You are on page 1of 75

‫العقوبات البديلة للعقوبات السالبة‬

‫للحرية القصيرة المدة‬

‫أعداد‬

‫القاضي أسامة الكيالني‬

‫فلسطين‬

‫‪2013‬م‬
‫مشكلة الدراسة‬

‫ان االباحث في موضوع العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة يصطدم‬

‫في بحث ه بثالث ة معض الت رئيس ية‪ ،‬االولى حداث ة الموض وع في الفق ه واالجته اد القض ائي‪ ،‬وك ذلك‬

‫الحال بالنسية للتشريع الفلسطيني الذي لم يعالج هذا الموضوع‪ ،‬اال حديثا بصدور قانون االجراءات‬

‫الجزائية رقم ‪ 3‬لستة ‪ 2001‬من خالل وقف تنفيذ العقوبة السالبة للحرية في المواد ‪ 284‬و ‪ 285‬و‬

‫‪ 286‬و‪ ،287‬والعمل للمنفعة العامة من خالل المادة ‪ 399‬الذي ال يمكن اعماله اذا زادت العقوبة‬

‫السالبة للحرية عن الحبس لمدة تزيد عن ثالثة اشهر؛ وان كان قانون العقوبات رقم ‪ 16‬لسنة ‪60‬‬

‫ق دعالج من قب ل وعلي اس تحياء ه ذا الموض وع من خالل تحوي ل عقوب ة الحبس للغرام ة في الم واد‬

‫‪ 2\26‬و ‪ 2\100‬عقوبات لسنة ‪ 60‬؛ هذا مع االشاره الى ان هذا االجراء اليمكن اعماله اذا زادت‬

‫م دة الحبس عن ثالث ة اش هر؛ على عكس النظم القانوني ة ال تي اخ ذت به ذا النظ ام ‪ -‬ب دائل العقوب ة‬

‫السالبة قصيرة المدة ‪ -‬التي حعلت نطاق العمل به ان تكون العقوبة السالبة للحرية ان التزيد عن‬

‫سنة او ان تكون العقوبة الغرامة‪.‬‬

‫وه ذا االم ر يقودن ا الى المعض لة الثاني ة‪ ،‬وهي ان ه؛ ال المش رع وال القض اء وال الفق ه وض ع‬

‫تعريفا لمفهوم العقوبة البديلة تعين الباحث في بحثه‪.‬‬

‫ولق د ق ادت ه ذه المعض لة الى معض لة ثالث ة‪ ،‬وهي ع دم وج ود مراج ع علمي ة بحثت ه ذا‬

‫الموضوع على نطاق يمكن االستفادة منه في انجار أي دراسة حول هذا البحث‪.‬‬

‫االمر الذي جعل منها دراسة شديدة التعقيد في ظل هذه الصعوبات ‪.‬‬

‫اهمية الدراسة‬

‫تبدو اهمي ة هذه الدراس ة في انها تتناول موض وعا لم يطرق من قبل من الب احثين في الفق ه‬

‫الق انوني الفلس طيني‪ ،‬فه و ي ؤدي الى اض افة فق ه ق انوني جدي د‪ ،‬وعم ل ق انوني يض اف الى المكتب ة‬

‫القانوني ة الفلس طينية‪ ،‬ه ذا من جه ة ومن جه ة اح رى‪ ،‬فان ه ي ؤدي الى فتح اف اق جدي دة للمش رع‬

‫‪1‬‬
‫الفلسطيني لالخد بهذا النظام والتوسع في تطبيقه واصدار التشريعات التي تحقق هذا الغرض بسبب‬

‫الفوائد الجمة التي تترتب على تطبيقه‪.‬‬

‫لذلك؛ فان اهمية هذه الداراسة تكمن في تبيان القيمة العملية والعلمية للقواعد القانونية التي‬

‫يمكن تشريعيها لوضع هذا النظام‪ ،‬أي العقوبة البديلة‪ ،‬في اطار تشريعي يؤدي الغرض منه بحيث‬

‫يتيح المجال الكبر شريحه من المحكوم عليهم لالستفادة من هذا النظام؛ اذا توافرت شروط تطبيقه‬

‫عليهم‪ .‬وان الق ول بغ ير ذل ك ي ؤدي الى االبق اء على التش ريع الفلس طيني في ذي ل قائم ة ال دول ال تي‬

‫تاخذ بهذا النظام بعد ان ادى التطور الذي لحق كافة مناحي الحياة والعلوم االنسانية ومنها العلوم‬

‫القانونية؛ الى احداث تغيير ونقله نوعية هائلة ومتطورة في السياسة العقابية‪ ،‬وفي تحقيق اهداف‬

‫هذه السياسه المتمثل في الردع العام والخاص‪ ،‬وبالتالي الوصول الى اصالح وتاهيل المحكوم عليه‬

‫بواس طة العقوب ة البديل ة للعقوب ة الس البة للحري ة قص يرة الم دة لم ا له ذا النظ ام من فوائ د لك ل من‬

‫المجتم ع والمحك وم علي ه‪ ،‬ومن تحقيقه ا للكرام ة االنس انية للمحك وم علي ه‪ ،‬وب ذات ال وقت تحقييقه ا‬

‫لله دف الك امن خل ف العقوب ة الس البة للحري ة وه و الزج ر الخ اص والع ام وص وال الص الح وتاهي ل‬

‫المحكوم عليه‪.‬‬

‫منهجية الدراسة‬

‫سنتبع في دراستنا هذه المنهج النظري والتحليلي والمقارن عبر دراسة وتحليل النصوص‬

‫القانونيةالفلس طينية س واء في ق انون العقوب ات رقم ‪ 16‬لس نة ‪ 60‬او ق انون االج راءات الجزائي ة‬

‫الفلس طيني رقم ‪ 3‬لس نة وق انون اص الح االح داث رقم ‪ 16‬لس نة ‪ ،1954‬وم ا تيس ر من النص وص‬

‫القانونية االخرى‪ ،‬سواء لبعض الدول العربية مثل بعض نصوص قانون العقوبات االتحادي لدولة‬

‫االمارات العربية المتحدة‪ ،‬او القانون البحريني والعماني والمصري‪ ،‬اواالجنبية كالقانون الفرنسي‬

‫‪،‬وذلك عبر دراسة وتحليل هذه النصوص في ضوء اراء الفقه على نحو يحقق اهداف هذا البحث‬

‫ويثريه‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‬

‫يجب ان يك ون من الث ابت ان اله دف من السياس ة العقابي ة ه و ردع المج رم‪ ،‬وهي ردة فع ل‬

‫المجتم ع المناس بة على الج رم ال ذي قارف ه به دف ردع ه عن الع ودة له ذه الجريم ة وغيره ا من‬

‫الجرائم‪ ،‬وهو ما اصطلح على تسميته بالردع الخاص‪ ،‬وردع غيره عن القيام بهذا الجرم وتحذيره‬

‫ب ذات الم أوى والمص ير اذا ه و لم يعت بر وه و م ا يطل ق علي ه ال ردع الع ام‪ .‬ولم ا ك ان ذل ك هوالح د‬

‫األقصى المطلوب من السياسة العقابية وليس تعذيب المجرم سواء بإرهاقه جسديا او معنوي ًا‪ ،‬فإنه لم‬

‫يكن من المس تغرب ان تس عى المجتمع ات البش رية في تطوره ا الى تط وير ه ذه السياس ة العقابي ة‬

‫باعتبارها علما من العلوم االنسانية التي تتطور وترتقي بتطور البشرية؛ لذلك نجد ان المجتمعات‬

‫البشرية المتحضرة قد اتجهت في سبيل هذا التطور الى تطوير السياسة العقابية‪ ،‬وبالتالي البحث عن‬

‫وس ائل اخ رى بديل ة عن العقوب ات التقليدي ة‪ ،‬ولق د ح دد نظامن ا الق انوني الفلس طيني وفق ا لق انون‬

‫العقوبات األردني رقم ‪ 16‬السنة ‪ ،60‬في الفصل االول من الباب الثاني من هذا القانون العقوبات‬

‫الجنائية بصورة عامة على النحو التالي‪:‬‬

‫أ‪ .‬العقوبات الجنائية‪:‬‬

‫‪ .1‬االعدام‬

‫‪ .2‬االششغال الشاقة المؤبدة‬

‫‪ .3‬االعتقال المؤبد‬

‫‪ .4‬االشغال الشاقة المؤقتة‬

‫‪ .5‬االعتقال المؤقت‬

‫ب‪ .‬العقوبات الجنحية‪:‬‬

‫‪ .1‬الحبس‬

‫‪3‬‬
‫‪ .2‬الغرامة‬

‫‪ .3‬الربط بكفالة‬

‫ج‪ .‬العقوبات التكديرية‪:‬‬

‫‪ .1‬الحبس التكديري‬

‫‪ .2‬الغرامة التكديربة‬

‫وانني اعتقد برأيي المتواض ع ان تطبيق العقوب ة البديل ة أي ًا ك انت الدول ة التي تتبناها‪ ،‬واي ا‬

‫ك ان م دى تق دمها ف إن ه ذه العقوب ة يجب ان تتف ق م ع السياس ة الجنائي ة والعقابي ة له ذه الدول ة‪ ،‬وذل ك‬

‫بضرورة تحقيقها للردعين العام والخاص‪ ،‬وضرورة عدم اللجوء اليها اذا انتفى مع تطبيقها تحقيق‬

‫هذا الغرض‪ ،‬وايا كان االمر فإن البحث في هذا الموضوع يفرض علينا دراسة مدى نجاعة ‪،‬وفائدة‬

‫تط بيق نظ ام العقوب ة البديل ة في االنظم ة القانوني ة العربي ة‪ ،‬وبش كل خ اص ل دى النظ ام الق انوني‬

‫الفلس طيني‪ ،‬وذلك باعتب ار ه ذه االنظم ة تستند الى ذات الفلس فة القانوني ة باعتبارها دول تنتمي اليه ا‬

‫ش عوب ذات تقالي د وت راث واح د وتتب ع ذات السياس ة الجنائي ة والعقابي ة ال تي تتمخض عنه ا العقوب ة‬

‫وتقدير مدى تحقيقها للردع‪ ،‬ونظرة هذه المجتمعات ومدى ردة فعلها في حال استبدال عقوبة الحبس‬

‫قصيرة المدة التي اعتادت عليها هذه المجتمعات بعقوبات اخرى غير سالبه للحريه لم تعتاد عليها‬

‫من قبل‪ ،‬ولكن ومع تطورالفقه والعلوم القانونبة اصبح الحديث ملحا عن مدى النفع الذي يعود على‬

‫المجتمع والمجرم من تفعيل نظام العقوبة البديل ة؛ الن تطبيقها السليم يؤدي الى ايجاد نظام عقابي‬

‫جدي د يرتك ز على فك رة المش اركة الح رة للمحك وم علي ه في وض ع االس س ال تي يرتك ز عليه ا بن اء‬

‫مصيره االجتماعي بعد تنفيذ العقوبة الملقاة على كاهله؛ اذ ان من شأن ادخال هذا النوع الجديد من‬

‫العقوبة ان يخلص المنظومة القانونية من مساوئ العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة‪ ،‬ويحفظ‬

‫لعدد ال بأس به من المحكوم عليهم استقرارهم في محيطهم االجتماعي واالسري‪ ،‬أي بعبارة اخرى‬

‫ه و ي ؤدي الى الحف اظ على النس يج المجتمعي الفلس طيني ال ذي يعت بر المحك وم علي ه‪ ،‬واف راد اس رته‬

‫ج زء من ه‪ .‬ومم ا الش ك في ه ان اج زاء ه ذه الدراس ة حقه ا يتطلب ان نبحثه ا في س تة مب احث نتن اول‬

‫‪4‬‬
‫مفه وم العقوب ة البديل ة في ( مبحث اول)‪ ،‬ونط اق تط بيق العقوب ات البديل ة في ( مبحث ث اني )‪،‬‬

‫واه داف العقوب ة في ( مبحث ث الث ) والعقوب ات البديل ة للعقوب ات الس البة للحري ة مؤقت ة الم دة في‬

‫التش ريع الفلس طيني في ( مبحث راب ع ) وب دائل العقوب ة في ظ ل ق انون اص الاح االح داث رقم ‪16‬‬

‫لسنة‪ ( 1954‬في مبحث خامس ) وبدائل العقوبات السالبة للحرية في األنظمة القنونية األخ رى في‬

‫( مبحث سادس )‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المبحث األول‬

‫مفهوم العقوبة البديلة‬

‫ونتن اول في ه ذا المبحث المع نى اللغ وي‪ ،‬واالص طالحي للعقوب ة البديلي ه‪ ،‬ومن ثم نتن اول‬

‫بعض تعريفات الفقه وبعض الشراح للعقوبه البديله‪.‬‬

‫اوال‪ :‬المعنى اللغوي‬

‫البدل والبَد ل والبديل في اللغة يعني العوض‪ ،‬و َبَد ل‪ -‬بدًال واْب َّد ل وبَّد ل الشيء غيره واتخذه‬
‫‪1‬‬
‫عوضا منه‪ ،‬وبدل الشيء شيئا اخر جعله بدال منه فيقال مثال (بدل اهلل الخوف امنا)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المعنى االصطالحي للعقوبة البديلة‬

‫يمكن تعريف العقوبة البديلة بأنها فرض عقوبة غير سالبة للحرية ضد المحكوم عليهم‪ .‬وق د‬

‫عرفها البعض بأنها مجموعة من البدائل التي يتخذها القاضي تتمثل في ابدال عقوبة السجن بخدمة‬

‫يؤديه ا الس جين لفئ ة من فئ ات المجتم ع‪،‬او لموق ع خ يري‪،‬او االلتح اق بمرف ق تعليمي يس تفيد من ه‬

‫السجين بهدف اصالحه وحمايته من االذى وتقديم خدمة لمجتمعه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تعريف بعض الفقه والشراح للعقوبه البديله‪:‬‬

‫يقول الدكتور كامل السعيد في تعريفه للعقوبه البديله (ال يختلف تعريف العقوبة البديلة عن‬

‫تعريف العقوبة االصلية من حيث كونها عقوبة يفرضها الشارع الجزائي على من ارتكب الجريمة‬

‫او ساهم فيها بدال من العقوبة االصلية المتمثلة في الحبس لمدة قصيرة الهدف منها هو الحيلولة دون‬

‫من يحكم عليه بها دخول السجن‪ ،‬او مركز االص الح‪ ،‬فهي تخض ع لكاف ة المبادئ التي تخض ع لها‬

‫العقوبة االصلية) ‪.‬‬

‫منجد الطالب‪.‬فؤاد افرام البستاني‪ .‬الطبعه الثامنة والثاالثون‪ .‬دار المشرق‪ .‬ش م م‪ .‬صفحة ‪25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪6‬‬
‫وقد عرفها اخرون بأنها قيام المحكوم عليه بعمل دون أجر موجه لفائدة عامة الشعب بدال‬

‫من وضعه في المؤسسة العقابية؛ اذا توفرت شروط معينة حددها القانون‪ ،‬اوهي استخدام عقوبات‬

‫غير سجنية بدال من العقوبات الس جنية‪ .1‬وق د عرفه ا اخ رون بأنه ا الج زاءات االخ رى ال تي يض عها‬

‫المشرع امام القاضي لكي تحل بصبغة ذاتية او موازية محل العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة‪،‬‬

‫فهي تف ترض اذا اتخ اذ االج راءات الجنائي ة وص دور حكم من القض اء‪ ،‬ولكن ب دال من ص دور ه ذا‬

‫الحكم بعقوبة سالبة للحرية‪ ،‬فإنه يصدر بعقوبة او ت دبير اخ ر ال ينط وي على س لب حري ة‪ 2‬المحك وم‬

‫علي ه‪ ،‬ومثله ا وق ف تنفي ذ العقوب ة المنص وص علي ه في الم ادة ‪284‬من ق انون االج راءات الجزائي ة‬

‫الفلسطيني رقم ‪ 3‬لسنة ‪ ،2001‬وتحويل عقوبة الحبس للغرامة المنصوص عليها في الم واد ‪2\26‬‬

‫و ‪ 2\100‬من ق انون العقوب ات االردني رقم ‪ 6‬الس نة ‪ 60‬الس اري في فلس طيني؛ اذا لم ت زد م دة‬

‫العقوبة عن ثالثة اشهر فيما خال حالة التكرار بواقع نصف دينار عن كل يوم على ان يكون القرار‬

‫القاضي بذلك معلال تعليال سليما‪.‬‬

‫يتض ح من ه ذه التعاريف ات ان ه ال يوج د تعري ف واح د لمع نى العقوب ة البديل ة ش أنها في ذل ك‬

‫شأن كافة المصطلحات في مجاالت العلوم االنسانية التي تتشعب فيها التعاريف لمصطلحاتها؛ اال‬

‫انها في النهاية تتفق في مضمونها على معنى واحد‪ ،‬وهو ذات الشيء بالنسبة لمعنى العقوبة البديلة‬

‫االصطالحي؛ اذ انه وبالرغم من ان التعريفات لهذا المعنى قد تتشعبت؛ اال اننا في نهاية المطاف‬

‫نجدها قد اتفقت جميعها على انها احالل العقوبة البديلة أيا كان نوعها محل العقوبة االصلية السالبة‬

‫للحرية القصيرة المدة وفي كل الحاالت يكون الهدف منها تحقيق ذات هدف العقوبة االصلية‪ ،‬وهو‬

‫الزجر العام والزجر الخاص‪.‬‬

‫وه و االم ر ال ذي ال ب د من خالل ه ان نس تطيع التوص ل الى تعري ف للعقوب ة البديل ة بأن ه ‪:‬‬

‫(العقوب ة ال تي يفرض ها القض اء على المحك وم علي ه عوض ا عن العقوب ة االص لية الس البة للحري ة‪،‬‬

‫وال تي يجب ان تتف ق معه ا في اله دف‪ ،‬وه و تحقي ق الزج ر الع ام والخ اص‪ ،‬وان يك ون من ش أنها‬

‫ملتقى االتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة‪ .‬دكتور محمد عبد اهلل ولد محمد الشنقيطي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة‪ -‬جاسم محمد راشد الخديم العنتلي‪ -‬دار النهضة العربية سنة ‪2000‬م ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.115‬‬
‫‪7‬‬
‫اص الح المحك وم علي ه وتأهيل ه) ولق د اتجهت السياس ة الجنائي ة الحديث ة في غالبي ة دول الع الم الى‬

‫االخ ذ به ذا النظ ام‪ ،‬وق د عق د تحت رعاي ة االمم المتح دة العدي د من الم ؤتمرات ال تي ك ان ه دفها من ع‬

‫وق وع الجريم ة‪ ،‬وعالج اس بابها‪ ،‬وق د اج ريت العدي د من االبح اث من ذ اك ثر من نص ف ق رن في‬

‫مختلف انحاء العالم حول هذا الموضوع‪ ،‬ومن هذه المؤتمرات المؤتمر السابع لالمم المتحدة المنعقد‬

‫في ميالنو في عام ‪ 1985‬الذي اعتمد على وجوب اتخاذ كافة التدابير واالجراءات الناجع ة لمعالج ة‬

‫ظاهرة االكتظاظ لدى السجناء‪ ،‬واالستعاضة بقدر المستطاع عنها بالتدابير البديلة‪ ،‬وذلك من اجل‬

‫اع ادة تأهي ل ودمج االمحك وم عليهم في المجتم ع باعتب ارهم ج زء ال يتج زأ من النس يج االجتم اعي‪،‬‬

‫وذلك من اجل اعادتهم اعضاء فاعلين في المجتمع‪ ،‬ففي توصيته رقم ‪ 16‬شدد على وجوب اتخاذ‬

‫الت دابير الالزم ة لعالج ظ اهرة تك دس الس جناء‪ ،‬واالستعاض ة م ا امكن عن عقوب ة الس جن بالت دابير‬

‫البديل ة والمؤهل ة الع ادة دمج المحك وم عليهم في الحي اة االجتماعي ة كأعض اء ف اعلين‪ ،‬واذ يؤك د ان‬

‫االجراءات التي ال تشترط الحبس تمثل طريقة انسانية لتسهيل جهود اعادة التأهيل التي تبذل بشأن‬

‫االفراد المحكوم عليهم فقد اوصى بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬يوص ى ب أن تعم ل ال دول االعض اء على زي ادة جهوده ا الرامي ة الى الح د من االث ار الس لبية‬

‫للسجن‪.‬‬

‫‪ .2‬يوص ي ال دول االعض اء ك ذلك بتك ثيف البحث عن الج زاءات المعقول ة ال تي ال تش ترط الحبس‬

‫كوسيلة لتخفيض اعداد السجناء‪.‬‬

‫‪ .3‬يطلب من لجن ة من ع الجريم ة ومكافحته ا ان تق وم بدراس ة مس ألة الج زاءات ال تي ال تش ترط‬


‫‪1‬‬
‫الحبس والتدابير الرامية الى االندماج االجتماعي للمجرمين مع مراعاة جملة امور‪.‬‬

‫ومن المفيد التأكيد كما سبقت االشارة اليه ان القضاء عندما يلجأ الى تقييد حرية المحكوم‬

‫عليه‪ ،‬فإن ذلك يكون على خالف االصل العام وهو حرية االنسان‪ ،‬وهو ال يقوم بذلك من اجل ايذائ ه‬

‫وانما من اجل المحافظة على النظام العام والحفاظ على حرية كافة افراد المجتمع‪ ،‬وان هذا المبدأ‬

‫يشمل جميع العقوبات االخرى التي يلجأ اليها القضاء في بعض الحاالت‪.‬‬
‫يراجع في ذلك بهزاد علي ادم – مفهوم العقوبة البديلة ‪ -‬الموقع االلكتروني الحوار المتمدن ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪8‬‬
‫لذلك فاننا نرى انه يمكن تعريف العقوبة البديلة بانها ابدال عقوبة غير سالبة للحرية بعقوبة‬

‫س البة للحري ة ينص عليه ا النظ ام الق انوني اذا ت وافرت ش روط معين ة يرج ع تق دير توافره ا لقاض ي‬

‫الموضوع‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫نطاق تطبيق العقوبة البديلة‬

‫يثور التساؤل حول متى يتم االنتقال لتطبيق العقوبة البديلة بدال من العقوبة االصلية ؟‬

‫تتج ه كاف ة التش ريعات ان يك ون نط اق تط بيق العقوب ة البديل ة فق ط في العقوب ات االص لية‬

‫القص يرة الم دة‪ ،‬وغالب ا م ا تتج ه ه ذه التش ريعات وخاص ة التش ريع الفلس طيني الى ان ال تزي د م دة‬

‫العقوب ة السالبة للحرية عن سنة‪ ،‬وذلك كما جاء بنص المادة ‪ 284‬من ق انون االج راءات الجزائي ة‬

‫رقم ‪3‬لس نة ‪ 2001‬ال ذي اج از وق ف تنفي ذ العقوب ة‪ ,‬والم واد ‪ 2\26‬و ‪ 100/2‬عقوب ات اردني لس نة‬

‫‪ 60‬ال تي اج ازت تحوي ل عقوب ة الحبس للغرام ة اذا ك انت العقوب ة الس البة للحري ة التزي د عن ثالث ة‬

‫اشهر‪.‬‬

‫والعقوبة السالبة للحرية المؤقتة (قصيرة المدة) هي التي ال يكون القصد منها العقاب بل ان‬

‫المص لحة العام ة تتطلب ان تك ون العقوب ة فيه ا موجه ة لالص الح‪ ،‬وتتطلب العدال ة المطلق ة ان ال‬

‫تك ون مجلب ه للفس اد ويراعى فيه ا بقدر االمك ان ان الش خص الذي يخرج من الس جن بعد تنقيذ ه ذه‬

‫العقوبة ان ال يعود اليه مرة اخرى‪ ،‬وحيث ان المجرم بالصدفة ال يصبح مجرما بالعادة لذلك فإن‬

‫نطاق تطبيق هذا النظام يجب ان ال يتعدى‪:‬‬

‫‪ - 1‬عقوب ة الحبس الس البة للحري ة المؤقت ة الم دة ب ان ال تزي د ه ذه العقوب ة عن س نة‪ .‬وهي عقوب ة‬

‫اصلية في مواد الجنايات الجنح والغرامات في حالة ما اذا لم يدفع المحكوم عليه مبلغ الغرامة؛‬

‫اذ تستحيل الغرامة الى الحبس بواقع خمسمائة فلس لليوم الواحد على ان التتجاوز مدة الحبس‬

‫عن سنة واحدة وفقا لنص المادة ‪ 1\22‬عقوبات اردني رقم ‪ 16‬لسنة ‪ ،60‬ويمكن ان يكون في‬

‫م واد الجناي ات في االح وال ال تي تس تخدم فيه ا الظ روف التخفيفي ة المنص وص عليه ا في الم ادة‬

‫‪ 99/4‬ق ع اردني لس نة ‪ 60‬المطب ق في فلس طين اذا ن زلت المحكم ة بالعقوب ة لم دة س نة في‬

‫االحوال التي تكون فيها العقوبة االصلية االعتقال المؤقت واالشغال الشاقة المؤقتة اذا حكمت‬

‫بح دها االدنى الب الغ ثالث س نوات ( علم ا ان ح دها االعلى خمس ة عش ر س نة )‪ ،‬وذل ك وفق ا‬

‫‪10‬‬
‫الحكام المادة ‪20‬ع اردني لسنة ‪ 60‬لذلك فإن السرقة وفقا للمادة ‪ 404‬من ذات القانون والتي‬

‫عقوبته ا االش غال الش اقة المؤقت ة وهي من قبي ل الجناي ات اذا حكم بح دها االدنى وه و ثالث‬

‫س نوات فإن ه من الممكن اعم ال العقوب ة البديل ة بوق ف تنفي ذها وفق ا للم ادة (‪ )284‬من ق انون‬

‫االج راءات الجزائي ة اذا اس تخدم القاض ي الظ روف المخفف ة وطب ق الم ادة ‪ 4 /99‬اردني لس نة‬

‫‪ 60‬ونزل بالعقوبة لمدة سنة‪.‬‬

‫وأي ا ك ان االم ر‪ ،‬ف إن الحبس وفق ا للم ادة ‪ 21‬من ق انون العقوب ات رقم ‪ 16‬لس نة ‪ 60‬تع ني‬

‫(وضع المحكوم عليه في احد سجون الدولة المدة المحكوم بها عليه وهي تتراوح بين اسبوع وثالث‬

‫سنوات اال اذا نص القانون على خالف ذلك)‪.‬‬

‫وينبغي التنبي ه الى ان م دة الحبس تب دأ من ت اريخ ب دء حبس المحك وم علي ه على ان يخص م‬

‫منها مدة الحبس االحتياطي‪.‬‬

‫‪ -2‬الحبس التك ديري وه و المنص وص علي ه في الم ادة ‪ 23‬اردني لس نة ‪ ،60‬وال تي ج اء فيه ا‬

‫(تتراوح مدة الحبس التكديري بين اربع وعشرين ساعة واسبوع وتنفذ في المحكوم عليهم في‬

