Professional Documents
Culture Documents
الفوج الرابع
وحدة :قضايا األسرة والقانون الجنائي
2023/2024
0
مقدمة :
تعتبر األسرة الركيزة األساسية للمجتمع ،كما تساهم إلى حد كبير في تحقيق تنمية بشرية
مستدامة ،إال أن هذه المكانة المتميزة التي تحظى بها تتخللها بعض اإلكراهات في حالة اختالل
التوازن داخل كيان األسرة ،فامتناع الزوج عن أداء نفقة زوجته وأبناءه أو تملصه من القيام
بالواجبات المفروضة عليه أثناء قيام العالقة الزوجية أو حتى بعد انحاللها ،يعد حسب مدونة
األسرة إخالال بالواجبات الزوجية ،أما بالرجوع إلى مجموعة القانون المغربي فإن المشرع
اعتبر ذلك جنحة إهمال األسرة وعاقب عليها بعقوبة حبسية إضافة أو عقوبة مالية.
وبالرجوع إلى العلة في تجريم االمتناع عن أداء نفقة الزوجة أو األبناء ،فإن المشرع يراعي
في ذلك قدسية العالقة الزوجية وما يترتب عنها من مسؤوليات يتحملها الزوجين ،حيث أفرز
لهذه المؤسسة حماية جنائية تتجلى في تحريك الدعوى العمومية ضد المهمل ألسرته والحكم
عليه باألداء أو اإلبراء.
ويكتسي موضوع فعالية الجزاء الجنائي في جريمة إهمال األسرة أهمية بالغة في العديد من
المجاالت ،فمن الناحية االجتماعية نجد أنه يكتسي أهمية اجتماعية من حيث الحفاظ على
حقوق الزوجة وعلى حقوق األبناء أثناء أو بعد انحالل العالقة الزوجية ،ويتمثل ذلك من
خالل أداء الزوج للواجبات عن طواعية أو بإكراه عن طريق تفعيل الجزاء في حقه ألن
حقوق األبناء ال تقبل أي مزايدات أو تماطل من طرف اآلباء والعكس بالعكس صحيح،
كما يشكل أهمية بارزة من الناحية القانونية وذلك من خالل تنصيص مدونة األسرة على
تفعيل جزاء إهمال األسرة بمجرد التوقف عن أداء النفقة لمدة شهر دون عذر مقبول ،كما
أفرد المشرع فرعا خاصا بإهمال األسرة في مجموعة القانون الجنائي.
وأيضا تبرز له أهمية علمية من حيث اعتباره موضوعا يستوجب تعميق البحث فيه ألجل
الوصول إلى حلول أكثر سالسة وفاعلية ،ألن تفعيل الجزاء الجنائي في مجال األسرة قد
يؤدي إلى المساس بعمق اإلصالح األسري.
ولعل الموضوع قيد الدراسة والتحليل يطرح إشكاال جوهريا يتمثل في مدى نجاعة تفعيل
الجزاء الجنائي في القضايا األسرية ،وبما أن األسرة هي المصلحة الواجب حمايتها داخل
أي مجتمع فإن إثبات فعالية زجر مرتكبي جرائم إهمال األسرة يظل غاية هذا الموضوع،
ويطرح هذا اإلشكال العديد من التساؤالت :
-ما هي العقوبات الزجرية التي يحكم بها على الشخص المهمل ألسرته؟
-كيف يمكن الحد من الحكم بالعقوبات السالبة للحرية واستبدالها بعقوبات بديلة؟
-هل كان المشرع المغربي موفقا في تجريم االمتناع عن أداء النفقة الواجبة؟
1
لإلجابة عن اإلشكال الذي يثيره الموضوع واألسئلة المتفرعة عنه ارتأينا اعتماد المنهج
التحليلي من خالل تحليل بعض النصوص القانونية التي تؤطر جريمة إهمال األسرة،
وإبراز مدى نجاعتها وفعاليتها في الحد من هذه الجريمة كما سنعتمد منهج استداللي من
حيث رصد بعض المالحظات ومقارنتها بإحصائيات المحكوم عليهم بعقوبات سالبة
للحرية في جرائم إهمال االسرة.
ولدراسة هذا الموضوع سنعتمد التصميم التالي:
المطلب األول :التنظيم الزجري لجريمة إهمال األسرة
المطلب الثاني :إشكالية تطبيق مقتضيات الزجرية لحماية االسرة والحلول البديلة
كآليات لحل المنازعات االسرية
2
المطلب األول :التنظيم الزجري لجريمة إهمال األسرة
ترتكز أهم أهداف العقوبة المخصصة لجنحة إهمال األسرة في ردع كل من سولت له نفسه
االعتداء على كيان األسرة وتفكيكها ،لذلك عمد المشرع المغربي إلى تقسيم هذه العقوبات إلى
عقوبات أصلية وأخرى إضافية وتدابير وقائية شخصية حتى تحقق الغرض المرجو منها،
وفي نفس الوقت منح للمتهم في إطار دفاعه عن نفسه أن يلجأ إلى بعض الدفوعات إليقاف
أو إسقاط التهمة المنسوبة إليه والتي يمكن إجمالها في كل من الدفوعات المشتركة والدفوعات
الخاصة.
وللحديث بتفصيل عن هذا التنظيم الزجري سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فقرتين حيث
سنتطرق في (الفقرة األولى) للعقوبات والتدابير الوقائية الشخصية المتعلقة بهذه الجنحة فحين
سنخصص (الفقرة الثانية) الدفوعات المتعلقة بها.
الفقرة األولى ،العقوبات األصلية واإلضافية والتدابير الوقائية الشخصية
تعتبر العقوبة والتدابير الوقائية الشخصية أهم أثر من اآلثار الجنائية 1التي تترتب عن
ارتكاب جريمة ما ،وتهدف إلى ردع المجرم وإعادة تأهيله.
اوال :العقوبات االصلية واالضافية
تنقسم العقوبات في التشريع الجنائي المغربي حسب المادة 14إلى عقوبات أصلية وأخرى
إضافية ،والفيصل بينهما هو أن األولى يجوز الحكم بها وحدها دون أن تتوقف على الحكم
بعقوبة أخرى ،لما العقوبة اإلضافية فإنه ال يمكن الحكم بها وحدها وإنما تضاف لزوما إلى
عقوبة أصلية ،2وذلك هو الشأن بالنسبة لجنحة إهمال األسرة حيث حدد لها المشرع المغربي
حسب الفصول 479و 480و 482من القانون الجنائي عقوبة أصلية و إضافية
أ) العقوبات االصلية:
تعتبر جنحة إهمال األسرة من الجنح الضبطية التي أقر لها المشرع المغربي عقوبة خاصة
بها حددها في الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 200إلى 2000درهم أو بإحدى هاتين
العقوبتين فقط كل من ارتكب جنحة إهمال بيت األسرة ،واإلهمال المالي .فحين أفرد لجنحة
اإلهمال المعنوي لألبناء عقوبة خاصة بها عندها في الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من
200إلى 500درهم يحكم بها لزوما مع العقوبة الحبسية ،وذلك ما أكده الفصل 482من
القانون الجنائي الذي جاء فيه "يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة وغرامة من 200إلى
500درهم".
1 .عبد السالم بنحدو " :الوجيز في القانون الجنائي المغربي" ،مطبعة الوراقة الوطنية مراكش ،الطبعة الخامسة ،سلة 2004ص 279
2 .العلمي عبد الواحد" :شرح القانون الجنائي المغربي" ،القسم العام ،طبعة الثالثة سنة ،2005الرباط ،ص387
3
فهذا الفصل جاء صريحا في وجوب الحكم بالعقوبة الحبسية والغرامة وذلك على عكس
باقي جنح إهمال األسرة التي خير فيها المشرع المغربي هذا األمر ،حيث بالرجوع إلى
الفصلين 3479و 4480ق.ج نجده يؤكد هذا المعطى.
إال أنه بالرجوع إلى مقتضيات هذا الفصل األخير نجده ينص على استثناء وحيد فيما يخص
هذه العقوبة ،والتي ال يتم التخيير فيها ما بين عقوبة الحبس والغرامة حيث يكون الحكم فيها
بالحبس حتميا أال وهي حالة العود ،والتي يتم فيها استبعاد تطبيق مقتضيات العود الواردة في
الفصول من 154إلى 160من القانون الجنائي ذلك أن ارتكاب جنحة جديدة بعد حكم نهائي
سالف يضع مرتكب الجنحة في حالة العود كيفما كانت العقوبة التي صدرت في حقه في الحكم
األول ، 5وهذا على خالف باقي جنح إهمال األسرة التي يتم فيها االحتكام فيما يخص العود
إلى مقتضيات الفصول 154إلى 160من القانون الجنائي.
زيادة على هذا فإن المشرع المغربي فيما يخص تنظيم جنحة إهمال األسرة فإنه لم ينص
صراحة على ظروف التخفيف ،وهذا ما قد يؤدي إلى عكس دور العقوبة ،وفي هذا الصدد
يرى األستاذ مبارك السعيد بن القائد أنه من المالئم الحكم بعقوبة الحبس مع وقف تنفيذها،
حتى ال يحرم اآلثم من موارد عمله ،ويلزم فعال بأداء النفقة ،كما أنه ليس من المالئم الحكم
عليه بأقصى الغرامة ،حتى ال يؤثر ذلك على حقوق المستفيد من النفقة.
