You are on page 1of 16

‫جامعــة محمد بوضياف‬ ‫مجلة العلوم‬

‫باملسيلــة‬ ‫االجتماعية واإلنسانية‬

‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي لحمدان بن عثمان خوجة‬


‫بعد االحتالل الفرنس ي للجزائر‬

‫د‪ .‬حميدي أبو بكر الصديق‬


‫جامعة محمد بوضياف‪ /‬املسيلة ‪ -‬الجزائر ‪-‬‬
‫امللخص‪:‬‬
‫مثل حمدان خوجة شخصية سياسية تصدرت املشهد السياس ي الجزائري بعد‬
‫االحتالل مباشرة بحكم انتمائه العائلي القريب من السلطة العثمانية بالجزائر‪ ،‬وكونه‬
‫عارفا بدروب الحكم‪ ،‬إضافة إلى البيئة التي نشأ بها من ضروب الثراء واملعرفة‪ ،‬فضال عن‬
‫الرحالت التي قام بها في عدة بلدان خالل مساره العلمي والسياس ي شملت‪ :‬اسطنبول‬
‫والدول األوربية (إيطاليا واسبانيا وانجلترا) وتونس‪ .‬وقد عايش عن كثب االحتالل الفرنس ي‬
‫للجزائر‪ .‬وبعد االحتالل مارس عضوا بلديا بالعاصمة لدى اإلدارة الفرنسية في عهد‬
‫كلوزال معتبرا نفسه وسيطا لتمثيل الجزائريين والدفاع عن حقوقهم‪.‬‬
‫ورغم تعقد الوضع وخطورته فقد أثبت جرأة في الخطاب وتملك أدوات الخطاب‬
‫السياس ي بروح معاصرة‪ ،‬موجها رسائله للجزائريين والباب العالي لوضعهم عند‬
‫مسؤولياتهم وتدارك ما يمكن إنقاذه‪ ،‬كما خاطب الفرنسيين بلغة الضمير والعقل‬
‫والحضارة والعدالة ملراجعة عدوانهم وظلمهم‪ .‬وانطالقا من هذه املعطيات استهدفت من‬
‫هذا البحث الوقوف على طبيعة هذا الجهد في تبني القضية الجزائرية‪ ،‬وما هو مستوى‬
‫الخطاب السياس ي والثقافي الذي حمله حمدان خوجة في كتاباته؟‬

‫‪- 272 -‬‬ ‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ - 09 :‬جويليــة ‪2015‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫مقدمة‬
‫كان االحتالل الفرنس ي للجزائر بعد مخاض عسير من الصراع العسكري والسياس ي‬
‫الب َنى السياسية واالجتماعية والثقافية‬
‫بين البلدين‪ ،‬ولهذا كان دخوله عنيفا ومدمرا لكل ُ‬
‫واالقتصادية لدى املجتمع الجزائري‪ .‬ورغم تعهده باحترام املمتلكات والديانات والعادات‬
‫إال أنه نكث كل العهود‪ .‬وفي ظل هذه الظروف حاولت النخبة السياسية واملثقفة أن‬
‫تؤدي دورا ولو بجهد املقل وفي حدود الظروف املمكنة وأن ترافع عن الشعب الجزائري‬
‫والوقوف في وجه املظالم والتجاوزات والجرائم الفرنسية في ظل غياب السيادة الوطنية‪.‬‬
‫ومن الشخصيات التي استماتت في الدفاع عن القضية الجزائرية في بداية االحتالل‬
‫وتعد من املثقفين والسياسيين الذين كان لهم حضورا اجتماعيا وسياسيا‪ :‬حمدان بن‬
‫عثمان خوجة واملفتي الكبابطي ‪ 1‬وابن العنابي‪،‬وأحمد بوضربة‪ ، . . .‬وإن تفاوتت ميادين‬
‫النضال بينهم لكنهم كانوا يحملون هموما مشتركة‪ .‬وبحكم الدور الذي لعبه حمدان بن‬
‫عثمان خوجة على الصعيد الداخلي والخارجي‪ ،‬والصيت الذي حظي به واألثر الذي تركه‬
‫سيكون محل هذه الدراسة‪ .‬إضافة إلى املنحى السياس ي الذي رسم معالم حياته بحكم‬
‫أنه كان قريبا من الحكم في العهد العثماني‪ ،‬وعلى تواصل سياس ي مع السلطة الفرنسية‪.‬‬
‫وتشخيصا لبعض مالمح هذه الشخصية وقراءة املشهد توجب علينا البحث عن‬
‫َ‬
‫الخلفيات التي دفعته إلى تبني هذا التوجه السياس ي في زمن كانت البالد قد ت َحكم‬
‫االستعمار في أجزاء كبيرة منها؟ وكيف كانت رؤيته لألطراف املختلفة داخليا ومحليا؟ وماهي‬
‫البيئة التي ساعدته على هذا التكوين واملسار والعالقات‪.‬‬
‫وضمن هذا العمل املتواضع نتساءل هل كانت جهوده تصب ضمن بعد وطني؟‬
‫أم هي ردود أفعال آنية؟ وهل تعبر هذه الشخصية عن روح املجتمع الثقافية وعن عمق‬
‫األزمة التي كانت تعيشها البالد؟ وما هو مستوى الخطاب السياس ي والثقافي الذي حمله‬
‫في كتاباته؟‬
‫أوال‪ :‬البيئة التي ظهر فيها‬
‫يعد حمدان بن عثمان خوجة (‪1187-1255‬هـ‪ )1840-1773/‬من الشخصيات‬
‫‪2‬‬

‫النادرة في التي برزت مع مطلع االحتالل الفرنس ي للجزائر من خالل التعاطي السياس ي مع‬
‫األحداث‪ ،‬والدفاع عن القضية الوطنية بقلمه والتنقل بين الساسة لطرح املشكل‬
‫الجزائري‪ ،‬ورغم تعقد الوضع وخطورته فقد أثبت جرأة في الخطاب وتملك أدوات‬

‫‪- 273 -‬‬ ‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر‪2017‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫الخطاب السياس ي بروح معاصرة موجها رسائله للجزائريين والباب العالي لوضعهم عند‬
‫مسؤولياتهم وتدارك ما يمكن إنقاذه‪ ،‬كما خاطب الفرنسيين بلغة الضمير والعقل‬
‫والحضارة والعدالة ملراجعة عدوانهم وظلمهم‪ .‬فمن الطبيعي أن نبحث عن البيئة التي‬
‫أكسبته هذه الشخصية ونمت امللكات السياسية لديه‪.‬‬