‫اماكن غير االماكن المخصصة بالحكوم عليهم بعقوبات جنائية او جنحية ما امكن)‪.‬‬

‫ويلج أ القاض ي ع ادة لعقوب ة الحبس التك ديري كعقوب ة للجنح المنص وص عليه ا في الم ادة‬

‫‪ 471/1‬والتي جاء فيها (يعاقب بالعقوبة التكديرية كل من يتعاطى بقصد الربح مناجاة االرواح او‬

‫التن ويم المغناطيس ي او التنجيم او ق راءة الك ف او ق راءة ورق ة اللعب وك ل م ا ل ه عالق ة بعلم االغيب‬

‫وتصادر االلبسة والنقود واالشياء المستعملة‪).‬‬

‫‪ -3‬الغرامة ال غرابة اذا قلنا ان العقوبة السالبة للحرية قد تكون بديال عن الغرامة في االحوال التي‬

‫يستنكف فيها المحكوم عليه عن دفع قيمة الغرامة؛ اذ يحبس عن مقابل كل خمس مائة فلس يوم‬

‫واحد بشرط ان ال تزيد هذه المده عن سنه ذلك اذ ان الغرامة وفقا لتعري ف المادة ‪ 22‬عقوبات‬

‫اردني لسنه ‪( 60‬هي الزام المحكوم عليه بان يدفع الى خزينه الحكومه المبلغ المقدر في الحكم‬

‫وهي ت تراوح بين خمس ه دن انير وم ائتي دين ار اال اذا نص الق انون على خالف ذل ك‪ -1 :‬اذا لم‬

‫‪11‬‬
‫ي ؤدي المحك وم علي ه بالغرام ة المبل غ المحك وم ب ه علي ه يحبس في مقاب ل ك ل خمس مائه فلس او‬

‫كسورها يوما واحد على ان ال تتجاوز مدة الحبس في هذه الحالة سنه واحد ‪-2‬وعندما تصدر‬

‫المحكمة قراراه ا بفرض غرامه ينص القرار المذكور نفسه على وجوب حبس المحكوم عليه‬

‫الم ده ال تي تقاب ل الغرام ة المفروض ه بالنس به المق رره في الفق ره الس ابقه عن د ع دم تأديته ا وفي‬

‫حالة عدم النص تستبدل الغرامة بقرار خاص تصدرة النيابة العامة‪. ).‬‬

‫‪12‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫اهداف العقوبة‬

‫وفي هذا المبحث سنتناول تعريف العقوبه وخصائصها في (مطلب أول)‪ ،‬والعقوبه البديله وما يشتبه‬

‫بها من انظمة اخرى في (مطلب ثاني) ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف العقوبه وخصائصها‬

‫وفي ه ذا المطلب س نتناول بالدراس ه تعري ف العقوب ه في (ف رع أول)‪ ،‬وخص ائص العقوب ه‬

‫واهدافها في (فرع ثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف العقوبة‬

‫لم يرتأي المشرع تعريف العقوبة‪ ،‬وانما ترك امر هذا التعريف للفقه والقضاء الذي لم يتفق‬

‫ح تى االن على تعري ف واح د ج امع وم انع لمع نى العقوب ة‪ ،‬وق د تش عبت االراء قي ه ذا الص دد فق د‬

‫عرفه ا اس تاذنا المرح وم ال دكتور محم ود نجيب حس ني على انه ا (الج زاء ال ذي يح دده الق انون‬

‫ويفرض ه القاض ي من اج ل الجريم ة ويتناس ب معه ا) بينم ا عرفه ا البعض بأنه ا (ج زاء يوق ع باس م‬

‫المجتم ع تنفي ذا لحكم قض ائي على من يثبت مس ؤوليته عن الجريم ة) في حين عرفه ا اخ رون (بأنه ا‬

‫جزاء يوقع باسم المجتمع تنفيذا لحكم قضائي على من تثبت مسؤوليته عن الجريمة)‪.‬‬

‫ام ا نحن فإنن ا نرى ان العقوب ة(هي الج زاء المحدد الم دة الذي يفرض على المحكوم علي ه‬

‫نتيجة ثبوت مخالفته ألحد نصوص قانون العقوبات بموجب حكم قضائي مبرم وذلك تحقيقا للردع‬

‫العام والخاص)‬

‫‪13‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص العقوبه واهدافها‬

‫‪ .1‬ان تك ون ه ذه العقوب ة مؤلم ة وقاس ية وه ذا ام ر ض روري لتحقي ق ه دف ال ردع الع ام والخ اص‬

‫وارضاء ردة فعل المجتمع تجاه الجريمة وارضاء الرأي العام والمجتمع الذي انتهكت احدى‬

‫محارمه وهي على هذا الصعيد يجب ان تكون مؤدية لالصالح والتأهيل اذ يجب ان تؤدي الى‬

‫ايالم الج اني ودفع ه باتج اه التخلي عن قيم ه الفاس دة من اج ل قيم اخ رى تك ون ص الحة ب دال من‬

‫ه ذه القيم الفاس دة وهي تحم ل في معناه ا تهدي ده بع دم الع ودة الرتك اب ه ذه الجريم ة او غيره ا‬

‫وهو ما يسمى الردع الخاص وحمل غيره على االتعاظ بما القاه هذا المحكوم عليه من عناء‬

‫وعنت نتيجة تنفيذ هذه العقوبة وهو ما يسمى الردع العام‪.‬‬

‫‪ .2‬االحتق ار ال ذي يالقي ه المحك وم علي ه فهي ت ودي الى احتق اره وتجعل ه في حال ة ي رثى له ا في‬

‫المجتم ع ال ذي ينتمي الي ه‪ ،‬والعقوب ة هي انعك اس لم ا تنط وي علي ه العقوب ة من ل وم واس تهجان‬

‫اجتم اعي يوج ه الى المحك وم علي ه؛ اال ان ه ذا االحتق ار يجب ان ال يص ل الى ح د امته ان‬

‫الكرام ة االنس انية للمحك وم علي ه‪ ،‬وه ذا يتحق ق عن دما تمث ل العقوب ة الج زاء الع ادل؛ ل ذلك فإن ه‬

‫يجب ان نس تنكر ك ل عقوب ة تمتهن الكرام ة االنس انية للمحك وم علي ه او تج رح الش عور الع ام‬

‫للمجتمع‪ ،‬والمحكوم عليه بالرغم من اجرامه فانه ال يزال يتمتع بصفتين وهما حق المواطنة‬

‫وانس انيته‪ ،‬وفيم ا بين ه اتين الص فتين او الحقين يوج د حق وق انس انية يجب االع تراف به ا‬

‫للمحكوم عليه ذلك ان اصالحه وتأهيله يتطلب ان يترسخ لدى المحكوم عليه بان االجرام هو‬

‫امر غير الئق؛ الن ذلك هو الهدف من االصالح والتأهيل داخل السجون وهو ما دعى بعض‬

‫ال دول الى تغي ير اس م الس جون الى اس م مراك ز االص الح والتأهي ل كم ا ه و الح ال في دول ة‬

‫فلس طين ال تي اص درت الق انون رقم ‪ 6‬لس نة ‪ 1998‬بش أن مراك ز االص الح والتأهي ل حيث‬

‫ان اطت الم ادة الثاني ة من ه ب وزير الداخلي ه ص الحية انش اء مراك ز االص الح والتأهي ل‪ ،‬وذل ك‬

‫الستيعاب االشخاص المحبوسين تنفيذا الي حكم صادر من محكمة جزائية او خاصة او موقوفا‬

‫تحت الحفظ القانوني او أي شخص يحال الى المركز تنفيذا الجراء حقوقي‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ذل ك ان غ رض العقوب ة ه و تأهي ل المحك وم علي ه الس ترداد مكانت ه الالئق ة في الش ريحة‬

‫االجتماعية التي ينتمي اليها‪ ،‬واعداده الستعادة ثقته بنفسه حتى يترسخ في ذهنه ان االجرام هو عمل‬

‫غير الئق وال يتأتى ذلك اال باحترام كرامته االنسانية‪ ،‬وينبني على ذلك عدم االعتراف باية عقوبة‬

‫ال تقبل التدرج والتجزئة حتى يستطاع تحديد مقدارها بحيث تناسب ظروف الحالة التي توقع فيها‪.‬‬

‫‪ .3‬ان يكون فرض هذه العقوبة من القضاء وهذه ضمانة رئيسية للمحكوم عليه‪ ،‬والمجتمع وذلك‬

‫بالنظر الى ان القضاة هم االشخاص الذين يحوزون على ثقة المجتمع في توقيع العقاب العادل‪،‬‬

‫وذل ك بفض ل م ا يمت ازون ب ه من علم ق انوني وخ برتهم القض ائية واالس تقالل والنزاه ة ال تي‬

‫يف ترض ان يتمتع وا فيه ا‪ ،‬وعلي ه فإن ه ال يج وز ان ين اط برج ال االدارة كالمح افظين او والة‬

‫االق اليم او الفن يين والخ براء مس ؤولية ف رض العقوب ات وتقريره ا او تص ديرها ألن ذل ك يخ رج‬

‫عن واليتهم واختصاصهم وهو منوط فقط بالقضاة‪.‬‬

‫‪ .4‬ولع ل اهم خص ائص العقوب ة ه و تحدي د م دتها س واء من حيث كيفيته ا‪ ،‬او كمه ا والمك ان‬

‫المخصص لتنفيذها من قبل المحكوم عليه؛ الن الغرض كما قلنا من العقوبة هو تحقبق الردع‬

‫الع ام والخ اص؛ ل ذك وجب لزام ا تحدي د م دة العقوب ة ال تي يمكن من خالله ا الوص ول له ذا‬

‫الغرض‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العقوبه البديله وما يشتبه بها من انظمة اخرى‬

‫قلنا ان العقوبات البديلة هي العقوبة التي يفرضها القضاء‪ ،‬على المحكوم عليه عوضا عن‬

‫العقوب ة األص لية الس البة للحري ة‪ ،‬وال تي يجب ان تتف ق معه ا في اله دف في تحقي ق ال ردع الع ام‬

‫والخ اص‪ ،‬وان يك ون من ش انها اص الح المحك وم علي ه وتأهيل ه‪ ،‬ولم ا ك انت التش ريعات القانوني ة‬

‫المعاصرة تعرف انظمة قانونية قد تشتبه مع نظام بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة‪ ،‬ف ان‬

‫مقتض يات ه ذا المطلب تقتض ي دراس ته في ف رعين نتن اول فيهم ا ب دائل ال دعوى الجنائب ة في (ف رع‬

‫اول) وبدائل الحبس االحتياطي( في فرع ثاني) ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬بدائل الدعوى الجنائة‬

‫‪15‬‬
‫على ضوء تعريفنا للعقوبات البديلة‪ ،‬فأننا نستنتج من هذا التعريف انها اي العقوبات البديله‬

‫يجب ان تح ل بص فة ذاتي ة أو موازي ه مح ل العقوب ات الس البه للحري ه‪ ،‬فهي تف ترض ان كاف ة‬

‫االجراءات الجنائية قد اتخذت في الدعوى‪ ،‬وان الحكم قد صدر بها فال وجه لتطبيق العقوبة البديلة‬

‫قبل صدور حكم من المحكمة المختصة بعقوبة معينة وسالبه للحريه على النحو الذي بيناه سالفا؛ اما‬

‫اذا صدر بأي نوع من انواع العقوبات االخرى‪ ،‬فانه المجال لتطبيق هذه العقوبات كما لو صدر‬

‫الحكم بتقيد حريه المحكوم عليه بان كان بفرض اقامة جبرية علية او اخضاعه لمراقبه البوليس‪،‬‬

‫فه ذه العقوب ات هي مقي ده للحري ه وليس ت س البه للحري ه‪ ،‬وبالت الي فانه ا ال تخض ع لنظ ام العقوب ات‬

‫البديل ة‪ .‬كم ا ان ه ذه العقوب ة يجب ان تك ون مح دودة الم ده وه ذا يس وقنا للتفرق ة بين ب دائل العقوب ة‬

‫وبدائل الدعوى الجنائية حيث‪ ،‬تفترض االخيره عدم اتخاذ االجراء الجنائي اصال‪ .‬ولعل اهم االمثلة‬

‫على ذلك في التشريع الفلسطيني ماهو معروف باسم التصالح الجزائي الذي نظمت ه المواد ‪ 16‬و‪17‬‬

‫و‪ 18‬من قانون االجراءت الجزائية الفلسطيني رقم ‪ 3‬لسنة ‪ ،2001‬حيث حاء بنص المادة ‪ 18‬من‬

‫ه ذا الق انون(وتنقض ي ال دعوى الجزائي ة ب دفع مبل غ التص الح وال يك ون ل ذلك ت اثير على ال دعوى‬

‫المدنيه) ‪ .‬وهو االمر الذي عالجه المشرع كذلك في المادة ‪ 52‬عقوبات اردني لسنة ‪ 60‬والتي جاء‬

‫فيها (أن صفح المجني عليه يوقف الدعووى وتنفيذ العقوبات المحكوم بها والتي لم تكتسب الدرجة‬

‫القطعب ة اذا ك انت اقام ة ال دعوى تتوق ف على اتخ اذ ص فة االدع اء الشخص ي)‪ .‬ومن االمثل ة على‬

‫الدعاوى التي تتوقف على اتخاذ صفة االدعاء الشخصي جرائم الذم والقدح والتحقير اذ نصت عليها‬

‫الم ادة ‪364‬عقوب ات لس نة ‪ 60‬وال تي ج اء فيه ا‪( :‬وتتوق ف دع اوى ال ذم والق دح والتحق يرعلى اتخ اذ‬

‫المعتدى عليه صفة االدعاء الشخصي)‪ .‬اذ انه لما كانت الحكمة من تعليق مباشرة الدعوى الجنائية‬

‫على شكوى هو ان يقدر المجني عليه ما اذا كان من صالحه اتخاذ االجراءت ضد الجاني‪ ،‬ام من‬

‫الخ ير ل ه الس كوت عم ا وق ع من ه وه و م ا يس تتبع ان يمنح الش اكي ح ق التن ازل عن ش كواه في اي ه‬

‫مرحل ة من مراح ل ال دعوى ح تى يص در فيه ا حكم نه ائي؛ الن في اس تمرار نظره ا او مباش رة‬

‫االجراءت تفويت الغرض الذي ابتغى المشرع تحقيقه من النص السابق‪ .1‬وال شك ان من اهم ب دائل‬

‫الدعوى الجنائية هو ازالة وصف الجرم عن الفعل‪ ،‬والعفو الع ام اخذ به قانون االجراءت الجزائية‬

‫د‪ .‬حسن صادق المرصفاوي – اصول االجراءات الجنائية – منشأة المعارف في االسكندريه سنه ‪ 2007‬صفحة ‪.99‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪16‬‬
‫الفلس طيني رقم ‪ 3‬لس نة ‪ 2001‬ال ذي نص في الم ادة ‪ 9‬فق ره ‪ 1‬وفق ره ‪2‬من ه على ان ه (تنقض ي‬

‫الدعوى الجزائية في احدى الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬الغاء القانون الذي يجرم الفعل‪.‬‬

‫‪ .2‬العفو العام‪.‬‬

‫وهو االمر الذي عالجه كذلك قانون العقوبات رقم ‪ 16‬لسنة ‪ 60‬والذي جاء في المادة ‪50‬‬

‫منه مايلي‪:‬‬

‫‪ )1‬يصدر العفو العام عن السلطة التشريعية‬

‫‪ )2‬يزيل العفو العام حالة االجرام من اساسها ويصدر بالدعوى العمومية قبل اقترانها بحكم وبعد‬

‫الحكم به ا بحيث تس قط ك ل عقوب ة اص ليه ك انت ام فرعي ه ولكن ه ال يمن ع من الحكم للم دعي‬

‫الشخصي بالالزامات المدنية وال من انفاذ الحكم الصادر بها‪.‬‬

‫‪ )3‬الترد الغرامات والرسوم المستوفاه واالشياء المصادره‪.‬‬

‫ومم ا تج در االش ارة الي ه بان ه ينبغي التمي يز بين م ا اذا ك ان العف و ق د ص در اثن اء الس ير‬

‫بالدعوى الجنائية‪ ،‬فان ذلك يعتبر من قبب ل بدائل الدعوى الجنائية ‪ .‬وبين اما اذا صدر بعد صدور‬

‫الحكم بعقوب ة معين ة‪ ،‬فان ه اليعت بر من ب دائل ال دعوى الجنائي ة وال من ب دائل العقوب ه‪ ،‬فه و ليس من‬

‫بدائل الدعوى الجنائيه؛ النه يكون قد صدر بعد صدور حكم في الدعوى‪ ،‬كما انه ال يعتبر بديال عن‬

‫العقوبه؛ النه يعفي المحكوم عليه منها‪ ،‬لكن يمكن ان يكون من بدائل العقوبة السالبة للحرية اذا كان‬

‫مقرونا بالتزامات معينه يجب على المحكوم عليه القيام بها مثل وضعه تحت مراقبة البوليس حتى‬

‫نهاي ة م دة العقوب ة المق ررة في الحكم‪ ،‬واذا لم يكن مقرون ا ب اي ال ترام ‪،‬فان ه اليعت بر ب ديال للعقوب ة‬

‫السالبة للحريه الن به تنقضي العقوبة‪ ،‬وق د ياتي العفو بحيث يخفض المدة‪ .‬وفي النتيج ة قد تكون‬

‫نهاية العفو ابدال ما تبقى بعد العفو من العقوبة بعقوبة اخرى‪ .‬وتمثل بدائل الدعوى الجنائية اخر‬

‫التطورات او اخر مراحل التطور العقابي‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫يتضح لنا مما سبق الفرق الواضح بين بدائل العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة‪ ،‬وبدائل‬

‫الدعوى الجنائية‪ ،‬فاألولى هدفها احالل اجراءات وتدابير اخرى محل العقوبة السالبة للحرية‪ ،‬فهي‬

‫تف ترض مباش رة االج راءات الجنائي ة على العكس من ب دائل ال دعوى الجنائي ة ال تي ته دف الى ع دم‬

‫اتخاذ االجراءات الجنائية ابتداًء او التحول عن الخصومة الجنائية‪.‬‬

‫اننا نستننتج مما تقدم ان نظامي بدائل الدعوى الجنائية‪ ،‬وبدائل العقوبة قصيرة المدة وان‬

‫اشتركا في بعض االسباب المؤدية اليهما‪ ،‬ولعل اهمها فشل النظام الجزائي في مكافحة الجريمة؛ اال‬

‫انهم ا يفترق ان من حيث تفاص يل ه ذه االس باب‪ ،‬فب دائل العقوب ة دعي الى تطبيقه ا بس بب االث ار‬

‫االجتماعي ة واالقتص ادية والفردي ة الس يئة ال تي ت ترتب على تنفي ذ العقوب ات االس البة للحري ة قص يرة‬

‫المدة‪.‬‬

‫وبدائل الدعوى الجنائية ترجع الى ثبوت عدم فاعلي ة االجراء الجنائي‪ ،‬وهو االمر الذي‬

‫نتوصل من خالله الى ان بدائل الدعوى الجنائية اكثر اتساعا وشموال وعمومية من بدائل العقوبة‬

‫الس البة للحري ة؛ اذ ان االخ يرة تنص ب على عقوب ة محددة وتتج ه الى اس تبعادها‪ ،‬ام ا ب دائل الدعوى‬

‫فهي تف ترض تجنب االج راء الجن ائي وتج نيب الج اني ص عوبة االج راء‪ ،‬واالخ ذ بي د الض حية ال ذي‬

‫اصبح من االهتمامات الرئيسية للسياسة الجنائية الحديثة‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬بدائل الحبس االحتياطي‬

‫من الثابت لنا جميعا ان االصل في االنسان البراءة حتى تثبت ادانته بحكم نهائي‪ .‬و حقيقة‬

‫هذه القاعدة ان ال يجازى الفرد عما اسند اليه ما لم يصدر ضده حكم بالعقوبة من جهة ذات والية‬

‫قانوني ة‪ ،‬وم ع ه ذا فق د اج از المش رع المس اس بحري ة الف رد قب ل ان تثبت ادانت ه بحكم نه ائي‪ ،‬وذل ك‬

‫بتقييدها بالحبس االحتياطي‪ ،‬والمبررات التي اجاز المشرع فيها حبس المتهم احتياطيا يقوم اساسها‬

‫على اعتباره اجراء جوهريا وضروريا من اجراءات التحقيق االبتدائي وتتمثل اهمية هذا االجراء‬

‫في انه اجراء أمن من اجراءت التحقيق وفيه يتحقق ضمان تنفيذ الحكم‪ ،‬فكون الحبس االحتياطي فيه‬

‫اجراء أمن؛ فإن فيه ارضاء جزئي لشعور المجني عليه‪ ،‬وبالتالي فهو وسيلة المتصاص غضبه بل‬

‫‪18‬‬
‫هو حماية للمتهم نفسه من االعتداء عليه كردة فعل عن الجريمة التي قارفها‪ ،‬وهوى اجراء تحقيقي‬

‫يجع ل المتهم دائم ا في متن اول هيئ ة التحقي ق فيمكن من خالل ه في أي وقت اس تجوابه او مواجهت ه‬

‫بمختل ف الش هود وه و ام ر يس اعد في انج از االج راءات الجنائي ة والوص ول الى الحقيق ة لمج ازات‬

‫فاعل الجريمة‪ ،‬واخير فإنه اجراء ضروري لضمان تنفيذ العقوبة اذا ما صدر حكم باالدانة ضده‬

‫فه و ض مانة لع دم ه روب المتهم‪ ،‬وفي ه ذه االص ورة غلب المش رع مص لحة المجتم ع على مص لحة‬

‫الف رد‪ ،‬والحبس االحتي اطي يعت بر المس اعد الض روري ال ذي ال ب د من ه في كث ير من الجناي ات ان لم‬

‫يكن كلها‪.‬‬

‫وهو يعتبر من اهم واخطر االجراءات التي تتخذها سلطة التحقيق نظر ألنه يؤدي الى سلب‬

‫حرية المتهم بينما االصل في سلب الحرية انه اجراء جنائي ال يتخذ اال بموجب حكم قضائي واجب‬

‫التنفي ذ‪ .‬من هن ا تع الت االص وات س واء من رج ال الفق ه الق انوني ومن منظم ات المجتم ع الم دني‬

‫بضرورة وضع ضوابط تحد من االسراف في استخدام هذا االجراء من قبل سلطة التحقيق‪.‬‬

‫ولاغ رو وال عجب من ه ذه االرهاص ات واالهتمام ات؛ الن الحبس االحتي اطي انفلت من‬

‫عقاله واصبح امر من اوامر التحقيق واسرف فيه وسيء استخدامه حيث ان المدعي العامي في ظل‬

‫في ق انون اص ول المحاكم ات الجزائي ة الملغي رقم ‪ 9‬لس نة ‪ -1961‬وال ذي اس تمر العم ل ب ه في‬

‫فلسطين حتى العام ‪ 2001‬بصدور قانون االجراءت الجزائية رقم ‪ 1‬لسنة ‪ -2001‬منح صالحية‬

‫توقيف المتهم بدون رقابة قضائة فقد كانت المادة ‪ 114‬منه تنص على انه (بعد استجواب المشتكى‬

‫عليه يجوز للمدعي العام ان يصدر بحقه مذكرة توفيف لمدة ال تتجاوز خمسة عشره يوما اذا كان‬

‫الفعل المسند اليه معاقبا عليه بالحبس او بعقوبة اشد منه ويجوز عند الضرورة تمديد هذه المدة من‬

‫وفت الى اخر لمدة ال تتجاوز خمسة عشر يوما)‪.‬‬

‫وهو االمر الذي يبدو منه جليا ان صالحية التوقيف وتمديد التوقيف كانت ممنوخ للمدعي‬

‫العام بدون ادنى رقابة قضائية االمر الذي منحه سلطة واسعه وتحكمية في مسالتي التوقيف وتمديد‬

‫التوقيف‪ .‬وقد استمر العمل بهذا االجراء المنصوص عليه في المدة انفة الذكر‬

‫‪19‬‬
‫الى ان صدر قانون االجراءت الجزئية الفلسطيني رقم ‪3‬لسنة ‪ ,2001‬فاخضع امر الحبس‬

‫االحتياطي لقاضي الصلح ابتداء بتوقيف المتهم لمدة خمسة عشرة يوما قابله للتجديد على ان التزيد‬

‫كام ل الم ده عن ‪ 45‬يوم ا‪ ،‬فق د نص ت الم ادة من ه ‪ 119‬على ان ه (اذا اقتض ت اج راءات التحقي ق‬

‫استمرار توقف المقبوض عليه اكثر من اربعه وعشرين ساعة فلوكيل النيابة‬

‫ان يطلب من قاضي الصلح تمديد التوقيف لمدة التتجاوز خمسة عشر يوما قابلة للتجديد‬

‫وقد نصت المادة‪ 1\120‬كذلك (‪ .......‬كما يجوز له تجديد توقيفه مددا اخرى التزيد في مجموعها‬

‫على خمسة واربعين يوما ‪ ) .‬واذا اقتض ت اجراءات التخقيق تمديد توقيفه لمدة اطول فقد اجازت‬

‫الفق رة الثاني ة من ه ذه الم ادة تق ديم طلب من الن ائب الع ام او اح د مس اعديه لمحكم ة البداي ة لتمدي د‬

‫توقيف المتهم على ان التزيد مدة التوقيف عن ‪ 45‬يوما‪ ،‬وقد اجازت الفقرة الثالثة جواز تمديد هذه‬

‫الم دة م رة اخ رى؛ اال ان الفق رة الرابع ة لم تس مح ب ان تزي د مجم وع ه ذه الم دد مض افا اليه ا م دة‬

‫التوقيف لدى محكمة الصلح عن ستة اشهر واالفراج عنه فورا اذا لم تتم احالته للمحكمة المختصة‪،‬‬

‫وق د اش ترطت الفق رة الخامس ة ع دم ج واز ان تزي د م دة التوقي ف ب اي ح ال من االح وال عن الم دة‬

‫المقررة للعقوبة‪.‬‬

‫وعليه فانه يمكن تعريف الحبس االحتياطي بانه‪ :‬اجراء من اجراءت التحقيق اال انه ليس‬

‫اجراءا يستهدف البحث عن دليل وهذا يجعله في عداد امر من اوامر التحقيق التي تستهدف تامين‬

‫االدلة‪ 1‬على عكس العقوبة البديلة التي هي ابدال عقوب ة س جنية ب اخرى غ ير س جنية اذ انه ا تف ترض‬

‫صدور حكم نهائي بعقوبة سالبة للحرية ‪.‬‬

‫ام ا في ا يتعل ق بالت دابير البديل ه للحبس االحتي اطي فق د عالجته ا الم ادة ‪ 130‬من ق انون‬

‫االجراءت الجزائية الفلسطينية رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 2001‬ووضعت له شروطا تتمثل فيمايلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬اشترطت عدم جواز االفراج عن المتهم قبل تع يين محل اقامة له في نطاق المحكمة المختصة‬