وتجدر اإلشارة أن عقوبة الحبس المنصوص عليها في نصوص جنح إهمال األسرة تخالف
مقتضيات الفصل 636من قانون المسطرة الجنائية التي تمنع تطبيق عقوبة الحبس بين أفراد
األسرة واألقارب ،لذلك فإنه من الالزم على المشرع المغربي في جنح إهمال األسرة أن يحذو
حذو الفصل 636ق.م.ج بأن يزيل عقوبة الحبس فيها وأن يكتفي فقط بالغرامات ،ذلك أنه
على مستوى العمل القضائي نجد أن أغلب األحكام وخصوصا جنح اإلهمال المالي ،يتم الحكم
فيها على المتهم بعقوبة الحبس ،حتى لو أثبت عجزه عن أداء النفقة عن طريق إدالئه بالشواهد
اإلدارية ،6وهذا ما أكدته بعض األحكام الصادرة عن المحكمة االبتدائية بمراكش التي جاء
في أحدها أنه تم الحكم على متهم جنحة إهمال األسرة عن طريق إمساكه عن دفع النفقة في
موعدها المحدد لعجزه بالحبس من شهر واحد وغرامة نافذة قدرها 400درهم مع تحميله
الصائر واإلجبار في الحد األدنى ،7وفي حكم آخر تم الحكم فيه على متهم جنحة إهمال األسرة
عن طريق إمساكه عمدا ولعجزه عن أداء النفقة في موعدها المحدد بشهرين حبسا نافذا
وغرامة نافذة قدرها 500درهم مع تحميله الصائر واإلجبار في األدنى.8
3ينص الفصل 479ق.ج على أنه "يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من 200إلى 2000درهم اوبإحدى هاتين العقوبتين فقط
4ينص الفصل 480ق.ج على أنه "يعاقب بنفس العقوبة من صدر عليه حكم نهائي أو قابل للتنفيذ المؤقت بدفعه نفقة إلى زوجه أو أحد أصوله
".أو فروعه ،وأمسك عمدا عن دفعها في موعدها المحدد وفي حالة العود يكون الحكم بعقوبة الحبس حتميا
5سعيد أزكيك " إهمال االسرة في التشريع المغربي ،مطبعة دار النشر الهالل العربية ،الرباط ،1992 ،ص .69
6يوسف كرواوي' :جزاء عدم تنفيذ الزوج للحكم القاضي عليه بالنفقة لزوجته بين الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي" ،مجلة القصر ،العدد 26
.ماي 2010ص 180
7ملف جنحي تلبسي رقم 4562/2105/13حكم صادر بتاريخ 09/09/2013غير منشور.
8ملف جنحي تلبسي رقم 4717/2105/2013حكم صادر بتاريخ 13شتنبر 2013غير منشور
4
ب) :العقوبات اإلضافية
تكون العقوبة إضافية حسب الفصل الثاني من المادة 14من القانون الجنائي عندما ال يسوغ
الحكم بها وحدها ،أو عندما تكون ناتجة عن الحكم بعقوبة أصلية.9
وبالرجوع إلى المادة 482من القانون الجنائي المتعلقة بجنحة اإلهمال المعنوي لألبناء
تجدها تنص على أنه يجوز عالوة على ذلك ،أن يحكم على مرتكب الجريمة بالحرمان من
واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40من خمس سنوات إلى عشر" ،وحسب
الفصل 40من القانون الجنائي نجد ينص على أنه يجوز للمحاكم في الحاالت التي يحدها
القانون ،إذا حكمت بعقوبة جنحيه أن تحرم المحكوم عليه ....من الحقوق الوطنية أو المدنية
أو العائلية المنصوص عليها في الفصل ".26
زيادة على هذا فإنه يحق للشخص المتضرر من جنحة إهمال األسرة أن يتقدم لدى المحكمة
التي ثبت في هذه الجنحة أو لدى المحكمة المدنية المختصة بها أن يطالب بتعويض عن
األضرار المادية والمعنوية التي لحقته جراء حدوث هذه الجريمة ،لهذا فللضحية الحق في
طلب التعويض عن الضرر الذي لحقه من جراء الحرمان من النفقة ،الحضانة أو المساكنة.10
تانيا :التدابير الوقائية الشخصية
تعتبر التدابير الوقائية من أهم تجليات الفكر الجنائي المعاصر ،إذ لم يعد يقتصر التشريع
الجنائي على العقوبات لوحدها وإنما أصبح يعتمد كذلك على نظام التدابير الوقائية للوصول
إلى المحافظة على المصالح الجماعية والفردية ،وهناك تدابير وقائية شخصية يمكن تطبيقها
في مجال االسرة وهي:
أ) منع المحكوم عليه من االتصال بالضحية:
يمكن تطبيق هذا التدبير الوقائي في جريمة اهمال االسرة وبالرجوع الى مقتضيات الفصل
111-88والذي يقر على انه في حالة اإلدانة من أجل جرائم التحرش أو االعتداء أو االستغالل
الجنسي أو سوء المعاملة أو العنف ضد المرأة أو القاصرين ،أيا كانت طبيعة الفعل أو مرتكبه،
يمكن للمحكمة الحكم بما يلي:
1-منع المحكوم عليه من االتصال بالضحية أو االقتراب من مكان تواجدها ،أو التواصل
معها بأي وسيلة ،لمدة ال تتجاوز خمس سنوات ابتداء من تاريخ انتهاء العقوبة المحكوم بها
عليه أو من تاريخ صدور المقرر القضائي ،إذا كانت العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها
موقوفة التنفيذ أو غرامة فقط أو عقوبة بديلة.
9عبد الواحد العلمي" شروح في القانون الجنائي المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء االول ،الطبعة االولى سنة 2006الدار البيضاء ،ص .409
10 .المشراوي نعيمة ".جريمة إهمال االسرة في التشريع المغربي ،بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء ،الفوج 20الرباط 1993ص .47
11تمم بالمادة 5من القانون رقم 103.13المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.19 .بتاريخ 22فبراير
،2018.الجريدة الرسمية عدد 6655بتاريخ 12مارس ،2018ص 1449
5
يضع الصلح المبرم بين الزوجين حدا لتنفيذ المنع من االتصال بالضحية؛
أعاله أو أثناء تنفيذ العقوبة 12
2-خضوع المحكوم عليه ،خالل المدة المشار إليها في البند
السالبة للحرية ،العالج نفسي مالئم.
يمكن أن يتضمن المقرر القضائي بالمؤاخذة األمر بتنفيذ هذا التدبير مؤقتا ،بالرغم من
استعمال أي طريق من طرق الطعن .يجوز للمحكمة أن تحكم بمنع المحكوم عليه من االتصال
بالضحية أو االقتراب من مكان تواجدها أو التواصل معها بصفة نهائية ،على أن تعلل قرارها
بهذا الشأن".
وبالرجوع الى الفصل 88مكر 3يجوز للنيابة العامة أو لقاضي التحقيق ،أو للمحكمة عند
االقتضاء أو بطلب من الضحية في حالة المتابعة من أجل الجرائم المشار إليها في الفصل -1
88أعاله ،األمر بمنع الشخص المتابع من االتصال بالضحية أو االقتراب من مكان تواجدها،
أو التواصل معها بأي وسيلة ،ويبقى هذا األمر ساريا إلى حين بت المحكمة في القضية.
قد يعمد الجاني إلى خرق التدبير المحكوم به عليه ،وذلك باتصاله بالضحية أو التواصل
معها بأي وسيلة من الوسائل أو االقتراب منها ،لذلك فقد جرم القانون نفسه خرق هذا التدبير
وذلك بجعله جريمة يعاقب عليها بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من ألفي درهم
إلى عشرين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين الفصل 323-1من القانون الجنائي.
ب) اخضاع المحكوم عليه لعالج نفسي مالئم:
يخضع المحكوم عليه في جريمة اهمال االسرة الى عالج نفسي مالئم كما هو منصوص
عليه في الفصل 88مكرر " 2يعد الطبيب المعالج تقريرا عن تطور حالة المحكوم عليه
بالخضوع للعالج ،كل ثالثة أشهر على األقل ويوجهه إلى قاضي تطبيق العقوبات ،للتأكد من
تحسن سلوكه وتفادي من عودته إلى نفس األفعال التي أدين من أجلها.
إذا استقر رأي الطبيب المعالج على إنهاء هذا التدبير قبل الوقت المحدد له فإنه ،يخطر قاضي
تطبيق العقوبات بواسطة تقرير منفصل يبرر ذلك.
يجب إشعار الضحية بنتيجة تقرير الطبيب المعالج بقرار للقاضي المكلف بتطبيق العقوبة".
