You are on page 1of 215

‫وحدة التكوين و البحث‬ ‫جامعة عبد المالك السعدي‬

‫قانون األسرة المغربي‬ ‫كلية العلوم القانونية و االقتصادية‬


‫والمقارن‬ ‫و االجتماعية بطنجة‬

‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‬


‫في القانون الخاص‬

‫حول موضوع‪:‬‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬


‫عبد الخالق أحمدون‬ ‫فاطمة الزهراء القيسي‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‪:‬‬

‫رئيسا و مشرفا‬ ‫الدكتورعبد الخالق أحمدون ‪:‬‬


‫عضوا‬ ‫الدكتورعبد اللطيف البغيل ‪:‬‬
‫عضوا‬ ‫‪:‬‬ ‫الدكتورة جميلة العماري‬
‫ا‬
‫السنة الجامعية‪2007-2006 :‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪1‬‬
www.sajplus.com 2
‫أهدي‬
‫هذا الجهد الكبير‪ ،‬بعد ليالي الصبر المرير و طول عناء و كد عسير‪...‬‬
‫أهدي هذا األمل الصغير‪ ،‬خطه مداد الق لب ال ق لم و صرير‪ ،‬في صفحات صدر متأجج قرير‪...‬‬
‫أهدي هذا الحلم المثير‪ ،‬في بريد العبير و شدو العصافير‪ ،‬في كل مساء عند همس الزمهرير‪ ،‬عبر‬
‫األثير‪...‬‬
‫أهدي سنوات عمري اليسير‪ ،‬في كالم قصير‪ ،‬لمن كان عطاؤهما لي بدون نظير‪،‬‬
‫إلى‪:‬‬
‫أميرة بيتها‪...‬‬
‫و سيدة عشها‪...‬‬
‫و مربية أجيالها‪...‬‬
‫رمز للحب و الحنان‪...‬‬
‫و نبع األمل‪ ،‬و األمان‪...‬‬
‫و مثلي في الحكمة و التضحية عبر الزمان‬
‫أمي الحبيبة‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪3‬‬
‫إلى‬
‫رب األسرة وق ائدها‪...‬‬
‫وحامي حماها ومعيلها‪...‬‬
‫رمز النضال والكف اح ومثلي في الجد والنجاح‬
‫إلى أبي الحبيب‬
‫إلى‬
‫من رافق مشوار دراستي العسير‬
‫إلى من كان لي خير معين وأفضل جليس‬
‫إلى من ضحى بكل ما هو غال ونفيس‬
‫إلى من فرح لفرحي وحزن لحزني‬
‫إلى من صفق لنجاحي وتأسف لعثراتي‬
‫إلى زوجي‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪4‬‬
‫إلى‬
‫الدكتور الف اضل عبد الخالق أحمدون‬
‫على تحمله مشقة التوجيه و اإلرشاد‬
‫على سعة الصدر و العون و اإلمداد‬
‫و على تكبده عناء التصحيح بكل إجهاد‬
‫إلى‬
‫الذي هو في مشواري ساعدني‬
‫بتيسير السبل و بالمراجع أمدني‬
‫و بالنصيحة و الدعوة الصادقة ساندي‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪5‬‬
‫مقدمة‬
‫لقد كرم اإلسالم األسرة وأحاطها بعناية فائقة فاعتبرها المهد األول الذي ينطلق منه‬
‫النشء‪ ،‬والمدرسة األولى التي يتلقى بين أحضانها مبادئ المودة والرحمة‪.‬‬
‫ونظرا لواقعية الشريعة اإلسالمية فقد عالجت الخالفات التي قد تعصف بالبناء األسري وتهدده‬
‫باالنهيار‪.‬‬
‫لذلك وحرصا على استمرار األسرة وتماسكها فقد حثت على إصالح ذات البين بمختلف‬
‫الوسائل وجعل الطالق أبغض الحالل عند هللا وآخر حل يمكن التفكير فيه‪ .‬لكون الصلح هو أحد‬
‫الوسائل الفعالة في عالج الخالفات التي تنشب بين الزوجين‪.‬‬

‫فالصلح هو أحد اآلليات التي حرص اإلسالم على تنظيمها و منحها مكانة متميزة إلطفاء‬
‫نار الخالفات و استئصال فتيل النزاعات‪ ،‬فقد أناطها اإلسالم بدور وقائي ينبغي اللجوء إليه فور‬
‫ظهور بوادر النزاع و ليس بعد تأجج نار الخالفات‪ .‬وهدا يعني أن الصلح ال يصار إليه إال إدا‬
‫كانت هناك منازعة بين الطرفين يتم القضاء عليها بالصلح ‪ .‬كما أنه ال يشترط أن تكون المنازعة‬
‫قد رفعت إلى القضاء ‪ ،‬فيجوز الصلح لرفع منازعة لم ترفع بعد إلى القضاء للنظر فيها‪ ،‬كما أنه‬
‫يجوز الصلح أثناء نظر المنازعة أمام القضاء‪.1‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الصلح قديم قدم البشرية حيث عرف في جميع الحضارات اإلنسانية‬
‫على مر العصور‪.‬‬

‫و لما جاء اإلسالم أثبته وخصصه بنصوص شرعية وأقره بالكتاب والسنة واإلجماع‬

‫فمن القران قال تعالى "و إن خفتم شق اق بينهما ف ابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إن‬

‫يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما إن اهلل كان عليما خبريا"‪ 2‬كما قال أيضا "ف ال جناح عليهما أن‬

‫يصلحا بينهما صلحا و الصلح خير"‪.3‬‬

‫‪ -1‬ياسين محمد يحي ‪ ،‬عقد الصلح بين الشريعة و القانون المدني دراسة مقارنة فقهية قضائية تشريعية‪ ،‬دار الفكر العربي طبعة‬
‫‪ ، 1978‬ص ‪59‬‬
‫‪ - 2‬سورة النساء اآلية ‪135‬‬
‫‪ -3‬سورة النساء اآلية ‪127‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪6‬‬
‫و قال أيضا "ال خير في كثير من نجواكم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إصالح بين‬

‫الناس"‪.1‬كما قال عز و جل"و ال تجعلوا هللا عرضة أليمانكم أن تبروا و تتقوا و تصلحوا بين‬

‫الناس"‪. 2‬‬

‫إلى غير ذلك من اآليات التي تأمر بالصلح و تحث عليه‪.3‬‬


‫فكل هذه اآليات جاءت بصيغة أمرة تحث على الصلح و تدعو له في محاولة إنهاء النزاعات عن‬
‫طريق الصلح قبل رفع األمر إلى القضاء ‪.‬‬
‫و من السنة النبوية قال صلى هللا عليه و سلم "أال أخبركم بأفضل من درجة الصيام‬
‫‪4‬‬
‫والصالة والصدقة قالوا بلى قال إصالح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة "‬

‫كما أجمع علماء اإلسالم على مشروعية الصلح عن طريق التحكيم و أفضلية اللجوء إليه‬
‫قبل عرض النزاع على القضاء‪.‬‬

‫فقد جاء في نهاية المحتاج‪ :‬أنه وقع جمع الصحابة عليه ولم ينكروه مع اشتهاره فكان‬
‫إجماعا ‪ . 5‬وجاء في المبسوط أن الصحابة يجتمعون على جواز التحكيم ‪ .‬وهذا األخير هو أحد‬
‫وسائل الصلح ‪.6‬‬

‫دواعي اختيار الموضوع‬


‫ومن بين أهم األسباب التي دفعتني الختيار موضوع دور الصلح في حماية األسرة هي‪:‬‬
‫‪ -‬الحاجة الملحة للصلح بين الزوجين في زمن يشهد مستويات قياسية لنسب الطالق‬
‫والتطليق‪.‬‬

‫‪- 1‬سورة النساء اآلية ‪114‬‬


‫‪ -2‬سورة البقرة ‪.224‬‬
‫‪ -3‬سورة النساء اآلية ‪ 129‬سورة الحجرات االية‪ 10‬سورة األنفال اآلية ‪ 1‬سورة النساء اآلية ‪ 129‬سورة البقرة اآلية ‪128‬‬
‫‪ - 4‬وقوله الحالقة‪ :‬هي التي تستأصل الدين كما تستأصل الموس الشعر‪ .‬رواه محمد بن عيسى بن سورة الترميذي في سننه ج‬
‫الثامن‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1387‬ص ‪197‬‬
‫‪ - 5‬شمس الدين بن أبي العباس الرملي‪ ،‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج‪ ،‬ج ‪ ، 8‬دار إحياء الثراث العربي‪ ،‬ص ‪230‬‬
‫‪ - 6‬شمس الدين السرخسي‪ ،‬المبسوط‪ ،‬ج ‪ 21‬مطبعة السعادة مصر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1324‬ه ص ‪62‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪ -‬البحث في أسباب ارتفاع نسبة الطالق والتطليق رغم وجود آلية مهمة لتجنبه متمثلة في‬
‫الصلح عن طريق الحكمين التي هي آلية ليست وليدة مدونة األسرة الحالية‪ -‬أو السابقة‪ -‬وإنما‬
‫جزء ال يتجزأ و قاعدة جوهرية يقوم عليها تراثنا اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -‬البحث في مدى قدرة الصلح على وضع حد للخالفات القائمة بين الزوجين و بالتالي‬
‫حماية األسرة من التفكك و االنهيار‪.‬‬

‫فلكل هذه األسباب و غيرها فقد اخترت خوض غمار البحث في هذا الموضوع بالنظر إلى‬
‫ما يمثله من أهمية على المستوى النظري و العملي‪ .‬لكن طريق البحث لم يكن معبدا ميسرا في كل‬
‫جوانبه و إنما اعترضتني في إطار البحث مجموعة من الصعوبات التي ال أرى مانعا من اإلشارة‬
‫إليها و التي لم تزدني سوى إصرارا على المضي قدما في سبيل إخراج هذه الدراسة إلى حيز‬
‫الوجود‪ ،‬فمدونة األسرة نص جديد لم يمض على تطبيقه إال فترة زمنية قصيرة ‪ -‬تتعدى ثالث‬
‫سنوات ‪ -‬وهي مدة غير كافية لتراكم اجتهادات قضائية كافية تسمح بالحكم على مدى نجاعتها‪.‬‬
‫إشكاليات الموضوع‬
‫و نظرا لما يحتله الصلح من مكانة متميزا في قطع دابر الخالفات و الخصومات‪ ،‬فإنني قد‬
‫اخترت تناول موضوع دور الصلح في حماية األسرة انطالقا من اإلشكاالت التالية‪:‬‬
‫إلى أي حد يمكن أن يساهم تفعيل الصلح في حماية األسرة و ضمان استقرارها؟‬

‫ما مدى قدرة الصلح على تحقيق التوفيق بين الزوجين أمام اختالف العقليات والمستويات‬
‫اإلجتماعية والثقافية واإلقتصادية لكل أسرة على حدة ؟‬

‫ما هي الوسائل و اآلليات المرصودة لنجاح هده الصلح في مهامه بحجم المشاكل التي‬
‫تنتظره من خالل القضايا التي تعرض على القضاء ؟‬

‫ما هي العوامل و األسباب التي كانت تحول دون تفعيل الصلح في ظل مدونة األحوال‬
‫الشخصية ؟‬

‫هل ما جاءت به مدونة األسرة في مجال الصلح بين الزوجين يعتبر تغييرا جوهريا‬
‫للمقتضيات السابقة أم أن األمر ال يعدو أن يكون مجرد تعديل بسيط في الشكل دون الخوض في‬
‫عمق الموضوع؟‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪8‬‬
‫و هل الصلح في المرحلة القضائية في حال تفعيله على الوجه األمثل يعتبر كافيا لوضع حد‬
‫للخالفات الزوجية وبالتالي حماية األسرة؟ أم أن ذلك يحتاج إلى إنشاء مؤسسات‪ ...‬ذات أدوار‬
‫وقائية تحول دون الوصول إلى ردهات المحاكم حيث يستعصي إصالح ما تم إفساده بالفعل؟‬

‫خطة البحث‬
‫وأنا أقوم بدراسة هذه اإلشكاليات و تحليل أبعاد هذا الموضوع اعتمدت المنهج التحليلي‪.‬‬

‫و قد ارتأيت االعتماد على تصميم يتكون من مقدمة عامة وتمهيد و بابين و خاتمة‪.‬‬
‫فقد خصصت المقدمة للتعريف بالموضوع و تحديد أهميته و اإلشكاالت التي يطرحها‪.‬‬
‫أما التمهيد فقد تطرقت فيه لتعريف الصلح لغة وشرعا وقانونا مع تمييز الصلح عما يشتبه به‪.‬‬

‫و في الباب األول تم التطرق ألحكام مسطرة الصلح بين النظر الفقهي والنص القانوني ‪.‬‬
‫وقد قسمت هذا الباب إلى فصلين ‪:‬‬
‫في الفصل األول تناولت دور المحكمة في إصالح ذات البين بين الزوجين‪ ،‬في حين‬
‫تعرضت في الفصل الثاني إلى دور آليات الصلح غير القضائية في حماية األسرة‪.‬‬

‫أما في الباب الثاني فقد تناولت فيه بالدراسة و التحليل آليات الصلح بين التطبيق العملي‬
‫والتفعيل الواقعي ‪.‬وقد قمت بتفريع هدا إلى فصلين‪.‬‬

‫الفصل األول خصصته لواقع الصلح في التطبيق العملي‪ .‬وفي الفصل الثاني تحدثت عن‬
‫الوسائل الكفيلة بتفعيل مسطرة الصلح‪.‬‬

‫و قد أنهيت هذا البحث بخاتمة خصصتها للنتائج المتوصل إليها من خالل دراسة هذا‬
‫الموضوع‪.‬و على ذلك يقسم هذا الموضوع إلى بابين‪:‬‬

‫الباب األول ‪ :‬مسطرة الصلح بين النظر الفقهي و النص الق انوني‬

‫الباب الثاني‪ :‬آليات الصلح بين التطبيق العملي التفعيل الواقعي‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪9‬‬
‫تمهيد‬

‫إن البحث في أي موضوع من الموضوعات ‪ ،‬ينبغي له أن يحدده تحديدا دقيقا يميزه عن‬
‫غيره من الموضوعات التي تشابهه وتختلط به‪.‬‬

‫لدلك سأعمل على إيراد مواقف الفقهاء في تحديد مدلول الصلح لغة وشرعا ‪.‬‬

‫كما سأستعرض تعريف الصلح في القانون الوضعي‪.‬‬

‫تعريف الصلح‬

‫ويمكن تعريف الصلح لغة بكونه إنهاء للخصومة وإنهاء حالة الحرب‪ .‬و صلح يصلح‬
‫صلحا وصالحا و هو ضد الفساد ‪ .‬نقول صلح الشيء يصلح و صالحا و صلوحا ‪.‬‬

‫و اإلصالح نقيض اإلفساد و أصلح الشيء بعد فساده أي أقامه و أصلح الدابة أي أحسن‬
‫إليها فصلحت‪.‬‬

‫و الصلح بالضم هو مصالحة القوم فيما بينهم خالف المصالحة ‪ ،‬و بالكسر السلم‪.‬‬

‫و قد اصطلحوا و صالحوا واصلحوا و تصالحوا مشددة الصاد و قوم صلوح متصالحون‬


‫كأنهم و صفوا بالمصدر و الصالح بكسر الصاد مصدر للمصالحة و العرب تؤنثها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫و اسم الصلح يذكر و يؤنث فيقال الصلح جائز و جائزة‪.‬‬

‫وشرعا عرفه ابن عرفة بأنه انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع أو خوف‬
‫وقوعه‪.2‬‬

‫و هدا التعريف يدخل فيه الصلح على اإلنكار ‪.‬فاالنتقال عن الحق فيه إشارة إلى صلح‬
‫اإلقرار‪ ،‬واإلنتقال عن الدعوى فيه إشارة إلى صلح اإلنكار أي إنكار المدعى عليه‪.‬‬

‫وقوله بعوض متعلق بانتقال يخرج به اإلنتقال بغير عوض‪.‬‬

‫‪ -1‬جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬دار صادر بيروت ص ‪517‬‬
‫‪ - 2‬تعريف ابن عرفة أشار إليه أبي عبد هللا محمد الخرشي ‪ ،‬الخرشي على مختصر الشيخ خليل ‪ ،‬ج ‪ 6‬دار الفكر ص ‪2‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪10‬‬
‫وقوله لرفع نزاع أو خوف وقوعه فيه إشارة إلى جواز الصلح لتوقي غير قائمة ولكنها‬
‫محتملة ‪ .‬وفي هده الحالة يقوم الصلح بدور وقائي ‪.‬‬

‫في حين عرف فقهاء المذهب الشافعي الصلح لغة وعرفا بأنه قطع النزاع وشرعا بكونه‬
‫العقد الذي ينقطع به خصومة المتخاصمين‪. 1‬‬

‫وقد جرى هنا على خالف الغالب من أن المنقول عنه أعم من المنقول إليه أي فيكون‬
‫الشرعي فردا من أفراد اللغوي‪ ،‬العقد الذي يحصل به قطع النزاع ليس فردا من أفراد قطع النزاع‬
‫فهما متباينان بحسب التحقيق والوجود أي فالمكان الذي يتحقق فيه قطع النزاع وال عكس فبينهما‬
‫‪2‬‬
‫عموم وخصوص بحسب التحقيق وتباين بحسب المفهوم‪.‬‬

‫أما فقهاء المذهب الحنبلي فقد عرفوا الصلح لغة التوفيق والسلم بفتح السين وكسرها أي‬
‫قطع المنازعة‪ .‬وشرعا معاقدة يتوصل بها إلى إصالح بين المختلفين‪ . 3‬وهو تعريف أشبه‬
‫بتعريف المذهب الشافعي‪.‬‬

‫أما فقهاء المذهب الحنفي فقد عرفوا الصلح بأنه عقد وضع لرفع المنازعة أو عقد وضع‬
‫لرفع المنازعة بالتراضي ‪.4‬‬

‫وفي حاشية عابدين يعرف الصلح شرعا بكونه عبارة عن حق يرفع النزاع ويقطع‬
‫‪5‬‬
‫الخصومة‪.‬‬

‫ومن خالل استقراء هده التعاريف يتبين أنها تتفق مع بعضها البعض وتتطابق مع المعنى‬
‫اللغوي وهو أن الصلح عقد يرفع النزاع مع وجود اختالف في بعض صيغ التعاريف ال تؤثر على‬
‫جوهر التعريف حيث يستعمل الفقه الحنفي عبارة *رفع النزاع *‪ ،‬في حين يستعمل الفقه الشافعي‬
‫عبارة *قطع النزاع*‪ ،‬ويستعمل الفقه الحنفي عبارة *موافقة بين مختلفين*‪ ،‬وهده العبارات كلها‬
‫تكاد تكون متقاربة في المعنى‪.‬‬

‫‪ -1‬تقي الدبن محمد الحسيني الشافعي‪ ،‬كفاية األخيار في غياية اإلختصار‪،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة دار إحياء الكتب العربية مصر‪،‬‬
‫ص ‪271‬‬
‫‪ - 2‬ياسين محمد يحي‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪65‬‬
‫‪ -3‬محمد أمين ابن عابدين ‪،‬حاشية رد المختار على المختار ‪،‬الجزء الخامس ‪ ،‬مطبعة مصطفى الحلبي البابلي‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪ 1966‬ص ‪628‬‬
‫‪ - 4‬محمد قدري‪ ،‬مرشد الحيوان إلى معرفة أحوال اإلنسان‪ ،‬الطبعة األميرية بمصر‪،‬الطبعة الثانية ‪ 1909‬ص ‪272‬‬
‫‪ -5‬محمد أمين ابن عابدين المرجع السابق‪ ،‬ص ‪628‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪11‬‬
‫و التعريف الراجح هو تعريف اإلمام ابن عرفة المالكي الشتماله على الصلح اإلقرار‬
‫والصلح على اإلنكار‪ .‬والتمييز بين هدين النوعين من الصلح له أهمية خاصة في الفقه اإلسالمي‪،‬‬
‫ولكونه جعل الصلح ليس رافعا للنزاع فحسب ‪ ،‬بل مانعا من وقوعه أيضا حيث يقوم بدور وقائي‬
‫لمنع حدوث النزاع‪.‬‬

‫وبهدا يمتاز هدا التعريف عن تعريف الصلح في المذاهب الثالثة ألخرى‪.‬‬

‫ومن خالل تعاريف الصلح في الفقه اإلسالمي يتضح أن الصلح يتكون من عدة عناصر‬
‫هي‪:‬‬

‫أنه عقد ‪ ،‬أنه رافع للنزاع ‪ ،‬وجود التراضي ‪ ،‬العوض‪.‬‬

‫وقد عرف قانون االلتزامات المغربي الصلح في المادة ‪ 1098‬بأنه * عقد بمقتضاه يحسم‬
‫الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه ودلك بتنازل كل منهما لألخر عن جزء مما يدعيه بنفسه أو‬
‫بإعطائه ماال معينا أو حقا*‪.‬‬

‫كما عرفه القانون المدني المصري في المادة ‪ 549‬بكونه *عقد يحسم به الطرفان نزاعا‬
‫قائما أو يتوق يان به نزاعا محتمال‪ ،‬ودلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من‬
‫ادعائه*‪.‬‬

‫تمييز الصلح عما يشتبه به‬

‫سأعمل على تمييز الصلح عن التحكيم و اإلبراء والعفو وطلب المدعي وترك دعواه ‪.‬‬

‫أ – الصلح و التحكيم‬

‫التحكيم هو تولية الخصمين حكما أو حكمان يحكمان بينها ‪ ،‬فإذا لم يرد الطرفان ألي سبب‬
‫من األسباب رفع ما بينهما من المنازعة إلى المحكمة‪ ،‬أمكنهما اإلتفاق على تحكيم حكم يقضي‬
‫بينها‪.،‬‬

‫فاإلصالح يختلف عن الصلح في األتي‪:‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪ -‬الصلح مانع للخصومة وقاطع إلجراءاتها‪ ،‬بخالف التحكيم الذي هو مرحلة جديدة من‬
‫مراحل الخصومة‪.‬‬

‫‪ -‬التحكيم ينتج عن حكم قضائي‪ ،‬بخالف الصلح فإنه ينتج عنه عقد بتراضي الطرفين‬
‫والفرق كبير بين الحكم القضائي والعقد الرضائي‪.‬‬

‫‪ -‬الصلح فيه تنازل من أحد الطرفين أو كليهما عن حقه بخالف التحكيم فليس فيه تنازل‪.‬‬

‫فالتحكيم إذن ليس صلحا وإن كان كل منهما يقصد به الخصومة دون استصدار حكم‬
‫قضائي‪.‬‬

‫ب – الصلح وطلب المدعي ترك دعواه‬

‫ترك الدعوى من المدعي ال يعتبر صلحا ‪ ،‬ألن طلب ترك الدعوى جاء من طرف واحد‪.‬‬
‫ولدلك ال يوجد ما يمنع المدعي من تجديد دعواه مرة أخرى‪ ،‬ولو كان صلحا لما جاز له تجديد‬
‫النزاع مرة أخرى‪ .‬ألن الصلح حسم للنزاع وطلب ترك الدعوى قد يكون لسبب من األسباب‬
‫كعدم رغبته في توكيل غيره لعدم ثقته بالوكالء مثال‪.‬‬

‫ج ‪ -‬الصلح و اإلبراء‬

‫اإلبراء هو إسقاط ما في الذمة من حق أو دين‪.‬‬

‫والصلح يختلف عن اإلبراء في ‪:‬‬

‫‪ -‬الصلح يكون بعد النزاع عادة واإلبراء ال يشترط فيه دلك‬

‫‪ -‬الصلح قد يتضمن إبراء وقد ال يتضمن بأن يكون مقابل التزام‪.‬‬

‫د ‪ -‬الصلح والعفو‬

‫العفو هو الصفح عن الذنب وترك عقوبته ‪.‬‬

‫فالعفو يختلف عن الصلح في كون العفو يكون من كرف واحد‪ ،‬والصلح يكون من طرفين‪.‬‬

‫وبعد الحديث عن تعريف الصلح وتمييزه عما يشتبه به‪ ،‬أنتقل للحديث عن أحكام مسطرة‬
‫الصلح في كل من الفقه اإلسالمي وقانون األسرة المغربي‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪13‬‬
‫الباب األول‪ :‬مسطرة الصلح بين النظر الفقهي والنص الق انوي‬

‫إدراكا من المشرع الرباني بأهمية الصلح في إخماد فتيل النزاع‪ ،‬ورأب التصدع األسري‪،‬‬
‫ونشر المودة والوئام بين الزوجين‪ ،‬وإحالل الوفاق بدل الشقاق‪ ،‬حث هللا عز وجل في كتابه العزيز‬
‫على التحكيم كوسيلة من وسائل الصلح بين الزوجين منذ نشوب خالفات بينهما إذ قال‬

‫تعالى‪":‬وإن خفتم شق اق بينهما ف ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصالحا يوفق‬

‫هللا بينهما"‪.1‬‬

‫ووعيا من المشرع المغربي بأن مهمة القضاء في مجال النزاعات األسرية يجب أن تقوم‬
‫على إعطاء األسبقية للصلح‪ ،‬وذلك عن طريق بدل كل المجهودات واستخدام كل الوسائل بكيفية‬
‫جدية وفعالة‪ ،‬مع االستعانة بجميع اآلليات التي تساعد على التوفيق بين الزوجين‪ ،‬فال يجب أن‬
‫يقتصر دور القضاء فقط على إنهاء الخصومة بين الزوجين بإصدار األحكام إما لهم أو عليهم‪ ،‬فقد‬
‫عمل المشرع المغربي سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد صدور مدونة األسرة ‪،2‬‬
‫على التنصيص على مجموعة من الجهات القضائية وغير القضائية للقيام بوظيفة اإلصالح في‬
‫قضايا األسرة‪ ،‬وهدا ي وضح رغبة المشرع األكيدة وقناعته الراسخة بأهمية الصلح بين الزوجين‬
‫قبل اإلذن بالطالق أو التطليق ودوره في حماية األسرة من التفكك‪.‬‬

‫فما هي إذن هذه اآلليات القضائية وغير القضائية التي تولت مهمة المحافظة على تماسك‬
‫األسرة واستقرارها ؟ وكيف على إنقاذ األسرة من التفكك ؟‬
‫هذا ما سأعمل على دراسته من خالل الباب األول الذي قسم إلى فصلين‪:‬‬
‫دور المحكمة في إصالح ذات البين‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫آليات الصلح غير القضائية و دورها في حماية األسرة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ - 1‬سورة النساء اآلية ‪35‬‬


‫‪ - 2‬ظهير شريف رقم ‪ 1 – 04 – 22‬صادر في ‪ 12‬ذي الحجة ‪ 3 / 1424‬فبراير ‪ 2004‬بمثابة قانون رقم ‪ – 70 – 03‬والمنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5184‬بتاريخ ‪ 5‬فبراير ‪.2004‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪14‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬دور المحكمة في إصالح ذات البين‬
‫حماية لألسرة من التصدع والتفكك وحفاظا على تماسكها وترابطها‪ ،‬ألزم المشرع المغربي‬
‫القاضي بإيالء محاولة الصلح بين الزوجين أهمية كبرى وذلك بتفعيل كل إجراءاته المسطرية‬
‫التي نص عليها القانون‪ ،‬وبذل كل المجهودات والقيام بجميع المحاوالت الرامية إلى تقريب‬
‫وجهات نظر الزوجين‪ ،‬إيمانا منه بكون الصلح وسيلة فعالة للحد من ظاهرة الطالق والتطليق‪.‬‬

‫وبذلك يكون المشرع قد جعل على عاتق القاضي مهمة لم شتات األسرة والمحافظة على‬
‫عش الزوجية عن طريق إجراء محاولة الصلح في كل أنواع الطالق أو التطليق باستثناء التطليق‬
‫للغيبة‪ ،‬عكس ما كان معموال به في ظل مدونة األحوال الشخصية التي كانت تنصب على ضرورة‬
‫إجراء الصلح فقط في حالة التطليق للضرر‪.‬‬

‫فما هي إذن اإلجراءات المسطرية الواجب إتباعها في مسطرة الصلح ؟ وكيف سيساهم‬
‫قاضي التي تكفلت بدور التوفيق بين الزوجين في حماية األسرة ؟‬
‫هذا ما سأحاول اإلجابة عنه في هذا الفصل الذي قسمته إلى مبحثين‪:‬‬
‫إجراءات التصالح بين الزوجين‬ ‫المبحث األول ‪:‬‬

‫دور القاضي في جلسة التصالح بين الزوجين‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪15‬‬
‫المبحث األول‪ :‬إجراءات التصالح بين الزوجين‬
‫لقد عمل المشرع المغربي سواء من خالل مدونة األحوال الشخصية أو مدونة األسرة على‬
‫العناية باألسرة‪ ،‬وبالحرص على تماسكها باعتبارها اللبنة األولى للمجتمع‪.‬‬

‫لذلك فقد تدرج في التنصيص على اإلجراءات الشكلية والمسطرية التي تكفل نجاح محاولة‬
‫الصلح بين الزوجين‪ ،‬فنص على نوعين من اإلجراءات‪:‬‬

‫النوع األول خاص باإلعداد لجلسة الصلح‪ ،‬في حين يتعلق النوع الثاني بإجراءات تهم‬
‫الحضور لجلسة الصلح‪.‬‬

‫ومن خالل هذا المبحث سأعمل على توضيح هذه اإلجراءات من خالل مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلعداد لجلسة الصلح‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحضور لجلسة الصلح‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلعداد لجلسة الصلح‬

‫من المبادئ األساسية أن القاضي ال يباشر عمله إال بناءا على طلب‪ 1 ،‬فال يمكن له القيام‬
‫بإجراء الصلح إال بـعد أن يتقـدم أحد الزوجيـن أو هـما معا بطلب الطالق أو التطليق وفقا للشكل‬
‫الذي يحدده القانون‪( 2‬الفقرة األولى)‪.‬‬

‫وبعد تقديم الطلب‪ ،‬تأتي مرحلة استدعاء الزوجين لحضور جلسة الصلح وذلك طبقا لطرق‬
‫االستدعاء التي يقررها القانون (الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسن الفكهاني‪ ،‬التعليق على قانون المسطرة المدنية في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬الدار العربية‬
‫للموسوعات ‪ ،‬الطبعة ‪ 1983‬ص ‪.185‬‬
‫‪ -2‬وعلى القانون فإن الفقه اإلسالمي يفرض تدخل القاضي و إن لم يرفع إليه األمر في مسألة الشقاق بين الزوجين ‪ ،‬و في هذا‬
‫الصدد بقول ابن العربي‪":‬إذا علم اإلمام من حال الزوجين الشقاق لزمه أن يبعث إليهما حكمين و ال ينتظر ارتفاعهما ألن ما يضيع‬
‫من حقوق هللا أثناء ما ينتظر رفعهما إليه ال جبر له " أبي بكر محمد بن عبد هللا المعروف ابن العربي‪ ،‬أحكام القران‪ ،‬تحقيق علي‬
‫محمد البجاوي‪ ،‬مطبعة عيسى البابلي و شركائه‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪. 467‬ألنه يجب حل الخالف قبل أن يتفاقم ويتعذر رأب الصدع ‪ ،‬عبد‬
‫الرحمان الصابوني ‪ ،‬مدى حرية الزوجين في توقيع الطالق في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ج الثاني‪ ،‬دار الفكر بيروت‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ 1968‬ص ‪ . 754‬وقد أشار إلى دللك أيضا أحمد بن حجر العسقالني‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬نشر‬
‫إدارة البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد بالمملكة العربية السعودية‪ ،‬ص ‪322‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪16‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تقديم الطلب‬

‫لقد جرى العمل في ظل مدونة األحوال الشخصية لـ ‪ 1957‬ووفقا للفصل ‪ 48‬على اعتبار‬
‫الطالق حق للزوج يوقعه بإرادته المنفردة‪ ،‬ويكفيه عند العزم على الطالق أن يحضر أمام عدلين‬
‫منتصبين لإلشهاد سواء بمكتبهما أو بمنزله ويصرح أمامهما بإيقاع الطالق على زوجته ‪ .1‬وقد‬
‫كان ب إمكان الزوج إيقاع الطالق في أي مكان ثم يخبر الزوجة أو يبعث لها رسم الطالق عبر‬
‫البريد‪ ،‬بل أحيانا قد ال يخبر بذلك وقد ال تكتشف األمر إال بعد وفاة الزوج‪ ،‬حيث يفاجئها الورثة‬
‫برسم الطالق ‪.2‬‬

‫وهذا يعني أن مدونة األحوال الشخصية جعلت الطالق حكرا على الزوج يوقعه دون أية‬
‫إجراءات مسطرية (تقديـم طلب‪ ،‬إجراء صلح‪ )...‬باستثناء ضرورة إشهاد عدلين‪ .‬وفي هذا تغييب‬
‫شبه كامل للقضاء ‪ 3‬رغم أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه في إصالح ذات البين بين الزوجين‪.‬‬

‫وقد عرفت م‪.‬ح‪.‬ش تعديالت جزئية‪ 4 ،‬لكنها تعديالت لم تذهب إلى حد وضع الطالق بيد‬
‫السلطة القضائية‪ ،‬وإنما تركته مبدئيا بيد الزوج‪ ،‬وإن كانت قد أحاطته بإجراءات مسطرية قضائية‬
‫جد صارمة على ما يتضح من قراءة متأنية للنصوص المعدلة‪ 5 .‬فقد نص الفصل ‪ 48‬من م‪.‬ح‪.‬ش‬
‫" ال يسجل الطالق إال بحضور الزوجين وبعد إذن القاضي "‪ ،‬وهذا يعني أن الطالق ال يرتب‬
‫آثاره إال بعد تقديم الزوج طلب الطالق إلى قاضي التوثيق الستصدار إذن بالطالق‪.‬‬

‫وقد حافظت مدونة األسرة على هذا اإلجراء إذ نصت في المادة ‪ 79‬على أنه " يجب على‬
‫مريد الطالق أن يطلب اإلذن من المحكمة "‪ .‬وفيما يخص الطالق االتفاقي فقد نصت المادة ‪114‬‬

‫‪ - 1‬ثم يقوم العدالن بتسجيل هذا الطالق في مذكرة الحفظ ألحدهما ثم يطلبان من الزوجة أن تدفع لهما رسم الزواج فإن امتنعت أو‬
‫لم تحضره رفع العدالن األمر إلى قاضي التوثيق‪.‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم اشهيبات ‪ ،‬الطالق على ضوء تعديالت م‪.‬ح‪.‬ش ‪ ،‬مقال منشور بمجلة اإلشعاع عدد ‪ 22‬دجنبر ‪ 2000‬ص ‪57‬‬
‫‪ - 3‬فهذا األخير لم يكن له أي دور يذكر في هذه المرحلة وذلك انسجاما مع قواعد الفقه اإلسالمي التي تعتبر الطالق حق للزوج‬
‫ألنه أقل انفعاال من المرأة وأكثر ضبطا ألعصابه منها ‪.‬‬
‫إبراهيم الهياللي ‪ ،‬مذكرات في الفقه اإلسالمي على ضوء م‪.‬ح‪.‬ش ‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬طبعة ‪ 1987‬ص ‪ 57‬كما يرون أن‬
‫المرأة أشد تأثيرا وأسرع انقيادا لحكم العاطفة من الرجل‪.‬‬
‫أحمد فراج حسين " أحكام األسرة في اإلسالم‪ ،‬الطالق وحقوق األوالد ونفقة األقارب ‪ ،‬الدار الجامعية بيروت ‪ ،‬طبعة ‪ 1991‬ص‬
‫‪.29‬‬
‫‪ - 4‬بمقتضى ظهير رقم ‪ 1.93.347‬بمثابة قانون الصادر بتاريخ ‪ 10 – 9 – 993‬والمنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪422‬‬
‫بتاريخ ‪ 29‬شتنبر ‪1993‬‬
‫‪ - 5‬محمد كشبور‪ ،‬الطالق وتبعاته المالية‪ ،‬دراسة في نطاق الظهير بمثابة قانون الصادر في ‪ ،1993 – 9 – 10‬مقال منشور‬
‫بمجلة المحامي عدد ‪ 26 – 25‬سنة ‪ 1994‬ص ‪.50‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪17‬‬
‫على أنه " عند وقوع هذا االتفاق يقدم الطرفان أو أحدهما طلب التطليق للمحكمة "‪ .‬وأهم ما يمكن‬
‫مالحظته على هذه المادة هو استعمال عبارة " طلب التطليق " في حين أن األمر يتعلق حسب ما‬
‫نص عليه المشرع بالطالق االتفاقي‪.‬‬

‫وأ عتقد أن هذا مجرد خطأ وسهو من المشرع فاألمر يتعلق بطلب الطالق وليس التطليق‪.‬‬
‫وفيما يخص الطالق بالخـلع فقد أحالت المادة ‪ 115‬في كل ما يتعلق باإلجراءات المسطرية‬
‫الواجب إتباعها إليقاعه على المادة ‪ ، 114‬أي ضرورة تقديم طلب إلى المحكمة بعد وقوع االتفاق‬
‫بين الزوجين على الطالق بالخلع‪.‬‬

‫ولمـا كان الطالق في ظـل م‪.‬ح‪.‬ش حق للـزوج ‪ .1‬فقد سمح المشرع للزوجة باللجوء إلى‬
‫القضاء ليحكم بتطليقها ‪ 2‬إذا توفرت األسباب التي حددتها م‪.‬ح‪.‬ش في الفصول ‪ 53‬إلى ‪، 60‬وهي‬
‫تخضع لنفس اإلجراءات المسطرية الخاصة بتقديم طلب مع انفراد التطليق للضرر بإجراء‬
‫الصلح‪ .‬لكن بعد صدور مدونة األسرة أخضعت مسطرتي الطالق والتطليق إلجراءات مسطرية‬
‫موحدة خصوصا فيما يتعلق بضرورة تقديم طلب وإجراء محاولة الصلح بين الزوجين باستثناء‬
‫التطليق للغيبة ‪ .3‬فقد نصت المادة ‪ 113‬على أنه " يبث في دعاوى التطليق المؤسسة على أحد‬
‫األسباب المنصوص عليها في المادة ‪ 98‬أعاله بعد القيام بمحاولة اإلصالح باستثناء حالة الغيبة "‪.‬‬
‫ويقدم طلب الطالق أو التطليق إلى قسم قضاء األسرة أي المحكمة التي توجد بدائرة نفوذها بيت‬
‫الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو المحكمة التي أبرم فيها عقد الزواج‪ ،‬وذلك طبقا لما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 79‬من مدونة األسرة‪ .‬وبذلك يكون المشرع المغربي قد خالف نصوص قانون‬
‫المسطرة المدنية المتعلقة باالختصاص المحلي‪ ،‬والتي تنص في الفصل ‪ 27‬على أن المحكمة‬
‫المختصة مكانيا هي التي يوجد بدائرة نفوذها الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه‪.‬‬

‫‪ - 1‬إال إذا فوضه إلى زوجته – الفصل ‪ 44‬من م‪.‬ح‪.‬ش‬


‫‪ - 2‬محمد كشبور‪ ،‬الوسيط في قانون األحوال الشخصية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪2003 – 1425‬‬
‫ص ‪399‬‬
‫‪ - 3‬لكنها في نفس الوقت نصت على مقتضيات مخالفة لما هو مقرر في ق‪.‬م‪.‬م الذي يشترط توفر األهلية لرفع الدعوى وهذا‬
‫يصطدم مع الحالة التي يكون فيها أحد الزوجان قاصرا‪ .‬فأهلية الزواج في مدونة األسرة محددة في ‪ 18‬سنة (م ‪ )19‬لكن يمكن‬
‫للقاضي النزول عن هذا السن إذا توفرت أسباب مبررة (م ‪ )20‬وبذلك يحق للزوجين تقديم طلب الطالق أو التطليق وهي‬
‫مقتضيات مخالفة ل ق‪.‬م‪.‬م لكن هذا األخير قانون عام ومدونة األسرة قانون خاص والخاص يقيد العام كما أن ق‪.‬م‪.‬م قانون سابق‬
‫و م‪.‬أ قانون الحق والالحق أولى بالتطبيق من السابق‪.‬‬
‫لقد كان على المشرع المغربي وهو بصدد مدونة األسرة أن يعمل على إزالة التعارض بين هذين القانونين حتى يكون هناك‬
‫انسجاما بين القوانين الداخلية‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪18‬‬
‫ويقدم طلب التطليق أو الطالق في شكل مقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو‬
‫وكيله أو بت صريح يدلى به المدعي شخصيا ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا‬
‫يوقع من طرف المدعي أو يشار في المحضر أنه ال يمكنه التوقيع ‪( 1‬ف ‪ 31‬من ق‪.‬م‪.‬م)‪.‬‬
‫وقد حددت المادة ‪ 80‬من مدونة األسرة البيانات التي يجب أن يتضمنها الطلب وهي‪ :‬هوية‬
‫الزوجين ومهنتهما وعنوانهما وعدد األطفال إن وجدوا وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي‪ ،‬على‬
‫أن يرفق الطلب بمستندات الزوجية والحجج التي تثبت الوضعية المالية للزوج والتزاماته المالية‬
‫مع اإلشارة ولو بشكل موجز إلى موضوع الطلب وأسباب المقال‪.‬‬

‫ونظـرا لخصوصية دعاوي الطالق والتطليق وحفاظـا على أسرار الزوجين‪ ،‬فيكتفي‬
‫اإلشارة في المقـال إلـى وجود نزاع بين الزوجين ولو بصفة مجملة على أن يتولى الزوجان أثناء‬
‫جلسة الصلح بسط كافة أوجه الخالف ‪.2‬‬

‫وبعد تقديم طلب الطالق أو التطليق من طرف احد الزوجين أو هما معا يقوم القاضي‬
‫باستدعائهما لحضور جلسة الصلح‪ .‬فكيف يتم استدعاء الزوجين لحضور جلسة المصالحة‬
‫وإصالح ذات البين ؟‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬استدعاء الزوجين لجلسة الصلح‬

‫بعد توصل قاضي التوثيق بطلب اإلشهاد على الطالق يقوم باستدعاء الزوجين طبقا لما‬
‫نص عليه الفصل ‪ 48‬من م‪.‬ح‪.‬ش " ال يسجل الطالق إال بحضور الطرفين وبعد إذن القاضي‪.‬‬
‫وإذا توصلت الزوجة باالستدعاء ولم تحضر وأصر الزوج على إيقاع الطالق استغني عن‬
‫حضورها "‪.‬‬

‫وقد توخى المشرع من التنصيص على استدعاء الزوجة إجراء محاولة الصلح بينهما وإن‬
‫كان لم يشر إلى ذلك في ظاهر النص‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬شرح ق‪.‬م‪.‬م والتنظيم القضائي معلقا عليها بأحكام محاكم النقض العربية إلى غاية ‪ ، 1995‬الجزء األول‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1998‬ص ‪140‬‬
‫‪ - 2‬مجلة قضاء األسرة‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬العدد األول يوليوز ‪ 2005‬الطبعة الثانية ‪ 3‬دجنبر‬
‫‪ 2005‬ص ‪63‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪19‬‬
‫والمالحظ أن م‪.‬ح‪.‬ش لم تحدد كيفية استدعاء الزوجة‪ .‬ومن المعلوم أن ق‪.‬م‪.‬م هو القانون‬
‫العام في اإلجراءات القضائية وقضايا األحوال الشخصية ما لم ينص المشرع على خالف ذلك‬
‫بنص صريح‪ .‬وبالرجوع إلى الفصل ‪ 38‬من ق‪.‬م‪.‬م نجده يعتبر أن تسليم االستدعاء يعتبر صحيحا‬
‫إذا سلم إلى الشخص نفسه أو في موطنه إلى أقاربه أو خدمه أو لكل شخص آخر يسكن معه‪ .‬وهذا‬
‫يعني أن الزوجة قد ال تتوصل باالستدعاء‪ .‬كما أن أغلب شواهد التسليم قد ال تسلم إلى الزوجة‬
‫بفعل تدخل األعوان المكلفين ذوي الذمة الفاسدة بتواطؤ الزوج‪ 1،‬بهدف حرمانها من إبداء وجهة‬
‫نظرها‪ 2،‬يضاف إلى ذلك أن المشرع لم يرتب أي أثر قانوني على عدم احترام مسطرة استدعاء‬
‫الزوجة أمام القاضي‪ ،‬فليس هناك أي إجراء بمس محتوى رسم الطالق في هذا المجال‪. 3‬‬
‫وأمـام ارتفاع نسبة الطالق الغـيابي صدر منشور وزير العدل‪ 4‬إلى قضاة التوثيق يؤكـد ضرورة‬
‫التمييز بين حالتين‪:‬‬
‫‪ ‬حالة كونها معروفة العنوان‪ :‬ينبغي استدعاؤها لجلسة محاولة الصلح والتأكد من توصلها‬
‫باالستدعاء وفق الطرق القانونية المقررة في ميدان تبليغ اإلجراءات القضائية‪.‬‬
‫‪ ‬حالة تـصريح الزوج بكون الزوجة مجهـولة العنوان‪ ،‬حيث يتعين على قاضي التوثيق‬
‫‪ .‬وإذا كانت‬ ‫‪5‬‬
‫إجراء تحر في الموضوع بكل الوسائل المتاحة له قبل تعيين قيـم عليها‬
‫م‪.‬ح‪.‬ش لم تحـدد كيفية استدعاء الزوجة في مسطرة الطالق فإن مدونة األسرة على‬
‫العكس من ذلك قد حددت في المادة ‪ 6 81‬كيفية استدعائها مؤكدة أن عدم حضور الزوجة‬
‫رغم توصلها شخصيا باالستدعاء وعدم تقديمها أية مالحظات مكتوبة عوض حضورها‪،‬‬

‫‪ - 1‬ربيعة بنغازي‪ ،‬التطليق للضرر من خالل االجتهاد القضائي المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس – أكدال ‪ 2001 – 2000‬ص ‪259‬‬
‫‪ - 2‬وقد التزم المشرع في ظل م‪.‬ح‪.‬ش الصمت إزاء تحايل الزوجين بهدف عدم توصل الطرف اآلخر باالستدعاء عكس المشرع‬
‫التونسي الذي نص على عقوبات صارمة تصل إلى الحبس مدة سنة‪ .‬ف ‪ 32‬مكرر المضاف بموجب التعديل الوارد في القانون‬
‫رقم ‪ 74‬لسنة ‪ 1993‬المؤرخ في ‪1993 – 7 – 12‬‬
‫ساسي بن حليمة دور قاضي األسرة في قضايا الطالق‪ ،‬مجلة األحداث القانونية ‪ ،‬ع ‪ 6‬سنة ‪ 1992‬ص ‪14‬‬
‫لكن وإدراكا من مدونة األسرة أن التحايل ال يقاوم أحيانا إال بالزجر فقد احتوت على مواد تحيل على فصول القانون الجنائي‬
‫وتعاقب بعقوبات حبسية كما في حالة ثبوت تحايل الزوج بتقديمه معلومات مغلوطة عن عنوان الزوج أو تقديم بيانات غير‬
‫صحيحة حيث أحالت على مقتضيات الفصل ‪ 361‬من القانون الجنائي كل ذلك في إطار مالئمة القوانين الوطنية للتشريعات‬
‫المقارنة‪.‬‬
‫‪ - 3‬رشيد مشقاقة‪ ،‬قراءات وتعاليق ‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط – ص ‪153‬‬
‫‪ - 4‬منشورة وزير العدل عند ‪ 2‬بتاريخ ‪ 2000 – 2 – 22‬إلى قضاة التوثيق‪.‬‬
‫‪ - 5‬عبد هللا روحمات‪ ،‬األمر بتحديد االلتزامات المتربة على الطالق من العمل الوالئى إلى العمل القضائي ‪ ،‬مجلة اإلشعاع عدد‬
‫‪ 18‬فبراير ‪ 2002‬ص ‪.171‬‬
‫‪ - 6‬محمد األزهر‪ ،‬شرح مدونة األسرة أحكام الزواج ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2004‬ص ‪.136‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪20‬‬
‫فإن المحكمة تخطرها عن طريق النيابة العامة بأنه عدم حضورها سيجعل المحكمة تبت‬
‫في الملف في غيابها‪ ،‬أما إذا كان عنوان الزوجة مجهوال فإن النيابة العامة تسخر جميع‬
‫اإلمكانيات للوصول إلى الحقيقة‪ .‬في حين إذا تخلف الزوج عن الحضور فيعتبر غيابه هذا‬
‫تراجعا عن طلبه الرامي إلى الطالق ‪. 1‬‬

‫و المالحظ على هذه المادة أن المشرع المغربي حرص كثيرا على التوصل الشخصي‬
‫باالستدعاء‪ .‬لكن في الواقع قد يتم تسليم طيات االستدعاء إلى أقارب المعني األمر أو خدمه أو لكل‬
‫شخص أخر يسكن معه حسب مقتضيات المادة ‪ 37‬من ق‪.‬م‪.‬م ‪.‬‬

‫فهل في هذه الحالة يرجع إلى ق‪.‬م‪.‬م باعتباره القانون العام اإلجرائي ‪ ،‬أم البد من التقيد‬
‫بأحكام المادة ‪ 81‬من قانون األسرة ؟‬

‫فإذا تم التمسك بحرفية المادة ‪ 81‬من م‪.‬أ فال بد من تبليغ االستدعاء إلى المعني باألمر‬
‫شخصيا‪ .‬وبالتالي استبعاد تطبيق مقتضيات الفصلين ‪ 37‬و ‪ 38‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وهذا ال يتم في الواقع‬
‫مما يجعل ملف طلب اإلذن بالطالق مفتوحا مع تكرار االستدعاءات بدون جدوى‪.‬‬

‫أما إذا تم التمسك بفرضية التوصل القانوني فيعني ذلك أن تبليغ االستدعاء يعتبر صحيحا‬
‫إذا سلم في موطن المعني باألمر إلى أقاربه‪ .2...‬وبالتالي فإنه يرتب األثر المنصوص عليه في‬
‫المادة ‪ 81‬من مدونة األسرة‪ ،‬إذا تم التوصل مرتين على األقل سواء بالنسبة للزوج أو الزوجة‬
‫ويطبق نفس الحكم تجاه كل منهما في حالة رفض التوصل من الغير ‪.3‬‬

‫وإذا كانت مدونة األسرة قد حددت كيفية استدعاء الزوجين في دعوى الطالق فإنها في‬
‫دعوى التطليق التزمت الصمت‪ .‬وأمام سكوت المشرع وعدم التنصيص على مسطرة استدعاء‬

‫‪ - 1‬والمشرع التونسي في هذا الصدد كان أكثر حرصا على تبليغ االستدعاء للزوجين إذا ألزم الفصل ‪ 32‬مكرر من القانون رقم‬
‫‪ 74‬المؤرخ في ‪ 1993 – 7 – 12‬القاضي بضرورة التأكد من تبليغ االستدعاء للجلسة الصلحية شخصيا للمعني باألمر وللقاضي‬
‫أن يستعين بكل األشخاص الذين قد يصلحون إلعانة على تبليغ االستدعاء كالشرطة وعمدة الحي أو القرية‪ .‬ولم يقف القانون عند‬
‫هذا الحد بل ألزم القاضي بالبحث عن المقر الحقيقي للمعني باألمر الستدعائه منه‪ .‬ومما ال شك فيه أن هذا القانون قد أثقل كاهل‬
‫قاضي األسرة وجعل مهمته صعبة التحقيق إذ فتح أمرا سلبيا آخر هو تعمد المدعى عليه عدم تسلم االستدعاء شخصيا كي يعطل‬
‫سير قضية الطالق والمساهمة في تأخير صدور الحكم في القضية أطول اجل ممكن‪.‬‬
‫ساسي بن حليمة‪ ،‬دور قاضي األسرة في قضايا الطالق‪ ،‬المرجع السابق ص ‪17‬‬
‫‪ -2‬محمد عصبة‪ ،‬اإلذن بالطالق ال يتم توقيعه لدى من طرف الطالب المأذون له‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية المنعقدة بكلية الحقوق‬
‫بوجدة يومي ‪ 17‬و‪ 18‬فبراير‪ 2005‬مدونة األسرة عام من التطبيق‪ ،‬الحصيلة و األفاق ‪ ،‬منشورات مجموعة البحث في القانون‬
‫واألسرة‪ ،‬سلسلة الندوات العدد األول طبعة ‪ 2006‬ص ‪198‬‬
‫‪ - 3‬مجلة قضاء األسرة‪ ،‬المرجع السابق ص ‪55‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪21‬‬
‫الزوجين في دعاوي التطليق وعدم اإلحالة على المادة ‪ 81‬من قانون األسرة‪ ،‬فإن القواعد العامة‬
‫لالستدعاءات المنصوص عليها في ق‪.‬م‪.‬م تبقى واجبة اإلعمال في هذا المجال‪.‬‬

‫من أهمية بالغة وقد خصصت المسطرة‬ ‫‪2‬‬


‫والتبليغ‬ ‫‪1‬‬
‫ونظرا لما إلجراءات االستدعاء‬
‫المدنية الفصول من ‪ 6‬إلى ‪ 41‬للحديث عن المسطرة التي يتم بها االستدعاء وكذا طرق تبليغه‪.‬‬

‫وهكذا فعندما يعين رئيس المحكمة القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية‪ ،‬فإن هذا‬
‫األخير هو الذي يقوم بتعيين أول جلسة للبث في القضية فيأمر كتابة الضبط بتبليغ االستدعاء إلى‬
‫الطرف المعني باألمر مع التأكد من هويته بواسطة الوثائق اإلدارية المعتمدة لذلك وتوقيعه على‬
‫شهادة التسليم‪ ،‬مع اإلشارة إلى رقم الوثيقة اإلدارية المثبتة للهوية‪ ،‬فإذا كان عاجزا عن التوقيع‬
‫أبصم مكانه ويشير العون المكلف بالتبليغ إلى ذلك من طرف عون التبليغ‪.3‬‬

‫وتحمل االستدعاءات جملة من البيانات المنصوص عليها في الفصل ‪ 39‬من ق‪.‬م‪.‬م وهي‬
‫االسم الشخصي والعائلي والمهنة وموطن أو محل إقامة المدعي أو المدعى عليه وموضوع‬
‫الطلب والمحكمة التي ستبت في القضية ورقم الملف ويوم وساعة الجلسة وقاعتها‪.‬‬

‫ويؤدي النقص في بيانات االستدعاء إلى بطالنه ألنه "ال يعتبر مجرد تسليم طي التبليغ‬
‫لشخص بعنوان المبلغ إليه صحيحا إال إذا كان االستدعاء متوفرا على الشروط المطلوبة في‬
‫الفصلين ‪ 39‬و ‪ 516‬من ق‪.‬م‪.‬م " ‪ .4‬ويتم التبليغ بطرق مختلفة‪ ،‬فإما أن تقوم به المحكمة عن‬
‫طريق أعوانها العاملين بها وهم أعوانها التبليغ الذين يقومون بتبليغ االستدعاءات عن طريق‬
‫األعوان القضائيين أو عن طريق السلطة اإلدارية أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع‬
‫اإلشعار بالتوصل‪.‬‬