‫بنظر دعواه‪.‬‬

‫الحبس االحتياطي وبدائله – المستشار فرج علواني هليل – دار المطبوعات الجامعية – سنة ‪ 2007‬ص‪.9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪20‬‬
‫فقد جاء فيها انه (االيجوز االفراج عن المتهم بكفالة اال بعد ان يعين محال له في الجهة التي‬

‫يشملها اختصاص المحكمة‪ ،‬ما لم يكن مقيما فيها)‬

‫وعلي ه فان ه اذا ت وافرت ش روط معين ة ل دى المحكم ة المختص ة فله ا ان تس تبدل الحبس‬

‫االحتياطي بمجموعة من البدائل من اهمها‪:‬‬

‫‪ .1‬الكفالة المالية‪ :‬وهي نوعان‪:‬‬

‫‌أ‪ .‬سند تعهد اما ان يكون عدليا ويسمى كفالة عدليه يكفل فيه شخص مقتدر حضور المتهم كافة‬

‫جلس ات التحقي ق والمحاكم ة لق اء مبل غ معين يكفل ه في ه ت اجر مس جل ل دى الغرف ة التجاري ة‬

‫ويصادق على توقيعه ومالءته رئيس الغرفة التجارية ومن ثم يصادق على توقيع الكفيل كاتب‬

‫العدل الواقع في منطقة نطاق المحكمة المختصة‪ ،‬وقد يكون هذا السند هو تعهد موقع من الكفيل‬

‫فقط ودن اتباع االجراءت السابقة‪ ،‬وذلك لقاء مبلغ معين يلتزم الكفيل بدفعه اذا هو لم يتمكن من‬

‫احضار المتهم لدى النيابة العامة او المحكمة المختصة بعد احالة الدعوى اليها‬

‫‌ب‪ .‬ويج وز للمحكم ة ان تس مح باي داع مبل غ م الي في ص ندوق المحكم ة ب دل من طلب الكفالء وه و‬

‫مايسمى بالكفالة النقدية كبديل للحبس االحتياطي‪ .‬وقد نظمت هذه الوسيلة من وسائل االفراج‬

‫كبديل عن الحبس االحتياطي المادة ‪ 139‬من قانون االجراءت الجزائية والتي جاء فيها‪:‬‬

‫‪( )1‬يجب على ك ل ش خص تق رر االف راج عن ه بكفال ة ان يوق ع س ند تعه د ب المبلغ ال ذي ت راه‬

‫المحكمة وان يوقعه كفالؤه اذا طلبت المحكمة ذلك‪).‬‬

‫‪ - )2‬يجوز للمحكمة ان تسمح بايداع مبلع بقيمة سند التعهد بدال من طلب الكفالء‪ ،‬ويعتبر هذا‬

‫التامين ضمانا لتنفيذ شروط سند التعهد‪).‬‬

‫‪ .2‬مراقبة البوليس (مراقبة الشرطة) االقامة تحت اشراف الشرطة‪:‬‬

‫لق د اخ ذ ق انون االج راءت الجزائي ة الفلس طيني في الم ادة ‪ 140‬من ه به ذا النظ ام كب ديل عن‬

‫الحبس االحتياطي‪ ،‬فقد ال يكون هناك بمقدور المتهم ان يوفي بالكفالة المالية التي تطلبتها المحكمة‬
‫‪21‬‬
‫كم ا ان ه ق د يتع ذر علي ه ايج اد ش خص يتعه د بالوف اء به ا عن د اخالل المتهم بااللتزام ات المفروض ة‬

‫علي ه‪ ،‬وب ذات ال وقت تج د المحكم ة المختص ة ب االفراج ان بقاء المتهم محبوس ا الض رورة ل ه‪ ،‬ولكن‬

‫ومع ذلك ورغبه في سير االجراءت بطريقها الطبيعي دون خلل او تعطيل‪ ،‬فقد تجد ان االمر ربما‬

‫يتطلب ض مانا لمث ول المتهم ام ام جه ة التحقي ق او ام ام المحكم ة المختص ة كلم ا دعت الحاج ة الى‬

‫ذلك‪ ،‬فتجد ان هذا الضمان يتحقق بالزام المتهم بان يقدم نفسه في فترات محدودة تحددها المحكمة‬

‫بامر االفراج الى مقر الشرطة الذي تعينه المحكمة بقرارها وفقا لظروف الدعوى‪.‬‬

‫كما انه ومن حهة اخرى‪ ،‬فان االفراج المؤقت عن المتهم الذي اسندت اليه مقارفته للجريم ة‬

‫وبقاؤه مقيما في منطقة الحادث قد يؤدي الى اثارة الشعور‪ ،‬سيما لدى ذوي المجني عليه مما قد ينتج‬

‫عنه زعزعه االستقرار واالمن والنظام العامين فيقتضي االمر من المحكمة اختيار مكان اخر غير‬

‫ه ذا المك ان ليقيم في ه المحك وم علي ه‪ ،‬وال ض ير من ان ت راعي المحكم ة بع د اخ ذها بظ روف النظ ام‬

‫واالمن الع ام ال زام المتهم باختي ار مك ان اخ ر غ ير ال ذي وقعت في ه الجريم ة‪ 1‬؛كم ا ان له ا ان تطلب‬

‫منه تغي ير المكان الذي وقعت فيه الجريمة‪ ،‬وان السند التشريعي لهذا االجراء هو ما نصت عليه‬

‫المادة ‪140‬من قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني والتي جاء فيها(يجوز للمحكمة اذا تبين لها ان‬

‫حاله المتهم ال تسمح له بتقديم كفاله ان تستبدل بها التزام المتهم بان يقدم نفس ه الى مركز الشرطة‬

‫في االوقات التي تحددها في امر االفراج مع مراعاه ظروفه ولها كذلك ان تطلب منه اختيار مكان‬

‫لاقامته غير المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة‪).‬‬

‫وه و م ايمكن تس ميته باالبع اد او النفي عن مك ان وق وع الجريم ة؛ اذ ان مقتض يات االمن او‬

‫النظ ام الع ام ومراع اة ش عور اه ل المج ني علي ه ق د تقتض ي ابع اده وخاص ة اذا تعل ق االم ر بقض ايا‬

‫القتل او أي قضية اخرى خطيرة على االمن والنظام العام قد تسلزم اتخاد مثل هذا االجراء كبديل‬

‫للحبس االحتياطي‪ .‬وتعود مسالة تقدير هذه الخطورة للقاضي الذي ينظر امر االفراج‪.‬‬

‫اال ان ه وفي جمي ع االح وال تلغى الكفال ة ويع اد المتهم للحبس اذا خ الف ش روط الكفال ة ال تي‬

‫استبدل بها الحبس االحتياطي وذلك وفقا لنص المادة‪ 147‬من قانون االجراءات الجزائية والتي جاء‬

‫د حسن صادق المرصفاوي المرجع السابق ص‪.420‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪22‬‬
‫فيه ا (‪ -1‬اذا ثبت مخالف ة الش روط المدرج ة في س ند الكفال ة او التعه د ج از للمحكم ة المختص ة‪ :‬ان‬

‫تصدر مذكرة احضار بحق الشخص الذي افرج عنه او تقرر اعادة توقيفه)‪.‬‬

‫نخلص مماتق دم ان ه اذا ك انت ه ذه هي الوس ائل البديل ة للحبس االحتي اطي ض من ق انون‬

‫االجراءات الجزائية الفلسطيني‪ ،‬فحبذا لو تضمن هذا القانون اجراءات اخرى مثل‪:‬‬

‫‪ .1‬ال زام المتهم بع دم مبارح ة مس كنه او موطن ه‪ .‬بمع نى ان يص در ام را ب الزام المتهم ب أن يظ ل‬

‫رهن مسكنه ال يبارحه لمدة يحددها قرار المحكمة المختصة باالفراج‪ ،‬ولعل هذا االمر وان‬

‫ك ان قي دا على حريت ه اال ان ه اخ ف وط أة من الحبس االحتي اطي باعتب ار ان ه س يبقى في ظ ل‬

‫اسرته واهله يزوره من يشاء في أي وقت يشاء شريطة ان يكون ذلك في مسكنه‪ .‬والمقصود‬

‫بالمسكن في معنى ق انون االج راءات الجزائي ة هو كل ما يتخذه الشخص مس كنا لنفس ه على‬

‫وجه التوقيت او الدوام بحيث يكون حرا امنا ال يباح لغيره دخوله اال بإذنه‪ .‬وعلى ذلك فإن‬

‫كل مكان خاص يقيم فيه الشخص بصفة مؤقتة او دائمة هو مسكن ولو لم يكن مكتمال او لم‬

‫يكن به نوافذ وابواب‪.‬‬

‫‪ .2‬حظ ر ارتي اد المتهم ام اكن معين ة‪ .‬واالم اكن المح ددة ق د يك ون مض مونها ع دم ارتي اد المتهم‬

‫الماكن يخشى من وجوده فيها؛ كأن يكون مصدر الخشية عبثه بأدلة الجريمة‪ ،‬او ان يجتمع‬

‫م ع غ يره من قرن اء الس وء المحرض ين على الجريم ة‪ ،‬او الت اثير على ش اهد‪ ،‬او ان يخش ى‬

‫عليه ارتياد مكان وجود المجني عليه او احد اقاربه منعا من تداعيات معينه تتمثل في اثارة‬

‫ال رأي الع ام علي ه في ه ذا المك ان او ان ين ال من ه اح د‪ ،‬فه ذا الت دبير ذو وجهين حماي ة ل ه‬
‫‪1‬‬
‫واحترازله‪.‬‬

‫وعلي ه فإنن ا ن رى ان مث ل ه ذا الت دبير يمكن ان ي ؤدي الى تحقي ق الغ رض من الحبس‬

‫االحتياطي وال ضير من االخذ به كبديل عن الحبس االحتياطي‪.‬‬

‫الحبس االحتياطي وبدائله – مرجع سابق ص ‪.282‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪23‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية مؤقتة المدة في التشريع الفلسطيني‬

‫لقد اثبت التطبيق العملي للعقوبة وجود مساوئ كثير تنجم عن تنفيذ العقوبات السالبة للحري ة‬

‫قصيرة المدة ذلك ان فلسفة العقوبة تقوم على ركن اساسي هدفها اصالح المحكوم عليه واعادته الى‬

‫ج ادة الص واب والى المجتم ع انس انا س ويا‪ ،‬وال ته دف لالنتق ام من ه ذل ك ان ظروف ا ادت ب ه الى‬

‫الجريمة‪ ،‬وحيث ان عقوبة الحبس قصيرة المدة تؤدي الى انغماس المحكوم عليه بهذه العقوبة مع‬

‫اوساط من المحكوم عليهم موغلين في الجريمة دون وجود أية سوابق له‪ ،‬فإنه كان من الحكمة عدم‬

‫الزج بهم داخل هذه االوساط من اجل تجنيبهم االختالط باشخاص على معرفة واسعة بالجريمة‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫باالضافة الى ان هذه العقوبة من القصر بحيث ال تمكن ادارة مراكز االصالح والتأهيل من ادخال‬

‫المحك وم علي ه في اي ة ب رامج اص الحية؛ كم ا ان ج دوى ه ذه العقوب ة بتحقي ق ال ردع الع ام والخ اص‬

‫يمكن تعويضه بعقوبة بديلة قد تحقق ذات الغرض‪.‬‬

‫كم ا ان اللج وء الى ه ذه العقوب ة ي ؤدي بطبيع ة الح ال الى تقلي ل ع دد ال نزالء في مراك ز‬

‫االصالح والتاهيل مما يترتب عليه تحسين الظروف الصحية داخل ه‪ ،‬وعدم تعرض المحكوم عليه‬

‫في ه ذا الن وع من العقوب ات لالم راض ال تي ق د تك ون منتش رة بين ال نزالء بس بب االختالط‪ ،‬يض اف‬

‫الى ذلك ان هناك فائدة اقتصادية قد تجرها االدارة من تفعيل هذا النوع من العقوبات؛ اذ يترتب على‬

‫ذلك اخالء طرف االدراة من مسؤولية توفير الغذاء والكساء وما يلزمه من فراش للنوم اثناء فترة‬

‫محكومية المحكوم عليه‪ ،‬وتلك مبالغ ليست بالبسيطة والتي يمكن ان يتم توفيرها ب ل بالعكس قد تدر‬

‫دخال على الخرينة اذا كان البديل تحويل عقوبة الحبس للغرامة‪.‬‬

‫وغني عن الذكر ان ه يجب ان ال يك ون ه ذا الس بب االقتص ادي هو الس بب الوحيد العم ال‬

‫للعقوبة البديلة‪ ،‬وانما دائما يجب ان نأخذ في االعتبار تحقيق العقوبة للردع العام والخاص‪ .‬وعليه‬

‫ونتيجة لمساوئ تنفيذ العقوبة االصلية قصيرة المدة‪ ،‬وبذات الوقت وجراء العوامل االيجابية التي‬

‫يمكن تحقيقها من تفعيل نظام العقوبة البديلة والتي اشرنا اليها انفا‪ ،‬فقد ثار البحث اليجاد عقوبات‬

‫بديل ة للعقوي ة الس الية للحري ة مؤقتت ة الم دة‪ ،‬وق د اتج ه الفك ر التقلي دي ال ذي ينتمي الي ه التش ريع‬

‫الفلسطيني للبدائل التالية‪:‬‬

‫وال تي نتناوله ا في ثالث ة مط الب في المطلب األول نبحث في الغرام ة‪ ،‬والمطلب الث اني‬

‫وقف تنفيذ العقوبة‪ ،‬وفي المطلب الثالث العمل للمنفعة العامة كبدائل للعقوبة السالبة للحرية قصيرة‬

‫المدة المعمول فيها في التشريع الفلسطين ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الغرامة‬

‫تعت بر الغرام ة ب المعنى ال ذي تعرض نا ل ه انف ا عقوب ة‪ ،‬فهي ب ذلك تختل ف عن التعويض ات‬

‫وعن الشرط الجزائي‪ ،‬وهي تختلف كذلك في هذه الدراسةعن الغرامات المالية والمدنية فهي عقوبة‬

‫‪25‬‬
‫وال يحكم بها اال بمقتضى نص النه ال جريمة والعقوبة اال بنص فال يحكم بها االبعد ثبات مسؤولية‬
‫‪1‬‬
‫الحاني عن جريمة اقترفها‪.‬‬

‫وكن ا ق د قلن ا ان الم ادة (‪)22‬ع رقم ‪ 16‬لس نة ‪ 60‬تع ني ال زام المحك وم علي ه ب ان ي دفع الى‬

‫خزينة الحكومة المبلغ المقدر في الحكم وهي تتراوح بين خمسة دنانير ومائتي دينار اردني اال اذا‬

‫نص الق انون خالف ذل ك)‪ .‬كم ا ان هن اك الغرام ة التكديري ة ال تي نص ت عليه ا الم ادة ‪ 24‬من ذات‬

‫القانون والتي جاء فيها (تتراوح الغرامة التكديرية بين نصف دينار وخمسة دنانير)‪.‬‬

‫والغرام ة في ق انون العقوب ات رقم ‪ 16‬لس نة ‪ 60‬هي عقوب ة اص لية او عقوب ة تكميلي ة وال‬

‫ل ذلك ف ان الغرام ة‬ ‫‪2‬‬


‫تكون عقوبة تبعية بل انها اصبحت العقوبة االص لية الوحي دة لجمي ع المخالف ات‬

‫كعقوب ة اص لية في المخالف ات والجنح ال تك ون تبعي ه والغرام ة في المخالف ات هي الغرام ة العادي ة‪.‬‬

‫ولم يعد الشارع يقرر الحبس على المخالفات وهي في الجنح ذات اهمية كبيرة‪ ،‬فقد يقررها القانون‬

‫في جنح غ ير هام ة مث ل جريم ة اس تيفاء الح ق بال ذات ‪ ،‬وال تي نص عليه ا المش رع في الم ادة ‪223‬‬

‫عقوب ات لس نه ‪ 60‬وال تي ج اء فيه ا (من اس توفى حق ه بنفس ه وه و ق ادر على ان يراج ع في الح ال‬

‫السلطه ذات الصالحية عوقب بغرامه ال تتجاوز ‪ 10‬دنانير)‪ ،‬وقد يقررها الى جانب الحبس كعقوبة‬

‫وجوبي ة او جوازي ة‪ ،‬وق د يقرره ا م ع الحبس على س بيل التخي ير مث ال ذل ك م ا نص ت علي ه الم ادة‬

‫‪428‬ع اردني لسنة ‪ 60‬والتي جاء فيها (كل من استعمل او اقتنى في مخزنه او دكانه او في عربات‬

‫ال بيع او غيره ا من االم اكن المع دة للتج ارة عي ارات او مكايي ل او غيره ا من ع دد ال وزن والكي ل‬

‫تختل ف عن العي ارات والمكايي ل المعين ة في الق انون او غ ير موس ومة يع اقب ب الحبس ح تى اس بوع‬

‫وبالغرام ة حتى خمس ة دنانير او باح دى ه اتين العقوتين) فالمش رع منح القاض ي ان يحكم بالغرام ة‬

‫بديال عن الحبس ‪.‬‬

‫وقد يقرر الشارع الغرامة كعقوبة تكميلية الى جانب العقوبة السالبة للحرية‪ ،‬واكثر ما يفعل‬

‫ذلك في الجنايات التي يكون دافع ارتكابها باعث االثراء غير المشروع ويريد المشرع فيها ان يثبت‬

‫جندي عبد الملك – الموسوعة الجنائية – المجلد الخامس – الطبعة االولى – مطبعة االعتماد – سنة ‪ – 1942‬ص ‪109‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ -‬حامد الشريف التعليق على قانون العقوبات الجزء االول – الطبعة االولى – المكتبة العالمية ص‪263‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪26‬‬
‫للجاني ان ما ناله هو النقيض مما كان يستهدفه من االثراء من جريمته مثال ذلك الرشوة واختالس‬

‫االموال العامة ‪،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪1\174‬ع اردني لسنة ‪ 60‬والتي جاء فيها (كل موظف‬

‫عمومي ادخل في ذمته ما اوكل اليه بحكم الوظيفته امر ادارته او جبايته او حفظه من نقود واشياء‬

‫اخ رى للدول ة او الح د الن اس ع وقب باالش غال الش اقة المؤقت ة وبغرام ة تع ادل قيم ة م ا اختلس)‬

‫والغرامة من حيث تحديد مقدارها نوعين عادية ونسبية والغرامة العادية هي التي تكون محددة في‬

‫مقدارها ومعروفة في حديها االقصى واالدنى بنص القانون‪ ،‬ومثالها نص المادة ‪417‬ع اردني لسنة‬

‫‪ 60‬التي جاء فيها كل من حمل الغير على تسلميه ماال منقوال او غير منقول او اسنادا تتضمن تعهدا‬

‫او اب راءة فاس تولى عليه ا ‪ ...3...2.......1‬ع وقب ب الحبس من ثالث ة اش هر الى ثالث س نوات‬

‫وبالغرامة من خمسة دنانير الى خمسين دينارا)‪ ،‬والغرامة المنصوص عليها في هذا النص هي من‬

‫قبيل الغرامة العادية فحدها االدنى خمسة دنانير في حين حدها االعلى خمسون دينار‪.‬‬

‫ام ا الغرام ة النس بية فهي ال تي ال يك ون مق دارها مح ددا وانم ا يبقى ذل ك من اختص اص‬

‫القض اء‪ 1‬على اس اس الفائ دة ال تي حققه ا الج اني ل ذلك ف إن ه ذا الن وع من الغرام ات يحتكم دائم ا‬

‫لظروف ومالبسات كل قضية أي حسب ما تنتجه من اضرار وما تحققه من فوائد‪ ،‬ويرى الكثير من‬

‫الفقه اء والب احثون ان للغرام ة المالي ة دورا فع اال في تخليص الكث ير من المحك وم عليهم‪ -‬ال ذين‬

‫وج دوا انفس هم في الس جن دون ان يك ون ل ديهم مي وال اجرامي ة مث ل المج رم بالص دفة‪ -‬من االث ار‬

‫السلبية والمدمرة لنفسياتهم؛ كما انها تجنبه الوصمة الناجمة عن سجنه في المجتمع الذي يعيش فيه‪،‬‬

‫هذا باالضافة الى دور الغرامة الوقائي وما تخلقه في نفس المحكوم عليه من شعور بوجوب االبتعاد‬

‫عن الجريمة؛ ألن ذلك سوف يكلفه عبئا ماليا يتمثل في دفعه لمبلغ الغرامة‪ ،‬باالضافة الى انه جزاء‬

‫يدر على الدولة عائدا ماليا بدال من ان يس تنزف وارداتها في سبيل االنفاق على المحكوم عليه من‬

‫مأكل ومشرب ومن ام ومصاريف صحيه خالل فترة وجوده في السجن؛ غير انه بالرغم من مزايا‬

‫ه ذا االج راء ف إن البعض ق د ع اب علي ه ب القول ان الغرام ات ال تك رس مب دأ المس اواة في التط بيق‬

‫بحيث ال ينجو من العقوبة السالبة للحرية اال من له القدرة على دفع الغرامة‪ ،‬اما المعسر فإنه سوف‬

‫المستحدث من احكام الدوائر الجنائية – من سبتمبر ‪ 2004‬وحتى اكتوبر ‪ 2005‬اعداد صفوت عبد الحميد – ص ‪– 197‬‬ ‫‪1‬‬

‫طعن رقم ‪ 33316‬لسنة ‪ 72‬ق جلسة ‪21/3/2005‬‬


‫‪27‬‬
‫ينفذ العقوبة السالبة للحرية نظرا لعدم امكانيته دفع مبلغ الغرامة عوضا عن الحبس‪ ،‬وهو ما يعرف‬

‫وفقا لقانون العقوبات االردني رقم ‪ 16‬سنة ‪ 60‬بنظام تحويل عقوبة الحبس للغرامة (تبديل الحبس‬

‫بالغرام ة) وذل ك وفق ا لم ا ج اءبنص الم ادة ‪ 2\100‬عقوب ات لس نه ‪ 60‬وال تي ج اء فيه ا(اذا اخ ذت‬

‫المحك ة باالس باب المخفف ة لمص لحة من ارتكب جنح ة‪ ،‬فله ا ان تخفض العقوب ة الى ح دها االدنى‬

‫الم بين في الم ادتين ‪ 21‬و‪ 22‬على االق ل‪ -2 .‬وله ا ان تح ول الحبس الى غرام ة او تح ول – فيم ا‬

‫خال حالة التكرار – العقوبة الجنحية الى عقوبة المخالفة ‪ -3‬يجب ان يكون القرار المانح لالسباب‬

‫المخففة معلال تعليال وافيا سواء في الجنايات او الجنح‪).‬‬

‫بمع نى ان المش رع اعطى القاض ي ص الحية تخفيض العقوب ة لتص بح الحبس لم دة اس بوع‬

‫بحدها االدنى المنصوص عليه في المادة ‪ 21‬او تحويلها الى غرامة بحدها االدنى المنصوص عليه‬

‫في المادة (‪)22‬التي جاء فيها ان‪( :‬الغرامة هي الزام المحكوم عليه بأن يدفع الى خزينة الحكومة‬

‫المبل غ المق در في الحكم وهي ت تراوح بين خمس ة دن انير وم ائتي دين ار اال اذا نص الق انون خالف‬

‫ذلك‪. ).‬‬

‫اما المادة‪ 21‬فقد جاء فيها ان الحبس (هو وضع المحكوم عليه في احد سجون الدولة المدة‬

‫المحكوم بها عليه وتتراوح بين اسبوع وثالث سنوات اال اذا نص القانون على خالف ذلك)‪.‬‬

‫يتضح من هذين النصين ان المشرع قد منح القاضي حق النزول في العقوبة الجنحوية حتى‬

‫اس بوع‪ ،‬ومنح ه ك ذلك تحوي ل ه ذه العقوب ة (تب ديلها بالغرام ة)‪ ،‬او ان يحكم مباش رة في ه ذه الجنح ة‬

‫باعتباره ا مخالف ة‪ ،‬ومنح ه بم وجب الم ادة ‪22‬ع لس نة ‪ 60‬ان يحكم بالغرام ة في ح دها االدنى وه و‬

‫خمسة دنانير‪ .‬وعادة ما يأخذ القاضي وهو بصدد تبديل عقوبة الحبس بالغرامة ظروف المحكوم‬

‫علي ه االقتص ادية واالجتماعي ة وطبيع ة الجريم ة ال تي اقترفه ا‪ ،‬ويأخ ذ في الحس بان دائم ا م ا اذا ك ان‬

‫المحك وم علي ه عائ دا الى ه ذه الجريم ة او اذا ت وافرت حال ة التك رار لدي ه‪ .‬ولكن على ال رغم من‬

‫االيجابية التي يتميز بها هذا النظام؛ اال ان البعض احذ عليه انه يمكن المقتدر من دفع قيمة الغرامة‬

‫في حين ان غير المقت در س وف يحبس بواق ع يوم ا واح دا عن ك ل خمس مائة فلس على ان ال يتج اوز‬

‫ذلك الم دة المحكوم به ا اص ال قب ل التب ديل‪ .‬االمر الذي يلقي بظالل من الش ك حول فاعلي ة الغرام ة‬

‫‪28‬‬
‫كب ديل عن العقوب ة االص لية م ا دام ان هن اك مج اال للع ودة الى تع داد اي ام الحبس مقاب ل التخل ف عن‬

‫دفع الغرامة ‪،‬وهو ما جعل البعض يشكك في جدواها كعقوبة بديلة‪ ،‬كما ان هناك من شكك بأنها ال‬

‫تنطوي على أي انذار‪ ،‬او بمعنى اخر فإنه ال يتحقق معها الردع العام و الخاص‪.‬‬

‫انن ا ن رى وعلى خالف ذل ك بانه ا تنط وي على االن ذار الن المف ترض ان القاض ي يق درها‬

‫وفقا للحالة الواقعية المعروضة عليه‪ ،‬فهي شديدة االيالم بالنسبة لمن ال يملك المال وبالتالي فإنه قد‬

‫يضطر لالستدانة من اجل ادائها وذلك بحد ذاته يشكل ايالما ال بأس به بالنسبة له؛ اما ما قد يقال‬

‫ب أن من ه و مقت در مالي ا ق د ال يؤذي ه دف ع الغرام ة فه و م ردود ب أن للقاض ي ص الحية ف رض ه ذه‬

‫الغرام ة بع د تب ديلها بالعقوب ة االص لية وفق ا للظ روف االقتص ادية للمحك وم علي ه‪ ،‬فه و يس تطيع ان‬

‫يرفعها وفقا للنص القانوني بما يتالءم وظرف االغنياء من المحكوم عليهم‪ ،‬وينزل بها وفقا لظروف‬

‫المع دمين‪ ،‬وفي الح التين ن رى بأنه ا تحق ق ال ردع ال ذي ك ان من الممكن ان تؤدي ه العقوب ة االص لية؛‬

‫كما ان هناك االنذار الذي جاءت به المادة ‪100‬ع التي استثنت حاالت التكرار من التبديل‪ ،‬فبديل‬

