You are on page 1of 9

‫الحماية الجنائية لألسرة في مدونة األسرة‬

‫المغربية‬
‫الحماية الجنائية لألسرة تعتبر األسرة الخلية األولى التي يرى اإلنسان فيها النور‪ ،‬والمدرسة األولى التي تلقى فيها مبادئ‬
‫الحياة‪ ،‬حيث نصت الفقرة األولى من ديباجة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة ‪ 1948‬على أن األسرة هي العنصر‬
‫‪.‬الطبيعي واألساسي للمجتمع والدولة‬

‫وألهميتها هاته أحاطتها التشريعات المختلفة بمقتضيات قانونية عدة‪ ،‬بدء من العقد المؤسسة لها –وهو عقد الزواج‪ -‬إلضفاء‬
‫حماية قانونية كفيلة بأن تضمن لها االستقرار إذا تضافرت مع عوامل اقتصادية واجتماعية مالئمة‪ .‬والمشرع الجنائي المغربي‬
‫أحاط نظام األسرة بحماية خاصة من خالل نصه على مقتضيات زجرية منها ما هو خاص بالزواج‪ ،‬حماية للعالقة الزوجية‪،‬‬
‫‪.‬ومنها ما هو خاص بحماية الطفل الذي هو ثمرة هذه العالقة‪ ،‬ومنها ما هو خاص بالمرأة‬
‫المبحث األول‪  :‬الحماية الجنائية للعالقة الزوجية‬
‫تعد األسرة المجتمع األول الذي يواجهه األفراد‪ ،‬لذلك فهي تباشر أثرها القوي في توجيه تصرفاتهم وسلوكياتهم‪ ،‬فإذا كانت‬
‫األسرة متماسكة يسودها الحب والتفاهم واالحترام واألخالق الحميدة يكون هناك توازن في العالقة الزوجية بين الطرفين‪،‬‬
‫فيقوم كل واحد منهما بتلبية حاجيات الطرف اآلخر والسهر على راحته‪ ،‬أما إذا كانت األسرة متفككة يسودها التنافر وعدم‬
‫التفاهم والعالقة السيئة بين الزوجين‪ ،‬فيترتب عن ذلك عدم االكتراث للعالقة الزوجية ‪ ،‬فيكون لكل واحد منهما حياته الخاصة‬
‫التي يسعى جاهدا إلى االستمتاع بها وتلبية رغباته دون األخذ بعين االعتبار وجود عالقة زوجية قائمة بينهما‪ ،‬مما يسمح‬
‫بخيانة أحدهما لآلخر‪ ،‬أو إهمال أحدهما لبيت الزوجية أو استعمال العنف أو الضرب والجرح من أحد الزوجين ضد اآلخر‪.‬‬
‫‪.‬مما حدا بالمشرع إلى التدخل لتجري هذه األفعال حماية للعالقة الزوجية‬

‫المطلب األول‪ :‬الخيانة الزوجية‬


‫إن نظام الزواج هو النظام الطبيعي الذي يؤدي إلى حفظ النوع البشري‪ ،‬لذلك جرمت التشريعات المختلفة كل ما من شأنه أن‬
‫يمس بحرمة هذا النظام‪ ،‬وكل رأس ذلك الخيانة الزوجية التي ما جرمت لكونها تمس اآلداب واألخالق العامة فحسب‪ ،‬وإنما‬
‫تجريمها يرجع باألساس إلى رغبة التشريعات الجنائية في حماية العالقة الزوجية‪ ،‬ويؤكد ذلك أن جل التشريعات المعاقبة‬
‫([‪)]1‬‬
‫على الخيانة الزوجية جرت على إيراد النصوص الخاصة بذلك في باب “الجرائم الخاصة بالزواج أو العائلة“‬
‫‪.‬والخيانة الزوجية هي كل ممارسة يقوم بها أحد الزوجين خارج إطار العالقة الزوجية المشروعة‬

‫والمشرع المغربي‪-‬كغيره من التشريعات اإلسالمية التي تجرم كل ما يتنافى مع مبادئ الشريعة اإلسالمية‪ -‬ال يعترف إال‬
‫بمؤسسة الزواج كرابط شرعي بين رجل وامرأة بناء على عقد زواج صحيح‪ .‬فقد نص الفصل ‪ 491‬من ق‪.‬ج في فقرته‬
‫األولى على أنه‪ ”:‬يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية‪،‬‬
‫وال يجوز المتابعة في الحالة إال بناء على شكوى من الزوج أو الزوجة المجيز عليها…” وقد سار على نهج‬
‫…المشرع المغربي في تجريم الخيانة الزوجية كل من نظيره المصري والليبي والجزائري‬
‫وبخالف هذه التشريعات نجد المشرع التونسي ال يعاقب على جريمة الخيانة الزوجية بالمعنى الواسع إال إذا كن ذلك بالمقابل‬
‫وخارج دور البغاء حيث يعتبر في هذه الحالة بغاء سريا يعاقب عليه بأحكام الفصل ‪ 231‬من المجلة الجنائية‪ ،‬أو إذا كانت‬
‫([‪)]2‬‬
‫الفتاة المتصل بها قاصر‪.‬‬
‫أما التشريع الفرنسي فقد ميز في العقوبة بين أطراف الجريمة‪ ،‬بحيث أن الزوجة الزانية تعاقب بالسجن من ثالثة أشهر إلى‬
‫سنتين (م ‪ ) 337‬كما يخضع شريكها إلى نفس العقاب مع الغرامة‪ ،‬أما الزوج الزاني فإن عقوبته محصورة على الغرامة شرط‬
‫أن يكون قد زنى في بيت الزوجية‪ ،‬أو اتخذ له خليلة في منزل الزوجية (م ‪ )339‬ولم يتطرق المشرع الفرنسي إلى عقوبة‬
‫([‪)]3‬‬
‫شريكة الزوج‪.‬‬
‫وزنا الزوج في بيت الزوجية شرط لقيام جريمة الخيانة الزوجية في حقه في القانون المصري كذلك إذ نصت المادة ‪ 4‬من‬
‫قانون العقوبات المصري على أنه‪ ”:‬كل زوج زنا في منزل الزوجية وثبت عليه هذا األمر بدعوى الزوجة يجازى‬
‫“بالحبس مدة ال تزيد عن ستة شهور‬
‫والحماية الجنائية للعالقة الزوجية ال تقتصر فقط على اعتبار العالقة الزوجية عنصرا تكوينيا في جريمة الخيانة الزوجية‪،‬‬
‫وإنما تمتد هذه الحماية إلى تمتيع أي من الزوجين بظرف مخفض للعقوبة في جرائم القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكبه‬
‫([‪)]4‬‬
‫أحد الزوجين ضد الزوج اآلخر أو شريكه عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية‪.‬‬
‫ويعتبر تمتيع الزوجين معا بهذا العذر المخفف من أهم ما جاء به القانون رقم ‪ )]5[(24-03‬وذلك تكريسا لمبدأ المساواة الذي‬
‫يجب أن يسود القانون الجنائي‪ c،‬على اعتبار أن الزواج يربط الزوجين معا ويرتب حقوقا وواجبات متبادلة بين الزوجين وليس‬
‫هناك أي اعتبار يبرر حرمان الزوجة من هذا العذر المخفض للعقوبة‪.‬‬
‫([‪)]6‬‬