‫‪ /1‬البيئة االجتماعية‪ :‬من املعروف أن حمدان خوجة ترعرع في أسرة جزائرية عريقة لها‬
‫أمالك كبيرة في متيجة من أراض ي وبنايات ومحالت تجارية بالعاصمة وضواحيها‪ .‬فكان‬
‫خاله محمد أمينا للسكة‪ ،‬ووالده فقيها وأمينا عاما لأليالة "مكتباجي" ‪ 3‬أو مكتابجي يشرف‬
‫على السجالت املالية واإلدارية وهو منصب هام‪ ،‬وفي هذه املرحلة يعد هذا املنصب الرجل‬
‫الثاني في الدولة حسب حمدان خوجة وهو أقرب للداي من غيره‪. (4( .‬‬

‫وبعد االحتالل مارس عضو بلدي للعاصمة لدى اإلدارة الفرنسية في عهد كلوزال‬
‫معتبرا نفسه وسيطا لتمثيل الجزائريين والدفاع عن حقوقهم‪ ،‬لكنه الحظ ازدياد املظالم‬
‫واالنتهاك املتواصل لكل بنود االتفاق املبرم عشية االحتالل باحترام املمتلكات واملعتقدات‪.5‬‬
‫فواجه ذلك من خالل نضاله السياس ي الذي كلفه متاعب كبيرة‪.‬‬
‫‪ /2‬البيئة العلمية ‪ :‬تمكن حمدان من اإلملام بالعلوم الدينية وحفظ القرآن‪ ،‬كما درس‬
‫القانون على أبيه عثمان ‪ ،6‬وتعلم الكثير من العلوم كالفقه‪ ،‬التاريخ‪ ،‬املنطق‪ ،‬والفلسفة‬
‫والتصوف والطب‪ ،‬هذا فضال عن معرفة اللغات كالفرنسية والتركية واإلنجليزية‪ ،‬وبالتالي‬
‫تملك املقومات العلمية التي صقلت شخصيته وأهلته ألدوار كبيرة على الصعيد الداخلي‬
‫والخارجي‪ .‬وهناك من وصفه بالعالم الجليل وصاحب قدرة على التالعب باملفردات‬
‫واألفكار وطالقة الرأي‪ (7( .‬كما مارس التدريس للعلوم الدينية بعد وفاة والده‪ .‬وكانت‬
‫ثقافته الواسعة حول العالم األوربي وقدرته على الكتابة بالفرنسية إحدى األدوات التي‬
‫تملكها في الدفاع عن القضية الجزائرية‪8 .‬‬

‫‪ /3‬البيئة املادية‪ :‬من املعلوم أن حمدان خوجة قد نشأ في كنف الغنى العائلي‪ ،‬فهو يتكلم‬
‫عن نفسه أنه صاحب أمالك كبيرة ومما ذكره ‪ " 9‬كنت أملك بمزارعي في منطقة متيجة‬
‫عشرة آالف رأس غنم‪ ،‬وستمائة رأس بقر وأربعمائة ثور للحراثة وستين جمال ومائتي ما‬
‫بين فحول وفرسان وستين بغال وعددا آخر من الحيوانات‪ . . .‬كنت أملك ستمائة معسلة‪،‬‬
‫ما بين خمسة وستة آالف كيلة من القمح والشعير‪ ،‬وعدة آالف من الهكتارات‪(10( " . . .‬‬

‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر ‪2017‬‬ ‫‪- 274 -‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫هذا فضال عن املحالت والتجارة حتى قيل أن ثروته فاقت األربعين مليون فرنك عشية‬
‫االحتالل‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ /4‬الرحالت العلمية والتجارية‪ :‬عرف حمدان بن عثمان خوجة بالترحال منذ صغره سواء‬
‫للدربة على عادة أهل الجاه واملال أو للتجارة‪ ،‬كما قام بالعديد من الرحالت شملت‪:‬‬ ‫ُ‬
‫اسطنبول والدول األوربية (إيطاليا واسبانيا وانجلترا) وتونس وغيرها‪ .‬حيث كانت رحلتة‬
‫إلى اسطنبول في ‪ 1784‬صحبة خاله وخاللها زار عدة مدن في أوربا الغربية سنة ‪،1820‬‬
‫ومنها فرنسا وتعلم الفرنسية خاللها‪ ،‬وقيل أنه قض ى حوالي سبعة عشر عاما خارج‬
‫الجزائر‪ .11‬ونعتقد أن هذه الرحالت لها من الفوائد الجمة التي أكسبت حمدان معرفة‬
‫الدول واملجتمعات وأنواع الحكم ومظاهر الحضارة األوربية والشرقية واألفكار الجديدة‬
‫فصقلت شخصيته بنظرة جديدة للتعامل مع الحياة ومكنته من خطاب يتالءم مع الواقع‬
‫الجديد في الجزائر‪ .‬وأصبح عارفا بدروب السياسة والحكام‪ .12‬وهذه الرحالت واكبت‬
‫زخما كبيرا في عالم الثورة الفكرية في أوربا‪ :‬شعارات القومية‪ ،‬األقليات املضطهدة‪ ،‬حركة‬
‫التنوير‪ ،‬الحريات املدنية‪ ،‬شعارات املساواة‪ ،‬التجربة الليبرالية‪ ،‬الديمقراطية‪ . . .،‬ولم‬
‫يخف إعجابه بأنظمة بعض الدول الليبرالية قائال‪ " :‬لقد عشت في أوربا وتذوقت ثمار‬
‫الحضارة وإني اعتبر نفس ي أحد أولئك الذين يعجبون بالسياسة التي تمارسها بعض‬
‫الحكومات "‪13‬‬

‫ثانيا‪ :‬البعد الوطني‬


‫كان البعد الوطني واالرتباط به حاضرا في كتاباته باملوازاة مع الوالء للخالفة‬
‫اإلسالمية‪ .‬وفي ثنايا الخطاب كان دائما يكرر عبارات‪ :‬عبدكم الحقير الجزائري‪ ،‬باسم‬
‫الشعب الجزائري‪ ،‬أهل الجزائر‪ ،‬وهي تحمل تشبثا بهذه األرض‪ .‬وقيل أنه أول من طرح‬
‫" الجزائر للجزائريين"(‪ ، (14‬فمن خالل رسائله املوجهة للجهات املختلفة نقف على حضور‬
‫هذا البعد باللفظ واملفهوم ويعد ذلك صرخة كبيرة في هذه املرحلة في وجه فرنسا‪،‬‬
‫فتمهد الطريق لسائر الشعوب لتقرير‬ ‫واعتبرها فرصة لكي تترك فرنسا إدارتها ألبناء البلد ُ‬
‫مصيرها‪ ،‬وتعجب عن دعم الدول األوربية وفرنسا خاصة لتحرير اليونان والبولنديين‬
‫وتتجاهل وضع الجزائر وأن أعمالها الوحشية بها لن تفيدها‪ .‬وأكد أن عبارة الجزائر‬