‫العقوبة لهو من العوامل المهمه في تحقيق الردع العام والخاص‪ ،‬وانذار المحكوم عليه بأن تكراره‬

‫للجرم سوف لن يمنحه هذه الميزة‪ ،‬وبهذه الحالة فإن الغرامة على هذا النحو سوف تؤدي الغرض‬

‫من الحبس وبذات الوقت تتجنب المساوئ الذي ينطوي عليه‪ ،‬ومن حهة اخرى فا ان االكراه البدني‬

‫(الحبس) ال يتم اللجوء اليه بصفة حتمية‪ ،‬فهو وسيلة تنفيذ يتم اللجوء اليها في حالة عجز المحكوم‬

‫علي ه عن دف ع مبل غ الغرام ة‪ ،‬فه و وس يلة احتياطي ة قلم ا يتم اللج وء اليه ا وع ادة م ا يك ون في حال ة‬

‫العجز عن دفع مبلغ الغرامة وغالبا ما يلجأ المحكوم عليه لدفع الغرامة اذا كان مقابل ذلك هو سلب‬

‫حريته‪.‬‬

‫عيوب الغرامة كعقوبة بديلة‬

‫وجه للغرامة كعقوبة بديلة كثير من النقد وقيل ان لتطبيقها عيوب يمكن اجمالها بما يلي‬

‫‪29‬‬
‫‪ -1‬ان الغرامة تتسم بعدم عدالتها فهي ال تنال من المحكوم عليه فحسب‪ ،‬وانما تصيب باقي افراد‬

‫اس رته ألن الغرام ة هي اقتط اع من ال ثروة المش تركة ل ه وعائلت ه‪ ،‬ويس تتبع ذل ك ان الغرام ة‬

‫تصيب اشخاصا لم يرتكبوا الجريمة اصال وهو ما يتنافى مع مبدأ شخصية العقوبة‪.‬‬

‫ولكن يؤخ ذ على ه ذا ال رأي ان ه ذا النق د ال يتعل ق بعقوب ة الغرام ة وح دها‪ ،‬ب ل ان ه يتس ع‬

‫ليشمل العقوبات السالبة للحرية فمما ال شك فيه ان العقوبات السالبه ترتد باثارها السلبية لتشمل كل‬

‫اف راد عائل ة المحك وم علي ه‪ ،‬فهي اث ار غ ير مباش رة للعقوب ة‪ ،‬فإي داع رب األس رة في الس جن ي ترتب‬

‫عليه حرمان افراد االسرة من الدخل الذي كان يحققه والذي يستفيد منه افراد هذه االسره سواء في‬

‫مأكلهم او مشربهم او مسكنهم او تحصيلهم العلمي‪ ،‬وان الصلة بين المحكوم عليه وافراد عائلته هي‬

‫ال تي ت ؤدي الى معان اتهم من اث ار حبس ه‪ ،‬فانعك اس ه ذه االث ار على اف راد االس رة ن اجم عن ص لة‬

‫القراب ة بين المحك وم علي ه واف راد اس رته وليس ن اجم عن العقوب ة بح د ذاته ا‪ .‬وبالت الي ف ان ه ذه‬

‫االضرار تتفوق في مقدارها على االضرار التي تنجم عن دفع مبلغ الغرامة‪.‬‬

‫‪ -2‬وقيل في نقد الغرامة كذلك انها تتعارض مع مبدأ التفريد العقابين‪ ،‬فهي تصيب بآثارها المحك وم‬

‫عليه الفقير والغني على حد سواء بمعنى انها ال تراعي ظروف المحكوم عليه‪.‬‬

‫اال ان هذا النقد ال يجد له محال لان للقاضي سلطة تقديرية في تقرير العقاب؛ كما ان الكثير‬

‫من االنظم ة القانوني ة ال زمت القاض ي ب ان ي راعي ظ روف المتهم واحوال ه المعيش ية‪ ،‬ناهي ك عن ان‬

‫ظ روف المتهم الشخص ية هي مس ألة تؤخ ذ قي االعتب ار من قب ل القاض ي‪ ،‬وه ذه الظ روف تك ون‬

‫تقديري ة يق درها القاض ي وفق ا لظ روف ك ل دع وى‪ ،‬ووفق ا لظ روف المحك وم علي ه‪ ،‬وه ذه الظ روف‬

‫وال تي اطل ق عليه ا المش رع وفق ا لق انون العقوب ات رقم ‪16‬لس نة ‪ 60‬االس باب المخفف ة وال تي نص‬

‫عليه ا في الم واد رقم ‪ 97‬و‪ 98‬و‪ 99‬و ‪ 100‬من ق انون العقوب ات وال تي ت رك فيه ا للقاض ي س لطة‬

‫تقديرية واسعة في االخذ بهذه الظروف دون ان يكون عليه رقابة من محكمة الدرجة االعلى ما دام‬

‫ت بريره الس تخدام ه ذه االس باب س ائغا ومتفق ا واحك ام الق انون‪ ،‬وم ا دام ان ق راره معلال تعليال س ليما‬

‫على النحو الذي تطلبته المادة ‪ 100/2‬من هذا القانون ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫بقي ان نش ير به ذا الخص وص ان الق انون الفرنس ي ال زم القاض ي بأخ ذ ظ روف المتهم‬

‫بالحس بان عن د ف رض الغرام ة فالم ادة ‪ 132‬من ه ذا الق انون تنص على أن ه (‪ ...‬في حال ة الحكم‬

‫بعقوبة الغرامة فإن القاضي يحدد مبلغا على ضوء مصدر دخل المحكوم علية واعبائه المالية)‪.1‬‬

‫اال اني ارى انه يؤخذ على الغرامة كبديل للعقوبة السالبة للحرية هو ضيق نطاق تطبيقها‪،‬‬

‫ف ان زادت عقوب ة الحبس عن ثالث ة اش هر فال مج ال لتب ديلها بالغام ة وفق ا لنص الم ادة ‪ 2\26‬وال تى‬

‫جاء فيها (اذا حكم على شخص بالحبس مدة ال تريد على ثالثة اشهر يجوز للمحكمة التي اصدرت‬

‫الحكم ان تحول مدة الحبس الى الغرامة على اساس نصف دينار عن كل يوم اذا اقتنعت بان الغرام ة‬

‫عقوبة كافية للجريمة التي ادين بها ذلك الشخص)‪.‬‬

‫والجدير ذكره ان المشرع ميز بين حالة ان يكون قرار تحويل الحبس صدر في ذات قرار‬

‫االدانه فجعل عن مقابل كل يوم حبس نصف دينار وفقا لهذه المادة‪ ،‬وقد يكون القرار صادر بناء‬

‫على طلب على عريض ة فيك ون مقاب ل ك ل ي وم حبس من نص ف دين ار ح تى خمس ة دن انير يق درها‬

‫القاضي وفقا لظروف كل حالة على حده على ان ال يزيد مقدار هذه الغرامة بعد التحويل عن مائتي‬

‫دينار وفقا لنص المادة ‪ 22‬عقوبات التي جاء فيها (الغرامه‪ ،‬هي التزام المحكوم عليه بان يدفع الى‬

‫خرين ة الحكوم ة المبل غ المق در في الحكم وهي ت تراوح بين خمس ة دن انبر وم ائتي دين ار اال اذا نص‬

‫على خالف ذلك)‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬وقف تنفيذ العقوية‬

‫أخذ المشرع الفلسطيني بوقف تنفيذ العقوبة كبديل للعقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة في‬

‫المادة ‪ 284‬من قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 2001‬والتي جاء فيها (يجوز‬

‫للمحكمة عند الحكم في جناية او جنحة بالغرامة او بالحبس مدة ال تزيد على سنة ان تأمر في نفس‬

‫الحكم بإيق اف تنفي ذ العقوب ة اذا رأت من اخالق المحك وم علي ه او ماض يه او س نه او الظ روف ال تي‬

‫ارتكبت فيه ا الجريم ة م ا يبعث على االعتق اد بأن ه لن يع ود الى مخالف ة الق انون ويجب ان ت بين في‬

‫راجع في موضوع الغرامة – التعليق على قانون العقوبات‪.‬مرجع سابق ص ‪ 262‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪31‬‬
‫الحكم اسباب ايقاف التنفيذ‪ ،‬ويجوز ان يكون االيقاف شامال اليه عقوبة تبعية ولجميع االثار الجزائية‬

‫المترتبة على الحكم)‪.‬‬

‫ووق ف التنفي ذ وال ذي يق ال ل ه ايض ا (تعلي ق تنفي ذ العقوب ة على ش رط) ه و نظ ام ي رمي الى‬
‫تهدي د المحك وم علي ه ب الحكم الص ادر بالعقوب ه؛ ذل ك ان ه يخ ول للقاض ي الس لطة في ان ي أمر بإيق اف‬
‫تنفي ذ العقوب ة ال تي يص در به ا حكم ه م دة معين ة من ال زمن تك ون بمثاب ة ف ترة للتجرب ة‪ ،‬وق د ح دد‬
‫المش رع الفلس طيني ه ذه الم دة بثالث ة س نوات فق د ج اء نص الم ادة (‪ )285‬من ذات الق انون على‬
‫النح و الت الي (يص در االم ر بإيق اف تنفي ذ العقوب ة لم دة ثالث س نوات تب دأ من الي وم ال ذي يص بح في ه‬
‫الحكم نهائيا ويجوز الغاء وقف التننفيذ‪:‬‬

‫‪ .1‬اذا صدر ضد المحكوم عليه خالل هذه المدة حكم بالحبس اكثر من شهر عن فعل ارتكبه قبل‬

‫االمر بااليقاف او بعده‪.‬‬

‫‪ .2‬اذا ظهر خالل هذه المدة ان المحكوم عليه صدر ضده قبل االيقاف حكم كالمنصوص عليه في‬

‫الفقرة السابقة ولم تكن المحكمة قد علمت به)‬

‫ووفق ا له ذا النص ف إن وق ف التنفي ذ ه و مطالب ة للمحك وم علي ه ب أن ال يع ود خالل مدت ه الى‬

‫ارتكاب جريمة جديدة اذا اراد ان يفلت نهائيا من العقوبة المحكوم بها عليه وان يعتبر الحكم الصادر‬

‫به ا ك أن لم يكن واال نف ذت علي ه ه ذه العقوب ة فض ال عم ا ق د يحكم علي ه من عقوب ة ج راء الجريم ة‬

‫الجديدة‪ .‬وال شك ان المشرع الفلسطيني والعربي على وجه العموم قد وضع هذا النظام كي يستفيد‬

‫من ه فئ ة من المحك وم عليهم تبعث ح التهم وظ روفهم على االعتق اد ب أنهم لن يع ودوا الى االج رام أي‬

‫هو نظام قصد به تقرير معاملة ممتازة لفئة من المجرمين هي على العكس تماما من فئة المجرمين‬

‫العائدين‪ ،‬وهذه الفئة هي فئة المجرمين المبتدئين ولتطبيق هذا النظام على هذه الفئة قليلة الخطر من‬

‫المجرمين فائدة مزدوجة في اصالحهم وتقويم حالهم فهو من جهة يحث المحكوم عليه على تحسين‬

‫سيره وسلوكه وعدم العودة الى االجرام على امل االفالت من العقاب المحكوم به عليه وفي ازالة‬

‫ك ل اث ر للحكم الص ادر ب ه‪ ،‬وه و ي ؤدي من جه ة اخ رى الى تج نيب ه ذا المج رم من خط ر ع دوى‬

‫االجرام فيما لو نفذت عليه العقوبة داخل السجن واتيحت له فرصة مخالطة االشقياء في السجن‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫ووقف التنفيذ بهذه الصفة يعتبر من اخص ما تضمنته نظرية تفريد العقاب كما يعتبر من‬

‫اخص م ا يحق ق ام ال انص ار النظري ة الوض عية االيطالي ه في عالج بعض فئ ات المج رمين غ ير‬

‫الخط رين ك المجرمين بالص دفة او المج رمين بالعاطف ة ممن ال تحتم ل ع ودتهم الى االج رام ويج دي‬
‫‪1‬‬
‫نفعا معهم ايقاف تنفيذ العقوبة‬

‫ولق د اف رد المش رع الفلس طيني لمعالج ة نظ ام وق ف تنفي ذ العقوب ة الفص ل الس ابع من الب اب‬

‫الثاني من قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ‪ 3‬لسنة ‪.2001‬‬

‫وع ودة الى نص الم ادة ‪ 248‬من ق انون االج راءات الجزائي ة‪ ،‬فإن ه ال ب د من ت وافر ش روط‬

‫معين ة لتطبيق ه ومن ثم االم ر بوق ف تنفي ذ العقوب ة الس البة للحري ة مؤقت ة الم دة ويتعل ق بعض ه ذه‬

‫الشروط بالجريمة موضوع المحاكمة‪ ،‬وبعضها يتعلق بالعقوبة المحكوم بها‪ ،‬والبعض االخر بحالة‬

‫المجرم وذلك على النفصيل الآلتي ‪:‬‬

‫‪ .1‬من حيث الجريم ة‪ :‬ال تج يز الم ادة ‪ 284‬اج راءات جزائي ة االم ر بإيق اف التنفي ذ اال عن د الحكم‬

‫في جناي ة او جنح ة او الغرام ة‪ ،‬ومن ثم فإن ه ال يج وز ايق اف التنفي ذ في المخالف ات‪ .‬اذا ان‬

‫س جالت الس وابق ال تحت وي ع ادة على ذك ر االحك ام الص ادرة في م واد المخالف ات فليس ت ثم ة‬

‫طريقة لمعرفة ما اذا كانت المخالفة المرتكبة هي اول مخالفة ام ال‪ ،‬وفضال عن هذا فإن الحكم‬

‫بغرامة وتحصيلها في حال المخالفة يكون اولى من الحبس وتعليق تنفيذه على شرط‪.‬‬

‫‪ .2‬من حيث العقوب ة المقض ي به ا ال تج يز الم ادة ‪ 284‬االم ر بإيق اف التنفي ذ اال في حال ة الحكم‬

‫بالغرام ة او الحبس م دة ال تزي د على س نة‪ ،‬وتج يز ك ذلك وق ف تنفي ذ أي عقوب ة تبعي ة وحينئ ذ‬

‫يش ترط لالم ر بإيق اف التنفي ذ ان تك ون العقوب ة المقض ى به ا وال تي ينص ب عليه ا االيق اف هي‬

‫الحبس الذي التزيد مدته عن سنة او الغرامة ايا كان مقدارها‪ ،‬والمبرر الذي ابتغاه المشرع من‬

‫وق ف تنفي ذ الغرام ة ذل ك ان ه ليس من االنص اف اذا حكم في قض ية واح دة على اح د المتهمين‬

‫بالغرامة وعلى االخر بالحبس ان يستفيد المحكوم عليه بالحبس من ايقاف التنفيذ دون المحكوم‬

‫د– علي احمد راشد – موجز في العقوبات ومظاهر تفريد العقاب – مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر – سنة ‪1949‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.136‬‬
‫‪33‬‬
‫عليه بالغرام ة (علما ان األول يكون هو االخطر من الثاني الذي لم يحكم علي ه اال بالغرام ة)‪،‬‬

‫وم ع ذل ك فق د يحكم على اح دهم ب الحبس والغرام ة مع ا فيتم توقي ف العقوب ة باعتب ار ان ه ذه‬

‫العقوب ة هي ال تي حكمت به ا المحكم ة‪ .‬فمن الج ائز وق ف تنفي ذها أي وق ف تنفي ذ الحبس م ع‬

‫الغرام ة؛ ألن ه ال يج وز وق ف تنفي ذ ج زء من من العقوب ة دون الج زء االخ ر‪ ،‬فإم ا ان يق در‬

‫القاضي ان هناك وجها لتطبيقه فيأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة بتمامها‪ ،‬واما ان يقدر عكس ذلك فال‬

‫يأمر بااليقاف اصال بالنسبة لكال العقوبتين‪.‬‬

‫وفيم ا عدا الحبس والغرام ة يجوز جع ل االيقاف ش امال ألي ة عقوب ة تبعي ة اخرى‪ ،‬على ان ه‬

‫يجب ان يضمن القاضي قراره بوقف التنفيذ شموله لمثل هذه العقوبات واال انصرف االيقاف الذي‬

‫يأمر به القاضي الى العقوبة االصلية (الحبس والغرامة) دون غيرها‪.‬‬

‫وفيم ا ع دا الحبس ال ذي ال تزي د مدت ه عن س نة والغرام ة والعقوب ات التبعي ة وهي تش مل‬

‫العقوبات التكميلية كذلك فانه ال يمكن ان ينصب االيقاف على غير ذلك مما يحكم به القاضي؛ فال‬

‫يجوز االمر بايقاف تنفيذ الحبس الذي تزيد مدته عن سنة كما ال يجوز ان يشمل االيقاف ما يحكم به‬

‫القاضي من الرد او التعويضات‪.‬‬

‫‪ -3‬من حيث حالة المجرم‪:‬‬

‫ان المش رع ق رر نظ ام وق ف التنفي ذ لفئ ة او ش ريحة معين ة من المج رمين المبت دئين ال ذين‬

‫ارتكب وا الجريم ة ألول م رة او على األق ل من ليس ت لهم س وابق قض ائية على ج انب من الخط ورة‪،‬‬

‫وهي فكرة ال زالت تسود غالبية التشريعات التي اخذت بهذا النظام‪ .‬غير ان المشرع الفلسطيني في‬

‫ق انون االج راءات الجزائي ة رقم ‪ 3‬لس نة ‪ 2001‬رأى ان يطل ق وق ف التنفي ذ من عنان ه وان يج يز‬

‫تطبيقه على المجرم حتى ولو لم تتوافر له صفة المجرم المبتدئ في المعنى الذي قدمناه سابقا أي‬

‫بغض النظ ر عن س وابقه تارك ًا االم ر في ذل ك لتق دير القاض ي وم ا ي راه من اخالق المحك وم علي ه‬

‫وماضيه او سنه او الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة وما اذا كانت حالة المجرم المستخلصة من‬

‫ه ذه الوجه ات جميع ا تبعث على االعتق اد ل دى القاض ي بأن ه لن بع ود الى االج رام الم ادة (‪284‬‬

‫‪34‬‬
‫اج راءات جزائي ة)‪ .‬والواق ع ان مس لك المش رع في ه ذا الخص وص يتماش ى الى ابع د الح دود م ع‬

‫مقتضيات نظرية تفريد العقاب رغم ما قد يشوبه من االسراف في افساح المجال لتطبيق نظام ايقاف‬

‫التنفيذ‪ ،‬اذ ان بعض المجرمين ما قد تبعث ظروفهم على االعتقاد بعدم خطورتهم‪ ،‬وبأنهم لن بعودوا‬

‫الى االج رام فيك ون من الغبن ان تق ف ص حيفة س وابقهم ح ائال دون محاول ة اص الحهم عن طري ق‬

‫ايق اف تنفي ذ العقوب ة المحك وم به ا عليهم‪ ،‬وعلى العكس من ذل ك ففي بعض االح وال ف إن المج رمين‬

‫المبتدئين قد تنم حالتهم وظروفهم عن عدم جدوى معاملتهم معاملة ممتازة بتطبيق نظام ايقاف التنفيذ‬

‫عليهم ومن ثم يكون الرأي من قبل ومن بعد للقاضي وما يقدره بحسب ما يتبين له من ظروف كل‬

‫محكوم عليه وحالته‪ .‬وعليه فإن كل ما يشترطه المشرع لوقف تنفيذ العقوبة في المحكوم عليه من‬

‫اج ل االم ر بإيق اف تنفي ذ العقوب ة المحك وم به ا علي ه ه و كم ا ج اء في الم ادة (‪ )284‬من ق انون‬

‫االج راءات الجزائي ة ال تي لم تش ترط ان يك ون المحك وم علي ه عائ دا او غ ير عائ دا فق ط ان يق در‬

‫القاض ي من اخالق ه وماض يه وس نه او الظ روف ال تي ارتكبت فيه ا الجريم ة م ا يبعث على االعتق اد‬

‫بان ه لن يعود الى مخالف ة القانون مرة اخ رى‪ ،‬ويالحظ ان ه ال خط ر من اطالق الس لطة للقاض ي في‬

‫تطبيق نظام وقف التنفيذ على هذا الوجه ألن المادة ‪ 284‬بعد ان اوضحت الظروف التي يستخلص‬

‫منها القاضي رأيه في هذا الشأن استلزمت ان يبين القاضي في حكمه اسباب وقف التنفيذ‪ ،‬وال شك‬

‫ان في هذا ضمانا كافيا لمراعاة االعتبارات التي اوضحها النص في تقدير جدارة المحكوم عليه او‬

‫عدم جدارت ه بإيق اف التنفي ذ‪.1‬وال يتع ارض ذل ك م ع نص الم ادة ‪ 285‬اج راءات جزائب ة ال تي جعلت‬

‫من الغاء وقف التنفيذ بسبب جريمة سابق او الحقة على هذا االمر مسالة جوارية لقاضي الموضوع‬

‫؛اذ يجوز للمحكة وفقا لهذا النص ان تستخدم صالحيتها الجوازية وتحكم بوقف التنفيذ اوتمتنع عن‬

‫الغائه بالرغم من توافر اسباب الغائه بموجب نص المادة ‪ 285‬التي اشرنا الى نصها انفا‪.‬‬

‫اال ان العم ل ق د ج رى ل دى القض اة ان يأخ ذوا في اعتب ارهم س وابق المتهم وماض يه الس يء‬

‫عند تقدير الحكم بوق ف التنفيذ‪ ،‬وك ون المحكوم علي ه ق د س بق وان حكم علي ه بجناي ة او جنح ة او لم‬

‫يحكم عليه‪.2‬‬
‫راجع في ذلك –د‪ -‬علي احمد راشد‪ -‬مرجع سابق ص ‪138‬‬ ‫‪1‬‬

‫راجع في‪ -‬ذلك د – ايهاب عبد المطلب – الموسوعة الجنائية الحديثة – الموكز القومي لالصدارات القانونية – طبعة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -\2009‬ص‪.626‬‬
‫‪35‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬العمل للمنفعة العامة‬

‫يعتبر العمل من أجل المنفعة العامة من بدائل العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة وقد اخذ‬

‫ب ه المش رع الفلس طيني في ال دة ‪ 399‬من ق انون االج راءات الجزائي ة رقم ‪ 3‬لس نة ‪2001‬؛ االان‬

‫المشرع الفلسطيني جعل الحد االعلى للعقوبة التي من الممكن تبديلها بعقوبة العمل للمنفعة العامة‬

‫هوان التزيد عن الحبس لمدة ثالثة اشهر‪ .‬فقد نصت هذه المادة على انه ( لكل محكوم عليه ب الحبس‬

‫لم دة ال تتج اوز ثالث ة اش هر ان يطلب من النياب ة العام ة تش غيله خ ارج مرك ز االص الح والتأهي ل‬

‫(الس جن) ب دال من تنفي ذ عقوب ة الحبس علي ه ‪ ،‬م الم ينص الحكم على حرمان ه من ه ذا الخي ار)‪ ،‬وق د‬

‫اش ترط المش رع وفق ا له ذه الم ادة ان ال يتض من الحكم على حرمان ه من ه ذا الخي ار‪ .‬وب ذلك يك ون‬

‫المش رع الفلس طيني ق د ح ذا ح ذو االنظم ة المقارن ة بتبني ه عقوب ة العم ل للمنفع ة العام ة كب ديل عن‬

‫العقوب ة الس البة للحري ة اذا قلت م دتها عن الحبس لثالث ة اش هر؛ اال ان ه يع اب على مس لك المش رع‬

‫الفلس طيني ان ه لم جع ل ص الحية الحكم بتحوي ل ه ذه العقوب ة لعقوب ة العم ل للمنفع ة العام ة للقض اء‪،‬‬

‫وانم ا جعله ا للنياب ة العام ة بن اًء على طلب المحك وم علي ه وبش رط ان ال يك ون الحكم ق د نص على‬

‫حرم ان المحك وم علي ه من ه ذا الخي ار‪ .‬ويعت بر العم ل من اج ل المنفع ة العام ة من ب دائل العقوب ة‬

‫السالبة للحرية قصيرة المدة فوائد عدة نذكر منها‪-:‬‬

‫‪ .1‬أن ه يجنب المحك وم علي ه والمجتم ع ال ذي ينتمي إلي ه كاف ة المس اويء ال تي ت ترتب على س لب‬

‫الحرية لمدة قصيرة‪.‬‬

‫‪ .2‬توجي ه ه ذا العم ل من أج ل إص الح األض رار الناجم ة عن الجريم ة‪ ،‬وإ نني أرى أن تحقيق ه ذا‬

‫الهدف يقود في النهاية إلى إرضاء المجني عليه ومن ثم القضاء على عامل التوتر واالستفزاز‬

‫ال ذي ق د ي دفع إلى إرتك اب الجريم ة وفي نهاي ة المط اف ف إن ه ذا العم ل باعتب اره ينط وي على‬

‫مس اس بحري ة المحك وم علي ه ويقي دها‪ ،‬فإن ه يدفع ه للتفك ير في جريمت ه ومنهج ه في حيات ه وه و‬

‫األمر الذي يقوده في النهاية إلى العزوف عن ارتكاب أية جريمة جديدة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫وينبغي االشارةالى ان العمل للمنعفة العامة استخدم بنسب متفاوتة في التشريعات‬

‫العربيةالمقارنه‪ ،‬وذلك كبديل عن العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة والغرامة‪ .‬ومن االمثلة على‬

‫ذلك قانون اإلجراءات الجنائية البحريني لسنة ‪ 2002‬حيث نصت المادة ‪ 371‬منه على أنه‬

‫(للمحكوم عليه أن يطلب في أي وقت من قاضي تنفيذ العقاب قبل إصداره األمر باإلكراه البدني‬

‫إبداله بعمل بدوي أو صناعي يقوم به)‪ .‬وقانون العقوبات اإلتحادي لإلمارات العربية المتحدة حيث‬

‫نصت المادة ‪ 120‬منه على (اإللتزام بالعمل هو تكليف المحكوم عليه أداء العمل المناسب في إحدى‬

‫المؤسسات أو المنشآت الحكومية التي تصدر بتحديدها قرار من وزير العدل باإلتفاق مع وزير‬

‫الداخلية والعمل والشؤون اإلجتماعية على أن يمنح ربع األجر المقرر وال يكون اإللتزام بالعمل إال‬

‫في مواد الجنح وبدًال عن عقوبة الحبس أو الغرامة على أن ال تقل مدة اإللتزام عن عشرة أيام وال‬

‫تزيد على سنة) وكذلك قانون العقوبات المصري الذي اتجه نحو األخذ بالخدمة المجتمعية أي‬

‫الخدمة للمنفعة العامة كبديل للحبس قصير المدة وذلك في المادة ‪ 18‬منه وقد أخذ بها المشرع‬

‫الجزائري كذلك في المادة ‪ 444‬من قانون العقوبات والمادة ‪ 45‬من قانون السجون وأخذ به‬

