‬
‫‪ 2.1‬الرقابة املتزامنة (اآلنية)‪:‬‬
‫حيث تكون عملية الرقابة متزامنة مع عملية التنفيذ‪ ،‬وبشكل مستمر‬
‫من البداية حتى النهاية‪ ،‬وبالتالي رصد االنحرافات حال وقوعها‪ ،‬لتداركها‬
‫قبل تفاقمها‪.‬‬
‫‪163‬‬
‫‪ 3.1‬الرقابة البعدية (النهائية)‪:‬‬
‫وتتم بعد إنجاز أو تنفيذ األعمال‪ ،‬حيث يتم مقارنة النتائج النهائية مع‬
‫املعايير (الخطط)‪ ،‬ورصد األخطاء والكشف عن مسبباتها لتفادي وقوعها‬
‫مستقبال‪.‬‬
‫إن هذه األنواع من الرقابة ليست محل اختيار‪ ،‬بل إنها ضرورية معا‪،‬‬
‫حيث يجب ممارستها بشكل متكامل‪.‬‬
‫‪ . 2‬الرقابة من حيث مستوياتها اإلدارية‪:‬‬
‫تصنف الرقابة وفقا ملستوياتها اإلدارية إلى‪:‬‬
‫‪ 1.2‬الرقابة االستراتيجية‪:‬‬
‫تتم على مستوى اإلدارة العليا ألجل التأكد أن االستراتيجية تم تطبيقها‬
‫وأن األهداف العامة تم تحقيقها‪.‬‬
‫‪ 2.2‬الرقابة اإلدارية‪:‬‬
‫تتم على مستوى اإلدارة الوسطى وتسمى مراقبة التسيير‪ ،‬أين يتم‬
‫مراقبة العمليات اإلدارية‪ ،‬من تخطيط وتنظيم وتوجيهه‪ ،‬للتأكد من مدى‬
‫كفاءة املسيرين‪ ،‬والقيادات اإلدارية‪ ،‬وتعد حلقة وصل بين الرقابة‬
‫االستراتيجية والتشغيلية‪.‬‬
‫‪ 3.2‬الرقابة التشغيلية‪:‬‬
‫تتم على مستوى اإلدارة التشغيلية أي مراقبة التنفيذ املباشر للخطط‪،‬‬
‫حيث يتم مراقبة العمال في خطوط اإلنتاج‪ ،‬وباقي وظائف املؤسسة‪،‬‬
‫(مراقبة تنفيذ األعمال اليومية من إجراءات وعمليات وغيرها)‪.‬‬
‫‪ .3‬الرقابة الداخلية والخارجية‪:‬‬
‫بالنسبة للرقابة الداخلية تكون فيها أجهزة الرقابة تابعة للمؤسسة‬
‫(مراقبة املشرفين على العمال) أو مراقبة رؤساء األقسام على الدوائر‪ .‬أما‬
‫‪164‬‬
‫الرقابة الخارجية فيكون الجهاز الرقابي تابع ألطراف خارجية مستقلة عن‬
‫املؤسسة‪ ،‬وذلك حسب طبيعة نشاط املؤسسة‪ ،‬واملجال الرقابي‪( ،‬مراقبة‬
‫الحسابات الخارجي على حسابات املؤسسة مثال)‪.‬‬
‫سادسا‪ .‬مبادئ الرقابة‪:‬‬
‫البد من وجود نظام فعال ومتكامل ملمارسة الرقابة (أقل تكلفة وأقل‬
‫وقت) الكتشاف األخطاء والتنبؤ بها وتفادي وقوعها مستقبال‪ ،‬وأهم‬
‫املبادئ الالزم توفرها لتحقيق ذلك ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬اإلدارة باالستثناء‪:‬‬
‫أي االهتمام باألنشطة والعمليات األكثر أهمية واألكثر تأثيرا على سير‬
‫عملية التنفيذ والتي تكون األخطاء الناتجة عنها فادحة‪ ،‬بدل االهتمام بكل‬
‫صغيرة‪.‬‬
‫‪ ‬مراعاة طبيعة النشاط‪:‬‬
‫يجب وضع نظام رقابي يتماش ى مع كل نشاط على حدا‪( ،‬مثال أساليب‬
‫الرقابة على اإلنتاج ليست نفسها أساليب الرقابة على املبيعات ‪.)...‬‬
‫‪ ‬البساطة والوضوح‪:‬‬
‫يجب أن يكون النظام الرقابي بسيط وسهل التطبيق‪ ،‬والفهم من‬
‫حيث الخطوات واملعايير والقواعد‪ ،‬كما يجب أن يساعد على تحديد حجم‬
‫االنحرافات وأماكن تواجدها واملسؤولين عنها بسرعة‪.‬‬
‫‪ ‬مرونة النظام‪:‬‬
‫أي إمكانية تعديل النظام الرقابي إذا أثبت عدم فاعليته‪ ،‬وسرعة نقل‬
‫التقارير بمجرد كشف االنحرافات‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫‪ ‬االقتصاد في التكاليف‪:‬‬
‫يجب أن يكون النظام الرقابي أقل تكلفة مقارنة مع العائد منه‪ ،‬فال‬
‫يكون عبء إضافي دون فائدة‪.‬‬
‫‪ ‬مراعاة الجانب اإلنساني‪:‬‬
‫فإذا كان األفراد ممن يفضل العمل بحرية واستقاللية‪ ،‬ولهم قدرة على‬
‫اإلبداع واالبتكار فال يالئمهم النظام الرقابي الصارم املتقيد باإلجراءات‬
‫والقواعد الرسمية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة قياس األداء وفقا لألسلوب الذي وضعت به املعايير‬
‫لتسهيل عملية املقارنة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تقديم معلومات صحيحة وموقوتة حول مسببات‬
‫االنحرافات‪ ،‬تساعد في اتخاذ القرار الصحيح وفي الوقت املناسب‪.‬‬
‫سابعا‪ .‬أدوات الرقابة‪:‬‬
‫هناك العديد من أدوات الرقابة‪ ،‬وأهمها‪:‬‬
‫‪.1‬الموازنات التقديرية‪:‬‬
‫هي عبارة عن موازنات توضح ترجمة نقدية وقيمية للموارد املستخدمة‬
‫والنتائج املتوقعة‪ ،‬خالل فترة قصيرة املدى أقصاها سنة (كموازنة‬
‫املبيعات‪ ،‬اإلنتاج‪ )... ،‬وهي في األصل عبارة عن خطط‪.‬‬
‫قانت‪:‬‬ ‫‪ .2‬خرائط‬
‫وهي عبارة عن جداول تتضمن العمليات الواجب القيام بها من طرف‬
‫األفراد‪ ،‬واملدة الالزمة لكل عملية‪ ،‬حيث تحدد االنحرافات عن املعايير‬
‫بخطوط أفقية‪.‬‬
‫‪.3‬التقارير اإلدارية‪:‬‬
‫وتحتوي على معلومات مختصرة حول أداء العاملين‪ ،‬وكفاية املوارد‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫‪166‬‬
‫‪.4‬المالحظة الشخصية‪:‬‬
‫يكون املشرف على اتصال مباشر بالقائمين على التنفيذ‪ ،‬ويرى عن‬
‫قرب ظروف التنفيذ‪ ،‬ويرصد االنحرافات‪ ،‬وبالتالي تصحيحها في أوانها قبل‬
‫تفاقمها‪ ،‬وإرجاع عملية التنفيذ إلى مسارها الصحيح‪.‬‬
‫‪ .5‬اإلدارة باألهداف‪:‬‬
‫يتم وضع أهداف كل فرد ومرافقتهم بتقديم املساعدة ومتابعة التنفيذ‬
‫ثم مقارنة اإلنجازات مع األهداف‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫الفصل التاسع‬
‫عملية اتخاذ القرار‬
‫يخلط العديد من الباحثين بين وظائف اإلدارة وعملية اتخاذ القرار‪،‬‬
‫حيث يعتبره الكثيرون بأنه وظيفة خامسة للعمل اإلداري‪ ،‬والحقيقة أن‬
‫عملية اتخاذ القرار هي عملية مرافقة للعمل اإلداري ككل‪ ،‬من تخطيط‪،‬‬
‫وتنظيم وتوجيه ورقابة‪ ،‬فكل منها يحتاج إلى حسم بين العديد من بدائل‬
‫الحلول‪ ،‬وتعد عملية اتخاذ القرار عند سيمون أهم مهام املدير حيث تعد‬
‫املعيار لقياس نجاحه في عملية التسيير‪.‬‬
‫أوال‪ .‬مفهوم عملية اتخاذ القرار‪:‬‬
‫تعتبر عملية اتخاذ القرار املرحلة األكثر صعوبة في العمل اإلداري ألنها‬
‫الفاصل بين التخطيط والتنفيذ‪ ،‬والفاصل أيضا بين الصحيح والخطأ‪،‬‬
‫لذلك فإنه من الجدير بما كان االهتمام بهذه العملية‪ ،‬وتبيان كيفية اتخاذ‬
‫القرار السليم‪.‬‬
‫‪ . 1‬تعريف القرار وعملية اتخاذ القرار‪:‬‬
‫يعرف الكثير من الباحثين كال من القرار وعملية اتخاذ القرار بنفس‬
‫الطريقة‪ ،‬إال أن الصحيح هو أن القرار عبارة عن "البديل الذي تم اختياره‬
‫على أساس املفاضلة بين عدة بدائل وحلول ممكنة ومتاحة لحل املشكلة"‪،‬‬
‫حيث يع تبر هذا البديل األكثر كفاءة وفعالية من بين البدائل املتاحة‪ ،‬أما‬
‫عملية اتخاذ القرار فهي‪" :‬مجموعة من الخطوات العملية املتتابعة التي‬
‫يستخدمها متخذ القرار في سبيل الوصول إلى اختيار القرار األنسب‬
‫واألفضل"‪ ،‬إذن القرار هو مرحلة من مراحل عملية اتخاذ القرار والذي‬
‫يعرفه البعض بأنه " اختيار مدرك للغايات"‪.‬‬
‫وعموما فإن عملية اتخاذ القرار هي جزء من عملية التخطيط بل هي‬
‫لب عملية التخطيط‪ ،‬إال أن العديد من الباحثين يفضل اعتبارها وظيفة‬
‫‪170‬‬
‫مستقلة‪ ،‬ولكن الحقيقة أن الغاية من أخذها مستقلة عن وظيفة‬
‫التخطيط هو لدواعي بيداغوجية تحقق فهم أحسن للطالب نتيجة ملا‬
‫تحتويه العملية من تفاصيل يفضل ان تأخذ مستقلة‪.‬‬
‫‪ .2‬نظرية القرار لدى هربرت سيمون‪:‬‬
‫يعد هربرت سيمون األب الروحي لنظرية القرار‪ ،‬حيث يعتبر هذا األخير‬
‫أن التسيير عبارة عن عملية اتخاذ للقرار في مختلف وظائف التسيير من‬
‫تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة‪ ،‬وأن املؤسسة قائمة أساسا على فعالية‬
‫هذه العملية‪ ،‬وقد فرق سيمون بين العقالنية التامة والعقالنية املحدودة‪،‬‬
‫حيث يرى أنه ال يمكن تحقيق العقالنية التامة التي تتحقق في ظل توفر كل‬
‫الظروف‪ ،‬حيث يرى أن البديل أو القرار الذي يتم اختياره ليس بالضرورة‬
‫الحل األمثل مطلقا (الحل الراشد أو العقالني التام)‪ ،‬بل هو أفضل الحلول‬
‫املتاحة في ظل مجموعة من العوامل واملحددات بالبيئة الداخلية‬
‫والخارجية للمؤسسة‪ ،‬التي تحول دون تحقيق الحل األمثل (املتصف‬
‫بالرشد أو العقالنية التامة)‪ ،‬حيث ال يمكن للمسير اإلحاطة بكل بدائل‬
‫الحلول (نقص املعلومات‪ ،‬عدم كفاية املوارد‪ ،‬الخبرة‪ ،‬املهارة‪ ،‬عدم االنتباه‬
‫لكل البدائل‪ ،‬الوقت) كما ال يمكنه أن يحيط بكل النتائج التي تعقب كل‬
‫بديل من الحلول‪ ،‬حيث غالبا ما يتسم القرار بحالة عدم التأكد وعدم‬
‫القدرة على التنبؤ بالوضعيات املستقبلية‪ ،‬وهذا ما أسماه هربرت سيمون‬
‫بالعقالنية املحدودة‪ ،‬كما يؤكد سيمون على ضرورة استخدام األساليب‬
‫الكمية والعلمية في مختلف مراحل عملية اتخاذ القرار السيما مرحلة‬
‫تكوين بدائل الحلول‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ . 3‬المبادئ األساسية لعملية اتخاذ القرار السليم‪:‬‬
‫حتى يتمكن املسير من تحقيق سيرورة ناجحة لعملية اتخاذ القرار‪ ،‬البد‬
‫من مجموعة من املبادئ الالزم توفرها‪ ،‬وأهمها‪:‬‬
‫‪ ‬الكفاءة‪ ،‬أي القدرة على تحقيق األهداف املطلوبة بأفضل الطرق‬
‫(من حيث التكلفة‪ ،‬الزمان‪ ،‬املكان‪ ،‬والكم والنوع)‪.‬‬
‫‪ ‬القبول‪ ،‬أي قبول العاملين املعنيين بتنفيذ القرار املتخذ‪ ،‬مما‬
‫يحقق تأييدهم والتزامهم بتحقيقها‪ ،‬وكذا قبول املنتفعين من القرار‬
‫واملتأثرين به من عاملين وعمالء ومجتمع‪ ،‬مما يخفض من مقاومة القرار‬
‫املتخذ‪.‬‬
‫‪ ‬املسؤولية االجتماعية (أمن وسالمة العاملين واملجتمع)‪ ،‬حيث‬
‫ال تضر مخرجات أو نتائج القرار بعناصر البيئة الداخلية أو الخارجية‬
‫(الجوانب املادية واإلنسانية) كإنتاج منتج مضر بالبيئة‪ ،‬أو اتخاذ قرار يهدد‬
‫بقاء العمال باملؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬مشاركة العاملين واملتأثرين بالقرار وكذا الخبراء واملستشارين‬
‫الفنيين واإلداريين في العملية للوصول للقرار األكثر عقالنية‪ ،‬وكذا إعالمهم‬
‫بنتائج القرار السيما اإليجابية لتحفيزهم‪ ،‬وعدم تعصب متخذي القرار‬
‫لرأيهم في مختلف مراحل اتخاذ القرار‪.‬‬
‫‪ ‬التحديد الدقيق للهدف من حل املشكلة‪ ،‬والقدرة على تحديد‬
‫العالقة بين نتائج كل بديل واألهداف املراد تحقيقها جراء اتخاذ القرار (هل‬
‫فعال هذا البديل يحقق نتائج تتماش ى والهدف املراد تحقيقه‪ ،‬وهذا حتى‬
‫يعرف املسير أي البدائل أفضل‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫‪ ‬منح الوقت الكافي لدراسة البدائل وتقييمها قبل االنتقال الختيار‬
‫البديل‪ ،‬أخذا بالحسبان الوقت الالزم التخاذ القرار‪.‬‬
‫‪ ‬االعتماد على األساليب العلمية والكمية في اتخاذ القرار‪ ،‬وعدم‬
‫استعمال األساليب غير العلمية (التخمين)‪.‬‬
‫‪ ‬حرية االختبار بين البدائل املطروحة‪ ،‬حيث يجب أن تكون‬
‫البدائل متوافقة مع اإلمكانيات واملحددات املوجودة‪.‬‬
‫إن مشكلة متخذ القرار والتي تجعله من غير املمكن نسبيا اتخاذ القرار‬
‫األمثل على اإلطالق‪ ،‬هو استحالة توفر كامل شروط أو مبادئ اتخاذ القرار‬
‫هذه في الوقت نفسه‪ ،‬وهذا ما يؤكد نظرية العقالنية املحدودة لدى هربرت‬
‫سيمون‪ ،‬حيث يجب إدراك أن القرار املتخذ ال يؤدي إلى حل قاطع للمشكلة‬
‫بل هو أفضل البدائل املتاحة وأكثرها فعالية‪.‬‬
‫‪ .4‬أنواع القرارات‪:‬‬
‫يمكن تصنيف القرارات حسب عدة معايير تتداخل فيما بينها‪ ،‬إال أنه‬
‫هناك معيارين أساسيين هما‪:‬‬
‫‪ -1-4‬تصنيف القرارات وفقا ملعياراملستوى اإلداري‪:‬‬
‫تقسم القرارات وفقا للمستوى اإلداري الذي تتخذ فيه إلى‪:‬‬
‫أ‪ .‬القرارات االستراتيجية‪:‬‬
‫هي قرارات تتخذ على مستوى اإلدارة العليا‪ ،‬يظهر أثرها على املدى‬
‫الطويل‪ ،‬حيث تعنى ببرامج العمل املستقبلية طويلة املدى‪ ،‬وتعبر عن رؤية‬
‫املؤسسة البعيدة (كقرار دخول سوق جديد)‪ ،‬وتعنى بتحقيق تكيف‬
‫املنظمة مع بيئتها الخارجية حيث تتأثر بتغيرات املحيط‪ ،‬والعالقات‬
‫املتبادلة بين املؤسسة ومحيطها‪ ،‬وتتصف بما يلي‪:‬‬
‫‪173‬‬
‫‪ ‬هي قرارات عارضة غير اعتيادية وغير مبرمجة‪ ،‬ويصعب اتخاذها‬
‫بشكل فوري‪ ،‬حيث ال توجد إجراءات واضحة ملعالجتها‪.‬‬
‫‪ ‬تعتمد على خبرة ومهارة متخذ القرار‪ ،‬وقدرته على التفكير‬
‫االستراتيجي واالبتكاري‪ ،‬ومهارات التحليل‪.‬‬
‫‪ ‬تتصف بدرجة عالية من املخاطرة‪ ،‬تتطلب قدرا عاليا من‬
‫املعلومات‪ ،‬وتقبل عالي للمخاطرة‪ ،‬والخوض فيها‪.‬‬
‫‪ ‬تتميز بالتعقيد والجدة واالستثنائية‪ ،‬ويطغى عليها ظروف عدم‬
‫التأكد نتيجة ارتباطها بالبعد الزمني الطويل‪ ،‬حيث ال تتوفر املعلومات‬
‫الكافية للتنبؤ بالوضعيات املستقبلية‪ ،‬وتحديد نسب احتمال حدوثها‪ ،‬وال‬
‫تقدير نسب احتمال وقوع نتائجها‪.‬‬
‫‪ ‬آثارها كبيرة من حيث التكلفة والعائد منها‪ ،‬كما تؤثر في نمو وتطور‬
‫املؤسسة مستقبال‪.‬‬
‫ب‪ .‬القرارات التكتيكية (اإلدارية)‪:‬‬
‫هي قرارات تتخذ على مستوى اإلدارة الوسطى‪ ،‬وتتعلق عادة بتسيير‬
‫املوارد املختلفة (مادية‪ ،‬مالية‪ ،‬بشرية‪ )...‬كما تعنى بتطوير العملية‬
‫اإلدارية‪ ،‬من تنظيم وتخطيط وتوجيه ورقابة) وتتميز بكونها‪:‬‬
‫‪ ‬قرارات شبه مبرمجة ويمكن اتخاذها اعتمادا على االساليب‬
‫العلمية الداعمة للقرار (وسائل دعم القرار) كالنماذج اإلحصائية‪،‬‬
‫البرمجة الخطية‪ ،‬التسيير املالي‪ ،‬املوازنات التقديرية‪.‬‬
‫‪ ‬قرارات تقل فيها آثار العائد والتكلفة الناتجة عنها مقارنة‬
‫بالقرارات االستراتيجية‪ ،‬كما تقل فيها نسبة املخاطرة‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫‪ ‬يمكن التنبؤ بنسب احتمال حدوثها‪ ،‬كما يمكن تقدير الظروف‬
‫والوضعي ات واملتغيرات محتملة الحدوث في املستقبل متوسط املدى‪،‬‬
‫واتخاذ القرار املالئمة لها‪.‬‬
‫حيث تظهر هنا أهمية بدائل الحلول‪ ،‬حيث يتم وضع مجموعة من‬
‫االفتراضات حول الظروف املحتملة باملستقبل (مشكالت‪ ،‬تغيرات‪،‬‬
‫تحوالت) تقابلها مجموعة من الحلول‪ ،‬يعتبر كل منها حل لكل وضعية‪ ،‬ويتم‬
‫اللجوء إليها في حالة عدم جدوى القرار املتخذ‪ ،‬حتى ال يقع متخذ القرار في‬
‫حالة عجز عن توفير البديل‪ ،‬ال سيما أمام اعتبارات الوقت‪.‬‬
‫ج‪ .‬القرارات التشغيلية‪:‬‬
‫هي القرارات التي يتم اتخاذها على مستوى اإلدارة التشغيلية (اإلدارة‬
‫الدنيا) وتعنى باملشاكل املتصلة بالتنفيذ املباشر لخطط املنظمة‪ ،‬وتهدف‬
‫إلى االستخدام األمثل للموارد املختلفة‪ ،‬وهي قرارات قصيرة املدى‪ ،‬تعنى‬
‫بتسيير األعمال اليومية الروتينية‪ ،‬وتتميز بكونها‪:‬‬
‫‪ ‬قرارات روتينية‪ ،‬متكررة‪ ،‬بدرجة عالية من التأكد من نتائجها (أي‬
‫أن النتيجة تكون معلومة عند توفر ظروف معينة)‪.‬‬
‫‪ ‬آثارها من حيث العائد والتكلفة ضئيلة‪.‬‬
‫‪ ‬تتميز بدرجة ضئيلة من املخاطرة لتوفر املعلومات الكافية‬
‫التخاذها مسبقا‪.‬‬
‫‪ ‬ال تحتاج إلى وقت وجهد كبير لجمع املعلومات عنها‪ ،‬والختيار‬
‫البديل األمثل‪.‬‬
‫‪ ‬هي قرارات مبرمجة يمكن التنبؤ بنتائجها‪ ،‬يتم البت فيها وفي‬
‫شروطها مسبقا وفق برامج محددة تعالج مشكالت روتينية (كقرارات‬
‫‪175‬‬
‫الترقية)‪ ،‬أي أنها تخضع لقواعد نمطية معدة مسبقا‪ ،‬يتم اللجوء إليها كلما‬
‫صادف املدير مواقف مماثلة‪.‬‬
‫‪ ‬هذا النوع من القرارات غالبا ال يمر بمرحلتي صياغة املشكلة‬
‫وتصميم بدائل الحلول واختبار البديل‪.‬‬
‫‪ 2-4‬تصنيف القرارات وفقا ملتخذيها‪:‬‬
‫تصنف القرارات وفقا ملتخذيها إلى نوعان‪:‬‬
‫أ‪ .‬قرارات فردية‪:‬‬
‫هي قرارات يتخذها فرد واحد غالبا يكون املدير‪ ،‬حيث يتأثر القرار‬
‫باألحكام الشخصية للفرد متخذ القرار‪ ،‬وال يشرك فيه حتى املعنيين‬
‫بالقرار‪.‬‬
‫ب‪ .‬قرارات جماعية‪:‬‬
‫هي القرارات التي يشارك في صنعها أكثر من فرد‪ ،‬ويكون القرار الجماعي‬
‫أكثر فعالية من القرار الفردي‪ ،‬حيث تتوفر العديد من وجهات النظر حول‬
‫املشكلة‪ ،‬وبالتالي تعدد البدائل وإمكانية اإلجماع على البديل األمثل‪،‬‬
‫وعموما فإنه حتى القرار الفردي هو في األصل قرار جماعي في مراحل‬
‫إعداده‪ ،‬حيث يحتاج إلى مجموعة معلومات دقيقة يوفرها األفراد في‬
‫املنظمة‪ ،‬وتختلف درجة املشاركة في اتخاذ القرارات على درجة الالمركزية‬
‫املتبناة في املؤسسة‪.‬‬
‫‪ .5‬مراحل عملية اتخاذ القرار‪:‬‬
‫قسم سيمون عملية اتخاذ القرار إلى ثالث خطوات رئيسية‪ ،‬وهي مرحلة‬
‫التحري‪ ،‬مرحلة التصميم ومرحلة االختيار‪ ،‬وتتخلل هذه املراحل خطوات‬
‫فرعية أكثر تفصيال نذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪176‬‬
‫‪ 1.5‬مرحلة تحديد املشكلة وتحليلها‪:‬‬
‫يعد تشخيص املشكلة املرحلة األساسية في اتخاذ القرار‪ ،‬حيث ال تكون‬
‫الحاجة للقرار ما لم تكن هناك مشكلة‪ ،‬أو وضعية ما تحتاج إلى البت فيها‪،‬‬
‫وال يشترط أن تكون املشكلة أمرا سلبيا‪ ،‬بل قد تكون فرصة تريد املؤسسة‬
‫استغاللها‪ ،‬أو وضعية ما تحتاج إلى التصرف‪ ،‬ومن هذا املنطق تعرف‬
‫املشكلة بأنها‪ :‬عدم توازن بين ما هو موجود (الحالة القائمة) وما يجب أن‬
‫ولعل التحديد الصحيح للمشكلة أهم من حلها‪،‬‬ ‫يكون (الحالة املرغوبة) ّ‬
‫لذلك يجب التعمق في تحليل الوضعية ملعرفة املشكلة الحقيقية‪ ،‬بدل‬
‫التركيز على األعراض الظاهرة والتي تعتقد اإلدارة أنها هي املشكلة‬
‫الرئيسية‪ ،‬وذلك من خالل البحث في املسببات الحقيقية للمشكلة‬
‫الظاهرة‪ ،‬وتقص ي املعلومات والحقائق املتعلقة بها‪ ،‬ملعرفة طبيعة املشكلة‪،‬‬
‫وجوهرها وأبعادها‪ ،‬وحدودها‪ ،‬وأسبابها‪ ،‬ونتائجها ومضاعفاتها املتوقعة‪،‬‬
‫والجهة املتأثرة بها‪ ،‬وأين حدثت لتحديد ما إذا كانت مستعجلة أو آجلة‪،‬‬
‫معقدة أو بسيطة‪ ،‬حيث يجب تحليل املشكلة من حيث‪:‬‬
‫‪ ‬تحديد طبيعة املشكلة (وفقا ملوضوعها‪ ،‬مالية‪ ،‬بشرية ‪،)...‬‬
‫وتحليل أسبابها والعوامل األكثر تأثيرا فيها‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد موقعها (اإلدارة املعنية باملشكلة) وتحديد نطاقها (واسع‬
‫يعني املؤسسة ككل أو ضيق يعني إدارة أو وظيفة معينة)‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد مدى تكرار املشكلة (عارضة أو متكررة) لتحديد مدى‬
‫إمكانية برمجتها‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد اآلثار املتوقعة للمشكلة على سير العمل ومدى تفاقمها في‬
‫حالة عدم الحل‪.‬‬
‫‪177‬‬
‫‪ 2.5‬تحديد الهدف من اتخاذ القرار‪:‬‬
‫وذلك لتسهيل عملية اختيار البديل الذي يحقق الهدف املحدد‪ ،‬بحيث‬
‫يكون الهدف قابل للتحقيق من حيث املوارد والقيود‪.‬‬
‫‪ 3.5‬تحديد البدائل‪:‬‬
‫حيث يتم وضع مجموعة من بدائل الحلول (نماذج أولية للقرارات)‬
‫استنادا للمعلومات التي تم جمعها حول املشكلة‪ ،‬وفي حدود اإلمكانيات‬
‫والوسائل املتاحة أمام متخذ القرار لحلها‪ ،‬بحيث تكون قادرة على حل‬
‫املشكلة املطروحة‪.‬‬
‫‪ 4.5‬تقييم البدائل‪:‬‬
‫يتم تقييم كل بديل من حيث إيجابياته وسلبياته باالستعانة بمختلف‬
‫الخبراء واالستشاريين لتحديد النتائج املترتبة عن كل بديل‪ ،‬وتختلف درجة‬
‫الحاجة إلى تعدد البدائل تبعا لدرجة تعقيد القرارات ودرجة قابليتها‬
‫للبرمجة‪ ،‬وظروف التأكد أو املخاطرة التي تعتريها‪ ،‬فكلما كانت املشكلة‬
‫معقدة واتسمت ظروفها بعدم التأكد‪ ،‬احتاج القرار إلى العديد من البدائل‬
‫للمفاضلة بينها‪ ،‬والعكس‪ ،‬ويجب تقييم هذه البدائل وفق معايير‬
‫موضوعية تبين مزايا وعيوب كل بديل‪ ،‬إذ يجب األخذ بالحسبان التكاليف‬
‫التي يتطلبها كل بديل مقارنة مع العائد منه‪ ،‬وانعكاساته النفسية‬
‫واالجتماعية ومدى قبول املرؤوسين له‪.‬‬
‫‪ 5.5‬اختبارالبديل األمثل (اتخاذ القرار)‪:‬‬
‫إذا تم تحديد املشكلة بدقة (بشكل صحيح) واملفاضلة بين البدائل‬
‫بموضوعية يكون متخذ القرار قادر على تحديد الحل األفضل للمشكلة‬
‫والبديل املناسب‪ ،‬في ضوء االعتبارات االقتصادية واالجتماعية والبيئية‬
‫‪178‬‬
‫السائدة‪ ،‬حيث يتم اختيار البديل الذي يؤدي إلى االستغالل األمثل للموارد‬
‫(البشرية‪ ،‬املادية‪ ،‬املالية‪ ،‬والتكنولوجية) واألقل تكلفة‪ ،‬وضمن إمكانيات‬
‫املؤسسة وظروفها السائدة‪ ،‬كما يجب أن يحقق السرعة في حل املشكلة‪.‬‬
‫‪ 6.5‬متابعة وتقييم عملية تنفيذ القرار‪:‬‬
‫حيث يجب متابعة عملية تنفيذ القرار للتأكد من سالمة عملية‬
‫التطبيق‪ ،‬وكذا التأكد من فعالية وكفاءة القرار املتخذ‪ ،‬وأن التوقعات‬
‫املنتظرة من القرار قد تحققت وأن الخطة الناتجة عن القرار تتم كما‬
‫خطط لها‪ .‬أما إذا ظهرت نتائج معاكسة ملا هو متوقع يتم الرجوع للبدائل‬
‫األخرى‪ ،‬أو البحث عن بدائل أخرى‪ ،‬وهنا تظهر أهمية مشاركة العاملين في‬
‫عملية اتخاذ القرار‪ ،‬حيث يصبح بإمكانهم تنفيذه لعلمهم بحيثياته‪ ،‬ويقلل‬
‫من مقاومته‪.‬‬
‫‪ . 6‬العوامل المؤثرة في عملية اتخاذ القرار‪:‬‬
‫تؤثر العديد من العوامل في سير عملية اتخاذ القرار بالشكل السليم‬
‫وأهمها‪:‬‬
‫‪ ‬عوامل متعلقة بالبيئة الخارجية‪ ،‬باعتبار املؤسسة نظام مفتوح‪،‬‬
‫فإن سيرورة القرار فيها تتأثر بالعديد من العوامل الخارجية كالقوانين‬
‫والتشريعات‪ ،‬املنافسة‪ ،‬العمالء‪ ،‬الظروف االجتماعية واالقتصادية وحتى‬
‫السياسة السائدة‪.‬‬
‫‪ ‬شخصية متخذ القرار‪ ،‬وذلك وفقا لدرجة ميوله للمخاطرة‪،‬‬
‫واملبادرة واإلبداع‪ ،‬إضافة إلى مكتسباته املعرفية‪ ،‬واملهارات والخبرات‪،‬‬
‫وحتى الثقافة املكونة من القيم واملعتقدات التي يستمدها من بيئته‬
‫اجتماعية‪.‬‬
‫‪179‬‬
‫‪ ‬الظروف أو البيئة املحيطة باملشكلة (بالقرار) من حيث وفرة‬
‫املعلومات‪ ،‬ومدى تعقيد املشكلة وشموليتها وظروف املخاطرة وعدم التأكد‬
‫السائدة‪ ،‬والتي تؤثر في كم ونوع البدائل املتاحة‪ ،‬وحتى النتائج املمكنة لكل‬
‫بديل‪.‬‬
‫‪ ‬مدى قبول األفراد للقرار‪ ،‬فكلما كانت درجة مقاومتهم له أقل كان‬
‫القرار أكثر قابلية للتنفيذ والعكس‪.‬‬
‫‪ ‬اإلمكانيات أو املوارد املتاحة (بشرية‪ ،‬مادية‪ ،‬مالية‪ ،)...‬وكذا‬
‫طبيعة التنظيم‪ ،‬وطرق االتصال الرسمي وغير الرسمي‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية القرار‪ ،‬حيث تتأثر عملية اتخاذ القرار بدرجة أهمية هذا‬
‫األخير‪ ،‬وتتحدد أهميته من خالل درجة تعقيد املشكلة‪ ،‬وآثارها على األفراد‬
‫واملؤسسة‪ ،‬وكذا آثارها من حيث التكلفة والعائد‪ ،‬والوقت الالزم لحلها‪.‬‬
‫‪ .7‬معوقات عملية اتخاذ القرار‪:‬‬
‫هناك العديد من العوامل التي من شأنها عرقلة عملية اتخاذ القرار‬
‫وأهمها‪:‬‬
‫‪ ‬عدم وضوح األهداف املراد بلوغها‪ ،‬مما يصعب تحويلها إلى برامج‬
‫عمل قابلة للتنفيذ‪ ،‬فقد تكون غير قياسية‪ ،‬مبهمة‪ ،‬هالمية‪ ،‬كما قد‬
‫تتعارض أهداف مختلف الوظائف واإلدارات مع بعضها‪ ،‬أين يجب التركيز‬
‫على أكثرها أهمية للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬الفشل في تحديد املشكلة بدقة نتيجة عدم توفر املعلومات‬
‫الكافية‪ ،‬أو نتيجة تداخل مسببات املشكلة مع نتائجها‪ ،‬وبالتالي االهتمام‬
‫بحل املشاكل الفرعية (الظاهرة) بدل الرئيسية‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫‪ ‬خصائص متخذ القرار‪ ،‬كعدم تمتعه بروح املبادرة واالبتكار أو‬
‫انشغاله بمصالحه الشخصية‪ ،‬أو انشغاله باملشكالت الفرعية‪ ،‬واالبتعاد‬
‫عن املشكالت الرئيسية‪ ،‬وكذا التهرب من القرارات الصعبة خوفا من‬
‫املساءلة (غياب املخاطرة)‪.‬‬
‫‪ ‬تدخل السلطة العليا في توجيه القرارات على مستوى باقي‬
‫اإلدارات‪ ،‬مما ينقص من كفاءتها لعدم إحاطتها بكل الجوانب‪.‬‬
‫‪ ‬عدم مشاركة العمال مما يؤدي للمقاومة ومحاولة إفشال‬
‫القرارات‪ ،‬إذ يجب التفاوض معهم حول القضايا محل االختالف‪.‬‬
‫‪ ‬القيود الداخلية للتنظيم (البيروقراطية‪ ،‬والجمود والتقيد‬
‫باإلجراءات والقواعد والتعليمات الرسمية‪ ،‬مما يحد من حرية متخذ‬
‫القرار في الخوض في مجاالت أكثر طموحا وتطورا والبقاء في الوضعية‬
‫القائمة‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫الجزء الرابع‬
‫ماهية التغيير والمـدخل‬
‫إلى إدارته‬
‫لقد شهدت بيئة األعمال في الحقبة األخيرة العديد من التحوالت‬
‫والتغيرات من عوملة وانفتاح على األسواق العاملية وتطور تكنولوجي‬
‫باألخص تكنولوجيا املعلومات التي أصبحت مكونا رئيسيا في عمليات‬
‫اإلنتاج والتوزيع‪ ،‬بل كمكون في الخدمة أو املنتج نفسه‪ ،‬ال سيما في نهاية‬
‫القرن العشرين وإلى يومنا هذا‪ ،‬حيث تغيرت معها معالم منشآت األعمال‬
‫وكيفية أداءها ألعمالها ونشاطاتها‪ .‬وأمام هذا الكم الهائل من التحوالت‪،‬‬
‫والوعي الذي بلغه املستهلك من حيث الجودة والسعر والتميز في املنتجات‪،‬‬
‫من جهة‪ ،‬ومن حيث قدرته على تحديد احتياجاته ورغباته‪ ،‬وخصائص‬
‫املنتج الذي يرغب في بلوغه من جهة أخرى‪ ،‬وأمام التطور الذي حققته‬
‫املؤسسات الرائدة من تميز وتنويع وتجديد في املنتجات‪ ،‬على املؤسسات‬
‫التي تصبو للتميز أو على األقل الصمود أمامها‪ ،‬أن تعي حقيقة التغيير‬
‫وأهميته‪ ،‬من أجل اتخاذ التدابير الالزمة‪ ،‬ال إلجراء تغييرات آنية تمليها‬
‫الضرورة الحتمية‪ ،‬بل من أجل اتخاذه كاستراتيجية ورؤية طويلة املدى‪،‬‬
‫من جهة‪ ،‬وتبنيه كثقافة عمل‪ ،‬وكقيمة تبني املؤسسة على أساسها قراراتها‬
‫واستراتيجياتها من جهة أخرى‪.‬‬
‫من خالل الطرح السابق تظهر حاجة املؤسسات االقتصادية إلى معرفة‬
‫حقيقة التغيير وأهميته‪ ،‬وأهم البدائل االستراتيجية للتغيير‪ ،‬وكذا معرفة‬
‫طرق التسيير الناجح له وكيفية مواجهة املقاومة‪ ،‬وأهم عوامل النجاح‬
‫الحرجة إلدارة التغيير‪ .‬ولهذا الغرض قسم هذا الجزء إلى ثالث فصول هي‪:‬‬
‫الفصل العاشر‪ :‬ماهية التغيير‪ :‬مفهومه‪ ،‬دوافعه‪ ،‬واستراتيجياته‪.‬‬
‫الفصل الحادي عشر‪ :‬املدخل إلى إدارة التغيير‪.‬‬
‫الفصل الثاني عشر‪ :‬مقاومة التغيير وصفات القائد الناجح في إدارتها‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫أما الدروس املستفادة من هذا الجزء هي معرفة مختلف املفاهيم‬
‫حول التغيير‪ ،‬كيفية إدارة التغيير وخفض مقاومته‪ ،‬وأهم عوامل النجاح‬
‫في ذلك‪ ،‬وكذا صفات القائد الذي بإمكانه قيادة عملية التغيير‪ ،‬ليس لفترة‬
‫معينة فحسب‪ ،‬بل قدرته على جعل التغيير ثقافة متجذرة في قيم األفراد‬
‫وسلوكياتهم‪ ،‬إضافة إلى تعلم كيفية اختيار استراتيجية التغيير املالئمة‬
‫ملختلف الوضعيات‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫الفصل العاشر‬
‫ماهية التغيير‪ :‬مفهومه‪،‬‬
‫دوافعه‪ ،‬واستراتيجياته‬
‫لم يعد يختلف اثنان على أهمية التغيير لتحقيق نجاح املؤسسات‪ ،‬أو‬
‫على األقل االستمرار في ظل التحوالت املتسارعة في بيئة األعمال‪ ،‬والتي‬
‫تستدعي تبني التغيير كثقافة قائمة في كل املؤسسة من إداريين وعمال في‬
‫كل املستويات‪ .‬وتحتاج املؤسسة من أجل هذا‪ ،‬إلى فهم طبيعة التغيير‬
‫وخصوصيته‪ ،‬وأهميته في املؤسسات االقتصادية‪ ،‬وبالتالي إلى استراتيجية‬
‫تغيير محكمة االختيار واإلعداد‪.‬‬
‫أوال‪ .‬مفهوم التغيير‪ :‬تعريفه‪ ،‬خصائصه وأنواعه‪،‬‬
‫أهميته وأهدافه‪:‬‬
‫لقد حض ي التغيير باهتمام غير مسبوق في اآلونة األخيرة‪ ،‬نتيجة‬
‫للتحوالت التي شهدها محيط األعمال‪ ،‬وما لها من أثر على منشآت األعمال‪،‬‬
‫وبالتالي حاجتها إلى فهم صحيح له‪ ،‬وتوضيح أهميته وخصائصه وأهدافه‪،‬‬
‫وأنواعه من أجل توضيح الرؤية للمسيرين الذين يودون تبني التغيير‬
‫ويرغبون في إدراجه باملؤسسة‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف التغيير‪:‬‬
‫تختلف تعاريف التغيير باختالف الزاوية التي ينظر إليه منها‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى االختالف في الرؤية والفهم واإلدراك‪ ،‬وبالتالي في التعامل مع هذه‬
‫الظاهرة‪ ،‬وإن وجود تعريف واضح ومقبول من الجميع‪ ،‬يساعد على وجود‬
‫فهم وإدراك ولغة مشتركة‪.‬‬
‫وقد ورد التغيير في عدة سور في القرآن الكريم‪ ،‬حيث قال هللا تعالى في‬
‫سورة األنفال‪ :‬آية‪.53 .‬‬
‫"ذلك بأن هللا لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما‬
‫بأنفسهم وأن هللا سميع عليم"‪.‬‬
‫‪188‬‬
‫إذن فإن التغيير ال يأتي إال بإرادة من داخل اإلنسان وبرغبة منه‪.‬‬
‫بينما يعرف التغييرلغة‪ :‬تغيير الش يء عن حاله‪ :‬أي غيره‪ ،‬وحوله وبدله‬
‫أي جعله غير ما كان عليه‪ ،‬وغير الش يء‪ :‬بدل به غيره أو أنه‪ :‬االنتقال من‬
‫وضعية ألخرى‪ .‬كعملية استبدال شخص بآخر أو ش يء بآخر أو ترك مكان‬
‫نحو آخر أو ترك وضعية واقعية من أجل أخرى‪ .‬أي أن التغيير هو انتقال‬
‫الش يء من حالة إلى حالة مختلفة‪ ،‬واختالفه عما كان عليه خالل فترة من‬
‫الزمن‪.‬‬
‫فيما يعرف التغيير إداريا على أنه "التحول في وضع معين على عكس‬
‫ما كان عليه من قبل‪ ،‬قد يكون في الشكل أو النوعية أو الحالة‪ ،‬وهو إخالل‬
‫في موقف اإلدارة بالنسبة لعناصر املوقف املحيط‪ ،‬الداخلي والخارجي‪ ،‬إذ‬
‫أن قوى التغيير قد تأتي من الخارج أو من الداخل‪ ،‬وقد تكون مواتية إذ‬
‫تتيح فرصا للمنظمة أو العكس بحيث تهدد أعمالها"‪ .‬إذن فالقوى الدافعة‬
‫للتغيير قد تكون فرصا أو تهديدات‪ ،‬تدفع اإلدارة إلى تغيير مواقفها‪ ،‬بما‬
‫يتماش ى وهذه التغيرات‪ ،‬والهدف منه هو تغيير املعتقدات والسلوكيات‬
‫والهياكل باملنظمة من أجل التكيف مع التغيرات البيئية‪.‬‬
‫‪ -‬يعرفه الدكتور سعيد يس‪ ،‬على أنه "استجابة مخططة أو غير‬
‫مخططة من طرف املنظمة للضغوط كالتطور الفني امللموس وغير‬
‫امللموس من ماديات وأفكار ومعارف‪ ،‬وهو حركي بإتباع طرق وأساليب‬
‫مستحدثة ناتجة عن اإلبداعات املادية والفكرية‪ ،‬وقد يكون منتجا أو‬
‫معوقا بحسب أخذ نا ألسباب النجاح وأساليبه املعرفية" أي أن التغيير قد‬
‫يكون إراديا ومخطط من طرف اإلدارة‪ ،‬أو غير مخطط وناتج عن ضرورة‬

‫‪189‬‬
‫حتمية‪ ،‬كما أنه متوقف على مدى األخذ باألساليب املعرفية للنجاح‪ ،‬وإال‬
‫كان عائقا غير منتج‪.‬‬
‫‪ -‬يعرفه ‪ gerard‬بشكل عام‪ ،‬على أنه "عبارة عن عملية تغيير إيجابي أو‬
‫سلبي لواقعنا الحالي إلى االفتراض ي وهو نتيجة لكل األعمال التي تغير‬
‫واقعنا‪ ،‬أو أنه عملية مقاربة أقص ى ما يمكن‪ ،‬للواقع الحالي بالواقع‬
‫االفتراض ي أو املرغوب"‪ .‬أي أن التغيير ليس إيجابي دوما‪ ،‬بل قد يكون‬
‫سلبيا أيضا‪ .‬بينما يعرف ‪ Gareth‬التغيير على أنه "العملية التي من خاللها‬
‫تتحرك املنظمة من وضعيتها الحالية إلى وضعية مستقبلية مرغوبة‪ ،‬لرفع‬
‫كرفع كفاءتها"‪ .‬وركز ‪ Gareth‬على كون الهدف من التغيير هو تحقيق‬
‫الكفاءة‪ ،‬ويري يأن الهدف من التغيير املخطط هو إيجاد طرق جديدة أو‬
‫محسنة الستعمال مواردها وإمكاناتها‪ ،‬لرفع قدرتها على خلق القيمة‬
‫وتحسين مداخل مالكيها‪ ،‬كما يرى أن أهم محاور التغيير هي‪:‬‬
‫‪ ‬املوارد البشرية باعتبارها مصدرا للميزة التنافسية‪ ،‬من خالل‬
‫التحفيز وحسن استغالل املهارات في املجاالت األكبر تقديما للقيمة‬
‫املضافة؛‬
‫‪ ‬املوارد الوظيفية‪ ،‬من خالل تحويل املوارد تجاه الوظائف التي‬
‫تقدم أكبر قيمة مضافة؛‬
‫‪ ‬اإلمكانات التكنولوجية التي تعد عادة الدافع األول للتغيير‪،‬‬
‫والوسيلة املباشرة الغتنام فرص املحيط؛‬
‫‪ ‬اإلمكانات التنظيمية من خالل تغيير الهيكل والثقافة بما يتماش ى‬
‫والتحول البيئي‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫أما الدكتور زيد منير عبوي‪ ،‬يعرفه على أنه "عبارة عن تغيير موجه‬
‫ومقصود وهادف وواع‪ ،‬يسعى إلى تحقيق التكيف البيئي الداخلي والخارجي‬
‫بما يضمن االنتقال إلى حالة تنظيمية أكثر قدرة على حل املشكالت‪ ،‬أما‬
‫التغير فهو ظاهرة طبيعية ومستمرة في حياة املنظمات تحدث دون تخطيط‬
‫مسبق وبشكل تلقائي وعفوي “يوضح هذا التعريف الفرق بين التغيير‬
‫والتغير‪ ،‬حيث أن األول مقصود ومخطط‪ ،‬والثاني غير مخطط‪ ،‬موضحا‬
‫اختالفه مع التعريف السابق‪ ،‬أي أن االستجابة غير املخططة ليست تغييرا‬
‫إنما تغيرا‪.‬‬
‫‪ -‬يعرف الدكتور سعيد العطيوي التغيير على أنه "عميله تشمل‬
‫سلوكيات األفراد وهياكل التنظيم ونظم األداء والتكنولوجيا وتقييمها‬
‫بغرض التكيف والتفاعل مع البيئة"‪ .‬أي أن التغيير هو عملية تكيف مع‬
‫البيئة كما بين جوانب املنظمة التي يمكن أن يمسها التغيير‪ ،‬موضحا أنه‬
‫عملية شاملة‪.‬‬
‫‪ -‬أما الدكتور العطيات يعرف التغيير على أنه "عملية التحول من‬
‫الواقع الحالي للفرد أو املؤسسة إلى واقع آخر منشود يرغب في الوصول إليه‬
‫خالل فترة زمنية معينة‪ ،‬بأساليب وطرق معروفة لتحقيق أهداف طويلة أو‬
‫قصيرة املدى‪ ،‬كي تعود بالنفع على الفرد أو املؤسسة أو معا‪ ،‬أو هو إحداث‬
‫تعديالت في أهداف وسياسات اإلدارة أو في أي عنصر من عناصر العمل‬
‫التنظيمي‪ ،‬مستهدفة أحد أمرين أساسيين هما‪ ،‬مالئمة أوضاع التنظيم‪ ،‬أو‬
‫استحداث أوضاع تنظيمية جديدة للتنظيم لم يسبق غيره من التنظيمات‬
‫فيها"‪ .‬ويبين هذا التعريف أن التغيير عملية شاملة‪ ،‬وأنه يصبو لتحقيق‬

‫‪191‬‬
‫أهداف املنظمة بشكل أفضل‪ ،‬كما أن التغيير ليس عملية تكيف فحسب‬
‫بل أنه استحداثي وخروج عن املألوف من أجل الريادة أيضا‪.‬‬
‫يعرف التغيير من وجهة نظر إدارة املوارد البشرية بأنه‪" :‬ناتج الجهد‬
‫البشري في محاوالته لتغيير واقعه والتغلب على املشاكل والقيود التي تحد‬
‫من إشباع احتياجاته‪ ،‬وأنه نسق من الجهود البشرية نحو الصدام مع‬
‫القيود واملحددات القائمة وإزالتها والتأثير عليها من أجل تحقيق عدة‬
‫مصالح هامة تتم مع إرساء نظم جديدة وأشكال جديدة من العالقات"‪ .‬أي‬
‫أن هناك محددات وضوابط تضع قيودا على حركة وقدرة قوى التغيير على‬
‫صنع التغيير املستهدف تلميحا لوجود مقاومة للتغيير‪ .‬ويتم التركيز على‬
‫مفهوم الفريق‪ .‬باعتباره حجر الزاوية في عملية التغيير‪ .‬ويعرفه ‪Pierre‬‬
‫‪ Pastor‬على أنه ''الغوص في املجهول أي مواجهة عدم التحكم والجدة‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى تخوف عادة ما يكون غير عقالني وغير واعي‪ ،‬وبالتالي إلى مقاومة''‪.‬‬
‫ويلمح ‪ Pastor‬لحتمية وجود مقاومة للتغيير‪ ،‬والناتجة عادة عن عدم‬
‫األكادة والغموض الذي يكتنفه في غالب األحيان‪.‬‬
‫حسب نموذج لوين فإن التغيير حالة من عدم التوازن بين قوى موجهة‬
‫للتغيير وقوى معوقة له‪ ،‬إذ أن كل محاوالت التغيير تحتاج إلى طاقة كبرى‪،‬‬
‫إذ أن كل محاولة لتغيير وضع حالي إلى وضع مستقبلي مرغوب‪ ،‬يواجه قوى‬
‫كبرى وهي قوى العطالة للرجوع للوضع السابق‪ .‬أي أن التغيير هو عملية‬
‫ناتجة عن عدم التوازن بين القوى الدافعة واملقاومة له وتكمن إدارة‬
‫التغيير في خلق هذه الحالة من عدم التوازن‪ ،‬حيث تتحرك قوى التوازن‬
‫وقوى القطيعة أي مؤيدي التغيير‪ ،‬بحثا عن األداء األفضل‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫إذن التغيير هو عملية مخططة تتضمن االنتقال من وضع حالي‬
‫مرفوض إلى وضع مستقبلي مرغوب‪ ،‬ناتج عن تغير بيئي‪ ،‬ويواجه مقاومة في‬
‫أغلب الحاالت‪ ،‬يتسم بالشمولية واالستمرارية‪.‬‬
‫‪ . 2‬أهداف التغيير‪ ،‬خصائصه وأنواعه‪:‬‬
‫إن التغيير بمفهومه الحديث ليس مجرد إجراء روتيني‪ ،‬أو قرارا منفردا‬
‫تحتكره اإلدارة العليا‪ ،‬بل هو أكبر من ذلك‪ ،‬إذ يعبر على رؤية مشتركة‬
‫وبرنامج متكامل يحتاج لتنفيذه ونجاحه إلى مساندة املوارد البشرية بكل‬
‫املنظمة‪ ،‬وقبل ذلك إلى تقبلهم له‪ ،‬ولهذا الغرض‪ ،‬فإن املؤسسات الناجحة‬
‫تعمد أوال إلى توضيح الهدف من التغيير‪ ،‬أهميته ونوع التغيير املزمع‬
‫إجراءه‪.‬‬
‫‪ 1.2‬أهداف التغيير‪:‬‬
‫قبل التطرق ألهداف التغيير‪ ،‬يجب إبراز أهم مظاهر عدم التغيير والتي‬
‫على ضوئها نستشف أهميته وأهدافه‪ ،‬وفيما يلي أهم املظاهر السلبية التي‬
‫تنبئ بضرورة التغيير باملنظمة‪:‬‬
‫‪ ‬جمود الفكر والتشبث بالوضع الراهن مما يفقد املنظمة حيوتها‬
‫ويصيبها بالتبلد؛‬
‫‪ ‬السلبية وغياب املبادرة‪ ،‬وطغيان املنفعة املادية للقادة ومحاربة‬
‫األفكار الجديدة؛‬
‫‪ ‬سيادة النمطية واملحاكاة‪ ،‬والتقليد‪ ،‬بدل التغيير والتقدم وبالتالي‬
‫التخلف والتأخر؛‬
‫‪ ‬تدهور مقومات اإلنتاج واإلنتاجية‪ ،‬وبالتالي تراجع املؤسسات‬
‫االقتصادية‪ ،‬واتساع نطاق الفساد؛‬
‫‪193‬‬
‫‪ ‬اتساع نطاق الضائع في املؤسسات بشكل يفقدها اقتصاديات‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وزيادة العاطل من عوامل اإلنتاج؛‬
‫‪ ‬زيادة نسبة الفاقد في العمليات اإلنتاجية (جهدا ووقتا ومواد خام‬
‫وغيرها) وزيادة نسبة املعيب في املنتج التام‪ ،‬وعدم الرشادة في استخدام‬
‫املوارد؛‬
‫‪ ‬فقدان السوق واملستهلك وظهور حاالت رفض وعداء للمنتجات‪،‬‬
‫واملنظمة أيضا‪.‬‬
‫إن هذه املظاهر قد تتسبب إذا استمرت في اندثار املنظمة مما يبرز‬
‫أهمية التغيير في نجاح واستمرار املؤسسات‪ ،‬في عصر تغيرت فيه املفاهيم‬
‫والثقافات وحتى اإلدراكات‪ ،‬ففي املاض ي كان النجاح املادي مطلبا تسعى‬
‫إليه املؤسسات‪ ،‬أما حاليا تطور مفهوم النجاح إلى أوسع من ذلك باعتباره‬
‫منهج متكامل على املنظمة أن تتبناه‪ ،‬إلحداث التوازن واملفاضلة بين‬
‫متطلبات كافة املتعاملين مع املؤسسة لتحقيق التميز‪.‬‬
‫تتعدد أهداف التغيير بتعدد األطراف املعنيين به‪ ،‬فالعمال يريدون‬
‫وظائف تتحدى مهاراتهم وتنمي شخصياتهم وتوسع خبراتهم‪ ،‬وتحقق لهم‬
‫املساواة في املناخ التنظيمي لتحقيق التأثير املتبادل بين عالقاتهم‪ ،‬وكذا‬
‫لتحقيق ذاتهم‪ ،‬أما العمالء فقد أصبحت لهم األهمية الكبرى في أعمال‬
‫املنظمة وأهدافها بسبب التطور الهائل الذي بلغته تكنولوجيا املعلومات‬
‫والتي جعلت العالم يتواصل بسهولة تامة‪ ،‬مما منح العمالء قدرة هائلة في‬
‫املقارنة بين املنتجات واختبار األفضل جودة وسعرا وخدمة‪ ،‬عبر العالم‬
‫مما يشكل تحديا للمنظمات التي تصبوا لالستمرار في ظل التغير السريع في‬

‫‪194‬‬
‫بيئتها‪ ،‬أين أصبح رضا العمالء يمثل الصدارة في استراتيجية املنظمات‬
‫لدرجة أن بعضها يشركهم في وضع السياسات واإلجراءات‪.‬‬
‫فيما يلي بعض األهداف العامة للتغيير‪:‬‬
‫‪ ‬تحقيق القدرة على التعامل مع البيئة املحيطة باملنظمة والتكيف‬
‫والتوافق مع التغيرات البيئية غير الثابتة من أجل تحقيق البقاء‬
‫واالستمرار؛‬
‫‪ ‬زيادة القدرة على التعاون بين املجموعات املتخصصة إلنجاز‬
‫األهداف العامة وتحقيق الرضا الوظيفي؛‬
‫‪ ‬خلق مناخ من الثقة واالنفتاح بين األفراد‪ ،‬والكشف عن الصراع‬
‫إلدارته بشكل يخدم املنظمة؛‬
‫‪ ‬زيادة مستوى األداء التنفيذي واملمارسة التشغيلية من خالل‬
‫اكتشاف نقاط الضعف ومعرفة نقاط القوة وإثارة الرغبة في التحسين‬
‫واالرتقاء والتقدم في كل املجاالت؛‬
‫‪ ‬تنمية القدرة على االبتكار وتجديد الحيوية داخل املنظمات‬
‫وتفعيل املشاركة اإليجابية وتخفيض السلبية والالمباالة الناجمة عن‬
‫الثبات واالستقرار على الحالة القائمة‪.‬‬
‫يهدف التغيير أيضا إلى مساعدة املنظمة على حل مشاكلها من خالل‬
‫توفير املعلومات الالزمة لذلك‪ ،‬وكذا تحقيق نظام حيوي قائم على‬
‫الالمركزية واملشاركة في اتخاذ القرارات وتبادل االتصاالت في مختلف‬
‫االتجاهات‪ ،‬وتشجيع الرقابة الذاتية‪.‬‬
‫إضافة إلى إزكاء الرغبة والدافع نحو االرتقاء والتقدم من خالل‬
‫التحسين والتطوير الشامل واملتكامل‪ ،‬وكذا تحقيق التوافق مع املتغيرات‬
‫‪195‬‬
‫البيئية واملواقف غير الثابتة‪.‬‬
‫إن الهدف من التغيير أكبر من التفكير في عدم إحداثه‪ ،‬فإن غيابه‬
‫يتسبب في نتائج سلبية بل قد يؤثر في استمرارية املنظمة نفسها‪ ،‬إذ أنه‬
‫وسيلة لتكيفها مع البيئة الخارجية والتماش ي مع التطورات املتسارعة التي‬
‫تتميز بها‪ ،‬حيث تغيرت املرجعيات واملنتجات والطلبات‪ ،‬فالعميل أصبح‬
‫أكثر إلحاحا وتطلبا من ذي قبل‪ .‬إذن فالتغيير يتعدى كونه مجرد مشروع‬
‫مقترح يمكن قبوله كما يمكن رفضه‪ ،‬بل هو فلسفة وثقافة إيجابية‪ ،‬على‬
‫املنظمة تبنيها ونشرها‪ ،‬كما أن حتمية االستمرار في إحداثه والترويج له‬
‫أقوى من محاولة تجاهله‪.‬‬
‫‪ 2.2‬مبادئ التغيير‪:‬‬
‫إن التغيير عملية مخططة كما سبق واتضح ذلك عند التعريف به‪،‬‬
‫ولذلك ال يمكن البدء في أي عملية تغييرية دون أن تكون لدينا القناعة‬
‫الكافية بضرورته‪ ،‬واإلمكانيات الالزمة إلنجاحه‪ ،‬وقبل كل هذا املبادئ التي‬
‫يجب تبنيها والتي يقوم عليها أي مشروع تغييري ومن أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬أن تدفع ثمن التغيير أفضل من دفع ثمن عدم التغيير؛‬
‫‪ ‬االستعداد للتغيير متوقف على الطموح واملستوى الثقافي لألفراد؛‬
‫‪ ‬يمكن تقبل التغييرات التدريجية بمعدل أسرع من تلك التي تتم‬
‫دفعة واحدة؛‬
‫‪ ‬كلما جرب التغيير لدى اآلخرين تم قبوله أكثر؛‬
‫‪ ‬النقد عملية بناءة يجب تشجيعها واالستفادة منها ال رفضها‪.‬‬
‫يضيف ‪ Gerard‬املبادئ التالية للتغيير‪:‬‬

