Professional Documents
Culture Documents
توجد الجريمة حيثما يوجد اإلنسان إذ ال يمكن تصور مجتمع بدون جرائم وقد عرفت الجريمة في اآلونة
األخيرة تطورا خطيرا شغل بال وفكر العاملين في مجال الجريمة واملجرم ،وحير الباحثين في علم اإلجرام
لتنوعها واعتمادها أساليب مختلفة وخاصة منها تلك التي تعتمد على التطور التكنولوجي ووسائل اإلتصال
الحديثة وكذلك تلك التي تأتي في صورة اإلجرام املنظم إضافة إلى جرائم اإلرهاب وتزوير العمالت وتهريب
السلع واملخدرات واألشياء الثمينة والذهب وتحويل األموال عبر الحاسوب وجرائم الجنس..إلخ كلها جرائم
حديثة العهد.
ويتطلب هذا الوضع ضرورة تكثيف الجهود والبحوث والدراسات لصد الظاهرة االجرامية التي تعد قطبا
للبحث في مجال الجريمة واملجرم ،والدراسات التي ثم تقديمها في هذا الشأن تستهدف باألساس املجرم
كفاعل والظاهرة االجرامية كفعل وهي دراسات ذات أهمية تبحث في املجرم وأسباب ارتكاب الجريمة وأنوعها
والبحث في هذه الثنائية هو مايعرف بعلم االجرام
وعليه سوف نخص هذا العلم بالدراسة والتحليل من خالل ثالث محاور كبرى:
املحور االول :يتعلق بتوطئة عامة لعلم اإلجرام نتطرق فيها لتعريف هذا العلم وتأصيل تاريخه وتحديد
موضوعه وعالقته بالعلوم األخرى وكذا بيان مناهج البحث فيه
املحور الثاني :نتعرف فيه بمختلف املدارس والنظريات التي عملت على تفسير الظاهرة اإلجرامية
املحور الثالث :ويتعلق بمختلف العوامل املؤدية إلى السلوك اإلجرامي سواء كانت هذه العوامل داخلية أو
خارجية
1
=》مرحلة اإلنسان البدائي:
ويرجع تاريخ علم اإلجرام إلى اإلنسان البدائي حيث كانت الجريمة في املجتمعات البدائية ،عبارة عن مخالفة
ألوامر تمليها قدرة مقدسة مجهولة .يحترمها وينساق إليها املجتمع كما كان يطمئن إليها كل أطراف القبيلة أو
العشيرة،وهي بذلك تقوم بدور التشريع الذي تجب له الطاعة ،ومن يخرج عن تعاليمه يعتبر عاصيا تجب
عليه الكفارة عن ذنبه لكي ال تغضب تلك القدرة املقدسة املجهولة ،وعرفت العصور البدائية بعض أنواع
الجرائم مثل :السحر و الشعوذة والسخرية من اآللهة ،وعقوبة السخرية من اآللهة كانت تتسم بالقسوة
الشديدة حيث تقوم على إرضاء اآللهة.
ومع مرور الزمن تطور هذا اإلنسان وبدأ يستأنس ويسالم بعضه البعض وأخذ يلتف حول رأس مدبر
يخضع لقيادته ويحتمي به عند الضرورة،وهكذا إلى أن عرف اإلنسان بداية وضع قوانين لفض النزاعات التي
تنشب بين األفراد.
=》مرحلة الفكرالفلسفي:
وقد كان للفكر الفلسفي رأي كذلك في الجريمة واملجرم وكذا األسباب والدوافع املؤثرة في السلوك اإلجرامي
،كفالسفة اليونان الذين أعطوا آراء متباينة في هذا الباب ومنهم من أرجع فعل ارتكاب الجريمة إلى اآللهة
حيث يعتبرون أن سبب ذلك قوة مفروضة على اإلنسان (كسقراط و أفالطون).
2
وشرح سلوكه ،أمثال لومبروزو وديالبويرتا و فيرجينيو في إيطاليا وطوماس مور و داروين في بريطانيا ومورين
في فرنسا ,فإن املجرمين لم تبدأ دراستهم العلمية باملعنى الصحيح إال سنة ،1876حينما قدم العالم
والطبيب اإليطالي سيزار لومبروزو كتابه " اإلنسان املجرم "."l'homme criminel
وعليه وكما أقر األستاذ جولي فإن علم اإلجرام تأسس من دون إذن أحد،وبالفعل أخد هذا العلم طريقه
بفضل األعمال التي قام بها الثالثي الهرمي سيزار لومبروزو 1909/1835وإنريكو فيري اإليطالي 1856/1727
,ورفايل غارو فالو.
وقد كان لومبروزو طبيبا عسكريا وأستاذ للطب الشرعي ومدير املستشفى األمراض العقلية بمدينة طورينو
،ولقد مكنته هذه الوظيفة من مالحظة بعض مميزات الشر في كثير من املرض ى واملجرمين حيث وجد عيوب
في تكوينهم الجسماني مما حمله على فكرة ،تحولت إلى فرضية علمية هي أن املجرم يختلف عن سائر
البشر،بتكوينه الجسدي والعضوي الذي هو حصيلة الوراثة اإلجرامية.
أما إنريكو فيري ،وإن سار على نهج لومبروزو،إال أنه اختلف معه في تحديد أسباب الجريمة حيث يرى أنها
ترتكب إما بسبب التكوين الفردي لإلنسان،أي بعامل شخص ي عضوي أو عامل طبيعي جغرافي أو عامل
اجتماعي،ويحدد الجريمة بأنها نتيجة تجاذب وتداخل بين العوامل الداخلية في املجرم وبين العوامل
الخارجية طبيعية كانت أم إجتماعية.
وأخيرا غارو فالو الذي انتقد اإلتجاه البيولوجي عند لومبروزو وابتعد عن دراسة التكوين العضوي للمجرم،
ونادى بدراسة مضمون السلوك اإلجرامي حتى يمكن مقاومة املجرم وإصالحه وقد صنف الجرائم إلى نوعين:
-جرائم طبيعية :وهي التي تمس الشعور العام للمجتمع وتمثل السلوك الشاذ عن سلوك املجتمع دون
اعتبار لألخالق والقيم.
-جرائم مصطنعة أو اعتبارية :وهي التي تكون من صنع املشرع ينص عليها ويفرضها في زمان ومكان معينين.
فبعد تأسيس علم اإلجرام من طرف هؤالء األقطاب ،تواصلت األبحاث العلمية والفلسفية لتفسير الظاهرة
اإلجرامية ،حيث جاء كتاب " اإلجرام والعقاب" وكتاب "علم اإلجرام والقانون الوضعي" وهم للعالم
البلجيكي أدولف برانس .قدم فيهما كيفية الوقاية من اإلجرام وسياسة تفريد العقوبة لتحقيق هدفها .ويعد
مؤلف ماكسويل من أهم املؤلفات في علم الجريمة وفي سنة 1905أصدر عالم اإلجرام الهولندي بونجير
كتابه"اإلجرام واألحوال اإلقتصادية".
وفي سنة 1929أصدر ديتيليو كتاب عن التكوين الجرمي في أسبابه وعالج الجريمة وأتبعه سنة 1950كتاب
3
" الوجيز في علم اإلنسان الجنائي" .وفي أمريكا أصدر األستاذ سذرالند كتاب "مبادئ علم اإلجرام" وجدد
طبعه عدة مرات ألهميته ،كما كتب هوتون عن املجرم األمريكي سنة .1939
وهكذا فإن علم اإلجرام موضوعه الظاهرة اإلجرامية بمختلف تركيباتها املؤدية إلى العدوان إلستخالص
الطرق الرادعة ملقاومة هذه الظاهرة واستئصالها.