‫‪ - 1‬االستدعاء هو وسيلة اتصال األطراف بالمحكمة ويتم االستدعاء في نموذج هيأته وزارة العدل يشمل مجموعة من البيانات‪.‬‬
‫عبد العزيز توفيق‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.145‬‬
‫‪ - 2‬فأما التبليغ فيقصد به الشكلية التي يتم بواسطتها إعالم المبلغ إليه باإلجراءات القضائية التي تتخذ ضده‪ ،‬وأساس فكرة التبليغ‬
‫هو مبدأ المواجهة الذي يقوم على عدم جواز اتخاذ أي إجراء ضد شخص دون تمكينه من العلم به وإعطائه فرص للدفاع عن نفسه‬
‫فهذا المبدأ هو مجرد تطبيق من تطبيقات حق الدفاع‪.‬‬
‫عبد هللا العبدوني‪ ،‬مسطرة بطالن إجراءات التبليغ في ضوء العمل القضائي المغربي‪ ،‬مجلة اإلشعاع عدد ‪ 20‬سنة ‪ 11‬دجنبر‬
‫‪ 1999‬ص ‪.27‬‬
‫‪ - 3‬دليل عملي لمدونة األسرة‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الشروح والدالئل – العدد األول ‪2004‬‬
‫ص ‪ 63‬وأيضا نادية لمزاوير‪ ،‬التطليق للشقاق بين النص والتطبيق‪ ،‬الحلقة الدراسة الجهوية المنظمة لفائدة قضاة األسرة بتطوان‬
‫أيام ‪ 6‬و‪ 5‬و ‪ 7‬و ‪ 8‬دجنبر ‪.2005‬‬
‫‪ - 4‬قرار صادر عن المجلس األعلى رقم ‪ 88‬بتاريخ ‪ 1987 – 3 – 15‬منشور بمجلة القضاء والقانون ع ‪ 129‬ص ‪ 176‬أورده‬
‫عبد العزيز توفيق المرجع السابق ص ‪.151‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪22‬‬
‫وإذا كان المعني باألمر خارج الوطن فيتم توجيه االستدعاء إليه بواسطة السلم اإلداري‬
‫على الطريقة الدبلوماسية ماعدا إذا كانت مقتضيات االتفاقية الدولية تقضي بغير ذلك مع احترام‬
‫اآلجال ( الثصل ‪ 37‬من ق م م ) ‪.1‬‬
‫وأخيرا يمكن القول أنه من اإلشكاالت العملية العويصة التي ستواجه تطبيق مواد مدونة األسرة‬
‫هي مشكلة التبليغ‪ ،‬تبليغ االستدعاءات وتبليغ الطيات القضائية وما تتطلبه من أداءات ومصاريف‬
‫التنقل‪...‬فمدونة األسرة لن تطبق فقط على مستوى المدن وإنما يجب األخذ بعين االعتبار المساحة‬
‫الواسعة للبالد وتنوع مناطقها وتضاريسها‪.‬‬

‫وإذا تم تجاوز مشكل تبليغ االستدعاءات والطيات القضائية وتوصال الزوجين باالستدعاء‬
‫فإن هناك إشكالية أخرى تطرح على مستوى التطبيق العملي وهي حضورهما لجلسة التصالح‬
‫ومدى إمكانية استخدام الوكالة في حالة تعذر الحضور‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحضور لجلسة الصلح‬

‫إن مسألة لقاء الزوجين خصوصا موضوع حضورهما جلسة الصلح من اجل التوفيق‬
‫بينهما‪ ،‬كانت وال تزال تثير العديد من اإلشكاليات سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد‬
‫صدور مدونة األسرة‪ ،‬فقد شكلت موضوع نقاش كبير في أوساط رجال الفقه والقانون فمنهم من‬
‫اعتبر أن الزوجين ملزمين بالحضور شخصيا لجلسة المصالحة ( الفقرة األولى)‪.‬‬

‫في حين ذهب البعض إلى إمكانية توكيل الزوجين غيرهما للحضور نيابة عنهما في حالة‬
‫تعذر عليهما الحضور شخصيا (الفقرة الثانية) وقد أدى اختالف وجهات النظر إلى تباين األحكام‬
‫الصادرة عن المحاكم المغربية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحضور الشخصي لجلسة الصلح‬

‫إن حضور الزوجين لجلسة الصلح هو بين القضايا التي حظيت باهتمام المشرع المغربي‪.‬‬
‫فقد نص الفصل ‪ 48‬من م‪.‬ح‪.‬ش " ال يسجل الطالق إال بعد حضور الطرفين وبعد إذن القاضي "‬

‫‪ - 1‬مجلة قضاء األسرة – المرجع السابق ص ‪53‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪23‬‬
‫فهذا النص أكد صراحة أن الطالق ال يسجل إال بعد حضور طرفي النزاع دون أن يحدد المقصود‬
‫بالطرفين هل هما الزوج أو الزوجة أو غيرهما‪ ،‬ممن يملك وكالة عنهما ‪. 1‬‬

‫ففي ما يخص التطليق للضرر فقد نص الفصل ‪ 56‬من م‪.‬ح‪.‬ش أنه " إذا ادعت الزوجة‬
‫على زوجها إ ضراره بها بأي نوع من أنواع الضرر الذي ال يستطاع دوام العشرة مع أمثالها‬
‫وثبت ما ادعته وعجز القاضي عن اإلصالح بينهما طلقها عليه " فالمشرع في هذا الفصل أوجب‬
‫على القاضي أن يحكم بتطليق الزوجة من زوجها بعد عجزه عن اإلصالح بينهما دون أن يتطرق‬
‫لمسالة حضور الزوجين من أجل التصالح‪ .‬وعليه يتضح أن المشرع في م‪.‬ح‪.‬ش اكتفى بالنص‬
‫على ضرورة إجراء محاولة الصلح قبل إيقاع الطالق أو التطليق للضرر دون بيان اإلجراءات‬
‫المسطرة لهذه المحاولة‪ ،‬معتمدا في ذلك على نصوص تكتسي طابع العمومية والشمولية‪ .‬لكن‬
‫بالرجوع إلى ق‪.‬م‪.‬م نجده قد تكفل بتوضيح بعض اإلجراءات الخاصة بالصلح‪ ،‬فقد حدد الفصل‬
‫‪ 179‬المقصود من الطرفين المنصوص عليهما في الفصل ‪ 48‬وهما الزوج والزوجة‪ ،‬كما قرر أن‬
‫الهدف من حضور الزوجين قبل إيقاع الطالق هو محاولة القاضي التوفيق بين الزوجين وذلك‬
‫سعيا للحد من المشاكل واآلثار السلبية الناجمة عن الطالق وحماية األسرة من التفكك ‪.2‬‬

‫لكن كثيرا ما تعتقد الزوجة أن زوجها ال يمكنه أن يطلقها إال إذا حضرت معه‪ ،‬فتتوصل‬
‫باالستدعاء دون أن تحضر‪ ،‬فتضيع عليها فرصة الدفاع عن حقها إذ يتم الطالق في غيبتها ‪.3‬‬

‫أما فيما يخص مسطرة التطليق للضرر فقد أكد الفصل ‪ 212‬من ق‪.‬م‪.‬م أنه بعد تقييد طلب‬
‫التطليق يستدعي القاضي الزوجين قصد محاولة الصلح‪.‬‬

‫فإذا تم التصالح بين الزوجين تختم اإلجراءات المسطرية بقرار يثبت ذلك‪ .‬وفي حالة عدمه‬
‫وبعد استدعاء الزوجين وتخلفهما أو أحدهما عن الحضور يصدر القاضي أمرا بعدم التصالح‪،4‬‬
‫ويأذن المدعي بمواصلة اإلجراءات العادية لدعوى التطليق للضرر‪.‬‬

‫فمن خالل كل هذه الفصول يتضح أن المشرع المغربي في ظل م‪.‬ح‪.‬ش لم يؤكد صراحة‬
‫ضرورة حضور الزوجين شخصيا لجلسة الصلح مما ترك لالختالف مجاال كبيرا‪.‬‬
‫‪ - 1‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الطالق بعد التعديل‪ ،‬حصيلة عملية‪ ،‬األحداث المغربية عدد ‪ 26 325‬رجب ‪ 1420‬هـ ‪ 5‬نوفمبر ص ‪7‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم اشهيبات‪ ،‬المرجع السابق ص ‪37‬‬
‫‪ - 3‬أحمد الزوكاغي‪ ،‬الطالق حسب الصيغة الحالة لمدونة األحوال الشخصية – مطبعة األمنية – طبعة ‪ 1994‬ص ‪.167‬‬
‫‪ - 4‬السعدية بلميير‪ ،‬الروابط العائلية‪ ،‬منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية ‪ ،‬طبعة ‪19 80‬ص ‪79‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪24‬‬
‫وفي هذا الصدد صدر منشور عن وزير العدل إلى قضاة التوثيق أكد فيه على ضرورة‬
‫السهر على حضور الزوجين شخصيا لجلسة محاولة الصلح ‪ .1‬وإن كان القضاء المغربي يسير‬
‫في اتجاه ضرورة حضور الزوجين شخصيا‪ .‬فقد جاء في إحدى قرارات المجلس األعلى على أن‬
‫حضور الزوجة أمر بديهي ألنها صاحبة المصلحة وبذلك كان استدعاؤها من قبيل تحصيل‬
‫الحاصل‪ ،‬أما الزوج وهو الخصم في الدعوى فاستدعاؤه أساسي إلصدار الحكم عليه كي يسمع ما‬
‫عنده ويعذر إليه وإال كان الحكم باطال ‪.2‬‬

‫فإذا كان األمر كذلك في ظل م‪.‬ح‪.‬ش فإن المشرع قد عمل على تعديل قانون المسطرة‬
‫المدنية‪ 3‬موازاة مع صدور مدونة األسرة الجديدة ودلك في إطار مالءمة القوانين الوطنية حتى‬
‫تكون منسجمة ومتطابقة مع بعضها البعض تفاديا لكل تعارض أو تناقض ومواكبة للتطور الذي‬
‫يشهده المجتمع المغربي ‪.‬‬

‫وفي هدا الصدد تم إلغاء الفصل ‪ 179‬من ق م م وعوض بمقتضيات أخرى ال عالقة لها‬
‫بمسطرة الصلح إذ جاء في الفصل ‪ 179‬الجديد ما يلي‪ (:‬تطبق في قضايا األحوال الشخصية‬
‫مقتضيات القسم الثالث والبابين األول والثاني من القسم الرابع إدا لم تكن مخالفة لمقتضيات هدا‬
‫الباب‪.‬‬

‫يمارس مهام قاضي األسرة المكلف بالزواج قاض من المحكمة االبتدائية يعين لمدة ثالث‬
‫سنوات بقرار لوزير العدل)‪ .‬كما أضيف بمقتضى القانون رقم ‪ 72 . 03‬الفصل ‪ 179‬مكررمن ق‬
‫م م وهو أيضا ال صلة له بمحاولة التوفيق بين الزوجين وإنما يتعلق بالنفقة المؤقتة‪.‬‬

‫أما الفصل‪ 212‬من ق م م فقد ألغيت منه الفقرات من ‪ 2‬إلى ‪ 6‬بإدخال الغاية فأصبح هدا‬
‫الفصل بعد التعديل ينص على مايلي‪ ( :‬يقدم وفقا إلجراءات العادية مقال التطليق إلى المحكمة‬
‫اال بتدائية التي يوجد بدائرة نفودها بيت الزوجية أو التي أبرم فيها عقد الزواج ) ‪.‬فهدا الفصل‬
‫يتناول اإلختصاص المحلي للنظر في دعوى التطليق للضرر وال يتعلق بمسطرة إصالح ذات‬
‫البين بين الزوجين‪.‬‬

‫‪ - 1‬منشور عدد ‪ 2‬صادر عن وزارة العدل بتاريخ ‪ 22‬فبراير ‪.2000‬‬


‫‪ - 2‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 39‬صادر بتاريخ ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1967‬أشارت إليه ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.258‬‬
‫‪ -3‬قانون رقم ‪ 72.03‬بتغيير قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم‪ 1.74.447‬الصادر في‬
‫‪ 11‬من رمضان ‪ 1394‬الموافق ل ‪ 28‬شتنبر ‪1974‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪25‬‬
‫وإذا كان المشرع قد توفق في تعديله لإلحكام المتعلقة بمسطرة الصلح والواردة في قانون‬
‫المسطرة المدنية‪ ،‬فإن األمر ليس كذلك في مدونة األسرة فقد اعتمد في معالجته لمسألة مقابلة‬
‫الزوجين من أجل الصلح على نصوص غير دقيقة وغير صريحة وإن كان قد تفادى بعض ثغرات‬
‫م‪.‬ح‪.‬ش إذ أكد على ضرورة استدعاء الزوجين في المادة ‪ 1 81‬وليس الطرفين كما هو منصوص‬
‫عليه في الفصل ‪ 48‬من م‪.‬ح‪.‬ش‪ .‬فمن خالل هذه المادة يتجلى أن المشرع حرص أشد الحرص‬
‫على ضمان التوصل الشخصي في االستدعاء فاستعان بالنيابة العامة خصوصا إذا كان عنوان‬
‫الزوجة مجهوال ‪.2‬‬

‫كل ذلـك من أجل حضور الزوجين ومقابلتهما لمعـرفة حقيقة النزاع بهدف إصالح ذات‬
‫البين ‪ .‬لكنه في نفس الوقت اقتصر على ترتيب آثـار االستدعاء بالنسبة للزوج دون ترتيب أي أثر‬
‫قانوني على عدم توصل الزوجة‪ .‬إذا اعتبـرت المادة ‪ 81‬توصل الزوج شخصيا باالستدعاء وعدم‬
‫حضوره تراجعا عن طلبه‪.3‬‬

‫فمما ال شك فيه أن حضور الزوجين شخصيا من شأنه أن يمكن القاضي من وضع يده عن‬
‫جوهر النزاع مسترشدا في ذلك بالتفسيرات التي يقدمها كل طرف‪ ،‬األمر الذي سيوفر حظوظا‬
‫أكبر لنجاح محاولة الصلح بما يضمن استمرارية األسرة‪ ،‬والحفاظ عليها وحمايتها من أسباب‬
‫التصدع والتفكك‪ 4 .‬ولكن رغم أنه قد يتعذر على أحد الزوجين الحضور لجلسة التصالح فإن م‪.‬أ‪.‬‬
‫لم تتعرض لهذه المسألة فهل يعني ذلك تطبيق مقتضيات ق‪.‬م‪.‬م مادام أن األصل في األشياء‬
‫اإلباحة وما دام أن الهدف هو تسريع مسطرة البث وتمكين األطراف من الحصول على حقوقهم‬
‫في وقت وجيز ‪ 5‬؟‬

‫وفي هذا الصدد يرى بعض قضاة محكمة قسم قضاء األسرة بمدينة طنجة‪ " :‬إن عدم‬
‫حضور الزوج يعتبر في جميع الحاالت تراجعا عن طلبه وينبغي له إعادة تقديم طلب اإلذن‬
‫‪" - 1‬تستدعي المحكمة الطرفين لمحاولة اإلصالح إذا توصل الزوج شخصيا باالستدعاء ولم يحضر اعتبر ذلك منه تراجعا عن‬
‫طلبه إذا توصلت الزوجة شخصيا باالستدعاء ولم تحضر ولم تقدم مالحظات مكتوبة‪ ،‬أخطرتها المحكمة عن طريق النيابة العامة‬
‫بأنها إذا لم تحضر سيتم البث في الملف إذا تبين أن عنوان الزوجة مجهول‪ ،‬استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى الحقيقة‬
‫‪ - 2‬رغم ما عرفت به النيابة العامة من الطابع الجنائي فيكون المشرع بإدراجها في القضايا األسرية قد أكسبها لباسا اجتماعيا‬
‫الهدف منه االستفادة من خبرتها في طرق وأساليب البحث لتدليل كل الصعوبات التي تمنع حضور الطرفين لجلسة الصلح‪.‬‬
‫‪ - 3‬يرى البعض أنه في حالة عدم حضور طالب التطليق الجلسة األولى بتعيين تطبيق الفصل ‪ 47‬من ق‪.‬م‪.‬م أي التشطيب على‬
‫القضية من الجدول وليس تسجيل تراجع الطالب عن طلب التطليق‪ ،‬نادية لمزاوير‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 4‬ساسي بن حليمة‪ ،‬دور قاضي األسرة في قضايا الطالق‪ ،‬المرجع السابق ‪11‬‬
‫‪ - 5‬محمد عصبة‪ ،‬المرجع السابق‪198 ،‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪26‬‬
‫لكن إذا تخلف الزوج في الجلسة الثانية ينظر إذا كانت‬ ‫‪1‬‬
‫باإلشهاد على الطالق من جديد‪» .‬‬
‫المحكمة قد أذنت له في عدم الحضور‪ ،‬فهنا تواصل المحكمة اإلجراءات للبث في طلب الطالق‪،‬‬
‫أما إذا كانت ا لمحكمة لم تأذن له فيتعين اإلشهاد عليه بالتراجع عن طلب اإلذن‪ ،‬وهذا يعني أن‬
‫للمحكمة السلطة التقديرية في إعفاء الزوج من الحضور لجلسة الصلح الثانية‪.‬‬
‫أما إذا تخلفت الزوجة في الجلسة الثانية رغم حضورها في الجلسة األولى‪ ،‬فإنه ال يتم اللجوء إلى‬
‫إنذارها عن طريـق الن يابة العامة‪ ،‬ويتم مواصلة إجراءات اإلذن بالطـالق دون حاجة إلى توجيه‬
‫إنـذار ألنها سبق لها الحضور ‪.2‬‬

‫عند حضور الزوجين يتم االستماع إليهما في غرفة المشورة حفاظا على أسرار بيت‬
‫الزوجية‪ ،‬ويقوم القاضي بجميع المحاوالت الرامية إلى تقريب وجهات نظرهما وإنهاء النزاع‬
‫ا لقائم بينهما‪ .‬وإذا ما بدا له من خالل المناقشة أن المصلحة تقتضي تأخير القضية إلى جلسة أخرى‬
‫حدد لهما القاضي موعدا لجلسة صلح أخرى‪ .‬لكن إذا استطاع إقناعهما بتفاهة الخالف الواقع‬
‫بينهما وحصل التصالح‪ ،‬حرر محضرا يثبت االتفاق على الصلح وينهي النزاع‪ .‬أما إذا عجز‬
‫الق اضي عن إصالح ذات البين بين الزوجين أصدر أمرا بعدم التصالح‪ ،‬وأذن للمدعي بمواصلة‬
‫إجراءات الدعوى هذا بالنسبة للحالة التي يحضر فيها الزوجان معا لجلسة الصلح‪ ،‬سواء كانا‬
‫مقيمين في المغرب أو حضرا معا إلى المغرب من أجل إجراء محاولة الصلح‪.‬‬

‫أما بالنسبة للحالة التي يكون فيها أحد الزوجين مقيما بالخارج وتخلف عن حضور جلسة‬
‫الصلح‪ ،‬وتم استدعاؤ ه مرة ثانية ولم يحضر الرتباطه بعمل يجعل مثوله أمام القاضي أمرا‬
‫متعذرا‪ ،‬أصدر القاضي أمرا بعدم التصالح‪ ،‬وصارت الدعوى وفقا لإلجراءات العادية‪ .‬وهكذا ال‬
‫تحقق مسطرة الصلح الهدف المرجو منها وهو محاولة وضع حد للخالف وتراجع الزوجين عن‬
‫مواقفهما ‪.3‬‬

‫‪ - 1‬لكن أال يعتبر ذلك إهدار لوقت المحكمة واألطراف‪ ،‬فضال عما في ذلك عن عناء ومشقة‪.‬‬
‫‪ - 2‬تقرير عام ألعمال الدورة التكوينية المنظمة بالمعهد العالي للقضاء حول " مدونة األسرة ودور الوساطة في تفعيل مسطرة‬
‫الصلح أيام ‪ 17 – 15 – 14‬شتنبر ‪ 2005‬اليوم الرابع‪.‬‬
‫‪ -3‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪261‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪27‬‬
‫ولذلك فـإن المشرع أمام هذه الحاالت قـرر أنه يمكنهما انتداب أقـرب قنصلية إلى محل‬
‫وتحرير محضر يثبت أن‬ ‫‪1‬‬
‫سكناهما إلجراء محاولة الصلح بينهما طبقا لمنشور وزير العدل‬
‫محاولة الصلح قـد أجريت من طرف قاض بإحدى سفارات أو قنصليات المملكة المغربية‪ .‬ويجب‬
‫أن يتضمن محضر الصلح باإلضافة إلى الهوية الكاملة للطرفين وتصريحاتهما ووضعيتهما‬
‫المادية واالجتماعية وعدد األوالد – إن وجدوا – وأسباب الخالف وغير ذلك من البيانات‬
‫األساسية التي تساعد القاضي في حالة فشل الصلح على تقدير حقوق الزوجة واألوالد ‪.2‬‬

‫وأخيرا يمكن القول أنه نظرا لما يترتب على الطالق أو التطليق من نتائج خطيرة ال‬
‫تقتصر على الزوجين فقط‪ ،‬وإنما تتعداهما لتشمل المجتمع بأكمله فإنه يصبح من الواجب محاولة‬
‫تفاديهما وذلك بتوفير أكثر حظوظ لنجاح المحاولة الصلحية ‪.3‬‬

‫ومن بين الوسائل التي قد تساعد على نجاح المحاولة‪ ،‬الحرص على حضور الزوجين أمال‬
‫في عدولهما عن قرارهما وعزمهما عن الفراق‪ ،‬وتطبيقا لشرع هللا الحكيم اآلمر باستمرار بيت‬
‫الزوجية ‪ ،4‬وألن هذه المبادرة ال تحقق العناية المنشودة منها إال إذا تمت بين الزوجين نفسيهما ‪.5‬‬

‫لذلك كان على المشرع المغربي أن ينص على ضرورة حضور الزوجين شخصيا لجلسة‬
‫الصلح‪ ،‬ليس فقط في الجلسة األولى وإنما في جميع جلسات الصلح ‪ ،‬وأال يجيز الوكالة أو اإلنابة‬
‫إال في حالة الضرورة القصوى‪ 6‬تاركا للقاضي السلطة التقديرية الواسعة في تقدير مدى جدية‬
‫عذر المتخلف عن الحضور من عدمه ‪ .‬و بذلك سيكون المشرع قد تبنى موقفا وسطا بين المشرع‬
‫التونسي الذي يوجب حضور الزوجين شخصيا بمقتضى الفصل ‪ 32‬من مجلة األحوال الشخصية‬
‫التونسية‪ 7،‬وبين المشرع المصري الذي ال يستوجب حضور الزوجين معا أمام المحكمة عند‬

‫‪ -1‬منشور عدد ‪ 13‬السنة الثانية الصادر بتاريخ ‪ 15‬أبريل ‪ ،2004‬مجلة قضاء األسرة المرجع ‪.‬السابق‪ ،‬ص ‪54‬‬
‫‪ - 2‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪262‬‬
‫‪ - 3‬ساسي بن حليمة‪ ،‬دور قاضي األسرة في قضايا الطالق‪ ،‬المرجع السابق ص ‪15‬‬
‫‪ - 4‬علي منتصر‪ ،‬التحكيم بين الزوجين في حالة الشقاق‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬أكدال‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ 2000 – 2001‬ص ‪321‬‬
‫‪ - 5‬مجلة قضاء األسرة‪،‬المرجع السابق ص ‪54‬‬
‫‪ - 6‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق ص ‪316‬‬
‫‪ - 7‬محمد الحبيب الشريف‪ ،‬سلسلة الميزان التشريعي‪ ،‬مجلة األحوال الشخصية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1994‬ص ‪99‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪28‬‬
‫عرض الصلح‪ ،‬كما أجاز حضور وكيلي الزوجين واعتبر رفض الصلح من أحدهما دليال على‬
‫عجز القاضي عن الصلح بينهما ‪.1‬‬

‫و مما ال شك فيه أن حضور الزوجين شخصيا لجلسة التصالح سيساعد القاضي في‬
‫مساعيه الحميدة من أجل التوفيق بين الزوجين‪ .‬لكن أحيانا قد تطرأ ظروف قاهرة تحول دون‬
‫حضور الزوجين شخصيا لجلسة التصالح‪ .‬فهل يستطيعان توكيل غيرهما للحضور نيابة عنهما أو‬
‫عن أحدهما في هذه الجلسة ؟ وما موقف المشرع المغربي من الوكالة في الصلح بين الزوجين ؟‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الوكالة و الصلح بين الزوجين‬

‫من عدمه في الصلح بين الزوجين‪ ،‬من بين القضايا األساسية التي‬ ‫‪2‬‬
‫يعتبر قبول الوكالة‬
‫تتصدر اهتمام الفقهاء والباحثين والمختصين‪ .‬فقد شكلت موضوع نقاش كبير على المستوى‬
‫العملي سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد صدور مدونة األسرة‪ ،‬مما أفضى إلى‬
‫وجود تيارين مضادين‪ :‬األول يسير في اتجاه عدم مشروعية الوكالة في إجراء الصلح على اعتبار‬
‫أن الصلح مسألة شخصية تستلزم الحضور الشخصي للزوجين‪ .‬في حين يذهب االتجاه الثاني إلى‬
‫أنه من حق الزوجين توكيل غيرهما لحضور جلسات الصلح نيابة عنهما في حالة تعذر عليهما‬
‫الحضور شخصيا‪ .‬ولكل اتجاه حججه ومبرراته للدفاع عن موقفه‪.‬‬

‫فبالنسبة لالتجاه الذي يتبنى فكرة عدم جواز الوكالة في الصلح يتزعمه ابن حزم الظاهري‬
‫الذي يرفض بشدة الوكالة في مجموعة من األمور والصلح هو من بين هاته األمور‪ .‬فقد جاء على‬
‫كتابه المحلى " ال تجوز الوكالة على طالق وال عتق وال على تدبير وال على رجعة ‪...‬وال على‬
‫صلح‪ .‬ألن كل ذلك إلزام حكم لم يلزم قط‪ ،‬وحل عقد ثابت ونقل ملك بلفظ‪ .‬فال يجوز أن يتكلم أحد‬
‫‪3‬‬
‫على أحد إال حيث أوجب ذلك نص وال نص على جواز الوكالة في شيء من هذه الوجوه "‬
‫ويستمر ابن حزم قائال‪ " :‬ال يجوز قول أحد على أحد وال كالم أحد على كالم غيره إال من حيث‬
‫أجاز ه القرآن أو السنة الثابتة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬ولم يأت في طالق أحد بتوكيله‬

‫‪ - 1‬فتحي حسن‪ ،‬دعاوي الطالق والطاعة للمسلمين وغير المسلمين‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪ 1988‬ص ‪42‬‬
‫‪ - 2‬الوكالة لغة‪ :‬التفويض يقال وكلت أمري هلل أي فوضته إليه‬
‫وشرعا‪ :‬استنابة جائز التصرف مثله وهي جائزة شرعا إجماعا لقوله تعالى " وابعثوا أحدكم بورقكم " سورة الكهف اآلية ‪19‬‬
‫منصور يوسف إدريس البهوتي‪: ،‬كشف القناع على متن اإلقناع‪ ،‬المجلد الثاني – دار الفكر بيروت ‪ ،‬طبعة ‪ 1982 – 1402‬م ص‬
‫‪401‬‬
‫‪ - 3‬ابن حزم‪ ،‬المحلى‪ ،‬منشورات المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع بيروت‪ ،‬الجزء الثامن ص ‪245‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪29‬‬
‫إياه قرآن وال سنة فهو باطل‪ .‬فاهلل خـاطب األزواج بالطالق ال غيره فال يجـوز أن ينوب عنه‬

‫غيره ال وكالة وال بغـيـرها " ‪ 1‬ألن هللا تعالى قال‪ " :‬وال تكتسب كل نفس إال آتاها " ‪.2‬‬

‫من هنا يتضح أن ابن حزم يرفض الوكالة في الصلح بين الزوجين ويتجلى ذلك في رفضه‬
‫للوكالة في الصلح بصفة عامة وفي معارضته للوكالة في الطالق‪ .‬والصلح هو أحد أهم‬
‫اإلجراءات المسطرية لدعوى الطالق‪.‬‬

‫وقد انتقد بعض الفقهاء المغاربة فكرة استعمال الوكالة في الطالق على أساس أنها تتنافى‬
‫مع استقرار الحياة الزوجية من حيث أنها تحمل مشيئتها بيد شخص غريب وتسمح لهذا األخير‬
‫باإلطالع على ما ال يجب االطالع عليه من أحوال األسرة وأمورها ‪ 3‬خصوصا وأن الطالق من‬
‫المسائل الشخصية التي تجعل الموكل ال يبوح أحيانا للوكيل بكل األسرار " كأسباب الطالق أو‬
‫التطليق "‪ .‬ومن تم ال يكون في مقدور الوكيل اإلدالء باألسباب الحقيقية التي قد تساعد القاضي‬
‫على أداء مهمته الصلحية ‪ 4‬هذا فضال على أن الصلح يقتضي تنازالت من الطرفين ‪.‬وهذا يستلزم‬
‫وحتى يتمكن من‬ ‫‪5‬‬
‫وجود الزوجين شخصيا من أجل استرشاد القاضي بالتفسيرات التي يبديانها‬
‫مخاطبة المشاعر واألحاسيس لكل منهما وإذا سمح ألحد الزوجين بأن يمثل بواسطة وكيل‬
‫فسيكون قد حكم على الجلسة الصلحية مسبقا بالفشل ‪.6‬‬

‫ويضاف إلى كل ما سبق أن المشرع المغربي سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو‬
‫بعد صدور مدونة األسرة لم يحسم في مسألة الوكالة في الصلح ال إيجازا وال منعا وإنما التزم‬
‫الصمت رغم أنه نظم الوكالة في الزواج (الفصل ‪ 10‬من م‪.‬ح‪.‬ش والمادة ‪ 17‬من م‪.‬أ " ونص على‬
‫جواز الوكالة في الطالق (ف ‪ 44‬م‪.‬ح‪.‬ش)‪ .‬وهذا السكوت يفسر بحرصه على الحضور الشخصي‬
‫للزوجين وإبعاد كل دخيل أجنبي بينهما ليتحقق الهدف المنشود وهو إجراء محاولة صلح حقيقية‬

‫‪ - 1‬ابن حزم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪244‬‬


‫‪ - 2‬سورة األنعام اآلية ‪164‬‬
‫‪ - 3‬محمد كشبور‪ ،‬الوسيط في ق‪.‬ح‪.‬ش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪380‬‬
‫‪ - 4‬محمد عصبة‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪199‬‬
‫‪ - 5‬عبد هللا روحمات‪ ،‬الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي ‪ ،‬مجلة اإلشعاع ع ‪ 27‬غشت ‪ 2003‬ص‬
‫‪117‬‬
‫‪ - 6‬ساسي بن حليمة‪ ،‬المحاولة الصلحية على معنى الفصل ‪ 32‬من مجلة األحوال الشخصية‪ ،‬المجلة القانونية التونسية عدد ‪-2‬‬
‫‪ 1976‬ص ‪30‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪30‬‬
‫تؤتى ثمارها المرجوة للحفاظ على كيان األسرة المهددة بالطالق‪ .1‬وهذا ما أكده منشور وزير‬
‫العدل حيث اعتبر أن الوكالة في الطالق ج ائزة بعد محاولة الصلح ووجود أسباب قاهرة أما قبلها‬
‫فالوكالة غير جائزة ‪.2‬‬

‫وإذا كان المشرع المغربي قد فضل عدم الحسم في مسألة الوكالة في الصلح فإن بعض‬
‫التشريعات العربية اتخذت موقفا صريحا بعدم جواز الوكالة في الصلح بين الزوجين‪.‬‬

‫فقد جاء في إحدى قرارات محكمة التعقيب التونسية "إذا لم يحضر طالب الطالق للجلسة‬
‫الصلحية‪ ،‬رفضت دعواه في الطالق وليس له أن ينيب عنه محاميا في هذا األمر ألن الصلح‬
‫يتعلق بذات الزوجين وغير قابل للنيابة" ‪. 3‬‬

‫وجاء في قرار آخر على أن " الجلسة الصلحية التي أوجبها الفصل ‪ 32‬من م‪.‬أ‪.‬ش ال يمكن‬
‫أن يحضرها وكيل نيابة عن أحد الزوجين بل ال بد أن يشهدها الطرفان أنفسهما خاصة القائم‬
‫بالدعوى المطالب بالطالق" ‪.4‬‬

‫أما القضاء المغربي فنجد المجلس األعلى قد أعطى في قرار صادر عنه لمسألة الحضور‬
‫الشخصي مفهوما أكثر مرونة من نظيره التونسي‪ 5 ،‬إذ ذهب إلى القول‪.. " :‬إن مسطرة التصالح‬
‫تقتضي أن يبعث القاضي حكمين لينهي الشقاق بين الزوجين‪ ،‬والحكم فيه أهمل هذه‬
‫المسطرة‪...‬لكن حيث أن المحكمة عللت حكمها بكون الطاعن فوت على نفسه فرصة التصالح مع‬
‫زوجته لما استدعي في المرحلة االبتدائية إلجراء مسطرة التصالح المنصوص عليها في الفصل‬
‫‪ 212‬من ق‪.‬م‪.‬م وتوصل بالدعوة ولم يحضر‪ ،‬األمر الذي كان ما علل به الحكم صوابا ‪."6‬‬

‫أما فيما يخص االتجاه الثاني فيرى أنه إذا كان القانون المغربي ال يسمح أن يمثل أحد‬
‫الزوجين بواسطة وكيل وانه يجب حضورهما شخصيا جلسة الصلح وإال حكم عليها بالفشل ‪،7‬‬

‫‪ - 1‬مجلة قضاء األسرة‪ ،‬المرجع السابق ص ‪59‬‬


‫‪ - 2‬منشور وزير العدل المؤرخ في ‪ 22‬فبراير ‪ 2000‬الموجه إلى السادة القضاة من أجل تفعيل مسطرة الصلح بين الزوجين قبل‬
‫اإلذن بالطالق‪.‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقبي مدني عدد ‪ 8914‬مؤرخ في ‪ 1973 – 2 – 8‬أشار إليه محمد الحبيب الشريف‪ ،‬المرجع السابق ص ‪98‬‬
‫‪ - 4‬قرار تعقبي مدني عدد ‪ 8278‬مؤرخ في ‪ 1971 / 2 / 14‬أشار إليه محمد الحبيب الشريف‪ ،‬المرجع السابق ص ‪98‬‬
‫‪ - 5‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الطالق بعد التعديل‪ ،‬حصيلة عملية‪ ،‬األحداث المغربية‪ ،‬المرجع السابق ص ‪7‬‬
‫‪ - 6‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 1039‬بتاريخ ‪ 1988 – 9 – 13‬ملف غرفة األحوال الشخصية والميرات رقم ‪ 6410‬أشار إليه‬
‫إدريس بلمحجوب‪ ،‬االجتهاد القضائي في م‪.‬ح‪.‬ش مؤسسة بابل للصناعة والنشر‪ ،‬الرباط ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1995‬ص ‪42‬‬
‫‪ - 7‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪262‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪31‬‬
‫فإن الضرورات العملية والواقع المعيش قد أبانا عن وجود حاالت يتعذر فيها على أحد الزوجين‬
‫الحضور الشخصي لجلسة الصلح‪ .‬لذلك فقد نادى بعض الفقهاء بضرورة قبول الوكالة في إجراء‬
‫الصلح بين الزوجين على األقل في الحاالت التي يصعب فيها على الزوجين أو أحدهما الحضور‬
‫شخصيا لجلسة التصالح‪ .‬فعدم قبول الوكالة يلحق ضررا لهما أو بأحدهما‪ ،‬ويحيد بالتالي عن هدف‬
‫المشرع من إيالئه العناية والرعاية والحماية لألسرة علما أن أغلب المذاهب الفقهية األربعة وفي‬
‫طليعتهما المذهب ا لمالكي تجيز الوكالة في الطالق ومدونة األسرة تحيل عليه في المادة ‪ 400‬في‬
‫كل ما لم ينص عليه فيها وعلى االجتهاد‪.‬‬

‫فقد جاء في مواهب الجليل أن الطالق نوعين‪ :‬طالق يمارس الزوج بنفسه وطالق يفوضه‬
‫إلى غيره ‪ 1‬والتفويض ثالثة أقسام‪ :‬توكيل وتمليك وتخيير ‪.2‬‬

‫والتوكيل هو أن يقيم الزوج شخصا آخر غيره مقام نفسه في تطليق زوجته وهو ال يكون‬
‫عادة إال للغير‪ ،‬وإن كان المذهـب المالكي يسمح به للزوجة على اعتبـار أن التوكيل لدى هذا الفقـه‬
‫جزء ال يتجزأ من التفويض ‪.3‬‬

‫وعليه يمكن للرجل أن يجعل إلى المرأة طالقها وذلك من وجهين توكيل وتمليك ‪ 4‬فقد جاء‬
‫في كتاب كشف القناع على متن اإلقناع إلى أنه‪ " :‬يصح التوكيل في طالق ورجعة و حوالة‪...‬‬
‫وصلح وهبة وصدقة ووصية‪ ...‬وال يصح التوكيل في شيء من بيع أو عتق أو طالق أو‬
‫صلح‪...‬إال ممن يصح تصرفه فيه بنفسه فإنه أولى "‪ 5‬فالوكالة إذن جائزة الن الحاجة داعية إلى‬
‫ذلك فال يمكن لكل أحد فعل ما يحتاج إليه بنفسه ‪ .6‬وهذا ما أكده أيضا العالمة عالء الدين أبي بكر‬

‫‪ - 1‬أبو عبد هللا محمد الرعيني الحطاب‪ ،‬كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل الجزء الرابع‪ ،‬مطبعة السعادة الطبعة األولى‬
‫‪ 1329‬ص ‪90‬‬
‫‪ - 2‬اإلمام محمد أبو زهرة‪ ،‬األحوال الشخصية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬طبعة ‪ 1957‬ص ‪325‬‬
‫‪ - 3‬محمد كشبور‪ ،‬الوسيط في قانون األحوال الشخصية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬ص ‪378‬‬
‫‪ - 4‬أبي عبد محمد بن يوسف بن أبي القاسم العيدري الشهير بالمواق‪ ،‬التاج واإلكليل لشرح مختصر خليل ‪ ،‬المجلد الرابع‪ ،‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬ص ‪92‬‬
‫‪ - 5‬إدريس البهوتي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪462‬‬
‫‪ - 6‬موفق الدين ابن قدامة وشمس الدين ابن قدامة المقدسي‪ ،‬المغني والشرح الكبير‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬دار الكتاب العربي‬
‫ص ‪ 202‬وأيضا إدريس البهوتي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪463‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪32‬‬
‫بن مسعود الكساني ‪ 1‬فالتصرف بطريق الوكالة تدعو إليه الحاجة و المصلحة و يأمر به الشرع‬
‫والقانون و العقل‪.2‬‬

‫من هنا يتبين أن أغلب علماء الفقه اإلسالمي يجيزون الوكالة في الطالق والصلح لذلك فقد‬
‫عمل بعض الفقهاء المغاربة عن تفنيد حجج ومؤيدات أصحاب االتجاه األول المنادين بعدم‬
‫مشروعية الوكالة في الصلح بين الزوجين‪ .‬فقد اعتبروا أن القول بكون إجراء الصلح مسألة‬
‫شخصية ال ينبغي أن يطلع عليها الوكيل‪ ،‬ال يرقى سببا لرفض الوكالة فجل القضايا التي تثار‬
‫بشأنها نزاعات بين الزوجين هي شخصية محضة ومع ذلك يجوز مباشرتها عن طريق الوكالة‪.‬‬
‫والقول بإمكانية االستغن اء عن إجراء الصلح لمجرد كونه يقتضي تنازالت ‪ ،‬فالصلح نفسه مما‬
‫يقبل إجراؤ ه عن طريق الوكالة وحضور نائبين عن الزوجين إلجراء الصلح أفضل بكثير من‬
‫االستغناء نهائيا عنه ألن إجراء هذه المحاول ة كما قد تؤدي إلى فشل الصلح فقد تؤدي إلى نجاحه‬
‫وبالتالي يبقى احتمال حصول التصالح قائما بخالف لو تم االستغناء عنه فاألمل في ذلك لن‬
‫ينقطع ‪.3‬‬

‫ونظرا لما للطالق من خصوصية فنتيجتها هي انحالل الرابطة الزوجية‪ ،‬فإن يكون من‬
‫األفضل أن يأخذ القاضي بعذر المتخلف عن الحضور‪ ،‬خصوصا إذا كان العذر شرعيا ومقبوال‬
‫كقطع الطرقات بسبب الفيضانات أو اإليقاف بالسجن ‪ 4‬أو كون أحد الزوجين يتعذر عليه الدخول‬
‫إلى أرض الوطن ألنه في وضعية غير قانونية ببالد المهجر‪ ،5‬بل حتى ولو كان في وضعية‬
‫قانونية فإنه ي صعب عليه حضور كل جلسات الصلح نظرا لطول المدة التي ستنظر خالل هذه‬
‫الجلسات – حالة وجود أبناء – وإال سيكون على المتخلف عن الحضور مجبرا على المجيء في‬
‫مختلف المواعيد التي يعينها قاضي األسرة لجلسات التصالح وهو ما من شانه أن يرهق كاهله‬
‫ماديا‪.6‬‬

‫‪ - 1‬تجوز الوكالة في الوكالة في النكاح والخلع والصلح‪...‬وتجوز في الطالق والعتاق واإلجارة‪ .‬ألن الحقوق يتوالها المرء بنفسه‬
‫فيملك توليتها غيره ‪.‬عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬دار كتاب العرب‬
‫– الطبعة الثانية ‪ 1974‬ص ‪23‬‬
‫‪-2‬كمال صالح البنا‪ ،‬المشكالت العملية في دعاوي الطالق و الفسخ و الخلع للمسلمين و غير المسلمين‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬ص ‪179‬‬
‫‪ - 3‬عبد هللا روحمات‪ ،‬الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪118‬‬
‫‪ - 4‬ساسي بن حليمة‪ ،‬المحاولة الصلحية على معنى الفصل ‪ ،32‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪25‬‬
‫‪ - 5‬زهر الحر‪ ،‬هناك عراقيل في مدونة األسرة ذات طابع تقني قانوني‪ ،‬المستقل ع ‪ 15‬من ‪ 5‬إلى ‪ 11‬مارس ‪ 2005‬ص ‪8‬‬
‫‪ - 6‬ساسي بن حليمة‪ ،‬دور قاضي األسرة في قضايا األسرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪28‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪33‬‬
‫يضاف إلى ما سبق أن عدم قبول بالوكالة فيه إقصاء ألهم مؤسسة مكونة ألسرة القضاء‬
‫في مدونة األسرة وهي مؤسسة المحاماة وبالتالي إهدار كبير لحقوق المواطنين خاصة المهاجرين‬
‫منهم‪ .‬لذا ينبغي التعامل بالوكالة في الطالق قياسا على الوكالة في الزواج ‪ 1‬خصوصا وأن م ح ش‬
‫قد أجازت الوكالة في الطالق في الفصل ‪ 44‬الذي ينص على أن الطالق هو حل عقد النكاح‬
‫بواسطة الزوج أو وكيله أو من فوضه له في ذلك‪"....‬‬

‫فهذا النص يدل صراحة على جواز الوكالة في الطالق والصلح هو احد أهم إجراءاته‪ .‬لكن‬
‫صياغة الفصل ‪ 48‬من م‪.‬ح‪.‬ش تفيد " ال يسجل الطالق إال بحضور الطرفين وبعد إذن القاضي "‬
‫ففي هذا الفصل لم يحدد المشرع المقصود بالطرفين هل هما الزوج والزوجة أم غيرهما مما يملك‬
‫وكالة عنهما أو عن أحدهما ؟ فالفصل ‪ 48‬لم يستلزم الحضور الشخصي للزوجين بصورة‬
‫صريحة مما يثير التساؤل حول إمكانية اإلنابة في إجراء الصلح‪ ،‬وتطرح المشكلة بشدة بالنسبة‬
‫للوكالة من جانب الزوج الملزم بدفع مصاريف الطالق ‪.2‬‬

‫كما أن الفصل ‪ 56‬من م‪.‬ح‪.‬ش لم يشر إلى ضرورة الحضور الشخصي للزوجين أثناء‬
‫جلسة الصلح‪ ،‬وإنما اقتصر على إلزام القاضي بضرورة إصالح ذات البين بين الزوجين كلما‬
‫ادعت الزوجة على زوجها أنه يضربها وتبث ادعاؤها مما يبقى معه األمر خاضعا للقواعد العامة‬
‫المتعلقة بعقدي الوكالة والصلح‪.‬‬

‫ونفس الشيء يقـال عن الفصل ‪ 212‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي بدوره لم يوضح اإلجراءات‬
‫المسطرية الواجب إتباعها بشأن إجـراء الصلح ولم يتطـرق إلى إمكانية توكيل األطراف أو عدم‬
‫إمكانية ذلك لحضور جلسة التصالح ‪.3‬‬

‫لكن ي مكن القول أن اإلشكال المتعلق بمدى صحة الوكالة في الصلح بين الزوجين وما‬
‫صاحبه من مناقشات فقهية وتطبيقات قضائية غير موحدة في ظل سريان م ح ش سببه هو‬
‫الفصل ‪ 180‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي يبدو صريحا في إمكانية اللجوء إلى الوكالة في الجلسة األولى‪ ،‬وهذه‬
‫األخيرة مخصصة للصلح بين الزوجين‪ .‬ولكن رغم تعديل المشرع لفصول قانون المسطرة المدنية‬

‫‪ - 1‬عبد النور اضبيب‪ ،‬صعوبات تعترض تطبيق مدونة األسرة‪ ،‬جريدة العلم‪ ،‬عدد ‪ 20039‬الخميس ‪ 7‬أبريل ‪ 2005‬ص‪6‬‬
‫‪ - 2‬إدريس الفاخوري ‪ ،‬المركز القانوني للمرأة المغربية‪ ،‬مطبعة الجسور وجدة‪ ،‬طبعة ‪ 2002‬ص ‪139‬‬
‫‪ - 3‬عبد هللا روحمات‪ ،‬الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 115‬وهي مقتضيات لم‬
‫يعد لها وجود بعد دخول مدونة األسرة حيز الوجود‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪34‬‬
‫التي لها عالقة بمدونة األسرة (خصوصا الفصول ‪ 212- 179‬من ق م م ) فإن مشكل الوكالة ظل‬
‫قائما لعدم حسم المشرع فيه بنصوص صريحة‪ .‬خصوصا وأن الفصل ‪ 180‬من ق م م مازال‬
‫ينص على ضرورة حضور الزوجين للجلسة األولى إما شخصيا أو بواسطة ممثلهم القانوني ‪.‬‬

‫وكما هو معلوم فإن الجلسة األولى مخصصة للصلح بين الزوجين ومن تم فهدا الفصل‬
‫يخول للطرفين إمكانية اللجوء إلى الوكالة في حالة تعذر أحدهما الحضور لجلسة الصلح ‪ .‬وهو‬
‫أيضا ما تسير في اتجاهه مدونة األحوال الشخصية إذ أجازت الوكالة في الطالق بنصوص‬
‫صريحة‪. 1‬‬

‫وإذا كانت م ح ش و م م يجيزان الوكالة‪ ،‬فإن مدونة األسرة قد تضمنت مقتضيات مخالفة‬
‫إذ جعلت الطالق حق للزوج والزوجة ‪ 2‬فقط ولم تذكر الوكيل‪ .‬لكن بتأمل المادتين ‪ 81‬و ‪ 82‬من‬
‫مدونة األسرة يتضح أن المشرع لم يحسم في الوكالة بصفة قطعية ولم يعط حال قاطعا بالنسبة‬
‫للعمل بها وهل تقبل بصفة مطلقة بالنسبة لجميع جلسات الصلح الخاصة بالطالق أو التطليق‪ ،‬أم‬
‫أن األخذ بها وتقدير تعذر حضور الزوجين يبقى من اختصاص القاضي ؟ ‪.3‬‬

‫وقد اكتفت مدونة األسرة بالنص على ضرورة توصل الزوجين شخصيا باستدعاء‬
‫الحضور‪ ،‬كما أن المادة ‪ 82‬من ق‪.‬أ تنص " عند حضور الطرفين‪ "...‬ومعلوم أن هذه العبارة غير‬
‫دقيقة فهي تشمل الزوج والزوجة وتشمل أيضا الوكيل عنهما‪.‬‬

‫وإذا كان المشرع المغربي لم يتخذ موقفا محددا في مسألة قبول الوكالة من عدمه في إجراء‬
‫الصلح‪ ،‬فإن هناك بعض التشريعات العربية التي تبنت موقفا محددا للمشرع التونسي الذي نص‬
‫على عدم جواز الوكالة في الصلح بين الزوجين ألن الصلح يتعلق بذاتهما وغير قابل لإلنابة‪ 4،‬في‬
‫حين نجد المشرع المصري اتخذ موقفا مغايرا إذ أجاز التفويض في الصلح بشرط أن يشتمل‬

‫‪ - 1‬الفصل ‪ 44‬من مدونة األحوال الشخصية‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 78‬من ق‪.‬أ " الطالق حل ميثاق الزوجية‪ ،‬يمارسه الزوج والزوجة " ويمكن للزوج تفويض حقه في إيقاع الطالق إلى‬
‫زوجته المادة ‪ 89‬من ق‪ .‬األسرة‪.‬‬
‫‪ - 3‬عبد الحق ا ضريضر‪ ،‬مسطرة الطالق وإشكالية التطبيق‪ ،‬تقرير عام لألعمال الدورة التكوينية المنظمة بالمعهد العالي للقضاء‬
‫المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 4‬قرار تعقيبي مدني – عدد ‪ 8914‬مؤرخ في ‪ 8‬فبراير ‪ 1973‬أشار إليه محمد الحبيب الشريف‪ ،‬المرجع السابق ص ‪43‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪35‬‬
‫توكيل محامي كل من الزوجين على تفويضه في الصلح ويجب على المحكمة أن تطلع على‬
‫التوكيل وتتحقق من أن الوكيل مفوض في الصلح ‪.1‬‬

‫وإذا كان الموقف الذي تبناه المشرع المصري يحمل بعض اإليجابيات خاصة إذا كانت‬
‫هناك ظروف قاهرة تمنع حضور أحد الزوجين وتجبره على إعمال الوكالة‪ ،‬فإنه ال يخلو من‬
‫بعض السلبيات فمحاولة الصلح قد ال تنتج آثارها ويصيبها الفشل في الكثير من الحاالت بحضور‬
‫الزوجين‪ ،‬فكيف يمكن أن نتصور نجاحها بحضور وكيل أجنبي عن العالقة بين الزوجين مع ما‬
‫تحمله هذه العالقة من حميمية وخصوصية ‪ 2‬؟‬

‫وخالصة القول أن لكل اتجاه حجج ومبررات يقبلها العقل والمنطق‪ ،‬خصوصا وأنها‬
‫مدعمة بنصوص قانونية‪ ،‬ومع ذلك فإني ال أتفق مع أصحاب االتجاه األول المنادون بعدم جواز‬
‫الوكالة مطلقا في إجراء الصلح‪ ،‬ألنه في حالة وجود ظروف طارئة ال يبقى أمام الشخص سوى‬
‫إعمال الوكالة‪ ،‬وإال سيكون مصير الجلسة الصلحية هو الفشل لتعذر الحضور‪ .‬لكني أيضا ال أأيد‬
‫االتجاه الثاني بصفة مطلقة وإنما أميل إلى حل وسط بين الرأيين‪ ،‬وهو عدم قبول الوكالة في‬
‫إجراء الصلح فقط بالنسبة لطالب الطالق أو التطليق ألنه هو الذي يريد تحطيم الكيان األسري‪ .‬لذا‬
‫فال ينبغي للقاضي أن يقبل وكالته وإنما يتعين عليه الحضور شخصيا لكي يحاول القاضي إقناعه‬
‫ب العدول عن موقفه الرامي إلى فك عش الزوجية‪ .‬أما المطلوب في الطالق أو التطليق فيمكن‬
‫للقاضي قبول وكالته على أن يبحث في الظروف االستثنائية والقاهرة التي حالت بينه وبين‬
‫الحضور لجلسات التصالح‪.‬‬

‫‪ - 1‬فتحي حسن مصطفى – مرجع سابق ص ‪43‬‬


‫‪ - 2‬ربيعة بنغازي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪43‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪36‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دور الق اضي في جلسة التصالح بين الزوجين‬

‫لقد أفرد المشرع أهمية خاصة لمسطرة الصلح بين الزوجين حيث حرص على التأكيد على‬
‫ضرورة بذ ل القاضي جهدا كبيرا من أجل تقويم مسار العالقة الزوجية إلى شكلها الطبيعي ‪ 1‬وذلك‬

‫استناد إلى قوله تعالى " وإن خفتم شق اق بينهما ف ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصالحا‬

‫يوفق هللا بينهما إن هللا كان عليما خبيرا " ‪ 2‬ومن ثم ال يجوز للقاضي التصريح بالحكم للتفريق بين‬

‫الزوجين طالقا أو تطليقا إال بعد إجراء المحاولة الصلحية فإن عجز عن ذلك حدد للزوج مبلغا‬
‫يودعه بكتابة الضبط بالمحكمة ضمانا لحقوق الزوجة واألوالد إن وجدوا‪.3‬‬

‫وعـليه سأحـاول في هذا المبحث دراسة دور القاضي في جلسة الصلح بين الزوجيـن‬
‫وذلك من خالل مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬محاولة اإلصالح بين الزوجين‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اتخاذ التدابير المؤقتة‬

‫‪ - 1‬يوسف بنباصر‪ ،‬مدونة األسرة المسار والتطلعات‪ ،‬قراءة تحليلية وتقويمية في مستجدات قانون مدونة األسرة الجديد رقم ‪03‬‬
‫– ‪ ،70‬سلسلة بنباصر للدراسات القانونية واألبحاث القضائية‪ ،‬العدد الثامن ‪ ،‬السنة الثانية ص ‪37‬‬
‫‪ - 2‬سورة النساء اآلية ‪35‬‬
‫‪ - 3‬ويتجلى دور القاضي أيضا في اختيار الوسيلة المناسبة إلجراء الصلح بعد فشل مبادرته الشخصية فقد يكتفي بتعيين الحكمين‬
‫وقد يلجأ إلى االستعانة بمجلس العائلة وكل من يراه أنسب إلجراء الصلح‪ .‬وسوف لن نتطرق إلى هذا الموضوع في هذا المبحث‬
‫على اعتبار أننا سأتولى دراسة ذلك عند الحديث عن دور اآلليات غير القضائية في حماية األسرة‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪37‬‬
‫المطلب األول‪ :‬محاولة اإلصالح بين الزوجين‬

‫إن المشرع جعل على عاتق القاضي مهمة التوفيق بين الزوجين قبل التصريح بالحكم فهو‬
‫ملزم ببدل كل المجهودات من أجل تحقيق هذا الهدف المنشود " الفقرة األولى" لكن متى يحب‬
‫القاضي إجراء الصلح ؟‬

‫فالمشرع لم يوضح المرحلة القضائية الواجب إجراء الصلح فيها وما إذا كان واجب أمام‬
‫محاكم الموضوع بدرجتيها‪ :‬المحكمة االبتدائية ومحكمة االستئناف أم أن ذلك مقتصر على‬
‫المحكمة االبتدائية " الفقرة الثانية"‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مجهودات الق اضي من أجل الصلح‬

