You are on page 1of 5

‫المبحث الثاني ‪ :‬ومنظورها في الشريعة والقانون‬

‫المطلب األول ‪ :‬منظور الشريعة اإلسالمية للخيانة الزوجية‪.‬‬


‫إن مفهوم الخيانة الزوجية المنتشر بين الناس حاليا هو في الحقيقة مفهوم قاصر جدا ‪،‬فالمفهوم‬
‫‪ +‬على الزنا أو عالقة الزنا بين‬
‫الخاطئ المنتشر بين الناس يعتبر أن الخيانة الزوجية هي المقصورة‬
‫الزوج أو الزوجة وشخص أجنبي أو امرأة أجنبية ‪ ،‬أي أنهم ال يتصورون الخيانة إال في شكلها‬
‫المادي القائم على عالقة جنسية بين زوج وامرأة أجنبية أو زوجة ورجل أجنبي‪.‬‬
‫أما الخيانة الزوجية التي نحن بصدد الحديث عنها‪ ،‬والمفهوم الذي نود تصحيحه للناس بشأن هذا‬
‫الموضوع‪ :‬أن مفهوم الخيانة الزوجية شرعا يشمل كل عالقة غير مشروعة تنشا بين الزوج وامرأة‬
‫أخرى غير زوجته أو العكس ‪ ،‬فهي تعتبر عالقة محرمة سواء بلغت حد الزنا أم لم تبلغه ‪ ،‬ويشمل‬
‫هذا‪ :‬المواعيد واللقاءات والخلوة وأحاديث الهاتف التي فيها نوع من االستمتاع وتضييع الوقت ‪ ،‬بل‬
‫حتى الكالم العابر واللقاءات التي تجري على سبيل العشق والغرام‪.‬‬
‫هذا المفهوم الواسع للخيانة يجعل مفهومها أكثر دقة‪ ،‬ألننا لو بدأنا بمعالجة قضية الخيانة فقط‬
‫بعد أن تصل إلى حدها األقصى وهي جريمة الزنا ‪ ،‬نكون كالطبيب الذي يعالج المريض بعد أن‬
‫يصل لحالة ميئوس‪ ،‬لكن الشريعة اإلسالمية جاءت فحرمت الزنا ‪،‬لكن ليس الزنا فقط بمعناه‬
‫المباشر بل حرمت طرقه والسبل التي تؤدي إليه من باب سد الذرائع كالخلوة بالمرأة األجنبية ‪،‬‬
‫والنظرة غير المشروعة لغير الحاجة وكذلك حرمت كشف العورات ألن جميعها سبيل إلى الزنا‪.‬‬
‫إذن حينما نريد معالجة الخيانة ينبغي أن نعالجها في ؤول مظاهرها ومن أصغر أشكالها ‪ ،‬وليس‬
‫بعد أن يستفحل األمر ويصل إلى حده األقصى وهو الزنا‪.‬‬
‫حكم الخيانة الزوجية ‪:‬‬ ‫‪o‬‬
‫تعتبر الخيانة الزوجية من أكبر المحرمات وكبيرة من الكبائر وإحدى السبع الموبقات حتى أنه حينما بين‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في الحديث الشريف آيات المنافق أوضح من بينها أنه إذا أتمن ثم خان ‪ ،‬بغض‬
‫‪.‬النظر عن نوع هذه الخيانة‬
‫وكذلك الزوجة أيضا راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها وهو زوجها وأبناؤها ‪ ،‬فإذا ما ارتكبت جريمة‬
‫‪.‬الزنا أو خطت أولى الخطوات في طريقها تعتبر خائنة ألمانة الرعاية‬

‫‪:‬ثبوت الجريمة‬
‫فماذا عن الرأي الشرعي ؟ ) الخيانة(‬

‫‪www.yabeyrough.com‬‬
‫قال األستاذ بكلية الشريعة والدراسات اإلسالمية د بسام الشطي ‪ :‬أن الخيانة بكل أشكالها من ابغض‬
‫السلوكيات التي نهى الشرع عنها ‪ ،‬وهي تدل على اختالف في الوازع الديني وضعف إيمان الفرد بعقيدته‬
‫‪ :‬وبقيمه األخالقية والدينية ‪ ،‬هذا الضعف الذي يسبب انحراف الرجل إلى الخيانة ‪ ،‬قال اهلل تعالى‬