12الفصل "323-1يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من 2.000إلى 20.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين ،من خرق تدبير
المنع من االتصال بالضحية أو االقتراب منها أو التواصل معها بأي وسيلة ،أو رفض الخضوع لعالج نفسي مالئم تطبيقا للفصول 88-1و88-3
".أعاله
6
الفقرة الثانية :الدفوعات:
تعتبر الدفوعات وسيلة من وسائل إيقاف الدعوى العمومية اوإسقاطها ،وهي في جنحة إهمال
األسرة تنقسم إلى دفوعات مشتركة وأخرى خاصة .فيقصد باألولى أنها تكون مشتركة في
خصائصها بين مختلف الجنح المتعلقة بإهمال األسرة ،أما الثانية فتكون خاصة بكل جنحة
على حدة.
أوال :الدفوعات المشتركة:
تتميز هذه الدفوعات بكونها تكون مشتركة في خصائصها بين جميع صور جنح إهمال األسرة
حيث يتم االستعانة بها إليقاف الدعوى العمومية أو إسقاطه وتتمثل هذه الدفوعات في
1-التنازل عن الشكاية
يشكل سحب الشكاية أو التنازل عنها وسيلة من وسائل دفع سير الدعوى العمومية
وإسقاطها ،ويتم هذا السحب أو التنازل من طرف صاحب الحق فيها كاألم أو األب في جنحة
اإلهمال إقامة األسرة ،والزوجة في جنحة إهمال المرأة الحامل ،وكذا ذوي الحقوق في جنحة
اإلهمال النقدي ،أما بالنسبة لإلهمال المعنوي لألبناء فإنه ال يتم تطبيق هذه القاعدة وهكذا فإنه
يتم دفع هذه الدعوى بمجرد سحب الشكاية أو التنازل عنها ،إال أنه ال يتم قبول هذا الدفع إذا
كان الحكم الصادر في هذه الجنح قد اكتسبت قوة الشيء المقضي به.13
2-نفي النسب
يحق للمحكوم عليه بجنحة إهمال األسرة أن يلجأ إلى مسطرة نفي النسب لدفع التهمة
المنسوبة إليه عن طريق الطعن فيه ،فإذا تمكن من نفيها فإنه يتم إسقاط التهمة عنه ،أما إذا
ثبت العكس فإنه يتابع ،وتعد مسطرة نفي النسب وسيلة من وسائل دفع سير الدعوى العمومية،
بحيث تقوم المحكمة بااللتجاء إليه كلما طلب منها ذلك ،عن طريق إحالة البث فيها إلى المحاكم
المدنية التي تصدر حكما فيها يقضي إما بتبرئة أو إدانة المحكوم عليه بجنحة إهمال األسرة
أمام المحاكم الزجرية.
ثانيا ،الدفوعات الخاصة باإلهمال المالي
تشمل هذه الدفوعات كل دفع خاص بجنحة اإلهمال المالي لألسرة والمتمثلة
1-األداء المؤخر للنفقة
إن تقاعس المحكوم عليه في أداء النفقة الموجبة عليه في وقتها المحدد ال يوقف مبدئيا
ممارسة الدعوى العمومية إذا كان مؤخرا ،ذلك أنه على مستوى الواقع العملي تعمد النيابة
العامة إلى عدم متابعة المدين المتأخر عن أداء التزامه مراعاة لظروفه االجتماعية بأن يقوم
أمينة الدوحاوي " جريمة إهمال االسرة" بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء ،الفوج ،24الرباط .1996الصفحة .65 13
7
باألداء مستقبال ،إال أن هذا األمر أثار لديها العديد من اإلشكاالت ذلك أن بعض الملزمين
يؤدون قسطا من النفقة لتبيان حسن نيتهم ثم بعد ذلك يتراجعون عن األداء ،ويبدؤون بالمماطلة.
لذلك فإنه من األحسن واألجدر على المحكوم عليه بأن يؤدي مبلغ هذه النفقة بصورة كاملة.
2-انقضاء االلتزام بالنفقة
إن انقضاء التزام بالنفقة بعد سببا من أسباب توقف الدعوى العمومية ،وسقوطها ذلك أن
النفقة تستمر حسب الفصل 14198من مدونة األسرة إلى حين بلوغ االبن من الرشد أو سن
25سنة إذا كان ال يزال يتابع دراسته ،أما البنت إلى حين تزوجها أو حصولها على عمل
قار ،ونتيجة لذلك فإن الدعوى العمومية تسقط إذا ما أثبت المحكوم عليه أنه قد أدى التزامه
المنصوص عليه في الفصل 198من مدونة األسرة.
إضافة إلى هذا فإنه يحق للمحكمة أن تسقط الدعوى العمومية وتوقفها في مواجهة الزوج
إذا أتبت أنه قد انفصل عن زوجته نهائيا – وذلك بعد مرور عدتها-.
3-عدم تبليغ الحكم القاضي بأداء النفقة
إن التبليغ بالحكم الصادر في مواجهة الملتزم بالنفقة شرط أساسي لمتابعته بجنحة اإلهمال،
فإذا لم يبلغ فال قيام لها هذا ما أقره المجلس األعلى "محكمة النقض حاليا" في قرار صادر
علها الذي جاء فيه ":حيث إن جنحة إهمال األسرة ال يمكن أن تقترف إال إذا بلغ الحكم القاضي
15
بأداء النفقة للضنين قانونيا بمثابة إعذار له.
وهكذا فإنه من الالزم تبليغ المحكوم عليه تبليغا قانونيا من أجل متابعته ،وإال فال قيام لهذه
الدعوى.
- 4-اإلبراء من حق النفقة
بعد اإلبراء من حق النفقة سببا من أسباب دفع المتابعة في جنحة اإلهمال المالي لألسرة،
ذلك أنه يحق للزوجة أن تبرئ زوجها من اإلنفاق عليها ،إال أنه ال يحق لها أن تبرته من
اإلنفاق على أبنائه ،في حين يحق لألباء تبرئة أبنائهم من اإلنفاق عليهم وتجب اإلشارة أن
اإلبراء لكي ينتج آثاره يجب أن يكون صحيحا وغير باطل ،ف مثال ال يمكن لألم التي لها
16
الحضانة أن تتخلى عن نفقة ولدها المحصول ،فاإلبراء في هذه الحالة غير قانوني
14المادة 198مدونة األسرة تنص على له تستمر نفقة األب على أوالده إلى حين بلوغهم سن الرشد لو إتمام الخامسة والعشرين لمن يتابع
"دراسته ،وفي كل األحوال ال تسقط نفقة البنت إال بتوفرها على الكسب أو بوجوب نفقتها على زوجها
15قرار منشور بمجلة قضاء مجلس األعلى سنة ،1962المجلد ،1ص ،142مأخوذ من مرجع سعيد ازكيك ،م س ،ص 76
16المشراوي نعيمة ".جريمة إهمال االسرة في التشريع المغربي ،بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء ،الفوج 20الرباط .1993ص 51
8
- 5الدفع الخاص بإهمال الزوجة الحامل
يحق للمحكوم عليه بجنحة إهمال الزوجة الحامل أن يدفع بإيقاف الدعوى العمومية لكون
عقد الزواج الذي يربطه بزوجته باطال أو فاسدا ،وذلك النتفاء صفة الزوج من أجل متابعته
ونفس الشيء بالنسبة إلهمال الزوجة الحامل المطلقة ،حيث يحق للزوج إيقاف دعواه العمومية
في مواجهة مطلقته بحجة أنه طلقها طالقا بائنا أدى إلى انتفاء عالقته بها.
وفي كلتا الحالتين تقوم المحكمة الجنحية بإيقاف النظر في هذه الجنحة إلى حين إصدار
المحكمة المدنية حكمها في هذا الدفع ،وبعدها تقضي باإلدانة إذا كان الزواج صحيحا أو
17
بإطالق سراح الصنين إذا ثبت ادعائه
9
المطلب الثاني :إشكالية تطبيق مقتضيات الزجرية لحماية االسرة والحلول البديلة كآليات
لحل المنازعات االسرية
بعد أن تطرقنا سابقا إلى العقوبات المتعلقة بجنحة االسرة باعتبارها صورة من صور جرائم
االسرة ،كان من الالزم الحديث في هذا المطلب عن إشكالية تطبيق مقتضيات الزجرية لحماية
االسرة في (الفقرة االولى) ،والحلول البديلة كآليات لحل المنازعات االسرية (الفقرة الثانية)
وهذا ما سنقوم بالحديث عنه فيما يلي:
الفقرة االولى :إشكالية تطبيق مقتضيات الزجرية لحماية االسرة
في هذه الفقرة البد من تسليط الضوء عن مختلف االشكاالت التي تعيق تطبيق المقتضيات
الزجرية في المجال االسري ،ونقسم هذه االشكاالت إلى االشكاالت العملية والقانونية التي
تحول دون التطبيق السليم لنصوص إهمال االسرة(اوال) ثم بعد ذلك االنتقال إلى إشكالية
تطبيق عقوبة الحبس كجزاء في جنحة إهمال االسرة(ثانيا).