‫وبتجريم المشرح لالنحالل الخلقي وكل الوسائل المساعدة له أو الداعية إليه يعمل جاهدا لحماية األخالق بصفة عامة ومنع‬
‫تأثيرها السيئ ‪  ‬على األسرة‪ ،‬وحرصا على تحصين هذه األخيرة من كل ما من شأنه أن يزعزع دعائمها وتماشيا مع هذا‬
‫الهدف فقد جعل المشرع المتابعة في جريمة الخيانة الزوجية مرتبطة بضرورة تقديم شكوى من الزوج أو الزوجة المجني‬
‫عليها‪.‬‬
‫([‪)]7‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬إهمال األسرة‬


‫خصص المشرع المغربي لجريمة إهمال األسرة الفصول من ‪ 479‬إلى ‪ 482‬من القانون الجنائي‪ .‬وهذه الفصول تعتبر السند‬
‫القانون للتجريم للعقاب على هذه الجريمة‪ ،‬إذ تحدد نوع األفعال المجرمة قانونا والمعتمدة كأساس للمتابعة عند اقترافها ممن‬
‫تتوافر فيهم الصفة المتطلبة قانونا‪ ،‬كما تعدد هذه الفصول العقوبات المقررة لها‪ ،‬والتي تكون إما عقوبات سالبة للحرية‬
‫وللحقوق أو عقوبات مالية‪.‬‬
‫([‪)]8‬‬

‫وفي هذا اإلطار ينص الفصل ‪ 479‬من ق‪.‬ج على أنه‪”:‬يعاقب كل من األب أو األم إذا ترك أحدهما بيت األسرة‬
‫دون موجب قاهر مدة تزيد عن شهرين وتملص من كل أو بعض واجباته المعنوية أو المادة الناشئة عن‬
‫الوالية األبوية أو الوصاية أو الحضانة وال ينقطع أجل الشهرين إال بالرجوع إلى بيت األسرة رجوعا ينم‬
‫‪“.‬عن إرادة استئناف الحياة العائلية بصورة نهائية‬
‫ويعني ذلك خروج األب أو األم من البيت الذين يقيمان فيه مع أطفالهما إلى مكان آخر‪ ،‬وسواء كان ذلك المكان بعيدا أم قريبا‬
‫يجب أن يوافق ذلك الخروج إخالل أحد األبوين بواجبات الوالية أو الوصاية أو الحضانة([‪ .)]9‬أما إذا أستمر أحد الزوجين في‬
‫رعاية األبناء رغم بعده عن بيت األسرة‪ ،‬وكان ينفق على أسرته من بعيد ويرعى أبناءه من خالل توجيهاته لهم من مكان‬
‫خارج بيت األسرة فال تثبت في حقه جريمة إهمال األسرة‪ ،‬غير أن هذا االمتياز ال يتوفر لألم التي تتملص من واجب‬
‫‪.‬الحضانة‪ ،‬لكون أبنائها يجب أن يظلوا معها حتى تتمكن من رعايتهم‬
‫أما فيما يخص فترة الغياب عن بيت األسرة فقد حددتها المادة ‪ 479‬من ق‪.‬ج في غياب أحد األبوين عن بيت األسرة ألكثر من‬
‫‪.‬شهرين‪ ،‬وهذا التحديد يفهم منه أن هذه الفترة قد تكون شهرين أو أكثر‬
‫والمشرع أراد أن يقطع الطريق على الزوج المخادع الذي يتحايل‪ ،‬وذلك بالحضور إلى بيت الزوجية بين الحين واآلخر‪،‬‬
‫األمر الذي دفع به إلى التنصيص في الفصل ‪ 479‬من ق‪.‬ج على أنه‪”:‬ال ينقطع أجل الشهرين إال بالرجوع إلى بيت‬
‫الزوجية رجوعا عن إرادة استئناف الحياة العائلية بصورة نهائية“‪ .‬غير أن اإلرادة الحقيقية الستئناف الحياة‬
‫الزوجية بصورة نهائية مسألة من الصعب إثباتها نظرا الرتباطها بالنية التي تعتبر من األمور الخفية التي ال يمكن للقضاء أن‬
‫‪.‬يطلع عليها‬
‫وقد أقر المشرع نفس عقوبة إهمال األسرة لمن يترك زوجته وهي حامل‪ ،‬شريطة علم الزوج بوجود هذا الحمل عند قيامه‬
‫‪.‬بمغادرة بيت الزوجية‬