‫ُوج ُه ْم َذل َِك أَ ْز َكى َل ُه ْم إِنَّ هَّللا َ َخ ِبي ٌر ِب َما َيصْ َنع َ‬
‫ُون(‬ ‫صار ِه ْم َو َيحْ َف ُ‬
‫ظوا فُر َ‬ ‫َ‬ ‫) قُ ْل ل ِْلم ُْؤ ِمن َ‬
‫ِين َي ُغضُّوا ِمنْ أ ْب َ ِ‬
‫اآلية تشمل األمر اإللهي للمسلمين بغض البصر كالنظر للنساء ‪ ،‬والمراد بحفظ الفروج حفظها من أن‬
‫تباشر غير ما أباحه الدين ‪،‬وقد ختم األمر اإللهي بغض البصر بجملة ‪ (:‬إِنَّ هَّللا َ َخ ِبي ٌر ِب َما َيصْ َنع َ‬
‫ُون)‬

‫ألنه كناية عن جزاء من يتمنه األمر من الغض والحفظ لكون المقصد هو األمر واالمتثال‪ ،‬كذلك يتعين على‬
‫المسلم غض البصر والبعد عن افتعال مخالطة النساء أو التلهي معهن ‪ ،‬وذلك بعيدا عن مواطن الفتنة وسدا‬
‫لذريعة النساء ‪،‬حتى ال يؤدي ذلك إال المفاسد وإثارة الشهوات عند الرجال وما يتبع ذلك من ارتكاب الفعل‬
‫‪ .‬المحرم ويؤدي إلى الخيانة الزوجية‬
‫وقد نبه الدكتور الشطي إلى أن يتقي كل زوج في هللا زوجته وان يصون حرمة هذا العهد‪ ،‬فالزواج رابطة‬
‫‪.‬مقدسة يجب أن يحافظ عليها الزوج ويصونها من الضياع‬
‫وأكد كذلك أن الخيانة الزوجية هدم لألسرة حتى إذا لم يعاقب أي من الطرفين ‪ ،‬وللزوجة حق طلب‬
‫الطالق لدفع الضرر الن الزوج في هذه الحالة يكون ناشزا ‪ ،‬والحق سبحانه وتعالى قد وضع عالجا‬
‫لزوجها الناشز بقوله ‪( :‬وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فال جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير‬

‫)وأحضرت األنفس الشح‬

‫مؤكدا أنه البد أن تقوم األسرة على األمانة والصدق‪ ،‬وهذا ضد الخيانة ‪،‬خاصة أنها إذا أحدثت بين‬
‫‪.‬الزوجين فقدت الثقة وانتهت األمانة ‪ ،‬وهي أسوء ما يصيب الزوج أو الزوجة‬

‫سورة النور اآلية ‪30 :‬‬

‫مقالة الدكتور ‪ :‬بسام الشطي عن وكالة األنباء‬

‫‪ +‬بن زهير‬
‫بحث عبد الرحيم بن يحيى ‪ :‬طالب باحث ماستر قانون خاص ‪/‬كلية العلوم القانونية ‪ ،‬جامعة‬

‫سورة النساء اآلية‪128 :‬‬


‫المطلب الثاني ‪ :‬تأطير القانون للخيانة الزوجية‬
‫تدخل جريمة الخيانة الزوجية في الفرع السادس من الباب الثامن من القانون الجنائي المخصص لجرائم‬
‫انتهاك اآلداب ‪ ،‬التي إذا نظرنا إليها في الواقع المعاش فإنها في تزايد مستمر ‪ ،‬وهي ظاهرة تكاد تهم كل‬
‫المجتمعات‪ ،‬ومن بينها جريمة الخيانة الزوجية التي تعد من اشد اإلمراض االجتماعية التي تدخل في‬
‫إطار الزنا إي محرمات الدين اإلسالمي‪ ،‬وباعتبار المغرب دولة إسالمية فقد حرص على محاربتها‬
‫‪.‬وحرم الزنا بجميع أشكاله ‪ ،‬بنصوص خاصة في القانون الجنائي المغربي‬