أوال :اإلشكاالت العملية والقانونية التي تحول دون التطبيق السليم لنصوص إهمال االسرة
تطرح جنحة إهمال االسرة العديد من اإلشكاالت العملية والقانونية التي تحول دون التطبيق
السليم لنصوص هذه الجنحة ،فبالرجوع إلى الفصلين 480و 481من مجموعة القانون
الجنائي ،نجدهما ينصان على ضرورة أن تسبق المتابعة إعذار المخل بالواجب أو المدين
بالنفقة بأن يؤدي ما عليه في ظرف 15يوما ،وأن يتم اإلعذار في شكل استجواب تقوم بيه
الضابطة القضائية بناء على طلب من النيابة العامة.
إال أن المالحظ عل ى مستوى الواقع العملي أن أغلب المحكوم عليهم بهذه الجنحة سرعان
ما يختفون عن االنظار بمجرد منحهم هذه المدة ،لتنهي الضابطة القضائية بحثها بتحرير
مذكرة بحث ضدهم ،وتحيل المسطرة إلى وكيل الملك الذي يقرر بشأنها الحفظ إلى حين إلقاء
القض على المعني باألمر ،لذلك كان لزاما على المشرع المغربي وضع ضمانات إلزامية
لح ضور المتهم خالل هذه المرحلة ،وهنا يجيب تفعيل مقتضيات الوضع تحت المراقبة
القضائية المنصوص عليها في المادة 161من قانون المسطرة الجنائية ،وخصوصا تلك
المتعلقة بتدبير إغالق الحدود باعتباره وسيلة فعالة تضمن حضور المتهم ،وذلك تفاديا لعدم
18
فعالية االقتصار على نشر مذكرة بحث في حق المتهم ،بعد إنذاره باألداء.
أضف إلى هذا فإنه في بعض الحاالت قد يكون اإلشكال ناتجا عن تقاعس جهاز الضابطة
القضائية عن اداء مهامها فيما يخص مسطرة التنفيذ على المحكوم عليه بالنفقة ،بحيث قد
تكون إمكانية التنفيذ في حقه متيسرة لتوفيره على منقوالت وعقارات ،ورغم ذلك يقوم مأمور
التنفيذ بتحرير محضر امتناع بالرغم من وجود أشياء قابلة للحجز ،وهذا ما قد ينعكس سلبا
18عصام الهاشني" المصطفى عمراني" جنحة إهمال االسرة بين التشريع والقضاء" بحث نهاية التدريب في المعهد العالي للقضاء ،الفوج
،33الرباط .2005
10
على الضحية التي قد تعيش مأساة بسبب هذا اإلخالل الذي لم يباشر وفق ما يقتضيه القانون
19
على ما يملكه المحكوم عليه من أشياء قابلة للحجز.
وفي نطاق آخر تعرف جريمة إهمال األسرة على مستوى الواقع العملي مجموعة من
الخروقات فيما يخص جنحة ترك بيت الزوجية المنصوص عليها في الفصل 479من القانون
الجنائي ،ذلك أن الواقع العملي يؤكد لنا أن الذي تتم متابعته كثيرا بمقتضيات هذا الفصل هي
الزوجة ،حيث بمجرد ما أن يتقدم الزوج بشكايته في مواجهة زوجته حول إهمال األسرة ،فإن
النيابة العامة تقوم بمتابعة هذه األخيرة بصرف النظر عما إذا كان لها أبناء أم ال ،وبصرف
النظر عما إذا كان الحكم القاضي عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية يقضي على الزوج بإفراد
سكن لها ،20وهذا ما يتعارض مع ما جاءت به المادة أعاله ،التي تعتبر شرطي وجود األبناء
ومحل اإلقامة كأحد الشروط األساسية إلقامة هذه الدعوى ،لذلك فإنه من الواجب على النيابة
العامة عند تحريكها للمتابعة أن تأخذ بعين االعتبار تطبيق مقتضيات الفصل 479من القانون
الجنائي ،بالطريقة الصحيحة وإال اعتبر ذلك خرقا منها في أنها تمثل المجتمع أمام المحاكم
21
الزجرية.
وفي نطاق أخر تطرح جنحة إهمال األسرة العديد من اإلشكاالت المرتبطة بقوانين خاصة
بمدونة األسرة ،وتأخذ كمثال على هذا أهلية التقاضي المسموح بها لمتابعة مرتكب الجريمة
في جنحة إهمال األسرة ذلك أن المادة 2022من مدونة األسرة تسمح للقاضي المكلف بالزواج
بأن يأذن بزواج القاصرين دون سن األهلية في حين أن المادة 2322من مدونة األسرة تعطي
حق التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات وهذا ما قد يطرح
إشكالية ارتكابهم لهذه الجنحة ذلك أن المادة 458من قانون المسطرة الجنائية تنص على أنه
يتحدد سن الرشد الجنائي ببلوغ ثمان عشرة سنة ميالدية كاملة"..........
وهذا ما يتعارض مع ما جاءت به المادة 22أعالء ،لهذا فإنه ال يجوز نهائيا متابعة الحدث
بهذه الجريمة ما دامت المقتضيات الحمائية التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية تحول دون
إنزال العقاب على هذا الحدث.24
وزارة العدل ،مديرية الشؤون الجنائية" الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء واألطفال سنة ،2010ص .38 19
20حفيظة توتة" دور النيابة العامة في المجال االسري :أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق شعبة القانون الخاص ،جامعة القاضي
عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش سنة الجامعية ،2010/2009الصفحة .231
عبد الواحد العلمي" شروح في القانون الجنائي المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء االول ،الطبعة االولى سنة 2006الدار البيضاء ،الصفحة 21
83
22المادة 20من مدونة االسرة تنص على ما يلي ":لقاضي االسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن االهلية المنصوص
عليه في المادة 19أعاله ،بمقرر معلل يبين فيه المصلحة واالسباب المبرر لذلك ،بعد االستماع ألبوي القاصر أو نائبه الشرعي واالستعانة بخبرة
طبية أو إجراء بحث اجتماعي"
23تنص المادة 22من مدونة االسرة على أن" يكتسب المتزوجان طبقا للمادة 20اعاله االهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي في كل ما يتعلق
بآثار عقد الزواج من حقوق وااللتزامات"...
24نبيل العطار" جرائم إهمال االسرة بين النظرية والتطبيق" ،بحث نهاية التدريب المعهد العالي للقضاء ،الفوج ،37فترة التدريب
2013/2011الرباط ال صفحة.46
11
وفي مثال ثاني نجد إشكاال آخرا يتعلق بالمادة 2من مدونة األسرة والتي تنص فيه "تسري
أحكام هذه المدونة على:
/1-الالجئين بمن فيهم عديمو الجنسية طبقا التفاقية جنيف المؤرخة ب 28يوليوز 1951
المتعلقة بوضعية الالجئين
/2جميع المغاربة ولو كانوا حاملين الجنسية أخرى.
/3العالقات التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا.
/4العالقات التي تكون بين مغربيين أحدهما مسلم"...
فمن خالل استقراء هذه المادة يتبين أنها تتعلق باألشخاص الذين تطبق أو تسري عليهم
أحكامها بما فيها مقتضيات المادة 202التي تحيل على أحكام إهمال األسرة ،إال أنه بالرجوع
إلى مقتضيات المادة 708من قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص على أن" كل فعل له
وصف جنحة في نظر القانون المغربي ارتكب خارج المملكة المغربية من طرف مغربي
يمكن المتابعة من أجله والحكم فيه بالمغرب "........وتنص المادة 710من نفس القانون أن
" كل أجنبي يرتكب خارج أراضي المملكة جناية يعاقب عليها القانون المغربي إما بصفته
فاعال أصليا أو مساهما ،أو مشاركا يمكن متابعته والحكم عليه حسب مقتضيات القانون
الجنائي المغربي إذا كان المملكة".
انطالقا من مقتضيات هاتين المادتين ،نجد أن المشرع المغربي اشترط في المادة 708من
قانون المسطرة الجنائية ،ضرورة صدور فعل الجنحة من طرف الشخص المغربي األصل
من أجل متابعته بهذه الجريمة التي ارتكبها خارج المغربية .ومن هذا المنطلق ،فإنه ال يجوز
متابعة الزوج األجنبي في إطار الزواج المختلط بجنحة إهمال األسرة إذا ما ارتكبها خارج
المغرب ،في حين يجب متابعة زوجه اآلخر المغربي األصل بهذه الجنحة ،وهذا ما يوحي لنا
تعارض هذه المادة مع ضحية هذه الجناية من جنسية مغربية .ما جاءت به المادة 2أعاله
والتي اشترطت أن تسري أحكامها حتى على العالقات التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا.25
أضف إلى هذا فإن المادة 710من قانون المسطرة الجنائية اشترطت أن يكون الفعل
المرتكب من طرف األجنبي عبارة عن جناية ،لذلك فإنه ال يجوز نهائيا معاقبة الشخص
األجنبي بجنحة إهمال األسرة التي ارتكبها في حق شخص مغربي ألن هذه الجريمة تدخل
في نطاق الجنح وهذا ما يتعارض مع ما جاءت به المادة أعاله.