‫المشرع اللبناني في المادة ‪ 11‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 422‬في ‪ 6‬حزيران ‪ 2002‬والتي جاء‬

‫فيها (لكل محكوم عليه بالحبس مدة ال تتجاوز ‪ 3‬أشهر ان يطلب من قاضي تنفيذ العقوبة بدًال من‬

‫تنفيذ عقوبة الحبس تشغيله خارج السجن)‪.‬‬

‫واننا نرى ان هذا التدبير كبديل للعقوبة يجب ان ال يكون فقط لعقوبة الحبس؛ وإ نما يجب ان‬

‫يتعدى ذلك إلى الغرامة‪ .‬وال يرد القول هنا بأن الغرامة ليست عقوبة سالبة للحرية حتى يتم إبدالها‬

‫بالعمل للمنفعة العامة ألن االستنكاف عن دفع الغرامة يؤدي إلى الحبس على النحو الذي سبق أن‬
‫بيناه عند دراستنا للغرامة‪ ،‬وما جاء بنص المادة ‪ 22/1‬ع أردني لسنة ‪ 60‬من أنه (إذا لم يؤِد‬

‫المحكوم عليه المبلغ المحكوم به عليه يحبس في مقابل كل (‪ )500‬فلس أو كسورها يومًا واحدًا على‬

‫أن ال تتجاوز مدة الحبس في هذه الحالة سنة واحدة) وبالتالي فإن العمل في المنفعة العامه يقود إلى‬

‫استبعاد الحبس القصير المدة الناجم عن عدم دفع الغرامة اذا تجاوزت مدته السنه بعد التبديل‪ ،‬ولكن‬

‫قد يستعاض عن عدم دفعها بالعمل بما يقابلها للمنفعة العامة اذاكانت مدة الحبس اقل من ثالثة اشهر‬

‫بعد التبديل‪ .‬والعمل للمنفعة العامة الذي نقترح االخذ به بالمعنى الواسع له في التشريع الفلسطيني‬
‫‪37‬‬
‫كعقوبة بديلة يجب أن يكون في الجنايات شأنه في ذلك شأن الجنح‪.‬ألن استخدام الظروف المخففة‬

‫المنصوص عليها في المادة ‪ 99/4‬أردني لسنة ‪ 60‬من شأنه أن يؤدي إلى النزول بالعقوبة لمدة‬

‫سنة‪ ،‬وبالتالي فال ضير من إجمالها ووضعها في نطاق الخدمة للمنفعة العامة كنظام بديل للعقوبة‬

‫سالبة الحرية قصيرة المدة‪ ،‬أي أن يجري عليها ما يجري عند األمر بوقف التنفيذ وفقًا للمادة ‪284‬‬

‫من قانون اإلجراء الجزائية التي جعلت من الجنايات والجنح والغرامات التي ال تزيد عقوبتها عن‬

‫الحبس لمدة سنة ‪.‬‬

‫وعليه ولماكانت الغرامة تدخل في نطاق وقف التنفيذ فانها يجب ان تدخل كذلك في نطاق‬

‫العمل للمنفعة العامة كبديل للعقوبة‪.‬‬

‫ووفق ًا للنص وص القانوني ة ال تي أش رنا إليه ا وال تي أخ ذت به ذا النظم القانوني ة في ال دول‬

‫العربية‪ ،‬فإن هذا العمل للمنفعة العامة كبديل لعقوبة الحبس قصيرة المدة يكون في إحدى المؤسسات‬

‫أو المنش آت الحكومي ة ال تي يص در بتحدي دها ق رار من وزي ر الع دل باإلتف اق م ع وزي ري الداخلي ة‬

‫والعمل والشؤون اإلجتماعية‪ ،‬ويجب أن ال يكون هذا العمل بدون مقابل‪ ،‬فالتشريعات المشار إليها‬

‫جعلت ه بمقاب ل‪ ،‬فق د حددت ه ه ذه التش ريعات برب ع أج ر المث ل‪ ،‬أي إذا ك ان األج ر له ذا العم ل المح دد‬

‫للمحك وم علي ه القي ام ب ه ه و مبل غ عش رون دين ار ف إن أج ره يك ون خمس ة دن انير عن س اعات العم ل‬

‫المحددة له؛ كما أن هذا التدبير يجب أن يخضع لحد أدنى هو عشرة أيام وحد اقصى هو عام كامل‪،‬‬

‫والمالحظ أن هذا التدبير ال يكون بإرادة المحكوم عليه أو يطلب منه وفقًا لقانون العقوبات اإلتحادي‬

‫لإلمارات العربية المتحدة في المادة ‪ 120‬منه‪ ،‬وإ نما يحكم به القاضي من تلقاء نفسه وبدون طلب‬

‫من المحك وم علي ه‪ -‬على عكس التش ريع الفلس طيني ال ذي يك ون بطلب المحك وم علي ه‪ -‬إذا وج د‬

‫القاض ي أن ظ روف المحك وم علي ه ت برر اتخ اذ هك ذا ت دبير‪ .‬بينم ا ج اءت الم ادة ‪ 371‬من ق انون‬

‫العقوب ات البحري ني والم ادة (‪ )11‬من المرس وم التش ريعي رقم ‪ 422‬اللبن اني على خالف الق انون‬

‫اإلتح ادي لإلم ارات العربي ة المتح دة ال تي جعلت أعم ال ه ذا الت دبير بن اًء على طلب المحك وم علي ه‬

‫‪،‬وليكون األمر من بعد ذلك للقاضي يقرر إتخاذ أو عدم اتخاذ هذا التدبير وفق ًا لما يراه مناسبًا من‬

‫ظروف كل حالة على حده‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫ومن المسائل التي نقترح تكليف المحكوم عليه القيام بها كخدمة مجتمعية تتناسب والمجتمع‬

‫الفلسطيني المشاركة في أعمال يدوية او مهنية مثل أعمال النظافة في األماكن التي يكتظ بها الناس‬

‫كتنظي ف المس اجد واإلهتم ام به ا وتنظي ف ال دوائر الرس مية وش به الرس مية كمب اني البل ديات وتنظيم‬

‫ومراقب ة األس واق التجاري ة في األي ام المزدحم ة كأي ام رمض ان واألي ام ال تي تس بق األعي اد‪ ،‬وذل ك‬

‫بالعم ل على تنظيم الم ارة والمحافظ ة على نظاف ة ه ذ األس واق ومس اعدة المرض ى في المستش فيات‬

‫والعجزة في مالجئهم‪ ،‬والمشاركة في تدريب وتاهيل السجناء في السجون وذلك بتعليمهم المهارات‬

‫ال تي يتقنونه ا‪ ،‬والمس اهمة في تنظيم الم رور في أي ام األعي اد ال تي ت زدحم به ا وس ائل النق ل والم ارة‬

‫معًا‪ .‬وأقترح أن يكون العمل الذي يقوم به المحكوم عليه يتفق مع مهنته األساسية‪ ،‬بمعنى إذا كان‬

‫المحكوم عليه طبيبًا فليكلف بالعمل كطبيب في عيادة السجن‪ ،‬وان كان معلمًا كلف بتعليم األميين من‬

‫الس جناء أو من يواص لون منهم تعليمهم داخ ل الس جن‪ ،‬وإ ن ك ان ع امًال في النظاف ة قب ل الحكم علي ه‬

‫بالعقوبة السالبة للحرية كلف بالقيام بأعمال النظاف مع عمال قسم النظافة في البلديات والمحافظات‪.‬‬

‫وهكذا وفقًا لما يتناسب مع مهنة كل محكوم عليه على حدة‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫بدائل العقوبة في ظل قانون اصالاح االحداث‬

‫رقم ‪ 16‬لسنة ‪1954‬‬

‫وضع المشرع لالحداث فيما يتعلق ببدائل العقوبة نظاما خاصا وفقا للقانون رقم ‪ 16‬لسنة‬

‫‪( 1954‬قانون صالح االحداث) وافرد لها المواد ‪ 12‬و ‪ 13‬وقد استبعدت الماددة ‪12‬الحبس اذا‬

‫كان المحكوم عليه ولد‪ ،‬وذلك كما جاء في الفقرة االولى منها(ال يحكم على ولد بالحبس) والفقرة‬

‫الثانية نصت على انه (ال يحكم باالعدام او االشغال الشاقة على حدث)‪ ،‬ولكن اذا اقترن فعله بجناية‬

‫تستلزم االعدام او االشغال الشاقة فانه يحكم عليه باالعتقال لمدة ال تنقص عن ثالث سنوات‪.‬‬

‫وغني عن الذكر ان مكان تنفيذ هذه العقوبة بحسب االصل يكون في اصالحية االحداث او‬

‫أي مؤسسة اخرى تنشا لهذا الغرض من قبل وزير الشؤون االجتماعية حتى يبلغ الحدث سن‬

‫التاسعة عشر من عمره‪ ،‬فينقل بعدها الى السجن الكمال المدة المحكوم بها عليه‪ ،‬وفي غير هذه‬

‫االحوال وضعت المادة ‪ 13‬من هذا القانون مجموعة من البدائل والخيارات عند الحكم على الحدث‪،‬‬

‫وقد حددتها المادة ‪ 13‬من هذا القانون بدائل يختارها القاضي وفقا لظرروف كل دعوى على حده‬

‫وظروف الحدث وتتمثل هذه البدائل في ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬باالفراج عن ذلك الحدث لدى اعطائه هو اوليه او وصيه او أي شخص اخر تعهدا ‪.‬‬

‫‪ - 2‬او بالحكم عليه بدفع غرامة او بدل عطل وضرر او مصاريف المحاكمة ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ - 3‬او بالحكم على والده او وصيه بدفع غرامة او بدل عطل وضرر او مصاريف محاكمة ‪.‬‬

‫‪ -4‬او بالحكم على والده او وصيه بتقديم كفالة حسن سلوك ويجوز في الفقرات (‪ )4،3،2‬ان‬

‫يقترن الحكم المقرر فيها باي حكم مما هو مذكور في هذه المادة وقد ترك المشرع هذه المسالة‬

‫جوازية لقاضي الموضوع ‪.‬‬

‫‪ - 5‬بوضعه تحت اشراف مراقب السلوك بمقتضى امر مراقبة لمدة ال تقل عن سنة وال تزيد عن‬

‫ثالث سنوات‪ .‬ويتضمن امر المراقبة عادة ما يراه القاضي ضروريا والزما لتامين حسن سير‬

‫وسلوك الحدث ‪،‬وذلك من اجل منع ارتكابه الجرم نفسه وتسلم المحكمة نسخة من هذا االمر‬

‫لمراقب السلوك الذي يتولى االشراف على الحدث‪ ،‬وتسلم نسخة اخرى الى الحدث او وليه‬

‫وتتضمن هذه النسخة تكليفا للحدث بان يخضع لمراقبة مراقب السلوك خالل المدة التي يحددها‬

‫قرار المراقبة‪ ،‬وقد اجازت الفقرة ب من المادة ‪ 13‬من هذا القانون للمحكمة بناء على طلب‬

‫مراقب السلولك او الحدث او وليه او وصيه الغاء امر المراقبة من قبل المحكمة التي اصدرته‬

‫وقد يكون هذا الطلب لتعديل احكامه وشروطه بالتبديل سواء باالضافة على هذه الشروط او‬

‫بالحذف منها‪ ،‬وللمحكمة بعد االطالع على تقرير مراقب السلوك بهذا الشان ان تصدر قرارها‬

‫سواء بزيادة هذه الشروط او حذف جزء منها فاذا صدر تعديال على امر المراقبة فانه يتعين‬

‫على قلم كتاب المحكمة التي اصدرت حكم المراقبة تبليغ مراقب السلوك الذي يتولى عملية‬

‫االشراف على الحدث نسخة عن هذا القرار واخرى للحدث او وليه او وصيه‪.‬‬

‫‪ - 6‬بوضعه ان كان مراهقا او فتى في دار التوقيف واالعتقال لمدة ال تقل عن شهر وال تزيد عن‬

‫ستة اشهر‬

‫‪ - 7‬بارساله الى اصالحية االحداث او أي مؤسسة اجتماعية اخرى تكون معينة لهذا الغرض من‬

‫قبل وزير الشؤون االجتماعية وذلك لمدة ال تقل عن سنة وال تزيد عن اربع سنوات‪ .‬ومن‬

‫المفيد االشارة على هذا الصعيد ان ادانة الحدث ال تعتبر من االسبقيات وبالتالي ال يستدعي‬

‫االمر تشديد العقوبة عليه وفرض عقوبة اخرى مشددة فقد نصت المادة ‪ 15‬من هذه القانون‬

‫‪41‬‬
‫على انه (اذا ادين حدث بجرم ال تعتبر ادانته من االسبقيات وال يستدعي ذلك تشديد العقوبة‬

‫عليه او فرض عقوبة اخرى غير العقوبة التي يمكن ان يحكم بها عند ارتكابه جرما ثانيا)‪.‬‬

‫وانني ارى انه اذا حكم على الحدث باالعتقال المؤقت لمدة ثالث سنوات وتوافرت ظروف‬

‫تخفيفية كالمنصوص عليها في المواد ‪ 4 \99‬عقوبات لسنة ‪ 60‬وخفضت المحكمة لعقوبة لتصبح‬

‫لمدة سنة فانه يجوز للمحكمة وقف تنفيذ العقوبة عنه وفقا للمادة ‪ 284‬من قانون االجراءات‬

‫الجزائية رقم ‪ 3‬لسنة ‪، 2001‬او اذا كانت عقوبته ان كان مراهقا في دار التوقيف لمدة تقل عن‬

‫ثالثة اشهر وفقا للمادة ‪ 6 \ 13‬من قانون اصالح االحداث فال مانع من تبديل هذه العقوبة بالغرامة‬

‫وفقا لما نصت عليه المواد المواد ‪ 2\ 26‬و ‪ 2 \100‬عقوبات لسنة ‪ 60‬وذلك وفقا لدات االجراءات‬

‫التي استعرضناها التي تناولنا من خاللها شرح تبديل عقوبة الحبس بالغرامة اوابدالها بوقف‬

‫تنفيذها‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫المبحث السادس‬

‫بدائل العقوبات السالبة للحرية في األنظمة األخرى‬

‫تقديم‬

‫حيث أن النظ ام الق انوني الفلس طيني ال يع رف من ب دائل العقوب ات الس البة للحري ة س وى‬

‫اس تبدال عقوب ة الحبس بالغرام ة‪ ،‬واألم ر بوق ف التنفي ذ‪ ،‬والعم ل للمنفع ة العام ه على النح و ال ذي‬

‫فصلناه سابقًا‪ ،‬فإنني أرى لزامًا علي ومن أجل اثراء هذه الدراسة وجوب البحث في الوسائل البديلة‬

‫للعقوب ة الس البة للحرب ة قص يرة الم دة في األنظم ة القانوني ة األخ رى‪ ،‬وحيث أن ه ذا العص ر ال ذي‬

‫نعيش في ه يتسم بص فات مغ ايرة للعص ور الس ابقة اذ ان ه يتسم ِبس مة رئيس ية عن غيره من العص ور‬

‫باعتباره عصر السرعة‪ ،‬وللتطور السريع الذي حصل في كافة مسائل الحياة ولما كان هذا التطور‬

‫قد امتد إلى كافة مناحي القانون وخاصة في علمي اإلجرام والعقاب‪ ،‬وظهرت نظريات كثيرة في‬

‫ه ذا العلم تمح ور الكث ير من ه ح ول ج دوى العقوب ة‪ ،‬وحيث أن مراك ز اإلص الح والتأهي ل غ دت في‬

‫كث ير من األحي ان موطن ًا للجريم ة؛ إذ أن الواق ع يش ير دائم ًا الى ظه ور كث ير من الج رائم داخ ل‬

‫السجون‪ ،‬وأهمها هتك العرض بسبب اإلكتظاظ داخل غرف السجون‪ ،‬ففي إحدى زياراتي لمراكز‬

‫اإلص الح والتأهي ل من أج ل اإلطالع على أوض اعها فق د وج دت أن أك ثر من ثالثين ن زيًال يعيش ون‬

‫داخ ل غرف ة ال تزي د مس احتها عن خمس ون م ترًا مربع ا االم ر ال ذي يتطلب م ع ه ذا الع دد الحاج ة‬

‫إليج اد ب دائل للعقوب ات الس البة للحري ة من أج ل التخفيض من ه ذه األع داد‪ ،‬ومن أج ل الح د من‬

‫الجريم ة داخ ل الس جن لتجنب ان تك ون مرتع ًا خص بًا لنش وء الجريم ة ب دًال من أن تك ون مؤسس ات‬

‫لإلص الح والتأهي ل‪ ،‬ولق د أص بح اإلهتم ام به ذين العلمين من أولوي ات ال دول المتقدم ة والمنظم ات‬

‫الدولي ة‪ ،‬وخاص ة األمم المتح دة ومن قبله ا عص بة األمم المتح دة‪ ،‬ولق د ًاص بح اإلهتم ام منص بًا في‬

‫عالمن ا المعاص ر ليس على إيالم المحك وم علي ه بق در م ا أص بح اله دف إص الحه والتقلي ل من قس وة‬

‫العقوبة وخفض االعتماد على العقوبات البدنية ما أمكن ذلك وإ بدالها بالعقوبات السالبة للحرية‪ ،‬ومن‬

‫ثم تطور األمر إلبدال العقوبات السالبة للحرية بعقوبات أخرى بديلة تؤدي غرض العقوبة السالبة‬

‫للحرية من حيث تحقيق الردعين الخاص والعام‪ ،‬باإلضافة إلى إصالحه وتأهيله وإ عادته للمجتمع‬

‫‪43‬‬
‫مع افى من آث ار الجريم ة ال تي اقترفه ا‪ ،‬وذل ك ج راء إب دال ه ذه العقوب ة بعقوب ة أخ رى تحاف ظ على‬

‫كرامت ه وع دم اإلنتق ام من ه وإ عادت ه إلى أس رته ب دًال من حبس ه وإ لقائ ه في الس جون ليعاش ر عت اة‬

‫المجرمين‪.‬‬

‫وأنه لمن نافلة القول أن اإلتجاه نحو توحيد العقوبات السالبة للحرية يعود إلى بدايات القرن‬

‫التاسع عشر وخاصة للمؤتمرات التي كانت تقوم على تنظيمها اللجنة الدولية الجنائية والعقابية‪ ،‬ولقد‬

‫ك انت إث ارة ه ذا الموض وع ألول م رة في م ؤتمر لن دن س نة ‪ 1872‬بع د ظه ور كتاب ات لمش اهير‬

‫الفالس فة وخاص ة ج ان ج اك روس و ومونتس يكيو‪ .‬وق د ك ان اإلتج اه في كتاب ات ه ؤالء الفالس فة إلى‬

‫ض رورة معامل ة المج رمين بم ا يحف ظ إنس انيتهم وآدميتهم وتأهي ل المحك وم علي ه وتهذيب ه؛ ألن ذل ك‬

‫يؤدي إلى تحقيق الغرض من العقوبة‪ ،‬وعليه فإن العقوبة أصبحت في مفهومها الحديث هو اندماج‬

‫المحك وم علي ه في المجتم ع من جدي د وإ ع ادة تأهيل ه‪ .‬ولق د ت رتب على ذل ك أن حص ل إجم اع ل دى‬

‫جميع العاملين في الحقل القانوني بكافة أشكاله من تشريع وقضاء وفقه بهذا الخصوص وهو األمر‬

‫الذي دعا الكثير من الدول العربية للسير بخطى ثابتة نحو األخذ بنظام العقوبة البديلة‪ ،‬ومن االمثلة‬

‫على ذل ك ق انون اإلج راءات الجنائي ة البحري ني لس نة ‪ 2002‬حيث نص ت الم ادة ‪ 371‬من ه على أن ه‬

‫(للمحك وم علي ه أن يطلب في أي وقت من قاض ي تنفي ذ العق اب قب ل إص داره األم ر ب اإلكراه الب دني‬

‫إبداله بعمل بدوي أو صناعي يقوم به) وقانون العقوبات اإلتحادي لإلمارات العربية المتحدة حيث‬

‫نص ت الم ادة ‪ 120‬من ه بقوله ا (اإلل تزام بالعم ل ه و تكلي ف المحك وم علي ه أداء العم ل المناس ب في‬

‫إح دى المؤسس ات أو المنش آت الحكومي ة ال تي تص در بتحدي دها ق رار من وزي ر الع دل باإلتف اق م ع‬

‫وزي ر الداخلي ة والعم ل والش ؤون اإلجتماعي ة على أن يمنح رب ع األج ر المق رر وال يك ون اإلل تزام‬

‫بالعمل إال في مواد الجنح وبدًال عن عقوبة الحبس أو الغرامة على أن ال تقل مدة اإللتزام عن عشرة‬

‫أيام وال تزيد على سنة) وكذلك قانون العقوبات المصري الذي اتجه نحو األخذ بالخدمة المجتمعية‬

‫أي الخدمة للمنفعة العامة كبديل للحبس قصير المدة وذلك في المادة ‪ 18‬منه وقد أخذ بها المشرع‬

‫الجزائ ري ك ذلك في الم ادة ‪ 444‬من ق انون العقوب ات والم ادة ‪ 45‬من ق انون الس جون وأخ ذ ب ه‬

‫المشرع اللبناني في المادة ‪ 11‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 422‬في ‪ 6‬حزيران ‪ 2002‬والتي جاء‬

‫‪44‬‬
‫فيها (لكل محكوم عليه بالحبس مدة ال تتجاوز ‪ 3‬أشهر ان يطلب من قاضي تنفيذ العقوبة بدًال من‬

‫تنفيذ عقوبة الحبس تشغيله خارج السجن)‪.‬‬

‫وحبذا لو أن المشرع الفلسطيني حذا حذو هذه القوانين ووسع بنظام العمل للممنفعة العامة‬

‫كبديل عن عقوبة الحبس قصيرة المدة سيما وأن قانون اإلجراءات الجزائية الفلسطيني رقم ‪ 3‬لسنة‬

‫‪ 2001‬هو من القوانين الحديثة والذي كان يجب على واضعيه األخذ بهذا النظام سيما لما يتمتع به‬

‫الش عب الفلس طيني من خصوص ية تس توجب العم ل ب ه ب النظر لظ روف اإلحتالل وض يق العيش‬

‫وحاجة األسرة ألفرادها‪ ،‬وخاصة لربها وما عاناه هذا الشعب من اإلحتالل البغيض وسجونه التي‬

‫تكتظ بأسرى الحرية ؛لذلك فإنه كان من المتوجب على المشرع الفلسطيني العمل على االخذ بنطام‬

‫ب دائل الحبس قص ير الم دة والتوس ع فيهاش انه في ذل ك ش ان التش ريعات االخ رى وال تي س وف‬

‫نستعرض ها في ه ذا المطلب آملين ب إذن اهلل أن يخط و المش رع الفلس طيني خط وات ج ادة في س بيل‬

‫تحقيق هذه الغاية معتبرين هذا البحث حول هذه البدائل بمثابة توصية للمشرع الفلسطيني لألخذ بهذا‬

‫النظام بعناه الواسع ‪.‬‬

‫وأيًا ما كان األمر فإننا يمكن أن نستعرض بدائل الحبس قصير المدة التي نقترح األخذ بها‬

‫من قب ل المش رع الفلس طيني ب إجراء تع ديل تش ريعي يس مح باس تيعابها في ثالث ة مط الب نتن اول في‬

‫المطلب االول تاجي ل النط ق بالعقوب ه‪ ،‬وفي المطلب الث اني نتن اول الرقاب ة االلكتروني ة ام االمطلب‬

‫الثالث فنخصصه لدراس االفراج الشرطي ؛ باعتبارها بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة‬

‫‪.‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬تأجيل النطق بالعقوبة‬

‫لقد أخذ المشرع الفرنسي بهذا النظام وله ثالثة صورة نتناولها في ثالثة فروع في الفرع‬

‫االول نشرح التاجيل البسيط للنطق في العقوبة‪ ،‬وفي الفرع الثاني تأجيل العقوبة المقترن باإلمتثال‬

‫ألمر معين‪ ،‬وفي الفرع الثالث‪ -‬تأجيل النطق بالعقوبة المقرون بالوضع تحت اإلختبار‬

‫‪45‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬التأجيل البسيط للنطق بالعقوبة‪:‬‬

‫ويقص د به ذا الن وع من التأجي ل قي ام القاض ي بإثب ات نس بة التهم ة للمتهم ومس ؤوليته الكامل ة عنه ا‪،‬‬

‫ولكن بدًال من النطق بالعقوبة يقوم بتأجيله إذا توافرت شروط معينة وقد استلزم المشرع الفرنسي‬

‫من أجل اللجوء لهذا البديل توافر جملة من الشروط هي‪-:‬‬

‫‪.1‬أن يتثبت للقاضي أن المحكوم عليه في طريقه إلى سواء السبيل‪ ،‬وفي طريقه لإلبتع اد عن الع ودة‬

‫للجريمة‪.‬‬

‫‪.2‬ضرورة التأكد بأن الضرر الناجم عن الجريمة في طريقه إلى اإلصالح وهو ما يفي أن المحك وم‬

‫عليه قد بدأ بإصالح هذا الضرر‪ ،‬وال يشترط أن يكون قد أصلحه كامًال بل يكفي أن يكون قد‬

‫بدأ بهذا اإلصالح كما لو دفع مصاريف عالج المجني عليه‪.‬‬

‫‪.3‬أن تك ون األض رار الناجم ة عن الجريم ة في طريقه ا إلى التوق ف‪ ،‬وذل ك إذا ثبت للقاض ي أن‬

‫إجراءات الصلح بينه وبين المجني عليه تسير في طريقها للنجاح‪.‬‬

‫‪.4‬يشترط في المحكوم عليه أن يكون حاضرًا للجلسة‪.‬‬

‫‪.5‬يشترط وفقًا للمشرع الفرنسي أن تكون الجريمة هي جنحة أو مخالفة‪ .‬فهو استبعد الجنايات من‬

‫هذا التدبير وهو مسلك محل نظر فال ضرر من أن يكون هذا التدبير في الجنايات كذلك شأنه‬

‫في ذلك شأن وقف التنفيذ إذا توافرت مبررات تخفيض العقوبة‪.‬‬

‫واألمر األهم أنه ال يجوز أن يشمل هذا التدبير تأجيل العقوبة الصادرة والتي يكون محلها‬

‫أشياء خطرة باعتبار ذلك تدبيرًا احترازيًا مثل مصادرة المادة المخدرة او اداة الجريمة‪.‬‬

‫فإذا توافرت هذه الشروط يستطيع القاضي دون ان يكون ملزم ًا أن يأمر بتأجيل النطق في‬

‫العقوبة‪ ،‬ولكن بشرط أن ال تتجاوز مدة التأجيل عامًا من تاريخ صدور حكم التأجيل‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫وفي الموع د المح دد للنط ق ب الحكم أي بع د س نة من ت اريخ التأجي ل يك ون هن اك ثالث‬

‫إحتماالت أمام القاضي‪:‬‬

‫‪.1‬إم ا اإلعف اء من العقوب ة‪ ،‬وذل ك في حال ة انته اء كاف ة اآلث ار المترتب ة عن الجريم ة وذل ك بانته اء‬