‫‪196‬‬
‫‪ ‬قصر دورة حياة التغيير‪ ،‬ال سيما أمام ما تفرضه العوملة من‬
‫ضغوط اجتماعية واقتصادية ومن تنميط لكل جوانب الحياة سلوكيا‬
‫وثقافيا وفكريا‪ ،‬مما يستدعي تغييرات متتالية باملؤسسة تماشيا مع كل‬
‫هذا؛‬
‫‪ ‬التغيير هو حالة عدم توازن‪ ،‬إذ أنه عملية حركية دائمة تتغير فيها‬
‫النقاط املرجعية في كل مرة‪ ،‬والتحدي هنا هو إيجاد حالة استقرار نسبية‬
‫تتوافق مع حركية التغيير‪ ،‬أي البحث عن حالة استقرار حركي؛‬
‫‪ ‬التغيير مرتبط بالحاجة وعدم اإلشباع‪ ،‬فاألفراد واملؤسسات ال‬
‫يبدؤون في عملية التغيير إال بعد اإلحساس بحاجته أو عدم إشباع معين؛‬
‫‪ ‬التغيير هو عملية وليس حدثا لحظيا‪ ،‬فهو عبارة عن مجموعة‬
‫أحداث أو عمليات أو نتائج‪.‬‬
‫يخضع التغيير لقوانين أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬املقاومة بمثابة محرك لعملية التغيير‪ ،‬فالتغيير الذي ال يجد‬
‫مقاومة يفشل في الغالب؛‬
‫‪ ‬تطبيق وتجسيد التغيير ال يتطابق تماما مع الخطة أو الفكرة‬
‫األولية‪ ،‬وإن تم ذلك فإنها تختلف في التفاصيل‪ ،‬إذ تتضح الرؤية كلما‬
‫استمرينا في عملية التنفيذ؛‬
‫‪ ‬حدة التغيير تتناقص مع الوقت ال سيما عند رؤية النتائج‬
‫اإليجابية‪ ،‬وتوضح الرؤية؛‬
‫‪ ‬وتيرة التغيير تميل للتسارع مع الوقت‪ ،‬حيث تزداد سرعة التغيير‬
‫كلما زاد حجم التغيير نفسه‪ ،‬حيث يتم التعود عليه وتقل مقاومته‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫إن من أهم مبادئ التغيير‪ ،‬االقتناع بضرورته والوعي بالخسائر‬
‫الناتجة عن عدم إحداثه‪ ،‬فبهذا يمكن االستعداد له والتقص ي عن تجارب‬
‫اآلخرين حوله وتقبل النقد واملقاومة‪.‬‬
‫‪ 3.2‬خصائص التغيير‪:‬‬
‫تتمثل خصائص عملية التغيير فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬التغيير عملية مستمرة‪:‬‬
‫حيث تحدث تغيرات مستمرة على مستوى بيئة املنظمة الداخلية‬
‫والخارجية‪ ،‬تستدعي تغييرا مستمرا في أنظمتها من تكنولوجيا وإدارة وهياكل‬
‫ووظائف وغيرها‪.‬‬
‫ب‪ .‬التغيير عملية مخططة‪:‬‬
‫حيث ينشأ التغيير نتيجة ظهور حاجة معينة إذ يجب التخطيط ملا يجب‬
‫تغييره إلشباعها أي كيف ومتى يتم التغيير‪ ،‬والتكلفة والنتائج املتوقعة‬
‫واآلثار واملشاكل وكيف يمكن التصدي للمشكالت الناتجة عن التغيير‬
‫واملسؤول عن التغيير وغيرها‪.‬‬
‫يحتاج التخطيط للتغيير إلى معلومات عن مشكالت وفرص املنظمة‪،‬‬
‫واملشاركة على ضوئها في اتخاذ القرار حول برنامج التغيير الالزم إتباعه‪.‬‬
‫ت‪ .‬التغييرمسؤولية إدارية‪:‬‬
‫حيث يعد التغيير من مهام كل املستويات اإلدارية‪ ،‬فاإلدارة العليا‬
‫مسؤولة عن الدعم املادي واملعنوي‪ ،‬وكذا املصادقة على خطط التغيير‬
‫وحل املشكالت الناتجة عن قرار تنفيذها واختيار استراتيجية التغيير‬
‫املالئمة‪ ،‬وتعنى باقي املستويات التنفيذية بالتخطيط املشترك للتغيير‬
‫وتنفيذه ومعالجة املشاكل اليومية باملشاركة مع العاملين في التنفيذ‬
‫‪198‬‬
‫العملي له‪ ،‬وكذا جهود قسم متخصص في مجال التغيير داخل املنظمة أو‬
‫بمساعدة مستشار خارجي‪.‬‬
‫ث‪ .‬تعدد أساليب التغيير‪:‬‬
‫أي أن أسلوب التغيير يختلف من منظمة ألخرى وما نجح في إحداها‬
‫قد يفشل في أخرى وال يوجد وصفة واحدة للتغيير‪ .‬فإن وصف طريقة‬
‫معينة للتغيير اتخذتها مؤسسة مماثلة في مجال نشاطها وتعميمها على كل‬
‫املؤسسات‪ ،‬يعد تضييقا للخصائص املميزة لكل منها‪ ،‬وتقييدا لالختيار‪ ،‬فال‬
‫توجد وصفة سحرية للتغيير لكل املؤسسات أو مجاالت النشاط‪ ،‬إذ على‬
‫املؤسسة طرح األسئلة املالئمة قبل تنفيذ أي تغيير‪ ،‬وتحليل جيد لبيئتها‬
‫الداخلية والخارجية‪ ،‬الختيار التغيير األكثر مالئمة‪ ،‬ألن الوصفات الجاهزة‬
‫ّ‬
‫للتغيير ليست دائمة النجاعة والنجاح‪ ،‬فلكل مؤسسة خصوصيتها‪ ،‬إذ‬
‫يفترض في عملية التغيير املرونة حيال وضعية املؤسسة وثقافتها وكفاءاتها‪.‬‬
‫ليس هذا فحسب بل على املؤسسة عدم تبني حتى عمليات التغيير‬
‫الناجحة التي قامت بها سابقا قبل مراجعتها‪ ،‬والبحث عن أسباب نجاحها‪،‬‬
‫ووضعية املؤسسة آنذاك‪ ،‬ومدى اختالفها عن الوضع الراهن‪ ،‬ومدى‬
‫إمكانية تطبيق البرامج التغييرية السابقة‪ ،‬وما هي التعديالت الالزم إدراجها‬
‫وفقا لالختالفات مع الوضعية الحالية‪.‬‬
‫ج‪ .‬التغييرمبني على الشمولية ومفهوم النظم املفتوحة‪:‬‬
‫أي أن التغيير الذي يحدث باملنظمة يتأثر بظروفها الخارجية‪ ،‬كما أن‬
‫تغيير أحد النظم داخل املنظمة يعقبه غالبا تغيير في بعض النظم ذات‬
‫العالقة لتنسجم مع الوضع الجديد‪ ،‬فإذا كان التغيير تكنولوجيا مثال‬
‫احتاج األمر إلى تعديل االستراتيجيات والخطط والسياسات التنظيمية‪،‬‬
‫‪199‬‬
‫مما يؤدي إلى توتر أو ضغط‪ ،‬ومقاومة ناتجة عن عدم التأكد والخوف‪،‬‬
‫هذه األخيرة تفترض تغيرات على الجوانب الفنية واملمارسات والتطبيقات‬
‫الفنية‪.‬‬
‫يقول جمس شامبي‪ ،‬مؤلف كتاب إعادة الهندسة‪ ،‬في هذا الصدد أنه‬
‫"كلما كان مقدار التغيير أكبر‪ ،‬فإن هناك فرصة أكبر للنجاح"‪ .‬حيث أن أي‬
‫تغيير في املنظمة يحتاج إلى تغيير كل املنظمة‪ ،‬إذ قد يحتاج األمر إلى تغيير‬
‫السياسات واألهداف ومعايير تحقيقها‪ ،‬وكذا العادات والقيم والسلوكيات‬
‫اإلدارية‪ ،‬إال أن هناك من يرى أنه كلما كان التغيير صغيرا كلما تم تقبله‬
‫أكثر‪ ،‬والتخاذ موقف عادل بين الرأيين يفضل تبني خطة شاملة لكل ما‬
‫يجب تغييره‪ ،‬ولكن إدراج العملية بشكل متدرج من أجل تقبله بسهولة‪.‬‬
‫‪ 4.2‬أنواع التغيير‪:‬‬
‫تتعدد أنواع التغيير حسب معايير التصنيف املستخدمة فهناك‪:‬‬
‫أ‪ .‬التغييرالشامل والتغييرالجزئي‪:‬‬
‫يشمل التغيير الشامل كافة الجوانب واملجاالت باملنظمة‪ ،‬بينما‬
‫التغيير الجزئي فيقتصر على جانب واحد‪ ،‬والخطورة في هذا النوع‪ ،‬نشوء‬
‫عدم التوازن بين ما تم تغييره وباقي الجوانب مما يقلل من فاعليه التغيير‪.‬‬
‫ب‪ .‬التغييراملادي والتغييراملعنوي‪:‬‬
‫فاألول يعنى بالهيكل والتكنولوجيا ومؤشرات األداء‪ ،‬أما الثاني فيعنى‬
‫بالجانب السلوكي والنفس ي واالجتماعي والقيمي‪ ،‬وغالبا ما يتطلب التغيير‬
‫املادي تغييرا في الجوانب املعنوية‪ ،‬وعموما يقسم التغيير حسب هذا املعيار‬
‫إلى‪:‬‬

‫‪200‬‬
‫ت‪ .‬التغييرفي مؤشرات األداء والنتائج‪:‬‬
‫لتحقيق األهداف املحددة في مجال تحسين األداء‪ ،‬ال بد من إعداد‬
‫مقاييس جديدة لألداء تكون أكثر فعالية‪ ،‬إذ يجب الحذر في عملية مراقبة‬
‫األداء‪ ،‬حيث ال يجب التركيز على النتائج فحسب بل أيضا على العمليات‪،‬‬
‫إذ قد يركز األفراد على تحقيق املعايير الكمية دون النوعية‪.‬‬
‫ث‪ .‬التغييرفي السلوكيات‪:‬‬
‫إن أي تغيير في التكنولوجيا أو أنظمة العمل أو األدوار يقود إلى ضرورة‬
‫تغيير السلوكيات السائدة باملنظمة‪ ،‬هذه األخيرة تتأثر باملعتقدات وطرق‬
‫التفكير والتعامل واملواقف الفردية‪ ،‬كما تسيرها الثقافة العامة السائدة‬
‫باملنظمة‪ ،‬التي يجب تغييرها هي األخرى ولكن بنسب متفاوتة وفقا ملا‬
‫يستدعيه حجم ونوع وظرف التغيير املدرج‪.‬‬
‫ج‪ .‬التغييرفي نظام القيم‪:‬‬
‫إن وجود نظام قيم مشتركة ومحددة مسبقا يساعد املنظمة على‬
‫تحديد السلوك الالزم لتحقيق التغيير املبرمج بعيدا عن أساليب الرقابة‬
‫الكالسيكية‪ ،‬وفي حالة تناقض قيم التغيير املقترح مع نظام القيم السائد‬
‫فهذا يستدعي تعديال في هذا األخير وقد يصعب ذلك في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ ‬القيم املقترحة ال تعكس الواقع السيما في سلوكيات املسئولين‪،‬‬
‫حيث يتم اعتبارها مجرد شعارات؛‬
‫‪ ‬الغرض من التغيير طمس لقيم األفراد ومسح لشخصيتهم؛‬
‫‪ ‬املنظمة متباعدة الفروع‪ ،‬السيما عند اختالف الثقافات‪ ،‬أين‬
‫يصعب خلق نظام قيم مشتركة‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫إن تغيير بسيط في املنظمة يستدعي تغييرات بسيطة في السلوكيات‪،‬‬
‫دون تغيير أساس ي في نظام القيم املشتركة‪ ،‬بعكس ما إذا كان التغيير عميقا‬
‫وجذريا‪.‬‬
‫ح‪ .‬التغييرحسب موضوعه‪:‬‬
‫قد يختلف التغيير حسب موضوعه بحيث‪:‬‬
‫‪ ‬قد يمس األنشطة واألعمال "باإلضافة أو الحذف أو الدمج" وقد‬
‫يطرأ على املوارد البشرية "بالزيادة أو التخفيض أو التدريب والتنمية"‪.‬‬
‫‪ ‬قد يكون التغيير في السياسات واإلجراءات وطرق العمل "بإبقاء ما‬
‫هو قائم منها أو بعضها أو تعديلها أو إضافة أخرى حسب ما يستدعيه‬
‫التغيير‪.‬‬
‫‪ ‬قد يكون التغيير في الهيكل التنظيمي بإعادة تقسيم الوحدات‬
‫اإلدارية أو دمجها أو استحداث أخرى جديدة؛‬
‫‪ ‬قد يكون التغيير في العملية اإلنتاجية أو املنتج نفسه في مختلف‬
‫مراحله‪.‬‬
‫كما يضيف ‪ Gerard‬تصنيفين هما‪ :‬التغيير في النظام والتغيير في‬
‫السلوكيات أما األول فيتضمن تعديال في أحد جوانب النظام املتمثلة في‬
‫العالقات املتبادلة بين األشخاص الذين يكونونه‪ ،‬واملبادئ التي تنظم‬
‫أعمالهم‪ ،‬فإن أي نظام يتجه نحو التطور يصبح أكثر تعقيدا‪ ،‬وإن في أي‬
‫من م راحل تطوره يعد تغيرا يحتاج إلى التكيف‪ ،‬أما الثاني‪ ،‬فيعبر عن‬
‫استجابة ملجرى األحداث‪ ،‬وتعبيرا عن شخصيتنا‪ ،‬وتتغير سلوكياتنا ليس‬
‫فقط بقرار منا بل أيضا وفقا للبيئة املحيطة بنا‪ ،‬كما يصنف التغيير إلى‪:‬‬

‫‪202‬‬
‫‪ ‬التغييرالتلقائي والتغييراملقصود‪:‬‬
‫أي أن يكون عفويا ومفاجئا وغير مقصود‪ ،‬أو مقصودا ومخططا له‪،‬‬
‫إال أن األصل في التغيير أنه مقصود وإرادي ومخطط‪.‬‬
‫‪ ‬التغييرالسريع والتغييرالتدريجي‪:‬‬
‫حيث يتم األول دفعة واحدة والتالي تدريجيا وعلى مراحل‪ ،‬وهذا حسب‬
‫طبيعة التغيير‪ ،‬فكلما ازداد توقع مقاومة التغيير ازدادت الحاجة إلى البطء‬
‫في التنفيذ‪ ،‬باملقابل هناك تغييرات يجب اإلسراع فيها وإال ذهبت الجدوى‬
‫منها كظهور منتج جديد في السوق‪ ،‬فإذا كان التغيير التدريجي أكثر فعالية‬
‫ورسوخا‪ ،‬فإن املنظمة أحيانا تختار السرعة تماشيا مع طبيعة الظرف‪.‬‬
‫يمكن تصنيف التغيير وفقا للنشاط املستهدف تغييره‪ ،‬فهناك تغيير‬
‫اقتصادي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬سياس ي‪ ،‬تشريعي‪ ،‬فكري‪ ،‬تكنولوجي‪ ،‬أو وفقا ملدته‬
‫إلى تغيير سريع قصير األجل‪ ،‬يتميز بكونه تغييرا إجرائيا وتكيفي‪ ،‬أو تغيير‬
‫متوسط األجل‪ ،‬والذي يتصل بالسياسات املختلفة‪ ،‬والتغيير طويل األجل‬
‫واملتصل باالستراتيجيات وعمليات إعادة الهيكلة‪ ،‬والتي تدوم أكثر من‬
‫عقدين من الزمن‪ ،‬وتتداخل هذه األنواع حيث يحتوي التغيير املتوسط‪،‬‬
‫التغيير قصير األجل ويحتويهما التغيير طويل األجل‪.‬‬
‫كما يصنف التغيير وفقا للمضمون إلى تغيير هيكلي أساس ي‪ ،‬حيث‬
‫يستهدف القواعد األساسية للكيان اإلداري من قناعات ومضامين‬
‫وسلوكيات‪ ،‬إذ ق د يحدث ثورة في نمط التفكير والنشاط السائد‪ ،‬باملقابل‬
‫تغيير شكلي وإجرائي ال يتعدى تأثيره سطح األحداث وال ينفذ إلى أعماقها‪،‬‬
‫ويصنف التغيير أيضا وفقا لدرجة التعقيد‪ ،‬إلى تغيير معقد ومتشابك‬
‫ومتداخل العوامل واألسباب واملحفزات والنتائج‪ ،‬يتميز بالغموض ويحتاج‬
‫‪203‬‬
‫إلى فريق متنوع التخصصات ومتكامل‪ ،‬يقابله تغيير بسيط وواضح‪ ،‬قد‬
‫يحدثه القائد دون استشارة اآلخرين‪.‬‬
‫يصنف التغيير وفقا لدوافعه إلى تغيير دوافعه داخلية ذاتية خاصة‬
‫باملنظمة‪ ،‬وإن النجاح في هذا النوع نسبته كبيرة نتيجة ملعلومية املحددات‪،‬‬
‫والقيود ونقاط القوة والضعف‪ ،‬يقابله تغيير دوافعه خارجية‪ ،‬حيث تجبر‬
‫التغيرات الخارجية القائد على إحداث التغيير استجابة لهذه الضغوط‪،‬‬
‫كما يمكن تصنيفه وفقا للرؤية الفلسفية واالتجاه الفكري الذي يحمله‪،‬‬
‫فهناك تغيير يحمل رؤية واتجاه فكري يمكن من خالله تحريك قوى التغيير‬
‫في اتجاه معين وفي إطار جوهري واضح ومحدد‪ ،‬يستقطب قوى إضافية‬
‫تجد مالذها في هذا التغيير‪ ،‬بحيث يتوافق مع أهدافهم ورغباتهم مما يحقق‬
‫التماسك العضوي بين القديم والجديد‪ ،‬كما أن هناك تغييرا شكليا‬
‫وسطحيا بعيدا عن املضمون‪ ،‬تقليد أعمى يسهل رفضه ومقاومته كما‬
‫يسهل قبوله‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬مظاهر التغيير ودوافعه‪:‬‬
‫يعد التغيير من صفات بيئة املنظمات مهما كان نوعها‪ ،‬وإن إدراك‬
‫التغيرات البيئية والتعامل معها ورؤيتها بشكل متكامل من أهم أسباب‬
‫نجاح املنظمات في التكيف معها من خالل تبنى التغييرات التنظيمية‬
‫املالئمة بشكل مستمر‪ ،‬وهذا من أهم أهداف املنظمات الساعية للبقاء‬
‫والنجاح‪.‬‬
‫‪ .1‬مظاهر التغيير‪:‬‬
‫تشهد بيئة األعمال حاليا‪ ،‬العديد من التغييرات الجوهرية والتوجهات‬

‫‪204‬‬
‫الجديدة التي تشكل فجوة بين املنظمات التقليدية واملنظمات الحديثة‬
‫ومن أهم مظاهرها كما صنفها ‪ Pierre Pastor‬إلى‪:‬‬
‫‪ ‬التحول من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلوماتي‪ ،‬ومن اقتصاد‬
‫وطني إلى اقتصاد عاملي؛‬
‫‪ ‬التحول من رؤية التسيير قصير املدى إلى التسيير طويل املدى؛‬
‫‪ ‬التحول نحو استعمال التكنولوجيا الحديثة بطريقة أكثر‬
‫تخصصا؛‬
‫‪ ‬التحول من سوق عمل ضيق إلى سوق متنوع االختيار من حيث‬
‫الخبرة وتنوع التخصصات‪ ،‬العمل عن بعد‪ ،‬التوظيف املؤقت‪ ،‬وإمكانية‬
‫التحول من مؤسسة ألخرى‪.‬‬
‫إن هذه التحوالت تؤدي بدورها إلى آثار متعاقبة‪ ،‬أي أن أي تحول أو تغير‬
‫يشكل في الوقت نفسه عامل تغيير ودافعا له‪ ،‬هذا إضافة إلى املظاهر‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ 1.1‬تعدد طرق وأساليب العمل‪:‬‬
‫باملاض ي كان هناك تنميط للسلوكيات اإلدارية والوظيفية‪ ،‬حيث كانت‬
‫مركزية اإلدارة ه ي النمط الوحيد لها‪ ،‬وكان الهيكل الهرمي هو التنظيم‬
‫الغالب في كل املنظمات مهما كان نوعها‪ ،‬بينما حاليا تبين أنه من املمكن‬
‫تبني تركيب هيكلي في املنظمة الواحدة‪ ،‬إذ يمكن أن تكون هناك مركزية في‬
‫إدارة ما وال مركزية في إدارة أخرى حسب طبيعة وخصوصية عملياتها‪،‬‬
‫ودرجة الحرية التي يحتاجها القائمون عليها إلنجاح أدائها‪ ،‬كما أن نجاح‬
‫املنظمة لم يعد يتوقف على تسلسل هيكلها أو حجمها‪ ،‬بقدر ما يتوقف على‬
‫التوافق والتفاعل مع املتغيرات البيئية بمبادرات مبدعة في كافة األنشطة‬
‫‪205‬‬
‫واملمارسات‪ ،‬مما يتطلب وضع نماذج تحقق االستقرار في األوضاع املتغيرة‪،‬‬
‫نماذج خاصة باملنظمة بحيث تتالءم مع خصوصيتها وطبيعة عملها‪ .‬ومن‬
‫أهم السلوكيات اإلدارية الحديثة والتي يمكن أن تحقق ما سبق ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬اليقظة واملرونة في الحصول على املوارد‪ ،‬وكذا الترابط واالنطالق‬
‫نحو أهداف محددة؛‬
‫‪ ‬التجديد واالبتكار املتواصل‪ ،‬وكذا تحول دور القائد من دور األمر‬
‫إلى دور اإلرشاد والتوجيه؛‬
‫‪ ‬تحول الوحدات الكبيرة إلى األنظمة الصغيرة التي تميزها فرق‬
‫العمل واملجموعات املدارة ذاتيا؛‬
‫‪ ‬تحول املنظمات الرأسية متعددة املستويات‪ ،‬واملركزية الشديدة‬
‫إلى التنظيمات املسطحة والدمج بين املركزية والالمركزية حسب‬
‫احتياجات املنظمة وبالتالي تنظيم أكثر مرونة‪.‬‬
‫‪ 2.1‬تغيرطرق وأساليب إدارة املوارد البشرية‪:‬‬
‫بظهور نوع جديد من املوظفين من ذوي املهارات واملعارف‪ ،‬أصبح من‬
‫الصعب إدارتهم بنفس الطرق التقليدية القائمة على األمر والتبعية‬
‫وبالتالي ظهور أسس إدارية جديدة تتضمن‪:‬‬
‫‪ ‬توحيد قيم وأهداف وتطلعات املوظفين مع أهداف املنظمة؛‬
‫‪ ‬حث العمال باالقتناع بأدوارهم في تحقيق رؤية وأهداف املنظمة‪،‬‬
‫وتبيان دور املعرفة واملهارات والخبرات في ذلك؛‬
‫‪ ‬االعتماد على قاعدة بشرية قوية‪ ،‬ديناميكية ومرنة وقادرة على‬
‫التكيف‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫‪ 3.1‬سيطرة النظرة العاملية على النظرة الوطنية‪:‬‬
‫في عصر أصبحت فيه أجزاء املنتج الواحد تصنع في أكثر من مكان من‬
‫العالم‪ ،‬أين يتم كل نشاط في مكان‪ ،‬وبشكل وتنظيم مختلف عبر العالم‪،‬‬
‫فقد أصبح املنتج عامليا‪ ،‬والسوق عاملية‪ ،‬والشركة عاملية‪ ،‬وبالتالي فاإلدارة‬
‫أيضا أصبحت عاملية‪ ،‬وتتم وفقا لنظام عاملي محكم االتصال والتنسيق‬
‫بين مختلف األعمال "أبحاث‪ ،‬تصميم‪ ،‬تصنيع‪ ،‬تسويق" والتي تدعمها‬
‫تكنولوجيا املعلومات واالتصال الحديثة‪ ،‬التي نتج عنها العديد من‬
‫التطبيقات املتميزة أهمها التجارة اإللكترونية التي فتحت الباب لشكل‬
‫جديد من التعامالت التجارية بين منظمات األعمال‪ ،‬هذا باإلضافة إلى‬
‫ظهور شخصيات قيادية قادرة على جعل مؤسساتها أكثر تطورا وتنافسية‬
‫ومجاراة للتغيير وتحدياته‪.‬‬
‫إن هذه املظاهر السائدة في بيئة األعمال تظهر عدم توافق اإلجراءات‬
‫واألساليب واألفكار والقيم السائدة باملنظمات التقليدية‪ ،‬مع متطلبات‬
‫العصر الحديث وتخلق فجوة بينها وبين منافسيها مما يشكل ضغوطات‬
‫تدفع إلى التغيير سواء كانت إيجابية أو سلبية وأهم هذه الضغوطات‪:‬‬
‫‪ ‬إدراك أن األمور يجب أن تتغير تفاديا ألزمة قد تحصل؛‬
‫‪ ‬إدراك الصورة اإليجابية التي ستتحقق باملستقبل من خالل جهود‬
‫التغيير؛‬
‫‪ ‬التنبؤ بأن التغيير سيحول املنظمة إلى وضعية أفضل‪ ،‬أي أنه‬
‫فرصة للرقي‪ ،‬وبالتالي يجب استغاللها؛‬
‫‪ ‬التنبؤ بأن ش يء سيحدث في املستقبل سيؤثر سلبا على املنظمة‬
‫واستمراريتها‪ ،‬مما يستلزم التغيير‪.‬‬
‫‪207‬‬
‫‪ .2‬أسباب ودوافع التغيير‪:‬‬
‫إن الرغبة في التغيير ال تأتي من فراغ‪ ،‬إنما لتوفر أسباب ودوافع‪ ،‬إذ قد‬
‫يكون التغيير خارجي املصدر‪ ،‬كحدوث تحوالت سياسية أو اقتصادية أو‬
‫قانونية تستدعي استجابة من قبل املنظمة‪ ،‬أو داخلي املصدر أي إرادي‬
‫وذاتي‪ ،‬كأن يقرر القائد تغيير الهيكل التنظيمي ملنظمته دون أي ضغط‬
‫خارجي‪ ،‬أو مزدوج املصدر‪ ،‬ويمثل الحالة األكثر شيوعا للتغيير‪ .‬ويمكن‬
‫سرد أهم هذه الدوافع واألسباب كما يلي‪:‬‬
‫‪ 1.2‬األسباب الداخلية‪:‬‬
‫هي تلك التغيرات التي ترتبط بالبيئة الداخلية للمنظمة كالهيكل‬
‫واألنظمة‪ ،‬طرق القيادة وأنظمة العمل والعالقات اإلنسانية والتعاونية بين‬
‫املوظفين وعادة ال تخرج عما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬التغيرات املرتبطة بطبيعة املنظمة‪ ،‬ومناخها وهيكلها واألساليب‬
‫والسياسات واإلجراءات املتبعة في حل املشكالت وتحقيق أهداف‬
‫واتجاهات العمال واملسئولين؛‬
‫‪ ‬متطلبات املشاركة في العمل وتغير القيم واملواقف لدى العمال‬
‫وزيادة مهاراتهم‪ ،‬وإدراك الحاجة إلى ضرورة التماش ي مع كل هذا؛‬
‫‪ ‬إدراك الحاجة إلى التنسيق بين مناخ املنظمة واحتياجات األفراد‬
‫وكذلك بين جماعات العمل فيها بينها؛‬
‫‪ ‬تغير أهداف املنظمة بدوره يستدعي التغيير في البناء التنظيمي‬
‫واألمر نفسه عند تغير فلسفة اإلدارة وأسلوبها وتقنياتها؛‬
‫إضافة إلى الدوافع املتعلقة بالجوانب التنظيمية وأهمها‪:‬‬

‫‪208‬‬
‫‪ ‬ضغوط نمو املنظمات‪ ،‬حيث تمر بحاالت ترغب فيها بالتوسع‬
‫والنمو‪ ،‬الذي تفرضه ضغوط دورة حياة املنتج‪ ،‬زيادة الحجم‪ ،‬عمر‬
‫املنظمة‪ ،‬طبيعة وتركيبة املوارد البشرية‪ ،‬قيم العاملين وثقافتهم‪ ،‬مما‬
‫يستدعي تغيير في التنظيم والتكنولوجيا‪ ،‬والعمليات؛‬
‫‪ ‬تفكك املنظمة من جراء التخصص املفرط والصراعات بين‬
‫املركزية والالمركزية‪ ،‬وبين اإلدارات أيضا‪ ،‬وبالتالي غياب التنسيق‬
‫والتكامل‪ ،‬مما يستدعي تحقيق التوازن في تقسيم العمل بين الوحدات‬
‫واإلدارات والتكامل بينها‪ ،‬والتوازن بين اإلدارة والعمال وبين املركزية‬
‫والالمركزية في اتخاذ القرار؛‬
‫‪ ‬الصراعات املتواجدة عادة على مستوى اإلدارة العليا‪ ،‬والثقافات‬
‫البالية والسائدة بها والتي تبعدها عن املنحى الصحيح لإلدارة الكفؤة‬
‫للمنظمة‪ ،‬مما يستدعي تغييرها وتبني ثقافة تنظيمية جديدة‪ ،‬وإجراء رقابة‬
‫على اإلدارة العليا أو تبني استراتيجيات جديدة كاالندماج أو الخصخصة‪.‬‬
‫‪ ‬الضغوط املالية التي تتعرض لها املنظمة من جهة والنمط‬
‫القيادي لها من جهة أخرى‪ ،‬فإذا كان هذا األخير تقليديا فهي ترفض‬
‫التغيير‪ ،‬أما إذا كان متطورا فإنها تستجيب وتساعد على إحداثه‪.‬‬
‫‪ 2.2‬األسباب الخارجية‪:‬‬
‫هي تغيرات خارجة عن إرادة املنظمة وسيطرتها‪ ،‬حيث يجب التكيف‬
‫معها وعموما هي ال تخرج عن املحاور األساسية التالية‪:‬‬
‫أ‪ .‬األسباب االجتماعية والسياسة والقانونية‪:‬‬
‫لقد أسهمت النزاعات السياسية واالتجاهات االجتماعية في تحول نمط‬
‫الحياة االجتماعية القائمة على النزعة الفردية إلى النزعة الجماعية والتي‬
‫‪209‬‬
‫تؤثر حتما على سلوك وعمل األفراد واحتياجاتهم‪ ،‬إذ البد على القادة‬
‫املسيرين من مجاراة ومتابعة التغييرات املستمرة ومعرفة أسبابها للتمكن‬
‫من التنبؤ بآثارها ومن أمثلة هذه التغيرات ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تغيرات في العادات والتقاليد‪ ،‬املسؤولية نحو املجتمع‪ ،‬القيم‪،‬‬
‫وكذا االتجاهات واملواقف نحو العمل؛‬
‫‪ ‬نمو السكان وتفاعلهم وتغير األنظمة والسياسات الحكومية‬
‫التحالفات السياسية وقيم العمل في املجتمع؛‬
‫‪ ‬تغير األنظمة السياسية للدول وسيطرة الغرب على السياسة‬
‫العاملية وتدخل رجال األعمال في السياسة؛‬
‫‪ ‬ظهور العديد من القوانين‪ ،‬كقوانين حماية املنافسة وحماية‬
‫امللكية الفكرية والرقابة على الشركات‪ ،‬قانون العمل والعمال وحماية‬
‫البيئة‪ ،‬أدى كل هذا إلى تغير في البيئة االجتماعية من اهتمامات وسلوكيات‬
‫وحتى العالقات االجتماعية‪ ،‬وكذا في البيئة االقتصادية وطرق اإلنتاج‬
‫ونمط االستهالك وغيرها‪.‬‬
‫ب‪ .‬األسباب التكنولوجية والتقنية‪:‬‬
‫لقد أدى تصاعد االكتشافات العلمية واالختراعات والقدرة املتزايدة‬
‫على استحداث املعارف الجديدة وانتشار نشاطات البحث والتطوير وكذا‬
‫اتساع استعماالت تكنولوجيا املعلومات والتطور الهائل في التخصصات‬
‫العلمية إلى التقادم السريع للمهارات الفنية وتغير في تشكيل القوى العاملة‬
‫وبالتالي في شكل التدريب والتأهيل الفني الالزم‪ .‬كما أن تطور طرق التفكير‬
‫واملستوى الثقافي والعلمي لألفراد‪ ،‬ينتج عنه احتياجات جديدة وبالتالي‬
‫تغييرات جديدة في البيئة التنظيمية للتماش ي معها‪ ،‬إذ البد من االنفتاح‬
‫‪210‬‬
‫على كل تطور تكنولوجي من شأنه تحقيق التنافسية ومحاولة تبنيه وإتقانه‬
‫من طرف أفراد املنظمة‪.‬‬
‫ت‪ .‬األسباب االقتصادية‪:‬‬
‫إن املجال االقتصادي أكثر عرضة للتغيير وأهم هذه الجوانب‪:‬‬
‫‪ ‬تغيرات في احتياجات املجتمع‪ ،‬والتي تتطلب تغيير في إنتاج املنظمة‬
‫وعملياتها اإلنتاجية إلشباعها؛‬
‫‪ ‬القرارات املتخذة من طرف التنظيمات التي تنتمي إليها املنظمة‬
‫والتي تستدعي تغيير أساليب عملها؛‬
‫‪ ‬تغير وتعدد األسواق العاملية واملنافسة الشديدة وكذا تغير ظروف‬
‫اإلنتاج والتسويق والسياسات املالية؛‬
‫‪ ‬تغير في هياكل قوى العمل‪ ،‬حيث أصبحت القوة العاملة أكثر‬
‫علما ووعيا‪ ،‬وثقافة مما يستلزم نظام حوافز أكثر فعالية‪ ،‬ونمط جديد‬
‫لحل املشكالت والصراعات؛‬
‫‪ ‬ظهور املنظمات العاملية التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على‬
‫أنماط وسلوكيات املنظمة؛‬
‫‪ ‬انخفاض رقابة الدولة على االقتصاد واضطراب األسواق‬
‫العاملية‪ ،‬واندماج الشركات والبنوك وكذا التحالفات االستراتيجية‪ ،‬وظهور‬
‫الشركات الصغيرة كقوة اقتصادية‪.‬‬
‫إن الرغبة في التطور واالرتقاء تولد الدافع نحو التغيير‪ ،‬والذي يجد‬
‫أسبابه فيما سبق‪ ،‬كما يصنفها الخضيري إلى‪:‬‬
‫‪ ‬دو افع اقتصادية قصيرة املدى‪:‬‬
‫تتمثل الدوافع االقتصادية قصيرة املدى فيما يلي‪:‬‬
‫‪211‬‬
‫‪ ‬الدافع نحو زيادة اإلنتاج‪:‬‬
‫إن زيادة اإلنتاج مطلب كل منظمة وفي كل دولة‪ ،‬سعيا إلى إشباع‬
‫املستهلكين‪ ،‬فضال عن وفورات الحجم والنطاق التي توفرها أنظمة اإلنتاج‬
‫الكبيرة‪ ،‬وبالتالي تحسين القدرة التنافسية من خالل خفض األسعار الناتج‬
‫عن التكاليف األقل‪ ،‬كما أن زيادة اإلنتاج هدف دائم للتغيير‪ ،‬يضمن‬
‫تجاوب كافة األطراف واستعداد تحمل التكاليف‪.‬‬
‫‪ ‬تقليل املستخدم من املواد الخام‪:‬‬
‫يهدف التغيير إلى تقليل نسبة الفاقد من املواد الخام أثناء عمليات‬
‫التخزين والنقل والتصنيع من خالل تحسين الكفاءة اإلنتاجية‪ ،‬وبالتالي‬
‫تقليل تكاليف املادة الخام وتوجيهها إلى نشاطات البحث والتطوير إليجاد‬
‫حلول وأساليب ابتكارية تقلل من املستخدم من عوامل اإلنتاج وليس فقط‬
‫املادة األولية‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة اآللية في العمل‪:‬‬
‫إن تبني اآللية في العمل تؤدي إلى تبني استراتيجية طويلة املدى‪ ،‬مؤداها‬
‫قبول التغيير الدائم بمعدالت سريعة‪ ،‬فاقتصاديات التشغيل اآللي تقوم‬
‫على استيعاب التكنولوجيا الجديدة ملا تتميز به من فاعلية إنتاجية تكون‬
‫نسبة األعطال واملعيب واإلجهاد فيها أقل‪ ،‬ونسبة زيادة ساعات العمل أكثر‪.‬‬
‫‪ ‬خفض التكلفة‪:‬‬
‫إن من أهم دوافع التغيير خفض الكلفة وبالتالي زيادة الربحية‪ ،‬وهي أهم‬
‫أهداف أي منظمة اقتصادية لذلك تعمد هذه األخيرة إلى تبني األساليب التي‬
‫من شأنها ذلك‪ ،‬كرفع كفاءة اليد العاملة من خالل التدريب وتحسين مناخ‬
‫العمل‪ ،‬رفع كفاءة خطوط اإلنتاج من خالل الصيانة أو اإلحالل والتجديد‪،‬‬
‫‪212‬‬
‫وكذا رفع كفاءة دوران رأس املال لتحقيق السيولة والربحية واستثمار‬
‫وتدوير األموال املتاحة‪.‬‬
‫‪ ‬رفع كفاءة اإلدارة‪:‬‬
‫يتم رفع كفاءة اإلدارة بالتدريب وصقل الخبرات واملهارات وتزويدها‬
‫باملعارف الجديدة في هذا املجال‪.‬‬
‫‪ ‬دو افع اقتصادية متوسطة وطويلة األجل‪:‬‬
‫تتمثل الدوافع االقتصادية متوسطة وطويلة املدى فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬دو افع إعادة الهيكلة‪:‬‬
‫كثيرا ما يصطدم اإلبداع والتطوير بجمود الهيكل التنظيمي واإلداري‪،‬‬
‫والثقافي القائم‪ ،‬أين يصبح هدف التغيير الرئيس ي هو إعادة الهيكلة من‬
‫خالل تفكيك الهيكل القائم من أجل القضاء على القيود واملحددات‬
‫القائمة أو إفقادها قوتها وسيطرتها‪ ،‬ثم بناء أو إعادة بناء قواعد وأسس‬
‫بنيان الهيكل الجديد‪ ،‬مما يتيح املرونة في حركة قوى التغيير واإلبداع‬
‫والتطوير من أجل التقدم واالرتقاء‪.‬‬
‫‪ ‬دو افع الحصة السوقية‪:‬‬
‫تعد الحصة السوقية من الدوافع القوية نحو التغيير في النظم‬
‫واإلجراءات من أجل املحافظة على النصيب السوقي وزيادته وزيادة القدرة‬
‫التنافسية‪ ،‬وقيادة السوق والتحكم فيه‪ ،‬مما يستدعي تغييرات في‬
‫االستراتيجيات التسويقية "هجومية ودفاعية" والسياسات التسويقية‬
‫"تكامل وتوسيع وانتشار"‪ ،‬وتكتيكات تسويقية وفقا ملا يتطلبه املوقف‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫‪ ‬دو افع السيطرة على األسواق الدولية‪:‬‬
‫إن السيطرة على األسواق الدولية تقوم على التجديد‪ ،‬هذا األخير يقوم‬
‫على الجودة واإلبداع‪ ،‬وتقديم الجديد املفيد‪ ،‬النافع والفعال‪ ،‬واألكثر‬
‫إشباعا وكذا الجودة العالية والسعر املنخفض والتميز‪ ،‬كما أن شدة‬
‫املنافسة تقتض ي سرعة تطور املشروعات وإتباع استراتيجيات هجومية‬
‫شديدة التأثير وقوية األثر على إدارة التغيير بفاعلية لخلق الثروات‪،‬‬
‫باالبتكار والتجديد والبناء الهيكلي‪.‬‬
‫عموما فإن الدافع الرئيس ي للتغيير هو تحقيق مفهوم املنظمة‬
‫املتعلمة‪ ،‬حيث يلعب مصدر التغيير دورا هاما في إحداثه‪ ،‬فإن املصدر‬
‫الخارجي للتغيير يسهل العملية‪ ،‬إذ يعد مبررا ظاهرا للتغيير‪ ،‬واملصدر‬
‫الداخلي يبرر الفائدة منه‪ ،‬واجتماعهما يمثل املنفعة الظاهرة من التغيير‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬سيرورة اختيار استراتيجيات التغيير‪:‬‬
‫ليس من السهل تبني أحد استراتيجيات التغيير دون دراسة شاملة‬
‫لحيثيات الوضع الراهن‪ ،‬فقبل اختيار أي من استراتيجيات التغيير‬
‫املتعارفة ال بد من القيام بمجموعة نشاطات سيتم سردها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تشخيص طبيعة التغيير وتحليل عملية اختيار استراتيجية‬
‫التغيير‪:‬‬
‫يتم اختيار استراتيجية التغيير حسب طبيعة ومدى املشاكل الناجمة‬
‫عنه‪ ،‬من خالل تحليلها وتحليل ميكانيزمات حلها‪ ،‬أخذا بالحسبان األطراف‬
‫املستهدفة من التغيير‪ ،‬إذا قبل إدراج التغيير البد من‪:‬‬
‫‪ 1.1‬تشخيص طبيعة التغيير‪:‬‬
‫تتم عملية التشخيص من جانبيه التنظيمي والسلوكي‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫أ‪ .‬التشخيص التنظيمي لطبيعة التغيير‪:‬‬
‫تتم عملية التشخيص التنظيمي من خالل تحديد موقع وشدة ومدى‬
‫وكذا سرعة التغيير‪ ،‬التخاذ القرار حيال التغيير الالزم إدراجه وتتمحور‬
‫هذه العملية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تحديد الوحدات واألقسام التي تتأثر بالتغيير لتقديم الدعم‬
‫الكافي؛‬
‫‪ ‬تحديد التعقيدات املوجودة في التغيير املبرمج لتحديد املعلومات‬
‫واإلجراءات والتدريبات الالزمة؛‬
‫‪ ‬تحديد مدى التغيير مقارنة مع الوقت الالزم إلحداثه والتعليمات‬
‫التي قد تنجم نتيجة لطبيعته‪ ،‬والتي قد تنجم نتيجة للمقاومة‪ ،‬لتحديد‬
‫نوعية التدخل الالزم لخفض املقاومة‪،‬‬
‫‪ ‬تحديد سرعة التغيير ودرجة تكراره بحيث هناك عالقة عكسية‬
‫بين الوقت واملقاومة‪ ،‬فكلما كان وقت التغيير أطول قلت املقاومة‪R=C/T .‬‬
‫بحيث ‪ : R:‬هي املقاومة‪ :C ،‬التغيير‪:T ،‬الوقت‪ ،‬وعالقة طردية بين‬
‫السرعة واملقاومة‪ ،‬فكلما كان التغيير أسرع كانت املقاومة أكبر‪.‬‬
‫‪R=C.v‬بحيث تمثل‪ :v‬السرعة‪.‬‬
‫كما أن هناك عالقة طردية بين املقاومة وتكرار التغيير حتى يبلغ حدا‬
‫معينا أين تصبح العالقة عكسية ويتجاوب األفراد مع التغيير ويتم اعتباره‬
‫كثقافة راسخة لدى املنظمة وأفرادها‪ ،‬وبالتالي فإن شدة املقاومة تتوقف‬
‫على مدى وسرعة وتكرار التغيير‪.‬‬
‫ب‪ .‬التشخيص السلوكي لطبيعة التغيير‪:‬‬
‫يتم التشخيص السلوكي من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪215‬‬
‫‪ ‬تحديد الجماعات املتجانسة سياسيا‪ ،‬وثقافيا‪ ،‬وتحديد أهميتها‬
‫في إنجاح أو إفشال التغيير؛‬
‫‪ ‬مصادر املقاومة واألفراد األكثر تأثيرا في املقاومة واألكثر تأييدا لها‪.‬‬
‫من خالل التحليل السابق يمكن تحديد االستراتيجية األنسب للتغيير‪،‬‬
‫واألكثر احتماال لنجاحها‪.‬‬
‫من أجل االختيار السليم الستراتيجية التغيير املناسبة ال بد من طرح‬
‫األسئلة التالية‪ :‬ملاذا وماذا وكيف يتم التغيير؟ حيث يفيد الجواب على‬
‫التساؤل األول عن دوافع املنظمة للتغيير‪ ،‬حيث تفيد معرفة هذه األخيرة‬
‫على اإلجابة عن التساؤل الثاني‪ ،‬بحيث يمكن تحديد مجاالت ونطاق‬
‫التغيير‪ ،‬ويفيد هذا بدوره في اإلجابة عن التساؤل األخير‪ ،‬بحيث تتمكن‬
‫املنظمة من اختيار األسلوب الذي ستنتهجه لتنفيذ التغيير‪.‬‬
‫‪ .2‬تحليل أسس وعوامل اختيار استراتيجية التغيير‪:‬‬
‫بعد تحديد طبيعة التغيير سلوكيا وتنظيميا‪ ،‬ال بد من تحديد أسس‬
‫االختيار وتحليل عالقة املنظمة بالبيئة الخارجية وكذا تحليل عوامل‬
‫االختيار‪.‬‬
‫أ‪ .‬تحديد أسس اختياراستراتيجية التغيير‪:‬‬
‫بما أن التغيير من سمات املؤسسة الناجحة‪ ،‬وهو عملية مستمرة‬
‫ومتكررة فيها‪ ،‬فإنه البد من التعامل معه وإدارته بحذر‪ ،‬وألنه ال توجد وصفة‬
‫أو طريقة واحدة يمكن إتباعها إلنجاح عملية التغيير‪ ،‬أصبح من الضروري‬
‫التعامل معه بشكل معمق الختيار أفضل الطرق ووضع االستراتيجيات‬
‫الفعالة إلحداثه‪ ،‬وجعل األفراد يتعايشون معه بإيجابية وهذا من خالل‪:‬‬

‫‪216‬‬
‫‪ ‬جعل استراتيجية التغيير فعال حقيقيا من خالل خلق ثقافة‬
‫صالحة لرع اية سياق استراتيجي متواصل‪ ،‬وتهيئة البيئة املناسبة التي‬
‫تجعل األفراد يشقون بأنفسهم طريق التغيير التي يرونها مناسبة‪ ،‬وخلق‬
‫ثقافة ابتكارية تجعل استراتيجيات النمو والتميز فعال تلقائيا‪ ،‬بدل صياغة‬
‫استراتيجيات براقة وإلزام العاملين بها؛‬
‫‪ ‬تحديد درجة الحاجة للتغيير قبل اختيار وصياغة استراتيجية‬
‫التغيير‪ ،‬فكلما كانت عاجلة وملحة كلما كان االتجاه نحو التغيير أكبر؛‬
‫‪ ‬إن مقاومة أو قبول األفراد للتغيير من جهة واإلدارة العليا من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬من شأنها تأخير أو تعجيل عملية التغيير‪ ،‬فكلما كانت املقاومة أكبر‬
‫كلما كان التأخير إلحداث التغيير أطول رغم الحاجة إليه‪.‬‬
‫من خالل قيام املنظمة بالتحليل السابق‪ ،‬يمكنها اختيار االستراتيجية‬
‫املناسبة للتغيير‪ ،‬حيث تختلف االستراتيجيات املتبعة للتغيير باختالف‬
‫ظروف وإمكانيات املؤسسة ونوعية التغيير نفسه‪.‬‬
‫ب‪ .‬تحليل العالقة بين البيئة واملنظمة‪:‬‬
‫إن املؤسسات الناجحة تحقق تكيفا استراتيجيا مع بيئتها السوقية‬
‫وخفض حاالت عدم اليقين التي تواجهها‪ ،‬وتلجأ إلى تدعيم استراتيجيتها‬
‫لهياكل مصممة جيدا وعمليات إدارية مناسبة‪ ،‬فاملؤسسة املتكيفة هي التي‬
‫تحقق التوافق بين االستراتيجية والهيكل والبيئة‪ ،‬ولعل الهيكل املرن‬
‫والعضوي‪ ،‬هو األكثر تالءما مع البيئات املرنة املضطربة التي يصعب التنبؤ‬
‫بها‪ ،‬إال أن النظريات االحتمالية لتكيف التنظيم مع البيئة تحاط بمشاكل‬
‫تعريف مصطلح منظمة وأيضا مصطلح بيئة‪ ،‬مما قد يشكك في مصداقية‬
‫العالقة املتصلة بين الشكل التنظيمي والنجاح‪ ،‬إذ تطرح محاولة تعريف‬
‫‪217‬‬
‫البيئة مشكلة فكرية مهمة‪ ،‬إذ يمكن تلخيص مفاهيم البيئة التنظيمية‬
‫حيث تقع ضمن ثالثة تصنيفات‪.‬‬
‫‪ ‬البيئة واقع محدد بالنسبة لألفراد وهي الوجود الخارجي‬
‫للمؤسسات‪ ،‬ويمكن وصفه وتعريفه؛‬
‫‪ ‬البيئة هي واقع يخضع إلدراك األفراد‪ ،‬إذ ينظر لها على أنها‬
‫مجموعة ملموسة من العوامل الخارجية‪ ،‬ولكنها تعتمد في تعريفها على‬
‫التغييرات الشخصية املتعلقة باألفراد‪ ،‬وكل منهم ينصرف تجاهها حسب‬
‫رؤيته وإدراكه لها وليس حسب الواقع املوضوعي؛‬
‫‪ ‬البيئة ليست واقعا مجردا وال تخضع لإلدراك‪ ،‬ولكن هي عملية‬
‫تفاعل‪ ،‬ألنها تؤثر على األفراد في املؤسسات ولكن في الوقت نفسه‪ ،‬يعاد‬
‫االستفادة منها‪ ،‬ويعاد تعريفها بواسطتهم‪ ،‬وبالتالي فإن املؤسسات تؤثر‬
‫وتتأثر بالبيئة وإن إقامة خط فاصل بين املؤسسة وبيئتها الخارجية أمر غير‬
‫مقبول‪ ،‬فالحدود يمكن تعريفها واختراقها ويأخذ ذا في االعتبار عند صياغة‬
‫استراتيجية التغيير‪.‬‬
‫كما يمكن تلخيص مفهوم مصطلح املنظمة وفقا ملدخل النظم‬
‫املفتوحة‪ ،‬إذ أن املؤسسة جزء مستقل من كل كبير‪ ،‬وأن قراراتها وخواصها‬
‫ال تتحدد بقدرات مديرها فحسب‪ ،‬بل وقفا لصفات الروابط بينها وبين‬
‫البيئة املحيطة بها‪ ،‬وهذه األخيرة تمكننا من تحديد طبيعة التغيير الالزم‬
‫إحداثه‪.‬‬
‫إن اعتبار املنظمة كنظام مفتوح‪ ،‬يميزها بالخصائص التالية‪:‬‬

‫‪218‬‬
‫‪ ‬حرية االختيار‪ ،‬في تصميم التنظيم الداخلي‪ ،‬وأنه ليس هناك‬
‫طريقة أفضل من أخرى ألداء األعمال‪ ،‬فهناك العديد من الطرق تؤدي إلى‬
‫نفس الهدف؛‬
‫‪ ‬تأخذ املنظمة أكثر مما تحتاجه من البيئة من موارد إلنتاج‬
‫مخرجاتها وبالتالي تخزين طاقة تساعدها على االستمرار والبقاء في حالة‬
‫ندرة املوارد؛‬
‫‪ ‬هناك توازن واستقرار ناتجين عن التعادل بين املدخالت‬
‫واملخرجات إال أن هذا التوازن عرضة للتغيرات من حين آلخر‪ ،‬ينتهي‬
‫بالتعادل في عمليات التبادل التي تحدث بين النظام والبيئة؛‬
‫‪ ‬الدورية أي أن عوائد املنظمة الناتجة عن مخرجاتها تسمح بمزيد‬
‫من املدخالت من بيئتها الخارجية وتتداخل هذه الدورات بتنوع املدخالت‬
‫واملخرجات لتكون النتيجة دورات أكثر تعقيدا‪.‬‬
‫إن تواجد املؤسسة داخل تجمعات من املنظمات لصناعة واحدة‪ ،‬أو‬
‫قطاع صناعي واحد‪ ،‬تواجه إطارات بيئية مماثلة مما يجعلها تمتثل لألخذ‬
‫باستراتيجيات تغيير مماثلة في شكل وصفات تغيير (كإعادة التنظيم‪،‬‬
‫التصفية‪ ،‬االستيالء أو االندماج) لكن حين يطرأ تغيير على استراتيجيات‬
‫معينة مثال لبعض املؤسسات وخروجها عن الوضعية املخططة للقطاع‪،‬‬
‫فإن هذا ينعكس على توازن النظام املفتوح مؤقتا‪ ،‬مما يخلق نوع من الدعم‬
‫للميزة التنافسية لهذه املؤسسات بتسهيل ميزة الريادة في التغيير‪ ،‬طاملا أن‬
‫عملية امتزاج الهيكل والعمليات واألفراد والثقافة تظل مميزة وغير قابلة‬
‫للتعليم‪ ،‬لتبني ثقافة جديدة أو استراتيجية جديدة‪ ،‬كاستراتيجية تغيير‬
‫موجهة تكنولوجيا مثال‪.‬‬
‫‪219‬‬
‫إن تعريفي املنظمة والبيئة يقودان إلى نتيجة تتمثل في كون التغيير‬
‫التنظيمي يمثل عملية تكيف املنظمة مع البيئة‪ ،‬وأن العوامل الخارجية‬
‫تفسر االختالف داخل املنظمة‪ ،‬ولصناعة استراتيجية فعالة للتغيير البد‬
‫من األخذ بالحسبان هذه العالقة بينهما‪.‬‬
‫ت‪ .‬تحديد عوامل اختياراستراتيجية التغيير‪:‬‬
‫إن جذور مداخل التغيير تمتد إلى نظرية التنظيم‪ ،‬التي كانت تقوم على‬
‫أساس الهيكلية الوظيفية‪ ،‬أين كان علماء اإلدارة يبحثون عن قوانين عامة‬
‫للتنظيم في العلوم االجتماعية‪ ،‬أسوة بتلك القوانين املوجودة في العلوم‬
‫الطبيعية على غرار اإلدارة العلمية لدى تايلور‪ ،‬والتي تعمل على تخفيض‬
‫الحياة التنظيمية إلى عدد كبير من املتغيرات والتي مثلت النموذج السائد في‬
‫دراسة التغيير‪ ،‬وال يزال إلى وقت قريب‪ ،‬البحث عن قوانين عامة يسود هذه‬
‫النظريات والدراسات‪.‬‬
‫إال أن نظريات التنظيم األخرى شككت في إمكانية تجميع إدارة التغيير‬
‫في مجموعة معينة من املتغيرات في شكل وصفة‪ ،‬إال أنه ظهر ما يسمى‬
‫بالالمنطق في النظرية التنظيمية واالعتراف بعدم القابلية لتصميم برامج‬
‫التغيير املخطط‪ ،‬إذ يجب النظر إلى النتائج والعمليات كنسيج متداخل‬
‫لفهم التغيير جيدا‪ ،‬فكالهما منتج وناتج للبيئة التي يحدثان فيها‪ .‬كما أن‬
‫فكرة أن الهياكل االقتصادية تفرض إجراءات املؤسسة الواحدة والتي‬
‫تنشأ عنها قوى وضغوط من أجل التغيير من داخل األفراد واملؤسسات‪،‬‬
‫جعلت الحوار والجدل قائما بين السلوك الفردي والحتمية االقتصادية أو‬
‫البيئية‪ ،‬وهكذا تصبح عملية التغيير نوعا من التفاوض واإلقناع بين‬
‫جماعات تفترض أوتوماتيكيا أنها صائبة‪.‬‬
‫‪220‬‬
‫عموما فإن هناك عوامل تمكن من تحديد أي االستراتيجيات أحسن‪،‬‬
‫وهذه العوامل هي‪:‬‬
‫‪ ‬أهداف التغيير ومضمونه والجهة املستهدفة؛‬
‫‪ ‬املوارد املتاحة (بشرية‪ ،‬مادية‪ ،‬معرفية‪ ،‬زمنية)؛‬
‫‪ ‬الفرص والقيود التي تفرضها البيئة الخارجية للمنظمة؛‬
‫‪ ‬وسيط التغيير "داخلي أو خارجي"‪.‬‬
‫تختلف كل استراتيجية تغيير عن األخرى باختالف الهدف من التغيير‬
‫نفسه‪ ،‬فإن كان الهدف التحول نحو سوق أضيق مع تميز في الخدمات‬
‫املقدمة للعميل‪ ،‬فلن نختار استراتيجية التحكم في التكاليف‪ ،‬كما أن‬
‫مضمون التغيير والجهة املستهدفة به‪ ،‬تضيق من مجال االختيار‪ ،‬إضافة‬
‫إلى أن املوارد املتاحة تلعب دورا هاما في اختيار استراتيجية التغيير‪ ،‬فلن‬
‫نختار استراتيجية إعادة الهندسة مثال‪ ،‬دون توفر بنية تحتية صلبة من‬
‫تكنولوجية املعلومات واالتصال‪ ،‬أو دون مهارات بشرية كافية لذلك‪.‬‬
‫إن استراتيجية التغيير املختارة من طرف املنظمة تتأثر أيضا بالفرص‬
‫املتاحة بالبيئة الخارجية‪ ،‬كظهور تكنولوجيا جديدة تمكن املنظمة من‬
‫تغيير تشكيلة منتجاتها أو خلق سوق جديدة مثال‪ ،‬باملقابل فإن تهديدات‬
‫املحيط قد تحد من حرية اختيار أحد االستراتيجيات املقترحة‪ ،‬كظهور‬
‫منافس أقوى يمنعها من اختيار استراتيجية التركيز على سوق معينة مثال‬
‫خوفا من تفوق املنافس الجديد عليها‪.‬‬
‫إن للوسيط في عملية التغيير دورا هاما في اختيار استراتيجية التغيير‪،‬‬
‫فإن كان داخليا اتسعت رقعة االختيار‪ ،‬أما إذا كان خارجيا‪ ،‬فقد يتم فرض‬
‫طريقة التغيير وأسلوبه‪ ،‬دون منح الفرصة للمنظمة الختيار استراتيجية‬
‫التغيير األنسب لظروفها‪ ،‬من بين البدائل املتاحة‪ ،‬والتي سيتم التطرق إليها‬
‫في املطلب املوالي‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫‪ .2‬استراتيجيات التغيير والتكيف التنظيمي‪:‬‬
‫تتعدد استراتيجيات التغيير باختالف املعايير املتخذة للتصنيف‪،‬‬
‫وفيما يلي أهم استراتيجيات التغيير‪.‬‬
‫‪ 1.2‬استراتيجية التغييروفقا لدرجة التعقيد‪:‬‬
‫يتم تصنيف استراتيجية التغيير وفقا لهذا املعيار إلى‪:‬‬
‫أ‪ .‬استراتيجية التغييراملتدرج‪:‬‬
‫إن التغيير املتدرج من االستراتيجيات الفعالة‪ ،‬إذ تتم على فترات وليس‬
‫دفعة واحدة‪ ،‬يسمح هذا التدرج بتكيف األفراد مع عملية التغيير‪ ،‬وتتبناها‬
‫املؤسسة في حاالت االستقرار النسبي لبيئتها الخارجية‪ ،‬والصحة الجيدة‬
‫لبيئتها الداخلية‪.‬‬
‫تحتاج هذه االستراتيجية إلى مهارات عالية وثقافة ورغبة في املشاركة في‬
‫التغيير من طرف العاملين‪ ،‬وتحميس وتحضير مستمرين‪ ،‬وتختلف نسبة‬
‫املشاركة في مثل هذا النوع من التغيير وفقا لدرجة املقاومة من جهة‪،‬‬
‫ودرجة إلحاح التغيير من جهة أخرى‪ ،‬والشكل املوالي يوضح ذلك الشكل‬
‫رقم ‪: 1‬‬
‫مصفوفة املشاركة في التغيير‬