25فاطمة الزهراء العوني" جريمة إهمال االسرة في القانون المغربي" رسال لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة القاضي عياض كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،2014/2013 ،الصفحة .64
12
ثانيا :إشكالية تطبيق عقوبة الحبس كجزاء في جنحة إهمال االسرة
منذ أن أخد التشريع الغربي األوربي بالعقوبات الحبسيه كبديل للعقوبات البدنية التي كانت
سائدة إلى حدود القرن الثامن عشر ،أصبح السجن هو الجواب الرسمي للجريمة ،وقد أدى
تعود النظم الجنائية والمجتمعات على هذه العقوبة إلى تقوية االعتقاد في الدور اإلصالحي
للسجن ،غير أن ارتفاع نسبة اإلجرام وارتفاع نسبة العود أكدا على سذاجة االعتقاد واإليمان
بفعالية الدور اإلصالحي له.26
فإذا ما اعتبرنا أن للسجن دور إصالحي في تقويم المجرم ،فهل يمكن اعتباره وسيلة فعالة
في الحد من جرائم إهمال األسرة؟ وهل فعال له دور جيد في تقويم مرتكب هذه الجريمة على
مستوى الواقع؟ علما أن األسرة هي عماد المجتمع وقاعدة الحياة اإلنسانية ،فإذا أسست على
دعائم راسخة من الدين والخلق والترابط االجتماعي ،فإنها تكون لينة قوية في بنيان األمة
وخلية حية في جسم المجتمع ،ومن تم كان صالحها هو السبيل لصالح األمة ،وفسادها هو
مناط فساد المجتمع وانصهاره.
لذلك ورغبة من المشرع الجنائي في حمايتها من جرائم إهمال األسرة فإنه قد نص على هذه
األخيرة وحدد لها عقوبتها ،إال أنه رغم التنصيص على قواعدها الجنائية فإنها ال تكرس ثقافة
الطابع األخالقي الذي يجب أن تتسم به هذه األسرة ،ذلك أنه إذا كانت القاعدة واألصل في
تنظيم األسرة يندرج في المودة والرحمة لقوله تعالى" :ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم
أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك آليات لقوم يتفكرون"27واالستثناء
هو الزجر -الذي هدف من خالله المشرع ردع بعض التجاوزات والممارسات التي فرضت
نفسها على الواقع -فإن هذا االستثناء أصبح يحل محل القاعدة ويسير عكس إرادة المشرع،
وهذا ما قد يؤدي إلى تفريغ مؤسسة الزواج من محتواها بأن يتحول عقد الزواج إلى عقد
مدني مشروط ،كالدول الغربية التي تسير في هذا المنحى.
فإذا قلنا أن أهمية الزجر تندرج في حماية األسرة من االندثار فإنه لألسف نجد على مستوى
الواقع العملي أن عقوبة الحبس المنصوص عليها في الفصول 480 ،482 ،479من القانون
الجنائي أدت إلى تفكك عدة أسر ،لذلك فما الداعي لألخذ بها ما دامت تؤدي إلى هذه العواقب
28
الوخيمة ،خصوصا وأن أغلب المحكوم عليهم قد يفقدون عملهم وأسرهم ،وحسن سيرتهم
بمجرد ما أن يتم الزج بهم في السجن ...لذلك كان باألخرى على القاضي االكتفاء فقط بعقوبة
الغرامة في هذه الجنحة.
26أمينة العتيوي ":شرعية تنفيذ الجزاء الجنائي" أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،السنة ال جامعية2005/\2004
27سورة الروم ،اآلية 21
28يقصد بفقدان حسن السيرة أنه بمجرد ما يتم إدخال الزوج إلى السجن الرتكابه إلحدى جنح إهمال االسرة يتم ذكر ذلك في سجله العدلي ،وهذا
ما قد ينعكس سلبا على مستقبليه ،بأن يفقد عمله ،التصافه بصفة المجرم ،رغم أن الجنحة التي ارتكبها ال تستدعي ذلك االمر ،بحيث أنه لو ثم
اللجوء إلى حلول أخرى بديلة للحبس لما فقد سمعته العدلية.
13
وهذا مع األخذ بعين االعتبار أن عقوبة الحبس المنصوص عليها في الفصل 480من
القانون الجنائي ،ال تعد إال وسيلة لإلجبار على التنفيذ وليس تنفيذا في حد ذاته ،بحيث إن
الدين ال يمكن أن يحول إلى عقوبة حبسيه في حالة امتناع المحكوم عليه من الوفاء به ،لذا
فإن الزج بالزوج في السجن في اطار مسطرة االكراه البدني ال يعفيه حق أداء الين الذي هو
النفقة ،بل يبقى ملتزما بيه وعالقا في ذمته المالية إلى أن يتم أداؤه من طرفه إما عن اختيار
وطواعية ،فيما ادا اختار الحل السلمي ،أو بواسطة طرق التنفيذ الجبرية العادية التي يمكن
سلوكها فيما بعد في حقه اذا ما بقي متماديا في عناده.29
وفي هذا النطاق فإن أغلب االحكام المصدرة لعقوبة الحبس في جنحة إهمال االسرة ،تتعلق
بجنحة االهمال المالي لها ،ذلك أن باقي الجنح المتعلقة بها قليال ما يتم الحكم فيها بهذه العقوبات
حيث يتم االكتفاء فقط بالغرامة.
فالمالحظ في جنحة اإلهمال المالي لألسرة أن أغلب المحكوم عليهم بهذه الجنحة قد يكونون
معسرين حقا عن أداء التزاماتهم بالنفقة ،وهذا ما يخالف مقتضيات المادة 480من القانون
الجنائي التي اشترطت فيه عنصر اإلمساك العمدي عن األداء من أجل متابعتهم ،فالواقع
العملي قد أثبت سوء استعمال هذا الفصل بحيث أنه بمجرد ما أن يصدر حكم على الملزم
بالنفقة ،ويتم تبليغه بذلك وتحرير محضر االمتناع في حقه ومحضر عدم وجود ما يحجز فإنه
يتم إخضاعه لمسطرة إهمال األسرة مباشرة على الرغم من تصريحه بكونه معصرا وليس
في استطاعته اإلنفاق.30
لهذا فإنه من الالزم على المشرع المغربي أن يلزم الضابطة القضائية بضرورة البحث
بمختلف الوسائل ما إذا كان الملزم بالنفقة معسرا أم موسرا قبل اللجوء لمسطرة إهمال األسرة
وحتى ال يتخذ اإلعسار كحجة للتملص من المسؤولية .زيادة عن هذا فإنه من الالزم القول
في هذا النطاق أن المشاكل قد تحيط باإلنسان دائما ،وقد تصيبه في رزقه ،كما قد تؤدي به
إلى البطالة ،31مما قد يكون معه الزوج عاجزا كليا عن اإلنفاق على أسرته ،لذلك فإنه من
الالزم النظر إليه نظرة ميسرة بدال من الزج به في السجن ،وذلك لقوله تعالى ":وإن كان دو
عسرة فنظرة إلى ميسرة" وقال السرخسي في هذا االتجاه " إن الحبس يكون في حق من
32
ظهر ظلمه ليكون زاجرا له عن الظلم وقد ظهر هنا عذره ال ظلمه فال يحبسه".
وفي هذا النطاق إذا كان القانون يعطي للزوجة الحق في طلب التطليق لعدم اإلنفاق عليها
كما يجيز لها تقديم شكاية ضد زوجها حول إهمال األسرة إن لم يؤد واجب النفقة المحكوم به
29يوسف كرواوي "،جزاء عدم تنفيذ الزوج للحكم القاضي عليه بالنفقة لزوجته ،بين الفقه االسالمي والتقنين المغربي ،ص 109
30سومية غزالي" الطابع الزجري لمدونة االسرة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص في المهن القضائية والقانونية ،جامعة محمد الخامس
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي الرباط ،2010 ،الصفحة .66
31خالد بنيس" النفقة بين الواقع والتشريع" ،دار النشر المعرفة ،طبعة ،1992الرباط ،الصفحة. 66
32يوسف كرواوي "،جزاء عدم تنفيذ الزوج للحكم القاضي عليه بالنفقة لزوجته بين الفقه االسالمي والتقنين المغربي " م،ٍ،ص .103
14
لها وألوالدها ،33فإنه في هذه الحالة يجب أن تأخذ بعين االعتبار عسر زوجها لكي ال يتم
الزج به في السجن 34وبالتالي يحرم من فرصة البحث عن العمل.
إال أن المالحظ على مستوى الواقع العملي أن أغلب الزوجات يعمدن إلى الزج بأزواجهن
في السجن بدال من األخذ بعين االعتبار خطورة هذا األمر ،كما أن بعض األزواج يفضلون
الدخول إلى السجن عن الرضوخ إلى أوامر زوجاتهن وهذا ما قد يعكس فشل السياسة الجنائية
في هذا النطاق ،وذلك النعدام الوعي ولكثرة العود في ارتكاب هذه الجريمة.
