Professional Documents
Culture Documents
2019 4 RERJ -N°4: دـمدر 2605 - 7476 Issn
2019 4 RERJ -N°4: دـمدر 2605 - 7476 Issn
5151
سكينة ألوات
أنوار بوهالل
مقدمــــة:
5252
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5353
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد تأخر املغرب يف تبين البنوك التشاركية وإعطائها اإلمكانية للعمل فوق ترابه ،إىل غاية سنة - 2007
كما مر معنا ،-لكن رغم هذا التأخر إال أن مرحلة الفراغ كما سيظهر لنا من خالل ما يأيت ميكن اعتبارها كانت
تتضمن ما ميكن اعتباره بداية إلرساء دعائم الصناعة املالية اإلسالمية باملغرب ،كما أهنا فرتة للرتوي والتفكري من اجل
وضع األسس املتينة هلذه الصناعة.
وعليه سنقسم هذه النقطة اجلزئية إىل قسمني ،األول خنصصه ألهم احملطات اليت ميزت مرحلة الفراغ القانوين،
أما القسم الثاين فنتطرق من خالله لدورية وايل بنك املغرب اليت تعد وثيقة مفصلية بني مرحلة الفراغ ومرحلة التقنني.
:1المالية االسالمية في المغرب خالل مرحلة ما قبل صدور دورية والي بنك المغرب
لقد مر املغرب بعدة حماوالت لفتح نوافد تتعامل بالطريقة اإلسالمية ،كانت أوهلا يف أواسط القرن املاضي
سنة ،1984من قبل حممد الفيصل صاحب بنك فيصل اإلسالمي ،الذي عرب عن رغبته يف تأسيس بنك إسالمي
باملغرب برأمسال قدره مثانية ماليري سنتيم ،1مث بعد إنشاء اجلمعية املغربية للدراسات والبحوث يف االقتصاد اإلسالمي،
تبنت مبادرة إنشاء املصارف اإلسالمية عندما أطلقت املشاركة خبربهتا يف مشروع إطالق أول جتربة يف املعامالت املالية
اإلسالمية مع "بنك الوفا" سنة ،1989وحينئذ انطلقت ثالثة خدمات بنكية هي :املراحبة واملشاركة واإلجارة،
فأوقفها بنك املغرب وطلب مهلة ،2وسنتناول خدمات املالية االسالمية يف مرحلة الفراغ القانوين من خالل النقط
التالية:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1عبد السالم بالجي :البنوك التشاركية االسالمية باملغرب ،سلسلة إصدارات اجلمعية املغربية لالقتصاد االسالمي ،السنة ،2016العدد
الرابع ،ص . 51
2عمر الكتاين" ،مستقبل املالية اإلسالمية الغامض باملغرب ،" 1مقال منشور على املوقع االكرتوينwww.maghrass.com :
(تاريخ وضع املقال 26يناير ،2013تاريخ الدخول إىل املوقع 12فرباير .)2019
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
اجتهادا من البنك املذكور للحفاظ على قدم السبق يف امليدان ،قامت اجملموعة يف سنة ،1996بفتح صندوق
استثماري مطابق للشريعة اإلسالمية متت تسميته صندوق املشاركة ” "FCP ACTIONSومت تكوين جلنة
شرعية ملتابعة أنشطته ،وحسب رأي عبد الرمحان احللو فإن مدير بنك الوفا كانت لديه رغبة يف إنشاء منتوج مطابق
للشريعة اإلسالمية وكان لديه اقتناع جتاري يف جدوى املنتوج ،ويف غياب أية معايري دولية متداولة يف ذلك الوقت،
متت االستعانة بتجربتني للصناديق اإلسالمية ،مها رأي اهليئة الشرعية رقم 53لشركة الراجحي املصرفية لالستثمار،
والثانية لصندوق اإلسالمي ملؤسسة ،اليت مقرها البحرين ،وبعد عدة مشاورات تأكد هلم أن بإمكاهنم فتح صندوق
5555
إستثماري مشرتك "ABC " ،ألن صندوق االستثمار املشرتك كان مسموحا به يف القانون املغريب مبوجب القانون
رقم 213/93/1الصادر يف سبتمرب .11993
جاءت هذه احلقبة سنة ،1996ومتثلت يف فتح فرع لدار املال اإلسالمي بالدار البيضاء (Faisal finance
) ،وكان ميارس نشاطا استثماريا مقتصرا على املشاركات من السوق املغربية الصاعدة ،وما لبث أن انسحب من
السوق بعد ثالثة سنوات من نشاطه ،2إذ كانت الساحة االقتصادية يف سنة 1998قد متيزت بتنظيم اجلمعية املغربية
لالقتصاد اإلسالمي ألكرب ندواهتا الدولية ،بالتعاون مع البنك اإلسالمي للتنمية ،ومشاركة ثلة من الباحثني والفقهاء
ورجال األعمال والسياسة ،فشكلت اجلمعية فضاء مالئما للتأطري والعمل من أجل االقتصاد اإلسالمي ،ومن خالهلا
مت جتميع جهود عشرات املختصني واملهتمني ،سواء االقتصاديني أو علماء الشريعة والقانون وغريهم ،ومت تأسيس فروع
جديدة للجمعية يف عدة مدن داخل املغرب ،وبفضل تلك اجلهود مت منح صالحية التأطري لألساتذة يف مادة االقتصاد
اإلسالمي ،اليت أصبحت مادة أساسية بشعبة الدراسات اإلسالمية يف عدة جامعات ، 3وقد تطور الوضع يف اآلونة
األخرية اىل فتح مسالك للماسرت متخصصة يف االقتصاد والتمويل اإلسالمي ،4ويصح القول أنه بعد اجلمعية املغربية
كانت املطالبة بإدماج املصرفية اإلسالمية يف النظام البنكي املغريب من اجلامعات املغربية ،حيث ظل تدريس االقتصاد
اإلسالمي يف اجلامعات املغربية يف البداية مرتبطا باملبادرات الفردية لبعض أساتذة االقتصاد من أبناء الصحوة اإلسالمية
الدين انكبوا رغما على النظام التعليمي بالدراسة والبحث والتأطري حول االقتصاد اإلسالمي بكل أقسامه املختلفة،
فبدأت تظهر بني الفينة واألخرى بعض البحوث يف شعبة االقتصاد حول االقتصاد اإلسالمي ،خاصة يف حبث
التخرج لنيل اإلجازة والدراسات العليا ،رغم عدم إدماج مادة االقتصاد اإلسالمي ضمن املقرر الدراسي يف شعبة
االقتصاد ،ومن ضمنهم "حممد جنيب بوليف " 5و"عمر الكتاين" ،هذا األخري الذي شرع يف تدريس االقتصاد اإلسالمي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1عبد الرمحان احللو "،البنك اإلسالمي يف املغرب – املسار التارخيي واالنتظارات االقتصادية واجملتمعية " الطبعة األوىل ،مطبعة املدارس الدار
البيضاء ،سنة ،2015ص 43و.44
2عبد الرمحان احللو ،نفسه ،ص .48
3حلسن الداودي "،احللم الطويل ...النضال من أجل بنك إسالمي" ،جريدة التجديد ،بتاريخ 18الربيل 2010العدد ،2362ص . 16
4محزة عبد املهيمن "،إدماج املصرفية اإلسالمية يف النظام البنكي املغريب :املعيقات واالفاق" ،مقال منشور مبجلة القانون واالقتصاد ،سلسلة .6
5 - Mohamed Najib Boulif ,vers une nouvelle approche des placements , thèse de doctorat
détat en sciences économique, université sidi mohamed ibn abdellah , faculté des science
juridique économique et social fès, 1996, p 140.