‫المقاومة‬
‫ن‬

‫‪222‬‬
‫‪ ‬تكون درجة املشاركة واسعة في حالة انخفاض مقاومة التغيير‬
‫وضرورة التغيير كذلك‪ ،‬مما يسمح لألفراد بتحديد التغيير وكيفية إحداثه‬
‫ومعرفة تفاصيله‪ ،‬ويساعد على التحفيز إلحداثه بسرعة‪.‬‬
‫‪ ‬تكون املشاركة مركزة على األفراد األكثر حسما في نجاح التغيير‬
‫عند إلحاح التغيير وضعف املقاومة‪.‬‬
‫‪ ‬في حالة كون املقاومة عالية ودرجة إلحاح التغيير منخفضة‪،‬‬
‫تنتهج اإلدارة أسلوب اإلقناع بضرورة قبول التغيير من خالل خلق رؤية‬
‫مشركة ملستقبل املنظمة وإيجاد أفضل الحلول‪.‬‬
‫‪ ‬أما إذا كانت املقاومة قوية‪ ،‬والتغيير ملح‪ ،‬فإن األسلوب الجبري‬
‫يعد املنفذ الوحيد ويبقى االتصال مفتوحا مع العاملين لتوضيح األهداف‬
‫والرؤية‪.‬‬
‫تندرج هذه االستراتيجية ضمن نموذج يدعى نموذج البحث‪ ،‬حيث‬
‫تتضمن عملية دورية تقوم على البحث املتواصل عن معلومات حول‬
‫احتياجات املنظمة للتغيير‪ ،‬ثم يتم البحث في نتائج التغيير املدرج حيث‬
‫تظهر الحاجة لتغيير أخر وهكذا‪.‬‬
‫ب‪ .‬استراتيجية التغييراملرن‪:‬‬
‫أي تعويد املرؤوسين بالتغيير والخروج من املألوف والحالة القائمة‬
‫كثقافة للمنظمة‪ ،‬هذا ال يعني تبني التغيير من أجل التغيير‪ ،‬بل إحداثه أين‬
‫استدعى األمر لذلك‪ ،‬حيث يصبح أمرا اعتياديا‪ ،‬فالتغييرات املتعددة‬
‫واملتوالية تكون مقاومتها أقل قوة من التغييرات املتباعدة واملنفصلة‪.‬‬
‫إن تبني مثل هذه االستراتيجية يحتاج أوال إلى عملية توعية ونشر‬
‫لثقافة التغيير املستمر‪ ،‬سواء تعلق األمر باألفراد أو املسيرين باإلدارات‬
‫‪223‬‬
‫الوسطى والعليا‪ ،‬كما أنها تحتاج إلى بنى تحتية وهياكل تنظيمية مرنة‬
‫تتماش ى وطبيعة التغييرات املدرجة دون الحاجة إلى تغييرها أو تعديلها‪.‬‬
‫ت‪ .‬استراتيجية املو اقع القيادية‪:‬‬
‫أين يتم اختيار موقع معين لتجربة برنامج التغيير حيث يكون احتمال‬
‫النجاح فيه قويا‪ ،‬بدل إدراجه على املستوى الكلي دفعة واحدة‪ ،‬ومن‬
‫إيجابيات هذا األسلوب‪:‬‬
‫‪ ‬إمكانية اختبار أثر األنظمة الجديدة واكتشاف نقاط القصور‬
‫والضعف في البرنامج التغييري‪ ،‬وكذا املشاكل والصعوبات غير املتوقعة‪،‬‬
‫وبالتالي تداركها قبل تعميمه على املنظمة ككل؛‬
‫‪ ‬إن تحقيق النجاح في مشروع التغيير في موقع معين في املنظمة يعد‬
‫حافزا لتبني ثقافة التغيير وخلق وعي جماعي للحاجة إليه ال سيما في‬
‫املنظمات التي يقل فيها الوعي بأهمية التغيير؛‬
‫‪ ‬يفيد هذا األسلوب في خفض املوارد املوجهة إلدارة التغيير نتيجة‬
‫لتدارك األخطاء قبل تعميم التنفيذ‪.‬‬
‫يفيد هذا األسلوب في حاالت عدم أكادة نتائج برنامج التغيير‪ ،‬كما يفيد‬
‫املنظمات ذات املواقع املتباعدة‪ ،‬كما يستدعي تطبيق األنظمة الجديدة‬
‫بالتوازي مع القديمة إلى حين إثبات جدواها‪.‬‬
‫ث‪ .‬استراتيجية التغييرالبنيوي‪:‬‬
‫يحتاج التغيير البنيوي أو الجذري تخطيطا دقيقا وعناية أكبر‪ ،‬إذ أنه‬
‫قد يهدد أمن العاملين أو يفقدهم وظائفهم‪ ،‬فاملؤسسة بعد هذا النوع من‬
‫التغيير تتغير تماما‪ ،‬تحتاج هذه االستراتيجية إلى براعة قيادية في طرح فكرة‬
‫التغيير‪ ،‬وتعزيز القدرة الدافعة له‪ ،‬وهذا في حالة انخفاض درجة املقاومة‬
‫‪224‬‬
‫وعدم وجود أزمة أو إلحاح للتغيير‪ .‬بينما في حالة حدوث أزمة‪ ،‬يتبع القائد‬
‫أسلوب اإلجبار لعدم وجود وقت للمشاركة أو اإلقناع‪ ،‬شرط تحقيق‬
‫االتحاد بين العاملين مما يضمن الثقة واالطمئنان‪ ،‬أما عندما تكون املقاومة‬
‫قوية واألزمة في أوجها‪ ،‬يصبح األسلوب األنسب هو القسر بالرغم مما يتبعه‬
‫من ضرر لألفراد‪.‬‬
‫تقوم استراتيجية التغيير الجذري على مفهوم الهدم البناء أي ترك‬
‫للقديم من مبادئ وأساليب وأفكار‪ ،‬وتبني أخرى جديدة‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫مسح شامل لألساليب اإلدارية الحديثة وفهمها وتحليلها وتطبيقها‪،‬‬
‫كمفهوم املنظمات املسطحة وأساليب التخطيط العلمية الحديثة‪،‬‬
‫التوجه بالعميل‪ ،‬اإلدارة باملشاريع‪ ،‬التنسيق بتدفق املعلومات‪ ،‬تخصيص‬
‫املوارد على أساس املشروعات والبرامج وغيرها من مفاهيم حديثة لإلدارة‪.‬‬
‫‪ 2.2‬تصنيف استراتيجيات التغييروفقا ملدى التغييروطبيعته‪ :‬هناك‬
‫من يدعو للتغيير املستمر تماشيا مع التطور املستمر للبيئة‪ ،‬حيث يمكن‬
‫إحداث تغيرات مستمرة بمستوى أكبر من التكيفي والحصول على نفس‬
‫نتائج التغيير الجذري ولكن بأقل أضرار وأقل مقاومة‪ ،‬بينما هناك من‬
‫يدعو للتغيير املتقطع من خالل حاالت توازن متعاقبة تنتقل فيها املنظمة‬
‫خالل فترات أقل للتغيير الجذري كما يلعب مدى التغيير الذي ترغبه‬
‫املنظمة دورا حاسما في اختيار استراتيجية التغيير‪ .‬وفيما يلي تصنيف لها‬
‫وفقا لهذين املعيارين‪:‬‬
‫أ‪ .‬استراتيجية التكيف‪:‬‬
‫هو التغيير الذي يمكن أن يحدث بطريقة تدريجية‪ ،‬دون التعديل في‬
‫النموذج‪ ،‬يكون الهدف كبيرا لكن تحقيقه يتم على فترات وملدة طويلة‪ ،‬وال‬
‫‪225‬‬
‫تتأثر املؤسسة في هذه الحالة بشكل كبير سواء ماديا أو ماليا أو حتى بشريا‬
‫إذ تغير بالتدريج وتعمل بالتوازي مع النموذج القديم‪ ،‬ويسير وفق خطة‬
‫طويلة املدى لتغيير كبير أو عميق‪.‬‬
‫ت‪ .‬استراتيجية إعادة البناء‪:‬‬
‫هو تغيير أكثر سرعة‪ ،‬يمكنه أن يحدث تحوالت باملؤسسة دون الحاجة‬
‫إلى تغيير النموذج أو إحداث تطوير أساس ي فيه‪ ،‬كإعادة تقويم األداء املالي‬
‫للمؤسسة في مرحلة التدهور‪ ،‬أو تعديل في بعض القواعد أو املبادئ‬
‫السارية باملنظمة‪ ،‬وتتم هذه االستراتيجية على مراحل؛ حيث يتم هدم‬
‫النظام القديم وتعميق الفهم نحو رفضه وتغييره‪ ،‬بعدها تتم تهيئة املناخ‬
‫ثم إقامة النظام الجديد‪.‬‬
‫إن هذه االستراتيجية مرحلية وتحتاج ملدة زمنية كافية‪ ،‬تتسم بدورها‬
‫بعدم االستقرار وعدم التوازن كما تشهد انتكاسات ناجمة عن املقاومة‪،‬‬
‫إال أنها في النهاية تضع البنية األساسية ثقافيا وفكريا واقتصاديا واجتماعيا‬
‫لعملية التغيير تمكنها من التقدم نحو االستراتيجية التالية "االرتقاء‬
‫والنمو"‪.‬‬
‫ث‪ .‬استراتيجية االرتقاء والنمو‪:‬‬
‫هي استراتيجية تدعم املسار نحو التغيير املستمر‪ ،‬أين يتم التوسع‬
‫والشمول في مجاالت ال تغيير‪ ،‬تأخذ املبادئ واألفكار طريقها للتطبيق‬
‫العملي‪ ،‬ويدعى هذا النوع بالتغيير التطوري أو التنموي‪ ،‬ويحتاج إلى تغيير‬
‫في النموذج‪ ،‬ولكن بطريقة تدريجية وحذرة‪ ،‬حيث يقدر املسيرون التحول‬
‫الالزم‪ ،‬ثم التخطيط للتغيير على ضوئه‪ .‬هذه االستراتيجية يصحبها‬

‫‪226‬‬
‫استراتيجية تراكمية للقوة‪ ،‬إذ أنها تختار مسارات تتجه نحو زيادة القوة‬
‫وليس تبديدها‪ ،‬تمهيدا لالستراتيجية املوالية‪.‬‬
‫ج‪ .‬استراتيجية الهيمنة‪:‬‬
‫تقوم هذه االستراتيجية على القوة التي بلغتها املنظمة في املراحل‬
‫السابقة‪ ،‬والتي حققت لها مجموعة من املزايا غير العادية‪ ،‬تمنحها مكانة‬
‫على املستوى الدولي‪ ،‬حيث يصبح لديها‪:‬‬
‫‪ ‬قوة جذب تسويقية كجذب املستهلك األجنبي نتيجة لريادة‬
‫منتجاتها؛‬
‫‪ ‬قوة جذب تمويلية كاستقطاب رؤوس األموال باعتبار املنظمة‬
‫مركز أمان‪ ،‬وحماية ورعاية لها؛‬
‫‪ ‬قوة جذب علمي كاستقطاب العلماء واملفكرين نتيجة لتوفيرها‬
‫للمخصصات املوجهة للبحث العلمي؛‬
‫‪ ‬قوة جذب األفراد نتيجة ملا توفره من أجور‪ ،‬وظروف عمل وفرص‬
‫تحقيق الذات؛‬
‫‪ ‬قوة جذب للشراكة نتيجة التنويع والتمييز الذي توفره املنظمة؛‬
‫‪ ‬قوة جذب اجتماعي‪ ،‬ثقافي‪ ،‬سياس ي وتجاري‪ ،‬نتيجة لقدرتها على‬
‫التأثير‪.‬‬
‫ح‪ .‬استراتيجية التغييرالجذري‪:‬‬
‫سبق اإلشارة لهذا الصنف من استراتيجيات التغيير‪ ،‬إال أنه هذه املرة‬
‫يأتي كمرحلة حتمية لالستراتيجيات سابقة الذكر في شكل مراحل‪ ،‬إذ أنه‬
‫متوقع من املنظمة التي حققت مثل ذلك النجاح والقوة في مرحلة الهيمنة‪،‬‬
‫فقد ال تتماش ى البنى والهياكل الحالية مع التطور الذي حققته‪ ،‬كما أنها قد‬
‫‪227‬‬
‫تكون اكتسبت من املعارف والخبرات ما يؤهلها إلى الدخول في غمار‬
‫استراتيجية أكثر إبداعا وتميزا‪.‬‬
‫يحدث هذا النوع من التغيير في فترة قصيرة نسبيا تكون نتيجة قرار‬
‫سريع‪ ،‬وردة فعل لعوامل خارجية وداخلية ملحة‪ ،‬كما يكون عادة مفروضا‬
‫حيث يفرض تصحيحات عميقة للممارسات التنظيمية تماشيا مع تغيرات‬
‫بيئية كرغبات جديدة للعمالء والتعديالت القانونية‪ ،‬باملقابل يحتاج‬
‫األفراد إلى وقت طويل نسبيا للتعود على سلوكيات جديدة ومفاجئة‪ ،‬مما‬
‫يطيل من املدة النهائية لهذا النوع من التغيير‪ .‬كما أن التكيف مع التغيير‬
‫الجذري لطرق العمل تقابلها عادة مقاومة شديدة‪ ،‬السيما في املؤسسات‬
‫الناجحة‪ ،‬حيث كل ش يء يعمل بشكل جيد‪ ،‬بعكس املؤسسات التي تعاني‬
‫من أزمات‪ ،‬حيث تجد عذرها في حاجتها للتغيير‪.‬‬
‫ال يكون اختيار أي استراتيجية مما سبق عشوائيا‪ ،‬وإنما توافقا مع طبيعة‬
‫ومدى التغيير املراد إجراءه‪ ،‬والشكل املوالي يوضح ذلك الشكل ‪:2‬‬

‫مصفوفة استراتيجيات التغييروفقا ملعياري مدى وطبيعة التغيير‬


‫التغيير التكيفي‬ ‫التغيير التطوري‬
‫إعادة البناء‬ ‫التغيير الثوري‬

‫)‪Source :Julia Balgun , , 2005: P.25‬‬


‫من الشكل أعاله تتضح البدائل املمكنة‪ ،‬فإذا كانت رغبة املؤسسة في‬
‫إجراء تغيير جذري وال تملك املوارد لذلك‪ ،‬فهي تختار إعادة البناء إذا كان‬

‫‪228‬‬
‫ملحا أو التكيف إذا كان غير ذلك للتمكن من االستمرار لحين توفر املوارد‬
‫التي تمكنها من تحقيق التحول الجذري‪.‬‬
‫ال توجد تجارب واقعية تثبت نجاعة أحد االستراتيجيات السابقة عن‬
‫األخرى‪ ،‬وبالتالي يمكن القول بأن كلها مجد‪ ،‬ولكن باختالف املنظمات‬
‫املطبقة ألي منها وباختالف مراحل حياة كل منها‪ ،‬حيث يتماش ى التغيير‬
‫املستمر مع املنظمات التي يتميز محيطها بالتغير السريع كالصناعات عالية‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬بالرغم من أن هناك عناصر باملنظمة تستدعي االستقرار‬
‫والسكون‪ ،‬بينما يتماش ى النموذج املتقطع مع الصناعات التي تتميز شروط‬
‫املنافسة فيها باالستقرار النسبي‪ ،‬حيث يمكن أن تبقى املنظمة تنافسية‬
‫ملدة طويلة دون تغيير ملحوظ في طرق عملها‪ ،‬كالصناعات الكيميائية‪.‬‬
‫وبالتالي ال يمكن نصح منظمة تعمل في مجال معين بتطبيق استراتيجية‬
‫تغيير معينة نجحت في مجال آخر‪ ،‬إال أن أكثر الطرق أو االستراتيجيات‬
‫التغييرية املنتهجة شيوعا هي إعادة البناء ثم التطوري‪ ،‬أي تفادي األزمة ثم‬
‫التخطيط لتغيير متوسط أو طويل األجل‪.‬‬
‫‪ .4.2‬تصنيف استراتيجيات التغييرحسب سبب إحداثه‪:‬‬
‫تصنف استراتيجيات التغيير وفقا لهذا املعيار إلى‪:‬‬
‫أ‪ .‬استراتيجية العقالنية امليدانية‪:‬‬
‫هي استراتيجية قائمة على التعليم ونشر املعرفة‪ ،‬وتشجيع البعثات‬
‫الدراسية‪ .‬هذه االستراتيجية تتبع عندما يكون سبب التغيير هو الفجوة‬
‫املعرفية بين املنظمة ومنافسيها‪.‬‬
‫ب‪ .‬استراتيجية التثقيف والتوعية املوجهة‪:‬‬
‫أين يكون سبب مقاومة التغيير ليس نقص املعرفة‪ ،‬وإنما خوف من‬
‫ا لتغيير‪ ،‬ويتم التغلب عليها من خالل تغيير اتجاهات الفرد ومواقفه‪.‬‬
‫‪229‬‬
‫ت‪ .‬استراتيجية اإلثارة‪:‬‬
‫أي إثارة عدم الرضا حول الوضع القائم من خالل التركيز على سلبيات‬
‫املنظمة واالختالالت التي تحتاج للتصحيح‪.‬‬
‫ث‪ .‬استراتيجية ربط الكفاءات بالتغيير‪:‬‬
‫يتعلق األمر هنا بالحوافز املادية (املكافئات املالية) واملعنوية (التقدير‬
‫واالحترام‪ ،‬واملركز االجتماعي)‪.‬‬
‫ج‪ .‬استراتيجية التحليل امليداني‪:‬‬
‫أي تحليل القوى الضاغطة باتجاه إحداث التغيير‪ ،‬والقوى املقاومة‬
‫له‪ ،‬لتعزيز األولى وتثبيط الثانية والتحرك نحو التغيير املطلوب‪.‬‬
‫‪ 5.2‬تصنيف استراتيجيات التغييرحسب معياراملوضوع‪:‬‬
‫يمكن تصنيف استراتيجيات التغيير‪ ،‬حسب معيار موضوع التغيير إلى‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫التغيير على مستوى املنظمة‪:‬‬
‫من أهم مداخل التغيير واستراتيجياته على مستوى املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬إعادة الهندسة‪:‬‬
‫هي ''إعادة صياغة الوظائف املنفردة القائمة على مبدأ البيروقراطية‬
‫والتسلسل الهيكلي للسلطة‪ ،‬إلى وحدات عمل موجهة أساسا لخدمة‬
‫العميل''‪ ،‬أو هي ''إعادة تصميم للعمليات واإلجراءات الهامة بشكل سريع‬
‫وجذري''‪ ،‬أين يتم دراسة للوضع الراهن لغرض تطويره‪ ،‬بدءا بالعميل أي‬
‫متلقي الخدمة سواء داخلي أو خارجي‪ ،‬ثم العمليات الهامة ذات القيمة‬
‫املضافة‪ ،‬بعدها جمع املعلومات حول هذه األخيرة وكذا األدوات واملكان‬
‫والنماذج املستخدمة‪ ،‬تأتي بعدها مرحلة إعادة تصميم العمليات بعد‬
‫‪230‬‬
‫تحليلها وتحديد أنشطة القيمة املضافة ومشاكل العمليات ثم بدائل‬
‫التحسين‪ ،‬ثم إعادة التصميم الفني واالجتماعي‪ ،‬ثم عملية التحول‪ ،‬واملبدأ‬
‫األساس ي في إعادة الهندسة هي أن تخدم العمالء بشكل ممتاز وإال فال‬
‫تحاول‪.‬‬
‫‪ ‬إعادة الهيكلة‪:‬‬
‫هو تغير جذري في الهياكل اإلدارية واملالية للمنظمة لتجديد األنظمة‬
‫اإلدارية‪ ،‬كاندماج الوحدات أو إلغاء بعضها‪ ،‬وتغيير رأس املال أو العمالة‬
‫أو محفظة االستثمار أو اندماج املنظمة مع أخرى أو تصغير أجزاءها‪ ،‬وهي‬
‫عكس إعادة الهندسة حيث تتم على املستوى األعلى والكلي للمنظمة ال‬
‫التنفيذي‪ ،‬فهي تمس الوظائف املالية واإلدارية للمنظمة‪ ،‬ألسباب‬
‫وضغوط داخلية وخارجية‪ ،‬حيث تسعى إعادة الهيكلة إلى تحسين‬
‫استخدام املوارد وكذا اإلنتاجية وسرعة اتخاذ القرارات ومرونة األنظمة‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬استراتيجية املقارنة بأفضل منافس‪:‬‬
‫إن أهم طرق التغيير واستراتيجياته‪ ،‬هي مقارنة األداء لدى املنظمة‬
‫بأداء املنظمات الرائدة في مجال نشاط املنظمة‪ ،‬أو باملنظمات املتميزة في‬
‫ممارسات تعد هي األفضل فيها بغض النظر عن الصناعة التي تعمل في‬
‫إطارها‪ ،‬باعتبار هذه األخيرة مثال على أكبر ما يمكن تحقيقه من نجاح في‬
‫مختلف املجاالت‪ .‬وتتم هذه العملية من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬دراسة ممارسات املؤسسة الرائدة‪ ،‬وجمع املعلومات حول أداءها‬
‫بمختلف الطرق املتاحة (حول السياسات‪ ،‬األهداف‪ ،‬الجودة‪ ،‬التكاليف‪،‬‬
‫االستراتيجيات‪ ،‬التسويق)؛‬
‫‪231‬‬
‫‪ ‬تحليل ممارسات املنظمة من خالل دراسة سجالتها‪ ،‬ثم تحديد‬
‫الفجوة وتصحيحها‪ ،‬من خالل البدائل التي تتيحها عملية تحليل الفجوة‪.‬‬
‫من أهم مجاالت تطبيق استراتيجية املقارنة بأفضل منافس‪:‬‬
‫‪ ‬الهياكل التنظيمية من حيث مدى التخصص وطريقة تقييم‬
‫اإلدارات وأساليب التنسيق والتكامل‪ ،‬تفويض السلطة‪ ،‬درجة الرسمية‪،‬‬
‫هيكل الوظائف‪ ،‬درجة املركزية‪ ،‬نطاق اإلشراف وعدد املستويات‬
‫التنظيمية؛‬
‫‪ ‬االستراتيجيات‪ ،‬من حيث أعمال املنظمة ورؤيتها وأهدافها‬
‫وتوجهاتها واالستراتيجية املتبعة؛‬
‫‪ ‬التكنولوجيا‪ ،‬نتيجة تغير التكنولوجيا بالبيئة الخارجية‪،‬‬
‫واستجابة لتداعيات التغيير في الجوانب األخرى؛‬
‫‪ ‬املوارد البشرية‪ ،‬نتيجة للتغيرات سابقة الذكر‪ ،‬تحتاج هذه‬
‫األخيرة إلى تغيير في املهام واملهارات واملعارف؛‬
‫‪ ‬الثقافة التنظيمية من قيم أخالقية ومعايير أداء وعادات‬
‫وسلوكيات؛‬
‫‪ ‬البيئة الخارجية كاملوردين والعمالء واملنافسين واملستهلكين‬
‫النهائيين‪ ،‬حيث قد تتغير هذه األطراف استجابة للتغير الهيكلي‬
‫واالستراتيجي الحاصل‪.‬‬
‫إن كال من هذه العناصر قد يشكل موضوعا للتغيير وبالتالي استراتيجية‬
‫تغييرية‪ ،‬تحتاج إلدارة قائمة بذاتها إلنجاح أهدافها ومساعيها‪ ،‬وهذا ما‬
‫سيتم التطرق إليه في الفصل املوالي‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫مهما تكن استراتيجية التغيير التي تم اختيارها ال بد أن تقوم خالل‬
‫عملية التخطيط االستراتيجي على تحديد املوارد املتاحة أوال قبل تحديد‬
‫األهداف‪ ،‬عكس ما هو متعارف في أبيات اإلدارة االستراتيجية‪ ،‬وهذا ألن‬
‫املؤسسة يمكن أن تتوفر لديها اإلمكانيات للخوض في عملية تغيير أكثر‬
‫فعالية‪ ،‬إال أنه بتحديد األهداف أوال فإن الكثير من القدرات التي تملكها‬
‫ستبقى كامنة وغير مسخرة‪ ،‬كما أن االنتقال من الوضع السابق إلى‬
‫الوضعية املرغوبة‪ ،‬يجب أن يتم التخطيط له وتنفيذه بعناية‪ ،‬حيث‬
‫تتمكن املنظمة من تحقيق توازن مماثل ملا كانت عليه قبل عملية التغيير‪،‬‬
‫وإال فإن هذا األخير لن يحقق النجاح املتوقع وتعود املؤسسة إلى‬
‫السلوكيات القديمة‪ ،‬وعموما فإن التغيير مهما كان مدخله أو أسلوبه‪ ،‬ال‬
‫بد أن يتضمن أو يحقق تحسين األداء االقتصادي للمؤسسة والتي يمكن‬
‫التعبير عنها بالصيغة التالية‪:‬‬
‫الفعالية االقتصادية للتغيير = فعالية التدفق املنظم للقوى املشاركة‪/‬‬
‫التسرب ومضادات التدفق‪.‬‬
‫أي‪ ،P=V.S.T.(M/R).t :‬بحيث‪ p( :‬تعبر عن األداء‪ v ،‬اإلرادة في التغيير‪،‬‬
‫‪ s‬االستراتيجية‪T ،‬التكتيك‪ M ،‬الوسائل املستعملة في حركية التغيير‪R ،‬‬
‫مقاومة التغيير‪ t ،‬الزمن)‬
‫إذ أن كال من القوى املشاركة في التغيير والقوى املضادة تحتاج إلى‬
‫إدارة كفؤة تحسن استغالل األولى‪ ،‬وخفض الثانية‪ ،‬وهذا ما سيتم التطرق‬
‫إليه الحقا‪.‬‬
‫يعد التغيير عملية االنتقال اإلرادي من وضعية مرفوضة إلى وضعية‬
‫مرغوبة‪ ،‬وتظهر الحاجة إليه من خالل ظهور مظاهر سلبية كالتراجع‬
‫‪233‬‬
‫والجمود‪ ،‬حيث يهدف التغيير إلى معالجتها‪ ،‬وتحقيق القدرة على التكيف‬
‫مع البيئة الخارجية‪ ،‬وزيادة مستوى األداء وتنمية القدرة على االبتكار‪،‬‬
‫وبالتالي فإن التغيير أكبر من التفكير في عدم إحداثه‪ ،‬فأن تدفع ثمن‬
‫التغيير أفضل من أن تدفع ثمن عدمه‪.‬‬
‫يتسم التغيير بكونه عملية مخططة ومستمرة قائمة على الشمولية‬
‫والنظم املفتوحة‪ ،‬وهو مسئولية إدارية بالدرجة األولى‪ ،‬كما أن أسلوب‬
‫التغيير يختلف من مؤسسة ألخرى فما ينجح في إحداها قد ال ينجح في‬
‫أخرى‪ ،‬ويتنوع التغيير إلى شامل وجزئي‪ ،‬مادي ومعنوي‪ ،‬سريع أو تدريجي‪،‬‬
‫كما قد يكون اقتصاديا أو اجتماعيا أو سياسيا أو فكريا أو تكنولوجيا أو‬
‫تشريعيا‪ ،‬كما قد يكون في اإلجراءات أو السياسات أو الوظائف أو الهياكل‪.‬‬
‫إن سيطرة النظرة العاملية على النظرة الوطنية‪ ،‬تغير أساليب العمل‬
‫واإلدارة‪ ،‬من أهم املظاهر التي أبزت بعض جوانب القصور والتناقض‬
‫والصراع التي شكلت دوافع قوية للتغيير‪ ،‬والختيار استراتيجية تغيير‬
‫تتماش ى وأهداف التغيير باملؤسسة‪ ،‬ال بد من تشخيص طبيعة التغيير أوال‬
‫ومن ثم تحليل عملية االختيار بدءا بتحديد أسس وعوامل اختيار‬
‫االستراتيجية ‪ ،‬ثم تحليل عالقة املنظمة مع البيئة‪ ،‬ومن ثم اختيار‬
‫االستراتيجية‪ ،‬كأن تكون تدريجية أو مرنة‪ ،‬بنيوية أو تكيفية أو جذرية‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫الفصل الحادي عشر‬
‫المدخل إلى إدارة التغيير‬
‫سبق وتمت اإلشارة إلى أن التغيير عملية مخططة وال يمكن أن تترك‬
‫ملحض الصدفة‪ ،‬فهو يحتاج لنجاحه تضافرا للجهود وتجنيدا للموارد‪،‬‬
‫وبالتالي إلى إدارة قائمة بذاتها تعنى بكل هذا‪ ،‬وتسعى إلى إنجاح مشروع‬
‫التغيير‪ ،‬السيما أمام املقاومة التي تواجه أي مشروع تغيير‪ ،‬كبير كان أو‬
‫صغير‪.‬‬
‫فيما يلي سيتم توضيح مختلف جوانب تسيير التغيير من مفاهيم‬
‫وخصائص ومبادئ ومراحل وكيفية التغلب على مقاومة التغيير‪ ،‬وصفات‬
‫قائد التغيير الناجح وكذا عوامل النجاح الحرجة لعملية التغيير‪.‬‬
‫أوال‪ .‬ماهية تسيير التغيير‪:‬‬
‫لقد أصبح التغيير أمرا ال مفر منه وبالتالي على املنظمات اإلحاطة‬
‫بمختلف جوانب إدارته من مبادئ ومتطلبات وغيرها‪ ،‬سيتم سردها تباعا‬
‫فيما يلي‪.‬‬
‫‪ .1‬مفهوم تسيير التغيير‪ :‬التعريف والخصائص‪:‬‬
‫‪ 1.1‬تعريف تسييرالتغيير‪:‬‬
‫تعددت تعاريف تسيير التغيير وفقا لوجهات نظر املؤلفين حول التغيير‬
‫نفسه‪ ،‬حيث يعرف عامر يس إدارة التغيير على أنها‪" :‬كيفية استخدام‬
‫أفضل الطرق اقتصادا وفعالية إلحداث التغيير‪ ،‬بقصد خدمة أهدافه‪،‬‬
‫واالضطالع باملسؤوليات التي تمليها أبعاد التغيير الفعال‪ ،‬أو هي التأكد من‬
‫املمارسة الفعالة للتغيير من خالل املمارسات اإلدارية املختلفة" إذن إدارة‬
‫التغيير هي املمارسة اإلدارية لعملية التغيير وفقا ألبعاده واملتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬البعد األول‪:‬‬
‫كون التغيير يخضع إلى حتمية االستمرارية في التحرك الفعال تناسبا‬
‫مع حركية املجتمع وكافة األطراف املتعاملة مع املنظمة‪ ،‬والتقليص من‬
‫‪236‬‬
‫مختلف املشكالت املستمرة‪ ،‬وذلك من خالل خطة خاضعة ملعايير أداء‬
‫مقبولة‪ ،‬وبالتالي الحاجة إلى إدارة على مستوى عال من الكفاءة والخبرة‬
‫والدراية لالضطالع بمهام التغيير‪.‬‬
‫ب‪ .‬البعد الثاني‪:‬‬
‫مدى مواكبة املنظمة للتغيرات الحاصلة‪ ،‬ويتوقف ذلك على وجود خط‬
‫إداري جيد وموارد بشرية مناسبة وتقنية حديثة وأفكار حديثة خاصة‬
‫بأساليب العمل‪.‬‬
‫كما يقدم الدكتور عامر يس‪ ،‬تعريفا آخر إلدارة التغيير‪ ،‬مركزا على‬
‫الفرد باعتباره املحور األساس ي في عملية التغيير ويعرفها على أنها‪" :‬املعالجة‬
‫الفعالة للضغوط اليومية املتغيرة التي يتعرض لها الشخص نتيجة للتقدم‬
‫والتطور في جوانب الحياة املادية وغير املادية واألفكار‪ ،‬والتفاعل معها‬
‫داخل املؤسسات وخارجها‪ ،‬من خالل ممارسة العمليات اإلدارية بكفاءة‬
‫وفعالية للوصول إلى الوضع املنشود‪".‬‬
‫يعرف دافيد ويلسون إدارة التغيير على أنها "عبارة عن عملية إعادة‬
‫تكيف مستمرة وتفاوض بخصوص هيكل الوقت"‪ .‬حيث ركز دافيد‬
‫ويلسون في تعريفه إلدارة التغيير على أهمية الوقت في إحداثه‪ ،‬كما يقتصر‬
‫على اعتبار التغيير عملية تكيف‪ ،‬مغفال الدافع الريادي له‪ ،‬كما يرى أن‬
‫غرض التغيير استراتيجي بالدرجة األولى‪ ،‬وهو ضمان استراتيجية املنظمة‬
‫وتنافسيها‪ ،‬فالبد أن يكون التغيير أيضا استراتيجيا وإدارته كذلك‪ ،‬ويعبر‬
‫التغيير االستراتيجي‪ ،‬عن عمليات اتخاذ قرارات استراتيجية ال تتعارض مع‬
‫قرارات العمليات‪ ،‬وتتطلب تغيير الطرق السائدة في العمل أو التفكير‬
‫السائد باملنظمة عموما ونموذج تفكير املسير بالخصوص‪ ،‬هذا ال يعني‬
‫‪237‬‬
‫التقليل من شأن التغييرات اإلجرائية‪ ،‬فإن القيام بتغييرات إجرائية كبيرة‪،‬‬
‫يعد قرارا استراتيجيا يهاجم مشاكل وثغرات املنظمة الداخلية‪ ،‬وبالتالي‬
‫يحتاج التغيير االستراتيجي إلى استراتيجية تغيير محكمة التخطيط‪ ،‬حيث‬
‫تتضمن االنتقال من رؤية واضحة إلى وضع مستقبلي مرغوب‪.‬‬
‫يعرف العطيات إدارة التغيير على أنها‪'' :‬االستعداد املسبق من خالل‬
‫توفير املهارات الفنية والسلوكية واإلدارية واإلدراكية الستخدام املوارد‬
‫املتاحة "بشرية‪ ،‬قانونية‪ ،‬مادية‪ ،‬وزمنية" بكفاءة خالل فترة محددة بأقل‬
‫سلبيات ممكنة على األفراد''‪ .‬أي أن تسيير أو إدارة التغيير ليست بالعملية‬
‫البسيطة والسهلة بل هي سيرورة من األعمال والخطط وتركيبة من املوارد‬
‫واألفكار‪.‬‬
‫أما ‪ Gareth‬فيعرف إدارة التغيير على أنها‪" :‬إيجاد طرق جديدة‪ ،‬أو‬
‫تحسين الطرق املوجودة الستعمال املوارد والكفاءات‪ ،‬لرفع قابلية املنظمة‬
‫في خلق القيمة وتحسين عوائد مالكيها"‪ .‬يشير ‪ Gareth‬إلى أن إدارة التغيير‬
‫يمكنها تبني تغييرات جذرية أو تحسينية‪ ،‬كما ربط فعاليتها بضرورة إنتاج‬
‫قيم وعوائد وعموما فإن عملية التغيير تحقق املعادلة التالية‪:‬‬
‫القدرة × الرغبة = عملية التغيير‪.‬‬
‫فالرغبة في التغيير تحتاج إلى إمكانيات وقدرات إلحداثه‪ ،‬والدافع نحو‬
‫التغيير هو من يوجد هذه الرغبة‪ ،‬والرؤية العلمية تكشف عن املوارد‬
‫واإلمكانيات املادية وغير املادية الالزمة إليجاد القدرة على التغيير‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن إدارة التغيير تحتاج إلى اهتمام جدي إلحداثه‪ ،‬واستعداد ملواجهة‬
‫تحدياته وكذا استعداد للتغير ألجله‪ ،‬وحكمة في إدارة موارده السيما‬
‫الوقت‪ ،‬والذي يعد املورد األكثر أهمية في إدارة التغيير‪ ،‬فإن التأخر في‬
‫‪238‬‬
‫االنطالق في عملية التغيير أو في تنفيذه قد ينقص من كفاءة نتائجه أو‬
‫يفقده الجدوى من إحداثه‪ ،‬إضافة إلى اإلدارة الفعالة للمورد البشري‬
‫السيما في أوقات األزمات‪.‬‬
‫إذن إدارة التغيير هي اإلدارة العلمية والرشيدة التي تتولى تحديد‬
‫املسارات السليمة لحركة قوى التغيير‪ ،‬املقاومة منها واملساندة‪.‬‬
‫‪ .2.1‬خصائص إدارة التغيير‪:‬‬
‫مما سبق يمكن استخالص أهم خصائص إدارة التغيير فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬االستهداف‪:‬‬
‫تتجه عملية إدارة التغيير إلى تحقيق هدف محدد وتسعى إلى غاية‬
‫معلومة تكون مقبولة من طرف قوى التفسير‪ .‬ومن األهداف الرئيسية‬
‫إلدارة التغيير‪:‬‬
‫‪ ‬امتصاص الضغوط السلبية الناجمة عن املقاومة وتحويلها إلى‬
‫إيجابية؛‬
‫‪ ‬إصالح ما هو قائم من عيوب واختالالت وليس مجرد تقليد؛‬
‫‪ ‬القدرة على التطوير واالبتكار فالتغيير يعمل نحو االرتقاء‬
‫والتقدم؛‬
‫‪ ‬إضفاء املرونة الالزمة ملشروع التغيير الستيعاب عملياته بشكل‬
‫سليم واالستجابة ملتطلباته‪.‬‬
‫ت‪ .‬الفعالية‪:‬‬
‫قدرة إدارة التغيير على الحركة بحرية والقدرة على الرؤية الشاملة‬
‫للقوى املتصارعة والفعالية في التأثير والتوجيه لقوة الفعل في األنظمة‬
‫املستهدف تغييرها‪.‬‬
‫‪239‬‬
‫ت‪ .‬التكيف‪ :‬القدرة على التكيف مع األحداث والتحكم في اتجاهها‬
‫ومسارها‪ ،‬وملا ال صنعها‪.‬‬
‫ث‪ .‬االتصال واإلعالم‪ :‬حيث تحتاج عملية التغيير إلى جهد إعالمي‬
‫اتصالي‪ ،‬لتوضيح مزايا التغيير وضرورته‪ ،‬وحتميته للقضاء على الخوف‬
‫والجهل والسلبية وتحويلها إلى أمن ومعرفة وإيجابية‪.‬‬
‫ج‪ .‬األمن‪ :‬القدرة على تحقيق األمان سواء تعلق األمر بقوى التغيير أو‬
‫الجهات املستفيدة منه‪ ،‬في حالة تعرضهم لردود فعل املقاومة‪.‬‬
‫ح‪ .‬البعد االجتماعي‪:‬‬
‫أي أن يحافظ التغيير على نسيج العالقات االجتماعية املتواجدة‪،‬‬
‫وهيكل القيم والعادات واملبادئ االجتماعية‪ ،‬إال ما استدعى التغيير بشرط‬
‫إحداث توازنات جديدة مؤثرة وفاعلة في النظام االجتماعي‪ ،‬بحيث يشارك‬
‫في إنجاح التغيير‪.‬‬
‫خ‪ .‬البعد التكنولوجي‪:‬‬
‫عادة ما يكون املبرر الحتمي لعملية التغيير إدخال تكنولوجيا جديدة‬
‫متطورة إذ تحسن هذه األخيرة في اإلنتاجية واالرتقاء بمعايير الجودة ما يزيد‬
‫من حماس قوى التغيير وتقلل املقاومة‪.‬‬
‫يضيف الدكتور زيد منير عبوي الخصائص التالية‪:‬‬
‫د‪ .‬الو اقعية‪:‬‬
‫أي أن ترتبط إدارة التغيير بالواقع العملي للمنظمة وفي إطار إمكانياتها‬
‫ومواردها وظروفها‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫ه‪.‬التو افقية‪:‬‬
‫تحقيق التوافق بين عملية التغيير احتياجات وتطلعات القوى املختلفة‬
‫(قادة التغيير‪ ،‬منفذيه‪ ،‬مموليه‪ ،‬القوى املحايدة‪ ،‬القوى املعارضة‪،‬‬
‫واألطراف املستفيدة) مع مراعاة حدود وإمكانيات كل طرف‪.‬‬
‫ر‪ .‬املشاركة‪:‬‬
‫أي املشاركة الواعية لألطراف املتأثرة بالتغيير وتفاعلها مع قادة‬
‫التغيير‪ ،‬من أجل تحقيق التفاعل اإليجابي بينهما‪.‬‬
‫ز‪ .‬الشرعية القانونية واألخالقية‪:‬‬
‫في حالة تعارض القانون القائم باملنظمة مع اتجاهات التغيير يجب أوال‬
‫تعديله حتى ال يكون سندا قويا للمقاومة‪ ،‬حيث يتعين على اإلطار القانوني‬
‫والشرعي أن يتوافق مع متطلبات الحاضر حتى يكون فعاال في إحداث‬
‫التغيير‪.‬‬
‫س‪ .‬الرشادة‪:‬‬
‫أي أن تخضع إدارة التغيير العتبارات التكلفة والعائد‪ ،‬ويكمن التحدي‬
‫في تحديد العائد‪ ،‬إذ أنه متعلق باملستقبل‪ ،‬كما أن التغيير يحدث في حدود‬
‫اإلمكانيات واملوارد املتوفرة لدى املنظمة‪.‬‬
‫ش‪ .‬القيمة املضافة‪:‬‬
‫يجب أن يحقق التغيير قيمة مضافة للمؤسسة‪ ،‬ويتبادر السؤال حول‬
‫قيمة التغيير‪ ،‬إذ تتعدد طرق حسابها‪ ،‬ويقدم ‪ Dominique‬معايير لقياسها‬
‫وتتمثل في املفاضلة بين التكاليف والنتائج االقتصادية واالجتماعية‬
‫للتغيير‪ ،‬وتتمثل التكاليف االقتصادية في املوارد املالية واملادية‬
‫املستخدمة‪ ،‬أما النتائج االقتصادية تتمثل في خلق الثروة والتطور‬
‫‪241‬‬
‫والتنافسية‪ ،‬وتتمثل التكاليف االجتماعية في تهديد آمال وطموحات‬
‫وأعمال األفراد والجماعات وحتى تواجدهم باملنظمة‪ ،‬أما النتائج‬
‫االجتماعية فتتمثل في التوازن والتجانس االجتماعي املمكن إحداثه‪ ،‬وتكون‬
‫قيمة التغيير إيجابية كلما زادت نتائج التغيير عن تكاليفه‪.‬‬
‫‪ .2‬مبادئ ومتطلبات وأهداف وعناصر إدارة التغيير‪:‬‬
‫هناك مبادئ على القائمين بإدارة التغيير تبنيها‪ ،‬كما أنه ثمة متطلبات‬
‫ال بد من توفيرها‪ ،‬باملقابل تصبو إدارة التغيير إلى أهداف ال بد من‬
‫تحديدها بدقة‪ ،‬وتحديد العناصر القائمين على تحقيقها‪.‬‬
‫‪ 1.2‬مبادئ وفروض إدارة التغيير‪:‬‬
‫إنه من الصعب بمكان سرد مجموعة من املبادئ واألسس الثابتة التي يمثل‬
‫االلتزام بها ضرورة حتمية‪ ،‬هذا ألن التغيير خاضع لقضايا ديناميكية‬
‫وتأثيرات غير ثابتة‪ ،‬وإذا كانت اإلدارة التقليدية مشكلة العصر‪ ،‬فهذا يجعل‬
‫إدارة التغيير املشكلة األكبر‪ ،‬هذا ألنها تحتاج إلى وعي كاف للتأكد من حسن‬
‫تقييم املواقف بعناية‪ ،‬وفيما يلي بعض املبادئ التي تفيد إدارة التغيير عند‬
‫االسترشاد بها‪:‬‬
‫‪ ‬تتغير املاديات بمعدل أسرع من تغير األفكار‪ ،‬حيث يستقبل‬
‫البشر صور اإلبداع امللموس أسرع وأسهل من صور اإلبداع غير امللموس‬
‫ومن ثم فإن إدارة التغيير متوقفة على موضوع التغيير من حيث سهولة‬
‫حركته‪ ،‬ومن حيث كونه ماديا أو معنويا؛‬
‫‪ ‬تعتمد أغلب املنظمات على قدرات ابتكارية خارج نطاق العمل‬
‫وبيئته‪ ،‬وبالتالي يقع على عاتق منظمات األعمال مواكبة التغير الخارجي‬
‫وتخصيص الوقت للبحث عن مواطن األفكار وصور اإلبداع البناءة؛‬
‫‪242‬‬
‫‪ ‬املستويات اإلدارية العليا غالبا هي التي تتخذ قرار التغيير‪ ،‬إال أنه‬
‫عادة نجد اختالفات في وجهات النظر بين العاملين والقائد تجاه قضايا‬
‫التغيير‪ ،‬مما يطرح تساؤالت ومقاومة تحتاج إلى مداخل سلوكية تساعد‬
‫على االنسجام والتقبل‪ ،‬ومن األفضل أن تتم العملية من أسفل السلم‬
‫الوظيفي إلى أعاله لتخفف حدة املقاومة؛‬
‫‪ ‬ضرورة وجود منحنى تعلم تنظيمي ملعظم التغييرات‪ ،‬حيث يعد كل‬
‫ش يء جديد صعب في البداية إلى أن يتم تعلمه والتعود عليه؛‬
‫‪ ‬يتم تقبل التغييرات بمعدل أسرع كلما قل حجمها‪ ،‬مما يجعل‬
‫استراتيجية التغيير املتدرج أكثر نجاحا‪ ،‬فإن تطبيق عدد من التغييرات‬
‫دفعة واحدة يحد من فعاليتها ومن الفائدة املرجوة منها بسبب ازدواجية‬
‫األدوار؛‬
‫‪ ‬يعتبر املدير البيروقراطي معوقا للتغيير‪ ،‬إما بطريقة مباشرة‬
‫بتحطيم مجهودات التغيير أو بطريقة غير مباشرة من خالل سلوكياته‬
‫الجانبية املؤدية لنفس النتيجة؛‬
‫‪ ‬ترتفع معدالت التغيير في املنظمات الكبرى وترتفع بذلك معدالت‬
‫مقاومته‪ ،‬عكس املنظمات الصغيرة؛‬
‫‪ ‬إن التغييرات ال تصبح فعالة إال بعد املمارسة العملية لها‪ ،‬كما أن‬
‫تعقيد التغيير يثير التخوف لدى األفراد " كإحالل الذكاء االصطناعي محل‬
‫املجهودات الذهنية" مما يستدعي حملة توعية ومداخل سلوكية ذكية؛‬
‫‪ ‬كلما زاد عدد األخصائيين في مجال التغيير كلما زادت فرصة‬
‫الحصول على أفكار تغيير أكثر فعالية؛‬

‫‪243‬‬
‫ليس بالضرورة أن أي تغيير معلن قابل للتنفيذ أو التبني‪ ،‬وبالتالي من‬
‫أجل تغيير رؤية األفراد الحالية يجب استبدالها برؤية أوضح‪ ،‬كما أن‬
‫األفراد يتقبلون التغييرات بمعدل أكبر كلما أتيحت لهم فرصة مناقشتها‬
‫قبل تنفيذها وهو أفضل املداخل السلوكية لقبول التغيير‪ .‬كما يمكن‬
‫إضافة املبادئ التالية‪:‬‬
‫‪ ‬حدة التغيير متوقفة على مدى تعلق األفراد بالحالة القائمة‪،‬‬
‫فكلما كان التعلق أكبر كان التغيير أصعب؛‬
‫‪ ‬مقاومة التغيير هي عامل تطور وفرصة لتحسين البرنامج‬
‫التغييري؛‬
‫‪ ‬يعقب كل تغيير إحساس بالخسارة والربح معا‪ ،‬حتى بالنسبة‬
‫للتغيير املقبول؛‬
‫‪ ‬ال يمكن فصل برنامج التغيير عن أنظمة القيم‪ ،‬كما ال يمكن‬
‫تنفيذه دون تغيير أو تطوير هذه األخيرة؛‬
‫‪ ‬يرفض األفراد والجماعات دائما التغيير املفروض عليهم بالقوة؛‬
‫‪ ‬التغييرات الناجحة ما هي إال مرحلة في عملية التغيير املستمرة‪.‬‬
‫أما فروض التغيير فتتمثل بصفة عامة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تتمثل وظيفة املدير أساسا في إدارة التغيير؛‬
‫‪ ‬إن لم يهتم املدير بإدارة التغيير فسوف يقوم التغيير بإدارته؛‬
‫‪ ‬ال يمكن للتغيير أن يدير نفسه‪.‬‬
‫إذن على إدارة التغيير األخذ بهذه املبادئ والفروض عند التفكير في‬
‫إدراج أي تغيير باملنظمة‪ ،‬وال يعني هذا أنها غير قابلة للتعديل بل العكس‪،‬‬
‫وهذا وفقا لظروف املوقف‪ ،‬واالعتبارات املحيطة‪ ،‬والتوقيت الزمني‪،‬‬
‫‪244‬‬
‫والعوامل الحضارية وغيرها‪ ،‬فمثال بالرغم من مقاومة التغيير املفروض‬
‫على األفراد‪ ،‬إال أنه قد تضطر إليه املنظمة أحيانا‪ ،‬نتيجة ظروف ما أو‬
‫لضيق الوقت‪.‬‬
‫‪ 2.2‬متطلبات إدارة التغيير‪:‬‬
‫تستدعي إدارة التغيير تحديد مالمح التغيير املنشود ونوعه‪ ،‬وكذا مالمح‬
‫اإلدارة القادرة على إحداثه وتوجيهه بالشكل املناسب‪ ،‬إضافة إلى أسلوب‬
‫التغيير املطلوب والذي يكفل انطالق التفكير واإلبداع‪ ،‬كما يجب تحديد‬
‫طبيعة وظروف مجتمع التغيير وشكل املقاومة وحجم الضغوط والقيود‬
‫التي يفرضها أصحاب املصالح وجماعات الضغط وكذا حدود التغيير التي‬
‫ال يتعين تجاوزها‪ ،‬وتتطلب إدارة التغيير لنجاحها مجموعة نقاط يجب‬
‫توفرها قبل البدء في تنفيذ عملية التغيير وأهمها‪:‬‬
‫‪ ‬هدف مبرمج زمنيا يحدد أولويات مرحلية ممثلة في أهداف‬
‫ابتدائية وتكميلية وثانوية وختامية؛‬
‫‪ ‬موازنة مخططة لإلنفاق على عملية التغيير تضمن إتاحة املوارد‬
‫عند الحاجة إليها؛‬
‫‪ ‬تحديد مجموعات العمل القائمة على التغيير وتدريبها على قيمه؛‬
‫‪ ‬نظام متابعة ورقابة وقائي وحمائي للتنبؤ بموقع القصور‬
‫واالنحراف قبل حدوثه‪ ،‬ومعالجة أسبابه للحيلولة دون وقوعه‪ ،‬إضافة إلى‬
‫الرقابة العالجية السريعة والفاعلة‪ ،‬بمجرد حدوث الخطأ قبل استفحاله‬
‫واتساع مداه أو انتشاره‪ ،‬ويحتاج هذا النظام الرقابي إلى نظام معلومات‬
‫متكامل؛‬

‫‪245‬‬
‫‪ ‬مقياس جيد لألداء التنفيذي للتأكد أن ما يتم فعال هو املطلوب‬
‫ووفقا للمعدالت والجودة والوقت املخطط‪.‬‬
‫إضافة إلى ضرورة تحديد ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬املعايير املالئمة لتقييم التغيير الالزم إحداثه‪ ،‬وضرورة استخدام‬
‫هذه املعايير أثناء تنفيذ عملية التغيير‪ ،‬للحصول على النتائج املرغوبة؛‬
‫‪ ‬تحليل مقاومة التغيير ومنه تصميم برنامج دقيق لخفضها‬
‫وتسهيل عملية التغيير‪.‬‬
‫يضيف برنار بورنس املتطلبات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬إجراء التغيير على ضوء استراتيجية املنظمة‪ ،‬أخذا بالحسبان‬
‫تالءم أه داف املستقبل مع أولويات التنظيم‪ ،‬وتماش ي هيكل التنظيم‬
‫وعملياته مع خطة التغيير؛‬
‫‪ ‬التغيير يجب أن يتم على مراحل‪ ،‬وليس دفعة واحدة‪ ،‬أهمها‬
‫تحديد الحاجة للتغيير‪ ،‬تنفيذه وتثبيت ما تم إنجازه على مستوى التنظيم؛‬
‫‪ ‬إشراك األفراد السيما الذين يمسهم التغيير في اإلعداد له‬
‫وتنفيذه‪ ،‬وتختلف درجة املشاركة حسب التغيير املدرج‪ ،‬وتوفير أكبر قدر‬
‫من املعلومات حول التغيير ومنح الحرية لألفراد لطرح واختيار البدائل؛‬
‫‪ ‬تغيير سلوكيات األفراد بما يتماش ى والتغيير املدرج؛‬
‫‪ ‬أي مشروع تغيير يتضمن تغيير أو على األقل تعديل ثقافة املنظمة‬
‫توافقا مع الوضع الجديد‪.‬‬
‫من أجل السير الحسن ملشروع التغيير‪ ،‬ال تباشر املنظمة تنفيذ عملية‬
‫التغيير إال بعد التأكد من استيفاء هذه املتطلبات‪ ،‬سواء تعلق األمر‬
‫بالجوانب املادية واملالية أو املعنوية تجنبا لفشل أو تعطل املشروع‪.‬‬
‫‪246‬‬
‫‪ 3.2‬عناصرإدارة التغيير‪:‬‬
‫تتمثل عناصر إدارة التغيير فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬موضوع التغيير‪ ،‬أي الجانب املراد تغييره؛‬
‫‪ ‬املغير‪ ،‬أي املطالب أو البادئ في ممارسة عملية التغيير؛‬
‫‪ ‬املؤيد للتغيير‪ ،‬وهو الذي يؤيد ويقدم املساعدة أو يطالب بها ألجل‬
‫التغيير؛‬
‫‪ ‬املحايد‪ ،‬وهو الشخص الذي لم يبدي موقفا تجاه العملية‪ ،‬سواء‬
‫بالدفع أو املعارضة؛‬
‫‪ ‬املقاوم‪ ،‬وهو الرافض لعملية التغيير والساعي إلفشالها؛‬
‫‪ ‬مقاومة املقاومة‪ ،‬وهي املمارسات التي يقوم بها قادة التغيير‬
‫ومؤيدوه للقضاء على املقاومة وإفشال أثرها‪ ،‬وأكثر من ذلك الحصول على‬
‫تأييدها‪.‬‬
‫يمثل كل من املغير واملؤيد القوى الدافعة والساعية إلنجاح التغيير‬
‫تحقيقا ملصالح قد تكون لفائدة املنظمة ككل أو خاصة بهؤالء‪ ،‬بينما تمثل‬
‫املقاومة قوى العطالة التي يهمها إفشال مشروع التغيير بدافع موضوعي‬
‫ومنطقي‪ ،‬اعتقادا بأنه في غير صالح املنظمة واألفراد‪ ،‬أو بدافع ذاتي كأن‬
‫يتعارض مع مصالحها الشخصية‪ ،‬أما املحايد فال يهمه موضوع التغيير‪،‬‬
‫لذلك يكون غير محفز لالنتماء ألي من القوى‪ ،‬ومن مهام إدارة التغيير أن‬
‫تجعله من مؤيدي التغيير حتى ال تستميله املقاومة لفائدتها‪ ،‬أما مقاومة‬
‫املقاومة‪ ،‬فتمثل مساعي إدارة التغيير في خفض حدة املقاومة أو كسبها في‬
‫صف التغيير‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫‪ .4.2‬أهداف إدارة التغيير‪ :‬تتطلب إدارة التغيير لنجاحها وجود هدف‬
‫محدد تصبو إليه كما سبق الذكر‪ ،‬هذا الهدف أو هذه األهداف قد تكون‬
‫خاصة ناتجة عن ضرورات تغيير تمس نشاط املؤسسة نفسها‪ ،‬كما أن‬
‫هناك أهداف عامة تصبوا إليها كل إدارة سيتم ذكرها في شكل محاور كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬اإلصالح‪:‬‬
‫من خالل تصحيح أوجه القصور واالختالالت القائمة وإعادة التوازن‬
‫التشغيلي واألدائي‪.‬‬
‫ب‪ .‬التحرر‪:‬‬
‫التحرر من القيود واملعوقات التي تفرضها الحالة القائمة‪ ،‬من أجل‬
‫إطالق العنان لإلبداع‪.‬‬
‫ت‪ .‬التطوير‪:‬‬
‫فإن التغيير فقط ألجل التغيير يعد تكلفة من غير عائد‪ ،‬فالبد أن يكون‬
‫الغرض منه التحسين واالتقاء بالجودة واإلشباع والعائد واألداء وغيرها من‬
‫محددات نجاح أي مؤسسة‪.‬‬
‫إضافة لألهداف التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تحسين أداء املنظمة‪ ،‬كحسن استخدام املوارد وارتفاع القدرة‬
‫التنافسية وخفض في التكاليف وزيادة في املبيعات وارتفاع األرباح ومعدل‬
‫العائد على األصول‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين السلوك الفردي والجماعي‪ ،‬كرفع الدافعية واملهارات‬
‫والقدرة على حل املشاكل والتكيف معها واملشاركة في اتخاذ القرارات‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫‪ ‬تحقيق الرقابة الذاتية من خالل تحقيق التطابق بين األهداف‬
‫الفردية والتنظيمية ورفع الثقة بين األفراد‪.‬‬
‫إن ما سبق من محاور داخلية وذاتية يستعملها القائد لتقويم األوضاع‬
‫الداخلية للمنظمة‪ ،‬بينما هناك محاور خارجية‪ ،‬أكثر قوة‪ ،‬تتفاعل مع‬
‫األولى للتكيف مع البيئة الخارجية‪ ،‬وأهم هذه املحاور‪:‬‬
‫‪ ‬إعادة بناء قوى الفعل في املنظمة‪ ،‬لتكون أكثر توافقا مع متطلبات‬
‫واحتياجات التعامل مع العالم الخارجي والسوق الخارجي‪ ،‬من حيث القدرة‬
‫على الوفاء بالجودة‪ ،‬الكمية والسعر؛‬
‫‪ ‬االنفتاح على العالم‪ ،‬من أجل مزيد من املعلومات واملعارف‬
‫إلحداث اليقظة الدافعة للتغيير؛‬
‫‪ ‬التكامل مع العالم الخارجي واالندماج مع األسواق العاملية حتى‬
‫تصبح املنظمة عضوا فاعال على املستوى الدولي وليس محليا فحسب‪ ،‬من‬
‫خالل تنمية القدرة على تلبية احتياجات األسواق الخارجية‪.‬‬
‫تعد هذه األهداف عامة وتخص أي منظمة‪ ،‬إال أن هناك أهداف‬
‫خاصة تميز كل منظمة عن غيرها‪ ،‬وتمثل الدافع الرئيس ي للتغيير‪ ،‬هذه‬
‫األهداف تحددها إدارة التغيير بالتنسيق مع العاملين واإلدارة العليا‪.‬‬
‫‪ 5.2‬مسؤولية إدارة التغيير‪:‬‬
‫على املنظمة تحديد الجهة القائمة على التغيير‪ ،‬فإن كان التغيير من‬
‫الداخل فعليها تحديد سلطة التغيير‪ ،‬أما إذا كان من الخارج فعليها اختيار‬
‫املستشار األنسب لذلك‪ ،‬أما إذا كان مختلطا فعليها تحديد دور الطرفين‬
‫في التغيير ومهام كليهما‪ ،‬ويظهر اتجاهين إلدارة التغيير‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫أ‪ .‬االتجاه األول‪ :‬اإلدارة الداخلية للتغيير‪:‬‬
‫حيث يكون مشروع التغيير ضمن نشاطات املنظمة‪ ،‬في هذه الحالة‬
‫عليها تحديد سلطة إدارة التغيير‪ ،‬أين يمكن املفاضلة بين ثالثة مقترحات‪:‬‬
‫الطريقة األولى‪ :‬مبدأ السلطة من جانب واحد‪:‬‬
‫حيث تستأثر اإلدارة العليا عملية إدارة التغيير من تخطيط‪ ،‬تنظيم‬
‫وقرارات اعتمادا على خبرات املدراء ومعلوماتهم الشخصية‪ ،‬أو على‬
‫التقارير اآلتية من املستويات الدنيا للتنظيم‪ ،‬وتكون االتصاالت في هذه‬
‫الحالة ذات اتجاه واحد حيث ال يشارك األفراد في أي من مراحل إدارة‬
‫التغيير إال في إطار ضيق جدا‪ ،‬حيث ينفصل مصممو التغيير تماما عن‬
‫منفذيه‪.‬‬
‫يوضح برنار أسس املدرسة الكالسيكية في هذا الصدد وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬يتحمل املسيرون في اإلدارة العليا مسئولية تحديد الرؤية الشاملة‬
‫للتغيير‪ ،‬وإعالم باقي أفراد التنظيم بها؛‬
‫‪ ‬مفتاح نجاح التغيير هو خلق ثقافة مرنة تسمح للمنظمة بتحقيق‬
‫التغيير والتحسين املستمر؛‬
‫‪ ‬على املسئولين خلق املناخ املالئم لألفراد والجماعات لتنفيذ أوامر‬
‫التغيير وتحديد األدوار بدقة؛‬
‫‪ ‬اختيار بعض النماذج املثالية لتجارب عاملية‪ ،‬واختيار األقرب‬
‫لحالة املنظمة‪ ،‬ثم تحديد الهياكل والتطبيقات الالزمة للتنفيذ‪.‬‬
‫يمكن استخدام هذا املدخل من خالل املفاضلة بين أسلوبين وفقا‬
‫لظروف املنظمة وثقافة مسيريها‪ ،‬وسيتم ذكرهما فيما يلي‪:‬‬