‫تعتبر مسطرة الصلح من أهم الوسائل التي يلجأ إليها القاضي لبدل مساعيه الحميدة بقصد‬
‫التوفيق بين الزوجين ‪ 1‬وهو إجراء جوهري تفتتح به الدعوى ‪ 2‬وهذا يعني أن محاولة الصلح أمر‬
‫واجب قبل البث في قضية الطالق أو التطليق ‪.3‬‬

‫فبالنسبة لمسطرة الطالق ينص الفصل ‪ 48‬من م‪.‬ح‪.‬ش بعد تعديل ‪ " 1993‬ال يسجل‬
‫الطالق إال بحضور الطرفين ‪ "،‬في حيـن ينص الفصل ‪ 179‬من ق‪.‬م‪.‬م على ضرورة إجراء‬
‫محاولة الصلح قبل اإلذن بالطالق‪ .‬كما أن الفـصل ‪ 180‬من ق‪.‬م‪.‬م يوجب على األطراف‬
‫الحضور شخصيا أو بواسطة ممثلهم القانوني لجلسة الصلح‪.‬‬

‫وهو نفس ما نصت عليه المادة ‪ 49‬من قانون األسرة الجزائري إذ جاء فيها " ال يثبت‬
‫الطالق إال بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي "‪ . 4‬وهو ما أقره الفصل ‪ 32‬الجديد من‬
‫مجلة األحوال الشخصية التونسية إذ جاء فيه‪ " :‬ال يحكم بالطالق إال بعد أن يبدل قاضي األسرة‬
‫جهدا في محاولة الصلح بين الزوجين ويعجز عن ذلك " ‪ 5‬وهو أيضا أكده المشرع المصري في‬

‫‪ - 1‬محمد البعدوي‪ ،‬وضعية الزوجة في األسرة والمجتمع " بني ورياغل نموذجا "‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2001 – 2000‬ص ‪.55‬‬
‫‪ - 2‬قرار صادر عن المجلس األعلى عدد ‪ 904‬صادر بتاريخ ‪ 1983 – 9 – 19‬منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ‪134 – 133‬‬
‫ص ‪190‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 607 – 8‬مؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ 1981‬أشار إليه محمد الشريف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪100‬‬
‫‪ - 4‬قانون ‪ 84‬لسنة ‪ ،1984‬عمر بن سعد‪ ،‬االجتهاد القضائي وفقا ألحكام قانون األسرة‪ ،‬دار الهدى عين مليلة الجزائر ص ‪26‬‬
‫‪ - 5‬مجلة األحوال الشخصية التونسية لسنة ‪1993‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪38‬‬
‫المادة ‪ 18‬إذ قيد الحكم بالطالق والتطليق إال بعد أن تبدل المحكمة جهدا في محاولة الصلح بين‬
‫الزوجين وتعجز عن ذلك‪.‬‬

‫وإذا كانت بعض تشريعات الدول العربية قد أجمعت على إسناد محاولة الصلح للقاضي‬
‫كوسيلة أولية سعيا منها في التقليل من ظاهرة الطالق لما له من نتائج وخيمة على األسرة‬
‫والمجتمع‪ .‬فإن هناك تباين أو على األقل عدم المالءمة بين القوانين المغربية حول إجبارية القيام‬
‫بمحاولة الصلح بين الزوجين قبل إيقاع الطالق‪ ،‬بحيث توجب المسطرة المدنية ذلك في حين ال‬
‫تشير إليه مدونة األحوال الشخصية إذ اقتصرت على استدعاء الزوجين لحضور اإلشهاد‬
‫بالطالق ‪.1‬‬

‫وهذا ما دفع بعض الفقهاء إلى القول بأن الطالق في المذهب المالكي يقع بمجرد التلفظ به‪،‬‬
‫أو كتابته من طرف الزوج أو بإشارته المعلومة‪ 2‬ومن ثم ال مجال للقيام بأي صلح‪.‬‬

‫ولعل هذا ما دفع وزارة العدل إلى إصدار بعض المناشير لتوحيد مسطرة الطالق وحث‬
‫القضاة على القيام بأكثر من محاولة صلح‪ 3،‬فقد صدر منشور ‪ 5‬فبراير ‪ 4 2002‬الذي لم يقتصر‬
‫على التأكيد على إجراء الصلح قبل اإلذن بالطالق‪ ،‬ولكنه ذهب بعيدا وألزم العدول باإلشارة إلى‬
‫ذلك في عقد الطالق‪.‬‬

‫ونظرا لكون مدونة األحوال الشخصية لم تكن تنص على مسطـرة الصلح في الطالق‪ ،‬بل‬
‫كان يتم إجراؤها طبقـا للمادة ‪ 179‬من ق‪.‬م‪.‬م كما أن التطليق ال يفعل فيه إجراء الصلح باستثناء‬
‫التطليق للضرر الشيء الذي أدى ارتفاع حاالت الطالق والتطليق مما دفع المشرع إلى إخراج‬
‫مسطرة الصلح من نصوص المسطرة المدنية إذ ألغى الفصل ‪ 179‬و ‪ 212‬من ق م م ولم يبقى‬
‫إال الفصل ‪ 180‬من ق م م الذي جاء فيه ( إدا أحيلت القضية على المحكمة استدعي حاال إلى‬
‫الجلسة‪.‬‬

‫‪ -1‬ويعتقد أن ذلـك مجرد سهو وإغفـال من المشرع المغربي‪ ،‬ألن الهدف من استدعاء الزوجين لجلسة الطالق أمام قاضي‬
‫التوثيق‪ ،‬إصالح ذات البين بينهما وإقناعهما بعدم إتيان أبغض الحالل عند هللا خاصة في حالة وجود أطفال‪ .‬محمد سالم‪ ،‬أهمية‬
‫الصلح في النظام القضائي المغربي ‪ ،‬الملحق القضائي عدد ‪ 35‬أكتوبر ‪ 2002‬ص ‪ 38 – 37‬و أيضا مجلة المحاكم المغربية عدد‬
‫‪ 94-93‬سنة ‪2002‬‬
‫‪ -2‬محمد بن معجوز‪ ،‬أحكام األسرة في الشريعة اإلسالمية وفق م ح ش‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬طبعة ‪ 1998‬ص‪361‬‬
‫‪ - 3‬محمد سالم‪ ،‬المرجع السابق‪ 2002 ،‬ص ‪38 – 37‬‬
‫‪ - 4‬منشور صادر عن وزارة العدل عدد ‪..007‬سري بتاريخ ‪ 5‬فبراير ‪2002‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪39‬‬
‫يجب على األطراف أن يحضروا في هده الجلسة األولى شخصيا أو بواسطة ممثلهم‬
‫القانوني وتجري دائما محاولة التصالح ‪.‬‬

‫إدا تم التصالح‪ ،‬أصدرت المحكمة حاال حكما يثبت االتفاق وينهي النزاع وينفد بقوة القانون‬
‫وال يقبل أي طعن ) ‪.‬‬

‫وإذا كان المشرع قد نسخ وعدل كل المقتضيات المتعلقة بالصلح بين الزوجين الواردة في‬
‫ق م م ولم يبقى إال الفصل ‪ 180‬من ق م م فإنه بالمقابل قد حدد في مدونة األسرة إجراءات الصلح‬
‫صراحة وبشكل مفصل ‪ .‬وهي تطبق سواء كان طالب الطالق‪ :‬الزوج أو الزوجة أو هما معا‪.‬‬

‫وهكذا فقد أكدت المادة ‪ 81‬من مدونة األسرة على أنه عند حضور الزوجين لجلسة الصلح‬
‫تجرى المناقشات في غرفة المشورة‪ ،‬ويقوم القاضي بكل المحاوالت من أجل إنهاء النزاع عن‬
‫ويمكنه اتخاذ كافة اإلجراءات التي تساعده على تحقيق هذا المبتغى‪ ،‬إذ يمكنه‬ ‫‪1‬‬
‫طريق الصلح‬
‫تأخير القضية إلى جلسة أخرى كلما رأى ضرورة لذلك‪ .‬إذ ما ال يمكن تحصيله في وقت ما قد‬
‫يسهل تحقيقه في وقت آخر ‪.2‬‬

‫وبذلك يكون المشرع قد منح القاضي وسيلة أخرى لنجاح محاولة الصلح وهي تكرار‬
‫جلسة التصالح في حالة وجود أطفال إذ أوجبت المادة ‪ 81‬من ق‪.‬أ ضرورة إجراء محاولتين‬
‫تفصل بينهما مدة ال تقل عن ثالثين يوما ‪ ،3‬وذلك لتهدئة ومراجعة األمر لعل المياه تعود إلى‬
‫مجاريها ‪ 4‬فال يصح التسرع في فصم عرى الزوجية التي نظرت إليها الشريعة اإلسالمية نظرة‬
‫التكريم والرعاية‪.‬‬

‫كما منح للقاضي كامل الصالحية في اختيار من يتولى مهمة الصلح دون قيد وشرط بل‬
‫وذهبت المدونة إلى أبعد من ذلك فقد سمحت للقاضي االستعانة بكل من يراه مؤهال إلصالح ذات‬

‫‪ - 1‬قرار استثنائي مدني عدد ‪ 16683‬مؤرخ في ‪ 1957 / 7 / 16‬أشار إليه محمد الحبيب الشريف ص ‪.97‬‬
‫‪ - 2‬م حمد بودالحة‪ ،‬وضعية المرأة في تقنينات األحوال الشخصية لدول المغرب العربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الشريعة‪،‬‬
‫جامعة القرويين – كلية الشريعة فاس‪.-‬سايس الجزء الثاني السنة ‪ 2000 – 1999‬ص ‪528‬‬
‫‪ - 3‬وقد كان المشرع التونسي سباقا إلى تقرير ذلك في الفصل ‪ 32‬من م‪.‬ح‪.‬ش " عند وجود ابن قاصر أو أكثر بتكرار الجلسة‬
‫الصلحية ثالث مرات على أن تعقد الواحدة منها ‪ 30‬يوما عن سابقتها قل األقل"‬
‫‪ - 4‬محمد األزهر‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 138‬قانون عدد ‪ 74‬لسنة ‪.1993‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪40‬‬
‫البين و بإجراء بحث إضافي في حالة اختالف الحكمين حول مضمون التقرير أو عدم إنجازه‬
‫داخل األجل المحدد إلصالح ذات البين‪ ،‬والغاية من ذلك هو إجراء مسطرة صلح حقيقية وفعالة ‪.1‬‬

‫ورغبة من المشرع في المحافظة على تماسك األسرة‪ ،‬فقد أكد على ضرورة إجراء الصلح‬
‫‪2‬‬
‫حتى في حالة الطالق المملك المادة ‪ 89‬من مدونة األسرة‪ ،‬وهذا ما أكده قرار المجلس األعلى‬
‫في ظل م‪.‬ح‪.‬ش وكذا حالة اتفاق ا لزوجين على إنهاء الرابطة ويتعلق األمر بالطالق االتفاقي‬
‫والطالق بالخلع‪ .‬فقد نصت المادة ‪ 144‬من مدونة األسرة ما مضمونه على أنه اتفاق الزوجين‬
‫على مبدأ إنهاء الرابطة الزوجية يقدم الطرفان أو أحدهما بطلب التطليق للمحكمة وتحاول هذه‬
‫األخيرة اإلصالح بينهما ما أمكن‪ ،‬كما أوجبت المادة ‪ 120‬من مدونة األسرة على المحكمة‬
‫ضرورة إجراء الصلح بين الزوجين بعد اتفاقهما على مبدأ الخلع واختالفهما في المقابل‪ .‬وقد‬
‫أحسن المشرع بإسناده محاولة الصلح للقاضي كوسيلة أولى لما له من سلطة معنوية سيؤثر بها ال‬
‫الرامي إلى إنهاء الرابطة‬ ‫‪3‬‬
‫محالة على الزوجين وخاصة على المدعي لكي يرجع عن موقفه‬
‫الزوجية‪.‬‬

‫وإيمانا من المشرع المغربي بأهمية الصلح ودوره في حماية األسرة فإنه لم ينص على‬
‫ضرورة إجراء الصلح في حالة الطالق فقط‪ ،‬وإنما أكد إلزامية القيام به حتى في دعاوى التطليق‪.‬‬
‫لقد كانت مدونة األحوال الشخصية تنص في الفصل ‪ 56‬على أنه يجب على القاضي أن يحكم‬
‫بتطليق الزوجة من زوجها بعد عجزه عن اإلصالح بينهما "‪.‬‬

‫وقد تولت المسطرة المدنية مهمة بيان اإلجراءات المسطرية الخاصة بالصلح فقد نص‬
‫الفصل ‪ 212‬من ق‪.‬م‪.‬م على ما يلي " يستدعي القاضي بعد تقييد الزوجين قصد محاولة الصلح‬
‫بينهما "‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد فريشا دو‪ ،‬دور الصلح والوساطة في القضايا األسرية من خالل المدونة‪ ،‬تقرير عام عن أعمال الدورة التكوينية‬
‫المنظمة لفائدة المعهد العالي للقضاء المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ - 2‬فقد أكد على ضرورة إجراء الصلح رغم أن الزوج كان قد التزم سابقا بجعل الطالق بيد الزوجة وقد علق الدكتور أحمد‬
‫الخمليشي على هذا القرار وأكد أن مسطرة الصلح غير واجبة في هذه الحالة وان المحكمة ال تملك غير اإلعالن عن الطالق‬
‫استجابة لرغبة الزوجة‪ ،‬قرار رقم ‪ 1039‬بتاريخ ‪ 1988- 9- 13‬ملف رقم ‪ ، 86- 6410‬مجلة القضاء والقانون ‪ 1 31‬ص‬
‫‪ 115‬وقد أشار إليه أيضا ادريس بلمحجوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 42‬‬
‫‪ - 3‬محمد بودالحة‪ ،‬المرجع السابق ص ‪527‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪41‬‬
‫ويتضح أن مسطرة الصلح تجري في جميع الدعاوي التي تتقدم بها الزوجة إلنهاء الرابطة‬
‫الزوجية سواء تعلق األمر بالتطليق للضرر أو العيب أو الغيبة أو عدم اإلنفاق أو الهجر ‪.1‬‬

‫إال أن الناظر في العمل القضائي يجده ال يعمل بإجراء الصلح المنصوص عليه في الفصل‬
‫‪ 212‬ق‪.‬م‪.‬م إال في حالة واحدة وهي التطليق للضرر وهو ما قرره المجلس األعلى إذ اعتبر الحكم‬
‫بالسجن على الزوج يبرر التطليق للغيبة و هذه األخيرة من الدعاوي التي ال حاجة إلجراء محاولة‬
‫الصلح فيها ‪.2‬كما أكد في قرار آخر انه ال مجال للصلح إذا كانت دعوى التطليق مؤسسة على‬
‫العيب ‪ 3‬ب ل نجد القضاء المغربي ذهب ابعد من ذلك حين حكم بتطليق الزوجة لدخول الزوج في‬
‫حالة غيبوبة نتيجة حادثة سير و دون إجراء أي محاولة صلح لتعذر ذلك ‪. 4‬‬

‫وقد انتقذ موقف المجلس األعلى بشدة واعتبره البعض اجتهاد في غير محله‪ ،‬مؤيدين‬
‫موقفهم بمجموعة من الحجج الموافقة لمقاصد الشريعة اإلسالمية والمطابقة لروح النصوص‬
‫‪5‬‬
‫القانونية ‪.‬‬

‫ولعل ما جعل القضاء يتبنى هذا الموقف هو ما نهجه المشرع المغربي من التنصيص‬
‫صراحة على إجراء الصلح في قضايا التطليق للضرر دون اإلشارة له في حاالت التطليق‬
‫األخرى‪ ،‬حيث جاء في الفصل ‪ 56‬من م‪.‬ح‪.‬ش " إذا ادعت الزوجة على زوجها أضراره بها بأي‬

‫‪ - 1‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪15‬‬


‫‪ - 2‬قرار عدد ‪ 881‬صادر بتاريخ ‪ 1992 / 7 / 21‬أشار إليه محمادي لمعكشاوي‪ ،‬سلسلة كتاب الجيب رقم ‪ 1‬للعمل القضائي‬
‫المغربي‪ ،‬األحوال الشخصية‪ ،‬مطبعة الساحل بالرباط‪ ،‬طبعة ‪ 1996‬ص ‪25‬‬
‫‪ -3‬قرار المجلس األعلى رقم‪ 895‬في الملف الشرعي عدد‪ 95-2-2- 668‬لتاريخ ‪ 2004- 9- 28‬أشار إليه عبد العزيز توفيق‬
‫قضاء المجلس األعلى في األحوال الشخصية و العقار من سنة‪ 1957‬إلى سنة ‪ 2002‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪،‬‬
‫ص‪362‬‬
‫‪ -4‬حكم المحكمة االبتدائية بميدلت رقم ‪ 317‬في ملق رقم ‪ 2000-37‬صادر بتاريخ ‪ 2000-10-31‬منشور بمجلة اإلشعاع عدد‬
‫‪ 25‬يونيو ‪ 2002‬ص ‪247‬‬
‫‪ -5‬أ – القاعدة العامة في قانون المسطرة المدنية (‪ )180 – 221‬أن الصلح إجراء مسطري أساسي في دعاوي األحوال الشخصية‬
‫سواء تعلق األمر بالتطليق للضرر أو لغيره‪.‬‬
‫ب – الهدف من الصلح هو إنهاء النزاع بطريقة ودية وإرجاع الوفاق إلى سابق عهده بين الزوجين ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬حاالت التطليق في التشريع المغربي كلها تدخل في خانة الضرر الذي يجري فيه الصلح فالغيبة ضرر وعدم اإلنفاق ضرر‪،‬‬
‫إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪15‬‬
‫فقد قال ابن العربي " فاإلمساك مع عدم اإلنفاق ضرار ابن العربي‪ ،‬أحكام القرآن‪ ،‬ج ‪ ، 8‬مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر‬
‫ص ‪84‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪42‬‬
‫نوع من أنواع الضرر الذي ال يستطاع دوام العشرة بين أمثالها وتبث ما ادعته وعجز القاضي‬
‫عن اإلصالح بينهما طلقها عليه " وهو نفس ما أكده المجلس األعلى في إحدى قراراته‪.1‬‬

‫لكن بقراءة هذا الفصل قراءة متأنية واستحضار الضرر الحاصل في كل األسباب التي‬
‫حملها المشرع موجبة للتطليق يتبين أنه ليس في هذا الفصل (أي ‪ )56‬ما يتمسك به القضاء أو‬
‫يزكي موقفه في حصره إلجراء الصلح في حالة التطليق للضرر فقط‪.‬‬

‫لقد كان على المشرع المغربي أن ينص على ضرورة إجراء الصلح في كل صور إنهاء‬
‫الرابطة الزوجية‪ ،‬وأن يوضح إجراءات التصالح بكيفية دقيقة ومفصلة وأن يخرج النصوص‬
‫المتعلقة بالصلح من قانون المسطرة المدنية مع تحديد كل اإلجراءات المتعلقة بمسطرة الصلح‬
‫نظرا ألهمية الصلح ودوره في لم شتات األسرة والمحافظة على تماسكها واستمراريتها وهذا ما‬
‫فعله المشرع المغربي إذ عمل على إلغاء‪ -‬الفصلين ‪ 179‬والفقرات من ‪ 2‬إلى ‪ 6‬من ق م م‪-‬‬
‫وتعديل مقتضيات قانون المسطرة المدنية لتتماشى مع أحكام مدونة األسرة وأكد على أهمية‬
‫إجراء الصلح في كل دعاوي التطليق المؤسسة على أحد األسباب المنصوص عليها في المادة ‪98‬‬
‫من مدونة األسرة‪ ،‬فالقاضي ملزم ببدل كل المجهودات للتوفيق بين الزوجين والحيلولة ما أمكن‬
‫دون تصدع العائلة ‪.2‬‬

‫فبمجرد توصل المحكمة بطلب التطليق تقوم بكل المحاوالت إلصالح ذات البين‪ ،‬وذلك‬
‫طبقا ألحكام المادة ‪ 82‬من قانون األسرة وإن كان المشرع قد اقتصر في هذه المادة على ذكر‬
‫الجهات المرصدة للصلح دون بيان كيفية قيامها بالمهام الموكولة إليها‪ ،‬لكن عند صياغة المواد‬
‫المتعلقة بمسطرة الشقاق بين المشرع المغربي في المادتين ‪ 95‬و ‪ 96‬من مدونة األسرة مهمة‬
‫الحكمين ومجلس العائلة وكل من أوكل إليه القاضي مهمة اإلصالح والتي تتجلى في ضرورة بذل‬
‫الجهد من أجل استقصاء أسباب الخالف بين الزوجين من أجل إنهاء النزاع عن طريق الصلح ‪.‬‬

‫وعليه فإن دور القاضي في مسطرة الصلح سواء في دعاوي الطالق أو التطليق يتجلى في‬
‫ضرورة التوفيق بين الزوجين بكيفية جدية وفعلية‪ ،‬ال أن يكون إجراء الصلح عبارة عن إجراء‬

‫‪ - 1‬التطليق للضرر ال يقع إال إذا عجز القاضي عن اإلصالح بين الزوجين – قرار عدد ‪ 67‬صادر بتاريخ ‪1968 – 1 – 1‬‬
‫منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 3‬ص ‪73‬‬
‫‪ - 2‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 50‬صادر بتاريخ ‪ 1976 – 1 – 14‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 24‬ص ‪ 43‬وقد‬
‫أشار إليه عبد المجيد غميجة في أطروحته ص ‪199‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪43‬‬
‫روتيني فحسب‪ . 1‬أو مجرد محاولة شكلية ورمزية ألن إجراءات التصالح تدخل في دائرة النظام‬
‫العام‪ 2،‬وقد أكد ذلك المجلس األعلى في إحدى قراراته‪ .3‬كما اعتبر أن التغاضي عن هذا اإلجراء‬
‫يمس بحقوق الدفاع‪ ،‬مما يبـرر الطعن بالنقض طبقا للفصل ‪ 359‬من قانون المسطرة المدنية ‪ 4‬كما‬
‫أكد في قرار آخر أن عدم إجراء مسطرة الصلح يعد خرقا للفصل ‪ 212‬من ق‪.‬م‪ .‬م يوجب نقض‬
‫الحكم ‪.5‬‬

‫و تجدر اإلشارة أن المشرع المغربي لم يبين للقاضي طريقة إجراء الصلح بين الزوجين‬
‫مع العلم أن هناك طريقتين‪:‬‬

‫الطريقة األولى تمكن القاضي من االستماع إلى كل زوج بمفرده في جلسة معينة ثم‬
‫يخصص لهما جلسة أخرى لالستماع لهما معا‪.‬‬

‫الطريقة الثانية‪ :‬توجب على القاضي االستماع إلى الزوجين معا في جلسة واحدة‪.‬‬

‫و أمام عدم تحديد المشرع لكيفية إجراء الصلح بين الزوجين فإن دلك يبقى خاضعا للسلطة‬
‫التقديرية للقاضي في نهج و سلوك أي من الطريقتين التي يراها مالئمة و تتناسب مع ظروف‬
‫ومالبسات كل قضية على حدة‪.‬‬

‫و على عكس القانون المغربي نجد القانون الفرنسي رقم ‪ 76 / 617‬بتاريخ ‪ 11‬يوليوز‬
‫‪ 1975‬قد جمع بين الطريقتين في الفصل ‪ ،252‬إذ جاء فيه " عندما يحاول القاضي الصلح بين‬
‫الزوجين‪ ،‬عليه أن يستمع إلى كليهما كل على حدة‪ ،‬قبل إجراء مقابلة بينهما معا بحضوره " ‪.6‬‬

‫‪ - 1‬محمد كشبور‪ ،‬الوسيط في ق‪.‬ح‪.‬ش المرجع السابق‪ ،‬ص ‪427‬‬


‫‪ - 2‬وقد قررت ذلك محكمة النقض المصرية في إحدى قراراتها إذ جا ء فيه " إذا قضت المحكمة بالتطليق دون أن تحاول التوفيق‬
‫بين الزوجين كان قضاؤها باطال باعتبار أن سعيها لإلصالح قبل الحكم بالتفريق أوجبه القانون وطبق بالنظام العام "‬
‫نقض في الطعن رقم ‪ 21‬سنة ‪ 53‬قانون األحوال الشخصية جلسة ‪ 1984 – 3 – 27‬أشار إليه مصطفى فرغلي الشقيري‪ ،‬التعليق‬
‫على قانون إجراءات التقاضي‪ ،‬دار البشرى للطباعة و النشر القاهرة‪ ،‬طبعة ‪ 2000- 1422‬ص ‪80‬‬
‫‪ - 3‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 164‬الصادر بتاريخ ‪ 1980 – 4 – 10‬في الملف االجتماعي تحت عدد ‪ 81153‬أشار إليه محمد‬
‫كشبور‪ ،‬الوسيط في ق‪.‬ح‪.‬ش المرجع السابق ص ‪.428‬‬
‫‪ - 4‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 904‬صادر بتاريخ ‪ . 1983 – 9 – 19‬مجلة القضاء والقانون ع ‪ 134 – 133‬ص ‪ 190‬وأكد ذلك‬
‫القضاء التونسي في إحدى قراراته التي جاء فيها " الحكم بتطليق الزوجة دون انتظار حضورها وإجراء المصالحة يجعل الحكم‬
‫خارقا للقانون ومستوجبا للنقض " قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 6078‬مؤرخ في ‪ 16‬نونبر ‪ .1981‬أشار إليه محمد الحبيب الشريف‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪100‬‬
‫‪ - 5‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 1322‬صادر بتاريخ ‪ 1985 – 11 – 19‬منشور بمجلة الندوة عدد ‪ 1‬ص ‪92‬‬
‫‪ - 6‬السعدية بلمير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪127‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪44‬‬
‫لكن ال يجب على القاضي أن يقتصر على مجرد سؤال المدعي عما إذا كان مصرا على‬
‫طلب الطالق أو التطليق‪ ،‬وبسؤاله المدعي عليه عما إذا كان موافقا عليه وبتسجيل جواب هذا‬
‫وذاك‪ ،‬ألن األمر يتعلق بمشكل اجتماعي يهم األسرة كاملة باعتبار أن الحكم الذي سيصدر‪ ،‬تكون‬
‫له انعكاسات على مصير كل أفراد األسرة‪ ،‬إذ بذلك الحكم ستتدعم أواصرها أو تنفصم‪ ،‬وقد تستمر‬
‫وتتعزز روابطها أو تنحل وتتفكك‪ .1‬لكن هذا ال يعني أنه يجب على القاضي أن يتصبب عرقه‬
‫ويجف ريقه وتظهر عليه عالمات اإلرهاق وهو يخاطب أحاسيس كل من الزوجين‪ ،‬ويطلب منهما‬
‫أن يتراجعا عن موقفهما‪ 2،‬وإنما فقط يجب عليه أن يبدل قصارى جهده في إصالح ذات البين عن‬
‫طريق القيام بجميع المحاوالت الحبية والمبادرات الودية الهادفة إلى تسليط الضوء على مكامن‬
‫الخلل في العالقة الزوجية‪ 3،‬وإظهار العواقب الوخيمة المرتقبة وأن يكون مقنعا بذلك وليس فقط‬
‫من أجل تبرير هذا اإلجراء مع الوقوف على األسباب الحقيقية والظروف والمالبسات المحيطة‬
‫بها‪ - 4‬ألن المدعي غالبا ما يحاول إقناع القاضي بأسباب يرى أنها خطيرة جدا – لكي يتسنى‬
‫للقاضي إقناع الزوجين بأهمية الصلح ودوره في حماية األسرة من مخاطر الطالق والتطليق‬
‫‪5‬‬
‫وحملهما على تنازالت متبادلة وصوال إلى حل يحظى بقبول الطرفين‪،‬‬

‫كل ذلك من أجل لم شتات األسرة ورأب الصدع القائم في العالقة الزوجية وبالتالي عودة‬
‫الحياة بين الزوجين إلى ما كانت عليه من نقاء وسكينة وحسن معاشرة ‪ 6‬فالصلح يساهم في تحقيق‬
‫عنصرين هامين أولهما مادي ويتجلى في العودة إلى الحياة المشتركة وثانيهما معنوي ويتجلى في‬
‫الرغبة في نسيان األخطاء المرتكبة ‪.7‬وهو بذلك يجنب كل أفراد األسرة التفكك و االنحالل كما‬

‫‪ - 1‬محمد بودالحة‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪525‬‬


‫‪ - 2‬ساسي بن حليمة‪ ،‬دور قاضي األسرة في قضايا الطالق‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪32‬‬
‫‪ - 3‬يوسف بنباصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪32‬‬
‫‪ - 4‬خديجة العلمي‪ ،‬دور القضاء في مدونة األسرة‪ ،‬مجلة المعيار عدد ‪ 32‬دجنبر ‪ 2004‬ص ‪ 133‬وهو ما تؤكده أيضا محكمة‬
‫النقض المصرية في إحدى قراراتها الذي ج اء فيه " إن اإلصالح بين الزوجين يقتضي التعرف على حقيقة النزاع القائم بينهما‬
‫والظروف والمالبسات المحيطة به وذلك حتى يتخير القاضي السبل الناجعة إلنهائه صلحا " قرار رقم ‪ 23‬لسنة ‪ 51‬قانون األحوال‬
‫الشخصية جلسة ‪ 1982 – 3 – 16‬أشار إليه مصطفى فرغلي الشقيري‪ ،‬مرجع سابق ص ‪80‬‬
‫‪ - 5‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الطالق بعد التعديل‪ ،‬حصيلة عملية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪7‬‬
‫‪ - 6‬نقض مصري رقم ‪ 30‬سنة ‪ 52‬قانون األحوال الشخصية جلسة ‪ 1984 – 5 – 24‬أشار إليه مصطفى فرغلي الشقيري‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪80‬‬
‫‪ - 7‬السعدية بلمير‪ ،‬المرجع السابق ص ‪79‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪45‬‬
‫يساعد األسرة بأكملها على التماسك و الترابط فيما بينهما إذ بفضله تستأصل كافة الخصومة‬
‫وتؤلف القلوب المتنافرة‪.1‬‬

‫غير أن مهمة اإلصالح التي يقوم بها القاضي بما تختزله من دالالت رمزية وأهداف‬
‫سامية فهي ال تخلو في نهاية المطاف من أحد األمرين‪ :‬فإما أن يكون النجاح والفالح حليفهما في‬
‫تحقيق الغاية المتوخى منها‪ ،‬فيتم اإلصالح بين الزوجين ويحرر على الفور محضرا بشأنه‪،‬‬
‫يكتسب قوته الثبوتية ومصداقيته القانونية من اإلشهاد القضائي للمحكمة على فحواه‪ ،‬بعد تحرير‬
‫مضمونه في تقرير من ثالث نسخ تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة منه‪ ،‬وتحفظ نظيرتها الثالثة‬
‫بالملف المخصص لها‪ 2،‬وإما أن تخفق محاولة الصلح في تحقيق المبتغى المنتظر منها وآنذاك‬
‫يتعين على القاضي تحديد مبلغا ماليا للزوج يودعه بكتابة ضبط المحكمة لتسديد واجبات الزوجة‬
‫واألوالد م ‪ 83‬من مدونة األسرة ‪.‬‬

‫وأخيـرا يمكن القول أنه ليس المهم هو إجراء محاولة الصلح وفقـا لبنود مدونة األسرة‬
‫وإنما المهم هو تفعيل هذا الصلح من قبل قضاء لديه من المؤهالت والخبرات والوسائل ما يساعده‬
‫على تفعيل الصلح‪ .3‬وبالتالي ا الستجابة لنداء المشرع الداعي إلى ضرورة المحافظة على التماسك‬
‫والترابط العائلي وتحقيق رغبته األكيدة في تجنب شبح التفكك األسري والتي تتجلى في إشارته‬
‫إلى الصلح في العديد من مقتضيات مدونة األسرة‪ ،‬حيث ربط كل صور إنهاء الرابطة الزوجية –‬
‫باستثناء التطليق للغيبة – بضرورة إجراء محاولة الصلح لكنه مع ذلـك لم يبين للقاضي المرحلة‬
‫القضائية الواجب إجراء الصلح فيها‪ ،‬وما إذا كان من حـق محكمة االستئناف إجراء جلسة‬
‫التصالح أم أن الصلح من اختصاص المحكمة االبتدائية فقط ؟‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مرحلة إجراء الصلح‬

‫لقد أدى عدم تحديد مرحلة إجراء الصلح بين الزوجين إلى نوع من االضطراب في‬
‫األحكام الصادرة عن المحاكم المغربية‪ .‬و على مستوى التنظير فقد ذهب بعض رجال الفكر‬

‫‪ -1‬الطاهر كركري‪ ،‬الصلح بين أفراد األسرة –دراسة فقهية قانونية اجتماعية ‪ -‬أطروحة لنيل الدكتوراه جامعة القرويين كلية‬
‫الشريعة فاس سايس السنة الجامعية ‪ 2001-2000‬ص ‪359‬‬
‫‪ - 2‬يوسف بنباصر‪ ،‬المرجع السابق ص ‪36‬‬
‫‪ - 3‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الحماية القضائية لحقوق الزوجة المطلقة في مدونة األسرة‪ ،‬االتحاد االشتراكي عدد ‪ 7466‬األربعاء ‪21‬‬
‫يناير ‪ 2004‬ص ‪5‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪46‬‬
‫القانوني و الفقهي إلى عدم جدوى إمكانية اللجوء إلى الصلح‪ ،‬بعد إصدار الحكم في المرحلة‬
‫االبتدائية و بالتالي فإن مرحلة إجراء الصلح تنتهي بانتهاء المحاولة أمام المحكمة االبتدائية خاصة‬
‫و أن أسرار الزوجين قد انكشفت‪ ،‬و عرضت بشكل يجعل من الصعب على الزوجين التصالح‬
‫والعدول عن متابعة الدعوى‪.1‬‬
‫في حين ذهب البعض اآلخر إلى كون المرحلة القضائية الواجب إجراء الصلح فيها ال تنحصر في‬
‫مرحلة عرض القضية أمام المحكمة االبتدائية فقط‪ ،‬و إنما يبقى باب الصلح مفتوحا مهما كان‬
‫‪2‬‬
‫الطور الذي وصلت إليه القضية‪.‬‬

‫ويرجع سبب االختالف في وجهات النظر حول مرحلة إجراء الصلح‪ ،‬و ما صاحبه من‬
‫مناقشات فقهية و تطبيقات قضائية غير موحدة هو عدم وجود نص قانوني صريح يحدد المرحلة‬
‫القضائية الواجب قيام الصلح فيها‪ ،‬خصوصا و أن الفصل ‪ 213‬من ‪.‬ق ‪.‬م ‪.‬م الذي كان بإمكانه‬
‫التنصيص على ذلك و هو بصدد الحديث عن هذه الدعوى أمام محكمة االستئناف جاء خاليا من‬
‫أية إشارة تشعر بإمكانية إقامة محاولة الصلح من جديد أمام محكمة االستئناف‪ .‬كما أن مدونة‬
‫األسرة لم تعمل على تحديد مرحلة إجراء الصلح‪ .‬وقد أدى عدم التنصيص على ذلك إلى ضياع‬
‫هذه اإلمكانية‪ ،‬مما ترك القضاء متناقضا في أحكامه‪.3‬‬

‫و ما زاد من تعميق بؤرة االختالف في وجهات النظر بين الفقهاء هو وجود نصوص‬
‫قانونية متناقضة أو على األقل غير منسجمة و غير متطابقة مع بعضها في قانون المسطرة المدنية‬
‫و يتعلق األمر بالفصلين ‪ 180‬و‪. 212‬‬

‫فالفصل ‪ 180‬من ق‪ .‬م‪ .‬م ينص على ما يلي ‪":‬إذا أحيلت القضية على القاضي استدعي‬
‫حاال األطراف إلى الجلسة ‪ .‬يجب على األطراف أن يحضروا في هذه الجلسة األولى شخصيا أو‬
‫بواسطة ممثلهم القانوني و تجرى دائما محاولة التصالح"‪.‬‬

‫فهذا النص يلزم القاضي باستدعاء األطراف حاال دون تماطل أو تأخير‪ ،‬و على األطراف‬
‫الحضور شخصيا أو بواسطة ممثلهم القانوني للجلسة األولى‪ ،‬و كما هو معلوم فان هذه األخيرة‬

‫‪ -1‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.309‬‬


‫‪ - 2‬ساسي بن حليمة‪ ،‬المحاولة الصلحية على معنى الف ‪ 32‬من م أ ش المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -3‬أحمد الخمليشي‪ ،‬التعليق على قانون األحوال الشخصية‪ ،‬الجزء األول‪ :‬الزواج و الطالق ‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط‬
‫طبعة ‪، 1987‬ص ‪338‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪47‬‬
‫مخصصة للتصالح بين الزوجين‪ .‬و يسجل لهذه النص ميزة أساسية و هو كونه ينص على أن‬
‫محاولة التصالح تجري دائما في جميع مراحل الدعوى‪ ،‬ويتجلى ذلك من خالل عبارة "تجري‬
‫دائما محاولة التصالح " فهي عبارة بالغة األهمية وأهميتها تكمن في كونها تزيل اإلشكال القائم‬
‫فقها و قضاء‪ ،‬حول متى تجرى هذه المحاولة‪ .‬إذ تدل على جريان التصالح بكيفية دائمة‬
‫ومستمرة‪.1‬‬

‫في حين نجد الفصل ‪ 212‬ينص على ما يلي "‪ ...‬إذا فشلت المحاولة أو بعد استدعائين‬
‫وتخلف الزوجين أو أحدهما عن الحضور أصدر القاضي أمر بعدم و إذن للمدعي بمواصلة‬
‫الدعوى"‪.2‬‬

‫فهذا النص يقرر أمرا مهما و هو عدم اللجوء إلى محاولة الصلح بين الزوجين بعد فشل‬
‫المحاولة األولى التي يقوم بها القاضي عند رفع الدعوى لدى المحكمة االبتدائية‪ ،‬أو إذا تخلف‬
‫الزوجان أو أحدهما عن الحضور حيث يؤدن للمدعي بمواصلة الدعوى‪ ،‬وتغلق أبواب كل محاولة‬
‫تهدف إلى الصلح بمقتضى األمر القضائي الذي يبقى ساري المفعول إلى أن يتم البث بصفة نهائية‬
‫في هذه الدعوى‪ .‬وكل محاولة تسعى لإلصالح بين الزوجين أمرا ممنوعا متعارضا مع أمر‬
‫القاضي و قراراته التي تنفذ‪ ،‬وهو أمر مخالف لروح الشريعة اإلسالمية ومقاصدها ‪. 3‬‬

‫ومن هنا يتجلى بوضوح مدى تناقض الفصلين ‪ 180‬و‪ 212‬من ق م م إذ نجد الفصل ‪180‬‬
‫يجعل إمكانية التوفيق بين الزوجين مفتوحة في سائر مراحل الدعوى‪ .‬بينما الفصل ‪ 212‬يسد باب‬
‫التصالح و يمنع كل محاولة صلح تهدف إلى حماية األسرة من آفة الطالق و التطليق‪ .‬إذ يقرر عدم‬
‫إمكانية اللجوء إلى مسطرة الصلح بعد إصدار القاضي أمر عدم التصالح بين الزوجين‪.‬‬

‫ولعل هدا ما جعل المشرع يعمل على نسخ وتعديل فصول ق م م إذ ألغى الفصل ‪212‬من‬
‫ق م م ولم يبقى إال الفصل ‪ 180‬من ق م م وبدلك يكون المشرع قد تالفى دلك التعارض الذي كان‬
‫سائدا بين الفصلين ‪ 180‬و ‪ 212‬من ق م م قبل التعديل ‪.‬‬

‫‪ - 1‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪315‬‬


‫‪ - 2‬و مواصلة الدعوى ال تكون بمقال جديد بل بالمقال االفتتاحي عكس ما كان معموال به في ظل ق م م القديم"ظهير‪12‬‬
‫غشت‪" 1913‬حيث كان قرار فشل الصلح يشكل حدا فاصال بين مرحلتين من مسطرة الطالق بمعنى أنه يجب إقامة دعوى الطالق‬
‫بمقال جديد تؤدى عنه الرسوم القضائية الن المقال األصلي هدفه فقط إجراء محاولة الصلح‪ ,‬السعدية بلمير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪.82‬‬
‫‪ - 3‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪319‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪48‬‬
‫وقد كان لهذا الموقف الذي اتخذه المشرع المغربي قبل تعديل نصوص ق م م والمتسم‬
‫بالتسرع في تصفية العالقات الزوجية‪ ،‬والميال إلى فصم عرى الزوجية التي يجب المحافظة‬
‫عليها وصيانتها‪ ،‬بالغ األثر في تشبث البعض بعدم جدوى إجراء مسطرة الصلح أمام محكمة‬
‫االستئناف‪ ،‬و يتجلى ذلك من خالل انتقاد بعض القرارات الصادرة عن المجلس األعلى و التي‬
‫تذهب إلى ضرورة إجراء محاولة الصلح أمام محاكم لالستئناف‪.‬‬

‫فقد نقض المجلس األعلى الحكم اإلستئنافي الذي لم يقم قضاته بمحكمة االستئناف بمحاولة‬
‫الصلح بين الزوجين في دعوى التطليق للضرر‪ ،1‬حيث اعتبر المجلس بأن‪ ":‬المحكمة عندما‬
‫أبطلت الحكم االبتدائي و حكمت بالتطليق بين الطرفين من غير أن تشرع في حكمها إلى تطبيق‬
‫‪2‬‬
‫الفصل ‪ 56‬من م‪.‬ح‪.‬ش‪.‬مخالفة بذلك التشريع الداخلي للبالد"‪.‬‬

‫و قد انتقد هذا القرار من طرف األستاذ أحمد الخمليشي الذي اعتبر أن اجتهاد المجلس‬
‫األعلى ال يتفق مع الفصل‪ 56‬من م‪.‬ح‪.‬ش و ال المادة ‪ 212‬من‪.‬ق‪.‬م‪.‬م مؤكدا أن الصلح مأمور به‬
‫قبل المرافعات و تفاديا لهذه المرافعات التي تزيد في تعقيد عالقات الزوجين‪.‬‬

‫أما إذا فشل الصلح في البداية وواصل الطرفان إجراءات التقاضي إلى أن صدر الحكم‪،‬‬
‫فال تب قى فائدة من فرض محاولة المصالحة من جديد على محكمة االستئناف‪ .‬والمادة ‪ 213‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪ .‬تقتضي بأنه" يقدم االستئناف إلى محكمة االستئناف ‪ ،‬و ينظر فيه بغرفة المشورة ويصدر‬
‫القرار في جلسة علنية" ولم يرد بها ذكر لمحاولة المصالحة وال اإلذن بمتابعة الدعوى‪. 3‬‬

‫وقد أيد األستاذ محمد الكشبور موقف األستاذ الخمليشي من قرار المجلس األعلى معتبرا‬
‫أنه محقا فيما ذهب إليه ‪ . 4‬و إذا كان األستاذ أحمد الخمليشي لم يستسغ ما جاء به قرار المجلس‬
‫األعلى واعتبره مخالفا للنصوص القانون" ‪56‬من‪.‬م‪.‬ح‪.‬ش‪.‬و المادة ‪ 212‬من ق‪.‬م‪.‬م" معززا رأيه‬
‫بكونه المادة ‪ 213‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬لم تشر إلى إمكانية إجراء الصلح أمام محكمة االستئناف ‪ ،‬فإن‬

‫‪ -1‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي المرجع السابق‪ ،‬ص ‪19‬‬


‫‪ -2‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 67‬الصادر بتاريخ ‪1‬يوليوز ‪ 1968‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد‪3‬ص‪ ، 73‬وأيضا مجلة‬
‫القضاء و القانون عدد ‪ 94‬ص ‪. 190‬‬
‫‪ -3‬أحمد الخمليشي التعليق على قانون األحوال الشخصية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪338‬‬
‫‪ -4‬محمد كشبور‪ ،‬الوسيط في ق‪.‬ح ش‪.‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.428‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪49‬‬
‫األستاذ عبد المجيد غميجة يتفق معه في عدم امتداد إجراء الصلح إلى محكمة االستئناف و إلزامها‬
‫به‪ ،‬لكنه يختلف معه في األدلة التي يستنبط منها ذلك‪.‬‬

‫فقد أكد أن إعفاء محكمة االستئناف من إجراء الصلح ال يجد سنده في المادة ‪213‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪.‬التي اعتمدها األستاذ الخمليشي الن هذه المادة تتعلق باستئناف األمر البات في التدابير‬
‫الوقتية‪ ،‬ال الحكم الصادر في جوهر دعوى التطليق‪.1‬وأن مبرر عدم اإللزام بإجراء الصلح أمام‬
‫محكمة االستئناف يجد مستنده في كون القاضي ال يلزم بإتباع إجراء لم يتم رسمه من طرف قانون‬
‫المسطرة المدنية مادام سكوت قانون الشكل يفيد المنع‪ .‬ثم إن صياغة المادة ‪ 212‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬في‬
‫الفقرة الثانية تفيد أن اإلجراء منوط بالقاضي االبتدائي الذي يباشر المسطرة عقب تقديم الدعوى‪،‬‬
‫كما أنه ال فائدة من العودة بالقضية إلى مبدئها بعد األمر بمواصلة دعوى التطليق‪ ،‬ما لم يكن قد‬
‫استجد أمر تبدو معه ضرورة تكرار المحاولة تبعا للسلطة التقديرية لمحكمة االستئناف‪ ،‬فالسعي‬
‫للصلح بين الزوجين من مهمات القاضي في كل آن وكلما كان ذلك في اإلمكان‪ ،‬وكلما استجد ما‬
‫يبرره‪ .‬غير أن ذلك ال يرقى بهذا اإلجراء إلى حد الوجوب أمام محكمة االستئناف بالشكل الذي‬
‫يترتب على اإلخالل به‪ ،‬الحكم ببطالن الحكم اإلستئنافي خاصة إذا استنفذت المحاولة أمام‬
‫المحكمة االبتدائية وأصدرت حكمها في الجوهر‪.2‬‬

‫كما اعتبر البعض أن إ لزام المجلس األعلى لمحكمة االستئناف بضرورة القيام بمحاولة‬
‫اإلصالح بين الزوجين ليس إال زيادة في تعقيد اإلجراءات ألن مدونة األحوال الشخصية نفسها لم‬
‫تبين إجراءات محاولة الصلح من جهة و لم تحدد المرحلة التي يتعين إجراء أن تتم فيها من ناحية‬
‫أخرى‪.3‬‬

‫و من الحجج أيضا التي اعتمدها أصحاب هذا الرأي لتعزيز موقفهم الرامي إلى عدم إلزام‬
‫محكمة اإلستناف بمحاولة الصلح‪ :‬كون إجراء الصلح من النظام العام و من ثم يجد إثارته قبل أي‬

‫‪ -1‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬مميزات دعوى األحوال الشخصية على ضوء تعديالت ظهير‪ ، 1993-9- 10‬مجلة القسطاس العدد األول‬
‫السنة األولى أكتوير ‪ 1997‬ص ‪140‬‬
‫‪ -2‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬موقف المجلس األعلى من ثنائية القانون و الفقه في مساند األحوال الشخصية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫الحقوق ‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال الرباط السنة الجامعة ‪ 2000_1999‬ص ‪.203‬‬
‫‪ -3‬محمد البعدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪50‬‬
‫إجراء و قبل البث في جوهر الدعوى‪ ،‬و إذا ما شرع في مناقشة القضية و ابتليت السرائر ونشرت‬
‫أسرار الزوجين فال داعي لمحاولة الصلح الذي يصبح عسير إن لم يكن مستحيال‪.1‬‬

‫و هذا الرأي مأخوذ به من طرف القضاء المصري إذ جاء في قرار لمحكمة النقض‬
‫المصرية أن عرض محكمة أول درجة للصلح ورفض أحد الزوجين له ‪ ،‬كاف لتحقيق العجز عن‬
‫اإلصالح وال محل لعرضه مرة أخرى في االستئناف"‪ 2‬كما أكدت في قرار آخر أنه ال يلجأ‬
‫‪3‬‬
‫للصلح أمام محكمة االستئناف ما لم يستجد ما يدعو إليه‪.‬‬

‫و من خالل استقراء أراء أصحاب هذا االتجاه يتضح أن القائلين به يتمسكون بحرفية‬
‫النصوص القانونية و عدم تجاوز القاضي لها و إال اعتبر حكمه أو قراره مخالفا للقانون‪ .‬في‬
‫حين نسوا أن األمر يتعلق باألسرة التي هي النواة األولى للمجتمع فبصالحها يصلح المجتمع‬
‫وبفسادها يفسد‪ .‬كما أن مصلحة األطفال تقتضي من القاضي التعامل مع قضايا األحوال الشخصية‬
‫بكل مرونة و يسر‪.‬‬

‫لذلك فقد ساير بعض الفقه اجتهاد المجلس األعلى مؤكدين إلزامية وضرورة إجراء الصلح‬
‫في جميع أطوار الدعوى‪ ،‬آخذين بعين االعتبار مصلحة األسرة بصفة عامة واألطفال بصفة‬
‫خاصة خصوصا وأن الصلح بين الزوجين هدف نبيل نصت عليه نصوص القرآن الكريم‬
‫وأحاديث سيد المرسلين من أجل إعادة الدفء إلى الحياة الزوجية وإنقاذ أطفال هذا الزواج من‬
‫اآلثار الناجمة عن الطالق‪. 4‬‬

‫فبذ ل المحكمة كل المساعي الحميدة من أجل التوفيق بين الزوجين يجب إعماله سواء أمام‬
‫محكمة االبتدائية أو أمام محكمة االستئناف متى ظهر للمحكمة بأن الصلح سيحقق نتيجة إيجابية ‪.5‬‬

‫‪ -1‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬


‫‪ -2‬نقض مصري جلسة ‪ :1983_02_6‬معوض عبد الثواب ‪ ،‬موسوعة األحوال الشخصية‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية ‪1986‬‬
‫ص‪350‬‬
‫‪ -3‬نقض مصري جلسة ‪ :1980_08_5‬معوض عبد الثواب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.364‬‬
‫‪ - 4‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 20‬فقد قال هللا تعالى "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا‬
‫أو إعراضا فال جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير" سورة النساء ‪:‬اآلية‪ 128‬وقوله تعالى"إنما المؤمنون إخوة‬
‫فأصلحوا بين أخويكم" سورة الحجرات‪:‬اآلية ‪ 10‬وقوله صلى هللا عليه و سلم "أال أخبركم بأفضل من درجة الصيام و الصالة و‬
‫الصدقة قالوا بلى‪ :‬إصالح ذات البين فإن فساد البين هي الحالقة" أبو عيسى محمد الترميدي‪ ،‬سنن الترميدي‪ ،‬الجزء السابع‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1378-‬ص‪98‬‬
‫‪-5‬إذريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪20‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪51‬‬
‫فال يجب إذن أن توصد األبواب في وجه أي محاولة إصالحية أينما كانت و متى وجدت‬
‫أمال في عدول الزوجين عن قرارهما وتأكيد رغبتهما في استمرار العالقة الزوجية‪ ،‬ألن إصالح‬
‫ذات البين هو األصل وهو الهدف األسمى الذي يجب لوصول إليه بكافة الطرق المشروعة كما‬
‫قال ابن قيم الجوزية‪ :‬إذا ظهرت أمارات العدل و أسفر وجهه بأي طريق كان فتم شرع هللا‪ 1.‬لذا‬
‫يجب أن يسمو مبدأ التصالح بين الزوجين في أي مرحلة من مراحل الدعوى فوق كل رأي فقهي‬
‫أو نص قانوني أو اجتهاد قضائي‪. 2‬خصوصا وأن الصلح كفيل بتحقيق الوفاق بين الزوجين‬
‫وحماية كل أفراد األسرة من التصدع و التفكك ‪ ، 3‬ألنه يؤدي إلى إزالة الشقاق و إحالل الوفاق‬
‫محل الخالف و رفع األحقاد المتغلغلة بين الزوجين و ذلك من أهم مقاصد الشريعة الغراء التي‬
‫تسعى إلى إصالح األفراد و الجماعات‪ ،‬فإذا زالت األحقاد و البغضاء من نفوس الزوجين‬
‫‪4‬‬
‫المتنازعين و أينعت ثمار الوئام في أفئدتهما فإن الكل سيعيش في سعادة و هناء‪.‬‬

‫و بالرجوع إلى ما جاءت به مدونة األسرة نجدها قد سدت باب التصالح و التوفيق أمام‬
‫محكمة االستئناف عندما حسمت األمر بالنسبة للمقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو الخلع أو‬
‫الفسخ و اعتبرتها غير قابلة ألي طعن في جزئها القاضي بإنهاء الرابطة الزوجية‪ .‬و قد نصت‬
‫على ذلك في المادة ‪128‬من ق م أ " المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو الخلع أو بالفسخ‬
‫طبقا ألحكام هذا الكتاب تكون غير قابلة ألي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العالقة الزوجية"‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمقررات القضائية الصادرة بالطالق فقد سكت المشرع عن إمكانية الطعن فيها‬
‫من عدمه‪ .‬إذ نص المشرع فقط على المقررات القضائية الخاصة بالتطليق ‪.‬‬

‫وال أعتقد أن سكوته يفيد الداللة على قابلية هذه المقررات للطعن‪ 5‬ألن ذلك لن يستقيم مع‬
‫قواعد و أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أبي عبد هللا بن قيم الجوزية‪ ،‬الطرق الحكمية في السياسة الشرعية‪ ،‬المؤسسة العربية للطباعة و النشر القاهرة‪ ،‬ص ‪14‬‬
‫‪-2‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪321‬‬
‫‪-3‬عبد السالم حادوش ‪ ،‬إدماج المرأة في التنمية في محك السياسة الشرعية‪ ،‬مطبعة الطوبوس الطبعة األولى‪ ،‬أكتوبر ‪ 2001‬ص‬
‫‪3‬‬
‫‪ -4‬عبد الرحمان بن عبد هللا بن صالح الدباس أحكام الصلح في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار النيرين للطباعة و النشر الطبعة األولى‬
‫‪ 2004 -1424‬ص ‪40‬‬
‫‪ -5‬رغم أن األصل في القرارات التي تصدرها الهيئة القضائية أنها تكون قابلة للطعن طبقا لمقتضيات القواعد العامة إلجراءات‬
‫التقاضي و ال تعفي هذه القرارات من هذا اإلجراء إال بنص و هذا ما نص عليه الفصل ‪ 134‬من ق م م المعدل و المتمم بمقتضى‬
‫القانون رقم ‪ 72 63‬الذي جاء فيه أن‪ :‬استعمال الطعن باالستئناف حق في جميع األحوال عدا إذا قرر القانون خالف ذلك‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى نصوص م ‪.‬أ نجد المواد‪ -87 -83 -82 -81 -74 :‬المتعلقة بإجراءات الطالق تتضمن عبارة‪ :‬المحكمة " و هذا‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪52‬‬
‫و اعتبار المقرر القضائي القاضي بإنهاء الرابطة الزوجية غير قابل للطعن فيه إجحاف‬
‫بحقوق المواطنين و ضرب للمبدأ السامي الذي يجعل من التقاضي على درجات ضمانة لتحقيق‬
‫خصوصا و أن القضاة بشر يخطئون و يصيبون و سد باب الطعن إجراء غير‬ ‫‪1‬‬
‫جوهر العدالة‬
‫دستوري‪.2‬‬