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
لطلبة السنة األوىل بكلية متخصصة يف املالية اإلسالمية مؤخرا ،وبالتايل بدأت االنفراجات تتواىل ،وبدأ التبشري
باالقتصاد اإلسالمي ينتقل من اجلامعة اىل اجملتمع .1
يرى عبد الرمحان احللو أن هذه احلقبة شجعت على االتصال ببعض رواد االقتصاد اإلسالمي يف املغرب ،والذين
كان هلم اهتمام جبانب املعامالت على إجاد نواة لالستثمار وفقا للشريعة اإلسالمية ،يف انتظار وجود املصارف
اإلسالمية ،وهكذا مت إنشاء الشركة الدولية لألعمال واملال "دعم "IBF Groupيف سنة ،1998هبدف
االستثمار يف مشاريع جتارية وصناعية حمليا ودوليا عن طريق تعبئة األموال من بنوك وصناديق إسالمية وتوظيفها يف
5656 استثمارات مغربية ،والقيام بدراسات اجلدوى إلجنازها ،ومن دراسات اجلدوى اليت اضطلعت هبا شركة ، IBFإجناز
عن الشركة الكربى لالستثمار اإلسالمي يف املغرب بطلب من البنك اإلسالمي للتنمية ،وكان ذلك سنة ، 1999
حيث هذا األخري اىل املغرب فريقا لتدارس املشروع ووضع اللمسات األوىل لتأسيسه ،ويف غياب للمناخ املناسب
لألعمال يف املغرب يف تلك احلقبة ،مت طمس هذه الشركة ذات التوجه اإلسالمي .2
واجلدير بالذكر أن املغرب على الرغم من أنه تأخر نسبيا عن مستوى االنفتاح على التمويالت اإلسالمية –
مقارنة مع كثري من الدول العربية واإلسالمية والغربية أيضا – فهو مع ذلك ساهم بشكل فعال يف دعم حركة إنشاء
املصارف اإلسالمية مبختلف الوسائل ،من ذلك استضافته لكثري من املؤمترات السياسية والندوات العلمية املرتبطة
مبجال التمويل املصريف ،فعلى سبيل املثال جند أن فكرة إنشاء البنك اإلسالمي للتنمية عرفت ميالدها بالرباط من
خالل اجتماع املؤمتر األول بتاريخ 25شتنرب ،31969كما مت تنظيم ندوة " التطبيقات االقتصادية اإلسالمية
املعاصرة" مببادرة من اجلمعية املغربية للدراسات والبحوث يف االقتصاد اإلسالمي ،وبتعاون مع املعهد اإلسالمي للبحوث
والتدريب التابع للبنك اإلسالمي للتنمية جبدة ،وذلك ما بني 5و 8ماي 1998م يف مدينة الدار البيضاء ،ومن
بني التوصيات اليت خلصت إليها الندوة ،املطالبة بتعديل القانون البنكي املغريب ،بشكل يتيح الفرصة أمام البنوك
املغربية لفتح شبابيك للمنتجات املصرفية املطابقة ألحكام الشريعة اإلسالمية ،وتأسيس مؤسسات مصرفية تعمل وفق
هذه األحكام بقصد تعبئة املوارد العاطلة وتوجيهها حنو االستثمار ،وإدخال صيغ مطابقة للشريعة اإلسالمية يف مشروع
قانون التمويالت الصغرى .4
:2دورية والي بنك المغرب الصادرة بتاريخ 1أكتوبر 2007
ميثل تاريخ فاتح أكتوبر 2007منعطفا أساسيا ومرحلة مهمة يف تاريخ البنوك التشاركية باملغرب ،حيث مت فيها
اإلعالن عن االنطالقة الرمسية لبدأ عملية بعض صيغ التمويل اإلسالمي باملغرب.
وإن بنك املغرب ،أعلن من خالل الدورية املذكورة إدخال وتأطري عمليات تسويق منتوجات جديدة أطلق
عليها اسم " املنتوجات البديلة" ،مع أن عمر جتربة البنوك اإلسالمية يف العا مل قد ناهز 50سنة ،وأن هذه التجربة مل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1حلسن الداودي ،م.س ،ص .6
2عبد الرمحان احللو ،م .س ،ص. 52 – 50 :
3حممد الوردي ،التمويل التشاركي يف املصارف بني املقصد التنموي املنشود وواقع التحديات املشهود ،سلسلة إصدارات اجلمعية املغربية لالقتصاد
املغريب ،دون اإلشارة إىل سنة النشر ،ص .212
4سعد الدين العثماين " ،التطبيقات املعاصرة لإلقتصاد اإلسالمي " ،جملة الفرقان العدد ، 42ص . 4 :
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
يكتب أن خترج اىل الوجود يف املغرب ،رغم املطالب الشعبية املتواصلة لفتح الباب أمام األبناك اإلسالمية ،أو على
األقل فتح نوافد إسالمية يف البنوك التقليدية ،على غرار العديد من الدول يف العا مل.
