You are on page 1of 51

‫‪1‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .

‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬

‫دور صناديق الثروة السيادية‬


‫يف تطوير التمويل اإلسالمي‬
‫يف ظل تطورات االقتصاد السياسي اخلليجي‬

‫إعــداد‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪2‬‬

‫لدائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخليري بدبي‬


‫فاكس‪+971 4 6087555 :‬‬ ‫هاتف‪+971 4 6087777 :‬‬
‫ص‪ .‬ب‪ - 3135 :‬دبــي‬ ‫اإلمــارات العربيــة املتحدة‬
‫‪www.iacad.gov.ae‬‬ ‫‪mail@iacad.gov.ae‬‬

‫يعب عن رأي صاحبه‬‫هذا البحث ّ‬


‫يعب بالضرورة عن رأي دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي بدبي‬
‫وال ّ‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪3‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫ملخص البحث‬

‫حتاول هذه الورقة البحثية حتليل مدى إمكانية استفادة صناديق الثروة السيادية‬
‫من فرص و إمكانيات االســتثامر التي يتيحها النظام املايل اإلســامي‪ ،‬يف ظل بيئة‬
‫حملية أصبحت تطالب هذه الصناديق باالســتثامر حمليــا بعد موجة من ردود الفعل‬
‫الســلبية من طرف الغرب نحوها‪ ،‬و بعد اخلســائر التي منيت هبا أثناء األزمة املالية‬
‫لعــام ‪ .2008‬فبعد حتديد طبيعــة صناديق الثروة الســيادية و حتديد أهم العوامل‬
‫املفــرة لنموهــا‪ ،‬و طبيعة التمويل اإلســامي و االجتاهات احلاليــة لنمو حجم‬
‫أصولــه يف الســنوات األخرية‪ .‬ســنتطرق إىل حماولة إجياد عالقــات االرتباط بني‬
‫التمويل اإلســامي و صناديق الثروة الســيادية اخلليجية التي تواجه حاليا مشاكل‬
‫ملحة مثل إشكالية تنويع اقتصادياهتا و معاجلة ضعف اإلنتاجية و إخفاقات سوق‬
‫العمل‪ ،‬و تطوير القطاع اخلاص غري النفطي‪ ،‬و تطوير قدرات املؤسســات اإلدارية‬
‫و مؤسســات القطاع العام‪ .‬و عىل هذا األساس اجتمعت العديد من العوامل التي‬
‫تربر رضورة تعزيز املشــاركة الفعالة الستثامرات صناديق الثروة السيادية اخلليجية‬
‫يف تطوير صناعة التمويل اإلســامي يف ظل االقتصاد السيايس اخلليجي‪ ،‬و اعتبار‬
‫املنتجات اإلســامية كقنوات لتحقيق الرفاهية االجتامعية و التنمية املستدامة لدول‬
‫جملس التعاون اخلليجي‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪4‬‬

‫الكلامت الرئيسية للبحث‪ :‬الصناديق السيادية‪ ،‬التمويل اإلسالمي‪ ،‬دول جملس‬

‫التعاون اخلليجي‪ ،‬االقتصاد السيايس‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪5‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫خالل الثالثني عاما املاضية‪ ،‬تبنى عدد من الدول اســتخدام صناديق النفط أو‬

‫ما يطلق عليها الصناديق السيادية إلدارة فعالة للموارد النفطية‪ ،‬وحتقيق العديد من‬

‫األهداف‪ .‬ولقد ارتبط إنشــاء أغلب صناديق النفط بطفرة أسعار النفط األوىل‪ ،‬ثم‬

‫تضاعف عددها وتنوعت أهدافها ومســمياهتا مع ارتفاع أســعار النفط يف الطفرة‬

‫الثالثة‪ ،‬أين حقق العديد من الدول النفطية وخاصة الدول اخلليجية عائدات معتربة‬

‫تطلبت إدارة ســليمة‪ .‬وكان اهلدف واحدا من وراء إنشاء كل هذه الصناديق‪ ،‬وهو‬

‫اســتثامر تلك العوائد بام خيدم األجيال القادمة وبام حيمي االقتصاديات الوطنية عند‬

‫تقلب أسعار النفط وخاصة خالل سنوات الرتاجع بحيث يتم اللجوء إىل الصندوق‬

‫لتعزيــز اإلنفاق العام ومواجهة الصدمــات املختلفة‪ .‬وتعترب الصناديق الســيادية‬

‫ليســت بالظاهرة اجلديدة عىل مســتوى البيئة املالية الدولية‪ ،‬حتى وإن عرفت نموا‬

‫رسيعا يف هناية القرن العرشين وبدايات األلفيــة الثالثة‪ ،‬حيث تعود هذه الصناديق‬

‫إىل مخسينيات القرن العرشين عندما إنشاء دولة الكويت هيئة االستثامر الكويتية عام‬

‫‪ ،1953‬ليتواىل اثر ذلك يف السبعينيات وما بعدها ظهور صناديق أخرى يف سنغافورة‬

‫واإلمارات العربية املتحدة حتى وصلــت يف منتصف عام ‪ 2008‬إىل ‪ 53‬صندوقا‬

‫ســياديا‪ .‬وتشــر اإلحصائيات احلديثة إىل التزايد الكبري يف أعداد هذه الصناديق يف‬

‫العديــد من دول العامل ختتلــف من حيث أهدافها وحجم أصوهلا واســراتيجياهتا‬

‫االستثامرية ومصادر متويلها‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪6‬‬

‫ولقد تعرضت صناديق الثروة السيادية وخاصة اآلسيوية واخلليجية إىل خسائر‬
‫معتربة أثناء وبعد األزمة املالية لعام ‪ ،2008‬حينام تدخلت بضخ ماليري الدوالرات‬
‫من أجل إنقاذ العديد من املؤسسات املالية واملرصفية األوروبية واألمريكية املتعثرة‪.‬‬
‫كام أن ردود الفعل واختالف املواقف الغربية نحو اســراتيجيات هذه الصناديق أثر‬
‫بشكل كبري عىل اســراتيجيات هذه الصناديق االســتثامرية من خالل البحث عن‬
‫قنوات االستثامر التي توفر احلامية الرضورية الستثامراهتا يف الداخل واخلارج‪ .‬وعىل‬
‫هذا األساس كان للنمو املتسارع ألصول املعامالت اإلسالمية املتوافقة مع الرشيعة‬
‫اإلســامية من إمجايل التمويل التقليدي يف العديد من الدول العربية والغربية التي‬
‫تتنافس يف الوقت الراهن لتحويل عواصمها إىل مراكز كربى للمعامالت اإلسالمية‪،‬‬
‫وعدم تعرض اخلدمات املالية اإلسالمية لآلثار السلبية لالزمات املالية واالقتصادية‬
‫يف العقــود األخرية حافزا كبريا لدى هذه الصناديــق التي مل هتتم العديد منها وليس‬
‫كلها ولســنوات طويلة من تارخيها بالنمو املتزايد للمعامالت املالية اإلسالمية‪ ،‬ومل‬
‫ختصص جزءا من حمافظها االســتثامرية ألدوات ومنتجات التمويل اإلسالمي‪ .‬ومل‬
‫تكن مستعدة بالدخول يف اســتثامرات عىل أسس القواعد اإلسالمية‪ ،‬والدخول يف‬
‫عمليات املرصفية اإلســامية من أجل دعم توسع هذا القطاع إىل دول غري إسالمية‬
‫من أجل احلفاظ عىل االستقرار يف النظام املايل‪ ‬العاملي‪.‬‬

‫وهلــذا‪ ،‬تتقاطع العديد من العوامل واملربرات التــي تعزز دعم عالقة التمويل‬
‫اإلسالمي باســتثامرات صناديق الثروة الســيادية‪ ،‬من أبرزها التوجهات التنموية‬
‫احلاليــة يف دول جملس التعــاون اخلليجي التي حتاول تبني أنامطــا جديدة من أجل‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪7‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫إحالل التنميــة القائمة عىل النفط إىل تنمية قائمة عــى تنويع اقتصادي‪ .‬مما يتطلب‬

‫تشــجيع القطاع املحيل اخلاص لتحقيق التنمية املستدامة واالستقرار االقتصادي يف‬

‫عامل أكثر ما يوصف بعدم االســتقرار املايل واالقتصادي واالجتامعي‪ ،‬ولعل زيادة‬

‫الوعي برضورة التعامل مع األدوات املتوافقة مع أحكام الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬وارتفاع‬

‫ســوق الطلب عىل هذه املنتجــات القائمة عىل املعايري األخالقيــة حمليا وخارجيا‪،‬‬

‫ســيعزز عالقة االرتباط هبذه القنوات لتوفري احلامية الرضورية والضامنات الفعلية‬

‫لالدخارات واالســتثامرات يف القطاعات التي ستحقق رفاهية جمتمعية وتقيض عىل‬

‫البطالة وحتقق األمن والسكينة‪.‬‬

‫وهتــدف هذه الورقة البحثيــة إىل حتليل مدى إمكانية اســتفادة الصناعة املالية‬

‫اإلســام َّية من صناديق الثروة الســيادية وخاصة اخلليجية التي تراكمت لدهيا يف‬

‫الســنوات األخرية فوائض مالية كبرية تبحث عن استثامرات آمنة‪ ،‬وماذا ُيمكن أن‬
‫تُقدمه هذه األخرية للصناعة املال َّية اإلسالمية الناشئة‪ ،‬وللوصول إىل هذا اهلدف‪ ،‬يبدأ‬

‫مهية اخلدمات‬
‫البحث بتوضيح األدب االقتصادي واملايل املتعلق باملوضوع‪ ،‬وكذا أ ّ‬
‫التي ُيمكن أن تُقدمها الصناديق الســيادية للصناعة املال َّية اإلسالم َّية‪ .‬وقد توصلت‬

‫الدراســة إىل عدة مقرتحات تسهم يف إمكانية االســتفادة من الصناديق السياد َّية بام‬

‫يمكن أن يقدم دعام كبريا للصناعة املال َّية اإلسالم َّية‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪8‬‬

‫‪ -1‬ظاهرة الصناديق السيادية والعوامل املفسرة لنموها‬

‫تعترب صناديق الثروة الســيادية أحد الفاعلني األساســيني عىل مستوى الساحة‬
‫املاليــة الدولية يف الوقــت احلايل إىل جانب العديد من املســتثمرين املؤسســاتيني‬
‫اآلخريــن (صناديق االســتثامر‪ ،‬صناديق التحــوط‪ ،‬صناديق التقاعــد‪ ،‬املصارف‬
‫اإلســامية‪ ...‬إلخ)‪ .‬ويعود ظهور أول صندوق ســيادي يف العامل إىل عام ‪1953‬‬
‫بالكويــت وهو هيئة االســتثامر الكويتية‪ ،‬ليتواىل بعدها ظهــور صناديق أخرى يف‬
‫الســبعينات يف ســنغافورة واإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬لتعرف بعدها نموا كبريا يف‬
‫أعدادها يف هناية القرن العرشين وبدايات األلفية الثالثة‪ .‬وبالرغم من األمهية واملكانة‬
‫التي أصبحت حتتلها صناديق الثروة السيادية يف السنوات األخرية ضمن بنية النظام‬
‫املايل العاملي‪ ،‬نتيجة لنمو حجم أصوهلا واستثامراهتا املعتربة‪ ،‬ودورها يف إنقاذ العديد‬
‫من الرشكات والبنوك بعد األزمة املالية «أزمة الرهن العقاري» يف الواليات املتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬وبغض النظر عن اجلدل الســيايس واالقتصادي وردود األفعال املتباينة‬
‫حوهلا ككيانات استثامرية قوية‪ ،‬فليس هناك إمجاع عىل مستوى الدراسات واألبحاث‬
‫االقتصادية حول تعريف واحد وجامع هلذه الصناديق حيظى بالقبول العام‪.‬‬

‫ويعرف صنــدوق النقد الدويل صناديق الثروة الســيادية عــى أهنا عبارة عن‬
‫صناديق أو ترتيبات اس��تثامرية عمومية ذات أهداف خاصة وحمددة‪ ،‬وتتميز بثالثة‬
‫معايري هي(((‪:‬‬

‫((( ملزيد من املعلومات‪ ،‬انظر‪:‬‬


‫‪International Monetary Fund (IMF) (2008) Sovereign Wealth Funds: A Work‬‬
‫‪Agenda, Working Paper, Washington D.C.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪9‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫أ‪ -‬مملوكــة أو مراقبة من طرف حكومة وطنية (تضــم احلكومة العامة كال من‬

‫احلكومة املركزية واحلكومات دون املركزية)‪.‬‬

‫ب‪-‬تســتخدم األموال العامة يف عمليات االســتثامر عىل املــدى البعيد خارج‬

‫دولة‪ ‬املنشأ‪.‬‬

‫جـ‪-‬ترمي سياســتها االســتثامرية إىل حتقيق بعض األهداف االقتصادية الكلية‬

‫املحددة‪ ،‬كاالدخار لألجيال القادمة‪ ،‬تنويع الناتج املحيل اإلمجايل‪...‬الخ‪.‬‬

‫ولقــد قدمت جمموعة العمــل الدوليــة‪International Working Group ( :‬‬

‫‪ )IWG‬يف بياهنا الصحفي رقم ‪ 06/08‬املــؤرخ يف ‪ 11‬أكتوبر ‪ 2008‬تعريفا دقيقا‬

