You are on page 1of 26

‫ماستر السياسة الجنائية والعدالة االجرائية‬

‫الفوج الرابع‬
‫وحدة‪ :‬قضايا األسرة والقانون الجنائي‬

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫فعالية الجزاء الجنائي في مدونة األسرة‬

‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫من إنجاز الطلبة‪:‬‬


‫ذ‪ .‬لحسن الحمامي‬ ‫يوسف الحمداني‬
‫اسماعيل المشكوري‬
‫عبد اللطيف النغطيم‬

‫‪2023/2024‬‬
‫‪0‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫تعتبر األسرة الركيزة األساسية للمجتمع‪ ،‬كما تساهم إلى حد كبير في تحقيق تنمية بشرية‬
‫مستدامة‪ ،‬إال أن هذه المكانة المتميزة التي تحظى بها تتخللها بعض اإلكراهات في حالة اختالل‬
‫التوازن داخل كيان األسرة‪ ،‬فامتناع الزوج عن أداء نفقة زوجته وأبناءه أو تملصه من القيام‬
‫بالواجبات المفروضة عليه أثناء قيام العالقة الزوجية أو حتى بعد انحاللها‪ ،‬يعد حسب مدونة‬
‫األسرة إخالال بالواجبات الزوجية‪ ،‬أما بالرجوع إلى مجموعة القانون المغربي فإن المشرع‬
‫اعتبر ذلك جنحة إهمال األسرة وعاقب عليها بعقوبة حبسية إضافة أو عقوبة مالية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى العلة في تجريم االمتناع عن أداء نفقة الزوجة أو األبناء‪ ،‬فإن المشرع يراعي‬
‫في ذلك قدسية العالقة الزوجية وما يترتب عنها من مسؤوليات يتحملها الزوجين‪ ،‬حيث أفرز‬
‫لهذه المؤسسة حماية جنائية تتجلى في تحريك الدعوى العمومية ضد المهمل ألسرته والحكم‬
‫عليه باألداء أو اإلبراء‪.‬‬
‫ويكتسي موضوع فعالية الجزاء الجنائي في جريمة إهمال األسرة أهمية بالغة في العديد من‬
‫المجاالت‪ ،‬فمن الناحية االجتماعية نجد أنه يكتسي أهمية اجتماعية من حيث الحفاظ على‬
‫حقوق الزوجة وعلى حقوق األبناء أثناء أو بعد انحالل العالقة الزوجية‪ ،‬ويتمثل ذلك من‬
‫خالل أداء الزوج للواجبات عن طواعية أو بإكراه عن طريق تفعيل الجزاء في حقه ألن‬
‫حقوق األبناء ال تقبل أي مزايدات أو تماطل من طرف اآلباء والعكس بالعكس صحيح‪،‬‬
‫كما يشكل أهمية بارزة من الناحية القانونية وذلك من خالل تنصيص مدونة األسرة على‬
‫تفعيل جزاء إهمال األسرة بمجرد التوقف عن أداء النفقة لمدة شهر دون عذر مقبول‪ ،‬كما‬
‫أفرد المشرع فرعا خاصا بإهمال األسرة في مجموعة القانون الجنائي‪.‬‬
‫وأيضا تبرز له أهمية علمية من حيث اعتباره موضوعا يستوجب تعميق البحث فيه ألجل‬
‫الوصول إلى حلول أكثر سالسة وفاعلية‪ ،‬ألن تفعيل الجزاء الجنائي في مجال األسرة قد‬
‫يؤدي إلى المساس بعمق اإلصالح األسري‪.‬‬
‫ولعل الموضوع قيد الدراسة والتحليل يطرح إشكاال جوهريا يتمثل في مدى نجاعة تفعيل‬
‫الجزاء الجنائي في القضايا األسرية‪ ،‬وبما أن األسرة هي المصلحة الواجب حمايتها داخل‬
‫أي مجتمع فإن إثبات فعالية زجر مرتكبي جرائم إهمال األسرة يظل غاية هذا الموضوع‪،‬‬
‫ويطرح هذا اإلشكال العديد من التساؤالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي العقوبات الزجرية التي يحكم بها على الشخص المهمل ألسرته؟‬
‫‪ -‬كيف يمكن الحد من الحكم بالعقوبات السالبة للحرية واستبدالها بعقوبات بديلة؟‬
‫‪ -‬هل كان المشرع المغربي موفقا في تجريم االمتناع عن أداء النفقة الواجبة؟‬

‫‪1‬‬
‫لإلجابة عن اإلشكال الذي يثيره الموضوع واألسئلة المتفرعة عنه ارتأينا اعتماد المنهج‬
‫التحليلي من خالل تحليل بعض النصوص القانونية التي تؤطر جريمة إهمال األسرة‪،‬‬
‫وإبراز مدى نجاعتها وفعاليتها في الحد من هذه الجريمة كما سنعتمد منهج استداللي من‬
‫حيث رصد بعض المالحظات ومقارنتها بإحصائيات المحكوم عليهم بعقوبات سالبة‬
‫للحرية في جرائم إهمال االسرة‪.‬‬
‫ولدراسة هذا الموضوع سنعتمد التصميم التالي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التنظيم الزجري لجريمة إهمال األسرة‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إشكالية تطبيق مقتضيات الزجرية لحماية االسرة والحلول البديلة‬
‫كآليات لحل المنازعات االسرية‬

‫‪2‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التنظيم الزجري لجريمة إهمال األسرة‬
‫ترتكز أهم أهداف العقوبة المخصصة لجنحة إهمال األسرة في ردع كل من سولت له نفسه‬
‫االعتداء على كيان األسرة وتفكيكها‪ ،‬لذلك عمد المشرع المغربي إلى تقسيم هذه العقوبات إلى‬
‫عقوبات أصلية وأخرى إضافية وتدابير وقائية شخصية حتى تحقق الغرض المرجو منها‪،‬‬
‫وفي نفس الوقت منح للمتهم في إطار دفاعه عن نفسه أن يلجأ إلى بعض الدفوعات إليقاف‬
‫أو إسقاط التهمة المنسوبة إليه والتي يمكن إجمالها في كل من الدفوعات المشتركة والدفوعات‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫وللحديث بتفصيل عن هذا التنظيم الزجري سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فقرتين حيث‬
‫سنتطرق في (الفقرة األولى) للعقوبات والتدابير الوقائية الشخصية المتعلقة بهذه الجنحة فحين‬
‫سنخصص (الفقرة الثانية) الدفوعات المتعلقة بها‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ ،‬العقوبات األصلية واإلضافية والتدابير الوقائية الشخصية‬
‫تعتبر العقوبة والتدابير الوقائية الشخصية أهم أثر من اآلثار الجنائية‪ 1‬التي تترتب عن‬
‫ارتكاب جريمة ما‪ ،‬وتهدف إلى ردع المجرم وإعادة تأهيله‪.‬‬
‫اوال‪ :‬العقوبات االصلية واالضافية‬
‫تنقسم العقوبات في التشريع الجنائي المغربي حسب المادة ‪ 14‬إلى عقوبات أصلية وأخرى‬
‫إضافية‪ ،‬والفيصل بينهما هو أن األولى يجوز الحكم بها وحدها دون أن تتوقف على الحكم‬
‫بعقوبة أخرى‪ ،‬لما العقوبة اإلضافية فإنه ال يمكن الحكم بها وحدها وإنما تضاف لزوما إلى‬
‫عقوبة أصلية‪ ،2‬وذلك هو الشأن بالنسبة لجنحة إهمال األسرة حيث حدد لها المشرع المغربي‬
‫حسب الفصول ‪ 479‬و‪ 480‬و ‪ 482‬من القانون الجنائي عقوبة أصلية و إضافية‬
‫أ) العقوبات االصلية‪:‬‬
‫تعتبر جنحة إهمال األسرة من الجنح الضبطية التي أقر لها المشرع المغربي عقوبة خاصة‬
‫بها حددها في الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من ‪ 200‬إلى ‪ 2000‬درهم أو بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين فقط كل من ارتكب جنحة إهمال بيت األسرة‪ ،‬واإلهمال المالي‪ .‬فحين أفرد لجنحة‬
‫اإلهمال المعنوي لألبناء عقوبة خاصة بها عندها في الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من‬
‫‪ 200‬إلى ‪ 500‬درهم يحكم بها لزوما مع العقوبة الحبسية‪ ،‬وذلك ما أكده الفصل ‪ 482‬من‬
‫القانون الجنائي الذي جاء فيه "يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة وغرامة من ‪ 200‬إلى‬
‫‪ 500‬درهم‪".‬‬

‫‪ 1 .‬عبد السالم بنحدو ‪" :‬الوجيز في القانون الجنائي المغربي"‪ ،‬مطبعة الوراقة الوطنية مراكش‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬سلة‪ 2004‬ص ‪279‬‬
‫‪ 2 .‬العلمي عبد الواحد‪" :‬شرح القانون الجنائي المغربي"‪ ،‬القسم العام‪ ،‬طبعة الثالثة سنة ‪ ،2005‬الرباط‪ ،‬ص‪387‬‬