ورغم ما أثبته الدراسات املتخصصة املنصبة يف هذا الشأن على السوق املغربية ،من جدوى املنتوجات
املصرفية اإلسالمية وقدرهتا على استقطاب مبالغ مهمة غري مسامهة يف النشاط االقتصادي الوطين ،واليت قدرهتا بعض
الدراسات يف مبلغ 30مليار درهم أي ما يعادل 6يف املئة من الناتج اخلام الداخلي ،وكذا على استقطاب سيولة
مهمة يرفع االستبناك لتتجاوز عتبة 30يف املئة ،وهو ما سيؤثر بالنتيجة على معدالت اإلذخار واالستثمار ،1فإن
5757 السلطات املالية املغربية مل تقدم على فتح اجملال أمام هذه الصيغ للتداول املصريف ،إال حبلول سنة 2007من خالل
هذه التوصية اليت حتمل رقم 2007/33حتت مسمى ":توصية متعلقة مبنتجات االجارة واملشاركة واملراحبة " ،2وقد
شكلت منعطفا مهما يف مسار االقتصاد املغريب بفتح اجملال أمام البنوك املغربية لتسويق املنتوجات البديلة والتنافس
على استقطاب فئات جديدة من املواطنني املغاربة الذين يرفضون التعامل مع البنوك التقليدية بسبب مربرات شرعية
تتمثل أساسا يف رفض التعامل بالفائدة الربوية ،وحماولة السلطات النقدية الرفع من نسبة االستبناك .وال شك أن
التوصية وإن أتت متأخرة وخجولة وناقصة ،حيث مل تسمح بوجود مؤسسات مالية إسالمية مستقلة فهو خري من
أال تأيت ،خصوصا إذا علمنا أن املغرب يف حاجة ماسة اىل مثل هذه الصناعة اليت تشهد إقباال منقطع النظري لدى
املستثمرين الرئيسيني يف املغرب وهم رجال األعمال.3
تلعب مؤسسات االئتمان واهليئات املعتربة يف حكمها ،دورا أساسيا يف االقتصاد املغريب ،وميكن اعتبارها أحد
أهم حمركات التنمية االقتصادية واالجتماعية يف البالد بصفتها املصدر الرئيسي لتمويل االقتصاد ،مع ما يرتتب عن
ذلك من آفاق للنمو وخلق فرص الشغل ،وتعرب اإلصالحات القانونية والتنظيمية اليت يعرفها القطاع البنكي ببالدنا
واليت مهت جمموع مكونات املنظومة املالية ( سوق الرساميل ،التسنيد ،العقود اآلجلة ....اخل) عن إرادة واضحة حنو
حتديث القطاع من أجل مواجهة رهانات التنمية الوطنية ،واالستجابة ملتطلبات احلكامة اجليدة وتدبري املخاطر
الشمولية .ويف هذا السياق يندرج القانون اجلديد رقم 103.12املتعلق مبؤسسات االئتمان واهليئات املعتربة يف
حكمها ،حيث خصص قسمه الثالث للمعامالت التشاركية ،واليت تعد حبق اسرتاتيجية من املغرب لفتح اجملال أمام
استثمارات جديدة من دول اخلليج العريب ،وجذب رؤوس أموال من اجلالية املغربية اليت جتد صدى هلذه املعامالت يف
دول إقامتها من الدول الغربية ،ودعم املقاوالت الصغرى واملتوسطة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1البشري عدي " ،البنوك اإلسالمية وأفاقها باملغرب " ،مقال منشور باملوقع االكرتوين( www.droitetentreprise.com :تاريخ وضع
املقال 3مارس ،2014تاريخ الدخول للموقع 12فرباير .)2019
2جواد مريد" :البنوك اإلسالمية يف ضوء املستجدات التنظيمية للمنتجات التمويلية" ،دار باملغرب ,الطبعة األوىل ،مطبعة احملمدية ،2012
ص.220
3الحم الناصر" :الصريفة اإلسالمية يف املغرب العريب" ،مقال منشور باملوقع االكرتوين ( www.wladbladi.comتاريخ وضع املقال 5
يونيو ،2007تاريخ الدخول للموقع 13فرباير .)2019
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
إن البنوك التشاركية من ناحية شكلها ختضع للقوانني اليت تسري على البنوك التقليدية ،وهذه األخرية ختضع
للقوانني اخلاصة بالشركات ،وقد اختارت يف األغلب األعم صبغة شركة املسامهة 1اليت تدخلها يف صبغة البنوك
التجارية ،2وإن كان يطلق على بعضها إسم " شركة املسامهة احملدودة" ،فإن ذلك راجع فقط لكون الدول اليت توجد
هبا تعتمد على النمط االجنلوساكسوين 3الذي يضفي عليها هذه الصفة ،حيث يسمح أن يدير األموال غري مالكها،
مع أهنا يف الواقع هي نفسها شركة املسامهة يف التصنيف الالتيين ،الذي له تصور معني عن املشاركة يف إدارة األعمال،
حيث أنه ال يدير إال من ميلك ،وال خيرج عن هذه القاعدة سوى البنك اإلسالمي للتنمية باعتباره هيئة دولية ،وقد
حدد املشرع املغريب من خالل املادة 432املقتضيات القانونية لنظام األبناك بشكل عام ومن ضمنها البنوك التشاركية.
5858
ولتأسيس البنك التشاركي وضع املشرع املغريب الشكل القانوين يف املادة األوىل 5من قانون رقم 103-12
املتعلق مبؤسسات االئتمان واهليئات املعتربة يف حكمها ،حيث توضح هذه املادة أن البنك البد أن يأخد شكال قانونيا
حمددا يتجلى يف شخص معنوي وال ميكن أن يأخذ إال شكل شركة املسامهة ذات رأمسال الثابت ،وملا كان البنك
التشاركي جيب أن يكون شخصا معنويا يف شكل شركة مسامهة ذات رأمسال ثابت فال بد من التساؤل عن طبيعة
رأمسال املؤسسة البنكية التشاركية؟ فبالرجوع اىل مقتضيات قانون رقم ،103-12جند املشرع املغريب قد حدد طبيعة
رأمسال املؤسسة البنكية التشاركية يف شكل رأمسال ثابت ،6ولكي تزاول الشركة البنكية عملها ال بد هلا من حد أدىن
من رأس املال تتوفر عليه عند تأسيسها ،وقد اشرتط املشرع على كل مؤسسة ائتمان مبا فيها البنوك التشاركية أن تثبت
التوفر يف موازنتها على رأمسال 7مدفوع بالفعل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1عائشة الشرقاوي املالقي "،البنوك اإلسالمية التجربة بني الفقه والقانون والتطبيق" ،املركز الثقايف العريب -الدار البيضاء ،2000 ، -ص . 48
2عبد الرمحان احللو" ،من أجل بناء إسالمي أفضل" ،مطبعة املدارس الدار البيضاء ،سنة 1990م ،ص.59
3من الدول اليت تعتمد على هذا النمط االجنلوساكسوين جند بريطانيا ،وسكوتالنده ،والواليات املتحدة االمريكية ،أما الدول ذات األصل الالتيين
والقوانني ذات األصل االجنلوساكسوين ينعكس على قوانني الدول اإلسالمية حبسب الدول املستعمرة ،فنحن يف دول املغرب العريب حيث أن
املستعمر كان إما فرنسا أو إسبانيا أو إيطاليا تتأثر قوانني دولنا بالنزعة الالتينية مما قد جيعل التعايش بني نظام مصريف إسالمي والقانون احمللي
اصعب منه يف الدول اليت يسودها قانون دو نزعة اجنلوساكسونية .انظر عبد الرمحان احللو ،م.س ،ص.59
4املادة 32من القانون رقم 12-103املتعلق مبؤسسات االئتمان واهليئات املعتربة يف حكمها حيث نصت على أنه ":جيب على مؤسسات
االئتمان املعتمدة باعتبارها بنوكا وكذا على البنوك احلرة أن تنضم اىل مجعية مهنية خاضعة ألحكام الظهري الشريف الصادر يف 3مجادى األوىل
15( 1378نوفمرب )1958يف تنظيم حق تأسيس اجلمعيات ،كما وقع تغيريه وتتميمه.