‫لصناديق الثروة الســيادية‪ ،‬مفاده أهنا عبارة عن «صناديق اســتثامر أو ترتيبات ذات‬

‫غرض خاص متلكها حكومات الدول‪ ،‬التي تقوم بإنشــاء هذه الصناديق من أجل‬

‫حتقيق أهــداف اقتصادية كلية‪ .‬وهي حتتفظ باألصول أو تتــوىل توظيفها أو إدارهتا‬
‫لتحقيق أهداف مالية‪ ،‬مستخدمة يف ذلك اسرتاتيجيات استثامرية تتضمن االستثامر‬

‫يف األصــول املالية األجنبية‪ .‬كام تتنوع مصادر متويل هذه الصناديق‪ ،‬فهناك صناديق‬

‫يكون مصدر إنشــائها فوائض يف موازين املدفوعات‪ ،‬أو عمليات ختص العمالت‬

‫األجنبية‪ ،‬أو من إيــرادات اخلصخصة‪ ،‬أو فائض يف امليزانيــة العامة للدولة و‪ /‬أو‬

‫إيرادات ناجتة عن صادرات املواد األولية»(((‪.‬‬

‫((( ‪IWG ,(2008)., Sovereign Wealth Funds-Generally Accepted Principles and‬‬


‫‪Practices-Santiago Principles, October. Communication de la commission‬‬
‫‪européenne, 2008‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪10‬‬

‫وبالرغم من كثرة التعاريف اخلاصة بصناديق الثروة السيادية‪ ،‬وتعدد مصادرها‪،‬‬


‫إال أننا يمكن استخراج بعض العنارص املشرتكة فيام بينها‪:‬‬

‫‪ -‬صناديق مملوكة أو تسيطر عليها السلطة احلاكمة وهي الدولة ويعرب عن ذلك‬
‫بمعيار الســيادة‪ .‬وهذا ما يميزها عن صناديق االســتثامر ‪ Capital Investment‬أو‬
‫صناديق املضاربة‪.‬‬

‫‪ -‬أصوهلا تتكون من االحتياطيــات األجنبية ويكون مصدرها صادرات املواد‬


‫األولية وخاصة النفط واملنتجات املحولة أو فوائض امليزانية‪.‬‬

‫‪ -‬إدارة هذه األموال أو األصول يتم بصورة مستقلة عن االحتياطيات الرسمية‬


‫والســلطات النقدية وهذا ما يميزها عن أصــول البنوك املركزية‪ .‬وبالتايل ال تدخل‬
‫ضمن موارد صناديق الثروة السيادية االحتياطيات من النقد األجنبي‪ ،‬التي يملكها‬
‫البنــك املركزي والتي ختصص غالبا ألغراض التدخل يف ســوق الرصف األجنبي‬
‫(لتخفيف الضغوط عــى العملة املحلية نحو االرتفاع أو االنخفاض)‪ .‬كام ويدخل‬
‫ضمن هذه الصناديق أصول صناديق التقاعد ملوظفي احلكومة‪.‬‬

‫‪ -‬إهنا تسعى لتحقيق أهداف اقتصادية كلية حمددة‪ ،‬وخاصة تنويع مصادر الناتج‬
‫املحيل وتوفري حق األجيال القادمة وحتقيق تنمية مستدامة‪.‬‬

‫‪ -‬تتبع هذه الصناديق عادة اســراتيجيات االســتثامر عىل املدى الطويل جيعل‬
‫أصوهلا عرضة للمخاطر لذلك تتطلب خرباء عامليني ذوو كفاءة وخربة(((‪.‬‬

‫((( �‪Lowery C (2007), Remarks on Sovereign Wealth Funds and the Industrial Fi‬‬
‫‪nancial Systems, Remarks at the Federal Reserve Bank of San Francisco’s Con-‬‬
‫‪.ference on the Asia Financial Crisis Revisited, Washington, June‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪11‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫‪ -‬إهنا تســتثمر يف أصول أجنبية‪ ،‬مما يؤدي إىل استثناء الصناديق التي ال تستثمر‬
‫إال يف أصول حملية‪.‬‬

‫‪ -‬ليس هلــا أو هلا ولكن بدرجة أقــل التزامات لصالح الغــر‪ ،‬مما يميزها عن‬
‫صناديق التقاعد‪ ،‬كام أهنا ليس بإمكاهنا اللجوء إىل االقرتاض‪.‬‬

‫‪ -‬تتميــز صناديق الثروة الســيادية بتنوع هياكلها املنظمــة للجوانب القانونية‬


‫واملؤسسية وممارســات احلاكمية‪ .‬وهي جمموعة متغايرة اخلصائص‪ ،‬فمنها صناديق‬
‫اســتقرار املالية العامــة وصناديق املدخرات ومؤسســات اســتثامر االحتياطيات‬
‫وصناديق احتياطيات التقاعد غري املقرتنة بالتزامات تقاعدية رصحية‪.‬‬

‫ولقد حتولت صناديق الثروة الســيادية (‪ )Sovereign Wealth Funds‬منذ عقد‬


‫من الزمن إىل موضوع اهتامم العديد من الباحثني (يف املجال املايل والسيايس واجليو‬
‫اقتصادي)‪ ،‬واملؤسسات املالية الدولية ومراكز األبحاث الدولية‪ ،‬وأصبح هلا معهد‬
‫متخصص يقدم بانتظام معلومــات وبيات ومؤرشات حول أداءها وحجم أصوهلا‬
‫واستثامراهتا (‪ .)Sovereign Wealth Funds Institute‬ولقد بدأ الرتكيز حول طبيعة‬
‫عمل هذه الصناديق ككيانات استثامرية جديدة‪ ،‬اسرتاتيجياهتا االستثامرية مع تنامي‬
‫تدفقات رؤوس األموال القادمة من الدول الناشــئة إىل الدول الصناعية‪ .‬وعىل هذا‬
‫األســاس‪ ،‬فإن تعاظم قوة هذه الصناديق كظاهرة حديثــة يف ظل بيئة مالية انتقلت‬
‫فيها مراكز القوة للاملية الدولية نحو دول آسيا واخلليج العريب(((‪ ،‬عمقت ووسعت‬

‫((( ‪De la rosière J. (2008), Les nouvelles dynamiques de la finance mondiale : un‬‬
‫‪.rééquilibrage par les pays émergents, Paris, Politique étrangère, N°,2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪12‬‬

‫اجلدل حول طبيعة هذه الصناديق‪ .‬ولقد كان للتطورات اهليكلية التي يعرفها حاليا‬

‫االقتصاد العاملي دورا أساســيا يف تعزيز موارد وأصول هــذه الصناديق‪ ،‬وخاصة‬

‫مع ارتفاع أس��عار املواد األولية‪ ،‬وتزايد االختالالت االقتصادية الدولية سواء عىل‬

‫املســتوى احلقيقي (التدفقات التجارية) أو عىل املستوى النقدي (تدفقات رؤوس‬

‫األموال)‪ ،‬إضافة إىل تدخلها أثناء األزمة املالية األخرية لعام ‪.((( 2008‬‬

‫املصدر‪ :‬املعهد الدويل للصناديق السيادية‪:‬‬


‫‪http://www.swfinstitute.org/fund-rankings‬‬

‫وإذا حاولنا حتليل أهــم العنارص التي دار حوهلا النقاش وما زال عن صناديق‬
‫الثروة الســيادية من طرف املتخصصني أو مراكز البحث العلمية‪ ،‬فيمكننا حرصها‬
‫حسب العديد من الدراسات واألبحاث يف ثالثة حتديات أساسية‪:‬‬

‫((( ‪De la rosière J. (2008), Les nouvelles dynamiques de la finance mondiale : un‬‬
‫‪.rééquilibrage par les pays émergents, Paris, Politique étrangère, N°,2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪13‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫أوال‪ :‬إن نقص املعلومات والبيانات األساســية حول صناديق الثروة السيادية‪،‬‬

‫أدى إىل عجز واضــح وكبري لدى الكثريين من أصحاب القــرار يف الدول الغربية‬

‫أو املؤسســات املالية الدولية يف استيعاب وفهم حقيقي لطبيعة نشاط هذه الكيانات‬

‫االستثامرية‪ .‬وهلذا‪ ،‬يعتقد البعض‪ ،‬أن سلوك هذه الصناديق سواء فيام يتعلق باالتصال‬

‫أو املســامهة الواضحة داخــل املنظومة املالية الدولية يبقــى ناقصا أو غامضا‪ ،‬ألن‬

‫الصناديق السيادية ال تقدم (نسبيا) معلومات حقيقية وشفافة حول طبيعة نشاطاهتا‪،‬‬

‫ومن هنا ثارت العديد من التساؤالت واملخاوف من طرف جهات الرقابة املالية أو‬

‫السياسية حول األهداف احلقيقية غري املعلنة لصناديق الثروة السيادية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬هناك انشغال آخر عىل مستوى هذه األدبيات يدور حول القدرات احلقيقية‬

‫يف جمال تسيري املخاطر لدى صناديق الثروة السيادية‪ ،‬وحييل هذا مبارشة إىل املفاهيم‬

‫املرتبطة بحاكمية وأداء هــذه الصناديق‪ ،‬ألنه كلام ارتفع حجم التزامات الصناديق‪،‬‬

‫مع تنويع اســتثامراهتا عىل املســتوى اجلغرايف أو القطاعي‪ ،‬كلام أصبحت األخطار‬

‫الناجتة عن ذلك للدول (أو القطاعات) املستقبلة معتربا‪.‬‬

‫ثالثــا‪ :‬رضورة وجود إطار متعدد األطراف للرقابة عىل نشــاط هذه الصناديق‬

‫من طرف الدول األوروبية‪ ،‬وهذا من أجل تفادي أن تتوجه اســتثامراهتا فقط نحو‬

‫القطاعات التي تعترب إسرتاتيجية مثل األسواق املالية أو القطاع البنكي (استثمرت‬

‫الصناديق الســيادية أكثر من ‪ 80‬مليار دوالر يف البنوك الغربية من يناير ‪ 2007‬إىل‬

‫غاية ‪ 2008‬يف هذا املجال)‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪14‬‬

‫ومتثل هذه التحديات الثالثة األساسية‪ ،‬جوهر التساؤالت املحورية والنقاشات‬


‫الدائمة للمفاوضات ما بني صناديق الثروة الســيادية‪ ،‬الدول املستقبلة الستثامراهتا‬
‫واملؤسسات املالية الدولية مثل صندوق النقد الدويل والبنك العاملي‪ .‬وهذا من أجل‬
‫حماولة حرص نشاط هذه الكيانات االســتثامرية اجلديدة داخل املجال املايل الدويل‪،‬‬
‫ومتييزه عن باقــي الفاعلني املاليني مثل صناديق التقاعــد وصناديق املضاربة‪ .‬وهو‬
‫ما أفىض إىل بعض املبادئ واملامرســات الطوعية املقرتحة لصناديق الثروة السيادية‬
‫سميت بمبادئ سانتياغو‪.‬‬

‫وختتلف األهداف التي تسعى صناديق الثروة السيادية يف العامل إىل حتقيقها‪ ،‬وذلك‬
‫نظرا إىل اختــاف طبيعة هذه الصناديق‪ .‬ولكن اهلدف العام الذي جيمعها هو كيفية‬
‫حتويل األصول النفطية إىل استثامرات وتوظيفات مالية‪ .‬ولكننا يمكن حرص أهداف‬
‫هذه الصناديق كأدوات الستقرار العائدات الناجتة عن الصادرات ويف هذا الصدد‪،‬‬
‫يمكن اإلشــارة إىل حالة بعض الصناديق التي تعتمد عىل البرتول كمصدر أسايس‬
‫كالصندوق الكويتــي (‪( Reserve Fund ،)KIA‬روســيا)‪ ،‬صندوق ضبط املوارد‬
‫يف اجلزائــر‪Libyen Invest Authority، State General Stabilization Fund ،‬‬

‫(سلطنة عامن)‪( Oil Income Stabilization Fund ،‬املكسيك)‪Economic and ،‬‬

‫‪( Social Stabilisation Fund‬الشــييل) ضد تغريات أسعار النحاس‪ .‬واالضطالع‬


‫بــدور صندوق االدخار لألجيال القادمة يف ظل مــا يعرف بالعدالة ما بني األجيال‬
‫(‪ )Intergenerational Equity‬مثل صندوق احتياطي األجيال القادمة يف الكويت‪،‬‬
‫متويل التقاعد‪ ،‬ويمكن اإلشــارة يف هذا املجــال إىل دور كل من الصندوق الرويس‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪15‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫للرعايــة االجتامعية (‪ )National Wealth Fund‬وصندوق املســتقبل االســرايل‬


‫(‪ )Future Fund‬والصندوق النيوزيلنــدي (‪ )Superannation Funds‬والصندوق‬
‫االيرلندي (‪ )National Pensions Reserve Fund‬والصندوق الشــييل (‪pension‬‬

‫‪ )Reserves Funds‬والصنــدوق الفرنيس ‪fonds de réserves pour les retraites‬‬

‫‪ .)(FRP‬ومتوي��ل التنمية املحلية وتنويع االقتصاديات املحلية وهذا ينطبق عىل حالة‬
‫صندوق السيادي ‪ Temasek‬القابضة (سنغافورة)‪( Khazanah ،‬ماليزيا)‪Public ،‬‬