‫وما قيل عن اإلرادة النهائية الستئناف الحياة العائلية يمكن قوله عن مسألة العلم بالحمل إذ من الصعب إثبات هذا العلم‬
‫‪.‬خصوصا إذا كانت الزوجة في الشهور األولى للحمل‬

‫ويستخلص من المادة ‪ 479‬بمفهوم المخالفة أن الزوجة إذا لم تكن حامال وأهملها زوجها ألكثر من شهرين دون عذر مقبول ال‬
‫يحق لها متابعته بهذه الجريمة‪ .‬كما أن الزوجة الحامل إذا هي أقدمت على مغادرة بيت الزوجية وكان زوجها عالما بحالة‬
‫‪.‬الحمل‪ ،‬ال يجوز له متابعتها بإهمال األسرة‪ ،‬إال إذا وجد أطفال صغار قي البيت الذي غادرته وتخلت عنهم دون عذر قاهر‬

‫وإذا كان هذا القول قد يفسر بأن المشرع المغربي قد جرم إهمال األسرة حماية لمصلحة األطفال بالدرجة األولى‪ ،‬فإن تأثير‬
‫هذه الجريمة على العالقة الزوجية ال يمكن أن ينكره اللبيب‪ ،‬كما أن ضرر غياب أحد الزوجين عن بيت الزوجية يطال الزوج‬
‫اآلخر بال شك مما يدفعنا إلى القول بأنه ما كان على المشرع أن يعلق قيام الجريمة على وجود أطفال أو حمل وهذا االعتبار‬
‫هو الذي دفعنا إلى دراسة هذه الجريمة تحت عنوان”الحماية الجنائية للعالقة الزوجية” باإلضافة إلى اعتبار آخر وهو‬
‫‪.‬أن هذه الجريمة تجمعها مع الجرائم في هذا الباب خاصة جوهرية وهي كونها ترتكب من قبل أحد الزوجين‬
‫كما نص المشرع في الفصل ‪ 480‬من ق‪.‬ج على أنه‪ ”:‬يعاقب بعقوبة إهمال األسرة من صدر عليه حكم نهائي أو‬
‫قابل للتنفيذ المؤقت بدفعه نفقة إلى زوجه أو أحد أصوله أو فروعه وأمسك عمدا عن دفعها في موعدها‬
‫‪“.‬المحدد‬
‫فانطالقا من هذا النص يتبين أن الجريمة المذكورة تقوم متى أمسك الجاني عمدا عن أداء النفقة لمستحقيها‪ ،‬زوجة كانت أو‬
‫أحد األصول أو الفروع‪ ،‬وذلك بعد صدور حكم نهائي أو قابل للتنفيذ المعجل يقضي بأدائها‪ ،‬وأن يمسك المدين عن دفعها‬
‫عمدا‪ ،‬فاألصل هو مالءة الذمة‪ ،‬ومن ثم على المدين بالنفقة أن يثبت حسن نيته‪ ،‬أما القصد الجنائي أو النية الجريمة فتفترض‬
‫وعلى الملزم بالنفقة أن يأتي بالحجة على أنه معسر‪.‬‬
‫([ ‪)]10‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الضرب والجرح المرتكبة ضد أحد الزوجين‬


‫‪:‬ينص الفصل ‪ 404‬من ق‪.‬ج المغربي كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى قانون ‪ 24-03‬على أنه‬

‫يعاقب كل من ارتكب عمدا ضربا أو جرحا أو أي نوع آخر من العنف أو اإليذاء ضد أحد أصوله أو ضد“‬
‫“كافله أو ضد زوجه‬
‫والعناية من تعديل هذا النص وغيره مما يتعلق بحماية الطفل والمرأة على النصوص‪ ،‬هي مسايرة مجموعة من المستجدات‬
‫التي عرفتها قوانين أخرى في بلدنا‪ ،‬كقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬قانون الحالة المدنية‪ ،‬مدونة الشغل‪ ،‬قانون مكافحة اإلرهاب‪،‬‬
‫قانون الصحافة‪ ،‬مدونة التجارة ثم مدونة األسرة‪ ،‬وهو ما يفرض مالءمة القانون الجنائي مع هذه القوانين حتى يتمكن المشرع‬
‫‪.‬من تحقيق التكافل وإزالة التناقص حماية لألسرة([‪ ،)]11‬وتحقيقا لمبدأ أي الحرية والمساواة‬
‫ويقابل الفصل ‪ 404‬من ق‪.‬ج المغربي المادة ‪ 232/13‬من القانون الجنائي الفرنسي التي تنص على أن‪”:‬العنف الذي‬
‫…يترتب عنه عجز عن العمل لمدة أقل أو تساوي ‪ 8‬أيام‬
‫‪:‬يعاقب بـ ‪ 3‬سنوات حبسا وغرامة ‪ 300.000‬فرنك عندما يرتكب ضد‬
‫‪1-….‬‬
‫‪2-….‬‬
‫“من طرف زوج أو صديق الضحية ‪6-‬‬
‫وينص المشرع المغربي التعديل األخير صراحة على تجريم العنف بين األزواج أصبح هناك توافق بين التشريع المغربي‬
‫وغيره من التشريعات المقارنة‪ ،‬على اعتبار أنه قبل هذا التعديل لم يكن هناك أي تنصيص على الضرب والجرح ضد أحد‬
‫الزوجين‪ ،‬األمر الذي دفع بالمشرع أمام تكاثر هذه الظاهرة –والفراغ التشريعي‪ -‬إلى تجريم هذه األفعال حرصا منه على‬
‫ضرورة تحسين وضمان تماسك كل مكونات المجتمع وعلى رأسها األسرة‪ ،‬والمرأة والطفل بالخصوص‪ .‬ولقد كان للمجتمع‬
‫المدني الدور الفعال في هذا الميدان وذلك من خالل العمل النشيط الذي تقوم به الجمعيات‪.‬‬
‫([ ‪)]12‬‬

