You are on page 1of 51

‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬‬

‫النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫د‪ .‬سعيد بن سعد المرطان‬


‫الرئيس التنفيذي – مصرف البحرين الشامل‬

‫(طبعة تمهيدية)‬

‫ملخص البحث‬
‫المؤتمر‪ .‬العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪5‬‬

‫تعتبر تجربة ممارسة المصارف التقليدية للعمل المصرفى االسالمي من‬


‫خالل نوافذ أو فروع اسالمية ‪ ،‬تجربة ناجحة نظرا لما ترتب عليها من نتائج‬
‫ايجابية ملموسة تمثلت فى نمو العمل المصرفى االسالمى بمعدل سنوى يقدره‬
‫الباحثون بـ ‪ %15‬سنويا ‪ ،‬وفى التزايد المستمر لعدد المصارف الممارسة لهذا‬
‫العمل وانتشارها فى كل أنحاء العالم ‪ ،‬ومع التزايد المستمر أيضا فى حجم‬
‫األموال التى تقوم بادارتها‪.‬‬
‫وبرغم تعدد المداخل التى تبنتها المصارف التقليدية فى ولوجها ميدان‬
‫الصيرفة اإلسالمية فإن التجربة المميزة للبنك األهلي التجاري السعودى فى‬
‫تبنيه مدخل التحول التدريجي لتطوير وتنمية العمل المصرفي اإلسالمي فيه‬
‫تعتبر خير مثال على نجاح العمل المصرفى اإلسالمى من خالل بنك تقليدي‪.‬‬
‫وهى تجربة تختلف فى الواقع في كثير من جوانبها عن فلسفة عمل الفروع‬
‫والنوافذ االسالمية في المصارف التقليدية االخرى‪ .‬فهى استهدفت فى المقام‬
‫األول خدمة قطاع األفراد ‪ ،‬دون االقتصار على قطاع الشركات الذى كان فى‬
‫الغالب محل اهتمام البنوك التقليدية األخرى‪ .‬كما أنها تجربة لم تكن‬
‫تستهدف فى األساس مجرد تعبئة مزيد من الودائع أو اإلستثمارات من خالل‬
‫إختراق شريحة أخرى من شرائحـ العمالء في السوق ‪ ،‬وإنما كان الهدف هو‬
‫السعى الحريص والمدروس نحو التوسع في العمل المصرفي اإلسالمي‬
‫وتطويره بغير سقوف أو حدود‪ .‬وال شك أن نجاح هذه التجربة ‪ ،‬يجعلها‬
‫‪6‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫محط أنظار وإنتباه المصرفيين والمتخصصين لمتابعة إنجازاتها والنظر اليها‬


‫كحالة مصرفية تستوجب اإلستيعاب والدراسة‪ .‬ومن ثم فقد تم إيالء هذه‬
‫التجربة إهتماما خاصا فى هذا البحث‪.‬‬
‫ومن ثم ‪ ،‬وبرغم من إعتراضات البعض ‪ ،‬فإن الباحث فى الواقع ال يرى‬
‫غبارا على ممارسة العمل المصرفى اإلسالمى من خالل بنوك تقليدية طالما‬
‫كان اإلنضباط الشرعى هو عنوان هذه الممارسة‪ .‬فالممارسة المنضبطة للعمل‬
‫المصرفى اإلسالمي ‪ ،‬بغض النظر عن الشكل الذى تأخذه هذه الممارسة ‪ ،‬ستكون‬
‫هى الضمان لسالمة العمل وإستمراريته‪.‬‬
‫‪ .1‬مقدمة‬
‫ترجع بدايات الصيرفة اإلسالمية بمفهومها الواسع إلي األيام األولىـ‬
‫للتشريع اإلسالمي وقيام الدولة اإلسالمية‪ ،‬أي منذ القرن السابع الميالدي‪ .‬غير‬
‫أنه بإنحسار فترة المد اإلسالمي وإنكسار دولة الخالفة ‪ ،‬والدخول في العصور‬
‫اإلستعمارية وما صاحبها من نظم سياسية وإقتصادية غربية ‪ ،‬خفتت شعلة‬
‫اإلهتمام بالتطبيقات اإلقتصادية اإلسالمية في مجملها ‪ ،‬فاسحةً المجال إلنتشار‬
‫النظم اإلقتصادية الغربية وعلى رأسها النظام المصرفي الربوي المتعارف عليه‬
‫في البنوك التقليدية‪.‬‬
‫إال أنه منذ أربعة عقود تقريبا نشط المفكرون واإلقتصاديون اإلسالميون‬
‫في إعادة النشاط إلي الفكر اإلقتصادي اإلسالمي بمفرداته ومكوناته الجزئية‬
‫والكلية ‪ ،‬األمر الذي نتج عنه ظهور النظام المصرفي اإلسالمي في شكله‬
‫المؤتمر‪ .‬العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪7‬‬

‫المعاصر منذ منتصف السبعينات تقريبا‪ .‬ولم يقتصر تقديم الخدمات المصرفية‬
‫اإلسالمية على المصارف اإلسالمية وحدها وإنما سارعت إلي ذلك أيضا‬
‫وبأشكال مختلفة الكثير من المصارف التقليدية على المستويين المحلى‬
‫والدولي‪.‬‬
‫أى أن أهم ما يميز المرحلة الماضية من تطور العمل المصرفي اإلسالمي‬
‫هو حداثة العهد بالصيرفة اإلسالمية فى شكلها المعاصر وكونها ال تزال تشكل‬
‫أرضا خصبة لمزيد من التطور واإلنتشار من ناحية ‪ ،‬وتعدد مداخل المصارف‬
‫التقليدية وصوال إلي حلبة هذا العمل المصرفي ‪ ،‬مع إختالف مدلوالت‬
‫وإنعكاسات كل مدخل منها ‪ ،‬من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ومن هنا تأتي أهمية ما نقوم به من إستعراض لهذه المداخل المتعددة‬
‫وإخضاعها للمراجعة والتقويم بغرض التعرف على ما صاحبها من تحديات‬
‫ومصاعب ليمكن تذليلها في المرحلة القادمة حتى تأتى العملية التطويرية‬
‫المنشودة في مكانها وزمانها الصحيحين‪ .‬ولذلك فإن مجال البحث في هذه‬
‫الورقة كما يدل عليها عنوانها هو تقويم تطور العمل المصرفي اإلسالمي من‬
‫خالل إنشاء فروع أو نوافذ إسالمية في البنوك التجارية التقليدية‪ .‬آخذين في‬
‫اإلعتبار أن محاولة التقييم هنا ال تمتد بأى حال من األحوال إلي تقييم العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي نفسه وإنما تنسحب فقط على تقييم المداخل إلي تقديمه‬
‫من خالل نوافذ او فروع إسالمية لمصارف تقليدية بطبيعة نشأتها األولى‪.‬‬
‫ولكي تأتى عملية المراجعة والتقييم صحيحة البد لنا من أن نعرض فيما‬
‫‪8‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫يلي ملخصا سريعا لنشأة الصيرفة اإلسالمية في شكلها المعاصر‪.‬‬


‫‪ .2‬العمل الصيرفة اإلسالمية ‪ :‬خلفية تاريخية‬
‫نشأة الصيرفة اإلسالمية‬ ‫‪‬‬
‫الصيرفة اإلسالمية في شكلها المعاصر ليست إال إحياءا وتجديدا لجانب‬
‫من جوانب النظام اإلقتصادي اإلسالمي الذي نشأ مع الدولة اإلسالمية منذ‬
‫أيامها األولىـ ‪ ،‬والذي هو جزء ال يتجزأ من العقيدة اإلسالمية ذاتها‪ .‬ومن ثم‬
‫فالصيرفة اإلسالمية ليست ظاهرة حديثة كما يعتقد الكثيرون خاصة في‬
‫العالم الغربي ‪ ،‬وإنما هي نظام عقيدي ومنظومة حياة لها جذورها في التاريخ‬
‫وفي النفوس على حد سواء‪ .‬ولذلك لم يكن غريبا لنا ان نلحظ هذا اإلنتشار‬
‫السريع للعمل المصرفي اإلسالمي ونموه بمعدالت هائلة منذ منتصف‬
‫السبعينيات ‪ ،‬حيث يقدَر عدد المؤسسات المالية والصيرفة اإلسالمية بحوإلي‬
‫‪ 250‬مؤسسة تنتشر وتتوزع عبر القارات األربع الرئيسية في العالم ‪ ،‬إضافة‬
‫إلي قيام أكبر المؤسسات المالية والصيرفة التقليدية على مستوى العالم‬
‫بتقديم العديد من الخدمات المصرفية اإلسالمية خاصة في مجإلي التمويل‬
‫واإلستثمار ‪ ،‬وذلك في تطور متسارع على أشكال ومستويات مختلفة نوجزها‬
‫في الجزء التالي من هذا البحث‪.‬‬
‫وألن لكل شىء سبب يحدثه ‪ ،‬فقلد إرتبطت عملية إحياء النظام المصرفي‬
‫اإلسالمي ‪ ،‬بظاهرتين مميزتين تمثلت إحداهما في بداية الصحوة اإلسالمية‬
‫المعاصرة في أعقاب حصول الكثير من الدول العربية واإلسالمية على‬
‫المؤتمر‪ .‬العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪9‬‬

‫إستقاللها السياسى منذ الخمسينيات من القرن الماضى ‪ ،‬بينما تمثلت الثانية في‬
‫ظاهرة الطفرة النفطية خالل عقد السبعينيات وماصاحبها من إنتعاش اقتصادي ‪،‬‬
‫مع تعاظم الثروات لدى األفراد والمؤسسات في المنطقة‪ .‬وبترافق هاتين‬
‫الظاهرتين برزت الرغبة والحاجة إلي إحياء ثقافتنا وتراثنا اإلسالمي ‪ ،‬فتتابعت‬
‫الخطوات من اإلحياء النظرى للنظام اإلقتصادى اإلسالمي إلي التطبيق العملى‬
‫لهذا النظام متمثال في نظامه المصرفي الالربوى في المقام األول‪ .‬وما أن‬
‫بدأت العجلة تدور حتي تسارعت في دورانها فتزايد عدد المصارف والمؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية وإتسعتـ السوق ‪ ،‬كما سبقت اإلشارة ‪ ،‬وأصبح العمل المصرفي‬
‫اإلسالمي جزءا اليستهان به بل ال يمكن تجاهله في الصناعة المصرفية والمالية‬
‫العالمية‪.‬‬
‫تصنيف مؤسسات الصيرفة اإلسالمية‬ ‫‪‬‬
‫كان من الطبيعي ان تتعدد المستويات التي تم على أساسها تطبيق‬
‫الصيرفة اإلسالمية بحسب الظروف الزمانية والمكانية لكل حالة على حدة ‪،‬‬
‫وهو األمر الذي يمكن معه تصنيف هذه المؤسسات بشىء من التبسيط إلي‬
‫األنواع الخمس التالية ‪:‬‬

‫مبادرات ريادية‬
‫كان من بين المبادرات المبكرة والتي كان أهم ما يميزها أنها كانت‬
‫ذات طابع محلى نجد تجربتين إحداهما ذات طابع إجتماعى واألخرى ذات طابع‬
‫‪10‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫تجارى‪ .‬اما التجربة األولىـ ذات الطابع اإلجتماعي فكانت في مصر حيث ظهر‬
‫بنك ناصر اإلجتماعى الذي انشىء في عام ‪1963‬م والذي يشار إليه أحيانا بانه‬
‫اول بنك إسالمى نظرا لعدم تعامله بالربا‪ .‬إال أن الكثيرين يعترضون على هذا‬
‫الوصف ويفضلون منحه لمصرف دبى اإلسالمي الذي أنشىء في عام ‪1975‬م‬
‫على أسس مصرفية تجارية‪.‬‬
‫مبادرات جماعية حكومية‬
‫وتتمثل هذه في إنشاء بنك التنمية اإلسالمي الذي أنشئ في عام‬
‫‪1975‬م بمشاركة عدد من الدول اإلسالمية ‪ ،‬بغرض المساهمة في برامج‬
‫التنمية االقتصادية في الدول األعضاء وتشجيعـ العمل المصرفي اإلسالمي فيها‪.‬‬
‫مبادرات خاصة ذات طابع دولي‬
‫من أهم هذه المبادرات إنشاء مجموعتي دلة البركة (‪ )1969‬ودار‬
‫المال اإلسالمي‬
‫(‪ ، )1981‬حيث قامت مجموعة دلة البركة بتأسيس شركة دلة لالستثمار‬
‫والتنمية في عام ‪1982‬م كذراع مالي لها ‪ ،‬مارست أنشطتها في العديد من‬
‫الدول األخرى مثل الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫أما مجموعة دار المال اإلسالمي ‪ ،‬والتي اتخذت من سويسرا مقراً لمكتب‬
‫األمناء المشرفين على أنشطة فروعها المنتشرة في العديد من دول العالم ‪ ،‬فإن‬
‫إهتماماتها ال تقتصر على ممارسة وتطوير العمل المصرفى اإلسالمى وإنما تمتد‬
‫لتشمل مجمل العمل المالى اإلسالمى شاملة خدمات اإلستثمار اإلسالمية على‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪11‬‬