وجيب على مؤسسات االئتمان املعتمدة باعتبارها شركات متويل أن تنظم اىل مجعية مهنية خاضعة ألحكام الظهري الشريف السابق الذكر.
ويصادق الوزير املكلف باملالية على األنظمة األساسية للجمعيات املهنية الثالث املذكورة وعلى مجيع التغيريات املدخلة عليها بعد إستطالع رأي
جلنة مؤسسات االئتمان ".
-5املادة األوىل من قانون رقم 12 -130السابق الدكر ،جندها تنص على أن ":تعترب مؤسسات االئتمان األشخاص االعتبارية اليت تزاول نشاطها
يف املغرب ،أيا كان مقرها االجتماعي أو جنسية املشاركني يف رأمساهلا أو خمصصاهتا أو جنسية مسريها ،واليت تزاول بصفة اعتيادية واحدا أو
أكثر من األنشطة التالية :
-تلقي األموال من اجلمهور .
-عمليات االئتمان.
-وضع مجيع وسائل األداء رهن تصرف العمالء أو القيام بتدبريها ".
-6الرأمسال الثابت هو جمموع وسائل اإلنتاج املادية الذي ال يتم إستهالكها أثناء عملية اإلنتاج ،حياهتا سنة حماسبية ،ومن خصوصياته أنه قابل
للتغيري لكل حسب مسطرة شكلية ،كما ال ميكن تغيري عدد املسامهني فيه إال بإتباع شكلية معينة .أنظر أمحد شكري السباعي "،الوسيط يف
الشركات واجملموعات دات النفع االقتصادي-شركة املسامهة.."-
7الرأمسال األدىن :هو املال الذي سيساهم به الشركاء عند التأسيس وهو يهدف اىل ضمان حقوق املودعني ،ويرتاوح مبلغه حوايل مائة مليون درهم
الشرط يسري على البنوك العاملة باملغرب واليت تتواجد مقراهتا االجتماعية باخلارج.
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
كما أن اختاذ البنوك التشاركية شكل شركة املسامهة يعين أهنا تتأسس بنفس شكل البنوك التقليدية ،مما يدل
على أهنا مل تستطع التخلص من القوانني الوضعية اجلاري العمل هبا ،أو أن ختلق شكل خاص هبا على نفس مستوى
طرق املعامالت اليت خلقتها ،إال أن هذا التصنيف ال مينع البنك التشاركي من القيام مبهام ال يعرفها البنك التقليدي
عادة ،وباألخص تنظيم عالقاهتا مع املودعني من عمالء ومستثمرين .
تشرتك عمليات البنك التشاركي يف الكثري من اخلدمات مع البنوك التقليدية ،منها ما يعترب من العمليات
البنكية األساسية وهي ما أحال عليها املشرع املغريب من خالل املادة 54من قانون مؤسسات االئتمان اجلديد ،
ومنها األعمال اليت يف حكم األعمال البنكية واليت أحال عليها نفس القانون مبقتضى املادة ،57وسنتطرق هلا فيما
يأيت:
:1قيام البنوك التشاركية باألنشطة البنكية األساسية للبنوك التقليدية
وقد أمسيناها كذلك ألهنا تعترب حمور النشاط البنكي ،وقد وردت اإلحالة عليها مبقتضى الفقرة األوىل من
املادة 54من قانون مؤسسات االئتمان واهليئات املعتربة يف حكمها ،حيث نصت على أنه " :تعترب بنوكا تشاركية
األشخاص االعتبارية اخلاضعة ألحكام هذا القسم واملؤهلة ملزاولة األنشطة املشار إليها يف املادة األوىل ."...
وبالرجوع اىل املادة األوىل من نفس القانون أعاله واليت أوردت األنشطة البنكية األساسية كما يلي :
تلقي األموال من اجلمهور؛
عمليات االئتمان ؛
وضع مجيع وسائل األداء رهن تصرف العمالء أو القيام بإدارهتا.
وسنركز على النشاطني األول والثاين على اعتبار أن النشاط الثالث ذو طابع تقين ،ذلك مجيع وسائل األداء رهن
تصرف العمالء أو القيام بإدارهتا يعين اعتبار وسائل األداء هي مجيع األدوات اليت متكن أي شخص من حتويل أموال
كيفما كانت الوسيلة أو الطريقة التقنية املستعملة لذلك.