‫وتكريسا للحماية الجنائية للزوجين كل في مواجهة اآلخر‪ ،‬قرر المشرع المغربي إخضاع الجنح الزوجية للمماثلة في تقرير‬
‫حالة العود([‪ . )]13‬وإذا أضاف إلى الئحة الجنح المتماثلة والتي ينص عليها الفصل ‪ -158‬كل الجنح التي ارتكبها زوج في حق‬
‫الزوج اآلخر‪ “ ،‬وهذه الجنح تعتبر متماثلة لتقرير حالة العود‪ ،‬وإن تباعدت عن بعضها البعض من حيث‬
‫التكييف والوصف القانوني‪ ،‬فالزوج الذي يرتكب ضد زوجته عنفا ثم يصدر في حقه حكم حائز لقوة الشيء‬
‫المقضي به ثم يرتكب ضدها قبل مضي خمس سنوات من تمام تنفيذ عقوبة الحبس أو تقادمها جنحة تهديد‬
‫أو قذف أو إهمال يعتبر في حالة عود‪ ،‬ونفسه األمر بالنسبة للزوجة التي تجرم في حق زوجها‪“.‬‬
‫([ ‪)]14‬‬

‫كما شدد المشرع العقوبة في حاالت العنف بين الزوجين إذ لم يعد العنف الذي يرتكبه الزوج ضد زوجته أو الزوجة ضد‬
‫زوجها يدخل في نطاق الحاالت العادية‪ ،‬وإنما تدخل المشرع ليتصدى لجرائم العنف بين األزواج –والمتزايدة‪ -‬وذلك بإضافته‬
‫“أو ضد زوجه” في الفصل ‪ 404‬من ق‪.‬ج‪ ،‬والذي كان يشدد العقوبة في حالة ارتكاب ضرب أو جرح أو عنف أو إيذاء‬
‫ضد األصول‪ .‬وبذلك أصبح تشديد العقوبة يشمل جرائم العنف التي يرتكبها الزوج ضد زوجته أو التي ترتكبها الزوجة ضد‬
‫زوجها‪ ،‬سواء نتج عنها مرض أو عجز تتجاوز مدته عشرين يوما أو تقل عن ذلك أو لم ينتج عنها مرض أو عجز أصال‬
‫وسواء أدت إلى إحداث عامة دائمة أو أدت إلى الموت دون نية إحداثه‪ .‬ولكن إعمال هذا المقتضى تعترضه صعوبة جدية‬
‫تتمثل في تعذر إثبات هذا العنف مادام يرتكب غالبا خلف أسوار بيت الزوجية‪.‬‬
‫([ ‪)]15‬‬

‫وإمعانا من المشرع في توفير الحماية الالزمة للطفل والمرأة وكذلك للزوج أعفى األطباء ومساعديهم من ضرورة االحتفاظ‬
‫بالسر المهني عند علمهم أثناء مزاولتهم مهامهم بتعريض طفل من الثامنة عشرة أو امرأة أو أحد الزوجين للعنف وتمكينهم‬
‫بالتالي من التبليغ عن ذلك‪.‬‬
‫([‪)]16‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحماية الجنائية للطفل‪3‬‬


‫يتزايد اهتمام األمم بالطفل أو الصبي أو الحدث‪ ،‬فهو ذخيرة الوطن بسواعده تتحقق استمرارية خطط التنمية وبدمائه وروحه‬
‫‪.‬يصان االستقالل والكرامة الوطنية‪ ،‬فهو إنسان في طور النمو‪ ،‬وهو بالنسبة ألسرته‪ ،‬ولمجتمعه وألمته رجاء المستقبل‬

‫ولذلك تحرص مختلف التشريعات على هذه اللبنة المستقبلية للمجتمع بالحماية في مختلف التشريعات –ومنها التشريع‬
‫‪.‬الجنائي‪ -‬وذلك لكي تمنعه من عواقب االنحراف ولكي تسلك به الطريق السوي إلى الغاية التي ينشدها كل مواطن في حياته‬
‫وقد عرفت المادة األولى من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن األمم المتحدة في عام ‪ 1989‬الطفل بأنه‪”:‬كل شخص لم‬
‫‪.‬يتجاوز سن الثامنة عشرة سنة‬
‫وحسب المادة ‪ 458‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬ج(¨)‪  ‬المغربية فإن الحدث أو الطفل هو الذي لم يبلغ سن الرشد الجنائي‪ ،‬وهو ‪ 18‬سنة ميالدية‪ ‬‬
‫كاملة‪ ،‬وتقسم مرحلة الطفولة إلى مرحلتين األولى ال يكون فيها الحدث مسؤوال جنائيا‪ ،‬وذلك النعدام تمييزه حين يكون سنه‬
‫‪.‬أقل من ‪ 12‬سنة‪ ،‬والمرحلة الثانية وهي ما بين ‪ 12‬و ‪ 18‬سنة ويكون فيها الحدث مسؤوال مسؤولية ناقصة‬
‫‪.‬وهذه األحكام قد ورد النص عليها كذلك في الفصول من ‪ 138‬إلى ‪ 140‬من ق‪.‬ج‬