‫إختالف أشكالها ‪ ،‬وأنشطة التأمين (التكافل) المتوافقة مع مبادئ الشريعة‬


‫اإلسالمية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد لعلنا نتفق مع القائلين بأن أنشطة هاتين المجموعتين‬
‫(دلة البركة ودار المال اإلسالمي) اضافه إلي الجهود الحميدة التي يقوم بها‬
‫البنك اإلسالمي للتنمية كان لها األثر الكبير في انتشار العمل المصرفي‬
‫اإلسالمي على المستوى الدولي‪.1‬‬
‫مبادرات قطرية‬
‫تشمل هذه المبادرات إثنتان من الدول اإلسالمية التي اختارت " أسلمة "‬
‫مجمل القطاع المالي والمصرفي فيها وهي السودان وإيران‪ .‬األمر الذي أصبحت‬
‫معه جميع البنوك العاملة في هاتين الدولتين مطالبة نظامياً وقانونياً بااللتزام‬
‫بممارسة العمل المصرفي اإلسالمي في كل أنشطتها‪ .‬ومن المعروف أن‬
‫الباكستان كانت قد أعلنت منذ الثمانينات عن رغبتها أيضا فى إتباع نفس النهج‬
‫‪ ،‬إال أنه من المالحظ انها لم تتمكن حتى اآلن من ترجمة هذه الرغبة إلى واقع‬
‫عملي يعيشه النظام المصرفي الباكستانى‪ .‬وتشير المعلومات‪ 2‬إلى أنه رغبة من‬
‫البنك المركزى الباكستانىفى ضمان سالمة التطبيق ‪ ،‬وبعد الكثير من‬
‫البحث والتشاور خاللعامى ‪2002-2001‬م ‪ ،‬فإنه قام بإصدار تعليمات‬
‫جديدة تسمح بممارسة نظام مصرفي مزدوج يجمع بين الصيرفة اإلسالمية‬
‫والتقليدية معا ‪ ،‬مع وضع القواعد التنظيمية والرقابية الالزمة لضمان سالمة‬
‫تطبيق نظام الصيرفة اإلسالمية سواء كانذلك منخاللإنشاء بنوك إسالمية‬
‫‪12‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫كاملة أو شقيقة لبنوك تقليدية ‪ ،‬أو مجرد فتح فروع إسالمية لبنوك‬
‫تقليدية‪.‬‬
‫استجابات تجارية لمصارف تقليدية‬
‫كان من الطبيعي أن تلحظ المصارف التقليدية ‪ ،‬المحلية منها والعالمية‬
‫‪ ،‬النمو المتسارع لفرص العمل المصرفي اإلسالمي‪ .‬وهو النمو الذى لم يكن‬
‫قاصرا على الدول العربية وإنما إمتد أيضا إلى الكثير من الدول األخرى وخاصة‬
‫الدول اإلسالمية‪ .‬غير أن معدالت هذا النمو فى الدول الخليجية تحديدا كانت‬
‫أكبر منها فى الدول األخرى ‪ .‬وهو األمر الذى يمكن إرجاعه إلى الظروف‬
‫اإلقتصادية المواتية التى أفرزتها فترة الطفرة البترولية فى هذه الدول وما‬
‫صاحبها من صحوة إسالمية إنتشرت سريعا بين دول المنطقة‪ .‬فلقد أفرزت هذه‬
‫التطورات شريحة سوقية كبيرة ومتنامية من العمالء الراغبين في إيداع‬
‫أموالهم في البنوك دون أخذ الفوائد الربوية عليها ‪ ،‬في وقت لم يكن هناك‬
‫الكثير من المصارف اإلسالمية او لم تكن الثقة في كفاءتها قد إكتملت بعد‪.‬‬
‫األمر الذي فتح شهية هذه المصارف التقليدية الستغالل هذه الفرص السوقية‬
‫الواعدة بأرباح هائلة نظراً لضخامة األموال المتاحة في هذه األسواق وانخفاض‬
‫كلفتها‪ .‬ومن ثم أقدمت هذه المصارف على ممارسة العمل المصرفي اإلسالمي‬
‫بأشكال مختلفة مع التركيز على أصحاب الثروات الكبيرة في المنطقة العربية‪.‬‬
‫وتشمل هذه الفئة من المصارف التقليدية أكبرها على المستوى العالمي‬
‫مثل ‪ Citibank‬األمريكي ‪ ABN-Amro،‬الهولندي ‪ ،‬ومجموعة ‪ANZ‬‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪13‬‬

‫األسترالية النيوزيلندية وغيرها من المصارف اإلنجليزية والسويسرية ‪ ،‬والتي‬


‫وجدت جميعها أن األموال المتاحة لألفراد والشركات والمؤسسات الراغبة في‬
‫العمل المصرفي اإلسالمي من الضخامة بحيث ال يمكن تجاهلها ‪ ،‬فقامت بإنشاء‬
‫فروع إسالمية لها في المنطقة العربية أو أنها فتحت نوافذ إسالمية في مقارها‬
‫الرئيسية في بالدها‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد لعلنا نشير هنا إلي أن دخول هذه المصارف العالمية إلي‬
‫ميدان الصيرفة اإلسالمية كان له جانب ايجابي تمثل في االضافة إلي سرعة‬
‫انتشار وتطوير العمل المصرفي اإلسالمي على المستوى العالمي‪.‬‬
‫‪ .3‬المصارف التقليدية والصيرفة اإلسالمية‬
‫‪‬الصيرفة اإلسالمية بين المبدأ والتسويق‬
‫لعله من الجدير بالذكر بادىء ذى بدء القول أنه بخالف المصارف‬
‫اإلسالمية التي تسعىـ إلي المزج بين الهدفين العقائدي والتجاريـ معا ‪ ،‬فإن‬
‫دخول المصارف التقليدية ‪ ،‬خاصة المصارف العالمية ‪ ،‬إلي ميدان العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي لم يكن بطبيعة الحال دخوال عقائديا برغبة تنمية العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي وتطبيقاته الشرعية ‪ ،‬وإنما كان إلعتبارات تجارية وحسب‪.‬‬
‫فلقد وجدت أمامها أسواقاً كبيرة ومتنامية بها موارد مالية ضخمة في منطقة‬
‫ال يوجد فيها الكثير من الفرص االستثمارية المربحة و لم يكن يوجد فيها ‪ ،‬قبل‬
‫عقدين من الزمن ‪ ،‬المؤسسات المصرفية الحديثة التي يمكن مقارنتها‬
‫بالمصارف التقليدية العمالقة في العالم الغربي‪ .‬لذلك كله راحت هذه‬
‫‪14‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫المصارف تسعى حثيثاً الجتذاب وتعبئة هذه الموارد من خالل تقديم الخدمات‬
‫المصرفية اإلسالمية ‪ ،‬كل بطريقته وباألسلوب الذى يتناسب مع إستراتيجية‬
‫عمله وأهدافه‪ .‬وهو األمر الذي كان له إنعكاساته ليس فقط على طبيعة وشكل‬
‫المدخل الذي إعتمده كل مصرف منها في دخوله إلي مجال الصيرفة اإلسالمية‬
‫‪ ،‬وإنما أيضا على مواقف الكثيرين من علماء الشريعة والمصرفيين اإلسالميين ‪،‬‬
‫والكثير من الجمهور والعمالء المحتملين أيضا‪.‬‬
‫غير أنه من اإلنصاف القول بأن هنالك من البنوك التقليدية ‪ ،‬خاصة في‬
‫منطقة الخليج ‪ ،‬من أراد الدخول إلي ميادين العمل المصرفي اإلسالمي في‬
‫األساس ليس إلعتبارات تجارية وحسب وإنما بغرض عقائدي أيضا ‪ ،‬ولكن‬
‫بطريقة تدريجية يتم من خاللها التدرج في "أسلمة" كل أنشطة المصرف‬
‫طبقا لخطة موضوعة سلفا ‪ ،‬كما سنبين بعد قليل‪.‬‬

‫هذا التعدد في المداخل ومواقف اآلخرين منها يقع في صلب محاولتنا‬


‫هنا ونحن نتتبع تطور العمل المصرفي اإلسالمي وتقييم آدائه خالل المرحلة‬
‫الماضية‪.‬‬
‫المداخل المختلفة للصيرفة اإلسالمية‬ ‫‪‬‬
‫كان من الطبيعي أن تختلف المصارف التقليدية في مداخلها إلي العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي ‪ ،‬فلكل مصرف خططه وأهدافه التي قد تتفق وقد تختلف مع‬
‫غيره من المصارف حسب ظروفه وحسبـ األسواق التي يريد أن يخدمها‪ .‬فمنها‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪15‬‬

‫من أنشأ فروعا إسالمية متخصصة ‪ ،‬ومنها من كان قد عقد العزمـ على تحويل‬
‫فروعه تدريجيا إلي فروع إسالمية ‪ ،‬ومنها من إختار تحويل األنشطة تدريجيا‬
‫بدال من تحويل الفروع ‪ ،‬ومنها من إفتتح "نوافذ إسالمية" في فروعه كلها أو‬
‫بعضها ومنها من كان يقوم ببيع منتجاته اإلسالمية جنبا إلي جنب مع منتجاته‬
‫التقليدية‪ .‬وفيما يلي نستعرض معا كل مدخل من هذه المداخل على حده‪.‬‬
‫مصارف تبيع منتجات إسالمية‬ ‫‪‬‬
‫ال شك أن هذه هي أبسط وأسرع مدخل إلي العمل المصرفي اإلسالمي‬
‫لجأت إليه المصارف التقليدية التي كان هدفها في األساس تجاريا صرفاً ‪ ،‬حيث‬
‫رأت في تقديم المنتجات والخدمات المصرفية اإلسالمية مجرد إضافة إلي‬
‫تشكيلة منتجاتها تتيح لها إستغالل الفرص السوقية المتاحة بين العمالء‬
‫الراغبين في التعامل المصرفي اإلسالمي‪ .‬ويقع ضمن هذه الفئة الكثير من‬
‫المصارف التقليدية على المستويين اإلقليمي والدوليـ ‪ ،‬التى بدأت بتطوير بعض‬
‫صناديق اإلستثمار اإلسالمية أو تقديم عمليات تمويل إسالمية كبيرة الحجم ‪،‬‬
‫ثم تلك التي لجأت فيما بعد إلي فتح نوافذ او وحدات متخصصة في العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي‪.‬‬

‫غير أن هذه اإلزدواجية في تقديم الخدمات المصرفية قد قوبلت بالكثير‬


‫من اإلنتقادات والشك من قبل المهتمين بالعمل المصرفي اإلسالمي ومن العمالء‬
‫على حد سواء ‪ ،‬فلم يكن هناك من الضوابط العملية والعملياتية ما يبعث على‬
‫‪16‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫اإلطمئنان في التقيد باألحكام الشرعية لتقديم هذه المنتجات والخدمات‬