‫‪250‬‬
‫‪ ‬أسلوب التوجيه واإلعالم‪:‬‬
‫أين يتم إحداث التغيير من طرف املسئولين بحكم القوة الوظيفية‬
‫والرسمية التي يتمتعون بها‪ ،‬من خالل تحديد أدوار املرؤوسين‪ ،‬والقيام‬
‫بعمليات اإلحالل الوظيفي وتحديد عالقات العمل الجديدة وفقا ملا يتطلبه‬
‫التغيير‪ ،‬أين يتم إعالن التغيير الذي سوف ينجز كأسلوب للتشجيع‬
‫والتحفيز وكذا خفض املقاومة‪ ،‬وهذا األسلوب يفيد في حاالت التصحيح‬
‫الهيكلي‪ ،‬ومن عيوبه ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إن هذا النوع من إدارة التغيير‪ ،‬يثير عادة مقاومة شديدة للبرنامج‬
‫التغييري‪ ،‬وبالتالي نقص االلتزام الحقيقي إلنجازه‪ ،‬نتيجة استبعاد األفراد‬
‫عند التخطيط له ورسم معامله؛‬
‫‪ ‬قد يتظاهر األفراد بتبني البرنامج التغييري بينما يستمرون في‬
‫املمارسات والسلوكيات القديمة‪.‬‬
‫‪ ‬أسلوب القسر (توجه القوة)‪:‬‬
‫أحيانا يضطر املدير إلى فرض التغيير قسرا‪ ،‬في حالة قوة املقاومة‬
‫وعدم التمكن من مواجهتها من جهة‪ ،‬وضرورة املض ي في التغيير من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬كما أن ضرورة اإلسراع في بعض التغييرات التي ال تحتمل التأجيل‬
‫الناتجة عن رغبات العميل مثال‪ ،‬يضطر القائد أن يفرض التغيير دون‬
‫إشراك األفراد فيه أو حتى إعالمهم‪ ،‬لضيق الوقت وعدم إمكانية الشرح‪،‬‬
‫إال أنه البد أن يعرف كيف يقوم بذلك كأن يقدم لهم أسباب التغيير‬
‫وأسباب عدم إشراكهم فيه وكذلك دعم وتأييد وتفهم ردود أفعالهم‪.‬‬
‫إذن يحتاج القائد إلى القوة من أجل التغيير‪ ،‬وفيما يلي مداخل القوة‬
‫التي تمكنه من فرض التغيير‪:‬‬
‫‪251‬‬
‫‪ ‬القوة املبنية على املكافئة "ترقيات أو أجور زائدة"؛‬
‫‪ ‬القوة املبنية على السلطة (العقوبات)؛‬
‫‪ ‬القوة الشرعية املصاحبة للدور واملركز‪ ،‬أي موقع املدير في‬
‫التنظيم؛‬
‫‪ ‬القوة املبنية على الخبرة‪ ،‬أي تحكم املدير في املعلومات واملعرفة‬
‫والخبرة مرتفعة القيمة؛‬
‫‪ ‬قوة الشخصية‪ ،‬كالجاذبية الناتجة عن السمعة واملصداقية‪.‬‬
‫لعل قوة الشخصية هي األكثر نجاحا في كسب تعاون األفراد لقبول‬
‫التغيير املفروض‪ ،‬كما يمكن للقائد ذلك من خالل والءهم له‪ ،‬والناتج عن‬
‫معاملتهم بعدل واحترام‪ ،‬كما أن العملية العكسية واردة حيث يكتسب‬
‫العاملون التأثير في سلوك رئيسهم عن طريق العمل الجاد والتعاون والوالء‪.‬‬
‫يكون لهذا األسلوب عواقب سلبية على مستوى األفراد من إحباط‪،‬‬
‫وغياب التعهد وااللتزام‪ ،‬وعلى مستوى البرنامج التغييري إذ ال يؤتي ثماره‬
‫املرجوة منه‪ ،‬إال بنسب ضئيلة جدا‪ ،‬ويستعمل عادة في وقت األزمات‪.‬‬
‫الطريقة الثانية‪ :‬مبدأ التفويض‪:‬‬
‫أين يتم تحويل السلطة لباقي املستويات التنظيمية في عملية التغيير‪،‬‬
‫أين يقوم األفراد بإعداد برنامج التغيير في كل مراحله‪ ،‬بدءا بتحديد معامله‬
‫ومهامه وبدائل الحلول واختيار الحل املناسب من خالل التدريب الجماعي‬
‫لتنمية اإلدراك الذاتي‪ ،‬والتحسس لسلوك األفراد والجماعات ذات‬
‫العالقة باملشكلة‪ ،‬كأسلوب ملنحهم القدرة لحل مشاكلهم‪ ،‬ويكمن دور‬
‫اإلدارة العليا في تشجيع األفراد لحل مشاكلهم باستقاللية بدل فرض‬

‫‪252‬‬
‫الحلول من طرفها‪ .‬وتتم عملية التغيير عن طريق التفويض من خالل‬
‫املفاضلة بين أسلوبين‪:‬‬
‫‪ ‬أسلوب الفرق الخبيرة‪:Les groupe de bon pratique :‬‬
‫حيث تأتي فكرة التغيير من طرف فرد أو مجموعة أفراد في قسم معين‬
‫يتميزون بالكفاءة والخبرة العالية في مجال معين‪ ،‬يرغبون في استغالل‬
‫فرصة جديدة‪ ،‬أو تطبيق عمليات أو أنظمة عمل جديدة في مجال‬
‫تخصصهم‪ ،‬تكون لهم خبرة ومعرفة سابقة في تطبيق وممارسة هذه‬
‫األخيرة‪ ،‬حيث يقدم هؤالء نموذجا لبرنامج التغيير إلتباعه في عملية‬
‫التنفيذ‪ ،‬ويجد هذا األسلوب تطبيقاته في حالة التغيير التدريجي لتحسين‬
‫التطبيقات التنظيمية باستمرار‪ ،‬إذ ال يتالءم مع التغيير السريع والشامل‪،‬‬
‫كما يجد أهميته في املؤسسات األقل خبرة في مجال تسيير التغيير‪ ،‬ويشترط‬
‫هذا األسلوب لنجاحه تجربة هذه التطبيقات على نطاق ضيق ثم تعميمها‬
‫على باقي املنظمة في حالة إثبات نجاحها‪.‬‬
‫‪ ‬أسلوب التدريب وااللتزام‪:‬‬
‫أين يتم تحسيس األفراد بأهمية التغيير لكسب دعمهم والتزامهم‬
‫وبالتالي تحمل مسؤولية إنجازه‪ ،‬حيث تفوض لهم اإلدارة مسؤولية إنجاز‬
‫برنامج التغيير في مختلف مراحله‪ ،‬في شكل مشروع مستقل‪ ،‬يأخذ خالله‬
‫األفراد تدريبات وتكوينات حول ما يراد تغييره في شكل دورات وورشات‬
‫تعليم تسبق عملية التغيير‪ ،‬كما يمكن استخدام أسلوب تدريب‬
‫الحساسية‪ ،‬حيث يتم التركيز على تدريب األفراد مهارات التبصر بالذات‪،‬‬
‫والوعي بما يحدث من حولهم‪ ،‬الحساسية ملشاكل املنظمة والعاملين فيها‪،‬‬
‫وتعترض هذا األسلوب مجموعة عراقيل أهمها‪:‬‬
‫‪253‬‬
‫‪ ‬صعوبة االنتقال من التعليم النظري إلى التطبيق الواقعي لبرامج‬
‫التغيير‪ ،‬حيث قد يعتبر األفراد حلقات التعليم التي تلقوها حتى وإن كانت‬
‫عملية‪ ،‬مجرد تمارين مهمة‪ ،‬لكن ال تكفي لتنفيذ برنامج تغييري‪ ،‬إذ يحتاج‬
‫هذا األخير إلى عمليات واضحة ومحددة؛‬
‫‪ ‬قد تفيد حلقات التعليم في التحفيز للتغيير والتحسيس بحاجته‪،‬‬
‫إال أنها غير كافية لخلق االلتزام الكامل بتنفيذه‪ ،‬ال سيما في حالة عدم‬
‫جدية ودعم الجهات العليا للتنظيم؛‬
‫‪ ‬ارتفاع تكاليف التعليم لكل أفراد التنظيم‪ ،‬وطول فترة‬
‫التحسيس؛‬
‫‪ ‬عدم القدرة على اختبار كفاءة التكوين والتدريب واقعيا أي أثناء‬
‫إجراء التغيير‪ ،‬كونها عملية مسبقة للتغيير‪ ،‬حيث من الصعب تدارك‬
‫النقائص والعيوب‪ ،‬مما يقلل من إمكانية التعلم التنظيمي‪.‬‬
‫قد يكون للتفويض إيجابياته الكثيرة‪ ،‬إال أنه قد يفشل أحيانا نتيجة‬
‫لتعارض مصالح األفراد فيما بينهم‪ ،‬وبالتالي تعارض مقترحات التغيير‪ ،‬مما‬
‫يستوجب تدخل اإلدارة العليا في كثير من الحاالت‪.‬‬
‫‪ ‬مبدأ املشاركة‪:‬‬
‫أين يتم إشراك املرؤوسين‪ ،‬السيما ذوو القدرات العالية في اتخاذ‬
‫القرارات ذات الصلة بالتغيير‪ ،‬إذ يصبح لهم جزء من السلطة للقيام‬
‫باألعمال‪ ،‬وقد تكون هذه املشاركة ضيقة النطاق إذ تنحصر في اختيار‬
‫البديل األنسب من البدائل املحددة مسبقا من قبل اإلدارة العليا‪ ،‬أو أن‬
‫تكون على نطاق أوسع‪ ،‬بدءا بمناقشة املشكلة ووضع البدائل واختيار‬
‫البديل األنسب‪ ،‬مما يحقق تفاعال بين املستويات التنظيمية‪.‬‬
‫وتكون املشاركة من خالل إحدى األساليب التالية‪:‬‬
‫‪254‬‬
‫‪ ‬التعاون‪:‬‬
‫أين تطالب اإلدارة العامة األفراد باملشاركة والتعاون في تحديد ما يجب‬
‫تغييره والطريقة التي يتم بها ذلك‪ ،‬بدءا باختيار األهداف‪ ،‬ونهاية بتحديد‬
‫وسائل تنفيذها‪ ،‬وهذا من خالل عقد اجتماعات تضم املسئولين واألفراد‪،‬‬
‫ومستشارين خارجيين إذا استدعى األمر لذلك‪ ،‬من أجل توضيح الوسائل‬
‫التحليلية التي تمكن األفراد من خلق رؤية جديدة لنشاطاتهم‪ ،‬وتحديد‬
‫العوائق األساسية لتحقيقها‪ ،‬وكذا تحديد معايير القياس الالزمة‪ ،‬فكلما‬
‫كان عدد املتعاونين أكثر كان االلتزام بالتغيير أكبر‪ ،‬كما يمكنهم التأثير على‬
‫باقي أفراد التنظيم لتقبل التغيير وبالتالي احتواء املقاومة املحتملة‪ ،‬ومن‬
‫العوائق التي تعترض هذا األسلوب ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬يأخذ هذا األسلوب وقتا طويال‪ ،‬وبالتالي ال يصلح في حالة األزمات؛‬
‫‪ ‬إمكانية تعارض أفكار ومقترحات األفراد مع أهداف اإلدارة العليا‪،‬‬
‫وبالتالي فقدان السيطرة‪ ،‬كما قد تكون تقليدية وغير خالقة ال تمكن‬
‫املؤسسة من تحقيق الهدف الحقيقي من التغيير مما يستدعي توضيح‬
‫عدم جدواها‪ ،‬حتى إن استدعى األمر مستشارا خارجيا؛‬
‫‪ ‬في حالة تجاهل اإلدارة ألفكار األفراد تكون النتيجة عكسية‪ ،‬حيث‬
‫يحدث إحباط وعداء تجاه التغيير‪.‬‬
‫يفيد هذا األسلوب أكثر في حالة املؤسسات التي تتميز باستقاللية‬
‫أفرادها والفرق املسيرة ذاتيا‪ ،‬والتي ترفض أن يفرض عليها التغيير قسرا‪.‬‬
‫‪ ‬أسلوب التدخل‪:‬‬
‫أين يكون التعاون محدودا من طرف األفراد‪ ،‬حيث تصمم اإلدارة العليا‬
‫الرؤية العامة للتغيير وأهدافه‪ ،‬وتطالب األفراد بالتفكير فيما يجب تغييره‬
‫وفي كيفية ذلك‪ ،‬وكذا تصميم املهام التفصيلية‪ ،‬حيث تجتمع فرق العمل‬
‫‪255‬‬
‫ملعالجة املشكالت والتطبيقات الجديدة كما تأخذ على عاتقها مسؤولية‬
‫شرح أفكار التغيير لباقي أفراد التنظيم وجمع وجهات نظرهم كأسلوب‬
‫لإلعالم وللتحفيز للتغيير وشحذ الطاقات‪.‬‬
‫إن هذا األسلوب يسمح لإلدارة العليا بالتحكم أكثر في سير األمور‬
‫ومراقبة النتائج‪ ،‬باملقابل فهي تكسب دعم والتزام األفراد‪ ،‬حيث تخفض‬
‫املشاركة من حدة املقاومة‪ ،‬إذ ال يرفض األفراد برنامجا كانوا طرفا في‬
‫تصميمه‪ ،‬كما أنهم يصبحون أكثر دراية بدوافعه وأهدافه وحيثياته‪.‬‬
‫إذن هناك من يرى أن على دائرة مديري التغيير أن تتسع لتشمل العاملين‪،‬‬
‫املشرفين‪ ،‬اإلدارة العليا‪ ،‬اإلدارة الوسطى‪ ،‬وهو املذهب الذي تبنته السويد‬
‫واليابان أوال‪ ،‬إال أن هناك من يرى أن إدارة التغيير تتم من طرف املدير‪،‬‬
‫حيث يتمتع بقوة هرمية غير قابلة للنقاش وسلطة تمكنه من السيطرة على‬
‫باقي أجزاء املنظمة متجاهال أدوار القيادة والتحفيز‪ .‬وهو النمط املتبع من‬
‫طرف اإلنجليز وأمريكا‪ ،‬إال أنه بدأ يتالش ى لتبني املذهب األول من خالل‬
‫تطور استراتيجيات إدارة املوارد البشرية‪.‬‬
‫تتوقف عملية االختيار بين االتجاهات السابقة على عمق وسرعة‬
‫التغيير وكذا الخصائص التنظيمية (بيروقراطية أو مرنة) وأسلوب اإلدارة‬
‫(تشاركي أو العكس) واملوازنة بين التكاليف واملخاطر‪.‬‬
‫ب‪ .‬االتجاه الثاني‪ :‬اإلدارة الخارجية للتغيير (األخرجة)‪:‬‬
‫أين تقوم املنظمة باختيار استشاريين ذوي خبرة في مجال التغيير املعني‬
‫"مراكز بحث‪ ،‬الجامعات‪ ،‬أطراف متخصصة" أين يصبح على املنظمة‬
‫التواصل املستمر والدائم مع هذه الجهات من أجل التغذية العكسية‬
‫للمعلومات‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫تحتاج املنظمة إلى مستشار خارجي كدعم لعملية التغيير باعتباره‬
‫يقدم معارف ومهارات وخدمات احترافية مكثفة وواضحة‪ ،‬كما أنه ينظر‬
‫للمشكلة بحيادية ويقدم معلومات وأساليب علمية حديثة قد تكون غائبة‬
‫عن اإلدارة‪ ،‬كما أن العائد على االستشارة أكثر من تكلفتها‪ .‬إال أن هذا قد‬
‫يعد اعترافا بالفشل في التعامل مع املشاكل‪ ،‬وقد يهدد أسرار املنظمة‬
‫ويفقدها فرصة تطوير املهارات الداخلية‪ ،‬إضافة إلى غياب املرونة في‬
‫التعامل‪ ،‬لذلك تلجأ بعض املنظمات إلى تعيين مستشار داخلي يكون ذو‬
‫خبرة في هذا املجال وعلى قدر كبير من املعرفة بالبيئة الداخلية والخارجية‬
‫للمنظمة لضمان والءه وقدرته على إدارة التغيير‪.‬‬
‫إن معظم الطرق املستعملة لدى أكبر املكاتب االستشارية تتمحور‬
‫حول كيفية التنسيق بين مجموعة من الطرق والقوائم املعدة مسبقا من‬
‫طرف مستشارين سابقين في إدارة التغيير‪ ،‬وبالتالي تشابه التطبيقات لدى‬
‫كل املكاتب االستشارية‪ ،‬بينما يبقى الحكم على جودة التدخل متوقف على‬
‫خبرة هذه املكاتب‪.‬‬
‫قد يكون للمدخل االستشاري فوائده من ناحية التكلفة والوقت‪ ،‬لكن‬
‫قد يعاني من جوانب قصور من ناحية الوعي الحقيقي باملشكلة لعدم‬
‫معايشتها‪ ،‬ومن أسباب تفضيل أن يكون فريق التغيير داخليا ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬املعرفة العميقة بتفاصيل املنظمة؛‬
‫‪ ‬االتصاالت قائمة مسبقا بين أفراد املنظمة وفريق التغيير؛‬
‫‪ ‬االختيار الجيد لألفراد املناسبين للعملية نتيجة معرفة أي األفراد‬
‫من املنظمة قادر على مهمة معينة؛‬
‫‪ ‬استفادة األفراد من خالل اكتساب الخبرة أثناء إنجاز املشروع‬
‫وتحقيق مفهوم التعلم؛‬
‫‪257‬‬
‫‪ ‬اندماج األفراد واجتماعهم حول هدف أساس ي وهو نجاح‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫ال يعني هذا أنه ليس لالستشارة مزايا‪ ،‬إذ لديها الخبرة في قيادة التغيير‬
‫وإمكانية جلب تطبيقات جديدة وغير معتادة باملنظمة‪ ،‬وعموما يمكن‬
‫الحكم على فعالية أحد هذه الطرق بإخضاعها للمعايير التالية‪:‬‬
‫‪ ‬رضا العمال‪ ،‬ودرجة املقاومة؛‬
‫‪ ‬سرعة التغيير‪ ،‬والنتائج املباشرة وقصيرة املدى؛‬
‫‪ ‬االلتزام بالتغيير والتجديد املستمر‪.‬‬
‫ليس من الخطأ أن تتخذ اإلدارة موقفا وسطا من خالل تأسيس فريق‬
‫تغيير تكون فيه األغلبية من داخل املؤسسة‪ ،‬ومدعمة ببعض‬
‫االستشاريين‪ ،‬وهذه الطريقة تمكن من تراكم مزايا الطريقتين‪.‬‬
‫من ناحية أخرى يتوقف قرار التغيير على نوعية أو نمط اإلدارة في‬
‫املنظمة والتي تم تصنيفها وفق معياري االستقرار واملرونة في بيئة التنظيم‬
‫إلى‪:‬‬
‫‪ ‬إدارة محافظة‪:‬‬
‫أي اإلدارة التقليدية التي تتبع أسلوبا دفاعيا كرد الفعل وسد الثغرات‪،‬‬
‫أين تعمل في بيئة مستقرة وقليلة املرونة‪ ،‬إدارة ثابتة األهداف ونمطية‪،‬‬
‫تسودها التقاليد واألعراف وترفض التغيير واألفكار الجديدة وأقل قدرة‬
‫على مواجهة املشاكل املستقبلية والتأقلم معها‪.‬‬
‫‪ ‬إدارة رد الفعل‪:‬‬
‫تعمل في بيئة متغيرة وتواجه التغير بعد حدوثه‪ ،‬بطيئة التأقلم وتعمل‬
‫على املدى القصير‪.‬‬
‫‪ ‬إدارة التوقع‪:‬‬
‫‪258‬‬
‫تعمل في بيئة عالية التغير وتملك درجة عالية من التأقلم مع البيئة من‬
‫خالل استعمالها ألساليب التغيير السليمة التي تمكنها من التعامل مع‬
‫الظروف الحالية واملستقبلية بمرونة‪ ،‬أين تتوقع حدوث التغيير وتخطط له‬
‫وإلدارته مسبقا بدل انتظار حدوثه‪ ،‬وهو أسلوب اإلدارة النموذجية‬
‫املتطورة‪.‬‬
‫‪ ‬اإلدارة القانعة‪:‬‬
‫تعمل في بيئة عالية االستقرار ودرجة تأقلمها عالية‪ ،‬تتعدد فيها‬
‫املستويات اإلدارية‪ ،‬محددة األدوار واإلجراءات‪ ،‬تستجيب للتغيير وتتأقلم‬
‫معه‪.‬‬
‫املخطط املوالي يلخص ما سبق‪:‬‬
‫مصفوفة أنواع اإلدارات‪.‬‬
‫إدارة الفعل‬ ‫إدارة التوقع‬
‫اإلدارة املحافظة‬ ‫اإلدارة القانعة‬

‫املصدر‪( :‬محمد النمران‪)61 :2006،‬‬


‫بالرغم من هذا التصنيف‪ ،‬إال أنه لم يعد موضوع التغيير وبالتالي إدارته‬
‫اختياريا‪ ،‬بل ضرورة حتمية نتيجة املخاطر التي يمكن أن تلحقها الحالة‬
‫القائمة باملنظمة‪ ،‬السيما وأن البيئة في تغير وتحول مستمرين‪ ،‬ومن أهم‬
‫املخاطر التي تدعو إلى ضرورة إدارة التغيير ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬عدم استجابة مشروع التغيير الحتياجات العميل وكذا العمال‬
‫من حيث التوقعات املنتظرة؛ عدم استقرار النظام الجديد‪ ،‬بسبب‬
‫التقسيم املختلف للمسؤوليات وللوظائف؛‬

‫‪259‬‬
‫‪ ‬االتصاالت القائمة على رد الفعل حيال التغيير وليس على‬
‫املشاركة فيه؛‬
‫‪ ‬قصور في تنفيذ املشروع بسبب نقص الكفاءة التقنية لدى رئيس‬
‫املشروع أو لضخامة املوارد الالزمة‬
‫‪ ‬وثقل املهام الجديدة وانخفاض املزايا وعدم القدرة على تبني أفكار‬
‫جديدة وعلى احتواء املقاومة؛‬
‫‪ ‬القصور في عملية التدريب التي تعد من أهم دعائم نجاح املشروع‪،‬‬
‫كأن يتم التدريب حول التقنية‪ ،‬أو التكنولوجيا الجديدة املدرجة في النظام‬
‫الجديد‪ ،‬مع إهمال باقي السلوكيات املتعلقة بتطور املهمة نفسها‪.‬‬
‫بالتالي من أهم أسباب الحاجة إلى إدارة التغيير‪:‬‬
‫‪ ‬وضع استراتيجيات لخفض املقاومة‪ ،‬ورفع عزيمة األفراد‬
‫املتعهدون بالتغيير وتزويدهم بفرق عمل كنواة لتحديد نقاط الضعف‬
‫لتقويمها؛‬
‫‪ ‬تقييم أثر التغيير على املنظمة وعلى األفراد‪ ،‬وتحديد مشاكل‬
‫تنفيذ املشروع وحلها؛‬
‫‪ ‬قياس مدى قبول األفراد للتغيير واتخاذ اإلجراءات لرفعه بين‬
‫األعوان الرئيسين‪ ،‬وتحديد األدوار املتاحة‪ ،‬واملتغيرات املحددة‪ ،‬وكذا‬
‫تنفيذ التحول إلى النظام الجديد مع إدماج البعد البشري فيه‪.‬‬
‫إذن على املنظمة أن تكون على دراية كافية بمختلف النماذج اإلدارية‬
‫لعملية التغيير ومراحل إحداثه ومختلف الجوانب األخرى ذات العالقة‬
‫بنجاح مشروع التغيير‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫ثانيا‪ .‬سيرورة العملية اإلدارية للتغيير‪:‬‬
‫يواجه قادة التغيير ثالث قضايا هامة إلدارة التغيير أولها‪ :‬الحاجة إلى‬
‫التغيير كفرض من فروض استمرارية املنظمة‪ ،‬مما يدفع إلى ضرورة‬
‫إحداثه‪ ،‬وثانيها‪ :‬عدم التأكد من كيفية التغيير‪ ،‬ويكون الحل محاولة‬
‫إحداثه ال العزوف عنه‪ ،‬وثالثها‪ :‬الخوف من التغيير‪ ،‬ويكون الحل في‬
‫االستمرارية إلى حين تقييم املوقف من أجل املعالجة السليمة للمقاومة‪،‬‬
‫إذن التغيير محكوم باستعداد قائد التغيير ملواجهة القضايا الثالث بشكل‬
‫إيجابي‪ ،‬وبالتالي عليه التساؤل حول مدى توصل املؤسسة إلى مرحلة‬
‫االستعداد الالزمة للتغيير‪ ،‬وكذا مدى توفر تشكيلة موارد بشرية قادرة على‬
‫إحداثه‪ ،‬ودرجة التأكد من نجاح عملياته‪.‬‬
‫‪ .1‬نماذج إدارة التغيير‪:‬‬
‫إن تحول املنظمة من وضع راهن ترفضه إلى وضع مستقبلي ترغب فيه‪،‬‬
‫يتم وفق مراحل يجب تحديدها بدقة إلنجاح العملية‪ ،‬ولقد اجتهد العديد‬
‫من الباحثين في هذا املجال إلعطاء نماذج إلدارة التغيير تكون كمرجع‬
‫به من طرف املنظمات الراغبة في التغيير وأهم هذه النماذج‪.‬‬
‫‪ 1.1‬نموذج عوامل النجاح الحرجة لكيلمان‪:‬‬
‫تمر إدارة التغيير حسب كيلمان بعدة مراحل‪ ،‬تبدأ بتشخيص‬
‫املشكالت وبعدها إنشاء برنامج للتغيير‪ ،‬ومن ثم جدولة املسارات وتطبيقها‪،‬‬
‫وأخيرا تقييم التطبيق‪ ،‬ويتضمن النموذج على خمسة متغيرات "املدير‪،‬‬
‫املجموعات وفرق العمل‪ ،‬البيئة‪ ،‬نسق القيم‪ ،‬املنظمة" وهي موضحة‬
‫بالتفصيل في الشكل التالي‪:‬‬

‫‪261‬‬
‫نموذج كيلمان للتغيير‪.‬‬

‫البيئة‬
‫‪ -‬التغيرات السريعة‪ - ،‬التأثير الدولي المتبادل‪ - ،‬أصحاب‬
‫المصالح‬

‫المنظمة‪:‬‬ ‫المدير‪:‬‬
‫‪ -‬التنظيم الرسمي‪.‬‬ ‫‪ -‬الخط القيادي‪.‬‬
‫القوة‬ ‫الطاقة االجتماعية‬
‫‪ -‬الرؤية‬ ‫الخفية‬
‫‪ -‬كفاءة التشخيص‪.‬‬
‫والرسالة‪.‬‬ ‫الفريق‪.‬‬ ‫القيم والقناعات المشتركة‪ ،‬وروح‬
‫‪ -‬القناعات والمشكالت‬
‫‪ -‬األهداف‪.‬‬
‫اإلستراتيجية‪.‬‬ ‫‪ -‬وصناعة القرارات القناعات المشتركة‬

‫‪ -‬نظم الثواب‬
‫والعقاب‪.‬‬
‫املجموعات واألفراد‪:‬‬
‫‪ -‬تبادل املعرفة بين املجموعات وفرق العمل‪.‬‬
‫‪ -‬التفاعل بين املجموعات وروح الفريق‪.‬‬
‫‪ -‬صناعة القرارات‪ ،‬االبتكار‪ ،‬الرشادة والفعالية‪.‬‬

‫النتائج = معايير النجاح‬

‫األداء المادي‬ ‫الحالة المعنوية‬


‫املصدر‪( :‬محمد موس ى عثمان‪)613: 2005 ،‬‬
‫‪262‬‬
‫يوضح الشكل أعاله أن كيلمان ألم بمختلف جوانب التغيير‪ ،‬داخلية‬
‫وخارجية إال أنه لم يذكر دور املقاومة وكيفية معالجتها‪.‬‬
‫يرى كيلمان أنه إلحداث التغيير اإليجابي البد من‪:‬‬
‫‪ ‬الحصر والسيطرة الكاملة على كل املتغيرات ذات التأثير اإليجابي‬
‫على املنظمة‪ ،‬كالثقافة واملهارات اإلدارية وروح الفريق واالستراتيجية‬
‫والهيكل واإلبداع ومستوى عالي من األداء والروح املعنوية؛‬
‫‪ ‬توافق خطوات التطبيق مع عوامل نجاح املنظمة‪ ،‬حيث ال يكفي‬
‫أن تحدد مجال التغيير بل يفترض وجود إطار متكامل للكيفية التي تجعل‬
‫عملية التغيير واضحة وفعالة‪.‬‬
‫‪ 2.1‬نموذج النظم‪:‬‬
‫من أجل التغيير الناجح يقترح نموذج النظم أنه يلزم تركيز واسع عند‬
‫جمع البيانات وتشخيص الوضع وتعريف الحلول وتخطيط التنفيذ‬
‫ومراقبة النجاح‪ ،‬يشمل هذا الجماعات الرسمية وغير الرسمية للتنظيم‬
‫وبعكس ما هو متداول‪ ،‬حيث غالبا ما يعرف املدراء الحلول التقنية دون‬
‫اعتبار لألفراد الذين سينفذونها أو يتأثرون بها‪ ،‬ويراقبون النجاح وفقا‬
‫لعالمات وميزانيات محددة دون اعتبار تأثير التغيير على التحفيز أو االلتزام‬
‫أو املعنويات‪ .‬وعليه فإن نموذج النظم يركز على االعتماد املتبادل ملكونات‬
‫التنظيم‪ ،‬حيث يكون ألوجه التغيير املختلفة كإدارة الجودة وهندسة‬
‫العمليات وتكنولوجيا املعلومات الحديثة تأثيرا على باقي الجوانب في‬
‫التنظيم كمهارات العاملين وإجراءات قياس األداء وسياسات التعويض‬
‫واملكافئات‪ ،‬ومن املرجح أن يتطلب التغيير في أحد املكونات إعادة ضبط‬
‫ملكونات أخرى‪.‬‬
‫‪263‬‬
‫لقد قدم ما كينزي نموذجا يتضمن مفهوم النظم ويحتوي على ‪7‬‬
‫متغيرات يشرح من خاللها فكرته حول إدارة التغيير موضحة في الشكل‬
‫التالي‪:‬‬
‫نموذج ماكينزي للتغيير‬

‫هيكل التنظيم‬

‫اإلستراتيجية‬ ‫النظم‬
‫نسق القيم‬
‫والقواعد‬

‫مهارات المنظمة‬ ‫نمط القيادة‬


‫"اإلدارة العليا"‬
‫الموارد البشرية‬

‫املصدر‪( :‬محمد موس ى عثمان‪) .615 : 2005 ،‬‬

‫ينطوي هذا النموذج على وجود تفاعل بين املتغيرات السبعة إلحداث‬
‫التغيير في كل منها‪ ،‬بحيث يكون قابل للتحسين في املستقبل مطبقا ملفهوم‬
‫النظم املفتوحة‪.‬‬
‫يخلو نموذج ماكينزي من أي إشارة لتأثير وتأثر البيئة الخارجية‪ ،‬وهو‬
‫أهم عنصر في عملية التغيير ألن أغلب التغييرات في املنظمة مصدرها أو‬
‫دافعها األول هو التغير في البيئة الخارجية‪ ،‬كما أهمل أيضا دور املقاومة في‬
‫إفشال التغيير وكيفية خفضها‪.‬‬
‫‪264‬‬
‫‪ .3.1‬نموذج التحفيز‪:‬‬
‫قدم املؤلفان بيكهارد وهاريس عام ‪ 1987‬نموذجا يهتم بتحفيز التغيير‬
‫حيث وضعا املعادلة التالية‪ .ABC>D :‬بحيث‪:‬‬
‫‪ -A‬عدم الرضا بالحالة القائمة واملستقرة‪ -B .‬املستقبل املرغوب‪-C .‬‬
‫مسار التغيير‪ -D .‬تكاليف التغيير‪.‬‬
‫حيث بين املؤلفان أنه إلحداث التغيير يجب أن يكون هناك رفض للحالة‬
‫املستقرة‪ ،‬وإدراك مستقبل يرغب فيه األفراد‪ ،‬ومسار لتحقيقه‪ ،‬وإن‬
‫تفاعل هذه العناصر البد أن تعطي نتيجة أكبر من تكاليف التغيير‪.‬‬
‫يشير املؤلفان إلى أن التركيز يكون أكثر إيجابية عندما يكون التحفيز‬
‫إلدارة التغيير حول املستقبل أكثر من الحاضر وهذا لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ ‬إحالل التفاؤل محل التشاؤم بتوضيح الرؤية املستقبلية‪ ،‬وتمكين‬
‫األفراد من تخيل دورهم في تحقيقها؛‬
‫‪ ‬التقليل من عدم التأكد والشعور بعدم األمن‪ ،‬وتركيز االنتباه‬
‫حول ما يجعل التنظيم أكثر أداء‪.‬‬
‫لقد وضح املؤلفان كيفية االنتقال من الوضع الراهن إلى الوضع‬
‫املرغوب بأقل تكاليف‪ ،‬إال أنهما أغفال عنصر القوة‪ ،‬وبالتالي املقاومة‬
‫ودورها‪ ،‬حيث ال يحتاج الفرد دائما ألن يكون مقتنعا باملستقبل املرغوب‬
‫في ه واملسار العملي‪ ،‬فإن التغيير يمكن أن يفرض بالقوة‪ ،‬وهذا ما تثبته‬
‫أغلب تجارب التغيير‪.‬‬
‫‪ 4.1‬نموذج املسارالحرج لبيير‪:)1990( :‬‬
‫هي طريقة إلدارة التغيير على مستوى الوحدة أو التنظيم‪ ،‬إلعادة‬
‫تجديد املؤسسة وهي عملية عامة يقودها املدير‪ ،‬والتي تتم وفقا ملا يلي‪:‬‬
‫‪265‬‬
‫‪ ‬تجنيد الطاقة لدى القوى الدافعة للتغيير عن طريق مشاركتهم في‬
‫تشخيص املشاكل التي تعوق التنافسية؛‬
‫‪ ‬تطوير رؤية حول كيفية تنظيم التنافسية وإدارتها‪ ،‬وتكوين إجماع‬
‫بأن الرؤية الجديدة صحيحة‪ ،‬وكفؤة لتعميمها‪ ،‬كنقطة بداية لتحريك‬
‫التغيير؛‬
‫‪ ‬نشر العزم الجديد على كل األقسام بطريقة تجنب اإلدراك أن‬
‫البرنامج مدفوعا من القمة‪ ،‬وضمان االتساق في نفس الوقت مع التغييرات‬
‫التنظيمية الجارية بالفعل؛‬
‫‪ ‬توحيد التغييرات من خالل سياسات ونظم وهياكل نظامية‬
‫تؤسس العزم الجديد؛‬
‫‪ ‬املراقبة املستمرة وتحديد االستراتيجيات لالستجابة للمشاكل‬
‫املتنبأ بها في عملية التغيير‪.‬‬
‫لقد ربط املؤلف إدارة التغيير بإدارة التنافسية‪ ،‬وهذا جيد ألن‬
‫الهدف األول لإلدارة بصفة عامة وإدارة التغيير خاصة هو تحقيق‬
‫التنافسية‪ ،‬إال أنه أرجأ إعالم األفراد بعد وضع البرنامج واإلجماع عليه من‬
‫طرف فريق التغيير بدل مشاركتهم من البداية‪ ،‬ولعل هذا يشكل نوعا من‬
‫املقاومة لعدم فهم أسباب التغيير‪.‬‬
‫‪ 5.1‬نموذج التغييراالستراتيجي لبرناربورنس ‪:Bernard Burenes:‬‬
‫يرى برنار أنه من أجل النجاح في إدارة التغيير‪ ،‬يجب إضفاء الصبغة‬
‫االستراتيجية على مختلف مراحله‪ ،‬أي أن ال تعمل بمعزل عن املسار‬
‫االستراتيجي للمنظمة‪ ،‬ويقترح املراحل التالية إلدارة التغيير‪:‬‬
‫‪ ‬خلق الرؤية وتطوير االستراتيجيات؛‬
‫‪266‬‬
‫‪ ‬خلق الظروف املالئمة لنجاح التغيير‪ ،‬وخلق الثقافة الصحيحة؛‬
‫‪ ‬تحديد الحاجة إلى التغيير ونوعه‪ ،‬وبرمجة خطة التغيير‪،‬‬
‫ومشاركة األفراد في اإلعداد له؛‬
‫‪ ‬تحديد التوقيت املالئم لتنفيذ التغيير‪ ،‬وأخيرا التحسين املستمر‪.‬‬
‫لقد فصل برنار في سرد مراحل التغيير‪ ،‬وتطرق ملختلف الجوانب‬
‫التي تمكن من إنجاح العملية‪ ،‬إال أنه لم يتطرق للمقاومة التي تنشأ جراء‬
‫التغيير وكيفية تفاديها‪.‬‬
‫‪ 6.1‬نموذج املوقف إلدارة التغييرلشميديت وتانينبوم‪:‬‬
‫أثبتت التجارب أن معظم التغييرات التي حدثت على مستوى مختلف‬
‫املؤسسات على مر التاريخ كانت من القمة‪ ،‬إال أن البعض من محاوالت‬
‫التغيير‪ ،‬شملت األفراد وشاركتهم في اتخاذ القرار‪ ،‬وهي تجارب قليلة كما‬
‫حدث في إحدى املؤسسات الخيرية‪ ،‬إال أن هذا لم يكن ليحدث عند إعادة‬
‫هيكلة إحدى املصانع التحويلية‪ ،‬وهنا يكمن التساؤل عن سبب اختالف‬
‫طرق التغيير واستراتيجياته‪ ،‬والتساؤل عن سبب كون طريقة أكثر مالئمة‬
‫عن غيرها‪.‬‬
‫يقدم املؤلفان نموذجا التخاذ القرار يركز فيه عن درجة مشاركة‬
‫األفراد في اتخاذ القرار‪ ،‬التي تتراوح بين االحتفاظ بهم في الظالم‪ ،‬من حيث‬
‫إخطارهم وشرح القرارات واستشارتهم فيها‪ ،‬إلى التفويض‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫نموذج شميدت وتانينبوم التخاذ القرار‪.‬‬

‫مراقبة إدارية‬

‫المدير يتخذ‬

‫األفراد في‬
‫الظالم‬

‫املصدر‪( :‬آالن ويلمز‪ ،‬وآخرون‪)2004:382 ،‬‬

‫‪268‬‬
‫يمكن تبني هذا النموذج لشرح كيفية إدارة التغيير‪ ،‬حسب درجة وعي‬
‫األفراد من جهة‪ ،‬وإملام املدير من جهة أخرى‪ ،‬ويقدم فروم وجوقو( ‪Vroom‬‬
‫‪ ) and jogo‬بعض األسئلة التي توضح اإلجابة عنها أي أنماط اتخاذ القرار‪،‬‬
‫وبالتالي املشاركة في التغيير الالزم تبنيها في عملية إدارة التغيير‪ ،‬وفيما يلي‬
‫بعضها‪:‬‬
‫‪ ‬ما مدى أهمية التزام العاملين بالقرار؟ ما مدى اشتراكهم في وضع‬
‫أهداف التغيير؟‬
‫‪ ‬هل لدى املدير والعاملون معلومات وكفاءة كافية التخاذ قرار‬
‫مرتفع الجودة؟‬
‫‪ ‬إذا اتخذ املدير القرار‪ ،‬هل من املرجح أن يقبل العاملون القرار؟‬
‫وما الوقت املتاح التخاذ القرار؟‬
‫إن أهم هذه األسئلة هو مدى أهمية التزام العاملين بالقرار‪ ،‬أي مدى‬
‫أهمية النظام البشري في تحقيق أهداف التغيير‪ ،‬فإذا كان من الضروري‬
‫توفر مستوى مرتفع من التحفيز أو استبقاء العاملين لتحقيق هذه‬
‫األهداف‪ ،‬يكون النظام البشري عامال حرجا لنجاح التغيير‪ ،‬بعكس ما إذا‬
‫كان النظام تقنيا‪ ،‬واملطلوب من األفراد مجموعة مهارات معينة فحسب‪،‬‬
‫فيصبح االلتزام باألهداف أقل أهمية‪ ،‬وتقل ضرورة املشاركة‪ ،‬إال أن هذا‬
‫التحليل ال يمكن تعميمه دائما وفي كل املنظمات‪ ،‬وهذا متوقف على ظرف‬
‫التغيير نفسه‪ ،‬فقد يكون اللتزام األفراد أهمية في نجاح التغيير‪ ،‬إال أن‬
‫ظرف املؤسسة ال يسمح بمشاركتهم‪.‬‬
‫كما أن التساؤل حول القيم واألهداف املشتركة‪ ،‬من أهم عوامل‬
‫النجاح الحرجة للتغيير وإدارته‪ ،‬حيث يعد نطاق األهداف مشكلة في حد‬
‫‪269‬‬
‫ذاته‪ ،‬فلدى األفراد في مختلف مستويات املنظمة وأجزاءها أهدافا‬
‫مختلفة‪ ،‬حيث تركز اإلدارة العليا على االستراتيجية‪ ،‬واإلدارة الوسطى على‬
‫العمليات وسيرها‪ ،‬واإلدارة الدنيا على العمل‪ ،‬فإن االختالف في الهدف‬
‫يعمل على تقليل القدرة على تبني املشاركة في إدارة التغيير‪ ،‬فعندما ال‬
‫يمكن تحقيق إجماع خاص برسالة التنظيم واستراتيجيته‪ ،‬فيمكن أن‬
‫يكون نمط اإلدارة استبدادي ويصبح التغيير مفروضا بعيدا عن مشاركة‬
‫األفراد‪.‬‬
‫‪ 7.1‬نموذج التوازن لكيرت لوين‪:kuirt Lwin :‬‬
‫من وجهة نظر لوين أن أي قوة تستخدم في نظام ما‪ ،‬توجد قوة عكسية‬
‫تعارضها‪ ،‬مما يخلق نوعا من التوازن باملنظمة هذه القوى هي القوى‬
‫الدافعة للتغيير والقوى املعارضة له‪ ،‬وفي حالة توازن هذه القوى تشكل‬
‫حالة استقرار وعطالة وبالتالي عدم التغيير‪.‬‬
‫نجد نموذج لوين في معظم نماذج إدارة التغيير‪ ،‬وخالصته أن التغيير‬
‫ينتج عن تعارض القوى التي يصطدم بها التنظيم أو املجموعة أو الفرد‪،‬‬
‫وشرح ذلك من خالل طريقة مجال القوة‪ ،‬حيث يمكن أن يأتي التغيير عن‬
‫طريق إجراءات تقوي القوى الدافعة أو تضعف مقاومة التغيير (القوى‬
‫املعارضة)‪ ،‬ويشير لوين إلى أن تقوية القوى الدافعة للتغيير دون إضعاف‬
‫املقاومة ينتج عنها توتر‪.‬‬
‫من أجل إحداث التغيير يجب الرفع من القوى الدافعة للتغيير أو‬
‫خفض القوى املقاومة له أو إحداثهما معا‪ ،‬وقد بين نموذج لوين ثالث‬
‫مراحل إلدارة التغيير‪:‬‬

‫‪270‬‬
‫أ‪ .‬مرحلة التذويب‪:‬‬
‫يتم فيها إدراك الحاجة للتغيير وضرورته وعدم الرغبة في الوضع‬
‫الراهن‪.‬‬
‫ب‪ .‬مرحلة إحداث التغيير‪:‬‬
‫االنتقال للحالة الجديدة أين تتخذ إجراءات تقوية القوى الدافعة‬
‫وإضعاف املقاومة‪.‬‬
‫ت‪ .‬مرحلة إعادة التجميد‪:‬‬
‫حيث يصبح الوضع الجديد جزء من تفكير وثقافة وممارسات اإلدارة‬
‫واألفراد‪ ،‬أين يستقر التنظيم في اتزان ديناميكي جديد‪.‬‬

‫أي أن نموذج لوين يعرب عن االنتقال من مرحلة االتزان املستقر‬


‫الثابت أي الحالة القائمة أين "تتساوى القوى الدافعة والقوى املعارضة‬
‫للتغيير" إلى حالة اتزان ديناميكي حركي‪ ،‬تتساوى فيه أيضا القوى الدافعة‬
‫واملعارضة‪ ،‬لكن بمفهوم إيجابي يجتمعان خالله لقبول حركة التغيير‬
‫وجعلها عملية مستمرة‪ ،‬وحيوية في التنظيم‪ ،‬ويوضح الشكل املوالي مراحل‬
‫التغيير حسب كيرت لوين‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫نموذج لوين إلدارة التغيير‪.‬‬

‫‪R‬‬
‫‪Changement‬‬
‫‪Unfreezing‬‬
‫و ج‬

‫املصدر‪( :‬زيد منيرعبوي‪)62:2007 :‬‬

‫‪272‬‬
‫أكد لوين أن التعارض بين قوى املقاومة وقوى الدفع إذا كان كبير‬
‫سيخلق وضعية صراع‪ ،‬وأن هناك طريقتين لتغيير موقف أي فرد من‬
‫املعارضة‪ ،‬إما من خالل تقديم الشرح وإعطاء األسباب والضغوط‬
‫والتهديدات املمارسة على املنظمة والتي استدعت التغيير‪ ،‬حيث قد تالقي‬
‫هذه الطريقة تجاوبا‪ ،‬كما قد تؤول إلى الفشل‪ ،‬أما الطريقة الثانية‪ ،‬وهي‬
‫فتح النقاش الحر بين األفراد حول موضوع التغيير وفتح باب االقتراحات‬
‫وإدماجهم في اإلعداد له واملشاركة الفعالة فيه‪ ،‬واملشاركة في اتخاذ‬
‫القرارات حول كيفية تنفيذه‪ ،‬وهذه الطريقة عادة هي األنسب لتفادي‬
‫املقاومة الحادة للتغيير‪.‬‬
‫يفتقر نموذج لوين إلى التفاصيل بالرغم من إيجابيته في الخطوط‬
‫العريضة إلدارة التغيير‪ ،‬إذ لم يذكر ما يمكن أن يقوي القوى الدافعة‬
‫للتغيير‪ ،‬وما يمكن أن يضعف القوى املعارضة له‪.‬‬
‫مما سبق من سرد للنماذج‪ ،‬وجد أن لكل إيجابياته ونقائصه‪،‬‬
‫والستدراكه‪ ،‬سيتم إدراج مراحل إدارة التغيير‪ ،‬باالستفادة من أفكار كل‬
‫منهم‪ ،‬وإدماجها للحصول على صورة متكاملة تغطي نقائص كل نموذج‪.‬‬
‫‪ .2‬مراحل إدارة التغيير‪.‬‬
‫جرت العادة أن يتم التفكير في التغيير فقط في حال وجود قصور أو‬
‫فجوات في األداء‪ ،‬إال أنه وفي عصر تتسارع فيه التطورات واإلبداعات‬
‫التكنولوجية بشكل غير مسبوق‪ ،‬أصبحت املؤسسات الناجحة تفكر في‬
‫التغيير من أجل التجديد التنظيمي ال لحل املشكالت فحسب‪ ،‬ومن هذا‬
‫املنطلق‪ ،‬فإن املنظمة تبدأ بتطوير رؤية طموحة تحدد بعدها اإلمكانيات‬

‫‪273‬‬
‫الالزمة لبلوغها‪ ،‬وسيتم فيما يلي سرد لهذه املراحل مع محاولة دمج أفكار‬
‫كل من النماذج سالفة الذكر للحصول على نموذج أكثر تكامل وشمولية‪.‬‬
‫‪ 1.2‬تطويررؤية جديدة‪:‬‬
‫أي منح الحرية للمسيرين واألفراد للتفكير في مستقبل املنظمة‪ ،‬وكيف‬
‫يريدونها أن تكون على املدى الطويل‪ ،‬دون األخذ بالحسبان العوائق الحالية‬
‫فيما يخص املوارد‪ ،‬وتبدأ بوضع رؤية مبدئية وتحديد الفجوة بينها وبين‬
‫الرؤية الحالية ويشترط أن تكون أكثر طموحا في إطار مناقشات واسعة بين‬
‫اإلدارة واألفراد من أجل التحفيز على تحقيقها‪ .‬حيث تقوم إدارة التغيير على‬
‫وجود رؤية مستقبلية متكاملة تعمل على تحديد قوى صنع املستقبل‪ ،‬إذ‬
‫أنها قوى كامنة في الحاضر لكنها تملك إمكانيات ضخمة للنمو ملا تملكه من‬
‫خصائص تؤهلها من صنع التغيير املطلوب‪ ،‬من خالل تحويل مكامنها إلى‬
‫طاقات إبداعية‪ ،‬ولكن ال تكتمل الرؤية املستقبلية إال من خالل عملية‬
‫إدارية متكاملة يتم ذكر مهامها كما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬البد من عملية تخطيط لبرامج التغيير‪ ،‬أي وضع خطة تقوم على‬
‫رؤية طويلة األجل ملا يجب أن يكون عليه املستقبل وما تريد أن تكون عليه‬
‫املنظمة على املدى الطويل‪ ،‬تبدأ بتصورات تترجم إلى برامج واقعية‬
‫للتنفيذ‪ ،‬وتترجم الخطة إلى أهداف وسياسات وأعمال مبرمجة زمنيا‪،‬‬
‫وحشد للموارد واإلمكانيات؛‬
‫‪ ‬تنظيم عناصر صنع املستقبل‪ ،‬من مشرفين‪ ،‬مراقبين‪ ،‬ومتابعين‬
‫لعملية التغيير‪ ،‬إضافة إلى ضرورة وصف األعمال واملهام الواجب القيام‬
‫بها؛‬

‫‪274‬‬
‫‪ ‬حتى تتضح جدوى الرؤية يجب وضعها محل التنفيذ‪ ،‬من خالل‬
‫تنمية األدوار اإلدارية املناسبة واملهارات والقدرات واألساليب املستخدمة‬
‫في تحقيقها؛‬
‫‪ ‬تحتاج الرؤية أيضا إلى عملية متابعة وتوجيه‪ ،‬من خالل نظام‬
‫يقظة دائم وفوري‪ ،‬ليس لتحديد االنحرافات لتصحيحها فحسب‪ ،‬بل‬
‫الستبصار املستقبل (كما يجب أن يكون وكما يمكن أن يكون) واملتابعة‬
‫تكون وقائية من خالل التنبؤ بمواقع الخلل أو عالجية من خالل التدخل‬
‫املباشر أثناء عملية التغيير‪.‬‬
‫يتضمن تطوير الرؤية الجديدة تحديد العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ ‬املهمة‪ ،‬أي السبب االستراتيجي واملباشر لوجود املنظمة؛‬
‫‪ ‬تقدير املخرجات املرغوبة من أداء وغيرها والتي تشكل أهداف‬
‫التغيير فيما بعد؛‬
‫‪ ‬تقدير الطريقة التي من خاللها يمكن تحقيق هذه املخرجات‪،‬‬
‫والتي ستبين نشاطات التغيير الالزم إحداثه؛‬
‫‪ ‬تحديد األهداف الفرعية لتحقيق الرؤية الجديدة‪ ،‬بحيث تكون‬
‫أكثر واقعية ووضوحا وقابلية للتسيير‪.‬‬
‫ال يبين تحديد الرؤية بهذه الطريقة ما تريد املنظمة أن تكون عليه‬
‫فحسب‪ ،‬بل أيضا توضح مسار تحقيقها‪.‬‬
‫‪ 2.2‬مرحلة التهيؤ واالستعداد التنظيمي‪:‬‬
‫أي التحلل من القديم وفقا لنموذج لوين‪ ،‬وتتم عملية االستعداد‬
‫للتغيير وفقا للمراحل التالية‪:‬‬