‫وفي مقابل هذا التحديد لمفهوم‪“ ‬الطفل” في التشريع المغربي نجد الفصل ‪ 3‬من مجلة حماية الطفل التونسية ينص على أن‬
‫المقصود بالطفل كل إنسان عمره أقل من ‪ 18‬عاما ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضى أحكام خاصة‪ .‬في حين نجد المشرع‬
‫‪.‬اللبناني يقصد بالطفل كل من أتم السابعة من عمره ولم يتم التاسعة عشرة‬
‫فالمالحظ إذا أن هناك توافق بين المشرع المغربي وأغلب التشريعات المقارنة فيما يخص تحديد سن الرشد الجنائي في ‪18‬‬
‫‪.‬سنة‪ .‬وذلك راجع باألساس إلى وحدة المرجعية بالنسبة لهذه التشريعات في المسألة والمتمثلة في اتفاقية حقوق الطفل‬

‫وهكذا يعتبر الصغير الذي لم يتم ‪ 12‬سنة من عمره غير مسؤول جنائيا‪ ،‬أما إذا أتم الثانية عشرة ولم يبلغ الثامنة عشرة‬
‫‪.‬فتكون مسؤوليته ناقصة في حين إذا بلغ الثامنة عشرة فإنه يصبح كامل المسؤولية الجنائية‬

‫ومن هنا تظهر عناية المشرع بالصغير بأن منحه حماية خاصة‪ ،‬تعود عليه بالفائدة الذاتية فيما قد يقع منه من أفعال قد تضر‬
‫بالغير‪ .‬وفي المقابل ذلك خصص له المشرع حماية مما قد يقع من اعتداء على حقه في الحياة (المطلب األول) أو على سالمته‬
‫‪.‬الجسدية (المطلب الثاني) أو تركه أو تعريفه للخطر (المطلب الثالث)‬

‫المطلب األول‪ :‬حق الطفل في الحياة‬


‫إن الحق في الحياة حق مقدس اعترفت به جميع الشرائع السماوية‪ ،‬ثم جاءت القوانين الوضعية فنصت هي األخرى على‬
‫معاقبة كل من يقتل أو يتسبب في قتل نفس بغير حق‪ ،‬وهكذا نجد المشرع المغربي قد نص في القانون الجنائي على الجنايات‬
‫والجنح المرتكبة ضد اإلنسان عموما وخاصة الطفل وذلك تماشيا مع االتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل‪ ،‬والتي نصت في‬
‫…مادتها السادسة على حق الطفل في الحياة والبقاء‬

‫وهكذا أورد المشرع نصوصا جنائية موضوعية قصد بها حماية حق الطفل في الحياة سواء في المرحلة السابقة على الوالدة‬
‫([‪)]17‬‬
‫أي أثناء الحمل أو المرحلة الالحقة للوالدة‪.‬‬
‫فبالنسبة للمرحلة األولى تبدأ حماية المشرع لحق الطفل في الحياة بتجريم اإلجهاض وكذلك بالمعاملة العقابية الخاصة للمرأة‬
‫‪.‬الحامل رعاية للجنين‬

‫فقد جرم المشرع المغربي اإلجهاض في الفصل ‪ 449‬من ق‪.‬ج والذي ينص على أن‪”:‬من أجهض أو حاول إجهاض‬
‫امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك‪ ،‬برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو‬
‫تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى‪ ،‬يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى‬
‫‪“.‬خمسمائة درهم وإذا نتج عن ذلك موتها فعقوبته من عشر إلى عشرين سنة‬
‫‪.‬وقد جرم المشرع المصري بدوره اإلجهاض ونص على عقوبته في المواد ‪ 262 ،261 ،260‬و‪ 213‬من قانون العقوبات‬
‫ويالحظ من خالل الفصل ‪ 449‬من ق‪.‬ج أن المشرع المغربي قد عاقب على محاولة اإلجهاض وهو ما يتوافق وما ذهبت إليه‬
‫محكمة النقض المصرية التي اعتبرت‪”:‬أن اإلجهاض هو تعمد إنهاء حالة الحمل قبل األوان ومتى تم ذلك فإن‬
‫أركان الجريمة تتوافر ولو ظل الحمل في رحم الحامل“‬
‫([ ‪)]18‬‬

‫وإذا كان اإلجهاض محظورا عامة كما تقدم فإن الظروف االقتصادية واالجتماعية على وجه الخصوص والتضخم السكاني‬
‫مع ضعف الموارد قد يؤدي إلى وضع برامج للتنظيم العائلي بهدف التحكم في عدد األطفال سعيا نحو توفير حياة أفضل لهم‪.‬‬
‫وهو ما ذهب إليه القانون الفرنسي الذي أجاز اإلجهاض بشروط معينة بمقتضى القانون الصادر سنة ‪-1961‬والمعدل‬
‫بالمرسوم الصادر سنة ‪- 1973‬الذي أباح إجهاض الحمل خالل الثالثة أشهر األولى بمعرفة طبيب مباشر لمهنته بصفة‬
‫([‪)]19‬‬
‫قانونية في مؤسسة استشفائية أو صحية أو مصحة مرخص لها‪.‬‬
‫ولم يقف المشرع المغربي عند حد تجريم اإلجهاض حماية لحق الجنين في الحياة وإنما عاقب من يرشد الناس إلى وسائل‬
‫تحدث اإلجهاض‪ ،‬أو ينصح باستعمالها في الفصل ‪ 451‬من ق‪.‬ج كما أن الفصل ‪ 455‬يعاقب على التحريض على اإلجهاض‬
‫‪.‬ولو لم يؤدي اإلجهاض إلى نتيجة‬