‫‪- 275 -‬‬ ‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر‪2017‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫للجزائيين هي اإلطار األمثل الذي يمكن أن تجد فيه أحسن وسيلة تساعدها على‬
‫االنسحاب من اإليالة بكل شرف ‪.15‬‬
‫وفي هذا الكالم دعوة للوطنية بصريح العبارة وحق الجزائريين في حكم بالدهم على‬
‫غرار الشعوب األخرى التي تريد استقالل أوطانها وحق أممها في أن تكون وحدة سياسية‬
‫مستقلة وفي نفس الوقت كان يرى أن السلطات العثماني هو صاحب األمر والنهي كخليفة‬
‫للبلدان اإلسالمية‪ ،‬إذن فالوطنية عنده تنضوي تحت الدائرة اإلسالمية الكبرى‪.‬‬
‫وفي حديثنا عن الوطنية والبعد اإلسالمي في خطابه وكلماته البد أن نبين الوجه‬
‫اآلخر الذي اتهم به حمدان خوجة بأنه كان مدافعا عن مصالحه الشخصية وخاصة أنه‬
‫كان من ذوي الجاه والنفوذ واملال واألمالك الواسعة بالعاصمة وضواحيها‪ .‬وهو ما كان‬
‫يدحضه بقلمه من خالل الرسالة املوجهة للسلطان العثماني قائال له رغم الظروف‬
‫الصعبة " كان يسعني كما وسع غيري وأسكت‪ ،‬لكن يا أخي الغيرة اإلسالمية حملتني على‬
‫أن أكتب وخاطرت بنفس ي وأعلمتكم "(‪(16‬‬

‫وهذا النشاط الذي سجله في بداية االحتالل الفرنس ي مع بعض الشخصيات ‪17‬‬

‫األخرى أطلق عليه من قبل بعض املؤرخين بأول حزب وطني قاد املقاومة السياسية من‬
‫خالل العرائض املوجهة للسلطات الفرنسية بالجزائر وفرنسا والتذكير بالوعود املتفق عليها‬
‫واملظالم الكبيرة في حق الشعب الجزائري‪ ،‬ومن بين هذه العرائض كان طلب لجنة تحقيق‬
‫للنظر في هذه املظالم‪ ،‬كما بعث خوجة رسالة في جويلية ‪1933‬إلى امللك لويس فيليب‬
‫للتدخل الشخص ي وحق الجزائريين في الحرية قائال‪ " :‬للجزائريين الحق أيضا في التمتع‬
‫بالحرية وكل الفرص التي تتمتع بها األمم األوربية "‪18‬‬

‫ولم تكتف هذه النخبة وعلى رأسها حمدان خوجة بتوجيه العرائض بل نقلت‬
‫نشاطها إلى فرنسا من خالل الصحافة واملؤتمرات واالستجواب والرسائل واملشاورات‪. . .‬‬
‫وغيرها للتأثير على املجلس الوطني والرأي العام باستنكار تصرفات الجيش الفرنس ي وحق‬
‫الجزائريين كبقية القوميات في الحرية‪ .19‬واستفاد من األفكار الجديد في أوربا ومحاكاتها‬

‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر ‪2017‬‬ ‫‪- 276 -‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫لصالح قضيته فطالب بأن يكون للجزائريين كيان وحق في الوجود كبقية الشعوب واألمم‬
‫الحرة املستقلة ‪.20‬‬
‫وساهم هذا الجهد في إرسال لجنة تحقيق للجزائر" اللجنة اإلفريقية " ‪ 21‬وإن خاب‬
‫األمل في أي ثمار من ورائها رغم اعترافها بسوء تصرف الجيش الفرنس ي وخرق االتفاق‪،‬‬
‫ولكنها أوصت بإلحاق الجزائر بفرنسا‬
‫ثالثا‪ :‬املوقف من بعض الشخصيات الجزائرية‬
‫أما دراستنا لفن الكتابة عند حمدان بن عثمان فيما يتعلق بالقضايا الداخلية‬
‫فهي كثيرة ولكن نأخذ نماذج معينة منها فقط‪ .‬فهناك الكتابات الوصفية املتعلقة‬
‫باألشخاص وخاصة التي عايشها مثل الداي حسين أو أحمد باي أو األمير عبد القادر و‬
‫بوضربة ‪ ،‬وغيرهم‪ .‬فنجد أن هذه الكتابات املتعلقة باملناقب وتقييم املوقف تخضع‬
‫لعالقة حمدان بن عثمان معهم والصالت التي تربطه بهم ومدى تجانس مواقفه مع‬
‫مواقفهم من الوضع القائم وخاصة االستعمار‪.‬‬
‫ُ‬
‫فعندما يتعرض للداي حسين باشا آخر دايات الجزائر فإنه يجله بعبارات االحترام‬
‫والصدق والتفاني في خدمة األمة الجزائرية‪ ،‬وأنه من أطيب أرومة األتراك‪ ،‬وهو معروف‬
‫بالوفاء بالعهود لدى أوربا‪ ،‬ويصل إلى إبعاد املسؤولية عنه في ترك الحكم ألن الحظ لم‬
‫يحالفه بسبب أخطاء حاشيته وجنوده وأن بعض أعضاء ديوانه " ال أخالق لهم وال خبرة‬
‫وال شجاعة وقد كان ينوي إبان حكمه أن يعيد نظام الحكومة إلى نصابه‪ " . . .‬فهو –‬
‫حمدان‪ -‬ال يلوم الداي فيما آلت إليه األمور وأن منفاه كان اضطراريا‪ ،‬وهنا نقف أيضا‬
‫على مدى العالقة والحميمية التي كانت بينهما فأضفت بإعطاء الصورة املبررة لكل أعمال‬
‫الداي ورمي املثالب على الحاشية‪ ،‬كما أن عبارات التعاطف ظلت قائمة في كتاباته تجاه‬
‫الداي حسين‪.‬‬
‫وفي مكان مختلف حول الكتابة عن األشخاص يعرض مثاال آخر عن أحمد باي‬
‫ويضعه بنفس مقام الداي حسين باشا من حيث االحترام وعبارات الثقة والصدق‬
‫وتقديمه على أنه الرجل األمثل للمرحلة لكي يمثل الجزائريين ويحث السلطان محمود‬
‫الثاني على دعمه بكل السبل عساه أن ينقذ البالد‪.‬‬
‫ومن املعلوم أن حمدان بن عثمان خوجة كان من العارفين بدروب السياسة‬
‫واالتصال وحسن العالقة مع أحمد باي وحاولت السلطة الفرنسية استغالل ذلك من‬

‫‪- 277 -‬‬ ‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر‪2017‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫خالل املهمة التي قام بها بتكليف من فرنسا وتحديدا " دي روفيقو " ‪ 22‬باالتصال بأحمد‬
‫باي في جنوب قسنطينة بهدف الوساطة والتفاوض أو وضع السالح‪ ،‬وهذا من خالل ما‬
‫أدلى به ابنه علي أفندي الذي رافقه في هذه الرحلة التي كتبها بطلب من )‪)DE SAULCY‬‬
‫الذي تولى عدة مناصب إدارية وعلمية وترجم هذه الرحلة عام ‪) .23( 1838‬‬