‫‪275‬‬
‫أ‪ .‬تشخيص الوضع الراهن‪:‬‬
‫تحتاج هذه املرحلة إلى جمع مكثف للمعلومات لتشخيص الوضع‬
‫الراهن‪ ،‬لتحديد الحاجة للتغيير وفقا للرؤية املطورة‪ ،‬وللوقوف عند أهم‬
‫النقاط التي تستوجب التغيير‪ ،‬وتتم عملية التشخيص هذه وفقا ملا يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تخطيط الدراسة االستطالعية‪ ،‬أين يتم التركيز على هدف‬
‫الدراسة والنتيجة املرجوة منها‪ ،‬وتحديد املشكالت لغرض تحديد التدخل‬
‫املالئم؛‬
‫‪ ‬تحديد فريق الدراسة االستطالعية‪ ،‬الذي يشترط أن يكون أكثر‬
‫إملاما بأوضاع املنظمة؛‬
‫‪ ‬إجراءات الدراسة االستطالعية‪ ،‬وهي استكشاف سريع للمنظمة‬
‫يمكن من معرفة نوعية املعلومات الالزم جمعها حول مختلف املجاالت في‬
‫البيئتين الداخلية (رسالة‪ ،‬رؤية‪ ،‬أهداف‪ ،‬خطط‪ ،‬قيادات‪ ،‬أنظمة‪ ،‬أفراد)‬
‫والخارجية (منافسين‪ ،‬موردين‪ ،‬عمالء)؛‬
‫‪ ‬اعتماد برنامج للدراسة االستطالعية‪ ،‬يتضمن عرضا كامال‬
‫ملشروع التشخيص‪ ،‬يوضح فيه الهدف‪ ،‬الخطوات‪ ،‬املنهج‪ ،‬نوع البيانات‬
‫املطلوبة‪ ،‬الجدول الزمني وامليزانية؛‬
‫‪ ‬تحليل البيانات واختصارها‪ ،‬واستخالص النتائج منها وهناك‬
‫نوعين من التحليل هما‪ :‬التحليل الكمي‪ ،‬من خالل األساليب الكمية‬
‫(كاالنحدار واالرتباط)‪ ،‬والتحليل الكيفي‪ ،‬من خالل تحليل املضمون من‬
‫سياسات وإجراءات واستراتيجيات‪ ،‬وتحليل القوى املؤثرة في مختلف‬
‫املجاالت والظواهر واملشكالت‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫‪ ‬التغذية العكسية‪ ،‬وتتضمن تقريرا حول التشخيص امليداني‬
‫للوضع الراهن‪ ،‬ومناقشتها مع اإلدارة العليا‪ ،‬لالنتقال إلى التشخيص النهائي‬
‫ملشكالت املنظمة‪ ،‬تمهيدا لرسم معالم التدخالت أو العالج‪.‬‬
‫تفيد في هذا الصدد خرائط اإلدراك أو خرائط السببية ( ‪causal‬‬
‫‪)maps‬التي توضح الحاجة للتغيير انطالقا من معطيات البيئة الخارجية‬
‫والداخلية‪ ،‬ومن ثم تحديد االستراتيجية املناسبة للتغيير وتحقق هذه‬
‫الخرائط مفهوم التعلم‪ ،‬حيث تتم العملية في شكل نسق تسلسلي سببي‬
‫يوضح د وافع كل خطوة أو مرحلة من مراحل عملية التغيير‪ ،‬انطالقا من‬
‫معطيات واقعية وموضوعية بعيدا عن التخمين والعشوائية‪.‬‬
‫تكمن أهم جوانب التشخيص في قيم وثقافة وأولويات املنظمة‬
‫والخدمات واملنتجات التي تحقق تموقعها‪ ،‬والعمالء الحاليين ودرجة‬
‫إشباعهم وكذا درجة استجابتهم للمنتجات الجديدة‪ ،‬وما هي ركائز ميزتها‬
‫التنافسية‪ ،‬والتطورات املتوقع إدراجها‪ ،‬واألهم من كل هذا تشخيص‬
‫ثقافة املسيرين حول التغيير‪ ،‬كمدى قدرتهم على تحقيق التكامل في‬
‫األهداف‪ ،‬وكيفية إدارتهم للصراعات داخل األقسام وإدارته لألداء الفردي‬
‫والجماعي‪ ،‬وما مدى تقديره للكفاءات واستخدامه ملفهوم التسيير‬
‫باملشاركة‪ ،‬ومدى تطبيقه ملقاربة العميل ويتضمن التشخيص أيضا تحديد‬
‫مشكالت وفرص املنظمة والتهديدات وحاالت عدم التوازن والفجوات‬
‫املوجودة فيها‪ ،‬أين يتم تحديد املشكلة األساسية ومجالها وأسبابها‬
‫وأعراضها ونتائجها وحدتها ومدى تكرارها واملشاكل الفرعية املرتبطة بها‪،‬‬
‫ويتم التشخيص من خالل العديد من األساليب أهمها‪:‬‬

‫‪277‬‬
‫‪ ‬أسلوب الفجوة‪:‬‬
‫أي تحديد الفجوة بين الوضع الراهن والوضع املرغوب فيه‪ ،‬والذي‬
‫يحدد من طرف مديري املنظمة والعاملين فيها حتى يكون واقعيا‪.‬‬
‫‪ ‬أسلوب األسباب والنتائج‪:‬‬
‫قائم على تحديد ظاهرة سلبية في املنظمة ثم تحديد نتائجها املباشرة‬
‫وغير املباشرة‪ ،‬وأسبابها املباشرة وغير املباشرة‪ ،‬حيث تجمع هذه التحليالت‬
‫حتى تتضح صورتها الكاملة‪.‬‬
‫‪ ‬مخطط إيشيكاوا‪:‬‬
‫هي شبيهة بالطريقة السابقة حيث يتم تشخيص املشكلة األساسية‪،‬‬
‫ثم تحديد األسباب الرئيسية لها ثم األسباب الفرعية لكل سبب رئيس ي‪،‬‬
‫وتتبع املشكلة حتى أدنى سبب لها‪ ،‬وتفيد في تشجيع املعنيين بدراسة جميع‬
‫جوانب املشكلة‪ ،‬وتبيان العالقات بين األسباب واألهمية النسبية لكل منها‪.‬‬
‫‪ ‬طريقة دلفي‪:‬‬
‫أين يرسل القائم بالتغيير املشكلة محددة وواضحة في تقرير إلى كافة‬
‫األعضاء‪ ،‬يقدم هؤالء اقتراحاتهم في مجموعات يبينون مزاياها وعيوبها في‬
‫تقرير واحد مختصر‪ ،‬يرسل كل تقرير إلى كافة األعضاء كل في موضع عمله‬
‫لتقديم تقييم بدائل االقتراحات واختيار أنسبها‪ ،‬ترسل بعدها إلى القائم‬
‫بالتغيير الختيار أفضلها‪ ،‬بعدها يرسل هذا الحل إلى األعضاء ويتم مناقشة‬
‫طريقة التنفيذ بنفس الطريقة‪ .‬وتناسب هذه الطريقة املشكالت غير‬
‫املستعجلة واملعقدة بحيث تحتاج إلى وقت لدراستها كما تحتاج إلى رئيس‬
‫عارف بهذه الطريقة وقادر على التحليل واالختصار وكذا إيمان األعضاء‬
‫بفعالية هذا األسلوب‪.‬‬
‫‪278‬‬
‫‪ ‬العصف الذهني‪:‬‬
‫يقوم هذا األسلوب على افتراض أن أحد أهم العقبات التي تحول دون‬
‫نشأة أفكار إبداعية هو الخوف من النقد والتقييم والسخرية من طرف‬
‫الزمالء والرؤساء‪ ،‬ولذلك فإن أسلوب العصف الذهني يعمل على إماطة‬
‫هذا اإلحساس‪ ،‬حيث يجتمع املعنيون باملوضوع بحيث ال يزيد عددهم عن‬
‫اثني عشرة شخصا إلمكانية التحكم في إدارة الجلسة‪ ،‬وتهيئتهم للتفكير‬
‫بطريقة مرنة وابتكارية‪ ،‬أين يقدم كل منهم أكبر قدر من االقتراحات دون‬
‫حدود أو ضوابط‪ ،‬بعدها يتم عرض هذه الحلول في مجموعات متشابهة‬
‫ومناقشتها ملعرفة جدواها‪ ،‬ومزاياها وعيوبها وتكلفتها والعائد منها ونتائجها‬
‫لتصفيتها واختيار أفضلها‪ .‬ويجب أن تكون املشكلة محددة وواضحة‪،‬‬
‫ويكون املشاركون على درجة من املرونة وعلى وعي بهذه الطريقة‪ ،‬ومهارة في‬
‫تسجيل األفكار وتصفيتها كما تتطلب مديرا كفءا إلدارة اجتماع العصف‬
‫الذهني‬
‫‪ ‬مروحة الحلول‪:‬‬
‫هي فكرة يابانية مشتقة من مروحة اليد حيث تبدأ من نقطة ارتكاز‬
‫تعتبر الحل الرئيس ي وتنبثق عنه حلوال فرعية‪ ،‬وبدورها تكون نقطة ارتكاز‬
‫لحلول أخرى فرعية تضمن هذه الفكرة تكامل الحلول الفرعية مع‬
‫الرئيسية‪ ،‬أين يتم حذف الحلول املتعارضة واملكلفة واملطولة‪.‬‬
‫يمكن استعمال أحد هذه الطرق‪ ،‬كما يمكن استخدامها مجتمعة‬
‫لتحقيق التكامل‪ ،‬كاستخدام طريقة إيشيكاوا إليجاد مسببات املشكلة‬
‫وطريقة املروحة إليجاد الحلول‪ ،‬واستخدام الطريقتين في مجالس العصف‬
‫الذهني‪.‬‬
‫‪279‬‬
‫ب‪ .‬توقع التغيير‪:‬‬
‫إن توقع التغير الذي قد يحدث على أعمال املنظمة أمر مهم إلدارة‬
‫التغيير إذ البد من‪:‬‬
‫‪ ‬وصف التحوالت التي تحدث باملنظمة‪ ،‬والتي من شأنها أن تؤدي‬
‫إلى تغييرات في األنظمة والهياكل واالستراتيجيات‪ ،‬ورصد البيئة الخارجية‬
‫وإدراك بعض املؤثرات املهمة في تحريك عملية التغيير؛‬
‫‪ ‬تقدير الحاجة إلى التغيير من خالل تحديد الفجوة بين موقع‬
‫املنظمة حاليا وبين ما تريد تحقيقه على ضوء الرؤية الجديدة‪ ،‬كما تظهر‬
‫الحاجة للتغيير عند بروز مظاهر سلبية معيقة لسير العمل‪ ‬والتي‬
‫تختلف درجة تأثيرها من فرد آلخر‪ ،‬حيث ما يعتبره أحدهم عائقا قد يعتبره‬
‫آخرون فرصة‪ ،‬وتحتاج هذه املرحلة إلى وقت الستيعاب تغيرات املحيط‬
‫وتحسس الفجوات ووقت الستيعاب أن التغيير قد يكون مفيدا؛‬
‫‪ ‬تقدير نوع أو شكل التغيير الواجب إدراجه‪ ،‬ويتم هذا على ضوء‬
‫االستراتيجية املطورة‪ ،‬أو من خالل قصور في األداء والذي تم توضيحه عند‬
‫تحديد الحاجة للتغيير‪ ،‬أو استجابة لفرص في املحيط؛‬
‫‪ ‬تقدير قوى املقاومة‪ ،‬حيث أن أي تغيير في املنظمة يصحبه‬
‫مقاومة من طرف بعض أفرادها‪ ،‬إذ البد من تقدير كيفية التعامل معها‪،‬‬
‫وتخفيض حدتها‪ ،‬أو كسبها لصالح التغيير‪.‬‬

‫(‪ -)‬تكون هذه المظ اهر في شكل مؤشرات‪ ،‬كالصراعات داخل جماعات العمل‬
‫والغيابات أو أخطاء متكررة إداريا أو إنتاجيا أو محاسبيا‪ ،‬تنبئ هذه المؤشرات بوجود‬
‫مشكلة رئيسية أدت إلى ذلك‪ ،‬ويتم التعرف عليها من خالل تتبع ودراسة وتحليل هذه‬
‫المؤشرات‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫‪ ‬تقدير مدى جاهزية فريق التغيير لتحمل أعباءه عمليا ومعنويا‪،‬‬
‫وكذا قدرات العاملين واإلدارات على تنفيذه‪ ،‬وتوقع البدائل والحلول‬
‫للمستجدات الطارئة واملتوقعة أثناء تنفيذ التغيير‪ ،‬وكذا توقع املهارات‬
‫واملعارف الالزمة لقيادة التغيير‪ ،‬وإعداد الخطط التدريبية الالزمة لتوفير‬
‫املفقود منها؛‬
‫‪ ‬التأكد من توافق أهداف التغيير مع أهداف املنظمة‪ ،‬واستعراض‬
‫التجارب التي تعكس خبراتها في هذا املجال ملعرفة معوقات التغييرات‬
‫السابقة وكيفية التغلب عليها لالستفادة منها مستقبال‪ ،‬وتوقع الدرجة التي‬
‫يمكن عندها وصول نتائج التغيير املتوقعة إلى حد املساهمة الفعالة‬
‫ملختلف املستويات التنظيمية؛‬
‫‪ ‬معرفة مدى مساندة اإلدارة العليا ملجهودات التغيير‪ ،‬ومدى‬
‫استجابتها الفعلية ملشروعاته‪ ،‬إذ تعد حجر الزاوية نظرا لثقل تأثيرها على‬
‫باقي املستويات اإلدارية‪ ،‬بل إنها أهم أسباب النجاح والفشل األولى للتغيير‪،‬‬
‫مما يستدعي توضيح من طرف فريق التغيير ملختلف جوانب مشروع‬
‫التغيير‪.‬‬
‫إن التأكد من االعتبارات سابقة الذكر يعمل كحافز لألفراد واإلدارات‬
‫على حد سواء لتقبل التغيير‪ ،‬حيث من األهمية بما كان إيجابية االنطباع‬
‫األول لديهم‪ ،‬حيث تعمل آثاره السلوكية على تحقيق النتائج املرجوة‪.‬‬
‫ت‪ .‬تطويراستراتيجية التغيير‪:‬‬
‫أين يتم تصميم االستراتيجية الشاملة للتغيير واالستراتيجيات الفرعية‬
‫له‪ ،‬وفقا ملا يستدعيه تحقيق الرؤية املطورة‪ ،‬وعلى ضوء التشخيص الذي‬
‫قامت به املنظمة في البداية‪ ،‬أخذا بالحسبان التداخل املوجود بين‬
‫‪281‬‬
‫مختلف الوظائف يتم مراجعتها نظاميا كل سنة‪ ،‬وبصفة غير نظامية كلما‬
‫استدعت الضرورة‪ ،‬كما أن تطبيقها يتم في تسلسل متكامل نحو تحقيق‬
‫الرؤية الجديدة وليس دفعة واحدة‪.‬‬
‫يكمن التحدي هنا في كيفية جعل األفراد ال يتفهمون التغيير فحسب‪،‬‬
‫بل يشاركون في اإلعداد له والتعاون من أجل إرساء رؤية مشتركة حول‬
‫أهدافه وغاياته‪ ،‬من خالل مناقشة أسبابه الرئيسية وموضوعه‬
‫واالستراتيجية املالئمة لتحقيقه‪ ،‬وكذا مداه ووتيرته ونتائجه املنتظرة‪،‬‬
‫لذلك يجب التأكد من طريقة تبرير التغيير واستراتيجيته‪ ،‬والتأكد من‬
‫اإلدراك الصحيح لها من طرف األفراد‪ ،‬وإيجاد روابط فعالة للعمل‬
‫الجماعي من خالل التحاور مع املسئولين الذين لديهم رؤية شاملة للمنظمة‬
‫واألفراد الذين لديهم فكرة حول طرق التفكير بها‪ ،‬وكذا األشخاص الذين‬
‫لديهم خبرة في مجال التغيير املعني‪.‬‬
‫ث‪ .‬اإلعداد لعملية التغيير‪:‬‬
‫أين يجب وضع البرامج التفصيلية للبدء في عملية التنفيذ‪ ،‬أين نحتاج‬
‫إلى تحديد الفجوة بين ما نريد وما هو موجود حاليا من أنظمة وعمليات‬
‫وكفاءات ونظم معلومات ويقظة ومعارف حول األداء والتنافسية‪ ،‬ملعرفة‬
‫نقاط الضعف التي يجب تحسينها‪ ،‬والعمليات التي يجب التخلص منها‪،‬‬
‫والعناصر التي يجب تعزيزها والقيم والسلوكيات الواجب تغييرها‪ ،‬كما‬
‫تظهر النشاطات املفتاحة لكل فرد‪ ،‬وتكلفة املوارد البشرية في كل عملية‬
‫جديدة‪ ،‬كما يتضح ثالث أنواع من العناصر‪:‬‬
‫‪ ‬عناصر يتم إدراجها كاملة في التصميم للمستقبل؛‬
‫‪ ‬عناصر يجب تعديلها وتحسينها لتتماش ى والرؤية الجديدة؛‬
‫‪282‬‬
‫‪ ‬عناصر جديدة تماما يجب إرساؤها‪ ،‬وأخرى يجب حذفها تماما‪.‬‬
‫تذهب العديد من املؤسسات في هذا الصدد إلى تطبيق مفهوم األداء‬
‫املقارن‪ ،‬أي املقارنة مع مؤسسات قامت بنفس موضوع التغيير لتفادي‬
‫األخطاء التي وقعت فيها‪ ،‬مع التقليص من وقت التنفيذ وتحقيق فعالية‬
‫أكثر وإثراء أفكار فريق التغيير‪ ،‬وفيما يلي أهم الجوانب الضرورية لإلعداد‬
‫للعملية‪:‬‬
‫‪ ‬إعداد برنامج التغيير بدءا بتشكيل فريق إدارة التغيير يتضمن‬
‫مختلف املسئولين عن الجوانب التي يمسها التغيير‪ ،‬ثم التخطيط‬
‫لنشاطات التغيير وتحديد النشاطات ذات األولوية في التنفيذ‪ ،‬وتحديد‬
‫األهداف الرئيسية والفرعية لكل نشاط‪ ،‬إضافة إلى إشراك األفراد‬
‫والجماعات الذين يحتاج التغيير إلى دعمهم‪ ،‬وكذا محاولة كسب دعم‬
‫األشخاص ذوي الصفات القيادية واملؤثرة على باقي أفراد التنظيم لقيادة‬
‫عملية التغيير؛‬
‫‪ ‬تحديد أسلوب التغيير والجهود والوسائل الالزمة إلحداثه‪،‬‬
‫وامليزانية التقديرية والجدولة الزمنية له؛إضافة إلى ضرورة‪:‬‬
‫قي و و و و و وواس انطب و و و و و وواع األفو و و و و و وراد حي و و و و و ووال مش و و و و و ووروع التغيي و و و و و وور وم و و و و و وودى‬
‫قو ووابليتهم واسو ووتعدادهم للقيو ووام بو ووه‪ ،‬وقيو وواس قو وودراتهم الوظيفيو ووة لو ووذلك‪،‬‬
‫واتخ و وواذ الت و وودابير الالزم و ووة حي و ووال كو و وول ه و ووذا م و وون ت و وودريب وتعل و ووم امله و ووارات‬
‫والسلوكيات الجديدة؛‬
‫‪ ‬قياس القدرات والكفاءات اإلدارية من أجل إعداد برنامج‬
‫تحسيس ي لهؤالء‪ ،‬السيما إذا كان التغيير عميقا إذ يحتاج إلى تغيير في طرق‬
‫التفكير والتسيير والعمل أخذا بالحسبان تضارب املصالح ؛‬
‫‪283‬‬
‫‪ ‬إعداد عناصر الثقافة املالئمة مستقبال‪ ،‬ومقارنتها مع عناصر‬
‫الثقافة الحالية‪ ،‬من أجل معرفة الجهود الالزم بذلها من توعية وتكوين‬
‫لتقليص الفجوة الثقافية املوجودة‪ ،‬وكيفية تفادي العمل وفقا للثقافة‬
‫القديمة؛‬
‫‪ ‬تحديد منفذي عملية التغيير والسلطات املخولة لكل فرد‪ ،‬وأخذ‬
‫موافقة اإلدارة العليا‪ ،‬على خطة التغيير‪.‬‬
‫إن اختيار األفراد من ذوي املهارات والخبرات املتميزة لتكوين فريق‬
‫التغيير‪ ،‬يعد ممارسة حساسة‪ ،‬ملا ينطوي عليه هذا من مجهودات لتحديد‬
‫من يجب اختيارهم ومهام كل منهم وفقا لألدوار التالية‪:‬‬
‫‪ ‬املجدد‪ ،‬وهو الذي يعنى بصياغة االتجاهات وتحليل املعلومات‬
‫لوضعها في إطار فكري ونماذج مبتكرة؛‬
‫‪ ‬املطور‪ ،‬وهو الذي يعنى بكفاءة وفعالية الجوانب التنظيمية من‬
‫خالل تشخيص القضايا واملشكالت الصعبة واملسؤوليات الجديدة‬
‫والبحث عن املزايا والفرص املتاحة؛‬
‫‪ ‬املوفق‪ ،‬وهو املعني بالتوفيق بين التغيير وبين خطط‬
‫واستراتيجيات املنظمة من جهة‪ ،‬والحرص على تقبل األفراد للتغيير وتقبل‬
‫املنظمة لفريق العمل وأفكاره ومجهوداته من جهة أخرى؛‬
‫‪ ‬الخبير‪ ،‬وهو الذي يتحمل مسؤولية الجوانب النفسية للتغيير‪،‬‬
‫والقائمة على كم هائل من املعلومات واملعارف والخبرات ومهارات متميزة؛‬
‫‪ ‬املدير‪ ،‬وهو املكلف بمهام التفويض وتحديد األولويات وتنمية‬
‫األفكار والعمل على أداء الوظائف وفق خطة وجدولة زمنية معينة؛‬

‫‪284‬‬
‫‪ ‬الكفيل‪ ،‬وهو املكلف بالسعي لكسب مساندة اإلدارة العليا‬
‫للتغيير‪ ،‬من خالل خلق جسر مفتوح من االتصاالت مع كافة املستويات‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫إذن فإن جماعة العمل تضم تشكيلة من ذوي املهارات املتنوعة التي‬
‫تتفاعل وتتكامل لتحقيق النتائج املتوقعة من التغيير‪ ،‬حيث يعمل املجدد‬
‫واملطور على عرض أفكار التغيير ليقوم الخبير واملدير بإجراءات التنفيذ‬
‫واملتابعة‪ ،‬ليأتي الكفيل واملوفق من أجل استمرارية مجهودات التغيير‪،‬‬
‫وألن التغيير عملية انتقال من املعلوم إلى املجهول ويحتمل الفشل‬
‫والنجاح‪ ،‬فإنه يحتاج إلى خلق ظروف مالئمة لتقبله‪ ،‬وتبني مقاربة تقلل من‬
‫احتمال مقاومته‪ ،‬إذ يجب على املنظمة إتباع الخطوات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تحسيس األفراد بدوافع التغيير كضغوط السوق‪ ،‬ومستوى األداء‬
‫الالزم لتحقيق التنافسية‪ ،‬وشرح الرؤية الجديدة والبرامج االستراتيجية‬
‫املنبثقة عنها تبريرا للصعوبات التي يمكن أن تواجه عملية تنفيذ التغيير؛‬
‫‪ ‬نشر التجارب الناجحة للتغيير‪ ،‬وتوضيح برامجها بدقة وآثارها‬
‫اإليجابية على األفراد كنماذج لخلق انطباع إيجابي حيال التغيير‪،‬‬
‫وتحفيزهم على تنفيذه؛‬
‫‪ ‬تفهم احتياجا األفراد وانشغاالتهم واهتماماتهم وتخوفاتهم حيال‬
‫التغيير‪ ،‬من أجل تقليل درجة تضررهم من التغيير من جهة‪ ،‬ووضع‬
‫الشخص املناسب في املكان املناسب من جهة أخرى؛‬
‫‪ ‬شرح تفصيلي لبرنامج التغيير لألفراد خاصة املنفذين والذين‬
‫يمسهم التغيير‪ ،‬حيث يضمن التزامهم ويقلل مقاومتهم‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫نشرات أو مذكرات أو لقاءات يشرح فيها برنامج التغيير ومبرراته وفوائده‪.‬‬
‫‪285‬‬
‫على اإلدارة العليا املتابعة والدعم املستمرين لعملية التغيير‪ ،‬وربطه‬
‫بأهداف شخصية لكل فرد كدافع لتقبله‪ ،‬والتأكد من مشاركة األغلبية‬
‫فيه‪ .‬كما تقوم بتشكيل مجموعة إدارية تشرف على عملية التغيير‪ ،‬وكذلك‬
‫سياسات وإجراءات مؤقتة ملرحلة التغيير تتصف باملرونة في تجربة ما هو‬
‫جديد‪ ،‬ومراعاة تحقيق صرامة اإلجراءات والحرص على تعدد قنوات‬
‫االتصال ودوران معلومات التغذية العكسية‪.‬‬
‫في نهاية هذه املرحلة يصبح لدى املنظمة برنامج تغيير متكامل‬
‫للمستويات الثالثة للتنظيم‪ ،‬حيث يتم على مستوى اإلدارة العليا تحديد‬
‫املحاور واألولويات واألهداف االستراتيجية للتغيير‪ ،‬األمور الالزم توفرها‬
‫للنجاح والنتائج املتوقعة‪ ،‬املسئوليات وخريطة عالئقية بين مختلف‬
‫األقسام والوظائف‪ ،‬أما على مستوى اإلدارة الوسطى يتم تحديد طرق‬
‫اإلدارة والرقابة وتسلسل املسئوليات والعالقات بينها‪ ،‬تدفق القرارات‬
‫واالحتياجات من الكفاءات‪ ،‬وعلى مستوى اإلدارة التشغيلية يتم تحديد‬
‫مخطط العمل وكيفية التنفيذ والتنسيق بين مختلف النشاطات وفقا‬
‫ألولوياتها‪ ،‬وتقسيم مراكز العمل والعالقات بينها‪ ،‬والقواعد واإلجراءات‬
‫والخطوات التنفيذية وامليزانيات والجداول الزمنية وكذا طرق القياس‪.‬‬
‫‪ 3.2‬مرحلة تنفيذ التغيير‪:‬‬
‫بعد تشخيص عميق للمشاكل وتحديد للبدائل‪ ،‬يقوم الخبراء والقادة‬
‫واملنفذين بإحداث التغيير‪ ،‬وينصح عدم االستعجال والتريث لتجنب‬
‫املقاومة‪ ،‬وهذا بإتباع الخطوات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬توفير موارد التنفيذ من معلومات وتجهيزات وأنظمة داعمة‬
‫للتنفيذ من هياكل وخبراء ومستشارين وأنظمة معلومات وأنظمة تنسيق‬
‫‪286‬‬
‫وأنظمة حل للصراعات‪.‬‬
‫‪ ‬تجربة التغيير على حيز ضيق من املنظمة ثم تنفيذه وفق الخطة‬
‫الكاملة وإزالة العقبات املعيقة له؛‬
‫‪ ‬املتابعة والرقابة والتوجيه من خالل املعلومات املرتدة من عملية‬
‫التنفيذ‪ ،‬واتخاذ القرارات حيال االنحرافات الحاصلة لتصحيحها حتى يتم‬
‫التنفيذ في االتجاه السليم‪.‬‬

‫إن نظام يقظة ضروري جدا في هذه املرحلة‪ ،‬من أجل املتابعة املستمرة‬
‫لسير مشروع التغيير وتقييم أشكال التنظيم املتبناة‪ ،‬ال سيما نقاط‬
‫االشتراك في العمليات أو األقسام أو الوظائف‪ ،‬حيث يجب وضع مؤشرات‬
‫ملا يجب بلوغه ملقارنتها مع ما تم تنفيذه في شكل لوحة تحكم‪ .‬كما تحتاج‬
‫إلى بيانات أكيدة لقياس األداء الفعلي وبالتالي إلى مقاييس وأساليب كمية‬
‫وأخرى نوعية للتأكد من صحة البيانات على طول فترة التغيير‪ ،‬أين يجب‬
‫التأكد من عدم التحيز في النتائج‪ ،‬ومن أهم مقاييس األداء الفعلي‪:‬‬
‫‪ ‬مقاييس العائد والتكلفة واإلنتاجية والجودة والتنافسية‬
‫والحصة السوقية؛‬
‫‪ ‬مقياس االلتزام بالخطة (األهداف‪ ،‬األزمنة‪ ،‬خطوات الخطة‪،‬‬
‫امليزانية) ومقاييس املراجعة اإلدارية؛‬
‫‪ ‬مقاييس الرضا عن األداء من خالل قوائم االستقصاء واملقابلة‬
‫واملالحظة واملراجعة وفحص السجالت‪.‬‬
‫ال يمكن تنفيذ التغيير تماما كما خطط له‪ ،‬ولكن إذا تم اإلعداد له كما‬
‫سبق الذكر‪ ،‬يكون التنفيذ أقل انحرافا عن التوقعات‪ ،‬حيث تختفي بعض‬
‫‪287‬‬
‫حاالت املقاومة املتوقعة‪ ،‬بالرغم من ذلك قد تظهر بعض الحاالت يجب‬
‫االستماع إليها والبحث في أسبابها‪ ،‬ال سيما بعد ظهور الصيغ الجديدة‬
‫للتوظيف‪ ،‬كالتوظيف املؤقت والتعاقد‪ ،‬مما يثير تخوف األفراد حيال‬
‫دخلهم أو حتى منصبهم‪ ،‬وبالتالي رفض التغيير‪.‬‬
‫في هذه املرحلة على قائد التغيير مراعاة ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تشجيع اإلدارة الذاتية‪ ،‬بحيث يتحمل كل شخص مسؤولية جانب‬
‫من جوانب التغيير؛‬
‫‪ ‬ترك هامش للمقاومة ومساعدة املقاومين من التحرر من آثار‬
‫املاض ي‪ ،‬ومساعدتهم على التكيف مع التغيير ومنحهم فرصة للعودة إلى‬
‫الوراء‪ ،‬للمقارنة بين ماض ي وحاضر املنظمة بعد التغيير؛‬
‫‪ ‬تشجيع العاملين على التفكير اإلبداعي بتوسيع نطاق التعاون‬
‫بينهم ألجل اكتشاف الفرص املشتركة؛‬
‫‪ ‬ال ينفذ التغيير عشوائيا بل من خالل تحديد أولويات التغيير‪،‬‬
‫سواء املوضوعية أو ا لهيكلية بحيث تعطي نتائج إيجابية وسريعة تقلل من‬
‫املقاومة وتحفز على تنفيذ باقي جوانب مشروع التغيير‪.‬‬
‫العديد من املهام الجديدة تظهر كضرورة حتمية للتغيير الحاصل‬
‫تحتاج إلى إعداد البرامج التدريبية لتلقينها‪ ،‬سواء تعلق األمر‬
‫بالتكنولوجيات الجديدة أو طرق اإلدارة الحديثة‪ ،‬إضافة إلى ضرورة‬
‫تحديد النتائج املتوقعة من كل فرد ومقارنتها باإلنجازات الحقيقية‪ ،‬وربط‬
‫األداء الفردي باألداء الجماعي حتى تحقق فكرة خدمة األهداف الفردية‬
‫لألهداف الجماعية وبالتالي األهداف النهائية للمنظمة فمن الضروري‬
‫تقدير وتحفيز العناصر الداعمة لحركية التغيير ماديا ومعنويا‪ ،‬كما أن‬
‫‪288‬‬
‫التدخالت السريعة حيال االنحرافات الحاصلة وشرح أسبابها لألفراد أمر‬
‫ضروري الستمرار عملية التنفيذ في املنحى الصحيح‪.‬‬
‫في هذه املرحلة تطرح أيضا إشكالية وقت البدء في التغيير‪ ،‬ألن البقاء‬
‫في الوضعية القائمة ملدة طويلة يشكل قوة كبيرة ملا لها من امتيازات يصعب‬
‫التخلي عنها‪ ،‬فإن أي مسير مستعد لتنفيذ تغييرات جزئية في شكل‬
‫تحسينات للنظام القائم‪ ،‬بينما يعتقد بوجود خطر على مركزه املنهي عند‬
‫الحديث عن تغييرات كبيرة وعميقة واستراتيجية‪ ،‬إما لنقص في الخبرة‬
‫واملعرفة‪ ،‬أو لتوقع تناقضات في املصالح‪ ،‬وصراعات اجتماعية قد تظهر‬
‫وتهدد استقراره‪ ،‬لذلك البد من منح الوقت لإلطارات واألفراد وحتى‬
‫النقابات لتقبل وتفهم حتمية التغيير‪ ،‬كما يجب التأكد من اكتمال العديد‬
‫من الجوانب قبل البدء في تنفيذ التغيير وهي‪:‬‬
‫‪ ‬توفر املوارد الالزمة لتنفيذ املشروع لتفادي تعطيله‪ ،‬وإحباط‬
‫األفراد عند اكتشاف أي نقص في املوارد؛‬
‫‪ ‬الحصول على أكبر قدر من الدعم سواء أفراد أو إدارات لتفادي‬
‫املقاومة‪ ،‬وهذا من خالل تكثيف حمالت التوعية والتحفيز وإزالة العراقيل‬
‫والصعوبات املتوقعة؛‬
‫‪ ‬التأكد من اكتساب األفراد للكفاءات واملهارات الجديدة وتقبلهم‬
‫لتبني السلوكيات املرغوبة‪.‬‬
‫إذن يجب التفكير في وقت تنفيذ التغيير حسب نوعه وظروفه‪ ،‬فإذا‬
‫كان التغيير سطحيا وبسيطا فالقرار سهل وأقل مقاومة‪ ،‬بعكس ما إذا‬
‫تعلق األمر بتغييرات جذرية وعميقة‪ ،‬كما أنه في حالة وجود أزمة‪ ،‬فإن هذا‬
‫دافع كاف لالقتناع بالبدء في تنفيذ التغيير‪ ،‬بينما في الحاالت العادية أين‬
‫‪289‬‬
‫ال وجود لألزمة يزداد األمر صعوبة‪ ،‬فإن وجود متضررين من الوضع الراهن‬
‫مثال دافع قوي للبدء في تنفيذ عملية التغيير‪ ،‬حيث يصعب إقناع األفراد‬
‫بأهمية إجراء تغيير جوهري بينما تظهر األمور عادية وجيدة‪ ،‬كما أن قرار‬
‫االنطالق في التغيير تحكمه اعتبارات أخرى‪ ،‬كحالة السوق واملنافسة‬
‫ووضعية املنظمة ومتطلبات العمالء‪.‬‬
‫أثناء تنفيذ مشروع التغيير‪ ،‬العديد من القيم وطرق التفكير الجديدة‬
‫يتم إرساؤها‪ ،‬تحتاج إلى وقت لتقبلها أين يجب التفكير في كيفية تفادي‬
‫العودة إلى السلوكيات القديمة‪ ،‬والتأكد من أن التنفيذ تم وفقا ملا خطط‬
‫له‪.‬‬
‫‪ 4.2‬مرحلة التثبيت‪:‬‬
‫أي ترسيخ تجربة التغيير في املنظمة كجزء من ممارساتها‪ ،‬أين يتم‬
‫إرساء ثقافته وقيمه ومبادئه‪ ،‬وترسيخ السلوكيات الجديدة والتخلي تماما‬
‫عن القديمة في كل أرجاء املنظمة‪.‬‬
‫أ‪ .‬العوامل املؤثرة في عملية تثبيت التغيير‪:‬‬
‫بعد تنفيذ مشروع التغيير وبدءا في تثبيته وغلغلته في سلوكيات األفراد‪،‬‬
‫يجب عدم دفع هؤالء إليها من خالل أوامر وتعليمات‪ ،‬بل يجب تركهم‬
‫يحددون طريقهم للوضع الجديد من خالل محاوالت الفشل والنجاح حتى‬
‫تترسخ املهام الجديدة في سلوكياتهم‪ ،‬وضمان عدم العودة للسلوكيات‬
‫القديمة‪ ،‬ولنجاح عملية ترسيخ التغيير هناك العديد من العوامل املؤثرة‬
‫وأهمها‪:‬‬
‫‪ ‬دعم اإلدارة واستقرار البيئة الداخلية‪ ،‬وكذا توفر األنظمة‬
‫الداعمة واملوارد البشرية الالزمة؛‬
‫‪290‬‬
‫‪ ‬تحسين رضا العاملين ووالئهم وتعهدهم بتطبيق أفكار التغيير‬
‫وقبوله كجزء من واقع العمل وممارسات املنظمة‪ ،‬واالستمرار في تدريبهم‬
‫على املمارسات الجديدة‪ ،‬وتنمية معارفهم ومهاراتهم ورفع أداءهم بالتعاون‬
‫واملشاركة فيما بينهم‪ ،‬وتحفيزهم ماديا ومعنويا لتقبله ورفع حماسهم‬
‫ودافعيتهم؛‬
‫‪ ‬نشر تجربة التغيير على أرجاء املنظمة وتحقيق التناغم بين قيمها‬
‫وسلوكيات أفرادها وفلسفة التغيير بها‪.‬‬
‫يتم في هذه املرحلة إرساء التغيير املنفذ في سلوكيات األفراد وأعمالهم‪،‬‬
‫أين يتم هضم القواعد والقيم ومناطق السلطة وحدود العمل الجديدة‪،‬‬
‫بحيث تصبح روتينيات يومية وال تحتاج إلى جهود للتكيف معها‪ ،‬بحيث‬
‫تنقص عمليات التصحيح وتقل الصراعات‪ ،‬وترتفع الفعالية ويتقلص‬
‫وقت أداء املهام‪.‬‬
‫عند االنتهاء من إرساء التغيير‪ ،‬تبقى املنظمة تعمل بالنظام القديم‬
‫بالتوازي مع الجديد‪ ،‬إلى حين التأكد من تقسيم األدوار واملهام الجديدة‬
‫بالشكل الصحيح‪ ،‬ومن أن مخرجات النظام الجديد مطابقة ملا خطط له‪،‬‬
‫حتى يتم التثبيت النهائي للتغيير‪ ،‬والتخلي تماما عن املمارسات القديمة‬
‫للنظام القديم‪.‬‬
‫ب‪ .‬تغييرثقافة املنظمة‪:‬‬
‫من البديهي أن تتأثر ثقافة املنظمة بالتغيير الحاصل بها‪ ،‬مما يتسبب في‬
‫ظهور تعارض بين الثقافة الحالية والثقافة التي يفرضها التغيير‪ ،‬مما‬
‫يشكل مقاومة لهذا األخير‪ ،‬بحيث كلما كانت الثقافة قوية وصلبة وراسخة‪،‬‬
‫كلما كانت املقاومة أكبر‪ ،‬مما يستدعي إدارة حكيمة للتغيير‪ ،‬وتحكم أكبر‬
‫‪291‬‬
‫من طرف قائد وفريق التغيير‪ ،‬فكلما أخذت الثقافة بالحسبان كانت فرصة‬
‫نجاح مشروع التغيير أكبر‪.‬‬
‫تتمثل ثقافة املنظمة(‪ )‬في "القيم والسلوكيات والعادات والتقاليد‬
‫واالتجاهات النفسية السائدة باملنظمة‪ ،‬ويتم تغييرها من خالل هدم‬
‫للمالمح غير املستحبة والتقليدية والسلبية للثقافة القديمة‪ ،‬ثم تصميم‬
‫مالمح الثقافة الجديدة‪ ،‬وفقا للتغيير املحدث باملنظمة‪ ،‬ثم غلغلة الثقافة‬
‫الجديدة على أرجاءها‪ ،‬ثم تدعيمها من خالل التعليم والتدريب والتفويض‬
‫والتحفيز"‪ .‬قد يكون هذا التعريف موضحا ملا يعنيه هذا املصطلح‪ ،‬إال أنه‬
‫في الحقيقة يصعب تقديم تعريف دقيق لها ملا تكتنفه من شمولية يفترض‬
‫أن يحتويها هذا األخير‪ ،‬إضافة لكونها مزدوجة التوجه‪ ،‬حيث ينظر إليها أنها‬
‫ش يء يمكن التحكم فيه من جهة‪ ،‬وأنها ش يء عميق يتسم بالرمزية من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬كما أنها متعددة األشكال‪ ،‬فقد تكون بناءا تحليليا أو متغيرا قابال‬
‫للتطبيق كما أن هناك من يرى أنها ش يء مكون من رموز ولغة وطقوس‪،‬‬
‫فاللغة تستخدم لوصف األحداث التنظيمية‪ ،‬والرموز تدل على املكانة‬
‫والعضوية‪ ،‬والطقوس تمثل األسلوب الذي يؤدي به األفراد أدوارهم‬
‫املختلفة‪ ،‬وفي ا لواقع تقوم الهياكل والبنى التنظيمية بوصف الثقافات‬
‫نفسها‪ ،‬حيث تميز ثقافة القوة الناتجة عن الهيكل املركزي التي يسيطر فيها‬
‫شخص أو مجموعة من األشخاص على الكل‪ ،‬بينما تسمح الهياكل‬

‫(‪ - )‬لثقافة المنظمة دور هام في تحقيق أهدافها بفعالية من خالل القواعد التي تحدد‬
‫السلوكيات المرغوبة وتقلل من حاالت التناقض الداخلي‪ ،‬أي انها تلعب دور الرقابة على‬
‫نشاطات األفراد وتصحيح المسارات وتوجيه الطاقات نحو النتائج المرغوبة وتحقيق‬
‫اندماج عناصر المنظمة‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫العضوية ملركز القوة بمراقبة العمليات الجدية واألكثر استراتيجية‪ ،‬بينما‬
‫الهياكل البيروقراطية فتصف الثقافة التنظيمية بقواعد ولوائح وأوامر‬
‫وإجراءات‪ ،‬أما هيكل املصفوفة فيسمح لثقافة العمل بأن تكون فلسفة‬
‫سائدة باملنظمة‪.‬‬
‫ال تعبر ثقافة املنظمة عن مجموعة أشياء ثابتة كما هو سائد ومعتقد‬
‫‪-‬عدا بعض القيم الراسخة‪ -‬بل هي دائمة التحول والتكيف مع البيئة‪،‬‬
‫حيث تبدأ من مجموعة الثقافات الجزئية التي تميز كل قسم أو وظيفة‬
‫وفقا لخصوصية كل منها‪ ،‬والتي تندرج في مجملها تحت الثقافة الكلية‬
‫للمنظمة (‪ ،)‬والتي تندرج بدورها ضمن ثقافة أوسع وهي الثقافة الوطنية‬
‫التي ال يجب أن تخرج عن إطارها‪ ،‬والتي تندرج ضمن ثقافة أوسع وهي‬
‫ال ثقافة العاملية الناتجة عن اندماج الثقافات وتأثيرها بعضها بفعل العوملة‬
‫واملعرفة‪.‬‬
‫لقد أثبتت التجارب أن هناك ثقافات وهياكل معينة تؤيد التغيير‬
‫التنظيمي أكثر من أخرى‪ ،‬ويعوق بعضها تحقيقه‪ ،‬وإنه من األجدر أن تكون‬
‫لدينا ثقافة تنظيمية تمنح العنصر البشري األولوية في جدول أعمال‬
‫اإلدارة‪ ،‬حيث تتطلب هذه الثقافة والء من األفراد للمنظمة من جهة‬
‫وهياكل مصممة من أجلهم‪ ،‬وخطوط اتصاالت واضحة‪ ،‬ومسؤولية‬

‫(‪ - )‬هناك ثالث مستويات لثقافة المنظمة‪ ،‬األول إستراتيجي يشمل مجموعة المعتقدات‬
‫حول الرؤية اإلستراتيجية والتهديدات والفرص وكذا األنظمة الداخلية للعمل‪ ،‬والثاني وهو‬
‫األكثر بروزا والذي يظهر في شكل عادات ورموز وسلوكيات ومبادئ العمل والقيم‬
‫المشتركة بين فرق العمل‪ ،‬أما المستوى الثالث‪ ،‬فهو بمثابة النواة الصلبة التي تشتمل على‬
‫القيم العميقة واألساسية‪ ،‬واإلديولوجية المتبعة والمعتقدات الثابتة التي يصعب تغييرها‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫مستقلة بامتداد خط السلطة من أعلى إلى أسفل‪ ،‬ويرتبط التغيير‬
‫والثقافة التنظيمية بروابط قوية ال يمكن ألي منها االنفصال عن األخرى‬
‫حيث أن‪:‬‬
‫‪ ‬الثقافة واألداء التنظيمي مرتبطان بروابط قوية للغاية‪ ،‬فمن أجل‬
‫إدخال تغيير في األداء التنظيمي فإنه البد أوال من االهتمام بهيكل الثقافة‬
‫التنظيمية‪ ،‬إذ أن هناك عالقة خطية بين التغيير الثقافي واألداء التنظيمي؛‬
‫‪ ‬إن الخصائص القومية بدورها يجب أخذها بالحسبان في التغيير‬
‫التنظيمي‪ ،‬فلثقافة األمة وما تتشكل منه من عوامل تأثير على كيفية تفكير‬
‫وتصرف املنظمات وأفرادها كاللغة والتاريخ والبيئة السياسية والبيئة‬
‫الشرعية والقانونية‪ ،‬وكذا مستويات التعليم واملمارسة وقيم واتجاهات‬
‫املواطنين‪.‬‬
‫يجب إذا مراجعة خصائص الثقافة الحالية للمؤسسة‪ ،‬قبل البدء في‬
‫تنفيذ التغيير‪ ،‬ففي حالة عدم تالؤم الثقافة الحالية بمختلف محدداتها‬
‫مع التغيير املخطط‪ ،‬فإن إدارة وفريق التغيير يفكرون في إحدى الحلين‪:‬‬
‫‪ ‬تكييف مشروع التغيير مع الثقافة السائدة؛ تعديل بعض عناصر‬
‫الثقافة بما يتالءم مع التغيير بحيث تكون أكثر انسجاما مع النظام‬
‫الجديد‪ ،‬إذ يجب التنبؤ بالصعوبات التي قد تواجه هذا القرار والوقت‬
‫الالزم لتنفيذه‪ ،‬ومخاطر اإلبقاء على الثقافة الحالية‪.‬‬
‫توجد في هذا الصدد ثالث نماذج حول تغيير ثقافة املنظمة؛ النموذج‬
‫األول يستدعي وجود اندماج كلي بين الثقافة الرئيسية والثقافات الفرعية‪،‬‬
‫بحيث ال تتعارض ثقافة األفراد باملستويات الوسطى والتشغيلية للتنظيم‬
‫فيما بينهم ومع الثقافة الكلية للمؤسسة مما يحقق تماسكا بين أجزاء‬
‫‪294‬‬
‫التنظيم‪ ،‬بينما يتضمن النموذج الثاني مزيجا للثقافات الفرعية قد‬
‫تختلف بعضها مع الثقافة الكلية‪ ،‬ولكن بشرط معلومية االتجاهات‬
‫والقيم املختلفة ألجزاء التنظيم لدى القادة‪ ،‬ويشكل هذا تميزا واختالفا قد‬
‫يكون محمودا في حالة حسن تسييره مما ينجر عنه إبداعات غير متوقعة‪،‬‬
‫بينما النموذج الثالث فيمثل املؤسسات التي ال تعير اهتماما للثقافة‬
‫املتواجدة مما يضعها في موقف غموض‪.‬‬
‫إن استخدام أحد طرق التغيير يحتاج إلى بناء ثقافة تنظيمية جديدة‬
‫تساعد على نجاح املمارسات الجديدة للمنظمة‪ ،‬كما أن تبني ثقافة جديدة‬
‫تعد طريقة من طرق التغيير‪ ،‬إذ البد من استخدام االستراتيجية املالئمة‬
‫لذلك‪ ،‬بحيث يجب مراعاة مدى موافقة الثقافة الحالية للتغيير الحاصل‪،‬‬
‫وإلى أي حد يجب تغييرها‪ .‬واملصفوفة التالية تبين مختلف الحاالت املمكنة‬
‫في هذا الصدد‪.‬‬
‫مصفوفة‪ :‬الثقافة –اإلستراتيجية‬

‫احتمال ملو افقة التغيير للثقافة الحالية‬


‫املصدر‪( :‬علي السلمي‪)433:1998 ،‬‬

‫من الشكل أعاله تبرز الحاالت التالية للعالقة بين التغيير وثقافة‬
‫املنظمة‪:‬‬
‫‪295‬‬
‫‪ ‬إدارة التغيير‪:‬‬
‫تكون الحاجة للتغيير في االستراتيجية عالية‪ ،‬وتوافق عالي بين الثقافة‬
‫املوجودة والتغيير املخطط‪ ،‬أين يتم تعزيزه من خالل املشاركة في الرؤية‬
‫وتعزيز نظام القيم الجديد من خالل املكافئات‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيزالثقافة الحالية‪:‬‬
‫أين تكون الحاجة لتغيير االستراتيجية طفيفة‪ ،‬إذ يتم ترسيخ الثقافة‬
‫املوجودة‪.‬‬
‫‪ ‬أدر نحو التغيير‪:‬‬
‫هنا تكون الحاجة لتغيير االستراتيجية عالية واحتمالية موافقة الثقافة‬
‫املوجودة للتغيير منخفضة‪ ،‬أين يجب تعزيز نظام القيم وتعديل القوى‬
‫ويتم استخدام مختلف الروافع كامليزانية وإعادة التنظيم‪.‬‬
‫‪ ‬تغييراالستراتيجية‪:‬‬
‫أين تكون املخاطرة عالية وغير موافقة تماما للثقافة املوجودة‪ ،‬وتكون‬
‫املقاومة عالية‪ ،‬حيث يتم التفكير في تغيير االستراتيجية‪ ،‬لتقترب من ثقافة‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫عموما هناك عدة حاالت تكون فيها تغيير الثقافة ضروري تكيفا مع‬
‫تغييرات البيئة وهي أن يكون‪:‬‬
‫‪- ‬التغير البيئي سريع واملنافسة عالية‬
‫‪- ‬يكون وضع الشركة س يء‬
‫‪- ‬قيم الشركة قوية لكن غير موافقة للتغير البيئي‬
‫‪ - ‬املؤسسة لها روابط مع الحالة القائمة تمنعها من التغيير‬

‫‪296‬‬
‫إذن يجب تقدير ما يمكن خسارته جراء الثقافة الحالية‪ ،‬وما يمكن‬
‫ربحه إذا تم إرساء الثقافة الجديدة‪ ،‬من خالل وصف عام ملا يجب تطويره‬
‫ومدى تماش ي الثقافة الحالية مع ذلك مقارنة مع الخسائر املحققة جراء‬
‫هذه األخيرة‪ ،‬ومدى قدرة الثقافة الجديدة على تفادي كل هذا من حيث‬
‫التسلسل املرغوب لألعمال والسلوكيات املرغوبة والنتائج املتوقعة‪ ،‬من‬
‫أجل تحديد عناصر الثقافة الواجب اإلبقاء عليها وتلك التي يجب تغييرها‬
‫أخذا بالحسبان مدى إلحاح التغيير‪ ،‬وتحديد العناصر املتضررة واملنتفعة‬
‫من الثقافة الحالية‪ ،‬والش يء نفسه بالنسبة للثقافة الجديدة‪.‬‬
‫إذن أصبح من غير املمكن تجاهل ثقافة املنظمة ودورها البالغ األهمية‬
‫في نظرية اإلدارة عند الكالم عن التغيير التنظيمي‪ ،‬بل أصبح شعار غير‬
‫ثقافتك حال ملعظم املشاكل التنظيمية‪ ،‬وألن إدارة التغيير أصبحت مجاال‬
‫للتميز اإلداري‪ ،‬أصبح على املدير أن يكون متعدد املهارات‪ ،‬قادرا على‬
‫التخطيط للتغيير‪ ،‬والعمل على خلق ثقافات تنظيمية تسمح لألفراد بأن‬
‫يزداد والءهم ألهداف وقيم املنظمة‪.‬‬
‫‪ 5.2‬التحسين املستمر‪:‬‬
‫ال يعني تنفيذ برنامج التغيير انتهاء العملية‪ ،‬إذ ال بد من رقابة بعدية‬
‫ملعرفة جوانب القصور لتعديلها‪ ،‬وتستعمل أغلب املؤسسات أسلوب‬
‫حلقات الجودة لهذا الغرض‪ ،‬حيث يتمكن األفراد من معرفة جوانب األداء‬
‫التي تستدعي التحسين‪ ،‬إضافة إلى االقتراحات التي يمكن أن يقدمها هؤالء‬
‫لإلدارة العليا لتعديل مسار التطبيق من جراء ممارستهم للمهام الجديدة‬
‫واكتشاف جوانب القصور فيها‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫يضيف ‪ Pastor‬مرحلة سادسة إلدارة التغيير‪ ،‬وهي رسملة التغيير‬
‫باعتباره استثمارا على املدى الطويل وليس عملية عابرة أو ردة فعل أو‬
‫تكيف قصير املدى لظرف ما في البيئة الداخلية أو الخارجية‪ ،‬من أجل‬
‫تهيئة وتكييف املنظمة لتغيرات مستقبلية وجعلها عملية مستمرة‪،‬‬
‫وتستفيد املنظمة من خالل الرسملة تراكم املعارف حول التغيير حيث‬
‫توفر الجهد والوقت واملال عند أي تغييرات مستقبلية بدل البدء من‬
‫البداية في كل مرة‪ .‬وتحتاج املنظمة ألجل رسملة التغيير إلى ذاكرة تنظيمية‬
‫تتضمن التجارب السابقة للتغيير‪ ،‬ناجحة كانت أو فاشلة‪ ،‬إضافة لكل‬
‫املعارف ذات العالقة بها‪.‬‬
‫من أجل بلوغ عملية التغيير لهذه املرحلة حيث يصبح هذا األخير ثقافة‬
‫راسخة تستفيد منه املنظمة في عمليات التغيير املقبلة‪ ،‬ال بد أن يكون‬
‫التغيير ناتجا عن عملية تخطيط استراتيجي‪ ،‬وليس حلوال مؤقتة ملشكالت‬
‫قائمة‪ ،‬كما يجب توفر بنى هيكلية مرنة ومنفتحة على العالم الخارجي‬
‫مشجعة لعملية التعلم الداخلي والخارجي‪ ،‬إضافة إلى ضرورة وجود ثقافة‬
‫تتقبل الخطأ والفشل باعتبار أن أي تجربة فاشلة ما هي إلى دروس‬
‫مستفادة لنجاحات في عمليات التغيير املقبلة‪.‬‬
‫من الجدير أن ينجح قائد التغيير في إدارته وتحقيق أهدافه‪ ،‬ففي‬
‫حالة العكس تظهر نتائج سلبية تتمحور في اتجاهين كالهما أسوء من‬
‫الثاني‪ ،‬األول سلبي يعمل على إضعاف القوى الدافعة للتغيير وإفشال‬
‫مساعيهم‪ ،‬أما الثاني‪ ،‬سلبي في مضمونه إيجابي في ظاهره‪ ،‬إذ يعمل على‬
‫إنجاح التغيير بشتى الوسائل‪ ،‬غير عابئ بالقواعد والقوانين والشرعية‪،‬‬
‫مما يحوله إلى اتجاه سلبي مدمر في مضمونه‪.‬‬
‫‪298‬‬
‫تعمل إدارة التغيير على استخدام أفضل الطرق اقتصادا وفعالية‬
‫إلحداثه وتحقيق أهدافه‪ ،‬ويفترض في هذه اإلدارة أن تكون هادفة‪ ،‬وفعالة‬
‫ورشيدة وتشاركية‪ ،‬قادرة على التكيف مع األحداث وصنعها‪ ،‬تحافظ على‬
‫نسيج العالقات االجتماعية املتواجدة‪ ،‬إدارة مرتبطة بالواقع العملي‬
‫للمنظمة‪ ،‬وتحقق التوافق بين احتياجات مختلف القوى‪ ،‬تحافظ على‬
‫الشرعية القانونية واألخالقية‪ ،‬وتحقق قيما مضافة‪ ،‬كما تتطلب إدارة‬
‫التغيير األخذ بالحسبان استراتيجية املنظمة‪ ،‬وتعديل ولو جزئي لثقافتها‪.‬‬
‫تهدف إدارة التغيير إلى التحرر من القيود التي تفرضها الحالة القائمة‪،‬‬
‫وتحسين أداء املنظمة وتحقيق الثقافة الذاتية‪ ،‬وكذا إعادة بناء قوى‬
‫الفعل في املنظمة لتكون أكثر توافقا مع احتياجات التعامل واالنفتاح‬
‫والتكامل مع العالم الخارجي‪ ،‬كما أنه على إدارة التغيير أن تكون إدارة‬
‫توقع‪ ،‬حيث تملك درجة عالية من التأقلم مع البيئة‪ ،‬وتتعامل مع الظروف‬
‫الحالية واملستقبلية بمرونة‪ ،‬حيث تتوقع التغيير وتخطط له بدل انتظار‬
‫حدوثه‪.‬‬
‫قد تتولى اإلدارة العليا إدارة التغيير من خالل التوجيه واإلعالم‪ ،‬أو من‬
‫خالل القسر واإلرغام‪ ،‬كما قد يتم تفويض اإلدارات باملستويات األخرى‬
‫بالتنظيم من خالل املشاركة الجزئية أو الكلية لألفراد‪ ،‬في اإلعداد‬
‫والتنفيذ‪ ،‬أما إذا كان التغيير فرعيا وال يدخل ضمن املهمة الرئيسة‬
‫للمنظمة‪ ،‬فيتم أخرجتها‪ ،‬علما أن هذا األسلوب يحرم املنظمة من فرص‬
‫التعلم وتطوير املهارات‪.‬‬
‫تتم إدارة التغيير عبر مراحل تبدأ بتطوير رؤية جديدة تكون أكثر‬
‫طموحا وتعمل على صنع قوى املستقبل‪ ،‬بعدها ِ‬
‫التهيؤ واالستعداد‬
‫‪299‬‬
‫التنظيمي للتحلل من القديم بدءا بتشخيص للوضع الراهن باستخدام‬
‫إحدى الطرق املتاحة كتحليل الفجوة ودلفي‪ ،‬ومن ثم توقع التغييرات‬
‫املمكن إجراءه تكيفا مع التغيرات البيئية‪ ،‬وتقدير املقاومة املمكنة‪ ،‬من‬
‫أجل التخطيط الحتوائها‪ ،‬ومن ثم تطوير استراتيجية نهائية واضحة املعالم‬
‫للتغيير‪ ،‬واإلعداد لتنفيذها‪.‬‬
‫ال يكفي تنفيذ استراتيجية التغيير املختارة‪ ،‬بل يجب اعتماد التحسين‬
‫املستمر‪ ،‬لتعديل جوانب القصور املمكنة‪ ،‬وبعد التأكد من إيجابية‬
‫مخرجات لبرنامج التغيير‪ ،‬يتم تثبيت قيمه ضمن ثقافة املنظمة واألفراد‪،‬‬
‫أين يتم تعديل هذه األخيرة جزئيا أو كليا‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫الفصل ال ثاني عشر‬
‫مقاومة التغيير وصفات‬
‫القائد الناجح في إدارتها‬
‫لقد تكرر فيما سبق اإلشارة إلى ضرورة األخذ بالحسبان مقاومة‬
‫األفراد للتغيير في أكثر من موقف‪ ،‬مما يبين ضرورة احتواءها وتخفيضها‪،‬‬
‫هذا ألن مقاومة التغيير أمر طبيعي ومشروع‪ ،‬ألنه خروج على املألوف من‬
‫أساليب عمل ونظم وغيرها‪ ،‬وهو أمر متوقع في أذهان قائد وفريق التغيير‪،‬‬
‫وكلما اتسع مجال التغيير‪ ،‬كلما زاد احتمال املقاومة وزادت حدتها‪ ،‬وإن‬
‫الخطأ األكثر شيوعا في إدارة التغيير‪ ،‬التقليل من شأن التأثير الذي يتركه‬
‫التغيير على األفراد‪ ،‬واالعتقاد بأن املهم هو إجراء التغيير دون االكتراث‬
‫لالضطراب الذي يصاحبه‪ ،‬نتيجة التخلي عن أنماط العمل املألوفة‪ ،‬إذ ال‬
‫يالقي التغيير‪ ،‬قبوال على الدوام‪ ،‬فقد يواجه مقاومة من مسيري املنظمة أو‬
‫األفراد أو الجماعات‪ ،‬ألسباب عديدة‪.‬‬
‫أوال‪ .‬مفهوم ومراحل مقاومة التغيير‪ ،‬ومداخل‬
‫إدارتها‪:‬‬
‫تتعدد أوجه املقاومة باملنظمة حسب اختالف الجهة الرافضة للتغيير‪،‬‬
‫كما تمر بعدة مراحل يجب تخطيها بحذر‪ ،‬ويحتاج كل هذا إلى إدارة واعية‬
‫لتخرج منها بأقل األضرار‪.‬‬
‫‪ .1‬مفاهيم أساسية حول مقاومة التغيير‪:‬‬
‫إن العديد ممن استهجنوا مقاومة األفراد للتغيير بالرغم من أنه ردة‬
‫فعل واستجابة طبيعية ومتوقعة لهؤالء تجاه ش يء مجهول‪ ،‬وتزداد املقاومة‬
‫حدة كلما كانت املنظمة بيروقراطية التنظيم وقليلة التغيير حيث يعتاد‬
‫األفراد على نمط معين من السلوك يرفضون تغييره فجأة دون معرفة‬
‫األسباب أو عدم كفايتها‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫‪ 1.1‬تعريف مقاومة التغيير‪:‬‬
‫اجتهد العديد من الباحثين في تعريف مقاومة التغيير‪ ،‬حيث عرفت على‬
‫أنها‪" :‬عبارة عن استجابة عاطفية وسلوكية‪ ،‬تجاه خطر حقيقي أو متوقع‪،‬‬
‫يهدد أسلوب العمل الحالي"‪ .‬أي أنها رد فعل عاطفي وسلوكي ناتج عن‬
‫اإلحساس بالخطر من التغيير حقيقيا كان أو احتماليا‪.‬‬
‫كما تعرف على أنها‪" :‬سلوك يقوم به املقاوم‪ ،‬يصدر من إحساسه‬
‫بنقص أو عجز عن القيام بالتغيير املطلوب وعدم اليقين من نتائجه‪،‬‬
‫بهدف الثبات في الوضع الراهن ومحاولة إلفشال التغيير املبرمج"‪.‬‬
‫يعرف ‪Gareth‬املقاومة على أنها " قوة العطالة التنظيمية املعبرة عن‬
‫ميل املنظمة للحفاظ على الحالة القائمة‪ ،‬إذ تتسبب في خفض فعاليتها‬
‫وتقلل من فرص استمراريتها"‪ .‬ويركز هذا التعريف على ميل املنظمة إلى‬
‫تفضيل البقاء في الوضع الراهن بالرغم من سلبيته‪ ،‬بدل الخوض في‬
‫تغييرات مجهولة النتائج‪.‬‬
‫إذن فاملقاومة هي رد فعل سلبي من قبل الفرد أو الجماعة أو املنظمة‬
‫ككل‪ ،‬تمثل استجابة عاطفية وسلوكية تجاه خطر حقيقي أو متوقع ناتج‬
‫عن عملية تغيير إيجابية أو سلبية‪ ،‬تهدد أسلوب العمل الحالي الذي تم‬
‫التعود عليه واالرتياح له‪ ،‬وخوفا من العجز في تنفيذ برنامج التغيير أو شكا‬
‫في نتائجه وخوفا من سلب بعض املزايا املكتسبة سلفا‪ ،‬معبرا عن كل هذا‬
‫بعمليات منافية لبرنامج التغيير قصد إفشاله‪.‬‬
‫‪ 2.1‬خصائص مقاومة التغيير‪:‬‬
‫من التعاريف السالفة تبرز الخصائص التالية للمقاومة‪:‬‬