‫اإلسالمية ضمن هذه اإلزدواجية المفتوحة وغير المقيدة بالضوابط المطلوب‬
‫مراعاتها شرعا في هذا الخصوص‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫مصارف فتحت لها نوافذ إسالمية‬ ‫‪‬‬
‫نظرا لضعف مصداقية اإلزدواجية المفتوحة (غير المقيدة) في تقديم‬
‫الخدمات المصرفية اإلسالمية جنبا إلي جنب مع الخدمات المصرفية التقليدية ‪،‬‬
‫وما يكون قد صاحب ذلك من ضعف نسبى في تحقيق اإلختراقات السوقية التي‬
‫إستهدفتها المصارف التي تبنت هذا المدخل ‪ ،‬لجأت مصارف اخرى إلي معالجة‬
‫هذا القصور بإفتتاح نوافذ ‪ /‬وحدات إسالمية ‪ ،‬في فروعها التقليدية أو في‬
‫مقارها الرئيسية ‪ ،‬تكون متخصصة في بيع المنتجات والخدمات اإلسالمية دون‬
‫غيرها‪ .‬ومن األمثلة على هذه الفئة من المصارف نذكر ‪:‬‬
‫مصرف درسدنر كالينوورت بنسن ‪ ،‬الذى أسس وحدة متخصصة‬ ‫‪-‬‬
‫للصيرفة اإلسالمية (‪1980‬م)‬
‫‪1‬‬
‫الحواشي والتعليقات‬
‫?‬
‫‪Islamic Finance – A Partnership for Growth, Euro Money Book,1977‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Strengthening Islamic Banking in Pakistan : Looking Ahead, an‬‬
‫)‪article on the Internet (IBF Netversity‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬سعيد بن سعد المرطان ‪ ":‬الفروع والنوافذ اإلسالمية فى المصارف‬ ‫‪3‬‬

‫التقليدية" ‪ ،‬ندوة حول التطبيقات اإلقتصادية اإلسالمية المعاصرة ‪ ،‬الدار‬


‫البيضاء ‪ ،‬مايو ‪1989‬م‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪17‬‬

‫مجموعة ‪ ANZ‬األسترالية النيوزيلندية التي أنشأت قسما خاصا‬ ‫‪-‬‬


‫بالتمويل اإلسالمي‬
‫‪-‬مصرف ‪ Citibank‬الذى أسس وحدة تمويل إسالمية متخصصة (‬
‫‪1980‬م) قبل أن يفتح فرعا إسالميا برأس مال مستقل في دولة البحرين في‬
‫عام ‪1996‬م‬
‫البنك السعودى البريطانى الذى أنشا إدارة شبه مستقلة للصيرفة‬ ‫‪-‬‬
‫اإلسالمية‬
‫البنك السعودى األمريكى الذى أنشأ محدة مستقلة للتمويل اإلسالمى‬ ‫‪-‬‬
‫بنك الكويت المتحد ‪ UBK‬الذى انشأ وحدة متخصصة لإلستثمار‬ ‫‪-‬‬
‫اإلسالمي (‪1991‬م)‬
‫البنك العربىـ الوطنى فى المملكة العربية السعودية ‪ ،‬وغيره من‬ ‫‪-‬‬
‫البنوك‪.‬‬
‫ولتحقيق مزيد من المصداقية قامت بعض هذه المصارف والمؤسسات‬
‫المالية بتعيين مراقب أو هيئة رقابة شرعية لمراقبة سالمة التطبيق وتوافقه مع‬
‫أحكام الشريعة اإلسالمية‪ .‬وبطبيعة الحال كان في ذلك خطوة طيبة إلي األمام‬
‫لدعم التوسع في الصيرفة اإلسالمية ‪ ،‬خاصة أن البعض منها يعد من أكبر‬
‫المصارف والمؤسسات المالية التقليدية على المستوى اإلقليمى والدولى‪.‬‬
‫مصارف قامت بتحويل فروع تقليدية إلي فروع إسالمية وأنشأت‬ ‫‪‬‬
‫فروع إسالمية جديدة‬
‫‪18‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫في مقابل المدخلين السابقين واللذان كان دافعهما تجاريا بحتا ‪ ،‬كانت‬
‫هناك بعض المصارف التقليدية التى أراد القائمون عليها أسلمة مجمل أعمالها‬
‫متجاوزين بذلك األهداف التجارية البحتة‪ .‬وكان مدخل هذه الفئة من‬
‫المصارف لتحقيق هدفها هو الدخول فى عملية تحول تدريجية من خالل إنشاء‬
‫إدارة مستقلة للخدمات المصرفية اإلسالمية ‪ ،‬يديرها خبراء ومتخصصون في‬
‫الصيرفة اإلسالمية ‪ ،‬كإدارة رئيسية من إدارات المصرف‪ .‬ومن ثم أخذت هذه‬
‫اإلدارة على عاتقها مهمة وضع الخطط اإلستراتيجية للعمل مبتدئة بتحويل‬
‫بعض الفروع التقليدية إلي فروع إسالمية كاملة مع إنشاء فروع إسالمية‬
‫جديدة في مواقع مختارة بعناية لضمان أكبر قدر من فرص النجاح في ظل‬
‫إزدواجية "مقننة" لتقديم الخدمات المصرفية اإلسالمية والتقليدية معا‪ .‬ومن‬
‫أجل مزيد من الضمان لسالمة التطبيق وإكتساب المزيد من ثقة الجمهور ‪،‬‬
‫قامت إدارات الصيرفة اإلسالمية فى هذه المصارف بتشكيل هيئات مستقلة‬
‫للرقابة الشرعية على أعمالها تضم بين أعضائها عددا من كبار العلماء الذين‬
‫يجمعون بين المعرفة الشرعية والمعرفة اإلقتصادية ‪ ،‬األمر الذى كان له آثار‬
‫محمودة على سرعة نمو العمل المصرفي اإلسالمي وقدرته على التنافس‬
‫التجارى مع العمل المصرفي التقليدي‪ .‬ومن األمثلة على هذه الفئة من‬
‫المصارف نجد ما يلي ‪:‬‬
‫البنك األهلى التجارى السعودى الذى يعتبر من أكبر البنوك‬ ‫‪-‬‬
‫العاملة في منطقة الخليج العربىـ والشرقـ األوسط‪.‬‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪19‬‬

‫بنك مصر الذى إفتتح فروعا إسالمية ولكن ليس بغرض التحول‬ ‫‪-‬‬
‫الكامل نحو الصيرفة اإلسالمية لباقى فروعه أو أعماله‬
‫ولقد بدأت العديد من المصارف فى كل من ماليزيا والباكستان ومصر‬
‫باألخذ بهذا التوجه نحو إفتتاح فروع إسالمية لها ‘ كما ان هناك مطالبة قوية‬
‫بتبنى هذا المدخل فى دولة الكويت وغيرها من الدول‪.‬‬
‫‪ ‬مصارف شقت طريقها إلى التحول دفعة واحدة‬
‫هذه الفئة من المصارف رغبت فى التحول إلى الصيرفة اإلسالمية دفعة‬
‫واحدة إيمانا منها بأن هذا الطريق هو الطريق األصوب واألسرعـ واألكثر جدارة‬
‫إلكتساب ثقة العمالء فى سالمة التطبيق‪ .‬ولعله مما ساعد هذه المصارف على‬
‫تحقيق أهدافها فى هذا الخصوص هو الصغر النسبى لحجمها السوقى وما صاحب‬
‫ذلك من سهولة نسبية أيضا فى إعادة تاهيل العاملين بها لقيادة دفة العمل فى‬
‫شكله الجديد‪ .‬ومن األمثلة على هذه الفئة من المصارف نذكر ما يلى ‪:‬‬

‫بنك الشارقة الوطنى ‪ ،‬فى دولة اإلمارات العربية المتحدة ‪ ،‬الذى أتم‬ ‫‪-‬‬
‫بالفعل عملية التحول المنشودة‬
‫بنك الجزيرة فى المملكة العربية السعودية ‪ ،‬الذى قطع شوطا طيبا‬ ‫‪-‬‬
‫فى إتجاه التحول‬
‫ومن الجدير بالذكر أنه قد صــاحب إنتشار الصــيرفة اإلســالمية تزايدا‬
‫مطــردا في الحركة الفكرية المرتبطة بها تجســدت بوضــوح في إنشــاء أقســام‬
‫‪20‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫ومراكز بحوث في اإلقتصاد اإلســالمي في بعض الجامعــات العربية واألوروبية‬


‫واألمريكية وفي تعدد المــؤتمرات والــدوريات العلمية المتخصصة ذات الصــلة‪.‬‬
‫كما أنشئت العديد من الهيئات والتنظيمات والمؤسسات بغــرض توفــير الــدعم‬
‫الالزم للنظام المصرفى اإلسالمى وسالمة تطبيقه ‪ ،‬نذكر منها التالى‪:‬‬
‫‪ ‬هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية ‪AAOIFI‬‬
‫والتى أنشئت فى مارس ‪ 1991‬بغرض وضع معايير تضمن سالمة العمل‬
‫المصرفى اإلسالمى متماشية مع مثيالتها فى إتفاقية بازل للمصارف التقليدية ‪-‬‬
‫البحرين‬
‫‪ ‬سوق المال أإلسالمي الدولى ‪International Islamic Financial‬‬
‫‪ Market‬الذى يهدف إلى زيادة فعالية مجمل العمل المصرفى اإلسالمى –‬
‫البحرين‬
‫‪ ‬المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية اإلسالمية الذى يهدف إلى‬
‫تطوير الممارسات العملية فى المصارف اإلسالمية إضافة إلى إنشاء قاعدة‬
‫معلومات كاملة ودقيقة حول أنشطة هذه المصارف والمؤسسات المالية‬
‫اإلسالمية‬
‫‪ ‬هيئة التصنيف للبنوك اإلسالمية – البحرين‬

‫‪ ‬مركز إدارة السيولة ‪ Liqidity Management Center‬لمساعدة‬


‫المصارف اإلسالمية فى إدارة سيولتها ‪ -‬البحرين‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪21‬‬

‫‪ ‬مجلس الخدمات المالية اإلسالمية – ماليزيا‬


‫‪ ‬البنك اإلسالمى للتنمية وما يقدمه من خدمات بحثية وعملية‬
‫للمصارف اإلسالمية ‪ -‬السعودية‬
‫وحيث أن المدخل الخاص بإفتتاح نوافذ وفروع إسالمية هو المدخل‬
‫األكثر شيوعا وإنتشارا ‪ ،‬كما انه المدخل الذى أثار الكثير من النقاش بين‬
‫المهتمين بالعمل المصرفى اإلسالمى ‪ ،‬فإننا سنفرد الفصل التالى لبيان مختصر‬
‫ألوجه هذا النقاش بين المؤيدون له والمعترضون عليه‪.‬‬

‫‪ .4‬النوافذ والفروعـ اإلسالمية بين التأييد والمعارضة‬


‫على الرغم من أن فكرة إنشاء فروع أو نوافذ إسالمية للمصارف‬
‫التقليدية قد القت قدرا كبيرا من التأييد بين القائمين والمشجعين على العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي ‪ ،‬إال أنها قد القت أيضا قدرا من المعارضة من شريحة‬
‫أخرى من المهتمين أيضا بالصيرفة اإلسالمية‪ .‬وبطبيعة الحال فان لكل جانب‬
‫منهما أسبابه الوجيهة في التأييد كما في المعارضة ‪ ،‬وهو ما سنتناوله بإختصار‬
‫فيما يلى ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬وجهة النظر المؤيدة إلنشاء فروع ‪ /‬نوافذ إسالمية للمصارف‬
‫التجارية‬
‫أقام المؤيدون وجهة نظرهم على أساس أن قيام المصارف التجارية‬
‫بإفتتاح فروع ‪ /‬نوافذ إسالمية لها سيكون بمثابة ‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫‪ ‬إعتراف منها بالجدوى اإلقتصادية للعمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬


‫‪ ‬إعتراف منها بواقعية التطبيقات العملية لنماذج العمل المصرفي‬
‫اإلسالمي ‪ ،‬وأن الفكرة تتجاوز مجرد رفع الشعارات أو دغدغة المشاعر‪.‬‬
‫‪ ‬إتاحة الفرصة لإلستفادة من خبرات هذه المصارف التجارية في‬
‫تطوير منتجات إسالمية وكوادر بشرية ينتفع بها العمل المصرفي اإلسالمي‬
‫بصفة عامة‪.‬‬
‫‪ ‬خطوة أولى نحو "أسلمة" أى من هذه المصارف او بعضا منها‪.‬‬
‫‪ ‬فتح كبير للعمل المصرفي اإلسالمي في حالة تحول مصرف تجارى‬
‫إلي مصرف إسالمى خاصة إذا ما كان هذا المصرف من المصارف التجارية‬
‫الكبيرة حجما وإنتشارا‪.‬‬
‫‪ ‬التشجيع على التعايش المشترك بين النظامين المصرفيين بدال من‬
‫المواجهة بينهما‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬وجهة النظر المعارضة إلنشاء فروع ‪ /‬نوافذ إسالمية للمصارف‬
‫التجارية‬
‫أقام المعارضون وجهة نظرهم على األسباب التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬التخوف من أن يؤدى ذلك إلي الـ "تشويش" على نقاء التطبيق في‬
‫أذهان العاملين والعمالء على حد سواء‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪23‬‬

‫‪ ‬التخوف من أن تؤدى صعوبة التعايش بين نظامين مصرفيين‬


‫مختلفين تحت سقف واحد إلي إفشال التوجه تطبيقيا‬
‫‪ ‬التخوف من أن يؤدى ذلك إلي تأخر إنشاء مصارف إسالمية جديدة‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ .5‬متطلبات النجاح‬
‫من أجل تقييم آداء "النوافذ اإلسالمية للمصارف التجارية التقليدية"‬
‫خالل المرحلة الماضية من تطور العمل المصرفي اإلسالمي ‪ ،‬البد لنا من أن‬
‫نستعرض معا ماهية المتطلبات الالزمة لنجاح العمل المصرفي اإلسالمي ومدى‬
‫توفرها في ظل المداخل المختلفة التي إتبعتها المصارف التقليدية في إنشاء هذه‬
‫النوافذ خالل هذه المرحلة‪.‬‬
‫نحن نعتقد أن نجاح العمل المصرفي اإلسالمي في أى شكل من أشكاله‬
‫يتوقف على مدى التقيد بتطبيق المبادىء الرئيسية التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬التخطيط العلمى‬
‫‪ ‬اإللتزام الشرعي‬
‫‪ ‬اإلعداد المناسب للكوادر البشرية‬

‫‪ -4‬د‪ .‬سعيد بن سعد المرطان ‪" :‬ضوابط تقديم الخدمات المصرفية‬ ‫‪4‬‬

‫اإلسالمية فى البنوك التقليدية ‪ :‬تجربة البنك األهلى التجارى السعودى" ‪،‬‬


‫ندوة من إعداد اللجنة اإلستشارية العليا للعمل على إستكمال تطبيق أحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬اللجنة اإلقتصادية ‪ ،‬دولة الكويت ‪ ،‬مايو ‪1999‬م‬
‫‪24‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫‪ ‬تطوير النظم والسياسات المناسبة‬


‫‪ ‬المواءمة مع إدارات البنك األخرى واإلختيار المناسب للفروع‬
‫ومواقعها فى حالة إختيار مدخل الصيرفة المزدوجة‬
‫والتي نتناول كل منها بشىء من اإليجاز كالتالي ‪:‬‬
‫أ) التخطيط العلمى‬
‫مما ال شك فيه أن نجاح اى عمل مصرفي أو غير مصرفي ‪ ،‬تجارى او‬
‫خيري ‪ ،‬يتوقف في الدرجة األولى على مدى التخطيط له بطريقة علمية سليمة‪.‬‬
‫ويزداد هذا اإلعتبار أهمية في حالة ما إذا كان الربحـ هو معيار النجاح فيه ‪،‬‬
‫كما هو الحال عند ممارسة العمل المصرفي اإلسالمي من خالل مصرف تقليدي‬
‫قام في األساس على هدف تحقيق أرباح تجارية‪ .‬فتحقيق الربح في مثل هذه‬
‫الحاالت سيكون بمثابة شرط ضرورى إلستمرار هذه المصارف التقليدية في‬
‫تقديم الخدمات المصرفية اإلسالمية‪ .‬فإلي أى مدى نجحت هذه المصارف في‬
‫التخطيط لصيرفتها اإلسالمية ؟‬
‫ال شك أن معظم المصارف التقليدية التي أقدمت على تقديم الصيرفة‬
‫اإلسالمية من خالل إفتتاح نوافذ إسالمية لم تكن لتقدم على مثل هذه الخطوة‬
‫من غير تخطيط ودراسة جيدة ‪ ،‬خاصة أن غالبية هذه المصارف كانت من بين‬
‫اكبر المصارف التقليدية على المستويين المحلى والعالمي‪ .‬فباإلضافة إلي‬
‫إجراء الالزم من البحوث المكتبية واإلستفادة من الكثير من األبحاث والدراسات‬
‫المنشورة ‪ ،‬قام الكثير من هذه المصارف بتكليف جهات بحثية مستقلة بإجراء‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪25‬‬

‫العديد من أبحاث التسويق الميدانية لإلضطالع على آراء الجمهور والعمالء‬


‫المحتملين للصيرفة اإلسالمية‪ .‬تلك الدراسات التي أثبتت بان أسواق العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي كبيرة ومتنامية (يقدرَ معدل النمو السنوي بـ ‪)%15‬‬
‫وأنها ال تزال ‪.‬‬
‫ولعلنا نشير في هذا الخصوص إلي التجربة المشهورة ألحد أكبر‬
‫المصارف العربية وهو البنك األهلي التجاري في المملكة العربية السعودية ‪،‬‬
‫حيث لم تقتصر النية (في األصل) على إدخال الصيرفة اإلسالمية في البنك‬
‫على مجرد الرغبة وإنما دعمتها أيضا الدراسات واألبحاث واإلستشارات ‪ ،‬وخاصة‬
‫ان الرغبة لم تكن تتوقف عند مجرد إفتتاح نوافذ إسالمية وإنما كانت النية‬
‫منعقدة على أسلمة مجمل البنك طبقا لخطة تدريجية‪ .‬ولذلك قام البنك‬
‫بإنشاء إدارة مستقلة للخدمات المصرفية اإلسالمية في عام ‪1993‬م أسند إليها‬
‫مهمة تحقيق هذا الهدف للبنك‪ .‬ومنذ إنشاء هذه اإلدارة التي شرف الكاتب‬
‫بإدارتها واإلشراف على أعمالها منذ نشاتها حتي عام ‪2000‬م ‪ ،‬كان التخطيط‬
‫العلمي هو أسلوب العمل فيها مدعوما بالعديد من األبحاث والدراسات الميدانية‬
‫التى أجريت لدراسة السوق وتحديد الشرائح المكونة له وإحتياجات كل‬
‫شريحة منها ‪ ،‬وحجم ونوعية المنافسين القائمين والمحتملين في السوق‪ .‬وهى‬
‫الدراسات التي علي أساسها تم وضع خطة إستراتيجية للعمل يهتدي بها العاملون‬
‫في اإلدارة وفروعها وتتوحد من خاللها جهودهم لتحقيق النجاح المطلوب‪ .‬وهو‬
‫األمر الذي تحقق بالفعل حيث أظهرت النتائج المالية لإلدارة تقدما ونموا عاما‬
‫‪26‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫بعد عام في ظل إلتزام تام بتطبيق الشريعة في كل المعامالت ‪ ،‬وذلك رغم‬


‫توقع البعض بغير ذلك نظرا لطبيعة العمل ضمن بنك تقليدي في األساس‪.‬‬
‫وحتي وقتنا هذا تشير المعلومات إلي التزايد المستمر في حصة العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي في البنك إلي مجمل أعماله وكذلك إلي مجمل أرباحه ‪،‬‬
‫مع تزايد في عدد الفروع اإلسالمية التي أصبحت اآلن ‪ 70‬فرعا تنتشر في‬
‫أنحاء مختلفة من المملكة ‪ ،‬شاملة جميع فروع مدينتي مكة المكرمة والمدينة‬
‫المنورة تحديدا‪.‬‬
‫ب) اإللتزام الشرعي‬
‫لعل اإللتزام الشرعي التام بسالمة التطبيق يعتبر أهم عناصر النجاح ألي‬
‫عمل مصرفي إسالمي وضمانا إلستمراريته‪ .‬وتشير المعلومات إلى حقيقة تقيد‬
‫معظم المصارف التقليدية الكبيرة التي أقدمت على فتح نوافذ إسالمية باإللتزام‬
‫الشرعي في تقديمها للخدمات والمنتجات اإلسالمية ‪ ،‬فقامت بتعيين هيئات‬
‫مستقلة للرقابة الشرعية أسند إليها مسؤولية اإلفتاء فى والتثبتـ من سالمة‬
‫األعمال المصرفية اإلسالمية فيها من حيث تصميم المنتجات وأسلوب تقديمها‬
‫وصياغة عقودها واإلعالن عنها والترويج لها‪ .‬ولقد ظهر هذا التوجه أكثر‬
‫وضوحا فى المصارف الكبيرة التي سعت جاهدة إلى إظهار مصداقيتها فى‬
‫التطبيق‪.‬‬
‫ومرة أخرى نشير هنا بالتحديد إلي تجربة البنك األهلي التجاري‬
‫السعودي بحكم الصلة الوثيقة بين هذه التجربة وبين الباحث شخصيا كما‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪27‬‬

‫سبقت اإلشارة‪ .‬وهى التجربة التي يسعدني العودة لإلشارة إليها بالنسبة لكل‬
‫عنصر من عناصر النجاح المطلوب توفرها إلنجاح عملية إفتتاح نوافذ إسالمية‬
‫فى البنوك التقليدية بإعتبارها مثال يمكن اإلحتذاء به في هذا المضمار ‪ ،‬بل وفى‬
‫إمكانية اإلستفادة منه في مجال "أسلمة" مصرف قائم بتحويله كامال من‬
‫مصرف تقليدي إلى مصرف إسالمي طبقا لخطة موضوعة تنتهج التدرج في‬
‫التطبيق دون التضحية باإلتزام الشرعي‪.‬‬
‫ففي هذه التجربة كان أهم مايشغل تفكير القائمين على إدارة الخدمات‬
‫اإلسالمية منذ البداية هو ضرورةـ إقناع العاملين في البنك من اإلدارة‬
‫والموظفين ‪ ،‬والمتعاملين معه من العمالء والجمهور بأن العمل في اإلدارة‬
‫وفروعها وسياساتها وأموالها كلها تقوم على مبادىء الشريعة اإلسالمية‬
‫وتطبيقاتها بكل دقة ووضوح ‪ ،‬ولقد تحقق ذلك لإلدارة من خالل عدد من‬
‫اإلجراءات نوردها فيما يلى ‪:‬‬
‫ضمان اإلستقاللية المالية والمحاسبية لإلدارة‬ ‫‪‬‬
‫اإللتزام الكامل بالشريعةـ اإلسالمية في كل أنشطة اإلدارة‬ ‫‪‬‬
‫ومنتجاتها وسياساتها وبرامج تدريب موظفيها من خالل التعاقد والتعاون مع‬
‫عدد من المراكز الإستشارية المتخصصة‬
‫إنشاء هيئة شرعية مستقلة لمراقبة التطبيق ‪ ،‬تجتمع بصفة دورية‬ ‫‪‬‬
‫مرة كل شهر للنظر فى ما يعن لها من موضوعات ووضعـ التوصيات الالزمة‬
‫للتنفيذ‬
‫‪28‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫تعيين مراقب شرعي داخلي لمتابعة التطبيق العملي بصورة يومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫هذه األمور جميعا كان لها مردودها اإليجابي والسريع في خلق الصورة‬
‫اإلنطباعية الصحيحة عن العمل المصرفي اإلسالمي الذي تم تقديمه من خالل‬
‫الفروع اإلسالمية لهذا البنك التقليدي‪.‬‬
‫ج) اإلعداد المناسب للكوادر البشرية‬
‫ال شك أن توفر العنصر البشري المناسب ‪ ،‬جنبا إلي جنب مع التقنية‬
‫المتطورة ‪ ،‬يعتبر أحد أهم عناصر النجاح ألي عمل كان‪ .‬والعمل المصرفي‬
‫اإلسالمي ليس إستثناءاً من ذلك‪ .‬فإلى أي مدى أظهرت المرحلة الماضية توفر‬
‫هذا العنصر للعمل المصرفي اإلسالمي من خالل نوافذ إسالمية لمصارف‬
‫تقليدية ؟‬
‫عودة مرة أخرى إلى تجربة البنك األهلى التجارى السعودى كتجربة‬
‫بارزة في هذا المضمار ‪ ،‬نقول أن توفير وتدريب الكوادر البشرية المناسبة‬
‫لممارسة العمل المصرفي اإلسالمي كان يمثل أحد الشواغل الرئيسية لإلدارة‬
‫خاصة وأن العاملين في الفروع التي كان يتم تحويلها إلى العمل المصرفي‬
‫اإلسالمي كانوا في معظمهم غير مؤهلين لذلك‪ .‬األمر الذي تطلب جهدا ووقتا‬
‫كبيرين إلعداد البرامج التدريبية المناسبة ووضعـ الخطط الالزمة لتدريب كل‬
‫العاملين في اإلدارة والفروع على مراحل ودورات مختلفة المحتوى والمستوى‪.‬‬
‫وفى هذا الخصوص كان التدريب يأخذ أشكاال متعددة فبينما كان بعضه‬
‫يتم داخليا كان البعض اآلخر يتم خارجيا ‪ ،‬أما البرامج التدريبية الداخلية‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪29‬‬