وهي األموال اليت يتسلمها شخص من الغري على سبيل الوديعة أو غري ذلك وحيق له أن يتصرف فيها
حلسابه اخلاص على أساس االلتزام بإرجاعها ألصحاهبا ،1كما ميكن تعريف الودائع على أهنا ما يتلقاه املصرف من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1الفقرة األوىل من املادة الثانية من قانون مؤسسات االئتمان واهليئات املعتربة يف حكمها رقم . 103.12
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
الناس (اجلمهور) ،بكمية وافرة على قدر ما تتسع دائرة عمله ويذيع صيته ،وعلى أساسه يزيد نفوذه وتتوافر قوته،1
مبعىن أن الودائع أو الوديعة هي ذلك املبلغ الذي يودعه صاحبه لدى البنك قصد احلفاظ عليه عنده إىل غاية طلبه
منه ،ومن خالل هذا التعريف جند أن الوديعة البنكية ختتلف عن الوديعة العادية املنظمة مبقتضى قانون االلتزامات
والعقود ،فاألوىل ختول للبنك التصرف يف األموال املودعة شريطة إرجاع مثلها -مبدئيا – يف حني الثانية ال ختول
للشخص املودع لديه إمكانية التصرف فيها بل ينبغي عليه حفظها وردها بعينها ،2وقد تناول املشرع املغريب مسألة
تعريف الوديعة يف قانون اإللتزامات والعقود من خالل الفصل 781الذي ينص على ما يلي" :الوديعة عقد مبقتضاه
يسلم شخص شيئا منقوال إىل شخص آخر يلتزم حبفظه ويرده بعينه" ،3إذن ،فهذه الوديعة حسب ما يستفاد من
6060 النص القانوين أعاله ،مقومة على أساس أهنا شيء منقول يودعه صاحبه عند املودع عنده –الذي قد يكون بطبيعة
احلال بنكا -قصد أن حيفظه ،ويرده إليه عندما يطلبه ،أو حسب اإلتفاق املربم بينهما ،بذاته أو قيمته األصلية ،أو
مبثله ،ويسهر املودع عنده على العناية بالوديعة عنايته بأمواله اخلاصة ،وال جيوز له أن يبذرها أو يبددها كأن يقوم
بإحالل شخص آخر حمله يف حفظها ،على أنه قد يستحق املودع عنده أجرا على خدمته هذه للمودع ،ما مل يتم
اإلتفاق على عدم نيل أي أجر ،والبنك هنا هو املودع كما قلنا ،لذلك فهو املسؤول عن حفظ الودائع والسهر على
العناية هبا وردها إىل مودعيها ،وذلك بعد تلقيها عن طريق عملية اإليداع ،واإليداع هو السبيل أو العملية اليت هبا يتم
فتح احلسابات ألرباب األموال داخل البنوك بصفة عامة.
وتنقسم الودائع يف البنوك التشاركية إىل :
وهي الودائع اليت حيق للعميل املودع أن يطلبها يف أي وقت سواء نقدا أو عن طريق استعمال الشيكات أو أوامر
التحويالت املصرفية لعمالء آخرين ،4وال يهدف املودع من ورائها احلصول على أي عائد أو ربح ،فهي عبارة عن
أموال يقدمها املتعاملون للبنك دون قصد اإلستثمار ،وال تدفع البنوك عليها أي عوائد لعدم ثبات رصيدها الذي قد
يصبح صفرا يف أي حلظة مما ال يعطي البنك الفرصة الحتسابه ضمن خطته يف االستثمار 5ولكن قد يكون دافع
العملني إليداعها هو انتفاعهم باخلدمات اليت يقدمها البنك إليهم ومن بينها خدمة الشيكات كما سبق ،كما قد
يكون هذا الدافع هو حاجتهم إىل اإلحتفاظ بالسيولة اليت لديهم يف مكان آمن خشية السرقة والضياع 6.فهذه الودائع
أو احلسابات اجلارية هي حسابات مفتوحة لدى البنك اإلسالمي ال يدفع عنها هذا األخري أي مقابل ،ويلتزم بإرجاع
األموال املودعة فيها حيث ما مت طلبها من قبل املودعني ،وهي توجد كذلك يف البنوك التقليدية ،غري أن احلساب
اجلاري يف هذه األخرية يسمح بالسحب املكشوف مقابل فائدة ،يف حني أن احلساب اجلاري اإلسالمي ال جيوز أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1أبو األعلى املودودي " ،الربا" ،ترمجة وتعريب عاصم احلداد ،مطبعة دار الفكر ،بدون ذكر السنة الطبع ،ص71و.72
2رشيد صبيح "،العمليات البنكية واملنتجات البديلة قبل مشروع رقم 103.12املتعلق بالبنوك التشاركية" ،مقال منشور مبجلة املنارة للدراسات
القانونية واإلدارية ،يناير ،2015العدد الثامن ، ،ص . 219
3األحكام العامة الواردة يف الفرع األول من الباب األول املعنون "بالوديعة اإلختيارية" ،ا ملنصوص عليها يف القسم الرابع من ق .ل .ع املغريب
حتت عنوان" :الوديعة واحلراسة" .الفصول من 781إىل ،790وكذا الفصول من 791إىل 817ق .ل .ع.
4حممد جالل سليمان :الودائع االستثمارية يف البنوك اإلسالمية ،الطبعة األوىل ،املعهد العاملي للفكر اإلسالمي ،القاهرة مصر 1996م ،ص.22
5حممد جالل سليمان ،نفسه ،ص .22
6الغريب ناصر :أصل املصرفية اإلسالمية وقضايا التشغيل ،مطابع املنارة ،القاهرة مصر ،سنة 1996م ،ص.68
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
يكون مدينا بصفة عادية ،إال أن يكون قرضا حسنا يتفق عليه مع الشروط املتعلقة به 1.هذا وتعد الوديعة اجلارية أو
2
حتت الطلب مبثابة أمانة يلتزم البنك بردها عند طلبها ،دون أن يدفع لصاحبها أي عائد خالل فرتة بقائها يف حوزته.
ولذا تعمد املصارف اإلسالمية تشجيعا ألصحاب هذه الودائع إىل عدم إحتساب أي مصاريف عليها،
بينما هناك بعض البنوك اإلسالمية متنح أصحاب احلسابات اجلارية جوائز من صايف أرباحها يقدرها جملس اإلدارة يف
حالة حتقيق أرباح مرتفعة.3
ويقصد هبا كل حساب يف دفرت واجب التقدمي عند كل سحب أو إيداع مبعىن أن األموال املودعة يف هذا
6161
احلساب تكون على سبيل اإلدخار والتوفري احتياطا لنفقات الحقة قد تستجد على املودع ،وبذلك ما عليه إال أن
يقدم دفرت التوفري من أجل السحب من احلساب ،أو اإليداع فيه ،فاملوفر ميكن أن حيصل على فرصة السحب مىت
أراد ،وهلذه العينة من الودائع خصائص النوعني السابقني ،فهي تلتقي مع الوديعة حتت الطلب يف إمكان السحب
4
منها يف أو وقت شاء املودع ،وتلتقي مع الوديعة اإلستثمارية أو الثابتة يف إمكانية دخوهلا جمال املضاربة.
وميكن هلذه الوديعة التوفريية أن تتحول إىل وديعة استثمارية ،وبالتايل استفادهتا من نشاط املضاربة أو
املشاركة ،ومن مت احلصول على عائدات وأرباح منهما ،غري أن ودائع التوفري ختتلف عن ودائع اإلستثمار داخل البنوك
اإلسالمية يف أمرين :جوائز وحوافز تتمثل يف اإلستفادة من قرعة أداء فريضة احلج على حساهبا ،وهو ما درج عليه
بنك فيصل اإلسالمي منذ مدة ،وتتميز الودائع االدخارية بصغر مبالغها وزيادة عدد املودعني لذلك تسعى البنوك
ال جتذاب فائض مدخرات األفراد وصغار العمالء من خالل هذا النوع من الودائع ،وحتظى بأمهية كبرية بالنسبة للبنوك
وذلك إلمكانية توظيفها يف استخدامات طويلة ومتوسطة. 5
وقد عرف هذه العمليات القانون رقم 103.12بنصه على أنه " :يعترب عملية إئتمان كل تصرف بعوض ،يقوم
مبقتضاه شخص من األشخاص :
-يوضع أموال أو االلتزام بوضعها رهن تصرف شخص أخر يكون ملزما بإرجاعها؛
-أو االلتزام ملصلحة شخص أخر ،عن طريق التواقيع ،يف شكل ضمان إحتياطي أو كفالة أو أي ضمان آخر.