‫‪( Investment Fund‬الســعودية) مبادلة للتنمية (‪( )Mubadala‬أبو ظبي) ‪ ،ICD‬أو‬


‫هيئة االستثامر القطرية (‪( )QIA‬قطر)‪.‬‬

‫وتبني ممارســات العديد من هــذه الصناديق عن إمكانية تقاطــع أهدافها فيام‬


‫بينها أو تغريها عرب الزمن‪ ،‬فمثال يمكن إنشــاء صندوق سيادي يف البداية ألغراض‬
‫االســتقرار ويمكن أن يتطور هدف هذا الصندوق إىل صندوق ادخار أو لصندوق‬
‫تقاعد‪ .‬وعىل هذا األساس‪ ،‬ينظر إىل هذه الصناديق باختالف أهدافها عىل أهنا تتميز‬
‫بأمهية اقتصادية باعتبارها أوعية ادخارية حكومية مهمة ذات إسرتاتيجية استثامرية‬
‫طويلة املدى‪ ،‬وتقوم بدور ريادي يف العديــد من الدول يف جمال التنمية االقتصادية‬
‫واالجتامعية واحلفاظ عىل موارد املجتمع وتنميته يف ظل التنمية املستدامة‪.‬‬

‫ومن خالل قــراءة متأنية للمعطيات املتوفرة حــول األصول العاملية لصناديق‬
‫الثروة السيادية‪ ،‬فإننا نالحظ وجود تركيز من حيث جمموع األصول وتركيز جغرايف‬
‫النتشار وتوزع هذه الصناديق عىل املستوى العاملي‪ .‬فمن حيث حجم األصول نشري‬
‫إىل أن أصول أكرب مخس صناديق سيادية يف العامل يستحوذ عىل نصف إمجايل األصول‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪16‬‬

‫العاملية لصناديق الثروة السيادية‪ .‬أما عىل مستوى التوزيع اجلغرايف‪ ،‬ففي عام ‪2014‬‬
‫استحوذت كل من منطقة آسيا ومنطقة الرشق األوسط عىل حوايل ‪ % 75‬من إمجايل‬
‫أصول الصناديق السيادية يف العامل كام يظهر يف الشكل التايل‪.‬‬

‫‪http://www.swfinstitute.org/fund-rankings‬‬

‫أما من حيث الرتكيز القطاعي‪ ،‬فيالحظ أن حوايل ‪ % 59.5‬الصناديق السيادية‬


‫عند هناية عام ‪ 2014‬تنتمي للصناديق غري السلعية‪ ،‬التي عرفت تناميا بمعدل أرسع‬
‫عىل امتداد العقد املايض‪ .‬وتعود نسبة كبرية من هذه أصول صناديق الثروة السيادية‬
‫إىل دول غنية بالنفط تقع يف الرشق األوســط عند هناية عام ‪ ،2014‬ثم تأيت آسيا يف‬
‫املرتبــة التالية بحوايل ثلث اإلمجايل‪ ،‬وأتت معظم هــذه األموال من فوائض هيئات‬
‫احتياطيــات النقد األجنبي الرســمية‪ .‬أما باقي األموال فجــاءت يف معظمها من‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪17‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫أوروبا‪ ،‬خاصة النرويج‪ .‬كام حتتل دول رشق أوسطية مكانة بارزة عىل صعيد ترتيب‬
‫الدول‪.‬‬

‫وتأيت مصــادر متويل الصناديق الســيادية مــن قنوات متنوعــة والتي يمكن‬
‫جتميعها يف الفوائض التجارية الناجتة عن صادرات املواد األولية والسلع واملنتجات‬
‫أو املنتجــات املصنعة‪ ،‬أو من الفائــض يف امليزان التجاري‪ ،‬ومــن الفوائض املالية‬
‫واالدخــار العام وعوائد اخلصخصــة واحتياطيات التقاعد‪ .‬ويمكــن التمييز هنا‬
‫بــن الصناديق التي يكــون مصدر دخلها ناتــج عن إيرادات املنتجات والســلع‬
‫(‪ )Commodity SWFs‬والصناديق املمولة بموارد أخرى غري مرتبطة بمصادر طبيعية‬
‫(‪.)Non Commodity SWFs‬‬

‫ويالحظ أن أكرب ‪ 11‬صناديق ســيادية متثل أكثر مــن ‪ % 70‬من إمجايل أصول‬
‫الصناديق الســيادية يف العامل جمتمعــة (اإلمارات العربية املتحــدة‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬النرويج‪ ،‬سنغافورة‪ ،‬الكويت‪ ،‬قطر والصني)‪ ،‬ويرجع ارتفاع هذه النسبة‬
‫إىل اعتامد هــذه الدول عىل تصدير البرتول‪ ،‬لذا نجــد أن البرتودوالر يمثل العملة‬
‫الرئيسية هلذه االحتياطيات‪ ،‬ماعدا سنغافورة والصني التي يرجع أصول صندوقها‬
‫إىل عائدات التجارة اخلارجية‪ ،‬كام نالحظ أن كل صناديق الثروة الســيادية بالنسبة‬
‫للدول العربية تســر املوارد النفطيــة أي البرتودوالر بســبب االنخفاض الكبري‬
‫للعائدات خارج قطاع املحروقات(((‪.‬‬

‫((( �‪Philippe Bouyoux, les conditions d’une contribution positive des fonds sou‬‬
‫‪verains a l’économie mondiale, document élaboré sous la responsabilité de la‬‬
‫‪direction générale du trésor de la politique économique, n°28, janvier 2008, p1‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪18‬‬

‫‪.Source : Sovereign Wealth Fund Institute , 2014‬‬

‫أما فيام خيص إسرتاتيجية االستثامر لدى صناديق الثروة السيادية‪ ،‬فيمكن التمييز‬
‫بــن نوعني من الصناديق‪ ،‬وهذا التصنيف يمكن أن يكون له آثار عىل إســراتيجية‬
‫االستثامر نفسها(((‪:‬‬

‫‪-1‬الصناديق الســيادية التي تعترب مســرة للمحفظة (‪)Portfolio Manager‬‬

‫وترتكز إسرتاتيجية هذه الصناديق أساسا عىل تنويع االستثامرات‪ ،‬مع مراعاة املعايري‬
‫املرتبطة باخلطر واألداء الشــامل للصناديق‪ ،‬بدون التوسع نحو ختصص قطاعي أو‬
‫املسامهة يف تسيري الرشكة املعنية باالستثامر‪ .‬وينطبق ذلك عىل حالة الصناديق األكثر‬
‫أمهية مثل صندوق أبو ظبي (‪ ،)ADIA‬أو الصندوق النروجيي (‪ ،)GPFG‬أو الصندوق‬

‫((( ‪Demarolle A. (2008), Rapport sur les fonds souverains, la documentation‬‬


‫‪.française, Paris‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪19‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫الكويتي (‪ .)KIA‬وهذا النوع األول من االســراتيجيات اخلاصة باالستثامر يقرتب‬


‫نسبيا من إسرتاتيجية صناديق التقاعد‪.‬‬

‫‪-2‬الصناديق الســيادية التي تعترب كصناديق اســتثامر (‪،)Investment Funds‬‬


‫حيث يــدور االختالف مــع الصنف األول مــن حيث تعريف معيار االســتثامر‬
‫القائــم عىل تفضيــات التخصــص القطاعي املحــددة من طــرف التوجيهات‬
‫العامــة للدولة املالكــة للصندوق‪ .‬وينطبــق ذلك عىل حالة صندوق ســنغافورة‬
‫تيامســيك القابضــة (‪ ،)Temasek‬أو الصندوق القطــري (‪ )QIA‬وهي الصناديق‬
‫التي تســتثمر يف قطاعــات إســراتيجية من أجل حتقيــق التنمية للــدول املالكة‬
‫هلذه الصناديق‪.‬‬

‫جدول رقم (‪ :)1‬بعض الصناديق السيادية وتقدير حجم أصوهلا (مليار دوالر)‪:‬‬

‫تقديرات عام ‪2014‬‬

‫الحجم مليار‬ ‫تاريخ‬


‫مصدر العوائد‬ ‫اسم الصندوق‬ ‫الدولة‬
‫دوالر)‬ ‫اإلنشاء‬

‫النفط‬ ‫‪715.9‬‬ ‫صندوق التقاعد النرويجي‬ ‫النرويج‬ ‫‪1990‬‬

‫النفط‬ ‫‪627‬‬ ‫هيئة أبو ظبي لالستثمار‬ ‫اإلمارات العربية‬ ‫‪1976‬‬

‫المتحدة‬

‫احتياطيات الصرف‬ ‫‪567.9‬‬ ‫شركة االستثمار ‪SAFE‬‬ ‫الصين‬ ‫‪1997‬‬

‫النفط‬ ‫‪532.8‬‬ ‫مؤسسة النقد العربي السعودي‬ ‫المملكة العربية‬ ‫غ‪.‬م‬

‫السعودية‬

‫احتياطيات الصرف‬ ‫‪482‬‬ ‫شركة الصين لالستثمار‬ ‫الصين‬ ‫‪2007‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪20‬‬

‫احتياطيات الصرف‬ ‫‪298.7‬‬ ‫محفظة االستثمار التابعة لمؤسسة النقد‬ ‫الصين‪-‬هونغ‬ ‫‪1993‬‬

‫هونغ كونغ‬ ‫كونغ‬

‫النفط‬ ‫‪296‬‬ ‫هيئة االستثمار الكويتية‬ ‫الكويت‬ ‫‪1953‬‬

‫الفوائض في‬ ‫‪247.5‬‬ ‫شركة االستثمار الحكومية لسنغافورة‬ ‫سنغافورة‬ ‫‪1981‬‬

‫الميزانية‬

‫النفط‬ ‫‪175.5‬‬ ‫الصندوق الوطني للرعاية االجتماعية‬ ‫روسيا‬ ‫‪2008‬‬

‫احتياطيات الصرف‬ ‫‪160‬‬ ‫الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‬ ‫الصين‬ ‫‪2000‬‬

‫الفوائض في‬ ‫‪157.5‬‬ ‫تيماسيك القابضة‬ ‫سنغافورة‬ ‫‪1974‬‬

‫الميزان التجاري‬

‫نفط‬ ‫‪115‬‬ ‫هيئة قطر لالستثمار‬ ‫قطر‬ ‫‪2005‬‬

‫‪83‬‬ ‫صندوق المستقبل االسترالي‬ ‫استراليا‬ ‫‪2006‬‬

‫نفط‬ ‫‪70‬‬ ‫مؤسسة دبي لالستثمارات‬ ‫دبي‪ -‬اإلمارات‬ ‫‪2006‬‬

‫العربية‬

‫نفط‬ ‫‪65.3‬‬ ‫الشركة الدولية لالستثمارات البترولية‬ ‫أبو ظبي –‬ ‫‪1984‬‬

‫اإلمارات العربية‬

‫نفط‬ ‫‪65‬‬ ‫المؤسسة الليبية لالستثمار‬ ‫ليبيا‬ ‫‪2006‬‬

‫نفط و غاز‬ ‫‪61.8‬‬ ‫صندوق كازاخستان الوطني‬ ‫كازاخستان‬ ‫‪2000‬‬

‫نفط‬ ‫‪56.7‬‬ ‫صندوق ضبط الموارد‬ ‫الجزائر‬ ‫‪2000‬‬

‫الفوائض التجارية‬ ‫‪56.6‬‬ ‫مؤسسة االستثمار الكورية الجنوبية‬ ‫كوريا الجنوبية‬ ‫‪2005‬‬

‫النفط‬ ‫‪53.1‬‬ ‫شركة مبادلة للتنمية الدولية‬ ‫أبو ظبي –‬ ‫‪2002‬‬

‫اإلمارات العربية‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪21‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫نفط‬ ‫‪45‬‬ ‫صندوق أالسكا الدائم‬ ‫الواليات المتحدة‬ ‫‪1976‬‬

‫نفط و غاز‬ ‫‪42‬‬ ‫صندوق اإليراني للتنمية االقتصادية‬ ‫إيران‬ ‫‪2011‬‬

‫الفوائض التجارية‬ ‫‪39.1‬‬ ‫‪Khazanah‬الصندوق الوطني‬ ‫ماليزيا‬ ‫‪1993‬‬

‫النفط‬ ‫‪32.7‬‬ ‫صندوق النفط الحكومي‬ ‫أذربيجان‬ ‫‪1999‬‬

‫نفط‬ ‫‪30‬‬ ‫وكالة االستثمار لبروناي‬ ‫بروناي‬ ‫‪1983‬‬

‫غير نفطي‬ ‫‪25.5‬‬ ‫صندوق االستثمار االستراتيجي‬ ‫فرنسا‬ ‫‪2008‬‬

‫تجارة‬ ‫‪19.4‬‬ ‫الصندوق الوطني الحتياط المعاشات‬ ‫ايرلندا‬ ‫‪2001‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪22‬‬