‫‪3‬‬
‫فهذا الفصل جاء صريحا في وجوب الحكم بالعقوبة الحبسية والغرامة وذلك على عكس‬
‫باقي جنح إهمال األسرة التي خير فيها المشرع المغربي هذا األمر‪ ،‬حيث بالرجوع إلى‬
‫الفصلين ‪3479‬و‪ 4480‬ق‪.‬ج نجده يؤكد هذا المعطى‪.‬‬
‫إال أنه بالرجوع إلى مقتضيات هذا الفصل األخير نجده ينص على استثناء وحيد فيما يخص‬
‫هذه العقوبة‪ ،‬والتي ال يتم التخيير فيها ما بين عقوبة الحبس والغرامة حيث يكون الحكم فيها‬
‫بالحبس حتميا أال وهي حالة العود‪ ،‬والتي يتم فيها استبعاد تطبيق مقتضيات العود الواردة في‬
‫الفصول من ‪ 154‬إلى ‪ 160‬من القانون الجنائي ذلك أن ارتكاب جنحة جديدة بعد حكم نهائي‬
‫سالف يضع مرتكب الجنحة في حالة العود كيفما كانت العقوبة التي صدرت في حقه في الحكم‬
‫األول‪ ، 5‬وهذا على خالف باقي جنح إهمال األسرة التي يتم فيها االحتكام فيما يخص العود‬
‫إلى مقتضيات الفصول ‪ 154‬إلى‪ 160‬من القانون الجنائي‪.‬‬
‫زيادة على هذا فإن المشرع المغربي فيما يخص تنظيم جنحة إهمال األسرة فإنه لم ينص‬
‫صراحة على ظروف التخفيف‪ ،‬وهذا ما قد يؤدي إلى عكس دور العقوبة‪ ،‬وفي هذا الصدد‬
‫يرى األستاذ مبارك السعيد بن القائد أنه من المالئم الحكم بعقوبة الحبس مع وقف تنفيذها‪،‬‬
‫حتى ال يحرم اآلثم من موارد عمله‪ ،‬ويلزم فعال بأداء النفقة‪ ،‬كما أنه ليس من المالئم الحكم‬
‫عليه بأقصى الغرامة‪ ،‬حتى ال يؤثر ذلك على حقوق المستفيد من النفقة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن عقوبة الحبس المنصوص عليها في نصوص جنح إهمال األسرة تخالف‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 636‬من قانون المسطرة الجنائية التي تمنع تطبيق عقوبة الحبس بين أفراد‬
‫األسرة واألقارب‪ ،‬لذلك فإنه من الالزم على المشرع المغربي في جنح إهمال األسرة أن يحذو‬
‫حذو الفصل ‪ 636‬ق‪.‬م‪.‬ج بأن يزيل عقوبة الحبس فيها وأن يكتفي فقط بالغرامات‪ ،‬ذلك أنه‬
‫على مستوى العمل القضائي نجد أن أغلب األحكام وخصوصا جنح اإلهمال المالي‪ ،‬يتم الحكم‬
‫فيها على المتهم بعقوبة الحبس‪ ،‬حتى لو أثبت عجزه عن أداء النفقة عن طريق إدالئه بالشواهد‬
‫اإلدارية‪ ،6‬وهذا ما أكدته بعض األحكام الصادرة عن المحكمة االبتدائية بمراكش التي جاء‬
‫في أحدها أنه تم الحكم على متهم جنحة إهمال األسرة عن طريق إمساكه عن دفع النفقة في‬
‫موعدها المحدد لعجزه بالحبس من شهر واحد وغرامة نافذة قدرها ‪ 400‬درهم مع تحميله‬
‫الصائر واإلجبار في الحد األدنى‪ ،7‬وفي حكم آخر تم الحكم فيه على متهم جنحة إهمال األسرة‬
‫عن طريق إمساكه عمدا ولعجزه عن أداء النفقة في موعدها المحدد بشهرين حبسا نافذا‬
‫وغرامة نافذة قدرها ‪ 500‬درهم مع تحميله الصائر واإلجبار في األدنى‪.8‬‬

‫‪ 3‬ينص الفصل ‪ 479‬ق‪.‬ج على أنه "يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من ‪ 200‬إلى ‪ 2000‬درهم اوبإحدى هاتين العقوبتين فقط‬
‫‪ 4‬ينص الفصل ‪ 480‬ق‪.‬ج على أنه "يعاقب بنفس العقوبة من صدر عليه حكم نهائي أو قابل للتنفيذ المؤقت بدفعه نفقة إلى زوجه أو أحد أصوله‬
‫‪".‬أو فروعه‪ ،‬وأمسك عمدا عن دفعها في موعدها المحدد وفي حالة العود يكون الحكم بعقوبة الحبس حتميا‬
‫‪ 5‬سعيد أزكيك " إهمال االسرة في التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة دار النشر الهالل العربية‪ ،‬الرباط‪ ،1992 ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ 6‬يوسف كرواوي‪' :‬جزاء عدم تنفيذ الزوج للحكم القاضي عليه بالنفقة لزوجته بين الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي"‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬العدد ‪26‬‬
‫‪.‬ماي ‪ 2010‬ص ‪180‬‬
‫‪ 7‬ملف جنحي تلبسي رقم ‪ 4562/2105/13‬حكم صادر بتاريخ ‪ 09/09/2013‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ 8‬ملف جنحي تلبسي رقم ‪ 4717/2105/2013‬حكم صادر بتاريخ ‪ 13‬شتنبر ‪ 2013‬غير منشور‬

‫‪4‬‬
‫ب)‪ :‬العقوبات اإلضافية‬
‫تكون العقوبة إضافية حسب الفصل الثاني من المادة ‪ 14‬من القانون الجنائي عندما ال يسوغ‬
‫الحكم بها وحدها‪ ،‬أو عندما تكون ناتجة عن الحكم بعقوبة أصلية‪.9‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 482‬من القانون الجنائي المتعلقة بجنحة اإلهمال المعنوي لألبناء‬
‫تجدها تنص على أنه يجوز عالوة على ذلك‪ ،‬أن يحكم على مرتكب الجريمة بالحرمان من‬
‫واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل ‪ 40‬من خمس سنوات إلى عشر" ‪ ،‬وحسب‬
‫الفصل ‪ 40‬من القانون الجنائي نجد ينص على أنه يجوز للمحاكم في الحاالت التي يحدها‬
‫القانون‪ ،‬إذا حكمت بعقوبة جنحيه أن تحرم المحكوم عليه‪ ....‬من الحقوق الوطنية أو المدنية‬
‫أو العائلية المنصوص عليها في الفصل ‪".26‬‬
‫زيادة على هذا فإنه يحق للشخص المتضرر من جنحة إهمال األسرة أن يتقدم لدى المحكمة‬
‫التي ثبت في هذه الجنحة أو لدى المحكمة المدنية المختصة بها أن يطالب بتعويض عن‬
‫األضرار المادية والمعنوية التي لحقته جراء حدوث هذه الجريمة‪ ،‬لهذا فللضحية الحق في‬
‫طلب التعويض عن الضرر الذي لحقه من جراء الحرمان من النفقة‪ ،‬الحضانة أو المساكنة‪.10‬‬
‫تانيا‪ :‬التدابير الوقائية الشخصية‬
‫تعتبر التدابير الوقائية من أهم تجليات الفكر الجنائي المعاصر‪ ،‬إذ لم يعد يقتصر التشريع‬
‫الجنائي على العقوبات لوحدها وإنما أصبح يعتمد كذلك على نظام التدابير الوقائية للوصول‬
‫إلى المحافظة على المصالح الجماعية والفردية‪ ،‬وهناك تدابير وقائية شخصية يمكن تطبيقها‬
‫في مجال االسرة وهي‪:‬‬
‫أ) منع المحكوم عليه من االتصال بالضحية‪:‬‬
‫يمكن تطبيق هذا التدبير الوقائي في جريمة اهمال االسرة وبالرجوع الى مقتضيات الفصل‬
‫‪ 111-88‬والذي يقر على انه في حالة اإلدانة من أجل جرائم التحرش أو االعتداء أو االستغالل‬
‫الجنسي أو سوء المعاملة أو العنف ضد المرأة أو القاصرين‪ ،‬أيا كانت طبيعة الفعل أو مرتكبه‪،‬‬
‫يمكن للمحكمة الحكم بما يلي‪:‬‬
‫‪ 1-‬منع المحكوم عليه من االتصال بالضحية أو االقتراب من مكان تواجدها‪ ،‬أو التواصل‬
‫معها بأي وسيلة‪ ،‬لمدة ال تتجاوز خمس سنوات ابتداء من تاريخ انتهاء العقوبة المحكوم بها‬
‫عليه أو من تاريخ صدور المقرر القضائي‪ ،‬إذا كانت العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها‬
‫موقوفة التنفيذ أو غرامة فقط أو عقوبة بديلة‪.‬‬

‫‪ 9‬عبد الواحد العلمي" شروح في القانون الجنائي المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬الطبعة االولى سنة ‪ 2006‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.409‬‬
‫‪ 10 .‬المشراوي نعيمة‪ ".‬جريمة إهمال االسرة في التشريع المغربي‪ ،‬بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ 20‬الرباط ‪1993‬ص ‪.47‬‬
‫‪ 11‬تمم بالمادة ‪ 5‬من القانون رقم ‪ 103.13‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‪ 1.18.19 .‬بتاريخ ‪ 22‬فبراير‬
‫‪ ،2018.‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6655‬بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ ،2018‬ص ‪1449‬‬

‫‪5‬‬
‫يضع الصلح المبرم بين الزوجين حدا لتنفيذ المنع من االتصال بالضحية؛‬
‫أعاله أو أثناء تنفيذ العقوبة‬ ‫‪12‬‬
‫‪2-‬خضوع المحكوم عليه‪ ،‬خالل المدة المشار إليها في البند‬
‫السالبة للحرية‪ ،‬العالج نفسي مالئم‪.‬‬
‫يمكن أن يتضمن المقرر القضائي بالمؤاخذة األمر بتنفيذ هذا التدبير مؤقتا‪ ،‬بالرغم من‬
‫استعمال أي طريق من طرق الطعن‪ .‬يجوز للمحكمة أن تحكم بمنع المحكوم عليه من االتصال‬
‫بالضحية أو االقتراب من مكان تواجدها أو التواصل معها بصفة نهائية‪ ،‬على أن تعلل قرارها‬
‫بهذا الشأن‪".‬‬
‫وبالرجوع الى الفصل ‪88‬مكر‪ 3‬يجوز للنيابة العامة أو لقاضي التحقيق‪ ،‬أو للمحكمة عند‬
‫االقتضاء أو بطلب من الضحية في حالة المتابعة من أجل الجرائم المشار إليها في الفصل ‪-1‬‬
‫‪ 88‬أعاله‪ ،‬األمر بمنع الشخص المتابع من االتصال بالضحية أو االقتراب من مكان تواجدها‪،‬‬
‫أو التواصل معها بأي وسيلة‪ ،‬ويبقى هذا األمر ساريا إلى حين بت المحكمة في القضية‪.‬‬
‫قد يعمد الجاني إلى خرق التدبير المحكوم به عليه‪ ،‬وذلك باتصاله بالضحية أو التواصل‬
‫معها بأي وسيلة من الوسائل أو االقتراب منها‪ ،‬لذلك فقد جرم القانون نفسه خرق هذا التدبير‬
‫وذلك بجعله جريمة يعاقب عليها بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من ألفي درهم‬
‫إلى عشرين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين الفصل ‪ 323-1‬من القانون الجنائي‪.‬‬
‫ب) اخضاع المحكوم عليه لعالج نفسي مالئم‪:‬‬
‫يخضع المحكوم عليه في جريمة اهمال االسرة الى عالج نفسي مالئم كما هو منصوص‬
‫عليه في الفصل ‪88‬مكرر ‪ " 2‬يعد الطبيب المعالج تقريرا عن تطور حالة المحكوم عليه‬
‫بالخضوع للعالج‪ ،‬كل ثالثة أشهر على األقل ويوجهه إلى قاضي تطبيق العقوبات‪ ،‬للتأكد من‬
‫تحسن سلوكه وتفادي من عودته إلى نفس األفعال التي أدين من أجلها‪.‬‬
‫إذا استقر رأي الطبيب المعالج على إنهاء هذا التدبير قبل الوقت المحدد له فإنه‪ ،‬يخطر قاضي‬
‫تطبيق العقوبات بواسطة تقرير منفصل يبرر ذلك‪.‬‬
‫يجب إشعار الضحية بنتيجة تقرير الطبيب المعالج بقرار للقاضي المكلف بتطبيق العقوبة"‪.‬‬

‫‪ 12‬الفصل ‪"323-1‬يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من ‪ 2.000‬إلى ‪ 20.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬من خرق تدبير‬
‫المنع من االتصال بالضحية أو االقتراب منها أو التواصل معها بأي وسيلة‪ ،‬أو رفض الخضوع لعالج نفسي مالئم تطبيقا للفصول ‪ 88-1‬و‪88-3‬‬
‫‪".‬أعاله‬