‫‪303‬‬
‫‪ ‬املقاومة هي رد فعل سلبي لعملية التغيير‪ ،‬حيث يرى األفراد أن‬
‫التغيير أمرا سلبيا ومضرا وخطرا‪ ،‬حتى وإن كان إيجابيا في حقيقته؛‬
‫‪ ‬املقاومة استجابة حسية عاطفية أو سلوكية‪ ،‬فردية أو جماعية؛‬
‫‪ ‬قد يكون سبب املقاومة حقيقيا إذ يمس مصالح األفراد‪ ،‬أو‬
‫متوقعا ومجرد تخوفات ناتجة عن جهل برنامج التغيير ونتائجه أو شكا في‬
‫مصداقيته أو عجزا في التكيف معه أو خوفا من فقدان املزايا املكتسبة‪.‬‬
‫يستند التغيير إلى قوى معينة تعمل على إحداثه وحماية مكاسبه‬
‫واستمراره‪ ،‬والتي تخضع إلى توازنات تستقر بها إدارة التغيير‪ ،‬وأخرى‬
‫تفرزها عملية التغيير نفسها‪ ،‬وأخرى تفرضها البيئة املحيطة بالتغيير‪،‬‬
‫وبالتالي يجب معرفة هذه التوازنات وتأثيرها املتعدد واملتشابك على عملية‬
‫التغيير ويمكن سردها كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬توازنات القوة‪:‬‬
‫من لديه القوة بأبعادها السياسية والجغرافية واالقتصادية والبشرية‬
‫وحتى املعنوية‪ ،‬يكون أكثر تأثيرا وفاعلية وسيطرة على مجريات األحداث‬
‫واملتغيرات‪ ،‬وبإمكانه تغيير وفرض ما يشاء موافقة أو انصياعا‪ ،‬فإذا كانت‬
‫القوة بيد القوى الدافعة للتغيير‪ ،‬فإنه سيكتب له النجاح‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫بيد املقاومة فنسبة النجاح ضعيفة‪.‬‬
‫ب‪ .‬توازنات املصالح والحقوق‪:‬‬
‫ترتبط عملية التغيير بحسابات دقيقة لتأثير أصحاب املصالح‪ ،‬وقدرتهم‬
‫على توليد الضغوط املؤثرة واملوجهة لقوى التغيير‪ ،‬فكلما اتسع حجم هذه‬
‫املصالح‪ ،‬كلما كانت أكثر تحكما في حركة التغيير واتجاها له‪ ،‬حيث يصبح‬
‫التغيير في حد ذاته مدعما الستمرارية هذه املصالح وزيادتها ويسير في‬
‫‪304‬‬
‫إطارها‪ ،‬هذا إن كانت لصالح القوى الدافعة للتغيير‪ ،‬أما إذا كانت لصالح‬
‫املقاومة‪ ،‬فإن مجرى عملية التغيير سيتغير في اتجاه مصالح املقاومة‪،‬‬
‫السيما إذا ساندتها توازنات القوة فمن خالل توازنات املصالح‪ ،‬يمكن رصد‬
‫حركة املتغيرات وقوى التغيير اإليجابية السلبية‪ ،‬ومن ثم التعامل معها‪.‬‬
‫إن التعارض في املصالح والذي تخلقه الوظائف نفسها قد يشكل‬
‫مقاومة‪ ،‬فكل مجال نشاط أو فرع أو قسم يركز حول منطق منفعته‬
‫الخاصة‪ ،‬مما يؤدي إلى تعارض فيما بينها من جهة‪ ،‬وتعارض مع املصلحة‬
‫العامة للمؤسسة من جهة أخرى‪ ،‬مما يستوجب تصحيحات وإعادة ترتيب‬
‫لضمان التنسيق والتكامل الشامل والحفاظ على القدرة على االستمرار‪،‬‬
‫إذ أن الصراع واالختالف في التوجهات بين الوظائف والنشاطات قد يؤدي‬
‫إلى إبطاء عملية التغيير أو إلغائها‪ ،‬نتيجة اختالل في التوازنات فكل منها يرى‬
‫املشكلة بوجهة نظر مختلفة مما يعمل على تأجيل عملية التغيير لحين‬
‫تقريب وجهات النظر‪.‬‬
‫بازدياد الوعي واملعرفة وارتقاء الفكر اإلنساني أصبح من الجدير‬
‫الحديث عن الحقوق‪ ،‬ومن األجدر التفكير في تغيير األوضاع واالتجاه نحو‬
‫التغيير الذي يكفل للجميع توازنا في الحقوق والواجبات‪.‬‬
‫إن هذه التوازنات سابقة الذكر‪ ،‬تظهر نوعين من القوى‪ ،‬قوى دافعة‬
‫للتغيير وأخرى رافضة له‪.‬‬
‫‪ ‬القوى الدافعة للتغيير‪:‬‬
‫هي القوى التي تفجر الرغبة في التغيير وتوجد الدافع نحوه‪ ،‬وهي التي‬
‫ترسم صورة املستقبل ما بعد التغيير‪ ،‬وتتكون هذه القوى من أفراد‬
‫متميزون بسمو الفكر واملبادئ وبعد النظر ورجاحة العقل‪ ،‬تستميلهم‬
‫‪305‬‬
‫مشكالت املنظمات وتسعدهم معالجتها‪ ،‬من إصالح اجتماعي وإداري‬
‫وغيره‪ ،‬ويحتاج هؤالء إلى وجود شخص يتميز بالقيادة والقدرة على اإلقناع‬
‫واستقطاب قوى مؤيدة ومدعمة للتغيير‪ ،‬من خالل ما يمتلكه من مميزات‬
‫فكرية وخبرة ومعرفة وتقدير واحترام ورجاحة الرأي‪ ،‬مثل هذا الشخص‬
‫يمكنه تغيير الرؤية وبالتالي نمط التفكير لدى األفراد‪ ،‬كما يؤثر على‬
‫السلوك والفعل وردة الفعل‪ ،‬وبالتالي القدرة على التغيير‪ ،‬باعتبار هذا‬
‫األخير نتيجة فكر وهدف وأيضا نتيجة حاجة ومطلب ملح‪.‬‬
‫إن للمبدعين دور هام في إحداث التغيير‪ ،‬بل هم القوة األكثر دفعا له‪،‬‬
‫فأي إبداع جديد يجر معه تغييرات ليس فقط في مجال ما تم إبداعه‪ ،‬بل‬
‫يتعدى باقي املجاالت ذات العالقة بنسب متفاوتة عمال بمفهوم النظم‪،‬‬
‫فالعديد من اإلبداعات غيرت أنماط السلوك ونظم وأساليب ممارسة‬
‫األنشطة‪ ،‬وفي أسلوب الحياة نفسه‪.‬‬
‫‪ ‬القوى املقاومة للتغيير‪:‬‬
‫تتعدد القوى الرافضة للتغيير حسب درجة خطورة التغيير على‬
‫مصالح القوى الرافضة‪ ،‬فهناك املعارضون وهم أخطر أنواعها‪ ،‬حيث‬
‫يعملون على إيقاف مسيرة التغيير وإفشالها وانتكاسها‪ ،‬السيما وأن‬
‫مصالحها في موضع تهديد مستمر باستمرار التغيير‪ ،‬حيث تشتد قوة‬
‫املعارضة بتعارض املصالح‪ ،‬ويكون لها صدى سلبي على التغيير كلما‬
‫اشتدت سيطرتها على الكيان اإلداري‪ .‬ال سيما إذا كانت املعارضة من‬
‫املستويات العليا للتنظيم حيث يرفض املسؤولون أي تغيير قد يهدد‬
‫مصالحهم‪ ،‬أو يستوجب إعادة النظر في أسلوب قيادتهم للمنظمة‪ ،‬تحسبا‬
‫ملهام جديدة هم في غنى عنها‪.‬‬
‫‪306‬‬
‫تندرج تحت قوى املقاومة فئة أقل خطورة بالرغم من سلبيتها وهي فئة‬
‫الرافضين للتغيير بمجرد الرفض‪ ،‬إضافة إلى قوى املحافظة على القديم‪،‬‬
‫وهي ترتبط بالوضع الراهن ارتباطا عاطفيا‪ ،‬أكثر من كونه عقالنيا‬
‫ومحسوبا‪ ،‬وترفض الجديد إال إذا قدم في ثوب القديم‪ ،‬وهذه الفئة تضم‬
‫املتقدمين في السن الذين يرون في استمرار القديم استمراريتهم‪ ،‬والتغيير‬
‫في ظنهم سيلغي كيانهم املنهي وخبرتهم ووجدانهم‪.‬‬
‫‪ 3.1‬أسباب مقاومة التغيير‪:‬‬
‫إن نمط التنظيم واملناخ الذي تعمل فيه املنظمة وكذلك ثقافتها‬
‫واستراتيجيتها‪ ،‬كلها عوامل تسهم في تحديد حدة املقاومة املتوقعة من‬
‫األفراد‪ ،‬فاملنظمة القائمة على املركزية ووحدة السلطة‪ ،‬عادة ما تزيد فيها‬
‫حدة املقاومة‪ ،‬كما تتعدد أسباب مقاومة التغيير بتعدد جوانب الخسارة‬
‫املتوقعة "اجتماعية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬عاطفية ومعنوية وأمنية وعقالنية" إذ‬
‫يقول الكاتب م انفريد آف في كتابه "الحياة واملوت" أن "التغيير يطلق كما‬
‫هائال من مشاعر الخوف من املجهول‪ ،‬وفقدان الحرية وامليزات أو املراكز‬
‫والصالحيات واملسؤوليات وفقدان ظروف العمل الجيدة والدخل املادي‬
‫الجيد"‪.‬‬
‫قد تصدر املقاومة من األفراد وهو الشائع‪ ،‬حيث يكون قرار التغيير‬
‫من أعلى‪ ،‬إذ ال يستمع الفرد إال ملا يتالءم مع أفكاره وعاداته ومصلحته‬
‫ونظرته لألمور‪ ،‬كما أنه يترجم أي معلومات يستقبلها حسب مرجعيته‬
‫وواقعه‪ ،‬وأي تغيير يتعارض مع كل هذا ال يرى الفائدة منه‪ ،‬كما قد تكون‬
‫املقاومة من املسئولين حيث تأتي فكرة التغيير من املستويات الدنيا‬
‫للتنظيم ومن طرف أفراد يرفضون حالة االستقرار ويعتبرونها عائقا ألي‬
‫‪307‬‬
‫محاولة لإلبداع‪ ،‬ويكون الرفض نتيجة الرتباط املنظمة بعادات وقيم‬
‫وسلوكيات تشكل ثقافتها لعدة سنوات‪ ،‬كما قد يكون ألسباب مادية بحتة‪،‬‬
‫أو لتعارض التغيير مع اتفاقيات املنظمة مع منظمات أو تنظيمات خارجية‬
‫مثال‪ ،‬ويمكن سرد هذه التخوفات كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬التخوفات املعنوية والعاطفية‪ :‬تتمثل املقاومة العاطفية في رفض‬
‫للتغيير نفسه‪ ،‬يكون عادة لدى دعاة الحالة القائمة املستقرة‪ ،‬السيما‬
‫أولئك الذين ال مصلحة لهم في عملية التغيير‪ ،‬بغض النظر عن نوعية‬
‫التغيير أو نتائجه ويشكل حالة من عدم االستقرار النفس ي الناتجة عن‬
‫الخوف من املجهول الذي يخبئه التغيير‪ ،‬أو عدم االرتياح للقائمين عليه‬
‫وعدم الثقة بهم‪.‬‬
‫ب‪ .‬التخوفات األمنية واالقتصادية‪:‬‬
‫قد يكون الدافع ملقاومة التغيير أمنيا‪ ،‬أين يشعر الفرد أو الجماعة‬
‫بعدم السيطرة على مستقبلها‪ ،‬أي الخوف من املجهول ويمكن سردها كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬التخوف من استبدال بعض املسؤوليات والوظائف وتغيير جدول‬
‫األولويات والترقيات؛‬
‫‪ ‬التخوف من فقدان السلطة أو عالقات السيطرة والنفوذ‬
‫السائدة؛‬
‫‪ ‬عندما يهدد التغيير املصالح الشخصية لألفراد ونزع بعض‬
‫االمتيازات وبالتالي األمان النفس ي لهم‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫‪ ‬تخفيضات في املداخيل واملكافئات الناتج عن حاجة املؤسسة إلى‬
‫تغيير في ميزانيات األعمال مثال‪ ،‬أو توقع الخسارة أو ظهور تكاليف غير‬
‫مجدية نتيجة لعدم السيطرة على عملية التنفيذ‪.‬‬
‫إن هذه التخوفات قد تكون مبنية على أساس حقيقي وصحيح‪ ،‬نتيجة‬
‫االطالع على البرنامج التغييري‪ ،‬كما قد تكون مجرد مخاوف وهمية جراء‬
‫غياب تجارب سابقة في هذا املجال‪.‬‬
‫ت‪ .‬التخوفات العملية والثقافية‪:‬‬
‫غالبا ما تجد فكرة التغيير مقاومة تختلف حدتها باختالف نوعية‬
‫التغيير والثقافة والنتائج املترتبة عنه‪ ،‬السيما إذا تعلق األمر بالجوانب‬
‫العملية وكيفية أداء العمل‪ ،‬نظرا لتكوين الفرد لعادات وأنماط سلوك‬
‫تحدد طريقة تصرفه واستجابته للمواقف‪ ،‬ويشكل التغيير بالنسبة له‬
‫خطرا يهدد هذه األخيرة‪ ،‬فقد أصبح مبرمجا عليها ويعتقد أنه ليس بإمكانه‬
‫تغييرها‪ ،‬ومن أهم هذه التخوفات‪:‬‬
‫‪ ‬صعوبة تبني أسلوب حياة أفضل‪ ،‬وفي هذا الصدد كتب يون‬
‫كنيث بجامعة هارفارد مؤلفه (طبيعة فقر الجماهير) أين يتساءل عن‬
‫سبب تقبل الشعوب للفقر لعدة قرون‪ ،‬واستنتج بعد دراسته ألربع‬
‫مجتمعات‪ ،‬أن هذه األخيرة تفضل الفقر بالرغم من قساوته على التحدي‬
‫املتمثل في إيجاد أسلوب يؤدي إلى حياة أفضل؛‬
‫‪ ‬تخوف العمال من عدم كفاءتهم في العمل في ظل النظام الجديد‪،‬‬
‫وضرورة تعلم مهارات جديدة وتجميد املهارات املكتسبة‪ ،‬وخسارة الخبرة‬
‫واملعرفة القديمة؛‬

‫‪309‬‬
‫‪ ‬إذا ارتبط التغيير بضغوط عمل كبيرة‪ ،‬أو تغيير في املواقع واألدوار‬
‫واملصالح واملسؤوليات‪ ،‬أو توقع عدم التكافؤ بين برنامج التغيير واإلمكانات‬
‫املتاحة‪ ،‬وكذا الخوف من الفشل جراء التجارب الفاشلة‪.‬‬
‫قد تكون ثقافة املنظمة مصدرا للمقاومة أيضا‪ ،‬فالقواعد والقيم‬
‫الناتجة عن سلسلة من حاالت االستقرار والثبات تجعل األفراد يتصرفون‬
‫بطرق تعودوا القيام بها دون تفكير‪ ،‬وأي تغيير يرغمهم على العمل بطرق‬
‫مغايرة سيخلق مقاومة‪ ،‬بل قد يظهر للمسئولين جليا عدم جدوى‬
‫املمارسات املوجودة وأنه من الضروري تغييرها‪ ،‬بالرغم من ذلك يرفضون‬
‫هذا نتيجة تعودهم على إدارة األعمال بشكل معين ال يستطيعون تغييره‪،‬‬
‫وبالتالي كلما طالت فترة الحالة القائمة كان التغيير أصعب ومقاومته أكبر‪،‬‬
‫لذلك ينصح بتبني التغيير كثقافة سائدة باملنظمة بدل إجراء تغييرات‬
‫متباعدة املدى يستهجنها األفراد والجماعات وحتى القادة‪.‬‬
‫ث‪ .‬التخوفات االجتماعية‪:‬‬
‫قد يهدد التغيير العالقات االجتماعية املكونة بين األفراد‪ ،‬وأهم أشكالها‪:‬‬
‫‪ ‬إلغاء التواصل املألوف بين األفراد أو مع الزبائن أو املدراء‪ ،‬مما‬
‫يفقد الفرد الشعور باالنتماء إلى الفريق أو الجماعة أو املؤسسة بذاتها‪،‬‬
‫إضافة إلى عدم الثقة في فريق التغيير السيما إذا ارتبط بأسباب شخصية‬
‫أو عالقات سلبية بينه وبين العمال‪.‬‬
‫‪ ‬عادة ما تطور جماعات العمل قواعد غير رسمية تميز سلوكياتها‬
‫وتسير العالقات بين أفرادها‪ ،‬وأي تغيير في هذه القواعد حتى وإن كانت‬
‫خاطئة من شأنه إضعاف قوة هذه العالقات وفرص التفاعل االجتماعي‪،‬‬
‫أو حتى تغيير عناصر الجماعة نفسها‪ ،‬قد يالقي مقاومة شديدة؛‬
‫‪310‬‬
‫إذن من الصعب تقبل التغيير الذي يمس تجانس الجماعة أو يغير‬
‫قواعدها‪ ،‬إذ تعودت الجماعات على هذه القواعد كما تعود األفراد على‬
‫عناصر جماعتهم‪ ،‬وخوفا لفقدان الجماعة لتجانسها بتغيير عناصرها‪.‬‬
‫ج‪ .‬التخوفات املعلوماتية‪ :‬من أهم أسباب مقاومة التغيير‪ ،‬عدم‬
‫الشفافية ونقص املعلومات‪ ،‬وينتج عنها‪:‬‬
‫‪ ‬عدم إدراك األفراد لنقاط ضعف املنظمة ونقاط القوة التي‬
‫يوفرها التغيير نتيجة استبعادهم عن العملية؛‬
‫‪ ‬عدم وضوح أهداف التغيير نتيجة عدم مشاركة األفراد في‬
‫التخطيط له‪ ،‬إضافة لعدم تفهم املوظفين لبرنامج التغيير‪ ،‬السيما إذا‬
‫أساء الفريق إدارته وتنفيذه وعدم ظهور النتائج بالسرعة املطلوبة؛‬
‫‪ ‬جهل األفراد للمهام املوكلة لهم باملستقبل والتخوف من عدم‬
‫القدرة على تعلمها‪ ،‬ونقص املعرفة عن كيفية التعامل مع الوضع الجديد‬
‫وباملقابل‪ ،‬صعوبة اإلفصاح عن كل هذا‪.‬‬
‫قد تكون هذه األسباب عقالنية ومنطقية ونابعة من تحليل وتقويم‬
‫عقالني لجدوى التغيير‪ ،‬أو عاطفية ونفسية ترفض التغيير نفسه‪ ،‬كما قد‬
‫تكون داخلية أو خارجية كاملستفيدين الخارجيين من خدمات املنظمة‪،‬‬
‫كما قد تكون هذه التخوفات تصورا خاطئا بعدم وجود تخلف إداري أو‬
‫اقتصادي في املنظمة املقصودة‪ ،‬أو اعتبار التغيير أمر نظري‪ ،‬أو االعتراف‬
‫بكل هذا وعدم االقتناع بإمكانية معالجته أو الشك بكفاءة القائمين على‬
‫ذلك‪ ،‬وقد يحدث أحد هذه األسباب أو بعضها‪ ،‬وقد تجتمع كلها مشكلة‬
‫مقاومة أكثر شدة‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫يعد فرض التغيير على األفراد والجماعات أهم عوامل مقاومته‪ ،‬حيث‬
‫يرونه تهديدا ملصالحهم السيما إذا تكون رأي جماعي ضد التغيير‪ ،‬يبرز‬
‫احتماالته السلبية ويحرض الجماعات ضده وضد قادته‪ ،‬والذي يدعمه‬
‫التنظيم غير الرسمي والتنظيمات املختلفة كالنقابات العمالية‪ ،‬التي تلعب‬
‫دورا هاما في الحفاظ على الحالة القائمة بدافع ظاهري يكمن في الحفاظ‬
‫على نسق العالقات االجتماعية‪ ،‬وبدافع ضمني يكمن في الحفاظ على نطاق‬
‫النفوذ أو التأثير املمارس الذي تتمتع به هذه التنظيمات‪ ،‬بحيث تحتاج إلى‬
‫وقت للتفكير في الطريقة التي تجعلها تتقبل التغيير مع الحفاظ على‬
‫امتيازاتها‪ ،‬حتى إن اضطرت للتغيير هي األخرى‪.‬‬
‫من نتائج مقاومة التغيير السيما القادمة من طرف اإلدارة العليا ‪-‬أي‬
‫القادة السلبيون‪ -‬أن يقوم هؤالء بالقضاء على فكرة التغيير في مهدها‪،‬‬
‫السيما إذا كان يهدد مصالحهم وامتيازاتهم‪ ،‬وذلك من خالل تضييق نطاق‬
‫الحرية واملشاركة‪ ،‬وتوسيع نطاق األوامر واملرؤوسية‪ ،‬أما إذا عجز القادة‬
‫على القضاء على التغيير وقواه اإليجابية‪ ،‬فهم يلجؤون إلى اإلرجاء‬
‫والتعطيل أطول فترة لقضاء مصالحهم‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬التشكيك في مدى ضرورة التغيير وعدم التسرع فيه؛‬
‫‪ ‬التشكيك في قوى التغيير بحجة أن التغيير طموح شخص ي أو‬
‫تصفية حسابات مع القادة؛‬
‫‪ ‬التشكيك في مدى توفر اإلمكانيات واملوارد الالزمة للقيام‬
‫بالتغيير؛‬
‫‪ ‬التشكيك في نتائجه وعوائده ومدى إمكانية تحقيقها أصال‪،‬‬
‫والتشكيك في مدى سالمة أسلوبه؛‬
‫‪312‬‬
‫‪ ‬تقليل االعتمادات املالية وتوجيهها إلى أغراض أخرى‪ ،‬وتوجيه‬
‫طاقة قوى التغيير إلى قضايا جانبية‪.‬‬
‫إن الظاهر هو أن مقاومة التغيير أمر سلبي إذ يعيق سيرورة تنفيذه‪،‬‬
‫إال أنه أحيانا يصبح إيجابيا انطالقا من األبعاد التالية‪:‬‬
‫‪ ‬املقاومة تدفع اإلدارة إلى توضيح أهداف التغيير ووسائله وآثاره‪،‬‬
‫وتفعيل عمليات االتصال وتنقل املعلومات‪ ،‬وتعرف املديرين أكثر على‬
‫انشغاالت األفراد وإعطاء فرصة أكبر ملناقشة وتفهم التغيير؛‬
‫‪ ‬تكشف املقاومة عن نقاط الضعف املوجودة في برنامج التغيير‬
‫املقترح‪ ،‬وطرق حل املشكالت واتخاذ القرارات‪ ،‬إذ يمكن تحسينه شكال‬
‫ومضمونا‪ ،‬مما يدفع املنظمة إلى إعادة النظر وتحليل أدق للعملية ونتائجها‬
‫املحتملة وتفحص مقترحاتها للتأكد من مناسبتها‪ ،‬وبالتالي تجنب قرارات‬
‫غير سليمة؛‬
‫‪ ‬تفيد املقاومة في إفشال التغيير الذي يحمل نوايا سيئة وتسيره‬
‫املصلحة الشخصية‪ ،‬كما أنها تدفع إلى إنجاز التغيير اإليجابي إلثبات‬
‫ضرورته‪ ،‬كما أن غياب املقاومة يؤدي إلى الفراغ االجتماعي‪ ،‬وينبئ بغياب‬
‫قوة الشخصية الناتجة أساسا عن االختالف في اآلراء لدى األفراد‪.‬‬
‫من عادة املسيرين تبرير فشلهم في إدارة التغيير إلى املقاومة التي‬
‫تواجههم من طرف األفراد‪ ،‬إال أن هذه األخيرة استجابة طبيعية تجاه ش يء‬
‫مجهول‪ ،‬في الوقت الذي يفترض منهم التفكير في أسلوب يمكنهم من تحويل‬
‫املقاومة إلى فرصة‪ ،‬وكسب املقاومين لصالح التغيير‪.‬‬
‫تمر مقاومة التغيير بمجموعة من املراحل تبدأ بالرفض التام للتغيير‪،‬‬
‫وتنتهي بقبوله والتحفيز لتنفيذه عند اإلدارة الجيدة للعملية‪ ،‬أو باإلصرار‬
‫‪313‬‬
‫على رفضه ومحاولة إفشاله في حالة اإلدارة السيئة للعملية من جهة‪ ،‬أو‬
‫اكتشاف عدم جدوى مشروع التغيير املقدم من جهة أخرى‪ ،‬وهذا ما سيتم‬
‫التطرق إليه فيما يلي‪.‬‬
‫‪ .2‬مراحل مقاومة التغيير‪:‬‬
‫يشتمل التغيير على مخاطر وفرص‪ ،‬فإن االستجابة األولية لألفراد‪،‬‬
‫تنظر للتغيير على أنه خطر أو تهديد موجه إليهم‪ ،‬فتكون املقاومة‪ ،‬وفور‬
‫حدوث التغيير يبدأ التعود عليه ورؤية الفرص الجديدة التي يتيحها‪،‬‬
‫واالقتناع باألساليب الجديدة‪ ،‬حينها يكون التغيير قد بدأ في الطريق‬
‫الصحيح‪ ،‬نحو التطبيق الناجح‪.‬‬
‫تتمثل املخاطر في مرحلتي اإلنكار واملقاومة أما الفرص فتتمثل في‬
‫مرحلتي االستكشاف وااللتزام‪ ،‬والتي يبينها نموذج مراحل املقاومة "العملية‬
‫االنتقالية" والتي يبينها الشكل التالي‪:‬‬

‫‪314‬‬
‫نموذج مراحل املقاومة "املرحلة االنتقالية إلى التغيير"‬

‫املصدر‪(:‬سنيتا سكوت‪ ،‬نيس جيف‪)60 :1995 ،‬‬

‫‪315‬‬
‫في كل مرحلة من هذه املراحل املوضحة في الشكل أعاله‪ ،‬يأتي دور‬
‫القائد في مساعدة األفراد واملجموعات على عبورها بنجاح‪ ،‬من خالل‬
‫متابعة األفراد ملعرفة ردود أفعالهم أثناء عملية التغيير وتحليلها والتعامل‬
‫معها‪ .‬حيث في املرحلة األولى والثانية (اإلنكار واملقاومة) يتشبث الفرد‬
‫باملاض ي وفي املرحلتين الثالثة والرابعة (االستكشاف وااللتزام) يبدأ األفراد‬
‫النظر نحو املستقبل‪ ،‬ونحو الفرص التي يمكنها أن تبنى ويتم سرد هذه‬
‫املراحل تباعا فيما يلي‪.‬‬
‫‪1.2‬فترة اإلنكار (الرفض)‪:‬‬
‫عند اإلعالن عن التغيير تظهر االستجابة األولية في شكل ال مباالة‪،‬‬
‫واستمرارية األمر على ما هو عليه‪ ،‬وقد تطول هذه الفترة إن لم يتم التدخل‬
‫من طرق القائد ومطالبة األفراد بالتغيير مباشرة‪ ،‬فبعض القادة يعتقدون‬
‫أنه ال مبرر لهذه الردود‪ ،‬وليس من حق األفراد اإلفصاح عن آرائهم حيال‬
‫التغيير وقبوله مباشرة‪ ،‬ما داموا يحصلون على مقابل مادي لقاء عملهم‪،‬‬
‫ومن بين هذه الردود االنسحاب والهرب من املسؤولية وااللتزام بالطرق‬
‫التقليدية لألداء‪ ،‬والدفاع عن اإلجراءات القديمة‪ ،‬ورفض التغيير وتجاهله‬
‫باعتبار أنه ال منفعة منه وال حاجة له‪ .‬ويتوجب على القائد في هذه املرحلة‪:‬‬
‫‪ ‬مواجهة األفراد باملعلومات والحقائق حول التغيير‪ ،‬والتركيز على‬
‫اإلطار العام وتأجيل التفاصيل؛‬
‫‪ ‬اقتراح اإلجراءات التي يمكن أن يقوم األفراد بها للتكيف مع‬
‫التغيير وإتاحة الوقت الكافي لذلك‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫إذن على القائد تتبع سلوكيات األفراد في هذه املرحلة‪ ،‬ومحاولة‬
‫احتوائهم‪ ،‬لتخفيف وطأة التغيير عليهم‪ ،‬فإذا تحكم القائد في إدارة هذه‬
‫املرحلة قد ال يحتاج األفراد أو معظمهم إلى االنتقال للمرحلة املوالية‪.‬‬
‫‪ 2.2‬مرحلة املقاومة‪:‬‬
‫أين تتردى اإلنتاجية إلى حد كبير ويسود االضطراب والسلبية وتكثر‬
‫االحتجاجات‪ ،‬والحوادث واإلجازات املرضية والغياب‪ ،‬كما يتم في هذه‬
‫املرحلة اإلعداد إلفشال مشروع التغيير‪ ،‬وإن أخطر أنواع املقاومة هي‬
‫املقاومة املستترة‪ ،‬حيث ال يمكن اكتشافها إذ يبقى الحال على ما هو عليه‬
‫دون استجابة حقيقية للتغيير أين يحتفظ األفراد بالسلوكيات القديمة‬
‫سرا‪ ،‬فإن التعبير عن املقاومة هو أولى بوادر تخفيفها‪ ،‬السيما إذا وجدت‬
‫القائد الذي يشارك األفراد انشغاالتهم ويعمل على تجاوز هذه املرحلة‪.‬‬
‫يتدخل القائد لخفض عالمات املقاومة هذه‪ ،‬من غضب ولوم وقلق‬
‫وإحباط وصراع من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬تقبل تصرفات املقاومين والتواصل معهم وتشجيعهم على‬
‫املناقشة املشتركة ملشروع التغيير؛‬
‫‪ ‬التأكيد على ضرورة التغيير وضرورة قبوله؛‬
‫‪ ‬التريث وعدم تعجيل عملية التغيير لحين احتواء أكبر قدر من‬
‫املقاومة‪.‬‬
‫‪ 3.2‬مرحلة االستكشاف واالستفسار‪:‬‬
‫هذه املرحلة تعد أولى الخطوات نحو التغيير‪ ،‬حيث يتم التعبير على‬
‫تحفظات املقاومين عن التغيير وأسباب رفضهم له‪ ،‬وهي مرحلة تفاوض‬
‫نسبي حول مضمون التغيير‪ ،‬وتغيير بعض تفاصيله بما يتماش ى ورغبات‬
‫‪317‬‬
‫واحتياجات املقاومين وظروفهم‪ ،‬أو تطوير قدراتهم للتماش ي مع التغيير‪ ،‬أو‬
‫تبني املدخلين معا لتحقيقا الندماج‪.‬‬
‫قد تكون نتيجة التفاوض بين املقاومين واملروجين للتغيير الفشل‪ ،‬إذ‬
‫قد ال يتمكن دعاة التغيير من إقناع املقاومة‪ ،‬أو تكييف التغيير وفقا‬
‫لرغباتهم‪ ،‬في هذه الحالة يحدث أحد أمرين‪:‬‬
‫‪ ‬إفشال التغيير سواء رفضا ملوضوعه أو ملروجيه‪ ،‬أو حفاظا على‬
‫الحالة القائمة إلدراك عدم جدواه‪ ،‬ومن أهم مظاهر محاوالت اإلفشال‪،‬‬
‫اإلضرابات واالستقاالت أو التحويل أو حتى اللجوء إلى العدالة عندما يكون‬
‫مجحفا في حقق األفراد‪ ،‬وتنجح محاوالت اإلفشال عادة نتيجة السلطة‬
‫التي تملكها املقاومة واملستخدمة ضد مروجي التغيير بمحاولة إيجاد نقاط‬
‫ضعف لبرنامج التغيير إلبطاله‪ ،‬أو لعدم جدواه؛‬
‫‪ ‬فشل محاوالت إبطال برنامج التغيير‪ ،‬أين تحدث حالة إحباط‬
‫للمقاومين في شكل تشوش للرؤية وإحساس بالظلم أحيانا‪ ،‬والتي قد تطول‬
‫أو تقصر تبعا لشدة املقاومة‪ ،‬ووفقا لكم التغييرات الالزم إجراؤها‪.‬‬
‫باملقابل قد تكون النتيجة تقارب وجهات النظر واملرجعيات حول‬
‫فائدة التغيير وحاجته‪ ،‬ومحاولة رؤية األمور من زاوية أخرى تجعل التغيير‬
‫أكثر تقبال‪ ،‬ومحاولة االستعداد لواقع جديد‪ ،‬بمعتقدات وثقافة ورؤى‬
‫جديدة‪ ،‬وتقبل التغيير املقترح من زاوية املصلحة والحاجة واملنفعة التي ال‬
‫تزال غير واضحة جيدا‪.‬‬
‫تعد هذه املرحلة األطول وتحتاج إلى تعاضد أفراد املنظمة في مختلف‬
‫مستوياتها‪ ،‬أين تنطلق طاقاتهم باتجاه التركيز على املستقبل‪ ،‬حيث يحاول‬
‫العاملون تشكيل املهمات الجديدة‪ ،‬والبحث عن طرق جديدة للتواصل‪،‬‬
‫‪318‬‬
‫وتعلم ما يمكن أن يفديهم في املستقبل واستطالع سبل النجاح في التغيير‪،‬‬
‫ومحاولة استثمار طاقاتهم وأفكارهم إلبداع طرق جديدة للعمل‪ ،‬أين يظهر‬
‫إفراط في االستعدادات الشخصية واالرتباك والخوف وكثرة األفكار‬
‫الجديدة‪ ،‬وتزايد املطلوب إنجازه‪ ،‬وعدم القدرة على التركيز‪ ،‬وانخفاض‬
‫مستوى القدرة على العمل والتضارب في املسؤوليات أين يتوجب على قائد‬
‫التغيير ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬التركيز على األولويات التي يمكن إنجازها‪ ،‬وتقديم الدعم‬
‫والتدريب الكافي مع ضرورة التواجد؛‬
‫‪ ‬مراقبة مدى تقدم العمل مع التركيز على األهداف قصيرة األجل‪،‬‬
‫وتشجيع األفراد عن طريق أساليب توليد األفكار الجديدة‪ ،‬وتجنب الرفض‬
‫السريع لألفكار‪ ،‬وتشجيع الجهود املبذولة بكل الطرق املتاحة‪.‬‬
‫‪ 4.2‬مرحلة االلتزام واالندماج‪:‬‬
‫هي مرحلة تقبل كاملة للتغيير ووضوح الرؤية‪ ،‬يتم خاللها العمل على‬
‫إدراج املمارسات والسلوكيات الجديدة ضمن روتينيات املنظمة‪ ،‬ورفض‬
‫أي محاولة للعودة إلى املمارسات القديمة‪ ،‬حيث يتم االقتناع بالحاجة‬
‫للتغيير ومنفعته؛ أين يتم التركيز على خطة العمل لتنفيذها بنجاح يكون‬
‫فيها األفراد والجماعات جاهزين لتعلم الطرق الجديدة للعمل معا وتبني‬
‫القيم الجديدة‪ ،‬ووضع مجموعة من األهداف وتوضيح كيفية الوصول‬
‫إليها بطرق إبداعية‪ ،‬أين يقوم القائد بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إشراك العاملين في وضع األهداف طويلة األجل‪ ،‬والتركيز على‬
‫املتميزين‪ ،‬وبناء فريق عمل للتعاون والتنسيق ملواجهة التحديات الجديدة؛‬
‫‪ ‬مكافئة املستجيبين للتغيير وتحديد املعايير العادلة لذلك‪.‬‬
‫‪319‬‬
‫تعد هذه املرحلة من املراحل الحرجة في املقاومة إذ من الصعب ترك‬
‫سلوكيات وممارسات تم التعود عليها وإتقانها‪ ،‬بأخرى جديدة أقل كفاءة في‬
‫أداءها‪ ،‬إضافة إلى عالقات ولغة تواصل جديدة‪.‬‬
‫قد ال تأتي هذه املراحل متتالية بهذا الشكل بالنسبة لكل األفراد‪ ،‬فإنهم‬
‫قد ال يتواجدون في ذات املرحلة في الوقت نفسه‪ ،‬ألن كل فرد يحتاج إلى‬
‫وقت معين للمرور باملراحل سابقة الذكر‪.‬‬
‫‪ .3‬مقاومة المقاومة ومداخل إدارتها‪:‬‬
‫إن التغيير حالة من عدم االتزان‪ ،‬إذ أنه حالة غير مألوفة وتحتاج إلى‬
‫إثبات لجدواها‪ ،‬وبما أن التغيير في معظم حاالته يبدو في مظهره إيجابيا‪،‬‬
‫إال أنه لدى األفراد شك دائم في نتائجه‪ ،‬وفي نوايا وقدرات قادته‪ ،‬لذلك‬
‫عليهم التحلي بالشفافية لكسب ثقة هؤالء‪ ،‬واتباع التدابير الالزمة‬
‫المتصاص املقاومة‪ ،‬أو تخفيفها‪ ،‬والتغلب عليها‪ ،‬وكسبها في صف التغيير‪.‬‬
‫قد تكون جهود التغلب على املقاومة عملية قبلية أو بعدية‪ ،‬واألجدى‬
‫أن تكون قبلية لتفادي حدوثها من خالل توقعها؛ وذلك بتحليل برنامج‬
‫التغيير واستنتاج الجوانب التي قد تشكل دافعا للمقاومة‪ ،‬ومن ثم تبني‬
‫الحلول املالئمة لتجنبها مسبقا وتحضير األفراد لتقبل التغيير والتحمس‬
‫له‪ .‬أما عملية مقاومة املقاومة البعدية‪ ،‬تعد األصعب من حيث احتواءها‬
‫إذ يصبح لألفراد انطباع سلبي يمثل تجاهلهم واستبعادهم عن عملية‬
‫التغيير‪ ،‬وفي كال الحالتين يتوجب تحديد العوامل املحددة ملقاومة املقاومة‬
‫لتحديد مداخل إدارتها‪.‬‬
‫‪ 1.3‬العوامل املحددة ملقاومة املقاومة‪:‬‬
‫إن أحد األسباب املعيقة للتغيير ضعف العالقات االجتماعية في‬
‫املؤسسة‪ ،‬لذلك فإن تعديل السلوك من أهم أسباب النجاح في عملية‬
‫‪320‬‬
‫التغيير‪ ،‬بدءا برسم صورة عن الثقافة التنظيمية التي يرغب فيها قادة‬
‫التغيير وفقا للنماذج الثقافية املتاحة والنتائج االستراتيجية املفترضة‪،‬‬
‫ومن ثم إقناع األفراد باالنصياع لها‪ ،‬وتكمن الصعوبة حينها إذا طلب منهم‬
‫تغيير سلوكهم تماما وليس تعديلها فقط‪.‬‬
‫على املديرين والقادة تحليل التغيير والتنبؤ بالنتائج املترتبة عليه‬
‫ملعالجة املقاومة الظاهرة ضده‪ ،‬إذ يقول لوين "إن املؤسسات تكون في‬
‫حالة توازن‪ ،‬وهي حالة الوضع الراهن‪ ،‬أين تتوازن قوى املعارضة مع قوى‬
‫الدفع فال يكون التغيير‪ ،‬ومن أجل إحداثه البد من خلق نوع من عدم‬
‫التوازن بين الطرفين‪ ،‬بدءا بخفض املعارضة أو إزالتها‪ ،‬مما يجعل العوامل‬
‫املؤيدة للتغيير تندفع أوتوماتيكيا إلى األمام‪ "،‬لذلك على القادة التركيز على‬
‫التدريب الالزم للتعرف على القوى املؤيدة واملعارضة‪ ،‬واتخاذ اإلجراءات‬
‫الالزمة إلدارة التوازن في االتجاه املطلوب‪ ،‬ولو أمكن تجميع القوى املؤيدة‬
‫واملعارضة في رؤية واحدة شاملة‪ ،‬لحصلنا على سلسلة من السلوك‬
‫املناسب إلدارة التغيير‪ ،‬ويعتمد هذا على‪:‬‬
‫‪ ‬مدى خبرة ونضج متخذ القرار اإلداري‪ ،‬ووعيه بأهمية التغيير‪،‬‬
‫فك لما كان ناضجا ومكتمل التكوين والشخصية‪ ،‬كلما كان معترفا ومتقبال‬
‫لضرورة التغيير‪ ،‬واستيعاب مطالبه وأسلوبه؛‬
‫‪ ‬حجم الضغوط التي تمارسها قوى التغيير‪ ،‬فإذا كان التغيير يمثل‬
‫مطالب جماعية‪ ،‬كانت قوة الضغط من أجل التغيير قوية‪ ،‬ومهيمنة على‬
‫فكر األفراد في مختلف املستويات اإلدارية‪ ،‬والعكس صحيح؛‬
‫‪ ‬املرحلة التي بلغها التغيير‪ ،‬فلكل منها طابعها الخاص ودرجة‬
‫استجابة خاصة‪ ،‬فكلما كانت املرحلة متقدمة‪ ،‬كانت االستجابة للتغيير‬
‫‪321‬‬
‫أفضل حيث تظهر معامله‪ ،‬وأهدافه وبعض نتائجه‪ ،‬أما إذا كان التغيير‬
‫مجرد فكرة أو أمل‪ ،‬فهو ال يلقى استجابة قوية نتيجة لغموض مالمحه‪.‬‬
‫‪ 2.3‬مداخل مقاومة املقاومة‪ :‬تختلف أساليب خفض مقاومة التغيير‬
‫وفق الظروف التي يتواجد فيها التغيير املقترح‪ ،‬ووفقا للمكونات الشخصية‬
‫ملروجي التغيير ومقاوميه‪ ،‬ومن أهم أساليب التقليل من املقاومة‪:‬‬
‫‪ ‬الشفافية وتوفير املعلومات عن املشكلة‪ ،‬والبدائل وطرق التدخل‬
‫وأثرها على تحسين األوضاع؛‬
‫‪ ‬مشاركة األفراد في التخطيط وتنفيذ عملية التغيير‪ ،‬ورفع‬
‫الحماس من خالل توفير حوافز للمنفذين؛‬
‫‪ ‬التعليم والتدريب على املهارات الالزمة للتغيير‪ ،‬وتحسين القدرة‬
‫التحليلية لدى األفراد؛‬
‫‪ ‬تفويض األفراد على أداء بعض مهام التغيير وتحميلهم وإشعارهم‬
‫باملسؤولية ومتابعتهم؛‬
‫‪ ‬املهارة القيادية لعملية التغيير‪ ،‬واالتصال بين املنفذين واملدراء؛‬
‫‪ ‬مساندة اإلدارة العليا من خالل تحديد الرؤية واألهداف والخطط‬
‫األساسية للتغيير‪ ،‬وتوفير الدعم املادي واملعنوي الالزمين‪ ،‬واإلشراف على‬
‫أنشطة التغيير ومتابعتها‪ ،‬وكذا التنسيق بين الوحدات املشتركة في التغيير‪،‬‬
‫وتعويض املتضررين ماديا أو معنويا‪.‬‬
‫باملقابل هناك بعض املمارسات يجب تفاديها وأهمها‪:‬‬
‫‪ ‬غياب التحسيس بأهمية التغيير وأن تكلفة عدم التغيير أكبر من‬
‫تكلفة إجرائه‪ ،‬وأنه أكبر من التفكير في عدم القيام به؛‬
‫‪ ‬التخطيط للتغيير وتنفيذه دون مساندة فريق عمل قريب من‬
‫‪322‬‬
‫اإلدارة‪ ،‬مما يضعف من إمكانية تقبله؛‬
‫‪ ‬عدم تقديم أهداف واضحة لبرنامج التغيير مما يضعف الحافز‬
‫للقيام به؛‬
‫‪ ‬إهمال دور االتصال في عملية التغيير‪ ،‬مما يعطي انطباع لألفراد‬
‫بالتهميش واالستبعاد؛‬
‫‪ ‬إهمال عوائق التغيير السيما تلك املتعلقة باألفراد املتضررين‬
‫منه‪ ،‬مما ينتج عداء قوي لهؤالء للتغيير‪.‬‬
‫‪ ‬التأخر في تقديم أو اإلعالم بالنتائج األولى للتغيير‪ ،‬بالرغم من‬
‫دورها في تهدئة املقاومة؛‬
‫‪ ‬عدم إدراج التغيير ضمن ثقافة املنظمة‪ ،‬وهذا أخطر خطأ إذ أنه‬
‫يصبح حبرا على ورق وال يتم تبنيه من طرف األفراد والعودة للممارسات‬
‫والسلوكيات القديمة‪.‬‬
‫قد يكون الدافع لتعاون األفراد مع التغيير ماديا أو ملزيد من االستمتاع‬
‫والرضا بالعمل أو والء للمدير أو خوفا من خسارة املنصب أو العتقادهم‬
‫أنه عملهم الذي يجب أن يقوموا به‪ ،‬وإن التعاون الفعال هو الذي يكون‬
‫بإرادة من األفراد وليس رد فعل أو إرغاما‪ ،‬حيث يدفعهم ذلك إلى التزامهم‬
‫ومسؤوليتهم عن النتائج‪ ،‬وبالتالي حماس مرتفع لتحقيق ذلك وهذا ما‬
‫يسمى بااللتزام الداخلي‪ ،‬حيث يصل الفرد إلى اإلحساس بأنه يلبي‬
‫احتياجاته الشخصية‪ ،‬متأثرا بقواه الخاصة‪ ،‬وليس تأثير قوى خارجية‬
‫تحثه على العمل‪.‬‬
‫إن الفرد عادة ال يقاوم التغيير من أجل املقاومة فحسب‪ ،‬بل بحثا‬
‫عن أمنه وبقاءه باملنظمة‪ ،‬وبالتالي ال بد من توضيح أثر التغيير على‬
‫‪323‬‬
‫املؤسسة واألفراد والجماعات‪ ،‬وتحديد الجوانب املستهدفة من طرفه وفي‬
‫أي وقت‪ ،‬ودرجة تأثر مختلف البنى به‪ ،‬إضافة إلى توضيح مختلف‬
‫تصنيفات العمال في مختلف املستويات اإلدارية‪ ،‬وتوضيح نشاطاتهم‬
‫الحالية واملنتظرة‪ ،‬وتحليل الجوانب التي يمسها التغيير من حيث الكفاءات‬
‫والتشغيل وأشكال التنظيم والسلوكيات‪ ،‬ليس من أجل خفض مقاومة‬
‫األفراد فحسب‪ ،‬بل لكسب تعاونهم في تحديد ما يجب فعله‪ ،‬وتقديم‬
‫اقتراحاتهم وتبادل الخبرات داخل فرق العمل وفيما بينها إلنجاح التغيير‪.‬‬
‫ثانيا أنماط القادة‪ ،‬وصفات قائد التغيير‪:‬‬
‫يحتاج القائد لتنفيذ التغيير إلى موافقة اآلخرين على أداء األشياء‬
‫بصورة مختلفة‪ ،‬وكثيرا ما يتساءل هذا األخير عن كيفية جعل األفراد‬
‫يفكرون بكيفية مختلفة بالنسبة لعملهم‪ ،‬وكيف يمكنه جعلهم يغيرون‬
‫كيفية أداءهم لعملهم‪ ،‬وتبني عمليات جديدة ونظم إدارية وتقنية معلومة‬
‫جديدة‪ ،‬وكيفية تغييره للعالقات بينهم "عمل الفريق‪ ،‬املشاركة في‬
‫املعلومات‪ ،‬وحل املشاكل‪ ،‬توفير الدعم لبعضهم"‪ .‬ومن أجل تحديد‬
‫صفات القائد املغير يجب أوال التعرف على أنماط القادة بصفة عامة‪،‬‬
‫ملعرفة أيها أنسب لقيادة التغيير‪.‬‬
‫‪.1‬أنماط القادة‪:‬‬
‫لقد أصبحت إدارة التغيير من أهم نقاط التركيز لدى مديري العصر‬
‫الحديث‪ ،‬إلدراكهم أن اإلعداد ملنظمة دائمة التغيير‪ ،‬أفضل من التخطيط‬
‫ملنظمة مستقرة تعتبر التغيير ظاهرة تلقائية تتحقق من خالل النمو‬
‫التدريجي لها‪ ،‬وألن شرارة التغيير عادة تبدأ من املدير نفسه‪ ،‬فهو مطالب‬
‫بتقييم قدراته ومهاراته ونقاط قوته وسلبياته‪ ،‬وفيما يلي األنماط املختلفة‬
‫‪324‬‬
‫ل لقادة التي تمكن املدير من معرفة أي نمط هو‪ ،‬وأي الخصائص يجب أن‬
‫يتميز بها ليصبح قائدا للتغيير‪.‬‬
‫‪ 1.1‬تصنيف القادة وفقا لدرجة االنفتاح‪:‬‬
‫يصنف القادة وفق هذا املعيار إلى تحفظي وتقدمي‪ ،‬نتيجة الختالف‬
‫القدرة على التفاعل ونوعية االتصاالت مع العالم الخارجي‪ ،‬وسيتم‬
‫توضيحهما فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬القائد التحفظي‪:‬‬
‫يتصف القائد التحفظي بمعرفة جيدة بظروف العمل الداخلية‪ ،‬وبعده‬
‫عن العالم الخارجي‪ ،‬حريص على االتجاهات التقليدية باملنظمة ومتأثر‬
‫بقيمها أكثر من تأثيره عليها‪.‬‬
‫ب‪ .‬القائد التقدمي‪ :‬يتصف النمط التقدمي بالتأثير الفعال باملنظمة‬
‫وفعالية اتصاالته بالعالم الخارجي وحسن استقباله لألفكار الخارجية‬
‫والتفاعل معها واالستفادة منها‪ ،‬ومن الواضح أن هذا النمط هو األكثر‬
‫قدرة على قيادة التغيير‪ ،‬نتيجة انفتاحه على العالم الخارجي وقبوله‬
‫للخوض في املجهول‪.‬‬
‫‪ 2.1‬تصنيف القادة وفقا لدرجة املهارة القيادية‪:‬‬
‫يقدم روبنسون تصنيفا آخر للقادة وفقا لدرجه مهارتهم في تولي القيادة‬
‫سيتم ذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬القائد املاهر‪ :‬يتصف هذا النمط من القادة بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬قلة انشغاله بتفاصيل املهام الروتينية لإلدارة‪ ،‬وتركيز اهتمامه‬
‫باملنتج والعميل‪ ،‬إال أنه محدود االتصال‪ ،‬وقليل االهتمام بتطوير فرق‬
‫العمل؛‬
‫‪325‬‬
‫‪ \ ‬يعتبر نفسه أحد أعضاء الفريق‪ ،‬ويتم االعتماد عليه في كل‬
‫أعمال املنظمة‪ ،‬مما يفيد جهود النمو املتوقعة في إدارة التغيير؛‬
‫‪ ‬يتم االعتماد عليه في أداء األعمال اإلدارية‪ ،‬وبالتالي عدم وجود‬
‫فريق حقيقي لإلدارة‪.‬‬
‫لعل الظاهر أن هذا النمط مالئم أكثر لقيادة التغيير‪ ،‬إال أن اعتماده‬
‫على نفسه في تنفيذ مختلف املهام‪ ،‬يضعف من كفاءة فرق العمل في تنفيذ‬
‫التغيير وتبني مبادئه‪.‬‬
‫ب‪ .‬القائد األسطوري‪:‬‬
‫من صفاته ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬يحرص على تطوير مهاراته في العمل‪ ،‬وتوسيع أفكاره ومشاركتها‬
‫مع اآلخرين‪ ،‬وتظهر مهاراته في أوقات األزمات‪ ،‬إذ ينظر إليه كبطل‬
‫أسطوري‪ ،‬ألنه يحتفظ باملهام الرئيسية الهامة لنفسه نظرا لعدم وجود‬
‫الكفاءات التي يمكنها التعامل مع مثل هذه املهام‪ ،‬كما أنه الوحيد الذي‬
‫يعرف مجريات األمور؛‬
‫‪ ‬يبادر بوضع اإلجراءات الروتينية لإلدارة بالرغم من انخفاض‬
‫مهارة األفراد‪ ،‬وال يولي الوقت الكافي للتفكير االستراتيجي‪ ،‬أو التعامل‬
‫الفعال مع التغيير‪ ،‬وال يهتم بتدريب األفراد على اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫مثل هذا القائد ال يمكنه قيادة التغيير بنجاح ألنه ال يحسن إعداد‬
‫األفراد ال لتقبل التغيير وال للقدرة على تنفيذه‪ ،‬كما ال يملك الوقت الكافي‬
‫للتفكير في عملية التغيير نظرا النشغاله باملهام الروتينية‪.‬‬
‫ت‪ .‬القائد الفضولي‪:‬‬
‫يتميز القائد الفضولي عن غيره من القادة بما يلي‪:‬‬
‫‪326‬‬
‫‪ ‬يعمل على رفع مستوى مهاراته اإلدارية‪ ،‬ويركز على تعديل النظم‬
‫اإلدارية‪ ،‬ومراقبة ومتابعة األفراد‪ ،‬ممن فوض إليهم بعض أعماله منعا‬
‫لحدوث األخطاء؛‬
‫‪ ‬يحرص على القراءة واالطالع لزيادة معرفته‪ ،‬مشكلته الرئيسية‬
‫إدارة األعمال الروتينية‪ ،‬وانشغاله بالتدخل في أعمال اآلخرين ومراقبتهم‪،‬‬
‫مما يحد من وضع استراتيجية تغيير فعالة‪.‬‬
‫ث‪ .‬النمط االستراتيجي‪:‬‬
‫من صفاته ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬قادر على رؤية املستقبل واملحافظة على استمرارية عملية التغيير‬
‫وتقدمها‪ ،‬وتحفيز وإعطاء الصالحيات الكاملة لألفراد‪ ،‬كما يحرص على‬
‫تطوير مستوى مهاراتهم وقدراتهم؛‬
‫‪ ‬يحرص على تخصيص وقت أكبر للتفكير االستراتيجي‪ ،‬مع‬
‫املتميزين من الفريق‪ ،‬دون إغفال دوره في املتابعة وحل املشكالت وتوجيه‬
‫األفراد‪.‬‬
‫يظهر جليا أن هذا النمط أكثر تجاوبا مع توجهات التغيير واحتياجاته‬
‫الهتمامه بالجوانب االستراتيجية دون إغفال الجوانب الروتينية‪ ،‬كما ال‬
‫تلهيه عملية صقل مهاراته عن تطوير وتنمية قدرات مرؤوسيه‪.‬‬
‫‪ .3‬صفات وأدوار ومهام قائد التغيير‪:‬‬
‫إن االهتمام بمختلف حيثيات الشخص الذي سيتولى قيادة التغيير لم‬
‫يأتي من فراغ‪ ،‬بل يعود للحساسية التي تكتنف العملية‪ ،‬السيما إذا تعلق‬
‫األمر بتغييرات جذرية واستراتيجية‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫‪ 1.3‬صفات قائد التغيير‪:‬‬
‫إن تولي القيادة أثناء التغيير ليس باألمر الهين‪ ،‬حيث يمثل حجر الزاوية‬
‫في فعالية مسار التغيير وبلوغ ما هو متوقع تجاه قضايا التغيير‪ ،‬إذ يحتاج‬
‫األمر إلى مهارات إدارية مختلفة وتحديات جديدة وجهود أكبر‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬من‬
‫يكون هذا القائد‪ ،‬هل هو املدير أو صاحب الفكر التغييري؟ فاملدير بدون‬
‫فكر تغييري ال يمكنه قيادة عملية التغيير‪ ،‬كما أن أصحاب الفكر التغييري‬
‫دون سلطة أو تفويض أو دعم الجهات ذات التأثير القوي في املنظمة‪ ،‬ال‬
‫يمكنهم املض ي قدما لتحقيق التغيير ومواجهة املقاومة‪.‬‬
‫تعرف القيادة التغييرية بأنها "عملية ديناميكية تعبر عن العالقة‬
‫التفاعلية بين القائد ومرؤوسيه أو تابعيه" حيث يمكن للقائد أن يؤثر في‬
‫سلوك مرؤوسيه تأثير إيجابيا إذا أدرك هؤالء كفاءته‪ ،‬كما تعرف بأنها‬
‫"قدرة الفرد في التأثير على األخرين وتوجيههم وإرشادهم‪ ،‬من أجل كسب‬
‫تعاونهم وحفزهم للعمل بدرجات كفاءة عالية لتحقيق األهداف‬
‫التنظيمية" ويقول ‪ jihim kotter‬وهو أستاذ إدارة التغيير في جامعة هارفارد‬
‫في كتابه "قيادة التغيير" في هذا الصدد أنه "ال غنى ألي منظمة عن وجود‬
‫القيادة واإلدارة‪ ،‬فوجود اإلدارة فقط يؤدي إلى وجود الجمود‪ ،‬وعدم‬
‫مسايرة التقدم‪ ،‬نظرا لتركيزه على التفاصيل دون النظر إلى الصورة‬
‫الكاملة‪ ،‬وإلى تجنب املخاطرة والتركيز على التخصص‪ ،‬والتمسك باللوائح‬
‫والقوانين‪ ،‬أما إذا توفر الجانب القيادي فقط‪ ،‬فيصبح التركيز على‬
‫الخطوط العريضة أو الصورة الشاملة دون االهتمام بالتفاصيل‪ ،‬ويسود‬
‫عدم االلتزام باملصادر املتاحة‪ ،‬وامليزانيات‪ ،‬والتركيز على تجنيد الطاقات‬
‫دون التقيد بقواعد الرقابة‪ ،‬مما يترتب عليه فرض التغيير دون مراعاة‬
‫املخاطر املحتملة"‪ .‬أي أن عملية التغيير تحتاج إلى مديرين ذوي صفات‬
‫‪328‬‬
‫قيادية‪ ،‬حيث يمكن تأهيل القائد إداريا والعكس غير صحيح‪ ،‬فالقادة‬
‫يغيرون الوضع الراهن واملدراء يعملون على إدارته‪ ،‬السيما وأن فكرة‬
‫التغيير قد تأتي من املستويات العليا أو الوسطى لإلدارة‪ ،‬فيحتاج املدير في‬
‫هذه املستويات لتحقيق فكرته إلى صفات قيادية تمكنه من فهم وصياغة‬
‫رؤية حول وجهة سير فريق التغيير‪ ،‬وإيجاد بيئة يتمكن فيها العاملون على‬
‫تجسيد الرؤية إلى واقع‪ ،‬كما يمكن أن تأتي فكرة التغيير من املستويات‬
‫الدنيا للتنظيم‪ ،‬أين يحتاج أصحاب الفكر التغييري‪ ،‬إلى سلطة وفكر‬
‫إداري‪.‬‬
‫لكل قائد رؤية خاصة وصفات تؤثر في وجدان وعواطف األفراد‪ ،‬وقدرة‬
‫على جعلهم يصغون إليه ويتقبلون آراءه‪ ،‬مما يمكنه من توجيههم نحو‬
‫التغيير وإقناعهم على تقبل أعباءه‪ ،‬ومن هذه الصفات‪:‬‬
‫أ‪.‬الزعامة الجماهيرية‪:‬‬
‫حيث يكون القائد أكثر األفراد إحساسا ومعايشة لظروف األفراد‬
‫وأحسن ممثل لهم‪ ،‬بالقدرة على التعبير عن مصالحهم وأمانيهم‬
‫وطموحاتهم‪.‬‬
‫ب‪ .‬الو اقعية‪:‬‬
‫أي االرتباط بالواقع‪ ،‬والظروف السائدة واإلمكانيات واملوارد‪ ،‬والقيود‬
‫والضوابط‪ ،‬واملحددات التي تضع أطر اجتماعية وسياسية واقتصادية‬
‫وثقافية على حركة قوى التغيير‪.‬‬
‫ت‪ .‬التواصل‪:‬‬
‫التواصل مع مجريات األحداث في الكيان اإلداري‪ ،‬واالتصال الدائم‬
‫باألفراد وانشغاالتهم‪.‬‬
‫كما على القائد أن يتصف بالصفات التالية‪:‬‬
‫‪329‬‬
‫ث‪ .‬املوضوعية‪:‬‬
‫أي قدرته على معرفة املتغيرات البيئية الخارجية والداخلية‪ ،‬وتحليلها‬
‫بشكل عقالني وقدرته على تحليل الوضع الراهن بموضوعية‪.‬‬
‫ج‪ .‬إدراك الذات‪ :‬القدرة على تقييم الذات وفقا آلراء اآلخرين‪ ،‬مما‬
‫يساعده في تقويم سلوكياته وممارساته‪.‬‬
‫ح‪ .‬الرؤية السليمة‪:‬‬
‫القدرة على إدراك حاجات السوق‪ ،‬وتكوين رؤية تتوافق مع حاجات‬
‫العمالء والعمال‪.‬‬
‫خ‪ .‬التقمص‪:‬‬
‫أي أن يضع القائد نفسه موضع املرؤوسين‪ ،‬ملعرفة حاجاتهم‬
‫واتجاهاتهم نحو العمل‪ ،‬واملنظمة وأهدافها ونحو زمالئهم‪ ،‬ونحو القيم‬
‫التنظيمية‪.‬‬
‫د‪ .‬التفكيراالبتكاري‪:‬‬
‫القدرة على التفكير بأسلوب ابتكاري من أجل إيجاد حلول ابتكارية‬
‫للمشكالت‪.‬‬
‫ذ‪ .‬ديناميكية األهداف‪:‬‬
‫يأتي املحك الرئيس ي للتعرف على قادة التغيير‪ ،‬من خالل املهام التي‬
‫يضطلعون بها‪ ،‬وقدراتهم املميزة إلدارة جهود التغيير‪ ،‬لتحقيق ديناميكية‬
‫األهداف على ضوء إنجازاتهم املشهود لهم بها‪ ،‬والقدرة على الحركة‬
‫السريعة‪ ،‬واألخذ بزمام املبادرة‪ ،‬ويمكن استعمال مدخل ديناميكية‬
‫األهداف لتحديد صفات قائد التغيير‪ ،‬حيث تتطلب هذه األخيرة البعد عن‬