‫اإلضطراب الناجم عن الجريمة ألن الغرض من التأجيل يكون من أجل تحقيق هذا الهدف ‪.‬‬

‫‪.2‬النط ق بالعقوب ة ال تي ح ددها الق انون‪ ،‬وذل ك في األح وال ال تي ال ي ؤدي التاجي ل إلى تحقي ق‬

‫األغراض المنوه عنها أعاله أي لم يؤِت ثماره‪.‬‬

‫‪.3‬تأجيل الفصل في العقوبة أو العفو عنها من جديد وهذا الخيار يلجأ له القاضي إذا توصل إلى أن‬

‫المحكوم عليه ال يزال يسعى لتحقيق األغراض المذكورة في البند األول والتأجيل ال يكون إال‬

‫لمرة واحدة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تأجيل العقوبة المقترن باإلمتثال ألمر معين‬

‫وتف ترض ه ذه الص ورة أن القاض ي ال يكتفي بتأجي ل النط ق بالعقوب ة‪ ،‬وإ نم ا يمكن أن يق رن‬

‫ه ذا التأجي ل باإلمتث ال ألداء معين وال يس تطيع القاض ي أن يلج أ له ذا الت دبير إذا ك ان الق انون يع اقب‬

‫على ع دم أداء التزام ات مح ددة ويش ترط في ه ذا الت دبير وفق ًا للق انون الفرنس ي أن تك ون الجريم ة‬

‫المقترف ة جنحة أو مخالفة وأن يكون المحكوم عليه حاضرًا جلسة المحاكمة‪ ،‬وال يشترط هنا توافر‬

‫الش روط الالزم توافره ا في التأجي ل البس يط‪ ،‬وفي ه ذه الص ورة ف إن القاض ي وب دًال من أن ي ترك‬

‫المتهم دون التزام معين‪ ،‬فانه يلزمه بتنفيذ كل أو بعض التعليمات المنصوص عليها في قرار تاجيل‬

‫النطق بالعقوبة ويعطيه مهلة لتنفيذ هذا االمر وهذه التعليمات ‪.‬‬

‫والقاضي في الجلسة المحددة للنطق بالحكم يكون أمام الخيارات التالية‪:‬‬

‫‪.1‬في حالة تنفيذ اإللتزامات خالل المدة المحددة فإنه يمكن للقاضي إعفاءه من العقوبة أو النطق بها‬

‫لكن ال يجوز تصفية الغرامة التقديرية إذ ال مبرر لها‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪.2‬إذا ُنفذ اإللتزام مع ضرر من التأخير فإن القاضي يطبق الغرامة اويقضي بالعقوبة المنصوص‬

‫عليها‪.‬‬

‫‪.3‬في ح ال ع دم تنفي ذ اإلل تزام على اإلطالق ف إن القاض ي يحكم ب اإلجرائين الس ابقين واألم ر بتنفي ذ‬

‫ه ذه اإللتزام ات وال زام المحك وم علي ه ب دفع مص اريفها‪ ،‬ويج وز اللج وء إلى الغرام ة التقديري ة‬

‫لتنفيذ هذا اإللتزام؛ إال أنه ال يجوز اللجوء لإلكراه البدني‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تأجيل النطق بالعقوبة المقترن بالوضع تحت اإلختبار‬

‫ومض مون ه ذه الص ورة ه و ال دمج بين التأجي ل البس يط والوض ع تحت اإلختب ار ففي ه ذا‬

‫النظام ال يتم النطق بالعقوبة ويجب لتطبيقه توافر الشروط التالية‪-:‬‬

‫أ‪.‬أن يكون في مواد الجنح والمخالفات‪.‬‬

‫ب‪.‬وأن يكون الضرر الناجم عن الجريمة في طريقه إلى اإلصالح وان اإلضطراب الناتج عنها في‬

‫طريقه للتوقف‪.‬‬

‫ت‪ .‬وأن المتهم في طريقه إلى الصالح وسواء السبيل‪.‬‬

‫ث‪.‬وان ال يكون المحكوم عليه شخص ًا طبيعي ًا الن فيه خضوع إللتزامات معينة تتنافى مع مبدئية‬

‫الشخص المعنوي‪.‬‬

‫ويستوي في ذلك أن يكون المتهم حاضرًا جلسة المحاكمة ام غير حاضر‪.‬‬

‫فإذا توافرت هذه الشروط جاز للقاضي أن يقرر تاجيل جلس ة النطق بالعقوبة مع الوضع‬

‫تحت اإلختبار لمدة ال تتجاوز سنة‪ ،‬وتستطيع المحكمة إلزامه البدء بالتنفيذ بصفة مؤقتة قبل صدور‬

‫الحكم نهائيًا‪ ،‬فإذا أخضع القاضي المحكوم عليه لهذا النظام وجب أن يحدد له المدة التي بعد نهايتها‬

‫يجب حضوره من جديد أمام المحكمة‪ ،‬وبطبيعة الحال فان المشرع الفرنسي استلزم أن ال تزيد هذه‬

‫المدة عن عام‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫وتبدو أهمية هذا البديل للعقوبة السالبة للحرية مؤقتة المدة أنه ال يجتمع مع عقوبة الحبس‬

‫ف المفترض به ذا النظ ام أن القاض ي يق وم بتأجي ل النط ق ب الحكم بكاف ة العقوب ات المق ررة للجنح‬

‫والمخالف ات دون الجناي ات ومص ادرة األش ياء المض رة أو الخط رة‪ ،‬والقاض ي في ه ذا النظ ام يق در‬

‫اآلث ار الس لبية ال تي ق د ت ترتب على حرم ان المحك وم علي ه من الحري ة لم دة قص يرة‪ ،‬ومن هن ا يق وم‬

‫بتأجي ل النط ق ب الحكم على أم ل انص ياع المحك وم علي ه وإ ص الح حال ه وبالت الي إعفائ ه من العقوب ة‬

‫بش كل كام ل‪ ،‬وه و نظ ام ي ؤدي إلى إح ترام حق وق المج ني علي ه وذل ك باش تراطه توق ف اإلخالل‬

‫واإلض طراب الن اجم عن الجريم ة وج بر الض رر الناشيء عنه ا‪ ،‬وهو ب ذلك يستبعد العقوب ة الس البة‬

‫للحري ة قص يرة الم دة ويس هم في القض اء على عوام ل كث يرة ق د ت دفع إلى ارتك اب الجريم ة‪ ،‬ولق د‬

‫حرص المشرع الفرنسي على استبعاد سلب الحرية بكافة صورها وذلك بمنع اللجوء لإلكراه البدني‬

‫لتنفيذ الغرامة التقديرية من أجل إجبار المحكوم عليه تنفيذ اإللتزامات المفروضة عليه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الرقابة اإللكترونية‬

‫الوضع تحت الرقابة اإللتكتر ونية‪ ،‬هو أحد األساليب الحديثة والمبتكرة‪ ،‬كبديل للعقوية السالبة‬

‫للحرية مؤقتة المدة ويقال له السجن في البيت‪ ،‬ويقوم هذا األسلوب على السماح للمحكوم عليه البقاء‬

‫في منزله ولكن بشرط أن تكون تحركاته محدودة‪ ،‬والمراقبة تتم بواسطة جهاز شبيه بالساعة أو‬

‫السوار يثبت في معصم اليد أو في ساقه‪ ،‬لذلك اطلق على هذا النظام (السوار اإللكتروني) كما‬

‫يسميه عدد ال بسأس به من العاملين في المجال العقابي‬

‫ولقد انقسم الرأي بخصوص المراقبة اإللكترونية إلى فريقين إذ يرى الفريق األول‪ ،‬أن هذا‬
‫النظام هو عقوبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهي شكل جديد من العقوبة والرد على الجريمة‬
‫وقالوا انه نظام يجمع بين الردع والتأهيل‪ ،‬ويقوم بالدرجة األولى على الثقة بالمحكوم عليه وابعاد‬
‫المحك وم علي ه عن الوح دة وعزل ه في الس جن وابقائ ه في المجتم ع‪ ،‬أم ا ال رأي الث اني ف يرى أن ه ذا‬
‫التدبير من شأنه أن يؤدي إلى تآكل العقوبة ويفقدها مضمونها وأهدافها‪.‬‬

‫وقد أدخل هذا النظام كبديل للعقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة في التشريعات العقابية في‬

‫الوالي ات المتح دة األمريكي ة وي دعى (‪ . )Electronic-monitoring‬واق ترح إدخال ه من ذ الع ام‬


‫‪49‬‬
‫‪ 1971‬لكن التط بيق العملي له ذا النظ ام ك ان في ع ام ‪ .1987‬وادمج الس وار اإللك تروني م ع ت دبير‬

‫آخ ر ه و البق اء في ال بيت‪ .‬ولق د تط ور ه ذا النظ ام في العش رين س نة التالي ة‪ ،‬فطبقت ه ك ل من كن دا‬

‫وبريطاني ا في ع ام ‪ ،1989‬والس ويد في ع ام ‪ ،1994‬وهولن دا في الع ام ‪ ،1995‬وفرنس ا من خالل‬

‫القانون رقم ‪ 1159/97‬بتاريخ ‪ 19‬كانون األول ‪ 1997‬وأكمل بالقانون رقم ‪ 516/2000‬ثم أخذ‬

‫س نده التش ريعي في الم ادة ‪ 723/14‬من ق انون اإلج راءات الجزائي ة الفرنس ي‪ .‬وق د تم تع ديل ه ذه‬

‫المواد بموجب القانون رقم ‪ 1138/2002‬تاريخ ‪ ،9/9/2002‬والقانون رقم ‪ 204/2004‬تاريخ‬

‫‪ ،9/3/3004‬وق د ق دم المش رع الفرنس ي في التش ريع العق ابي في تنظيم ه للوض ع تحت المراقب ة‬

‫اإللكترونية إطارًا تشريعيًا نموذجيًا ومتكامًال يستحق الدراسة والتحليل‪.‬‬

‫وأنني أدعو المشرع الفلسطيني بوجه خاص والمشرع العربي بوجه عام للسير على هذا‬

‫الطريق التشريعي الذي وضعه المشرع الفرنسي وهو نظام يؤدي إلى مكافحة زيادة عدد السجناء‬

‫في مراكز االصالح والتاهيل مع تحقيق اهداف السياسه العقابية المتمثل في الزجر العام والخاص‪.‬‬

‫شروط تطبيق المراقبة اإللكترونية‪:‬‬

‫‪ .1‬الشروط المتعلقة باألشخاص‪:‬‬

‫وفق ًا للقانون الفرنسي فإن هذا النظام يمكن تطبيقه على كل من األحداث والبالغين؛ إال أنه‬

‫فيما يتعلق بالحدث يجب موافقة ولي أمره وهو نظام يمكن أن يشمل النساء والرجال كذلك؛ إال أن‬

‫البعض انتقد هذا النظام بأنه يشكل تكليف ًا إضافيًا على المحكوم عليه كما أنه نظام قد يتعارض مع‬

‫النظ ام الع ام واألمن الع ام‪ ،‬باالض افة أن ه ال يمن ع من اتص ال المحك وم علي ه م ع غ يره من المتهمين‬

‫خاصة إذا كان بديال للحبس اإلحتياطي مما يترتب عليه تعارضه مع ضرورة حماية األدلة والش هود‬

‫والمجني عليهم من العبث حتى أن هذا النظام ال يؤدي إلى حماية المتهم نفسه‪.‬‬

‫الشروط المتعلقة بالعقوبة‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫يجب أن تك ون العقوب ة هي الحبس ال ذي ال بزي د عن س نة أو أن يك ون المتبقي منه ا ال يزي د‬

‫عن سنة‪.‬‬

‫ومن ثم ال مج ال لتط بيق ه ذا النظ ام إذا ك انت العقوب ة هي الغرام ة؛ إال إذا اس تحالت ه ذه‬

‫العقوبة للحبس بسبب عدم مقدرة المحكوم عليه دفعها‪ ،‬عندئ ٍذ تصبح عقوبة سالبة للحرية وبالتالي‬

‫يص بح المج ال رحب ًا لتط بيق ه ذا النظ ام‪ ،‬كم ا أن ه ال مج ال لتطبيق ه إذا ك انت العقوب ة هي العم ل‬

‫للمص لحة العام ة أو وق ف تنفي ذ العقوب ة‪ ،‬وال ذي يجب مالحظت ه ان الش خص المعن وي ال يس تفيد من‬

‫هذا النظام الستحالة تطبيقه عليه‪.‬‬

‫ونظام المراقبة يمكن أن يصدر بحكم من المحكمة‪ ،‬ويكون له مبررات عدة تتعلق بالمحكوم‬

‫علي ه ك أن يك ون المحك وم علي ه يم ارس نش اط مه ني كم ا ل و ك ان طبيب ًا او بس بب متابعت ه تحص يله‬

‫العلمي أو تدريب عملي أو تأهيل مهني او ممارسته لعمل مؤقت تقتضي مستلزماته إعادته لإلندماج‬

‫اإلجتم اعي أو أن يك ون رب أس رة تعتم د أس رته علي ه في معاش ها أو أن يك ون مريض ًا يس تلزم مع ه‬

‫مرض ه الخض وع لعالج دائم؛ كم ا ل و ك ان يع اني من م رض الكلى ال ذي يس تلزمه غس ل الكلى‬

‫باستمرار وهي تقنية يصعب توافرها في مراكزاالصالج والتاهيل‪ ،‬وفي حالة تقرير الوضع تحت‬

‫المراقبة فإن إجراءات وطريقة التنفيذ تترك لقاضي تنفيذ العقوبة الذي يحددها بموجب قرار غير‬

‫قابل للطعن يتخذه خالل مدة أقصاها أربع أشهر من التاريخ المحدد لتنفيذ الحكم‪.‬‬

‫ويمكن ف رض عقوب ة المراقب ة اإللكتروني ة من قب ل قاض ي تنفي ذ العقوب ة‪ ،‬وذل ك في حال ة‬

‫الحكم بعقوبة أو عدة عقوبات ال تتجاوز في مجموعها مدة سنة عندما يقرر القاضي دمج العقوبات‬

‫وه وه االم ر المعم ول ب ه في ق انون العقوب ات األردني رقم ‪ 16‬لس نة ‪_ 60‬ي نظ ام دمج العقوب ات‬

‫_المنصوص عليه في المادة ‪ 2 \72‬والتي جاء فيها(اذا ثبت عدة جنايات او جنح قضي بعقوبة لكل‬

‫جريمة ونفذت العقوبة االشد دون سواها)‪ ،‬كما أنه يمكن فرض نظام المراقبة اإللكترونية في نهاية‬

‫مدة العقوبة بالنسبة للمحكوم عليهم ذوي المدد الطويلة‪ ،‬إذا لم يتبقى من مدة الحبس سوى سنة واح دة‬

‫فق ط ‪ ،‬ويمكن تط بيق ه ذا النظ ام ك ذلك على المحك وم عليهم ال ذين تنطب ق عليهم ش روط اإلف راج‬

‫‪51‬‬
‫الش رطي ال ذي س نأتي على بحث ه‪ ،‬فيك ون ه ذا النظ ام أح د اإللتزام ات ال تي يفرض ها القاض ي ض من‬

‫إطار هذا اإلفراج على أن ال تتجاوز مدة الخضوع له عن سنة واحدة‪.‬‬

‫الجهة المختصة بفرض المراقبة اإللكترونية‬

‫وفقا للنظام الق انوني الفرنسي يختص قاضي تنفيذ العقوبه باصدار القرار بوضع المحكوم‬

‫عليه تحت المراقبة اإللكترونية‪ ،‬وذلك من تلقاء نفسه أو بناًء على طلب من الجهة العقابية‪ ،‬ولما كان‬

‫هذا األمر ال يمكن أن يتم دون رضاء المحكوم عليه؛ ألن هذا األمر يتطلب تعاون ًا منه مع المؤسسة‬

‫العقابية لتنفيذ المراقبة فإن المشرع الفرنسي يشترط موافقة المحكوم عليه وبحضور محاميه‪ .‬على‬

‫أن حضور المحامي أصبح اختياريًا في هذا المجال؛ كما أنه يجب الحصول على موافقة مالك العقار‬

‫في ح ال تطلب األم ر وض ع المحك وم علي ه خالل م دة المراقب ة في عق ار معين؛ إال إذا ك ان المح ل‬

‫عامًا كاحد المؤسسات االجتماعية التابعة لوزارة الشؤن االجتماغيه المعنية‪ ،‬وقاضي تنفيذ العقوبة‬

‫المختص هو القاضي الذي يقع في نطاق اختصاصه المكاني مكان إقامة الشخص الموضوع تحت‬

‫المراقبة اإللكترونية‪.‬‬

‫ويكون إتخاذ القرار بالوضع تحت المراقبة اإللكترونية بعد أخذ رأي المؤسسة العقابية في‬

‫جلسة يحضرها المحكوم عليه ويستمع القاضي لمطالعات ممثل النيابة وأقوال المحكوم عليه وعند‬

‫اإلقتض اء فال م انع من س ماع أق وال مح امي المحك وم علي ه‪ ،‬ويمكن لقاض ي تنفي ذ العقوب ة أن يتخ ذ‬

‫قراره دون مرافعات وجاهية أي من الممكن أن يتخذ قراره تدقيقًا وذلك ‪،‬في أحوال موافقة النائب‬

‫الع ام والمحك وم علي ه أو محامي ه على الخض وع للمراقب ة اإللكتروني ة‪ ،‬ويبل غ قاض ي تنفي ذ العقوب ة‬

‫المحك وم علي ه خطي ًا باالم اك المحظ ورة علي ه‪ ،‬وأوق ات الحض ور ويح دد ل ه الام اكن ال تي يس تطيع‬

‫ال ذهاب اليه ا كارتي اد أح د المتنزه ات في وقت مح دد ال يج وز ل ه ارتي اده بع د ه ذ ا ال وقت المح دد‪،‬‬

‫ويحدد له قاضي تنفيذ العقوبة الواجبات والتدابيرالمفروضة عليه خالل مدة المراقبة‪ ،‬وإ نذاره بأنه‬

‫في حال خرقه لشروط المراقبة فسوف يتم سحب قرار المراقبة‪ ،‬وتعريضه لعقوبة جريمة الهرب‬

‫باالضافة العادته لتنفيذ ماتبقى من عقوبة في اجدى مراكز االصالح والتاهيل‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ومما يجدر ذكره انه يجب أن تتوافر شروط مادية معينة حتى يتم إتخاذ هذا القرار بالوضع‬

‫تحت المراقبة االلكترونية‪ ،‬وذلك فضًال عن الشروط القانونية وتتمثل فيما يلي‪-:‬‬

‫‪ .1‬وجود مكان إقامة ثابت للمحكوم عليه‬

‫‪ .2‬وجود خط هاتفي ثابت دون أي ملحقات مثل اإلنترنت‪.‬‬

‫‪ .3‬شهادة طبية تؤكد أن حالة الشخص الصحية تتوافق مع وضع السوار اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ .4‬الحصول على موافقة مالك العقار أو مؤجره إذا كانت إقامة الشخص في غير منزله باستثناء‬

‫كون المحل عامًا‪.‬‬

‫طريقة عمل السوار اإللكتروني‬

‫ولها ثالث صور‪:‬‬

‫الصورة األولى‪ :‬طريقة البث المتواصل وهي متبناه في غالبية الدول التي أخذت بهذا النظام وبها‬

‫يرس ل الس وار ك ل خمس ة عش ر ثاني ة إش ارات مح ددة إلى مس تقبل موص ل بالخ ط اله اتفي في مك ان‬

‫إقامة الشخص وينقل هذا المستقبل إشارات أوتوماتيكية إلى نظام معلوماتي مركزي مجهز بتقنيات‬

‫يمكنها أن تسجل هذه اإلشارات والمعلومات ويوجد هذا النظام لدى الجهة التي تتولى رقابة المحكوم‬

‫عليه‪.‬‬

‫الصورة الثانية‪ :‬وتسمى طريقة التحقق الدقيق وبموجبها يرسل نداء تلفوني بشكل أوتوماتيكي إلى‬

‫بيت أو مكان إقامة الشخص‪ ،‬ويستقبل هذا النداء ويرد عليه عبر رمز صوتي أو تعريف نطقي‪.‬‬

‫الصورة الثالثة‪ :‬وهي المراقبة عبر الستاليت (األقمار الصناعية) وهي معمول بها لدى الواليات‬

‫المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫ولقد اختار المشرع الفرنسي الطريقة األولى من طرق المراقبة وفي هذا األسلوب يسمح‬

‫للمحكوم عليه البقاء في بيته ومن هنا تمت تسمية هذا النظام بالسجن في البيت‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫هذا وقد أجاز المشرع الفرنسي للمحكوم عليه أن يطلب من القاضي في أي وقت استشارة‬
‫‪1‬‬
‫طبيبه للتأكد من أن هذه التقنيات ال تؤثر سلبًا عليه من الناحية الصحية‪.‬‬

‫إلغاء نظام المراقبة اإللكترونية‪:‬‬

‫يلغي نظام المراقبة اإللكترونية إذا توافرت شروط معينة؛ ألن نظام المراقبة هذا ال يكون‬

‫إلى ما ال نهاية‪ ،‬وإ نما هو مرهون بتحقيق أهدافه وذلك بقيام المحكوم عليه بتنفيذ كافة اإللتزامات‬

‫والتدابير المفروضة عليه؛ لذلك فإن المشرع الفرنسي قرر إلغاء هذه المراقبة إذا توافرت الشروط‬

‫التالية‪:‬‬

‫أ‪ .‬إذا طلب المحكوم عليه هذا اإللغاء‪ ،‬ويكون ذلك إذا اتضح له أن هذا النظام يتعارض مع حياته‬

‫الخاصة واألسرية أو المهنية‪.‬‬

‫ب‪ .‬إذا لم يقم المحك وم علي ه بتنفي ذ ش روط الخض وع للرقاب ة اإللكتروني ة‪ ،‬أو لم يت ابع تنفي ذ الت دابير‬

‫المفروضة عليه‪ ،‬أو إذا صدرت ضده أحكام جنائية اثناء مدة المراقبة االكترونية‪.‬‬

‫ت‪ .‬إذا رفض المحك وم علي ه التع ديالت الض رورية على ه ذا النظ ام وال تي يفرض ها قاض ي تنفي ذ‬

‫العقوبة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اإلفراج الشرطي‬

‫وج دت فك ره اإلف راج الش رطي ص داها ل دى بعض التش ريعات القديم ة ال تي أص بغت على‬

‫تش ريعاتها الجنائي ة الص فة اإلنس انية‪ ،‬ف أقرت نصوص ا اتخ ذت أساس ًا لتط ور ق انون العقوب ات في‬

‫الس نوات األخ يرة‪ ،‬ون ذكر به ذا الخص وص مرس وم إم براطور النمس ا جوزي ف الث اني س نة ‪،1788‬‬

‫وق انون العقوب ات الباف اري الص ادر ع ام ‪1813‬؛ ل ذلك ف إن اإلف راج الش رطي لم يكن ولي د عم ل‬

‫يراجع في ذلك‪ -‬جاسم محمد راشد الخديم العنتلي‪ -‬مرجع سابق من ‪250‬‬ ‫‪1‬‬

‫يراجع كذلك‪ -‬الوضع تحت المراقبة اإللكترونية والسوار اإللكتروني في السياسة العقابية الفرنسية للدكتوره صفاء أوتاني‪-‬‬
‫مجلة جامعة دمشق للعلوم اإلقتصادية والقانونية‪ -‬المجلد ‪ 25‬العدد األول‪ 2009 -‬راجع كذلك مجلة الجامعة اإلسالمية‬
‫للدراسات اإلسالمية المجلد الحادي والعشرون‪ ،‬العدد األول من ‪ – 661‬من ‪ 695‬عدد يناير ‪ -20130‬مراقبة المتهم‬
‫إلكترونيًا كوسيلة للحد من مساويء الحبس اإلحتياطي‪ -‬دراسة تحليلية‪ -‬د‪.‬ساهر إبراهيم الوليد‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫تش ريعي ط اريء‪ ،‬وإ نم ا ك ان نت اج تج ارب المؤسس ات العقابي ة ودراس اتها في ك ل من فرنس ا‬

‫وبريطانيا‪ ،‬وال شك أن في تتبع الخطوات التي مر بها هذا النظام في كل من فرنسا وبريطانيا حتى‬

‫اتضحت صورته يكشف عن األسس التي ُب ني عليها واألهداف التي كانت مرجوه من وراء األخذ‬

‫به ذا النظ ام‪ .‬وبع د ص دور ق انون العقوب ات الفرنس ي ع ام ‪ 1810‬ال ذي غلب علي ه الط ابع النفعي‬

‫وم الت في ه العقوب ات إلى الش دة تحقيق ًا للمص لحة اإلجتماعي ة حيث أع اد العقوب ة المؤب دة ‪،‬واع ترف‬

‫للقاضي بسلطة تقديرية وقرر للعقوبة حد أدنى وأعلى‪ ،‬وفي ظل هذا القانون بدأت المؤسسة العقابية‬

‫اإلهتم ام بإص الح ح ال المس جونين من األح داث‪ ،‬وب دأت اإلدارة العقابي ة في س نة ‪ 1817‬بب اريس‬

‫باتخاذ أول مظهر من مظاهر نظام اإلفراج الشرطي‪ ،‬وذلك بأن وضعت المساجين األحداث بأحد‬

‫سجون باريس في ملجأ كان يديره راهب يدعى ارنولت‪ ،‬وكانت طلبات اإلفراج الشرطي تقدم إلى‬

‫وزير العدل من قبل العائالت التي كانت ترغب في استقبال المجرمين األحداث المفرج عنهم‪ ،‬وفي‬

‫عام ‪ 1846‬اقترح (يونوفيل ومارسيني) األخذ بنظام اإلفراج الشرطي عن المحكوم عليهم البالغين‬

‫ال ذين يثبت اس تفادتهم من المعامل ة العقابي ة داخ ل الس جن أس وة باألح داث‪ ،‬وذل ك على أث ر الزي ادة‬

‫الرهيبة في معدل الجريمة التي أثبتتها اإلحصاءات الرسمية في الفترة من ‪ 1826‬إلى ‪ 1850‬وعلل‬

‫األخ ذ به ذا النظ ام بأن ه ي ؤدي إلى زي ادة فعالي ة العق اب ويحق ق اإلص الح العق ابي ويقل ل من خط ر‬

‫العائدين‪ .‬ونرى ان الهدف من هذا النظام هو الحث على اإلصالح من داخل السجن حتى تختصر‬
‫‪1‬‬
‫مدة وجوده به ومن ثم يسعى لإلندماج بالمجتمع‪.‬‬

‫وأن ه من المفي د الق ول ان المفه وم الكالس يكي لإلف راج الش رطي بأن ه منح ة تهذيبي ة ال تهتم‬

‫بتاهيل المحكوم عليه‪ ،‬وإ نما ينظر له بأنه وسيلة للتخفيف من ازدحام السجون والتقليل من نفقاتها؛‬