‫وباملقابل كان يتجاهل األمير عبد القادر‪ ،‬ويقلل من شأنه‪ ،‬بل يذم بوضربة الذي‬
‫يراه يناصر األمير ويعمل على اقتراحه كأمير للبالد‪ .‬وفي عبارات جارحة يصف بوضربة‬
‫بالخائن واللعين‪ .‬وفي معرض حديثه عن الذين تعاونوا مع السلطة الفرنسية أنهم كانوا‬
‫قلة ووصفهم بالخونة وذكر من بين هؤالء بوضربة الذي وصفه باللعين وأن زوجته‬
‫فرنسية‪ ،‬واصفا إياه‪ :‬هذا تخليط بوضربة‪ ،‬ليس وحده بل له بطانة في الجزائر أراذل سفلة‬
‫مثله‪ .‬واستطرد حمدان خوجة في ذم بوضربة على أساس أنه كان قريبا من األمير عبد‬
‫القادر ويقول أنه توسط للصلح بينه وبين الفرنسيين ليولوه على البالد " يسموا له البالد"‪.‬‬
‫ويصرح حمدان خوجة بالقول أنه كان يؤيد أحمد باي ‪ 24‬على حساب األمير عبد القادر‬
‫الذي يسانده بوضربة‪ ،‬ولهذا توسع في مدح األول وذم الثاني ومعه بوضربة في رسائله‬
‫للسلطان محمود الثاني‪ .‬ويرى في األول وريثا شرعيا للحكم العثماني وتواصال للساللة‬
‫الحاكمة‪ ،‬ويصف الثاني أنه " أحد العرب"‪(25( .‬‬

‫وهذا يدل على أن حمدان قد دخل في عمق السياسة ليس كمحلل أو كاتب راصد‬
‫لألحداث وتصرفات األشخاص ولكنه كان قريبا من هذه الشخصيات وفاعال في توجيه‬
‫األحداث وبالتالي كان طرفا بطريقة غير مباشرة وانعكس هذا على كتاباته بين الذم واملدح‪،‬‬
‫والتصديق والتخوين واالقتراح واإلبعاد وإظهار املثالب وإبراز املحاسن‪ ،‬وبالتالي ليس غريبا‬
‫أن تصدر من حمدان مثل هذه املواقف ألنه يرى أنه صاحب علم ونظرة في الحياة‪ ،‬وترحال‬
‫في البلدان وخلطة برجال الحكم والسياسة وإحساس باملسؤولية بأن يدلي برأيه في مسار‬
‫األحداث‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الخطاب املوجه للباب العالي‬
‫‪ /1‬معالم الخطاب السياس ي املوجه للباب العالي‬
‫اعتبر نفسه يحمل مسؤولية هامة في رفع حجم معاناة هذا البلد للباب العالي‬
‫عساه أن ينقذه من براثن االستعمار فكتب يقول " إن الشعب الجزائري قد عقد إلي‬
‫مسؤولية االتصال بالباب العالي واطالعه على وضعيتنا بما سنبعثه من تقارير لسيادتكم"‬

‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر ‪2017‬‬ ‫‪- 278 -‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫(‪ .(26‬ففي هذا الجانب يمكن تحديد معالم الخطاب السياس ي ملراسالته الخارجية وخاصة‬
‫املوجهة للباب العالي والتي جاءت في املرحلة األولى لالحتالل على أنها تتمحور حول املحاور‬
‫التالية‪:‬‬

‫السعي ولو بجهد املقل الستعادة سيادة البالد‬ ‫‪‬‬


‫توخي الدعم املمكن من الباب العالي ألهل البالد‬ ‫‪‬‬
‫دعم أحمد باي كحاكم شرعي ال يزال يقاوم‬ ‫‪‬‬
‫إبراء للذمة أمام هللا‬ ‫‪‬‬
‫إبراء للذمة أمام سكان البالد الذين حملوا مسؤولية االتصال بالباب العالي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحميال للمسؤولية امللقاة على عاتق السلطان العثماني‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واجب املرحلة وما يقتضيه من تحديد للمسؤولية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ / 2‬العتاب املوجه للباب العالي‬
‫هناك العديد من الرسائل التي تحمل عتابا وتحميال للمسؤولية للباب العالي ولكن‬
‫استعرضنا القضايا التي أبرزها بقوة في كتاباته‪ .‬ففي إحدى املواطن يكتب بصوت عال‬
‫" أنا قد جاهدت بقلمي‪ ،‬والرعايا بسيوفهم‪ ،‬فجاهدوا بألسنتكم‪ ،‬الغياث الغياث‪ ،‬الفرنس ي‬
‫ال يخرج من الجزائر إال بقوة سلطانية ومواعيده ال أصل لها‪ ،‬وتعديه كل يوم يزداد‪ . . .‬أنا‬
‫كتبت وبينت وأنتم يحرم عليكم السكوت" (‪ .(27‬فنالحظ وجود جرأة قوية في تحميله‬
‫للسلطان املسؤولية إذا لم يقم بواجبه تجاه هذه البالد وبنبرة دينية حادة‪ ،‬وفي مقام آخر‬
‫يوجه له عتابا صريحا بأن سلطاننا يعلم أنه املسؤول عن هاته البالد‪ .‬وأحيانا ينقل‬
‫للسلطان صورة عن الرأي العام بالجزائر وما يتداوله تجاه السلطان " إن عددا من‬
‫األشخاص قد جاؤوا إلى عبدكم قائلين‪ " :‬إن سلطاننا قد تركنا في أيدي وكان يجب حسب‬
‫ديننا أن يأتي ملساعدتنا‪ ،‬إننا يوم القيامة سنتوجه إلى العالي جل جالله قائلين‪ " :‬إن‬
‫َ‬
‫سلطاننا قد تخلى عنا بحيث أن ذلك لم يكن قد ساعدنا " أال إن السلطان سيجيب‪" :‬‬
‫لقد كنت مشغوال بمشاكل أخرى‪ ،‬ولكن هللا لن يقبل منه هذا الجواب"‪(28( .‬‬

‫وربما كانت جرأته في مخاطبة السلطان العثماني حول قضية الجزائر حملته على‬
‫القول‪ " :‬فإذا كنا مذنبين فلتسامحوننا‪ ،‬وإن حكمتم علينا بأننا مجرمون‪ ،‬وإنكم ال‬
‫تغتفرون لنا هاته الزلة‪ ،‬فإن الواجب يحتم عليكم يا حضرة السلطان أن تعاقبوننا (كذا)‬