‫‪330‬‬
‫الجوانب الجامدة ألبعاد السلطة‪ ،‬عند عرض وتطبيق أفكار التغيير‪ ،‬وفيما‬
‫يلي أهم مالمحها‪:‬‬
‫‪ ‬ترتيب األولويات في ضوء االعتبارات واملتغيرات القائمة‪ ،‬أثناء‬
‫وضع األهداف (في كافة الجوانب املوضوعية واإلجرائية التي قد تعيق سير‬
‫عمليات التغيير) فعندما تتغير األوضاع‪ ،‬تتغير األهداف؛‬
‫‪ ‬تحديد أهداف األداء العادي وأهداف األداء املتميز‪ ،‬من خالل‬
‫تشخيص ما يمكن اعتباره أداء متميز وأداء عادي‪ ،‬في ظل اإلمكانيات‬
‫املتاحة‪ ،‬كما يستدعي األمر ترجمة رقمية لتلك األهداف وجدولتها‬
‫لتصنيف املهام‪ ،‬مع الفصل في خطط مختلف األقسام‪ ،‬من أجل تحقيق‬
‫ديناميكية األهداف من عادية إلى متميزة؛‬
‫‪ ‬تجنب قادة التغيير الوقوع في خطأ افتراض أن األهداف تنصرف‬
‫إلى الوظيفة فقط وليس إلى املوظف أيضا‪ ،‬فإن صياغة األهداف تأخذ‬
‫بالحسبان خبرة األفراد‪ ،‬إذ يجب وضع أهداف متواضعة‪ ،‬تالئم إمكانيات‬
‫املوظف قليل الخبرة واملعرفة‪ ،‬إذ ال يمكن قياس األهداف العادية واملتميزة‬
‫بنفس املرجعية‪ ،‬مع األخذ بالحسبان اعتبارات اإلخفاق‪ ،‬السيما لألفراد‬
‫قليلي الخبرة؛‬
‫‪ ‬ضرورة التنسيق بين األهداف والتأكد من عدم التعارض فيما‬
‫بينها‪ ،‬سواء على مستوى الوظائف واألقسام‪ ،‬أو بين املستويات املختلفة‬
‫للتنظيم‪ ،‬باستخدام أساليب اتصال تضمن تدفق املعلومات من أسفل إلى‬
‫أعلى السلم الوظيفي‪ ،‬عند معالجة ومناقشة قضايا األهداف‪ ،‬أين يشارك‬
‫الجميع في النجاح واإلخفاق؛‬

‫‪331‬‬
‫‪ ‬است خدام أساليب كمية للتنبؤ ألغراض الرقابة ورصد‬
‫االنحرافات لتصحيحها‪ ،‬من خالل املقارنة بين مجريات عملية التغيير‬
‫بالتقديرات‪ ،‬والتعرف على أسبابها‪ ،‬فقد يكون موطن االنحراف في التطبيق‬
‫أو في التقدير مما يظهر أهمية التقييم؛‬
‫‪ ‬يجب أن تكون األهداف عادلة‪ ،‬ليس فقط من وجهة نظر السلطة‬
‫بل أيضا القائمين على تنفيذها‪ ،‬وينمي هذا االنطباع‪ ،‬مشاركتهم في وضعها‪،‬‬
‫حيث يتمسك الفرد أكثر باألهداف التي يشارك في وضعها؛‬
‫‪ ‬الديناميكية في عملية التفويض‪ ،‬حيث ال يكفي توزيع املهام من‬
‫منطلق ساكن‪ ،‬إذ يجب تعريف املرؤوسين على نصيبهم في املسؤولية‬
‫العامة‪ ،‬بالقياس إلى اآلخرين املساهمين معه في إنجاز الهدف‪ ،‬وتحسيسهم‬
‫باالستقاللية في إنجاز أهدافهم وتحفيزهم من خالل تحسيسهم بفعالية‬
‫دورهم في عملية التغيير وتشجيعهم على التقدم بمقترحات وأفكار قد تفيد‬
‫في حركية األهداف نحو األفضل؛‬
‫‪ ‬بعد تسطير األهداف‪ ،‬يقوم القائد بحل املشكالت الناجمة عن‬
‫تعارض آراءه مع آراء األفراد أو الناتجة عن كثرة األهداف الناتجة عن‬
‫تداخل األعمال‪ ،‬وذلك من خالل وضع أولويات لألهداف من أجل تخفيف‬
‫عبء األعمال على املوظفين‪ ،‬كما أن تحديد أهداف مثيرة وذات طابع‬
‫دافعي ومتحدية ومتفق عليها‪ ،‬مع تغذية عكسية منتظمة‪ ،‬يعد أسلوبا‬
‫ناجحا للتغيير؛‬
‫‪ ‬وضع األهداف موضع التنفيذ‪ ،‬مما يقلل انطباع الشك وعدم‬
‫الطمأنينة حول مصداقية هذه األهداف الناتج عن ندرة املعلومات الالزمة‬
‫لوضعها كونها أهداف جديدة الرتباطها بعملية التغيير‪.‬‬
‫‪332‬‬
‫إن املشاركة في وضع األهداف والغايات تتطلب بيئة مصممة لحل‬
‫املشك الت‪ ،‬ففي أوقات التغيير تصبح هذه األخيرة عرضة للتغيير املستمر‬
‫وينبغي أن تخضع للتقييم كل حين‪ ،‬وتبدأ عملية املشاركة في وضع األهداف‬
‫بتقييم الوضع الراهن‪ ،‬وتحليلها وتأكيدها من طرف القائد‪ ،‬ثم توضيح‬
‫األهداف بحيث يمكن تحقيقها‪ ،‬وتكون محددة ملا يراد إنجازه وقابلة‬
‫للقياس ومحددة زمنيا‪.‬‬
‫إن االلتزام بالهدف شرط ضروري لتحقيقه‪ ،‬ويتأتى هذا من خالل‬
‫مشاركة العاملين في تحديده واستخدام الحوافز والتدريب‪ ،‬وإدراك‬
‫شرعية سلطة املدير وإدراك أن األهداف عادلة ومعقولة‪.‬‬
‫يؤثر النجاح والفشل على سلوكيات األفراد‪ ،‬لذلك من األفضل تجنب‬
‫األهدا ف املشكوك في إمكانية تحقيقها‪ ،‬السيما في املراحل األولى للتغيير‬
‫تفاديا لإلحباط‪ ،‬فإذا نجح القائد في كل هذا سيتجه األفراد بحماس نحو‬
‫تحقيق األهداف املسطرة‪ ،‬بل قد يرسمون ألنفسهم أهدافا أشد تميزا‬
‫نتيجة اإلحساس باالنتماء للنظام واملشاركة في األداء املتكامل‪.‬‬
‫‪ 2.3‬أدوارومهام قائد التغيير‪:‬‬
‫إضافة إلى الصفات السابق ذكرها‪ ،‬هناك مجموعة من األدوار على‬
‫القائد التكفل بها‪ ،‬والجدول التالي يبين هذه األدوار القيادية وأساليب‬
‫تنفيذها‪.‬‬

‫‪333‬‬
‫األدوارالقيادية وأساليب تنفيذها‪.‬‬
‫أساليب تنفيذها‬ ‫األدوار القيادية‬
‫‪ -‬الــوص ـ ـ ـ ـ ــول إلــى أقصـ ـ ـ ـ ـ ــى أداء مــن خــالل‬ ‫الخبير‪ :‬يمتل ــك فهم ــا عميق ــا في‬
‫املثابرة واملعرفة‬ ‫مجال عمله وإدارته‪.‬‬
‫املكتسـ ـ ـ ــبة في حقل التخصـ ـ ـ ــص‪ ،‬ومتابعة‬
‫التطورات التكنولوجية‪.‬‬
‫‪ -‬التقليــل من األعمــال الكتــابيــة‪ ،‬وتحــديــد‬ ‫املنظم‪ :‬التــأكيــد على اتسـ ـ ـ ـ ــابيــة‬
‫األنظمة والقيم‬ ‫العمليات في الوحدات‬
‫والقواعـ ــد الالزمـ ــة لضـ ـ ـ ـ ـمـ ــان الس ـ ـ ـ ــيطرة‬ ‫واألقسام والتنسيق بينها‪.‬‬
‫والرقابة على النشاطات‪.‬‬
‫‪ -‬إن نجـاح القـائـد ينبع من نجـاح العـاملين‬ ‫رجل العالقات اإلنســانية‪ :‬همه‬
‫وقدراتهم‬ ‫وتركيزه األول تلبية‬
‫وإش ـ ـ ـ ــراكهم في تحم ــل املس ـ ـ ـ ــؤولي ــة وخلق‬ ‫اح ـ ـ ـت ـ ـ ـيـ ـ ــاجـ ـ ــات ال ـ ـ ـعـ ـ ــام ـ ـ ـل ـ ـ ـيـ ـ ــن‬
‫مناخ تنظيمي منفتح‪.‬‬ ‫وتطويرهم‪.‬‬
‫‪ -‬دراس ـ ـ ـ ـ ـ ــة البيئـ ــة الخـ ــارجيـ ــة والـ ــداخليـ ــة‬ ‫التخطيط االســتراتيجي‪ :‬الرؤية‬
‫وتجديد رسالة املنظمة‬ ‫املستقبلية طويلة األمد‪.‬‬
‫على ض ـ ـ ـ ــوء الفرو والته ــدي ــدات ونق ــاط‬
‫القوة والضعف‪.‬‬
‫‪ -‬ال ـت ـرك ـيــز ع ـلــى امل ـب ـ ــادرات والــنشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاط ـ ــات‬ ‫وكيــل تغيير‪ :‬يسـ ـ ـ ــتخــدم التغيير‬
‫الجديدة؛‬
‫كمفتاح للتطوير والتقدم‪.‬‬
‫‪ -‬قيادة التغيير وتشجيع توليد األفكار‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫يوضح الجدول أعاله أنه على قائد التغيير‪ ،‬اإلدراك السليم للتغيير‬
‫واإلطار الضمني له‪ ،‬واتجاهات العاملين تجاهه ودوافعهم لذلك‪ ،‬كما عليه‬
‫طرح األسئلة حول مدى استعداد املنظمة للتغيير‪ ،‬ما هي ثقافة املنظمة‬
‫ومن هم جمهور التغيير‪ ،‬كما عليه أن يكون مبادرا في تكوين رؤية واضحة‬
‫مستقبلية‪ ،‬ووضع خطة عمل واالتصال الدائم بالعاملين وإقناعهم بأفكار‬
‫التغيير‪ ،‬وأن يكون قدوة في تصرفاته وتفكيره‪.‬‬
‫إن التحدي الحقيقي لقائد التغيير هو التقليل أقص ى ما يمكن من‬
‫مقاومة التغيير‪ ،‬ولعل أحد األساليب الناجحة في ذلك هو تكوين فريق‬
‫داعم ومساند للتغيير يعمل جنبا بجنب مع القائد‪ ،‬حيث يكون عناصر‬
‫الفريق أسوة لباقي العمال مما يمكن من جذب هؤالء لتقبل التغيير ثم‬
‫مساندته‪ ،‬من خالل احتكاكهم ببعض ونقل أهداف التغيير وحيثياته‬
‫باللغة التي يفهمها هؤالء بحكم تقاربهم الوظيفي واإلداري‪.‬‬
‫إن أولى وأهم مهام قائد التغيير هي توفير املوارد التي يحتاجها التغيير‬
‫وتحقيق التوازن طيلة فترة التغيير‪ ،‬باعتبارها فترة انتقالية تجتمع فيها‬
‫السلوكيات القديمة ومحاولة إرساء السلوكيات الجديدة‪ ،‬كما أن هناك‬
‫مجموعة من املهام التي يجب أن يقوم بها القائد القائم بالتغيير وأهمها‪:‬‬
‫‪ ‬التزود باملهارات الفعالة التي تمكنه من مواجهة التغيير والتأقلم‬
‫معه وقبوله وكذا التزود باملعلومات واملعارف الالزم توفرها عند إحداثه؛‬
‫‪ ‬إدراك أهمية الزمن إلحداث التغيير في وقته مجاراة لسرعة‬
‫التغير‪ ،‬ومن أجل عدم ذهاب الفائدة منه؛‬
‫‪ ‬إدراك أهمية املورد البشري السيما األفراد املعنيين بالتغيير‪.‬‬
‫‪335‬‬
‫‪ ‬اإلدارة الواعية للتكاليف دون التأثير السلبي على جودة منتجات‬
‫املنظمة وخدماتها؛‬
‫‪ ‬املعرفة اإلدارية والقيادية واإلملام بالنظريات الحديثة لإلدارة‪،‬‬
‫والقدرة على التنسيق بين مختلف األعمال بفعالية وكفاءة‪ ،‬كما أن توفر‬
‫الرغبة وحب املهنة أمر ضروري لتحقيق الدافعية املطلوبة في قيادة‬
‫التغيير؛‬
‫‪ ‬بعد النظر‪ ،‬إذ ال يكون التغيير من أجل التغيير أو تقليدا فحسب‪،‬‬
‫فالنظرة السطحية للتغيير تفقده الهدف منه‪ ،‬فالقائد االستراتيجي هو‬
‫الذي يضع معايير عالية‪ ،‬ويعمل على تحقيقها‪ ،‬بحيث يكون لديه القدرة‬
‫على‪:‬‬
‫‪ ‬التأثير على اآلخرين والحفاظ على العالقة التفاعلية معهم والعمل‬
‫بمبدأ التمكين وتشجيع العمل الجماعي؛‬
‫‪ ‬وضوح الرؤية والتعلم والتطوير املستمرين وتقوية الذات والقيام‬
‫باملخاطرات املحسوبة؛‬
‫‪ ‬الذكاء في التعامل مع الظروف املختلفة وتوفر مهارات إدراكية‬
‫كالتحليل املنطقي واالستنتاج العلمي؛‬
‫‪ ‬ضرورة تعلم واستخدام املهارات التكنولوجية وتلقينها لألفراد ال‬
‫سيما تكنولوجيا املعلومات؛‬
‫‪ ‬صياغة التوجه من خالل القيادة باملثال العملي؛‬
‫إضافة إلى ما سبق من الضروري أن يقوم قائد التغيير باملهام التالية‪:‬‬
‫‪ ‬التكيف مع متطلبات التغيير‪ ،‬إذ عليه أن يكون مرنا في مواجهة‬
‫املواقف املستعصية والغامضة‪ ،‬بتفتحه وتقبله لوجهات نظر مرؤوسيه‬
‫‪336‬‬
‫ورؤية املواقف من عدة زوايا‪ ،‬حيث يهتم بمتطلبات املوقف أكثر من‬
‫سلطته الرسمية ويعمل بروح الفريق ويدير باملشاركة؛‬
‫‪ ‬أن يؤمن بتعدد األساليب ملعالجة موقف واحد‪ ،‬وأال يتصف‬
‫بقصر النظر ومحدودية التفكير السيما في املستويات العليا للتنظيم‪،‬‬
‫حيث القرارات استراتيجية وهامة؛‬
‫‪ ‬لقد ارتبطت القيادة في اإلدارة الحديثة بالتغيير االبتكاري‪ ،‬السيما‬
‫بعد التسارع التكنولوجي والتنظيمي الحاصل‪ ،‬أين أصبحت فاعلية القائد‬
‫تتوقف على فاعليته في إدارة التغيير بأسلوب ابتكاري‪ ،‬كتغيير أساليب‬
‫اإلدارة بما يخدم أغراض االبتكار‪ ،‬مما يتطلب القدرة على وضع‬
‫استراتيجية تغيير ابتكارية لتحقيقه بكفاءة‪.‬‬
‫يتم اختيار قائد مشروع التغيير على أساس مجال التغيير‪ ،‬والكفاءات‬
‫الرئيسية والتكميلية التي يمتلكها في هذا الصدد‪ ،‬ومدى االنضباط‬
‫والتواجد واإلرادة القوية في تقلد املسئولية والتعهد بتحقيق األهداف‪،‬‬
‫ودرجة التحدي في مواجهة تعقيدات املهام املوكلة إليه‪ ،‬والقدرة على‬
‫تحديد األهداف وتوفير مستلزمات تحقيقها‪.‬‬
‫يجب على القائد تحديد األدوار الالزمة إلنجاح جهود التغيير‪ ،‬والحرص‬
‫على إحداث االنسجام والتالؤم بين األدوار واالستعدادات واملهارات‬
‫الشخصية‪ ،‬وبين مجموعة أدوار الجماعة واستعدادهم ومهاراتهم‪،‬‬
‫لتحقيق التفاعل والتكامل في إحداث التغيير‪ ،‬ويحتاج هذا إلى وجود‬
‫اتصال مفتوح وفعال مع أفراد الفريق للتنسيق بين جهودهم‪.‬‬
‫إضافة إلى بعض املهام التي يجب على القائد القيام بها وهي‪:‬‬

‫‪337‬‬
‫‪ ‬تنمية قدراته في الحكم على الظواهر من أجل القدرة على‬
‫استنباط العوامل الحرجة في تحليله للمضمون املؤسس ي واتخاذ القرارات‬
‫الصحيحة؛‬
‫‪ ‬تنمية قدراته التحليلية كتحليل الثقافة السائدة وقدرات األفراد‬
‫ومداخل تحفيزهم‪ ،‬فبدونها يلجأ القائد إلى الوصفات الجاهزة للتغيير دون‬
‫معرفة جدواها؛‬
‫‪ ‬تنمية قدرته على تسيير التعقيد والقدرة على التأثير في الغير‪ ،‬وكذا‬
‫قدرته على التنفيذ‪ ،‬حيث قد يتحول برنامج التغيير إلى مجرد عملية‬
‫تخطيط بسيطة ال تهاجم واقع التغيير باملنظمة؛‬
‫‪ ‬املعرفة والوعي بالذات‪ ،‬أي معرفة القائد لقدراته على الحكم على‬
‫خبراته واختياراته‪ ،‬حيث يترك القائد عادة ‪ -‬ومن غير وعي منه‪ -‬فلسفته‬
‫الشخصية تؤثر على مسار التغيير‪ ،‬بحيث ال تتماش ى غالبا التدخالت التي‬
‫يختارها مع املضمون الحقيقي لبرنامج التغيير واحتياجاته‪.‬‬
‫إن التحدي الحقيقي لقائد التغيير هو تحقيق االلتزام الحقيقي لألفراد‬
‫لتحقيق أهداف التغيير‪ ،‬ولعل ذلك ال يتأتى إال من وجود ثقة متبادلة بين‬
‫القائد واألفراد والقائمة أساسا على مصداقية الوعود املعلنة والضمنية‪.‬‬
‫في بداية عملية التغيير تبدو األمور مبهمة‪ ،‬إذ يحتاج خاللها قائد التغيير‬
‫إلى قدراته ومهاراته في قيادة التغيير‪ .‬إذ عليه أن يكون القدوة في سلوكياته‬
‫اإلدارية عند ممارسة التغيير مما يستوجب إعداد القيادات املغيرة‪ ،‬إذ أن‬
‫التغيير اإليجابي يستدعي نوعا جديدا من القادة‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫مما سبق يتضح أن قائد التغيير يجب أن يتقلد األدوار املختلفة‬
‫واملتكاملة من تنظيم وتخطيط استراتيجي وعالقات إنسانية مما يخول له‬
‫القدرة على القيادة املتكاملة ملختلف جوانب عملية التغيير‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬عوامل النجاح الحرجة في قيادة التغيير‪:‬‬
‫يقوم نجاح التغيير على طريقة إحداثه‪ ،‬وإن فشل محاوالت التغيير ال‬
‫تكمن دائما في الخطأ في اختيار نوع التغيير وإنما لغياب العناية الالزمة‬
‫بإعداد األرضية املالئمة التي يتم عليها‪ ،‬فإن النجاح في التغيير يكمن في‬
‫التفكير في كيفية إدراجه أكثر من برنامج التغيير نفسه‪ ،‬إذ ال بد من‬
‫اإلعداد القبلي ألرضية التغيير سواء من الناحية النظامية واإلجرائية أو‬
‫السلوكية‪ ،‬وفيما يلي أهم عوامل النجاح الحرجة لقيادة التغيير‪.‬‬
‫‪ . 1‬تطوير رؤية جديدة وتحديد الحاجة للتغيير‪:‬‬
‫إن أي برنامج تغييري يقوم أساسا على رؤية جديدة يصبو إلى تحقيقها‪،‬‬
‫كما تحركه الحاجة إلى االنتقال من وضع راهن مرفوض إلى وضع مستقبلي‬
‫مرغوب‪ ،‬وكالهما أي الرؤية والحاجة‪ ،‬تحركها محددات تصبو إلى إنجاح‬
‫مشروع التغيير‪ ،‬وسيتم توضيحه الحقا‪.‬‬
‫‪ 1.1‬تطويررؤية جديدة‪:‬‬
‫يقول بورتر "إذا لم تكن هناك رؤية مناسبة فإن الجهود التي نبذلها‬
‫للتغيير يمكن أن تتحول بسرعة إلى مجموعة من املشاريع غير املتوائمة‬
‫والتي تستنفذ الوقت‪ ،‬مما يجعل الجهود تسير في االتجاه الخاطئ أو دون‬
‫اتجاه محدد على اإلطالق" ولعل املنظمات التي تواجه صعوبة في تطوير‬
‫منظور جدي لها كونها غير قادرة على رؤية افتراضاتها الخاصة‪ ،‬وهو السبب‬
‫الرئيس ي في عدم تقبل معظمها للتغيير‪ .‬كما أن العديد من القادة يصرفون‬
‫‪339‬‬
‫الكثير من الوقت في التخطيط االستراتيجي ملستقبل املنظمة‪ ،‬إال أن‬
‫النتيجة كثيرا ما تكون غير مرضية‪ ،‬ولعل السبب ال يكمن في عدم كفاءة‬
‫القائد في عملية التخطيط وال لعدم كفاية املوارد بقدر ماهي مشكلة رؤية‬
‫غير محددة املعالم واألهداف‪.‬‬
‫ال يقصد بالرؤية مجموعة الشعارات البراقة "كالعناية بالعميل‪،‬‬
‫وتحسين الخدمة" دون الفهم الصحيح والتام ملا يراد فعله‪ ،‬وال يقصد بها‬
‫االستجابة لألساليب الحديثة لإلدارة‪ ،‬أو للضغوط التنافسية قصيرة‬
‫األجل‪ ،‬دون الوعي الكافي للغاية منها‪ ،‬وإن كان األمر كذلك‪ ،‬فال جدوى من‬
‫التغيير‪ ،‬والبقاء على الحالة القائمة والوضع الراهن أفضل‪ ،‬فمن‬
‫الضروري أن تعبر الرؤية املستقبلية‪ ،‬عن عملية التغيير املطلوب‪ ،‬إذ أنها‬
‫تحفز أكثر للعملية‪ ،‬وإن الرؤية الجيدة يجب أن تعكس أمرين أساسيين‬
‫هما‪:‬‬
‫أ‪ .‬الحافز‪ :‬يجب أن تمكن الرؤية من حفز األفراد وزيادة طاقتهم‬
‫ونشاطهم‪ ،‬إذ تتصف بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الجاذبية‪ :‬حيث تثير انتباه واهتمام األفراد حين سماعها‪.‬‬
‫‪ ‬سهولة الفهم‪ :‬أي من السهل استيعابها وفهم املقصود منها‪.‬‬
‫‪ ‬املنظورالواعد‪ :‬حيث تعبر عن صورة جديدة وواعدة للمستقبل؛‬
‫‪ ‬األصالة‪ :‬حيث يجب أن تكون جديدة في مضمونها‪.‬‬
‫‪ ‬الصدق‪ :‬بحيث تتصف بالصراحة‪ ،‬واالستجابة قدر اإلمكان‬
‫للمناخ والثقافة السائدة باملنظمة‪.‬‬
‫من مثبطات التغيير وأسباب فشله غياب الحافز الكافي إن كان لدى‬
‫األفراد أو القادة مما يضعف القدرة على التحدي ووضع رؤى طموحة‪،‬‬
‫‪340‬‬
‫مما يجعل وضعية املنظمة بعد التغيير مماثلة لوضعيتها قبله‪.‬‬
‫ب‪ .‬التوجيه‪ :‬يجب أن تتضمن الرؤية توجيها وترجمة ملا يجب فعله‬
‫لتحويلها إلى حقيقة فعلية بحيث تكون‪:‬‬
‫‪ ‬عملية‪ :‬أي اتفاقها ومالءمتها مع املمارسات اليومية‪.‬‬
‫‪ ‬مستقرة‪ :‬أي قدرتها على االستمرار لفترة طويلة دون تغييرها‪.‬‬
‫‪ ‬و اقعية‪ :‬أي أن تكون مضمونة وغير مبالغ فيها‪ ،‬وقابلة للتحقيق‪.‬‬
‫‪ ‬هادفة‪ :‬أي وجود غاية محددة تسعى إليها‪.‬‬
‫إذن املؤسسات التي تملك رؤية هي تلك التي لديها إحساس وإدراك قوي‬
‫بما تقبل عليه‪ ،‬إال أن الجانب السلبي في هذه الثقافة هو أن املؤسسة التي‬
‫لديها إيمان قوي بهدفها فهي تستبعد ذوي الفكر املختلف‪ ،‬وهنا تبرز‬
‫ضرورة تطوير الرؤية‪ ،‬إذ من املهم جدا أن يكون القائد داعما لفكرة‬
‫التطوير هذه‪ ،‬وأن يحمل ثقافة اإلبداع ويؤمن بها‪ ،‬حيث تصبح عملية‬
‫التبني سهلة‪ ،‬كما تظهر ضرورة املشاركة في تقييم الرؤية الجديدة‬
‫والتخطيط لبلوغها‪ ،‬لتفادي االنطالق في تنفيذ إبداع غير فعال ما من‬
‫شأنه تعريض املؤسسة ملخاطر كبيرة من حيث عدم تقبل السوق لإلبداع‬
‫الجديد‪ ،‬أو مقاومة شديدة من طرف العاملين باملنظمة‪.‬‬
‫ن الغرض من مشاركة األفراد في تطوير الرؤية الجديدة‪ ،‬ليس خفض‬
‫املقاومة فحسب‪ ،‬إنما أيضا ملعرفة املهارات التي يحتاجها كل منهم‬
‫لتحقيقها‪ ،‬فإن إشراك العاملين في وضع فرضيات حول املستقبل املرغوب‬
‫باستخدام أساليب توليد األفكار وتبادلها والبحث عن توجهات التغيير‬
‫واملشاركة في وضع البدائل اإلضافية للمستقبليخفض من الفرضيات غير‬
‫املالئمة حول مستقبل املنظمة بعد التغيير‪ ،‬إضافة إلى توسيع مجال‬
‫‪341‬‬
‫اإلدراك لدى املشاركين‪ ،‬ويجعل العاملين يدركون حقيقة أنهم يلعبون دورا‬
‫هاما في تشكيل مستقبلهم وتحديد الوجهة التي يتجهون إليها‪ ،‬كما يتم‬
‫توضيح القيم الجديدة التي ستحل محل القديمة‪ ،‬وتوضيح الفرق بينهما‪،‬‬
‫وما ستؤول إليه املنظمة بعد ذلك‪.‬‬
‫يتم تطوير الرؤية من خالل إيجاد وتحديد الحاجة للتغيير‪ ،‬وتحليل‬
‫وضعية املنظمة حيال بدائل التغيير الختيار االستراتيجية األنسب‪.‬‬
‫‪ 2.1‬إيجاد الحاجة للتغيير‪:‬‬
‫يرى ميشال وروسال أن أول خطوة للنجاح في أي مجهود فعلي للتغيير‬
‫يبدأ بتحديد دقيق وواضح ملشكالت املنظمة التي تعبر عن الحاجة للتغيير‪،‬‬
‫ويتم ذلك من خالل تشخيص مشترك لوضع املنظمة الراهن‪ ،‬ونقاط‬
‫ضعفها وأسباب تراجعها‪ ،‬والعوامل التي خلقت الفجوة بينها وبين باقي‬
‫املنظمات املشابهة واملنافسة‪ ،‬وقد أجمع املؤلفون‪ ،‬أن الوقوف على‬
‫الطريق الصحيح للتغيير يبدأ‪ ،‬من اختالق أزمة رهيبة‪ ،‬تسبب رعبا كبيرا‬
‫لدى معظم األفراد‪ ،‬تجعلهم يطلبون التغيير وينادون به بأنفسهم‪.‬‬
‫يمكن للقائد أن يقوم بتحسيس األفراد للحاجة للتغيير من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬نشر الوعي بأن التغيير قضية ال مفر منها‪ ،‬وأنه عملية استشراف‬
‫للمستقبل وتحويل املنظمة من وضع س يء إلى ما هو أفضل؛‬
‫‪ ‬إبراز مصادر التغيير وتشخيص املشاكل التنظيمية بأسلوب‬
‫علمي؛‬
‫‪ ‬إعطاء أمثلة عن تجارب ناجحة ملنظمات مشابهة أو منافسة‪،‬‬
‫وتوضيح الفجوة بينها وبين هذه األخيرة؛‬

‫‪342‬‬
‫‪ ‬توليد قيم الرغبة في التغيير‪ ،‬واالبتكار والتجديد لدى األفراد‪ ،‬من‬
‫خالل الحوافز اإليجابية‪.‬‬
‫لعل أهم مداخل تحديد الحاجة للتغيير‪ ،‬هي مساهمة األفراد في تقديم‬
‫تشخيص كامل ملجاالت األداء الضعيف باملنظمة‪ ،‬وتشخيص عام‬
‫ملشاكلها‪ ،‬مما يجعلهم يقرون بالحاجة إلى تغيير الوضع الراهن‪ ،‬بل‬
‫ويقترحون الحلول املناسبة لذلك‪.‬‬
‫‪ .3.1‬تحليل الوضعية‪:‬‬
‫يتوقف التغيير الناجح على مدى قدرة قائد التغيير على تحليل وضعية‬
‫املنظمة وأخذها بالحسبان في إدراج التغيير‪ ،‬إذ من الخطير االعتماد الكلي‬
‫على الوصفات الجاهزة أو الخبرات السابقة الداخلية أو الخارجية‪ ،‬وهذا‬
‫ال يعني عدم جدوى هذه األخيرة‪ ،‬مما يبين ضرورة التطرق إلى كيفية تحليل‬
‫مميزات وضعية املنظمة محل التغيير‪ ،‬والتي يمكن حصرها في النقاط‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ‪ .‬فترة التغييرومداه ودرجة االستقرار‪:‬‬
‫ال بد من تحديد فترة التغيير ومداه لتحديد نمط التغيير الالزم‪.‬‬
‫‪ ‬فترة التغيير‪:‬‬
‫تلعب الفترة املتاحة لتنفيذ التغيير دورا هاما في اختيار املدخل املناسب‬
‫لذلك‪ ،‬ففي فترات األزمات يكون املدخل املناسب هو التغيير املوجه من‬
‫طرف اإلدارة العليا‪ ،‬إال أنه في هذه الحالة تكون الحلول سطحية وظاهرية‬
‫ومؤقتة وال تمس مشاكل األداء الحقيقية‪ ،‬وفي أول فرصة تتاح فيها املوارد‬
‫الالزمة‪ ،‬تشرع املنظمة في عملية تغيير أساسية وعميقة وطويلة املدى‪،‬‬
‫بالرغم من ذلك لألزمة إيجابيات‪ ،‬إذ تجعل األفراد أقل مقاومة إذ يقبلون‬
‫‪343‬‬
‫وسائل تغيير كانت مرفوضة سابقا‪ ،‬أما في األوقات العادية والوقت متاح‪،‬‬
‫فالقائد يختار املداخل التدريجية للتغيير بدءا بتهيئة األفراد ماديا ومعنويا‬
‫لتقبل التغيير والقدرة على تنفيذه‪ ،‬ثم االنتقال إلى التغييرات األساسية‪،‬‬
‫وتتم املفاضلة بين عدة مداخل حسب درجة الوعي املكتسبة في املرحلة‬
‫السابقة‪ ،‬فإذا كان الوعي ضعيفا تولت اإلدارة العليا توجيه عملية التغيير‪،‬‬
‫ويكون املدخل تشاركيا في حالة العكس‪ ،‬كما تتمكن املنظمة من تعديل‬
‫نظام القيم والسلوكيات في حالة التغيير الجذري‪.‬‬
‫مهما كانت ظروف املنظمة أثناء التغيير‪ ،‬يجب منح حد أدنى من الوقت‬
‫إلعطاء الفرصة للمسيرين واألفراد على حد سواء لتعلم املمارسات‬
‫التسييرية والتشغيلية الجديدة‪ ،‬تفاديا لحاالت اإلحباط املمكنة الناتجة‬
‫عن عدم التأقلم مع الوضع الجديد‪ ،‬كما أنه من الضروري اختيار الوقت‬
‫املناسب للتغيير‪ ،‬أو باألحرى الوقت الذي تحتاج فيه املنظمة للتغيير‪.‬‬
‫‪ ‬مدى التغيير‪ :‬على قائد التغيير قياس مدى التغيير انطالقا من‬
‫بعدين هما‪:‬‬
‫‪ ‬عمق التغيير‪ ،‬بدءا بالتغييرات السطحية ونهاية بالتغيير الجذري؛‬
‫‪ ‬سعة التغيير‪ ،‬إذ قد يمس التغيير جزءا من املنظمة أو كلها‪.‬‬
‫انطالقا من البعدين يمكن للقائد تحديد درجة التغيير الالزمة‪ ،‬أي‬
‫مدى إمكانية إدراج التغيير ضمن النموذج الحالي من روتينيات وقيم‬
‫وغيرها أم يجب تغيير النموذج جذريا‪ ،‬وذلك من خالل مقارنة نظام القيم‬
‫ال حالي مع ذلك الذي يفرضه التغيير‪ ،‬حيث كلما كان التغيير عميقا وكبيرا‬
‫كلما كانت إدارته أكثر صعوبة‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫‪ ‬درجة االستقراروالتحفظ‪ :‬أي درجة الرغبة في اإلبقاء على الحالة‬
‫القائمة‪ ،‬وتحدد هذه األخيرة الجزء من رأسمال املنظمة املادي واملعنوي‬
‫املراد إبقاءه حفاظا على وحدة املنظمة واستقرارها‪ ،‬من خالل املفاضلة بين‬
‫ما تقدمه الحالة القائمة وما يقدمه التغيير‪ ،‬كما يجب تحديد درجة‬
‫التحفظ التي يفرضها التغيير نفسه‪ ،‬فاملعارف التي تقدم ميزة تنافسية‪،‬‬
‫ومختلف املفاهيم الثقافية كروح الفريق وااللتزام الفردي والجماعي‬
‫والوالء للقائد‪ ،‬يجب الحفاظ عليها‪ ،‬والحرص على عدم فقدها أثناء تنفيذ‬
‫التغيير‪ ،‬كما أن درجة التحفظ تحدد مدى التغيير الالزم إدراجه‪ ،‬واملدخل‬
‫املالئم لذلك‪ ،‬فالرغبة في اإلبقاء على موظفين متخصصين ومتميزين‬
‫ومطلوبين في سوق العمل‪ ،‬تدفع القائد إلى اختيار املدخل التشاركي في إدارة‬
‫التغيير‪ ،‬كما أنه من الصعب تغيير نظام القيم لدى هؤالء نتيجة‬
‫لالستقاللية التي يتمتعون بها‪.‬‬
‫إن درجة من التنسيق والترابط والتوازن يجب أن يوفرها التغيير املزمع‬
‫إجراءه بين كل من االستراتيجية والتنظيم والبيئة الخارجية‪ ،‬مما يحقق‬
‫التوافق بين مفهومي التغيير واالستقرار في املنظمة إذ تحتاج املنظمات إلى‬
‫التغيير لتتكيف مع البيئة كما تحتاج لالستقرار من أجل تنفيذ استراتيجية‬
‫التغيير املختارة‪.‬‬
‫ب‪ .‬درجة التنوع ومستوى القدرات والوسائل املتاحة للتغيير‪ :‬بالرغم‬
‫من أن أحد مبادئ التغيير لدى املؤسسات الرائدة في مجال األعمال تجاوز‬
‫اإلمكانيات والقدرات من أجل التخطيط لبرنامج تغيير أكثر طموحا وإبداعا‬
‫بحثا عن التميز ومن ثم البحث على كيفية توفير هذه اإلمكانيات‪ ،‬إال أن‬
‫ذلك يجب أن يتم في حدود غير مبالغ فيها حيث يصطدم التغيير بعوائق‬
‫‪345‬‬
‫عدم توفر اإلمكانيات والقدرات لتنفيذه‪ ،‬كما أنه من الضروري مراعاة‬
‫درجة التنوع في مشاريع التغيير بحيث تكون في حدود القدرة على التحكم‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪ ‬درجة التنوع‪:‬‬
‫يفترض العديد من املنظرين ضرورة تجانس املنظمة في مختلف‬
‫جوانبها‪ ،‬إال أنه أحيانا تفقد هذا التجانس بسبب التنوع املوجود في مختلف‬
‫مجاالتها‪ ،‬وكذا درجة التنوع التي يريدها القائد في برنامج التغيير نفسه‪ ،‬أي‬
‫تنوع مشاريع التغيير في مختلف الفروع واألقسام والوحدات‪ ،‬والتي يشترط‬
‫التنسيق بينها‪ ،‬مما يؤثر على تنفيذ التغيير‪ ،‬فكلما كان التنوع في الثقافات‬
‫والعقليات‪ ،‬كلما كانت صعوبة في إدراج تغيير مشترك وموحد‪ ،‬وعموما فإن‬
‫الرؤية العامة واحدة ويكمن التنوع في كيفية تحقيقها‪.‬‬
‫‪ ‬مستوى القدرات باملنظمة‪:‬‬
‫إن القدرات املطلوبة إلدراج تغيير في بيئة مستقرة ليست نفسها‬
‫القدرات املطلوبة في بيئة متغيرة باستمرار‪ ،‬ومن أجل تقييم قدرات املنظمة‬
‫للتغيير نميز بين نوعين‪:‬‬
‫‪ ‬القدرات الفردية‪ ،‬وتتنوع إلى قدرات استعدادية وأخرى إجرائية‪،‬‬
‫إذ على القائد معرفة مدى مرونة األفراد في تلقي التأهيل الالزم والسلوكيات‬
‫الجديدة‪ ،‬فكلما كانت هذه األخيرة كبيرة كانت إمكانية التغيير أكبر‪ ،‬حيث‬
‫تحتاج املنظمة إلى أفراد مستعدين للتطوير والتنوع إذ يكون هؤالء أقل‬
‫مقاومة لتغيير أنفسهم وبالتالي لبرنامج التغيير أكثر من أولئك املتعلقين‬
‫بعمل محدد‪ ،‬كما أن قدرة الفرد على إجراء التغيير سواء تعلق األمر‬
‫باإلطارات العليا وموهبتهم في كسب والء ومساندة األفراد‪ ،‬أو قدرة وخبرة‬
‫‪346‬‬
‫املسئولين في إدارة أكثر من مشروع تغيير‪ ،‬وكذا قدرة املسئولين‬
‫التشغيليين(‪)‬على مساعدة األفراد في فترات التغيير‪.‬‬
‫‪ ‬القدرات اإلدارية‪ ،‬أي املعرفة بأساليب اإلدارة الحديثة للموارد‬
‫املادية واملعنوية‪ ،‬سواء تعلق األمر باإلدارة العليا أو الوسطى أو التشغيلية‪.‬‬
‫‪ ‬القدرات التنظيمية‪ ،‬وتعني خبرة املنظمة في مجال التغيير‪ ،‬حيث‬
‫هناك مؤسسات تركز على مجال تغيير معين كوسيلة للتغيير‪ ،‬بينما أخرى‬
‫لديها خبرة في أكثر من مجال‪ ،‬من تخطيط ونظم معلومات وتسويق وإنتاج‬
‫وغيرها‪ ،‬مما يمكنها من الحصول على ميزات تنافسية مستدامة نتيجة‬
‫قدراتها الحركية في مجال التغيير‪ ،‬فعلى القائد تحليل درجة قدرة مختلف‬
‫الوحدات باملنظمة في مجال التغيير ودرجة الترابط والتكامل املوجود بينها‪،‬‬
‫إذ أن فرقا متخصصة في التغيير يمكن تشكيلها على كل املستويات‪ ،‬حيث‬
‫ال يمكن إجراء تغيير جذري وعميق دون حيازة القدرات الالزمة لذلك‪ ،‬مما‬
‫يستلزم تبني استراتيجية تنموية في مجال تسيير التغيير وتطوير القدرات‬
‫وإدراج وسائل التخطيط الالزمة وطرق تقييم األداء املناسبة‪.‬‬
‫إن التغيير في النظام القيمي لألفراد واملنظمة ككل‪ ،‬يحتاج إلى قدرات‬
‫فردية وتنظيمية خاصة في مجال تسيير التغيير‪ ،‬بل فرق استشارة‬
‫متخصصة في هذا املجال أحيانا‪ ،‬كما أن القدرات والكفاءات املوجودة‬
‫باملنظمة تحدد نوع املدخل الالزم للتغيير‪ ،‬فاملدخل التشاركي مثال يحتاج إلى‬

‫(‪ -)‬لقد أثبتت العديد من الدراسات التطبيقية أن المسئول في المستوى التشغيلي هو من‬
‫يصنع الفرق بين النجاح أو الفشل في برامج التغيير‪ ،‬حيث يتابع العملية باستمرار‪ ،‬كما‬
‫ينفذ برامج التغيير حسب األولوية وليس دفعة واحدة أين تتم مكافئته وفقا للنتائج المحققة‬
‫في هذا المجال‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫مواهب إدارية وتفاوضية ودبلوماسية‪ ،‬وفي حالة غيابها تضطر املنظمة إلى‬
‫مستشارين خارجيين أو تبني األسلوب التوجيهي‪.‬‬
‫ج‪ .‬الوسائل املتاحة للتغيير‪:‬‬
‫تمثل الوسائل مجموعة املوارد املتاحة من مال ووقت وموظفين‪،‬‬
‫الستثمارها في مشروع التغيير‪ ،‬والتي يجب تقييمها قبل البدء في اإلعداد‬
‫للتغيير وتنفيذه‪ ،‬حيث تحتاج املنظمة إلى موارد مالية من أجل تكوين‬
‫أفرادها‪ ،‬إضافة إلى إعادة التجهيز التي يفرضها التغيير‪ ،‬وإذا أراد القائد‬
‫الحصول على نتائج مرضية من مشروع التغيير‪ ،‬عليه أن يمنح الوقت الكافي‬
‫لذلك‪ ،‬السيما فيما يخص تغيير القيم والسلوكيات واملهام الروتينية‪ ،‬كما‬
‫أن توفر أفراد بالقدرات والتحفيز الالزم يساهم في إنجاحه‪.‬‬
‫تؤثر الوسائل املتاحة في االستراتيجية املختارة للتغيير‪ ،‬فالتغيير‬
‫الجذري يحتاج إلى أموال كثيرة ومتسع من الوقت وكفاءات متميزة‪ ،‬كما أن‬
‫املدخل التشاركي أكثر تكلفة من التغيير املوجه‪ .‬كما تحدد الوسائل املتاحة‬
‫باملنظمة وكالء التغيير‪ ،‬فعادة ما يكون املدير العام هو األكثر مالئمة لهذا‬
‫الغرض إال أن ضيق وقته يدفعه إلى اختيار أشخاص آخرين داخليين أو‬
‫اختيار أسلوب األخرجة‪.‬‬
‫ب‪ .‬الرغبة في التغيير وحدود السلطة املمارسة‪:‬‬
‫يحتاج التغيير إلى إرادة قوية من طرف الداعين إليه تمكنهم من مواجهة‬
‫املقاومة وعدم التراجع‪ ،‬كما يجب أن تقترن الرغبة في التغيير بدعم من‬
‫السلطات العليا‪.‬‬

‫‪348‬‬
‫‪ ‬اإلرادة والرغبة في التغيير‪:‬‬
‫تترجم إرادة األفراد في التغيير بدرجة وعيهم بالحاجة له ودرجة التعهد‬
‫وااللتزام بتنفيذه والتي تحددها املصلحة الشخصية‪ ،‬وكذا درجة السلم‬
‫الوظيفي للفرد‪ ،‬فاإلطارات العليا يدركون الحاجة للبدء في التغيير بحكم‬
‫معرفتهم بتداعيات البيئة الداخلية والخارجية‪ ،‬إال أن كون املنظمة في‬
‫حالة رخاء يجعل من الصعب تحديد الحاجة للتغيير بوضوح لألفراد في‬
‫املستويات الدنيا للتنظيم‪.‬‬
‫تؤثر درجة الرغبة في التغيير على االستراتيجية املختارة لذلك‪ ،‬فكلما‬
‫كانت قوية كلما مال القائد إلى اختيار التغيير الجذري‪ ،‬كما أن املدخل‬
‫التشاركي أكثر مالئمة في حالة ضعف اإلرادة في التغيير وهذا من أجل‬
‫محاولة خلقها في األفراد‪ ،‬وكلما زادت الرغبة في التغيير اتسعت مساحة‬
‫االختيارات املمكنة‪.‬‬
‫‪ ‬حدود السلطة املمارسة‪:‬‬
‫تحدد حدود السلطة املمارسة على قائد التغيير‪ ،‬جوانب الرؤية املمكن‬
‫تطويرها‪ ،‬كما تحدد الهامش املسموح به من التغيير‪ ،‬إذ يجب معرفة مراكز‬
‫السلطة وأساليب التأثير عليها لتقبل التغيير‪ ،‬فقد ترفض جهات ذات‬
‫سلطة قوية باملنظمة برنامجا تغييريا قد يحقق نجاحا كبيرا‪.‬‬
‫يفترض أن تكون لإلدارة العليا كامل السلطة في اختيار استراتيجية‬
‫التغيير‪ ،‬إال أن الواقع يكشف عن عوائق تحد من ذلك‪ ،‬كالرقابة املمارسة‬
‫من قبل الدولة على املؤسسات العمومية‪ ،‬والضغوط املمارسة من طرف‬
‫املساهمين واألسواق املالية على املؤسسات الخاصة‪ ،‬والقادة غير‬
‫الرسميين والجماعات ذوو التأثير على األفراد وكذا الفروع القوية‬
‫باملؤسسة‪ ،‬قد تمثل مراكز سلطة تحد من حرية القادة في إدارة التغيير‪.‬‬
‫‪349‬‬
‫من املهم أن يحمل القادة في املستويات العليا للتنظيم ثقافة إبداعية‬
‫مما يمكن من تثمين املقترحات واألفكار اإلبداعية‪ ،‬إال أن املفارقة هنا هي‬
‫أن املدير الناجح هو املدير القادر على إدارة األعمال بفعالية وكفاءة‪،‬‬
‫واألمر نفسه يمنعه من إدراك اإلمكانات اإلبداعية‪ ،‬أي أن نفس اإلمكانات‬
‫التي تؤهله من إدارة األمور بشكل صحيح هي نفسها التي ال تمكنه من رؤية‬
‫صحيحة لألشياء‪ ،‬وبالتالي فإن األمر يتعلق باملبادئ والثقافة التي يتبناها‬
‫املدير‪ ،‬فإن ذوي الفكر املرن واملحفز للتغيير يمكنهم رؤية ما ال يراه ذوي‬
‫الفكر املنغلق والثابت‪ ،‬كماأن القائد املحفز لإلبداع يشجع على املخاطرة‬
‫وارتياد املجهول‪ ،‬إذ يقول دروكر "اإلبداع دائما هو القدرة على تغيير كل‬
‫ش يء‪ ،‬إال أن الش يء غير املتوقع هو ما يحدث دوما"‬
‫تلعب مراكز السلطة دورا هاما في اختيار وكالء التغيير‪ ،‬إذ يعمد‬
‫القائد إلى توكيل األشخاص ذوو التأثير القوي على األفراد من أجل رئاسة‬
‫فريق التغيير‪ ،‬كما أن وجود فرق عمل قوية ومسيرة ذاتيا وذوو سلطة على‬
‫العاملين‪ ،‬تحد من إمكانية فرض التغيير وبالتالي اختيار املدخل التشاركي‪.‬‬
‫‪ .2‬تكوين فريق تغيير فعال وتطوير الكفاءات‪:‬‬
‫ال يمكن لقائد التغيير أن يتكفل بمفرده بمختلف عمليات التغيير‪ ،‬إذ‬
‫ال بد من التعاون مع أشخاص يتم اختيارهم بعناية‪ ،‬كما أنه من الضروري‬
‫االهتمام بتطوير كفاءات فريق التغيير وكذا باقي أفراد التنظيم‪.‬‬
‫‪ 1.2‬تكوين فريق تغييرفعال‪:‬‬
‫يتطلب التغيير الناجح اختيار فرق العمل انطالقا من قدراتهم في مجال‬
‫التغيير املعني من جهة‪ ،‬ودرجة دافعيتهم وتحمسهم للتغيير من جهة أخرى‪،‬‬
‫تتكفل بتنفيذ برنامج التغيير‪ ،‬مكونة من مدراء ومتخصصين ممن يمكنهم‬
‫تحقيق املكاسب واإلتيان باألفكار الجديدة‪.‬‬
‫‪350‬‬
‫أ‪ .‬مهام ومقومات فريق التغيير‪:‬‬
‫يعمل فريق التغيير كخلية متكاملة للبحث في حيثيات التغيير وطرقه‬
‫ووسائله وأهدافه ونتائجه وتحديد العوائق واالستراتيجيات البديلة‪،‬‬
‫إضافة إلى األبعاد التشغيلية املتعلقة بإجراءات التنفيذ‪ ،‬وبين الدور‬
‫الرئيس ي والتشغيلي تتراوح مهام فريق التغيير فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إعداد التشخيص املبدئي وتحديد االستراتيجية املالئمة للتغيير؛‬
‫‪ ‬إعداد مخططات العمل واالحتياجات من املعلومات واملوارد‬
‫وتوجيه عمليات التكوين؛‬
‫‪ ‬إجراء الخطوات األولى والتجريبية للتغيير‪ ،‬واقتراح التصحيحات‬
‫إلعطاء اإلطار العام للمشروع‪ ،‬واالنطالق في التنفيذ النهائي له‪.‬‬
‫إذا كانت جماعات العمل مناطة بالتغيير فاألحرى أن تخضع‬
‫بدورها للتغيير‪ ،‬بحيث تكتسب املرونة الالزمة للتكيف مع التغيير‪ ،‬وأهم‬
‫جوانب التغيير في فرق العمل‪ ،‬إعادة تشكيل الجماعة وتغيير بعض قيمها‬
‫ومبادئها وكذا أساليب وأنماط االتصال وحتى أهداف الجماعة‪ ،‬ومن أهم‬
‫مقومات فريق التغيير ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون الفريق على اتفاق تام حول الرؤية املستقبلية‪ ،‬وتكون‬
‫لديهم القدرة على إدارة املوارد الرئيسية للشركة‪( ،‬الوقت‪ ،‬املال‪ ،‬األفراد)‬
‫وتركيزها في خدمة جهود التغيير؛‬
‫‪ ‬أن يكون لديهم حس يرفض الوضع القائم‪ ،‬بحيث تكون لهم‬
‫األغلبية أمام مناصري االستقرار؛‬