‫إال أن هذا المفهوم لم يعد متفقا والسياسه الحديثة للدفاع اإلجتماعي التي تهدف إلى حماية المجتمع‬

‫عن طري ق تق ويم الف رد وعالج إنحراف ه وتاهيل ه اجتماعي ًا إلع ادة اندماج ه في المجتم ع وتمكين ه من‬

‫تلقي معاملة تهذيبية تهدف إلى تقويمه وتأهيله إجتماعيًا‪.‬‬

‫‪ .1‬د‪ -‬محمد عبد الغريب‪ -‬اإلفراج الشرطي في ضوء السياسة العقابية الحديثة‪ -‬سنة ‪ 1995 -1994‬ص‪.21‬‬
‫‪55‬‬
‫واإلف راج الش رطي يختل ف به ذا المع نى عن العف و الش رطي‪ ،‬وال ذي يك ون األص ل في ه أن‬

‫يعفى المحك وم علي ه من العقوب ة بال قي د أو ش رط؛ إال أن ه في العص ر الح ديث يج وز أن يأخ ذ ش كل‬

‫اإلف راج الش رطي حيث ال يعفى المحك وم علي ه من تنفي ذ ك ل أو بعض العقوب ة؛ إال إذا خض ع لبعض‬

‫الش روط ال تي يح ددها ق رار العف و وأن يخض ع لبعض ت دابير الرقاب ة أو أن يف رض علي ه إلتزام ات‬

‫خاصة‪ ،‬حتى أن البعض اعتبر أن تأجيل النطق بالعقوبة الممنوح من قاضي تط بيق العقوبة ليس إال‬

‫شكًال من اشكال العفو الشرطي؛ ألنه يجوز له الرجوع عنه في خالل السنة التالية لمنحه في حال‬

‫سوء سلوك المحكوم عليه‪ ،‬ومع ذلك فإن النظامين يختلفان عن بعضهما فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬العفو الشرطي بحسب األصل مبني على اعتبارات الشفقة والرحمة بالمحكوم عليه بخاللف‬

‫اإلف راج الش رطي فه و ليس إال وس يلة من وس ائل تفري د المعامل ة العقابي ة تقتض يه اعتب ارات‬

‫التأجيل‪ ،‬أو هو تدبير مستقل وفق ًا ألنصار الدفاع اإلجتماعي يستهدف تأهيل المحكوم عليه‬

‫إجتماعيًا‪.‬‬

‫‪ .2‬العفو الشرطي من اختصاص رئيس الدولة في حين أن اإلفراج الشرطي تختص به سلطات‬

‫أخ رى تختل ف ب اختالف التش ريعات؛ ل ذلك ف إن اإلف راج الش رطي أك ثر مالئم ة من العف و‬

‫الشرطي إذ يمكن منحه بصفة عامة بمقتضى قرار يصدر من السلطة المختصة‪.‬‬

‫‪ .3‬يتحدد نطاق العفو الشرطي بجميع العقوبات البدنية والسالبة للحرية والمالية في حين يقتصر‬

‫اإلفراج الشرطي على العقوبات السالبة للحرية مؤقتة المدة فقط‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫نطاق تطبيق نظام اإلفراج الشرطي‪:‬‬

‫يمتد نطاق هذا النظام ليشمل كافة المحكوم عليهم بوصفه تدبير يهدف إلى تأهيل المحكوم‬

‫عليه إجتماعيًا‪ ،‬ومع ذلك فإن بعض القوانين قد تستثني أشخاص ًا معينة من اإلستفادة من هذا النظام‬

‫بنص خ اص أو تعل ق تطبيق ه على أخ ذ رأي جه ات األمن المختص ة مراع اة إلعتب ارات األمن الع ام‬

‫وال ردع الع ام أو اقتناع ًا منه ا ب أنهم غ ير ج ديرين للخض وع لنظ ام اإلف راج الش رطي‪ ،‬واإلف راج‬

‫الشرطي يتطلب أن يكون هناك حد أدنى للعقوبة السالبة للحرية أو أن يكون المحكوم عليه قد أمضى‬

‫م دة معين ة وبقي م دة مح دودة من ف ترة العقوب ة المحك وم به ا‪ .‬فه و نظ ام ال يطب ق إال في نط اق‬

‫العقوبات السالبة للحرية المؤقتة المدة لذلك فإنه ال يمتد ليشمل عقوبة السجن المغلق (المؤبد)‪.‬‬

‫تطبيق اإلفراج الشرطي على المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية قصيرة المدة‪:‬‬

‫حرصت كافة التشريعات أن يكون المحكوم عليه قد أمضى مدة معينة من عقوبته لالستفادة‬

‫من ه ذا النظ ام‪ ،‬وتختل ف التش ريعات في تحدي د ه ذه الم دة من تش ريع الى اخ ر ف أغلب التش ريعات‬

‫تحددها بثلثي العقوبة المحكوم بها مثال ذلك القانون الدنماركي في المادة ‪ 38‬من قانون العقوبات‬

‫لسنة ‪ ،1931‬والنرويجي في المادة ‪ 37‬عقوبات لسنة ‪ ،1949‬وفي المادة ‪ 26‬من قانون العقوبات‬

‫األلماني لسنة ‪ 1871‬المعدل سنة ‪ ،1953‬وهناك البعض اآلخر من التشريعات ينقصها إلى نصف‬

‫العقوب ة مث ال ذل ك الق انون البرتغ الي في الم ادة ‪ 120‬من ق انون العقوب ات لس نة ‪ 1886،‬والق انون‬

‫اليوغسالفي في المادة ‪ 56‬عقوبات المعدلة بالقانون الصادر في ‪ 2‬يوليو ‪.1959‬‬

‫بينما ذهبت تشريعات أخرى إلى تحديدها بثالثة أرباع المدة المحكوم بها كالقانون المصري‬

‫في المادة ‪ 52‬من قانون تنظيم السجون والقاناون اإلسباني في المادة ‪ 96‬من قانون العقوبات لسنة‬

‫‪ 1870‬المعدل في ‪ 27‬ديسمبر سنة ‪.1927‬‬

‫وقد أقامت بعض هذه التشريعات تفرقة بين المبتدئين والعائدين‪ ،‬فالقانون الفرنسي يحددها‬

‫بالنسبة للمبتدئين بنصف المدة‪ .‬أما بالنسبة للعائدين فيرفعها إلى ثلثي المدة المحكوم بها‪ .‬أما القانون‬

‫اإليطالي فقد حددها بنصف المدة للمبتديء وثالثة أرباع المدة بالنسبة للعائد وذلك بنص الم ادة ‪176‬‬

‫‪57‬‬
‫من ق انون العقوب ات لس نة ‪ .1930‬وش رط اإلف راج الش رطي يتمث ل في حس ن س لوك المحك وم علي ه‬

‫داخ ل المؤسس ة العقابي ة وه ذا الش رط يعت بر جوهري ًا إلطالق س راح المحك وم علي ه قب ل انته اء م دة‬

‫عقوبته؛ ألنه يعتبر إمارة على اإلصالح الفعلي للمحكوم عليه وان العقوبة قد حققت الردع الخاص‬

‫وتأهيل المحكوم عليه‪ ،‬وفكرة حسن السلوك هذه ال يقصد بها مصلحة الفرد فحسب وإ نما مصلحة‬

‫المجتمع‪ .‬وبصفة عامة فإن حسن السلوك داخل المؤسسة العقابية يعد مسلكًا طبيعي ًا يتفق وقواعد‬

‫الحي اة العقابي ة إحترام ًا لنص وص الق انون‪ .‬وال ذي يث ار به ذا الص دد ه و كيفي ة التحق ق من إص الح‬

‫المحكوم عليه داخل المؤسسات العقابية‪.‬‬

‫لق د اتجهت أغلب النظم العقابي ة الحديث ة إلى إق رار فك رة أن تك ون المعامل ة العقابي ة موجه ة‬

‫في األص ل نح و اإلف راج الش رطي؛ الن ذل ك ي دعم األم ل ل دى المحك وم عليهم في أن يس تفيدوا من ه‬

‫وهذه الفكرة تتفق مع الفكرة األساسية في الرعاية العقابية الحديثة التي تستهدف اإلعداد لتأهيل الفرد‬

‫اجتماعي ًا‪ ،‬لذلك ذهب الفكر القانوني الحديث الى ان حسن السلوك يبقى مظهر خارجي ال يمكن أن‬

‫يعطي حكم ًا بأن المحكوم عليه يستحق اإلفراج الشرطي؛ ألن اعتبارات اإلفراج الشرطي تقتضي‬

‫أن يكون وسيلة للتأهيل اإلجتاعي إذ يفترض أن يمنح في كل حالة يبدو فيها اإلفراج الشرطي هو‬

‫الوس يلة المالئم ة للوص ول إلى ه ذا الغ رض المتمث ل بالتأهي ل اإلجتم اعي للمحك وم علي ه وعلى ذل ك‬

‫يتعين إفس اح الس بيل أم ام المحك وم عليهم ال ذين يظ ل إص الحهم غير محقق النهم األك ثر حاج ة ألن‬

‫يوجهوا ويساعدوا ويساندوا في الشهور التي تلي إطالق سراحهم ؛اذ يجب أن يستفيد من هذا النظام‬

‫المحكوم عليهم الذين يخضعهم لقواعد الحياة العقابية وال يكون في اإلفراج عنهم خطرًا يهدد النظام‬

‫العام‪ .‬وفي حال مخالفة شروط اإلفراج يجوز أن يصدر أمر بالقبض على المفرج مؤقت ًا وأن يقدم‬

‫إقتراح ًا بإلغ اء اإلف راج الش رطي إلى الس لطة المختص ة ومض ار ه ذا اإلج راء قليل ة على المجتم ع‬

‫وفوائدها كبيرة‪.‬‬

‫وايا ما كان االمر فان لالفراج الشرطي عدة شروط نجملها على النحو التالي‪:‬‬

‫شروط االفرج الشرطي‬

‫‪58‬‬
‫وهذه الشروط هي موضوعية تتعلق بالمحكوم عليه وشكلية تتعلق بالجهة التي تملك سلطة‬

‫تقرير االفراج وهذه الشروط يمكن تفصيلها على الحو التالي ‪:‬‬

‫اوال‪ :‬الشروط الموضوعية‬

‫وهي شروط تتعلق بالمحكوم عليه‪ ،‬وبالعقوبة المحكوم بها‪ ،‬وبالمدة التي تنفذ في السجن‪.‬‬

‫أ‪ -‬شروط التي تتعلق بالمحكوم عليه‬

‫‪ .1‬ان يك ون المحك وم علي ه داخ ل المؤسس ة العقابي ة حس ن الس يرة والس لوك داعي ا الى الثق ة بتق ويم‬

‫نفسه وهذا ما اخذ به قانون االجراءات الجزائية العماني في المادة (‪ )309‬والتي جاء فيها (‪...‬‬

‫وكان السلوك اثناء وجوده في السجن يدعو الى الثقة بتقويم نفسه) ‪.‬‬

‫‪ .2‬رضاء المحكوم عليه‪ :‬من الوجهة القانونية ال يثور الشك في انه ال محل لرضاء المحكوم عليه‬

‫في هذا المجال والحجة في ذلك ان االفراج الشرطي هو نظام عقابي تطبقه السلطة المخولة بما‬

‫لها من سلطة تقديرية ويقتضي ذلك القول انه ال شان له أي المحكوم عليه في تطبيق هذا النظام‬

‫وانقس مت التش ريعات الى وجه ات مختلف ة به ذا الخص وص‪ ،‬فاي د التش ريع االلم اني والفرنس ي‬

‫والعماني وجود هذا الرضاء‪ ،‬وعارض وجود هذا الرضاء التشريع المصري والليبي والكوي تي‬

‫والعراقي ‪.‬‬

‫ب الشروط المتعلقة بالعقوبة‬

‫يشترط ان يكون قد صدر بالعقوبة حكم نهائي‪ ،‬وان تكون العقوبة سالبة للحرية‪ .‬وقد ذكرنا‬

‫كيف ان التشريعات اختلفت من تشريع الى اخر من حيث المقدار المتبقي من العقوبة الذي يمكن ان‬

‫يطبق عليه نظام االفراج الشرطي وانواع الجرائم التي يمكن ان ينطبق عليها هذا النظام‪ ،‬فمثال نجد‬

‫ان القانون العماني حدد هذه المدة بان ال تقل عن تسعة اشهر‪ ،‬ومنها ما تتطلب ان يكون قد قضى‬

‫‪59‬‬
‫ثلالثة ارباع مدة العقوقة كالتشريع المصري‪ 1،‬والقانون الفرنسي يحددها بالنسبة للمبتدئين بنصف‬

‫المدة ‪.‬أما بالنسبة للعائدين فيرفعها إلى ثلثي المدة المحكوم بها‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط الشكلية‬

‫وهي تتعل ق بالجه ة ال تي تمل ك س لطة تقري ر االف راج ولق د انقس مت االتجاه ات على ه ذا‬

‫الصعيد الى قسمين ‪:‬‬

‫‪ .1‬بعض التشريعات اعتبرت هذا العمل من اعمال االدارة؛ لذلك فان هذه التشريعات خولت االدارة‬

‫العقابي ة االش راف على ه ذا النظ ام وتطبيق ه‪ ،‬ولق د س لك المش رع المص ري ه ذا المس لك‪ ،‬وق انون‬

‫االجراءات العماني في المادة (‪)309‬؛ اذ جعله من اختصاص مدير عام السجون بعد موافقة لجنة‬

‫يصدر قرار بتشكيلها المفتش العام للشرطة والجمارك ‪.‬‬

‫‪ .2‬لكن االتجاه الغالب يجعل هذا االمر من صالحية القضاء؛ النه يمس القوة التنفيذية للحكم ومن‬

‫ه ذه االنظم ة النظ ام الق انوني الفرنس ي‪ ،‬وال ذي يعطي ه ذا االم ر لقاض ي تنفي ذ العقوب ة بالنس بة‬

‫للمحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية ال تزيد عن ثالث سنوات‪.‬‬

‫اثار االفراج الشرطي‪:‬‬

‫ال ي ترتب على االف راج الش رطي مح و الحكم الص ادر باالدان ة؛ ب ل يبقى منتج ا الث اره‬

‫القانوني ة‪ ،‬وعلي ه تبقى العقوب ة التكميلي ة او التبعي ة الملحق ة بالعقوب ة االص لية قائم ة؛ اذ ان االف راج‬

‫الشرطي يؤدي الى ابدال سلب الحرية بتجربة حسن سير وسلوك فقط‪..‬‬

‫راجع في ذلك – د – حسن صادق المرصفاوي – قانون االجراءات الجنائية – دار نشر الثقافة الجامعية – طبعة ‪– 1955‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪226‬‬
‫‪60‬‬
‫انتهاء االفراج الشرطي‪:‬‬

‫ينتهي االف راج الش رطي ام ا بانقض اء مدت ه فيتح ول الى اف راج نه ائي‪ ،‬او بالغائ ه واع ادة‬

‫المفرج عنه للسجن مرة اخرى وذلك على التفصيل التالي‪:‬‬

‫‪ .1‬انقضاء مدة العقوبة‪ :‬ان مدة االفراج الشرطي او مدة التجربة هي المدة المتبقية من العقوبة دون‬

‫تنفيذ؛ فاذا انقضت هذه المدة وكان المحكوم عليه خاللها حسن السيرة والسلوك واوفى بما فرض‬

‫عليه من قيود والتزامات زال االفراج المؤقت وتحول الى افراج نهائي وتعتبر العقوبة في هذه‬

‫الحالة كانها نفذت بالكامل من تارخي االفراج الشرطي وليس من تاريخ انتهائه؛ وذلك مكافاة له‬

‫على حسن سلوكة وفائدة ذلك تكون في احتساب المدد المتعلقة بالعود ورد االعتبار‪ ....‬الخ‬

‫‪ .2‬يلغى االف راج الش رطي ويع اد المحك وم علي ه الى الس جن لتنفي ذ العقوب ة وتص ادر الكفال ة‬

‫االحتياطية؛ اذا كان هذا االفراج مقرون بها لصالح الخزينة اذا ارتكب المحكوم عليه خالل مدة‬

‫االف راج المشروط جرم ا اخر ادى الى الحكم علي ه بالس جن وه ذه الم دة التي تبرر الغاء االف راج‬

‫الش رطي وه ذه الم دة تختل ف من تش ريع الى اخ ر‪ ،‬فالتش ريع العم اني مثال اش ترط ان ال تق ل عن‬

‫سنة اللغاء االفراج الشرطي‪.1‬‬

‫ه ذه هي العقوب ات البديل ه للعقوب ات الس البة للحري ة مؤقت ة الم دة ال تي تحق ق الغ رض من‬

‫العقوب ة المتمث ل ب الرع الع ام والخ اص؛ وه و النهج ال ذي س ارت علي ه معظم االنظم ة القانوني ة‬

‫والمؤسسات العقابيه المتطوره التي رات في هذا الظام العقابي بديال عن تنفيذ العقوبة السالبة للحرية‬

‫مؤقتة المدة‪.‬‬

‫ومع ذلك فان هناك بدائل اخرى للعقوبة اخذت يها بعض االنظمة القانونية والتي النرى لها‬

‫من االهمية في هذه الدراسة بالقدر الذي للبدائل التي استعرضناها في تحقيق السياسة العقابية التي‬

‫عمادها تحقيق الردع العام والخاص وبالتالي الوصول لتحقيق الغاية النهائية من العقوبة؛ اال وهو‬

‫‪1‬يراجع في ذلك – بحث بعنوان االفراج الشرطي ‪ 6‬مايو ‪ – 2007‬دار العدالة والقانون العربيه – بواسطة شبكة االنترنت‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫اعادة تاهيل واصالح المحكوم عليه الذي ادت الجريمة الى سلخه عن المجتمع وتتمثل هذه البدائل‬

‫والتي نذكرها على سبيل االيجاز فيما يلي‪:‬‬

‫دف ع مبل غ تعويض ي للمتض ررين و ارض ائهم للتن ازل عن الحق وق الشخص ية‬ ‫‪-1‬‬

‫وبالتالي شراء فترة سجنه‪.‬‬

‫الكفال ة او التعه د الشخص ي بالحض ور كلم ا طلب من ه المث ول ل دى الحه ة‬ ‫‪-2‬‬

‫المختصه‪ ،‬او ايداع كفاله نقدية او مصرفية لدى الخزينة؛ كضمان الستمراره تنفيذ العقوبة‬

‫البديلة واظهارحسن سلوكه‪.‬‬

‫التغريب او النفي او االقامة الجبرية بعيدا عن مكان سكناه أو اقامته؛ كما هو‬ ‫‪-3‬‬

‫الشان في الحبس االحتياطي الذي سبق وان شرحناه‪.‬‬

‫التعليم؛ ك أن يطلب من ه اكم ال مرحل ة دراس ية اخ رى او تط وير امكانيات ه‬ ‫‪-4‬‬

‫العلمية او المهنية ؛كالحصول على دورات معينة كالنجارة او الخياطة‪.‬‬

‫التوبيخ والتشهير واللوم؛ كأن يوبخ امام اقرانه او اقاربه او يعلق قطعة امام‬ ‫‪-5‬‬

‫داره تش ير الى قيام ه بارتك اب ج رم م ا بش رط ان تك ون بموافق ة المحك وم علي ه وبن اء على‬

‫طلبه‪.‬‬

‫الس جن ش به المفت وح؛ كاالي داع في قاع ة كب يرة تيتس ع لع دد كب ير من المحك وم‬ ‫‪-6‬‬

‫عليهم تلقي عليهم محاضرات تعليمية وبرامج اصالحية والتدريب على برا مج معينة‪.‬‬

‫نظام السجن المتقطع او تقسيط العقوبة وذلك بمراقبة المحكوم عليه حول مدى‬ ‫‪-7‬‬

‫اص الحه وادراك ه لخط ورة العم ل ال ذي ق ام ب ه‪ ،‬وم دى انس جامه م ع البرن امج االص الحي و‬

‫الفترة التي قضاها‪.‬‬

‫نزع الصفة الجرمية عن بعض الجرائم والمخالفات البسيطة وجعلها مخالفات‬ ‫‪-8‬‬

‫ادارية و معاقبة مرتكبيها بعقوبات ادارية ومالية (اكدت على ذلك المادة ‪ 11‬من العهد الدولي‬
‫‪62‬‬
‫للحق وق المدني ة والسياس ية) حيث نص ت على ان ه ( ال يج وز س جن أي إنس ان لمج رد عج زه‬

‫عن الوف اء ب التزام تعاق دي) فمثال الس ياقة ب دون اج ازة من الممكن ان يع اقب الس ائق بت اخيره‬

‫من التقديم او منعه للحصول على أجازة السياقة لمدة ‪6‬اشهر‪.‬‬

‫الحبس اثن اء العط ل الرس مية و نهاي ة االس بوع‪ ،‬وبه ذا يس تطيع المحك وم علي ه‬ ‫‪-9‬‬

‫التواص ل م ع عائلت ه وع دم ت رك عمل ه‪ ،‬وك ذلك يتم مراقبت ه اثن اء ف ترة محكوميت ه فيم ا اذا ق د‬

‫اس تفاد من ال برامج االص الحية ال تي القيت علي ه او ال تي تم تدريب ه عليه ا‪ ،‬و فيم ا اذا ك ان ق د‬

‫استفاد من هذه التجربة‪.‬‬

‫نظ ام تحوب ل ال دعوى الجنائي ة الى غ ير جنائي ة‪ :‬وه و اس لوب ح ديث يس مح‬ ‫‪-10‬‬
‫بتفادي الحبس في احوال معينة بالنسبة للمحكوم عليهم ويطبق هذا النظام بصورة كبيرة في‬
‫الواليات المتحدة االمريكية وهو يقوم على متابعة المدمنين على المخدرات والكحول خاصة‬
‫اذا توصل القاضي الى ان الطريق الجنائي ال يجدي نفعا‪.‬‬

‫هناك اتجاهات حديثة الى الغاء االفعال التي تعتبرها غالبية القوانين اجرامية‬ ‫‪-11‬‬
‫واستبعاد عقوبة السجن في بعض الجرائم‪ ،‬او االكتفاء بعقوبة بسيطة في بعض منها كجرائم‬
‫السكر وتعاطي المخدرات واالتصال الجنسي بين البالغين او غيرها من الجرائم التي تعرف‬
‫في الق وانين الغربي ة ب الجرائم ب دون ض حية؛ وه و مس لك ال يتف ق م ع النظ ام الع ام الفلس طيني‬
‫بوج ه خ اص والع ربي بش كل ع ام؛ الن مث ل ه ذه الج رائم فيه ا مس اس بالش عور الع ام وغالب ا‬
‫م ايكون المجتم ع ه و الض حية لمث ل ه ذه الج رائم فه و ال يق ر ه ذه االعم ال ح تى ول و لم يكن‬
‫‪1‬‬
‫هناك ضحية مباشرة لهكذا جرائم فيها مساس بالنظام العام‪.‬‬

‫اننا نكتفي بهذا القدر من هذه االمثلة على العقوبات البديلة وهي تختلف باختالف السياسات‬
‫الجنائية لكل بلد والظروف االجتماعية لكل مجتمع‪ ،‬فقد تكون عقوبة صالحة و جيدة لمجتمع ما‬
‫ولكنها قد التتالئم مع مجتمع أخر والتفي بغرضها وهو االصالح والتأهيل‪ ،‬وانها ليست بقوالب‬

‫يراجع في البدئل االخيرة‪ :‬مفهوم الغقوبة البديلة بهزاد علس ادم – الحوار المنمدن _ الموقع الرئيسي ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪63‬‬
‫جاهزة تطبق في كل االزمنة واالمكنة و انما تتغير طبقا لواقع الحال و المكان الذي تطبق فيه‬
‫وللمجتمع المدني ان يشارك في صياغتها‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫اننا وبعد ان انهينا هذه الدراسه لبدائل العقوبات السالبة للحرية مؤقتة المدة؛ فانه يظهر لنا‬

‫من خاللها ان العمل بنظام العقوبات البديله ال بعني باي حال من االحوال تعطيل العمل بالعقوبات‬

‫السالبة للحريه‪ ،‬وانما وجدنا ان المشرع في الدول التي اعتمدت العمل بالعقوبة البديلة عوضا عن‬

‫العقوبة السالبة للحرية مؤقتة المدة‪ ،‬وبعد الدراسات التي اجريت عليها وبعد تطبيقها عمليا ودراسة‬

‫ج دواها؛ اتض ح للمش رع في ال دول ال تي تاخ ذ به ذا النظ ام انه ا تحق ق الغ رض من العقوب ة الس البة‬

‫للحري ة؛ في تحقي ق اه داف السياس ة العقابي ة بتحقي ق ال ردع الع ام والخ اص وتاهي ل المحك وم علي ه‬

‫واعادت ه س ليما مع افى الى المجتم ع بع د ان تخلص من االث ار ال تي ت رتبت علي ه من الجريم ة ال تي‬

‫اقترفه ا‪.‬ولم ا ك ان تنقي ذ العقوب ة الس البة للحري ة مؤقت ة الم دة ي ترتب علي ه الكث ير من الس لبيات ال تي‬

‫افقدت ه الكث ير من اهميت ه في تحقي ق اغ راض العقوب ة؛ االم ر ال ذي دف ع العدي د من التش ريعات لع دم‬

‫التوقف عند العقوبات البديلة التقليديه كوقف التفنيذ وتبديل الحبس بالغرامه والعمل للمنفعة العامة‬

‫وان كان المشرع الفلسطيني قد اناط صالحية اعمال البديل االخير للنيابة العامة وبعد صدور الحكم‬

‫من المحكمة المختصه وفقا لنص الدة ‪ 399‬من قانون االجراءات الجزائية وجعل من مدة العقوبة‬

‫السالبة للحرية التي تخضع لهذا النظام ان التزيد عن الحبس لمدة ثالثة اشهر على نحو افقده محت واه‬

‫كعقوبة بديلة مقارنة مع االنظمة القانونية المقارنة‪ .‬ويجب التوسع في تطبيقها واالخذ بنظام العقوبة‬

‫البديله بمعناها االوسع على النحو الذي اوضحناه وشرحناه في هذه الدراس ة‪ ،‬ولكن كانت المشكلة‬

‫في ه ذه الدراس ة ان العقوب ات الس البة للحري ة في ذاته ا ال تث ير ص عوبة في بي ان معناه ا وانواعه ا‬

‫واقس امها؛ فالمش رعون اخ ذوا على ع اتقهم تبي ان انواعه ا واقس امها ومعناه ا‪ ،‬ولكن المش كلة تث ور‬

‫حينم ا يض اف له ذا االص طالح تعب ير (قص ير الم دة)‪ ،‬فالمش رعون لم يوض حوا م تى تك ون العقوب ة‬

‫قصيرة المدة؛ أي انهم لم يضعوا معيارا او يحددوا مناط العقوبة الس البة للحرية فصيرة المدة؛ لذلك‬

‫اختلف الفقهاء في تحديدها ثم انطلقوا الى انها من ثالثة اشهر حتى سنة ‪ .‬وهذا الراي مثال له سنده‬