فانعدام الوعي لدى األزواج يؤكد لنا فشل الدور اإلصالحي لهذه العقوبة .وفي هذا الصدد
يجب اإلشارة إلى حالة واقعية تقوم فيها الزوجة برفع دعوى أخرى بالنفقة ضد زوجها المعتقل
بهذه الجنحة ،وأمام العجز مرة ثانية عن التنفيذ يتم تحرير محضر بعدم وجود ما يحجز وما
أن يقترب موعد خروج الزوج من السجن حتى يتابع بنفس التهمة األولى في حالة عود قبل
انتهاء المدة المحكوم بها سابقا ،أو بمجرد خروجه منه ليعود إليه مرة ثانية وثالثة ورابعة،
فالعقوبة المرصودة للمهمل في هذه الحالة تكون قاسية بحيث يصبح فيها الزوج ليس مجرد
مدين فقط بل مجرما من ذوي السوابق القضائية.35
لذلك ،فإننا نفضل لو أن المشرع المغربي سلك مسلك نظيره الليبي عندما قرر أن الزوج
المحكوم عليه بالنفقة متى أدى ما تخلف بذمته ،أو قام بتقديم كفيل بديل عنه ألداتها يجب على
الزوجة قبوله لكي ال تنفذ العقوبة في حقه.36أضف إلى هذا فإنه من الالزم الرفع من مستوى
التدخل الفردي لألزواج ،مع األخذ بعين االعتبار لحل هذا اإلشكال.
الفقرة الثانية :الطرق البديلة كآليات لحل النزعات االسرية
إن الطرق البديلة لتسوية المنازعات االسرية ليست الية جديدة ،وإنما هي قديمة ،وكانت
موجودة وفعالة ،بحيث ال يوجد نظام قانوني وقضائي اليوم ال يأخذ بالطرق البديلة لتسوية
النزاعات االسرية ،ألن هذه البدائل أثبتت فعاليتها في حماية االسرة من التفكك والتشرد ،ومن
الجرائم التي يمكن أن تقع عليها مستقبال ،37وتتمثل هذه الوسائل في كل من الصلح( اوال)
وفي الوساطة( ثانيا).
أوال :الصلح كألية لحل النزاعات االسرية
تعد مسطرة الصلح من المساطر المستجدة التي جاءت بها مدونة األسرة والتي لعبت دورا
كبيرا في اإلصالح ما بين األزواج وتشمل هذه المسطرة مجموعة من اآلليات والمؤسسات
التي ساهمت بشكل كبير في تحقيق وإنجاز هذا اإلجراء وتتجلى في:
خالد بنيس " النفقة بين الواقع والتشريع" ،م ،س ،ص 51 33
قد يؤدي الزج بالزوج في السجن إلى حرمانه من فرصته في تسديد ديونه ذلك أن أغلب 34
خالد بنيس "قوانين االسرة بين الواقع والتشريع" مطبعة دار النشر والمعرفة الرباط ،طبعة ،1993ص .96 35
محمد الكشبور" شرح مدونة االسرة ،الجزء االول" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة االولى سنة ،2006ص .355 36
37
15
-1-دور المحكمة في إصالح ذات البين:
لقد أعطت مدونة األسرة لقضاء األسرة سلطات واسعة خالفا لما عليه األمر في مدونة األحوال
الشخصية ،وجعلت من قاضي األسرة ليس ذلك القاضي الذي يكيف الوقائع ويطبق عليها
النصوص القانونية ،بل جعلته حاميا لها ومجتهدا في ابتكار الوسائل واإلجراءات من أجل
تحقيق ما فيه صالح وإصالح لألسرة .وهكذا فإذا كانت المهمة األساسية والتقليدية للقاضي
هي الفصل في النزاعات بإصدار أحكام موافقة للقانون والعدالة ،فإن مدونة األسرة قد أسندت
للقاضي مهمة أخرى تتمثل في إصالح ذات البين بين األزواج المتنازعة ،ووظيفته في هذا
اإلطار شبيهة بعمل الطبيب الذي يبحث عن مكامن الداء ليصف له الدواء المناسب من خالل
جلسات العالج التي قد تتكرر ،ويتعلق األمر بمحاوالت الصلح التي يزيد عددها بوجود
األطفال إلى محاولتين لإلصالح تفصل بينهما مدة ال تقل عن ثالثين يوما.
ونتيجة لذلك فإذا تقدم أحد األزواج بطلب من أجل الحكم له بالطالق أو التطليق نتيجة إهمال
أحدهما لآلخر ،فإن المحكمة تقوم حسب المادة 81والمادة 113من مدونة األسرة باستدعاء
الزوجين لمحاولة اإلصالح بينهما ،فإذا حضرا يقوم القاضي باالستماع إليهما في غرفة
المشورة ،وذلك حفاظا على أسرارهم من أجل معرفة جوهر النزاع القائم بينهما .وإذا ما بدا
للقاضي خالل المناقشة الدائرة بينهم أن المصلحة تقضي تأخير القضية إلى جلسة أخرى حدد
لهما موعدا لجلسة صلح ثانية .لكن إذا استطاع إقناعهما بتفاهة الخالف الواقع بينهما وحصل
التصالح ،حرر محضرا يثبت االتفاق على الصلح وينهي بذلك النزاع.
وهكذا فإذا تمكن القاضي التوفيق ما بين الزوجين فإنه يقي هذه األسرة من التفكك والتشرد،
وخصوصا بالنسبة لألبناء الذين يكونون أكثر عرضة لهذا الخطر .لذلك فالمشرع المغربي قد
أحسن صنعا عندما أدرج هذه اآللية كوسيلة لحماية األسرة
2مؤسسة الحكمان ودورهما في الصلح بين الزوجين:
يقول هللا سبحانه وتعالى في كتابه العزيز "وإن خفتم شق اق بينهما ف ابعثوا حكما من أهله وحكما
من أهلها إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما" .،38انطالقا من هذه اآلية الكريمة يتضح لنا المرجعية
الدينية لمؤسسة الحكمين التي يتم اعتمادها كآلية من أجل التوفيق ما بين األزواج في حالة
حصول نزاع بينهما ،حيث يتم تعيين حكما من أهل الزوجة وحكما من أهل الزوج..
وبالرجوع إلى المواد 96 95 ،82من مدونة األسرة نجد أن المشرع المغربي قد نص على
هذه المؤسسة وبين مهامها في استقصاء أسباب الخالف الدائر ما بين الزوجين ،وتوضيحه
في تقرير مكتوب ،أو بسطه للمحكمة شفاهة ،ثم بعد ذلك محاولة التوفيق واإلصالح بين
الطرفين ما أمكن ،39فإذا توصل الحكمان إلى اإلصالح بينهم حررا مضمونه في تقرير من
16
ثالث نسخ يوقعه كال من الحكمان والزوجين ويرفعانه إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد منهما
نسخة منه وتحفظ الثالثة بالملف ،ويتم اإلشهاد على ذلك من طرف المحكمة.40
أما إذا لم يتمكنا من إجراء اإلصالح ،فإنهما يضمنان ذلك في تقريرهما مع تحديد مسؤولية
كل من الزوجين في الشقاق ثم يقدمان التقرير إلى المحكمة خالل األجل المحدد له ،وهكذا
يتبين لنا أن للحكمين دور هام في السعي إلى إصالح ذات البين بين الزوجين وتأليف المودة
وحسن المعاشرة فيما بينهم من خالل البحث عن أسباب الخالف والنزاع الناشئ بينهم ومحاولة
إنهائه عن طريق إشعارهم بتفاهته ،ويمكن للحكمين في هذه الحالة أن يستأنسا بتوجيهات
القاضي وأهل الفضل من الجيران ل واألقارب وبكل من له نفوذ كاألب وكل ذوي النيات
الحسنة من غير هؤالء ،من أجل إنجاح هذه المهمة.
وفي هذه الحالة يجوز الحكمين اختيار الطريقة المثلى التي من شأنها أن تمكنهم من القيام
بمهمتهم عن طريق االنتقال إلى بيت الزوجين لالجتماع بهما معا أو االنفراد بكل واحد منهما،
واالستماع إلى أقوالهما لتكوين فكرة أولية عن أسباب النزاع مع إمكانية التردد عليهما بين
الفينة واألخرى ثم عقب ذلك يجتمع الحكمان و يتداوالن في النتائج المتواصل إليها من أجل
تقديم تقريرهما إلى المحكمة الذي تكون نتيجته إما توفقهما في اإلصالح ما بين الزوجين أو
العكس ،إال أنه في حالة ما إذا وقعت بعض المشاكل ما بين الحكمين في مضمون التقرير،
وخصوصا في موضوع النزاع وأسبابه أو في تحديد المسؤول في الشقاق ،فإنه في هذه الحالة
تقوم المحكمة بإجراء بحث إضافي بجميع الوسائل التي تراها مالئمة إلعادة البحث .وهكذا
يتضح لنا مما سبق أن استعانة المحكمة بالحكمين له دور مهم في حماية األسرة وحفظها من
التفكك والدمار.