‫و إذا كانت المدونة قد جعلت المقررات القضائية الخاصة بالتطليق و الخلع و الفسخ غير‬
‫قابلة للطعن في جزئها القاضي بإنهاء العالقة الزوجية‪ .‬فإن المشرع الجزائري جعل األحكام‬
‫المتعلقة بالطالق و ليس التطليق ال تقبل االستئناف سوى ما تعلق األمر بالجانب المادي منها‪.‬‬

‫فقد نصت المادة ‪ 57‬من قانون ‪ 1984‬على ما يلي " األحكام بالطالق غير قابلة‬
‫لالستئناف ما عادا جوانبها المادية"‪ 3‬و من ثم ال وجود للمحاولة إال في المرحلة االبتدائية‪ .‬في حين‬
‫نجد القضاء التونسي قد سلك موقفا مغايرا لنظيريه المغربي و الجزائري إذ جعل أمر إعادة‬
‫محاولة الصلح أمام محكمة االستئناف موكوال الجتهاد القاضي حسب ما يتراءى له من ظروف‬
‫و مالبسات القضية ويتجلى ذلك في العديد من القرارات الصادرة عن محكمة التعقيب التونسية‪.‬‬

‫فقد ذهبت هذه األخيرة في أحد قراراتها إلى أنه " إذا طلب أحد الخصمين أمام االستئناف‬
‫إعادة المحاولة الصلحية فعلى محكمة االستئناف القبول أو الرفض بشرط التعليل عند الرفض وإال‬
‫كان حكمها معرض للنقض"‪.4‬‬
‫و في قرار آخر اعتبرت أن" إعادة الجلسة الصلحية اختيارية للمحكمة سواء في الطور االبتدائي‬
‫أو االستئنافي‪.5‬‬

‫يدل على أن إجراءات الطالق تتم من بدايتها إلى حين إصدار اإلذن بالطالق أمام هيئة قضائية‪ ،‬و هذا يعني أن المقرر القضائي‬
‫القاضي باإلشهاد على الطالق يندرج ضمن العمل القضائي و ال يعتبر قرارا والئيا‪.‬‬
‫‪ -1‬عبد المالك زعزاع‪ ،‬اإلجراءات الشكلية في قضاء األسرة‪ ،‬مدونة األسرة بين تعديل النص القانوني و إصالح الواقع‪ ،‬مجلة‬
‫الفرقان ع ‪ 2004 50‬ص‪77‬‬
‫‪ -2‬محمد كشبور‪ ،‬محاضرة ألقيت على طلبة السلك الثالث السنة الثانية قانون األسرة المغربي و المقارن‪ ،‬الموسم الجامعي‬
‫‪2004_2005‬‬
‫‪ -3‬قانون الجزائر ‪1984‬‬
‫‪ -4‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 194‬بتاريخ ‪ 1976_06_15‬أشار إليه محمد الحبيب الشريف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪100‬‬
‫‪ - 5‬قرار تعقيبي مدني عدده ‪ 259‬مؤرخ في ‪ 4‬مارس ‪ 1980‬أشار إليه محمد ا لحبيب الشريف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫وفي قرار آخر اعتبرت محكمة التعقيب بأن "امتناع المحكمة من إعادة محاولة الصلح بين الزوجين داخل نطاق سلطتها التقديرية‬
‫المطلقة بشرط التعليل" قرار تعقيبي مدني عدد‪ 2063‬مؤرخ في ‪ 4‬أبريل ‪ 978‬أشار إليه محمد الحبيب الشريف‪ ،‬المرجع السابق‬
‫ص‪.99‬‬
‫وفي نفس السياق أكدت أن"الفصل ‪32‬من م‪.‬ح‪.‬ش ال يتضمن صراحة أو داللة على وجوب إعادة المحاولة الصلحية سواء في‬
‫الطور االبتدائي أو أالستئنافي وأن إعادة المحاولة تبقى موكولة الجتهاد القاضي"‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪53‬‬
‫و خالصة القول إني أضم صوتي إلى كل من ينادي بضرورة إبقاء باب الصلح مفتوحا‬
‫مهما كانت المرحلة القضائية التي وصلت إليها الدعوى‪ ،‬مع تخويل القاضي السلطة التقديرية‬
‫الواسعة في تقدير إعادة إجراء الصلح من عدمه حسب ما يبدو له من ظروف القضية ولو أدى‬
‫األمر به إلى عدم تطبيق قواعد اإلجراءات العادية‪ ،‬ألن األمر يتعلق بقضايا انحالل الرابطة‬
‫الزوجية و هي قضايا من نوع خاص والحكم فيها يتعدى أثره إلى أفراد المجتمع‪ .‬و إجراء الصلح‬
‫في أي مرحلة من مراحل الدعوى ضرورة حتمية تفرضها المصلحة‪ :‬مصلحة األسرة و المجتمع‬
‫و تطبيق شرع هللا المقدم على من سواه خصوصا وأن يجلب النفع لألسرة ويفتح لها المجال إلى‬
‫العودة إلى مجراها الطبيعي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اتخاذ التدابير المؤقتة‬

‫تعكس دعوى انحالل الرابطة الزوجية وضعا اجتماعيا و نفسيا معقدا خاصة بالنسبة‬
‫لألطفال‪ ،‬وهي وضعية تتسم بالتصعيد مع تطاول مسطرة التقاضي ‪ ،‬مما يعرض مصالح الزوجة‬
‫واألطفال باألخص إلى الضياع‪.1‬‬

‫ولذلك عمل المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات العربية على تخويل القاضي‪-‬‬
‫بعد فشل المساعي الحميدة التي يقوم بها خالل جلسات الصلح _سلطة اتخاذ إجراءات مؤقتة‬
‫صيانة لمستحقات الزوجة (الفقرة األولى) واألطفال(الفقرة الثانية) و هي تدابير توضح العناية‬

‫واالهتمام الذين أولتهم المدونة لحقوق الزوجة واألطفال‪.‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬مستحق ات الزوجة‬

‫لقد كان اإلسالم سباقا لحماية مستحقات الزوجة‪ ،‬فقد كفل للمرأة كافة حقوقها بعد طالقها‪،‬‬
‫كما أوجب على الزوج حقوقها و هي زوجة له‪.1‬‬

‫قرار تعقيبي مدني عدد‪ 7346‬مؤرخ في ‪ 1982_07_20‬أشار إليه محمد الحبيب الشريف المرجع السابق ص‪100‬‬
‫فالقضاء التونسي جعل من محاولة الصلح التي يجريها القاضي بين الزوجين أمرا موكوال الجتهاده حسب ما يتراءى له من جدوى‬
‫يستشفها مما يصف بالقضية من ظروف ومالبسات‪.‬‬
‫قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 5632‬مؤرخ في ‪ 28‬أبريل ‪ 1981‬أشار إليه محمد الحبيب الشريف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪100‬‬
‫‪ -1‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬موقف المجلس األعلى من ثنائية الفقه والقانون في مسائل ‪.‬ح‪.‬ش‪.‬ص‪203.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪54‬‬
‫وقد حدد المشرع المغربي مجموعة من المستحقات الخاصة بالزوجة التي تعين على‬
‫القاضي أخذها بعين االعتبار قبل اإلذن بالطالق أو التطليق والتي تشمل كل من كالئ الصداق‪ -‬إن‬
‫وجد‪ -‬ونفقة العدة والمتعة وتكاليف السكن‪.‬‬

‫أ ‪ -‬كالئ الصداق‪.‬‬

‫لقد أكد المشرع سواء في م‪.‬ح‪.‬ش‪(.‬ف‪)18‬أو مدونة األسرة(م‪)29‬على أن الصداق ملك‬


‫للزوجة‪ .‬وهو ينقسم حسب اتفاق الزوجين على أدائه عند العقد أو الدخول إلى صداق معجل‬
‫وصداق مؤجل‪.‬‬

‫والصداق المعجل‪ :‬هو الصداق المسمى هو الذي اتفق عليه عند العقد أو تم تحديده بعد‬
‫إبرام ذلك العقد عن طريق اتفاق خاص‪.‬‬

‫أما الصداق المعجل ‪ :‬ويسمى أيضا المؤخر أو الكالئ فهو الذي اتفق الطرفان على أدائه‬
‫بعد الدخول‪. 2‬‬
‫‪3‬‬
‫والتأجيل قد يكون إلى أجل معين سلفا‪ .‬وقد يكون إلى أقرب أحد األجلين(الطالق_الوفاة)‬
‫وهذا يعني أن الصداق المؤجل يبقى في ذمة الزوج إلى حين حلول أجل األداء‪ .‬لذا يكون إلزاما‬
‫على القاضي مراعاته كأحد مستحقات الزوجة عند تحديد المبلغ الذي يودعه الزوج بكتابة ضبط‬
‫المحكمة قبل اإلذن بالطالق أو التطليق‪.‬‬

‫ب‪ -‬نفقة العدة‪:‬‬

‫نص المادة ‪ 212‬م‪.‬ق‪.‬م القاضي اتخاذ كل التدابير المؤقتة والتحفظية المتعلقة بصيانة‬
‫حقوق الزوجة و األوالد ونفقة الزوجة أثناء العدة هي إحدى أهم هذه التدابير لمالها من طابع‬
‫معيشي وقد أكد ذلك المجلس األعلى في أحد قراراته‪.4‬‬

‫‪ -1‬مصطفى إسماعيل بغدادي‪ ،‬حقوق المرأة المسامة في المجتمع اإلسالمي‪ ،‬المنظمة اإلسالمية للتربية و العلوم الثقافية إيسيسكو‬
‫الطبعة األولى طبعة ‪ 1991- 1311‬ص ‪329‬‬
‫‪ - 2‬محمد بن معجوز‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪118‬‬
‫‪ -3‬محمد كشبور‪ ،‬الوسيط في ق‪.‬ح‪.‬ش ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪23‬‬
‫‪ -4‬قرار ‪ 12‬دجنبر ‪1984‬منشوربمجلةالقضاء والقانون عدد ‪128‬ص‪ 98‬أشار إليه محمد الكشبور‪ ،‬الوسيط في ق ح ش‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪214‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪55‬‬
‫لدلك فقد نص المقنن المغربي على ضرورة إلزام القاضي بتقدير نفقة معينة بشكل عاجل‬
‫أثناء مرحلة الصلح في انتظار الحسم في الدعوى و يتجلى ذلك من خالل الفصل‪ 59‬من‬
‫م‪.‬ح‪.‬ش‪.‬الذي أكد على ما يلي"‪...‬فإذا امتنعت أنزلها القاضي في دار الثقة و يجري الزوج النفقة في‬
‫‪1‬‬
‫مختلف األحوال "‪.‬‬

‫و قد أكد ذلك أيضا المادة ‪ 119‬من م ح ش في فقرته األولى على أن النفقة " يفصل فيها‬
‫بشكل استعجالي» و يراعى في تقدير النفقة وتوابعها دخل الزوج وحال الزوجة و مستوى‬
‫األسعار مع اعتبار التوسط ‪.‬‬

‫وهو نفس ما تنص عليه المادة ‪ 189‬من ق م أ إذ جاء فيها * يراعى في تقدير كل دلك ‪،‬‬
‫التوسط ودخل الملزم بالنفقة وحال مستحقيها ومستوى األسعار واألعراف والعادات السائدة في‬
‫الوسط الدي تفرض فيه النفقة*‬

‫و عادة ما يتم االستئناس بشهادة دخل الزوج‪ 2‬الذي يصرح به أو الذي تنسبه له الزوجة أو‬
‫الحرفة التي يتعاطاها و التي يقدر القاضي دخلها حسب ما يعرفه من شؤون الحياة‪ 3‬ريتما ينكشف‬
‫له الوضع عن حكم جديد مستجمعا لجميع المعطيات و التي من شأنها تعيين القاضي على تقدير‬
‫النفقة و في ذلك ضمان لحقوق المرأة و صيانتها‪ 4‬و العناصر المشار إليها في المادة ‪ 189‬من ق م‬
‫أ إنما هي توجيهات ترمي أساسا إلى توحيد سلطة القاضي في تقدير النفقة‪.5‬‬

‫كما حددت المادة ‪ 191‬من ق م أ وسائل بتنفيد الحكم بالنفقة على أموال المحكوم عليه أو‬
‫اقتطاعها من منبع الريع أو األجر الذي يتقاضاه كما تقرر المحكمة الضمانات الكفيلة باستمرار‬
‫أداء النفقة‪.‬‬

‫و في التشريعات المقارنة نجد مجلة األحوال الشخصية التونسية تنص صراحة على أن‬
‫القاضي يتولى تقدير النفقة بناء على ما تجمع به من معطيات عن الحالة المادية للزوج و الزوجة‬
‫و عدد األطفال و ما تتطلبه من مصاريف خالل هاته الفقرة و ذلك أثناء الجلسة الصلحية إذ جاء‬
‫‪ - 1‬لكن هده المقتضيات ألغيت لكونها لم تعد تتماشى مع متطلبات العصر ‪.‬‬
‫‪ -2‬إدريس الفاخوري‪ ،‬المركز القانوني للمرأة المغربية من خالل م أ ش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪ -3‬ساسي بن حليمة ‪ ،‬المحاولة الصلحية على معنى الفصل ‪ 32‬من م أ ش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪43‬‬
‫‪ -4‬محمد بودالحة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪535‬‬
‫‪ -5‬محمد كشبور‪ ،‬أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي و في مدونة األسرة‪ ،‬سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة ‪7‬الطبعة‬
‫األولى ‪2004‬ص ‪.146‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪56‬‬
‫في المادة ‪ "...32‬و على قاضي األسرة أن يتخذ و لو بدون طلب جميع القرارات الفورية الخاصة‬
‫بسكنى الزوجين و بالنفقة"‪. 1‬‬

‫ج ‪ :‬المتعة‬

‫إذا استعصى اإلصالح و التوفيق بين الزوجين و استمرت النزاع بينهما يصبح القاضي‬
‫مجبرا على اتخاذ بعض التدابير المؤقتة لصيانة حقوق الزوجة و األطفال و في ذلك حرصا من‬
‫المشرع على صيانة العائلة و حفظ حق الطرف الضعيف‪ .2‬و من أهم ذلك التدابير حق الزوجة في‬
‫المتعة‪.‬‬
‫و المتعة هي عبارة عن مبلغ من المال يبدله الزوج المطلق إلى مطلقته في أحوال معينة‪ 3‬جبرا‬
‫‪4‬‬
‫لخاطرها و تعويضا لها عما يمكن أن يلحقها من ضرر‪.‬‬

‫و قد نصت م ح ش في الفصل ‪ 52‬مكرر الذي حل محل الفصل ‪ 60‬طبقا للتعديل الذي‬


‫عرفته هذه األخيرة سنة ‪ 1993‬على ما يلي "يلزم كل مطلق بتمتيع مطلقته إذا كان الطالق من‬
‫جانبه بقدر يسره و حالها التي سمي لها صداق و طلقت قبل الدخول‪.‬‬

‫إذا ثبت للقاضي أن الزوج طلق بدون مبرر معقول عليه أن يراعي عند تقدير المتعة ما‬
‫يمكن أن يلحق الزوجة من أضرار"‪.‬‬

‫كما أكدت مدونة األسرة على استحقاق الزوجة للمتعة في المادة ‪ 84‬التي جاء فيها‬
‫"‪...‬والمتعة التي يراعى في تقديرها فترة الزواج و الوضعية المالية للزوج‪ ،‬و أسباب الطالق‬
‫ومدى تعسف الزوج في توقيعه"‪.‬‬

‫و من هنا يظهر بوضوح أن المشرع وضع مجموعة من الضوابط من أجل تقدير واجب‬
‫المتعة و هي فترة الزواج و الوضعية المالية للزوج‪ .‬إذ ال ينبغي أن يكون في المتعة إرهاقا للزوج‬
‫‪5‬‬
‫بتحميله أكثر مما تطبقه إمكانياته لقوله تعالى‪ ":‬ال يكلف هللا نفسا إال وسعها"‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد الحبيب الشريف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪95‬‬


‫‪ -2‬ساسي بن حليمة‪ ،‬المحاولة الصلحية على معنى الف ‪ 32‬من م أ ش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪41‬‬
‫‪ -3‬محمد كشبور‪ ،‬الوسط في ق ح ش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪469‬‬
‫‪ -4‬عبد الكريم شهبون ‪،‬شرح مدونة األحوال الشخصية المغربية‪ ،‬الجزء األول‪:‬الزواج و الطالق ‪ ،‬مطبعة المعارف‪ ،‬ص ‪87‬‬
‫‪ -5‬سورة البقرة ‪ ،‬اآلية ‪286‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪57‬‬
‫و البد من مراعاة أيضا أسباب الطالق والتطليق ومدى الضرر المعنوي الالحق‬
‫بالزوجة‪ 1.‬فإذا كان الطالق تعسفيا و بدون مبرر فإن المتعة تتحول إلى تعويض يجبر الضرر‬
‫فالقاضي ملزم بتقصي األمر و معرفة األسباب الحقيقية للفرقة و مدى ثراء الزوج و مساهمة‬
‫‪2‬‬
‫الزوجة في ذلك و غيرها من العناصر التي تساعد على تحديد مبلغ المتعة تحديدا عادال ومنصفا‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة إلى أن القانون التونسي قد تفرد عن باقي قوانين األحوال الشخصية في‬
‫الدول اإلسالمية في تقديره للمتعة‪ .‬فقد رفع من قيمتها إلى حدود تأمين مستقبل المطلقة‪ ،‬و قد‬
‫استهدفت من وراء ذلك الحد من استفحال ظاهرة الطالق‪ ،‬نظرا لقدرة األزواج الموسرين على‬
‫دفعها بسهولة فنصت المادة ‪ 31‬من مجلة األحوال الشخصية لسنة ‪ 1993‬على إعطاء المطلقة‬
‫جراية في حالة الطالق التعسفي و هي جراية عمرية قابلة للمراجعة حسب مستوى المعيش‪ .‬و قد‬
‫‪3‬‬
‫تشمل السكنى كما يمكن أن تدفع في شكل رأسمال يسدد إليها دفعة واحدة‪.‬‬

‫ج‪ -‬السكنى ‪:‬‬

‫قد يتفق الزوجان على استمرار المساكنة أثناء رفع الدعوى خصوصا إذا كان المدعى عليه‬
‫يرغب في إقناع المدعي بتغيير رأيه و العدول عن قرار الفرقة‪ .4‬لكن إذا تعذر عليهما ذلك فإن‬
‫القاضي يكون ملزما باتخاذ قرار بشأن سكنى الزوجة طيلة فترة عرض قضية الطالق أو التطليق‪.‬‬

‫و قد نصت على ذلك المادة ‪ 212‬من ق م‪.‬م حينما ألزم المشرع القاضي باتخاذ كل التدابير‬
‫المؤقتة الالزمة لحماية حقوق الزوجة‪ ،‬كما نص الفصل ‪ 59‬من م ح ش على إمكانية ترشيح‬
‫الزوج ألحد أقاربه للزوجة لتختار من تقيم عنده في حالة الترافع لدى القاضي وعدم تأتي المساكنة‬
‫بينهما وقت جريان الدعوى و إذا لم تختر من بينهم فللزوج أن يختار من بين أقاربها فان أثبت‬
‫أنزلها القاضي بدار الثقة على نفقة الزوج في جميع الحاالت‪.‬‬

‫غير أن هذه اإلجراءات الواردة في هذه الفصول ألغيت ولم تعد قابلة للتطبيق بعد صدور‬
‫مدونة األسرة وتعديل قانون المسطرة المدنية‪ .‬ألنها تخالف نصا قرآنيا قطعي الداللة و هو قوله‬

‫‪ -1‬نادية امزاوير‪ ،‬المرجع السابق‪ -‬ابن معجوز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ - 312‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الزواج و الطالق في مدونة‬
‫األحوال الشخصية‪ ،‬مطبعة الجسور‪ ،‬الطبعة السادسة ‪ 1994‬ص ‪284‬‬
‫‪ -2‬خديجة العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪135‬‬
‫‪ -3‬محمد الحبيب الشريف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪71‬‬
‫‪ -4‬ساسي بن حليمة‪ ،‬المحاولة الصلحية على معنى الفصل ‪ 32‬من م أ ش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪47‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪58‬‬
‫تعالى " ال تخرجوهن و ال يخرجن إال أن يأتين بف احشة مبينة" ‪ .1‬و هو ما تبناه المشرع الجزائري في‬

‫المادة ‪. 2 61‬‬

‫فاألمر الرباني واضح صريح النهي عن خروج المعتدة من بيت الزوجة‪ 3‬إال عند ارتكاب‬
‫فاحشة المفسرة لدى كثير من الفقهاء بجريمة الزنا‪ . 4‬كما أن مقتضيات الفصل ‪ 59‬لم تعد قابلة‬
‫للتطبيق من عدة نواحي العملية و القانونية والمنطقية‪.‬‬

‫من الناحية العملية فانه في حالة وقوع نزاع بين الزوجين‪ 5‬فان الزوجة إما أن تظل مالزمة‬
‫لبيت الزوجية أو تغادر بيتها الن الدعوى قد تستمر سنوات و من المتعذر على أقارب الزوجة‬
‫‪6‬‬
‫وأقارب الزوج التكفل بإسكان الزوجة طيلة هذه السنوات و هي في خصام مع زوجها‪.‬‬

‫و من الناحية القانونية فان مؤسسة دار الثقة لم يعد لها وجود مادي حيث سقطت بعدم‬
‫االستعمال ‪.7‬‬

‫ومن الناحية المنطقية فان إجراءات المضمنة في الفصل ‪ 59‬تتنافى مع المركز الحالي‬
‫‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫للمرأة المغربية‬

‫ولدلك فقد ألغى المشرع هده المقتضيات وعوضها بأحكام تواكب التطور الذي يعرفه‬
‫المجتمع ‪ ،‬هدا ما تبنته مدونة األسرة إذا حذفت مؤسسة دار الثقة التي ألغيت عمليا و نبذت‬
‫اجتماعيا بسبب تغير واقع المرأة داخل المجتمع و نصت في المادة ‪ 121‬من م أ على أنه " في‬
‫حالة عرض النزاع بين الزوجين على القضاء و تعذر المساكنة بينهما للمحكمة أن تتخذ التدابير‬
‫المؤقتة التي تراها مناسبة للزوجة و األطفال تلقائيا أو بناء على طلب و ذلك في انتظار صدور‬

‫‪ -1‬سورة الطالق اآلية األولى‪.‬‬


‫‪" -2‬ال تخرج الزوجة المطلقة و التي توفى عنها زوجها من السكن العائلي ما دامت في عدة من طالقها أو وفاة زوجها إال في‬
‫حالة الفاحشة المبينة" ‪.‬‬
‫‪ -3‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪329‬‬
‫‪ - 4‬ابن العربي‪ ،‬أحكام القران الجزء األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪363‬‬
‫‪ -5‬وهناك من يرى أنه من الممكن أن توضع المرأة عند المرأة االمنية ليتبين صدق ما تدعيه على زوجها أبي عباس أحمد لب يحي‬
‫الونشريسي‪ ،‬المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية واألندلس و المغرب ‪ ،‬ج ‪ 3‬نشر وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية للمملكة المغربية‪ ،‬الرباط‪ ،‬ودار الغرب اإلسالمي بيروت‪ 1989 ،‬ص ‪131‬‬
‫‪ -6‬أحمد الخمليشي‪ ،‬التعليق على ق ح ش المرجع السابق‪ ،‬ص ‪363‬‬
‫‪ - 7‬عبد النبي ميكو‪ ،‬الوسيط في شرح مدونة األحوال الشخصية‪،‬ج األول ‪:‬الزواج و الطالق‪ ،‬طبعة‪ 1972‬ص ‪519‬‬
‫‪ -8‬محمد كشبور‪ ،‬الوسيط في ق ح ش المرجع السابق‪ ،‬ص ‪469‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪59‬‬
‫الحكم في الموضوع بما في ذلك اختيار السكن مع أحد أقاربها أو أقارب الزوج و تنفذ تلك التدابير‬
‫فورا على األصل عن طريق النيابة العامة"‪.‬‬

‫و بذلك تكون مدونة األسرة قد اعتبرت اختيار الزوجة السكن مع أحد أقاربها أو أقارب‬
‫الزوج عند وجود نزاع قضائي من التدابير المؤقتة التي تتخذها المحكمة عكس م ح ش التي كانت‬
‫تعطي للزوج الصالحية الن يعين بعض أقاربه لكي تختار الزوجة من بينهم من تقيم عنده‪.‬‬

‫أما إذا فضلت اإلقامة عند أهلها فالزوج هو الذي يختار عند من يجب أن تقيم و هكذا‬
‫تنتصر إرادة الزوج و يعمل برأيه و ال تملك الزوجة غير االنصياع لهذا الرأي‪ 1.‬مع االحتفاظ‬
‫للزوجة في فترة عدتها باالستمرار في شغر منزل الزوجية و إن تعذر ذلك فان الزوج يكون ملزما‬
‫بتهيء سكن مالئم يتناسب ووضعه المالي‪ 2‬و إال حددت المحكمة مبلغا يغطي تكاليف سكن‬
‫بصندوق المحكمة التي يتواجد بها بيت‬ ‫‪3‬‬
‫الزوجة يودعه الزوج ضمن المستحقات م ‪ 84‬م أ‬
‫الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب‪.‬‬

‫و في التشريعات المقارنة نجد أن المشرع التونسي قد حرص على اتخاذ كل التدابير‬


‫المؤقتة الخاصة بسكنى الزوجين في حالة تعذر مساكنتهما أثناء جريان الدعوى الفصل ‪ 32‬من‬
‫قانون ‪ 1993‬و قد جرى العمل قي القضاء التونسي على أن المرأة إما أن تسكن ببيت الزوجة أو‬
‫بمحل بديل يتم استئجاره لها‪.‬‬

‫أما المشرع الجزائري م(‪ )52‬قد أعطى للزوجة الحق في السكن إن كانت حاضنة و كان‬
‫الزوج متعسفا في طالقه دون أن يوضح إن كان لها الحق في ذلك أثناء سريان الدعوى‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مستحق ات األطف ال‬

‫‪ -1‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪274‬‬


‫‪ -2‬يوسف بنباصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .33‬و لعل من حكم هللا من منع خروج المعتدة هو بقاء بيت الزوجية أثناء العدة دون أن‬
‫يطرأ عليها أي تغيير ‪-‬و ذلك إلتاحة الفرصة للزوجين للعدول عن قرار الفرقة بالطالق أو التطليق علي منتصر المرجع السابق‬
‫ص ‪33‬‬
‫‪ -3‬زهر الحر‪ ،‬مدونة األسرة و قضايا الزواج و الطالق لدى الجالية المغربية بالخارج ألوان وطنية‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬شعبان ‪1425‬‬
‫أكتوبر ‪2004‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪60‬‬
‫إن الهدف الذي يرمي إليه المشرع ليس فقط حماية حقوق الزوجة فقط وإنها تهدف إلى‬
‫صيانة حقوق كافة أفراد األسرة و خاصة منهم األطفال‪ ،‬ويتضح ذلك بصورة جلية حينما ألزم‬
‫المشرع القاضي باتخاذ إجراءات وتدابير فورية مؤقتة لضمان مستحقات األطفال‪.‬‬

‫فقد نصت المادة ‪ 83‬من مدونة األسرة على أنه "إذا تعذر اإلصالح بين الزوجين حددت‬
‫المحكمة مبلغا يودعه الزوج بكتابة ضبط بالمحكمة داخل أجل أقصاه ثالثون يوما ألداء مستحقات‬
‫الزوجة و األطفال الملزم بالنفقة عليهم المنصوص عليها في المادتين المواليتين"‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 85‬من نفس المدونة نجدها تحيل بالنسبة لتحديد مستحقات األطفال‬
‫على مقتضيات المادتين ‪168‬و‪ 190‬من ق م أ‪.‬‬

‫وتكفلت المادة ‪168‬من ق م أ بالتنصيص على حق السكنى كأحد مستحقات األطفال‪:‬‬


‫السكنى في حين تولت المادة ‪ 190‬من نفس المدونة اإلشارة إلى تقدير النفقة ‪.‬‬

‫و في ما يلي بعض أحكام كل من حق النفقة و حق السكن‪.‬‬

‫_حق السكن‬

‫لقد أعطى المشرع المغربي في مدونة األسرة عناية خاصة لسكنى المحضون وذلك عندما‬
‫أفرد لها نصوصا خاصة وأخرجها من مشتمالت النفقة ‪.1‬‬

‫واعتبرها التزام مستقل بذاته ‪ 2‬يقع على عاتق األب الذي يبقى ملزما به إلى صدور حكم‬
‫آخر يحل محله أو يسقط حق المحضون في السكنى‪ .‬وقد نص عن ذلك في المادة ‪ 168‬من ق م أ‬
‫ب القول "تعتبر تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة و أجرة الحضانة و غيرها‬
‫"‪ .‬وعليه فإنه يتعين على القاضي أال يخلط بين االلتزام بالنفقة والسكنى وإنما على المحكمة أن‬
‫تحدد في حكمها كال منهما باستقالل عن اآلخر ‪.3‬‬

‫و األب بحسب المادة ‪ 168‬من ق م أ مخيربين أن يهيئ ألوالده محل مستقال لسكناهم‬
‫يستجيب والظروف التي كانوا عليها قبل الطالق من حيث الوضعية المعيشية و التعليمية‪ .‬و إما أن‬

‫‪ -1‬وهوما يستفاد ضمنيا من المادة ‪189‬من مدونة األسرة التي نصت على ما يلي"تشتمل النفقة الغداء الكسوة العالج وما يعتبر من‬
‫الضروريات والتعليم االولى"عكس م‪.‬ح‪.‬ش التي كانت تعتبر السكنى من النفقة (الفصل ‪118‬من‪.‬م‪.‬ح‪.‬ش)‬
‫‪ -2‬محمد كشبور‪ ،‬أحكام الحضانة‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪153‬‬
‫‪ -3‬محمد كشبور‪ ،‬أحكام الحضانة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪154‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪61‬‬
‫يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكراء محل لسكناهم و يتعين على المحكمة أثناء تقديرها لمبلغ‬
‫الكراء أن تراعي ظروف الطرفين‪ :‬مصلحة المحضون و كدا دخل األب الملتزم بالسكن المطالب‬
‫بالتزام مبالغ أخرى ( مستحقات الزوجة‪ ،‬نفقة األطفال و أجرة الحضانة و الرضاع و مقابل‬
‫التمدرس)‪.‬‬

‫فال يخرج المحضون من بيت الزوجة إال بعد تنفيذ األب للحكم الخاص بسكنى المحضون‬
‫(م ‪)168‬من ق م أ ‪.‬‬

‫و لعل ما دفع المشرع إلى التنصيص على هذا الحكم هو ما كان يلتجئ إليه األزواج من‬
‫طرد مطلقاتهم الحاضنات ألوالدهن من بيت الزوجية مباشرة بعد انتهاء العدة بل و قبل انتهائها‬
‫وبذلك يكون المشرع المغربي قد وضع قضاء األسرة أمام مبدأ عام يوحد عمل القضاة بمختلف‬
‫محاكم البالد و رفع التناقض و التضارب الذي كانت تعرفه محاكم الموضوع بخصوص سكنى‬
‫المطلقة الحاضنة بل و يظهر هذا التباين في مواقف المحكمة الواحدة و حتى المجلس األعلى‬
‫الموكول إليه توحيد اجتهاد المحاكم إذ لم يسر في مسألة سكنى الحاضنة على وثيرة واحدة بل‬
‫‪1‬‬
‫تناقضت قراراته حولها مما فسح المجال لالرتباك أمام مختلف المحاكم‪.‬‬

‫فقد صدر عن المجلس األعلى في سنة ‪ 1984‬قرارا نقض فيه قرار صادر عن محكمة‬
‫‪2‬‬
‫االستئناف بالدار البيضاء لكون هذا األخير قضى بإفراغ المطلقة من مسكن مطلقها‪.‬‬

‫و إذا كان المجلس األعلى في هذا القرار قد اعتبر أن سكنى المطلقة الحاضنة مع‬
‫محضونيها حقا مشروعا للمحضونين و حقا بالتبعية للحاضنة فإنه قد تراجع عن هذا الموقف في‬
‫قرار أخر له صادر بتاريخ ‪ 19‬دجنبر ‪ 1991‬إذ اعتبر أن بقاء الزوجة الحاضنة في السكنى‬
‫المعنية لها بعد انتهاء العدة هو احتالل بدون مبرر فهي تستحق السكن لقضاء عدة الطالق فقط‪. 3‬‬

‫‪ - 1‬عبد السالم حادوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪376‬‬


‫‪ -2‬فقد جاء في قرار المجلس األعلى ما يلي‪ ":‬طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 127‬من م ح ش فإن السكنى من مشموالت لنفقة األوالد‬
‫وحقا من حقوقهم‪ ،‬و أن الحاضنة ما دامت ملتصقة بمحضونيها فهي تسكن معهما بصفتها هاته و الحق لها في التنازل عن حقوق‬
‫محضونيها و لذا فإن المحكمة اعتبرت موافقة الحاضنة على تحديد النفقة و التزامها باإلفراغ يفقدها الحق في السكن مع أوالدها‬
‫وحكمت بإفراغها تكون قد خالفت الفصل ‪ 127‬المذكور و عرضت قرارها للنقض‪"...‬قرار عدد ‪ 539‬في الملف االجتماعي عدد‬
‫‪ 5258‬صادر بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪ ،1984‬مجلة القضاء و القانون ع ‪ 136- 135‬يوليوز ‪ 1985‬ص‪194‬‬
‫‪ -3‬فقد جاء في هدا القرار " حيث أن سكنى الطالبة بالدار موضوع النزاع بعدما طلقها زوجها المطلوب في النقض هو األمر‬
‫القضائي الصادر عن قاضي التوثيق بأكادير في ‪ 1981 6 14‬تحت رقم ‪ 110‬الذي عين لها هذه السكنى لقضاء فيها عدة الطالق‬
‫فقط‪ .‬لذلك و بعد انتهاء هذه العدة لم يعد األمر المذكور مبررا لقضاء الطالبة بالدار المشار إليها و تظل محتلة بدون مبرر"‬
‫قرار مدني عدد ‪ 85- 381‬صادر بتاريخ ‪ 19‬دجنبر ‪ 1991‬منشور بمجلة القضاء و القانون عدد ‪ 46‬ص ‪106‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪62‬‬
‫لكن المجلس األعلى لم يتشبث بهذا الموقف إذ سرعان ما تراجع عنه من جديد مؤيدا رأيه‬
‫األول في العديد من قراراته‪.1‬‬

‫و قد انعكس هذا التذبذب الذي طبع اجتهادات المجلس األعلى بخصوص سكنى الحاضنة‬
‫على محاكم الموضوع و التي لم تستقر بدورها على اجتهاد موحد فقد حكمت المحكمة االبتدائية‬
‫بعين السبع المحمدي بإفراغ المطلقة و من يقوم مقامها لعدم وجود مبرر لبقائها في ملك المطلق‪.2‬‬

‫و على خالف هذا الحكم أصدرت المحكمة االبتدائية بمراكش حكما اعتبر فيه أن طلب‬
‫المدعي الرامي إلى إفراغ المطلقة غير مؤسس و حري برفضه‪.3‬‬

‫و بتنصيص المشرع على مقتضيات المادة ‪ 168‬من ق م أ يكون قد تبنى االتجاه الذي‬
‫اتبعته بعض التشريعات العربية و في مقدمتها التشريع المصري‪. 4‬‬

‫ب‪ -‬نفقة المحضون‬

‫األصل أن النفقة ليست من آثار الطالق‪ ،‬و إنما هي من التزامات وواجبات األبوة‪ ،‬غير‬
‫أنه بالرجوع إلى المادة ‪ 85‬من مدونة األسرة‪ ،‬نجدها تنص على مستحقات األطفال بعد انفصام‬
‫عرى الزوجية‪ ،‬و من بين هذه المستحقات النفقة بصريح نص المادة ‪ 190‬من نفس المدونة‪.‬‬

‫و عليه فإن كانت نفقة األبناء واجبة على األب في حالة قيام العالقة الزوجية‪ ،‬فهي أوجب‬
‫عند انفصام عراها‪ ،‬لذا شدد المشرع بشأنها عند الطالق و ذلك عندما ربط منح اإلذن بالطالق‬
‫بالتزام األب بل وضعه مبلغا لتسديد مستحقات الزوجة واألوالد بصندوق المحكمة وذلك داخل‬
‫أجل ثالثين يوما‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار عدد ‪ 144‬بتاريخ ‪ 1986-2-6‬ملف عدد ‪ 84-1308‬أورده عبد المجيد غميجة موقف المجلس األعلى من ثنائية الفقه‬
‫والقانون في مشاكل األحوال الشخصية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 261‬وأيضا قرار عدد ‪ 1254‬في الملف الملف المدني عدد ‪-3-2039‬‬
‫‪ 2000-2‬صادر بتاريخ ‪ 4‬أبريل ‪ 2002‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد مزدوج ‪-60-59‬ص‪331‬‬
‫‪ -2‬حكم المحكمة االبتدائية بعين السبع الحي المحمدي عدد ‪ 813‬ملف ‪ 99-1192‬بتاريخ ‪ 2000-4-12‬أورده يوسف‬
‫بنباصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪61‬‬
‫‪ - 3‬حكم صادر عن ابتدائية مراكش بتاريخ رقم ‪ 2003-12-13 2003-4704‬ملف رقم ‪ 2003-1-48‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -4‬فقد نصت المادة ‪ 118‬مكرر ثالث من قانون رقم ‪ 100‬لسنة ‪ 1985‬على الزوج المطلق أن يهيئ ألطفاله و حاضنتهم السكن‬
‫المستقل المناسب و إن لم يفعل خالل مدة العدة استمر في شغل مسكن الزوجية و المؤجرون كأن محل الزوجة فإنه يخير بين أن‬
‫يستقل به أو يوفر لهم مسكن مالئم بعد انقضاء العدة‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪63‬‬
‫وإذا كان األب ملزما بالنفقة على أبنائه الصغار والعاجزين عن الكسب‪ 1،‬سواء كانت‬
‫العالقة الزوجية قائمة أم ال‪ ،‬و تستمر نفقته على األنثى إلى أن تتزوج أو إلى إن تتوفر على‬
‫الكسب‪ ،‬و على الذكر إلى أن يبلغ سن الرشد‪ ،‬أو ‪ 25‬سنة إذا كان يتابع دراسته‪ 2،‬فإنه عند‬
‫الطالق‪ ،‬تراعى عند تقديم نفقة هؤالء األبناء الوضعية المعيشية و التعليمية التي كانوا عليها قبل‬
‫الطالق‪ ،‬و كذا حالة الملزم بالنفقة ودخله ومستوى األسعار واألعراف والعادات السائدة في الوسط‬
‫الذي تعرض فيه تلك النفقة‪.‬‬

‫وإذا عجز األب عن النفقة عجزا كليا أو جزئيا‪ ،‬فإنه يتعين على األم الحاضنة أن تسد هذا‬
‫العجز بالنفقة على أبنائها إذا كانت موسرة تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 199‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫و نظرا للطابع المعيشي اليومي للنفقة فقد نص المشرع على ضرورة البث في قضايا النفقة‬
‫من أجل أقصاه شهر واحد (م ‪190‬من ق م أ ) و يحكم بنفقة األوالد من تاريخ التوقف عن األداء‬
‫(م ‪ 200‬من ق م أ) وليس من تاريخ رفع الدعوى أو تاريخ صدور الحكم‪ ،‬ولتنفيذ هذا الحكم‬
‫أعطى المشرع للمحكمة سلطة واسعة في تحديد الوسائل التي من خاللها يتم تنفيذ الحكم على‬
‫أموال المحكوم عليه و ذلك ضمن المادة ‪ 191‬من مدونة األسرة التي تنص على أنه‪ " :‬تحدد‬
‫المحكمة وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة على أموال المحكوم عليه‪ ،‬أو اقتطاع النفقة من منبع الريع أو‬
‫األجر الذي يتقاضاه وتقرر عند االقتضاء الضمانات الكفيلة باستمرار أداء النفقة‪."...‬‬

‫وهذا يعني أنه كلما تعلق األمر بحق األطفال ‪ ،‬فإن المحكمة نقرر في ذلك الحق أوال سواء‬
‫‪3‬‬
‫تعلق األمر بتقديره أو بضمان صيانته و أدائه‪.‬‬

‫ومن بين تلك التدابير حماية متاع البيت عن طريق الحراسة القضائية‪ ،‬و إحصاء األمتعة‪...‬‬
‫و ضمانا لتنفيذ هذه التدابير قرر المشرع تنفيذها على األصل عن طريق النيابة العامة‪ .‬كما‬
‫أصدرت وزارة العدل منشور‪ 4‬يحث القضاة على تفعيل التدابير المؤقتة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الخالق أحمدون ‪ ،‬قانون األسرة الجديد‪ ،‬دراسة مقارنة مع أحكام الفقه اإلسالمي و قوانين دول المغرب العربي‪ ،‬الجزء‬
‫األول الطبعة األولى ‪ 2006-1426‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪.272‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 198‬من مدونة األسرة‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا الحمومي‪ ،‬حقوق الطفل و حمايتها من خالل مدونة األسرة‪ ،‬مجلة المعيار ع ‪ 32‬دجنبر ‪ 2004‬ص ‪106‬‬
‫‪- -4‬منشور رقم ‪ 51‬سنة ‪ 2‬الصادر بتاريخ ‪2005-2-2‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪64‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن مستحقات الزوجة و األطفال تبقى قابلة للطعن عكس ما كان‬
‫معموال به في ظل م‪.‬ح‪.‬ش إذ كان األمر الصادر عن قاضي التوثيق بتحديد الواجبات المترتبة عن‬
‫الطالق نهائيا و ال يقبل أي طعن‪ .‬لكن يمكن للمتضرر منه أن يتقدم بمقال يرمي إلى مراجعته طبقا‬
‫للمادة ‪ 180‬من ق‪.‬م‪.‬م و يتعين على القاضي استدعاء الطرفين و إجراء محاولة الصلح بينهما‪.1‬‬

‫وأخيرا يمكن القول أن م دونة األسرة لم تحدد التدابير المؤقتة على سبيل الحصر‪ ،‬بل‬
‫تركتها للسلطة التقديرية للمحكمة‪ ،‬إذ يمكنها اتخاذ كل اإلجراءات التي تراها مناسبة سواء تلك‬
‫المتعلقة بالزوجة أو األطفال و هي تتخذها إما تلقائيا أو بناءا على طلب في انتظار صدور حكم‬
‫في الموضوع‪.2‬‬

‫‪ -1‬محمد سالم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪39‬‬


‫‪ -2‬و هو ما يجري به العمل بالقضاء التونسي اذ أكد أن "الوسائل المؤقتة كالنفقة و الحضانة و غيرها تنظر فيها محكمة األصل‬
‫ولو بدون طلب من أحد الخصوم و ال يعد ذلك تجاوزا لحدود نظرها " قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 10439‬مؤرخ في ‪11‬‬
‫أكتوبر‪ 1975‬أورده محمد الحبيب الشريف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪98‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬آليات الصلح غير القضائية و دورها في حماية األسرة‬

‫نظرا لما يترتب على انحالل الرابطة الزوجية من آثار خطيرة تنعكس على األسرة‬
‫و المجتمع فإن المشرع سواء في ظل م ح ش أو بعد صدور مدونة األسرة فسح المجال أمام هيئات‬
‫ذات طابع غير قضائي –عائلي‪ -‬إلبداء رأيها و تقديم مقترحات من أجل إصالح ذات البين بين‬
‫الزوجين كلما تطور الخالف بينهما إلى طلب الطالق أو التطليق و يتعلق األمر بمؤسسة الحكمين‬
‫و مجلس العائلة‪.‬‬

‫و من هنا يتجلى أنه خالفا لما تضمنه خطاب هللا سبحانه و تعالى الذي حدد الجهة التي‬
‫توكل إليها مسؤولية المشاركة في تحقيق الصلح األسري عند حصول نزاع بين الزوجين‬
‫والمتمثلة في الحكمين‪ ،‬فقد فتح المشرع المغربي المجال أمام القضاء الختيار إما الحكمين أو‬
‫مجلس العائلة لبدل الجهد و استقصاء أسباب الخالف بين الزوجين و التقريب بينهما‪ .‬بل يمكن‬
‫للمحكمة صرف النظر عن الحكمين و مجلس العائلة و االستعانة بأي شخص أو جهة تراها مؤهلة‬
‫لتحقيق المصالحة بين الزوجين‪.‬‬

‫فهل آليات الصلح غير القضائية( الحكمان و مجلس العائلة) كفيلة للوصول إلى األسباب‬
‫الحقيقية للنزاع القائم بين الزوجين وحل خيوطه المتشابكة واقتراح الحلول الممكنة وتقريب‬
‫وجهات النظر المختلفة بين الزوجين؟‬

‫هذا ما سأعمل على تحليله في هذا الفصل من خالل مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬الحكمان ودورهما في الصلح بين الزوجين‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬مجلس العائلة ودوره في التوفيق بين الزوجين‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪66‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬الحكمان و دورهما في الصلح بين الزوجين‬

‫األصل في العالقة الزوجية أن يت م حل الخالفات الزوجية الناشئة بين الزوجين فيما بينهما‬
‫و أن يحصر نزاعاتهما داخل بيت الزوجية‪ ،‬ألن إظهار المشاكل العائلية خارج نطاق الزوجين من‬
‫شأنه تفاقم األزمة بينهما‪".1‬‬

‫إال أن الخالف بين الزوجين قد يتعاظم و يتعذر إصالحه داخل األسرة لذا فال مناص من‬
‫و هو مشروع بالكتاب‬ ‫‪3‬‬
‫باعتباره نظاما لتسوية المنازعات بين األطراف‬ ‫‪2‬‬
‫اللجوء إلى التحكيم‬
‫والسنة و اإلجماع‪.‬‬

‫و ال يخفى ما للتحكيم من ضمانات لكافة األسرة بمحاولة اإلبقاء على بيت الزوجية ألن‬
‫‪4‬‬
‫اإلبقاء على العالقة مقصدها هام من مقاصد الشريعة‪.‬‬

‫و قد أولى فقهاء اإلسالم عناية كبرى لمسألة التحكيم بين الزوجين من خالل تحديد الشروط‬
‫الواجب توفرها في الحكمين و كذا حدود الصالحيات المخولة لهما أثناء القيام بمهمتهما‪.‬‬

‫كما أن المشرع المغربي تعرض لمسألة التحكيم و أوجب اللجوء إليه بعد فشل المساعي‬
‫الحميدة للقاضي‪.5‬‬

‫فما هي إذن طبيعة عمل الحكمين من منظور الفقه اإلسالمي ؟ و إلى أي حد التزمت‬
‫مدونة األسرة بما جاء به فقهاء اإلسالم ؟ هذا ما سأعمل على تحليله من خالل المطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬طبيعة عمل الحكمين من منظور الفقه اإلسالمي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظام التحكيم في مدونة األسرة‬

‫‪ -1‬محمد يعقوب محمد الدهلوي‪ ،‬ضمانات حقوق المرأة الزوجية‪،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬طبعة‪2004- 1424‬‬
‫ص‪156‬‬
‫‪ -2‬مصطفى إسماعيل بغدادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحيم بن سالمة‪ ،‬التحكيم في الشريعة و القانون الوضعي مجلة اإلحياء عدد ‪ 2 - 613‬رمضان ‪ 1991-1419‬ص‬
‫‪175‬‬
‫‪ -4‬محمد يعقوب محمد الدهلوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪157‬‬
‫‪ -5‬اللجوء إلى التحكيم يكون عادة قبل اللجوء إلى القاضي لكن نظرا لما تتسم به العالقة الزوجية من حساسية فقد أوجب المشرع‬
‫بعث الحكمين بعد اللجوء إلى القضاء ‪.‬‬
‫عبد الكريم الطالب‪ ،‬التحكيم في ق م م المغربي‪ ،‬مجلة المنتدى‪ ،‬عدد ‪ 2‬رمضان ‪ 1421‬دجنبر ‪ 2000‬ص ‪72‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪67‬‬
‫المطلب األول‪ :‬طبيعة عمل الحكمين من منظور الفقه اإلسالمي‬

‫لقد أولى فقهاء اإلسالم اهتماما بالغا لمسألة بعث الحكمين في حالة نشوب خالفات بين‬
‫الزوجين‪ ،‬نظرا لجسامة و أهمية الدور المنوط بهما‪.‬‬

‫لذلك فقد أفاضت أقالم الفقهاء في بيان الشروط الواجب توفرها فيمن يتولى مهمة الحكمين‬
‫(الفقرة األولى) كما عملوا على توضيح حدود السلطات و االختصاصات المخولة لهما (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شروط الحكمين‬

‫إن الحكم الذي يباشر مهمة اإلصالح بين الزوجين و فض النزاع القائم بينهما ال يكون‬
‫حكما ناجحا في أداء مهمته إال إذا توفرت فيه شروط معينة و تميز بخصال محددة تؤهله للقيام‬
‫بمثل هذا العمل‪.1‬‬

‫و قد اختلف الفقهاء في تعداد هذه الشروط فقد ذهب المالكية إلى أنه يشترط في الحكم أن‬
‫يكون ذكرا‪ ،‬بالغا‪ ،‬حرا‪ ،‬مسلما‪ ،‬عادال‪ .‬و هو ما يستفاد من قول اإلمام مالك" ليست المرأة من‬
‫الحكام و الصبي و العبد و من على غير دين اإلسالم"‪ 2‬و ذكر الباجي أن شروط الحكمين ‪:‬‬
‫اإلسالم و البلوغ و الحرية و الذكورة فإن عدم شيء من ذلك لم يجز تحكيمها"‪.3‬‬
‫‪4‬‬
‫و قد أشار ابن العربي شرطي اإلسالم و العدالة‪.‬‬
‫في حين اشترط الشافعية التكليف و اإلسالم و العدالة و الحرية و االهتداء إلى المقصود بما بعثا‬
‫له‪ 5‬و قد نص على ذلك في مغني المحتاج‪. 6‬‬

‫و قد أشار إلى ذلك الشافعي في كتابه األم إذ ذكر انه يشترط أن يكون الحكم من أهل‬
‫القناعة و العقل‪.1‬‬

‫‪ -1‬عبد المؤمن بلباقي‪ ،‬التفريق القضائي بين الزوجين في الفقه اإلسالمي‪ ،‬دار الهدى عين مليلية الجزائر‪ ،‬ص ‪119‬‬
‫‪ - 2‬مالك ابن أنس األصبحي‪ ،‬المدونة الكبرى رواية سحنون ‪ ،‬مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر‪ 1323 ،‬ج ‪ 2‬ص ‪367‬‬
‫‪ -3‬أبو وليد سليمان الباجي األندلسي‪ ،‬المنتقي شرح موطأ اإلمام مالك‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬طبعة ‪ .1322‬ج ‪ 4‬ص ‪113‬‬
‫‪ -4‬ابن العربي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪422‬‬
‫‪ -5‬قحطان عبد الرحمان الروري‪ ،‬عقد التحكيم الفقه اإلسالمي و القانون الوضعي‪ ،‬مطبعة الخلود بغداد الطبعة األولى ‪-1405‬‬
‫‪1985‬ص ‪425‬‬
‫‪ - 6‬محمد الخطيب الشريبي‪ ،‬مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ‪ ،‬ج ‪ 3‬مطبعة مصطفى البابلي و شركائه‪1985 ،‬‬
‫ص ‪621‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪68‬‬
‫في حين ذهب الحنابلة إلى أن شروط الحكمين هي‪ :‬التكليف و اإلسالم و العدالة و الحرية‬
‫و معرفة الجمع و التفريق‪ ،‬فقد ذكر ابن قدامة ‪ :‬العقل و البلوغ و العدالة و اإلسالم ألنها من‬
‫‪2‬‬
‫شروط العدالة سواء كان الحكم وكيال أو حاكما‬

‫أما الحنفية اشترطوا في الحكمين ‪ :‬الحرية و اإلسالم و البلوغ و العدالة و الفقه و البصر‬
‫و أن يكون غير محدودين و ال واحد منهما في قدف‪. 3‬‬

‫و توفر الشروط المتطلبة شرعا ينبغي أن يكون وقت التحكيم و وقت الحكم‪ ,‬فإذا انعدمت‬
‫كال أو بعضا وقت التحكيم ثم توفرت وقت الحكم بطل الحكم و لم ينفذ‪.4‬‬

‫و سأتولى دراسة أهم الشروط الذي ذكرها الفقهاء بنوع من التفصيل و هي‪ :‬شرط القرابة‬
‫الذكورة العدالة التكليف‪.‬‬

‫أ‪ -‬شرط القرابة‬

‫لقد أكد ابن رشد الحفيد أن هناك إجماعا بين الفقهاء على أن يكون الحكمان من األهل إال‬
‫إذا لم يوجد من يصلح لهذه المهمة من األسرتين حيث قال " أجمعوا على أن الحكمين ال يكونان‬
‫إال من أهل الزوجين أحدهما من قبل الزوج و اآلخر من قبل الزوجة إال أن ال يوجد من يصلح‬
‫لذلك فيرسل من غيرهما"‪. 5‬‬

‫إال أن دعوة اإلجماع هاته هي محل نظر فهناك من يعتبر شرط القرابة هو على سبيل‬
‫االستحباب فقط و هذا يعني أن هناك اختالف بين الفقهاء في شرط القرابة هل هو شرط صحة أم‬
‫شرط على سبيل االستحباب و األولوية؟‬

‫و قد أدى هذا االختالف في وجهات النظر إلى وجود اتجاهين متعارضين‪.‬‬

‫‪ -1‬أبي عبد هللا بن إدريس الشافعي‪ ،‬األم ‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬مكتبة الرياض‪ ،‬طبعة ‪ 1973-1393‬ص ‪177‬‬
‫‪ -2‬أبو محمد عبد هللا ابن قدامة المقدسي‪ ،‬المغني ‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬مكتبة الرياض ‪،‬طبعة‪ 1981‬ص ‪49‬‬
‫‪ -3‬أبي جعفر أحمد بن محمد بن سالمة الطحاوي األردني‪ ،‬الشروط الصغيرة مذيال بما عثر عليه من الشروط الكبير‪،‬ج ‪ 5‬الطبعة‬
‫الثانية ص ‪428‬‬
‫‪-4‬محمد أمين ابن عابدين في حاشيته‪،‬ج ‪ 5‬ص ‪428‬‬
‫‪ -5‬أبي الوليد محمد بن أحمد ابن رشد القرطبي‪ -‬الحفيد‪ ،-‬بداية المجتهد و نهاية المقتصد‪ ،‬دار الفكر ج ‪ 2‬ص‪84‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪69‬‬
‫االتجاه األول‪ :‬يرى أنه يجب أن يكون الحكمان من أهلهما ألن هللا سبحانه و تعالى قال في كتابه‬

