You are on page 1of 3

‫المقدمة‬

‫بع د اس تقالل المغ رب أص بحت الحاج ة الملح ة إلى إقام ة بن وك إس المية‪ ،‬لكن الحكوم ة‬
‫المغربية ارتأت تأجيل الموضوع على الرغم من الحديث حوله ظل يشكل موض وعا للعدي د‬
‫من الندوات و األيام الدراسية ال تي دش نها العدي د من المفك رين خاص ة المنتمين إلى التي ار‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫فالمغرب فرض مؤسس ات مالي ة تق وم على الفائ دة‪،‬ح تى أص بح الك ل يعتق د أن ه ال من اص‬
‫ليعيش زمانه دون أن يتعامل به دا النظ ام ال دي في ظل ه تض خم النش اط التم ويلي وانكمش‬
‫النش اط إلنت اجي‪ .‬في حقيق ة األم ر ك ان لنظ ام الفائ دة نت ائج س لبية خط يرة على التنمي ة و‬
‫االستقرار‪،‬بعد ان تشعب ك أداة ال غ نى عنه ا في أنس جة التموي ل التقلي دي‪،‬فأص بح واس طة‬
‫طاغية على القنوات التي تصل بين االدخار و االستثمار‪.1‬ومن هنا ك انت الض رورة ملح ة‬
‫لحماية االقتصاد من كل ما يض ر ب ه ويض عفه‪،‬عن طري ق البحث عن ب ديل تم ويلي لنظ ام‬
‫التمويل بالفائدة حتى تتحقق تنمية مستدامة و استقرار دائم‪،‬ولعل أب رز ه ذه الب دائل نج د م ا‬
‫يعرف بالبنوك اإلسالمية"البنوك التشاركية" التي ظهرت في منتص ف الثالثين ات من الق رن‬
‫العشرين‪،‬كمدخل إلدارة البنوك وفق أحكام الشريعة اإلس المية‪،‬ثم انتش رت ه ذه الفك رة لتعم‬
‫بقية الع الم اإلس المي وح تى بعض دول الع الم الغ ربي‪،‬ناهي ك عن قي ام الكث ير من البن وك‬
‫المحلية بفتح نوافذ تعامل إسالمي‪،‬كما أن بعضها تحول بص ورة كامل ة إلى بن وك إس المية‪.‬‬
‫بالنسبة للتجربة المغربية فيما يخص اعتماد البنوك التشاركية نجد المغ رب من البل دان ال تي‬
‫تأخرت االعتماد المالية اإلسالمية عموما والمصرفية اإلسامية على وج ه الخص وص‪ ،‬على‬
‫الرغم من توفر البلد على كل اإلمكانات المالية والبشرية التي من شأنها أن تسهم في إنج اح‬
‫التجربة‪ .‬ولعل ذلك يعود لعدة لعوامل متداخلة منها ما هو سياسي‪،‬اقتصادي‪،‬قانوني وثقافي‪.‬‬
‫و على الرغم من تأخر الممارسة فان ال وعي بأهمي ة المص رفية اإلس المية ك ان متج ذرا و‬
‫راسخا‪،‬سواء على مستوى النخبة او العامة حيث شكلت مطلبا لش رائح واس عة من المجتم ع‬
‫المغ ربي الح ريص على "الطيب الحالل"ولبعض الهيئ ات المدني ة والنخب األكاديمي ة‬
‫والسياس ية‪ .‬وك انت البداي ة من الحق ل الج امعي األك اديمي من خالل"مطارح ات"ونقاش ات‬
‫واقتراح ات علمي ة من بعض األس اتذة المتخصص ين في االقتص اد و الفق ه الم الي‪،‬لتنتق ل‬
‫تدريجيا إلى المجتمع من خالل محاضرات ون دوات و احتض نتها فض اءات عام ة ليتمخض‬
‫"الح راك"فيل د "الجمعي ة المغربي ة للدراس ات والبح وث في االقتص اد اإلس المي"س نة‬
‫‪1987‬لتشكل إطارا بحثي ا و رافع ة فكري ة في مج ال المص رفية اإلس المية‪.‬وبع د ازي د من‬
‫عقدين من المطالبة والتعبئة وافق المشرع المغربي على اعتماد "المالية التشاركية"في سياق‬
‫محلي و دولي‪.‬فعلى الصعيد الدولي نجد العالم شهد سنة‪2008‬ازمة مالية خانق ة انطلقت من‬
‫‪ 11‬عبد الجبار السبهاني‪،‬أثار التمويل الربوي‪،‬مقال منشور عبر موقع‪www.sabhany.com/index‬تاريخ االطالع ‪ 28/04/2024:‬على‬
‫الساعة ‪ 2‬عبد المهيمن حمزة‪"،‬النظام القانوني للقروض البنكية العقارية المخصصة للسكن دراسة في األسس النظرية والجوانب العملية"‪،‬أطروحة‬
‫لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية بطنجة السنة الجامعية ‪، 2013/2014‬ص‪.55.3:29‬‬
‫ازم ة ال رهن العق اري بالوالي ات المتح دة األمريكي ة و انتقلت ت داعياتها إلى ب اقي دول‬
‫العالم‪،‬مما تسبب في انهي ار اقتص اديات بل دان كث يرة في منطق ة الي ورو كاليون ان‪،‬اس بانياو‬
‫ايطاليا‪ ...‬و إعالن إفالس بنوك عريقة ومؤسسات عمالقة كبنك "ليمان برادرز"في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪...‬‬
‫وفي ع ّز األزم ة المالي ة اتجهت األنظ ار على اختالف مرجعياته ا الفكري ة والثقافي ة نح و‬
‫المالية اإلسالمية عموما والمصرفية اإلس المية خصوص ا‪ ،‬نظ را لم ا أب انت عن ه من ق درة‬
‫وكفاءة عاليتين على ضمان استقرار معامالتها والحفاظ على معدالت نم و معت برة‪،‬وممانع ة‬
‫تداعيات األزمة والخروج منها بأقل الخسائر الممكنة‪ .‬وفي هذا السياق نس جل مب ادرة بعض‬
‫الدول الغربية إلى اعتماد بعض الصيغ التمويلية اإلسالمية كالمرابحة والصكوك‪...‬وإدراجها‬
‫في قوانينها‪ ،‬ومن تلك الدول فرنس ا‪ ،‬وبريطاني ا‪،‬وسويس را‪ ...‬ومس ارعة المش رع المغ ربي‬
‫الخطى إلطالق تجربة «البنوك التشاركية » بعد تجربة «المنتج ات البديل ة‪ .‬وعلى الص عيد‬
‫المحلي‪-‬حاول المشرع المغربي تلبية رغبات فئات واسعة من المواطنين‪.‬فق د كش فت دراس ة‬
‫لمؤسس ة االستش ارات المتخصص ة في التم ويالت اإلس المية المعروف ة اختص ارا ب‬
‫"إيف اس"أج ريت نهاي ة س نة ‪2014‬أن ‪%97‬من المغارب ة مهتم ون بالخ دمات المالي ة‬
‫اإلس المية‪،‬وأن‪%31‬ين وون االنتق ال من النظ ام البنكي التقلي دي إلى التموي ل اإلس المي إن‬
‫وجد‪.‬‬
‫‪-‬العمل على رفع نسبة التعام ل م ع القط اع البنكي(اإلس تبناك)‪.‬فحس ب الدراس ة الس ابقة ل‬
‫_إيفاس_فإن ‪%9‬من المغاربة ال يفتحون حسابات بنكية العتبارات دينية‪.‬وكشف وزير‬
‫االقتصاد والمالية السابق محم د بوس عيد أن‪%57‬من المغارب ة فق ط يتع املون م ع البن وك‪،‬‬
‫مايعني أن ‪%43‬منهم عازفون من الخدمات البنكية التقليدية‪.‬‬