3-مجلس العائلة ودوره في حماية األسرة من جنحة إهمال األسرة
نظرا ألهمية مجلس العائلة في المحافظة على الروابط األسرية فقد نصت عليه الفقرة
الثانية من المادة 82من مدونة األسرة ،كما نظم بمقتضى مرسوم 2_04_88الصادر بتاريخ
14يونيو 2004وتم فيه تحديد مهامه وكذا الدور الذي يمكن أن يضطلع به في إعانة القضاء
على القيام بمهامه المرتبطة بقضايا األسرة ،وذلك انطالقا من المواد 251 95-94-82من
مدونة األسرة ،ويتجلى الدور المنوط بهذا المجلس في قيامه بالتعرف على األسباب الجوهرية
التي أدت بالزوجين إلى افتعال الخالف بينهما ،مع قيامهم بتدوين نتائج أعمالهم في محضر
يحرره كاتب الضبط الذي يحضر بدوره لالجتماع ويتم توقيعه من طرف الرئيس وباقي
األعضاء ،ويشار في حالة امتناع احدهم عن التوقيع في هذا المحضر .
مما ال شك فيه أن مسطرة الصلح في قضايا األسرة تعترضها عدة معيقات تحول دون تحقيق
غايتها ،حيث ثبت من خالل الواقع المعاش أن أغلبية محاوالت الصلح تتكلل بالفشل وذلك
راجع لمجموعة من االسباب وهذه االسباب إما أسباب قضائية وأسباب متعلقة باألطراف
40مجيدة بنجو " دور الوسائل البديلة في تسوية النزاعات األسرية ،بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء ،الفوج 36الرباط ص 22
17
تتجلى هذه األسباب القضائية بالخصوص في كل المعيقات التي تحول دون نجاعة وفعالية
مسطرة الصلح داخل مجتمعنا هذا ،وتتمثل هذه األسباب في تلك الصعوبات المرتبطة بالقاضي
ذلك أن إسناد مهمة الصلح بالنسبة له باعتباره قاضيا للحكم وقاضيا للصلح من شأنه أن يؤثر
في فعالية قيامه بهذا اإلجراء ،ذلك أن ازدواجية هذه المهمة بالنسبة له يمكن أن تدفع به إلى
اتخاذ الحيطة والحذر من الغوص في النزاعات القائمة بين األطراف خوفا من اتهامه باالنحياز
ألحدهما ،مما يجعله يتجنب طرح حلول واقتراحات على األطراف إلصالحهم.
زيادة على هذا فان كثرة القضايا المعروضة على أقسام قضاء األسرة ،تعد أكبر إكراه يواجه
القاضي في إنجاح هذه العملية ،ذلك أن القاضي يحتاج إلى وقت طويل لإلصغاء إلى الزوجين
من أجل معرفة تفاصيل خالفاتهما ومحاولة اإلصالح بينهما ،وهذا ما ال يتأتى له نتيجة الضغط
المتولد لديه عن كثرة الملفات المعروضة عليه.
أن مهمة اإلصالح التي يقوم بها القاضي تتطلب منه مهارة ذهنية وتأهيل خاص في علم النفس
واالجتماع ،لكي يتأتى له القيام بالدور المنوط به على أحسن وجه ،وإلى جانب هذا فإنه حتى
ولو تم تكوين هذا القاضي تكوينا خاصا فان بعض األزواج يحتفظون في تصريحاتهم بالبوح
عن األسباب الحقيقية التي أدت بهم إلى النزاع وذلك مخافة انعكاس ذلك على مراكزهم
القانونية أمام المحكمة ،وكذلك مخافة انعكاسه على ملفاتهم.
أما فيما يتعلق باألسباب المتعلقة بالمتخاصمين:
استلزم المشرع المغربي حسب المادة 81من مدونة األسرة ضرورة الحضور الشخصي
للزوجين عن طريق استدعائهم إلجراء عملية الصلح ،إال أنه على مستوى الواقع العملي فإن
حضور األزواج ال يتحقق دائما وذلك إما لتشبثهم بمواقفهم أو لجهلهم األهمية هذا الصلح في
إعادة استقرار حياتهم وحياة أبنائهم ،فغياب ثقافة الصلح لدى المتقاضين تجعل المهمة صعبة
على القاضي من أجل إنجاح هذه العملية .ذلك أن سلوكيات بعض األزواج عند حضورهم
إلى جلسة الصلح قد توحي تلقائيا رفضهم له ،في حين أن البعض قد يبدي استعداده من أجل
إنجاحه عن طريق الرغبة في االستماع إلى الحلول واالقتراحات التي يدليها القاضي.
ومن هنا يالحظ أن عدم تعاون األطراف مع المحكمة ،يساهم بشكل كبير في فشل محاوالت
الصلح التي تقوم بها.41
ثانيا :الوساطة كألية لحل المنازعات االسرية
بعد أن تطرقنا لمسطرة الصلح كوسيلة من وسائل فض النزاعات األسرية ووقايتها ،وبعدما
أثبت الواقع العلمي عدم فعاليته في حل النزاعات االسرية ،ذلك ما فرض لزاما البحث عن
وسائل جديدة وناجحة كفيلة بفرض حماية االسرة وتكون مواكبة لكل التحوالت التي يعرفها
المجتمع بمختلف مكونته ،ومن هذا المنطلق ثم التفكير في خلق مؤسسة جديدة متعلقة بالوساطة
18
كبديل لحماية األسرة ووقايتها ،ومنه فالوساطة وسيلة جديدة من وسائل إعادة بناء الروابط
االسرية ،وذلك عن طريق تدخل شخص ثالث ،الذي ال يملك سلطة اتخاد القرار ،يعمد إلى
تنظيم الحوار ما بين االطراف المتنازعة من اجل ايجاد حل ودي للخالف يتم عن طريقه
ارضاء جميع األطراف المتنازعة.42
ذلك أن هذه الوسيلة تعمل على حل النزاعات األسرية في بداية أمرها قبل أن يتحول األمر
فيما بعد إلى جر يمة ،فمثال ترك الزوجة لبيت أسرتها ،قد يكون بسبب احتدام الصراع بينها
وبين زوجها ،لذلك يعمد الوسيط عن طريق هذه الوسيلة بمحاولة تقريب وجهات النظر ما
بين األزواج من أجل إيصالهم إلى حل ودي دون تضخيم هذا المشكل بأن يتطور مستقبال إلى
جنحة ترك بيت األسرة.
2خصائص الوساطة األسرية:
تنفرد الوساطة األسرية عن غيرها من الوسائل البديلة لفض النزاعات األسرية بمجموعة من
الخصائص وهي:
السرية:
تمتاز جلسات الوساطة بالسرية التامة في كل ما يجري خاللها وذلك حفاظا ً على أسرار
األطراف المتنازعة ومخافة أن يؤدي إفشاءها إلى تعميق الخالف ما بين األطراف و تأجيجه
وفي هذا الصدد ،تحدثت التوصية رقم 98الصادرة بتاريخ 21يناير 1988حول الوساطة
األسرية ،على أن النطاق الذي تطبق فيه يجب أن يشمل احترام الحياة الشخصية الخاصة
باألطراف عن طريق جعل المناقشات سرية ،ال يمكن إفشاؤها إال بإذن هؤالء اآلخرين وفي
الحاالت التي يسمح بها القانون.43
تعتبر الوساطة بطبيعتها اختيارية بحيث أن األطراف بلجنون إليها عن طواعية ولذلك كان
من األحسن جعلها إجبارية لما لها من دور مهم النزاعات واختيار ما دامت تهدف الوصول
إلى حل توافقي ورضائي.44
الحياد:
تتميز آلية الوساطة بك ون القائم بها يكون ملزما بالحياد أثناء قيامه بمهامه ذلك .أن دوره
ينحصر فقط في تسير المفاوضات والعمل على طرح الحلول والمقترحات للنزاع دون إجبار
أي شخص باتخاذ هذه الحلول
المرونة:
42فاطمة الزهراء القيسي :دور الصلح في حماية األسرة ،رسالة لنيل دبلوم العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،سنة 2006/2007ص17
43محمد الفالقي " :الصلح والطرق البديلة لتسوية النزاعات األسرية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة
التكوين والبحث في تشريعات األسرة والهجرة كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،وجدة سنة ،2008ص 90
44الحسين بويقين :مدى إمكانية نظام الوساطة بالمغرب" ،مجلة المرافعة عدد 15، 14دجنبر ،2004ص16
19
تتميز هذه الخاصية في غياب القيود المسطرية والقانونية التي من شأنها الحد من فعالية
الوسيط ومبادرته ،حيث يبقى هذا األخير واألطراف ،أحرار في اتخاذ آية مبادرة مناسبة
للتفاوض والوصول إلى حلول ودية وفق اتفاقهم وبشكل يسمح لكل طرف باقتراح عدة حلول
وتصورات لفظ النزاع إلى أن يتم الوصول إلى حل مناسب ومرضي للجميع.45
السرعة:
تتميز آلية الوساطة بالسرعة في حل النزاعات األسري ،وذلك على عكس ما إذا تطور النزاع
وأصبح معروضا على القضاء لخله ،وذلك ألنه قد يطول في هذه األخيرة إلى إجراءات
ومساطر قد تدوم مدة طويلة.