5
وتأسيسا على ذلك يعرفه البعض تبعا للمفهوم املعاصر كالتالي:
-1هو العلم الذي يبحث في تفسير السلوك العدواني الضار باملجتمع وفي مقاومته عن طريق إرجاعه إلى
عوامله الحقيقية.
-2و يعرفه البعض بأنه تلك الدراسات العلمية للمذنب من الوجهة الداخلية والخارجية ،وهناك من يذهب
إلى اعتباره تلك الدراسة العلمية للجريمة كظاهرة فردية واجتماعية تقصد الكشف عن العوامل التي تسبب
تلك الظاهرة.
ويعود تباين هذه التعريفات إلى تنوع وتعدد انتماء باحثي علم اإلجرام إلى تخصصات علمية متباينة كعلم
النفس وعلم اإلجتماع وعلم األمراض العقلية ،وكما هو ثابت فإن اختلفت هذه التعريفات من حيث
األلفاظ ،فإنها تتفق من حيث الجوهر .أي أن علم اإلجرام هو العلم الذي يهتم بدراسة الظاهرة اإلجرامية
بكل مقوماتها الخاصة والعامة وآثارها الفردية والجماعية.
ولهذا يمكن القول أن ما يصل إليه الباحث في علم اإلجرام ليس قوانين ثابتة،وإنما نتائج تقريبية
واحتمالية وهذا ما يفسر وجود مجموعة من العلوم املتناثرة واملختلفة التي تجعل من الظاهرة اإلجرامية
ميدانا ألبحاثها.
ونظرا لهذه اإلشكالية حاول البعض تق سيم علم اإلجرام إلى ثالثة أنواع :علم إجرام عام؛ علم إجرام خاص؛
علم إجرام تطبيقي:
● علم اإلجرام العام :موضوعه األساس ي يدور حول الدراسة العامة للسلوك اإلجرامي أيا كانت طبيعة
السلوك املرتكب وأيا كانت الدراسة املساعدة على فهم هذا السلوك لذلك يتصف هذا القسم بصفتين:
--صفة العمومية :حيث يتسع ليشمل جميع املعلومات املتصلة بميدان اإلجرام -دراسة عامة.
--صفة تركيبية :أي أن هذا العلم يتركب من عدة علوم
● علم اإلجرام الخاص :هو فرع يهتم بدراسة جريمة جنائية محددة أو ظاهرة إجرامية معينة دون إعطاء
اإلهتمام لدراسة املجرم (مثال جرائم املخدرات،وجرائم السرقة ،وجرائم الجنس ...إلخ).
● علم اإلجرام التطبيقي أو املعملي :هذا العلم يقوم هو اآلخر بدراسة حالة إجرامية فردية معينة وفي نوع
محدد من الجرائم ،وهو علم يقوم على تحقيق تقارب بين عدة علوم متفقة من حيث األسلوب العلمي
املعملي ومختلفة من حيث املناهج والنتائج.
6
ثالثا :موضوع علم اإلجرام
مما ال شك فيه أن موضوع علم اإلجرام هو دراسة وتفسير الظاهرة اإلجرامية والسؤال املطروح هنا ما هي
العناصر املكونة للظاهرة اإلجرامية؟
-مبدئيا تكمن هذه العناصر في ثالثة على النحو التالي:
-3الضحية. -1الجريمة-2 .املجرم.
إال أن هناك من العلماء من يكتفي بعنصري الجريمة واملجرم فقط.
7
يعتبر فعال إجراميا باملفهوم القانوني للجريمة وقد عرفها دور كهايم :بأنها كل فعل أو امتناع يتعارض مع
القيم و األفكار املستقرة في وجدان الجماعة(،مثال ذلك الكذب فهو فعل يستنكره املجتمع لكنه غير مجرم
قانونا إال إذا اقترن بالنصب واالحتيال على اآلخرين).
8
املغربي في الفصل األول من القانون الجنائي "يحدد التشريع الجنائي أفعال اإلنسان التي يعدها جرائم،
بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي ،ويوجب زجرمرتكبيها بعقوبات أو بتدابيروقائية" .وكذلك
الفصل 110من القانون الجنائي الذي يعرف لنا الجريمة "الجريمة هي عمل أو امتناع مخالف للقانون
الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه".
والجريمة محددة بنص القانون الجنائي سواء في جانبها اإليجابي (في شكل عمل) أو في جانبها السلبي (في
شكل امتناع)،واملشرع يضع قوانينه متأثرا بثقافة املجتمع بما أن أساس التجريم هو املجتمع الذي يحدد
األفعال التي تحدث اضطرابا اجتماعيا في زمان ومكان معينين ،ومن ثم فإنما يجعل الفعل جريمة ليس
الفعل ذاته ولذاته بل نظرة مجتمع بذاته إليه ،واملجتمع يحتكم أصال إلى ثقافته(عادات ـ تقاليد ـ قيم ـ
عقيدة ،)....مثال (الدول االسالمية تعاقب على الزنا لكن دول أخرى ال تجعل منها جريمة على اإلطالق).
وقد تختلف املجتمعات داخل البلد الواحد من حيث الثقافة وتحكمها أعراف وتقاليد ،حيث يلجؤون
للقاعدة العرفية كقانون يحتكمون إليه (في مجال القضايا العرفية)في املجاالت التعاقدية دون الجنائية مما
يجعل القاعدة العرفية تصطدم بالقاعدة التشريعية ( األخذ بالثأر مثال ).
10
الفقرة الثانية :املجرم
هناك عدة مفاهيم ملصطلح املجرم ،وذلك الختالف الرؤية بشأن هذا املفهوم .ألن الكل يعرفه من منطلقه
هو ،كما أن الدراسة الشخصية للمجرم تتطلب التمكن والتمعن والتمحيص في جميع دقائقها سواء كانت في
إطارها الداخلي أو الخارجي ،الش يء الذي يصعب معه وضع تعريف دقيق لذلك كانت تعريفات متعددة
حسب املجاالت.
-1مفهوم املجرم في القانون الجنائي:
املجرم قانونا هو الشخص الذي يرتكب فعل أو امتناع مجرم وذلك متى توافرت في حقه أركان الجريمة
(الركن املادي ،الركن املعنوي ،والركن القانوني أو الشرعي) وأن يكون مسؤوال جنائيا،أي له ملكة التمييز و
القدرة على االختيار والوعي -بذلك نقص ي املجنون والشخص غير املميز.
-2مفهوم املجرم في قانون املسطرة الجنائية:
مفهوم املجرم ليس فحسب الفاعل كما يحدده القانون الجنائي ،بل هو الشخص الذي صدر من القضاء
حكم بإدانته على ارتكاب الجريمة متى صار هذا الحكم نهائيا غير قابل للطعن فيه .تطبيقا لقاعدة "املتهم
برئ حتى تثبث إدانته"،وتلك هي فترة املسطرة الجنائية.
وهذا يعني بمفهوم املخالفة أن صفة املجرم ال تثبت في حق الشخص الذي يتهم سواء في مرحلة التحقيق أو
أثناء املحاكمة ،إذ ال يعتبر مجرما طبقا لقاعدة "املتهم برئ حتى تثبت إدانته" ،ذلك أن املجرم يظل حامال
لصفة الضنين او املتهم إلى أن يصدر في حقه حكم باإلدانة وأن يكون هذا الحكم نهائيا وغير قابل للطعن.
-3مفهوم املجرم في علم اإلجرام:
علماء اإلجرام ال يتقيدون باملفهوم العام للمجرم بل يتجهون إلى وجهة أخرى يستهدفون من ورائها تفسير
الظاهرة اإلجرامية تفسيرا علميا بغض النظر عن اآلثار القانونية ،وبذلك يكون املجرم في علم اإلجرام هو كل
شخص ارتكب فعال ينص القانون على تجريمه سواء صدر حكم بإدانته أو لم يصدر ،و سواء كان هذا
الشخص في مرحلة التحقيق أم في مرحلة املحاكمة.