‫‪6‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الدفوعات‪:‬‬
‫تعتبر الدفوعات وسيلة من وسائل إيقاف الدعوى العمومية اوإسقاطها‪ ،‬وهي في جنحة إهمال‬
‫األسرة تنقسم إلى دفوعات مشتركة وأخرى خاصة‪ .‬فيقصد باألولى أنها تكون مشتركة في‬
‫خصائصها بين مختلف الجنح المتعلقة بإهمال األسرة‪ ،‬أما الثانية فتكون خاصة بكل جنحة‬
‫على حدة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الدفوعات المشتركة‪:‬‬
‫تتميز هذه الدفوعات بكونها تكون مشتركة في خصائصها بين جميع صور جنح إهمال األسرة‬
‫حيث يتم االستعانة بها إليقاف الدعوى العمومية أو إسقاطه وتتمثل هذه الدفوعات في‬
‫‪1-‬التنازل عن الشكاية‬
‫يشكل سحب الشكاية أو التنازل عنها وسيلة من وسائل دفع سير الدعوى العمومية‬
‫وإسقاطها‪ ،‬ويتم هذا السحب أو التنازل من طرف صاحب الحق فيها كاألم أو األب في جنحة‬
‫اإلهمال إقامة األسرة‪ ،‬والزوجة في جنحة إهمال المرأة الحامل‪ ،‬وكذا ذوي الحقوق في جنحة‬
‫اإلهمال النقدي‪ ،‬أما بالنسبة لإلهمال المعنوي لألبناء فإنه ال يتم تطبيق هذه القاعدة وهكذا فإنه‬
‫يتم دفع هذه الدعوى بمجرد سحب الشكاية أو التنازل عنها‪ ،‬إال أنه ال يتم قبول هذا الدفع إذا‬
‫كان الحكم الصادر في هذه الجنح قد اكتسبت قوة الشيء المقضي به‪.13‬‬
‫‪2-‬نفي النسب‬
‫يحق للمحكوم عليه بجنحة إهمال األسرة أن يلجأ إلى مسطرة نفي النسب لدفع التهمة‬
‫المنسوبة إليه عن طريق الطعن فيه‪ ،‬فإذا تمكن من نفيها فإنه يتم إسقاط التهمة عنه‪ ،‬أما إذا‬
‫ثبت العكس فإنه يتابع‪ ،‬وتعد مسطرة نفي النسب وسيلة من وسائل دفع سير الدعوى العمومية‪،‬‬
‫بحيث تقوم المحكمة بااللتجاء إليه كلما طلب منها ذلك‪ ،‬عن طريق إحالة البث فيها إلى المحاكم‬
‫المدنية التي تصدر حكما فيها يقضي إما بتبرئة أو إدانة المحكوم عليه بجنحة إهمال األسرة‬
‫أمام المحاكم الزجرية‪.‬‬
‫ثانيا‪ ،‬الدفوعات الخاصة باإلهمال المالي‬
‫تشمل هذه الدفوعات كل دفع خاص بجنحة اإلهمال المالي لألسرة والمتمثلة‬
‫‪1-‬األداء المؤخر للنفقة‬
‫إن تقاعس المحكوم عليه في أداء النفقة الموجبة عليه في وقتها المحدد ال يوقف مبدئيا‬
‫ممارسة الدعوى العمومية إذا كان مؤخرا‪ ،‬ذلك أنه على مستوى الواقع العملي تعمد النيابة‬
‫العامة إلى عدم متابعة المدين المتأخر عن أداء التزامه مراعاة لظروفه االجتماعية بأن يقوم‬

‫أمينة الدوحاوي " جريمة إهمال االسرة" بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،24‬الرباط ‪.1996‬الصفحة ‪.65‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪7‬‬
‫باألداء مستقبال‪ ،‬إال أن هذا األمر أثار لديها العديد من اإلشكاالت ذلك أن بعض الملزمين‬
‫يؤدون قسطا من النفقة لتبيان حسن نيتهم ثم بعد ذلك يتراجعون عن األداء‪ ،‬ويبدؤون بالمماطلة‪.‬‬
‫لذلك فإنه من األحسن واألجدر على المحكوم عليه بأن يؤدي مبلغ هذه النفقة بصورة كاملة‪.‬‬
‫‪2-‬انقضاء االلتزام بالنفقة‬
‫إن انقضاء التزام بالنفقة بعد سببا من أسباب توقف الدعوى العمومية‪ ،‬وسقوطها ذلك أن‬
‫النفقة تستمر حسب الفصل ‪ 14198‬من مدونة األسرة إلى حين بلوغ االبن من الرشد أو سن‬
‫‪ 25‬سنة إذا كان ال يزال يتابع دراسته‪ ،‬أما البنت إلى حين تزوجها أو حصولها على عمل‬
‫قار‪ ،‬ونتيجة لذلك فإن الدعوى العمومية تسقط إذا ما أثبت المحكوم عليه أنه قد أدى التزامه‬
‫المنصوص عليه في الفصل ‪ 198‬من مدونة األسرة‪.‬‬
‫إضافة إلى هذا فإنه يحق للمحكمة أن تسقط الدعوى العمومية وتوقفها في مواجهة الزوج‬
‫إذا أتبت أنه قد انفصل عن زوجته نهائيا – وذلك بعد مرور عدتها‪-.‬‬
‫‪3-‬عدم تبليغ الحكم القاضي بأداء النفقة‬
‫إن التبليغ بالحكم الصادر في مواجهة الملتزم بالنفقة شرط أساسي لمتابعته بجنحة اإلهمال‪،‬‬
‫فإذا لم يبلغ فال قيام لها هذا ما أقره المجلس األعلى "محكمة النقض حاليا" في قرار صادر‬
‫علها الذي جاء فيه‪ ":‬حيث إن جنحة إهمال األسرة ال يمكن أن تقترف إال إذا بلغ الحكم القاضي‬
‫‪15‬‬
‫بأداء النفقة للضنين قانونيا بمثابة إعذار له‪.‬‬
‫وهكذا فإنه من الالزم تبليغ المحكوم عليه تبليغا قانونيا من أجل متابعته‪ ،‬وإال فال قيام لهذه‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫‪ - 4-‬اإلبراء من حق النفقة‬
‫بعد اإلبراء من حق النفقة سببا من أسباب دفع المتابعة في جنحة اإلهمال المالي لألسرة‪،‬‬
‫ذلك أنه يحق للزوجة أن تبرئ زوجها من اإلنفاق عليها‪ ،‬إال أنه ال يحق لها أن تبرته من‬
‫اإلنفاق على أبنائه‪ ،‬في حين يحق لألباء تبرئة أبنائهم من اإلنفاق عليهم وتجب اإلشارة أن‬
‫اإلبراء لكي ينتج آثاره يجب أن يكون صحيحا وغير باطل‪ ،‬ف مثال ال يمكن لألم التي لها‬
‫‪16‬‬
‫الحضانة أن تتخلى عن نفقة ولدها المحصول‪ ،‬فاإلبراء في هذه الحالة غير قانوني‬

‫‪ 14‬المادة ‪ 198‬مدونة األسرة تنص على له تستمر نفقة األب على أوالده إلى حين بلوغهم سن الرشد لو إتمام الخامسة والعشرين لمن يتابع‬
‫"دراسته‪ ،‬وفي كل األحوال ال تسقط نفقة البنت إال بتوفرها على الكسب أو بوجوب نفقتها على زوجها‬
‫‪ 15‬قرار منشور بمجلة قضاء مجلس األعلى سنة ‪ ،1962‬المجلد ‪ ،1‬ص ‪ ،142‬مأخوذ من مرجع سعيد ازكيك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪76‬‬
‫‪ 16‬المشراوي نعيمة‪ ".‬جريمة إهمال االسرة في التشريع المغربي‪ ،‬بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ 20‬الرباط ‪ .1993‬ص ‪51‬‬

‫‪8‬‬
‫‪- 5‬الدفع الخاص بإهمال الزوجة الحامل‬
‫يحق للمحكوم عليه بجنحة إهمال الزوجة الحامل أن يدفع بإيقاف الدعوى العمومية لكون‬
‫عقد الزواج الذي يربطه بزوجته باطال أو فاسدا‪ ،‬وذلك النتفاء صفة الزوج من أجل متابعته‬
‫ونفس الشيء بالنسبة إلهمال الزوجة الحامل المطلقة‪ ،‬حيث يحق للزوج إيقاف دعواه العمومية‬
‫في مواجهة مطلقته بحجة أنه طلقها طالقا بائنا أدى إلى انتفاء عالقته بها‪.‬‬
‫وفي كلتا الحالتين تقوم المحكمة الجنحية بإيقاف النظر في هذه الجنحة إلى حين إصدار‬
‫المحكمة المدنية حكمها في هذا الدفع‪ ،‬وبعدها تقضي باإلدانة إذا كان الزواج صحيحا أو‬
‫‪17‬‬
‫بإطالق سراح الصنين إذا ثبت ادعائه‬

‫نادية الجبوج ‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪51 ،‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪9‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إشكالية تطبيق مقتضيات الزجرية لحماية االسرة والحلول البديلة كآليات‬
‫لحل المنازعات االسرية‬
‫بعد أن تطرقنا سابقا إلى العقوبات المتعلقة بجنحة االسرة باعتبارها صورة من صور جرائم‬
‫االسرة‪ ،‬كان من الالزم الحديث في هذا المطلب عن إشكالية تطبيق مقتضيات الزجرية لحماية‬
‫االسرة في (الفقرة االولى)‪ ،‬والحلول البديلة كآليات لحل المنازعات االسرية (الفقرة الثانية)‬
‫وهذا ما سنقوم بالحديث عنه فيما يلي‪:‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬إشكالية تطبيق مقتضيات الزجرية لحماية االسرة‬
‫في هذه الفقرة البد من تسليط الضوء عن مختلف االشكاالت التي تعيق تطبيق المقتضيات‬
‫الزجرية في المجال االسري‪ ،‬ونقسم هذه االشكاالت إلى االشكاالت العملية والقانونية التي‬
‫تحول دون التطبيق السليم لنصوص إهمال االسرة(اوال) ثم بعد ذلك االنتقال إلى إشكالية‬
‫تطبيق عقوبة الحبس كجزاء في جنحة إهمال االسرة(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلشكاالت العملية والقانونية التي تحول دون التطبيق السليم لنصوص إهمال االسرة‬
‫تطرح جنحة إهمال االسرة العديد من اإلشكاالت العملية والقانونية التي تحول دون التطبيق‬
‫السليم لنصوص هذه الجنحة‪ ،‬فبالرجوع إلى الفصلين ‪480‬و‪ 481‬من مجموعة القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬نجدهما ينصان على ضرورة أن تسبق المتابعة إعذار المخل بالواجب أو المدين‬
‫بالنفقة بأن يؤدي ما عليه في ظرف ‪ 15‬يوما‪ ،‬وأن يتم اإلعذار في شكل استجواب تقوم بيه‬
‫الضابطة القضائية بناء على طلب من النيابة العامة‪.‬‬
‫إال أن المالحظ عل ى مستوى الواقع العملي أن أغلب المحكوم عليهم بهذه الجنحة سرعان‬
‫ما يختفون عن االنظار بمجرد منحهم هذه المدة‪ ،‬لتنهي الضابطة القضائية بحثها بتحرير‬
‫مذكرة بحث ضدهم‪ ،‬وتحيل المسطرة إلى وكيل الملك الذي يقرر بشأنها الحفظ إلى حين إلقاء‬
‫القض على المعني باألمر‪ ،‬لذلك كان لزاما على المشرع المغربي وضع ضمانات إلزامية‬
‫لح ضور المتهم خالل هذه المرحلة‪ ،‬وهنا يجيب تفعيل مقتضيات الوضع تحت المراقبة‬
‫القضائية المنصوص عليها في المادة ‪ 161‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وخصوصا تلك‬
‫المتعلقة بتدبير إغالق الحدود باعتباره وسيلة فعالة تضمن حضور المتهم‪ ،‬وذلك تفاديا لعدم‬
‫‪18‬‬
‫فعالية االقتصار على نشر مذكرة بحث في حق المتهم‪ ،‬بعد إنذاره باألداء‪.‬‬
‫أضف إلى هذا فإنه في بعض الحاالت قد يكون اإلشكال ناتجا عن تقاعس جهاز الضابطة‬
‫القضائية عن اداء مهامها فيما يخص مسطرة التنفيذ على المحكوم عليه بالنفقة‪ ،‬بحيث قد‬
‫تكون إمكانية التنفيذ في حقه متيسرة لتوفيره على منقوالت وعقارات‪ ،‬ورغم ذلك يقوم مأمور‬
‫التنفيذ بتحرير محضر امتناع بالرغم من وجود أشياء قابلة للحجز‪ ،‬وهذا ما قد ينعكس سلبا‬