‫الخالد" ف ابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها" ‪. 1‬‬

‫و قد ذهب ابن العربي إلى أن األصل في الحكمين أن يكونا من األهل و الحكمة من ذلك أن‬
‫األهل أعرف بأحوال الزوجين و أقرب إلى أن يرجع الزوجان إليهما‪ 2‬و لكونهما مؤتمنان على‬
‫أسرار الزوجين ألنهما من أهلهما ال خوف من تشهيرهما بهذه األسرار إذ ال مصلحة لهما في‬
‫التشهير بها بل مصلحتها في دفتها و مدارتها ‪. 3‬‬

‫و في هذا الشأن قال ابن حزم " إذا شجر بين الرجل و امرأته‪ ،‬بعث الحاكم حكما من أهله‬
‫و حكما من أهلها"‪ .4‬ألن الزوجان يطمئنان إليهما في العادة ‪ 5‬و أيضا لزوال الظنة بالميل إلى‬
‫أحدهما إن كان الحكمان أجنبيان و ليتمكن كل واحد منهما من التعبير إلى من هو من قبله‪. 6‬‬
‫و اشترط كون الحكمين من أهل الزوجين إنهما هو لرجاء أن يكون للقرابة أثر على قبول ما‬
‫‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫ينصحان به الزوجين‬

‫وخالصة القول أن شرط القرابة في الحكمين شرط مهم و ضروري حتى ال يطلع الغرباء‬
‫على ما ال يجب أن يطلع إليه من أسرار الزوجين واشترط كون الحكمين من عائلة الزوجين‬
‫يجعلهما أشد حرصا من غيرهما على مصلحة األسرة وأقوى رغبة في استمرار عالقة الزوجية و‬
‫أكثر ائتمانا على أسرارهما‪. 8‬‬

‫‪ -1‬سورة النساء آية ‪.35‬‬


‫‪ -2‬ابن العربي‪ ،‬أحكام القران الجزء األول‪ ،‬ص ‪426‬‬
‫‪ -3‬سيد قطب‪ ،‬في ظالل القران دار إحياء الثراث العربي ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬طبعة ‪ 1961‬ص ‪426‬‬
‫‪ -4‬ابن حزم‪ ،‬المحلى ج ‪ ،10‬ص ‪87‬‬
‫‪ -5‬محمد فوزي فيض هللا‪ ،‬الطالق و مذاهبه في الشريعة و القانون‪ ،‬مطبعة الفيصل الكويت‪ ،‬طبعة‪ 1986-1406‬ص ‪77‬‬
‫‪ -6‬أبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص‪ ،‬أحكام القران ج ‪ ، 2‬طبعة دار الكتاب العربي بيروت ص ‪190‬‬
‫‪ -7‬معوض عبد التواب ‪ ،‬الصيغ الشرعية لدعاوي األحوال الشخصية يشمل الوالية على المال و النفس و المواريث و الوصية‬
‫معلقا عليها بالشرح و أحكام القضاء حتى يونيو ‪ 1987‬مقارنا بالتشريعات العربية‪ ،‬دار الوفاء المنصورة‪ ،‬طبعة ‪ 1988‬ص‬
‫‪ 190‬ألنهما أقدر على فهم خفايا األمور و بواعث الشقاق و أقدر على وصل عرى المودة و إعادة المياه إلى مجاريها بحكم القرابة‬
‫و صلة الرحم التي تجمعها‪ .‬و ذلك لكي يصل الصفاء و الوئام محل النفور و الخصومة محمد صادق عفيفي‪ ،‬المرأة و حقوقها‬
‫في اإلسالم‪ ،‬دار األصفهاني‪ ،‬طبعة ‪ 1402‬ص ‪ 208‬خصوصا و أن أسباب الخالف قد تكون مما يستحي ذكره للغرباء‬
‫ويستعصي العالج مصطفى إسماعيل بغدادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 324‬لذلك فاشترط أن يكونا الحكمان من األهل يجعل‬
‫الزوجين يظمران لهما ما في ضميرهما من الحقد و البغض و من إرادة العشرة أو الفرقة عبد الهادي إدريس أبو األصبع‪،‬‬
‫األحكام الشرعية لأل‪.‬ح‪.‬ش ‪ ،‬مطابع الثورة للطباعة‪ ،‬و النشر بنغازي الطبعة األولى ‪ 1977-1397‬ص‪165‬‬
‫‪ -8‬خالد عبد الرحمان العك‪ ،‬بناء األسرة المسلمة في ضوء القران و السنة‪ ،‬دار المعرفة بيروت‪ ،‬طبعة ‪ 2001-1422‬ص ‪292‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪70‬‬
‫و إذا كان أصحاب االتجاه األول يشترطون أن يكون الحكمان من أهل الزوجين فإن هناك‬
‫اتجاه ثان يذهبون إلى إمكانية أن يكون الحكمان غير األهل لكن يستحب أن يكون من أهلهما‪.‬‬

‫و حجج في ذلك أن ما جاء به القران هو على سبيل االستحباب و اإلرشاد‪ 1‬ألن القرابة ال‬
‫تشترط في الحاكم و ال في الوكيل‪ 2‬على اعتبار أن المحتكم إليهما إما أن يكونا وكيلين أو حاكمين‪.‬‬
‫فقد سبق أن بعث عمر ابن الخطاب ابن عباس و عثمان بن عفان حكمين بين زوجين أحدهما من‬
‫بني هاشم و اآلخر من بني عبد شمس‪ ،‬كما أن الهدف من بعث الحكمين هو محاولة اإلبقاء على‬
‫العالقة الزوجية و استمرارها و هذا الغرض من الممكن حصوله باألجنبي‪.3‬‬

‫وهذا الخالف المتقدم فيما إذا وجد من يصلح أن يبعث حكما من أهلها‪.‬أما إذا لم يوجد‬
‫للزوجين أهل أو كان لهما و لكن لم يكن فيهم من يصلح لذلك‪ ،‬لعدم توفر على باقي الشروط فعندئذ‬
‫يختار حكمين لهما أو ألحدهما كيفما كان عدم الحكمين منهما أو من أحدهما ‪ 4‬من غير األقارب‬
‫ممن لهم خبرة على اإلصالح بشرط أن تتوفر فيهما الشروط المتطلبة شرعا ألن الغرض من‬
‫الحكمين معلوم و الذي فات لكونهما من أهلهما يسير فيكون األجنبي المختار قائما مقامها و ربما‬
‫كان أوفى منهما‪.5‬‬
‫‪6‬‬
‫والرأي الراجح ما ذهب إليه المالكية وغيرهما والمنادون بضرورة توفر شرط القرابة‬
‫لكونه الرأي األنسب والصلح ألن انتساب الحكمين إلى أسرتي الزوجين يجعلهما أكثر علما‬
‫بأسباب الخالف و أشد حرصا على إعادة الوئام إلى قريبيهما‪.‬‬

‫ب‪.‬شرط التكليف و البلوغ‪:‬‬

‫يشتمل شرط التكليف على شرطي البلوغ والعقل فال بد للحكم أن يكون بالغ عاقال و هو‬
‫أمر بديهي و مفروغ منه نظرا ألهمية المهام الموكولة إليهما و الملقاة على عاتقهما‪ ،‬فغير البالغ‬

‫‪ -1‬ابن قدامة‪ ،‬ج ‪ ، 7‬ص ‪361‬‬


‫‪ -2‬معنى المحتاج‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ص ‪261‬‬
‫‪ -3‬قحطان عبد الرحمان الروري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪461‬‬
‫‪ -4‬معوض عبد التواب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 260‬و أيضا محمد فوزي فيض هللا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪324‬‬
‫‪ -5‬ابن العربي‪ ،‬الجزء‪ ، 1‬ص ‪342‬‬
‫‪ -6‬وقد اعتبرت محكمة النقض السورية أن توفر شرط القرابة في الحكمين من النظام العام‪ ،‬قرار صادر بتاريخ ‪ 28‬يونيو‬
‫‪، 1960‬عبد الرحمان الصابوني‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪788‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪71‬‬
‫وغير العاقل ال يعتبران من أهل الرأي و النظر خاصة في مثل هذه األمور التي ال يفقهها إال من‬
‫له خبرة بالحياة الزوجية‪ 1‬و لذلك فال يتوجه إليهما الخطاب‪.‬‬

‫أما الرشد فيتحقق من منظور بعض الفقه بحفظ الشخص لماله دون ضياعه و تبذيره مع‬
‫حسن النظر فيه و ظهور عالمات الصلح عليه‪.2‬‬

‫وهكذا ال ي جوز تحكيم الصبي غير البالغ لعدم كمال أهليته كما ال يكون المجنون حكما بين‬
‫الزوجين ألنه فاقد األهلية وال معتوه حكما وعلته عدم قبوله هو نقصان عقله بدليل عدم حفظه‬
‫لماله فأحرى أن ال يحترز في شهادته كحكم بين الزوجين‪.3‬‬

‫ج‪ -‬شرط العدالة‪:‬‬

‫لقد عرف العالمة ابن عاصم األندلسي العدل بقوله‪:‬‬


‫و يتقي في الغالب الصغائر‬ ‫العدل من يجتنب الكـــبائـــر‬
‫‪4‬‬
‫يقدح في مروءة اإلنسان‬ ‫و ما أبيح و هو في العيان‬

‫فالعدالة إذن حسب ما أورده ابن عاصم هي استقامة الدين بأداء الواجبات الدينية واالمتناع‬
‫عن الكبائر كالزنى و الخمر و نحو ذلك و عدم اإلصرار على الصغائر و بمعنى ذلك ينبغي أن‬
‫يكون الحكم شخصا تقيا سويا مستقيما في أحوال دينه و دنياه متصفا بالمروءة و الخصال التي‬
‫تليق بمحاسن العادات‪.5‬‬

‫و قد اعتبر ابن العربي أن شرط العدالة من شروط التحكيم و يستفاد ذلك من قوله‪:‬‬

‫" فإن لم يكن لهما أهل أو كان و لم يكن فيهم من يصح لذلك لعدم العدالة أو غير ذلك ‪.6‬‬

‫‪ -1‬عبد المؤمن بلباقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪120‬‬


‫‪ - 2‬محمد بن أحمد ميارة الفاسي‪ ،‬شرح ميارة الفاسي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الجزء الثاني ص ‪202‬‬
‫‪ -3‬ميارة الفاسي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪51‬‬
‫‪ -4‬ميارة الفاسي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪51‬‬
‫‪ -5‬الحسين بن دالي‪ ،‬دور الحكمين في حسم النزاع بين الزوجين بين أحكام المذاهب المالكي و نصوص مدونة األسرة‪ ،‬مجلة‬
‫المناظرة ع ‪ 10‬لسنة ‪ ، 2005‬ص ‪49‬‬
‫‪ -6‬ابن العربي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪426‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪72‬‬
‫وقد أكد الزمخشري على أن الحكم ينبغي أن يكون رجل مقنع يصلح لحكومة العدل و‬
‫‪1‬‬
‫اإلصالح‪.‬‬

‫لكن رغم أن هللا سبحانه و تعالى قد جعل العدالة أساس الحكم‪ ، 2‬فإن هناك من يرى أن‬
‫العدالة ليست شرط صحة في التحكيم و إنما هي صفة كمال فقط‪.3‬‬

‫والقول األرجح هو الذي يعتبر العدالة من الشروط الواجب توافرها في الحكم فهي شرط‬
‫ضروري و مؤكد لدرجة تفوق كل الشروط األخرى ‪.4‬‬

‫والقول بعدم ضرورة توفر شرط العدالة في الحكم هو قول مجانب للصواب و مخالف‬
‫لشرع هللا و حكمه‪.‬‬

‫د‪ -‬شرط الذكورة‪:‬‬

‫اشترط جمهور الفقهاء في الحكم أن يكون ذكرا فال يجوز أن تتولى المرأة مهمة التحكيم‬
‫ولو كانت عدل‪ 5‬ولم يقل بغير ذلك إال الحنفية وبعض الحنابلة وهو الظاهر من كالم االمامية‬
‫والزيدية‪ 6‬الدين عللوا عدم اشتراطهم لشرط الذكورة بكون المرأة مؤهلة للشهادة‬
‫بل وللقضاء‪.7‬‬

‫وقد استند الجمهور على أن التحكيم يحتاج إلى الرأي والنظر‪ ,‬والمرأة قاصرة بالنسبة لذلك‬
‫كما أن الحكم حاكم وإمام مقتدى به‪ ،‬وال يصح الحكم من النساء و ال االقتداء بهن‪ 8‬معتمدين على‬
‫قول صلى هللا عليه وسلم " لن يفلح قوم و لوا أمرهم امرأة"‪. 9‬‬

‫‪ - 1‬أبو قاسم جار هللا محمد بن عمر الزمخشري‪ ،‬الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون األقاويل في وجوه التأويل‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬ص ‪129‬‬
‫‪ - 2‬في قوله" إن هللا يأمركم بالعدل و اإلحسان" ‪ -‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪ 90‬و كذا في قوله " و إذا حكمتم بين الناس إن تحكموا‬
‫بالعدل"‪ -‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪98‬‬
‫‪ -3‬حاشية ابن عابدين ‪،‬ج ‪ ، 5‬ص‪ 428‬وأيضا نهاية المحتاج‪ ،‬ج‪ 6‬ص ‪ 385‬وأيضا المبسوط‪ ،‬ج ‪ 16‬ص ‪111‬‬
‫‪ -4‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪184‬‬
‫‪ -5‬المدونة‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ 367‬و أيضا المنتقى‪ ،‬ج ‪ ، 8‬ص ‪170‬‬
‫‪ -6‬مغني المحتاج‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص وأيضا نهاية المحتاج‪ ،‬ج ‪ 6‬ص ‪261 385‬‬
‫‪ -7‬مواهب الجليل شرخ مختصر خليل‪ ،‬ج ‪ 4‬ص ‪ 134‬و أيضا حاشية ابن عابدين‪ ،‬ج ‪، 5‬ص ‪185‬‬
‫‪ -8‬مغني المحتاج‪ ،‬ج ‪ ، 4‬ص ‪374‬‬
‫‪ -9‬مغنى المحتاج‪ ،‬ج ‪ ، 4‬ص ‪ 375‬وأيضا شمس الدين محمد عرفة الدسوقي‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير على‬
‫مختصر الشيخ خليل‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‪،‬ص ‪129‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪73‬‬
‫لكن هناك من أجاز بعث مشرفة ال حاكمة في حال اتفاق الزوجين عليها أو في حال‬
‫اإلشكال إذ جاء في البهجة " لو دام األشكال بعد بعث الحكمين و طال األمر و ال زالت الشكوى‬
‫مترددة هل يخالعان‪...‬أو يأتمان عليهما أو يرسل حكمين آخرين أو أمنية‪." 1‬‬

‫و تجدر اإلشارة إلى أن اعتبار شرط الذكورة من جملة ما يشترط في الحكمين لكون المرأة‬
‫ال رأي لها و ال نظر‪ ،‬هو موقف يبقى محل نظر و قابل للنقاش خصوصا وأن الحديث الشريف‬
‫الذي اعتمدوا عليه لتدعيم موقفهم هو حديث‪ -‬ينبغي وضعه في نطاقه الزمني والمكاني ألن‬
‫األحكام تتغير بتغير العادات و األعراف‪ -2‬فهو يتحدث عن تولية الرئاسة و هو أمر هام ال يجوز‬
‫إسناده إلى المرأة على أساس أن اإلمامة تقتضي أن يكون الشخص المولى إماما يؤوم الناس‬
‫ويصلي بهم و المرأة ال يجوز لها ذلك ال على أساس أنها امرأة أو لكونها ناقصة دين و عقل و ال‬
‫رأي لها أما ما عدا هذه المهمة فيجوز لها أن تمارس بما في ذلك القضاء‪. 3‬‬

‫كما أن هللا سبحانه و تعالى سوى بين المرأة و الرجل إال ما كان مرتبطا بأنوثتها "‪. 4‬‬

‫لذلك يتعين إتاحة الفرصة أمام المرأة لولوج مهمة التحكيم بين الزوجين ‪ 5‬في حالة الطالق‬
‫أو التطليق خصوصا و أن المرأة أقدر من غيرها على القيام بهذه المهمة ألن أسباب الخالف قد‬
‫تكون مما يستحي ذكره للقريب خصوصا بالنسبة للزوجة التي في حالة نزاع مع زوجها‪ ،‬إذ أن‬
‫طابع القرابة يقتضي المزيد من اإلحترام و التقدير‪.‬‬
‫ه‪ -‬شرط التفقه أو العلم‬

‫اشترط فقهاء المالكية قي الحكم أن يكون عالما باألحكام الشرعية الخاصة بالنشوز والشقاق‬
‫و ملما إلماما تاما بما يجب القيام به في المهمة الموكولة إليه فال يصح أن يكون الحكم جاهال بما‬
‫ولى‪،‬لكن إذا شاور العلماء بما يحكم به صح عندئذ حكمه ‪. 6‬‬

‫‪ - 1‬المعيار‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪ 131‬و أيصا نهاية المحتاج‪ ،‬ج ‪ 6‬ص ‪ 384‬إذ ربما لم يتبين للحكمين األولين حاله الزوجين لتقصيرهما أو‬
‫لعدم معرفتهما بالقرائن‪ ،‬إذ الضرر مما يعتمد فيه على الفراش و ال يعرفها إال الفطن الناقد و هذا هو الظاهر أبو الحسن علي بن‬
‫عبد السالم التسولي‪ ،‬البهجة في شرح التحفة‪ ،‬ج ‪ ، 1‬دار الفكر‪ ،‬ص ‪309‬‬
‫‪ -2‬ابن العربي الجزء األول ص ‪ ، 364‬المعيار ج ‪ 8‬ص ‪287‬‬
‫‪ -3‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 190‬و ما بعدها‬
‫‪ - 4‬فقد قال تعالى "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ 228‬و قوله "ال أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو‬
‫أنثى بعضكم من بعض‪-‬سورة ال عمران‪ ،‬اآلية ‪195‬‬
‫‪ -5‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪192‬‬
‫‪ -6‬اإلمام مالك‪،‬المدونة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪368‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪74‬‬
‫و قد اعتبر الباجي شرط العلم األحكام الشرعية الخاصة الجمع و التفريق صفة كمال ‪،1‬في‬
‫حين اعتبره األحناف شرط استحباب و ندب فقط‪.2‬‬

‫وباإلضافة إلى هذه الشروط هنا بعض الفقهاء الذين يستلزمون ضرورة توفر شروط‬
‫أخرى كاإلسالم ‪ ،‬وشرط أن يكون الحكمان غير محدودين وال واحد منهم في قذف‪ 3‬وكذا شرط‬
‫الحرية‪.4‬ففي نظرهم ال يجوز تحكيم الكافر وال الذمي لقوله تعالى"ولن يجعل هللا للكافرين على‬
‫المؤمنين سبيل"‪ .5‬وقد نص على ذلك جمهور الفقهاء‪.6‬‬

‫والواقع أن االشتراط مثل هذه الشروط تبدو ضرورية وهامة يجب مراعاتها وتوفرها في‬
‫الحكمين‪ ،‬لكن يخشى أن تحول دون القيام بهذه المهمة وتؤدي إلى تعطيلها‪ ،‬إذ كيف يمكن للقاضي‬
‫أن يتأكد من كون الحكمين اللذين اختارهما الزوجان متمتعين بكافة الشروط الضرورية؟ لذلك‬
‫غالبا ما يكتفي القاضي بمبادرته الشخصية نظرا لصعوبة توافر كل الشروط أو لعدم تمكن‬
‫الزوجين من اختيار الحكمين بسبب رفض األقارب مهمة التحكيم ألنها تتطلب وقتا كبيرا‪.‬‬

‫وخالصة القول ينبغي مراعاة الواقع المعيش بكل معطياته ومكوناته فال يتم التشدد في‬
‫توفر كل الشروط في الحكمين وال يراعى إال ما يمكن إيجاده بكل بسهولة ويسر‪ .‬فمثال شرط الفقه‬
‫و العلم ال يمكن تصوره في المجتمع المغربي الذي تنتشر فيه األمية‪ ،‬خصوصا في العالم القروي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬حدود صالحيات الحكمين‬

‫ال خالف بين علماء المسلمين في مشروعية الحكمين إذا وقع التشاجر بينهما و جهلت‬
‫أحوالهما في التشاجر‪ 7‬فلم يعرف المحق من المبطل‪ 8‬كما أنه ال خالف بينهم في أن قول الحكمين‬

‫‪ -1‬الباجي‪،‬المنتقى‪ ،‬ج ‪ ، 4‬ص ‪113‬‬


‫‪-2‬الكساني ‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬ج ‪ ، 9‬ص ‪479‬‬
‫‪ -3‬الطحاوي‪،‬الشروط الصغيرة‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪781‬‬
‫‪ -4‬االمام مالك‪ ،‬المدونة ج ‪2‬ص‪ -367‬الباجي‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪-113‬الشافعي األم‪ ،‬ج ‪ 8‬ص‪ -186‬ابن قدامة‪ ،‬المغني ‪ ،‬ج‪ 7‬ص‪49‬‬
‫‪ -5‬سورة النساء االية ‪141‬‬
‫‪ -6‬ابن العربي‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ - 426‬الباجي‪ ،‬المنتقى‪ ،‬ج ‪ ، 4‬ص‪113‬‬
‫‪ - 7‬لكن إدا عرف الشقاق و أسبابه فال وجه لبعث الحكمين ‪ ،‬نهاية المحتاج ص ‪ ، 361‬محمد األهدل‪ ،‬أضواء على شقاق الزوجين‬
‫‪ ،‬المكتبة العربية‪ ،‬ص ‪ 24‬ج ‪ 5‬ص‪ 392‬في حين يرى ابن العربي وجوب بعث الحكمين بمجرد ظهور بوادر الشقاق ‪ ،‬ابن‬
‫العربي ج ص ‪176‬‬
‫‪ -8‬بداية المجتهد و نهاية المقتصد‪ ،‬ج ‪ ، 2‬ص ‪97‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪75‬‬
‫نافد في الجمع و إن لم يوكلهما الزوجان ‪ 1‬فالغرض من بعث الحكمين هو اإلصالح فاهلل سبحانه‬
‫وتعالى لم يذكر في اآلية إال اإلصالح و لم يذكر إال ما يقابله و هو التفريق بين الزوجين و في ذلك‬
‫إرشاد من العزيز الحكيم للحكمين إلى أنه ال ينبغي لهما أن يدخرا أي وسع لإلصالح ‪ 2‬فالطالق‬
‫ليس مقصودا بذاته من عمل الحكمين و إنما المقصود هو إعادة الحياة الزوجية إلى سابق عهدها‬
‫بين الزوجين على أية طريقة ممكنة‪ 3‬لكن إذا باءت مجهودات الحكمين بالفشل فهل للحكمين حق‬
‫التفريق بين الزوجين بدون إذنهما أو إذن احدهما أم أنهما وكيالن ال يملكان التفريق إال بإذن‬
‫الزوجين؟‬

‫لإلجابة عن هذا السؤال نتستعرض أقوال الفقهاء و الخالف الذي دار بينهم حول هذا‬
‫الموضوع ‪.‬فقد انقسم الفقهاء في تحديد سلطة الحكمين إلى اتجاهين‪.‬‬

‫الرأي األول‪ :‬ذهب إلى أ ن الحكمين حاكمان و لهما أن يفعال ما يريان من جمع و تفريق‬
‫سواء كان ذلك بعوض أو بغيره و ال يحتاجان إلى توكيل الزوجين و ال رضاهما و على القاضي‬
‫إمضاء حكمهما و تنفيذه و هو قول منسوب لعلي و عثمان و ابن عباس و معاوية من الصحابة‬
‫ومن التابعين و سعيد ابن المسيب و سعيد ابن جبير و أبي سلمة و النخعي و الشعبي و عليه مالك‬
‫و األوزاعي و الشافعي في احد قوله و أحمد ابن حنبل في أحد الروايتين عنه و اإلمامية‪ .‬فقد قال‬
‫ابن عباس رضي هللا عنهما ‪ :‬بعثت أنا و ابن معاوية حكمين فقيل لنا‪ :‬إن رأيتما أن تجمعا‬
‫جمعتهما و إن رأيتما أن تفرقا فرقتما‪.‬‬

‫قال معمر‪ :‬و بلغني أن الذي بعثتهما عثمان‪.4‬و هو مروي عن بن أبي طالب‪ 5‬وورد في‬
‫مدونة اإلمام مالك أنه قال‪ :‬بلغني أن علي ابن أبي طالب رضي هللا عنه قال في الحكمين الذين قال‬
‫‪6‬‬
‫هللا تبارك و تعالى ‪ :‬حكما من أهله و حكما من أهلها أنه قال ‪ :‬إليهما أن يفرقا بينهما و أن يجمعا"‬

‫‪ -1‬فيحان بن سالي بن عتيق المطيري‪ ،‬إتحاف الخالن بحقوق الزوجين‪ ،‬دار العاصمة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1414‬ص ‪350‬‬
‫‪ -2‬عبد المؤمن بلباقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 123‬و أيضا قحطان عبد الرحمان الروري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪51‬‬
‫‪ -3‬فتحى حسن مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪51‬‬
‫‪ -4‬أبي جعفر محمد بن جرير الطبري‪ ،‬جامع البيان عن تأويل القرآن ‪ ،‬مطبعة مصطفى البابلي الحلبي‪ ،‬طبعة الثالثة ‪ 1986‬ج ‪7‬‬
‫ص ‪ ،327‬و أيضا عماد الدين إسماعيل ابن كثير‪ ،‬تفسير القران العظيم‪ ،‬دار الفكر بيروت‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪493‬‬
‫‪ -5‬ابن العربي‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ 425‬المغني‪ ،‬ج ‪ 7‬ص ‪49‬‬
‫‪ -6‬المدونة ج ‪ 2‬ص ‪ 322‬و أيضا بداية المجتهد ج ‪ 2‬ص ‪98‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪76‬‬
‫فقد قي ل أيضا في الموطأ " و أحسن ما سمعت من أهل العلم ‪ :‬أن الحكمين يجوز قولهما‬
‫بين الرجل و المرأة في الفرقة و االجتماع‪. 1‬‬

‫وفي كتاب أسهل المدارك أنه إدا قبح ما بينها –الزوجين‪ -‬أمر المتعدي بإزالته فإن جهل‬
‫‪2‬‬
‫بعث الحاكم حكمين من أهله و أهلها يحكمان باألصلح من صلح أو فراق فيمضي ما حكما به‬

‫و من الشافعية جاء في مغني المحتاج هما حكمان موليان من جهة الحاكم لتسميتهما في‬
‫اآلية حكمين‪.3‬‬

‫و من الحنابل ة قال ابن قدامة ‪ :‬اختلفت الرواية عن أحمد في الحكمين ففي إحدى الروايتين‬
‫أنهما حاكمان و لهما أن يفعال ما يريان من جمع و تفريق بعوض أو بغير عوض و ال يحتاجان‬
‫إلى توكيل الزوجين و لو رضاهما‪.4‬‬

‫و جاء في الشرح الكبير أن قلنا أنهما حكمان فإنهما يمضيان ما يريان من طالق أو خلع‬
‫فينفذ ذلك عليهما رضياه أو أبياه‪.5‬‬

‫و قال ابن حزم و صح علي ابن طالب أنه قال للحكمين بين الزوجين‪ :‬على إن رأيتما أن‬
‫تفرقا ففرقتما و إن رأيتما إن تجمعا جمعتما‪.6‬‬

‫و قد استدل أصحاب هذا االتجاه بما يلي‪:‬‬

‫قوله تعالى "ف ابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها" فاآلية نص من هللا سبحانه وتعالى‬

‫بأنهما حاكمان ال وكيالن و ال شاهدان و للوكيل اسم في الشريعة و معنى‪ ،‬و للحاكم اسم في‬
‫الشريعة و معنى‪ ،‬فإذا بين هللا كل واحد منهما الشاذ فكيف لعالم أن يركب أحدهما على اآلخر‪ .‬و‬

‫‪ -1‬موطأ اإلمام مالك برواية يحيى ابن يحيى ابن كثير الليثي ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ص ‪372‬‬
‫‪ -2‬أبو بكر بن حسن الكسناوي‪ ،‬أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام األئمة مالك الجزء الثاني الطبعة ‪،‬دار‬
‫الفكر‪،‬ص‪131‬‬
‫‪ -3‬مغني المحتاج‪ ،‬ج ‪ 32‬ص ‪261‬‬
‫‪ -4‬المغني البن قدامة‪ ،‬ج ‪ 7‬ص ‪49‬‬
‫‪ -5‬الشرح الكبير و المغني ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪117‬‬
‫‪ -6‬ابن حزم ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص ‪87‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪77‬‬
‫ذلك تلبس و إفساد لألحكام و إنما يسيران بإذن هللا و يخلصان النية لوجه هللا و ينظران فيما عند‬
‫الزوجين بالتثبيت فإن رأيا للجمع وجها جمعا و إن وجدهما قد أتابا تركاهما‪.1‬‬

‫كما أن الحكم من له والية الحكم و االلتزام و ليس للوكيل شيء من ذلك‪ 2‬ألن الوكيل‬
‫مأذون له ليس بحكم‪ 3‬و الوكيل ال يسمى حكما في لغة القران و ال في لسان الشرع و ال في العرف‬
‫العام و ال الخاص و لو كان الحكمان وكيلين لقال هللا تعالى في اآلية‪ :‬فليبعث وكيال من أهله‬
‫ولتبعت وكيال من أهلها و لو وكان وكيلين لم يختصا بأن يكون من األهل ألن الموكل يوكل من‬
‫يشاء‪ .4‬و لدلك فإنه ال مجل لرضا الزوجين في حالة التحكيم إذ ينفد حكمهما بمقتضى والية الحكم‬
‫اإللزام ‪ 5.‬فحكمهما كحكم الحاكم لكنه ال يتعدى من كان طرفا في عقد التحكيم و ال ينسحب إلى‬
‫‪6‬‬
‫غيرالمتحاكمين‪.‬‬

‫ثم إن هللا خاطب غير الزوجين إذا خافا الشقاق بين الزوجين بإرسال الحكمين و إذا كان‬
‫المخاطب غيرهما فكيف يكون ذلك بتوكيلهما ؟ و ال يصح لهما حكم إال بما اجتمعا عليه‪ ،‬والتوكيل‬
‫من كل واحد ال يكون إال فيما يخالف األخر و ذلك ال يمكنها هنا‪. 7‬‬

‫كما استشهدوا بقوله تعالى" إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما" ويفيد ذلك أن الحكمين‬
‫إن أخلصا النية وفقهما هللا للصواب من الحكم و هذا ال يقال للوكيلين ألنه ال يجوز ألحد منهما أن‬
‫يتعدى ما أمر به‪.8‬‬

‫‪ -‬اتفاق الصحابة على أن الحكم إلى الحكمين‪ ،‬فعثمان وعلي ابن أبي عباس و معاوية‬
‫جعلوا الحكم إلى الحكمين وال يعرف لهم من الصحابة مخالف و إنما يعرف الخالف من التابعين‪.9‬‬

‫‪ -1‬أحكام ابن العربي ج ‪ 1‬ص ‪ 424‬و تفسير الطبري ج ‪ 3‬ص ‪1746‬‬


‫‪ -2‬شمس الدين أبي عبد هللا محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية‪ ،‬زاد المعاد في هدي خير العباد‪ ،‬مطبعة مصطفى‬
‫البابلي الحلبي مصر طبعة ‪ 1390 – 1970‬ج ‪ 5‬ص ‪190‬‬
‫‪ -3‬مغني المحتاج ج ‪ 3‬ص ‪261‬‬
‫‪ -4‬زاد المعاد ج ‪ 5‬ص ‪ 190‬ج ‪ 4‬ص ‪33‬‬
‫‪ - 5‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪ 346‬و أيضا ابن العربي‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪425‬‬
‫‪ - 6‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬عقد التحكيم و إجراءاته‪ ،‬مطبعة دون بوسكو‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1974‬ص ‪277‬‬
‫‪ -7‬أحكام العربي ج ‪ 1‬ص ‪422‬‬
‫‪-8‬الجصاص ج ‪ 1‬ص ‪233‬‬
‫‪ -9‬زاد المعاد‪ ،‬ج ‪ 5‬ص ‪191‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪78‬‬
‫‪ -‬القول بأنهما حاكمان يتفق مع المأثور من أحاديث ( الرسول ص)‪ ،‬إذ قال عليه الصالة‬
‫والسالم‪ :‬ال ضرر و ال ضرار‪.‬كما يتفق مع روح القران الكريم و النصوص ألن هللا تعالى قال‬

‫"ف إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان‪ "1‬و قد فات اإلمساك بمعروف فتعين التسريح بإحسان‪.2‬‬

‫كما استدلوا بقول علي رضي هللا عنه ‪:‬أتدريان ما عليكما ؟ إن رأيتما أن تفرقا فرقتما وإن‬
‫رأيتما أن تجمعا جمعتما فقالت المرأة رضيت بكتاب هللا لي و علي و قال الزوج أما الفرقة فال‬
‫فقال علي‪ :‬كذبت و هللا ال تبرح حتى ترضى بكتاب هللا لك و عليك‪ .3‬لو كانا وكيلين لما قيل لهما‬
‫أتدريان ما عليكما؟ إنما كان يقول‪ :‬أتدريان ما وكلتما؟ و يسأل الزوجين ما قاال لهما‪.4‬‬

‫‪ -‬قال ابن كثير سماهما حكمين و شأن الحكم أن يحكم بغير رضا المحكوم عليه و هذا‬
‫ظاهر اآلية‪.5‬‬

‫‪ -‬القول بأنهما وكيالن يؤدي إلى اختالفهما الختالف مصلحة الموكلين مما يؤدي عملهما‬
‫إلى جعل اآلية المتعلقة بالتحيكم عند الشقاق مفرغة من محتواها‪ 6‬و ذلك غير مقبول و غير جائز‬
‫شرعا و عقال‪.7‬‬

‫الرأي الثاني‪:‬القائل بعدم التفريق إذ قصر سلطة الحكمين على اإلصالح بين الزوجين ولم‬
‫يجعل لهما حق التفريق فيكون الحكمان وكيالن وهو قول الحسن البصري و عطاء و قتادة و عليه‬
‫أبو حنيفة و أصحابه و الشافعي من قوله الثاني و أحمد بن حنبل في الرواية الثانية و الظاهرية‪.‬‬
‫لقد انقسم القائلين بهذا الرأي إلى فريقين‪:‬‬

‫الفريق األول‪ :‬يرى أن الحكمين ال يفرقان إال برضا الزوجين و هذا يعني أن الحكمين‬
‫وكيالن‪.‬‬

‫‪- 1‬سورة البقرة اآلية ‪229‬‬


‫‪ -2‬أبو زهرة‪ ،‬األحوال الشخصية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪376‬‬
‫‪ -3‬ابن قدامة‪ ،‬المغني‪ ،‬ج ‪ 7‬ص ‪49‬‬
‫‪ -4‬ابن العربي‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 423‬و في هدا الصدد قال ابن عاصم ‪:‬‬
‫و ما به قد حكما يمضي و ال * إعذار للزوجين فيما فعال البهجة في شرح التحفة‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪309‬‬
‫‪ -5‬تفسر ابن كبير‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪493‬‬
‫‪ -6‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪153‬‬
‫‪ -7‬ابن العربي‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪423‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪79‬‬
‫الفريق الثاني‪ :‬فيذهب إلى أن الحكمين ينظران في اإلصالح واألخذ والعطاء إال الفرقة‬
‫ف ال يجوز لهما التفريق مطلقا و مهمتهما هي الشهادة و معرفة الظالم من‬ ‫‪1‬‬
‫فإنها ليست لهما‪.‬‬
‫المظلوم و هذا يعني أن الحكمين شاهدان‪.‬‬

‫الفريق األول‪ :‬الحكمان وكيالن‬

‫يرى أصحاب هذا الرأي أن الحكمان ال يفرفان إال رضا الزوجين فيوكل الزوج حكمه‬
‫بطالق و قبول عوض الخلع و توكل حكما يبدل عوض الخلع و قبول الطالق به كسائر الوكالء‬
‫و يفرق الحكمان بينهما إن رأيا صوابا‪.2‬‬

‫و قد روى هذا القول عن علي ابن أبي طالب في خبر مجيء الزوجين و معهما فئام من‬
‫الناس و عن عمر ابن العاص و عبد هللا بن عباس و ابن زيد و عطاء و عن الحسن و أبي ثور‬
‫والسدي‪. 3‬‬
‫‪7‬‬
‫و هو أحد قولي الشافعي‪ 4‬و به قال الحنفية‪ 5‬و هو أشهر قولي الحنابلة‪ 6‬و به قال الطبري‬
‫و أبو الحسن بن المغلس من الظاهرية‪ 8‬و هو قول ابن الحاجب من المالكية‪. 9‬‬
‫و قد استندوا على مجموعة من الحجج ‪:‬‬

‫‪ -‬قوله تعالى " ف ابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها " وهو يدل على أن الذي من‬

‫أهله وكيل له‪ ،‬و الذي من أهلها وكيل لها و بالتالي بطالن قول أن للحكمين أن يجمعا إن شاءا و‬
‫‪10‬‬
‫إن شاءا أن يفرقا بغير أمر الزوجين‬

‫‪ - 1‬الكشاف ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪316‬‬


‫‪ -2‬قحطان عبد الرحمان الروري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪480‬‬
‫‪ -3‬تفسير الطبري‪ ،‬ج ‪ ، 8‬ص‪327‬‬
‫‪ -4‬األم للشافعي‪ ،‬ج ‪ ، 5‬ص ‪194‬‬
‫‪ -5‬الجصاص‪ ،‬ج ‪ ، 2‬ص ‪103‬‬
‫‪ -6‬المغني‪ ،‬ج ‪ 7‬ص ‪49‬‬
‫‪ -7‬تفسير الطبري‪ ،‬ج ‪ 8‬ص ‪329‬‬
‫‪ -8‬ابن حزم ‪ ،‬ج ‪ 10‬ص ‪88‬‬
‫‪ -9‬و قد سبق ذكر رأيه عند الحديث عن أصحاب االتجاه األول الذين يرون أن الحكمين حاكمان ال وكيالن‬
‫‪ -10‬الجصاص‪ ،‬ج ‪ ، 2‬ص ‪231‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪80‬‬
‫‪ -‬قوله تعالى" إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما"‪ .‬ووجه الداللة أن هللا بين سلطة‬

‫الحكمين و مهمتهما فحص بالذكر اإلصالح وحده ولم يذكر معه شيء أخر‪ ،‬و ليس للحكمين أن‬
‫يفرقا ألن هللا لم يقل إن يريدا فرقة‪ .1‬فاهلل عز و جل لم يذكر في اآلية إال اإلصالح و هذا يقضي أن‬
‫ما وراء اإلصالح غير مفوض إليهما‪.‬‬

‫‪ -‬كما استشهدوا ب ما روي عن علي ابن أبي طالب أنه قال للزوج الذي رفض الفرقة كذبت‬
‫و هللا لن تبرح حتى تقر بما أقرت به‪ ،‬فلو كان الحكمان حاكمان لما احتاج علي إلى إذن الزوج‬
‫في ذلك ألن من شأن الحكم أن يحكم دون الرجوع إلى المتخاصمين عند إصدار الحكم ولما كان‬

‫الحكم لعلي لبعث هو حكمين و لم يقل للزوجين "ابعثوا حكمين" و دل هذا على أنه ليس للحاكم‬

‫أن يبعث الحكمين دون رضا الرجل و المرأة بحكمهما‪. 2‬‬

‫‪-‬إن التحكيم قد يؤدي إلى التفريق بين الزوجين إذا تعذر اإلصالح بينهما‪.‬‬

‫و األصل أن الطالق بيد الزوج و أن بدل المال حق للزوجة و هما رشيدان بالتصرف في‬

‫أحد هذين الحقين األول بوكالة منهما أو والية عليهما‪ 3‬فقد قال تعالى" و ال تكتسب كل نفس إال ما‬

‫عليها"‪.‬‬

‫و في هذا الصدد قال ابن حزم" فال يجوز أن يطلق أحد على أحد وال أن يفرق بين رجل‬
‫و امرأته إال حيث جاء النص بوجوب فسخ النكاح"‪ 4‬كما أن الجمع والتفريق ال بد أن يكون برضا‬
‫الزوجين ألنه ال يعرف في اللغة و ال في لسان الشريعة أصلحت بين الزوجين بمعنى طلقتها‬
‫عليه‪.5‬‬

‫في حين يرى الجصاص أنه كيف يجوز للحكمين أن يوقعا خلعا أو طالقا من غير رضاهما‬
‫و قد نص هللا على أن ال يحل أخد شيء مما أعطى إال بطيبة نفس‪.‬‬

‫‪ -1‬تفسير ابن كثير‪ ،‬ج ‪ 1 ،‬ص ‪493‬‬


‫‪ -2‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪79‬‬
‫‪ -3‬تفسير الطبري‪ ،‬ج ‪ ،8‬ص ‪ 331‬ابن رشد‪ ،‬بداية المجتهد و نهاية المقتصد‪ ،‬ج ‪ ، 2‬ص ‪ ،98‬الجصاص‪ ،‬ج ‪234 /2‬‬
‫‪ -4‬ابن حزم‪ ،‬ج ‪ ، 10‬ص ‪88‬‬
‫‪ -5‬ابن حزم‪ ،‬ج ‪ 8‬ص ‪87‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪81‬‬
‫و القائل بأن للحكمين أن يخلعا بغير توكيل من الزوجة مخالف لنص الكتاب قال تعالى "‬
‫يا أيها الذين امنوا ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إال أن تكون تجارة عن تراض منكم"‪. 1‬‬

‫الفريق الثاني الحكمان شهيدان‪:‬‬

‫فحسب هذا االتجاه إن مهمة الحكمين تقتصر على اإلصالح و عند فشله يرفعان تقريرهما‬
‫إلى القاضي ليتخذ ما يراه مناسبا‪.‬‬

‫فالحاكم يرسل الحكمين ليعرف الظالم من المظلوم من الزوجين فيرفعا إلى الحاكم أمرهما‬
‫و يشهدا بما ظهرا لهما ليأخذ على يد الظالم و ليس لهما حق التفريق فال ينفذ طالقهما إال إذا‬
‫رضي به الحاكم و نفذه‪ 2‬فالحكمان مسلوبا حرية التصرف في التفريق بين الزوجين بمحض‬
‫إرادتهما وفق ما يريانه من حل أنسب للزوجين فصالحية الحكمين و سلطاتهما مفقودة و مقيدة‪،‬‬
‫وهذا ما يمكن مالحظته و استنتاجه بكل سهولة و يسر من أقوال الفقهاء المتشبثين بكون الحكمين‬
‫شاهدان و هذا القول مروي عن عباس إذ قال في المرأة التي تنشز على زوجها للزوج أن يخلعها‬
‫حين يأمر الحكمان بذلك‪. 3‬‬
‫و روي أيضا عن الحسن البصري و قتادة حيث قاال‪ :‬إنما يبعث الحكمان ليصلحا فإن‬
‫أعياهما أن يصلحا و شهدا عن الظالم بظلمه ليست لهما فرقة و ال يملكا ذلك‪. 4‬‬

‫كما قال ابن العربي " إنهما شاهدان يرفعان األمر إلى السلطان و يشهدان بما ظهر لهما‬
‫قال الحسن و ابن زيد و ابن عباس و أبو حنيفة الشافعي‪.5‬‬

‫و يعتبر ابن حزم األندلسي زعيم هذا االتجاه الفكري الفقهي فقد قال أن الحكمين شاهدين‬
‫ينهيان إلى الحاكم ما وقفا عليه من أمر الزوجين ليأخذ الحق ممن هو قلبه و يأخذ على يد الظالم‬
‫لكن ليس للحاكمين و ال للحاكم التفريق بين الزوجين‪. 6‬‬

‫‪ -1‬سورة النساء اآلية ‪29‬‬


‫‪ -2‬تفسير الطبري‪ ،‬ج ‪ 8‬ص ‪322‬‬
‫‪ -3‬تفسير الطبري‪ ،‬ج ‪ 8‬ص ‪324‬‬
‫‪ -4‬تفسير الطبري‪ ،‬ج ‪312 8‬‬
‫‪ -5‬ابن العربي‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪425‬‬
‫‪ -6‬ابن حزم‪ ،‬ج ‪ 10‬ص ‪88‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪82‬‬
‫و قد احتجوا بقوله تعالى " و إن خفتم شق اق بينهما ف ابعثوا حكما من أهله و حكما من‬

‫أهلها "‪. 1‬فالخطاب حسب قول أصحاب هذا االتجاه موجه إلى الزوجين و ليس المخاطب‬

‫السلطان أو الحاكم‪ ...‬فإذا اشتد الخالف بين الزوجين سارع الزوج إلى تعيين حكم من أهله‬
‫وسارعت الزوجة إلى تعيين حكم من أهلها ليقوما بمهمة اإلصالح بينهما تنفيذا لتوجيهاتهما و ليس‬
‫للحاكم أو غيره و من باب أولى أن يكون الحكمان كذلك فالحكمان خاضعان في مهمتهما‬
‫اإلصالحية لرقابة الزوجين ‪. 2‬‬

‫و قد اعتبر ابن العربي أن من يرى أن المخاطب في اآلية هما الزوجان ال يفهم كتاب هللا‬
‫و أما من قال أنه السلطان فهو حق‪ . 3‬وليس في اآلية شيء ينسب للحكمين أن يفرقا بين‬

‫الزوجين‪ ،‬ألن ذلك للحاكم لقوله تعالى " و ال تكتسب كل نفس إال ما عليها"‪ 4‬فال يجوز أن يحلف‬

‫أحد على أحد و ال أن يفرق بين رجل و امرأته إال حيث جاء النص بوجوب فسخ النكاح فقط و ال‬
‫حجة في قول أحد دون رسول هللا صلى هللا علبه و سلم‪.‬‬

‫و قد اعتبر ابن حزم أن قيام الحاكم و الحكمين بمهمة غير مهمة اإلصالح بين الزوجين‬

‫تعديا لحدود هللا إذ قال تعالى " و من يتعدى حدود هللا ف أولئك هم الظالمون" ‪.‬‬

‫فالوكالة غير جائزة في الطالق ألن هللا كلما ذكر الطالق خاطب به األزواج ال غيرهم فال‬
‫يجوز أن ينوب غيرهم عنهم ال بوكالة و ال بغيرها ألنه يكون تعد لحدود هللا و ما نعلم من إجازة‬
‫‪5‬‬
‫التوكيل في الطالق عن أحد من المتقدمين إال عن إبراهيم و الحسن‪.‬‬

‫كما استدلوا بقول علي كرم هللا وجهه " كذبت وهللا لتنقلب حتى تقر بمثل ما أقرت به‪ ،‬ويدل‬
‫على مهمة الحكمين مقصورة على اإلصالح بين الزوجين وأن بعث الحكمين ال يتم إال بموافقة‬

‫‪ -1‬سورة النساء اآلية ‪135‬‬


‫‪ -2‬علي منتصر‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪52‬‬
‫‪ -3‬ابن العربي‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪323‬‬
‫‪ -4‬سورة األنعام اآلية ‪164‬‬
‫‪ -5‬ابن حزم‪ ،‬المحلي ج ‪ 10‬ص ‪196‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪83‬‬
‫الزوجين و رضاهما و إال لما اختار سيدنا علي إجبار الزوج على القبول بالوكالة على الفرقة‬
‫فقول الحكمين إنما يكون برضا الزوجين‪.1‬‬

‫و خالصة القول إ ن المقصد األساسي من بعث الحكمين هو إعادة الصفاء و الوفاق بين‬
‫الزوجين فإذا عجزا عن تحقيق ذلك فمن المصلحة أال يتركاهما على ذلك من الخصام والشقاق‬
‫لما في ذلك من فساد يعود عليهما وعلى أوالدهما بالضرر البالغ فمن الخير إذن أن تحل هذه‬

‫الرابطة عسى أن يهيئ هللا لكل منهما من تستقر معه نفسه و تطمئن‪ 2‬مصداقا لقوله تعالى" وإن‬

‫تفرق ا ف ايغن هللا كال من سعته و كان هللا واسعا حكيما"‪. 3‬‬

‫و بذلك يكون الرأي الراجح دليال و حجة عقال و نقال هو الذي يعطي للحكمين حق التفريق‬
‫بين الزوجين‪ .‬لدالئهم القوية و حججهم الدامغة فضال على كون القائلين به هم أدرى بمعاني كتاب‬
‫هللا من غيرهم ألن القران نزل بلسانهم و قد عاشروا فترة نزوله و عرفوا مقاصده من رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه و سلم‪. 4‬‬

‫ونظرا لتغيير الظروف و الواقع المعيش إذ يصعب إيجاد حكم تتوفر فيه كل الشروط المتطلبة‬
‫شرعا ‪. 5‬‬

‫و حول ما إذا كانت تطبق هذه اآلراء الفقهية في التشريعات العربية‪ ،‬نجد أن فمعظم الدول‬
‫تعمل على تطبيق الرأي القائل بأن التحكيم وسيلة للصلح فقط‪ .‬و المغرب من بين هذه الدول التي‬
‫جعلت التحكيم وسيلة للصلح غير ملزمة المادة ‪ 56‬من م ح ش و المادة ‪ 129‬من ق م أ و المادة‬
‫‪6‬‬
‫‪ 95‬من م أ من هنا يتضح أن المشرع المغربي اعتبر سلطة الحكمين سلطة سداد و توفيق فقط‬

‫‪ -1‬الجصاص‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪191‬‬


‫‪ -2‬عبد المؤمن بلباقي‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪131‬‬
‫‪ -3‬النساء اآلية ‪129‬‬
‫‪ -4‬لكن يستحسن في الوقت الحالي قصر مهمة الحكمين على اإلصالح ثم يرفعان تقريرهما متضمنا ما شاهداه و ما عايناه و ما‬
‫اطلعا عليه عن كتب من أحوال الزوجين و ظروفهما و نوعية شقاقهما و يقترحان ما يريان مناسبا و للقاضي سلطة تقديرية في‬
‫األخذ بهذا التقرير و االستئناس به أو اإللقاء به و االستغناء عليه علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،,‬ص ‪137‬‬
‫‪ -5‬النتشار األمية و الجهل و انعدام الوعي بأهمية األسرة و ضعف الوازع الديني كلها أسباب تدفعنا إلى القول بأفضلية إعطاء‬
‫الحكمين صفة وكيل أو شاهد ألنه لو قلنا للحكمين حق الجمع والتفريق بين الزوجين لم يجز أن يكونا إال فقيهين و يمضيان على ما‬
‫يريانه من طالق أو خلع فينفذ ذلك على الزوجين رضياه أم أبياه ‪.‬و إن قلنا أن الحكمين وكيلين جاز أن يكونا من العامة فال يفعالن‬
‫شيئا حتى يأذن الرجل لوكيله فيما يرياه من طالق أو صلح أو تأذن المرأة لوكيلها في الخلع و الصلح عبد الرحمان بن عبد هللا بن‬
‫صالح الدباسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪146‬‬
‫‪ -6‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪317‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪84‬‬
‫و الحق لهما في التفريق بين الزوجين المتخاصمين ألن مهمتهما هي أن يعود الصفاء و الود إلى‬
‫بيت الزوجية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أحكام التحكيم في ق انون األسرة المغربي‬

‫إن التحكيم هو إحد آليات الصلح التي ساهما بشكل كبير في انقاد مجموعة كبيرة من األسر‬
‫قديما و حديثا من التفكك و االنهيار و بالتالي حماية كافة أفراد األسرة من التشرد و الضياع‪.‬‬
‫والتزاما بما جاءت به الشريعة اإلسالمية فقد أكد المشرع المغربي على ضرورة اللجوء إلى هده‬
‫الوسيلة سواء في ضل مدونة األحوال الشخصية أو بعد صدور مدونة األسرة ودلك من أجل‬
‫محاولة السداد والتوفيق بين الزوجين المتنازعين‪ .‬فما هي ادن اإلجراءات المسطرية المتبعة في‬
‫بعث الحكمين للقيام بمهمة التصالح في دعاوي الشقاق بين الزوجين؟ ( الفقرة األولى)‪ .‬و ما هي‬
‫االختصاصات و المهام الموكولة إليهما؟ ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬إجراءات بعث الحكمين‬

‫لقد عالج المشرع المغربي ما يكتنف الرابطة الزوجية من خالفات إلى اللجوء إلى‬
‫الحكمين لإلصالح بين الزوجين في الف ‪ 56‬من م ح ش و المادة ‪ 179‬من ق م م و المواد ‪/82‬‬
‫‪ 96/95‬من م أ‪.‬‬

‫فقد نص الفص ‪ 56‬من م ح ش على ما يلي " على الحكمين أن يتفهما أسباب الشقاق بين‬
‫الزوجين و يبدال جهدهما في اإلصالح فإن أمكن على طريقة معينة قرراها و إذا عجز عن‬
‫اإلصالح رفعا األمر إلى القاضي لينظر في القضية على ضوء تقريرهما "‪.‬‬

‫بينما نص الفصل ‪ 179‬من ق م م على أنه " يجب على القاضي قبل اإلذن بالطالق القيام‬
‫بمحاولة إصالح ذات البين بين الزوجين بكل الوسائل التي يراها ممكنة و منها بعث الحكمين عند‬
‫االقتضاء للسد اد بينهما على الحكمين أن يتفهما أسباب الشقاق بين الزوجين و يبذال جهدهما في‬
‫اإلصالح"‪ 1.‬في حين خولت مدونة األسرة للمحكمة القيام بجميع اإلجراءات إلصالح ذات البين‬

‫‪ - 1‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أ هده المقتضيات قد ألغيت وعوضت بنصوص جديدة مدرجة في مدونة األسرة ‪.‬ويدلك يكون‬
‫المشرع قد وحد أحكام التحكيم ونص عليها في قانون واحد يعد أن كانت متفرقة بين فصول مدونة األحوال الشخصية و قانون‬
‫المسطرة المدنية‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪85‬‬
‫بين الزوجين منها إنتذاب حكمين أو من تراه مؤهال للقيام بمهمة الصلح و التوفيق بين الزوجة‬
‫(م ‪ .)88‬و قد خصت م أ المادة ‪ 95‬و ‪ 96‬لبيان مهمة الحكمين و ما يجب عليهما القيام به‪.‬‬

‫و بإمعان النظر في هذه المقتضيات نجد أن المشرع المغربي لم يحدد تفاصيل اإلجراءات‬
‫المسطرية التي يتعين إتباعها منذ بعث الحكمين إلى انتهاء مهمتهما‪. 1‬‬

‫فقد أغفل ذكر المعايير التي يعتمدها القاضي عند ابتداء الحكمين و كذا الشروط الواجب‬
‫توافرها فيها؟ و هل تنتدبهما المحكمة بمجرد قرار والئي أم يجب أن يتم ذلك بحكم تمهيدي و هل‬
‫يتعين تحليفهما قبل أداء مهمتهما أم ال؟ و ما هي القيمة الحقيقية للتقرير الذي يحرره الحكمان في‬
‫حالة توصلهما إلى الصلح و في اختالفهما في مضمون التقرير أو تحديد المسؤولية و هل يجوز‬
‫لكل حكم أن يحرر تقريرا مستقال عن اآلخر؟ وأين يعقد مجلس التحكيم ؟ و كيف يتم استدعاء‬
‫الزوجي ن لحضوره؟ و ما هي المدة التي ينبغي على الحكمين انجاز لمهمتها؟ و ما هو الحل في‬
‫‪2‬‬
‫حالة عدم تقديم تقرير بعد انصرام المدة المذكورة؟ و هل يجوز للمحكمة أن تمنحها أجال آخر؟‬
‫كلها أسئلة مقلقة حول التحكيم الثنائي كان على المشرع العمل يأخذها بعين االعتبار عند‬
‫صياغته لمدونة األسرة الجديدة‪.‬‬