وتعترب يف حكم عمليات االئتمان :
-العمليات املتعلقة باالئتمان اإلجياري وباإلجيار اليت يكون فيها للمستأجر خيار شراء العني املؤجرة والعمليات
املعتربة يف حكمها؛
-عمليات شراء الفاتورات؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الرمحان احللو ،مرجع سابق ،ص.31 1
منري إبراهيم هندي "،إدارة األسواق واملنشآت املالية" ،مطبعة املعارف اإلسكندرية مصر ،سنة ،1999ص.250 2
عبد السميع املصرى "،املصرف اإلسالمي علميا وعمليا" ،مطبعة وهبة ،القاهرة مصر ،سنة ،1988ص .115 3
ضياء جميد :البنوك اإلسالمية ،بدون الطبعة ،مؤسسة شباب اجلامعة ،اإلسكندرية مصر ،سنة ،1997ص.45 4
حممد جالل سليمان ،م .س ،ص.23 5
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
-عمليات البيع االسرتدادي لألوراق والقيم املنقولة وعمليات اإلستحفاظ كما هو منصوص عليها يف التشريع
اجلاري به العمل ".1
ويستفاد من املقتضيات املنصوص عليها أعاله أن البنك يقدم إما إعتمادات خزينة مبوجبها يضع البنك
أموال أو يلتزم بوضعها رهن تصرف شخص أخر يكون ملزما بإرجاعها ويف هذا اإلطار تدخل القروض وعمليات
اخلصم ،وإما إعتمادات بالتوقيع أي عندما يلتزم البنك ملصلحة شخص أخر عن طريق التوقيع ،يف شكل ضمان أو
كفالة ،أو أي ضمان أخر ،فالبنك هنا ال مينح أي أصول ،وإمنا يكتفي بإعطاء توقيعه ليتدخل بذلك بسمعته لصاحل
زبونه أمام الشخص الذي يريد هذا األخري التعاقد معه ،ومثالنا يف ذلك االعتماد املستندي أو الكفالة عند أول طلب،
6262 وعلى هذا األساس فإن االئتمان لدى البنوك التشاركية خيتلف عن االئتمان لدى البنوك التقليدية والذي يعترب هو
الثقة اليت يوليها املصرف لشخص ما سواء أكان طبيعياً أم معنوياً ،بأن مينحه مبلغاً من املال الستخدامه يف غرض
حمدد ،خالل فرتة زمنية متفق عليها وبشروط معينة لقاء عائد مادي متفق عليه وبضمانات متكن املصرف من اسرتداد
قرضه يف حال توقف العميل عن السداد.2
:2قيام البنوك التشاركية بالعمليات البنكية التبعية للبنوك
تنص على هذه العمليات املادة 57من قانون مؤسسات االئتمان واهليئات املعتربة يف حكمها ،حيث تسمح
للبنوك التشاركية مبزاولة العمليات الواردة يف املواد 7و 8و 9و 16وفق الشروط املنصوص عليها يف املادة 54من
نفس القانون ،وبالرجوع إىل هذه املواد ،جند أن العمليات الواردة تشمل :
خول املشرع ملؤسسات االئتمان احلق يف املسامهة يف رأمسال شركات موجودة أو مزمع إحداثها لكن ذلك
مشروط بإحرتام التعريفة الذي سيصدرها ويل بنك املغرب يف هذا اخلصوص.3
وقد جاء تعداد هذه العمليات يف قانون مؤسسات االئتمان اجلديد ،كما يلي:
4
عمليات الصرف :إستبدال العمالت األجنبية بالدرهم مقابل سعر حيدده بنك املغرب؛ -
عمليات البيع والشراء املتعلقة بالذهب واملعادن النفيسة والقطع النقدية؛ -
توظيف القيم املنقولة أو سندات الديون القابلة للتداول أو أي منتج من املنتجات املالية واالكتتاب -
فيها وشرائها وتدبريها وحفظها وبيعها حيث تلعب دور الوسيط بني األشخاص أو املقاوالت وسوق الربصة؛
عرض عمليات تأمني األشخاص واملساعدة وتأمني القروض على اجلمهور فهي تلعب دور الوسيط -
بني زبنائها وشركات التأمني ،وقد حدد هلا فروع التأمني هاته حىت ال تؤدي مزاولتها لعمليات التأمني بكاملها منافسة
للوسطاء الذين يتخصصون يف هذه العمليات ويتخذون منها نشاطها األساسي؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1املادة 3من القانون املذكور.
- 2عبد العزيز الدغيم وماهر األمني وإميان جنرو" ،التحليل االئتماين ودوره يف ترشيد عمليات اإلقراض املصريف بالتطبيق على املصرف الصناعي
السوري" ،مقال منشور مبجلة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية ،اجمللد 28العدد ،3السنة ،2006ص .194
- 3املادتني 8و 25من القانون 103.12املتعلق مبؤسسات االئتمان واهليئات املعتربة يف حكمها.
- 4املادة 7من القانون املذكور.
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
عمليات اإلجيار البسيط للمنقوالت والعقارات وهذا اإلجيار ال يتملك به العميل العقار أو املنقول -
أثناء خيار الشراء؛
خدمات االستثمار. -
وما ميكن أن نسجله من خالل ما سبق أن املشرع املغريب أعطى احلق للبنوك التشاركية يف مزاولة هذه اخلدمات
املشار إليها أعاله مبقتضى املادة 57واليت أحالت على املواد 7و 8و 9و 16من نفس القانون ،لكن قيدها بعدم
التعامل بالفوائد أخدا أو عطاء أو مها معا ،باإلضافة إىل ضرورة أخد الرأي باملطابقة من طرف اجمللس العلمي األعلى،
وهذه حسنة من حسنات املشرع لكي ال يتم التالعب من طرف البنوك التشاركية وإفراغها من حمتواها الشرعي .