‫‪ 18‬عصام الهاشني" المصطفى عمراني" جنحة إهمال االسرة بين التشريع والقضاء" بحث نهاية التدريب في المعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج‬
‫‪،33‬الرباط ‪.2005‬‬

‫‪10‬‬
‫على الضحية التي قد تعيش مأساة بسبب هذا اإلخالل الذي لم يباشر وفق ما يقتضيه القانون‬
‫‪19‬‬
‫على ما يملكه المحكوم عليه من أشياء قابلة للحجز‪.‬‬
‫وفي نطاق آخر تعرف جريمة إهمال األسرة على مستوى الواقع العملي مجموعة من‬
‫الخروقات فيما يخص جنحة ترك بيت الزوجية المنصوص عليها في الفصل ‪ 479‬من القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬ذلك أن الواقع العملي يؤكد لنا أن الذي تتم متابعته كثيرا بمقتضيات هذا الفصل هي‬
‫الزوجة‪ ،‬حيث بمجرد ما أن يتقدم الزوج بشكايته في مواجهة زوجته حول إهمال األسرة‪ ،‬فإن‬
‫النيابة العامة تقوم بمتابعة هذه األخيرة بصرف النظر عما إذا كان لها أبناء أم ال‪ ،‬وبصرف‬
‫النظر عما إذا كان الحكم القاضي عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية يقضي على الزوج بإفراد‬
‫سكن لها‪ ،20‬وهذا ما يتعارض مع ما جاءت به المادة أعاله‪ ،‬التي تعتبر شرطي وجود األبناء‬
‫ومحل اإلقامة كأحد الشروط األساسية إلقامة هذه الدعوى‪ ،‬لذلك فإنه من الواجب على النيابة‬
‫العامة عند تحريكها للمتابعة أن تأخذ بعين االعتبار تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 479‬من القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬بالطريقة الصحيحة وإال اعتبر ذلك خرقا منها في أنها تمثل المجتمع أمام المحاكم‬
‫‪21‬‬
‫الزجرية‪.‬‬
‫وفي نطاق أخر تطرح جنحة إهمال األسرة العديد من اإلشكاالت المرتبطة بقوانين خاصة‬
‫بمدونة األسرة‪ ،‬وتأخذ كمثال على هذا أهلية التقاضي المسموح بها لمتابعة مرتكب الجريمة‬
‫في جنحة إهمال األسرة ذلك أن المادة ‪ 2022‬من مدونة األسرة تسمح للقاضي المكلف بالزواج‬
‫بأن يأذن بزواج القاصرين دون سن األهلية في حين أن المادة ‪ 2322‬من مدونة األسرة تعطي‬
‫حق التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات وهذا ما قد يطرح‬
‫إشكالية ارتكابهم لهذه الجنحة ذلك أن المادة ‪ 458‬من قانون المسطرة الجنائية تنص على أنه‬
‫يتحدد سن الرشد الجنائي ببلوغ ثمان عشرة سنة ميالدية كاملة‪"..........‬‬
‫وهذا ما يتعارض مع ما جاءت به المادة ‪ 22‬أعالء‪ ،‬لهذا فإنه ال يجوز نهائيا متابعة الحدث‬
‫بهذه الجريمة ما دامت المقتضيات الحمائية التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية تحول دون‬
‫إنزال العقاب على هذا الحدث‪.24‬‬

‫وزارة العدل‪ ،‬مديرية الشؤون الجنائية" الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء واألطفال سنة ‪ ،2010‬ص ‪.38‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪ 20‬حفيظة توتة" دور النيابة العامة في المجال االسري‪ :‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق شعبة القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي‬
‫عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش سنة الجامعية ‪ ،2010/2009‬الصفحة ‪.231‬‬
‫عبد الواحد العلمي" شروح في القانون الجنائي المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬الطبعة االولى سنة ‪ 2006‬الدار البيضاء‪ ،‬الصفحة‬ ‫‪21‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ 22‬المادة ‪ 20‬من مدونة االسرة تنص على ما يلي‪ ":‬لقاضي االسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن االهلية المنصوص‬
‫عليه في المادة ‪ 19‬أعاله‪ ،‬بمقرر معلل يبين فيه المصلحة واالسباب المبرر لذلك‪ ،‬بعد االستماع ألبوي القاصر أو نائبه الشرعي واالستعانة بخبرة‬
‫طبية أو إجراء بحث اجتماعي"‬
‫‪ 23‬تنص المادة ‪ 22‬من مدونة االسرة على أن" يكتسب المتزوجان طبقا للمادة ‪20‬اعاله االهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي في كل ما يتعلق‬
‫بآثار عقد الزواج من حقوق وااللتزامات‪"...‬‬
‫‪ 24‬نبيل العطار" جرائم إهمال االسرة بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬بحث نهاية التدريب المعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،37‬فترة التدريب‬
‫‪2013/2011‬الرباط ال صفحة‪.46‬‬

‫‪11‬‬
‫وفي مثال ثاني نجد إشكاال آخرا يتعلق بالمادة ‪ 2‬من مدونة األسرة والتي تنص فيه "تسري‬
‫أحكام هذه المدونة على‪:‬‬
‫‪ /1-‬الالجئين بمن فيهم عديمو الجنسية طبقا التفاقية جنيف المؤرخة ب ‪ 28‬يوليوز ‪1951‬‬
‫المتعلقة بوضعية الالجئين‬
‫‪ /2‬جميع المغاربة ولو كانوا حاملين الجنسية أخرى‪.‬‬
‫‪ /3‬العالقات التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا‪.‬‬
‫‪ /4‬العالقات التي تكون بين مغربيين أحدهما مسلم‪"...‬‬
‫فمن خالل استقراء هذه المادة يتبين أنها تتعلق باألشخاص الذين تطبق أو تسري عليهم‬
‫أحكامها بما فيها مقتضيات المادة ‪ 202‬التي تحيل على أحكام إهمال األسرة‪ ،‬إال أنه بالرجوع‬
‫إلى مقتضيات المادة ‪ 708‬من قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص على أن" كل فعل له‬
‫وصف جنحة في نظر القانون المغربي ارتكب خارج المملكة المغربية من طرف مغربي‬
‫يمكن المتابعة من أجله والحكم فيه بالمغرب ‪ "........‬وتنص المادة ‪ 710‬من نفس القانون أن‬
‫" كل أجنبي يرتكب خارج أراضي المملكة جناية يعاقب عليها القانون المغربي إما بصفته‬
‫فاعال أصليا أو مساهما‪ ،‬أو مشاركا يمكن متابعته والحكم عليه حسب مقتضيات القانون‬
‫الجنائي المغربي إذا كان المملكة"‪.‬‬
‫انطالقا من مقتضيات هاتين المادتين‪ ،‬نجد أن المشرع المغربي اشترط في المادة ‪ 708‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ضرورة صدور فعل الجنحة من طرف الشخص المغربي األصل‬
‫من أجل متابعته بهذه الجريمة التي ارتكبها خارج المغربية‪ .‬ومن هذا المنطلق‪ ،‬فإنه ال يجوز‬
‫متابعة الزوج األجنبي في إطار الزواج المختلط بجنحة إهمال األسرة إذا ما ارتكبها خارج‬
‫المغرب‪ ،‬في حين يجب متابعة زوجه اآلخر المغربي األصل بهذه الجنحة‪ ،‬وهذا ما يوحي لنا‬
‫تعارض هذه المادة مع ضحية هذه الجناية من جنسية مغربية‪ .‬ما جاءت به المادة ‪ 2‬أعاله‬
‫والتي اشترطت أن تسري أحكامها حتى على العالقات التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا‪.25‬‬
‫أضف إلى هذا فإن المادة ‪ 710‬من قانون المسطرة الجنائية اشترطت أن يكون الفعل‬
‫المرتكب من طرف األجنبي عبارة عن جناية‪ ،‬لذلك فإنه ال يجوز نهائيا معاقبة الشخص‬
‫األجنبي بجنحة إهمال األسرة التي ارتكبها في حق شخص مغربي ألن هذه الجريمة تدخل‬
‫في نطاق الجنح وهذا ما يتعارض مع ما جاءت به المادة أعاله‪.‬‬

‫‪ 25‬فاطمة الزهراء العوني" جريمة إهمال االسرة في القانون المغربي" رسال لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،2014/2013 ،‬الصفحة ‪.64‬‬