مشاركة األطراف في حل النزاع:
إن ما يميز الوساطة األسرية بالتحديد هو أن أطراف النزاع هم من يختارون العدالة بأنفسهم
بدل الخضوع لها ،فحل مشاكلهم العائلية قد يكون على أيديهم ،وبمساعدة الوسيط طبعا بعد
الحوارات والمفاوضات التي تجمعهم ،وتتيح لهم فرصة المكاشفة ،والمصارحة لبعضهم
البعض ،وتفريغ المؤاخذات المتبادلة ،ثم بعد تهدئة النفوس ،التطرق إلى جوهر النزاع،
ومحاولة إيجاد تسوية ودية له بتدخل الوسيط 46كما هو األمر في حالة رفض الزوج اإلنفاق
على أسرته والذي يكون سببه في الغالب العناد فإنه في هذه الحالة يتم استجماع األسرة بكاملها
من أجل معرفة السبب الحقيقي الذي أدى به إلى القيام بهذا الفعل عن طريق مصارحة كل
واحد منهما وبعد ذلك يتم استخالص الحل لهما.
ومن هذا يتضح أن للوساطة ضرورة ملحة لحل الخالفات األسرية بعيدا عن أحكام ومساطر
وضوابط القضاء.
وتجدر اإلشارة إلى أن الوساطة األسرية باعتبارها آلية لتدبير الخالفات األسرية تحتاج في
قيامها بأدوارها على الوجه األكمل والمطلوب لتدخل عدة فاعلين تختلف نوعية مساهمتهم في
إنجاح هذه الوسيلة.
إذن من هم األشخاص الفاعلين في تحقيق أغراض هذه الوساطة؟
دور القاضي في الوساطة األسرية:
ال يمكن الحديث عن دور القاضي في إنجاح الوساطة األسرية ،إال في إطار أنه يمكن للقاضي
أن يقوم بدور الوسيط من أجل حل النزاع الوساطة القضائية ،47ذلك القائم ما بين األطراف
وعن طريق اقتناعه بجدوى هذه الوسيلة وكذا إقناعه لألطراف المتنازعة بأهميتها لحل
45 "،الحسين بويقين :مدى إمكانية نظام الوساطة بالمغرب" م ،س ،ص 17
46محمد سالم الطرق البديلة لتسوية النزاعات ودورها في تخفيف العبء على القضاء وتحقيق التنمية واالقتصادية ،م س ص22
47وزية زيهو" الوساطة والصلح ،م،س ،ص100
20
نزاعاتهم ،وفي حالة عدم قيامه بهذا الدور يمكن له أن يقوم بتعيين وسيط من أجل القيام بهذه
المهمة على أن يقوم بتحديد المدة التي يجب أن تتم خاللها هذه الوساطة.
دور المحامي في الوساطة األسرية:
للمحامي دور فعال في إنجاح عملية الوساطة األسرية ،لكونه يتملك قدرة كبيرة على إقناع
موكله بجدوى اللجوء إلى هذه اآللية من أجل تصفية نزاعاته األسرية دون اللجوء إلى القضاء
عن طريق اطالعه على ميزات هذه الوساطة وكذا ضماناتها التي من شأنها أن تجنبه الدخول
في مسطرة قضائية ،قد تطول مدتها ،وبالتالي تنقل كامله تكاليفها...
زيادة على هذا يمكن للمحامي أن يمارس بنفسه دور الوسيط في الوساطة األسرية ،عندما
يتعلق األمر باألنظمة التي تأخذ بالوساطة االتفاقية ،أو تأخذ بالوساطة الفضائية شريطة أال
يكون المحامي الوسيط وكيال ألحد األطراف في نفس القضية.48
48محمد الفالقي" الصلح والطرق البديلة لتسوية النزاعات االسرية ،رسالة انيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول ،وجدة .2008
21
خـــــاتمة:
األصل في تنظيم األسرة هو المودة والرحمة واالستثناء هو الزجر الذي هدف من خالله
المشرع ردع بعض التجاوزات والممارسات الالمسؤولة ،إال أن الواقع أثبت ضعفه في إعادة
بناء األسرة المغربية الن المجال األسري مجاال ال يخلوا من اإلشكاالت ولعل الموضوع الذي
درسناه من بين أهمها ،وبالتالي يعد تطبيق عقوبات سالبة للحرية على المحكوم عليهم من أشد
المظاهر التي تؤثر سلبا في العالقات األسرية ،وعليه فإن فعالية تنفيذ الجزاء الجنائي في
قضايا األسرة إن كانت ضمان ا ألداء نفقة المحكوم لهم فإنها ال تؤدي إلى ضمان استقرار
العالقة بين أفراد األسرة .لذلك عمل المشرع على سلوك الحلول البديلة المتمثلة في الصلح
والوساطة كأنظمة بديلة لتسوية المنازعات األسرية ،إال أن نجاح هذه التجربة رهين بتوعية
الفاعلين في الحقل القضائي والقانوني والمجتمع المدني ،إضافة إلى المشاركة اإليجابية
لوسائل اإلعالم بضرورة ركوب قاطرة الحلول البديلة لتالفي تراكم القضايا بمحاكمنا ،والن
األسرة هي الركيزة االساسية لبناء المجتمع ،ففسادها يفسده ،وصالحها يصلحه بأسره ،ويجب
التعامل معها بشكل عقالني ،في اختيار القوانين التي تنظمها ،والطابع الزجري للقانون المنظم
لألسرة إنما هو وليد جديد ،فقد كانت األسرة -قديما بحكم التقاليد واألعراف ال تلجأ للقانون
لمعالجة مشاكلها بل بالنصح والصلح ،وردع الزوجة من قبل والديها ،وإرجاعها رغما عنها
إلى بيت زوجها ،باعتبار أن العالقة الزوجية يمكن أن تواجهها مشاكل ونزاعات وهذا الشيء
طبيعي ،إذن يجب على الطرفين الحفاظ على هذا الكيان بالصبر والحكمة ،قال تعالى في كتابه
س ُكنُوا -إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن س ُك ْم أ َ ْز َوا ًجا َلت َ ْ
"ومن آياته أن خلق لَكُم َم ْن أَنفُ ِ
في ذلك آليات لقوم يتفكرون ".
22
الئحة المراجع:
عبد السالم بنحدو " :الوجيز في القانون الجنائي المغربي" ،مطبعة الوراقة •
الوطنية مراكش ،الطبعة الخامسة ،سنة. 2004
العلمي عبد الواحد" :شرح القانون الجنائي المغربي" ،القسم العام ،طبعة •
الثالثة سنة ،2005الرباط،
•سعيد أزكيك " إهمال االسرة في التشريع المغربي ،مطبعة دار النشر الهالل
العربية ،الرباط،1992 ،
•يوسف كرواوي' :جزاء عدم تنفيذ الزوج للحكم القاضي عليه بالنفقة لزوجته
بين الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي" ،مجلة القصر ،العدد 26ماي .2010
•عبد الواحد العلمي" شروح في القانون الجنائي المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء
االول ،الطبعة االولى سنة 2006الدار البيضاء. ،
•المشراوي نعيمة ".جريمة إهمال االسرة في التشريع المغربي ،بحث نهاية
التدريب بالمعهد العالي للقضاء ،الفوج 20الرباط
•أمينة الدوحاوي " جريمة إهمال االسرة" بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي
للقضاء ،الفوج ،24الرباط . 1996
•عصام الهاشني" المصطفى عمراني" جنحة إهمال االسرة بين التشريع والقضاء"
بحث نهاية التدريب في المعهد العالي للقضاء ،الفوج ،33الرباط .2005
• حفيظة توتة" دور النيابة العامة في المجال االسري :أطروحة لنيل الدكتوراه
في الحقوق شعبة القانون الخاص ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية مراكش سنة الجامعية ،2010/2009
نبيل العطار" جرائم إهمال االسرة بين النظرية والتطبيق" ،بحث نهاية •
التدريب المعهد العالي للقضاء ،الفوج ،37فترة التدريب 2013/2011الرباط.
• فاطمة الزهراء العوني" جريمة إهمال االسرة في القانون المغربي" رسال
لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية مراكش.2014/2013 ،
23
• أمينة العتيوي ":شرعية تنفيذ الجزاء الجنائي" أطروحة لنيل دكتوراه الدولة
في القانون الخاص جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية مراكش ،السنة ال جامعية.2005/\2004
سومية غزالي" الطابع الزجري لمدونة االسرة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر •
المتخصص في المهن القضائية والقانونية ،جامعة محمد الخامس كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي الرباط.2010 ،
• محمد الكشبور" شرح مدونة االسرة ،الجزء االول" ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،الطبعة االولى سنة،2006
• فاطمة الزهراء القيسي :دور الصلح في حماية األسرة ،رسالة لنيل دبلوم
العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،سنة .2006/2007
محمد الفالقي " :الصلح والطرق البديلة لتسوية النزاعات األسرية"، •
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث
في تشريعات األسرة والهجرة كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة محمد األول ،وجدة سنة 2008
الحسين بويقين :مدى إمكانية نظام الوساطة بالمغرب" ،مجلة المرافعة عدد •
15، 14دجنبر ،2004
24
الفهرس
25