6363
أصدر املشرع املغريب القانون 103.12املشار إليه أعاله ،منظما بذلك نوعا جديدا من البنوك واليت خيتلف
نشاطها عن البنوك التقليدية ،وبرجوعنا للمادة 54من نفس القانون ،نستشف بأن ما مييز البنوك التشاركية هو
إنفرادها مبزاولة األنشطة املنصوص عليها يف املادتني 55و 58من القانون املذكور أعاله وهي كاأليت :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1املادة 56من القانون رقم 103.12املتعلق مبؤسسات االئتمان واهليئات املعتربة يف حكمها
_ 2وتعتمد الودائع االستثمارية على عقد املضاربة ،إذ يكون رب املال هو املودع ،أما البنك فيعترب هو املضارب ،املوقع الرمسي ملوقع أمنية بنك،
( ، www.umniabank.maتاريخ تصفح املوقع 29ماي .)2019
3وقد صدر عن وايل بنك املغرب منشور رقم \13و\ 16بتاريخ 16يونيو ،2016متعلق بشروط وكيفيات تلقي وتوظيف الودائع االستثمارية.
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
وهي " كل عقد يضع مبوجبه بنك تشاركي ،عن طريق االجيار ،منقوال أو عقارا حمددا ويف -
ملكية هذا البنك حتت تصرف عميل قصد استعمال مسموح به قانونا .
2
الشكل الثاين :املشاركة املتناقصة :فيها ينسحب البنك تدرجييا من املشروع وفق بنود العقد .
وهي " كل عقد يربط بني بنك أو عدة بنوك تشاركية ( رب املال ) تقدم مبوجبه رأس املال -
نقدا أو عينا أو مها معا ،ومقاول أو عدة مقاولني ( مضارب) يقدمون عملهم قصد إجناز مشروع معني ،ويتحمل
املقاول أو املقاولون املسؤولية الكاملة يف تدبري املشروع .يتم اقتسام األرباح احملققة باتفاق بني األطراف ،ويتحمل
رب املال وحده اخلسائر إال يف حاالت اإلمهال أو سوء التدبري أو الغش أو خمالفة شروط العقد من طرف املضارب
.
وهو " كل عقد يعجل أحد املتعاقدين ،البنك التشاركي أو العميل ،مبلغا حمددا للمتعاقد -
6565
االخر الذي يلتزم من جانبه بتسليم مقدار معني من بضاعة مضبوطة بصفات حمددة يف أجل ،ويتم عمليات
التمويل بالسلم يف املصارف اإلسالمية بدفع املصرف مبلغ من املال لعميل ،ومن بني متظهرات أمهية هذا املنتوج
البنكي نذكر ما يلي:1
توفري السيولة للمنتج الذي حيتاجها لالستثمار ،كما ال حيتاجها املستثمر املسلم كوهنا قد قدمت أو
سلمت يف جملس العقد ،وبالتايل انتقلت لتكون مثناً يف موعد التسليم؛
عدم تأثر القوة الشرائية للنقود املستثمرة ،فيعمل على احملافظة على املبلغ األصلي مثن سلعة حقيقية،
باإلضافة إىل قيمة التضخم نتيجة االرتفاعات احملتملة ملعدل األسعار ،لكون املؤجل هو السلعة وليس النقد؛
يوفر السلم ميزة التكافل بني أفراد اجملتمع ،ويقلل من تكاليف اإلنتاج ،ويزيد من العرض ،ويستخدم
مدخالت اإلنتاج وخصوصاً احمللية ،ويعمل على إدامة التوظيف وتقليل البطالة املومسية.
هو " كل عقد يشرتي به شيء مما يصنع يلتزم مبوجبه أحد املتعاقدين ،البنك التشاركي -
أو العميل ،بتسليم مصنوع مبواد من عنده ،بأوصاف معينة يتفق عليها وبثمن حمدد يدفع من طرف املستصنع
حسب الكيفية املتفق عليها بني الطرفني".2
للزبناء إما مبعرفتهم أو مبساعدة فقهاء أو خرباء إقرتاح عقود غري واردة يف القانون ،إما موجودة يف الفقه اإلسالمي
كاملزارعة واملغارسة واملساقاة مثال ،او مبتكرة ومتوافقة مع الضوابط الفقهية.1
غري أن ما يالحظ على هذا النص ان املشرع املغريب أعطى احلق القرتاح املنتجات وعقود غري واردة يف
القانون ،ومل يعطي هذا حق االقرتاح للبنوك التشاركية وهذا فيه نوعا من الصرامة للبنوك التشاركية من إقرتاح منتجات
غري متوافقة مع الشريعة اإلسالمية فقط جللب الزبناء وحتقيق أرباح على حساب الغاية من هذه البنوك.
وكخالصة ملا سبق أن البنوك التشاركية للعمل هبذه املنتجات سواء املشرتكة مع البنوك التقليدية أو املنتجات
اخلاصة بالبنوك التشاركية أو اليت يقرتحها الزبناء ،ال بد من أخد الرأي باملطابقة من طرف اجمللس العلمي األعلى وهي
6666
هيئة مستقلة لكل مكونات املالية التشاركية ومنها البنوك التشاركية ،مث عملية التدقيق داخلي وهي عملية خاصة
بالبنوك التشاركية ذاتيا.
خاتمـــة:
انصبت هذه الدراسة على موضوع التمويل اإلسالمي باملغرب من واقع الفراغ القانوين إىل مرحلة إصدار
قانون منظم يشرعن البنوك التشاركية ،وإن املراهنة على جتربة البنوك التشاركية باملغرب ،يف ظل االستقرار السياسي
واالمين الذي ينعم به كبرية ،لكي يصبح بلدا رائدا على الصعيدين العريب واالسالمي وعاصمة دولية للمالية االسالمية.
ووعيا بذلك فتم تقدمي التوصيات التالية من أجل جتويد التنصيص القانوين هلذه التجربة البنكية الفتية:
اإلسراع يف إنزال املقتضيات القانونية للبنوك التشاركية على أرض الواقع خبلق منتجات جديدة لتسويقها باملغرب تأخذ
بعني االعتبار الطابع اخلاص هلذا األخري؛
على املشرع املغريب االسراع يف اصدار قانون تنظيمي هلذه البنوك يواكب تطور ومستجدات املالية التشاركية ،وخيلق
نوع من التوازن بني بني البنك التشاركي والعميل ،واملسامهة يف االستثمار وحتقيق السلم االجتماعي باملغرب؛
ضمان تنافسية متكافئة بني البنوك التقليدية والبنوك التشاركية مع مراعاة الطبيعة اخلاصة بالبنوك التشاركية .