‫‪12‬‬
‫ثانيا‪ :‬إشكالية تطبيق عقوبة الحبس كجزاء في جنحة إهمال االسرة‬
‫منذ أن أخد التشريع الغربي األوربي بالعقوبات الحبسيه كبديل للعقوبات البدنية التي كانت‬
‫سائدة إلى حدود القرن الثامن عشر‪ ،‬أصبح السجن هو الجواب الرسمي للجريمة‪ ،‬وقد أدى‬
‫تعود النظم الجنائية والمجتمعات على هذه العقوبة إلى تقوية االعتقاد في الدور اإلصالحي‬
‫للسجن‪ ،‬غير أن ارتفاع نسبة اإلجرام وارتفاع نسبة العود أكدا على سذاجة االعتقاد واإليمان‬
‫بفعالية الدور اإلصالحي له‪.26‬‬
‫فإذا ما اعتبرنا أن للسجن دور إصالحي في تقويم المجرم‪ ،‬فهل يمكن اعتباره وسيلة فعالة‬
‫في الحد من جرائم إهمال األسرة؟ وهل فعال له دور جيد في تقويم مرتكب هذه الجريمة على‬
‫مستوى الواقع؟ علما أن األسرة هي عماد المجتمع وقاعدة الحياة اإلنسانية‪ ،‬فإذا أسست على‬
‫دعائم راسخة من الدين والخلق والترابط االجتماعي‪ ،‬فإنها تكون لينة قوية في بنيان األمة‬
‫وخلية حية في جسم المجتمع‪ ،‬ومن تم كان صالحها هو السبيل لصالح األمة‪ ،‬وفسادها هو‬
‫مناط فساد المجتمع وانصهاره‪.‬‬
‫لذلك ورغبة من المشرع الجنائي في حمايتها من جرائم إهمال األسرة فإنه قد نص على هذه‬
‫األخيرة وحدد لها عقوبتها‪ ،‬إال أنه رغم التنصيص على قواعدها الجنائية فإنها ال تكرس ثقافة‬
‫الطابع األخالقي الذي يجب أن تتسم به هذه األسرة‪ ،‬ذلك أنه إذا كانت القاعدة واألصل في‬
‫تنظيم األسرة يندرج في المودة والرحمة لقوله تعالى‪" :‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم‬
‫أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك آليات لقوم يتفكرون"‪27‬واالستثناء‬
‫هو الزجر ‪ -‬الذي هدف من خالله المشرع ردع بعض التجاوزات والممارسات التي فرضت‬
‫نفسها على الواقع ‪ -‬فإن هذا االستثناء أصبح يحل محل القاعدة ويسير عكس إرادة المشرع‪،‬‬
‫وهذا ما قد يؤدي إلى تفريغ مؤسسة الزواج من محتواها بأن يتحول عقد الزواج إلى عقد‬
‫مدني مشروط‪ ،‬كالدول الغربية التي تسير في هذا المنحى‪.‬‬
‫فإذا قلنا أن أهمية الزجر تندرج في حماية األسرة من االندثار فإنه لألسف نجد على مستوى‬
‫الواقع العملي أن عقوبة الحبس المنصوص عليها في الفصول ‪ 480 ،482 ،479‬من القانون‬
‫الجنائي أدت إلى تفكك عدة أسر‪ ،‬لذلك فما الداعي لألخذ بها ما دامت تؤدي إلى هذه العواقب‬
‫‪28‬‬
‫الوخيمة‪ ،‬خصوصا وأن أغلب المحكوم عليهم قد يفقدون عملهم وأسرهم‪ ،‬وحسن سيرتهم‬
‫بمجرد ما أن يتم الزج بهم في السجن‪ ...‬لذلك كان باألخرى على القاضي االكتفاء فقط بعقوبة‬
‫الغرامة في هذه الجنحة‪.‬‬

‫‪ 26‬أمينة العتيوي‪ ":‬شرعية تنفيذ الجزاء الجنائي" أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة ال جامعية‪2005/\2004‬‬
‫‪ 27‬سورة الروم‪ ،‬اآلية ‪21‬‬
‫‪ 28‬يقصد بفقدان حسن السيرة أنه بمجرد ما يتم إدخال الزوج إلى السجن الرتكابه إلحدى جنح إهمال االسرة يتم ذكر ذلك في سجله العدلي‪ ،‬وهذا‬
‫ما قد ينعكس سلبا على مستقبليه‪ ،‬بأن يفقد عمله‪ ،‬التصافه بصفة المجرم‪ ،‬رغم أن الجنحة التي ارتكبها ال تستدعي ذلك االمر‪ ،‬بحيث أنه لو ثم‬
‫اللجوء إلى حلول أخرى بديلة للحبس لما فقد سمعته العدلية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وهذا مع األخذ بعين االعتبار أن عقوبة الحبس المنصوص عليها في الفصل ‪ 480‬من‬
‫القانون الجنائي‪ ،‬ال تعد إال وسيلة لإلجبار على التنفيذ وليس تنفيذا في حد ذاته‪ ،‬بحيث إن‬
‫الدين ال يمكن أن يحول إلى عقوبة حبسيه في حالة امتناع المحكوم عليه من الوفاء به‪ ،‬لذا‬
‫فإن الزج بالزوج في السجن في اطار مسطرة االكراه البدني ال يعفيه حق أداء الين الذي هو‬
‫النفقة‪ ،‬بل يبقى ملتزما بيه وعالقا في ذمته المالية إلى أن يتم أداؤه من طرفه إما عن اختيار‬
‫وطواعية‪ ،‬فيما ادا اختار الحل السلمي ‪،‬أو بواسطة طرق التنفيذ الجبرية العادية التي يمكن‬
‫سلوكها فيما بعد في حقه اذا ما بقي متماديا في عناده‪.29‬‬
‫وفي هذا النطاق فإن أغلب االحكام المصدرة لعقوبة الحبس في جنحة إهمال االسرة‪ ،‬تتعلق‬
‫بجنحة االهمال المالي لها‪ ،‬ذلك أن باقي الجنح المتعلقة بها قليال ما يتم الحكم فيها بهذه العقوبات‬
‫حيث يتم االكتفاء فقط بالغرامة‪.‬‬
‫فالمالحظ في جنحة اإلهمال المالي لألسرة أن أغلب المحكوم عليهم بهذه الجنحة قد يكونون‬
‫معسرين حقا عن أداء التزاماتهم بالنفقة‪ ،‬وهذا ما يخالف مقتضيات المادة ‪ 480‬من القانون‬
‫الجنائي التي اشترطت فيه عنصر اإلمساك العمدي عن األداء من أجل متابعتهم‪ ،‬فالواقع‬
‫العملي قد أثبت سوء استعمال هذا الفصل بحيث أنه بمجرد ما أن يصدر حكم على الملزم‬
‫بالنفقة‪ ،‬ويتم تبليغه بذلك وتحرير محضر االمتناع في حقه ومحضر عدم وجود ما يحجز فإنه‬
‫يتم إخضاعه لمسطرة إهمال األسرة مباشرة على الرغم من تصريحه بكونه معصرا وليس‬
‫في استطاعته اإلنفاق‪.30‬‬
‫لهذا فإنه من الالزم على المشرع المغربي أن يلزم الضابطة القضائية بضرورة البحث‬
‫بمختلف الوسائل ما إذا كان الملزم بالنفقة معسرا أم موسرا قبل اللجوء لمسطرة إهمال األسرة‬
‫وحتى ال يتخذ اإلعسار كحجة للتملص من المسؤولية‪ .‬زيادة عن هذا فإنه من الالزم القول‬
‫في هذا النطاق أن المشاكل قد تحيط باإلنسان دائما‪ ،‬وقد تصيبه في رزقه‪ ،‬كما قد تؤدي به‬
‫إلى البطالة‪ ،31‬مما قد يكون معه الزوج عاجزا كليا عن اإلنفاق على أسرته‪ ،‬لذلك فإنه من‬
‫الالزم النظر إليه نظرة ميسرة بدال من الزج به في السجن‪ ،‬وذلك لقوله تعالى‪ ":‬وإن كان دو‬
‫عسرة فنظرة إلى ميسرة" وقال السرخسي في هذا االتجاه " إن الحبس يكون في حق من‬
‫‪32‬‬
‫ظهر ظلمه ليكون زاجرا له عن الظلم وقد ظهر هنا عذره ال ظلمه فال يحبسه"‪.‬‬
‫وفي هذا النطاق إذا كان القانون يعطي للزوجة الحق في طلب التطليق لعدم اإلنفاق عليها‬
‫كما يجيز لها تقديم شكاية ضد زوجها حول إهمال األسرة إن لم يؤد واجب النفقة المحكوم به‬

‫‪ 29‬يوسف كرواوي‪ "،‬جزاء عدم تنفيذ الزوج للحكم القاضي عليه بالنفقة لزوجته‪ ،‬بين الفقه االسالمي والتقنين المغربي‪ ،‬ص ‪109‬‬
‫‪ 30‬سومية غزالي" الطابع الزجري لمدونة االسرة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص في المهن القضائية والقانونية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي الرباط‪ ،2010 ،‬الصفحة ‪.66‬‬
‫‪ 31‬خالد بنيس" النفقة بين الواقع والتشريع"‪ ،‬دار النشر المعرفة‪ ،‬طبعة ‪ ،1992‬الرباط‪ ،‬الصفحة‪. 66‬‬
‫‪ 32‬يوسف كرواوي‪ "،‬جزاء عدم تنفيذ الزوج للحكم القاضي عليه بالنفقة لزوجته بين الفقه االسالمي والتقنين المغربي " م‪،ٍ،‬ص ‪.103‬‬

‫‪14‬‬
‫لها وألوالدها‪ ،33‬فإنه في هذه الحالة يجب أن تأخذ بعين االعتبار عسر زوجها لكي ال يتم‬
‫الزج به في السجن‪ 34‬وبالتالي يحرم من فرصة البحث عن العمل‪.‬‬
‫إال أن المالحظ على مستوى الواقع العملي أن أغلب الزوجات يعمدن إلى الزج بأزواجهن‬
‫في السجن بدال من األخذ بعين االعتبار خطورة هذا األمر‪ ،‬كما أن بعض األزواج يفضلون‬
‫الدخول إلى السجن عن الرضوخ إلى أوامر زوجاتهن وهذا ما قد يعكس فشل السياسة الجنائية‬
‫في هذا النطاق‪ ،‬وذلك النعدام الوعي ولكثرة العود في ارتكاب هذه الجريمة‪.‬‬
‫فانعدام الوعي لدى األزواج يؤكد لنا فشل الدور اإلصالحي لهذه العقوبة‪ .‬وفي هذا الصدد‬
‫يجب اإلشارة إلى حالة واقعية تقوم فيها الزوجة برفع دعوى أخرى بالنفقة ضد زوجها المعتقل‬
‫بهذه الجنحة‪ ،‬وأمام العجز مرة ثانية عن التنفيذ يتم تحرير محضر بعدم وجود ما يحجز وما‬
‫أن يقترب موعد خروج الزوج من السجن حتى يتابع بنفس التهمة األولى في حالة عود قبل‬
‫انتهاء المدة المحكوم بها سابقا‪ ،‬أو بمجرد خروجه منه ليعود إليه مرة ثانية وثالثة ورابعة‪،‬‬
‫فالعقوبة المرصودة للمهمل في هذه الحالة تكون قاسية بحيث يصبح فيها الزوج ليس مجرد‬
‫مدين فقط بل مجرما من ذوي السوابق القضائية‪.35‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإننا نفضل لو أن المشرع المغربي سلك مسلك نظيره الليبي عندما قرر أن الزوج‬
‫المحكوم عليه بالنفقة متى أدى ما تخلف بذمته‪ ،‬أو قام بتقديم كفيل بديل عنه ألداتها يجب على‬
‫الزوجة قبوله لكي ال تنفذ العقوبة في حقه‪.36‬أضف إلى هذا فإنه من الالزم الرفع من مستوى‬
‫التدخل الفردي لألزواج‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار لحل هذا اإلشكال‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الطرق البديلة كآليات لحل النزعات االسرية‬
‫إن الطرق البديلة لتسوية المنازعات االسرية ليست الية جديدة‪ ،‬وإنما هي قديمة‪ ،‬وكانت‬
‫موجودة وفعالة‪ ،‬بحيث ال يوجد نظام قانوني وقضائي اليوم ال يأخذ بالطرق البديلة لتسوية‬
‫النزاعات االسرية‪ ،‬ألن هذه البدائل أثبتت فعاليتها في حماية االسرة من التفكك والتشرد‪ ،‬ومن‬
‫الجرائم التي يمكن أن تقع عليها مستقبال‪ ،37‬وتتمثل هذه الوسائل في كل من الصلح( اوال)‬
‫وفي الوساطة( ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الصلح كألية لحل النزاعات االسرية‬
‫تعد مسطرة الصلح من المساطر المستجدة التي جاءت بها مدونة األسرة والتي لعبت دورا‬
‫كبيرا في اإلصالح ما بين األزواج وتشمل هذه المسطرة مجموعة من اآلليات والمؤسسات‬
‫التي ساهمت بشكل كبير في تحقيق وإنجاز هذا اإلجراء وتتجلى في‪:‬‬