‫‪- 279 -‬‬ ‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر‪2017‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫ال تدعوا العدو يعاقب أبناءكم‪ ،‬ال فإن سيدنا السلطان رمز الصفاء والشرف‪ ،‬ذا األخالق‬
‫الربانية‪ ،‬ال يتركنا‪(29(" . . .‬‬

‫‪ /3‬طبيعة الخطاب املوجه للباب العالي‪:‬‬


‫إن تناول الخطاب املوجه للباب العالي لفهمه من حيث املبنى واملحتوى نجري‬
‫تحليال لطبيعة فن الكتابة والترسل التي مارسها حمدان بن عثمان خوجة في باب الرسائل‬
‫املوجهة للباب العالي بأسطنبول‪ ،‬وإن كانت هذه الرسائل كثيرة فإن املطلوب منا هو معرفة‬
‫الخطوط العامة لهذه الرسائل في مبناها وخطابها واألهداف الكبرى التي تحملها‪.‬‬
‫فمن حيث املبنى فإن هذه الرسائل في عمومها تتميز بالطول املطلوب الذي يصل‬
‫إلى أربعة صفحات أحيانا أو تزيد قليال وربما مس هذا النوع من الرسائل التي يتطلب‬
‫عرض الحال وتفسير األحوال بهدف اإلقناع بأفكاره‪ ،‬إضافة إلى ذلك فهو يعتمد على ألفاظ‬
‫بسيطة في الغالب ومتداولة بين الجميع في لغتها العربية أو مصطلحاتها وال نجد صعوبة‬
‫حتى يومنا هذا في دراستها وفهمها‪ .‬وربما نقول إنها لغة تميزت باملعاصرة وبالدبلوماسية‬
‫واللباقة‪ .‬ومن جهة أخرى فهو عادة ما يعرض كالمه على أربعة مراحل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬عبارات االحترام وما تحمله من كلمات تليق بمقام املخاطب وإظهار الوالء‬
‫وثانيا‪ :‬عرض الحال وتحليله وتفسيره وتقديم الدالئل السياسية واالجتماعية والثقافية‬
‫املمكنة‪ ،‬واإلمكانيات التي تخص الطرف الجزائري والعدو الفرنس ي‪.‬‬
‫وثالثا‪ :‬تقديم املقترحات التي يراها مناسبة من خالل معاينته لألمر الواقع وذلك في أسلوب‬
‫تدليلي تعليلي‪ ،‬وأخيرا يقدم نفسه في خاتمة األمر في صورة الناصح‪ ،‬واملتواضع أمام هيئة‬
‫الباب العالي أو السلطان مبرزا والءه ودعواه بالنصر له‪ ،‬وأحيانا أخرى يعرض ذلك باسم‬
‫الشعب الجزائري‪(30( .‬‬

‫أما طبيعة الخطاب الذي تتضمنه الرسائل فهو في الغالب خطاب سياس ي من‬
‫حيث األفكار املطروحة وما يقتضيه الحال من عبارات التشريف "صاحب الجاللة‪،‬‬
‫سلطان العالم اإلسالمي‪ " . . . ،‬وعبارات التعظيم واملدح رمز العطف والنصر‪ ،‬ملجأ‬
‫املسلمين‪ ،‬والضعفاء‪ ،‬رمز الدين‪ ،‬والعبارات الرسمية‪ :‬رئيس الحكومة‪ ،‬سيدنا السلطان‬
‫(محمود)‪ ،‬حضرة السلطان‪. . . .‬‬
‫ومن جهة أخرى حضور خطاب املناشدة والتوسل بالدعم والصرخات‬
‫واالستعطاف من خالل عرض الحال املزري‪ ،‬أو طلب النجدة ومن ذلك عبارات‪ :‬الغياث‪،‬‬

‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر ‪2017‬‬ ‫‪- 280 -‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫الغياث‪ ،‬إن عبدكم يترجاكم أن تنقذوا العباد من هذه املصيبة‪ ،‬أشفقوا على من في هاته‬
‫األرض (‪.(31‬‬

‫خامسا‪ :‬الدعوة للتمسك بالقيم النبيلة ونبذ الظلم‬


‫يتضح من خالل مراسالته دعوته إلى اليقظة الشاملة‪ ،‬وهذا من خالل نبذ‬
‫التعصب وتطهير الدين من الشوائب التي علقت به وجمود للعقول‪ ،‬كما نادى بالتفاهم‬
‫بين الحضارتين األوربية واإلسالمية‪ ،‬فهو يرى نوع من التقاطع بين مبادئ الشريعة ومبادئ‬
‫الحرية التي ظهرت في أوربا‪ ،‬وفي نفس الوقت كان يدعو للتجديد والتقدم في ميادين العلم‬
‫واملعرفة وكتب في رسالة للسلطان محمود الثاني " إن كل عصر له متطلباته وخصائص‬
‫جديدة‪ ،‬ولدى ظهور عادة حديثة وجب التخلي عن القديم حتى نتفادى حدوث اضطراب‬
‫وقلق في الشعب وحتى ال يعرقل ذلك دوالب سير اإلدارة الناجحة "‪ 32 .‬وال يرى مانعا في‬
‫االستفادة من الشعوب األخرى ومن تجاربهم في إصالح الحياة‪.‬‬
‫وكان منحاه واضحا في مراسالته بالدعوة إلى الحكم الشورى والديمقراطية وقال‬
‫إن القرن التاسع عشر‪ .‬هو قرن التنوير والحضارة والعدالة‪ ،‬وعلينا أن نغرف من هذه‬
‫القيم‪ ،‬وأن األعمال الجائرة من الحكام توهن عزيمة الشعب بأكمله‪.‬‬
‫ومن خالل تبحره في العلم‪ ،‬وتجربته في الخلطة والترحال مع أهل العلم والسياسة‬
‫كانت له رؤية نحو نجاعة الحكم وصالحه وذكرها في كتابه املرآة‪ ،‬وأتحاف املنصفين جاء‬
‫فيها " يجب على الحاكم أن يتخلص من أهوائه الذميمة وأن يكون قويا رحيما‪ ،‬ال طاغية‬
‫حقورا‪ . . .‬ال ينبغي له أن يقوم بأعمال تثير الظنون وأن ال يكون له سلوك مشبوه ومطبوع‬
‫بغضب مخز‪ . . .‬كما يجب عليه أن يجتهد في تخفيض أسباب الجنوح ألن البؤس كثيرا ما‬
‫يؤدي إلى األعمال الشريرة" ‪33‬‬