وأخريا ينبغي التأكد على أن املسؤولني على البنوك التشاركية ،سواء من قريب أو من بعيد أن يعملوا على دعم
وترشيد مسريهتا كل حسب موقعه ،وذلك حىت تتمكن من االسهام الفعلي يف وضع املال يف مساره اإلسالمي
الصحيح ،وابتكار احللول الكفيلة بتجاوز العراقيل واملعوقات اليت كانت تعاين منها املنتوجات واليت حالت دون التنزيل
الصحيح ملقاصد التشريع االقتصادي اإلسالمي وغاياته اإلنسانية والتنموية.
توصية وايل بنك املغرب رقم /33و 2007 /الصادرة يف 13شتنرب 2007تتعلق مبنتجات اإلجارة واملشاركة
واملراحبة؛
منشور وايل بنك املغرب رقم /13و 16/بتاريخ 16يونيو ،2016متعلق بشروط وكيفيات تلقي وتوظيف الودائع
االستثمارية.
املراجع
ا ملراجع العامة
جواد مريد :البنوك اإلسالمية يف ضوء املستجدات التنظيمية للمنتجات التمويلية ،الطبعة األوىل ،دار باملغرب ،مطبعة
6767 احملمدية 2012؛
عائشة الشرقاوي املالقي :البنوك اإلسالمية التجربة بني الفقه والقانون والتطبيق ،املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء،
سنة 2000؛
حممد جالل سليمان :الودائع االستثمارية يف البنوك اإلسالمية ،الطبعة األوىل ،املعهد العاملي للفكر اإلسالمي-
القاهرة -سنة 1996؛
الغريب ناصر :أصل املصرفية اإلسالمية وقضايا التشغيل ،مطابع املنارة -القاهرة ،سنة .1996
ا ملراجع اخلاصة
أبو األعلى املودودي" :الربا" ،ترمجة وتعريب عاصم احلداد ،مطبعة دار الفكر ،بدون ذكر السنة الطبع؛
عبد الرمحان احللو ،البنك اإلسالمي يف املغرب – املسار التارخيي واالنتظارات االقتصادية واجملتمعية ،الطبعة األوىل
مطبعة املدارس ،الدار البيضاء ،سنة 2015؛
عبد الرمحان احللو :من أجل بناء بنك إسالمي أفضل ،مطبعة املدارس ،الدار البيضاء ،سنة 1990؛
منري إبراهيم هندي :إدارة األسواق واملنشآت املالية" ،مطبعة املعارف اإلسكندرية ،سنة 1999؛
عبد السميع املصرى :املصرف اإلسالمي علميا وعمليا" ،مطبعة وهبة -القاهرة ،-سنة .1988
أطروحات جامعية:
عبد املهيمن محزة" ،النظام القانوين للقروض البنكية العقارية املخصصة للسكن دراسة يف األسس النظرية واجلوانب
العملية" ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه يف القانون اخلاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة
السنة اجلامعية 2014\2013؛
حممد املاحي :املصارف اإلسالمية ،بنوك اإلدخار واالستثمار (اهليئات البديلة) ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون
اخلاص ،ختصص قانون األعمال واالستثمار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الدراسية
.2013-2012
املقاالت
ردمـد ISSN: 7476-2605
RERJ –N°4 المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد4
البشري عدي " ،البنوك اإلسالمية وأفاقها باملغرب " ،مقال منشور باملوقع االكرتوين:
( www.droitetentreprise.comتاريخ وضع املقال 3مارس ،2014تاريخ الدخول للموقع 12فرباير
)2019؛
الحم الناصر" :الصريفة اإلسالمية يف املغرب العريب" ،مقال منشور باملوقع االكرتوينwww.wladbladi.com
(تاريخ وضع املقال 5يونيو ،2007تاريخ الدخول للموقع 13فرباير )2019؛
عبد السالم بالجي :البنوك التشاركية االسالمية باملغرب ،سلسلة إصدارات اجلمعية املغربية لالقتصاد االسالمي ،السنة
،2016العدد الرابع؛
6868
عمر الكتاين" ،مستقبل املالية اإلسالمية الغامض باملغرب ،" 1مقال منشور على املوقع االكرتوين:
( www.maghrass.comتاريخ وضع املقال 26يناير ،2013تاريخ الدخول إىل املوقع 12فرباير .)2019
حممد الوردي :التمويل التشاركي يف املصارف بني املقصد التنموي املنشود وواقع التحديات املشهود ،سلسلة إصدارات
اجلمعية املغربية لالقتصاد املغريب ،دون اإلشارة إىل سنة النشر؛
منصف ابن الطييب :التطبيقات االقتصادية املعاصرة ،جملة الفرقان سنة ،2000العدد 43؛
رشيد صبيح :العمليات البنكية واملنتجات البديلة قبل مشروع رقم 103.12املتعلق بالبنوك التشاركية" ،مقال منشور
مبجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،العدد الثامن؛
عبد اجلبار السبهاين" ،آثار التمويل الربوي" ،مقال منشور على املوقع االلكرتوين التايلal-sabhany.com/index.php:
(تاريخ وضع املقال 12دجنرب ،2012تاريخ الدخول للموقع 29ماي )2019؛
توفيق إمساعيل اجليوسي" ،خماطر الربا :االقتصادية واالجتماعية" ،مقال منشور على املوقع االلكرتوين التايل:
( www.iefpedia.comتاريخ وضع املقال 13مارس ،2016تاريخ الدخول للموقع 29ماي )2019؛
عبد املهيمن محزة" ،دور التمويالت البنكية البديلة يف تعويض قروض االستهالك بفائدة – دراسة يف منتوجي اإلجارة
واملراحبة" ،مقال منشور مبجلة املنرب القانوين ،العدد 2و ،3أبريل – أكتوبر 2012؛
عقد املشاركة "دون اإلشارة إىل اسم الكاتب" ،مقال منشور على املوقع اإللكرتوين لقناة اجلزيرة:
( www.aljazeera.netدون اإلشارة إىل تاريخ وضع املقال باملوقع ،تاريخ الدخول ملوقع 29ماي
)2019؛
أمحد عرفة " ،التمويل اإلسالمي بعقد السلم -دراسة فقهية اقتصادية "،مقال منشور على املوقع اإللكرتوين
التايل( ، www.aliqtisadalislami.net :تاريخ وضع املقال 20يناير ،2016تاريخ الدخول للموقع
29ماي )2019؛
بدر الدين عتيقي" ،تفاصيل املنتوجات التمويلية التشاركية" ،مقال منشور يف املوقع اإللكرتوين جلريدة الصباح:
( www.assabah.maتاريخ وضع املقال 5يناير ،2019تاريخ الدخول للموقع 29ماي .)2019