‫‪ -2‬تطور التمويل اإلسالمي‬

‫تعززت مكانة التمويل اإلسالمي من الناحية العددية ومن الناحية املعنوية‪ ،‬فمن‬
‫الناحية الكمية‪ ،‬فقد زادت أعداد املؤسســات املالية واملرصفية باختالف اخلدمات‬
‫التي تقدمها وارتفعت حجم أصوهلــا وتنوعت منتجاهتا‪ .‬أما الناحية املعنوية‪ ،‬فلقد‬
‫أكدت العديد من املؤسسات املالية الدولية كصندوق النقد الدويل وغريه من املراكز‬
‫البحثية عن إجيابية النظام املايل اإلســامي‪ ،‬وأنــه كان أقل تأثرا وترضرا من األزمة‬
‫املالية العاملية‪ ،‬البتعادها عن األعــال ذات املخاطرة‪ .‬وهناك أدلة كبرية عىل وجود‬
‫عالقة ارتباط بني تطور القطاع املايل اإلسالمي والنمو‪ ،‬وقدرة هذه البنوك عىل تقديم‬
‫احللول املبتكرة واملناســبة‪ .‬وكذلك عىل جدواها التطبيقية‪ ،‬وقدرهتا عىل املسامهة يف‬
‫االقتصاد احلقيقي وحتقيق التنمية املستدامة(((‪.‬‬

‫وتتنافس حاليا العديد من الدول الغربية مثل أملانيا‪ ،‬بريطانيا وفرنسا والواليات‬
‫املتحــدة األمريكية عــى تقديم اخلدمــات املالية اإلســامية إىل جانب اخلدمات‬
‫التقليديــة‪ .‬كام حفز ذلك العديد من اخلرباء واالقتصاديني ومراكز البحث واملعاهد‬
‫واملؤسســات اجلامعية عىل فتح ختصصات لتدريس املالية اإلسالمية يف العديد من‬
‫هذه الدول‪ ،‬وهذا اعرتاف واضح بفعالية هذه اخلدمات وابتعادها عن كل أشــكال‬
‫االحتيال والغش وتقديم مناخ معنوي وأخالقي لكل املعامالت‪ ،‬وحماولة لالستفادة‬
‫من املبادئ واملعايري األخالقية التي تقوم عليها املعامالت اإلسالمية‪ ،‬وهذا ما يوفر‬
‫جو ًا من الطمأنينة بعد سلسلة من األزمات املالية واالقتصادية التي عانت ومازالت‬

‫((( مزيــد من املعلومات‪ ،‬انظر‪ :‬باتريك إمام وكانغني كبــودار‪ ،)2010( ،‬يف صالح النمو‪ ،‬التمويل‬
‫والتنمية‪ ،‬ديسمرب ‪.2010‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪23‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫تعــاين منها الدول الغربيــة‪ ،‬والتي أدركت من خالهلا أن اخللل يكمن يف األســس‬
‫واملبادئ التي يقوم عليها النظام املايل الغريب‪.‬‬

‫ويبني الشــكل التايل حجم أصول الصناعة املالية اإلسالمية حسب تقديرات‬
‫عام ‪ ،2012‬ويالحظ تركز الصناعة املالية اإلسالمية يف عدد حمدود من الدول‪ ،‬متثل‬
‫حــوايل ‪ % 94‬من جمموع القطاع يف العامل‪ .‬ومتثــل دول اخلليج حوايل ‪ % 43.5‬من‬
‫جمموع هذه األصول(((‪.‬‬

‫ولقد حققت املصارف اإلسالمية التي نجاحات كبرية‪ ،‬نظرا لتصنيفها من أرسع‬
‫قطاعات التمويل نموا عىل املستوى العاملي‪ ،‬وذلك بمعدالت نمو تصل إىل رقمني‬
‫عىل مدى عقد‪ ،‬ومتتلك أكثر من ‪ 300‬مؤسســة إسالمية‪ ،‬ويمثل هذا القطاع حوايل‬
‫‪ % 73‬من جمموع أصــول قطاع الصناعة املالية اإلســامية‪ .‬وحتتل اململكة العربية‬

‫((( ‪ICD Thomson Reuters, 2013‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪24‬‬

‫السعودية هرم تصنيف أكرب الدول من حيث حجم األصول بنسبة ‪ % 22‬من إمجايل‬

‫القطاع املايل اإلسالمي (‪ 216.928‬مليون دوالر)‪ ،‬ويبني الشكل التايل أكرب الدول‬

‫من حيث حجم هذه األصول‪.‬‬

‫‪Source : ICD Thomson Reuters, 2013‬‬

‫ونشــر إىل أنه ليست الصناعة املرصفية اإلســامية مقترصة عىل البلدان ذات‬

‫األغلبيــة اإلســامية‪ ،‬ولكنها متكنــت من التوســع واالنتشــار يف أماكن عديدة‬

‫ومناطــق جديدة كالرشق األقىص وأوروبا‪ ،‬حيث يقــوم الكثري منها‪ ،‬حاليا‪ ،‬بتنفيذ‬

‫اإلصالحات التنظيمية والقانونية املناســبة والتي من شاهنا تسهيل توفري منتجات‬

‫التمويل اإلسالمي‪ .‬وحيث تتزايد مكانة التمويل اإلسالمي مقارنة بالبنوك التقليدية‬

‫يف الدول التي يشكل فيها املسلمون عددا كبريا من سكاهنا‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪25‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫ومل يقترص توســع املعامالت املالية اإلسالمية فقط عىل البنوك اإلسالمية‪ ،‬فقد‬
‫شــمل كذلك خدمات التامني التكافيل الذي يعترب عنرصا أساسيا ومكونا رضوريا‬
‫من مكونات القطاع املايل‪ ،‬ملا يقدمه من أوعية ادخارية ومالية تسهم يف متويل التنمية‬
‫ودعم خمتلف املشــاريع االســتثامرية طويلة األجل التي تســاهم يف تعزيز التنمية‬
‫االقتصادية واالجتامعية‪ .‬كام تعترب الصكوك اإلســامية من أهــم املنتجات املالية‬
‫احلديثة التي قدمتها املؤسسات املالية اإلسالمية‪ ،‬واستعملتها من أجل متويل التنمية‬
‫االقتصادية ودعم املشــاريع االقتصادية يف العديد من الدول اإلسالمية أو الغربية‪،‬‬
‫ولقد أدى صدور هذه الصكوك إىل حدوث ثورة يف التمويل اإلسالمي يف السنوات‬
‫األخرية‪ ،‬وخاصة مع استخدام تقنيات اهلندسة املالية املتطورة‪.‬‬

‫ويتوقع معهــد التمويل الدويل بــأن تواصل الصناعة نموها بمعدل ســنوي‬
‫يرتاوح بــن ‪ 15‬إىل ‪ ،% 20‬لتوفر اإلطار التنظيمي املدعــم لنمو الصناعة املرصفية‬
‫اإلس�لامية‪ .‬كام شــكل ارتفاع أســعار النفط منذ عام ‪ 2000‬عامــا حمفزا أدى‬
‫إىل حتويــل ضخم للمــوارد نحو كــرى الدول املنتجــة للنفط التــي كانت أكثر‬
‫ميال لتبنــي الصريفة اإلســامية(((‪ .‬إضافة إىل دور احلكومــات يف املنطقة لتطوير‬
‫الصناعة املرصفية اإلســامية من أجل دفع معدالت النمــو وحتريك الطلب عىل‬
‫املنتجات اإلسالمية‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫((( باتريك إمام وكانغني كبودار‪ ،)2010( ،‬يف صالح النمو‪ ،‬التمويل والتنمية‪ ،‬ديسمرب ‪.2010‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪26‬‬

‫‪ -3‬التمويل اإلسالمي وصناديق الثروة السيادية‬

‫هناك العديد من النقاط املشــركة التي جتمع بني التمويل اإلسالمي وصناديق‬
‫الثروة الســيادية‪ ،‬فعدد كبري من الصناديق السيادية مصدرها الدول اإلسالمية‪ .‬كام‬
‫أن تطور التمويل اإلســامي وصناديق الثروة الســيادية تم يف نفس الفرتة الزمنية‬
‫(سنوات ‪ )2000‬وبتأثري نفس العوامل‪:‬‬

‫‪ -‬ارتفاع أسعار البرتول وتدفقات الســيولة الوفرية ونمو االدخار وخاصة يف‬
‫السنوات األخرية‪.‬‬

‫‪ -‬النمو املتزايد يف األسواق الناشئة واملدعوم باإلجراءات التحفيزية‪.‬‬

‫‪ -‬الدور اإلجيايب الذي قامت هبا حكومات العديد من الدول العربية واإلسالمية‬
‫ومراكز البحث يف الداخل واخلارج يف تعزيز مكانة التمويل اإلسالمي‪ ،‬الذي أصبح‬
‫ينافس يف حاالت ويتجاوز يف حاالت كثرية مكانة املنتجات املالية التقليدية‪.‬‬

‫‪ -‬النمو السكاين يف الدول العربية واإلسالمية‪ ،‬شجع رشائح كبرية من السكان‬


‫يف ظل تزايد الوعي باملعامالت األخالقية إىل زيادة اإلقبال عىل املنتجات اإلسالمية‪.‬‬
‫كام أن ظهور دول إسالمية ناشئة وتتميز بالديناميكية االقتصادية‪ ،‬مما ساهم يف زيادة‬
‫الطلب عىل املنتجات املتوافقة مع الرشيعة اإلسالمية (إيران‪ ،‬اندونيسيا‪ ،‬ماليزيا)‪.‬‬

‫‪ -‬نمو صناعة األغذية احلالل العاملي بشــكل واسع وخاصة يف أوروبا وبعض‬
‫الدول العربية التي تتواجد هبا جاليات غري إســامية‪ ،‬سامهت بشكل اجيايب ونشيط‬
‫يف دعم توسع خمتلف أشكال اخلدمات املرصفية اإلسالمية والصناعة التمويلية‪ ،‬ألن‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪27‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫مصدر متويــل صناعة األغذية احلالل جيب أن يكون من مصادر متوافقة مع أحكام‬
‫الفقه اإلسالمي يف جانب املعامالت‪.‬‬

‫كام تتميز صناديق الثروة الســيادية بتنوع شــديد وبعض الغموض يف حاالت‬
‫وخاصة يف جمال الشــفافية ومعايري األداء واحلاكمية‪ ،‬ومتلك إمكانيات كبرية للنمو‬
‫واالنتشــار‪ ،‬كام أهنا تتبنى التزامات عىل املدى البعيد وال تســتعمل أسعار الفائدة‬
‫(بعض الصناديق الســيادية تتبنى معايري املســؤولية االجتامعية واألخالقية يف جمال‬
‫االســتثامر وذلك بابتعادها عن النشاطات املحرمة رشعا)‪ .‬وعىل هذا األساس نجد‬
‫أن النظام املايل اإلســامي يوفر ضامنات عالية من الربح واالبتعاد عن املضاربات‬
‫القابلة للخسارة‪ ،‬ويتامشى ذلك مع أهداف معظم صناديق الثروة السيادية وخاصة‬
‫العربية واإلســامية التي ازدادت رغبتها يف االســتثامرات األكثر أمانا‪ ،‬كاألصول‬
‫املحمية من التضخم وأدوات الدخــل الثابت‪ .‬ويف هذا اإلطار أصبحت اخلدمات‬
‫املرصفية اإلسالمية األرسع نموا يف النظام املايل الدويل‪ ،‬حيث يوفر تدويل التمويل‬
‫اإلســامي إمكانية جعل التدفقات املالية عرب احلدود وسيطا بني االقتصاديات يف‬
‫مجيع أنحاء العامل‪ .‬ومنذ إنشاء الصريفة اإلسالمية‪ ،‬فإهنا أصبحت متثل القوة الدافعة‬
‫الرئيســية لصناعة التمويل اإلسالمي العاملي‪ ،‬مع حجم األصول الذي يقدر بمبلغ‬
‫‪ 1.1‬تريليــون دوالر لعام ‪ ،2011‬ممثلة ‪ % 80.9‬من أصول املالية اإلســامية يف‬
‫مجيع أنحاء العامل‪ .‬وبلغت أصول املرصفية اإلســامية ‪ 1.3‬تريليون دوالر يف هناية‬
‫عام ‪ ،2012‬عىل أساس معدل نمو سنوي مركب بنسبة ‪ % 21.1‬بني عامي ‪2007‬‬
‫و‪ .2011‬وهذا ســيدفع صناديق الثروة السيادية إىل تغيري ســلوكياهتا االستثامرية‬
‫لتصبح مدفوعة أكثر بأدوات التمويل اإلسالمي‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪28‬‬

‫ويمكن للتمويل اإلسالمي أن يشجع استثامرات الصناديق السيادية من خالل‬


‫العديد من املنتجات‪ .‬كام أن تطوير املعامالت من خالل الصكوك اإلسالمية (‪)Sukuk‬‬

‫سيفتح فرص كبرية الستثامرات وتوظيفات الصناديق السيادية يف السنوات القادمة‪.‬‬


‫وهلذا نالحظ اعتامد بعض الصناديق الســيادية عىل األدوات اإلســامية‪Qatari ،‬‬

‫‪ Diar‬احد فروع (‪ )QIA‬مولت مسامهتها يف ‪ Suez Environment‬بواسطة املرابحة‪،‬‬


‫وبلغت قيمة الصفقة بحوايل ‪ 250‬مليون يورو‪ .‬واستحوذت عىل عقارات بالقرب‬
‫من لندن عن طريق مرابحة بقيمة ‪ 2‬مليار دوالر أمريكي‪ .‬إن مبادئ الرشيعة مل يمنع‬
‫‪ Qatari Diar‬يف عام ‪ 2008‬من اكتساب مسامهة معتربة يف منشات العاب واقعة يف‬
‫مدينة كان الفرنسية‪ ،‬ومل متنعها من حماولة اكتساب عىل أكثر من ‪ % 30‬من رأس مال‬
‫رشكة‪.Bains de Mer‬‬