و يرى البعض أن مفهوم املجرم في علم اإلجرام يجب أن يتسع ليشمل حتى أولئك الذين صدر في حقهم حكم
بالبراءة .ذلك أن الب راءة ليست دائما دليال على عدم ارتكاب الجريمة فقد يستطيع بعض املجرمين إخفاء
جرائمهم والحصول على براءتهم بطرق أخرى(مثال بالرشوة ) ،ال يعني أنهم أقل إجراما من غيرهم في نظر علم
اإلجرام الذي يبحث في عوامل اإلجرام.
11
من خالل تعريف هذا املجرم نخلص إلى نتيجة أن املجرمون ليسوا على درجة واحدة من اإلدراك والتمييز
فقد تم تقسيمهم إلى صنفين املجرم السوي واملجرم غير السوي.
-املجرم السوي :هو الشخص الذي تتوفر فيه كافة شروط املسؤولية الجنائية وأهمها التمتع بملكة
الوعي والتمييز من ناحية ،وبالقدرة على اإلختيار من ناحية أخرى وهذا تكون مسؤوليته كاملة ،ويكون محال
لدراسة علم اإلجتماع الجنائي وعلم النفس الجنائي ألن أسباب إجرامه تتراوح بين أن تكون اجتماعية
ونفسية.
-املجرم غيرالسوي :هو على نوعين هناك املجنون الذي تنعدم مسؤوليته الجنائية وهناك الشاذ أي
املجرم الذي تدفعه إلى ارتكاب الجريمة عوامل عضوية تتصل بتكوينه الداخلي ،فاملجنون تنعدم مسؤوليته
الجنائية ألنه مصاب بمرض عقلي حيث تنتفي عنده ملكة الوعي والتمييز،أما الشاذ فهو املصاب بخلل
جزئي -تنتابه حاالت –في تكوينه العقلي أو النفس ي ،وهذا النوع من املجرمين تنقص مسؤوليتهم الجنائية أو
تقرر لهم بعض التشريعات معامالت خاصة كالتدابير الوقائية.
13
-فالقانون الجنائي يدرس الجريمة ليضع لها التنظيم القانوني ،ويحدد أركانها وأصنافها وعقوباتها وإجراءات
التحقيق واملحاكمة...
-أما علم اإلجرام فيدرس الجريمة باعتبارها ظاهرة في حياة الفرد باعتماده – األنثروبولوجيا الجنائية–
وكظاهرة في حياة املجتمع باعتماده علم اإلجتماع الجنائي.
ويترتب على ذلك اختالف أساس ي من حيث أسلوب الدراسة:
-فقه القانون الجنائي يعتمد األسلوب القانوني الذي يقوم على تفسير نصوص التشريع والتنقيب عن قصد
املشرع بحيث يغلب عليه طابع األسلوب اإلستنباطي.
-في حين علم اإلجرام يتميز بطابع تجريبي بحيث يتجه إلى مالحظة الظاهرة ثم محاولة تأصيل القوانين
العلمية التي تحكمها وبالتالي يغلب عليه األسلوب اإلستقرائي.
باإلضافة إلى الصلة الوثيقة بين العلمين – القانون الجنائي وعلم اإلجرام، -فإن لكل من هما تأثيره على
اآلخر.
فإذا كان القانون الجنائي يمد علم اإلجرام بموضوع دراسته فإن السلطات املكلفة بتطبيق القانون الجنائي
وخاصة القضاء وسلطات التنفيذ هي التي تمد علماء اإلجرام بنماذج املجرمين كي يكونوا موضوعا ألبحاثهم.
فالعالقة بين القانون الجنائي وعلم اإلجرام تقوم على هدف واحد وموحد هو التصدي للجريمة والقضاء
عليها بحيث:
-أن علم اإلجرام يحلل الظاهرة اإلجرامية اجتماعيا ونفسيا وبيئيا وثقافيا.
-أن القانون الجنائي أصبح في فلسفته وروحه يستعين بهذه املعطيات (أي من الناحية النفسية والبيئية
واالجتماعية والثقافية .)...
-أن القاض ي الجنائي يوظف كل العناصر التي تفيد في قيام املسؤولية الجنائية أو انتفاءها أو تشديد
العقوبة أو تخفيفها معتمدا على نتائج الباحثين في علم اإلجرام.
15
خامسا :فروع علم اإلجرام
هناك مجموعة من العلوم صنفها البعض على أساس موضوعي واعتبرها علوم مساعده لعلم اإلجرا م
باعتباره يبحث في أسباب الجريمة
ومهما يكن فإن هذه العلوم جميعها تهدف إلى الدراسة أو إلى دراسة الظاهرة اإلجرامية ومحاولة الحد منها،
وهي على نوعين:
=》علوم مرتبطة بتكوين املجرم.
=》علوم مرتبطة بالكشف عن الجريمة.
النوع األول :علوم مرتبطة بتكوين املجرم.
وهي علوم تهتم بالتكوين الداخلي والخارجي للمجرم كما تهتم بالبحث عن أسباب الجريمة والعمل على
محاربتها قصد منع ارتكاب جرائم أخرى .ويتكون هذا النوع من مجموعة من العلوم:
أ -علم النفس الجنائي:
يهتم بدراسة العوامل النفسية التي تؤدي ،وتقود إلى الجريمة ،حيث يدرس األحوال النفسية للمجرم (مثال
قياس نسبة ذكائه ،غرائزه ،انفعاالته ...إلخ) ومدى تأثيرها على أنواع السلوك اإلجرامي الذي يرتكبه .وقد
استعان الباحثون في علم النفس الجنائي بأساليب التحليل النفس ي التي قال بها سيغموند فرويد ،ذلك أن
أسباب الجريمة قد تكون نفسية ،ومن هنا يشكل علم النفس الجنائي عامل من عوامل تفسير الظاهرة
اإلجرامية فهو:
-من جهة يظهر مدى تأثير العوامل املحيطة بالفرد على تكوينه النفس ي ،ودور هذا التأثير على الجريمة.
-من جهه أخرى يساعد على تحديد جوانب الخلل في التكوين النفس ي للمجرم .وتجدر اإلشارة أن هذا العلم
في طريقه إلى التالش ي ألن علم األنثروبولوجيا الجنائية يبحث ويهتم بالجوانب النفسية إلى جانب الجوانب
العضوية.
17
=) األدلة املباشرة :هي األدلة التي لها صلة مباشرة بالجريمة وتؤدي إلى اليقين في مضمونها ويلتزم القضاء
باعتمادها.
=) األدلة غيرمباشرة :هي التي تزيد في درجات اإلتهام وتعتبر من اآلثار املادية التي تم جمعها من مسرح
الجريمة.
-وهناك األدلة القانونية واألدلة اإلقناعية:
=) األدلة القانونية :هي التي يعتمدها و ينص عليها القانون كشهادة الشهود.
=) األدلة اإلقناعية :وهي التي يقتنع بها املحقق أو القضاء بارتكاب املتهم للفعل اإلجرامي كوجود الحامض
النووي للمتهم في مسرح الجريمة.
-وهناك األدلة املادية واألدلة املعنوية:
=) األدلة املادية :هي ذلك األثر املادي املوجود ب مكان الجريمة والذي تم معالجته باملختبرات للوقوف على
اعتماده كدليل مادي للبراءة أو اإلدانة.
=) األدلة املعنوية :هي أدلة يجب الحرص فيها كاالعتراف وشهادة الشهود .وعدم أخذها على إطالقها.
-وهناك أدلة اإلثبات وأدلة النفي:
=) أدلة اإلثبات :وجودها يثبت الجريمة على املتهم كوجود املسروق بحوزته.