‫خالد بنيس " النفقة بين الواقع والتشريع"‪ ،‬م ‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪51‬‬ ‫‪33‬‬

‫قد يؤدي الزج بالزوج في السجن إلى حرمانه من فرصته في تسديد ديونه ذلك أن أغلب‬ ‫‪34‬‬

‫خالد بنيس "قوانين االسرة بين الواقع والتشريع" مطبعة دار النشر والمعرفة الرباط‪ ،‬طبعة ‪ ،1993‬ص ‪.96‬‬ ‫‪35‬‬

‫محمد الكشبور" شرح مدونة االسرة‪ ،‬الجزء االول"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة االولى سنة‪ ،2006‬ص ‪.355‬‬ ‫‪36‬‬
‫‪37‬‬

‫‪15‬‬
‫‪-1-‬دور المحكمة في إصالح ذات البين‪:‬‬
‫لقد أعطت مدونة األسرة لقضاء األسرة سلطات واسعة خالفا لما عليه األمر في مدونة األحوال‬
‫الشخصية‪ ،‬وجعلت من قاضي األسرة ليس ذلك القاضي الذي يكيف الوقائع ويطبق عليها‬
‫النصوص القانونية‪ ،‬بل جعلته حاميا لها ومجتهدا في ابتكار الوسائل واإلجراءات من أجل‬
‫تحقيق ما فيه صالح وإصالح لألسرة‪ .‬وهكذا فإذا كانت المهمة األساسية والتقليدية للقاضي‬
‫هي الفصل في النزاعات بإصدار أحكام موافقة للقانون والعدالة‪ ،‬فإن مدونة األسرة قد أسندت‬
‫للقاضي مهمة أخرى تتمثل في إصالح ذات البين بين األزواج المتنازعة‪ ،‬ووظيفته في هذا‬
‫اإلطار شبيهة بعمل الطبيب الذي يبحث عن مكامن الداء ليصف له الدواء المناسب من خالل‬
‫جلسات العالج التي قد تتكرر‪ ،‬ويتعلق األمر بمحاوالت الصلح التي يزيد عددها بوجود‬
‫األطفال إلى محاولتين لإلصالح تفصل بينهما مدة ال تقل عن ثالثين يوما‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك فإذا تقدم أحد األزواج بطلب من أجل الحكم له بالطالق أو التطليق نتيجة إهمال‬
‫أحدهما لآلخر‪ ،‬فإن المحكمة تقوم حسب المادة ‪ 81‬والمادة ‪ 113‬من مدونة األسرة باستدعاء‬
‫الزوجين لمحاولة اإلصالح بينهما‪ ،‬فإذا حضرا يقوم القاضي باالستماع إليهما في غرفة‬
‫المشورة‪ ،‬وذلك حفاظا على أسرارهم من أجل معرفة جوهر النزاع القائم بينهما‪ .‬وإذا ما بدا‬
‫للقاضي خالل المناقشة الدائرة بينهم أن المصلحة تقضي تأخير القضية إلى جلسة أخرى حدد‬
‫لهما موعدا لجلسة صلح ثانية‪ .‬لكن إذا استطاع إقناعهما بتفاهة الخالف الواقع بينهما وحصل‬
‫التصالح‪ ،‬حرر محضرا يثبت االتفاق على الصلح وينهي بذلك النزاع‪.‬‬
‫وهكذا فإذا تمكن القاضي التوفيق ما بين الزوجين فإنه يقي هذه األسرة من التفكك والتشرد‪،‬‬
‫وخصوصا بالنسبة لألبناء الذين يكونون أكثر عرضة لهذا الخطر‪ .‬لذلك فالمشرع المغربي قد‬
‫أحسن صنعا عندما أدرج هذه اآللية كوسيلة لحماية األسرة‬
‫‪ 2‬مؤسسة الحكمان ودورهما في الصلح بين الزوجين‪:‬‬
‫يقول هللا سبحانه وتعالى في كتابه العزيز "وإن خفتم شق اق بينهما ف ابعثوا حكما من أهله وحكما‬
‫من أهلها إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما"‪ .،38‬انطالقا من هذه اآلية الكريمة يتضح لنا المرجعية‬
‫الدينية لمؤسسة الحكمين التي يتم اعتمادها كآلية من أجل التوفيق ما بين األزواج في حالة‬
‫حصول نزاع بينهما‪ ،‬حيث يتم تعيين حكما من أهل الزوجة وحكما من أهل الزوج‪..‬‬
‫وبالرجوع إلى المواد ‪ 96 95 ،82‬من مدونة األسرة نجد أن المشرع المغربي قد نص على‬
‫هذه المؤسسة وبين مهامها في استقصاء أسباب الخالف الدائر ما بين الزوجين‪ ،‬وتوضيحه‬
‫في تقرير مكتوب‪ ،‬أو بسطه للمحكمة شفاهة‪ ،‬ثم بعد ذلك محاولة التوفيق واإلصالح بين‬
‫الطرفين ما أمكن‪ ،39‬فإذا توصل الحكمان إلى اإلصالح بينهم حررا مضمونه في تقرير من‬

‫‪ 38‬سورة النساء‪ :‬االية ‪.35‬‬


‫‪ 39‬فوزية زيهور‪ ":‬الوساطة والصلح"‪ ،‬بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء ‪ ،‬سنة ‪ .2009/2007‬ص ‪. 40‬‬

‫‪16‬‬
‫ثالث نسخ يوقعه كال من الحكمان والزوجين ويرفعانه إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد منهما‬
‫نسخة منه وتحفظ الثالثة بالملف‪ ،‬ويتم اإلشهاد على ذلك من طرف المحكمة‪.40‬‬
‫أما إذا لم يتمكنا من إجراء اإلصالح‪ ،‬فإنهما يضمنان ذلك في تقريرهما مع تحديد مسؤولية‬
‫كل من الزوجين في الشقاق ثم يقدمان التقرير إلى المحكمة خالل األجل المحدد له‪ ،‬وهكذا‬
‫يتبين لنا أن للحكمين دور هام في السعي إلى إصالح ذات البين بين الزوجين وتأليف المودة‬
‫وحسن المعاشرة فيما بينهم من خالل البحث عن أسباب الخالف والنزاع الناشئ بينهم ومحاولة‬
‫إنهائه عن طريق إشعارهم بتفاهته‪ ،‬ويمكن للحكمين في هذه الحالة أن يستأنسا بتوجيهات‬
‫القاضي وأهل الفضل من الجيران ل واألقارب وبكل من له نفوذ كاألب وكل ذوي النيات‬
‫الحسنة من غير هؤالء‪ ،‬من أجل إنجاح هذه المهمة‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة يجوز الحكمين اختيار الطريقة المثلى التي من شأنها أن تمكنهم من القيام‬
‫بمهمتهم عن طريق االنتقال إلى بيت الزوجين لالجتماع بهما معا أو االنفراد بكل واحد منهما‪،‬‬
‫واالستماع إلى أقوالهما لتكوين فكرة أولية عن أسباب النزاع مع إمكانية التردد عليهما بين‬
‫الفينة واألخرى ثم عقب ذلك يجتمع الحكمان و يتداوالن في النتائج المتواصل إليها من أجل‬
‫تقديم تقريرهما إلى المحكمة الذي تكون نتيجته إما توفقهما في اإلصالح ما بين الزوجين أو‬
‫العكس‪ ،‬إال أنه في حالة ما إذا وقعت بعض المشاكل ما بين الحكمين في مضمون التقرير‪،‬‬
‫وخصوصا في موضوع النزاع وأسبابه أو في تحديد المسؤول في الشقاق‪ ،‬فإنه في هذه الحالة‬
‫تقوم المحكمة بإجراء بحث إضافي بجميع الوسائل التي تراها مالئمة إلعادة البحث‪ .‬وهكذا‬
‫يتضح لنا مما سبق أن استعانة المحكمة بالحكمين له دور مهم في حماية األسرة وحفظها من‬
‫التفكك والدمار‪.‬‬
‫‪ 3-‬مجلس العائلة ودوره في حماية األسرة من جنحة إهمال األسرة‬
‫نظرا ألهمية مجلس العائلة في المحافظة على الروابط األسرية فقد نصت عليه الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ 82‬من مدونة األسرة‪ ،‬كما نظم بمقتضى مرسوم ‪ 2_04_88‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 14‬يونيو ‪ 2004‬وتم فيه تحديد مهامه وكذا الدور الذي يمكن أن يضطلع به في إعانة القضاء‬
‫على القيام بمهامه المرتبطة بقضايا األسرة‪ ،‬وذلك انطالقا من المواد ‪ 251 95-94-82‬من‬
‫مدونة األسرة‪ ،‬ويتجلى الدور المنوط بهذا المجلس في قيامه بالتعرف على األسباب الجوهرية‬
‫التي أدت بالزوجين إلى افتعال الخالف بينهما‪ ،‬مع قيامهم بتدوين نتائج أعمالهم في محضر‬
‫يحرره كاتب الضبط الذي يحضر بدوره لالجتماع ويتم توقيعه من طرف الرئيس وباقي‬
‫األعضاء‪ ،‬ويشار في حالة امتناع احدهم عن التوقيع في هذا المحضر ‪.‬‬
‫مما ال شك فيه أن مسطرة الصلح في قضايا األسرة تعترضها عدة معيقات تحول دون تحقيق‬
‫غايتها‪ ،‬حيث ثبت من خالل الواقع المعاش أن أغلبية محاوالت الصلح تتكلل بالفشل وذلك‬
‫راجع لمجموعة من االسباب وهذه االسباب إما أسباب قضائية وأسباب متعلقة باألطراف‬