‫فعدم تحديد شروط الحكمين يجعل القضاء مترددا عند تعيينه للحكمين‪ .‬و حبذا لو‬

‫تبنى المشرع ا لصيغة التي أعدها في مشروع م ح ش المغربية الذي صدر في أواخر الثمانينات‬
‫و ظل حبيس األرشيف فقد كان الفصل ‪ 180‬أكثر توفيقا و دقة ووضوحا من حيث التعبير‪ 3‬من‬
‫الفصل ‪ 56‬من م‪ .‬ح ش و كذا المواد ‪ 95‬و ‪ 96‬من م أ‪.‬‬

‫فقد كان الفصل‪ 180‬ينص على ما يلي " إذا كان الطلب مجردا عن الحجة بعثت المحكمة‬
‫حكما من أهله و حكما من أهلها إن أمكن و إال فمن له خبرة بحالهما و قدرة على اإلصالح‬
‫بينهما"‪.‬‬

‫لكن رغم أن المشرع المغربي لم يحدد الشروط و الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الحكم‬
‫فإن مدونة األسرة تحيل في المادة ‪ 400‬على المذهب المالكي في كل ما لم يرد به نص في المدونة‬

‫‪ -1‬الحسين بن دالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪60‬‬


‫‪ -2‬الحسين بن دالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪60‬‬
‫‪ -3‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪318‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪86‬‬
‫و لذلك فال مناص من الرجوع إلى هذا المذهب لبيان الشروط الواجب توافرها في الحكمين و هي‬
‫كما حددها فقهاء المذهب المالكي العدالة و الذكورة و التفقه و العلم بأحكام الجمع و التفريق بين‬
‫الزوجين و اإلسالم و البلوغ و أن يكونا من أهل الزوجين و إذا كان المشرع المغربي التزم‬
‫الصمت إزاء شروط الحكمين‪ ،‬فإنه بعض التشريعات العربية كانت أكثر وضوحا في هذا المجال‬
‫وحدد بنصوص صريحة جملة من الشروط التي ينبغي على القاضي مراعاتهما عند تعيين‬
‫الحكمين‪ .‬و في طليعة هذه التشريعات نجد التشريع المصري الذي نصت المادة ‪ 70‬من قانون رقم‬
‫‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬المعدل بموجب قانون رقم ‪ 100‬لسنة ‪ 1985‬على ما يلي " يشترط في الحكمين‬
‫أن يكونا عدلين من أهل الزوجين إن أمكن و إال فمن غيرهم ممن له خبرة بحالهما و قدره على‬
‫اإلصالح بينهما"‪.‬‬

‫ومؤدى ذلك أنه يشترط أن يكون الحكمان من أهل الزوجين فإن تعذر ذلك أمكن اختيارهما‬
‫من غير األهل شريطة أن يكونا مما يتصفا بالعدالة و على بينة بحال الزوجين و لديهما القدرة‬
‫على اإلصالح بينهما‪ . 1‬في حين نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 56‬من قانون رقم ‪ 84‬لسنة‬
‫‪ 1984‬على أن يشرط أن يكون من أهل الزوجين‪.‬‬

‫وقد تفرد قانون األسرة الليبي عن باقي التشريعات المغاربية م ‪ 39‬في إسناده مهمة الصلح‬
‫بين الزوجين للحكمين كوسيلة أولى‪ ،‬فالقاضي ال يتولى ذلك إال في الحالة التي يعجز فيها –‬
‫الحكمان ‪-‬عن أداء مهمتهما في حين يعتبر قانون المرافعات التحكيم بموجب الحكمين وسيلة ثانية‬
‫تمارسها المحكمة عند عجزها تحقيق اإلصالح (فصل ‪ 772‬من ق المرافقات الليبي)‪.‬‬

‫و من ايجابيات قانون األسرة الليبي هو ضبطه لمحاولة الصلح بواسطة التحكيم و خاصة‬
‫في ما يتعلق بالشروط التي يجب توافرها في الحكمين و ما يجب عليهما‪.‬‬

‫فقد نصت المادة ‪ 37‬من قانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1984‬على أنه" يشترط في الحكمين أن‬
‫يكونا رجلين عدلين من أهل الزوجين إن أمكن وإال فمن غيرهم و أن يكون ممن لهم خبرة بحالهما‬
‫يقوما بمهمتهما بعدل و أمانة تحدد المحكمة تاريخ بدء و انتهاء مهمتهما بما ال يتجاوز شهرا"‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد نصر الجندي‪ ،‬الطالق و التطليق و آثارهما‪ ،‬دار الكتب القانونية مصر‪ ،‬طبعة ‪ 2004‬ص ‪241‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪87‬‬
‫و قد أحسن المشرع الليبي لما حدد مدة انجاز الحكمين لمهمتيهما و مددها و نحى إلى‬
‫تعيين آخرين بدل األولين في حالة عجزهما و إن دل ذلك على شيء فإنه يدل على رغبته في‬
‫صيانة األسرة و حمايتها‪.1‬‬

‫كما أن مشروع القانون العربي الموحد ينص في مادة ‪ " 109‬يعين القاضي حكمين من‬
‫أهليهما إن أمكن و إال فمن بتوسم فيه القدرة على اإلصالح و يحلفهما اليمين على أن يقوما‬
‫بمهمتهما بعدل وأمانة " ‪. 2‬‬

‫و إذا كان المشرع المغربي لم يوضح شروط الحكمين فإنه في م ح ش في الفصل ‪ 56‬نص‬
‫على شروط خاصة بمسطرة التحكيم رغم أن الف ‪ 175‬جاء خاليا من هذه الشروط و هي رفض‬
‫الشكوى األولى‪ 3‬و عدم إثبات الضرر و استمرار الضرر و تكرر الشكوى ‪ 4‬و هذا ما يستفاد من‬
‫الفصل ‪ 56‬من م ح ش الذي ينص على ما يلي " إذا رفضت طلب التطليق و تكررت الشكوى ولم‬
‫يثبت الضرر بعث القاضي حكمين لسداد بينهما" و هذا يعني أن القاضي ال يبعث الحكمين إال بعد‬
‫توفر هذه الشروط‪ .‬و هذا ما سار عليه المجلس األعلى في أحد قراراته الذي جاء فيه " إن‬
‫المشرع قصر بعث الحكمين على ما إذا تعذر ثبوت الضرر و تكرر الرفع حسب الفقرة الثانية من‬
‫الف ‪ 56‬من م ح ش أما إذا ثبت الضرر الذي ال يستطاع معه دوام العشرة فان القاضي يطلق على‬
‫الزوج بمقتضى الفقرة األولى من نفس الفصل المذكور" ‪. 5‬‬

‫و في قرار آخر أكد أن " بعت الحكمين ال يكون إال مع تكرار رفع الشكوى و تعذر ثبوت‬
‫الضرر و أن التعذر ال يتحقق إال بتكليف المدعية بإثبات الضرر و يدعى التعذر و تقوم قرينة‬
‫على ذلك التعذر و هو األمر الذي ال يتوفر في النازلة و يستمر قائال" و حيث أن توفر شرط‬

‫‪ -1‬عبد الخالف أحمدون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪370‬‬


‫‪ -2‬المجلة العربية للفقه و القضاء‪ ،‬العدد السابع ‪ ، 1997‬ص ‪45‬‬
‫‪ -3‬و قد خص البعض هذا الرفض بحالة العجز عن االثباث فقط ال مطلق الرفض إذ الرفض مقيد بهذا الوضع ‪.‬‬
‫فحتى حسن مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪45‬‬
‫‪ -4‬و المقصود بتكرار الشكوى هو أن ترفع دعوى التطليق للضرر مرتين و هو ما سار عليه االجتهاد القضائي المغربي‬
‫‪ - 5‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 130‬صادر بتلريخ ‪ 1921- 7 -5‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 23‬السنة الرابعة‬
‫‪ 1921‬ص ‪ - 38‬أحمد الخمليشي‪ ،‬التعليق على ق ح ش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪385‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪88‬‬
‫تكرار شكوى بالضرر مع عدم إثباته مفقود سواء في المراحل االبتدائية أو في المرحلة االستئنافية‬
‫بالمعنى الوارد في الف ‪ 56‬من ح ش مما يجعل القرار المطعون مجانب للصواب‪.1‬‬

‫و هي قرارات غير سليمة و مجانية للصواب ألن الصلح إجراء أولي يقتضي االستعانة‬
‫بالحكمين فكيف يعقل أن بعث الحكمين إجراء ال يتم اللجوء إليه إال بعد رفض القاضي لطلب‬
‫التطليق و بعد تكرار الشكوى و عدم ثبوت الضرر‪ 2‬؟‬

‫فالقضاة بنهجهم لمسطرة الصلح في الدعوى األولى لم يرتكبوا إثما و لم يخالفوا مقتضيات‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬خصوصا و أن المصدر الشرعي يحث على ضرورة بعث الحكمين لإلصالح‬
‫بين الزوجين في جميع الحاالت دون قيد أو شرط ‪ .‬بل أكثر من ذلك هناك بعض الفقهاء الذين‬
‫يرون أنه يجب على القاضي بعث الحكمين بمجرد الخوف من شقاق الزوجين ال ينتظر ارتفاعه‬
‫قال ابن العربي" إذا علم اإلمام من حال الزوجين الشقاق لزمه أن يبعث إليهما حكمين و ال ينتظر‬
‫ارتفاعهما ألن ما يضيع من حقوق هللا أثناء ما ينظر رفعها إليه ال جبر له"‪ .3‬و هناك بعض‬
‫التشريعات التي تسير في االتجاه الذي نهجه المشرع المغربي و هو عدم التجاء القاضي إلى‬
‫التحكم في النزاع بين الزوجين إال إذا تكرر من الزوجة طلب التفريق إلضرار الزوج بها بعد‬
‫رفض طلبها األول مع عجزها عن إثبات ما تضرر منه‪.4‬‬

‫فالمادة السادسة من القانون المصري رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1925‬و المعدل بموجب قانون رقم‬
‫‪ 100‬من‪ " 1985‬إذا ادعت الزوجة أضرار الزوج بها بما ال يستطاع معه دوام العشرة بين‬
‫أمثالها يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق و حينئذ يطلقها طلقة بائنة إذا ثبت الضرر ثم‬
‫تكررت الشكوى و لم يثبت الضرر بعث القاضي حكمين على الوجه المبين في المواد‪ 7:‬و‪8‬‬
‫و‪ 9‬و‪ 10‬و‪. 11‬‬

‫‪ - 1‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 176‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬مارس ‪ 1978‬قضية عدد ‪ 646-86‬أشار إليه أحمد الخمليشي التعليق على‬
‫ق ح ش المرجع السابق ص ‪341‬‬
‫‪ -2‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المجلة المغربية لالقتضاء و القانون‪ ،‬ع ‪ 5‬لسنة ‪ 2002‬ص ‪18‬‬
‫‪ -3‬ابن العربي‪ ،‬أحكام القران‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪176‬‬
‫‪ -4‬فتحي حسن مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪43‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪89‬‬
‫كما أن الفصل ‪ 25‬من مجلة األحوال الشخصية التونسية نص على أنه إذا اشتكى أحد‬
‫الزوجين من األضرار و ال بنية له و أشكل على الحاكم تعيين الضرر يعين حكمين و على‬
‫الحكمين أن ينظرا فإن قدرا على اإلصالح أصلحا و يرفعان األمر إلى الحاكم في كل األحوال"‪.‬‬
‫لكن هذا التحكيم بقي حبرا على ورق دون أن يطالب به المتقاضون أو أن تحكم به المحكمة من‬
‫تلقاء نفسها و لعل السبب في ذلك هو تقيد التحكيم بمجموعة من الشروط‪.1‬‬

‫في حي ن نجد بعض التشريعات األخرى ألزمت القاضي بعث الحكمين دون أية شروط‬
‫كالقانون الليبي في المادة ‪. 36‬‬

‫و اشترط مثل هذه الشروط من شأنه أن يعمل على تعقيد األمور و تفويت الفرصة عن‬
‫الحكمين‪ 2‬و فيه تشديد و تضييق على الزوجة و إطالة أمد النزاع حيث تجبر على طرق باب‬
‫القضاء مرتين مع ما في ذلك من تضييع للوقت و الجهد والمال‪ ،‬زيادة على إجبارها على تحمل‬
‫أذى الزوج بها طيلة هذه المدة كما أنه يخالف النص القرآني‪.3‬‬

‫لكن بعد صدور مدونة األسرة ألغى المشرع المغربي تلك الشروط و أوجبا اللجوء إلى‬
‫التحكيم كلما حصل خالف أو نزاع بين األزواج يخشى من حصول الشقاق و هذا بخالف م ح ش‪.‬‬
‫و من ثم لم ي عد هناك أي مبرر لالستمرار في تكريس بعض االجتهادات القضائية للحيلولة دون‬
‫االستجابة لدعوى الزوجة لطلب التطليق للضرر كاشتراط تكرار الضرر و أن يكون ما زال‬
‫مستمرا و غير منقطع و إثبات عدم مشروعية سبب الضرر‪. 4‬‬

‫و بذلك تكون مدونة األسرة أخذت بما ذلت عليها اآلية صراحة أو هي األولى بالتطبيق الن‬
‫في ذلك حفاظا على الزوجية بالقدر المستطاع‪.‬‬

‫كانت هذه إذن إجراءات بعث الحكمين فكيف تتم عملية اإلصالح التي تقوم بها الحكمان؟‬

‫‪ -1‬ساسي بنحليمة‪ ،‬المحاولة الصلحية علي معني الف ‪ 32‬من مجلة األحوال الشخصية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪23‬‬
‫‪ -2‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪172‬‬
‫‪ -3‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪297‬‬
‫‪ -4‬إدريس الفاخوري‪ ،‬دور اإلرادة في إنهاء عقود الزواج‪ ،‬مجلة القصر الملف‪ ،‬عدد ‪ 4‬شتنبر ‪ 2004‬ص‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪90‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مهام الحكمين‬

‫لقد تولى المشرع المغربي بيان مهام و اختصاصات الحكمين من خالل الفصل ‪ 56‬من م ح ش‬
‫والمادة ‪ 95‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫فقد نص الف ‪ 56‬على أنه " يجب على الحكمين أن يتفهما أسباب الشقاق بين الزوجين‬
‫ويبذال جهدهما في اإلصالح فإن أمكن على طريقة معينة قرارها و إذا عجز عن اإلصالح رفع‬
‫األمر إلى القاضي لينظر في القضية على ضوء تقريرهما"‪.‬‬

‫في حين أكدت المادة ‪ 95‬من م ا على ما يلي‪ ":‬يقوم الحكمان أو من في حكمهما باستقصاء‬
‫أسباب الخالف بين الزوجين يبدل جهدهما إلنهاء النزاع"‪.‬‬

‫إذا توصل الحكمان إلى اإلصالح بين الزوجين حررا مضمونه في تقرير من ثالث نسخ‬
‫بوقعها الحكمان و الزوجان و يرفعانها إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة منه‬
‫وتحفظ الثالثة بالملف و يتم اإلشهاد على ذلك من طرف المحكمة"‪.‬‬

‫و من خالل هذه النصوص يتجلى أن أول عمل يقوم به الحكمان بعد تعيينهما هو السعي‬
‫إلصالح ذات البين بين الزوجين و تأليف قلبهما على المودة و حسن المعاشرة‪ ،1‬من خالل‬
‫التعرف على أسباب الخالف و دوافعه و خلفياته من أجل إنهاء النزاع المستحكم بينهما بكل وجه‬
‫أمكنهما‪.2‬‬
‫و لنجاح الحكمين في مهمتهما اإلصالحية يجب عليهما أن ينويا اإلصالح و يخلصا في تلك النية‬
‫لوجه هللا تعالى إذ من حسنت نيته أصلح هللا مبتغاه و كان سببا في حصول ما يرمي إليه من‬

‫إصالح‪ 3‬و ألدل على ذلك قوله تعالى" إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما"‪ 4‬ففي ذلك إرشاد إلى‬

‫المهمة الكبيرة الملقاة على عاتق الحكمين و المتمثلة في بذل الجهد لإلبقاء على بيت الزوجية قائما‬
‫و حفظه من الدمار الذي يحل به في حالة الفرقة و اطمئنانا لنفوس الحكمين من اإلحساس‬
‫بالوصول إلى الغاية المنشودة‪ ،‬و أن التوفيق رائدهما و مصاحبهما فال يتسرعان و ال يسأمان و ال‬
‫‪ -1‬محي الدين عبد الحميد‪ ،‬األحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية مع اإلشارة إلى مقابلها في الشرائع األخرى‪،‬الطبعة الثانية‬
‫‪ 1958‬ص ‪318‬‬
‫‪ -2‬عبد الهادي إدريس أبو األصبع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪166‬‬
‫‪ -3‬غزة رشاد قطورة‪ ،‬التحكيم في ضوء الشريعة اإلسالمية طبعة ‪ 1994 - 1414‬ص ‪46‬‬
‫‪ -4‬سورة النساء اآلية ‪35‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪91‬‬
‫يضيق صدرهما بما يسمعان بل عليهما أن يحتمال كل ما يعتريهما في سبيل إرادة اإلصالح‬
‫وتحري العدل و العمل على إنقاذ األسرة و ال بد من بعد وعد هللا أن يصال إلى ما يحب ويرضاه‪.1‬‬
‫فقد روي عن عمر ابن الخطاب أنه بعث حكمين للتوفيق بين الزوجين فعادا خائبين فغضب عمر‬
‫و قال‪ :‬كذبتما‪ ،‬بل لم تكن لكما إرادة صادقة في اإلصالح و لو كانت لكما لبارك هللا سعيكما فإن‬

‫هللا سبحانه و تعالى يقول" إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما" فخجل الرجالن و أعادا سعيهما‬

‫بإرادة صادقة و عزيمة قوية وألقى هللا تعالى ما شاء من الوفاق بين الزوجين و نجح الحكمان في‬
‫إعادة الود و محو الشقاق‪ .‬فكأن ذلك يعني أن عدم تفوق الحكمين في مهامهما يدل على أنهما قد‬
‫دخال بنية عدم اإلصالح و في ذلك لفت واضح لكل حكم بأن ينتبه إلى جالل المهمة الموكولة‬
‫إليه‪.2‬‬
‫و من أجل اإلحاطة بظروف الزوجين وواقعهما إحاطة شاملة كافية تسمح بسبر أغوار‬
‫عالقتهما و معرفة كنه شقاقهما‪ ،3‬يمكن للحكمين التردد على الزوجين و أن يدخل عليها المرة بعد‬
‫المرة‪ ،4‬و أن يعقدا جلسات متكررة و مقابالت متعددة لالطالع على أحوالهما و االستماع إلى‬
‫أقوالهما لتكوين فكرة على أسباب الشقاق و المتسبب فيه‪ .‬و ال ضير في انفراد الحكم بقريبه إذا ما‬
‫بدا له ذلك ضروريا للكشف عن بعد األمور التي لم يرد أحد الزوجين الكشف عنها بمحضر‬
‫شريكه‪.5‬‬
‫لكن يستحسن أن ال ي الزم الحكمان الزوجان باستمرار قصد إتاحة الفرصة لهما عسى أن يتداركا‬
‫األمر و يعمالن على إعادة النظر في حياتهما المشوبة باألخطاء المؤدية إلى الشقاق لعل الضمير‬
‫يتحرك فيحاسب كل واحد منهما نفسه و يندم و يتراجع عن موقفه‪.6‬‬

‫و للحكمين سلطات واسعة في مجال اإلصالح إذ بإمكانهما القيام بأي إجراء للوصول إلى‬
‫التوفيق بين الزوجين لمنع تشتيت األسرة‪ ،‬فيشعرانهما بتفاهة الخالف القائم بينهما و يذكرانهما‬

‫‪ -1‬محمد صادق عفيفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 210‬و أيضا عبد الخالق أحمدون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪362‬‬
‫‪ -2‬محمد متولي شعراوي‪ ،‬أحكام األسرة و البيت المسلم‪ ،‬مكتب التراث اإلسالمي القاهرة طبعة ‪ 2001-1422‬ص ‪272‬‬
‫‪ -3‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪207‬‬
‫‪ -4‬محمد ابن معجوز المزغراني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪242‬‬
‫‪ -5‬الحسين العلمي‪ ،‬مسطرة الشقاق في ظل مدونة األسرة‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬عدد‪ 32‬دجنبر ‪ ، 2004‬ص ‪170‬‬
‫‪ -6‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪208‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪92‬‬
‫بوجوب حسن المعاشرة و التزام المعروف و أحكام الشرع في صلتهما ببعضهما البعض‪ .1‬نظرا‬
‫ألهمية و قدسية الرابطة الزوجية ألن فك العصمة من أبغض الحالل عند هللا و أن السعي إلى ذلك‬
‫فيه هدم لألسرة‪ ،‬و أن استمرار الشقاق وحصول الطالق سينعكس سلبا على أطفالهما و يعرضهم‬
‫للتشرد و سوء الحالة و غير ذلك من األمور التي من شأنها إذابة الخالف و إحالل الود بدل التنافر‬
‫‪2‬‬
‫و الجفاء‪.‬‬

‫و إلنجاح فرص المحاولة الصلحية يمكن للحكمان أن يستأنسا بتوجيهات القاضي و أهل‬
‫الفضل من الجيران ة األقارب و األصدقاء و كل من له عالقة و صلة و معرفة بالزوجين‪ 3‬قصد‬
‫تلمس األسباب الحقيقية التي كانت وراء نشوب النزاع بين الزوجين‪ ،‬رغم أن المشرع المغربي لم‬
‫يشر إلى دور الجيران في مسطرة الصلح‪.‬‬

‫في حين نجد بعض التشريعات العربية التي تنص على إمكانية االستعانة بالجيران كالقانون‬
‫األردني في المادة ‪ 132‬التي تنص على ما يلي "يبحث الحكمان أسباب الخالف و النزاع بين‬
‫الزوجين معهما أو مع جيرانهما أو مع أي شخص أخر يرى الحكمان فائدة في بعثهما معه"‬

‫و استعانة ال حكمين بالجيران من أجل تحقيق الصلح بين الزوجين يجب أن يكون داخل‬
‫األجل التي تحدده المحكمة طبقا إلى المادة ‪ 96‬من قانون األسرة ‪.‬‬

‫فعلى المحكمة أن تعين للحكمين مهلة مناسبة تراعى في تحديدها رغبة المشرع في تسريع‬
‫آليات التقاضي مع منح الحكمين فرصة مواتية إلجراء الصلح تكون كافية الستقصاء أسباب‬
‫الخالف بين الزوجين و بدل الجهد إلنهاء النزاع صلحا‪ 4‬و هذا ما لم تكن تتضمن المدونة السابقة‬
‫بحيث لم تهتم بتحديد األجل الذي يتعين على الحكمين أن ينجزا خالله مهمتهما و تركته خاضعا‬
‫للسلطة التقديرية لكل قاض‪.‬‬

‫و إذا نجح الحكمان في تحقيق المصالحة بين الزوجين المتنازعين حررا تقريرا مفصال من‬
‫ثالث نسخ يضمنان فيه أسباب الشقاق والحلول المتفق عليها إلنهائه‪ 5‬ويوقعه الحكمان والزوجان‬

‫‪ -1‬محمد بن معجوز‪ ،‬المرجع االسابق‪ ،‬ص ‪242‬‬


‫‪ -2‬الحسين العلمي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪170‬‬
‫‪ -3‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪211‬‬
‫‪ -4‬يوسف بناصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪37‬‬
‫‪ - 5‬نادية لمزاوير ‪ ،‬المرجع السابق‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪93‬‬
‫و يرفعانه إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة منه و تحتفظ بالثالثة في الملف‬
‫ويتم اإلشهاد على ذلك من طرف المحكمة‪.‬‬

‫أما إذا لم يتفوقا في مسعاهما و تعذر عليهما اإلصالح بين الزوجين فإن المشرع أوجب أن‬
‫يرفعا تقريرا مستوفيا للشروط القانونية إلى المحكمة التي انتبذتهما يتضمن تصريح الزوجين‬
‫وهويتهما الكاملة و هل هناك أطفال أم ال؟ و هل الزوجة حامل أم ال؟ و سبب الشقاق و مسؤولية‬
‫كل من الزوجين عن الشقاق و يقترحان على المحكمة الحلول التي يريانها مناسبة لحل النزاع‬
‫وغير ذلك من البيانات التي قد تساعد األسرة على تحديد مستحقات الزوجة واألطفال ‪ .‬وهذا يعني‬
‫أن المشرع لم يبح للحكمين أن يحكم بنفسهما في ما إذا عجزا عن اإلصالح وإنما أوجب عليهما أن‬
‫يرفعا تقريرهما إلى القاضي‪.‬‬

‫و قد سارت المدونة على قول الشافعي و أبي حنيفة الذين يريان أن الحكمين مجرد شاهدين‬
‫مهمتهما أن يرفعا األمر إلى القاضي‪ 1‬و حيث أن المدونة اعتبرت الحكمين شاهدين ال قاضيين فإن‬
‫ما قرراه ال يلزم القاضي في شيء و له أن يحكم بنقيض ما اقترحاه وكأن الغاية من مهمتهما تجلية‬
‫األمور و تقريب أسباب الشقاق إلى علمه‪ 2‬أما إذا تعذر على الحكمين تقديم تقريرهما داخل األجل‬
‫المحدد لهما أو تباينت وجهات نظرهما عند تسطير محتوى التقرير أو على مستوى تحديد‬
‫المسؤوليات مما يجعل تقريرهما غير كامل أو غير محرر أصال و بما أن األمر يتطلب إما فض‬
‫النزاع بالصلح و عند تعذره بالتطليق عوض ترك الزوجين في االنتظار نتيجة تماطل الحكمين أو‬
‫خالفهما‪ 3‬في هذه الحالة فإن المحكمة بمقدورها إجراء بحث إضافي بجميع الوسائل المجدية التي‬
‫تراها مالئمة في هذا الشأن‪ 4‬كل ذلك من اجل اتقاء شر الطالق و ما قد ينتج عنه‪.‬‬

‫و بالنسبة للتشريعات العربية نجد القانون الليبي رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1984‬في المواد‪ 36‬إلى‪39‬‬
‫أسند مهمة إصالح بين الزوجين للحكمين تعينهما المحكمة وعند عجزهما عن تحقيق دلك يرفعان‬
‫إلى المحكمة ما يقررانه مع األسباب المؤدية إلى الشقاق ‪ .‬وفي هذه الحالة تتولى المحكمة‬
‫المختصة الفصل في النزاع ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 234‬و أيضا محمد بن معجوز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.242‬‬
‫‪ -2‬محمد بودالحة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪538‬‬
‫‪ -3‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪158‬‬
‫‪ -4‬يوسف بنباصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪32‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪94‬‬
‫و نفس النهج سارت عليه المشرع التونسي الذي قصر مهمة الحكمين على اإلصالح فقط‪ 1‬وهو‬
‫أيضا ما جاء في المذكرة التوضيحية لمشروع القانون العربي الموحد‪.2‬‬

‫و على عكس القانون المغربي الذي يتسم بطابع العمومية و عدم الدقة و التوضيح فيما‬
‫يحض اإلجراءات المسطرية المتعلقة ببعث الحكمين لإلصالح بين الزوجين نجد القانون المصري‬
‫‪3‬‬
‫كان أكثر جرأة إذ عمل على توضيح مهمة الحكمين بنوع من التفصيل‬

‫وعلى كل حال فإذا كانت كل من الزوجين يريد استمرار الحياة الزوجية ويحرص على‬
‫بقائها فال شك وأن الحكمين سيجدان وجها للتوفيق بينهما‪ .‬أما إذا كان كل منهما أو أحدهما راغبا‬
‫عن استمرار الزواج‪ ،‬عازما على االنفعال فإنه مهما حاول المصلحون نصحه و وعظه سيتمسك‬
‫برأيه و يتعنت و برفض كل اقتراح ويعرقل كل محاوالت اإلصالح وعندئذ البد مما ليس له من‬
‫بد‪ .4‬وهذا ما ينهجه القضاء في مختلف المحاكم المغربية ‪.5‬‬

‫فالحكمان يلعبان دورا هاما في مجال اإلصالح بين الزوجين و يخففان العبء عن القضاة‬
‫ويقلالن من معاناة األطراف ‪،‬لكونها أقدر على اإلصالح من القاضي الطالعهما على أحوال‬
‫الزوجية من جهة ولتفرغها لهذه المهمة من جهة أخرى والتصالهما بالزوجين من جهة ثالثة ‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى الحكمين فقد أوجد المشرع آلية أخرى لحماية األسرة من التفكك عن طريق‬
‫مساعدة الزوجين للوصول إلى حل ودي لخالفاتهما‪ .‬فما هي هده اآللية؟‬

‫‪ -1‬إذ جاء في الفصل ‪ 25‬من القانون ‪ 1993‬ما يلي"إذا اشتكى أحد الزوجين من األضرار و ال بينة له و أشكل على الحاكم تعين‬
‫الضرر بصاحبه يعين حكمين وعلى الحكمين أن ينظرا فإن قدرا على اإلصالح أصلحا و يرفعا األمر إلى الحاكم في كل األحوال"‪.‬‬

‫‪ -2‬في المادة ‪ 110‬التي تنص على أنه "على الحكمين تقصي أسباب الشقاق و بدل الجهد لإلصالح بين الزوجين‬
‫يقدم الحكمان إلى القاضي تقريرا عن مساعيهما و اقتراحاتهما متضمنا مدى إساءة كل الزوجين أو أحدهما لألخر" المجلة العربية‬
‫للفقه و القضاء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪26‬‬
‫‪ -3‬من خالل المادة‪ 10‬من القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬المعدل بموجب القانون رقم ‪ 100‬لسنة ‪ 1985‬فقد جاء فيها " إذا عجز‬
‫الحكمان عن اإلصالح‪:‬‬
‫‪ -‬فإن كانت اإلساءة كلها من جانب الزوج‪ ,‬اقترحا الحكمان التطليق بطلقة بائنة دون مساس بشيء من حقوق الزوجة‬
‫المترتبة على الزواج و الطالق‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كانت اإلساءة كلها من الزوجة اقترحا التطليق نظير بدل مناسب يقدرانه تلتزم به الزوجة‪.‬‬
‫‪ -‬و إذا كانت مشتركة اقترحا التطليق دون بدل أو ببدل يتناسب مع اإلساءة‪.‬‬
‫‪ -‬وإن جهل الحال فلم يعرف المسيء منهما‪ ،‬اقترحا الحكمان تطليق دون بدل ‪.‬‬
‫‪ -4‬يحي عبد هللا المعلمي ‪ ،‬المرأة في القران الكريم ‪ ،‬منشورات دار صبري الرياض ‪ 1991-1412-‬ص‪39‬‬
‫‪ -5‬حكم المحكمة االبتدائية بمكناس رقم ‪ 825‬في ملف رقم ‪ 25-04-568‬الصادر بتاريخ ‪ 8‬يوليوز‪ 2004‬غير منشور‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪95‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مجلس العائلة ودوره في التوفيق بين الزوجين‬

‫لقد جعل المشرع المغربي مجلس العائلة من بين الجهات التي يمكن للقاضي االستعانة بها‬
‫عند البث في قضايا األسرة من أجل اإلصالح بين الزوجين في حالة الطالق أو التطليق ‪.‬‬

‫وقد تم إحداث مجلس العائلة بموجب الفصل ‪ 56‬مكرر من م‪.‬ح‪.‬ش‪.‬المعدلة بظهيرة‬


‫‪1‬‬
‫_‪ 1993_9‬وقد حدد مقتضيا هذا المجلس وأحكامه بمقتضى مرسوم ‪. 1994_12_26‬‬
‫و بعد صدور مدونة األسرة نصت المادة ‪ 251‬على إحداث مجلس العائلة و تناط به مهمة‬
‫مساعدة القضاء في اختصاصاته المعلقة بشؤون األسرة‪ ،‬و يحدد تكوينه و مهامه بمقتضى نص‬
‫تنظيمي" و قد صدر فعال مرسوم ‪ 14‬يونيو ‪،2 2004‬الذي تولى تحديد مهام المجلس ناسخا بذلك‬
‫المرسوم السابق‪.‬‬

‫و كيف يتشكل مجلس العائلة؟ و ما هي االختصاصات التي أنيطت به؟‬

‫هذا ما سأحاول دراسته من خالل مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تكوين مجلس العائلة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مهام مجلس العائلة‬

‫‪ - 1‬مرسوم رقم ‪.2 .94 .31‬الصادر بتاريخ ‪ 26‬دجنبر ‪1994‬‬


‫‪ -2‬مرسوم رقم‪ 2-04-88‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬يونيو ‪.2004‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪96‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تكوين مجلس العائلة‬
‫إن حضور مجلس العائلة من الناحية التشريعية كان و ال يزال يشكل حضورا قويا في‬
‫مسطرة الصلح سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد خروج مدونة األسرة حيز التطبيق‪.‬‬
‫وقد حدد المرسوم المنظم للمجلس تركيبته الهيكلية والشروط الالزم توفرها في كل أعضائه‬
‫(الفقرة األولى)‪.‬‬
‫كما عمل على توضيح اإلجراءات الواجب إتباعها النعقاد مجلس العائلة(الفقرة الثانية)كل‬
‫ذلك من أجل مساعدة القاضي على تدليل كل العقبات التي تحول دون استمرار العالقة الزوجية‬
‫في جو يسوده الهدوء و الطمأنينة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شروط أعضاء مجلس العائلة‬

‫لقد أنيطت بمجلس العائلة مهمة مساعدة القضاء في القضايا المتعلقة بشؤون األسرة و التي‬
‫ال تنفع معها المساعي الحميدة و المبادرات الشخصية للقاضي وال تجدي معها التدخالت العائلية‬
‫لرأب الصدع‪.1‬‬

‫وقد حدد المادة األولى من مرسوم ‪ 1994‬األعضاء المكونين لهذا المجلس و هم القاضي‬
‫بصفته رئيسا و األب أو األم أو الوصي أو المقدم‪ ،‬باإلضافة إلى أربعة أعضاء يعينهم القاضي من‬
‫بين األقارب أو األصهار بالتساوي من جهة األب وجهة األم أو جهة الزوج والزوجة حسب‬
‫األحوال‪.‬‬

‫وإذا تعذر توفرهم من الجهتين أمكن تكوين هذا المجلس من جهة واحدة‪.‬‬

‫وبمقارنة المادة األولى من مرسوم ‪ 1994‬بنظيرتها التي نص عليها مرسوم ‪ 2004‬يالحظ‬


‫أن هذا األخير قد احتفظ بنفس التركيبة دون أي تغيير يذكر‪ ،‬باستثناء إحالل عبارة رئيس مجلس‬
‫العائلة في المرسوم الجديد بدل عبارة القاضي‪ ،2‬فقد نصت المادة األولى من مرسوم ‪ 2004‬على‬
‫ضرورة توفر أربعة أعضاء"يعينهم رئيس مجلس العائلة"‪.‬‬

‫‪ -1‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪328 ،‬‬


‫‪ -2‬محمد أوراغ‪ ،‬أهمية مجلس العائلة على ضوء مدونة األسرة و المرسوم المنظم له‪ ،‬مجلة رسالة الدفاع العدد الخامس ‪2004‬‬
‫ص ‪119‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪97‬‬
‫لكن بقراءة هذه المادة قراءة متأنية و ربطها بالموضوع العام المتعلق بمحاولة التوفيق بين‬
‫الزوجين يطرح السؤال التالي‪ :‬هل يستطيع القاضي الذي ينظر في طلب الطالق أو التطليق أن‬
‫يدعو مجلس العائلة لالنعقاد بهيكله المحدد في المرسوم المنظم له ويشترك في مهمة إجراء الصلح‬
‫األسري؟ أال يمكن القول أن عدد أعضاء المجلس (األربعة األعضاء باإلضافة إلى القاضي‬
‫بصفته رئيسا و األب و األم‪ )...‬سيتشكل عائقا أمام المجلس أداء مهمته أليس انتقاء أربعة أعضاء‬
‫من باب التعجيز و التعقيد و تطويل المسطرة؟‬

‫فإذا كان القران الكريم المنزل من لدن عزيز حكيم‪ ،‬العالم بأمور عباده استلزم في حالة‬
‫الشقاق بين الزوجين بعث حكمين (حكم من أهله و حكم من أهلها ) أي ما مجموعه اثنين‪ ،‬و مع‬
‫ذلك نالحظ في الحياة العملية‪ ،‬تلك العراقيل و الصعوبات التي تعترض اختيار الحكمين حتى‬
‫وصل األمر إلى درجة االستغناء عن الحكمين واإلكتفاء بمبادرة القاضي‪ .‬أال يشكل من هذا‬
‫المنظور عدد األربعة حاجزا يعيق مسيرة المجلس في إصالح ذات البين؟‪.1‬‬

‫هذا فظال على أن الزوجين قد يتحفظا أو يترددا في الكشف عن األسباب الحقيقية للنزاع‬
‫أمام جمع غفير يدعى مجلس العائلة يصل إلى سبعة أعضاء‬ ‫‪2‬‬
‫لتعلقها بأسرار العالقة الزوجية‬
‫مما يجعل الغاية المتوخاة من هذا المجلس شبه منعدمة أو منعدمة‪.3‬‬

‫وباإلضافة إلى ما سبق بأن هناك صعوبة أخرى تطفو على السطح وهي كيفية انتقاء‬
‫األعضاء األربعة هل يختارون من نفس المراكز االجتماعية و المستويات؟ وكيف يتبنى التوفيق‬
‫بين عقلية البدوي والحضري مع اختالف رؤى كل واحد منهما‪ ،‬و كيف يتأتى تحقيق التفاهم في‬
‫ظل اختالف المستويات االجتماعية و المدارك الثقافية؟ ‪.4‬‬

‫و في حالة تعذر اختيار أعضاء مجلس العائلة من جهتين على قدم المساواة فقد أكد المشرع‬
‫على إمكانية تعيين أعضاء المجلس من جهة واحدة ‪ .‬لكن أال يبدو تكوينه من جهة واحدة عند‬
‫العجز عن الجمع تغليبا و انتصارا لجهة على جهة؟‬

‫‪ -1‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪399‬‬


‫‪ -2‬الحسين العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪169‬‬
‫‪ -3‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ,‬ص ‪358‬‬
‫‪ -4‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪329‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪98‬‬
‫ولكي ينعقد مجلس العائلة و حتى يحقق األهداف السياسية التي كانت وراء إحداثه‪ ،‬ألزم‬
‫المرسوم المنظم لمجلس العائلة الرئيس مراعاة مجموعة من الشروط و المواصفات التي ينبغي‬
‫توفرها في أعضاء المجلس وهي درجة القرابة‪ ،‬و مكان إقامتهم‪ ،‬و سنهم‪ ،‬و مؤهالتهم‪ ،‬وعالقتهم‬
‫باألسرة‪ ،‬ومدى استعدادهم للعناية بشؤونها‪ ،‬وحرصهم على مصلحتها على أن يكون هؤالء‬
‫األعضاء كاملي األهلية‪ .‬و للرئيس الصالحية في تغيير أي عضو من أعضاء مجلس العائلة عند‬
‫اإلقتضاء‪.‬‬

‫و ما نصت عليه المادة الثانية من مرسوم ‪ 2004‬ال يختلف كثيرا عما كان واردا بالمادة‬
‫الثانية من المرسوم القديم الذي ثم نسخه ما عدا ما يتعلق بالتدقيق في العبارة باستعمال الرئيس بدل‬
‫القاضي‪ ،1‬و بمعاينة الشروط الواجب توفرها في أعضاء المجلس نسجل ميزة أساسية و هي‬
‫حرص المشرع على عدم إفشاء أسرار الزوجين و ذلك حينما نص على ضرورة توفر شروط‬
‫القرابة في أعضاء المجلس حتى يكونوا على بينة من الخالف القائم بين الزوجين وعلى دراية‬
‫ومعرفة بكنهه و خفاياه نظرا لقرابتهم منهما‪. 2‬‬

‫لكن هناك من يرى أن شرط القرابة غير ضروري ألن العائلة عندما تكون قادرة على‬
‫اإلصالح وإرجاع المياه إلى مجاريها النتظر الوصول إلى المحكمة لتقوم بهذا الدور‪.3‬‬

‫لكن رغم أهمية الشروط الواجب توافرها التي توضح مدى أهمية الدور الذي سوف يلعبه‬
‫مجلس العائلة أساسيا في المحافظة على الروابط العائلية و تدعيمها و الحيلولة دون تصدع األسرة‬
‫وتفككها‪ .‬من خالل تذويب بوادر الشقاق والعمل على إرجاع المياه إلى مجاريها الطبيعية ومساعدة‬
‫القضاء من أجل اتخاذ قرارات صائبة في صالح جمع شمل األسرة والحفاظ عليها‪.‬‬

‫ورغم أهمية هذه الشروط التي تبدو منطقية و ضرورة فإن توافرها مجتمعة في أعضاء‬
‫المجلس تعترضها مجموعة من العراقيل‪ .‬لكونها شروط صعبة التطبيق في الواقع العملي ألنها‬

‫‪ -1‬محمد أوراغ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪122‬‬


‫‪ -2‬الحسين العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪173‬‬
‫‪ -3‬بشرى العاصمي‪ ،‬قراءة في المدونة‪ :‬جرد و تحليل‪،‬مجلة المنتدى ‪،‬مدونة األسرة تقييم و معالجة‪ ،‬العدد الخامس‪،‬جمادى‬
‫األول‪– 1426‬يونيو‪ 2006‬ص‪55‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪99‬‬
‫صفات ال تتواجد إال في فئات منظمة مؤطرة متمرسة كأصحاب المهن القضائية أو من ذوي‬
‫االختصاص كالخبراء والباحثين االجتماعيين‪.1‬‬

‫وما زاد من تقليل أهمية هذه مجلس العائلة وعدم تفعيله على أرض الواقع ‪ ،‬هو عدم تحديد‬
‫المشرع المغربي المقصود من الشروط الواجب توافرها في أعضائه تحديدا دقيقا‪ .‬مما ترك الباب‬
‫مفتوحا أمام مختلف التفسيرات والتأويالت خصوصا شرط مراعاة مؤهالت األعضاء‪ ،‬فالمشرع‬
‫لم يبين بشكل جلي المقصود بعبارة المؤهالت‪ ،‬فهل تعني المؤهالت الثقافية أو المادية‪...‬؟‬

‫وقد ذهب البعض إلى أن هذه العبارة تنصرف إلى المؤهالت الثقافية ما دام أنه ثم النص‬
‫صراحة على كمال أهلية أعضاء مجلس العائلة‪.‬‬

‫فالمستوى الثقافي ترتب عنه الحكمة والتبصر والرؤية في اإلدالء برأي استشاري يلقى‬
‫أثرا أو وقع حسن في نفسية أطراف العالقة الزوجية‪ .‬وتقدير ذلك في نهاية المطاف يعود إلى‬
‫السلطة التقديرية للقاضي رئيس مجلس العائلة في اختيار أعضاء أكفاء يحرصون على مصلحة‬
‫األسرة‪. 2‬‬

‫وقد أتاحت المادة الثالثة من مرسوم ‪ 2004‬للرئيس الصالحية في تغيير أي عضو من‬
‫أعضاء مجلس العائلة عند االقتضاء‪ ،‬و المشرع في هذا الصدد لم يخرج عما هو مسطر سابقا في‬
‫المرسوم القديم‪.‬‬

‫وتغيير أحد أعضاء مجلس العائلة ال يمكن حمله إال على محمل واحد وهو أن تنعدم شروط‬
‫أحد األعضاء في تحميله لهذه األمانة‪ ،‬كقدح في مروءته أو عجزه أو عدم استجابة لالستدعاء‬
‫بدون مبرر معقول‪ .‬و المالحظ أن المشرع تعامل مع الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس‬
‫العائلة و مدى إمكانية تغييره بنوع من اليسر و عدم التشدد‪.‬‬

‫فقد كان على المشرع أن يأتي بصياغة تفيد الوجوب و اإللزام وليس اإلمكانية (عند‬
‫االقتضاء) من أجل إضفاء المصداقية على أعضاء هذا المجلس للمهام الجسيمة الملقاة على‬
‫عاتقهم‪ ،‬فالعضو غير الصالح يجب إزاحته وال مهادنته‪.3‬‬

‫‪ -1‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪330‬‬


‫‪ -2‬محمد أوراغ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪122‬‬
‫‪ -3‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪330‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪100‬‬
‫وبعد توفر الشروط الضرورية والمحددة في المرسوم في كافة أعضاء هذا المجلس‪ ،‬يتولى‬
‫رئيس المجلس مهمة دعوة كل األعضاء لالنعقاد في وقت و مكان محددين ‪ .‬فما هي إجراءات‬
‫انعقاد مجلس العائلة؟‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬انعق اد مجلس العائلة‬

‫لقد حدد المادة الرابعة من مرسوم ‪ 1994‬كيفية الدعوة إلى انعقاد مجلس العائلة فقد أكد‬
‫على أن المجلس يجتمع بطلب من األم أو القاصر أو بمبادرة من القاضي بناءا على طلب أحد‬
‫أعضائه اآلخرين و كلما دعت الضرورة إلى ذلك ‪.‬لكن بعد صدور مرسوم ‪ 2004‬و يالحظ أنه‬
‫أتى بمستجد هام يتمثل في أعضاء الحق للقاصر بطلب اجتماع مجلس العائلة وهو ما لم يكن‬
‫منصوص عليه في المرسوم القديم‪.‬‬

‫و يالحظ أن مجلس العائلة ال ينعقد بشكل تلقائي و إنما بناء على طلب مقدم إما من طرف‬
‫األم أو القاصر أو الجمهور أو بمبادرة من الرئيس أو بناء على طلب أعضاء المجلس اآلخرين‬
‫كلما دعت الضرورة إلى ذلك‪. 1‬‬

‫و يعمل الرئيس على استدعاء أعضاء المجلس قبل التاريخ المحدد لالجتماع مع بيان‬
‫موضوع االجتماع و يوم و ساعة و مكان انعقاده حسب ما تقتضيه الفقرة الثانية من المادة الرابعة‬
‫من مرسوم ‪ ، 2004‬غير أن المشرع أغفل تحديد األجل الذي يمكن توجيه فيه االستدعاء‪.‬‬

‫فقد كان على المشرع المغربي أن يحتفظ باألجل الذي كان منصوص عليه في المرسوم‬
‫القديم لسنة ‪ 1994‬و المحدد في ثمانية أيام على األقل و النص عليه قصد تفادي ضياع الوقت‬
‫‪2‬‬
‫والعمل على إصالح ذات البين و السهر على شؤون األسرة داخل طرف وجيز‪.‬‬

‫و قد سمحت المادة الخامسة من المرسوم الجديد ألعضاء المجلس إنابة غيرهم من األقارب‬
‫واألصهار في حالة تعذر عليهم الحضور شخصيا‪ ،‬وذلك للقيام بنفس الصالحيات المخولة لهم‬
‫قانونيا وذلك شريطة الحصول على إذن من رئيس المجلس ولم يحدد المشرع كيفية الحصول على‬
‫هدا اإلذن ‪.‬‬

‫‪ -1‬خالد بنيس‪ ،‬قاموس األحوال الشخصية طبعة شركة بابل للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬طبعة‪ 1998‬ص ‪151‬‬
‫‪ -2‬محمد أوراغ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 122‬و أيضا إدريس الفاخوري‪ ،‬الزواج و الطالق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪269‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪101‬‬
‫ويرى البعض أنه ال يتم ذلك إال بناء على تقديم طلب إلى رئيس مجلس العائلة وتستحيل‬
‫موافقته على الطلب واإلذن بالنيابة إال أن ذلك يجب أن يتم داخل أجل معقول ومراعاة لمقتضيات‬
‫المادة الثانية من المرسوم السابق اإلشارة إليها‪. 1‬‬

‫وال يمكن تصور المدة التي يستغرقها تكوين مجلس العائلة ودعوته لالنعقاد والمدة التي‬
‫تستغرقها االعتذارات و اإلنابة في الحضور‪ .‬مما يجعل القاضي مضطرا إلى تأخير الجلسة‬
‫وإعادة استدعاء األعضاء أكثر من مرة‪ ،‬مما يؤدي إلى فوات فرصة التغلب على الشقاق‬
‫واحتوائه في الوقت المناسب‪. 2‬‬

‫وما يتوصل من نتائج خالل اجتماع المجلس يحرر في محضر رسمي يحرره كاتب‬
‫الضبط الذي يحضر االجتماع في سجل خاص‪ ،‬ويوقع مباشرة عند انعقاد االجتماع من طرف‬
‫الرئيس و األعضاء أو يشار إلى امتناع هؤالء عند االقتضاء أو إلى وجود مانع يحول دون توقيع‬
‫المحضر من طرف العضو حسب ما تنص عليه المادة السادسة‪.‬‬

‫والمستجد الذي جاءت بيه هذه المادة يتجلى في اإلشارة إلى وجود مانع يحول دون التوقيع‬
‫و هو ما لم يكن منصوص عليه في المادة السادسة من مرسوم ‪.1994‬‬
‫ومع ذلك فالمادة السادسة من مرسوم ‪ 2004‬لم تصل إلى الدرجة المطلوبة من الدقة والوضوح‬
‫وتحقيق الغاية المتوخاة منها‪.‬‬

‫فقد أغفلت التنصيص على توقيع كاتب الضبط على المحضر‪ ،‬فحسب هذه المادة فكاتب‬
‫الضبط معفي من التوقيع ما دام النص صريح لم يكلفه ذلك‪.‬‬

‫إال أنه من المستحسن تديل المحضر بتوقيع كاتب الضبط باعتبار حضوره في االجتماع‬
‫وتدوين دلك بكل صدق و أمانة خصوصا توقيعه لن ينقص من القيمة القانونية للمحضر‪.3‬‬
‫لكن أال تعتبر حفظ السجل الممسوك لتدوين نتائج اجتماعات مجلس العائلة بكتابة الضبط ألسرار‬
‫العائالت‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد أوراغ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪123‬‬


‫‪ -2‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪359‬‬
‫‪ -3‬محمد أوراغ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪123‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪102‬‬
‫خصوصا إذا علمنا أن سجالت المحاكم يمكن االطالع عليها بكل يسر و بسهولة من طرف‬
‫العاملين بالمحكمة أو المترددين عليها كالمحامين و أصحاب المهن الفضائية ‪ ،‬وهو ما سيفضي ال‬
‫محالة إلى اإلطالع على ما ال يجوز اإلطالع عليه من أسرار و خفايا العائالت ‪ .‬لقد كان على‬
‫المشرع و هو بصدد إحداثه لمجلس العائلة سعيا منه للحيلولة دون تصدع األسرة أن يتخذ كل‬
‫الضمانات و االحترازات حتى ال تتسرب نتائج أشغال المجلس سواء تلك التي تتم شفاهيا أو التي‬
‫تحرر في محضر‪ ،‬و تصبح عرضة تتلقاها األفواه‪.‬‬

‫أما كان من األجدر أن يحتفظ بهذا السجل بمكتب القاضي بدل كتابة الضبط ؟ فاالحتفاظ‬
‫تحت عهدة القاضي و هو األمين على أسرار الناس و أعراضهم و أموالهم و حقوقهم يبدو أدعى‬
‫‪1‬‬
‫للستر و األمان‪.‬‬

‫وأهم ما يمكن مالحظته حول المقتضيات التنظيمية لمجلس العائلة هو عدم إسنادها أي‬
‫دور للنيابة العامة ال عند تكوين المجلس‪ ،‬وال عند دعوته لالنعقاد‪ .‬كما أن النيابة العامة ال تتمتع‬
‫بصالحية التجريح في أعضاء مجلس العائلة و ال يحق لها الطعن في القرارات التي ينتهي إليها‪،‬‬
‫بالرغم من الوظا ئف االيجابية التي تقوم بها مؤسسة الحق العام في المصالح األسرية (المادة ‪53‬‬
‫من مدونة األسرة)‪.‬‬

‫ويمكن أن تتصور حجم المشاكل أي تعترض تكوين مجلس العائلة وتسييره واإلشراف‬
‫على أعماله و دعوته لالنعقاد كلما عرض على القاضي طلب يرمي إلى الطالق أو التطليق وهي‬
‫صعوبات كث يرة و متعددة مرتبطة باألعضاء و أخرى ( عدم الحضور و اإلنابات‪ )...‬باإلضافة‬
‫كثرة أشغال القاضي كل ذلك يجعل هذا األخير مضطرا إلى االستغناء و االكتفاء باإلشارة في‬
‫المحاضر إلى عدم إمكانية انعقاده‪.‬‬

‫وحتى ولو تم التسليم بأن مجلس العائلة قد تكون وحضر كل أعضائه فإن تأديته لمهامه‬
‫تصطدم مع بعض مقتضيات مدونة األسرة مما يجعل مهمته شبه مستحيلة‪.‬‬

‫‪ -1‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪332‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪103‬‬
‫فتحديد مدة ثالثين يوما كأجل يفصل بين محاولتي الصلح التي تقوم بها المحكمة (م ‪)88‬‬
‫غير كاف النعقاد المجلس و دراسة النزاع األسري‪ ،‬وتقديم مقترحات بشأنه خاصة وأن المرسوم‬
‫رقم ‪ 2-04-88‬لم يحدد أي أجل الجتماع مجلس العائلة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى فإن أجل ستة أشهر كأقصى حد للفصل في دعوى الشقاق (م‪ )96‬ال يسمح‬
‫للقاضي بانتداب مجلس العائلة‪ .‬خاصة في غياب أي نص تشريعي يبين لقاضي األسرة المعروض‬
‫عليه طلب الطالق أو التطليق كيف ينسق بين المسطرة القضائية وبين المقترحات التي ينتهي إليها‬
‫ومتى يدعو مجلس العائلة لالنعقاد‪ ،‬وكم مرة يجتمع أثناء سريان مسطرة الطالق أو التطليق؟‬

‫ويمكن القول أن المشرع سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد صدور مدونة‬
‫األسرة عمل على التنصيص على مسطرة التحكيم العائلي كوسيلة إضافية إلى جانب المسطرة‬
‫القضائية من أجل حل النزاع بين الزوجين و بالتالي المحافظة على عش الزوجية من االنهيار‪.‬‬

‫لكن نظرا للتعقيدات التي تكتف المزاوجة بين ما هو قضائي وما هو عائلي األمر الذي‬
‫يجعل القضاة يعزفون عن انتداب مجلس العائلة و يكتفون بتعيين حكمين الستقصاء أسباب‬
‫الخالف بين الزوجين و لبدل جهدهما إلنهاء النزاع صلحا‪.‬‬

‫لكن إذا تم التغلب على كل الصعوبات التي تعترض مجلس العائلة أثناء تأديته لمهمته‬
‫اإلصالحية فإنه بال شك سوف يساعد القاضي في محاولة التوفيق بين الزوجين ‪.‬‬