=) أدلة النفي :وجودها ينفي الفعل املجرم عن املتهم.
19
هو دليل مهم إلثبات أو نفي التهمة عن املتهم.
ومن أمثلة دراسات الطب الشرعي:
=) التشريح لبيان سبب الوفاة(هل باالختناق أو التسمم ...إلخ ).
=) التحليالت املتعلقة بعلم السموم.
=) التحليل الكيماوي لبيان طبيعة املادة محل الفحص.
=) تحليل الخطوط ملعرفة شخصية املتهم.
وتكمن أهمية الطب الشرعي بالنسبة لعلم اإلجرام في كون الطب الشرعي يساعد في الكشف على الجريمة إذ
ال يكمن تصور تقدم دولة في علم الكشف عن الجريمة بدون الطب الشرعي حتى ولو في ظل قضاء نزيه
وشرطة فاعلة ومنظمة ،ذلك أنه في حالة تفسخ الجثة أو تحللها أو اختفاء معالم الجريمة تصبح مهمة رجال
التحقيق صعبة بل ومستحيلة في بعض األحيان ،فكما هو مقرر من وسائل اإلثبات كاعتراف املجرم و وجود
شهود ال تشكل أدلة قاطعة على اثبات أو نفي املجرم ومن هنا تبرز أهمية اإلثبات العلمي في إبراز معالم
الجريمة باعتماد الطب الشرعي كتحليل الدم(قضية عمر الرداد) و التحليل الكيماوي لبيان طبيعة املواد
املوجودة في مسرح الجريمة.
فالبعد العلمي للطب الشرعي يمكن أن يبرئ شخصا متهما أو يوقع بشخص برأته املحكمة.
-4علم اإلحصاء( :و سوف نعرض له بمزيد من التفصيل الحقا ضمن مناهج البحث)
وهو علم يهتم بدراسة الظاهرة اإلجرامية من حيث بيان عدد الجرائم التي ارتكبت في سنة معينة وأمكنة
معينة وتوزيع هذا العدد في جرائم مختلفة.
مثال :سنة 2011في الدار البيضاء تم إحصاء 1000جريمة صنفت كالتالي 100 :جريمة قتل800.
سرقة 50،ضرب وجرح 6،إغتصاب،و 44مختلفة
نتائج اإلحصاء:
واألسلوب املعتمد في الدراسات اإلجرامية ينحصر في تحديد العالقة بين عدد الجرائم من جهة وبين ما
يحدث من تغييرات اجتماعية واقتصادية وجغرافية من جهة أخرى .وقد أثبت هذا األسلوب وجود عالقة
وثيقة بين عدد الجرائم والظروف اإلقتصادية الش يء الذي دفع البعض إلى استخدامه -اإلحصاء– لبيان
تأثير إختالف الفصول وعدد الجرائم املرتكبة في كل فصل و كثافة السكان و البطالة على حركة اإلجرام.
وأكدوا خالل أبحاثهم أنه باإلمكان اإلعتماد على اإلحصائيات لتعيين عدد املجرمين بالصدفة الذين
20
سيعرضون على املحاكم السنة املقبلة وعدد املجرمين الذين سيعرضون في حالة عود في نفس السنة أو
السنة املوالية .لكن هذه األرقام ال تكفي كمعيار للحكم على حركية اإلجرام وتحديد نسبته بالزيادة أو
النقصان بل البد من دراسة جميع القضايا التي تعرض على مؤسسات وهيئات مختلفة مثل:
-املؤسسات القضائية ،من خالل إحصائيات تصدر عن وزارة العدل بخصوص الجرائم التي صدرت فيها
أحكام نهائية.
-املؤسسات اإلصالحية ،بخصوص اإلحصائيات الصادرة عن إدارة السجون تتضمن الجرائم التي يحكم
على فاعليها بعقوبات سالبة للحرية.
-اإلدارة العامة لألمن الوطني ،من خالل إحصائيات تصدرها املديرية العامة لألمن الوطني تتضمن الجرائم
التي تبلغ إلى أقسامها املختلفة سواء على مستوى الدائرة أو املدينة أو اإلقليم أو الدولة.
أنواع اإلحصاء:
بخصوص أنواع اإلحصاءات فهي تتنوع بحسب نوع الجريمة واملجرم:
-فاإلحصائيات املتعلقة بالجريمة تبحث في أنواعها وأماكن استفحالها وبالتالي تصنيفها من أجل تحديد
العوامل املؤدية إلى ارتكابها إقتصادية كانت أم إجتماعية أم سياسية أم ثقافية ،كالوقوف مثال على اإلجرام
وظاهرة البطالة...
-أما اإلحصائيات املتعلقة باملجرم فتنصب على الجوانب النفسية و اإلجتماعية واإلقتصادية املؤدية إلى
السلوك اإلجرامي ومقارنتها بغير املجرمين انطالقا من عوامل مختلفة كالسن والجنس ودرجة الذكاء وتأثير
بعض األمراض الهرمونية واألمراض العقلية.
-باإلضافة إلى الجريمة واملجرم فإن علم اإلجرام يشمل كذلك إحصاء األحياء و املدن و مقارنتها بأحياء ومدن
أخرى ،ومن ثم إقليم بإقليم ثم إحصاء قومي و إحصاء دولي للوقوف على الظاهرة اإلجرامية ،أسبابها محليا
و إقليميا و وطنيا ثم دوليا
-5علم النفس القضائي:
هو فرع من علم النفس التطبيقي يهتم بدراسة الظواهر النفسية ملختلف األشخاص الذين يساهمون في
سير الدعوى الجنائية كالقضاة بما فيهما القاض ي الواقف والجالس ثم املحامي ثم املتهم.
كما يهتم هذا العلم بدراسة سلوك املتهم أثناء التحقيق واملحاكمة حيث يكون للتقييم النفس ي أثر بالغ على
اإلثبات وعن حاالت االعتراف و دور الضحية ...
21
-6الشرطة الفنية:
ومهمتها دراسة أنسب الوسائل العلمية للبحث عن املجرم وإلقاء القبض عليه من جهة أخرى وهذه الوسائل
كثيرة ومتنوعة كنظام البصمات وفحص آثار املقذوفات النارية ،واستخدام أجهزة البحث الجنائي الحديثة
كجهاز الكشف عن الكذب مثال ...
22
العوامل اإلجتماعية:األسرة
العوامل اإلقتصادية :الفقر والبطالة...
العوامل الدينية
العوامل السياسية
ويعتبر الباحث الفرنس ي Guerryجيري والعالم البلجيكي Queteletكتليه أول من قاما بأسلوب اإلحصاء
الجنائي.
-3مصادراإلحصاء الجنائي:
تحديد بعض املفاهيم:
هناك عدة مصادر لإلحصاء الجنائي يمكن تصنيفها كاآلتي:
* اإلحصائيات الجنائية الرسمية أو العامة :هي التي تصدر عن أجهزة ومؤسسات رسمية مثل مؤسسات
الدولة أو معاهد متخصصة...
23
* اإلحصائيات الجنائية الخاصة أو العلمية:هي التي يقوم الباحثون أنفسهم بإعدادها من خالل أبحاثهم
دراساتهم العلمية.
*اإلحصائيات الجنائية الوطنية :هي التي يتم إعدادها على مستوى الدولة الواحدة ،ويعتبر هذا املصدر
األقدم في الوجود ،بحيث يعود إلى بدايات القرن .)1826( 19
*اإلحصائيات الجنائية الدولية :هي التي يتم إعدادها على مستوى مجموعة من الدول ،وهي حديثة النشأة،
بحيث تم اللجوء إلى إعدادها ونشرها أول مرة سنة 1952من طرف الشرطة الدولية(االنتيربول )وتصدر
مرتين في السنة.