‫‪ 40‬مجيدة بنجو " دور الوسائل البديلة في تسوية النزاعات األسرية ‪ ،‬بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ 36‬الرباط ص ‪22‬‬

‫‪17‬‬
‫تتجلى هذه األسباب القضائية بالخصوص في كل المعيقات التي تحول دون نجاعة وفعالية‬
‫مسطرة الصلح داخل مجتمعنا هذا‪ ،‬وتتمثل هذه األسباب في تلك الصعوبات المرتبطة بالقاضي‬
‫ذلك أن إسناد مهمة الصلح بالنسبة له باعتباره قاضيا للحكم وقاضيا للصلح من شأنه أن يؤثر‬
‫في فعالية قيامه بهذا اإلجراء‪ ،‬ذلك أن ازدواجية هذه المهمة بالنسبة له يمكن أن تدفع به إلى‬
‫اتخاذ الحيطة والحذر من الغوص في النزاعات القائمة بين األطراف خوفا من اتهامه باالنحياز‬
‫ألحدهما‪ ،‬مما يجعله يتجنب طرح حلول واقتراحات على األطراف إلصالحهم‪.‬‬
‫زيادة على هذا فان كثرة القضايا المعروضة على أقسام قضاء األسرة‪ ،‬تعد أكبر إكراه يواجه‬
‫القاضي في إنجاح هذه العملية‪ ،‬ذلك أن القاضي يحتاج إلى وقت طويل لإلصغاء إلى الزوجين‬
‫من أجل معرفة تفاصيل خالفاتهما ومحاولة اإلصالح بينهما‪ ،‬وهذا ما ال يتأتى له نتيجة الضغط‬
‫المتولد لديه عن كثرة الملفات المعروضة عليه‪.‬‬
‫أن مهمة اإلصالح التي يقوم بها القاضي تتطلب منه مهارة ذهنية وتأهيل خاص في علم النفس‬
‫واالجتماع‪ ،‬لكي يتأتى له القيام بالدور المنوط به على أحسن وجه‪ ،‬وإلى جانب هذا فإنه حتى‬
‫ولو تم تكوين هذا القاضي تكوينا خاصا فان بعض األزواج يحتفظون في تصريحاتهم بالبوح‬
‫عن األسباب الحقيقية التي أدت بهم إلى النزاع وذلك مخافة انعكاس ذلك على مراكزهم‬
‫القانونية أمام المحكمة‪ ،‬وكذلك مخافة انعكاسه على ملفاتهم‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق باألسباب المتعلقة بالمتخاصمين‪:‬‬
‫استلزم المشرع المغربي حسب المادة ‪ 81‬من مدونة األسرة ضرورة الحضور الشخصي‬
‫للزوجين عن طريق استدعائهم إلجراء عملية الصلح‪ ،‬إال أنه على مستوى الواقع العملي فإن‬
‫حضور األزواج ال يتحقق دائما وذلك إما لتشبثهم بمواقفهم أو لجهلهم األهمية هذا الصلح في‬
‫إعادة استقرار حياتهم وحياة أبنائهم‪ ،‬فغياب ثقافة الصلح لدى المتقاضين تجعل المهمة صعبة‬
‫على القاضي من أجل إنجاح هذه العملية‪ .‬ذلك أن سلوكيات بعض األزواج عند حضورهم‬
‫إلى جلسة الصلح قد توحي تلقائيا رفضهم له‪ ،‬في حين أن البعض قد يبدي استعداده من أجل‬
‫إنجاحه عن طريق الرغبة في االستماع إلى الحلول واالقتراحات التي يدليها القاضي‪.‬‬
‫ومن هنا يالحظ أن عدم تعاون األطراف مع المحكمة‪ ،‬يساهم بشكل كبير في فشل محاوالت‬
‫الصلح التي تقوم بها‪.41‬‬
‫ثانيا‪ :‬الوساطة كألية لحل المنازعات االسرية‬
‫بعد أن تطرقنا لمسطرة الصلح كوسيلة من وسائل فض النزاعات األسرية ووقايتها‪ ،‬وبعدما‬
‫أثبت الواقع العلمي عدم فعاليته في حل النزاعات االسرية‪ ،‬ذلك ما فرض لزاما البحث عن‬
‫وسائل جديدة وناجحة كفيلة بفرض حماية االسرة وتكون مواكبة لكل التحوالت التي يعرفها‬
‫المجتمع بمختلف مكونته‪ ،‬ومن هذا المنطلق ثم التفكير في خلق مؤسسة جديدة متعلقة بالوساطة‬

‫‪ 41‬فوزية زيهو" الوساطة والصلح‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪18‬‬
‫كبديل لحماية األسرة ووقايتها‪ ،‬ومنه فالوساطة وسيلة جديدة من وسائل إعادة بناء الروابط‬
‫االسرية‪ ،‬وذلك عن طريق تدخل شخص ثالث‪ ،‬الذي ال يملك سلطة اتخاد القرار‪ ،‬يعمد إلى‬
‫تنظيم الحوار ما بين االطراف المتنازعة من اجل ايجاد حل ودي للخالف يتم عن طريقه‬
‫ارضاء جميع األطراف المتنازعة‪.42‬‬
‫ذلك أن هذه الوسيلة تعمل على حل النزاعات األسرية في بداية أمرها قبل أن يتحول األمر‬
‫فيما بعد إلى جر يمة‪ ،‬فمثال ترك الزوجة لبيت أسرتها‪ ،‬قد يكون بسبب احتدام الصراع بينها‬
‫وبين زوجها‪ ،‬لذلك يعمد الوسيط عن طريق هذه الوسيلة بمحاولة تقريب وجهات النظر ما‬
‫بين األزواج من أجل إيصالهم إلى حل ودي دون تضخيم هذا المشكل بأن يتطور مستقبال إلى‬
‫جنحة ترك بيت األسرة‪.‬‬
‫‪ 2‬خصائص الوساطة األسرية‪:‬‬
‫تنفرد الوساطة األسرية عن غيرها من الوسائل البديلة لفض النزاعات األسرية بمجموعة من‬
‫الخصائص وهي‪:‬‬
‫السرية‪:‬‬
‫تمتاز جلسات الوساطة بالسرية التامة في كل ما يجري خاللها وذلك حفاظا ً على أسرار‬
‫األطراف المتنازعة ومخافة أن يؤدي إفشاءها إلى تعميق الخالف ما بين األطراف و تأجيجه‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تحدثت التوصية رقم ‪ 98‬الصادرة بتاريخ ‪ 21‬يناير ‪ 1988‬حول الوساطة‬
‫األسرية‪ ،‬على أن النطاق الذي تطبق فيه يجب أن يشمل احترام الحياة الشخصية الخاصة‬
‫باألطراف عن طريق جعل المناقشات سرية‪ ،‬ال يمكن إفشاؤها إال بإذن هؤالء اآلخرين وفي‬
‫الحاالت التي يسمح بها القانون‪.43‬‬
‫تعتبر الوساطة بطبيعتها اختيارية بحيث أن األطراف بلجنون إليها عن طواعية ولذلك كان‬
‫من األحسن جعلها إجبارية لما لها من دور مهم النزاعات واختيار ما دامت تهدف الوصول‬
‫إلى حل توافقي ورضائي‪.44‬‬
‫الحياد‪:‬‬
‫تتميز آلية الوساطة بك ون القائم بها يكون ملزما بالحياد أثناء قيامه بمهامه ذلك‪ .‬أن دوره‬
‫ينحصر فقط في تسير المفاوضات والعمل على طرح الحلول والمقترحات للنزاع دون إجبار‬
‫أي شخص باتخاذ هذه الحلول‬
‫المرونة‪:‬‬

‫‪ 42‬فاطمة الزهراء القيسي‪ :‬دور الصلح في حماية األسرة ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬سنة ‪ 2006/2007‬ص‪17‬‬
‫‪ 43‬محمد الفالقي ‪ " :‬الصلح والطرق البديلة لتسوية النزاعات األسرية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة‬
‫التكوين والبحث في تشريعات األسرة والهجرة كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة سنة ‪ ،2008‬ص ‪90‬‬
‫‪ 44‬الحسين بويقين‪ :‬مدى إمكانية نظام الوساطة بالمغرب"‪ ،‬مجلة المرافعة عدد ‪ 15، 14‬دجنبر ‪ ،2004‬ص‪16‬‬

‫‪19‬‬
‫تتميز هذه الخاصية في غياب القيود المسطرية والقانونية التي من شأنها الحد من فعالية‬
‫الوسيط ومبادرته‪ ،‬حيث يبقى هذا األخير واألطراف‪ ،‬أحرار في اتخاذ آية مبادرة مناسبة‬
‫للتفاوض والوصول إلى حلول ودية وفق اتفاقهم وبشكل يسمح لكل طرف باقتراح عدة حلول‬
‫وتصورات لفظ النزاع إلى أن يتم الوصول إلى حل مناسب ومرضي للجميع‪.45‬‬
‫السرعة‪:‬‬
‫تتميز آلية الوساطة بالسرعة في حل النزاعات األسري‪ ،‬وذلك على عكس ما إذا تطور النزاع‬
‫وأصبح معروضا على القضاء لخله‪ ،‬وذلك ألنه قد يطول في هذه األخيرة إلى إجراءات‬
‫ومساطر قد تدوم مدة طويلة‪.‬‬
‫مشاركة األطراف في حل النزاع‪:‬‬
‫إن ما يميز الوساطة األسرية بالتحديد هو أن أطراف النزاع هم من يختارون العدالة بأنفسهم‬
‫بدل الخضوع لها‪ ،‬فحل مشاكلهم العائلية قد يكون على أيديهم‪ ،‬وبمساعدة الوسيط طبعا بعد‬
‫الحوارات والمفاوضات التي تجمعهم‪ ،‬وتتيح لهم فرصة المكاشفة‪ ،‬والمصارحة لبعضهم‬
‫البعض‪ ،‬وتفريغ المؤاخذات المتبادلة‪ ،‬ثم بعد تهدئة النفوس‪ ،‬التطرق إلى جوهر النزاع‪،‬‬
‫ومحاولة إيجاد تسوية ودية له بتدخل الوسيط ‪46‬كما هو األمر في حالة رفض الزوج اإلنفاق‬
‫على أسرته والذي يكون سببه في الغالب العناد فإنه في هذه الحالة يتم استجماع األسرة بكاملها‬
‫من أجل معرفة السبب الحقيقي الذي أدى به إلى القيام بهذا الفعل عن طريق مصارحة كل‬
‫واحد منهما وبعد ذلك يتم استخالص الحل لهما‪.‬‬
‫ومن هذا يتضح أن للوساطة ضرورة ملحة لحل الخالفات األسرية بعيدا عن أحكام ومساطر‬
‫وضوابط القضاء‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الوساطة األسرية باعتبارها آلية لتدبير الخالفات األسرية تحتاج في‬
‫قيامها بأدوارها على الوجه األكمل والمطلوب لتدخل عدة فاعلين تختلف نوعية مساهمتهم في‬
‫إنجاح هذه الوسيلة‪.‬‬
‫إذن من هم األشخاص الفاعلين في تحقيق أغراض هذه الوساطة؟‬
‫دور القاضي في الوساطة األسرية‪:‬‬
‫ال يمكن الحديث عن دور القاضي في إنجاح الوساطة األسرية‪ ،‬إال في إطار أنه يمكن للقاضي‬
‫أن يقوم بدور الوسيط من أجل حل النزاع الوساطة القضائية‪ ،47‬ذلك القائم ما بين األطراف‬
‫وعن طريق اقتناعه بجدوى هذه الوسيلة وكذا إقناعه لألطراف المتنازعة بأهميتها لحل‬