‫وباملقابل فإن األعمال الصالحة الرعية تمكن الحاكم من استمالة القلوب‪ ،‬وعلى‬
‫َ‬
‫الحاكم أن يكون ك َرب أسرة في العدل بين جميع أبناء الرعية وتفادي التمييز والنميمة‪،‬‬
‫وفي كل هذه الحاالت يضرب أمثلة بحكام فرنسا في الجزائر (كلوزال‪ ،‬ودوبورمون الذين‬
‫أساؤوا التصرف والحكم‪ ،‬فكان الكره لهم)‪.‬‬
‫وعاتب الفرنسيين بأن الحضارة واملدنية الحقيقية ليس بالشعارات ولكن تتم‬
‫"بواسطة أناس مجربين يميزون بين احترام اإلنسان ومصالحهم " ‪ 34‬وأن الحضارة ال‬
‫تكون باحتقار أمة ألخرى أو بالغزو الثقافي لها أو ارتداء أجمل الثياب ولكن الحضارة عند‬

‫‪- 281 -‬‬ ‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر‪2017‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫املسلمين " هي اتباع األخالق الشاملة والعدل إزاء الضعيف والقوي على حد سواء‬
‫واملساهمة في إسعاد اإلنسانية‪ ،‬التي تشكل أسرة كبيرة واحدة‪.35 " . . .‬‬
‫سادسا‪ :‬الخطاب املوجه للفرنسيين‬
‫أما كتاباته التي تعرض تصرفات الفرنسيين وسلوكهم تجاه الجزائريين فكانت بدون‬
‫شك تحمل عبارات األس ى والحسرة‪ .‬وفي نفس الوقت يضع قادة فرنسا بالجزائر أمام‬
‫ضمائرهم‪ ،‬ويشعرهم بانفصالهم عن قيم حضارتهم وبالشعارات التي روجوا لها‪،‬‬
‫مستخدما هذه العبارات لوخز ضميرهم وشعورهم اإلنساني ملعالجة قضية سياسية‪،‬‬
‫وخاصة أن حمدان خوجة العارف بشؤون أوربا والذي عاش فيها مدة من الزمن كان يذكر‬
‫الفرنسيين بالعهود وقيمتها بين األمم‪.‬‬
‫فنجده يصف إدارة دوبورمون بأنها " أصبحت ذات قوة وسلطان في ميدان‬
‫التخويف والتهويل‪ " ،" . . . .‬وكان في إمكان السيد بورمون أن يستشير السكان‪ . . .‬قبل‬
‫أن يلجأ إلى وسيلة الجور والظلم‪ ،‬فهو لم يهتم باحترام شروط املعاهدة التي أمضاها هو‬
‫بنفسه‪36 ." . . .‬‬

‫وفي مقام آخر " كان السيد دوبومون يدعي أنه أتى إلى بالدنا ليزيل الظلم‬
‫واالستبداد ويحصل مكان ذلك قوانين مبنية على أساس العدل واإلنصاف‪ " . . .‬إذن فأين‬
‫هؤالء الفرنسيين املفتخر بهم "‪.37‬‬
‫وكان قد أسس لجنة املغاربة للدفاع عن أبناء وطنه وهو ما جلب له ومن معه‬
‫من املعارضين النفي بتهمة التآمر على الحكم‪ .38‬وفي ‪10‬جويلية ‪ 1833‬بعث برسالة إلى‬
‫لويس فيليب طالبا منه التدخل للنظر في أوضاع الجزائريين" وحقهم في التمتع بالحرية‬
‫وكل الفرص التي تتمتع بها األمم األوربية"‪ .39‬وهو ما حمل امللك الفرنس ي على تشكيل‬
‫اللجنة اإلفريقية في صيف ‪ 1833‬التي وصلت إلى الجزائر في ‪ 02‬سبتمبر ‪40 .1833‬‬

‫ويعتبر كتاب املرآة استمرارا لرسائله املوجهة للرأي العام من خالل االتهامات‬
‫املباشرة املوجهة للفرنسيين في الجزائر وفيه أيضا برنامجا آلمال الجزائريين‪ .‬وقد وجه‬
‫حمدان خوجة رسالة إلى اللجنة اإلفريقية في ‪ 26‬أكتوبر ‪ 1833‬مصحوبة بنسختين من‬
‫كتابيه املرآة‪ ،‬واملذكرات‪ .‬وهذه كلها عبرت للفرنسيين على أن الرجل له باع كبير في االطالع‬
‫على القيم األوربية واألفكار القومية واالصطالحات املتداولة ( الكيان الجزائري‪ ،‬األمة‬
‫الحرة املستقلة‪،‬القيم الليبرالية‪ ،‬الديمقراطية الحضارة‪ ،‬االنتخاب‪،‬األمة املتحضرة‪) . . .‬‬

‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر ‪2017‬‬ ‫‪- 282 -‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫‪ ،41‬والتي تعبر عن ثقافة عالية في مجال القانون واألعراف الدولية وحقوق القوميات‬
‫والقيم اإلنسانية ومتطلبات العقود وااللتزامات‪.‬‬
‫ومن هنا اعتبره الدكتور سعد هللا ليس رائدا للوطنية الجزائرية فحسب ولكنه‬
‫رائدا لفكرة الجامعة اإلسالمية والقومية العربية التي ستشكل حركتين قويتين فيما بعد‪،‬‬
‫ومثل النموذج املبكر لعصر التنوير الناتج عن االتصاالت بين الشرق والغرب‪42 .‬‬

‫والشاهد في هذا املحور أن الكتابات التي صاغها حمدان واملوجهة للفرنسيين أو‬
‫التي تحمل على توصيف الحال بالجزائر وتوصيف املمارسات الفرنسية‪ .‬ركزت على عبارات‬
‫اللوم والعتاب للفرنسيين على نكث العهود‪ ،‬وعلى إبراز مظاهر الظلم واالستبداد‪ ،‬وعلى‬
‫النهب‪ ،‬ومصادرة األمالك العامة‪ ،‬وخاصة األوقاف الدينية‪ ،‬وأمالك الجمعيات ويضع هذا‬
‫كله أمام ما حمله الفرنسيون من شعارات‪ ،‬الحرية‪ ،‬واإلنسانية والتحضر‪ ،‬والقوانين وهذا‬
‫النوع من الكتابة كان سابقة مبكرة في تاريخ الجزائر سواء من ساستها أو كتابها‪.‬‬
‫وفي مثال آخر عن كتابات حمدان خوجة واملتعلقة بالعمل الدبلوماس ي نقف‬
‫على رسالته املوجهة إلى اللجنة اإلفريقية التي أرسلت للجزائر سنة ‪ 1833‬فإنه ضمن هذه‬
‫الرسالة التي تضمنت تقريرا شخص فيه حالة الجزائر وسكانها‪ ،‬ووضع األمالك‪ ،‬وأن‬
‫الوضع العام قبل االحتالل تميز بالثراء والوفرة وخاصة الحبوب التي هي سبب غزو فرنسا‬
‫للجزائر حسب حمدان‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫نعتقد أن البيئة التي عاش فيها حمدان بن عثمان خوجة ساهمت في بناء‬
‫شخصيته‪ ،‬وصار من العارفين بشؤون الحكام والسياسية والشعوب‪ ،43‬واتضح ذلك بشكل‬
‫جلي في مراسالته الداخلية والخارجية ودهائه السياس ي‪ .‬ويعد حمدان من بين النخبة‬
‫التي ساهمت في العمل السياس ي والفكري لهذه املرحلة ولعب دورا مهما في طرح القضية‬
‫الجزائرية في بداية االحتالل الفرنس ي للجزائر ثم بعد مغادرته نهائيا في ‪ .1833‬ويمكن‬
‫القول إنه أول من أسس للعمل السياس ي والنضالي من أجل القضية الجزائرية في عهد‬
‫االحتالل‪ .‬وأن بعض السياسيين واإلصالحيين الذين جاؤوا بعده استلهموا منه بعض‬
‫أساليب العمل السياس ي‪ ،‬وواصلوا املسيرة‪44 .‬‬