وعلى العموم ،تتعدد األجهزة التي تقوم بمهمة اإلحصاء في مجال اإلجرام على مستوى كل دولة ،ومن أهم
هذه املصادر نذكر:
أ) اإلحصائيات الصادرة عن الشرطة :أو اإلحصائيات البوليسية ،هي التي تختص بإعدادها أجهزة
الشرطة ،وتشمل معطيات حسابية ألعداد الجريمة التي تسجلها أقسام الشرطة خالل العام ،وتبين توزيعها
على مختلف شهور السنة ،مع تحديد مناطق ارتكابها وصفات مرتكبيها.
وفي املغرب تقوم الشرطة القضائية بجميع املدن برفع تقرير شهري مفصل عن حالة اإلجرام ومدى تصاعده
أو تراجعه إلى اإلدارة املركزية.
وتعد إحصائيات الشرطة األكثر عددا ودقة في رصد حجم الظاهرة اإلجرامية عن غيرها من اإلحصائيات
األخرى ،ذلك أن إحصائيات الشرطة تضم باإلضافة إلى القضايا التي تحال على العدالة الجنائية:
-القضايا ا لتي يتم حفظها من قبل النيابة العامة لسبب من األسباب( كضعف األدلة)...
-القضايا التي يتم الحكم فيها بالبراءة ولو لفائدة الشك.
-القضايا التي تحال على العدالة الجنائية بسبب عدم الوصول إلى مرتكبيها أو تنازل الضحايا(الخيانة
الزوجية ،العنف ضد األصول أو الفروع)...
ب) اإلحصائيات الصادرة عن القضاء :تعمل وزارة العدل سنويا على إحصاء الجرائم ونشر هذه
اإلحصائيات وتتضمن هذه األخيرة أساسا:
-عدد األحكام الصادرة باإلدانة أمامها
-عدد الجرائم الرائجة أمامها
-عدد األشخاص املحالين أمام التحقيق أو املحاكم
24
-عدد املحكوم عليهم
-عدد الشكاوى والوشايات املعروضة على العدالة الجنائية.
ورغم أهمية هذه اإلحصائيات إال أنها نسبية وال تمثل اإلجرام الحقيقي نظرا ملا يلي:
+أن عدد كبير من املجرمين يضل طليقا بسبب عدم القبض عليهم.
+يتم تبرئة عدد كبير من املجرمين لعدم كفاية األدلة أو للشك.
+ال تتم إدانة عدد كبير من املجرمين رغم ثبوت الجريمة في حقهم ،وذلك بسبب بطالن بعض اإلجراءات
كاجراءات التفتيش.
ج)اإلحصائيات الصادرة عن مؤسسات السجون :هذا النوع من اإلحصائيات تصدره سنويا اإلدارة العامة
للسجون ،ويتض من عدد املحكوم عليهم وأنواع الجرائم التي أدينوا من أجلها ،وكذلك املعلومات املتعلقة
بوضعيتهم الصحية واإلجتماعية.
غير أن هذه اإلحصائيات ال تشمل:
-من هم في حالة فرار
-املحكوم عليهم مع إيقاف التنفيذ
-من صدر في حقهم عفو عن جرائمهم
و إذا كانت إحصائيات إدارة السجون تعد أكثر دقة في البيانات املتعلقة باملسجونين إال أنها أقل دقة
بالنسبة لرصد حجم الظاهرة اإلجرامية.
-4تقييم اإلحصائيات الجنائية:
تكتس ي االحصائيات الجنائية أهمية بالغة ،و تتسم تبعا لذلك بمجموعة من اإليجابيات في توجيه السياسة
الجنائية ملواجهة ال ظاهرة اإلجرامية .وعلى الرغم من هذه األهمية فإنها ال تخلو من بعض السلبيات .
أ -إيجابيات اإلحصاء الجنائي:
تتميز اإلحصائيات الجنائية بمجموعة من اإليجابيات أهمها :
• توجيه السياسة الجنائية في مواجهة الظاهرة اإلجرامية من خالل التحديد الكمي و النوعي ،حيث يمكن
إجراء مقارنة بين حجم و حركية الجريمة و املجرم بالزيادة أو بالنقصان .
• إن املعلومات اإلحصائية تلعب دورا في تفسير الظاهرة اإلجرامية من حيث الزمان و املكان ،و اقتراح
الوسائل املالئمة ملكافحتها
25
• تساعد اإلحصائيات الجنائية في دراسة العالقة بين الظاهرة اإلجرامية و غيرها من الظواهر االجتماعية أو
االقتصادية ...كالعالقة بين ارتفاع وانخفاض نسبة الجريمة و بين الفقر أو البطالة ...
ونظرا ألهمية هذه اإلحصائيات فقد ساعدت على إجراء العديد من الدراسات و البحوث ،كان أولها
الدراسات التي أجراها الباحثان جيري (فرنس ي) و کیتل یه (بلجيكي) و التي ساهمت في تكوين و نشأة علم
اإلحصاء الجنائي .
ب -سلبيات اإلحصاء الجنائي:
و على الرغم من اإليجابيات التي يقدمها اإلحصاء الجنائي ،إال أن هناك حقيقة علمية ثابتة هي أن هذه
اإلحصائيات تعتريها سلبيات تنقص من قيمتها العلمية ،و بالتالي ليست قادرة على إعطاء قياس عددي دقيق
لحجم اإلجرام الحقيقي .ومن بين سلبيات اإلحصاء الجنائي نذكر:
-ما يعرف بالرقم األسود ( (Chiffre noir / Dark Numberوالذي يمثل الفرق بين اإلجرام الحقيقي
واإلجرام الظاهر أو املعلن .ذلك أن اإلحصاء الجنائي يكون أقل من الجرائم التي ارتكبت فعال (الجرائم التي
يتم كشفها أو التي لم يبلغ عنها إلتقاء الفضيحة كما في جرائم العرض ،أو كونها جرائم تقع في الخفاء مثل
الرشوة واإلجهاض ...أو تفاهة الضرر املترتب عنها ..
فالرقم األسود يمثل إذن الفرق بين اإلجرام الفعلي الحقيقي و اإلجرام الواقعي الظاهر .
• اإلجرام الفعلي :الرقم األسود ،هي الجرائم التي لم تصل إلى علم السلطات العامة أي مصالح الشرطة
الجنائية لعدة أسباب منها ما يعود إلى املجرم و منها ما يعود إلى الجريمة أو الضحية نفسها: .
• اإلجرام الظاهر :هو كل الجرائم التي تصل إلى علم السلطة الجنائية (شرطة ،نيابة عامة ،قضاء تحقيق)..
و اإلحصاء الجنائي الظاهر ال يعكس العدد الحقيقي للجرائم لعدة أسباب أهمها الصعوبات التي تعترض
عمل الشرطة ،دور النيابة العامة في اعتماد حق املالئمة من عدمه و كذلك حاالت سقوط الدعوى
العمومية...
•اإلجرام الشرعي :هو كل اإلحصائيات الجنائية الصادرة عن املحاكم أو ما يصطلح عليه بالرقم الرمادي ،و
هذه ال تقدم الرقم الحقيقي ،ذلك أن كل القضايا املحالة على القضاء ال تنتهي بإصدار اإلدانة بشأنها ،بل
هناك حاالت حكم فيها بالبراءة للشك أو انعدام األدلة.
-كذلك اإلحصائيات املقدمة من طرف إدارة السجون ال تمثل الحقيقة ألنه ال يوجد بين املسجونين أولئك
الذين صدر بحقهم حكم غيابي أو عقوبة موقوفة التنفيذ أو حكم بالغرامة .