‫إن عدم إقبال صناديق الثروة الســيادية العربية واخلليجية‪ ،‬وعدم اســتعدادها‬
‫لالستثامر يف املنتجات اإلسالمية وأسواق رأس املال اإلسالمي بنفس احلامسة ونفس‬
‫التوجه إىل االستثامرات التقليدية ويف الدول الغربية مثل السندات واملشتقات املالية‪،‬‬
‫أدى إىل ظهور العديد مــن ردود الفعل املعاتبة أحيانــا واملنتقدة أحيانا أخرى عىل‬
‫التوجه االستثامري اخلارجي هلذه الصناديق‪ .‬وليس صحيحا حول ما يشاع من عدم‬
‫قدرة املعامالت املالية اإلســامية وأدواهتا وأسواقها املختلفة التي تشمل الصكوك‬
‫واألسهم صغرية جدا وال تتمتع بالقدرة االستيعابية للحجم الكبري من السيولة الناجتة‬
‫عن فوائض ارتفاع أســعار النفط عامليا‪ ،‬واجلواب واضح إذا تأملنا حجم األسواق‬
‫املالية يف العديد من الدول اإلسالمية التي يمكن أن توصف بأسواق املثلث الذهبي‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪29‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫اآلســيوي والتي تتكون من كل من مشكل من ماليزيا وسنغافورة واندونيسيا وهي‬

‫عبارة عن أسواق متكاملة ومنضبطة انضباطا وفق املعايري الدولية‪ ،‬أو ما متثله بعض‬

‫املراكز واألسواق املالية الناشــئة يف كل من البحرين وإيران والسودان ودول شامل‬

‫إفريقيا والعديد من الدول اخلليجية‪.‬‬

‫وهناك بعض البيانات الصادرة عن املؤسســات املالية الدولية تبني مدى متانة‬

‫وقوة هذه األســواق‪ ،‬فقد بلغ حجــم الصكوك التي تم إصدارهــا يف ماليزيا عام‬

‫‪ 2011‬حوايل ‪ 24.8‬مليار دوالر أمريكي‪ ،‬يف حني ارتفع مســتوى تداول األسهم‬

‫واملشتقات املالية اإلسالمية يف ماليزيا‪ ،‬إذ بلغ حجم األوراق املالية الرشعية املتداولة‬

‫يف هذا الســوق يف هناية عام ‪ 2011‬حوايل ‪ 253‬مليار دوالر‪ ،‬وهذا إن دل عىل يشء‬

‫فإنام يدل عىل قدرة األسواق املالية اإلسالمية عىل استيعاب الفوائض املالية والباحثة‬

‫عن االســتثامر وفق املعايري األخالقية واإلسالمية‪ .‬وســتتمكن هذه األسواق نظرا‬

‫لزيادة الطلب عىل املنتجات اإلســامية عىل املدى املتوسط والطويل من تعزيز نمو‬

‫التمويل اإلسالمي‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪30‬‬

‫‪-4‬حجم صناديق الثروة السيادية اخلليجية يف ظل البيئة املالية اجلديدة‬

‫متتلك دول جملس التعاون اخلليجي الستة خمزونا ضخام وطويل األمد من املوارد‬
‫اهليدروكربونية‪ ،‬وتعتمد عليه بشكل كبري‪ .‬ولقد عزز ارتفاع أسعار النفط يف العرشية‬
‫األخرية هيمنة اإليرادات النفطية يف اقتصاديات دول جملس التعاون اخلليجي التي‬
‫تشكل حوايل ‪ % 37‬من احتياطي النفط العاملي و ‪ % 22‬من احتياطي الغاز الطبيعي‪.‬‬
‫ولقد شــكل النفط والغــاز ما بني ‪ 2000‬و‪ 2010‬حــوايل ‪ % 35‬من الناتج املحيل‬
‫اإلمجايل هلذه الدول جمتمعة‪ ،‬وأنتج ‪ % 77‬من إمجايل العائدات من العمالت األجنبية‪.‬‬
‫وشــكل قطاع اهليدركربون حوايل ‪ % 80‬من عائدات حكومات دول املجلس تلك‬
‫الفرتة‪ .‬ويبني اجلدول أن تأثري قطاع املحروقات يتم عىل ثالثة مستويات‪:‬‬

‫اسم الصندوق‬ ‫نسبة المساهمة في الناتج المحلي‬


‫‪72.9‬‬ ‫‪37.7‬‬ ‫‪1996‬‬
‫‪58.2‬‬ ‫‪26.6‬‬ ‫‪1998‬‬
‫‪79.9‬‬ ‫‪41.9‬‬ ‫‪2000‬‬
‫‪75.3‬‬ ‫‪39.7‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪79.6‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪82.2‬‬ ‫‪46.4‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪83.7‬‬ ‫‪47.1‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪82.5‬‬ ‫‪46.5‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪85.3‬‬ ‫‪52.3‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪78.4‬‬ ‫‪44.2‬‬ ‫‪2009‬‬

‫تم إعداد اجلدول اعتامدا عىل العديد من البيانات‪ :‬األمانة العامة لدول املجلس التعاون اخلليجي‬
‫(‪ ،)2011‬صندوق النقد العريب (‪.)2010‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪31‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫‪ -1‬تأثري قطاع املحروقات عىل معدل النمو االقتصادي‪ :‬يشكل قطاع املحروقات‬
‫نســبة معتربة من الناتج املحيل اإلمجايل‪ ،‬إذ بلغ متوسط نسبة مسامهة هذا القطاع من‬
‫الناتج املحيل اإلمجايل عام ‪ 2009‬حوايل ‪ ،% 44.2‬وهو ما يؤكد األمهية املتزايدة التي‬
‫ما فتئ يسجلها هذا القطاع من سنة إىل أخرى‪ ،‬مما يعني أن معدل النمو االقتصادي‬
‫يف دول جملس التعاون اخلليجي يتحدد بشــكل كبري عىل أساس معدل النمو الذي‬
‫يسجله اهليدروكربونات‪.‬‬

‫‪-2‬تأثــر قطاع املحروقات عىل املوازنــة العامة للدولة‪ :‬تعــد اجلباية البرتولية‬
‫املــورد الرئييس إليرادات الدولة‪ ،‬وهو ما تؤكده معطيات اجلدول‪ ،‬إذ بلغت اجلباية‬
‫البرتولية من اإليرادات العامة للدولة نسبة ‪ % 78.4‬عام ‪ ،2009‬كل ذلك يعني أن‬
‫املوازنات ملعظم الدول اخلليجية تتأثر بشكل مبارش بالتغريات التي تسجلها أسعار‬
‫النفط عىل املستوى العاملي‪.‬‬

‫‪-3‬تأثــر قطــاع املحروقات عىل ميزان املدفوعات‪ :‬تشــكل صــادرات قطاع‬


‫املحروقات املورد الرئييس لإليرادات من العمالت األجنبية يف دول جملس التعاون‬
‫اخلليجــي‪ .‬ومن هنا فــان امليزان التجــاري يمثل احد املكونات األساســية مليزان‬
‫املدفوعات‪ .‬ويمكن القول أن أداء قطاع املحروقات يؤثر بشــكل مبارش عىل توازن‬
‫ميزان املدفوعات للدول اخلليجية‪ .‬ولزيادة أسعار النفط يف السنوات األخرية تأثري‬
‫كبري عىل الوضع االقتصــادي اخلارجي لبلدان جملس التعــاون اخلليجي‪ ،‬وهو ما‬
‫مكنها من مراكمة فوائض كبرية يف احلســاب اجلاري‪ ،‬ومن أن تصبح مصدرة مهمة‬
‫لرأس املال عىل املستوى الدويل‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪32‬‬

‫متتلــك دول جملس التعاون اخلليجي التي تعتــر يف قلب التحول الكبري الذي‬
‫تشهده األسواق املالية العاملية يف السنوات األخرية‪ ،‬بسبب الصعود الرسيع لصناديق‬
‫الثروة الســيادية أصوال يف صناديقها الســيادية تقدر بحوايل ‪ 2649‬مليار دوالر‪،‬‬
‫موجودة يف أكرب ‪ 10‬صناديق ســيادية خليجية حســب التصنيــف األخري للمعهد‬
‫األمريكي للصناديق السيادية لعام ‪. (1) 2014‬‬

‫األصول‬
‫(مليار الترتيب الترتيب‬
‫الدولة األم‬ ‫اسم الصندوق‬
‫دوالر خليجيا عالميا‬
‫أمريكي)‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪773‬‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫جهاز أبو ظبي لالستثمار‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪757.2‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‬ ‫محفظة ممتلكات مؤسسة النقد‬

‫العربي السعودي‬
‫‪6‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪548‬‬ ‫الكويت‬ ‫هيئة االستثمار الكويتية‬
‫‪9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪256‬‬ ‫قطر‬ ‫جهاز قطر لالستثمار‬
‫‪13‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪90‬‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫مجلس أبو ظبي لالستثمار‬
‫‪20‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪70‬‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫شركة دبي لالستثمار‬
‫‪21‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪68.4‬‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫شركة أبو ظبي لالستثمارات‬

‫البترولية الدولية‬
‫‪24‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪60.9‬‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫شركة مبادلة للتنمية‬
‫‪39‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪15‬‬ ‫اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫جهاز اإلمارات لالستثمار‬
‫‪42‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪10.5‬‬ ‫البحرين‬ ‫شركة ممتلكات القابضة‬
‫‪41‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪13‬‬ ‫سلطنة عمان‬ ‫صندوق االحتياطي العماني‬
‫‪42‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪10.5‬‬ ‫البحرين‬ ‫شركة ممتلكات القابضة‬
‫‪47‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪6.0‬‬ ‫صندوق عمان لالستثمار‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪33‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫‪52‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪5.3‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‬ ‫صندوق االستثمارات العامة‬

‫السعودي‬
‫‪2649‬‬ ‫مجموع األصول ألكبر‬

‫الصناديق العشرة الخليجية‬

‫‪Source : http://www.swfinstitute.org/fund-rankings‬‬

‫أي حوايل أكثر من ‪ % 37‬من إمجايل صناديق الثروة الســيادية يف العامل‪ ،‬نصفها‬
‫تقريبــا متتلكه اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬بصفة خاصــة إمارة أبو ظبي صاحبة أكرب‬
‫صندوق ثروة ســيادي يف اخلليج‪ ،‬وثاين أكرب صندوق سيادي يف العامل بعد صندوق‬
‫الثروة الســيادي يف النرويج‪ ،‬ويعترب الفرد يف أبو ظبي صاحب أكرب متوسط نصيب‬
‫للفرد من أصول صناديق الثروة السيادية يف العامل‪.‬‬

‫أصول صناديق الثروة السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي ‪2014‬‬


‫قيمة‬ ‫سنة‬ ‫الجهة التي تدير الصندوق‬ ‫الدولة‬

‫استثمارات‬ ‫إنشاء‬

‫الصندوق‬ ‫الصندوق‬
‫‪773‬‬ ‫‪1976‬‬ ‫جهاز أبو ظبي لالستثمار‬ ‫اإلمارات‪ :‬أبو ظبي‬
‫‪68.4‬‬ ‫‪1984‬‬ ‫شركة االستثمارات‬ ‫اإلمارات‪ :‬أبو ظبي‬

‫البترولية الدولية‬
‫‪90‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫مجلس أبو ظبي لالستثمار‬ ‫اإلمارات‪ :‬أبو ظبي‬
‫‪60.9‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫مبادلة‬ ‫اإلمارات‪ :‬أبو ظبي‬
‫‪992.3‬‬ ‫إجمالي أبو ظبي‬
‫‪70‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫شركة استثمار دبي‬ ‫اإلمارات‪ :‬دبي‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪34‬‬

‫‪15‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫جهاز اإلمارات لالستثمار‬ ‫اإلمارات العربية‬


‫‪1.2‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫جهاز رأس الخيمة‬ ‫اإلمارات‪ :‬رأس الخيمة‬

‫لالستثمار‬
‫‪1.078.5‬‬ ‫إجمالي اإلمارات العربية‬
‫‪757.2‬‬ ‫غ‪.‬م‬ ‫مؤسسة النقد العربي‬ ‫المملكة العربية السعودية‬

‫السعودي ساما‬
‫‪5.3‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫صندوق لالستشارات العامة‬ ‫المملكة العربية السعودية‬
‫‪762.5‬‬ ‫إجمالي المملكة العربية السعودية‬
‫‪548‬‬ ‫‪1953‬‬ ‫الهيئة العامة لالستثمار‬ ‫الكويت‬
‫‪256‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫جهاز قطر لالستثمار‬ ‫قطر‬
‫‪6‬‬ ‫‪1980‬‬ ‫صندوق االحتياطي العام‬ ‫عمان‬
‫‪13‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫ممتلكات‬ ‫البحرين‬
‫‪2.664‬‬ ‫إجمالي دول مجلس التعاون الخليجي‬
‫‪7111.9‬‬ ‫إجمالي صناديق الثروة السيادية‬
‫‪%37.45‬‬ ‫نسبة دول مجلس التعاون الخليجي‬