‫فكانت تتم باإلستعانة بالقدرات التدريبية المتاحة ذاتيا للبنك من خالل‬


‫العاملين في اإلدارة ومراكز التدريب التابعة للبنك (حيث تم إنشاء وحدة‬
‫مستقلة للتدريب المصرفي اإلسالمي) ‪ ،‬أو باإلستعانة بمكاتب إستشارية أو‬
‫مراكز تدريب متخصصة تربطها بالبنك عالقات عمل وثيقة‪ .‬أما التدريب‬
‫الخارجي فكان يتم إما من خالل إرسال المتدربين إلي مراكز تدريب خارجية‬
‫أو إرسالهم للتدريب العملي في بنوك إسالمية شقيقة‪.‬‬
‫ومن أجل زيادة فعالية التدريب في ظل المتاح من الوقت والموارد فلقد‬
‫خضعت العملية التدريبية لسلم محدد من األولويات جاء على الشكل التالي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬القيادات اإلدارية‬
‫ثانيا ‪ :‬مدراء الفروع‬
‫ثالثا ‪ :‬موظفي خدمات العمالء والصرافين‬
‫وبطبيعة الحال فإن التدريب عملية مستمرة ومتواصلة وال يمكن لها أن‬
‫تتوقف عند حد‪ .‬ومن اإلنصاف أن نقول بان العمل اإلسالمي ال زال يعانى من‬
‫عدم كفاية الكوادر البشرية المناسبة خاصة علي المستوي اإلداري وفى المجال‬
‫التطويري ‪ ،‬األمر الذي يشير إلى الحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتغطية هذا‬
‫العجز‪.‬‬
‫د) تطوير النظم والسياسات المالئمة‬
‫نظرا لإلختالف بين قواعد العمل المصرفي التقليدي وتلك الخاصة‬
‫بالعمل المصرفي اإلسالمي فإن األمر يقتضى تطوير السياسات واإلجراءات‬
‫‪30‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫والنظم الفنية والمحاسبية الالزمة والمناسبة لطبيعة العمل المصرفي اإلسالمي‬


‫ومنتجاته‪ .‬وهو األمر الذي ال يقل ضرورةـ عن غيره من األمور سواءً كان‬
‫ذلك من الناحية الشرعية أو من ناحية تحليل البيانات وقياس اآلداء ضمانا‬
‫إلنجاح العمل المصرفي اإلسالمي‪.‬‬
‫وتشير التجربة إلى أن تحقيق هذا العنصر ليس باألمر السهل وإنما هو‬
‫يتطلب الكثير من الوقت والجهد خاصة من حيث تطوير النظم والبرامج الفنية‬
‫الالزمة لتشغيل الفروع وإعداد البيانات المالية والمعلومات اإلدارية‪ .‬وهى‬
‫عملية تزداد صعوبة في ظل نظام مصرفي ثنائي أو مزدوج كما كان عليه‬
‫الحال في المثال الذي نحن بصدده‪.‬‬

‫هـ) المواءمة مع ادارات البنك األخرى واإلختيار المناسب للفروع‬


‫ومواقعها‬
‫على الرغم من أن التجربة قد أظهرت عدم بروز مشاكل أو تناقضات‬
‫بين تقديم العمل المصرفي اإلسالمي من خالل نوافذ إسالمية تحت سقف واحد‬
‫مع العمل المصرفي التقليدي ‪ ،‬إال أننا ال نستطيع القول بنفس الشىء في حالة‬
‫تقديم العمل المصرفي اإلسالمي من خالل فروع مستقلة وإدارة مستقلة أيضا‬
‫ضمن مصرف نشأ في األساس تقليديا‪ .‬فلقد أظهرت التجربة أن هذا الوضع‬
‫يصاحبه عادة نوعين من المشاكل نذكرهما فيما يلي ‪:‬‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪31‬‬

‫مشكلة الحساسية التى تنشأ بين منسوبي البنك بشقية اإلسالمي‬ ‫‪‬‬
‫والتقليدي‪ ،‬نظرا لما كانت تعنيه فكرة تحويل بنك تقليدى إلي بنك إسالمي‬
‫من شعور البعض من منسوبي القطاع المصرف التقليدي بعدم اإلطمئنان مقارنة‬
‫باإلرتياح الي كان يشعر به اآلخرون في قطاع الصيرفة اإلسالمية‪ .‬األمر الذي‬
‫كان يؤدى أحيانا إلي الشعور بعدم وجود أرضية مشتركة تجمع الجميع في‬
‫بوتقة واحدة‪ .‬وعلى الجانب اآلخر لم يكن العاملون في قطاع الصيرفة‬
‫اإلسالمية متحررون تماما من القلق الذي كان يساورهم بحكم كونهم األقل‬
‫عددا من حيث األفراد واألقل حجما من حيث نسبة مساهمتهم فى مجمل أعمال‬
‫البنك‪.‬‬
‫أما المشكلة األخرى فكانت تسويقية ‪ ،‬أساسها اإلحتكاك المتكرر‬ ‫‪‬‬
‫بين مسؤولي التسويق في الفروع اإلسالمية والتقليدية الذين كانوا غالبا ما‬
‫يتنافسون على إجتذاب نفس العمالء مع إختالف الرسالة التسويقية من ناحية ‪،‬‬
‫ومع ربط تقييم آداء الفروع بمدى النجاح فى إجتذاب العمالء وتعبئة الودائع‬
‫فى كل فرع‪.‬‬
‫فإلى أي مدى نجحت تجربة البنك األهلي في التغلب على هاتين‬
‫المشكلتين ؟‬
‫ال شك أن هذه الصعوبات كانت من بين األمور الشائكة في بداية األمر ‪،‬‬
‫غير أنه من أجل تقليص فرص حدوث مثل هذه المشاكل قامت الإدارة المعنية‬
‫فى البنك بالكثير من الخطوات والمبادرات لتحقيق هذا الهدف ‪ ،‬نذكر منها ‪:‬‬
‫‪32‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫أ) بالنسبة للموظفين‬


‫‪-‬بذل الكثير من الجهد لإللتقاء والتحاورـ مع كل المسؤولين في البنك‬
‫من أجل بناء جسور الثقة معهم‪.‬‬
‫‪-‬وضع األسس والمعايير التي يتم على أساسها إعطاء األولوية للتوظف في‬
‫إدارة الخدمات المصرفية اإلسالمية للراغبين في ذلك من إدارات البنك‬
‫األخرى‬
‫‪-‬وضع الخطط الالزمة لتدريب كل منسوبي البنك على أسس العمل‬
‫المصرفي اإلسالمي‪.‬‬
‫ب) بالنسبة لألمور التسويقية‬
‫‪-‬تحديد المناطق الجغرافية التي يتم خدمتها بواسطة كل فرع تحديدا‬
‫واضحا واإللتزام به من الجميع‬
‫‪-‬خلق فرص للتكامل بين الفروع في خدمة العمالء بدال من التنافس‬
‫عليهم ‪ ،‬مع وضع ميكانيكية محددة للتعامل مع هذا اإلحتمال في حالة وقوعه ‪،‬‬
‫وذلك من خالل عقد إجتماعات دورية لمعالجة كل موقف على حده‪.‬‬
‫‪-‬الإختيار المناسب للفروع التى يتم تحويلها أو لمواقع الفروع التى يتم‬
‫إنشائها بحيث تحقق التوازن بين التغطية السوقية المناسبة مع تقليص إحتماالت‬
‫نشوء المشاكل التسويقية واإلدارية مع فروع اخرى للبنك‪.‬‬

‫‪ .6‬مؤشرات نجاح الصيرفة اإلسالمية‬


‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪33‬‬

‫تطور حجم السوق‬

‫نظرا لصعوبة الفصل بين العمل المصرفي اإلسالمي الذى نشأ من النوافذ‬
‫والفروع اإلسالمية لمصارف تقليدية وبين ذلك الذى نشا من مصارف إسالمية‬
‫خالصة ‪ ،‬فإننا سنعرض هنا لتطور الصناعة المصرفية اإلسالمية للبنوك‬
‫والمؤسسات المالية اإلسالمية فقط‪ ،‬معتمدين فى ذلك على البيانات التى قام‬
‫اإلتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية بتجميعها حتى عام ‪1997‬م‪ ، 5‬حيث توقف‬
‫تجميع هذه البيانات منذ ذلك التاريخ وتم حل هذا اإلتحاد وأنشىء مكانه‬
‫"المجلس العام للمصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية" فى عام ‪2001‬م ‪،‬‬
‫ومقره مملكة البحرين ‪ ،‬وهو المجلس الذى تعكف أجهزته حاليا على إعادة‬
‫تجميع هذه البيانات من جديد‪.‬‬

‫لقد شهد سوق العمل المصرفي اإلسالمى على مستوى العالم تطورا هائال‬
‫عاما بعد عام منذ منتصف السبعينات حتى يومنا هذا ‪ ،‬بغض النظر عن المعيار‬
‫الذى يتم به قياس هذا التطور‪ .‬والجدول التالى يشير بإيجاز إلى هذا التطور‬
‫فى قفزة واحدة من ‪1993‬م إلى عام ‪1997‬م ‪ ،‬مصحوبة بتقدير لما وصل إليه‬
‫الوضع فى عام ‪2001‬م‪.‬‬

‫‪ -5‬دليل المصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية – ‪ ، 1997‬اإلتحاد الدولي‬ ‫‪5‬‬

‫للبنوك اإلسالمية‬
‫‪34‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫تقدير –‬ ‫‪1997‬م‬ ‫‪1993‬م‬ ‫البيان‬


‫‪6‬‬
‫‪2001‬م‬
‫‪250‬‬ ‫‪176‬‬ ‫‪100‬‬ ‫عدد المصارف والمؤسسات‬
‫المالية اإلسالمية‬
‫‪12.7‬‬ ‫‪7.3‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫رأس المال (بليون دوالر)‬
‫‪260‬‬ ‫‪148‬‬ ‫‪54‬‬ ‫إجمالى الموجودات (بليون‬
‫دوالر)‬
‫‪200‬‬ ‫‪113‬‬ ‫‪41‬‬ ‫أموال تحت اإلدارة (بليون‬
‫دوالر)‬
‫‪2.1‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫غ‪.‬م‪.‬‬ ‫صافى األرباح‬

‫وهو األمر الذى يشير إلى نمو صناعة الصيرفة اإلسالمية بالمعدالت‬
‫التقريبية التالية خالل الفترتين المذكورتين ‪:‬‬