26
هذا إذن كل ما يتعلق بأسلوب البحث اإلحصائي ،و الذي يتميز بالرغم من السلبيات بقيمة علمية يساعد
الباحث في إنجاز دراسات ميدانية و االطالع على حركية الظاهرة اإلجرامية ولو بطريقة نسبية تقريبية .
-2دراسة البيئة كأسلوب من أساليب املسح االجتماعي :ثم استخدام دراسة البيئة في كل من الواليات
املتحدة األمريكية وعدد من دول االوروبية
يقوم مسح االجتماعي على تقسيم بلد معين إلى مناطق صغيرة بحسب ما تمتاز به كل منطقة من خصائص
مثال تقسيم بلد معين إلى منطقة صناعية واخرى فالحية او منطقة غنية واخرى فقيرة او إلى مدينة و بادية
وبعد ذلك تتم دراسة حركية االجرام في كل منطقة ومقارنتها باملنطقة االخرى بهدف وصول إلى تفسير
الظاهرة اإلجرامية
27
على الرغم من أهمية هذا األسلوب في تجميع املعلومات ومحاولة تفسير السلوك اإلجرامي باعتماد علي
حقائق اجتماعية واقتصادية وثقافية إال أنه انتقد من طرف بعض الباحثين لعدم موضوعية النتائج
املتوصل إليها .
28
فإذا كان هذا ألسلوب يتيح للباحث رؤية الظاهرة عن قرب ومن جميع الجوانب إال أنه قد يفقده القدرة علي
املالحظة املوضوعية نتيجة اندماجه التام مما يؤثر علي القيمة العلمية واملوضوعية للنتائج املتوصل إليها
املالحظة دون املشاركة :تكمن هذه الطريقة في إفصاح الباحث املالحظ لألفراد عن هويته وصفته وعن
حقيقة مهمته حيت يقتصر إنجاز بحته علي توطيد العالقة معهم قصد الحصول علي معلومات وبيانات
صحيحة دون االندماج معهم منها ألي تأثير .
ب)-مالحظة منظمة :تتلخص هذه املالحظة في استخدام الباحث مجموعة من الوسائل التقنية التي
تساعده علي جميع البيانات واملعلومات وذلك متل االستمارات والختبارات وأجهزة التصوير والتسجيل
والتحاليل الكيميائية والكشف الطبي
فهذه الوسائل لها دور فعال في مساعدة الباحث في التحقيق من صحة البيانات التي يجمعها
31
- 1الدراسة الجغر افية :تقوم بدراسة مختلف العوامل البيئية التي تحيط بالفرد مثل :املناخ التضاريس ،
تعاقب الفضول ،دراسة الحرارة والرطوبة وتأثيرها على السلوك اإلجرامي.
-2الدراسة اإليكولوجية :تهتم بدراسة التوزيع السكاني وتحليل العوامل االجتماعية التي لها عالقته
بالسلوك اإلجرامي --مثل الدراسة التي أجراها كليفورد شو -البقع اإلجرامية مدينة شيكاكو
-3الدراسة االقتصادية :تقوم بدراسة الوضعية االقتصادية :مثال حالة الركود واالزدهار والتقلبات
االقتصادية و عالقتة بكل فرد -وعالقة كل ذلك بالسلوك اإلجرامي
-4الدراسة اإلجتماعية :تهتم بدراسة كل الجوانب االقتصادية و الثقافية ،ومالها من دور وتأثير على
السلوك اإلجرامي للفرد.
33
* عدم انتظام وتشابه نصفي الوجه.
* كبر زائد في أبعاد الفك وعظام الوجنتين.
* تشوهات في العينين وتقاربها وجبهة ضيقة.
* كبر زائد أو صغر غير عادي في األدنين أو بروزهما من الرأس.
* التواء األنف أو اعوجاجه أو إنفطاسه أو مشابه للمنقار أو وجود بروز فيه.
* امتالء الوجنتين و بروزهما.
* دقن طويلة أو قصيرة أو مفلطحة.
* طول الذراعين.
* ضعف حاسة السمع.
* كتافة و انخفاض الحاجبين وصغر العينين و قلقهما(أي كثرة حركتهما) و تحركهما املستمر....
ب -الصفات النفسية
الحظ ملبروزو أن املجرم يتميز بصفات نفسية خاصة منها:
* كثرة الوشم املوجود على أجسام املجرمين و خالعة هذا الوشم.
* ضعف اإلحساس باأللم.
* القسوة البالغة وعدم االكتراث.
* انعدام الشعور بالخجل(حيت أنها قد تكون ميزة لبعض املهن مثل التعليم و التمثيل.)....
* عنف املزاج وحب الشر.......
كما الحظ بعض التشابه بين اإلنسان املجرم واملريض بالصرع.
هذا وقد ال تتوفر هذه الصفات العضوية أو النفسية في بعض األشخاص ومع ذلك يكونون مجرمين لكن
من تتوافر فيهم هذه الصفات يكون في الغالب مجرمين ،ونشير هنا إلى أن ملبروزو أثناء تشريحه ملجرم خطير
يدعى فيليال اكتشف وجود غور(فراغ مجوف في آخر جمجمته) مشابهة لجماجم الحيوانات املفترسة
وخاصة القرود ،فاستنتج من ذلك أن املجرم فرع شاد من الناس يقترب من اإلنسان البدائي األول ،لذلك
فهو بدائي بطبعه ال يستطيع االندماج في املجتمع.
وعلى هذا األساس ،قال ملبروزو أن املجرم شخص مغلوب على أمره فهو مجرم بامليالد أو بالفطرة ،وبالتالي
أطلق عليه اسم "اإلنسان املجرم " في كتابه الشهير.
34
ونخلص هنا من خالل مضمون نظرية ملبروزو ان الفكرة األساسية التي تقوم عليها ،تكمن في وجود نمط
إجرامي يمكن التعرف إليه من خالل خصائصه _ العضوية و الفيزيولوجية_.
- 3تقييم نظرية ملبروزو :نحاول تقييم هذه النظرية من خالل النقط التالية:
ج -عيوب نظرية ملبروزو ب -مزايا نظرية ملبروزو أ -مرجعيات نظرية ملبروزو
أ -مرجعيات نظرية ملبروزو :lombrozo
يجمع علماء اإلجرام أن جذور نظرية ملبروزو ضاربة في التاريخ ،وأنها نتاج ملجموعة من األبحاث والدراسات
العملية السابقة له و بالخصوص تلك التي تهتم باملجاالت العلمية ،خاصة املتعلقة بالتفسيرات
األنتروبولوجية التكوينية الخاصة بمفهوم اإلنسان.
و على العموم يمكن القول أن نظرية ملبروزو نجد أسسها الوضعية في مجموعة من األبحاث والدراسة نذكر
منها على الخصوص:
الدراسات و األبحاث التي قام بها كل من لوكاس LUCASو موريل MORELحيت ركزوا على عامل الوراثة
في تفسير الظاهرة اإلجرامية ،و التي غلبت عامل الوراثة عن ما عداه من العوامل ،وركزت على دوره في
تفسير السلوك اإلجرامي.
مجموع الدراسات و األبحاث األنت روبولوجية التي كانت تبحث في العالقة بين اإلجرام وبعض املظاهر
العضوية و الفيزيولوجية ،والتي قام بها كل من dellu porta - Lavatcr - voisinفي مجال األنتروبولوجيا(
بعض املظاهر العضوية؛ الفيزيولوجية و عالقتها بالسلوك اإلجتماعي ).
الدراسات و األبحاث التي قام بها كل من كبانيس - cabanisاسكيرول - esquirolجورجي - georgetفي
مجال التحليل النفس ي ،في املرحلة مابين نهاية القرن 18و بداية القرن .19
أخيرا اعتمد لومبروزو في صياغة نظريته على نظرية النشوء و االرتقاء وتطور النوع التي توصل إليها شالز
داروين.