‫فكيف إذن يساهم مجلس العائلة في حماية األسرة من التفكك و التصدع؟‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مهام مجلس العائلة‬


‫لقد حدد المادة السابعة من مرسوم ‪ 1994‬اختصاصات مجلس العائلة حيث يقوم بالتحكيم‬
‫إلصالح ذات البين إذا خيف الطالق أو التطليق أو الشقاق بين الزوجين‪ .‬و له أيضا أن يبدي رأيه‬
‫في نطاق االختصاصات المسندة للقاضي في الزواج وانحالل ميثاقه والنفقة واألهلية والنيابة‬
‫الشرعية والمسا طير المستحقة باألحوال الشخصية‪.‬‬

‫وقد وسعت المادة السابعة من مرسوم ‪ 2004‬محال اختصاص مجلس العائلة حينما أسندت‬
‫له مهمة إبداء الرأي في كل ما له عالقة بشؤون األسرة وهو مقتضى جديد تضمنته هذه المادة‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪104‬‬
‫خالفا لما كان منصوص عليه في المادة السابعة من المرسوم القديم لسنة ‪ 1994‬ومن خالل هذه‬
‫المادة فإنه تتوفر أمام مجلس العائلة إمكانية التدخل في مجال مهم‪ 1‬لكنها في نفس الوقت – المادة‬
‫‪ 7‬ن مرسوم ‪ -2004‬أغفلت اإلشارة إلى المساطر الخاصة المتعلقة باألسرة والواردة بقانون‬
‫المسطرة المدنية و اكتفت بالتطرق إلى إبداء الرأي في كل ما له صلة بشؤون األسرة‪.‬‬

‫وبالرغم من أهمية المهام الموكولة لهذا المجلس من أجل التدخل إلصالح ذات البين بين‬
‫الزوجين خوفا على األطفال من التصدع األسري و إلرجاع المياه إلى مجاريها وتهدئة النفوس‬
‫فإن المشرع تنبأ بالفشل و أحبط مهامه عندما اعتبر اقتراحاته غير ملزمة بالمرة‪ 2‬فقد نصت المادة‬
‫السابعة على أن مهام مجلس العائلة ال تعدو أن تكون مجرد مهام استشارية تصب في خانة خدمة‬
‫مصلحة األسرة‪.‬‬

‫فقد أشارت المادة الثامنة من المرسوم أنه يمكن صرف النظر عن استشارة مجلس العائلة‬
‫بعد استنفاذ جميع الوسائل لتكوينه دون ذكر لكلمة الرئيس عكس ما كانت تنص عليه نفس المادة‬
‫من المرسوم الذي تم نسخه حيث تشير إلى أنه يصرف القاضي النظر عن استشارة مجلس العائلة‬
‫بعد استنفاذ جميع الوسائل لتكوينه‪.‬‬

‫و اعتبار مهام المجلس استشارية ليس بمقتضى جديد و إنما كان مقررا أيضا في المرسوم‬
‫القديم بمقتضى الفقرة األولى من المادة السابعة كما أن منشور وزير العدل‪ 3‬المفسر لمقتضيات‬
‫الواردة في المرسوم المنشئ لمجلس العائلة كان ينص على أن االقتراحات والمهام التي يقوم بها‬
‫هذا المجلس هي على سبيل االستئناس أثناء نظر القاضي في النزاعات المعروضة عليه دون أن‬
‫تكون ملزمة له بأي حال من األحوال‪.‬‬

‫لذلك لم يفعل هذا المجلس من الناحية العملية فالقضاة غالبا ال يشكلون مجلس العائلة و حتى‬
‫عند تشكيله‪ .‬فإن الغاية المنشودة ال تحقق في أغلب الحاالت نتيجة التنافس بين أفراد األسرتين‬
‫وتعصب كل فريق لمن يمثله‪.4‬‬

‫‪ -1‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬موقف المجلس األعلى من ثنائية الفقه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪237‬‬
‫‪ -2‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الطالق بعد التعديل حصيلة عملية ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪7‬‬
‫‪ -3‬منشور وزير العدل تحت عدد ‪ 59/5‬بتاريخ ‪1995/3/29‬‬
‫‪ -4‬إبراهيم اشهيبات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪59‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪105‬‬
‫وقد تساءل بعض الفقه عن حق عن الجدوى العملية من التنصيص على هذا المجلس في‬
‫الفصل ‪ 156‬مكرر من م ج س و ‪ 251‬من ق أ وفي إيراد المرسوم المحدد لتكوينه وتسييره‬
‫ومهامه و كذا منشور وزير العدل المحدد أيضا لهذه المهام و المفسر لها‪. 1‬‬

‫مما جعل القضاة غير متحمسين مطلقا لتكوين مجلس العائلة للقيام بالدور الذي حدده‬
‫المشرع‪ 2‬و لذلك أصبحت مسطرة الصلح سوى شكليات طقوسية األمر الذي جعلها ال تؤت أكلها‬
‫في الحد من تفاقم ظاهرة الطالق‪. 3‬‬

‫وقد كان على المشرع أن يعطيه سلطة فعلية كمؤسسة مدنية تعزل وتراقب و تحاسب كما‬
‫يجري به العمل في القانون الفرنسي‪.4‬‬

‫أنداك سيكون مجلس آلية مهمة في إطار مسطرة الصلح ويلعب دورا مهما لمساعدة‬
‫القضاء في إيجاد الحلول وإبداء الرأي قصد إنقاذ األسرة ولم شملها باعتبارها مؤسسة اجتماعية‬
‫لها دور أساسي وفعال في تنمية المجتمع من تم حماية األسرة واالعتناء بها عن طريق السعي‬
‫إلنقاذها من التفكك والتصدع فإصالح المجتمع ال يتم إال من خالل إصالح أحوال األسرة وإرساء‬
‫أسس تدعيمها‪.‬‬

‫ولهذا وجب تفعيل النصوص القانونية و إعطائها المعنى الحقيقي الذي توخاه المشرع وذلك‬
‫من الناحية العملية و التطبيقية واللجوء إلى نهج مسطرة الصلح من خالل مجلس العائلة‪.5‬‬
‫فأملي كبير في رجال القضاء بأن يتم التطبيق الفعلي لمهام مجلس العائلة وبالتالي تطبيق‬
‫النصوص القانونية بالشكل المطلوب‪.‬‬

‫وفي حالة فشل المجلس في القيام بالمهمة الملقاة على عاتقه يمكن للمحكمة انتداب كل من‬
‫يراه القاضي مؤهال للقيام بهذه المهمة‪ .‬فالمشرع أعطى للقضاء كامل الصالحية في اختبار أي‬
‫مؤسسة للصلح دون قيد أو شرط وتوسع في ذلك على أبعد الحدود و فتح المجال لكل من يراه‬
‫مؤهال إلصالح ذات البين والغاية من ذلك هو القضاء على ظاهرتي الطالق والتطليق وإصالح‬

‫‪ -1‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الزواج و الطالق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪270‬‬


‫‪ -2‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪14‬‬
‫‪ -3‬عبد السالم حادوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪337‬‬
‫‪ -4‬محمد الشافعي‪ ،‬أحكام األسرة في ضوء م ح ش‪ ،‬دار وليلي للطباعة و النشر‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ، 1988‬ص ‪286‬‬
‫‪ -5‬محمد أوراغ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪125‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪106‬‬
‫وحماية األسرة‪ 1‬سواء عن طريق مبادرة القاضي أو جهود الحكمين أو محاوالت مجلس العائلة أو‬
‫أي شخص أو جهة أخرى‪.‬‬

‫وخالصة القول إن مهام و نطاق مجال اختصاص مجلس العائلة ال تنحصر فقط في‬
‫التحكيم إلصالح ذات البين خاصة حينما يتهدد صرح األسرة باإلنهيار‪ ،‬ويستحكم الشقاق بين‬
‫الزوجين الذي يؤدي إلى العصف بالعالقة الزوجية التي من المفروض أن تقوم على أسس الترابط‬
‫والتالحم وأال يتم اللجوء إلى فصم عرى الزوجية إال استثناء لها في ذلك من تفكيك األسرة وتشريد‬
‫األطفال وإنما لمجلس العائلة أن يبدي رأيه في كل ماله صلة وعالقة بشؤون األسرة‪.‬‬

‫فمدونة األسرة تسعى جاهدة للم شمل األسرة في قالب متضامن ومتآزر عن طريق مجلس‬
‫العائلة الذي يشكل قطب الرحى في مسطرة الصلح وآلية أساسية ومهمة‪ 2‬يتوجب تفعيلها إلى‬
‫جانب القاضي والحكمين فالمشرع في المدونة الجديدة يعمل في إطار الحفاظ على كيان األسرة‬
‫من التفكك والتصدع ويتجلى ذلك من خالل خلق مؤسسات قضائية وغير قضائية تسعى جاهدة‬
‫للصلح بين الزوجين‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد اوراغ ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪190‬‬


‫‪ -2‬إذا تم التغلب على كل المشاكل و الصعوبات التي تعيق مهمته اإلصالحية‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪107‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬آليات الصلح بين التطبيق العملي والتفعيل الواقعي‬

‫إن مدونة األسرة مهما تضمنت من مقتضيات قانونية مهمة وهادفة إلى تعزيز وحدة‬
‫األسرة و تثبيت بنيانها و المحافظة على تماسكها‪ ،‬فإن تطبيق هذه النصوص على أرض الواقع‬
‫وإنزالها على الدعاوي التي تعرض على أنظار أقسام قضاء األسرة هو الذي سيخرج هذه‬
‫المقتضيات و األحكام القانونية من جمودها‪ ،‬وسيبين مدى فعاليتها و مالئمتها للواقع المعيش‪ .‬وما‬
‫إذا كانت محاوالت التوفيق و السداد بين الزوجين بالشكل الذي نص عليه المشرع قد استطاعت‬
‫فعال أن تقي األسر المغربية من ظاهرتي الطالق والتطليق وانعكاساتهما على األسرة والمجتمع‪.‬‬
‫أم أن هاتان الظاهرتان ما زالتا تمزقان البيت األسري المغربي ؟‬

‫كما سيبين ما إذا كانت آليات الصلح القضائية و غير القضائية قد استطاعت فعال أن تقي‬
‫األسرة من كل مظاهر التصدع والتفكك اللذين يعصفان بها ‪ ،‬أم أن األمر يحتاج إلى االعتماد على‬
‫وسائل واليات بديلة ومتطورة ‪ .‬على غرار ما نهجته بعض الدول األمريكية و األوربية‪ ،‬وما‬
‫صارت عليه بعض البلدان العربية ‪ .‬من أجل التقليص من حاالت الطالق والتطليق ‪.‬‬

‫فما هي هذه المؤسسات البديلة التي يمكن للمشرع المغربي االستعانة بها إلى جانب اآلليات‬
‫الحالية لتفعيل مسطرة الصلح بين الزوجين ؟وإلى أي حد ساهمت مجهودات القاضي والحكمين‬
‫ومجلس العائلة في تحقيق الصلح بين الزوجين قبل اإلذن بالطالق والتطليق ؟‬

‫وهل ستستطيع الطرق البديلة لتسوية النزاعات في تحقيق السداد والتوفيق بين الزوجين‬
‫الذي عجزت عنه المؤسسات المكلفة بتطبيق مسطرة الصلح في دعاوي الطالق والتطليق ؟‬

‫هذا ما سيتم اللتعرف عليه من خالل فصلين‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬واقع الصلح في التطبيق العملي‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الوسائل الكفيلة بتفعيل مسطرة الصلح‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪108‬‬
‫الفصل األول‪ :‬واقع الصلح في التطبيق العملي‬

‫لقد حث اإلسالم الزوجين على التريث وإعمال الفكر قبل اإلقدام على الطالق أو التطليق‪،‬‬
‫نظرا لما هما من أثار وخيمة على األسرة و المجتمع ‪ .‬لذلك فهو أبغض الحالل إلى هللا‪ 1‬كما أن‬
‫مدونة األسرة خصصت مجموعة من النصوص القانونية التي تلزم القضاء وباقي آليات الصلح‬
‫بضرورة إجراء محاولة الصلح بين الزوجين في كل دعاوي الطالق والتطليق باستثناء التطليق‬
‫للغيبة ‪.‬كل ذلك من أجل حماية األسرة و الحفاظ على بقائها متماسكة‪.‬‬

‫لكن مدونة األسرة مهما تضمنت مقتضيات قانونية ملزمة ‪ ،‬فإن تفعيلها على أرض الواقع‬
‫وتطبيقها على الدعاوي التي تعرض على أنظار أقسام قضاء األسرة‪ ،‬هو الذي سيحدد مدى‬
‫نجاحها في تحقيق في الصلح بين الزوجين ‪.‬‬
‫لكن أحيانا قد ال تعطي هذه المحاوالت والمبادرات الصلحية التي نصت عليها المدونة‬
‫الثمار المرجوة منها لوجود صعوبات وعراقيل ‪.‬‬

‫فما هو واقع مسطرة الصلح بين الزوجين بعد دخول مدونة األسرة حيز التنفيذ؟‬

‫و ما هي إذن المشاكل و الصعوبات التي تعترض مسطرة التصالح بين الزوجين؟‬

‫هذا ما سأحاول اإلجابة عنه من خالل مبحثين‪:‬‬


‫المبحث األول‪ :‬مسطرة الصلح من خالل العمل القضائي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلشكاليات التي تعترض مسطرة الصلح‬

‫‪ - 1‬إدريس حمادي‪ ،‬البعد المقاصدي و إصالح مدونة األسرة‪ ،‬افريقيا الشرق‪ ،‬طبعة ‪ 2005‬ص ‪187‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪109‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مسطرة الصلح من خالل العمل القضائي‬

‫إن نجاح أي قانون في تحقيق هدفه ومبتغاه رهين باإلنجازات التي سجلت في التطبيق‬
‫العملي من خالل األحكام الصادرة عن القضاء‪.‬‬

‫لدلك كان من الضروري القيا م بدراسة ميدانية لواقع الصلح و عدد الحاالت المسجلة بعد‬
‫صدور مدونة األسرة من خالل بعض أقسام مدونة األسرة لكل من‪ :‬أصيلة‪ ،‬العرائش‪ .‬و مقارنة‬
‫هده اإلحصائيات بتلك التي نشرت في الجرائد و المجالت أو التي صرح بها بعض المسؤولين‬
‫والمختصين في الميدان القضائي من خالل الندوات واللقاءات التي عقدت لرصد حصيلة تطبيق‬
‫مدونة األسرة‪ .‬وقد همت هده اإلحصائيات بعض المدن المغربية مع تعزيزها باإلحصائيات‬
‫الرسمية حول تطور نسب الطالق والتطليق بالمغرب وعدد الحاالت المسجلة بعد دخول مدونة‬
‫األسرة حيز التنفيذ‪.‬‬

‫كل دلك من أجل التعرف حول ما إذا كانت نسب الطالق والتطليق قد تراجعت وانخفضت‬
‫أم أن العكس هو الصحيح‪.‬‬

‫وقد ارتأيت إيراد موقف المجلس األعلى من إجراء الصلح في هذا المبحث باعتباره هيئة‬
‫‪1‬‬
‫قضائية عليا‪.‬‬

‫ولذلك سوف أقوم بتقسيم هدا المبحث إلى مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬واقع مسطرة الصلح من خالل بعض أقسام قضاء األسرة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬موقف المجلس األعلى من إجراء الصلح‬

‫‪ - 1‬و لعل أن البعض في دلك يرى أن في دلك تكرار لما سبق ذكره‪ .‬لكن يمكن القول أن شفيعي في ما قمنا به هو جمع‬
‫آراء و مواقف المجلس األعلى من إجراء الصلح في مطلب واحد من أجل التعرف على مسار موقفه في هدا المجال‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪110‬‬
‫المطلب األول‪ :‬واقع مسطرة الصلح من خالل بعض أقسام قضاء األسرة‬

‫سأ قوم في هذا المطلب بإيراد إحصائيات حول نسب حاالت الصلح وبتحليل هذه الدراسة‬
‫الميدانية التي شملت بعض أقسام قضاء األسرة‪.‬‬

‫حصيلة حاالت الصلح في قسم قضاء األسرة بأصيلة خال سنوات‪ 2006-2005-2004 :‬إلى غاية‬
‫‪1‬‬
‫‪ 30‬يونيو‪.‬‬
‫عدد حاالت التنازل عن‬ ‫عدد حاالت الصلح‬ ‫السنة‬
‫الدعوى‬
‫‪ 18‬حالة ‪:‬‬ ‫حالتين‬ ‫‪2004‬‬
‫‪ 10‬حاالت خاصة بالزوج‬
‫‪ 7‬حاالت خاصة بالزوجة‬
‫حالة واحدة خاصة بالطرفين‬

‫‪ 9‬حاالت‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2005‬‬

‫حالة واحدة‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2006‬إلى غاية ‪ 30‬يونيو‬

‫يالحظ من خالل هذا الجدول أن عدد حاالت الصلح خالل سنة ‪ 2004‬هو حالتين فقط‪ ،‬في‬
‫حين نجد عدد حاالت التنازل عن الدعوى بلغ ثمانية عشر حالة منها‪ :‬عشر حاالت تهم تراجع‬
‫الزوج‪ ،‬وسبعة حاالت تراجعت الزوجة فيها عن موقفها‪ ،‬وحالة واحدة اتفقت فيها إرادة الزوجين‬
‫معا على التنازل عن الدعوى‪.‬‬

‫وخالل سنة ‪ 2005‬لم تسجل أية حالة صلح بين الزوجين‪ ،‬لكن تم التراجع عن الطالق‬
‫والتطليق حسب األحوال عن طريق التنازل عن الدعوى ووصل عدد حاالت التنازل تسع حاالت‪.‬‬
‫في حين نجد حالة واحدة سجلت خالل سنة ‪ 2006‬إلى غاية ‪ 30‬يونيو‪.‬‬

‫‪ - 1‬إحصائيات توصلت بها من قسم قضاء األسرة بأصيلة‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪111‬‬
‫ونستنتج من خالل هذا الجدول أن عدد حاالت الصلح في قسم قضاء األسرة بأصيلة في‬
‫تراجع مستمر‪ ،‬ونفس الشيء يقال عن عدد حاالت التنازل عن الدعوى‪.‬‬

‫وقد أوضح لي أحد قضاة قسم قضاء األسرة بأصيلة أن ارتفاع عدد حاالت الصلح‬
‫والتنازل عن الدعوى في بداية دخول مدونة األسرة حيز التطبيق‪ ،‬يعزى إلى سوء فهم مضامين‬
‫ومقتضيات هدا القانون الجديد‪ .‬إذ ساد االعتقاد لدى بعض األزواج إذا وافق على انحالل الرابطة‬
‫الزوجية سواء بالطالق أو التطليق فإنه سيكون ملزما بإعطاء نصف ممتلكات بيت الزوجية إلى‬
‫زوجته‪.‬‬

‫لذلك غالبا ما كان الزوج يسعى إلى نجاح‪ 1‬الصلح مع زوجته خوفا من أن تشاركه‬
‫ممتلكاته‪.‬‬
‫لكن مع توالي سنوات و انتشار الوعي بمفهوم مضامين هدا القانون تقلصت نسبة الصلح والتنازل‬
‫عن الدعوى وهو ما يبدو واضحا من خالل الجدول السابق‪ ،‬إذ سجلت خالل سنة ‪ 2004‬حالتين‬
‫للصلح و ثمانية عشر حالة تنازل عن الدعوى‪ ،‬في حين نجد سنتي ‪ 2005‬و ‪ 2006‬لم تسجل‬
‫فيهما أية حالة صلح‪.‬‬

‫وبعد أن تطرقت لعدد حاالت الصلح في مدينة أصيلة أنتقل لرصد حاالت الصلح في مدينة‬
‫العرائش‪.‬‬

‫حصيلة حاالت الصلح في قسم قضاء األسرة بمدينة العرائش في الفترة بين ‪ 5‬فبراير‬
‫‪ 2004‬إلى غاية ‪ 31‬دجنبر ‪2004‬‬

‫الباقي‬ ‫المحكوم‬ ‫المسجل‬ ‫نوع الدعوى‬

‫‪17‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪29‬‬ ‫التطليق لعدم اإلنفاق‬

‫‪ - -‬إحصائيات تم توصل بها من طرف أحد المسؤولين عن قسم قضاء األسرة بالعرائش‬ ‫‪1‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪112‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪29‬‬ ‫التطليق للضرر‬

‫‪34‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪44‬‬ ‫التطليق للغيبة‬

‫‪42‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪52‬‬ ‫التطليق للشقاق‬

‫‪172‬‬ ‫‪330‬‬ ‫‪510‬‬ ‫الطالق‬

‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪8‬‬ ‫عدد حاالت الصلح المسجلة‬


‫في دعاوي الطالق‬

‫عدد حاالت الصلح في قسم قضاء األسرة بالعرائش في الفترة ما بين فاتح غشت ‪ 2005‬و‬
‫فاتح يونيو ‪2006‬‬

‫عدد حاالت الصلح‬ ‫السنة‬

‫حالة واحدة‬ ‫فاتح غشت ‪ 2005‬إلى ‪ 30‬يونيو ‪2006‬‬

‫إن أهم ما يمكن مالحظته على هذه اإلحصائيات المدرجة في هده الجداول‪ ،‬أن قسم قضاء‬
‫األسرة بمدينة العرائش قد سجل ثمان محاوالت للصلح التي كتب لها النجاح في ظرف إحدى‬
‫عشر شهرا (مند دخول مدونة األسرة حيز التنفيذ إلى غاية ‪ 31‬دجنبر ‪ )2004‬و هي نسبة ضئيلة‬
‫ال تفي بال غرض مقارنة مع عدد حاالت انحالل الرابطة الزوجية بالطالق أو التطليق التي‬
‫عرضت على أنظار قسم قضاء األسرة و التي وصل عددها إلى ‪ 660‬حالة طالق أو التطليق دون‬
‫احتساب حاالت التطليق للغيبة ألن هذ ه األخيرة ال تجرى فيها محاوالت الصلح طبقا للمادة ‪113‬‬
‫من مدونة األسرة و قد تم الحكم بفشل محاوالت الصلح و من تم إعالن الطالق أو التطليق‪-‬حسب‬
‫الحالة‪ -‬في ‪ 360‬حالة في حين فقط ثمان حاالت هي التي انتهت بالصلح‪.‬‬

‫ومن هنا نستنتج أنه في كل ‪ 45‬حالة طالق أو تطليق تنجح فقط محاولة صلح واحدة‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪113‬‬
‫وليت األمر ظل على هذا الحال‪ ،‬فمع توالي األشهر لم تعد محاولة الصلح تحقق النجاح‬
‫و التوفيق بل بالعكس تبوء بالفشل‪ .‬ففي خالل عشرة أشهر من فاتح غشت ‪ 2005‬إلى فاتح يونيو‬
‫‪ 2006‬لم تسجل بقسم قضاء األسرة إال محاولة صلح واحدة يتيمة‪.‬‬

‫و هي نسب ضئيلة تنبئ بالقلق و تثير الدهشة و االستغراب و تجعل من البحث عن أسباب‬
‫عدم نجاح محاوالت الصلح أمرا ضروريا و مؤكدا‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪114‬‬
‫عدد حاالت الصلح بمحكمة الفداء بالدار البيضاء في الفترة ما بين فاتح يناير إلى ‪31‬‬
‫أبريل ‪.12004‬‬

‫عدد حاالت الصلح‬ ‫السنة‬

‫‪ 30‬حالة تراجع عن الطالق‪:‬‬ ‫فاتح يناير إلى ‪ 31‬أبريل ‪2004‬‬


‫‪ 8‬تهم الطالق الرجعي‬
‫‪ 21‬تخص الطالق الخلعي‬
‫حالة واحدة متعلقة بالطالق قبل الدخول‬

‫إن أهم ما يالحظ على هدا الجدول هو تحقيق نسبة مهمة من نسب التراجع عن الطالق إذ‬
‫وصلت ‪ 30‬حالة في ظرف ثالثة أشهر و هي نسبة مهمة توحي بالتفاؤل‪.‬‬

‫و يرجع تراجع نسب الطالق إلى تفعيل دور غرفة المشورة و هي جلسات سرية تتم بين‬
‫األطراف المعنيين بالطالق و قاضي األسرة و الذي يحاول من خاللها هدا األخير تقريب‬
‫المسافات بين الزوجين‪ ،‬و تذويب الشقاق الحاصل بينهما‪.‬‬

‫فقد سجلت محكمة الفداء في الفترة ما بين فاتح يناير إلى متمم أبريل ‪ ،2004‬ثالثون حالة‬
‫تراجع عن الطالق ‪ :‬ثمانية هم الطالق الرجعي فيمن انصب إحدى و عشرون حالة على الطالق‬
‫الخلعي و حالة واحدة تتعلق بالطالق قبل الدخول‪.‬‬

‫فالجلسات السرية بين الزوجين و القاضي تتم وفق فلسفة قانون األسرة الجديد لمحاولة ثني‬
‫الزوجين عن اتخاذ قرار الطالق و تبيان آثاره الوخيمة على األسرة و األبناء‪.‬‬

‫و من تم يعمل قاضي األسرة جاهدا إلعادة المياه إلى مجاريها بين الطرفين في جلسات‬
‫متعددة و إن يئس من تحقق المراد فإنه يلجا إلى أبغض الحالل عند هللا‪.2‬‬

‫‪ -1‬مصطفى صقر‪ ،‬الخلع أكبر نسب الطالق المسجلة مند تنفيذ قانون األسرة‪ ،‬جريدة الصباح السنة الخامسة العدد ‪ 1292‬األربعاء‬
‫‪ 2‬يونيو ‪ 2004‬ص ‪9‬‬
‫‪ -2‬مصطفى صقر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪9‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪115‬‬
‫‪1‬‬
‫عدد حاالت الصلح في قضايا الطالق و التطليق في المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء‬

‫عدد حاالت الصلح‬ ‫الشهر‬

‫‪160‬‬ ‫يناير ‪2005‬‬

‫‪161‬‬ ‫فبراير ‪2005‬‬

‫أهم ما ي الحظ من خالل هدا الجدول أن نسب الصلح في دعاوي التطليق و الطالق مرتفعة‬
‫في‬
‫مدينة الدار البيضاء فقد سجلت ‪ 160‬حالة في شهر يناير و ‪ 161‬في شهر فبراير من سنة ‪.2005‬‬
‫و هي فترة زمنية قصيرة‪.‬‬
‫وقد أكدت األستاذة زهور الحر أن ملفات الصلح في الطالق المسجلة و المحكومة على صعيد‬
‫العاصمة اإلقتصادية برسم سنة ‪ ، 2005‬أظهرت وجود ‪ 8628‬قضية طالق موضحة أنه تم البت‬
‫في ‪ 4537‬من مجموع هده الملفات وتم الصلح في ‪.2 2665‬‬

‫كما أن ما سجل في مدينة الدار البيضاء خالل شهر واحد لم تستطع أقسام قضاء األسرة (‬
‫العرائش‪ ،‬أصيلة) تسجيله خالل سنة كاملة‪ ،‬بل لم تسجله مند دخول مدونة األسرة حيز الوجود‬
‫إلى وقتنا الحالي‪.‬‬

‫فما سر نجاح محاولة التوفيق بين الزوجين في المناطق الجنوبية من المغرب و فشلها في‬
‫مدن الشمال؟‬

‫فهل يعود ذلك إلى عقلية المواطن المتفتح و الواعي بأهمية الصلح و دوره في حماية‬
‫األسرة؟ أم يرجع ذلك إلى كفاءة و جدارة القضاة المكلفين بالصلح أم إلى عوامل أخرى أم إلى كل‬
‫هده العوامل مجتمعة؟ إال تتم محاولة الصلح بين الزوجين بنفس الطريقة و الشكل في كل أقسام‬
‫قضاء األسرة؟‬

‫‪ -1‬حسب ما صرحت به زهور الحر في الندوة المنظمة من طرف جمعية الكرامة لتنمية المرأة حول موضوع اإلصالح األسري‬
‫وتقليص نسبة الطالق و دلك يوم ‪ 26‬مارس ‪ 2005‬بغرفة التجارة و الصناعة و الخدمات بطنجة‬
‫‪ - 2‬زهور الحر‪ ،‬حصيلة تطبيق المدونة –إيجابية‪ -‬الصحراء المغربية األربعاء ‪ 8‬مارس ‪ 2006‬السنة ‪ 18‬عدد ‪ 6256‬ص ‪2‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪116‬‬
‫أسئلة كثيرة تطرح نفسها بشدة أمام هدا التباين و التفاوت في اإلحصائيات الخاصة بالصلح‬
‫بين الزوجين بين مناطق المغرب‪.‬‬

‫وبعد أن تطرقت لحاالت الصلح المسجلة في المدن التي شملتها الدراسة‪ ،‬ارتأيت تعزيزها‬
‫بإحصائيات خاصة بتطور نسب الطالق و التطليق في المغرب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عدد رسوم الطالق حسب دوائر االستئناف بالمغرب‬

‫أالتفاقي المملك المكمل مجموع مجموع‬ ‫قبل‬ ‫الرجعي الخلعي‬ ‫السنوات‬


‫رسوم‬ ‫غير‬ ‫للثالث‬ ‫البناء‬
‫الطالق‬ ‫مفصل‬
‫‪22449‬‬ ‫‪5664‬‬ ‫‪166‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪- 5477 10762 46221‬‬ ‫‪0032‬‬

‫‪69142‬‬ ‫‪1756‬‬ ‫‪79‬‬ ‫‪79‬‬ ‫‪1860 3995 11999‬‬ ‫‪ 2004-2-5‬إلى ‪7146‬‬


‫يناير‪2005‬‬

‫يتبين أن هناك انخفاضا مهما في عدد رسوم الطالق بلغت نسبته ‪ % 40.09‬و هو يشكل‬
‫أكبر نسبة انخفاض مقارنة مع السنوات العشر السابقة‪.‬‬

‫و يرجع السبب في دلك – على ما يظهر – إلى عدة عوامل منها تفعيل مسطرة الصلح من‬
‫طرف أقسام قضاء األسرة‪ .2‬في حين إدا قورنت هده اإلحصائيات بعدد حاالت طالق الخلع‬
‫نجد أن هناك تزايد في نسب الصلح بشكل‬ ‫‪3‬‬
‫المسجلة في دولة الكويت من ‪ 1996‬إلى‪2 000‬‬
‫ملفت للنظر مع توالي السنوات و هو ما نأمل أن يحققه القضاء المغربي ‪.‬‬

‫‪ -1‬مجلة قضاء األسرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪166‬‬


‫‪ -2‬مجلة قضاء األسرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪123‬‬
‫‪ -3‬بدرية العوضي ‪ ،‬حق المرأة في إنهاء عقد الزواج في قوانين األحوال الشخصية العربية دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‬
‫عدد ‪ 7‬شتاء‪ 2003‬بدون صفحة‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪117‬‬
‫إذ سجلت في سنة ‪ 95 : 1996‬حالة وفي ‪ 191: 1997‬حالة وفي ‪ 277 : 1998‬حالة‬
‫وفي ‪ 856 : 1999‬حالة وفي سنة ‪ 977 : 2000‬حالة‪.‬‬

‫و خالصة القول أنه إدا كانت نسب الطالق قد انخفضت بنسب مهمة ‪.‬فإن نسب التطليق قد‬
‫عرفت ارتفاعا كبيرا ‪.‬فما هي عدد حاالت التطليق التي سجلت بعد دخول مدونة األسرة مقارنة مع‬
‫الحاالت التي سجلت في السنوات السابقة لدخول المدونة ؟‬

‫و في ما يلي عدد حاالت التطليق التي سجلت بقسم قضاء األسرة بطنجة في سنوات ‪2003‬‬
‫و ‪ 2004‬إلى غاية ‪ 31‬يناير ‪2005‬‬
‫عدد رسوم التطليق بقسم قضاء األسرة بطنجة‬

‫المحكوم‬ ‫المسجل‬ ‫السنوات‬

‫‪6337‬‬ ‫‪7039‬‬ ‫‪0032‬‬

‫‪1327‬‬ ‫‪01721‬‬ ‫‪ 2004-2-5‬إلى ‪-1-31‬‬


‫‪2005‬‬
‫‪876‬‬ ‫‪4978‬‬ ‫زيادة النسبة‬

‫إن أهم ما يمكن مالحظته على هدا الجدول هو تزايد عدد حاالت التطليق المسجلة‬
‫و المحكوم بها في قسم قضاء األسرة بطنجة بما يقارب النصف ‪.‬‬

‫وهي نسب تنبأ بالتخوف من أن يتصدر المرتبة األولى عوض الطالق الخلعي‪.‬‬

‫ويرجع السبب في ذ لك إلى أن مدونة األسرة قد فتحت أمام الزوجين دعوى الشقاق‬
‫كمسطرة أصلية و تابعة من أجل التخلص من رابطة زوجية ال يرغبان في استمرارها‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪118‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬موقف المجلس األعلى من إجراء الصلح‬

‫إن للصلح أهمية بالغة غاية سامية فهو يقي األسرة من كل المشاكل التي تعصف بها ‪.‬‬
‫ولذلك فقد اعتبره المجلس األعلى من اإلجراءات الجوهرية التي لها صلة بالنظام العام‪ .‬و بالتالي‬
‫فإن اإلخالل بمسطرة الصلح يعني بطالن الحكم أو القرار ‪.‬‬

‫و يتجلى موقفه هذا من خالل أحد القرارات الصادرة عنه إذ جاء فيه "إن إجراء التصالح‬
‫من النظام العام "‪.1‬‬

‫و نظرا لكون الرابطة الزوجية من أعظم الروابط و أحقها بالحفظ و ميثاقها من أعظم‬
‫المواثيق و أجدرها بالوفاء ‪ .2‬فقد أكد المجلس األعلى ضرورة رغم أن الزوج كان قد التزم في‬
‫حكم سابق يجعل الطالق بيد الزوجة إن تجدد إضراره بها مؤكدا على أنه كان على المحكمة لما‬
‫ثبت لديها الضرر أن تقوم بمحاولة الصلح بين الطرفين قبل اتخاذ أي إجراء أخر‪. 3‬‬

‫وهذا يعني أنه على القاضي بمجرد توصله بطلب الطالق والتطليق ‪ ،‬أن يقوم باستدعاء‬
‫الزوجين ألجل إجراء محاولة الصلح بينهما و ثنيهما عن قرارهما‪.‬و بذلك يعتبر الصلح وسيلة‬
‫وقائية تحول بين الشقاق و نتائجه الوخيمة التي قد تتفاقم و تتعقد إذا لم يقضى عليها في المهد‪.4‬‬

‫و على اعتبار إجراء الصلح له وظيفة وقائية‪ ،‬فقد اعتبر المجلس األعلى أن المحاولة‬
‫الصلحية إجراء جوهري تفتتح به دعوى التطليق –و الطالق‪ -‬و يترتب على عدم القيام به اعتبار‬
‫الحكم أو القرار باطال‪ ،‬إذ جاء في قرار له ما يلي"فيما يتعلق باإلصالح بين الزوجين فإن‬
‫المشرع يعتبره إجراءا جوهريا تفتتح به دعوى التطليق و يترتب على نجاحه إثبات ذلك في أمر‬
‫تنتهي به الدعوى‪ ،‬كما يترتب على فشله إصدار أمر بعدم التصالح واإلذن بمواصلة الدعوى"‪.5‬‬

‫ويترتب على عدم احترام إجراء التصالح ‪ ،‬اعتبار الحكم باطال وخارقا للقانون وبالتالي‬
‫فهو قابل للطعن ألن اإلخالل بمسطرة الصلح و التغاضي عنها يمس بحقوق الدفاع مما يبرر‬

‫‪ -1‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 164‬بتاريخ ‪ 1980- 04-19‬في ملف عدد ‪ 81153‬أورده محمد الكشبور‪ ،‬الوسيط في ق ح ش‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪428‬‬
‫‪ -2‬محمد متولي شعراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪372‬‬
‫‪ -3‬قرار عدد ‪ 147‬بتاريخ ‪ 1975- 6- 16‬أشار إليه أحمد الخمليشي‪ ،‬التعليق على ق األح ش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪337‬‬
‫‪ -4‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪23‬‬
‫‪ -5‬قرار عدد ‪ 904‬الصادر بتاريخ ‪ 1983-09- 12‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 134- 133‬ص ‪190‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪119‬‬
‫الطعن بالنقض طيقا لما نص عليه الفصل ‪ 359‬من قانون المسطرة المدنية وهذا ما سار عليه‬
‫المجلس في أحد قراراته "‪...‬وإن الحكم المطعون فيه بعدم مراعاته لما ذكر –إجراء الصلح‪ -‬يكون‬
‫قد خرق حقا من حقوق الدفاع الذي حرص المشرع على أن يمارس من طرف القاضي لمصلحة‬
‫الطرفين معا قبل اإلج راءات العادية للتطليق مما جعل الحكم المطعون فيه الذي أهمل اإلجراء‬
‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫غير قائم على أساس ‪"...‬‬

‫كما سبق للمجلس أن نقض الحكم المطعون فيه ألن المحكمة المطعون في حكمها قضت‬
‫بالتطليق دون أن تبذل أي مسعى للتوفيق بين الزوجين‪ ،‬والحيلولة ما أمكن دون تصدع األسرة‬
‫‪.‬لذ لك يكون حكمها قد خرق النص المحتج به من طرف الطاعن وهو الفصل ‪ 56‬من مدونة‬
‫األحوال الشخصية الذي يقيد صالحية القضاء للبت في دعوى التطليق من أجل الضرر بضرورة‬
‫توفر عنصرين‪ :‬أولهما ثبوت الضرر المدعى به و ثانيهما عجز المحكمة عن اإلصالح بين‬
‫الزوجين و من أجله قضى المجلس األعلى بنقض الحكم المطعون فيه ‪.2‬‬

‫كما اعتبر في قرار آخر أن عدم إجراء الصلح بين الزوجين في دعوى التطليق للضرر‬
‫يعد خرقا للفصل ‪ 212‬من قانون المسطرة المدنية و من ثم وجب نقض الحكم‪. 3‬‬

‫و في قرار أخر اعتبر أن المحكمة عندما أبطلت الحكم االبتدائي و حكمت بالتطليق بين‬
‫الطرفين غير أن تشبث في حكمها أدى إلى تطبيق الفصل ‪ 56‬من مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬قد‬
‫خالفت التشريع الداخلي للبالد على اعتبار أن الفصل المشار إليه ينص على أن التطليق للضرر ال‬
‫ايقع إال إذا عجز القاضي اإلصالح بين الزوجين‪.4‬‬

‫لكن إذا كان عدم إجراء محاولة الصلح راجع إلى كون أحد طرفي العالقة الزوجية –‬
‫الزوج‪ -‬قد فوت على نفسه فرصة التصالح مع زوجته عند عرض النزاع أمام المحكمة االبتدائية‬
‫‪,‬فإن حكم هذه األخيرة دون إجراء الصلح يكون مصادفا للصواب ‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار عدد ‪ 370‬بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪ 1978‬في القضية عدد ‪ 661- 54‬أشار إليه محمد الكشبور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪427‬‬
‫‪ -2‬قرار عدد‪ 5 0‬بتاريخ ‪ 1972- 1- 24‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد‪ 24‬ص ‪ 43‬أشار إليه عبد المجيد غميجة في‬
‫أطروحته‪ ،‬ص ‪199‬‬
‫‪ -3‬قرار عدد ‪ 1322‬بتاريخ ‪ 1985 – 11- 19‬مجلة الندوة‪ ،‬عدد ‪ 5‬ص ‪92‬‬
‫‪-4‬قرار عدد ‪ 67‬بتاريخ ‪-1‬يوليوز ‪ ، 1968‬مجلة القضاء و القانون ‪ ،‬عدد ‪ 94‬ص ‪190‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪120‬‬
‫و هذا ما أشار إليه المجلس األعلى في أحد قراراته التي جاء فيها "إن مسطرة التصالح‬
‫تقتضي أن يبعث القاضي حكمين لينهي الشقاق بين الزوجين و الحكم فيه أهمل هذه المسطرة ‪.‬لكن‬
‫حيث أن المحكمة عللت حكمها بكون الطاعن فوت على نفسه فرصة التصالح مع زوجته لما‬
‫استدعي في المرحلة االبتدائية إلجراء مسطرة الصلح المنصوص عليها في الفصل ‪ 212‬من‬
‫‪1‬‬
‫قانون المسطرة المدنية وتوصل بالدعوى ولم يحضر‪ ،‬األمر الذي كان ما علل به الحكم صوابا"‬

‫و بخصوص تحديد نطاق أجراء الصلح الدعاوي التي يلزم القاضي بإجراء الصلح فيها‪،‬‬
‫فقد أكد المجلس األعلى في قراراته أن" الحكم بالسجن على الزوج يبرر التطليق للغيبة‪ ،‬والغيبة ال‬
‫حاجة فيها إلجراء المصالحة بين الزوجين "‪. 2‬‬

‫و في قرار آخر اعتبر أن" إجراء مسطرة الصلح ال تكون إلزامية في دعوى التطليق إال‬
‫إذا تأسست دعواه على الضرر وفقا لمقتضيات الفصل ‪ 56‬من المدونة‪-‬السابقة‪ .-‬أما إذا تأسست‬
‫على العيب طبقا للفصل ‪ 54‬من المدونة فال داعي إلجراء مسطرة الصلح "‪.3‬‬

‫و معلوم أن إجراء محاولة الصلح إما أن تتم من طرف المحكمة بصفة شخصية أو‬
‫بانتداب حكمين أو مجلس العائلة ‪.‬‬

‫غير أنه في ظل سريان قانون مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬كان اللجوء إلى مسطرة التوفيق‬
‫بين الزوجين في حالة نشوب خالف بينهما و وصوله إلى ساحة القضاء ال بكون إال إذا تكررت‬
‫الشكوى و تعذر ثبوت الضرر‪. ...‬‬

‫و هذا ما أكده المجلس األعلى في أحد قراراته إذ جاء فيه "إن المشرع قصر بعث الحكمين‬
‫على إذا كان تعذر ثبوت الصرر و تكرر الرفع حسب الفقرة الثانية من الفصل ‪ 56‬من المدونة‪،‬‬
‫أما إذا ثبت الضرر الذي ال يستطاع دوام العشرة‪ ،‬فإن القاضي يطلق على الزوج بمقتضى الفقرة‬
‫األولى من الفصل المذكور"‪. 4‬‬

‫‪ -1‬قرار عدد ‪ 1039‬بتاريخ ‪ 1988 – 09- 13‬ملف رقم ‪ 86- 6410‬أشار إليه إدريس بلمحجوب ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪42‬‬
‫‪ -2‬قرار عدد ‪ 881‬بتاريخ ‪ 1992 – 7- 21‬أشار إليه محمادي لمعكشاوي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪26‬‬
‫‪ -3‬قرار عدد ‪ 95- 2- 2- 668‬بتاريخ ‪ 2000- 9- 27‬أشار عبد العزيز توفيق ‪ ،‬قضاء المجلس األعلى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪70‬‬
‫‪ -4‬قرار عدد ‪ 130‬بتاريخ ‪ ، 1921- 7-5‬مجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ 23‬ص ‪38‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪121‬‬
‫و في قرار أخر أكد في قضية الزوجة التي طلبت التطليق المتمثل في كون زوجها يضربها‬
‫ضربا مبرحا حتى كاد يقتلها‪ ،‬أنها مهددة بالقتل من طرفه فبعث القاضي حكمين لإلصالح بينهما‬
‫فلم يفلحا و حكم القاضي االبتدائي بالتطليق‪.‬‬

‫لكن محكمة االستئناف ألغت الحكم بناءا على أن بعث الحكمين ال يكون إال مع تكرر رفع‬
‫شكوى الضرر و تعذر ثبوته األمر الذي ال بتوفر في النازلة‪.1‬‬

‫ولما طعنت المدعية في القرار لدى المجلس األعلى كان موقفه على الشكل التالي ‪" :‬وحيث‬
‫أن توفر شرط تكرار الشكوى بالضرر مع عدم إثباته مفقودا سواء في المرحلة االبتدائية أو في‬
‫مرحلة االستئناف بالمعنى الوارد في الفصل ‪ 56‬من مدونة األحوال الشخصية مما يجعل القرار‬
‫المطعون فيه مصادفا للصواب‪. "2‬‬

‫ومن بالرجوع إلى الواقع العملي التطبيقي‪ ،‬كثيرا ما يتم التعامل مع محاولة الصلح كإجراء‬
‫شكلي و رمزي فقط كما أن غالبية المقاالت التي تقدم بخصوص دعاوي و قضايا التطليق‬
‫للضرر‪ ،‬ال تتضمن التماس المدعية إجراء محاولة التوفيق و السداد بين الزوجين في ظل سريان‬
‫القانون القديم‪.‬‬

‫فبماذا يمكن تفسير ذلك ؟ هل برغبة األطراف في تجاهل هذه المسطرة ؟ أو باعتقادهم عدم‬
‫جدوى آلية الصلح كأداة لحماية األسرة من التصدع و التفكك ؟ أم كتعبير عن عدم الرغبة في‬
‫استمرار الحياة المشتركة نهائيا ؟ بل األكثر من ذلك فهناك بعض المقاالت تحمل طلب اإلعفاء من‬
‫مسطرة الصلح‪.‬‬

‫و لذلك و باعتبار أن الصلح بين الزوجين قبل اإلذن لهما بالطالق أو التطليق‪ ،‬تمارس من‬
‫طرف القاضي لمصلحة الطرفين باعتبارها مرحلة أولية قبل البث في جوهر الدعوى‪ .‬فإنه ينبغي‬
‫على القاضي عدم مسايرة الزوجين المتخاصمين في تنكبهم عن هذه المسطرة‪ ، 3‬و تنبيه األطراف‬
‫إلى دور الصلح في استئصال شأفة الخصام و نزع فتيل الفتنة الهوجاء بين الزوجين قبل أن يشب‬
‫ضرامها و ينفجر بركانها‪ .‬و من ثم حماية كافة أفراد األسرة من أثار ظاهرتي الطالق و التطليق‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار عدد ‪ 176‬بتاريخ ‪ 1978- 3- 27‬في ملف عدد ‪ 69686‬أشار إليه أحمد الخمليشي‪،‬التعليق على ق األح ش ‪ ،‬ص‪384‬‬
‫‪ - 2‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪175‬‬
‫‪ -3‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬موقف المجلس األعلى من ثنائية الفقه و القانون‪ ...‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪201‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪122‬‬
‫و لذلك أ دعو كل قضاة قسم قضاء األسرة في كافة أنحاء البالد بإيالء مسطرة الصلح بين‬
‫الزوجين كل العناية و االهتمام اللذين تستحقهما و أن يمارسوها بكيفية جدية و فعالة‪.‬و تفعيل جميع‬
‫آليات الصلح القضائية و غير القضائية وكل شخص أو جهة يرونها مناسبة إلجراء الصلح بين‬
‫الزوجين ‪ .‬لكي تؤتي هذه المسطرة ثمارها و تساهم في تخفيف نسب الطالق و التطليق الذين‬
‫مازاال يعصفان باألسرة و يساهمان في تشريد األطفال ‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪123‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلشكاليات التي تعترض مسطرة الصلح‬

‫إن النزاعات التي تنشأ بين األطراف ال ترمي دائما إلى تحقيق مصالح متعارضة و متناقضة‪،‬بل‬
‫إن هناك كثيرا من الخالفات التي يمكن أن تكون إلطرافها أهداف ومصالح متكاملة ومتوافقة‬
‫يسهل إيجاد حل اتفاقي بينهما‪ .1‬و يكون الصلح خير سالح إلنهاء النزاع في مرحلة مبكرة‪ 2‬ألن‬
‫الصلح يوفر لهما الوقت والجهد والمال ويعيد الحال إلى ما كان عليه قبل النزاع ويزيل الضغائن‪.3‬‬
‫فقد روي عن عمر ابن الخطاب رضي هللا عنه أنه قال " ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل‬
‫القضاء يورث بينهم الضغائن‪."4‬‬

‫و من بين القضايا التي يكون من األفضل قبول الصلح فيها نجد دعاوي الطالق و التطليق‬
‫فهو يحمي األسرة من االنهيار و التفكك ‪ ،‬و يقي األطفال من التشرد ‪.‬‬

‫و رغم أهمية الصلح و فوائده الكثيرة ( إيجاد الحلول السريعة للنزاعات‪ ,‬إنهاء الخصومة‬
‫بصفة نهائية‪ ،‬الحد من تكاليف الخصومة‪ ،‬ارتياح المتنازعين للحل الصلحي‪ ،5)...‬فإن أغلب‬
‫محاوالت التصالح و التوفيق بين الزوجين في حاالت الطالق و التطليق التي تجرى على يد‬
‫القضاء المغربي ال يكتب لها النجاح و يكون مصيرها الفشل إال بعض الحاالت القليلة‪.‬‬
‫فما هي الصعوبات و العوائق التي تعترض نجاح محاوالت الصلح بين الزوجين‪ :‬فهل يرجع‬
‫السبب في دلك إلى النصوص القانونية أم إلى العمل القضائي أم يعود ذلك إلى أطراف النزاع أم‬
‫إلى كل هذه العناصر مجتمعة؟ هذا ما سأحاول اكتشافه من خالل مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الصعوبات المرتبطة بالزوجين‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الصعوبات المتعلقة بالجهة المكلفة بالصلح‬

‫‪ -1‬الحسين بويقين‪ ،‬أسباب عدم نجاح مسطرة الصلح في النظام القضائي المغربي و الوسائل الكفيلة بتفعيل هذه المسطرة الطرق‬
‫البديلة لنسوية المنازعات‪ ،‬جمعية نشر المعلومة القانونية‪ ،‬سلسلة الندوات و األيام الدراسية العدد الثاني‪ ،2004‬ص ‪27‬‬
‫‪ -2‬إدريس الفاخوري ‪ ،‬الصلح في العمل القضائي المرجع السابق‪ ،‬ص ‪6‬‬
‫‪ -3‬عبد الكريم فودة أحكام الصلح في المواد المدنية و الجنائية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬طبعة ‪ ،1995‬ص ‪5‬‬
‫‪ -4‬فقد أمر رصي هللا عنه يرد الخصوم إلى الصلح مطلقا و كان دلك بمحضر الصحابة الكرام رضي هللا عنهم و لم ينكرهم عليه‬
‫أحدهم فيكون إجماع من الصحابة باعتبار الصلح باعتبار الصلح شرع للحاجة إلى قطع الخصومة و المنازعة‪.‬‬
‫عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكساني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -5‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 7‬و ‪8‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪124‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الصعوبات المرتبطة بالزوجين‬

‫إن تطبيق مسطرة الصلح بين الزوجين في قضايا الطالق والتطليق تطبيقا صحيحا وسليما‬
‫كما تقضي بذلك النصوص الشرعية والمقتضيات القانونية الواردة في مدونة األسرة‪ ،‬تعترضه‬
‫العديد من المعوقات و اإلشكاليات التي ال تعد وال تحصى ومن بينها ما يعود إلى الزوجين وهي‬
‫صعوبات كثيرة يصعب حصرها‪.‬‬

‫لذلك سوف أقتصر على ذكر أهم هده المعيقات التي يواجهها قضاء األسرة بصفة دائمة‬
‫ومتكررة‪ ،‬والتي لها تأثير كبير في عدم نجاح محاولة الصلح بين الزوجين‪ .‬وأولى هذه المشاكل‬
‫نجد عدم حضور الزوجين لجلسات التصالح ( الفقرة األولى) و أيضا تقاضي الزوجين بسوء نية‬
‫( الفقرة الثانية) فضال عن األمية و الجهل لمفهومي األسرة والصلح‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عدم حضور الزوجين لجلسات التصالح‬

‫إن الخالفات األسرية يغلب عليها طابع الخصوصية و الحساسية كما أنها تتميز باختالف‬
‫طبائع مكوناتها بحكم اختالف المحيط األسري الذي تربع وترعرع فيه أطرافها‪ .‬وهو ما يجعل‬
‫الحياة األسرية أرضا خصبة لحصول الخالفات التي قد ترتفع حدتها لتحول إلى اصطدامات ثم‬
‫خصومات فنزاعات و التي قد تطول فتعصف باألسرة كلها إذا لم تتم معالجتها بحكمة وروية‪.1‬‬

‫لذلك فقد نص المشرع المغربي على إجراء محاولة الصلح بين الزوجين قبل اإلذن‬
‫باإلشهاد على الطالق و التطليق‪ .‬لكن قد تثور في الحياة العملية عدة إشكاالت تواجه القاضي وهو‬
‫بصدد إجراء مسطرة الصلح التي ألزم المشرع القيام بها قبل الحكم بانحالل الرابطة الزوجية‪.‬‬
‫و محاولة الصلح كما سبقت اإلشارة إلى ذلك تتم عن طريق استدعاء الزوجين للجلسة المخصصة‬
‫للتصالح فقد ركز المشرع في المادة ‪ 81‬من مدونة األسرة على ضرورة التوصل الشخصي‬
‫باالستدعاء لكل من الزوجين و رتب على عدم حضور الزوج رغم توصله باالستدعاء اعتباره‬

‫‪ -1‬ناصر متيوي مشكوري‪ ،‬الوسائل البديلة لتسوية المنازعات األسرية‪ ،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪187‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪125‬‬
‫متراجعا عن طلبه‪ .‬في حين تخطر المحكمة الزوجة التي توصلت شخصيا و لم تحضر أو تدلي‬
‫بمالحظات كتابية بواسطة النيابة العامة بأنها إن لم تحضر سوف يبث في ملف الطالق في غيبتها‪.‬‬
‫و هدا يعني أن المشرع يهدف من وراء حضور الزوجين لجلسات الصلح إجراء مسطرة تواجهية‬
‫بين الزوجين ‪.‬و دلك لتقصي أسباب الخالف ومعرفة حقيقة النزاع القائم بينهما‪ .‬بهدف تدليل‬
‫العقبات التي تحول دون المعاشرة الحسنة والصعوبات القائمة وإصالح ذات البين بينهما وإرجاع‬
‫الدفء إلى األسرة بكاملها‪ 1‬و معلوم أن حضور األطراف لكل جلسات الصلح يوفر نسبة أكبر‬
‫لنجاح الصلح ألن هذا األخير يقتضي تقديم بعض التنازالت و التضحيات في سبيل إنقاذ األسرة‬
‫فيختزل الزوجان مشاكلهم الشخصية و يقتصران على الخالف الحقيقي أمال في الوصول إلى حل‬
‫حبي‪ .2‬لكن حضور الزوجين لجلسة المصالحة قد تعوقه عدة صعوبات تقف حجرة عثراء في وجه‬
‫تحقيق الهدف المنتظر من هذا الحضور وهو المحافظة على تماسك األسرة‪.‬‬

‫ومن بين المشاكل التي تعترض حضور الزوجين نجد مشكلة التبليغ ذلك أن تبليغ‬
‫االستدعاء شخصيا إلى الزوج أو الزوجة قد ال يتأتى في بعض الحاالت‪ ،‬إما لعدم العثور على‬
‫المعني باألمر لسبب من األسباب‪ ،‬وإما لتعمد أحد الزوجين عدم التوصل باالستدعاء‪ .‬وذلك رغبة‬
‫منه في التخلص من رابطة زوجية ال يرغب في استمرارها ‪ .‬و في هذه الحالة يبقى معها ملف‬
‫طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق أو التطليق مفتوحا مع تكرار اإلستدعاءات بدون جدوى وهذا‬
‫من شأنه تعطيل البث في الطلبات المقدمة إلى المحكمة والتي يتعين عليها الفصل فيها في مدة‬
‫وجيزة اعتبارا للطبيعة االجتماعية و األسرية لهدا النوع من القضايا‪.3‬‬