‫‪ 45 "،‬الحسين بويقين‪ :‬مدى إمكانية نظام الوساطة بالمغرب" م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪17‬‬
‫‪ 46‬محمد سالم الطرق البديلة لتسوية النزاعات ودورها في تخفيف العبء على القضاء وتحقيق التنمية واالقتصادية‪ ،‬م س ص‪22‬‬
‫‪ 47‬وزية زيهو" الوساطة والصلح‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬ص‪100‬‬

‫‪20‬‬
‫نزاعاتهم‪ ،‬وفي حالة عدم قيامه بهذا الدور يمكن له أن يقوم بتعيين وسيط من أجل القيام بهذه‬
‫المهمة على أن يقوم بتحديد المدة التي يجب أن تتم خاللها هذه الوساطة‪.‬‬
‫دور المحامي في الوساطة األسرية‪:‬‬
‫للمحامي دور فعال في إنجاح عملية الوساطة األسرية‪ ،‬لكونه يتملك قدرة كبيرة على إقناع‬
‫موكله بجدوى اللجوء إلى هذه اآللية من أجل تصفية نزاعاته األسرية دون اللجوء إلى القضاء‬
‫عن طريق اطالعه على ميزات هذه الوساطة وكذا ضماناتها التي من شأنها أن تجنبه الدخول‬
‫في مسطرة قضائية‪ ،‬قد تطول مدتها‪ ،‬وبالتالي تنقل كامله تكاليفها‪...‬‬
‫زيادة على هذا يمكن للمحامي أن يمارس بنفسه دور الوسيط في الوساطة األسرية‪ ،‬عندما‬
‫يتعلق األمر باألنظمة التي تأخذ بالوساطة االتفاقية‪ ،‬أو تأخذ بالوساطة الفضائية شريطة أال‬
‫يكون المحامي الوسيط وكيال ألحد األطراف في نفس القضية‪.48‬‬

‫‪ 48‬محمد الفالقي" الصلح والطرق البديلة لتسوية النزاعات االسرية‪ ،‬رسالة انيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة ‪.2008‬‬

‫‪21‬‬
‫خـــــاتمة‪:‬‬
‫األصل في تنظيم األسرة هو المودة والرحمة واالستثناء هو الزجر الذي هدف من خالله‬
‫المشرع ردع بعض التجاوزات والممارسات الالمسؤولة‪ ،‬إال أن الواقع أثبت ضعفه في إعادة‬
‫بناء األسرة المغربية الن المجال األسري مجاال ال يخلوا من اإلشكاالت ولعل الموضوع الذي‬
‫درسناه من بين أهمها‪ ،‬وبالتالي يعد تطبيق عقوبات سالبة للحرية على المحكوم عليهم من أشد‬
‫المظاهر التي تؤثر سلبا في العالقات األسرية‪ ،‬وعليه فإن فعالية تنفيذ الجزاء الجنائي في‬
‫قضايا األسرة إن كانت ضمان ا ألداء نفقة المحكوم لهم فإنها ال تؤدي إلى ضمان استقرار‬
‫العالقة بين أفراد األسرة‪ .‬لذلك عمل المشرع على سلوك الحلول البديلة المتمثلة في الصلح‬
‫والوساطة كأنظمة بديلة لتسوية المنازعات األسرية‪ ،‬إال أن نجاح هذه التجربة رهين بتوعية‬
‫الفاعلين في الحقل القضائي والقانوني والمجتمع المدني‪ ،‬إضافة إلى المشاركة اإليجابية‬
‫لوسائل اإلعالم بضرورة ركوب قاطرة الحلول البديلة لتالفي تراكم القضايا بمحاكمنا‪ ،‬والن‬
‫األسرة هي الركيزة االساسية لبناء المجتمع‪ ،‬ففسادها يفسده‪ ،‬وصالحها يصلحه بأسره‪ ،‬ويجب‬
‫التعامل معها بشكل عقالني‪ ،‬في اختيار القوانين التي تنظمها‪ ،‬والطابع الزجري للقانون المنظم‬
‫لألسرة إنما هو وليد جديد ‪ ،‬فقد كانت األسرة ‪ -‬قديما بحكم التقاليد واألعراف ال تلجأ للقانون‬
‫لمعالجة مشاكلها بل بالنصح والصلح‪ ،‬وردع الزوجة من قبل والديها‪ ،‬وإرجاعها رغما عنها‬
‫إلى بيت زوجها‪ ،‬باعتبار أن العالقة الزوجية يمكن أن تواجهها مشاكل ونزاعات وهذا الشيء‬
‫طبيعي‪ ،‬إذن يجب على الطرفين الحفاظ على هذا الكيان بالصبر والحكمة‪ ،‬قال تعالى في كتابه‬
‫س ُكنُوا ‪ -‬إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن‬ ‫س ُك ْم أ َ ْز َوا ًجا َلت َ ْ‬
‫"ومن آياته أن خلق لَكُم َم ْن أَنفُ ِ‬
‫في ذلك آليات لقوم يتفكرون "‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫عبد السالم بنحدو ‪" :‬الوجيز في القانون الجنائي المغربي"‪ ،‬مطبعة الوراقة‬ ‫•‬
‫الوطنية مراكش‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬سنة‪. 2004‬‬
‫العلمي عبد الواحد‪" :‬شرح القانون الجنائي المغربي"‪ ،‬القسم العام‪ ،‬طبعة‬ ‫•‬
‫الثالثة سنة ‪ ،2005‬الرباط‪،‬‬
‫•سعيد أزكيك " إهمال االسرة في التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة دار النشر الهالل‬
‫العربية‪ ،‬الرباط‪،1992 ،‬‬
‫•يوسف كرواوي‪' :‬جزاء عدم تنفيذ الزوج للحكم القاضي عليه بالنفقة لزوجته‬
‫بين الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي"‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬العدد ‪ 26‬ماي ‪.2010‬‬
‫•عبد الواحد العلمي" شروح في القانون الجنائي المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء‬
‫االول‪ ،‬الطبعة االولى سنة ‪ 2006‬الدار البيضاء‪. ،‬‬
‫•المشراوي نعيمة‪ ".‬جريمة إهمال االسرة في التشريع المغربي‪ ،‬بحث نهاية‬
‫التدريب بالمعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ 20‬الرباط‬
‫•أمينة الدوحاوي " جريمة إهمال االسرة" بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي‬
‫للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،24‬الرباط ‪. 1996‬‬
‫•عصام الهاشني" المصطفى عمراني" جنحة إهمال االسرة بين التشريع والقضاء"‬
‫بحث نهاية التدريب في المعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪،33‬الرباط ‪.2005‬‬
‫• حفيظة توتة" دور النيابة العامة في المجال االسري‪ :‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في الحقوق شعبة القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية مراكش سنة الجامعية ‪،2010/2009‬‬
‫نبيل العطار" جرائم إهمال االسرة بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬بحث نهاية‬ ‫•‬
‫التدريب المعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،37‬فترة التدريب ‪2013/2011‬الرباط‪.‬‬
‫• فاطمة الزهراء العوني" جريمة إهمال االسرة في القانون المغربي" رسال‬
‫لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪.2014/2013 ،‬‬

‫‪23‬‬
‫• أمينة العتيوي‪ ":‬شرعية تنفيذ الجزاء الجنائي" أطروحة لنيل دكتوراه الدولة‬
‫في القانون الخاص جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية مراكش‪ ،‬السنة ال جامعية‪.2005/\2004‬‬
‫سومية غزالي" الطابع الزجري لمدونة االسرة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬ ‫•‬
‫المتخصص في المهن القضائية والقانونية‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي الرباط‪.2010 ،‬‬
‫• محمد الكشبور" شرح مدونة االسرة‪ ،‬الجزء االول"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة االولى سنة‪،2006‬‬
‫• فاطمة الزهراء القيسي‪ :‬دور الصلح في حماية األسرة ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬سنة ‪.2006/2007‬‬
‫محمد الفالقي ‪ " :‬الصلح والطرق البديلة لتسوية النزاعات األسرية"‪،‬‬ ‫•‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث‬
‫في تشريعات األسرة والهجرة كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة سنة ‪2008‬‬
‫الحسين بويقين‪ :‬مدى إمكانية نظام الوساطة بالمغرب"‪ ،‬مجلة المرافعة عدد‬ ‫•‬
‫‪ 15، 14‬دجنبر ‪،2004‬‬

‫‪24‬‬
‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪1 ............................................................................................ :‬‬


‫المطلب األول‪ :‬التنظيم الزجري لجريمة إهمال األرسة ‪3 .....................................‬‬
‫والتدابي الوقائية الشخصية ‪3 .............‬‬
‫ر‬ ‫الفقرة األوىل‪ ،‬العقوبات األصلية واإلضافية‬
‫اوال‪ :‬العقوبات االصلية واالضافية ‪3 ........................................................‬‬
‫التدابي الوقائية الشخصية ‪5 ..........................................................‬‬
‫ر‬ ‫تانيا‪:‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الدفوعات‪7 .................................................................... :‬‬
‫ر‬
‫المشيكة‪7 ................................................................. :‬‬ ‫أوال‪ :‬الدفوعات‬
‫ثانيا‪ ،‬الدفوعات الخاصة باإلهمال الماىل ‪7 ................................................‬‬
‫المطلب الثان‪ :‬إشكالية تطبيق مقتضيات الزجرية لحماية االرسة والحلول البديلة كآليات‬
‫لحل اليعات االرسية‪10 ...........................................................................‬‬
‫الفقرة االوىل‪ :‬إشكالية تطبيق مقتضيات الزجرية لحماية االرسة ‪10 .....................‬‬
‫الت تحول دون التطبيق السليم لنصوص إهمال‬ ‫أوال‪ :‬اإلشكاالت العملية والقانونية ر‬
‫االرسة‪10 ........................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬إشكالية تطبيق عقوبة الحبس كجزاء ف جنحة إهمال االرسة ‪13 ...............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الطرق البديلة كآليات لحل اليعات االرسية ‪15 ............................‬‬
‫أوال‪ :‬الصلح كألية لحل الياعات االرسية ‪15 ...............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الوساطة كألية لحل المنازعات االرسية ‪18 ..........................................‬‬
‫خ ـ ــاتمة‪22 .......................................................................................... :‬‬
‫الئحة المراجع‪23 ................................................................................. :‬‬

‫‪25‬‬

You might also like