‫‪ -6‬تقديراتنا مدعومة ببيانات أولية من المجلس العام للبنوك والمؤسسات‬ ‫‪6‬‬

‫المالية اإلسالمية‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪35‬‬

‫متوسط معدل النمو السنوى‬


‫‪-1997‬‬ ‫‪-1993‬‬ ‫البيان‬
‫‪2001‬م‬ ‫‪1997‬م‬
‫‪8%‬‬ ‫‪15%‬‬ ‫عدد المصارف والمؤسسات المالية‬
‫اإلسالمية‬
‫‪15%‬‬ ‫‪41%‬‬ ‫رأس المال (بليون دوالر)‬
‫‪15%‬‬ ‫‪35%‬‬ ‫إجمالى الموجودات (بليون دوالر)‬
‫‪15%‬‬ ‫‪35%‬‬ ‫أموال تحت اإلدارة (بليون دوالر)‬
‫‪15%‬‬ ‫غ‪.‬م‪.‬‬ ‫صافى األرباح‬

‫وهذه معدالت تفوق بكثير مثيالتها للصناعة المصرفية التقليدية على‬


‫المستويين المحلى والدولىـ رغم اإلنخفاض الملحوظ فى الوعى المصرفى فى‬
‫معظم الدول اإلسالمية التى تصنف غالبيتها ضمن دول العالم الثالث‪.‬‬
‫‪ .7‬أهم المعوقات والتحديات التي واجهت الصيرفة اإلسالمية‬
‫تنقسم المعوقات إلي نوعين ؛ فمنها ما يخص تجربة النوافذ والفروع‬
‫االسالمية ومنها ما هو عام يخص المصارف اإلسالمية جميعا ‪ ،‬نتناول كل منها‬
‫بشىء من التفصيل فيما يلى‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬المعوقات التى تخص النوافذ والفروع االسالمية‬
‫‪36‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫تتفاوت هذه المعوقات بحسب الحالة من مصرف الى آخر كما أنها‬
‫تتفاوت أيضا في درجة أهميتها فيما بين المصارف التى تختار مجرد افتتاح‬
‫نوافذ اسالمية وتلك التى تختار تحويل فروع تقليدية الى فروع اسالمية‬
‫خاصة إذا ما كان الهدف هو خدمة قطاع األفراد الذى يتطلب التوسع فى شبكة‬
‫هذه الفروع المحوّلة وربما افتتاح فروع اسالمية جديدة‪ .‬لذلك لعله يكون‬
‫مفيدا أن نستعرضها جميعا في هذا المقام تسجيال للتجربة ‪ ،‬وتعميما للمعرفة ‪،‬‬
‫خاصة فيما يتعلق بتحويل الفروع لإلستفادة منها فى المصارف الراغبة في اتباع‬
‫نفس النهج فى تقديم الخدمات المصرفية اإلسالمية مستقبال‪ .‬وتتمثل هذه‬
‫المعوقات في التإلي ‪:‬‬
‫‪ ‬معوقات إدارية‬
‫عدم وضوح الرؤية على مستوى البنك ككل عن خطط اإلدارة فيما‬
‫يتعلق بإقدامها على تقديم الصيرفة اإلسالمية ‪ ،‬خاصة فى حالة الرغبة فى‬
‫التوسع التدريجى فى هذا التوجه مستقبال‪ .‬األمر الذى قد يؤدى الى غياب أو‬
‫محدودية مشاركة اإلدارات األخرى في صياغة هذا التوجه‪ .‬األمر الذى يؤدى‬
‫بدوره الى بروزـ السلبيات التالية ‪:‬‬
‫تواضع القناعات الشخصية عند بعض المسؤولين بسالمة هذا التوجه‬ ‫‪-‬‬
‫المزدوج للبنك‬

‫ظهور احتكاكات عملية تمتد ‪ ،‬كما سبقت االشارة ‪ ،‬لتشمل التنافس‬ ‫‪-‬‬
‫غير البناء بين القائمين على ادارة الفروع بشقيها االسالمي والتقليدي‪.‬‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪37‬‬

‫ضعف اإلستعداد لدى إدارات البنك األخرى للمساعدة فى تطوير‬ ‫‪-‬‬


‫بدائل إسالمية لمنتجاتها‪.‬‬

‫‪ ‬معوقات ذات صلة بالموارد البشرية‬

‫هذه النوعية من المعوقات تزداد ظهورا فى حالة تحويل الفروع وكلما‬


‫زادت ضبابية الرؤية نحو األسباب الحقيقية لتقديم العمل المصرفى االسالمي‬
‫فى البنك‪ .‬فباالضافة الى محدودية الكوادر البشرية ذات الخبرة في أدوات‬
‫الخزينة وخدمات اإلستثمار والتمويل ‪ ،‬نجد أن هذه الضبابية فى الرؤية قد‬
‫تؤدى الى حالة من عدم التأكد لدى العاملين فى المصرف وشيوع "االشاعات"‬
‫وتدنى الروح المعنوية بينهم‪ .‬كما تنعكس هذه الرؤية غير الواضحة فى‬
‫محدودية الموارد المالية التى يتم تخصيصها لتدريب العاملين فى المصرف على‬
‫طبيعة وأدوات العمل المصرفى االسالمي ‪ ،‬فتنشأ فجوة بين األهداف والوسائل‬
‫مما يضيف الى الشعور بالحيرة وعدم التأكد‪.‬‬

‫‪ ‬معوقات ذات صلة بالنظم والسياسات‬


‫تشير التجربة الى أن الكثير من المصارف التى رغبت فى تقديم‬
‫الصيرفة االسالمية فيها جنبا الى جنب مع الصيرفة التقليدية ال تعطى انتباها‬
‫كافيا لألمرين التاليين ‪:‬‬
‫‪38‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫عدم مالئمة النظام المحاسبى المعمول به والقائم على أسس تقليدية‬ ‫‪-‬‬
‫مع متطلبات العمل المصرفي اإلسالمي‬

‫التباطؤ أحيانا في تلبية إحتياجات التطبيق المصرفي اإلسالمي من‬ ‫‪-‬‬


‫نظم وإجراءات فنية ‪ ،‬األمر الذى ينعكس على العمل نفسه فى صورة إطالة‬
‫وتعقيد في اإلجراءات والضعف النسبى لمستوى خدمة العمالء‬
‫‪ ‬معوقات ذات صلة بتطوير المنتجات‬
‫لما كانت المرحلة الماضية بمثابة مرحلة "الوالدة" الجديدة للعمل‬
‫المصرفى االسالمي‪ ،‬فانه كغيره من كل جديد ‪ ،‬عانى من نقص هنا أو هناك‪.‬‬
‫ولقد كانت محدودية المنتجات االسالمية من األمور التى كثر الحديث عنها‬
‫خالل هذه المرحلة األوّلية‪ ،‬ولعلى أشير هنا الى أن هذا النقص تجلى أكثر ما‬
‫يكون فى مجال أعمال الخزينة وأدواتها‪ ،‬وهو األمر الذى أعتقد أنه ال يزال قائما‬
‫حتى يومنا هذا‪.‬‬
‫‪ ‬معوقات ذات صلة بتطوير األسواق‬
‫تجلت هذه المعوقات فى األمور التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬محاولة خدمة جميع القطاعات والشرائحـ السوقية دون التركيز على‬
‫قطاعات أو شرائحـ بعينها ‪ ،‬خاصة فى تلك المصارف التى استهدفت خدمة قطاع‬
‫األفراد فى أسواقها‬
‫‪ -‬تحفظ بعض العمالء على التعامل مع بنك يقدم خدمات مزدوجة‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪39‬‬

‫‪ -‬التزايد المستمر لحدة المنافسة خاصة من المصارف األجنبية الكبيرة‬


‫‪ -‬صعوبة اإلعالن والدعاية المباشرة عن المنتجات اإلسالمية أحيانا‬

‫‪7‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التحديات التي تواجه المصارف اإلسالمية عامة‬

‫واجه العمل المصرفى االسالمي خالل المرحلة الماضية العديد من‬

‫‪ -7‬منور إقبال ‪ " :‬التحديات التى تواجه العمل المصرفى اإلسالمى" ‪ ،‬ورقة‬ ‫‪7‬‬

‫عرضية رقم "‪،"2‬‬


‫المعهد اإلسالمى للبحوث والتدريب ‪ ،‬البنك اإلسالمى للتنمية ‪ ،‬الطبعة األولىـ‬
‫‪1988‬م‪.‬‬

‫قائمة المراجع‬
‫‪   -1‬دليل المصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية جدة ‪ -‬االتحاد الدولي‬
‫للبنوك اإلسالمية ‪1997 ،‬م‪.‬‬
‫‪40‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫التحديات الصعبة التي كان البد له من مواجهتها والتغلب عليها لتبقى على‬
‫مصداقيتها وإستمرار ربحيتها ونموها ‪ ،‬وهى التحديات التي نورد أهمها فيما‬
‫يلى ‪:‬‬

‫غياب النظم الرقابية المناسبة لطبيعة النشاط المصرفي اإلسالمي‬

‫عدم وضوح أو ربما عدم وجود عالقة بين المصارف اإلسالمية أو‬

‫‪   -2‬د‪ .‬سعيد بن سعد المرطان ‪ ،‬ورقة بحثية بعنوان ‪" :‬الفروع والنوافذ‬
‫اإلسالمية في المصارف التقليدية"‪ ،‬ندوة حول التطبيقات االقتصادية‬
‫اإلسالمية المعاصرة ‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مايو ‪1998‬م ‪ ،‬تحت اإلعداد للنشر‬
‫كورقة من األوراقـ العلمية التي يصدرها المعهد اإلسالمي للبحوث‬
‫والتدريب في البنك اإلسالمي للتنمية‪.‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬سعيد بن سعد المرطان ‪ ،‬ورقة بحثية بعنوان " ضوابط تقديم الخدمات‬
‫المصرفية اإلسالمية فى البنوك التقليدية ‪ :‬تجربة البنك األهلى التجارى‬
‫السعودى" ‪ ،‬ندوة من إعداد اللجنة اإلستشارية العليا للعمل على إسكتمال‬
‫تطبيق أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬اللجنة اإلقتصادية ‪ ،‬دولة الكويت ‪ ،‬مايو‬
‫‪1999‬م‪.‬‬
‫‪   -4‬منور إقبال وآخرين ‪" ،‬التحديات التي تواجه العمل المصرفي اإلسالمي"‪،‬‬
‫ورقة عرضية رقم "‪ ، "2‬المعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب ‪ ،‬البنك‬
‫اإلسالمي للتنمية ‪ ،‬الطبعة األوليـ ‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪41‬‬

‫الممارسة للعمل المصرفى االسالمي والمصارف المركزية المنظمة للصناعة‬


‫المصرفية والمراقبة عليها‪ .‬ففيما عدا حاالت قليلة نجد أن المصارف المركزية‬
‫لديها نظام واحد للتعامل مع المصارف العاملة في دولها ‪ ،‬دون تفرقة بين العمل‬
‫المصرفي االسالمي والعمل المصرفي التقليدي ‪ ،‬األمر الذى يرجع في حقيقته‬
‫إلي أن بعض هذه الدول ال تسمح نظاما بالترخيص للبنوك فيها بتسمية نفسها‬
‫بنوكا إسالمية‪ .‬كما ال توفر لها األدوات المقبولة إسالميا لإلستفادة من‬
‫التسهيالت المصرفية التي تتيحها عادة للبنوك التقليدية ‪ ،‬وهو األمر الذى يضع‬
‫المصارف اإلسالمية في وضع ال يسمح لها بالتنافس على قدم المساواة مع‬
‫المصارف التقليدية‪.‬‬
‫ضعف وندرة الموارد البشرية‬
‫أن توفر العنصر البشرى المناسب يمثل أحد أهم أسباب النجاح ألى‬
‫منشأة أو مؤسسة خاصة مع التقدم التقنى الكبير القائم حاليا والقادم مستقبال ‪،‬‬
‫والمصارف اإلسالمية ليست إستثناءً من ذلك ‪ ،‬فنجاحها في رسالتها سوف‬
‫يتوقف كثيرا على مدى نجاحها في إستقطاب الكوادر المؤهلة والمدربة للعمل‬