‫وقد حاول المغرب أن يفتح المجال للتعامالت اإلس المية من خالل الس ماح بتط بيق تج ارب‬
‫محدودة من أجل مواكبة االهتمام بالمالية اإلسالمية‪،‬إلى أن بدأ الخوض بشكل رسمي تجربة‬
‫البنوك التشاركية سنة‪2007‬إثر صدور توصية والي بن ك المغ رب‪ 2‬و ق د أط رت المنت وج‬
‫ات‬ ‫اد ثالث منتج‬ ‫ة على اعتم‬ ‫رت الدوري‬ ‫د اقتص‬ ‫ديل‪،‬وق‬ ‫البنكي الب‬
‫فقط(المرابحة‪،‬المشاركة‪،‬اإلجارة)‪ 3‬على الرغم من أهمية هذه التجربة و بغض النظر عن ما‬
‫حققته من إيجابيات خالل دخولها للعمل البنكي المغربي‪ ،‬إال أنها اعترض تها ع دة إش كاالت‬
‫لعل أبرزها احتضانها من قبل البنوك التقليدية نظ را لغي اب بن ك إس المي ب المغرب‪ ،‬األم ر‬
‫ال ذي دف ع الس لطات المالي ة المغربي ة اإلص دار الق انون رقم‪103.12‬المتعل ق بمؤسس ات‬
‫‪2‬‬

‫‪ 3‬توصية والي بنك المغرب رقم‪33‬لسنة‪2007‬الصادرة في‪13‬شتنبر‪2007‬تتعلق بمنتجات اإلجارة والمشاركة و المرابحة‪.‬‬
‫االئتم ان والهيئ ات المعت برة في حكمه ا‪،‬وال ذي خص ص قس مه الث الث ك امال للبن وك‬
‫التشاركية‪،‬والتي تعد إس تراتيجية من الدول ة المغربي ة لتك ثيف االس تثمارات من ج انب دول‬
‫الخليج ودعم المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪،‬وكذا إعطاء فرصة للمواطنين الذين يحجم ون‬
‫عن التعامل مع البنوك الربوية فرصة للعم ل م ع ه ذه األن واع من البن وك الجدي دة‪ 4.‬إذن‬
‫يتضح أن المغرب قبل ص دور دوري ة والي بن ك المغ رب ك ان يعيش ف راغ تش ريعي فيم ا‬
‫يخص تنظيم البنوك اإلسالمية‪ ،‬لكن نجده قد مر بعدة محاوالت لفتح نوافذ تتعام ل بالطريق ة‬
‫اإلسالمية‪،‬كانت أولها في أواسط القرن الماضي سنة‪،1984‬من قبل محمد الفيص ل ص احب‬
‫بنك فيصل اإلسالمي‪،‬الذي عبر عن رغبته في تأسيس بنك إسالمي بالمغرب برأسمال ق دره‬
‫‪5‬‬
‫ثمانية ماليير سنتيم‬

‫‪ 4‬ظهبر شريف رقم‪1.14.193‬صادر في فاتح ربيع األول ‪24(1436‬ديسمبر‪)2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان‬
‫والهيئات المعتبرة في حكمها‪،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6328‬بتاريخ‪22‬يناير ‪2015‬ص‪.462‬‬
‫‪ 5‬أنوار بوهالل‪/‬سكينة ألوات‪،‬البنوك التشاركية بالمغرب من واقع الفراغ القانوني إلى مرحلة التقنين‪،‬المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية‬
‫‪2019‬العدد‪، 4‬ص‪.54‬‬

You might also like