36
وعليه فإن منطلق لومبروزو في وضع نظرية " اإلنسان املجرم " لم تكن من عدم بل هي نتاج مجموعة من
الحالصات و األبحاث والدراسات التي سبقته و ساعدته في بسط نظريته باالعتماد على مناهج مختلفة.
37
اإلنجليزي شالز جورنج charles goringمن خالل دراسة أجراها على 3آالف مسجون عائد انجليزي قارنها
بنفس العدد من غير املسجونين ،وقد دامت 12سنة وهذا يعني أنه ليس هناك عالقة بين السلوك اإلجرامي
و صفات التخلف و االنحالل العضوي أو الوظيفي ،و أن النتيجة املتوصل لها ،تكمن في عدم وجود فوارق
ملموسة بين املجرمين و غيرهم من الناس.
و على الرغم من هذه النتائج الحظ جورنج أن املجرمين يتميزون عن غيرهم بخاصية عامة تكمن في نقص
في الوزن والطول ،ويعتقد أنه دليل على انحطاط عام موروث يدفعه إلى اإلجرام.
كما توصل من خالل دراسته هذه أن هناك تشابه بين اآلباء و األبناء في السلوك اإلجرامي ،ومرد هذا
التشابه في نظره عوامل وراثية.
على هذا األساس حرص على تأكيد الوراثة في انتقال امليول اإلجرامي من السلف إلى الخلف ،مستبعدا أي
تأثير لعامل الوسط أو التقليد أو العوامل اإلجتماعية في ارتكاب السلوك اإلجرامي.
38
في الصفات العضوية ،النفسية ،والعقلية التي يتميز بها املجرم ،حيث يرى أن املجرم هو شخص غير سوي
له شذوذ خلقي عقلي موروث يدفع إلى السلوك اإلجرامي.
وقد عمل رفاييل غاروفالو على تصنيف املجرمين والجرائم إلى أنواع عددها في اآلتي :
املجرم القاتل؛
املجرم العنيف أو بالعنف؛
املجرم اللص؛
املجرم الشبقي الجنس ي ( الجرائم الجنسية ).
بالنسبة ألنواع الجرائم صنفها كاآلتي:
=) الجريمة الطبيعية :وتمثل سلوكا شاذا عن سلوك املجتمع دون اعتبار لألخالق و القيم.
=) الجريمة املصطنعة :أي تلك التي تترتب نتيجة النظام السياس ي و اإلجتماعي كالجرائم السياسية و
الجرائم اإلقتصادية.
وبهذا التحديد يميل غاروفالو إلى الفكرة اإلجتماعية للجريمة مستبعدا بذلك املفهوم القانوني
للجريمة .كما يذهب إلى ضرورة التفريق بالعقاب تبعا لنوعية الجرائم املرتكبة كوجوب استئصال القتلة
ونفي مجرمي الجنس إلى املستعمرات.
39
أقرب إلى الطول والنحافة ،اللص يكون أقرب إلى القصر والنحافة ،جرائم الجنس يكون أقرب إلى الغليظ
القصير (...تصنيف املجرمين حسب نوعية الجريمة ).
41
نفسية او عقلية ،موروثة كانت او مكتسبة ،على العوامل االجتماعية في ارتكاب السلوك االجرامي .ويرى
هؤالء الباحثين أن العوامل الفردية اليمكنها وحدها تفسير السلوك اإلجرامي وإنما تضاف إلى جانبها عوامل
خارجية اليمكن إغفالها.
45
ونخلص من املفاهيم أعاله ،أن علم النفس وعلى عكس علم االجتماع ركز على الشخص املجرم ،وتوصل إلى
أن سلوكه اإلجرامي ناتج عن خلل في شخصيته.
-2املفهوم النفس ي للمجرم:
انطالقا من املفهوم النفس ي للسلوك اإلجرامي ،والذي يرى أنه سلوك متعمد وغير مشروع ،يصدر عن
مضاهر نفسية ،تكمن في اعراض الكبت واالضطراب الداخلي ،من أجل إشباع رغبات واحتياجات الفاعل،
فإن املجرم من املنضور النفس ي ،هو ذلك الشخص الذي يعاني خلل من التوفيق بين غراءزه وميوله
الفطرية ،وبين مقتضيات ومعايير املحيط والوسط الخارجي الذي يعيش فيه.
وملا كانت الجريمة صورة من صور النشاط النفس ي ،فإن هذا النشاط إما أن يكون عادي أو مرض ي أو شاذ
صادر عن املجرم .بهدا التصنيف تناولت النضرية النفسية السلوك اإلجرامي ،فإما أن يكون مرض نفس ي أو
إضطراب عقلي أو عبارة عن شذوذ نفس ي كما ذهبت إلى ذلك نضرية التحليل النفس ي عند فرويد.
اإلسقاط :أي رمي املشاعر واملخاوف الداخلية على اآلخرين معتقدا أن القلق الذي يعاني منه األنا ناجم عن
الخارج.
-العزل :وهو نوع من االحتماء بالقلق عوض املواجهة ،انسحاب األنا في املواقف الحرجة والصعبة لتجنب
اآلالم الناتجة عن املواجهة واالحتم اء بالقلق او املرض يجعل هذا األخير ينتقل من الش يء املخيف بذاته الى
ش يء آخر.
التماهي :وهي أن يحاكي شخصية ما ،كمحاكاة االب أو االبطال أو أحد أفراد العائلة،حين يأخده كمثله
األعلى .ويقع التماهي على الشخصية بأكملها على عكس التقليد الذي ينحصر في بعض األعمال املحسوسة.
التسامي :وهو أسمى انواع الدفاع حيث يحقق نمو األنا بكاملها ألن الطاقات الغريزية تنتقل من مستوى
أدنى الى مستوى رفيع،كتصعيد الغرائز في أنشطة فنية او ادبية او مايرجع بالنفع.
ويقول فرويد ،أن التسامي ابعد مجموعة من العلماء و األدباء والفنانين عن طريق اإلنحراف واملرض
والعصاب .فالتسامي أساسا للنجاح في الحياة.
-اإلرتداد العضوي :اكتشفه فرويد أثناء دراسته للهستريا ذلك أن الصراعات النفسية والدوافع املكبوثة
تنفجر في الداخل وتظهر في اضطرابات عضوية كضعف الشهية.
: 3األنا العليا)املثالية او الضمير( :هي الجانب املثالي للنفس حيث توجد املبادئ السامية املستقاة من
التعليم ،الدين ،األخالق والقانون .ويعرف هذا القسم بالضمير ،والذي تتمثل مهمته في مراقبة األنا (أي
العقل)وكبحها وردعها ،وكذلك مساءلتها عن اي تقصير في أداء وظيفتها التوجيهية للنزعات الفطرية.
47
الرقابة واملساءلة .وعلى العموم فإن الذات تجد نفسها بدون رقيب فتنطلق لتشبع حاجتها بأي وسيلة بما في
ذلك السلوك االجرامي .فالغريزة الجنسية مثال ،في مرحلة من مراحل العمر يجدها الطفل في أحد والديه)
يحب الطفل أمه وتحب الطفلة والدها).
فهذه املنافسة في امليل العاطفي سماها فرويد "عقدة أوديب" ،فإذا لم تتمكن األنا من تكييف هذا الصراع
مع القيم السائدة في املجتمع فإنه قد يؤدي بالطفل الى سلوك طريق الجريمة.
تعرض فرويد لعقدة الذنب التي تتولد لدى الفرد بسبب ضعف او انعدام األنا العليا لديه وعدم استطاعة
األنا كبح الرغبات الفطرية ،وفي لحظة قد تستيقظ لديه القيم واملثل العليا وبالتالي ينشأ لديه الشعور
بالذنب ويظل هذا الذنب لصيقا به مادام لم ينل جزاء فعلته ويبقى على هذا الحال لدرجة قد تدفعه
الرتكاب الجريمة أمال في العقاب ليتحرر من عقدة الذنب.