‫وإذا كان له منحى سياس ي قوي في األسلوب والخطاب فقد يتميز بالطالقة‬
‫واملباشرة‪ ،‬وتصيد املصطلحات واألفكار‪ ،‬وله خطاب يحمل دالالت التمرس واللباقة‬
‫‪- 283 -‬‬ ‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر‪2017‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫السياسية‪ ،‬ويعتمد على اختيار الكلمات للتدليل على أفكاره وطرح الحجة القاطعة‬
‫والبرهان الالزم ملخاطبه‪ .‬ومن خالل املراسالت املوجهة ملختلف الجهات نقف على أن‬
‫الرجل تملك أدوات الخطاب السياس ي السائد في تلك املرحلة وخاصة في أوربا‪ ،‬واطلع على‬
‫الكثير من ألفكار املتعلقة بحقوق الشعوب والقوميات والحق في العيش‪ ،‬والديمقراطية‪،‬‬
‫والحرية‪ ،‬وما أفرزته حركة االستنارة في أوربا‪ .‬مستخدما هذه القيم للمطالبة برفع املظالم‬
‫الفرنسية‪.‬‬
‫وهذه الحنكة السياسية واللغوية ساعدته على خوض غمار املراسلة وتمثيل‬
‫الجزائريين‪ ،‬والتأسيس لعمل سياس ي مبكر ومخاطبة الحكام الفرنسيين والسلطان‬
‫العثماني في ظل تناول قضايا سياسية في غاية األهمية من التعقيد والخطورة وخاصة ما‬
‫تعلق بقضية احتالل الجزائر واالنتهاكات الحاصلة ومكاتبة السلطان العثماني وتحميله‬
‫املسؤولية‪ .‬ولم يخف عتابه الصريح للباب العالي إزاء املوقف اتجاه الجزائر‪ ،‬وربما ثقل‬
‫املوقف بما ال يدع مجاال للتورية وضرورة املصارحة وتحميال للمسؤولية جعل حمدان‬
‫يقول للخليفة أطلب منكم العفو على جسارة هذا التقرير في إحدى املراسالت‪.‬‬
‫وإن كنا نستشف وكأن حمدان لم يكن يتوقع تدخال عسكريا عثمانيا مباشرا بقدر‬
‫ما كان يطلب املساعدة بالجند واملال وتعيين حاكم على هذه البالد واقترح أن يكون الحاج‬
‫أحمد باي الذي قال عنه أنه لم يتصالح مع الفرنسيين وهو رجل شجاع وعاقل‪ ،‬ويقترح‬
‫أنه من الالئق في هذه املرحلة منح لقب باشا على حاكم للبلد حتى يطيعه الناس وعليه‬
‫إشعار حكام تونس وليبيا على التعاون وحسن الجوار ومد يد العون لسكان الجزائر في‬
‫هذه املرحلة الصعبة‪.‬‬
‫وباملقابل أفصح عن معارضته لتوجه األمير عبد القادر ومن يناصره في هذه املرحلة‪،‬‬
‫وربما البيئة التي عاش فيها وقربه من أحمد باي والسلطة التركية كانا لهما التأثير الكبير‬
‫على هذا املوقف معتقدا أن أحمد باي مؤهل إلنقاذ البالد ويمكن أن يلقى دعما تركيا‪.‬‬
‫ورغم خطورة املوقف فقد خاض غمارا سياسيا صعبا في وجه السلطات الفرنسية مذكرا‬
‫إياها تارة بالعهود املقطوعة للجزائريين‪ ،‬وأخرى محاكما لها بمنظومة القيم الليبرالية‬
‫والحرية وشعارات الثورة الفرنسية التي تغنت بها‪ ،‬وقد تنوعت وجهة رسائله فنجد‪:‬‬

‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر ‪2017‬‬ ‫‪- 284 -‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫الرسائل الرسمية للحكام والساسة والقادة العسكريين‪ ،‬وأخرى للرأي العام واملتنورين‬
‫الفرنسيين‪.‬‬
‫واملالحظ أن حمدان خوجة لم يترك بابا إال طرقه من أجل القضية الجزائرية‪ ،‬وال‬
‫طرفا إال ناشده للتخلص من ربقة االستعمار‪ ،‬محاوال التعاون من النخبة الوطنية‬
‫ومستجديا بالسلطة العثمانية ومخاطبا الساسة الفرنسيين‪ ،‬محمال كل طرف مسؤوليته‬
‫بالنظر إلى املظالم الحاصلة‪ ،‬واألمالك املصادرة‪.‬‬
‫وهذه الجهود التي كانت تصطدم باإلرادة الفرنسية واإلصرار على إكمال االحتالل‬
‫رأت فيه عنصرا مشوشا قد يتطور ويتفاعل مع املقاومة الشعبية القائمة‪ .‬لذلك ضاقت‬
‫به ذرعا ونفته خارج البالد‪ .‬وشمل هذا اإلجراء معظم الناشطين سياسيا لتبقى لغة‬
‫املقامة العسكرية تصنع املشهد في الجزائر طيلة القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ 1‬ـ كان مفتي الجزائر‪ ،‬من مواليد ‪1189‬هـ وقابل اللجنة اإلفريقية‪ ،‬ونفي ملصر بسبب مواقفه من السلطة‬
‫الفرنسية وتوفي بها في ‪ 1278‬هـ‪ .‬أنظر‪ :‬سعد هللا أبو القاسم‪ ،‬أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر‪ ،‬ج ‪ ،2‬ط ‪،2‬‬
‫دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1990 ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 2‬ـ هناك من أخلط بين حمدان خوجة وابن خوجة الذي ظهر في مطلع القرن العشرين‪ ،‬وذكر حياته بين‬
‫(‪ 1875‬ـ ‪ )1915‬وهذا التاريخ غير صحيح‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫; ‪Eencyclopédie des savants et des hommes de lettres Algériens , directeur de l'ouvrage‬‬
‫‪khaddouci rabah , dar el -hadhara , 2002 , p 253.‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد الحميد زوزو‪ ،‬حمدان خوجة ومنهجه في كتابة التاريخ‪ ،‬األصاله‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،4‬منشورات‬
‫وزارة الشؤون الدينية‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪ 4‬ـ حمدان بن عثمان خوجة‪ ،‬املرآة‪ ،‬تقديم وتعريب وتحقيق محمد العربي الزبيري‪ ،‬ط‪ ،2‬الشركة الوطنية‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،1982 ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ 5‬ـ بوعزة بوضرساية‪ ،‬سياسة فرنسا البربرية في الجزائر ‪ 1830‬ـ ‪ 1930‬وانعكاساتها على املغرب العربي‪،‬‬
‫دار الحكمة‪ ،‬الجزائر‪ 2010 ،‬ـ ص ‪.140‬‬
‫‪ 6‬ـ سعد هللا‪ ،‬الحركة الوطنية الجزائرية‪ ،‬ج‪ ،2‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬ط ‪ ،2‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫وتشير مصادر أن والده كان عاملا في الفقه واألصول والتاريخ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ـ حمدان بن عثمان خوجة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.15‬‬