‫املصدر‪http://www.swfinstitute.org/funds.php :‬‬

‫وتريب الدول اخلليجية من حيث احلجم فان دولة اإلمارات حتتل املركز األول‬
‫عربيــا بأصول تقدر بحــوايل ‪ 1.078.5‬مليار دوالر جمتمعــة‪ ،‬وتدار عن طريق‬
‫جمموعة من الصناديق الســيادية أكربها صندوق جهاز أبو ظبي لالســتثامر والذي‬
‫يعترب ثاين أكرب صندوق سيادي يف العامل بأصول تبلغ ‪ 773‬مليار دوالر‪ ،‬وصندوق‬
‫مؤسسة ديب لالســتثامر وصندوق الرشكة الدولية لالستثامرات البرتولية (أيبيك)‪.‬‬
‫وأخريا صندوق مبادلة‪ .‬تليها السعودية بموجودات مؤسسة النقد العريب السعودي‬
‫البالغة ‪ 757.2‬مليار دوالر‪ ،‬يليها يف املرتبــة الثالثة عربيا دولة الكويت بصندوق‬
‫األجيال القادمة املدار من اهليئة العامة لالســتثامر الكويتيــة والبالغة أصوله ‪548‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪35‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫مليار دوالر ويأيت يف املرتبة الرابعة صندوق هيئة االســتثامر القطرية والبالغة أصوله‬
‫‪ 256‬مليار دوالر‪.‬‬

‫ومن بني أهم اخلصائص الرئيسية لصناديق االستثامر اخلليجية(((‪:‬‬

‫أ‪-‬أهنا تعرف حتوال جذريا‪ ،‬يعود إىل التدفقــات املالية اهلائلة الناجتة عن ارتفاع‬
‫املوارد الطبيعية‪.‬‬

‫ب‪-‬حتاول تبني أساليب استثامر حديثة بعيدا عن األنامط التقليدية‪.‬‬

‫جـ‪-‬توزيــع املخاطر عىل فئات أصــول خمتلفة‪ ،‬وقطاعــات صناعية ومناطق‬


‫جغرافية متباينة‪.‬‬

‫د‪-‬يف الســنوات األخرية‪ ،‬أصبحت أكثر نشــاطا كمستثمرين اسرتاتيجيني عرب‬


‫حماولة تنويع اقتصادياهتا الوطنية بعيدا عن النفط والغاز الطبيعي الذي يعترب مصدرا‬
‫رئيسيا للدخل‪.‬‬

‫هـ‪ -‬حتى تصبح العبا رئيســيا يف أسواق املال العاملية‪ ،‬حتاول الصناديق توسيع‬
‫مالءة مصاحلها يف االقتصاديات العاملية والناشئة وإبرام رشاكات جديدة مع أسواق‬
‫ناشئة يف رشق آسيا وأفريقيا وأمريكا الالتينية‪.‬‬

‫((( ملزيد من املعلومات‪ ،‬انظر‪:‬‬


‫‪Brad Setzer & Rachel Ziemba,(2007), understanding the new Financial‬‬
‫‪superpower: The Management of GCC official foreign Assets, RGE Monitor‬‬
‫‪(November 2007).‬‬
‫‪Rachel Ziemba,(2008), What are GCC funds buying ?. A Look at Their investment‬‬
‫‪Strategies, RGE Monitor (June).‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪36‬‬

‫ومع التحديات الكبرية لعملية التنمية االقتصادية واالجتامعية الراهنة يف الدول‬


‫العربية ومن أبرزها فشــل أسواق العمل يف استيعاب اآلالف من البطالني‪ ،‬خماوف‬
‫نضــوب االحتياطيات النفطية وانخفاض األســعار‪ ،‬حتقيــق الرفاهية االجتامعية‬
‫والقضاء عىل الفقر واالستبعاد االجتامعي‪ ،‬ظهرت تساؤالت كثرية حول املطلوب‬
‫من دول اخلليــج القيام به حتى يتم االســتفادة القصوى الســتثامرات الصناديق‬
‫السيادية (كيفية االستفادة من صناديق الثروة السيادية اخلليجية بشكل أمثل حمليا)‪.‬‬
‫وهلذا الســؤال تربيرات كثــرة كون أن أداء دول جملس التعــاون اخلليجي يف جمال‬
‫تنويع هياكلها االقتصادية ما زال حمدودا جدا‪ ،‬عىل الرغم من النجاحات املحققة يف‬
‫جماالت كثرية نذكر منها املشاريع الكربى يف جمال البنية التحتية املتطورة‪.‬‬

‫ومن هنا ظهرت العديد من االقرتاحات برضورة توجيه اســتثامرات الصناديق‬


‫السيادية اخلليجية إىل الداخل‪ ،‬واملســامهة يف تعزيز التنمية االقتصادية واالجتامعية‬
‫املســتدامة‪ .‬وسيســاعد هذا التوجه عىل فك االرتباط التدرجيي مع مصدر الدخل‬
‫الواحد‪ ،‬ويعمل عىل تنويع هذه املصادر بام يتامشــى وأهداف التنمية يف دول جملس‬
‫التعاون اخلليجي عىل املدى املتوســط والبعيد‪ .‬ولقد تعالــت األصوات يف اآلونة‬
‫األخرية يف املنطقة برضورة اســتفادة صناديق الثروة الســيادية بام تتيحه دول جملس‬
‫التعاون اخلليجي من فرص لتنمية القطاعات غري النفطية‪ ،‬واســتثامر هذه الفوائض‬
‫بام يسمح هلذه الدول من توظيف العاملة الوطنية‪ ،‬وتعزيز دور القطاع اخلاص املحيل‬
‫وحتســن مستوى املعيشــة‪ ،‬والتخلص من آثار تقلبات أسعار النفط عىل املتغريات‬
‫االقتصادية الكلية هلذه الدول‪ .‬ودعم ظهور ونمو واســتقاللية القطاع غري النفطي‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪37‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫الناشــئ يف املنطقة بعيدا عن تأثريات القطاع النفطي‪ .‬كام جيب عىل صناديق الثروة‬
‫السيادية يف جملس التعاون اخلليجي أن تساعد عىل دعم النمو يف املنطقة وخاصة يف‬
‫الفــرات التي تعرف فيها هذه الدول أداء اقتصاديا ضعيفا‪ ،‬وذلك من اجل احلفاظ‬
‫عىل مستوى النمو واحلفاظ عىل متويل االستثامرات اإلسرتاتيجية‪ .‬ونذكر هنا جتربة‬
‫صندوق النرويج الســيادي الذي قام يف مراحل معينة بدعم مشاريع البنية التحتية‬
‫غداة األزمة االقتصادية العاملية هبدف احلفاظ عىل النمو االقتصادي للنرويج‪.‬‬

‫كام يمكن لصناديق الثروة السيادية يف منطقة جملس التعاون اخلليجي ومن خالل‬
‫اســتثامراهتا اخلارجية يف رشكات رائدة عامليا أن تكون قنوات نقل املعرفة واخلربة يف‬
‫جمال الصناعة والتكنولوجيا إىل الصناعة املحلية والتعرف عىل نامذج خمتلفة ومعايري‬
‫للتســيري جد متطورة‪ ،‬مما يؤدي إىل دعم اسرتاتيجيات النمو االقتصادي للرشكات‬
‫املحلية التي ال متلك نفس املؤهالت الفنية والصناعية‪ .‬كام أن عمليات االســتحواذ‬
‫التي تقوم هبذا هذه الصناديق يف أوروبا وأمريكا يف الرشكات متعددة اجلنسيات من‬
‫شــاهنا أن تساعد عىل احلصول عىل التكنولوجيات املهمة‪ ،‬واملعرفة من خالل توفري‬
‫احلوافز هلذه الرشكات والضغط عليها من اجل دعم النشــاط اإلنتاجي والصناعي‬
‫حمليا ونقل املعرفة واخلربة‪ .‬كام يمكن لصناديق الثروة الســيادية وبام متلكه من خربة‬
‫ومعرفة اكتســبتها من خالل اسرتاتيجياهتا يف اخلارج أن تستهدف بعض القطاعات‬
‫اإلســراتيجية ذات الكثافة العالية يف رأس املــال والتكنولوجيا مما يؤدي إىل تعزيز‬
‫القطاعات يف املجــاالت اجلديدة والتــي تعتمد عىل املعرفــة‪ ،‬رأس املال البرشي‬
‫املؤهل والبنية األساســية واملؤسسات الداعمة من اجل تســهيل استيعاب املعرفة‬
‫والتكنولوجيا آلالف اخلرجيني من اجلامعات‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪38‬‬

‫إن حتقيق هذه األهداف ليس باألمر الســهل‪ ،‬إذ أن وجود البيئة االســتثامرية‬
‫املالئمــة ســيكون داعام لذلك‪ ،‬كــا أن توفري بيئــة األعامل التي تتميز بالشــفافية‬
‫واملرونة من شـــأنه أن يكون حافزا هلذه االســتثامرات‪ ،‬ويبدأ ذلك من خالل دعم‬
‫دور القطاع اخلاص والقضاء عىل كل اإلجراءات البريوقراطية التي حتد من نشــاط‬
‫االستثامرات املحلية واألجنبية‪ .‬وكل هذه التغيريات والتسهيالت ستصب يف صالح‬
‫تعزيز التنمية االقتصادية واالجتامعية املســتدامة لدول جملس التعاون اخلليجي عىل‬
‫مستوى االقتصاد اجلزئي أو عىل مستوى االقتصاد الكيل‪ ،‬ابتداء من ختفيف االعتامد‬
‫عىل النفــط واعتامد نموذج قائم عىل دعم الصادرات غري النفطية‪ ،‬وإنشــاء صناعة‬
‫تنافســية تتوفر فيها كل املعايري واملواصفات الدولية‪ ،‬وال ننكر ما وصلت إليه دول‬
‫اخلليج من حتســن كبري يف املؤرشات الدولية اخلاصة ببيئة األعامل أو التنافســية أو‬
‫التنمية البرشية أو غريهــا‪ ،‬إال أن املزيد من التعديالت اهليكلية ســيهيئ اجلو أكثر‬
‫هلذه الدول للتحديات العاملية الراهنة‪ ،‬وجيعلها أكثر استعدادا ملرحلة ما بعد النفط‪.‬‬
‫وهنا يأيت الرافد الثاين وهو التمويل اإلسالمي الذي سيشكل الدعامة الثانية للتنمية‬
‫االقتصادية واالجتامعية‪ ،‬وســيوفر البيئة النفســية والثقافية الســتثامرات صناديق‬
‫الثروة الســيادية باملنطقة‪ .‬ومن هنا يطرح التســاؤل التايل ما هي أهداف ومربرات‬
‫دعم صناديق الثروة السيادية للتمويل اإلسالمي يف دول املنطقة؟‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪39‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫‪ -5‬مربرات دعم صناديق الثروة السيادية للتمويل اإلسالمي يف دول جملس‬


‫التعاون اخلليجي‬

‫الســؤال الراهن اليوم حول مدى اهتامم صناديق الثروة الســيادية بالدخول يف‬

‫استثامرات عىل أسس القواعد اإلسالمية‪ ،‬والدخول يف عمليات املرصفية اإلسالمية‬

‫من اجل دعم هذا القطاع‪ .‬وعىل ضوء ما تم اإلشــارة إليه من احلجم املعترب ألصول‬

‫الصناديق الســيادية اخلليجية يف العامل‪ ،‬تظهر العديد من املربرات النظرية والعملية‬

‫لرضورة إدماج املعايري اإلسالمية يف جمال املعامالت املالية ضمن السلوك االستثامرية‬

‫للصناديق اخلليجية السيادية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬قدرة النظام اإلسالمي عىل توفري احلامية الالزمة الستثامرات صناديق الثروة‬

‫السيادية اخلليجية‪:‬‬

‫نظرا لتعرض صناديق الثروة الســيادية اخلليجية لكثري من اخلسائر أثناء وبعد‬

‫األزمــة املالية لعام ‪ ،2008‬فاملطلوب اآلن أكثر من أي وقت مىض أن تعيد النظر يف‬

‫اسرتاتيجياهتا االستثامرية وأن تبحث عن القنوات الرضورية التي متثل مناعة حقيقية‬

‫ومتنح احلامية الرضورية لعملياهتا يف الداخل واخلارج‪.‬‬

‫و نعتقد أن النظام املرصيف اإلســامي يمثل اآللية احلقيقيــة لتحقيق مثل هذه‬

‫الضامنات يف ظل عدم اســتقرار املنظومة املالية الدولية‪ .‬وهناك تربيرات كثرية تؤكد‬

‫وتدعم ذلك‪ ،‬منها االهتامم العاملي الكبري باملعامالت املالية اإلســامية يف السنوات‬

‫األخرية والتنافس الكبري بني الدول الغربية لتحويل عواصمها إىل مراكز مالية كربى‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪40‬‬

‫للمعامالت اإلســامية الرصفة‪ ،‬كام أن اخلدمات املالية اإلسالمية ولسنوات طويلة‬

‫أصبحت يف منأى عن تداعيــات وآثار األزمات املالية التي عرفها االقتصاد العاملي‬

‫منذ التسعينيات وإىل حد اآلن وذلك باعرتاف العديد من الباحثني واملراكز البحثية‬

‫واملؤسسات املالية الدولية‪ ،‬ويعود ســبب ذلك إىل ابتعاد املعامالت اإلسالمية عن‬

‫املخاطرة االستثامرية يف السندات ألهنا حمرمة رشعا‪ ،‬والسبب الثاين يعود إىل القواعد‬