‫‪5- Philip Moore, Islamic Finance: A Partnership For Growth.  London:‬‬


‫‪Euromoney Publications, 1997.‬‬
‫‪6- Strengthening Islamic Banking in Pakistan : Looking Ahead, an article‬‬
‫‪on the Internet (IBF Netversity).‬‬
‫‪42‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫فيها ليس فقط من الناحية الفنية للعمل ولكن أيضا من حيث صدق القناعة لديها‬
‫بالعمل المصرفي اإلسالمي‪ .‬صحيح أن المصارف اإلسالمية ال تدخر جهدا في‬
‫تحقيق ذلك ولكن الواقع يشير إلي النقص النسبى في المعروض منها مقارنة‬
‫بالطلب عليها‪.‬‬
‫إختالف معايير تطبيق المنتجات االسالمية‬
‫في الوقت الذي تم فيه الى حد كبير معالجة مشكلة محدودية المنتجات‬
‫الإسالمية من خالل تطوير العديد من منتجات التمويل واالستثمار االسالميين‬
‫فانه ال تزال تواجه المصارف الممارسة للعمل المصرفى االسالمي صعوبة أخرى‬
‫ال تقل أهمية ‪ ،‬أال وهى مشكلة تعدد طرق وقواعد تطبيقها فى الواقع العملي‪.‬‬
‫فمع تعدد المصارف اإلسالمية وإستخدامها لعدد من صيغ التمويل اإلسالمية ‪،‬‬
‫فإنها لم تتمكن حتي اآلن من توحيد قواعد تطبيقها ‪ ،‬فنجد بنوكا مختلفة تقدم‬
‫نفس صيغة التمويل ولكن بطرق مختلفة‪ .‬األمر الذى قد يؤدى إلي كثير من‬
‫البلبلة والشك في أذهان المتعاملين مع المصارف اإلسالمية من حيث سالمة‬
‫التطبيق ومصداقيته‪ .‬ولعل هذا اإلختالف يرجع فى المقام األول إلى األسباب‬
‫التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬إختالف هيئات الرقابة الشرعية فى المصارف اإلسالمية وما قد‬
‫يصاحبه من تفسيرات مختلفة لبعض األحكام الشرعية الفرعية تبعا لإلختالف‬
‫القائم بخصوصها بين المدارس الفقهية األربعة الرئيسية‪.‬‬

‫‪ .2‬حقيقة أن فتاوى هيئات الرقابة الشرعية تنبنى أساسا على كيفية‬


‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪43‬‬

‫وكفاية المعلومات المقدمة لها بخصوص المنتج موضوع الفتوى‪ .‬وتزداد‬


‫أهمية هذه الحقيقة عندما يتعلق األمر بالمصارف التقليدية خاصة فى الدول‬
‫غير اإلسالمية‬

‫وذلك فى الوقت الذى تفرض فيه متطلبات السوق ضرورةـ قيام‬


‫المصارف اإلسالمية بتطوير البدائل الشرعية للمنتجات المصرفية التقليدية ‪،‬‬
‫وإجتهادها المستمر فى هذا الخصوص تلبية لحاجة العمالء ومواجهة لمتطلبات‬
‫المنافسة التى تزداد حدتها يوما بعد يوم‪ .‬وخير مثال على ذلك قيام بعض‬
‫المصارف اإلسالمية بتقديم منتج "التورق"ـ بغرض توفير السيولة النقدية‬
‫للعمالء كبديل للقروض الشخصية التقليدية‪ .‬وهو المنتج الذى لم يلق القبول‬
‫من الجميع ولم يستقر بعد ليس بسبب عدم مشروعيته ولكن بسبب عدم اإلتفاق‬
‫على كيفية تطبيقه‪ .‬والمثال اآلخر على إختالف التطبيق هو تقديم بطاقة‬
‫اإلئتمان اإلسالمية‪ .‬ومما يضيف إلى أهمية هذا الموضوع ان هذين المنتجين‬
‫"التورق" و "بطاقة اإلئتمان اإلسالمية" يعتبران من المنتجات المصرفية‬
‫الحيوية لنجاح المصارف اإلسالمية فى خدمة قطاع األفراد تحديدا ‪ ،‬وهو‬
‫القطاع الذى أصبح األكثر أهمية للمصارف التجارية عامة‪ .‬األمر الذى يتطلب‬
‫معالجة سريعة من قبل الهيئات المركزية والمنظمة للعمل المصرفى اإلسالمى‬
‫بما يحقق التوازن بين اإللتزام التام باألحكام الشرعية والحاجة الماسة لتطوير‬
‫‪44‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫العمل المصرفى اإلسالمى وإستمراريته‪.‬‬

‫ضعف إلمام المراجعين الشرعيين بالمنتجات المصرفية التقليدية‬


‫بينما يكون للنصح الشرعي الذى توفره هيئات الرقابة الشرعية في‬
‫المصارف اإلسالمية دورا حيويا لضمان سالمة التطبيق ‪ ،‬إال أن ذلك يجب أال‬
‫ينفي أن المعرفة الجيدة ألعضاء هذه الهيئات الشرعية بدقائق األدوات واألسواق‬
‫المالية الحديثة ال يقل أهمية عن معرفتهم بالجوانب الفقهية للتعامل خاصة في‬
‫ظل التداخل والتشابك الكبير بين أسواق المال الدولية ‪ ،‬ومن هنا تأتى أهمية‬
‫مدى كفاية وكفاءة الرقابة والمراجعة الشرعية في معرفة كل األبعاد ذات‬
‫الصلة بالعمل المصرفي اإلسالمي وليس الجانب الفقهى منها فقط‪ .‬وهو األمر‬
‫الذى قد يصعب توفره في معظم الحاالت في الوقت الحاضر نظرا للحداثة‬
‫النسبية للعمل المصرفي اإلسالمي في طوره المعاصر‪ .‬إن مثل هذا القصور‬
‫سيترك ظالله على مسيرة وسالمة العمل المصرفي اإلسالمي بصفة عامة‪.‬‬
‫ضعف أو عدم وجود أسواق مال متطورة‬
‫أن عدم وجود أسواق مال متطورة في الكثير من الدول اإلسالمية يمثل‬
‫عائقا كبيرا أمام المصارف اإلسالمية إلستثمار اموالها في إستثمارات طويلة‬
‫األجل تساعد في التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية في هذه الدول‪ .‬فاإلستثمارات‬
‫الطويلة األجل يمكن أن تسبب مشكلة سيولة لهذه المصارف إذا لم تتمكن من‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪45‬‬

‫تحويلها إلي أوراق مالية يمكن تسييلها عند الحاجه‪ .‬ومن ثم فإن عدم وجود‬
‫أسواق مالية متطورة في الكثير من الدول اإلسالمية يشكل بحد ذاته تحديا‬
‫كبيرا أمام المصارف اإلسالمية‪ .‬أن تطوير مثل هذه األسواق يعتبر شرطا‬
‫ضروريا لقيام المصارف اإلسالمية بدورها في تجميع مدخرات المسلمين‬
‫وإستثمارها في المشاريع المتوسطة والطويلة األجل التي تحتاجها عملية‬
‫التنمية اإلقتصادية في الدول اإلسالمية‪.‬‬

‫ال شك أن الجهود التى بذلت من أجل تأسيس مركز إدارة السيولة ‪،‬‬
‫والشروعـ فى تنظيم وإنشاء السوق المالية اإلسالمية وهيئة التصنيف للبنوك‬
‫اإلسالمية والتى مقرها جميعا مملكة البحرين كما سبقت اإلشارة ‪ ،‬سيكون لها‬
‫إنشاء اهلل األثر المحمود فى التغلب على هذه الصعوبة والمساهمة الفعالة فى‬
‫تطوير مجمل العمل المصرفى اإلسالمى‪.‬‬
‫التخوف من عدم توفر الشفافية‬
‫لما كان مبدأ المشاركة في الربح هو األساس في صناعة الصيرفة‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬فإن ذلك يستتبع بالضرورة أن يقوم التعامل بين كل األطراف‬
‫المشاركة في المشروع على أسس واضحة لإلفصاح والشفافية عن النتائج‬
‫المالية لهذا المشروع محل المشاركة‪ .‬فقد يكون هناك نوع من التخوف أن‬
‫يلجأ "المضارب" مثال في عقد المضاربة اإلسالمية بممارسة نوع من األنشطة‬
‫غير المقبولة من صاحب رأس المال "رب المال"‪ .‬أو أن يقوم "المضارب" بعدم‬
‫‪46‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫اإلفصاح السليم عن حجم األرباح التي يحققها المشروع وهو السلوك الذى‬
‫سيؤدى بالضرورة إلي تخفيض ربحية البنك اإلسالمي "رب المال" وإلي‬
‫إضعاف الثقة في النظام ككل‪.‬‬
‫وإدراكا ألهمية هذه المشكلة ‪ ،‬عندما يتعلق األمر بالمصرف كمضارب ‪،‬‬
‫تم تأسيس هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية ‪AAOIFI‬‬
‫فى مملكة البحرين بغرض وضع المعايير المحاسبية الالزمة لضمان سالمة‬
‫ممارسة العمل المصرفى اإلسالمى وشفافيته مقارنة بمثيالتها فى "إتفاقية‬
‫بازل" للبنوك التقليدية‪ .‬ولحسن الطالع أخذت مؤسسة نقد البحرين وعدد من‬
‫المصارف الممارسة للصيرفة اإلسالمية فى الدول األخرى بتطبيق هذه‬
‫المعايير‪.‬‬
‫البطء فى توحيد المعايير المحاسبية‬

‫إن تطوير نظام محاسبى مناسب للعمل المصرفي اإلسالمي تتفق عليه‬
‫المصارف اإلسالمية يعتبر أمرا هاما من الناحية العملية لضمان سالمة كل من‬
‫نظم الرقابة الداخلية (داخل البنك) والرقابةـ الخارجية (المصارف‬
‫المركزية)‪ .‬وعلى الرغم من قيام بنك التنمية اإلسالمي بالمشاركة مع عدد‬
‫من المؤسسات المهنية والمؤسسات المالية اإلسالمية بإنشاء "هيئة المحاسبة‬
‫والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية" التي مقرها البحرين ‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪47‬‬

‫من قيام مؤسسة النقد في دولة البحرين بتطوير نظام محاسبى خاص‬
‫بالمصارف اإلسالمية فيها ‪ ،‬فإنه يبدو أنه ال يوجد حتي االن إستعداد كاف من‬
‫المصارف اإلسالمية لتبنى مثل هذا النظام الموحد والعمل بمقتضاه‪.‬‬

‫صغر حجم المصارف اإلسالمية‬

‫ال شك ان صغر حجم المصارف والوحدات الممارسة للعمل المصرفى‬


‫اإلسالمى يعتبر من المعوقات الرئيسية لنموها والحد من كفاءتها التشغيلية‪.‬‬
‫فمن المعروف فى األدبيات المصرفية أن هناك حدا ادنى لحجم المصرف يتم‬
‫بعده جنى ثمار ما أصطلح على تسميته إقتصاديا بـ "وفورات الحجم"‪ .‬وهىـ‬
‫الوفورات التى تحدث آثارها اإليجابية على كفاءة التشغيل وبالتالىـ على‬
‫مستوى ربحية المصرف ‪ ،‬ومن ثم على قدرته على توفير اإلستثمارات الالزمة‬
‫لتنمية موارده البشرية وتقنياته المصرفية‪ .‬وهما العنصران اللذان ال غنى عنهما‬
‫للمصارف اإلسالمية لمواجهة المنافسة القادمة ال محالة من البنوك األجنبية فى‬
‫ظل ما أصبح يعرف بنظام العولمة الجديد‪.‬‬

‫األمر الذى يفرض على المصارف اإلسالمية اإلسراع بالدخول فى‬


‫إندماجات مدروسة تعالج بها مشكلة صغر أحجامها وتحسين كفاءاتها التشغيلية‬
‫والتسويقية عامة‪ .‬كما أننا نرى أن يكون للجهات الرقابية (البنوك المركزية‬
‫وما شابهها) دور فى تشجيع وتحفيز المصارف اإلسالمية لألخذ بهذا التوجه‬
‫‪48‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫الذى أصبح ضروريا وملحاً‪.‬‬