‫ولم يفت المشرع أن يعاقب كل امرأة أجهضت نفسها عمدا أو حاولت ذلك‪ ،‬أو تحملت أن يجهضها غيرها أو رضيت‬
‫باستعمال ما أرشدت إليه أو ما أعطي لها لهذا الغرض([‪ . )]20‬إال أن المشرع المغربي أباح اإلجهاض استثناء إذا دعت إليه‬
‫([‪)]21‬‬
‫ضرورة المحافظة على صحة األم‪.‬‬
‫وإضافة إلى تجريم اإلجهاض تتجلى حماية المشرع الجنائي لحق الطفل في الحياة في المرحلة الجنينية في المعاملة الخاصة‬
‫للمرأة الحامل في حال ارتكابها لجريمة أوجبت الحكم عليها باإلعدام حيث نص المشرع في الفصل ‪ 21‬من ق‪.‬ج على‬
‫أنه‪ ”:‬المرأة المحكوم عليها باإلعدام إذا أثبت حملها فإنها ال تعدم إال بعد أن تضع حملها بأربعين يوما” ونفس‬
‫المقتضى تقريبا ورد في المادة ‪ 476‬من قانون اإلجراءات الجنائية المصري مع اختالف في المدة التي ينفذ فيها اإلعدام بعد‬
‫‪.‬الوالدة وهي أربعين يوما في القانون المغربي وشهرين في القانون المصري‬
‫والحكمة من إرجاء تنفيذ حكم اإلعدام على المرأة الحامل ترجع باألساس إلى إنقاذ الجنين الذي يعتبر مخلوقا بريئا ال ذنب له‬
‫([‪)]22‬‬
‫من حقه أن يحمى ويعيش‪.‬‬
‫ولم تقف حماية المشرع الجنائي للطفل عند هذا الحد بل رافقته هذه الحماية حتى المرحلة الثانية وهي التي يستقل فيها عن‬
‫أمه‪ ،‬وتبتدئ بتنفسه ألول مرة عندما يخرج رأسه من رحم أمه ويقطع الحبل السري ويصبح الجنين وليدا([‪ .)]23‬إذ نجد الفصل‬
‫‪ 397‬من ق‪.‬ج ينص على أن‪”:‬من قتل عمدا طفال وليدا يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصلين ‪ 392‬و‪ 393‬وهذه‬
‫‪“.‬العقوبات من السجن المؤبد في األحوال العادية إلى اإلعدام في حالة سبق اإلصرار والترصد‬
‫المطلب الثاني‪  :‬تجريم المساس بالسالمة الجسدية للطفل‬
‫لقد عمد المشرع إلى اتخاذ عدة تدابير تهدف إلى حماية الطفل من كل ما يمكن أن ينال من سالمته الجسدية من ضرب أو‬
‫جرح أو عنف‪ .‬وشدد العقوبة على مرتكب هذه األفعال في حق الطفل مقارنة مع ما قد يقع على الراشد‪ ،‬حيث نص الفصل‬
‫‪ 408‬على أنه‪ ”:‬يعاقب بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات كل من جرح أو ضرب عمدا طفال دون الخامسة‬
‫عشرة من عمره‪ ،‬أو تعمد حرمانه من التغذية أو العناية‪ ،‬حرمانا يضر بصحته‪ ،‬أو ارتكب عمدا ضد هذا‬
‫“‪.‬الطفل أي نوع آخر من العنف أو اإليذاء فيما عدا اإليذاء الخفيف‬
‫وفي مقابل هذا النص نجد المادة ‪ 222‬ق‪.‬ج الفرنسي والتي تنص على أن العنف الموجه ضد حدث لم يتجاوز ‪ 15‬سنة‪ ،‬أو‬
‫”…ضد شخص مسن أو مريض أو له عاهة جسدية أو نفسية أو ضد امرأة حامل يعاقب‬
‫وهذه المواد تتالءم مع المادة ‪ 19‬من اتفاقية حقوق الطفل والتي تنص على أن‪”:‬الدول األطراف تتخذ جميع التدابير‬
‫التشريعية واإلدارية واالجتماعية والتعليمية المالئمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو‬
‫‪“.‬اإلساءة البدنية‬
‫يالحظ إذن أن المشرع المغربي ساير اتفاقية حقوق الطفل‪ ،‬فيما يخص حماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرب أو‬
‫‪.‬اإلهمال‪ ،‬حيث امتدت هذه الحماية لتشمل الطفل دون الخامسة عشرة من العمر سيرا على نهج نظيره الفرنسي‬

‫وتشجيعا من المشرع على التدخل لحماية الطفل‪ ،‬قرر عذرا مخففا للعقوبة في جرائم الضرب والجرح إذا ارتكبها شخص‬
‫ضد آخر بالغ عند مفاجأته بهتك أو محاولة هتك عرض بعنف أو دون عنف على طفل دون الثانية عشرة من العمر‪.‬‬
‫([ ‪)]24‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تجريم ترك األطفال وتعريضهم للخطر‬


‫الطفل بحكم تكوينه العضوي والنفسي ال يملك في السنوات األولى من عمره القدرة على حماية نفسه من الخطر‪ ،‬أو دفعه‪،‬‬
‫‪.‬وال يملك القدرة على إدراك ما يحيق به من المخاطر‪ ،‬التي يتعرض لها غيره من األفراد الكبار‬

‫وألن الطفل ال يعيش وحده وإنما يعيش علة على غيره‪ ،‬وفي كنفه‪ ،‬حتى ولو كان له مال يتعيش منه‪ ،‬فهو دائما في حاجة إلى‬
‫من يوليه الرعاية التي تتطلب من الولي‪ ،‬أو الراعي‪ ،‬أن يكون الطفل في حيازته‪.‬‬
‫([ ‪)]25‬‬