‫‪351‬‬
‫‪ ‬القدرة على كسب دعم األفراد لفكرة التغيير‪ ،‬بحيث يتمتع‬
‫الفريق بالسمعة الطيبة واالحترام الكبير داخل املنظمة والكفاءة أيضا‪،‬‬
‫بحيث تؤخذ قراراتهم بجدية؛‬
‫‪ ‬االلتزام بالتواجد الدائم أثناء التغيير‪ ،‬والتضحية من أجله‬
‫بالوقت والجهد؛‬
‫‪ ‬تقدير جهود وتضحيات األفراد إلنجاح التغيير‪ ،‬واستخدام نظام‬
‫الحوافز بالشكل الذي يدعم التغييرات السلوكية الالزمة لتحقيق الرؤية‬
‫املنشودة؛‬
‫‪ ‬ال ب د من فريق مختلف التخصصات تناط له عملية تنفيذ‬
‫التغيير‪ ،‬وال بأس من إدراج أفراد من خارج التنظيم‪ ،‬إذ يرى هؤالء مشاكل‬
‫املنظمة من زاوية جديدة‪ ،‬عكس أفرادها؛‬
‫‪ ‬تحديد نقاط التركيز في عملية التدريب وتوظيف األفراد حسب‬
‫احتياجات التغيير‪.‬‬
‫كما يحتاج فريق التغيير إلى مساحة من الحرية في اختيار الطريق الذي‬
‫يسلكه في سبيل تحقيق التغيير املنشود‪ ،‬إذن ال بد من اختيار أفراد من‬
‫مختلف مستويات التنظيم‪ ،‬مؤيدين للتغيير ومؤمنون بمبادئه‪ ،‬متميزون‬
‫وملتزمون بتطبيقه‪ ،‬وإمدادهم باملعلومات واملعارف الكافية حول التغيير‪،‬‬
‫وإعدادهم لتنفيذه ومنحهم مسؤولية إقناع باقي أفراد التنظيم من‬
‫محايدين ومقاومين بقبول التغيير وبضرورة إحداثه‪.‬‬
‫إن الغرض من تبني مفهوم فرق العمل هو معالجة املشاكل املربكة أو‬
‫اقتراح طرق جديدة للقيام باألعمال‪ ،‬إال أن الفكر السائد أنه إذا كانت فرق‬
‫العمل أداة ممتازة لاللتزام وإنجاز االعمال‪ ،‬فهي ليست بالضرورة كذلك في‬
‫‪352‬‬
‫مجال إيجاد أفضل األفكار‪ ،‬بل إنها تفرض نوعا من التفكير الجماعي‬
‫والبقاء في حدود الفلسفة املتفق عليها‪ ،‬بحكم ثقافة املراقبة حيث يتم‬
‫استهجان األفكار الخارجة عن هذا اإلطار‪ ،‬مما يكبح اإلبداع لدى عناصر‬
‫الفريق‪ ،‬حيث يكمن التحدي هنا في تغيير هذا الفكر وإعطاء بعد جديد‬
‫لفرق العمل قائم أساسا على التفكير اإلبداعي بعيدا عن الفكر التقليدي‪،‬‬
‫كما يجب منح االستقاللية لفرق العمل‪ ،‬وتحقيق مفهوم فرق العمل‬
‫املستقلة‪ )( ،‬بما تحمله من مفاهيم التضامن والتنسيق والتالحم‬
‫والتنظيم واالتصال الفعال واختالف وتنوع في املهام‪ ،‬مما يضمن رفع األداء‬
‫وإثراء األعمال وتحسين خدمة العميل‪ ،‬وال يتنافى مفهوم فرق العمل‬
‫املستقلة مع الترابط والتكامل املشروط في عملية التغيير‪ ،‬حيث يتم الربط‬
‫بينها من خالل تداخل العمليات واألهداف‪ ،‬بتنسيق وإشراف قائد‬
‫املشروع‪ ،‬كما يعمل هذا األخير على تسيير املناخ االجتماعي على مستوى‬
‫فريق التغيير لتفادي أنواع الصراع املمكنة داخله‪.‬‬
‫ب‪ .‬إعطاء الصبغة القانونية لفريق التغيير وتقسيم األدوار بين‬
‫عناصره‪:‬‬
‫إن وجود أفراد في فريق التغيير يتمتعون بسلطة ونفوذ داخل املنظمة‬
‫يضفون الصبغة القانونية ملشروع التغيير‪ ،‬بحيث تكون لديهم‬
‫رؤيةاستراتيجية واضحة لوضعية املؤسسة ويعملون كفريق إداري داعم‬
‫ملشروع التغيير‪ ،‬ومن مهامه ما يلي‪:‬‬

‫(‪ -)‬ال تعني االستقاللية غياب الرقابة والتسيير المنعزل للتغيير‪ ،‬بل تحقق من خالل‬
‫عملية تحسيس مسبقة بمسئولية األفراد نحو تحقيق أهداف التغيير‪.‬‬

‫‪353‬‬
‫‪ ‬تحديد أولويات التغيير وشرح أسبابه وتوجيه املوارد وفقا ملراحل‬
‫املشروع وأولوياته؛‬
‫‪ ‬تأمين دوران املعلومات وتسهيل تبادلها لألخذ بالحسبان كل‬
‫األفكار التي يمكن أن تغذي املشروع؛‬
‫‪ ‬تنظيم عملية احتواء املقاومة من خالل كسب األفراد في صف‬
‫التغيير والتعهد بتحقيق أهدافه؛‬
‫يعنى هذا الفريق بعملية التغيير إداريا‪ ،‬من حيث تحديد اإلطار العام‬
‫واألهداف العامة واملوارد املالية والبشرية الالزمة بتعاون من اإلدارة العليا‬
‫وفريق من املدراء املساعدين وبعض العناصر املشاركة‪ ،‬أين يتم تحديد‬
‫األدوار لتفادي تعارضها مع التسلسل التقليدي للوظائف‪ ،‬وألن اإلدارة‬
‫تكون عادة بعيدة عن املجريات اليومية لألعمال‪ ،‬ولديها مسؤولياتها‬
‫الثقيلة ال تمكنها من التضحية بكل وقتها ملشروع التغيير‪ ،‬كما أنها تفضل‬
‫منح األفراد فضاء من الحرية في اتخاذ القرارات للحصول على تقدم في‬
‫عملية التغيير‪ ،‬فإنها تقوم بتحديد املسئول املباشر عن املشروع وإرساء‬
‫فريق عملي للتغيير يكون تحت سلطته للقيام باختيار معاونيه من املستوى‬
‫التشغيلي في شكل شبكة تغيير تعنى بتذليل الصعوبات الناشئة عن‬
‫التغيير‪.‬‬
‫من الضروري خفض حاالت التناقض وعدم التوافق في اإلدراك‬
‫الناتجة عن وجود طاقات إبداعية لدى كل فرد‪ ،‬والتي يفيد التقسيم‬
‫املتوازن لألدوار داخل الفريق في ظهورها‪ ،‬وبالتالي تعظيم مشاركة كل فرد‪،‬‬
‫حيث تتوافق أهداف عناصر الفريق مع أهداف الفريق وبالتالي أهداف‬
‫املنظمة حيال عملية التغيير‪ ،‬كما يفيد التقسيم املتوازن لألدوار واملهام في‬
‫‪354‬‬
‫شعور الفرد بمكانته االجتماعية داخل الفريق من جهة‪ ،‬ورفع حسه‬
‫باملسئولية من جهة أخرى‪ ،‬إذ يعرف ما له وما عليه مما يضمن التكامل في‬
‫األدوار لتحقيق الهدف العام‪.‬‬
‫لتفادي الجمود والروتين في سلوكيات وأداء أعضاء الفريق يتوجب على‬
‫القائد القيام بالتجديد من خالل التدريب واالتصال بالبيئة الخارجية‬
‫وتغيير مالمح الفريق نفسه‪ ،‬من حيث تجديد وتغيير األعضاء وكذا املهام‬
‫بصورة مستمرة تشجع على اإلبداع من خالل تهيئة مناخ من التحدي‬
‫املستمر لدى األفراد‪.‬‬
‫إن مشاركة أعضاء الفريق في إعداد الرؤية العامة للتغيير‪ ،‬تدفعهم‬
‫لتحقيقها من خالل فهم نوع مشاركة كل منهم في ذلك عمال بمفهوم‬
‫التقسيم املتوازن لألدوار‪ ،‬مما يحقق حاجتهم لالنتماء وتحقيق الذات‪،‬‬
‫باملقابل فإن اقتسام املعرفة والخبرات يساعد في تالحم الفريق‪ ،‬مما يخلق‬
‫مناخا من الثقة املتبادلة وااللتزام الجاد بأهداف الفريق بعيدا عن الذاتية‪،‬‬
‫فإن نجاح الفريق في تحقيق أهدافه يساعد على التحام أعضاءه‪.‬‬
‫‪ 2.2‬تطويروتنمية الكفاءات‪:‬‬
‫من أجل تقليص الفجوة بين ما يتطلبه التغيير وما هو موجود من‬
‫كفاءات‪ ،‬يجب االنتقال من مجرد برنامج تكوين إلى مفهوم تطوير‬
‫الكفاءات‪ ،‬من خالل نظام متكامل لتأهيل األفراد‪ ،‬يتصف باملرونة‬
‫والحركية والتنوع‪ ،‬ملواجهة التطور املستمر والسريع للمهام التي يفرضها‬
‫التغيير‪ ،‬وإدماج مختلف املعارف التقنية والعملية‪ ،‬من أجل تحقيق‬
‫الرهانات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬القدرة على اإلبداع والتعامل مع املشاكل غير االعتيادية؛‬
‫‪355‬‬
‫‪ ‬تحسين القدرات العالئقية واملسئولية الفردية‪ ،‬والحركية‬
‫والتواجد الدائم‪.‬‬
‫لقد تراجعت فكرة التكوين ملواجهة مشكلة القدرات‪ ،‬حيث ظهرت‬
‫أساليب عملية أكثر‪ ،‬كالتدريب في مكان العمل‪ ،‬والتعلم وتبادل التطبيقات‬
‫وتنوع الخبرات وتقاسمها‪ ،‬وتحويل معارف وخبرات وكفاءات األفراد من‬
‫خالل تطوير بنك املعارف‪ ،‬كما أن التطورات الثقافية واالجتماعية أدت إلى‬
‫ظهور الحاجة إلى التنويع في املهام وتغيير مسئوليات الفرد من حين آلخر‪،‬‬
‫حيث ال يبقى الفرد منغلق على نفس املنصب طوال خدمته‪ ،‬كما يتم‬
‫االنتقال من املهام املحددة لوظيفة ما إلى مجموعة واسعة من املهام من‬
‫أجل تحقيق تنوع في خبرات األفراد‪ ،‬مما يساعد على تطوير جودة العمل‬
‫وفعالية أكبر وآجال أقل‪ ،‬مما يدعم مفهوم الفرق املستقلة واملتعاونة‪ .‬هذا‬
‫باإلضافة إلى ضرورة تطوير وتكييف الكفاءات باملنظمة مع االحتياجات‬
‫من الوظائف واملهام الجديدة‪ ،‬الناتجة عن تغييرات وتطويرات في‬
‫النشاطات والهياكل‪ ،‬والناتجة عن إدراج تكنولوجيا جديدة كاألنترانت‬
‫وغيرها‪ ،‬كما أن تطوير منتجات وخدمات جديدة يحتاج إلى تحويل كفاءات‬
‫املنظمة إلى نشاطات جديدة وبالتالي مهام مزدوجة تحتاج إلى درجة كبيرة‬
‫من املرونة لتحقيقها‪.‬‬
‫لعل األهم من كل هذا هو االنتقال من مفهوم التكوين نحو التمكين‬
‫واملشاركة الفعلية لألفراد في عملية اتخاذ القرار وااللتزام بتحقيقه‪ ،‬من‬
‫خالل توزيع السلطات وخلق تحديات جديدة لفتح آفاق إبداعية جديدة‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫‪ .3‬االتصال والمشاركة في عملية التغيير‪:‬‬
‫تحتاج عمليات التغيير إلى فتح وتنويع قنوات اتصال بين القادة‬
‫واملنفذين‪ ،‬كما أن املشاركة في التخطيط وتنفيذ التغيير يضمن نجاحه‬
‫وعدم مقاومته‪.‬‬
‫‪ 1.3‬االتصال وتوفيراملعلومات‪:‬‬
‫أثناء فترات التغيير‪ ،‬تتغير طبيعة األعمال الوظيفية واملهام املوكلة‬
‫لألفراد‪ ،‬باإلضافة أو االستبدال‪ ،‬كما تظهر مهام جديدة تماما بتقنيات‬
‫ومهارات جديدة‪ ،‬مما يستدعي فتح وتنويع قنوات االتصال بين القادة‬
‫واملنفذين‪ ،‬من أجل تنشيط معلومات التغذية العكسية التي تقلل من‬
‫الضرر الناجم عن الخطأ‪ ،‬السيما عند االنتقال إلى القيم واألنماط‬
‫الجديدة للعمل‪ ،‬إذ على الجانبين مناقشة األمر تفاديا للمقاومة‪ ،‬وذلك‬
‫باستعمال أساليب العصف الذهني التي تجعل من الفرد والجماعة تختار‬
‫بنفسها هذه املهام القتناعهم بضرورتها‪ ،‬كما قد تحدث أمور غير متوقعة‬
‫أثناء عملية التغيير‪ ،‬تجعل من التطبيق العملي له‪ ،‬ليس بالسهولة‬
‫املتوقعة‪ ،‬مما يستدعي التعامل معها والتغلب عليها‪ ،‬وتبين املعادلة التالية‬
‫أهم الجوانب التي تحتاج إلى تواصل وتوفير معلومات عنها وإقناع العاملين‬
‫بها‪C = (A.B.D)>X:‬بحيث‪:‬‬
‫‪ :C‬احتمالية نجاح التغيير‪ :A ،‬عدم الرضا عن الوضع الراهن‪،‬‬
‫‪ :B‬الحالة املنشودة بعد التغيير‪.‬‬
‫‪ :D‬الخطوات األولى الثابتة نحو الهدف املنشود‪ :X ،‬تكلفة التغيير‪.‬‬
‫أي أنه على قائد التغيير إقناع األفراد بضرورة التغيير وعدم جدوى‬
‫الوضع الحالي‪ ،‬وإيجاد تصور لديهم بمدى التحسن الذي سيطرأ بعد‬
‫‪357‬‬
‫التغيير‪ ،‬وتوضيح جدية األمر بتحقيق بعض النتائج اإليجابية والسريعة‪،‬‬
‫وأن حاصل هذه العملية وفوائدها أكبر من تكلفة التغيير‪.‬‬
‫لعل إقناع األفراد بالحاجة إلى التغيير هو املدخل لنجاحه‪ ،‬وهذا من‬
‫خالل فتح قنوات اتصال من أجل‪:‬‬
‫‪ ‬تقديم جميع املعلومات عن التغيير من خالل فتح النقاش بين‬
‫العاملين والقادة‪ ،‬حول أسبابه وأثره على املنظمة واألفراد واملجموعات‪،‬‬
‫وبيان سلبياته وإيجابيات‪ ،‬مما يضفي على النقاش شفافية ومصداقية‬
‫أكثر؛‬
‫‪ ‬تفادي القرارات املفاجئة‪ ،‬وإحاطة األفراد بأي تعديل يطرأ على‬
‫عملية التغيير وأهدافه ودواعيه؛‬
‫‪ ‬نشر ثقافة التغيير والتجديد‪ ،‬وإشعار األفراد بأنهم هم أصحاب‬
‫التغيير‪ ،‬وتبيان أن مصلحتهم في املرتبة األولى من حيث اختزال األعباء‪،‬‬
‫وتضمينه للقيم السائدة بينهم‪ ،‬وتوضيح مرونة البرنامج وقابليته للتعديل‬
‫باالشتراك مع األفراد باإلدالء باقتراحاتهم وآرائهم‪ ،‬مع عدم إغفال‬
‫التنظيمات غير الرسمية؛‬
‫‪ ‬مخاطبة العاملين شخصيا وبشكل مباشر‪ ،‬ملعرفة ردود األفعال‬
‫الحقيقية والتمكن من مناقشتها وحلها‪.‬‬
‫إن شفافية االتصاالت هي املفتاح لنجاح التغيير‪ ،‬وتكون في مختلف‬
‫مراحله؛ حيث يكون الحوار في بداية املشروع حول السؤال "ملاذا التغيير"‬
‫أي ما فوائده وما أهدافه وحوافزه‪ ،‬أما املرحلة الثانية حول "ماذا نغير" أي‬
‫املحتوى التشغيلي للتغيير‪ ،‬بتوضيح نقاط الضعف في النظام الحالي‬

‫‪358‬‬
‫وعناصر األزمة‪ ،‬واملرحلة األخيرة حول كيفية إدراج التغيير ويكون هذا عبر‬
‫مختلف قنوات االتصال‪.‬‬
‫تختلف طريقة االتصال باختالف متلقي الرسالة؛ فال يخاطب األفراد‬
‫باملستويات الدنيا للتنظيم بنفس أسلوب مخاطبة اإلطارات العليا‪،‬‬
‫والش يء نفسه بالنسبة للعمالء واملوردين واملساهمين واألسواق املالية‬
‫وغيرهم‪ ،‬إذ يجب تكييف املعلومات املقدمة مع كل صنف مما سبق‪ ،‬بحيث‬
‫تقدم املعلومات التي تهم كال منهم ويريد سماعها‪ ،‬السيما املتأثرين‬
‫املباشرين من التغيير‪.‬‬
‫غالبا ما يحتاج القائد إلى إقناع األفراد بتغيير مواقفهم من معتقدات‬
‫واتجاهات وسلوكيات‪ ،‬وإن تمسكهم بمواقفهم تجاه إدارتهم وعملهم‬
‫وتنظيمهم يجعلهم يعملون بطرق معينة تجعلهم مستقرين نسبيا‪ ،‬وبالتالي‬
‫مقاومين للتغيير‪ ،‬ومن أجل النجاح في التخلص من املواقف غير املرغوبة‬
‫يتم تغييرها تدريجيا‪ ،‬السيما تلك املتطرفة باعتبارها األكثر تجذرا وصعوبة‬
‫للتغيير‪ ،‬وهناك من املواقف التي ال تتغير‪ ،‬مما يجعل القائد يتبع سلوكا‬
‫مغايرا كاإلجبار أو االستبدال‪ ،‬إال أن هذا الحل في تغيير السلوك مع عدم‬
‫تغيير املوقف‪ ،‬لن يسفر عن إيجابيته في العمل ولعل الحل األنسب في هذه‬
‫الحالة ترك الفرد يكتشف التناقض بين مواقفه وما يجب أن يكون‪ ،‬وإن‬
‫فتح قنوات االتصال املباشرة بين هؤالء واإلدارة يسهل عملية االقتناع‬
‫التدريجي‪.‬‬
‫إن التغيير ال يستدعي بالضرورة إجماعا كامال من طرف عناصر‬
‫التنظيم‪ ،‬إال أن الخطر يكمن في حالة ما إذا كان اتجاه األغلبية نحو رفض‬
‫التغيير‪ ،‬لذلك فإن إعالم األفراد بالتغيير في بداياته يضمن تفهمهم وتقبلهم‬
‫‪359‬‬
‫وتكيفهم ورغبتهم والتزامهم به‪ ،‬ويفضل أن يكون ذلك من طرف اإلطارات‬
‫العليا للتنظيم للتحسيس بأهمية ما سيحدث‪ ،‬وتفاديا لإلحساس‬
‫بالتجاهل أو الخطر‪ ،‬ويتولى املسئولون عن الفروع ووحدات العمل‬
‫واألقسام تقديم تفاصيل مشروع التغيير‪.‬‬
‫تطرح عادة مشكلتين أساسيتين فيما يخص التغيير‪ ،‬األولى حول املعنى‬
‫والثانية حول عدم األكادة‪ ،‬حيث تطرح دائما مشكلة االختالف بين ما نريد‬
‫إيصاله من معلومات‪ ،‬وبين ما يتم إيصاله فعال‪ ،‬أي ما يستعمل من ألفاظ‪،‬‬
‫كما أن هناك اختالف بين ما يقال وما يفهم‪ ،‬ومن أجل معالجة هذه‬
‫املفارقات يجب العمل على‪:‬‬
‫‪ ‬التأكد من أن املشاركين في الحوار يملكون نفس املرجعية للفهم‪،‬‬
‫والحرص على تعدد أشكال االتصال؛‬
‫‪ ‬تفادي األلفاظ أو التصرفات التي توحي بفرض التغيير‪ ،‬إذ يجب‬
‫أن يكون الحوار في فترات التغيير أكثر مرونة وانفتاحا‪ ،‬مع استعمال‬
‫أساليب الحوار الحديثة من مخططات وسيناريوهات مدعمة تكنولوجيا؛‬
‫‪ ‬تأمين مناخ مالئم لالستماع‪ ،‬ومنح الوقت للفهم واإلدراك؛‬
‫‪ ‬اإلجابة الجدية والواقعية للتساؤالت املطروحة حيال مشروع‬
‫التغيير‪ ،‬لتفادي التأويالت والفهم العكس ي‪ ،‬وترك املجال للمعارضين‬
‫للنقاش‪ ،‬ومحاولة إعطاء الدوافع التي من شأنها خفض املقاومة؛‬
‫‪ ‬نقل املعلومات تدريجيا الستيعابها ال سيما الجديدة منها‪.‬‬
‫كما أن لطريقة اإلعالن عن التغيير ووقته أثر على حسن تسييره‪ ،‬إذ‬
‫يجب أن تتوفر فيه العناصر التالية‪:‬‬

‫‪360‬‬
‫‪ ‬الوضوح؛ إذ يجب اإلشارة إلى كل املعلومات حول التغيير ساعة‬
‫اإلعالن عنه‪ ،‬فإن تأجيل بعضها السيما الحرجة‪ ،‬قد يؤدي إلى مقاومة قد‬
‫توقف سير التنفيذ‪ ،‬مما يفقد األفراد ثقتهم في قادة التغيير واملروجين له‪.‬‬
‫‪ ‬الواقعية؛ أي التصريح بحقيقة التغيير وموضوعه وكيفيته‪،‬‬
‫ولكن بأسلوب مرغب وعبارات محفزة‪.‬‬
‫‪ ‬الدقة؛ أي إعطاء املعلومات الدقيقة حول التغيير املبرمج‪،‬‬
‫وتفادي العمومية والغموض‪ ،‬باإلشارة للهدف من التغيير وآثاره ونتائجه‪،‬‬
‫واألسباب املوضوعية إلحداثه من حيث األهمية واملصلحة والحاجة‪ ،‬وكذا‬
‫عناصره اإليجابية من حيث القيمة‪ ،‬والسلبية من حيث التكلفة‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬ووصف الواقع الجديد الذي ستؤول إليه‬
‫املنظمة بدقة ووضوح تفاديا للترجمة الخاطئة‪.‬‬
‫‪ ‬املرجعية اإلدراكية املشتركة؛ إذ يجب مراعاة املرجعية اإلدراكية‬
‫لكل فرد‪ ،‬فترجمة املدير املالي مثال ألسباب التغيير ونتائجه تختلف عما يراه‬
‫مدير املوارد البشرية‪ ،‬لذلك ال بد من مراعاة ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تحديد وتقييم منطق ومرجعية األفراد‪ ،‬وتقييم وجهات نظرهم‬
‫حول أسباب التغيير ونتائجه وأسلوبه؛‬
‫‪ ‬مراجعة القائد ألفكاره ومنطقه حول التغيير ومقارنتها مع منطق‬
‫األفراد‪ ،‬واختيار األحسن بعد املناقشة؛‬
‫‪ ‬تفادي الجدل العقيم وتحفيز االستماع اإليجابي وإيجاد لغة‬
‫مشتركة تقرب مرجعيات وإدراك الكل‪.‬‬
‫‪ 2.3‬املشاركة في عملية التغيير‪:‬‬
‫سبقت اإلشارة إلى ضرورة مشاركة األفراد في التغيير في أكثر من‬
‫مناسبة‪ ،‬ال لش يء إال ألن إشراك املوظفين املتأثرين بالتغيير ليس فقط في‬
‫‪361‬‬
‫تنفيذه بل في كل مراحله‪ ،‬يفيد في زيادة االلتزام في تنفيذه‪ ،‬وإبداع طرق‬
‫خاصة أين يصبح التغيير قضية خاصة بكل فرد‪.‬‬
‫إن الدافع للمشاركة كون األفراد ال يقاومون أفكارهم‪ ،‬لذلك ينصح‬
‫مشاركتهم ليس فقط في تنفيذ التغيير‪ ،‬بل أيضا في وضع القرار الخاص‬
‫بالتغيير‪ ،‬مما يجعل األفراد ال يدعمون التغيير فحسب بل ويدفعهم لتغيير‬
‫أنفسهم‪ ،‬ومن الطبيعي أن عدم إشراك األفراد في التغيير يخلق مقاومة‬
‫شديدة له‪ ،‬وحسب اإلداري جون براون‪ ،‬من جامعة هارفارد تكمن تحديات‬
‫قائد التغيير في تحفيز األفراد للمشاركة في التغيير من خالل‪:‬‬
‫أ‪ .‬إيجاد الرغبة في املشاركة‪:‬‬
‫بحيث ال يمكن لشخص القيام بعمل ال يرغب فيه‪ ،‬وهذه الرغبة ال تتأتى‬
‫إال من خالل توفر قواعد شخصية سواء نفسية أو مادية من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬التأثير القيادي للقائد‪ ،‬مما يجعل مرؤوسيه يتبعون نهجه‬
‫ويتقبلون خططه؛‬
‫‪ ‬رؤية مشتركة ألهداف املنظمة مما يمنح تفكيرا موحدا بين القائد‬
‫ومرؤوسيه‪ ،‬ويخلق التزاما لتحقيقها؛‬
‫‪ ‬إثارة الرغبة الداخلية بالتحسين‪ ،‬من خالل االعتراف بدور األفراد‬
‫في املنظمة وتحفيزهم لدفعهم للتغيير‪ ،‬وفتح الحوار حول مشاكل املنظمة‬
‫الجوهرية مما يفسح املجال ألفكار وإبداعات جديدة ورائدة‪ ،‬فالفرد كلما‬
‫استمع إليه قادته وتقبلوا أفكاره وتبنوها‪ ،‬كلما حاول تنميتها وبذل جهد‬
‫أكبر في تقديم األحسن‪.‬‬
‫من املؤكد أنه ال يمكن تحقيق نجاح مساعي التغيير والتطوير بدون‬
‫وجود سياسة اجتماعية تعتبر املشاركة رافعة حقيقية لتحقيق التميز‪،‬‬
‫‪362‬‬
‫حيث انتقلت املنظمات من تبني مفهوم التدرج في السلطة إلى مفهوم‬
‫املؤسسة الشبكية‪.‬‬
‫ب‪ .‬تجهيزاألفراد للمشاركة‪:‬‬
‫تفاديا لنفور األفراد من التغيير نتيجة التخوف من رفض مبادراتهم‪،‬‬
‫على القائد اتخاذ التدابير الالزمة لتغيير اعتقاداتهم من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬توفير البيئة املالئمة واملتعاونة‪ ،‬وذلك برفع الحواجز املعيقة‬
‫لعملية التعلم‪ ،‬بتوفير بيئة للتعاون وتبادل الخبرات الشخصية‪ ،‬من أجل‬
‫التجديد واإلبداع في طرق وأساليب العمل؛‬
‫‪ ‬التعلم من الفشل‪ ،‬وذلك من خالل اعتباره تجربة يجب االستفادة‬
‫منها‪ ،‬وإدراجه ضمن برامج التدريب لتعلم كيفية االستفادة من الفشل‪،‬‬
‫واالنطالق منه لتصحيح األوضاع لألفضل‪.‬‬
‫ت‪ .‬تمكين األفراد من املشاركة‪:‬‬
‫يجب إعطاء األفراد انطباع أن التغيير من صنعهم وليس مفروضا عليهم‬
‫وأنه لصالحهم إذ يزودهم بخبرات جديدة ويقلل من واجباتهم‪ ،‬كما يجب‬
‫أن ينسجم مع قيمهم من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬تزويد العاملين باملوارد واملعلومات الالزمة لتنفيذ العملية‪ ،‬إضافة‬
‫إلى ضرورة دورات تعلم نظرية وعملية‪ ،‬والتأكد من فهمهم ألدوارهم في‬
‫إحداث التغيير؛‬
‫‪ ‬توضيح أهمية اإلبداع كأفضل مدخل للتغيير‪ ،‬وفتح املجال‬
‫إلخراج أفكار جديدة‪ ،‬وإعطاء األهمية لوظائف العاملين وليس لسلطات‬
‫اتخاذ القرار‪ ،‬وجعل الهدف الرئيس ي للتغيير هو نتائج األداء؛‬

‫‪363‬‬
‫‪ ‬تشجيع السلوكيات املوافقة للتغيير املطلوب ومكافئة األداء‬
‫املتميز واإلعالن عنه أمام جميع املشاركين‪ ،‬والتركيز على األفراد املتعاونين‬
‫مع التغيير‪ ،‬وحثهم على مساعدة اآلخرين على تقبله؛‬
‫‪ ‬مناقشة جميع األفكار الخاصة بمخاوف التغيير وتفهم رفضه‬
‫واالستماع والتجاوب مع اهتمامات األفراد وتساؤالتهم السيما املتأثرين منه‬
‫مباشرة‪ ،‬ويستحسن استشارتهم في كيفية التغلب على املعوقات وإعطاء‬
‫البدائل والحلول املمكنة والتعويضات املناسبة وأخذ هذا بالحسبان في‬
‫عملية التخطيط للتغيير؛‬
‫‪ ‬إن التغيير بمشاركة القادة غير الرسمين أكثر فعالية‪ ،‬حيث يلعب‬
‫هؤالء دورا إيجابيا في توقع املشكالت املمكنة في تنفيذ التغيير‪ ،‬واستدراكها‬
‫أثناء عملية التخطيط وبالتالي تجنب املقاومة املتوقعة‪ ،‬باالستفادة من‬
‫تأثيرهم ونفوذهم وكفاءتهم وكسب ثقة التنظيمات غير الرسمية والنقابات‬
‫لنفس الغرض‪.‬‬
‫هناك من ينصح بمشاركة األفراد في جوانب التغيير التي تدخل في إطار‬
‫تفضيالتهم وفي كيفية تنفيذ عملية التغيير‪ ،‬بينما ال يشاركون في القرارات‬
‫التي تمس أهداف التغيير‪ ،‬ولعل هذا صحيح في حالة كون التغيير املقترح‬
‫يفوق املستوى الفكري لألفراد‪ ،‬أو لحساسية التغيير‪ ،‬كما قد تتسع‬
‫املشاركة لتضم عناصر خارج املنظمة كاملستشارين الخارجين والخبراء‬
‫والعمالء األكثر أهمية وحتى املوردين‪ ،‬ليتم إعادة النظر في االستراتيجيات‬
‫املوضوعة من قبل القادة أخذا بالحسبان اقتراحاتهم وآراءهم‬
‫ومالحظاتهم‪ ،‬وتنفذ هذه املشاركة الواسعة في شكل اجتماعات أو‬
‫مؤتمرات‪ ،‬تفيد في تبادل األفكار وتضمن املزيد من االلتزام والقبول لعملية‬
‫‪364‬‬
‫التغيير وإسراعه‪ ،‬وكذا التنسيق بين مختلف مشاريع التغيير للحصول على‬
‫نتائج أفضل‪.‬‬
‫إن إدارة التغيير باملشاركة يجب ان تتم برشادة ودون إفراط‪ ،‬إذ يجب‬
‫أن ال تفقد القائد قدرته على الرقابة وسلطته في اتخاذ القرار وهدر الوقت‪.‬‬
‫‪ .4‬التحفيز للتغيير‪:‬‬
‫لتحقيق النتائج املسطرة للتغيير‪ ،‬فإن فريق العمل يبذل جهودا أكبر‬
‫تحت تأثير عامل أساس ي هو الحافز‪ ،‬إذ ال يمكن إخراج كل طاقاته دون‬
‫حافز قوي‪.‬‬
‫‪ 1.4‬مفهوم ووسائل التحفيز‪:‬‬
‫حسب هرم ماسلو للحاجات‪ ،‬فإن الفرد تقوده الحاجة إما اجتماعية‬
‫كاالنتماء أو نفسية كالتقدير أو مادية كالعالوات‪ ،‬إذ يجب أوال تحديد‬
‫مستوى الحاجات املشبعة لدى األفراد للتعامل مع الحاجات غير املشبعة‬
‫ألنها أكثر تحفيزا‪ ،‬ومن أجل ذلك يمكن طرح األسئلة التالية‪ :‬هل هناك‬
‫حاجة للتغيير؟ في أي مستوى تتواجد هذه الحاجة ضمن هرم ماسلو؟‬
‫عندما يتم التغيير‪ ،‬ما هي الحاجات التي يشبعها؟‬
‫يرى العالم فروم (‪ ،)Vroom‬وهو مطور نظرية التوقع في سلوك العمل‪،‬‬
‫أن التحفيز هو حاصل ضرب الطريقة التي يختارها الفرد إلشباع حاجاته‬
‫(‪ )Valence‬واحتمال تحقيق هذه الطريقة لهذه الحاجة (‪.)Esperance‬‬
‫‪Motivation = Esperance x Valence‬‬
‫تمثل الحاجة حالة داخلية من عدم االتزان أو العجز‪ ،‬والتي لها سعة‬
‫لتنشيط السلوك‪ ،‬فعند وجود حاجة ما فإن الفرد يتحفز إلشباعها‪ ،‬إذ‬
‫يحفز األفراد باحتياجات مختلفة من فرد ألخر‪ ،‬ويحفز الفرد باحتياجات‬
‫‪365‬‬
‫مختلفة باختالف فترات حياته‪ ،‬ويعد إشباع االحتياجات البشرية مجزيا‬
‫ورفضها عقوبة‪ ،‬وأثبتت التجارب بأن الفرد يعمل للحصول على مكافئة أو‬
‫تجنب عقوبة‪ ،‬ويمكن استغالل هذا املفهوم لصالح التغيير‪ ،‬أين يجب أن‬
‫تتناسب املكافئة مع الجهد املطلوب لتغيير السلوك غير املرغوب‬
‫والحصول على السلوك املرغوب‪ ،‬إلى أن يبلغ الفرد مرحلة املحفز الذاتي‬
‫النابع عن قناعته الخاصة في قدرته على التغيير‪.‬‬
‫من طرق تقديم الحوافز‪ ،‬املكافئات املادية أو الحوافز املعنوية‪ ،‬حيث‬
‫يرى األفراد املنفذون لعملية التغيير‪ ،‬أن هذه العملية تعود عليهم بعدم‬
‫االستقرار وكونه عبء إضافي فحسب‪ ،‬وتعود على املستويات العليا في‬
‫التنظيم بالنفع واإلفادة‪ ،‬لذلك البد من حوافز لتقبل التغيير وتنفيذه‪،‬‬
‫حيث يصمم التغيير بحيث يضم احتياجاتهم ورغباتهم‪ ،‬والتفكير في‬
‫تعويضات إيجابية ومتماشية مع ما يمكن أن يفقده الفرد من جراء التغيير‬
‫كالشعور باألهمية وتحقيق الذات‪ ،‬وإذا وجدت فئة متضررة من التغيير‪،‬‬
‫فإن الحل هو التفاوض معها‪ ،‬وإعطاء امتيازات مناسبة وتقدير القائمين‬
‫على التغيير‪ ،‬والتعبير على ذلك بحوافز مادية ومعنوية‪ ،‬ترفع معنوياتهم‬
‫وتكون دافعا لالستمرار في تنفيذ وإنجاح وتثبيت التغيير‪ ،‬كما تمنح حوافز‬
‫للمبادرين بالتغيير تشجيعا لهم على طرح أفكار جديدة‪ ،‬يكون التحفيز‬
‫معنويا باالعتراف والتقدير وإدراج أفكارهم ومقترحاتهم ضمن عمل‬
‫املنظمة‪ ،‬وال بأس بمقابل مادي مشجع‪ ،‬ومنح مكافئات ملن يتعاونون مع‬
‫التغيير بإزالة العقبات عن طريقه‪ ،‬وألولئك املتجاوبين مع حلقات التدريب‬
‫لتعلم مهارات جديدة تتماش ى وعملية التغيير‪.‬‬

‫‪366‬‬
‫لدى البعض معتقدات ذاتية ناتجة عن افتقارهم للثقة في النفس على‬
‫األداء الجيد في املواقف الجديدة‪ ،‬لذلك يحتاج القائد إلى تحفيزهم بتوفير‬
‫الدعم لضمان تغيير هذا االعتقاد من خالل التدريب والتوعية‬
‫‪ 2.4‬وسائل التحفيز‪:‬‬
‫من أهم الطرق التي تمكن القائد من تحفيز األفراد على تقبل التغيير ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تسهيل اندماج األفراد وخلق روح االنتماء للمنظمة‪ ،‬وتأمين‬
‫التنسيق وانسجام الفريق؛‬
‫‪ ‬التكيف املستمر مع التطبيقات من خالل تطوير القدرات؛‬
‫‪ ‬جمع وتوجيه الطاقات وخلق ثقافة قائمة على قيم قوية فيما‬
‫يخص خدمة العميل‪ ،‬الجودة‪ ،‬التكيف‪ ،‬اإلبداع‪ ،‬روح الفريق‪ ،‬إثراء وتنوع‬
‫املهام‪ ،‬املسؤولية نحو تحقيق األهداف‪ ،‬كل هذا يجعل من األفراد بالكفاءة‬
‫التي تمكنهم من تقاسم جزء من السلطة في اتخاذ القرار ولو بصفة‬
‫ضمنية؛‬
‫‪ ‬تحفيز األفراد على اليقظة البيئية‪ ،‬من أجل القدرة على توقع ما‬
‫يجب تغييره‪ ،‬والعمل على تهيئة التنظيم والهياكل والسلوكيات من أجل‬
‫القدرة على التكيف املستمر وخلق ثقافة تغيير حقيقية ودائمة؛‬
‫كما يعد إظهار نتائج سريعة من أهم طرق التحفيز للتغيير‪ ،‬إذ يقول‬
‫كوتر في كتابه حول قيادة التغيير "معظم الناس ال يصبرون على السفر‬
‫الطويل‪ ،‬إال إذا شاهدوا نتائج ملموسة‪ ،‬ولذا فبدون تحقيق نجاحات‬
‫قصيرة املدى‪ ،‬فإن العديد من املوظفين سوف يتخلون عن الفكرة‪ ،‬أو أنهم‬
‫سوف ينظمون إلى املقاومة"‪ ،‬وذلك ألن هذه النتائج تعتبر مقياسا ملدى‬
‫‪367‬‬
‫إمكانية تطبيق الرؤية املستقبلية‪ ،‬وتعمل كمرشد لكيفية إعادة صياغة‬
‫رؤية واضحة تماما‪ ،‬وإذا استعسر األمر على إظهار نتائج مبكرة‪ ،‬يجب‬
‫إقناع األفراد بأن إيجابيات التغيير أكثر من سلبياته‪ ،‬وعدم التسرع في رؤية‬
‫النتائج امللموسة واإلصرار على االستمرار في العملية‪ ،‬ومحاولة إدراج‬
‫التغيير أوال في األماكن املتوقع تحقيق نجاح أسرع فيها لتشجيع العملية في‬
‫باقي املراكز‪.‬‬
‫يجد أي برنامج تغيير مقاومة تختلف حدتها كما يختلف مصدرها‪ ،‬وتعد‬
‫املقاومة استجابة عاطفية وسلوكية تجاه خطر حقيقي أو متوقع ووهمي‪،‬‬
‫ناتج عن تغيير إيجابي أو سلبي‪ ،‬يهدد أسلوب العمل الحالي‪ ،‬شكا في نتائجه‬
‫أو خوفا منها‪ ،‬ووفقا لتوازنات القوة واملصالح يمكن الحكم على تفوق‬
‫القوى الدافعة للتغيير أو املقاومة له‪ .‬قد تكون هذه املقاومة ناتجة عن‬
‫تخوفات معنوية وعاطفية‪ ،‬أو أمنية واقتصادية‪ ،‬أو عملية أو ثقافية‪ ،‬أو‬
‫اجتماعية أو معلوماتية‪ .‬تتوقف حدة التغيير على خبرة متخذي القرار‬
‫والوعي بأهمية التغيير‪ ،‬وكذا حجم الضغوط التي تمارسها قوى التغيير‪،‬‬
‫واملرحلة التي بلغها هذا األخير‪.‬‬
‫تبدأ املقاومة باإلنكار والرفض‪ ،‬كاستجابة أولية في شكل المباالة‪ ،‬ثم‬
‫املقاومة‪ ،‬أين يسود االضطراب والسلبية واالحتجاجات‪ ،‬تأتي بعدها مرحلة‬
‫االستكشاف واالستفسار‪ ،‬وهي أولى الخطوات نحو التغيير‪ ،‬يتم فيها‬
‫التفاوض حول مضمون التغيير‪ ،‬أين يتم تغيير بعض تفاصيله لصالحهم‪،‬‬
‫وتعد أطول مرحلة إذ يستعد فيها األفراد لترك ما ألفوه وتعلم سلوكيات‬
‫جديدة‪ ،‬بعدها تأتي مرحلة االلتزام واالندماج‪ ،‬حيث يتم تقبل تام للتغيير‬
‫وتعهد على تبني سلوكياته ضمن روتينيات املنظمة‪ ،‬ورفض العودة إلى‬
‫‪368‬‬
‫السلوكيات القديمة‪ ،‬وتحتاج هذه املراحل لحدوثها بهذا الشكل‪ ،‬إلى إدارة‬
‫واعية تؤمن بالشفافية واملشاركة وتوفر املعلومات وتحفز للتغيير‪ ،‬وإال‬
‫توقفت عند املرحلة الثانية‪ ،‬وإلغاء برنامج التغيير‪ ،‬أو إحداثه قسرا‪.‬‬
‫إلنجاح برنامج التغيير يتوجب وجود قائد تغييري‪ ،‬بصفات إدارية‬
‫وقيادية في نفس الوقت‪ ،‬حيث يتصف بالزعامة الجماهيرية‪ ،‬وكذا‬
‫الواقعية والتواصل واملوضوعية‪ ،‬إضافة إلى الرؤية السليمة‪ ،‬وإدراك‬
‫الذات وإمكانية التقمص وكذا التفكير االبتكاري وديناميكية األهداف‪ .‬كما‬
‫عليه التزود باملهارات واملعرفة القيادية واإلدارية وبعد النظر والتحكم في‬
‫التعقيد‪ ،‬إضافة إلى القدرة على التحكم في الوقت واإلدارة الواعية‬
‫للتكاليف‪ ،‬مما يمكنه من مواجهة التغيير‪ .‬وإن أي مدخل للتغيير يجب أن‬
‫يحقق مجموعة عوامل لنجاحه أهمها تطوير رؤية جديدة‪ ،‬تطوير‬
‫الكفاءات‪ ،‬وتحقيق االتصال واملشاركة‪ ،‬والتحفيز للتغيير‪.‬‬
‫يعد التغيير عملية ضرورية تتضمن االنتقال من وضعية مرفوضة إلى‬
‫أخرى مرغوبة‪ ،‬وتظهر الحاجة إليه بظهور مظاهر سلبية باملؤسسة‪ ،‬حيث‬
‫يهدف إلى معالجتها وتحقيق التكيف مع البيئة الخارجية وزيادة مستوى‬
‫األداء‪ ،‬أو من خالل الرغبة في صنع التغيير وتنمية القدرة على االبتكار‪،‬‬
‫وبالتالي فإن التغيير أكبر من التفكير في عدم إحداثه‪ ،‬ويعد التغيير‬
‫مسئولية إدارية قائمة على التخطيط واالستمرارية والشمولية والنظم‬
‫املفتوحة‪ ،‬كما أنه من الضروري اختيار استراتيجية تغيير تتماش ى وأهداف‬
‫التغيير باملؤسسة‪ ،‬إذ ال بد من تشخيص طبيعة التغيير وتحليل عالقة‬
‫املنظمة مع البيئة‪ ،‬ومن ثم اختيار االستراتيجية املناسبة‪.‬‬

‫‪369‬‬
‫على إدارة التغيير استخدام أفضل الطرق اقتصادا وفعالية لتنفيذه؛‬
‫حيث يفترض أن تكون إدارة قائمة على املشاركة‪ ،‬قادرة على التكيف مع‬
‫األحداث وصنعها‪ ،‬تحافظ على نسيج العالقات االجتماعية وترتبط بالواقع‬
‫العملي للمنظمة بحيث تحقق قيما مضافة‪ ،‬كما تحقق التوازن بين‬
‫مختلف القوى وتحافظ على الشرعية القانونية واألخالقية‪ ،‬كما تتطلب‬
‫إدارة التغيير األخذ بالحسبان استراتيجية املنظمة وثقافتها‪.‬‬
‫تهدف إدارة التغيير إلى التحرر من القيود التي تفرضها الحالة القائمة‪،‬‬
‫وتحسين أداء املنظمة‪ ،‬بإعادة بناء قوى الفعل في املنظمة لتكون أكثر‬
‫توافقا مع احتياجات االنفتاح والتكامل مع العالم الخارجي‪ ،‬كما أنه على‬
‫إدارة التغيير أن تكون إدارة توقع‪ ،‬حيث تتوقع وتخطط للتغيير بدل انتظار‬
‫حدوثه‪.‬‬
‫تتولى اإلدارة العليا إدارة التغيير طواعية أو قسرا‪ ،‬كما قد تفوض ذلك‬
‫لإلدارات األخرى بمشاركة جزئية أو كلية لألفراد‪ ،‬كما يمكن أخرجتها‪ ،‬مما‬
‫يحرم املنظمة من فرص التعلم وتطوير املهارات‪ ،‬وتتم عملية إدارة التغيير‬
‫التهيؤ واالستعداد‬
‫عبر مراحل تبدأ بتطوير رؤية جديدة طموحة‪ ،‬ثم ِ‬
‫التنظيمي للتحلل من القديم‪ ،‬ومن ثم تطوير استراتيجية نهائية للتغيير‪،‬‬
‫وال يكفي تنفيذ استراتيجية التغيير‪ ،‬بل يجب اعتماد التحسين املستمر‪،‬‬
‫لتعديل جوانب القصور املمكنة‪ ،‬وبعد التأكد من إيجابية مخرجات برنامج‬
‫التغيير‪ ،‬يتم تثبيت قيمه ضمن ثقافة املنظمة واألفراد‪ ،‬أين يتم تعديل‬
‫هذه األخيرة جزئيا أو كليا‪.‬‬
‫يجد كل برنامج تغيير مقاومة تختلف حدتها باختالف نوعه ودرجته‪،‬‬
‫وهي استجابة لخطر حقيقي أو متوقع لعملية تغيير إيجابية أو سلبية‪ ،‬قد‬
‫‪370‬‬
‫تكون هذه املقاومة ناتجة عن تخوفات معنوية أو أمنية أو اقتصادية أو‬
‫عملية أو ثقافية أو اجتماعية أو معلوماتية‪ ،‬وتبدأ املقاومة باإلنكار‬
‫والرفض كاستجابة أولية‪ ،‬ثم املقاومة‪ ،‬تأتي بعدها مرحلة االستكشاف‬
‫واالستفسار‪ ،‬وهي أولى الخطوات نحو التغيير‪ ،‬يتم فيها التفاوض حول‬
‫مضمون التغيير وتحفظات املقاومين‪ ،‬أين يتم تغيير بعض تفاصيله‬
‫لصالحهم‪ ،‬وتعلم سلوكيات جديدة‪ ،‬بعدها تأتي مرحلة االلتزام واالندماج‪،‬‬
‫حيث يتم تقبل تام للتغيير وتعهد على تبني سلوكياته‪.‬‬
‫إن نجاح برنامج التغيير مرهون بوجود قائد بصفات إدارية وقيادية‪،‬‬
‫يتصف بالواقعية والتواصل واملوضوعية وكذا التفكير االبتكاري‬
‫وديناميكية األهداف‪ ،‬كما عليه التزود بمهارات معينة كالتحكم في التعقيد‬
‫وبعد النظر والقدرة على التحكم في الوقت‪ ،‬كما أن أي مدخل للتغيير يجب‬
‫أن يحقق مجموعة عوامل لنجاحه أهمها تطوير رؤية جديدة‪ ،‬تطوير‬
‫الكفاءات‪ ،‬وتحقيق االتصال واملشاركة‪ ،‬والتحفيز للتغيير‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫‪ -‬البلوي صالح بن فالح‪ .‬عبد هللا‪ ،‬اتجاهات العاملين نحو التغيير التنظيمي‪( ،‬الرياض‪:‬‬
‫دراسة مقدمة استكماال ملتطلبات الحصول على درجة املاجستير في العلوم اإلدارية‪.)2005 ،‬‬
‫‪ -‬الخضيري محسن أحمد‪ ،‬إدارة التغيير‪( ،‬دمشق‪،‬دار الرضا للنشر‪.)2000 ،‬‬
‫‪ -‬السكارنة بالل خلف‪ .‬الريادة وإدارة منظمات األعمال‪( ،‬األردن‪ :‬دار امليسرة‪)2008 ،‬‬
‫‪ -‬السلمي علي‪ .‬إدارة التميز"نماذج وتقنيات اإلدارة في عصر العوملة"‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار غريب‪،‬‬
‫‪)2000‬‬
‫‪ -‬السلمي‪ ،‬علي تطوير أداء وتجديد املنظمات‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار قباء‪.)2000 ،‬‬
‫‪ -‬السويدان طارق‪ ،‬منهجية التغيير في املنظمات‪( ،‬الرياض‪ :‬دار حزم للنشر‪.)2001 ،‬‬
‫‪ -‬الصيرفي محمد‪ ،‬إدارة التغير‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪- ،2006 ،‬‬
‫‪ -‬الصيرفي محمد‪ ،‬السلوك اإلداري والعالقات اإلنسانية‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬الصيرفي محمد‪ .‬القيادة اإلدارية واإلبداعية‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار الفكر الجامعية‪)2007 ،‬‬
‫‪ -‬الطمور رامز "إدارة التغيير واستراتيجيات التعامل مع مخاوف التغيير"‪ ،‬مؤتمر اإلبداع‬
‫والتحول اإلداري واالقتصادي‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة اليرموك ‪.2006‬‬
‫‪ -‬العربي عمار‪ .‬التسويق كأداة لتغيير التسيير باملؤسسات االقتصادية الجزائرية‪ ،‬دراسة‬
‫حالة ملبنة األوراس‪ )11/30 ،‬و‪( ،09 ،)2004/12/01‬الجزائر‪ ،‬املنتدى الثاني للمؤسسات حول‬
‫تسيير التغيير في املؤسسات االقتصادية‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ -‬عنابة‪.‬‬
‫‪ -‬العطيات محمد بن يوسف النمران‪ ،‬إدارة التغيير والتحديات العصرية للمدير "رؤية‬
‫معاصرة ملدير القرن الواحد والعشرين" (األردن‪ :‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪.)2006 ،‬‬
‫‪ -‬برس يورك‪ ،‬إدارة التغيير‪ ،‬سلسلة املتميزون اإلدارية‪( ،‬الطبعة اإلنجليزية‪ :‬شركة ألف)‪،‬‬
‫(الطبعة العربية‪ ،‬مصر‪ :‬الشركة املصرية العاملية للنشر لونجمان‪)2005 ،‬‬
‫‪ -‬بكري محمد عبد العليم‪ ،‬مبادئ إدارة األعمال‪( ،‬مصر‪ ،‬جامعة بنها‪.)2007 ،‬‬
‫‪ -‬سكوت سنيتا – نيس جيف‪ ،‬ترجمة بشير البرغوثي مركز القعيد للترجمة‪ :‬إدارة التغيير‬
‫في العمل‪ ،‬إشراف على الترجمة‪ :‬إبراهيم محمد القعيد‪( ،‬الرياض‪ :‬دار املعرفة البشرية‪.)1995 ،‬‬
‫‪ -‬سمير البعلبكي‪ ،‬إدارة األعمال‪ :‬مشاكل وحلول‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬لبنان‪.1998 ،‬‬
‫‪ -‬شهاب شهرزاد محمد‪ ،‬القيادة اإلدارية ودورها في تأطير روابط العالقات العامة‪ .‬دراسات‬
‫تربوية‪ ،‬العدد الحادي عشر‪ ،‬تموز ‪www.pdffactory.com 2010‬‬
‫‪ -‬عامر سعيد يس ‪" ،‬دور املشرف في إدارة التغيير" املؤتمر الحادي عشر حول تحديات‬
‫التغيير‪( ،‬القاهرة‪ :‬وايد سرفيس‪)2001 ،‬‬
‫‪ -‬عامر سعيد يس ‪"(،‬مبادئ إدارة التغيير)‪ ،‬املؤتمر السنوي األول استراتيجيات التغيير‬
‫وتطوير املنظمات‪ ،1991 ،‬القاهرة‪ :‬وايد سرفيس ‪،"1991 ،‬‬
‫‪ -‬عبوي زيد منير‪" ،‬إدارة التغيير والتطوير" (القاهرة‪ :‬دار كنوز املعرفة‪)2007 ،‬‬
‫‪ -‬كنعان نواف‪ ،‬القيادة اإلدارية‪( ،‬األردن‪ :‬مكتبة دار الثقافة‪)2000 ،‬‬
‫‪ -‬كينج نيجل‪ .‬نيل أندرسون‪ .‬إدارة أنشطة االبتكار والتغيير‪ ،‬تعريب محمود حسن حسني‪،‬‬
‫(اململكة العربية السعودية‪ :‬دار املريخ‪.)2004 ،‬‬
‫‪ -‬لوينثال جفري إن‪ ،‬إعادة الهندسة‪ ،‬تعريب‪ :‬عبد هللا دخيل هللا‪( ،‬الرياض‪ :‬دار املريخ‪،‬‬
‫‪،)2002‬‬
‫‪ -‬ماجيرسون شارلز‪ .‬قيادة الفريق "دليل نجاح نظم إدارة الفريق" ترجمة سرور علي إبراهيم‬
‫سرور (الرياض‪ :‬دار املريخ‪)2005 ،‬‬
‫‪ -‬ماهر أحمد‪ ،‬التنظيم‪ :‬الدليل العملي لتصميم الهياكل واملمارسات التنظيمية‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪2008 ،‬‬
‫‪ -‬هواريب فرانسيس‪ .‬تعريب‪ :‬محمد سمير العطائي‪ ،‬تكوين الثقافة اإلبداعية‪( ،‬األردن‪:‬‬
‫العبيكات‪)2003 ،‬‬
‫‪ -‬ويلسون دافيد‪ ،‬ترجمة تحية عمارة‪ ،‬استراتيجية التغيير‪ ،‬مفاهيم ومناظرات ونظريات في‬
‫إدارة التغيير‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الفجر للنشر والتوزيع ط‪.)1999 ،II‬‬
‫‪ -‬ويلمز آالن وآخرون‪ ،‬ترجمة سرور علي إبراهيم سرور‪ :‬إدارة التغيير بنجاح‪ ،‬استخدام‬
‫النظرية والخبرة في تنفيذ التغيير‪( ،‬الرياض‪ :‬دار املريخ‪،)2004 ،‬‬
‫‪-‬الخشالي شاكر جار هللا‪ ،‬موضوعات إدارية معاصرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار حامد للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2015 ،‬‬
:‫المراجع باللغات األجنبية‬
- Balgun Julia. Stratégie du changement, 2ed, (France :
édition éducation, 2005)
Ballé Michael , Reengineering des processus, Traduit -
de l’anglais par Monique Sperry, (Paris : Dunod, 1995)
- Bernard De Momorillon. Jean pierre. Tol Belin.
Organisation et gestion de l’entreprise, (Paris : édition litec,
1995).
- Betone Alain et autre, Dictionnaire des sciences
économiques, (Paris : Armand colin, 2007)
- Boyer Luc. Noel Equlbey, Histoire de Management,
(Paris : édition d’organisation, 1990),
- Burenes Bernard, Managing change, (Great Britain:
1992)
- Carton Gerard Dominique. Élogue de changement,
(Paris : pearson édition, 2004)
- Christopher G. Worley, Organization Development and
change, 5ed, (Los Angeles: West Publishing Company,1993).
- Cummings Thomas G. & Christopher G. Worley,
-Organization development and change,
- Cummings Thomas G. & Christopher G. Worley,
Organization development and change,( New York : West
publishing company, 1993)
- Fahey Liam, V.K.Narayanan, Linking changes in
revealed causal maps and environmental change –empirical
study, (Great Britan : Galliard, Great yarmouth, the
international library of management,1994)
Fouré Pierre, Changer la culture, cultiver le -
.changement, (Paris : Edition d’organisation, 2006)
- Helfer. Jean Pierre. Michel Kalika. Jacque Orsoni,
Management: Stratégie et organisation, (France :
vuibert, sans date de publication)
- Hollard Michel, Genie industriel :Les enjeux
économique, (Grenoble : presses universitaire,1994
- Johnson Gerry. Kevan Scholes. Frédéric Fréry.
Stratégique, (France : Pearson Education, 2002)
- Livian Yves –Frédérik, changement et gestion des
ressources humaines (France : édition d’organisatin,
2006)
- Marie Peretti Jean. Gestion des ressources
-humaines, (France : Vuibert, 19ed)
- Musso Pierre – Laurent, Ponthou – Eric Seulliet.
Fabriquer le futur, (Paris : Village Mondial, 2005)
- Newenhuijeze H.Dobers-v. The technological era-
Continuity and change in Arab and European
societies, (international institute Konrad –Adenauer-
Stiftung,1985)
- Pastor Pierre,Gestion du changement,
(Paris : édition liaisons, 2005)
- R. Jones, Gareth . Organizational Theory Design,
and Change, (America : Pearson Education
.International, 2007)
- S.Barr Pamela. J.L.Stimpert. Anne . S.Huff.
cognitive change, strategic action, and
organizational renewal, (Great Brittan Galliard, Great
yarmouth, the international library of management,1994)
- Thiétart, Raymond –Alain. Le management, (Paris :
Dahlab, 1995)
- Vandermewe. Sandra, Making strategic change
happen, Bengt-Arne. Vedim Artical about:
Management of change and innovation,),(Great Britan,
Gallliard ,The International library of management,
1994) ,
- warhavtig Wanda. Flight to the future, Managing
change in financial services for sustainable growth,
(Europe: Limra,2005).( New York : West publishing
company, 1993)
- Abdeloihed Serhane. Gérer le
changement « concept et approche », (Algérie :
.département de EMI. ISCAE, 2005)
- Ali Naghibi Mohammad. Hediyeh Baban. Strategic
change management. The challenges faced by
organisations, International Conference on Economics
and Finance Research IPEDR vol.4 (Singapore IACSIT
Press 2011))
- ChebaneHassane, résistance au changement et
stratégie de minimisation, une approche de gestion
de changement, (Algérie, Batna : revue des science
)2004 social et humaine
- Christensen Clayton M. et Michel overdorf,
Rependre au défi du changement radical, Harvard
business review, sur l’innovation, (Paris : édition
d’organisation, 2003)
- passerelles «groupe IMT des solutions pour le
France : Revue )changement » Dossier N=°50.
française », 2012)
- Lahouel Ali, le triple rôle de l’état dans l’industrie
pharmaceutique Algérienne,( Algérie : Université
Djilali Liabes, Sidi Bel Abes, 2013),
- Livian Yves – Frederic: Changement et gestion des
ressources humaines, (Paris : édition d’organisation,
:2003). www.dimitri.wiess.com,dernier consultation,
2014 /06/12
Jean Marie Peretti. Gestion des ressources -
humaines, (France : Vuibert,
19ed)www.colectionentreprise.fr dernier consultation
2014 /06/12
- Brilman Jean., Les meilleurs pratique de
management,3émeed (Paris: édition d’organisation,
.2001)
-Geger Cecile. Precis de gestion d’entreprise
(France : édition Nathan, 1996).
- Thiétart Raimond Alain, Le management, 7éme ed
(France : édition Dahleb, 1995).
- Harris, Stanley G; Hirschfeld, Robert R; Feild,
Hubert S; Mossholder, Kevin W, Psychological
attachment: Relationships with job characteristics,
attitudes, Group & Organization Management; vol. 18,
No 04; Dec 1993.

You might also like