‫‪ .8‬خالصة‬

‫لكل تجربة مهما كان نوعها جوانبها اإليجابية كما أن لها سلبياتها ‪،‬‬
‫وليست تجربة ممارسة البنوك التقليدية للعمل المصرفي اإلسالمي إستثناءً من‬
‫ذلك‪ .‬وفيما يلي نورد أهم إيجابيات وسلبيات هذه الممارسة ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬العناصر اإليجابية‬

‫أظهرت التجربة نجاحاً طيباً في تحقيق أهدافها من حيث نمو عدد‬ ‫‪-‬‬
‫المصارف التقليدية التى أقدمت على ممارسة العمل المصرفى االسالمي على‬
‫المستويين االقليمي والدولي وسواءا من خالل نوافذ أو فروع اسالمية‬
‫متخصصة‪.‬‬

‫تشير تجربة تحويل الفروع التي تميًز بها البنك األهلى التجارى‬ ‫‪-‬‬
‫السعودى بأنه على الرغم من أن عدداً من الفروع التي تم تحويلها كان يقع في‬
‫مناطق نائية وكانت تحقق خسائر مالية قبل التحويل ‪ ،‬فإنه بحمد اهلل تم‬
‫تحويلها جميعاً من فروع خاسرة إلي فروع مربحة وذلك على الرغم من‬
‫صِغَر حجمها وحجم نشاطها في هذه المناطق النائية‪ .‬وفى رأينا يرجع ذلك‬
‫إلى رغبة العمالء فى هذه المواقع للتعامل مع فروع إسالمية ‪ ،‬إضافة إلى حسن‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪49‬‬

‫اإلدارة وجودة الخدمة‪.‬‬

‫كان للتجربة دور كبير في توسيع رقعة العمل المصرفي اإلسالمي‬ ‫‪-‬‬
‫من خالل تحفيز المصارف التقليدية المنافسة إلي تقديم الخدمة ‪ ،‬ومن خالل‬
‫تنمية التعاون مع المصارف والمؤسسات المالية الدولية التي سعت من جانبها‬
‫إلي تطوير منتجات إسالمية جديدة‪ .‬كما كان لهذه التجربة إضافة اليمكن‬
‫إغفالها في تنمية الوعى والمعرفة بالخدمات المصرفية اإلسالمية على المستوى‬
‫الدولى إلي جانب ماتقوم به المصارف والمؤسسات المالية اإلسالمية األخرى‪.‬‬

‫أظهرت التجربة ان هناك شرائح عريضة من فئات المجتمع المختلفة‬ ‫‪-‬‬


‫ترغب بل وتبحث عن البديل اإلسالمي للعمل المصرفي التقليدي ‪ ،‬األمر الذي‬
‫اثبتته الدراسات الميدانية من ناحية ونمو أعداد عمالء الفروع اإلسالمية‬
‫وودائعهم من ناحية أخرى ‪ ،‬واقبال الكثير من المصارف التقليدية فى المنطقة‬
‫العربية على االسراع بتقديم الصيرفة االسالمية لعمالئها بغرض المحافظة‬
‫عليهم‪.‬‬

‫تشير البيانات الى أن صناديق االستثمار االسالمية آخذة فى التزايد‬ ‫‪-‬‬


‫عددا وقيمة‪ .‬بل أصبحت هذه الصناديق تمثل حوالى ثلثى اجمالى الصناديق على‬
‫مستوى المملكة العربية السعودية على سبيل المثال‪.‬‬

‫أظهرت التجربة أيضا حقيقة التحدى القائم أمام المصارف اإلسالمية‬ ‫‪-‬‬
‫‪50‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫لتطوير منتجاتها وتقنياتها ومواردها البشرية ‪ ،‬وأساليب التنسيق بينها ‪،‬‬


‫والشروعـ فى تكبير أحجامها من خالل الدخول فى إندماجات مدروسة أو‬
‫الدخول فى شراكات إستراتيجية تستفيد منها فى مواجهة ظروف تنافسية‬
‫يتوقع لها أن تكون حادة وحامية‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬عناصر سلبية او تحديات‬

‫الشكوك التى ربما ال تزال تساور بعض العمالء في مدى مصداقية‬ ‫‪-‬‬
‫العمل المصرفي اإلسالمي من خالل فروع إسالمية لبنك تقليدي‪.‬‬

‫قد يرى البعض أن في تقديم الخدمات المصرفية اإلسالمية من خالل‬ ‫‪-‬‬


‫بنك تقليدى تشويه للعمل المصرفي اإلسالمي ‪ ،‬أو أنه يمثل تهديدا للبنوك‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬أو أن فيه إعاقة إلقامة بنوك إسالمية متخصصة‪ .‬فهم يرونه "أداة‬
‫لركوب الموجه" ‪ ،‬ويفترضون أن التوجه ليس بدافع إيمانى‪.‬‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪51‬‬

‫‪ .9‬خاتمة‪:‬‬

‫على الرغم من أن البعض ينظر إلى الصيرفة اإلسالمية بإعتبارها ظاهرة‬


‫حديثة نشأت خالل الثالثون عاما الماضية ‪ ،‬إال أن نشأة العمل المصرفى‬
‫اإلسالمى تعود فى الواقع إلى األيام األولى للدولة اإلسالمية‪ .‬ولعل مما ساعد‬
‫على إحياء الصيرفة اإلسالمية المعاصرة توافر الظروف اإلقتصادية المناسبة‬
‫التى صاحبت فترة الطفرة النفطية فى السبعينيات من القرن الماضى وما رافقها‬
‫من صحوة إسالمية إنتشرت فى الدول اإلسالمية عامة وفى المنطقة العربية‬
‫خاصة‪ .‬فبينما ساعدت الطفرة النفطية على تراكم الثروات تطلبت الصحوة‬
‫اإلسالمية ضرورة العودة إلى النظام المصرفى اإلسالمى‪ .‬األمر الذى أدى إلى‬
‫ظهور أسواق واسعة وعمالء أثرياء يريدون النأى بأنفسهم عن التعامل المصرفى‬
‫الربوى ‪ ،‬بما ترتبـ عليه من "فتح شهية" المصارف التقليدية للسعى الحثيث‬
‫نحو جذب هذه األموال المتاحة وغير المكلفة‪ .‬فأقدمت الكثير من البنوك‬
‫التقليدية على المستويين المحلى والدولى على الولوج إلى عالم الصيرفة‬
‫اإلسالمية من خالل مداخل تعددت أشكالها واهدافها‪ .‬فمنها من بدات يتقديم‬
‫خدمات الصناديق اإلستثمارية المتوافقة مع الشريعة اإلسالمية ومنها من قام‬
‫بتوفير منتجات مصرفية إسالمية بيعت جنبا إلى جنب مع المنتجات التقليدية ‪،‬‬
‫ومنها من فتح نوافذ إسالمية ‪ ،‬ومنها من فتح فروع و‪/‬أو إدارات متخصصة فى‬
‫العمل المصرفى اإلسالمى ‪ ،‬ومنها من رغبت فى التحول التدريجى إلى الصيرفة‬
‫‪52‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫اإلسالمية ‪ ،‬ومنها من رغبت فى التحول مرة واحدة‪ .‬كما أن منها من تخصص‬


‫فى تقديم الخدمات اإلستثمارية واخرى تخصصت فى خدمات التمويل اإلسالمى ‪،‬‬
‫وفئة إستهدفت قطاع الشركات وأخرى إستهدفت قطاع األفراد ‪ ..‬وهلم جرا‪.‬‬
‫ومن هنا تعددت المداخل والطرائق التى سلكتها البنوك التقليدية فى سعيها‬
‫للدخول إلى عالم الصيرفة اإلسالمية‪.‬‬

‫ويرى الباحث هنا أنه على الرغم من تعدد المداخل فإن الهدف يبقى‬
‫واحدا ‪ ،‬أال وهو رغبة هذه البنوك التقليدية فى تقديم الخدمات المصرفية‬
‫اإلسالمية للراغبين فيها‪ .‬األمر الذى نراه قد ساعد بصورة إيجابية على زيادة‬
‫الوعى بالعمل المصرفى اإلسالمى وإنتشاره ونموه بمعدالت تفوق مثيالتها‬
‫للعمل المصرفى التقليدي‪ .‬ساعد على ذلك ان من بين البنوك التقليدية التى‬
‫حرصت على الدخول إلى عالم الصيرفة اإلسالمية بنوكا ومؤسسات مالية تعتبر‬
‫هى األكبر على المستوى العالمى‪ .‬وفى رأينا أن إيجابيات هذا التوجه ال تقتصر‬
‫فقط على زيادة الوعى واإلنتشار وإنما إمتد أيضا ليشمل جوانب التطوير‬
‫واإلبتكار ‪ ،‬مما ساعد على تحول مصارف تقليدية إلى مصارف إسالمية و‪/‬أو‬
‫إنشاء مصارف إسالمية إبتداءاً‪ .‬وهذا ال يعنى البته أن تقوم البنوك بتقديم‬
‫خدماتها اإلسالمية كيفما كان او دون شروط وضوابط معينة‪ .‬فالعمل‬
‫المصرفى االسالمى (باعتباره عمال عقائديا بالدرجة األولي) يتطلب بالضرورة‬
‫المؤتمر العالمي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬ ‫‪53‬‬

‫التمسك الواضح بتوفر مجموعة من الضوابط الشرعية أوال ثم مجموعة اخرى‬


‫من الضوابط العملية التى تحقق له النجاح واإلستمرار‪ .‬وتتمثل هذه الشروط‬
‫والضوابط فى ضرورةـ اإللتزام الكامل والتام بالتطبيق الشرعي لكل المعامالت‬
‫والعمليات المصرفية التي تتم من خالل المصرف ‪ ،‬مع ضرورةـ تشكيل هيئة‬
‫للرقابة الشرعية من علماء الشريعة تشرف على هذه العمليات وتراقبـ تنفيذها‬
‫وتقر مسبقا ما يتم تطويره من منتجات جديدة‪ .‬ومن الناحية العملية يتطلب‬
‫األمر فى رأينا التدرج في التطبيق وسالمة التخطيط له خاصة بالنسبة للبنوك‬
‫الساعية للتحول كلية إلى العمل المصرفى اإلسالمى‪ .‬ثم بعد ذلك اعطاء‬
‫الأهمية المناسبة لإلعداد السليم للعناصر البشرية المنوط بها هذا العمل ‪،‬‬
‫والفصل المالي والمحاسبى واإلدارى لكل ما يخص العمل المصرفى االسالمى‬
‫عن غيره من أعمال البنك األخرى ‪ ،‬مع انتهاج منهج علمى فى التنفيذ من حيث‬
‫إعداد الدراسات والتحليالت الالزمة عن حجم السوق وشرائحه وإحتياجاتهم من‬
‫المنتجات المصرفية اإلسالمية ‪ ،‬ثم التعامل مع الضوابط الفنية المتعلقة‬
‫بتطوير النظم والسياسات واإلجراءات الالزمة للعمل وإنضباطه وتوافقه مع‬
‫األحكام الشرعية‪.‬‬

‫وفى هذا الصدد يرى الباحث أن غالبية البنوك التى سعت إلى ممارسة‬
‫الصيرفة اإلسالمية قد حافظت على تطبيق هذه الشروط والضوابط ‪ ،‬األمر الذى‬
‫‪54‬‬ ‫تقويم المؤسسات التطبيقية لالقتصاد اإلسالمي ‪:‬النوافذ اإلسالمية للمصارف التقليدية‬

‫يدفعنا إلى اإلعتقاد بأن تجربة ممارسة المصارف التقليدية للعمل المصرفى‬
‫االسالمي من خالل نوافذ أو فروع اسالمية تعتبر تجربة ناجحة‪ .‬فلقد أثمرت‬
‫هذه التجربة نتائج ايجابية ملموسة تمثلت فى نمو العمل المصرفى االسالمى ‪،‬‬
‫وفى التزايد المستمر لعدد المصارف الممارسة لهذا العمل وانتشارها فى كل‬
‫أنحاء العالم ‪ ،‬وذلك على الرغم من الصعوبات والمعوقات التي صادفت بعض‬
‫هذه المصارف فى ممارسة العمل المصرفى اإلسالمى من خالل بيئة مصرفية‬
‫تقليدية‪.‬‬

‫وباهلل التوفيق ‪،،،،‬ـ‬

You might also like