‫‪- 285 -‬‬ ‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر‪2017‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫‪ MAHFOUD KADDACH، DJILALI SARI , Lalgerie dons l'histoire n 5 , OPU , ENDL , Alger ,‬ـ ‪8‬‬
‫‪1989 , p 14,15.‬‬
‫‪ 9‬ـ في رسالة إلى لويس فيليب في ‪ 19‬جوان ‪1835‬‬
‫‪ 10‬ـ حمدان بن عثمان خوجة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 11‬ـ سعد هللا‪ ،‬الحركة الوطنية الجزائرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 12‬ـ عميراوي أحميدة‪ ،‬جوانب من السياسة الفرنسية وردود الفعل الوطنية في قطاع السرق الجزائري‪،‬‬
‫ط ‪ ،2‬دار الهدى عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ 13‬ـ سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ 14‬ـ عبد الجدليل التميمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪114‬‬
‫ـ معظم املؤرخين الفرنسيين يتجاهلون أو ينفون وجود وطن جزائري له معالم محددة قبل االحتالل‪15 ،‬‬
‫وبالتالي فالوطنية الجزائرية في نظرهم غير موجودة قبل االحتالل وان الدولة الحديثة ظهرت معه‪ ،‬وهذا‬
‫من أجل شرعنة االحتالل‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪- LAHAOUARI Addi, l'impasse du populisme ,L'algerie ,collectivite politique et etat en‬‬
‫‪construction , E N AL, Alger, 1990 , P 24, 25.‬‬
‫‪ 16‬ـ حمدان بن عثمان خوجة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ 17‬ـ ضم خوجة‪ ،‬وأحمد بوضربة‪ ،‬وحمدان آغة‪ ،‬ابراهيم ابن مصطفى وابن عمر‪.‬‬
‫‪ 18‬ـ سعد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ 19‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪31‬‬
‫‪ 20‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ 21‬ـ كانت هذه اللجنة في ‪ 07‬جويلية ‪ .1833‬أنظر‪ :‬محمد العربي الزبيري‪ ،‬مذكرات أحمد باي وحمدان‬
‫خوجة وبوضربة‪ ،‬ط‪ ،2‬الشركة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،1982 ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ 22‬ـ مولود قرين‪ ،‬النخبة الجزائرية مواقفها الوطنية واهتماماتها العربية واإلسالمية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪،‬‬
‫إشراف عبد املجيد بن عدة‪ ،‬املدرسة العليا لألساتذة‪ ،‬الجزائر‪ ،2017/2016 ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ 23‬ـ عميراوي أحميدة‪ ،‬محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الهدى عين مليلة‪،‬‬
‫‪1425‬هـ ‪ ،2004‬الجزائر‪ ،‬ص ‪ .169‬ومن خالل ما جاء في تفاصيل هذه الرحلة فإن حمدان خوجة‬
‫كان يحظى بتقدير كبير لدى أحمد باي‪.‬‬
‫‪ 24‬ـ كان يرى في نفسه الجدير بقيادة البالد والكفيل بإرجاع هيبة الدولة‪ ،‬والتحق به الكثير من األتراك‬
‫والكراغلة وفرسان املخزن بالجهات الشرقية‪ .‬أنظر‪ :‬سعيدوني ناصر الدين‪ ،‬الجزائر منطلقات وآفاق‪،‬‬
‫دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،2000 ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ 25‬ـ حمدان بن عثمان خوجة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ 26‬ـ ـ عبد الجدليل التميمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ 27‬ـ عبد الجدليل التميمي‪ ،‬بحوث ووثائق في التاريخ املغربي الجزائر‪ ،‬وتونس‪ ،‬وليبيا ‪-1816‬‬
‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر ‪2017‬‬ ‫‪- 286 -‬‬
‫د‪ .‬أبو بكر الصديق حميدي‬ ‫القضية الجزائرية في الخطاب السياس ي‬

‫‪ ،1871‬ط‪ ،2‬منشورات ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.14 .‬‬


‫‪ 28‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫‪29‬عبد الجدليل التميمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.115‬‬
‫‪ 30‬عبد الجدليل التميمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪31‬نفسه‪.122‬‬
‫‪ 32‬عمر قينة‪ ،‬صوت الجزائر في الفكر العربي الحديث (أعالم وقضايا‪ . . .‬ومواقف‪ ،). . .‬الديوان الوطني‬
‫للمطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1993 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ 33‬ـ حمدان بن عثمان خوجة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ 34‬ـ مولود قرين‪ ،‬مرجع‪ ،‬سابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ 35‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ 36‬ـ عمر قينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ 37‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ 38‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ 39‬ـ سعد هللا أبو القاسم‪ ،‬الحركة الوطنية الجزائرية‪ ،‬ج ‪ ،2‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،1999‬ص‪.31 .‬‬
‫‪ 40‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪ 42‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.36‬‬


‫‪ 43‬ـ عميراوي أحميدة‪ ،‬جوانب من السياسة الفرنسية وردود الفعل الوطنية في قطاع السرق الجزائري‪،‬‬
‫‪ ،2‬دار الهدى عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪.52‬‬ ‫ط‬
‫‪ 43‬ـ يمكن أن نقف على ذلك من خالل تصفح األدبيات السياسية والفكرية للعديد من الشخصيات‬
‫اإلصالحية ورواد الحركة الوطنية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫ا ـ سعد هللا‪LE mouvement reformiste Algerien , 1831-1957 , OPU , alger , 2002‬‬

‫‪- 287 -‬‬ ‫مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪ -‬العدد‪ -13 :‬ديسمبر‪2017‬‬

You might also like