‫‪.‬أن مشكلة الخيانة الزوجية من ابرز المشاكل التي تواجه أي مجتمع على مستوى العالقات الشخصية‬
‫والخيانة الزوجية تتأرجح اختالفا بين الشرع والقانون من حيث أركان ثبوتها وعقوبتها ‪،‬فإن كانا متفقين‬
‫على تعريفها فالجناية ‪ ،‬هي اقتراف جريمة الزنا التي تعني كل اتصال جنسي أو معاشرة جنسية بين‬
‫شخص متزوج وشخص آخر أيا كان هذا الشخص وأيا كان نوع هذا االتصال الجنسي ‪ ،‬فالقانون يجرمه‬
‫ويوقعه تحت طائلة قانون العقوبات ‪ ،‬ويشترط القانون الكتمال أركان جريمة الزنا ‪،‬أن يتم ضبطها في‬
‫‪+‬‬
‫حالة تلبس أو اعتراف أو ثبوت من واقع شهادة الشهود والمعاينة والفحص والتعليل في حالة عدم التلبس‪،‬‬
‫أو االعتراف‪.‬أما إذا لم يحدث ضبط تلبس بالجريمة ولم يعترف المتهم أو المتهمة وسقط احد أركان‬
‫‪.‬دعوى الزنا ‪ ،‬فال تكون هناك جريمة قانونا يحاسب عليها الجاني قانونا‬
‫كما يستطيع الزوج أو الزوجة المجني عليه أو عليها‪ ،‬أن يتنازل عن حقه في مقاضاة الطرف الجاني‬
‫حفاظا على األوالد والسمعة والشرف درءا للفضائح ‪ ،‬بشرط أن تستأنف الحياة الزوجية بينهما مرة‬
‫أخرى ‪ ،‬سواء تم هذا التنازل في بداية إجراءات التقاضي أم أثناء السير في إجراءات دعوى الزنا ‪ ،‬كما‬
‫يستطيع الطرف المجني عليه أن يرفع العقوبة على الطرف الجاني حتى ولو صدر حكم نهائي في‬
‫‪.‬الدعوى أذا قدم ما يثبت قيامها بالمصالحة بالشرط السابق ذكره وهو استئناف الحياة الزوجية فيما بينهما‬
‫وواقع األمور والقضايا يثبت أن الزوج هو بالطبع األكثر خيانة من الزوجة ‪ ،‬بحكم العادات والتقاليد‬
‫واألعراف التي تحد من حجم الحرية الممنوحة للمرأة الشرقية العربية التي بحكم طبيعتها تكون الخيانة‬
‫‪.‬هي أخر ما يمكن أن تفكر فيه كزوجة ‪ ،‬وذلك كقاعدة عامة ‪ ،‬ولكل قاعدة شواذها كما نعرف‬
‫وبرغم الجمع بين زوجتين أو أكثر في الشريعة اإلسالمية السمحاء ‪،‬إال أنه عند غياب الوازع الديني نجد أن‬
‫الكثير من األزواج يكتفي بواحدة ‪ ،‬ويتصل جنسيا بمن يشاء من بائعات الهوى حينما يرغب في ذلك ‪ ،‬أو يتخذ‬
‫‪.‬له صديقة أو رفيقة معينة‬

‫ومن المفارقات واألحكام العجيبة الموافقة لشرع البشر وأهوائهم ‪،‬أنه وحسب القانون الفرنسي يحق للزوج‬
‫أن يقتل زوجته ومن معها حال ضبطه إياها متلبسة بارتكاب جريمة الزنا‪ ،‬وتخفف عقوبته من السجن‬
‫المؤبد إلى السجن لمدة ثالث سنوات كحد أقصى ‪ ،‬أما إذا حدث العكس وضبطت الزوجة زوجها متلبسا‬
‫بارتكاب جريمة الزنا ولو في فراشها وقتلته ‪ ،‬فإنها تعاقب كما لو كانت قد ارتكبت جريمة القتل العمد‬
‫‪.‬ألي سبب من األسباب‪ ،‬ودون تخفيف أو تقدير للسبب للداعي للقتل‬

‫‪ :‬الشك والتحقيق والتثبيت‬


‫وفي بعض األحوال قد تكتمل جريمة الزنا في غير حالة التلبس‪ ،‬وتكون األدلة دامغة ومحكمة بشكل ال‬
‫يثير الشك في كون الجريمة قد ارتكبت بالفعل ‪ ،‬لكنها تثير ريبة القاضي وعدم اطمئنانه وتجعله‬
‫يستشعر أن المتهمة بريئة ‪ ،‬فيما لو كانت هي الطرف الجاني ‪،‬وان تلك الجريمة لم ترتكب من األساس‪،‬‬
‫‪.‬فإذا اتهم الزوج زوجته باقتراف جريمة الزنا ولم يضبطها متلبسة‬

‫الشك والتحقيق ‪ :‬ولم تعترف أو حتى لو اعترفت ‪ ،‬فكي ال يكون هناك مجال في كون هذا اعتراف‬
‫وقع تحت ضغط أو إكراه ‪ ،‬تفحص الزوجة ويؤخذ منها عينة ‪ ،‬فإذا وجدت حيوانات منوية داخل رحمها غير‬
‫الخاصة بزوجها ‪،‬اعتبر هذا دليال على ارتكابها لجريمة الزنا وكأنها حالة تلبس وإال فمن أين جاءت ؟‬