‫األساســية واملعايري األخالقية التي حتكم املنظومة املالية اإلســامية من مصارف‬

‫ومؤسســات ومصدرها أحكام الرشيعة اإلســامية وقواعدها يف جمال املعامالت‬

‫اإلسالمية والتي متثل املناعة احلقيقية هلذه املعامالت من االنحراف‪.‬‬

‫وجيــب عىل صناديق الثروة الســيادية اخلليجية التي ســامهت بقــوة يف إنقاذ‬

‫بعض كربيات املؤسســات املالية الغربية وتعرضت خلسائر كربى وتم حرماهنا من‬

‫حق التصويت يف جمالس إدارة الرشكات التي اســتحوذت عىل بعض حصصها أن‬

‫تدرك أن الوقت املناسب قد حان لالســتثامر يف املرصفية اإلسالمية‪ ،‬وتبني أدوات‬

‫ومنتجات النظام املرصيف اإلســامي الــذي اثبت نجاحه يف حاالت االســتقرار‬

‫وعدم االســتقرار املايل‪ .‬والبد أن يســند ذلك قرار ســيايس شــجاع حيث الدول‬

‫اخلليجية املالكة لصناديق الثروة الســيادية بــرورة التحرر من النظام املايل الغريب‬

‫واالســتثامر فيه نحو املرصف اإلســامية وتبني قواعدها واسرتاتيجياهتا من اجل‬

‫حتقيق الرفاهية االقتصادية واالجتامعية لشــعوهبا بعد أن فشلت النظم التقليدية يف‬

‫حتقيق ذلك‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪41‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫ثانيا‪ :‬إمكانية اســتخدام الصناديق الســيادية واخلليجية هــذه البنوك كقنوات‬


‫لتوسعة نشاط الصريفة اإلسالمية‪:‬‬

‫إذا علمنا أن النظام املرصيف اإلســامي اثبت انه قادر عىل املنافسة يف ظل أزمة‬
‫الشح االئتامين من جهة‪ ،‬ونظرا للنمو الكبري الذي تعرفه الرصفة اإلسالمية يف منطقة‬
‫اخلليج‪ ،‬واإلمكانيات الكبرية التي تتمتع هبا الصناعة اإلســامية من فتح أســواق‬
‫جديدة عىل مســتوى العامل يف ظل العديد من املحفزات وحمركات النمو واستمرار‬
‫الطلب القوي عىل هذه النوعية مــن اخلدمات واملنتجات املرصفية من جهة أخرى‬
‫بني السكان املسلمني وغري املسلمني‪ ،‬مدعوما بالقدرة التنافسية املتنامية للمصارف‬
‫اإلسالمية مقابل نظرياهتا التقليدية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬زيادة الوعي الشعبي يف دول اخلليج للتوجه أكثر نحو االستثامرات املتطابقة‬
‫مع الرشيعة‪:‬‬
‫هذا التوجه الشــعبي مــورس وما زال بعدة طرق‪ ،‬وخاصــة ما تقوم به مراكز‬
‫األبحــاث املختلفة والتجارب التــي مر هبا املواطنون يف اخلليــج ورجال األعامل‬
‫من األزمات املختلفة التي انتقلت عدواها إىل دوهلم جعلتهم ال يشــعرون باألمان‬
‫والطمأنينــة يف جمال األعامل من هذه اخلدمــات واألدوات التقليدية‪ .‬وقد تبع هذا‬
‫الوعي تغري ملحوظ من الصناديق الســيادية يف دول جملس التعاون اخلليجي لتنويع‬
‫جــزء من حمافظهــا وحتويله إىل أصول إســامية‪ .‬أو ختصيص بعــض التوظيفات‬
‫الصناديق السيادية لالستثامرات اإلسالمية‪ ،‬بعد أن فشلت النظم املالية التقليدية يف‬
‫العامل‪ .‬وذلك من اجل املسامهة يف أعامل التنمية والتطوير والتغيري وحتقيق االستقرار‬
‫االقتصادي باملنطقة‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪42‬‬

‫رابعا‪ :‬قدرة املرصفية اإلسالمية عىل توفري ضامنات عالية من الربح‪:‬‬

‫يملك النظام املرصيف اإلســامي قدرة كبرية عىل تأمني احلامية الكافية ملختلف‬
‫التوظيفــات التي تقــوم هبا صناديق الثروة الســيادية من اخلســائر‪ ،‬واالبتعاد عن‬
‫املضاربات الومهية أو الغري متطابقة مع أحكام الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬فإن ذلك يتامشى‬
‫مع سياسات صناديق الثروة السيادية التي حتاول أن تبحث عن االستثامرات اآلمنة‪.‬‬
‫وألن الصناديق الســيادية يف العامل العريب واإلسالمي معرضة لكثري من اخلسائر إذا‬
‫استمرت يف اسرتاتيجياهتا االســتثامرية احلالية‪ ،‬فإن عليها أن تعزز روابطها بالنظام‬
‫املــريف الذي يؤمن هلــا احلامية من خســائر فادحة‪ ،‬وربام يكــون النظام املرصيف‬
‫اإلسالمي هو الكفيل بتحقيق مثل هذه الضامنات‪ ،‬ألن األزمة املالية األخرية دفعت‬
‫بقوة النظام املايل العاملي إىل االهتامم باملعامالت املرصفية اإلســامية التي ظلت إىل‬
‫حد ما يف منأى عن تداعيات األزمة البتعادها عن املجازفة االســتثامرية بالسندات‬
‫من جهة وطبيعة أحكام الرشيعة اإلسالمية‪.‬‬

‫خامســا‪ :‬تعمــل صناديق الثروة الســيادية عىل دعــم مركز املعامــات املالية‬
‫اإلسالمية‪ ‬يف اخلارج‪:‬‬

‫إن عمليات االســتحواذ الكبرية التي تقوم هبا صناديق الثروة الســيادية أثناء‬
‫وبعد األزمة املالية‪ ،‬وحصول بعضها عىل قوة تصويتية داخل جمالس إدارة الرشكات‬
‫التي متلك فيها حصصا معتربة‪ ،‬ســيجعل من هذه االســتثامرات قناة تعريفية لنفاذ‬
‫املعامالت اإلســامية إىل هذه الرشكات‪ ،‬وإذا علمنــا أن عددا كبريا من الصناديق‬
‫السيادية اخلليجية متلك حصصا يف العديد من البنوك الغربية واألمريكية األساسية‪،‬‬
‫فيمكن أن يكون ذلك احد املنافذ الرئيسية لدخول وتطبيق املالية اإلسالمية بقوة عىل‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪43‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫مســتوى هذه البنوك‪ ،‬إما من خالل حتويل معامالهتا التقليدية إىل معامالت تتامشى‬
‫مع أحكام الرشيعة اإلســامية‪ ،‬أو فتح نوافذ إســامية للتعامل يف املنتجات املالية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وهذا ما يساعد املالية اإلسالمية عىل امتالك نفوذا كبريا داخل املجالس‬
‫اإلدارية هلذه املؤسسات املرصفية واملالية‪.‬‬

‫وتبني البيانات املتوافرة مدى زيادة مستويات الطلب عىل املنتجات واخلدمات‬
‫األخالقية واملتوافقة مع الرشيعة اإلســامية يف كل أنحــاء العامل‪ ،‬ويظهر ذلك من‬
‫خالل اإلجراءات االســتباقية التي قامت هبا احلكومات الغربية لتشجيع عمليات‬
‫توطني املعامالت املالية اإلســامية وخاصة يف أملانيا‪ ،‬بريطانيا وفرنسا وغريها من‬
‫الدول األوروبية‪ ،‬من خالل مراجعة وإصالح العديد من الترشيعات والقوانني يف‬
‫جمال العمل املرصيف‪ .‬وعىل هذا األســاس‪ ،‬فان اآلفاق واالجتاهات التفاؤلية لتطور‬
‫الصناعية املرصفية اإلسالمية ستكون اكرب املحددات لإلقبال املتزايد عىل املنتجات‬
‫واخلدمــات التي تقدمها البنوك اإلســامية يف أوروبا وغريها مــن الدول الغربية‬
‫وهذا سيحفز صناديق الثروة السيادية عىل املســامهة يف جعل هذه املعامالت رافدا‬
‫أساســيا لنمو يف املنطقة ويعمل عىل حتقيق مكاسب اكرب لصالح التنمية االقتصادية‬
‫يف دول‪ ‬اخلليج‪.‬‬

‫سادســا‪ :‬الرغبة املتزايدة لدى الدول املالكة لصناديق الثروة الســيادية يف الدول‬
‫اخلليجية لتحويل جزء من حمفظتها إىل أصول مالية إسالمية‪:‬‬

‫بالرغم من وجود العديد مــن العراقيل التنظيمية والثقافية التي ما زالت تعوق‬
‫بنظام نظام إســامي يف جانب املعامــات عرب احلدود‪ ،‬وبالرغــم من أن صناعة‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪44‬‬

‫التمويل اإلســامي ما تزال يف مراحــل نموها األوىل‪ ،‬فهناك رغبــة متزايدة لدى‬
‫العديد من الدول اخلليجية واإلسالمية التي متلك صناديق الثروة السيادية يف حتويل‬
‫جزء كبري من اســتثامراهتا ليكون موجودات مالية إســامية‪ .‬ويتم ذلك من خالل‬
‫تغيري اإلسرتاتيجية االستثامرية ألصول صناديق الثروة السيادية لتصبح متوافقة مع‬
‫أحكام الرشيعة اإلسالمية عىل املدى القريب‪.‬‬

‫ومن أجل تعزيز املركز املايل لصناديق الثروة الســيادية العربية واخلليجية القيام‬
‫بتغيري اســراتيجياهتا االســتثامرية‪ ،‬وذلك من خالل توزيع هذه االستثامرات عىل‬
‫خمتلف األســواق املالية اإلسالمية والعربية التي تشــهد حاليا نمو املنتجات املالية‬
‫اإلســامية وبقوة يف الســنوات األخرية‪ ،‬كام يمكن أن يتضمن هذا التنويع عملية‬
‫االســتثامر يف الصكوك اإلسالمية عىل مســتوى األســواق العربية أو اإلسالمية‪،‬‬
‫مما ســيؤدي إىل تطوير الدول العربيــة وحتقيق الرفاهية للمواطنــن‪ .‬والدليل عىل‬
‫قدرة املنتجات اإلســامية عىل حتقيــق التنمية االقتصاديــة واالجتامعية هو قدرة‬
‫االستثامرات اإلســامية عىل حتقيق عوائد اعيل من املنتجات التقليدية‪ ،‬فاالستثامر‬
‫يف الصكــوك اإلســامية حيقق عوامل ترتاوح مــا بني ‪ % 5 - % 7‬ســنويا‪ ،‬كام أن‬
‫الصناديق االســتثامرية املتوافقة مع أحكام الرشيعة اإلســامية حتقق عوائد ترتاوح‬
‫ما بني ‪ % 5 - % 9‬يف الدول العربية‪ ،‬و‪ % 30-20‬ســنويا يف ماليزيا‪ .‬يف حني يالحظ‬
‫أن عائدات الســندات األمريكية املرتبطة بالتضخم وصلت إىل مســتوى ‪.%0.9‬‬
‫وهذا يدل عــى أن التفاضل بني النوعني ســيكون منطقيا وباألدلــة لصالح نظام‬
‫املعامالت اإلسالمية‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪45‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫سابعا‪ :‬هناك عوامل كثرية ســتؤدي إىل مزيد من التوافق والتعاون بني صناديق‬
‫الثروة السيادية والتمويل اإلسالمي‪:‬‬

‫‪ -‬ســيؤدي التغري يف تركيبة السكان يف الدول اإلســامية بصفة عامة والدول‬


‫العربية واخلليجية بصفة خاصة إىل عامل أســايس وحمدد رئييس وحمرك إجيايب لنمو‬
‫الصناعة املرصفية اإلســامية‪ ،‬وستجد الصناديق السيادية يف دول جملس اخلليج أن‬
‫املناطق اجلغرافية ذات الكثافة الســكانية اإلســامية العالية تستمر يف تقديم أفضل‬
‫الفرص للبنوك اإلسالمية‪ ،‬باعتبار الوعي املتزايد لدى العمالء للمزايا التي تقدمها‬
‫البنوك اإلســامية‪ .‬ووفقا لتوقعات السوق‪ ،‬فان الكثافة السكانية للمسلمني يتوقع‬
‫أن تزيد بنســبة ‪ % 35‬تقريبا يف ‪ 17‬ســنة املقبلة‪ ،‬حيث ســرتفع من ‪ 1.6‬مليار يف‬
‫عام ‪ 2010‬إىل ‪ 2.2‬مليار يف عام ‪ .2030‬ويــزداد اإلقبال يف هذه املناطق من قبل‬
‫املستهلكني عىل اخلدمات املالية املتطورة‪ ،‬وبناء عليه فان اآلثار الثنائية للنمو السكاين‬
‫والتطور املتزايد مــن املرجح أن تؤدي إىل وجود عدد كبري من املســتهلكني الذين‬
‫يبحثون عن حلول مالية متطورة ومنافسة يف توافقها مع الرشيعة اإلسالمية(((‪.‬‬