‫ولالعتبارات السابقة‪ ،‬وتماشيا مع العدالة وضمانا لكرامة الطفل وصيانة لحقوقه‪ ،‬فإن المشرع قد اهتم بالطفل في شتى‬
‫المجاالت ليس فقط في الجانب الذي يتعرض فيه لالعتداء‪ c‬المادي فقط‪ ،‬أو ما قد يقوم به من أفعال تعتبر خرقا للقانون من‬
‫‪.‬جراء انحرافه بل إن حماية المشرع للطفل واهتمامه بع يمتد حتى للمسائل قد تعرضه للخطر‬

‫حيث نص الفصل ‪ 459‬ق‪.‬ج على أنه‪ ”:‬من عرض أو ترك طفال دون الخامسة عشرة أو عاجزا ال يستطيع أن‬
‫يحمي نفسه بسبب حالته الجسمية أو العقلية في مكان خال من الناس أو حمل غيره على ذلك يعاقب لمجرد‬
‫“…هذا الفعل‪ ،‬بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات‬
‫ويقابل هذا الفصل المادة ‪ 1.227‬ق‪.‬ج الفرنسي التي تنص على أنه‪”:‬من ترك طفال دون ‪ 15‬سنة في مكان ما يعاقب‬
‫بالحبس لمدة سبع سنوات وبغرامة ‪ 200‬ألف فرنك إال إذا سمحت ظروف الترك بحماية صحة وسالمة هذا‬
‫“…األخير‬
‫وتنص المادة ‪ 285‬من قانون العقوبات المصرية على أنه‪”:‬من عرض للخطر طفال لم يبلغ سنه سبع سنين كاملة‬
‫“‪.‬وتركه في محل خال من اآلدميين‪ ،‬أو حمل غيره على ذلك يعاقب بالحبس مدة ال تزيد على سنتين‬
‫ولم يقتصر عقاب المشرع المغربي على ترك الطفل في مكان خال من الناس بل حتى تركه في مكان غير خال معاقب عليه‬
‫([‪)]26‬‬
‫في التشريع الجنائي المغربي‪.‬‬
‫وقد ذهبت محكمة النقض المصرية في تفسيرها لعبارة “خال من الناس” إلى أنه”ليس المقصود من عبارة”خال من‬
‫اآلدميين” أن يكون المحل خاليا من اآلدميين في جميع األوقات كمنطقة نائية مهجورة مثال‪ ،‬وإنما المراد أن‬
‫يكون المحل المذكور خاليا من الناس وقت تعرض الطفل للخطر‪ ،‬ولو كان من شأنه في غير هذا الوقت أن‬
‫([‪)]27‬‬
‫يكون آهال بهم كالطريق العام“‬
‫وبإلقاء نظرة على لمواد المذكورة أعاله يمكن القول أن التعديل الذي أدخل على الفصلين ‪ 459‬و ‪ 461‬من ق‪.‬ج المغربي‬
‫بمقتضى القانون ‪ 24-03‬حدد سن الطفل الذي يتمتع بالحماية المقررة في الفصلين فيها دون الخامسة عشرة على غرار‬
‫المشرع الفرنسي وذلك خالف القانون المصري الذي حدده في أقل من سبع سنوات‪ ،‬وهذا يوفر حماية أوفر للطفل في‬
‫‪.‬التشريع المغربي والفرنسي مقارنة بنظيرهما المصري‬

‫وتعتبر جريمة تعريض الطفل للخطر من الجرائم اإليجابية التي تتحقق بعمل إيجابي ويتضح ذلك من نص الفصل ‪ 459‬ق‪.‬ج‬
‫من خالل عبارتي”من عرض أو ترك طفال” و”أو حمل على ذلك “‪ .‬على أن تفسير هذا النص ال يمنع من تصور وقوع‬
‫الجريمة بدون عمل إيجابي‪ ،‬أي “بالترك أو االمتناع “‪ ،‬فإذا وجد شخص طفال في محل خال من اآلدميين وتركه مع علمه‬
‫بما يتعرض له من خطر أو في هذه الحالة ولم يتخذ أي إجراء إلنقاذه‪ ،‬أو التبليغ عنه‪ ،‬وتوافر لديه القصد الجنائي‪ ،‬يعتبر‬
‫([‪)]28‬‬
‫مرتكبا لجريمة”تعريض الطفل للخطر” بطرق الترك أو االمتناع‪.‬‬
‫ويستوي أن تقع هذه الجريمة من الشخص الذي يقوم على تربية الطفل ورعايته وتولي أمره –سواء من أصوله أو ممن لهم‬
‫سلطة عليه أو ممن يتولون رعايته بحكم الوظيفة كالخدم والمعلمين وغيرهم‪ -‬أو من الغير غير أنه إذا كان مرتكب الجريمة‬
‫‪ .‬من الفئة األولى فإن العقوبة تشدد عليه حسب التفصيل الوارد في الفصل ‪ 462‬ق‪.‬ج‬

‫كما يشترط لوقوع هذه الجريمة أن يؤدي تعريض الطفل للخطر إلى حدوث نتائج فعلية‪ ،‬لذلك فالجريمة تقوم ولو يقع للطفل‬
‫ضرر ما‪ ،‬على أنه إذا ترتبت نتائج عن تعريض الطفل للخطر اقتصرت آثارها على العقوبة فقط وذلك على التفصيل الوارد‬
‫‪.‬في الفصل ‪ 459‬من ق‪.‬ج المغربي‬