‫‪64‬‬
‫في التش ريعي الفلس طيني فالم ادة ‪ 2\27‬عقوب ات اردني لس نة ‪ 60‬تنص على ان ه (اذا حكم على‬

‫ش خص ب الحبس م دة ال تزي د على ثالث ة اش هر يج وز للمحكم ة ال تي اص درت الحكم ان تح ول م دة‬

‫الحبس الى الغرامة على اساس نصف دينار عن كل يوم وذلك اذا اقتنعت بان الغرامة عقوبة كافية‬

‫للجريمة التي ادين بها ذلك الشخص) بمعنى ان العقوبة ان زادت في مدتها عن ثالثة اشهر فال وجه‬

‫لتب ديل ه ذه العقوب ة بالغرام ة ول و زادت ي وم واح د عن ه ذه الم دة؛ في حين جع ل ق انون االج راءات‬

‫الجزائية الفلسطيني رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 2001‬هذه المدة فيما يتعلق بوقف التنفيذ ال تزيد عن سنة ‪،‬وذلك‬

‫وفقا لما جاء بتص المادة ‪ 284‬من هذا القانون والتي تنص على انه (يجوزللمحكمة عند الحكم في‬

‫جناي ة او جنح ه بالغرام ة او ب الحبس م دة ال تزي د على س نة ان ت امر في نفس الحكم بايق اف تنفي ذ‬

‫العقوبة‪.........‬الخ)‪.‬‬

‫ولق د حاولن ا في ه ذه الدراس ة ب ذل جه د ول و ك ان متواض عا الب راز ذاتي ة العقوب ات البديل ة‬

‫وتمييزها عن غيرها من االنظمة القانونية االخرى التي قد تختلط بها متل بدائل الحبس االحتياطي‬

‫وب دائل ال دعوى الجنائي ة‪ .‬وب ذات ال وقت تناولن ا الب دائل في الق انون الفلس طيني وهي ب ديلين تقلي ديين‬

‫تمثل في تبديل عقوبة الحبس بالغرامة ووقف التنفيذ‪ ،‬وبديل ثالث حديث اخذ به على استحياء وهو‬

‫العم ل للمنفع ة العام ة ال ذي نص ت علي ه الم ادة ‪ 379‬من ق انون االج راءات الجزائب ه وه و ال ذي‬

‫شرحناه انفا‪ ،‬وكان البد من تناول البدائل االخرى المعمول بها لدى العديد من التشريعات االخرى‪،‬‬

‫وقد تمثلت هذه البدائل في تاجيل النطق بالعقوبة‪ ،‬والمراقبة االلكترونيه‪ ،‬ثم االفراج الشرطي‪.‬‬

‫وانن ا اذ نض ع ه ذه الدراس ه وتحلي ل فوائ د ه ذه الب دائل وابرازه ا بين ي دي الب احثين؛ فان ه‬

‫يحدونا االمل ب ان ياخذ المشرع الفلسطيني بهذه البدائل باضافتها للبدائل االخرى التقليدية المعمول‬

‫بها لديه وهي تبديل الحبس بالغرامة ووقف التنفيذ وتطوير نظام العمل للمنفعة العامة بالقدر الذي‬

‫اليخ ل بالمص الح االساس ية االولى بالرعاي ة واهمه ا النظ ام الع ام وحماي ة حق وق االنس ان وحريات ه‬

‫والكرامةاالنس انية من المس اس به ا‪ ،‬وع دم تركه ا دون ض مانات تحق ق ه ذه الحماي ة‪ ،‬وهي نفس‬

‫ال دعوة التي نوجه ا للمش رع في الدول العربي ة االخرى التي لم تاخذ بنظ ام ب دائل العقوبات الس البة‬

‫‪65‬‬
‫للحري ة مؤقت ة الم دة ب المفهوم الح ديث والمع نى الواس ع له ا بع د؛ كم ا ه و الح ال ل دى المش رع‬

‫الفلسطيني‪.‬‬

‫نخلص مما تقدم ان العقوبات البديله في التشريع الفلسطيني ومن خالل دراستنا لها نجد انه ا‬

‫التحق ق االه داف المرج وة منه ا‪ ،‬وال تتالئم م ع التطورال ذي ح دث في الفك ر العق ابي االح ديث‪ ،‬وال‬

‫يمكن وصفها بانها وسيلة حقيقية وناجعة من وسائل المعاملة العقابية الحديثة ‪.‬‬

‫واننا ننتهي من هذه الدراسة الى انه ليست هناك مبررات الستمرار المشرع الفلسطيني في‬

‫االخ ذ ب المفهوم التقلي دي الكالس يكي لنظ ام العقوب ات البديل ة المتمث ل بوق ف التنفي ذ وتب ديل الحبس‬

‫بالغرام ة س يما وان الب ديل االخ ير اليمكن تطبيق ه اذا زادت العقوب ة عن ثالث ة اش هر؛ وب ذات ال وقت‬

‫تط وير نظ ام العم ل للمنفع ة العام ة؛ اذ ان نج اح ه ذا النظ ام في تحقي ق التاهي ل االجتم اعي للمحك وم‬

‫عليه مرتبط ارتباطا وثيقا بقيام المشرع الفلسطيني بتحديث مفهومه لهذا النظام وتشريع بدائل اخرى‬

‫كالتي تناولناها في هذه الدراسة‪ ،‬وذلك من اجل مسايرة التطور الحاصل في بعض تشريعات الدول‬

‫العربيه والتي تقف الجزائر في مقدمتها‪.‬‬

‫ففي تص ريح ل ه لوكل ة االنب اء الجزائري ه ق ال الس يد مخت ار الخض اري م دير ع ام الش ئون‬

‫الجزائي ة واج راءات العف و في وزارة الع دل الجزائري ة بان ه ص درت قي الجزائ ر ‪ 4627‬ق رارا‬

‫قض ائيا يخص عقوب ات بديل ة عن الحكم بالس جن من ط رف القض اة من ذ دخ ول ه ذا الاج راء ح يز‬

‫التنفيذ في سنة ‪ ،2009‬ويعرف عدد قرارات العقوبة البديلة المتمثلة قي االشغال ذات المنفعة العامة‬

‫ب دال من عقوب ة الس جن ارتفاع ا من س نة الى اخ رى‪ ،‬ف ارتع من ‪ 207‬ق رار في ع ام ‪ 2009‬الى‬

‫‪ 1763‬ق را را في س نة ‪ ،2010‬والى ‪ 2807‬في س نة ‪ ،2011‬ولق د اوض ح الخض اري ان ثل ثي‬

‫القرارات المعلن عنها فقط يجري تنفيذها بسب استئناف النيابة قسما منها مشيرا بهذا الخصوص‬
‫‪1‬‬
‫بانه ال يشرع في تطبيق هذه االجراءات االبعد صيرورة الحكم نهائيا‪.‬‬

‫‪/http://www.el-massa.com/ar/content/view/64320‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪66‬‬
‫التوصيات‬

‫يجب النظ ر للعقوب ات البديل ة كت دابير عقابي ة مس تقلة عن العقوب ات الس البة للحري ة قص يرة‬ ‫‪.1‬‬

‫باعتباره ا ت دابير مس تقل للتاهي ل االجتم اعي للمحك وم علي ه وه و م ا يس توجب على االق ل‬

‫بالنسبة للمشرع الفلسطيني في هذه المرحلة اعادة صياغة االحكام المتعلق بالمواد ‪ 22‬و ‪26‬‬

‫و ‪ 100‬ع اردني لس نة ‪ 60‬و‪ 284‬و ‪ 399‬اج راءات جزائي ة فلس طيني رقم ‪ 3‬لس نة ‪2003‬‬

‫وهي المواد المتعلقة على التوالي بتبديل عقوبة الحبس بالغرمة‪ ،‬ووقف تنفذ العقوبة‪ ،‬وتبديل‬

‫العقب ة بالعم ل للمنفع ة العام ة وال تي تناولناه ا بالش رح من خالل ه ذه الدراس ة‪ ،‬وحب ذا ل و تم‬

‫تعديل المادة المتعلقه بتحويل الحبس للغرامه لتكون المدة المسموح بتحويلها الحبس للغرامة‬

‫بحيث ترتف ع لم دة س نة كح د اعلى ب دال من ثالث ة اش هر‪ ،‬وك ذلك الح ال بالنس بة للم اد ‪399‬‬

‫اج راءات جزائب ة التي جعلت الحد االعلى لتب ديل عقوب ة الحبس بالعم ل للمنفع ة العام ة ثالث ة‬

‫اشهر‪.‬‬

‫يجب ان يك ون هن اك من الض مانات الجدي ة ال تي ت دعم االم ل في تاهي ل المحك وم علي ه‬ ‫‪.2‬‬

‫اجتماعي ا بع د االف راج عن ه وه و مايس تتبع مثال في االف راج الش رطي ان اليق ف حس ن س لوك‬

‫المحك وم علي ه ح ائال امام ه من االس تفادة من ه ذا الت دبير قب ل الميع اد المح دد لنهاي ة م دة‬

‫محكوميت ه؛ ب ل يتعين دائم ا افس اح المج ال ام ام المحك وم عليهم ب النظر الى ان االس تفاده من‬

‫نظ ام ب دائل العقوب ة؛ النه ا ال تتوق ف على مص لحة المحك وم علي ه ب ل يجب منحه ا في ض وء‬

‫مصلحة المجتمع ايضا‪.‬‬

‫اال يعهد الى السلطة االدارية بابدال العقوبات السالبة للحرية على النحو الذي يجري عليه‬ ‫‪.3‬‬

‫العم ل في بعض التش ريعات ال تي ش رنا اليه ا انف ا وخاص ة فيم ا يتعل ق ب االفراج الش رطي ب ل‬

‫يتعين ان يعه د ب ذلك الى الس لط القض ائية؛ الن ه يتض من تع ديال في م دة العقوب ة وه و به ذ‬

‫الوصف يعني مساسا بقوة الشيئ المحكوم به؛ باعتباره تعديال الهم اثار الحكم على ان يكون‬

‫هذا االختصاص لقضاء خاص بالتنفيذ بحيث يكون تشكيل هذا القضاء من قاضي فرد‪ -‬شان‬

‫ذلك شان قاضي تنفيذ السندات التنفيذيه في المجال المدني – وان يكون لهذا القضاء سلطة‬

‫‪67‬‬
‫تحدي د الش روط وااللتزام ات ال تي تف رض علي المحك وم علي ه في اي ة عقوب ة بديل ه‪ ،‬وس لطة‬

‫تعديل هذه االلتزامات واالضافة اليها او الغاءها بما يجعلها تتفق مع التطور الذي يطرا على‬

‫شخصية المحكوم عليه‪ ،‬وان يسمح بالطعن في كل مايصدر عن هذا القضاء من قرارات امام‬

‫محكمة االستئناف‪ ،‬وان يكون هذا الحق لكل من النيابة العامه والمحكوم عليه‪.‬‬

‫يتعين ان ال تكون شروط بدائل الحبس مفروض ة على المحكوم عليهم؛ انما يجب ان تكون‬ ‫‪.4‬‬

‫قابل ة للتفري د بحس ب شخص ية وظ روف ك ل محك وم علي ه على ح ده؛ وان يك ون هن اك قابلي ة‬

‫للتعديل تبعا للظروف التي تطرأ على شخصية المحكوم عليه ومتطلبات ومفترضات تاهيله‬

‫اجتماعيا‪ ،‬وال تستقيم وظيفة السلطة المختصة في هذا المجال اال باستعمال امكانيات التفريد‬

‫المخول ة له ا على نط اق واس ع ح تى ت وفر للمحك وم علي ه التاهي ل االجتم اعي والحماي ة‬

‫االجتماعية؛ وان يعهد باالشراف على تنفيذها أي العقوبات البديلة الى هيئة او شخص حتى‬

‫يتمكن المحك وم علي ه من االس تمرار في جه وده المش روعة ال تي يب ذلها لبن اء مرك زه‬

‫االجتماعي‪.‬‬

‫اال يص در الغ اء أي عقوب ة بديل ة اال حين يكش ف تنفي ذها عن الحاج ة الى معامل ة المحك وم‬ ‫‪.5‬‬

‫عليه داخل المؤسسة العقابية؛ فان لم يكشف عن ذلك وانما كشف عن مخالفات الترقى الى‬

‫حد اعادته الى المؤسست العقابية؛ فانه يتعين ان يتخذ الجزاء صورة مغايرة عن الجزاءات‬

‫ال تي يج وز اللج وء اليه ا قب ل ف رض العقوب ة البديل ة او اض افة ش روط اخ رى اليه ا مث ال ذل ك‬

‫االن ذار والل وم او اطال ة ام د االف راج الش رطي مثال ان ك ان االم ر يتعل ق بتنفي ذ هك ذا عقوب ة‬

‫بديلة واذا لم يفلح االمر نعود الى الغاء العقوبة البديلة وتنفيذ العقوبة السالبة للحرية‪.‬‬

‫يجب ان يحاط الغاء العقوبات البديلة بمجموعة من الضمانات تكفل عدم المساس بالوضع‬ ‫‪.6‬‬

‫الق انوني للمحك وم علي ه عن طري ق س لطة مختص ة مح ل ثق ة في محافظته ا على الحري ات‬

‫الفردي ه والكرام ة االنس انية‪ ،‬وان ال يك ون االلغ ا مره ون بتحق ق اح د اس بابه وانم ا يجب ان‬

‫يكون هناك تقدير لداللة هذا السبب‪ ،‬ومدى الحاجة على ضوء هذا التقدير العادة المحكوم‬

‫عليه لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية داخل مؤسسة العق اب‪ ،‬وبالتالي يجب اعطاء سلطة الغاء‬

‫‪68‬‬
‫العقوبة البديله لذات القاضي المختص الذي قررها ابتدءا او لقاضي تنفيذ العقوبة ان وجد ه ذا‬

‫القاضي في النظام القانوي‪ ،‬وان يكون له السلطة التقديرية الكاملة في تقدير مالءمة الغائها‪،‬‬

‫وان يكون هذا القرار قابل للطعن فيه باالستئناف وذلك لتدارك ماقد يقع فيه من اخطاء في‬

‫التقدير‪.‬‬

‫ع دم ج واز تط بيق نظ ام العقوب ات البديل ة على من يرتكب ون من االح داث ال ذين ت تراوح‬ ‫‪.7‬‬

‫اعمارهم بين تمام الخامسة عشر والثامنة عشر جرائم على الرغم من انهم يخضعون لفرض‬

‫عقوب ات جزائي ة عليهم؛ والس بب في ذل ك ه و ع دم ت وافر اس باب فرض ه عليهم المتمثل ة في‬

‫امك ان اختالطهم ب المحرمين العت اة ال ذين ينقل ون اليهم ع دوى االج رام ‪،‬فاالح داث في ه ذه‬

‫المرحلة ينفذون عقوباتهم في اماكن خاصة بهم بعيدة عن السجون التي ينفذ بها المجرمون‬

‫العت اه عق وبتهم وه ذه االم اكن الخاص ة عب ارة عن مؤسس ات اص الحية حكومي ة او اهلي ة‬

‫يعتمدها الوزير المختص يتم فيها تاهليهم عن طريق تعليمهم علميا ومهنيا؛ كما يتم توقيفهم‬

‫ايضا في اماكن خاصة بهم؛ كدور تربية االحداث وهي ايضا مؤسسات اص الحية حكومي ة او‬

‫اهلية يعتمدها الوزير المختص العتقالهم وتوقيفهم فيها؛ كما يمكن ايواء المحتاجين للحماية‬

‫والرعاية في مؤسسات حكومية او اهلية يعتمدها الوزير المختص‬

‫اال ي ترتب على الغ اء العقوب ة البديل ة ان يع ود المحك وم علي ه الى ذات الوض ع الق انوني قب ل‬ ‫‪.8‬‬

‫تاريخ تقرير هذه العقوبة‪ ،‬وانما يكون من السائغ االعتراف للسلطة المختصة بسلطة تقدير‬

‫تنفيذ الجزء المتبقي منها وذلك تبعا لما تكشف عنه حاجة المحكوم عليه‪ ،‬وذلك بمراعاة الفترة‬

‫التي امضاها تنفيذا للعقوبة البديلة‪ ،‬واهمية تقرير هذه السلطة تبدو في انها تغني عن اتخاذ‬

‫االجراءات التي يستلزمها المشرع الصدار قرار بفرض العقوبة البديلة للمرة الثانية‪ ،‬وبهذا‬

‫فانه يمكن القول ان العمل بالعقوبة البديلة على هذا النحو يتماشى مع االتجاهات الحديثة في‬

‫السياس ة العقابي ة المعاص رة كم ا يحق ق في ال وقت ذات ه االه داف المرج وة وهي التاهي ل‬
‫‪1‬‬
‫االجتماعي للمحكوم عليه ‪.‬‬

‫‪ -1‬د –محمد عيد الغريب – موجع سابق‬


‫‪69‬‬
‫مطالبة المشرع الفلسطيني بتعديل نص المادة ‪ 399‬من قانون االجراءات الجزائية رقم ‪3‬‬ ‫‪.9‬‬

‫لسنة ‪ 2001‬بحيث ترفع من مدة الحبس التي يجوز تبديلها بالعمل للمنفعة العمة لتصبح س نة‪،‬‬

‫وان ين اط بالقض اء ص الحية تقريره ا وص الحية تنفي ذها وذل ك بالعم ل الج اد على ايج اد نص‬

‫تش ريعي يع الج ه ذا الب ديل للعقوي ة الس البة للحري ة قص يرة الم دة اس وة ببقي ة التش ريعات‬

‫المعاصرة؛ وال يكون ذللك اال بوضع نص تشريعي بانشاة ما يعرف بقاضي تنفيذ العقوبة‪.‬‬

‫ان م ا يث ير الدهش ة واالس تغراب؛ ان ه وعلى ال رغم من وج ود الم ادة ‪ 399‬من ق انون‬ ‫‪.10‬‬

‫االجراءات الجزائية رقم ‪ 1‬لسنة ‪ ،2001‬فانه ال القضاء‪ ،‬وال الفقه في فلسطين تعاطى مع‬

‫ه ذه الم ادة او ح اول تطبيقه ا ب الرغم من وج ود ه ذا النص‪ ،‬وانن ا نهيب بجمي ع الع املين به ذا‬

‫الحقل لتفعيل العمل بهذه المادة؛ الن ذلك يؤدي الى خلق فكر قانوني خالق ومتطور وثقافة‬

‫قانوني ة تس هم في انع اش وتط وير العم ل بنظ ام العقوب ات البديل ه للعقوب ات الس البة للحري ة‬

‫قصيرة المدة في فلسطين‪.‬‬

‫نهيب بالمشرع الفلسطيني بالعمل على ايجاد تشريع خاص ينشئ بمقتضاه نظام قاضي تنفيذ‬ ‫‪.11‬‬

‫العقوب ات الجنائي ة ش أنه في ذل ك ش أن نظ ام قاض ي تنفي ذ الس ندات التنفيذي ه في الم واد المدني ة‬

‫والتجاري ه المنص وص عليه ا في الم ادة ‪ 2\8‬في ق انون التنفي ذ الفلس طيني رقم (‪ )23‬لس نة (‬

‫‪ ،)2005‬ومنح قاضي تنفيذ العقوبه الصالحية واالختصاص في تبديل العقوبه السالبه للحريه‬

‫للب دائل الغ ير س البه للحري ه وليختص ك ذلك في النظ ر في اش كاالت التنفي ذ وم ا يعترض ه من‬

‫عقبات‪ ،‬وهو االمر الذي سار عليه لتشريع الفرنسي والتشريع اللبنانى‪.‬‬

‫ل ذلك ف انني اتوج ه للمش رع الفلس طيني ان يت دخل النش اء نظ ام ب ديل للعقوب ة ي راعي ه ذه‬

‫االقتراحات مراعات لضرورة االصالح والتاهيل االجتماعي بالنسبة لكل المحكوم عليهم‪.‬‬

‫اللهم إني أن كنت قد أوفيت هذا البحث حقه فمن اهلل‬

‫‪70‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫** قائمة المصادر‪:‬‬

‫‪ .1‬قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (‪ )3‬لسنه (‪)2001‬‬

‫‪ .2‬قانون العقوبات االردني رقم ‪ 16‬لسنه ‪1960‬‬

‫‪ .3‬قانون اصالح االحداث رقم (‪ )16‬لسنة ‪1954‬‬

‫‪ .4‬منجد الطالب‪.‬فؤاد افرام البستاني‪ .‬الطبعه الثامنة والثاالثون‪ .‬دار المشرق‪ .‬ش م م‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫** المؤلفات‪:‬‬

‫‪ .1‬د‪.‬ايهاب عبد المطلب – الموسوعة الجنائية الحديثة – المركز القومي لالصدارات القانونية –‬

‫طبعة ‪. 2009‬‬

‫‪ .2‬د‪ .‬جاس م محم د راش د الخ ديم العنتلي‪ -‬ب دائل العقوب ات الس البة للحري ة قص يرة الم دة‪ -‬دار‬

‫النهضة العربية سنة ‪2000‬م‬

‫‪ .3‬جندي عبد الملك – الموسوعة الجنائية – المجلد الخامس – الطبعة االولى – مطبعة االعتماد –‬

‫سنة ‪1942‬‬

‫‪ .4‬د‪ -‬حام د الش ريف التعلي ق على ق انون العقوب ات الج زء االول – الطبع ة االولى – المكتب ة‬

‫العالمية‬

‫‪ .5‬د‪ .‬حسن صادق المرصفاوي – اصول االجراءات الجنائية – منشأة المعارف في االسكندريه‬

‫سنه ‪2007‬م‬

‫‪ .6‬د – حس ن ص ادق المرص فاوي – ق انون االج راءات الجنائي ة – دار نش ر الثقاف ة الجامعي ة –‬

‫طبعة ‪1955‬‬

‫‪ .7‬د ‪ -‬ص فاء أوت اني‪ -‬الوض ع تحت المراقب ة اإللكتروني ة والس وار اإللك تروني في السياس ة‬

‫العقابية الفرنسية مجلة جامعة دمشق للعلوم اإلقتصادية والقانوني ة‪ -‬المجلد ‪ 25‬العدد األول‪-‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ .8‬د‪ .‬محمد عبد اهلل ولد محمد الشنقيطي‪ .‬ملتقى االتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة‪.‬‬

‫‪ .9‬د‪ -‬محمد عي د الغريب‪ -‬اإلفراج الشرطي في ضوء السياسة العقابية الحديثة‪ -‬سنة ‪-1994‬‬

‫‪1995‬م‬

‫ص فوت عب د الحمي د‪.‬المس تحدث من احك ام ال دوائر الجنائي ة – من س بتمبر ‪ 2004‬وح تى‬ ‫‪.10‬‬

‫اكتوبر ‪–2005‬‬

‫د – علي احمد راشد – موجز في العقوبات ومظاهر تفريد العقاب – مطبعة لجنة التأليف‬ ‫‪.11‬‬

‫والترجمة والنشر – سنة ‪ 1949‬م‪.‬‬

‫المستشار فرج علواني هليل – الحبس االحتياطي وبدائله –دار المطبوعات الجامعية – سنة‬ ‫‪.12‬‬

‫‪ 2007‬م‬
‫** المجالت‪:‬‬

‫‪ .1‬الوض ع تحت المراقب ة اإللكتروني ة والس وار اإللك تروني في السياس ة العقابي ة الفرنس ية‬

‫للدكتوراة‪ -‬صفاء أوتاني‪ -‬مجلة جامعة دمشق للعلوم اإلقتصادية والقانونية‪ -‬المجلد ‪ 25‬العدد‬

‫األول‪ 2009 -‬م‬

‫‪ .2‬مجل ة الجامع ة اإلس المية للدراس ات اإلس المية المجل د الح ادي والعش رون‪ ،‬الع دد األول‪ .‬ين اير‬

‫‪ -20130‬مراقب ة المتهم إلكتروني ًا كوس يلة للح د من مس اويء الحبس اإلحتي اطي‪ -‬دراس ة‬

‫تحليلية‪ -‬د‪.‬ساهر إبراهيم الوليد‪.‬‬


‫** المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫‪ .1‬بحث بعنوان االفراج الشرطي ‪ 6‬مايو ‪ – 2007‬دار العدالة والقانون العربيه – بواسطة شبكة‬

‫االنترنت‪.‬‬

‫‪ .2‬بهزاد علي ادم – مفهوم العقوبة البديلة ‪ -‬الموقع االلكتروني الحوار المتمدن‬

‫‪.http://www.el-massa.com/ar/content/view/64320 .3‬‬

‫‪72‬‬
‫فهـرس المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪1‬‬ ‫مشكلة الدراسة‬
‫‪1‬‬ ‫أهمية الدراسة‬
‫‪2‬‬ ‫منهجية الدراسة‬
‫‪3‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪6‬‬ ‫المبحث األول مفهوم العقوبة البديلة‬
‫‪10‬‬ ‫المبحث الثاني نطاق تطبيق العقوبة البديلة‬
‫‪13‬‬ ‫المبحث الثالث أهداف العقوبة‬
‫‪13‬‬ ‫المطلب األول تعريف العقوبة وخصائصها‬
‫‪13‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف العقوبة‬
‫‪14‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص العقوبة وأهدافها‬
‫‪15‬‬ ‫المطلب الثاني العقوبة البديلة وما يشتبه بها‬
‫‪16‬‬ ‫الفرع األول بدائل الدعوى الجنائية‬
‫‪18‬‬ ‫الفرع الثاني بدائل الحبس االحتياطي‬
‫المبحث الرابع العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية المؤقتة المدة في‬
‫‪25‬‬
‫التشريع الفلسطيني‬
‫‪26‬‬ ‫المطلب األول الغرامة‬
‫‪32‬‬ ‫المطلب الثاني وقت تنفيذ العقوبة‬
‫‪36‬‬ ‫المطلب الثالث العمل للمنفعة العامة‬
‫المبحث الحامس بدائل العقوبة في ظل قانون اصالح األحداث رقم ‪ 16‬لسنة‬
‫‪41‬‬
‫‪1954‬‬
‫‪44‬‬ ‫المبحث االسادس بدائل العقوبات السالبة للحرية في االنظمة األخرى‬
‫‪46‬‬ ‫المطلب األول تأجيل النطق بالعقوبة‬
‫‪47‬‬ ‫الفرع األول التأجيل البسيط للنطق بالعقوبة‬
‫‪48‬‬ ‫الفرع الثاني تأجيل العقوبة المقترن باالمتثال بأمر معين‬
‫‪47‬‬ ‫الفرع الثاني تأجيل النطق بالعقوبة المقترن بالوضع تحت االختبار‬
‫‪49‬‬ ‫المطلب الثاني الرقابة االلكترونية‬

‫‪73‬‬
‫‪56‬‬ ‫المطلب الثالث االفراج الشرطي‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪65‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪68‬‬ ‫التوصيات‬
‫‪73‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪75‬‬ ‫فهرس المحتويات‬

‫‪74‬‬

You might also like