‫أما إذا اثبت الفحص خلو رحمها من أي سوائل أحيوانات منوية تخص شخصا آخر غير زوجها ‪ ،‬كان‬
‫هذا دليال على براءة الزوجة من تهمة الزنا حتى وان وجدت أثار منوية على مالبسها من الخارج ‪،‬فإن‬
‫أي شخص يمكنه إلقاء سائل منوي على المالبس الخارجية دون أن تشعر الزوجة أو المرأة‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪.‬يحتمل أن يكون هناك من يريد الكيد بها‬
‫إذن فلكي تكتمل أركان قضية الخيانة فال بد وأن اليكون هناك أي شائبة يحتمل معها إيقاع الظلم بأحد‬
‫بواسطة التحليل الطبي الدقيق ‪ ،‬إال أن الرجل أيضا في حالة توجيه تهمة الزنا إليه يخضع لفحص طبي‬

‫‪.‬وتسحب عينة منه يتبين منها بواسطة الفحص ما إذا كان قد مارس عملية اتصال جنسي منذ وقت قريب أم ال‬
‫وكما سبق القول فان القاضي إذا اشك ولو بمقدار درة في الصحة شيء ما في القضية ولم يطمئن فإنه‬
‫يطبق فورا قاعدة الشك ( يفسر لصالح المتهم ) ‪ ،‬ويحكم فورا بالبراءة فليس هناك وسطية في قضايا‬
‫الزنا‪ ،‬فإما الجاني زان وإما هو ليس زانيا ‪ ،‬و يكون الحكم في تلك الحالة أكثر شادا بروح القانون وليس‬
‫‪.‬بنصه الجامد‬
‫اآلثار القانونية للخيانة الزوجية ‪ :‬أما بالنسبة لألثر القانوني لخيانة الزوجة لزوجها ‪ ،‬فيتمثل في‬
‫سقوط حقها في المتعة وبقية حقوقها ‪ ،‬كمؤخر الصداق وغيره فقط وبالنسبة ألوالدها يسقط حق حضانتها‬
‫‪ +‬وال تحتفظ إال بالطفل الذي هو دون العامين والذي‬ ‫لهم إذا كانوا في السن التمييز بين الخطأ والصواب‪،‬‬
‫‪.‬ال يستغني عن خدمة النساء في الطعام والنظافة ‪ ،‬وال يستطيع تمييز ما تفعله أمه‬
‫‪،+‬‬
‫أما الزوج الزاني الذي تثبت عليه جريمة الزنا‪ ،‬فتستطيع الزوجة رفع دعوى طلب الطالق منه للضرر‬
‫فليس هناك أشد ضررا للزوجة من الخيانة ‪ ،‬وفي تلك الحالة تستحق نفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر‬
‫‪ +‬المعنوي‬‫‪.‬صداقها ‪ ،‬وكذلك تعويضا عما أصابها من الضرر‬
‫بحث عبد الرحيم بنيحيى ‪ :‬طالب باحث ‪ ،‬ماستر قانون خاص بكلية العلوم القانونية ‪:‬ابن زهير‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أثارها االجتماعية والنفسية وطرق إثباتها والعقوبة المقدرة لها‬

‫المبحث األول ‪ :‬أركان الخيانة الزوجية وآثارها االجتماعية والنفسية‪.‬‬


‫المطلب األول‪ :‬أركان الخيانة الزوجية‬

‫ينص الفص ‪ 491‬من القانون الجنائي المغربي على إحكام جريمة الخيانة بقوله ‪ " :‬يعاقب بالحبس من‬
‫سنة إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية‪ ،‬وال تجوز المتابعة في هذه الحالة إال‬
‫بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه‪.‬‬

‫‪  ‬غير أنه في حالة غياب أحد الزوجين خارج تراب المملكة‪ ،‬فإنه يمكن للنيابة العامة أن تقوم تلقائيا‬
‫بمتابعة الزوج اآلخر الذي يتعاطى الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة‪ ".‬يستفاد من هذا النص أن المشرع‬
‫المغربي ميز بين الخيانة الزوجية و جريمة الفساد‪ ،‬على أساس أن طرفي الجريمة في الخيانة الزوجية‬
‫متزوجين أو على االقل أن يكون احدهما متزوجا‪ ،‬أما في جريمة الفساد فال وجود لهذه الرابطة إطالقا‬
‫وعلى هذا األساس أيضا ميز بين العقوبة المقررة لكل جريمة بتشديد العقوبة في الحالة األولى وتخفيضها‬
‫في الحالة الثانية ‪.‬‬

‫الوجيز في شرح القانون الجنائي الخاص‬

‫تقديم االستاذ محمد انيس‬

‫‪118‬‬ ‫الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف بأكدير ص ‪:‬‬

You might also like