‫وزيادة في توفير الحماية للطفل عاقب المشرع الجنائي المغربي كلمن يترك طفال أو يتخلى عنه لفائدة مؤسسة خيرية‪ ،‬وكان‬
‫الطفل قد عهد به إليه للعناية به متى كان سن الطفل ال يتجاوز سبع سنوات([‪ .)]29‬كما جرم المشرع كل من يقوم ببيع أو شراء‬
‫‪.‬طفل تقل سنه عن ثماني عشر سنة([‪ ، )]30‬وفي نفس االتجاه عاقب كل من حرض أو قام بالوساطة من أجل ذلك‬
‫وتدخل المشرع لتجريم االتجار باألطفال قد يبدو مستغربا‪ ،‬ولكن مرده يرجع باألساس إلى كون هذه الجريمة أصبحت تندرج‬
‫في إطار الجريمة المنظمة التي تقوم بها شبكات دولية متخصصة في ذلك‪ ،‬على صعيد القارة اإلفريقية بالخصوص مما أيقظ‬
‫‪.‬هاجس المشرع المغربي نحو المسألة إضافة إلى ضرورة مالءمة القانون الجنائي المغربي مع التزامات المغرب الدولية‬

‫‪ .‬د محمد عبد اللطيف صالح الفرفور‪”:‬الفقه الجنائي المقارن بالقانون”‪ ،‬الناشر‪ :‬الحكمة‪ ،‬ب‪.‬ط‪.‬و‪.‬ب‪.‬ت‪ ،‬ص‪[1] – 77 :‬‬
‫‪.‬محمد فاضل‪”:‬جريمة الفساد في القانون المغربي”‪ ،‬طبعة أولى‪ ،‬ص‪ 102 :‬وما بعدها –‪[2] ‬‬
‫‪.‬محمد فاضل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪[3] – 107:‬‬
‫‪.‬الفصل ‪ 418‬من ق‪.‬ج بعد تعديله بموجب القانون رقم ‪[4] –  24-03‬‬
‫‪.‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 11‬نوفمبر ‪[5] – 2003‬‬
‫ذ‪ .‬يوسف وهاجي‪”:‬جرائم بيت الزوجية والحماية الجنائية للزوجين على ضوء تعديالت القانون الجنائي األخيرة”‪ ،‬مقال –‪[6] ‬‬
‫‪.‬منشور بمجلة الملف عدد ‪ ،5‬يناير ‪ ،2005‬ص‪118:‬‬
‫‪.‬هو ما سوف نراه الحقا بنوع من التفصيل ‪[7] – ‬‬
‫‪.‬أدولف ريبولط‪”:‬القانون الجنائي في شروح”‪ c،‬جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية‪ ،‬ص‪[8] – 602 :‬‬
‫‪.‬أدولف ريبولط‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪[9] – 603:‬‬
‫‪.‬وزارة العدل‪”:‬القانون الجنائي في شروح”‪ ،1997 ،‬ص‪[10] – 308 :‬‬
‫‪ .‬تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق اإلنسان حول مشروع قانون رقم ‪ 24-03‬المتعلق بتغيير وتتميم ق‪.‬ج –‪[11] ‬‬
‫‪.‬وفي مقدمتها الجمعيات النسائية والمرصد الوطني لحقوق الطفل –‪[12] ‬‬
‫ويقصد بحالة العود‪ ”:‬الحالة التي يرتكب فيها الشخص جريمة بعد أن حكم عليه بمقتضى حكم حائز لقوة الشيء –‪[13] ‬‬
‫”‪.‬المقضي به من أجل ارتكاب جريمة سابقة‬
‫‪.‬ذ يوسف وهابي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪[14] – 122 :‬‬
‫‪.‬ذ‪ .‬يوسف وهابي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪[15] – 123 :‬‬
‫‪.‬الفصل ‪ 446‬من ق‪.‬ج كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى قانون ‪[16] – 24-03‬‬
‫القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية‪¨ ‬‬
‫‪.‬د‪ .‬محمد محمد مصباح القاصي‪”:‬الحماية الجنائية للطفولة”‪ ،1998 ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص‪[17] – 29 :‬‬
‫‪.‬د‪ .‬محمد محمد مصباح القاصي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪[18] – 31 :‬‬
‫‪.‬ونحن نعطي هذا الموقف على سبيل المقارنة وال نناقش سالمته من عدمها لعدم اتساع المجال لذلك –‪[19] ‬‬
‫‪.‬أدولف ريبولط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪[20] – 570 :‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬عبد الواحد العلمي‪”:‬القانون الجنائي المغربي (القسم الخاص)”‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،2000 ،‬ص‪[21] – 205 :‬‬
‫‪.‬د‪ .‬محمد محمد مصباح القاصي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪[22] – 33 :‬‬
‫عبد اللطيف بلقاضي‪”:‬القانون الجنائي‪ ،‬القسم الخاص”‪ c،‬مطبعة الكرامة‪ ،‬دار األمان للنشر‪  ‬والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‪[23] – :‬‬
‫‪87.‬‬
‫‪.‬الفصل ‪ 421‬من ق‪.‬ج –‪[24] ‬‬
‫‪.‬د‪ .‬محمد محمد مصباح القاصي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪[25] – 40 :‬‬
‫الفصل ‪ 461‬ق‪.‬ج المغربي –‪[26] ‬‬
‫‪.‬د‪ .‬محمد محمد مصباح القاصي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪[27] – 40 :‬‬
‫‪.‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪[28] – 61 :‬‬
‫‪.‬الفصل ‪ 465‬من ق‪.‬ج –‪[29] ‬‬
‫‪.‬الفصل ‪ 497‬ق‪.‬ج –‪[30] ‬‬

You might also like