‫‪ -‬تزايــد عدد املؤسســات املالية التــي تقدم احللــول املتوافقة مــع الرشيعة‬
‫اإلســامية‪ ،‬إىل جانب تنوع اخلدمات واملنتجات املالية اإلسالمية التي ترافقت مع‬
‫تطور ما يســمى باهلندسة املالية التي ســامهت كثريا يف إثراء التجديدات املالية من‬
‫منظور إسالمي وحتاول إجياد اآلليات الرضورية للتحوط أمام خمتلف املخاطر التي‬
‫تواجهها املعامالت املالية اإلسالمية‪.‬‬

‫((( ملزيد من املعلومات‪ ،‬أرجع إىل‪ :‬سفني بريينت‪ ،)2008( ،‬حني يتكلم املال‪ :‬صناديق الثروة السيادية‬
‫العربية يف خطاب العوملة‪ ،‬مركز كارنيغي للرشق األوسط‪ ،‬بريوت‪ :‬أكتوبر‪/‬ترشين‪ ‬األول‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪46‬‬

‫‪ -‬لعب اجلانب التنظيمي واملؤسســايت للحكومات دورا فعاال يف نمو الصناعة‬


‫املرصفية اإلســامية‪ ،‬وتثبت العديد من التجارب الناجحــة يف العديد من الدول‬
‫اإلســامية أن هذا النمو كان مدفوعا بام قامت به السلطات العمومية من إجراءات‬
‫لصالح تشــجيع توسع هذه الصناعة‪ ،‬وتنوعت طبيعة هذه اإلجراءات من دولة إىل‬
‫أخرى كتوفري اإلطار القانوين والتنظيمي املرن لنمو الصناعة اإلسالمية‪ ،‬توفري البنية‬
‫التحتية الرضورية لتنشــيط هذه الصناعة‪ ،‬إزالة كل العوائق التنظيمية والثقافية التي‬
‫حتول دون نمو التمويل اإلســامي‪ ،‬وكان لتوفري هــذه البيئة االجيابية دعم حقيقي‬
‫ونشيط للمنتجات اإلسالمية عرب كل أنحاء العامل‪.‬‬

‫‪ -‬مــارس النمو العاملي املتزايــد الذي تعرفه صناعة ما يطلــق عليها باألغذية‬
‫احلالل ســيكون دورا إجيابيا يف توســع خمتلف أنواع اخلدمات املرصفية اإلسالمية‬
‫وصناعة التمويل يف تقديم احللول املالية املتوافقة مع الرشيعة اإلسالمية‪ .‬وكام أرشنا‬
‫إليه سابقا عىل رضورة أن يكون مصدر التمويل وصناعة التمويل يف تقديم احللول‬
‫املالية متوافقة مع الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬بالنظر إىل أنه ينبغي أن يكون مصدر التمويل‬
‫لصناعة األغذية احلالل قائام عىل أسس رشعية توافق عملية االنتاج كلها مع أحكام‬
‫وأنظمة الرشيعة(((‪.‬‬
‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫((( رشكة بيتك لألبحاث‪ ،،‬جمموعة بيت التمويل الكويتي‪.2012 ،‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪47‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫لقد كان اهلدف األســايس من هذا العمل هو حتليل الوزن املتصاعد للصناديق‬
‫السيادية اخلليجية يف إطار الفضاء املايل اجلديد‪ ،‬وعالقتها بالتمويل اإلسالمي‪ .‬ولقد‬
‫أكدت الورقة البحثية عىل العديد من االستنتاجات‪:‬‬

‫‪-‬هناك عنارص كثرية للتفكري املســتقبيل واملطروحة بحــدة أمام صناديق الثروة‬
‫السيادية لدول اخلليج واملتعلقة باستعامل أدوات التمويل اإلسالمي التي تتامشى مع‬
‫قواعد الرشيعة اإلسالمية يف املدى املتوســط كأداة مفضلة هلذه الصناديق من أجل‬
‫تعزيز وتنويع اسرتاتيجياهتا االستثامرية املحلية من جهة‪ ،‬وتدعيم قدرات النفاذ إىل‬
‫العامل العريب واإلســامي من جهة أخرى‪ ،‬مع العلم أن هناك أسواق كامنة الستثامر‬
‫رأس املال يمكن أن متثل مصدر جذب وتوســيع هلــذه التوظيفات يف مناطق كثرية‬
‫من‪ ‬العامل‪.‬‬

‫‪-‬جيب عىل صناديق الثروة الســيادية االســتعداد حلالة من التعديالت اجلذرية‬


‫من ناحيــة ردود الفعل الغربية يف ظل بيئة أكثر ما توصف به أهنا كثرية التغري وعدم‬
‫االســتقرار ويف ظل منظومة ترشيعية غربيــة أكثر ما يقال عنها أهنا متشــددة إزاء‬
‫هذه االستثامرات العربية ســواء تلك التي تقوم هبا الصناديق السيادية اخلليجية أو‬
‫االســتثامرات األجنبية املبارشة‪ ،‬وإذا مل حيدث هناك نــوع من التوافق مع أصحاب‬
‫القرار يف هذه الدول‪ ،‬فيمكن أن يتقلص جمال تدخل الصناديق الســيادية تدرجييا‪،‬‬
‫وباملوازاة مع تطبيق قواعد جــد صارمة يف جمال األداء وحاكمية هذه الصناديق من‬
‫طرف العديد من الدول الغربية املســتقبلة الســتثامرها إىل جانب املؤسسات املالية‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪48‬‬

‫الدولية‪ ،‬فانه من املمكن أن يشــكل التمويل اإلســامي عنرص إحالل لألســواق‬


‫األمريكية واألوروبية‪ .‬وعىل هذا األساس‪ ،‬وبمراعاة السوق الكامن الذي متثله كل‬
‫من الدول العربية اإلســامية مثل ماليزيا‪ ،‬اندونيسيا (أكثر من ‪ 200‬مليون مسلم)‬
‫أي أكثــر من ‪ % 85‬من عدد الســكان اإلمجايل‪ ،‬ثم هناك دول منطقة شــال إفريقيا‬
‫ودول إفريقيا جنوب الصحراء ودول اخلليج العريب ودول أخرى متثل سوقا طلب‬
‫بحوايل ‪ 450‬مليون مســلم‪ .‬ويف هذه احلالة‪ ،‬فإن التمويل اإلســامي يمثل القناة‬
‫الرئيسية للنفاذ إىل هذه األسواق‪ ،‬وستقدم للصناديق السيادية اخلليجية دعام قويا يف‬
‫ظل دورها اجلديد كفاعل أسايس يف إعادة تشكيل العالقات املالية الدولية‪.‬‬

‫‪-‬يوفر التمويل اإلســامي اخلصائص الرضورية مــن ناحية الرصامة واملرونة‬


‫املطلوبة لعمل صناديق الثروة الســيادية اخلليجيــة‪ ،‬وباعتبار أن هذه األخرية تتميز‬
‫بخاصية «السيادة» كام ارشنا إليه يف الورقة‪ ،‬فإهنا ال تستطيع أن تنمو بدون أن تتمتع‬
‫بالقــدرات األصلية للتغــرات الراهنة يف العالقات املاليــة الدولية‪ .‬هذه القنوات‬
‫اجلديدة التي تتمثل يف منتجات وأدوات التمويل اإلســامي ستســمح للصناديق‬
‫بتبني التجديدات املالية التي من خالهلا تســتطيع صناديق الثروة السيادية االرتقاء‬
‫إىل نفس نوعيــة األدوات الغربية‪ ،‬وســتوفر هلا حصانة ضــد خماطر االختالالت‬
‫االقتصاديــة الكلية الكربى‪ ،‬كام أن التمويل اإلســامي ســيوفر لصناديق الثروة‬
‫الســيادية كل اآلليات واألدوات التي جتعلها تتمتــع بمقومات النظام االقتصادي‬
‫العاملي مع وجود سوق حقيقي داخيل وأجنبي أكثر إحلاحا يف الطلب عىل املنتجات‬
‫املتوافقة مع أحكام الرشيعة اإلسالمية (((‪.‬‬

‫((( رشكة بيتك لألبحاث‪ ،،‬جمموعة بيت التمويل الكويتي‪.2012 ،‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫‪49‬‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬زايـري بلـقــاسـم‬

‫فالســوق اخلارجي يظهر من خالل انفتاح الدول األوروبية واآلســيوية عىل‬


‫املنتجات املالية اإلســامية يف الســنوات األخرية‪ ،‬مما ســيعزز دور صناديق الثروة‬
‫السيادية يف هذا املجال‪ .‬وســوق داخيل‪ ،‬إذ يتجاوز عدد املسلمني يف الدول العربية‬
‫الذيــن أصبحت لدهيم رغبة اكرب يف التعامل مع املعامالت ذات القواعد األخالقية‬
‫واألكثــر أمانا أكثر من ‪ 400‬مليون‪ ،‬مما ســيقود الصناعة املرصفية التقليدية إلعادة‬
‫التوجه نحو أشــكال جديــدة من املعامالت جتمــع بني التمويل اإلســامي مع‬
‫اقتصاديــات خليجية وعربية أكثر حتــررا‪ ،‬ويمكن أن يظهر التحــدي األكرب أمام‬
‫صناديق الثروة الســيادية اخلليجية يف املسامهة يف إعادة النظر يف نموذج النمو القائم‬
‫عىل النفط إىل نامذج قائمة عىل االعتامد عىل القطاع اخلاص‪ .‬وهذه التحديات ستفتح‬
‫حماور كثرية للبحث املســتقبيل وكلها تدور حول اســتعامل صناديق الثروة السيادية‬
‫اخلليجية ألدوات التمويل اإلســامي كأداة مفضلة للدخول إىل األسواق الناشئة‬
‫وحتقيق التنمية االقتصادية املســتدامة يف الدول املالكة هلذه الصناديق ولألســواق‬
‫اخلارجية األكثر تشــوقا إىل االستثامرات اآلمنة واخلروج من مصيدة عند االستقرار‬
‫املايل الدائم‪.‬‬
‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


‫دور صناديق الثروة السيادية يف تطوير التمويل اإلسالمي‬ ‫‪50‬‬

‫‪ -‬تقرير معهد التمويل الدويل (عدد ابريل ‪.)2012‬‬

‫‪ -‬ســفني بريينت‪ ،)2008( ،‬حني يتكلم املال‪ :‬صناديق الثروة الســيادية العربية يف‬
‫خطاب العوملة‪ ،‬مركز كارنيغي للرشق األوسط‪ ،‬بريوت‪ :‬أكتوبر‪/‬ترشين األول‪.‬‬

‫‪ -‬سفني بريينت‪ )2010( ،‬أين صناديق الثروة السيادية من مبادئ سانتياغو؟‪ ،‬أوراق‬
‫كارنيغي‪ ،‬مركز كارنيغي للرشق األوسط‪ ،‬العدد ‪ 22‬أيار‪/‬مايو‪.‬‬

‫‪ -‬مهران حاتم‪ ،)2010( ،‬التضخم يف دول جملس التعاون اخلليجي ودور صناديق‬
‫النفط يف االستقرار االقتصادي ‪ ،API/WPS0702‬الكويت‪ ،‬املعهد العريب للتخطيط‪.‬‬

‫‪ -‬رشكة بيتك لألبحاث‪ ،،‬جمموعة بيت التمويل الكويتي‪.2012 ،‬‬

‫‪ -‬باتريــك إمام وكانغني كبــودار‪ ،)2010( ،‬يف صالح النمــو‪ ،‬التمويل والتنمية‪،‬‬
‫ديسمرب ‪.2010‬‬

‫‪- Brad Setzer & Rachel Ziemba,(2007), understanding the new Financial‬‬

‫‪superpower: The Management of GCC official foreign Assets, RGE Monitor‬‬

‫‪(November 2007).‬‬

‫‪- De la rosière J. (2008), Les nouvelles dynamiques de la finance mondiale :‬‬

‫‪un rééquilibrage par les pays émergents, Paris, Politique étrangère, N°,2.‬‬

‫‪- Demarolle A. (2008), Rapport sur les fonds souverains, la documentation‬‬

‫‪française, Paris.‬‬

‫‪- Gieve J. (2008), Wealth Funds and Global imbalances, Bank of England‬‬

‫‪Quarterly Bulletin, N°.2.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2015‬م‬


51 ‫ زايـري بلـقــاسـم‬.‫ د‬.‫أ‬

- Philippe bouyoux,(2008),les conditions d'une contribution positive

des fonds souverains a l'économie mondiale, document élaboré sous la

responsabilité de la direction générale du trésor de la politique économique,

n°28, janvier.

- IMF, International Working Group of Sovereign Wealth Funds (2008),

Sovereign wealth funds :Current Institutional and operational practices

survey, September.

-IWG ,(2008)., Sovereign Wealth Funds-Generally Accepted Principles

and Practices-Santiago Principles, October. Communication de la commission

européenne.

- Johnson, S., (2007), The Rise of Sovereign Wealth Funds, Finance et

développement, N°44:3, Fonds monétaire international.

- Lowery C (2007), Remarks on Sovereign Wealth Funds and the Industrial

Financial Systems, US Department of the Treasury, Juin.

- Rachel Ziemba,(2008), What are GCC funds buying ?. A Look at Their

investment Strategies, RGE Monitor (June).

- Renaud Bouchard (2009), Fonds souverains et Finance islamique,

Revue d’économie financière, Hors série : les fonds souverains, pp 251-257.

• • •

‫ م‬2015 ‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي‬

You might also like