تقييم النظرية:
وتعتبر نظرية فرويد قفزة نوعية نحو البحث في أسباب السلوك االجرامي حيث تسلط الضوء على جوانب
الشخصية اإلنسانية من خالل التحليل النفس ي .إال ان هذه النظرية تعرضت للنقاش حيث يؤخد عليها
انعدام وجود صلة حتمية بين الخلل النفس ي والجريمة.
كما ان هذه النظرية تستعص ي على االثبات العلمي لتعلقها بعناصر غير قابلة للمالحظة والقياس.
50
تتكون كل ثقافة من عدة عناصر ،كالروافد ،واألنماط ،واألساليب الثقافية ،فالصراع بين الثقافين يعني
اصطدام بين عناصرها ويأخذ هذا الصراع صورا عديدة.
ويرى رواد هذه النظ رية أن فكرة الصراع الثقافي عامل أساس ي من عوامل السلوك اإلجرامي والسؤال
املطروح هو كيف يسوق أو يدفع الفرد إلى ارتكاب الفعل اإلجرامي؟
سنحاول االجابة على هذا السؤال من خالل تفصيل هذه الصراعات وتقسيمها إلى صراع داخلي وآخر
خارجي.
52
أن هم من نوع املجتمع الذي أطلق عليه أحد العلماء األملانيين إسم "املجتمع املحلي ترتكز العالقات
اإلجتماعية فيه على املكانة واملرتبة "فالثأر هو عرف ونمط ثقافي إجباري مسيطر ،وهو بذلك عمل مقبول
يعطي الحق في القتل لدى هذه املجتمعات.
54
ويمكن عرض هذا التطبيق كاآلتي:
-1السلوك اإلجرامي سلوك مكتسب عن طريق التعلم ،فهو ال يورث.
-2يتم تعلم اإلجرام عن طريق اإلتصال املباشر ،والتفاعل مع األشخاص املمارسين للجريمة ،حيث تربطهم
عالقة وثيقة بهذا الفرد حين يكتسب املهارة والخبرات في مجال اإلجرام.
-3أن األثر نتيجة اإلختالف يكون تبعا لتكراره وعمقه وأسبقيته ويعني باألسبقية األثر املنفوس في نفس
الفرد في السنوات األولى من عمره.
-4اإلتجاه نحو السلوك اإلجرامي يكون إذا رجحته األفراد القاءلة بخرق القانون عن تلك القاءلة بإحترامه،
وهو جوهر املخالطة الذي يشير إلى التفرقة بين املخالطة السوية واملخالطة املنحرفة.
56
مردود ألنه لو كان األمر كذلك ،فلماذا لم يقدم باقي أفراد املجتمع على الجريمة مثل البعض اآلخر ،والحال
أنهم جميعا تأثروا بهذا التفكك االجتماعي.
57
املبحث الخامس :التحليل الجغرافي او الطبيعي للظاهرة االجرامية.
ظهرت هذه النظرية على يد كل من:
العالم الفرنس ي guerryجيري ,والبلجيكي كيتليه ،quetletحيث قاما بأول احصائيات جنائية في فرنسا,
وخلصا إلى نتائج تتصل بربط حركية االجرام بالعوامل الطبيعية.
أوال:مضمون النظرية:
تقوم هذه النظرية على فكرة أساسية مفادها ،أن العوامل الطبيعية تلعب دور كبير في حركية االجرام ,فمن
خالل االحصائيات التي أجراها كل من جيري وكتليه ،تدل على أن هناك عالقة بين الظاهرة االجرامية
واملناخ.
فمن خالل نتائج الدراسة ،تبين لها أن جرائم اإلعتداء على األشخاص أكثر شيوعا في فترات ارتفاع درجة
الحرارة وطول النهار .بينما جرائم االموال تكثر في الفت رات الباردة وطول الليل..وهذا ما أطلقنا عليه تسمية:
"قانون الحرارة االجرامي"
وقد لقيت هذه النظرية تأييدا واسعا لدى العديد من الباحثين في كل من أوربا وأمريكا.
كما أكدوا من خالل االحصائيات والدراسات التي قاموا بها أكدوا صحة قانون الحراة اإلجرامي.
وقد توصل الباحثون الى نتائج تؤكد وجود عالقة بين العوامل الطبيعية والظاهرة االجرامية ,وذلك من
خالل دراسة أثر مجموعة من املعطيات الطبيعية مثل :الرياح ،األمطار ،الرطوبة..
ثانيا :تقييم النظرية:
استنادا الى مختلف الدراسات التي انجزت في هذا املجال والنتائج املتوصل إليها ،اليمكن انكار دور العوامل
الطبيعية في حركية اإلجرام ،وهذا هو الجانب االيجابي للنظرية.
أما الجانب السلبي فيكمن في كون هذه النتيجة ال تكفي بمفردها،وال يمكن اعتبارها سبب مباشر للسلوك
اإلجرامي ما دام دور هذه العوامل يقتصر على نوعين من الجرائم:اإلعتداء على األشخاص ،و اإلعتداء على
األموال دون األنواع األخرى.
إدن تظل النظرية الطبيعية أو الجغرافية،أحد عوامل تفسير الظاهرة اإلجرامية{.لنا عودة للموضوع
بتفصيل أثناء الحديث عن عوامل السلوك اإلجرامي}.
59
-4املجرم بالصدفة :ويمثل الغالبيةو يرجع إجرامه إلى ضغط بعض الظروف االجتماعية القاسية التي
يتعرض لها وهي ظروف تتسم بالعرضية.
-5املجرم العاطفي :هو شخص يتسم بحساسية مفرطة ويقدم على ارتكاب السلوك اإلجرامي تحت عوامل
عارضة ال يمكنه مقاومتها.
تقييم النظرية :خلقت نظرية إنريكو فيري ثورة في مجال الدراسات االجتماعية وعلى الخصوص مسألة
تفسير السلوك اإلجرامي،وعلى الرغم من املزايا التي قدمتها فإنها ال تخلو من بعض العيوب.
املزايا :تشكل نظرية فيري رؤية شمولية للظاهرة اإلجرامية وتمتاز نظريته عن باقي النظريات األخرى أنه لم
يرجع اإلجرام لعامل بعينه أو مجموعة من العوامل ذات الطبيعة الواحدة ،ولكنه رد هذا اإلجرام إلى نوعين
رئيسيين من العوامل تستوعبان باقي العوامل األخرى ،فالجريمة نتيجة كافة مظاهر الخلل في التكوين
الفردي للمجرم في شقيه العضوي والنفس ي ،وهي كذلك استجابة لضغط العوامل واملؤثرات االجتماعية
والطبيعية والبيئية.
إن إدراك "فيري" لدور العامل االجتماعي في استفحال ظاهرة الجريمة ،بحيث يؤسس البحث في العوامل
البيولوجية واالجتماعية وتأثيرها على اإلجرام.
العيوب :يعاب عليه التصنيف الخماس ي للمجرمين وخاصة على صنف املجرم بامليالد رغم إنتقاد هذه
الفكرة بشدة عندما تعرض لها لومبروزو ،كما أنه ميز بين املجرم العاطفي واملجرم بالصدفة وهذا تمييز غير
منطقي ألنهما يجتمعان في مجموعة من الخصائص ألنه راج اقتراح ثالث أصناف عوض خمسة أصناف وهم
-1:املجرم بالصدفة -2املجانين أو املصابين بخلل عقلي -3املعتادون.
يعاب عليه أيضا تمسكه بحتمية السلوك اإلجرامي والحال انها فكرة دخيلة على علم اإلجرام فهي فكرة
فلسفية.
60