‫و قد يكون أحد الزوجين متواجدا خارج أرض الوطن و مرتبطا بعمله ومن تم يصعب‬
‫عليه الحضور لجلسات الصلح ‪ ،‬خصوصا و أن المشرع قد ألزم القاضي بإجرائه في كل أنواع‬
‫الطالق أو التطليق باستثناء التطليق للغيبة ‪ ،‬كما أكد على ضرورة القيام بمحاولتين للصلح تفصل‬
‫بينهما مدة ال تقل عن ثالثين يوما في حالة وجود أطفال لدى الزوجين لذلك يكون من المتعذر على‬
‫الزوج القاطن خارج أرض الوطن‪ ،‬الحضور بصفة شخصية لكل الجلسات المخصصة للصلح‪.‬‬
‫ومن تم فتكون النتيجة الحتمية لهده الجلسات في غياب أحد أطراف العالقة الزوجية هي الفشل‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد عصبة‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪197‬‬


‫‪ -2‬الحسن بويقين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪34‬‬
‫‪ -3‬محمد عصبة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪98‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪126‬‬
‫و أحيانا قد يصطدم القاضي برغبة الزوجين أساسا في عدم إجراء الصلح العتبارات قد‬
‫ترد في معظمها للعنصر االجتماعي أو لتفادي نشر المشاكل الشخصية الثنائية على مرأى ومسمع‬
‫الهيئة القضائية‪ 1‬و األقارب و األصهار عند انعقاد مجلس التحكيم أو مجلس العائلة‪.‬‬
‫و هو وضع قد يحرج أحد الزوجين أو هما معا فيفضالن عدم االستعانة باألقرباء أو اإلصغاء إلى‬
‫إرشادات القاضي من أجل إقناعهما بضرورة الرجوع عن مواقفهما‪.‬‬

‫إن عدم حضور الزوجين لجلسة الصلح يعني فشل هذه األخيرة‪ .‬و ما أكثر الجلسات التي‬
‫باءت بالفشل في أقسام قضاء األسرة المغربية فقد صدر عن المحكمة االبتدائية بطنجة‪ 2‬حكم جاء‬
‫في حيثياته " و حيث حضر الزوج و تخلفت الزوجة رغم التوصل و أكد الزوج طلبه الرامي إلى‬
‫التطليق للشقاق نظرا لكثرة الخالفات بينه و بين زوجته" فقد باءت محاوالت الصلح بالفشل لغياب‬
‫أحد أطراف العالقة الزوجية‪.‬‬

‫و في حكم أخر صادر عن المحكمة االبتدائية بأصيلة‪ 3‬كان مصير جلسة الصلح هو الفشل‬
‫لعد حضور المدعى عليها إذ جاء فيه" حيث ثبت للمحكمة أن رغبة المدعية أكيدة في إيقاع‬
‫الطالق من جهة و تخلف المدعى عليها رغم التوصل من جهة أخرى‪ .‬كما تعذر على المحكمة‬
‫انتداب حكمين إلصالح ذات البين"‪.‬‬
‫و في حكم أخر كان عدم حضور الزوج سبب في فشل محاوالت الصلح حيث أن المحكمة أجرت‬
‫محاولة الصلح بين الطرفين ‪ :‬األولى بتاريخ ‪ 13‬أكتوبر ‪ 2004‬فباءت بالفشل‪.‬‬

‫و نظرا لوجود أبناء بين الطرفين فإن المحكمة قررت إجراء محاولة الصلح الثانية بعد‬
‫انصرام أجل الشهر بتاريخ ‪ 29‬نونبر ‪ 2004‬حيث تخلف المدعى عليه مما حال دون مواصلة‬
‫إجراءات التصالح بين الطرفين و كدا باقي اإلجراءات المسطرية المتعلقة بالشقاق‪.4‬‬

‫وعدم حضور الزوجين كما سبقت اإلشارة قد يعزى إلى ما يطرحه نظام التبليغ من‬
‫إشكاليات كبيرة و معقدة‪.‬‬

‫‪ -1‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪333‬‬


‫‪ -2‬حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بطنجة رقم ‪ 4-06‬الصادر بتاريخ ‪ 2005-6-5‬في ملف رقم ‪ 328-2005‬غير منشور‬
‫‪-3‬حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بأصيلة رقم ‪ 05-36‬الصادر في ‪ 2006-2-22‬في ملف ‪ 05-125‬غير منشور‬
‫‪ - 4‬حكم المحكمة االبتدائية بمراكش عدد ‪ 169‬الصادر بتاريخ ‪ 2005-01-13‬في ملف عدد ‪ 04-8-1860‬غير منشور‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪127‬‬
‫بذلك أصبح من الالزم إصالح نظام التبليغ بشكل كامل وواضح خصوصا و أن التجربة‬
‫بالمحاكم قد أثبتت أن أهم العراقيل التي تحول دون تصريف القضايا في اآلجال المعقولة المحددة‬
‫قانونا هي مشكلة تبليغ االستدعاءات ‪ ،‬كما يجب االستئناس بما انتهت إليه التشريعات الحديثة في‬
‫هدا المجال و خاصة ما يتعلق باالستفادة من تقنيات المواصالت الحديثة كالفاكس والهاتف والبريد‬
‫االلكتروني في حاالت خاصة مع االعتماد بجهاز كفؤ يتولى هذه المهمة‪.1‬‬

‫وخالصة القول إن معضلة التبليغ ستظل قائمة إذا لم يتم ضبط عناوين المواطنين‬
‫وإجبارهم قانونا على التصريح بالعنوان الجديد أمام وجهات معينة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تق اضي الزوجين بسوء نية‬

‫قبل الحسم في النزاع القائم بين الزوجين بحكم قضاء نهائي ال بد للنزاع من أن يمر‬
‫بمرحلة أولية سابقة على الحكم يقوم خاللها القاضي بتسوية الخالفات بين الزوجين بطريقة ودية‪.2‬‬
‫لكن القاضي تواجهه بعض الصعوبات التي قد تحول دون نجاح محاولة الصلح من خالل‬
‫النصوص القانونية والمحيط القضائي ومن بينها نجد تقاضي الزوجين بسوء نية وتمسكهما‬
‫بالمواقف والمشاعر و خلفيات النزاع بدل الخوض في عمق المصالح الحقيقية لهما‪.‬‬

‫فمبدأ حسن النية في التقاضي يعتبر من األصول المنصوص عليها في الفصل الخامس من‬
‫القانون المسطرة المدنية و يقضي بأنه ‪ " :‬يجب على كل متقاضي ممارسة حقوقه طبقا لقواعد‬
‫حسن النية"‪.‬‬

‫فاحترام هذا المبدأ من شأنه أن يهدي القاضي و في أقرب وقت إلى معرفة وجه القضاء‬
‫في الدعوى بعد إحاطته بكل معطيات القضية و استجالء لحقيقتها‪.3‬‬

‫فإذا تمسك الزوجان بالمصالح الحقيقية فإنه يمكن الوصول إلى حلول وبدائل ونقط مشتركة‬
‫لبداية اإلعداد للحل االتفاقي‪.‬‬

‫‪ -1‬الحسن بويقين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪38‬‬


‫‪ -2‬إدريس فجر‪ ،‬من إجراء التصالح و التوفيق إلى نظام لتسوية النزاعات‪ ،‬الطرق البديلة لحل النزاعات جمعية نشر المعلومة‬
‫القانونية و القضائية المرجع السابق‪ ،‬ص ‪142‬‬
‫‪ -3‬عبد الواحد الجيراري‪ ،‬تحسين أسلوب العمل بالمحاكم‪ ،‬مجلة المحاماة العدد ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1986‬ص ‪26‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪128‬‬
‫لكن عندما يتم التشبث بالمواقف والمشاعر يبقى الخالف قائما‪ ،‬والحل االتفاقي مستعصيا‪.‬‬
‫و يتعذر في هذه الحالة تقديم التنازالت والتضحيات التي بدونها ال يمكن تصور التوصل إلى‬
‫الصلح‪ ،‬لذلك يكون السبب الرئيسي الذي يحول عادة دون قبول الصلح أو نجاح محاولته‪.1‬‬

‫فادا تمسك كل طرف بالمصالح الحقيقية و بالسبب الرئيسي للنزاع دون المغاالة فيه‪ ,‬لسهل‬
‫على القضاء أو لحكمين أو مجلس العائلة تهدئة النفوس وجبرا الخواطر وإزالة األحقاد والضغائن‪.‬‬

‫لكن غالبا ما يستفاد من وقائع النازلة و ظروفها و المالبسات المحيطة بها أن الهدف من‬
‫الطالق ليس نابعا من سوء التفاهم و استحالة العشرة بقدر ما هو تنفيذ التفاق سابق بني على زواج‬
‫مصلحي‪ 2‬من أجل الحصول على أوراق اإلقامة‪ .‬أو قد تكون الغاية من ذلك هو تحسين الوضع‬
‫االجتماعي أو االقتصادي ألحد الزوجين‪.‬‬

‫فقد يتفق الزوجان على أبرام عقد الزواج ليس من أجل التساكن و تكوين أسرة متوازنة‬
‫تتضافر جهود الطرفين إلسعادها و من تم سعادة المجتمع‪ ،‬ولكن قصد تمكن أحد طرفي العالقة‬
‫الزوجية قد يكون الرجل أو المرأة من تسوية وضعيته القانونية في البلد المضيف‪ ،‬مقابل مبلغ من‬
‫المال يتم التفاوض بشأنه مسبقا قبل التوقيع على وثيقة الزواج فيكون بالتالي زواجا على األوراق‬
‫و هو ما يسمى بالزواج األبيض‪.3‬‬

‫و قد يكون الهدف من الزواج هو الحصول على المال فقط ال التساكن الروحي و النفسي‬
‫الذي دعت إليه الشريعة اإلسالمية و حثت عليه القوانين الوضعية‪.4‬‬
‫و لذلك فإن الزوجان – في حالة زواج المصلحة – عند حضورهما لجلسة التصالح تكون لهما نية‬
‫مبيتة إلفشال المساعي الحميدة من أجل التوفيق بينهما‪ ،‬والتي تقوم بها بصفة شخصية أو بانتدابها‬
‫للحكمين أو من خالل مجلس العائلة أو أي شخص أو جهة مؤهلة لذلك‪ .‬هدا مع افتراض أن‬
‫مساعي الصلح صادقة‪.5‬‬

‫‪ -1‬الحسن بويقن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪33‬‬


‫‪ - 2‬يحيى بكاري‪ ،‬دور الحكمين في إصالح ذات البين بين طموح التشريع و عوائق التطبيق‪ ،‬منشورات مجموعة البحث في‬
‫القانون و األسرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪168‬‬
‫‪ -3‬محمد كشبور‪ ،‬قراءة في واقع الزواج المختلط‪ ,‬المجلة العربية للدراسات الدولية‪ ،‬عدد خاص أكتوبر ‪ 2003‬ص ‪75‬‬
‫‪ -4‬وال يخفى ما لهدا النوع من الزواج من عواقب وخيمة على األسرة و المجتمع‪ ,‬ال من الناحية المادية باالحتيال على صاحب‬
‫المال و أخده منه و حرمان ورثته‪ .‬و ال من الناحية المعنوية بتوقيع الطالق و تحطيم القلوب‪...‬‬
‫‪ -5‬يحيى بكاري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪168‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪129‬‬
‫إن المجهود المبذول من طرف الهيئة القضائية و كل آليات الصلح من أجل تفعيله‬
‫وإنجاحه‪ ،‬ال يكفي وحده من أجل المحافظة على توازن األسرة والحيلولة دون انهيارها وتفككها ما‬
‫لم تكن هناك رغبة صادقة وتعاون مستمر من طرف جميع مكونات هذه األسرة خاصة الزوج‬
‫والزوجة في المحافظة على تماسكها و شعورها في هذا الباب بالمسؤولية والواجب الديني و‬
‫الخلقي من شأنه أن يخفف أو ينهي كل ما يدعو إلى النزاع‪ 1.‬و يحفظ األسرة كرامتها و يوقيها من‬
‫شر الوقوع في مزالق الطالق والتطليق‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الصعوبات المتعلقة بالجهة المكلفة بالصلح‬

‫و كما سبقت اإلشارة فإن محاوالت الصلح التي تجرى على يد القضاء المغربي تعترضها‬
‫صعوبات كثيرة تجعل نسبة النجاح فيها ضئيلة ‪ .‬وهي عراقيل ترجع باألساس إلى الجهة المكلفة‬
‫بالدعوى ‪ -‬القاضي ‪(-‬الفقرة األولى) وإلي الجهات المساعدة للقضاء وهي الحكمين و مجلس‬
‫العائلة (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلشكاليات الواقعية الخاصة بالق اضي‬

‫إن الصعوبات المتعلقة بالقاضي والتي تحول دون نجاح الصلح التي تقوم بها قبل اإلذن‬
‫بالطالق و التطليق‪ ،‬كثيرة و متعددة و لذلك سوف أقتصر على ذكر بعضها فقط وأخص بالذكر‬
‫عدم تخصيص الوقت الكافي إلنجاح الصلح‪ ،‬وعدم وجود قضاة مؤهلين للقيام بمهمة التصالح‪.‬‬

‫‪-‬عدم تخصيص الوقت الكافي إلنجاح الصلح‬

‫لنجاح محاولة الصلح بين الزوجين ال يكفي أن يكون القاضي ذا خبرة في ميدان العالقات‬

‫اإلنسانية و ذا تجربة في االتصال المباشر لكي يستجلب ثقة الزوجين و يؤثر عليها‪ .‬بل ال‬
‫بد من وجود الوقت الكافي لكي يقوم بمهمته على أحسن وجه‪.2‬‬

‫فالوقت عنصر ضروري لتوفير أسباب نجاح تلك المحاولة‪ ،‬فلكي يقف القاضي على‬
‫األسباب الحقيقية للشقاق‪ ،‬و تزداد فرص نجاح الجلسة الصلحية يتعين أن يخصص حيزا مهما من‬

‫‪ -1‬الحسين العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪179‬‬


‫‪ -2‬ساسي بنحليمة‪ ،‬المحاولة الصلحية على معنى الف ‪ 32‬من م‪ .‬األح‪.‬ش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪36‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪130‬‬
‫الوقت لالستماع إلى الزوجين‪ ،1‬حتى ال يكون إجراء الصلح مجرد شكلية ال بد من استنفادها‬
‫واللجوء إليها ألن القانون نص عليها‪.2‬‬

‫فاالستماع إلى الزوجين قد يتطلب تخصيص يوم كامل أو أكثر من أجل الوقوف على‬
‫األسباب الحقيقية للنزاع و التي أدت إلى المطالبة بالطالق و التطليق‪ ،‬وبذل الجهد إلصالح ذات‬
‫البين وبيان العواقب الوخيمة النحالل الرابطة الزوجية خصوصا في حالة وجود أطفال‪ ،‬ومحاولة‬
‫القاضي إقناع الزوجين بأهمية الصلح ودوره الوقائي في حماية كافة أفراد األسرة من آثار انحالل‬
‫الرابطة الزوجية‪.‬‬

‫وقد تستوجب بعض القضايا إستدعاء أطراف أخرى كأطفال الزوجين أو جيرانهما أو‬
‫أقاربهما أو االستعانة بخبراء و مختصين في ميدان الشؤون األسرية‪ .‬و قد يقتضي األمر في‬
‫بعض الحاالت – وجود أطفال‪ -‬إرجاء محاولة الصلح إلى جلسة الحقة إلعانة الزوجين على‬
‫مراجعة قراراتهما‪ .3‬و لتحقيق ذلك ينبغي على القاضي أن ينظر في قضيتين أو ثالثة على أكثر‬
‫تقدير خالل اليوم‪.‬‬

‫لكن بالرجوع إلى الواقع العملي نجد أن القاضي ينتصب إلجراء الصلح في عشرات إن لم‬
‫نقل المئات من القضايا في اليوم الواحد‪ .‬ولذلك كانت بعض محاوالت الصلح تبوء بالفشل ليس‬
‫فقط ألن ال معنيين باألمر ال يريدان استمرار العشرة بينهما و لكن أيضا لكون القاضي ال يجد‬
‫الوقت الكافي إلجراء التصالح بين الزوجين‪ 4‬و االستعانة باليات التصالح‪.‬‬

‫و هو ما يجعل إجراء الصلح يتم بشكل سريع أو رمزي ال يحقق الغاية المرجوة منه‪ .‬لكن ال‬
‫يجب أن نلقي اللوم كله على القضاء فكثرة القضايا و ضرورة اإلسراع والحسم القضايا‪،‬‬
‫خصوصا و أ ن مدونة األسرة قد حددت بنصوص صريحة أجل البث في دعوى التطليق للشقاق‬
‫وهو ستة أشهر‪ ،‬كما أن القضاة مكلفون بأعباء و مهام أخرى( طالق ‪ ،‬تطليق‪ ،‬صلح‪ )...‬فكيف‬
‫إذن يعقل توفير الوقت الكافي أمام هده المهام الجسيمة‪ 5‬؟‬

‫‪ -1‬محمد بودالحة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪526‬‬


‫‪-2‬ادريس فجر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪147‬‬
‫‪ -3‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪269‬‬
‫‪ -4‬إدريس فجر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪147‬‬
‫‪ -5‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الطالق بعد التعديل‪ :‬حصيلة عملية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪7‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪131‬‬
‫األمر الذي يجعل أمل نجاح محاولة الصلح يتضاءل إلى درجة االضمحالل‪ ،‬و تصبح‬
‫الجلسة الصلحية التي يتوخى منها الوقوف على المشاعر و األحاسيس‪ ،‬جلسة صورية و شكلية ال‬
‫‪1‬‬
‫تحقق الغاية المنشودة منها و هي عودة المياه إلى مجاريها بين الزوجين‪.‬‬

‫لذلك ينبغي أن يؤخذ عنصر الوقت بعين االعتبار للتخفيف قدر اإلمكان على القضاة و ذلك‬
‫وأيضا بزيادة تعيين‬ ‫‪2‬‬
‫بتوفير اإلمكانيات المادية و المعنوية لكي يتحسن مستوى نشاط القاضي‬
‫قضاة جدد حتى يتسنى لهم الوقت لتفعيل آليات الصلح ( الحكمين مجلس العائلة أو أي شخص أو‬
‫جهة مؤهلة لإلصالح) ألن هذه آليات األقدر على إنجاح مهمة التصالح لتفرغهم وعدم انشغالهم‬
‫بمهام أخرى‪.‬‬
‫لذلك ينبغي تفعيل دور هذه الجهات لإلسهام إلى جانب القاضي في إزالة الشقاق بين الزوجين‬
‫المتخاصمين و المقبلين على الطالق و التطليق الذين يعتبران من أبغض الحالل إلى هللا ‪ ،‬و تنفيذا‬
‫ألوامر هللا سبحانه و تعالى الذي جعل الصلح خير‪ :3‬خير لألسرة و األفراد و الجماعات‪.‬‬

‫ب‪ -‬عدم وجود قضاة مؤهلين‬

‫إن القاعدة العامة أن يلجأ األفراد إلى القضاء متى نشب نزاع بينهم باعتباره المؤسسة التي‬
‫أوكل إليها المشرع الحكم بمختلف النزاعات‪.4‬‬

‫وقبل الحكم في النزاع ال بد للقاضي من تفعيل إجراء الصلح و تطبيقه تطبيقا سليما يتماشى‬
‫وروح المشرع في الحفاظ على استقرار كيان األسرة‪.5‬‬

‫و لذلك ال بد من أن يكون القضاة المكلفين بقضايا األسرة مؤهلين مؤطرين وذوي تكوين‬
‫قانوني و اجتماعي‪...‬‬

‫لكن بالرجوع إلى الواقع المعيشي نجد أغلب القضاة الذين عود إليهم لتولي القضاء األسري‬
‫هم من الخريجين الجدد للمعهد الوطني للدراسات القضائية‪ .‬وعلى العكس من ذلك نجد أن قانون‬

‫‪ -1‬محمد بودالحة‪ ،‬المرجع السابق‪527 ،‬‬


‫‪ -2‬ساسي بن حليمة‪ ،‬المحاولة الصلحية الفصل‪ 3 2‬من م األح ش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪37‬‬
‫‪ -3‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪7‬‬
‫‪ -4‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬حجية أحكام المحكمين في قانون المسطرة المدنية المغربي‪ ،‬الطرق البديلة لتسوية النزاعات‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪89‬‬
‫‪ - 5‬إدريس اجويلل‪ ،‬إلى أي حد حافظت مدونة األسرة على استقرار األسرة المغربية؟ منشورات مجموعة البحث في القانون‬
‫و األسرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪123‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪132‬‬
‫محاكم األسرة بجمهورية مصر‪ 1‬ينص على أن محكمة األسرة تتألف من ثالثة قضاة يكون أحدهم‬
‫على األقل بدرجة رئيس بالمحكمة االبتدائية ويعاون المحكمة خبير اجتماعي ونفسي و أحدهما‬
‫على األقل من النساء‪.2‬‬

‫فمهمة القاضي اإلصالحية مهمة صعبة ودقيقة نظرا ألهمية الدور الذي يقوم به‪ ،‬وما‬
‫يتطلبه من التأمل والنظر قبل التصريح بالحكم‪ ،‬مع مراعاة الظروف الشخصية واالجتماعية في‬
‫الحياة األسرية خصوصا وأنه غالبا ما تكون األسباب الداعية إلى الطالق أو التطليق مجهولة‬
‫نظرا لما يسود الجو‬ ‫‪3‬‬
‫لتعذر إثباتها أو لكونها عوامل شخصية يفترض بقاءها في طي الكتمان‬
‫العائلي من أسرار قد ال يراد البوح بها ‪.4‬‬

‫وللوصول إلى الهـدف المنشود وهو إحـالل الوفاق بين الزوجين محل الشقاق وإصالح كل‬
‫ما شجر بينهما ‪ 5‬ينبغي أن يكون القاضي المكلف بالصلح متحليا بالحلم والصبر والجرأة وطول‬
‫النفس‪ ،‬وعلى درجة عالية من اللباقة والفطنة‪ ،‬وذا تجربة كبيرة وحنكة واسعة وخبرة في ميدان‬
‫العالقات اإلنسانية فضال عن إلمامه بطرق وأساليب الحوار‪ 6،‬حتى يتمكن من حمل الزوجين على‬
‫اإلفصاح بكل صراحة ع ن البواعث التي أدت إلى تصدع األسرة وانهيارها‪ .‬يضاف إلى كل ما‬
‫سبق ضرورة وعي القاضي بأن مهمته هي إصالح كل مظاهر الشرخ القائمة بين الزوجين وليس‬
‫فقط الحكم لهما أو عليهما ‪ ،7‬ألن األحكام القضائية ال تقضي على الخصومات وإنما تلهب جذورها‬
‫و تثير ما كمن منها‪ 8‬كما يجب على القاضي أن يضع نصب عينيه مصلحة األسرة كأولوية‬
‫أساسية‪ ،‬وأن يعمل ما في وسعه للحفاظ على كيانها ولم شملها ولو اقتضى منه ذلك إعطاء تفسير‬
‫واسع للنص التشريعي‪.‬‬

‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪2004‬‬


‫‪ -2‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬مميزات دعوى األحوال الشخصية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪56‬‬
‫‪ - 3‬أحمد العنابي‪ ،‬دور القضاء في إصالح األسرة‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع التونسية عدد خاص – ملحق للعدد الثالث لسنة ‪18‬‬
‫مارس ‪ .1976‬ص ‪ 210‬وأيضا إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪10‬‬
‫‪ - 4‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬مميزات دعوى األحوال الشخصية ‪،‬المرجع السابق ص‪57‬‬
‫‪ - 5‬أحمد خيرت‪ ،‬مركز المرأة في اإلسالم ‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ص ‪76‬‬
‫‪ - 6‬أحمد العنابي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 21‬و إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪10‬‬
‫‪ - 7‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪270‬‬
‫‪ -8‬الطاهر كركري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪359‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪133‬‬
‫وعلى هذا األساس يكون القاضي باإلضافة إلى كونه رجل قانون أبا ومصلحا اجتماعيا‪،‬‬
‫وال بد للزوجين من أن تكون لهما ثقة كبيرة في هذا المصلح االجتماعي وأن ينظروا إليه نظرتهم‬
‫للطبيب المعالج وذلك كله في جو يسوده الهدوء والسكينة والثقة والطمأنينة ‪.1‬‬
‫كما ينبغي أن يكون تدخل القاضي في العملية الصلحية نابعا من إيمانه العميق بأن الصلح خير‬
‫لألسرة تفاديا للطالق أو التطليق و أن يبدل في سبيل دلك قصار جهده إلرجاع الود إلى الزوجين‬
‫المتخاصمين‪.2‬‬

‫وما من شك أن القانون الجديد مؤهال بنسبة كبيرة لرفع شعار التحدي و اإلصالح‪ ،‬غايته‬
‫في ذلك إصالح أوضاع األسرة و إعادة التوازن لها‪ ،‬و تقوية النسيج العائلي الذي طالما عان من‬
‫مظاهر التفكك من جراء وجود نصوص قانونية غير قابلة للتطليق‪ .‬لذا كان لزاما على المشرع‬
‫إعادة النظر في هيكلة النصوص التشريعية و تناولها باإلصالح‪.‬‬

‫لكن مهما بلغت دقة صياغة و جدية النصوص القانونية فإن ذلك لن يؤت أكله بالشكل‬
‫المنتظر منه في غياب آليات قضائية مؤهلة و متخصصة تكون قادرة على ترجمة تطلعات‬
‫المشرع على أرض الواقع‪.3‬‬

‫وهذا ما أكده خطاب صاحب الجاللة بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية من الوالية‬
‫السابعة‪:‬‬
‫" إنه مهما تضمنت المدونة من عناصر الصالح فإن تفعيلها يظل رهينا بإيجاد قضاء أسري عادل‬
‫وعصري وفعال‪ ،‬ال سيما وقد تبين من خالل تطبيق المدونة الحالية (م ح ش) أن جوانب القصور‬
‫والخلل ال ترجع فقط إلى بنودها‪ ،‬ولكن باألحرى إلى انعدام قضاء أسري مؤهل ماديا بشريا‬
‫ومعنويا لتوفير كل شروط العدل واإلنصاف مع السرعة في البث في القضايا والتعجيل في‬
‫تنفيذها"‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد العنابي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 210‬وأيضا إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪10‬‬
‫‪ -2‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪24‬‬
‫‪ -3‬يوسف بنباصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪78‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪134‬‬
‫لذلك ينبغي تأطير القضاة المشرفين على قضاء األسرة و تكوينهم في مجاالت علم النفس‬
‫علم االجتماع و بالمعرفة الجيدة بخصوصيات التعامل‪ .1‬فإدماج علم النفس وعلم االجتماع ضمن‬
‫مواد استكمال التكوين يعتبر ضروريا نظرا الرتباطهما بقضايا األسرة ‪.‬‬

‫فالقاضي يقوم بمهمة التصالح بين الزوجين وهذا يتطلب منه دراسة خاصة لتحقيق الهدف‬
‫المنشود أال و هو لم شتات كل أسرة في وضعية صعبة ‪.‬‬

‫فاحتكاك القاضي بالمجتمع ودراسة لمشاكله وكيفية عالجها من خالل االطالع على كل من‬
‫علمي النفس واإلجتماع من شأنه مساعدته على حل الخالف القائم بين الزوجين وبالتالي تحقيق‬
‫الصلح بينهما‪.‬‬

‫فالمطلوب ليس السير الروتيني للقضاء‪ ،‬فالقاضي ذو وظيفة اجتماعية تفرض عليه‬
‫اإللتصاق بالواقع اإلجتماعي متجاوزا الداللة الحرفية والضيقة للنصوص‪ 2‬في اتجاه المالئمة بين‬
‫المقتضيات القانونية والواقع العملي‪.‬‬

‫فالقاضي ينبغي أن يتوفر على مواصفات تؤهله للقيام بالدور المنوط به وأن يكون ذو‬
‫تكوين خاص إلى جانب تكوينه القانوني و القضائي ليكون مؤهال للنجاح في مهمته اإلصالحية‬
‫والوصول إلى حلول ودية حبية بين الزوجين‪.3‬‬

‫و ذلك لن يتحقق إال من خالل رصد قضاة للبث في قضايا األسرة باعتبارها اللبنة األولى‬
‫للمجتمع‪ ،‬و تأكيدا للصفات العامة التي ينبغي أن يتحلى بها القاضي فقد جاء في الرسالة الملكية‬
‫إلى أسرة قضاء األسرة أنه" ال يمكن للقضاء أن يحقق المكانة الجديرة به إال حين يكسب ثقة‬
‫المتقاضي التي ال تتحقق إال من خالل ما يتحلى به القضاة من نزاهة و تجرد و استقامة واستقالل‬
‫عن أي تأثير أو تدخل"‪.‬‬

‫وهذا يتطلب تطوير ذهنية قضاة قضاء األسرة وهذا ما أكده وزير العدل من خالل الرسالة‬
‫الدورية التي وجهها إلى المسؤولين القضائيين حول تفعيل مدونة األسرة على الوجه األمثل في‬

‫‪ -1‬مدونة األسرة‪ ...‬أي مصير؟ نساء يتأرجح مصيرهن بين النص وواقع التطبيق‪ ،‬بيان اليوم عدد ‪ 448‬بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪2005‬‬
‫‪ -2‬خديجة العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪140‬‬
‫‪ -3‬زهور الحر‪ ،‬المقتضيات الجديدة المتعلقة بإنهاء العالقة الزوجية في مشروع م أ‪ ،‬ندوة جامعة محمد الخامس ‪،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪87‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪135‬‬
‫‪ 16‬فبراير ‪ 2004‬إذ جاء فيها" إن مسؤولية القضاة وقضاة أحكام األسرة على الخصوص‪ ...‬في‬
‫الرقي بأحكام مدونة األسرة إلى مستوى مقاصد المشرع و انتظارات المجتمع بكل فئاته و فعاليته‪،‬‬
‫مسؤولية ذاتية تاريخية تستدعي تطوير الذهنية القضائية واالجتهاد القضائي لربح الرهان على‬
‫النحو الذي قصده المشرع"‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلشكاليات الواقعية الخاصة بالحكمين و مجلس العائلة‬

‫إن الحكمين ومجلس العائلة هما من أهم آليات التصالح التي نص عليها المشرع المغربي‬
‫سواء في مدونة األحوال الشخصية أو في مدونة األسرة‪ ،‬لكنهما تواجهان العديد من الصعوبات‬
‫والمشاكل التي تحول بينهما و بين تحقيق التصالح بين الزوجين‪.‬‬

‫أ – الحكمين‬

‫إن التحكيم عانى‪ -‬في ظل سريان القانون القديم – وال زال يعاني اليوم حتى في ظل‬
‫سريان القانون الجديد من مجموعة من اإلشكاليات التي تعرقل مسار عمله مما يجعل مهمته‬
‫اإلصالحية في التوفيق بين الزوجين ال تحقق النجاح و التوفيق بالشكل المنتظر‪.‬‬

‫و أولى هذه المشاكل نجد أمية الحكمين وجهلها ألهمية الصلح بين الزوجين و دوره في‬
‫حماية كافة أفراد األسرة‪ .‬وباإلضافة إلى األمية التي يتغير مفهومها باستمرار على اعتبار أن‬
‫األمي هو الذي يجعل القراءة والكتابة إلى من ال يحسن التوقيع ثم أصبح بعد دلك الذي يجهل اللغة‬
‫التي حرر بها العقد‪.‬‬

‫فهناك أمية مستشرقة في صفوف المتعلمين وهي األمية القانونية و التي تؤدي إلى استحالة‬
‫تحرير الحكمين للتقرير وبالتالي تكليف آخرين بتحريره كالكتاب العموميين مما نتج عنه تقارير‬
‫متشابهة يستخدم فيها نماذج جاهزة ال تتغير فيها إال األسماء وبعض الوقائع وتجمع على فشل‬
‫مساعي الصلح التي قام بها الحكمان‪.2‬‬

‫‪ -1‬خديجة العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪141‬‬


‫‪ -2‬يحيى بكاري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪167‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪136‬‬
‫لكن يمكن القول في هذا المضمار أنه يمكن تجاوز حرفية النص وعدم إلزام الحكمين غير‬
‫المتعلمين بالتقرير الكتابي‪ ،‬واالكتفاء باالستماع إلى تقرير الحكمين شفويا على أن يتم تدوين ما‬
‫توصل إليه في محضر الجلسة ثم يوقع عليه الحكمين‪.‬‬

‫وبالنسبة للحكمين المتعلمين فعلى القاضي توجيههم و إرشادهم لما هو مطلوب منهم النجاز‬
‫مهمة التصالح على الوجه األكمل‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى مشكل األمية فإنه في بعض الحاالت قد ال يحضر الحكمان لتبليغ القاضي‬
‫بما توصل إليه من نتائج وحتى إن حضرا فإنه يتبين من خالل تقريرهما عدم التقاء بعضهما‬
‫بالبعض دون إعطاء تبرير لذلك‪.‬‬

‫وأمام عدم حضور الحكمين يضطر القاضي إلى تأجيل ملف الدعوى إلى جلسة أخرى إلى‬
‫حين حضور الحكم المتخلف‪.‬‬
‫وفي حاالت أخرى يكون على المحكمة إلزام الزوجين بتعيين حكمين آخرين من أجل مواصلة‬
‫إجراء الصلح‪.‬‬

‫والملفت للنظر أنه في بعض القضايا بمجرد حضور الحكمين لدى القاضي النتدابهما من‬
‫أجل الصلح بين الزوجين يصرحان بعدم جدوى الصلح بسبب كثرة المشاكل القائمة بين الطرفين‪.‬‬
‫فيحكمون بالتالي على محاولة الصلح بالفشل قبل القيام بها إذ ال يكلفان نفسيهما عناء االتصال‬
‫بالزوجين و لو لدقائق معدودة و البحث في أسباب الخالف و التركيز على حله عن طريق الصلح‪.‬‬
‫ولتفادي هذه اإلشكالية يجب على القاضي عند تعيينه للحكمين أن يتأكد من استطاعتهما الحضور‬
‫في كل الجلسات و عدم انشغالهما بأمورهما الشخصية و أعمالهما اليومية‪ ،‬التي من الممكن أن‬
‫تكون عائقا أمام حضورهما لجلسات التحكيم‪ ،‬كما يتعين على القاضي التمعن في اختيار الحكمين‬
‫المصاحبين للزوجين وعدم االكتفاء بأي شخص يحضرهما الزوج والزوجة لتعيينه كحكم لهما‪.‬‬
‫ألنه غالبا ما يلجأ كل زوج إلى انتقاء الشخص الذي ينتصر إلى موقفه من أفراد عائلته‪.‬‬

‫وإنما يستحسن االستماع إلى المرشح ألن يكون حكما لمعرفة درجة قرابته ومدى قدرته‬
‫على التأثير على الزوجين وتوفره على مؤهالت تمكنه من القيام بمهمة التصالح‪ ،‬شريطة عدم‬
‫ضلوعه في الخصام الدائر بين الزوجين‪ ،‬و إال أثر ذلك على حياده و موضوعيته‪ .‬ألنه أحيانا قد‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪137‬‬
‫يكون الحكم خصم ا و حكما في نفس الوقت كأن يكون أساس النزاع و الشقاق القائم بين الزوجين‬
‫هو عدم تفاهم الزوجة مع أحد أفراد عائلة الزوج‪ ،‬مما يكون معه تكليفه بالصلح بمجرد إجراء‬
‫شكلي يفرغ محاولة الصلح عامة و انتداب حكمين خاصة من محتواها و يحيد بها عن الهدف‬
‫المرجو منها‪ .1‬إذ يسود التحيز وانعدام الموضوعية و تبني موقف القريب فيكون مصير الصلح‬
‫هو الفشل‪.‬‬

‫لذلك فمن األفضل التدقيق باختيار الحكمين ويستحسن توجيه اليمين إليهما لكي يقوما‬
‫بمهمتها بكل صدق وأمانة وبما يرضي هللا‪.‬‬

‫وهذا ما سار عليه المشرع المصري في القانون في المادة الثامنة من قانون ‪.1985‬‬
‫ففي توجيه اليمين ضمان إلنجاز مهمة التحكيم بكل إخالص و موضوعية‪.‬‬
‫ويضاف إلى ما سبق ذكره أنه من بين المعوقات أيضا والتي تحول دون نجاح الحكمين في‬
‫مهمتهما اإلصالحية نجد عدم وجود أقارب للزوجين في المدينة أو البلد الذي يقطنون فيه فتضطر‬
‫المحكمة إلى تعيين حكمين أغراب ال تربطهما أية صلة أو عالقة بالزوجين‪ ،‬وبالتالي عدم‬
‫اطالعهما على أحوال الزوجين العامة والشخصية وظروفهما‪ .‬فكيف سيقومان بمهمة التصالح‬
‫وهما ال يعرفان حتى أسماء الزوجين؟ لذلك غالبا ما يتعجل هؤالء في تقديم تقرير بأقصر مدة‬
‫زمنية على حساب المحافظة على كيان األسرة‪.‬‬

‫لذ لك يكون من األفضل أن تقوم المحكمة بواسطة قضاتها بمحاولة التصالح في حالة تعذر‬
‫إحضار الحكمين و كذا ثبوت عدم حيادها أو عدم نجاعتهما في أداء مهمتهما‪.‬‬

‫وهي الوسيلة التي أثبتت فعاليتها ذلك أن أغلب حاالت الصلح التي سجلتها المحاكم كانت‬
‫حصيلة لجهد القضاة في تقريب وجهات النضر بين الزوجين‪ .2‬فهي وسيلة فعالة بالصدع الذي‬
‫يعتري بناء األسر المغربية‪.‬‬

‫وأمام هذه المشاكل التي تعترض سبيل التحكيم فإنه يصعب على القضاء في الواقع العملي‬
‫إيجاد حكمين باألوصاف والشروط المطلوبة في الفقه المالكي من أهل الزوجين وحتى من غيرها‬

‫‪ -1‬يحيى بكاري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪169-168‬‬


‫‪ -2‬يحيى بكاري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪170‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪138‬‬
‫فكيف يمكن للمحكمة أن تعلم بوجود أشخاص مؤهلين للقيام بمهمة الحكمين؟ وحتى في حالة علمها‬
‫بوجودهم فمن يضمن لها أنهم سينجزون المهمة المنوطة بهم بدون تماطل أو تأخير؟‬

‫فمما ال شك فيه أن األشخاص الذين يمكن أن تجتمع فيهم شروط الحكمين هم قلة قليلة في‬
‫المجتمع‪ .‬و غالبا ما نجدهم مرتبطين بأعمالهم سواء في القطاع العام أو الخاص وإذا ما تم تعيينهم‬
‫لهذه المهمة فإنك تجدهم يلتمسون اإلعفاء منها لعدم عدم التفرع أو ألي عذر آخر‪ .‬ذلك أن مهمة‬
‫التحكيم بين الزوجين مهمة شاقة و مظنية ال يتحفز أحد لتحملها مسؤوليتها‪ ،‬خصوصا وأن‬
‫المشرع لم ينص على أي تعويض عن األتعاب لفائدة الحكمين عن أداء مهمتها‪.1‬‬
‫فلتحقيق الصلح بين الزوجين ال بد من تنظيم مؤسسة الحكمين تنظيما قانونيا دقيقا يبين فيه‬
‫االختصاص و تحدد فيه الشروط الواجبة تطبيقها‪.2‬‬

‫وعلى القاضي أن يختار الحكمين ممن تتوفر فيهم الشروط الفقهية والقانونية المتطلبة‬
‫شرعا بعد أن يتم إعداد الئحة على مستوى دائرة كل محكمة استئنافية بأسماء الحكام المسددين يتم‬
‫اختيارهم من طرف وزارة العدل بتعاون مع جميع القطاعات الوزارية األخرى‪ ،‬وال سيما وزارة‬
‫األوقاف والشؤون الدينية ووزارة التربية الوطنية‪ .‬كما أنه البد من صدور نص تشريعي أو‬
‫تنظيمي يحدد الشروط والمعايير المعتمد عليها الختيار الحكمين و كيفية تحديد و استفاء أتعابهم‬
‫ومصاريف تنقلهم عند االقتضاء و ذلك على غرار ما هو معمول به بالنسبة للخبراء‪.3‬‬

‫ويستحسن أن تؤدى لهما األجرة من صندوق المحكمة وليس من األطراف وذلك درءا ألية‬
‫شبهة ألنه ال يمكن أن نضمن االستمرارية لهده المهمة الشاقة إدا لم تسند للقائمين بها ما يلزمهم‬
‫من الوسائل المادية والمعنوية‪ .‬ومن أراد أن يتطوع لدلك فهو خير ويفتح له المجال وفقا للقانون‪.‬‬

‫أما أن يطلب من الزوجين إحضار الحكمين معهما إلى المحكمة كما هو الحال في محاكم‬
‫األسرة فدلك صعب التحقيق النشغال الناس بأحوالهم وشؤونهم وإال فلنرجع إلى كم تحقق من‬

‫‪ -1‬حسين بن دالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪59‬‬


‫‪ -2‬أحمد خرطة‪ ،‬التطليق للشقاق بين المنظور التشريعي و التصور القضائي‪ ،‬منشورات مجموعة البحث في القانون و األسرة‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪180‬‬
‫‪ -3‬حسين بن دالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪180‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪139‬‬
‫صلح بين الزوجين مند دخول المدونة حيز التنفيذ‪ ،‬فالعدد قليل إن لم يكن نادرا على التحقيق‬
‫واليقين‪.1‬‬

‫فال بد إذن من تنظيم التحكيم وأن يوضع رهن إشارة القضاء للقيام بدوره الموكول إليه في‬
‫الصلح بين الزوجين حتى تصبح محاولة الصلح إجراء جوهري يمارس بشكل فعلي‪ ،‬ال أن يكون‬
‫عبارة عن إجراء روتيني فحسب يستدعى له الطرفان دون بذل مجهود للتقريب بين وجهات نظر‬
‫الزوجين‪ ،‬وإظهار ما يترتب على الطالق من آثار وخيمة من نواحي متعددة‪.‬‬

‫ب‪ -‬مجلس العائلة‪:‬‬

‫يعتبر مجلس العائلة أحد آليات الصلح التي أوجب قانون األسرة ضرورة االستعانة بها من‬
‫أجل تحقيق الصلح بين الزوجين‪.‬‬

‫وإذا كان القاضي يتوفر على سلطات وصالحيات تخول له اتخاذ المبادرة والسعي في‬
‫إطار الوالية الممنوحة الستدعاء أعضاء مجلس العائلة‪ ،‬فإنه هناك صعوبات عملية تحول دون‬
‫تشكيل هذا المجلس‪.‬‬

‫‪ -1‬مصاريف التنقل‪:‬‬

‫و أولى هذ ه التي تعوق تكوين مجلس العائلة و تحول دون اجتماع أعضائه هي مصاريف‬
‫التنقل‪ .‬في بعض الحاالت قد يقتضي األمر استدعاء أطراف متواجدة خارج أرض الوطن فيتطلب‬
‫هدا التنقل تكاليف قد ال تحملها ذمة الطرف المستدعى‪ .‬لذلك فتكرر حاالت التغيب و عدم‬
‫الحضور و قد يتعلق األمر باستدعاء أطراف فقيرة و معوزة قد تعجز عن تسديد مصاريف التنقل‬
‫من أجل حضور اجتماع مجلس العائلة الن في تنقلها إرهاقا ماديا لها‪.‬‬

‫كما أن بعض األطراف قد توجد خارج الدائرة الترابية للقاضي الذي يجري الصلح‪،‬‬
‫فيضطر إلى االستدعاء بواسطة النيابة القضائية‪ ،‬مع ما يصحب هذه الطريقة من ثغرات‬
‫وعراقيل‪ ،‬ال تخفى انعكاساتها على الممارس العملي فتقوت بذلك فرصة إصالح ذات البين‪.2‬‬

‫‪ -1‬أحمد خرطة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪179‬‬


‫‪ -2‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪333‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪140‬‬
‫‪ -2‬اختالف ثقافة الووجين و أعضاء المجلس‬

‫إن المستوى االجتماعي و الثقافي للزوجين يلعب دورا أساسيا و حاسما في تأجيج أو‬
‫تلطيف حدة النزاع‪ ،‬فالوسط الثقافي للزوجية قد يكون عائقا أمام نجاح محاولة الصلح و تسوية‬
‫النزاع وديا ألن الزوجين قد يرفضون حضور اجتماعات مجلس العائلة لطرح خالفاتها و البوح‬
‫بأسرارهما الزوجية أمام األقارب‪ .‬سيما إذا كان هؤالء من الطبقة األمية فقد يرى الزوجين‬
‫المثقفين أن في تكوينهما الثقافي و مؤهالتهما العلمية ما يغنيهما عن طرح النزاع أمام األقارب‪.‬‬

‫‪ -3‬عدم حضور أعضاء المجلس‬

‫رغبة من المشرع في المحافظة على وحدة األسرة و تماسكها فقد خولت للقاضي سلطات‬
‫واسعة في اتخاذ كل اإلجراءات التي تراها ضرورية لتحقيق الهدف المنشود‪ .‬إذ يمكنه االستعانة‬
‫بمجموعة من آليات الخاصة بالصلح كالحكمين و مجلس العائلة‪.‬‬
‫إال أنه في الواقع العملي كثيرا ما نجد القاضي يقتصر على مبادرته الشخصية ومجهودات‬
‫الحكمين‪.‬‬

‫وحتى في الحالة التي تقوم المحكمة يكون مجلس العائلة وتكلفة بمهمة اإلصالحية رغبة‬
‫منها في إصالح ذات البين بين الزوجين و إعطائها فرصة أخرى بواسطة‪ ،1‬فإن هناك صعوبات‬
‫تعترض اجتماع أعضاء هذا المجلس‪.‬‬

‫فبعد أن يقوم القاضي بتكوين أعضاء المجلس بناءا على عناوين وهوية األقارب المقترحين‬
‫بالتراضي من طرف الزوجين‪ ،‬تباشر إجراءات التبليغ وفق المقتضيات المسطرية المحددة‬
‫بمقتضى ق ‪.‬م ‪.‬م من أجل الحضور في اليوم و الساعة المحددين‪.‬‬

‫و في التاريخ المحدد الجتماع أعضاء العائلة كثيرا ما يفاجأ القاضي إما بتغيب أقرباء‬
‫الزوجة أو الزوج لعدم توصلهم باالستدعاء‪ ،‬فيضطر القاضي إلى تأخير القضية من أجل استدعاء‬
‫من لم يتوصل‪.‬‬

‫‪ -1‬فقد صدر عن المحكمة االبتدائية بمركز القاضي بتاوريرت حكم استعانت فيه بمجلس العائلة من أجل تسوية الخالفات بين‬
‫الزوجين جاء فيه" رغبة من المحكمة في إصالح ذات البين بينهما استدعت الزوجين شخصيا و حضرا شخصيا لغرفة المشورة‬
‫فلم تتوصل إلى نتيجة لتمسك لكل طرف بموقفه و أعطتها فرصة ثانية بواسطة مجلس العائلة فصرح أخد المدعية بأنه تعذر الصلح‬
‫بين الزوجين بسبب كثرة المشاكل بينهما كما تمسك الزوج بطلبه"‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪141‬‬
‫وهكذا يبقى اجتماع أعضاء المجلس معلقا في انتظار حضور أقرباء الطرفين معا‪ .‬و قد‬
‫يمتد هدا االنتظار مدة ليست بيسيرة مما يؤدي إلى تطويل أمد النزاع ويفرغ مجلس العائلة من‬
‫محتواه ويفقده كل جدية ونجاعة‪.1‬‬

‫لكن يمكن القول إن أهم عائق أمام نجاح مجلس العائلة في مهمته اإلصالحية بين الزوجين‬
‫هو أن دوره يأتي متأخرا بعد أن يكون الوضع العائلي قد عرف تدهورا نتيجة خالفات نشبت بين‬
‫الزوجين ليصل ويضحى من الصعب بعد تجدر المشاكل وتفرعها إيجاد تسوية ودية بين‬
‫الزوجين‪.‬‬

‫‪ -1‬ربيعة بنغازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪335‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪142‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الوسائل الكفيلة بتفعيل مسطرة الصلح‬

‫يعتبر مشكل انحالل الرابطة الزوجية بالطالق أو التطليق من المشاكل العويصة التي تهدد‬
‫كيان األسرة واستقرارها وتأثيره ال يقتصر على األسرة فقط وإنما يتعدى ليشمل كل أفراد المجتمع‬
‫لذلك كان لزاما على المشرع المغربي و هو بصدد صياغة قانون األسرة أن ينص على إجراءات‬
‫قانونية مسطرية و موضوعية للحد من شبح الطالق والتطليق وأن يعمل على خلق مؤسسات‬
‫مهمتها التوفيق بين الزوجين من أجل المحافظة على التماسك األسري واالستقرار العائلي‪.‬‬

‫فالتنظيم القانوني يمكن له أن يساهم بشكل كبير في التخفيف من المشاكل التي تعاني منها‬
‫األسرة فال يجب أن نقلل من الدور الذي يمكن أن يقدمه القانون للخالفات القائمة بين الزوجين‬
‫بدعوى أن القانون ليس إال إطارا لعالقات اجتماعية معينة‪.1‬‬

‫فهل يمكن القول بأن أي تنظيم قانوني خاص باألسرة هو كفيل وحده بتحقيق الهدف‬
‫المنشود المتمثل في حل المنازعات بين الناس و إحالل الوئام بدل الخصام‪ .2‬ومن تم حماية األسرة‬
‫من التفكك و االنهيار؟‬

‫أم أن األمر يحتاج إلى ضرورة إحداث مؤسسات خاصة للصلح بين الزوجين وحل‬
‫الخالفات التي تنشب بينهما‪ ،‬تضاف إلى تلك المنصوص عليها قانونيا ؟‬

‫ففي هذا الصدد يمكن القول أنه ال بد أن يكون قانون األسرة متكامال ومنسجما يتعرض‬
‫لكافة اإلجراءات الخاصة بمسطرة الصلح وينظم آلياتها تنظيما قانونيا دقيقا خال من أي تناقض أو‬
‫عيب قد يعرقالن مسيرة تطبيقه وتنزيله على أرض الواقع كما أنه من األفضل أن يعتمد المشرع‬
‫على غرار باقي‪-‬التشريعات العربية‪ -‬على وسائل متطورة وحديثة متخصصة في الصلح بين‬
‫الزوجين و تسوية النزاعات األسرية تواكب متطلبات العصر ومستجداته‪.‬‬

‫فإلى أي حد يمكن القول بأن النصوص القانونية الخاصة بمسطرة الصلح التي جاءت بها‬
‫مدونة األسرة هي نصوص متكاملة وخالية من أي نواقص وثغرات؟‬

‫‪ -1‬جمال الدين محمد محمود‪ ،‬عالج مشكلة الطالق في قانون األسرة‪ ،‬مجلة المحاماة المصرية‪ ،‬عدد ‪ 2‬السنة ‪ 51‬فبراير ‪1971‬‬
‫ص ‪.47‬‬
‫‪ -2‬محمد زكي عبد البر‪ ،‬منهج اإلسالم في حل المنازعات بين الناس ‪ ،‬مجلة أضواء الشريعة العدد التاسع‪ ،‬سنة ‪ 1398‬ص‪343‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪143‬‬
‫وما هي إذن هذه المؤسسات التي يمكن االستعانة بها في سبيل الحفاظ على عش الزوجية‬
‫من التصدع؟‬

‫هذا ما سأعمل على تحليله من خالل مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ضعف الجانب التشريعي مسطرة الصلح‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االعتماد على وسائل بديلة في الصلح بين الزوجين‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪144‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ضعف الجانب التشريعي في مسطرة الصلح‬

‫إن النصوص القانونية المتعلقة بمسطرة الصلح في ظل مدونة األحوال الشخصية كانت‬
‫وال تزال تعاني فراغا تشريعيا كبيرا‪ ،‬سواء تعلق األمر بالجانب اإلجرائي أو الجانب الموضوعي‬
‫الجوهري‪ .‬وإن كان الجانب المسطري أكثر فراغا وخصاصا‪ ،1‬مما انعكس على األسرة بكاملها‬
‫حيث أدى ذلك إلى ارتفاع حاالت الطالق و التطليق ارتفاعا مهوال‪.‬‬

‫لكن بصدور مدونة األسرة عمل المشرع المغربي على تفادي العديد من الثغرات والعيوب‬
‫التي كانت تعتري القانون القديم ( م ح ش )‪ .‬إذ عمل على تفريد نصوص خاصة تؤكد على‬
‫ضرورة إجراء الصلح في كافة أنواع الطالق و التطليق باستثناء حالة التطليق للغيبة ( م ‪.)113‬‬

‫وهذه ميزة كبيرة تسجل لهذا القانون إذ يعيد االعتبار للمؤسسة التي أوجب هللا عز هللا‬
‫االعتماد عليها لحل النزاعات التي تثار بين الزوجين‪.‬‬

‫ومع دلك و باستقراء المقتضيات القانونية التي تهم مسطرة الصلح التي جاءت بها مدونة‬
‫األسرة نجد أن المشرع قد سقط في بعض التناقضات واإلخالالت‪ ،‬وأغفل اإلشارة إلى العديد من‬
‫القضايا الهامة التي تتعلق سواء باإلجراءات المسطرية الخاصة بالتصالح بين الزوجين أو تلك‬
‫التي تهم مؤسسات الصلح مما شكل فراغا تشريعيا كبيرا‪.‬‬

‫فما هي إذن هذه التناقضات و اإلخالالت التي اعترت نصوص مسطرة الصلح؟ و ما هي‬
‫االقتراحات التي من الممكن أن تسد هذه الثغرات؟‬

‫هذا ما سأحاول اإلجابة عنه من خالل مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مالحظات متعلقة بإجراءات التصالح‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مالحظات خاصة بآليات الصلح‬

‫‪ -1‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪338‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪145‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مالحظات متعلقة بإجراءات التصالح‬

‫إن جعل الصلح آلية مؤهلة لتأدية مهامها على الوجه المطلوب وكما أراد شرع هللا‪ ،‬يقتضي‬
‫أن تكون جميع النصوص القانونية هادفة إلى نفس المبتغى والغرض‪.‬‬
‫ومن باب أولى وأحرى أن تكون خالية من كل ما من شأنه أن يوحي بالتناقض والتعارض‬
‫والغموض و قابلية التأويل‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار أبدي بعض المالحظات واالقتراحات المتعلقة ببعض النصوص القانونية‬
‫التي لها عالقة بإجراءات مسطرة التوفيق بين الزوجين والتي يجب أن يتدخل المشرع لسد فراغها‬
‫وقصورها‪ .‬وذلك من أجل الوصول إلى الهدف المنشود الذي يضمن للتصالح بين الزوجين سيره‬
‫وتأدية مهامه وتحقيقا للغايات المنتظرة منه دون خلل أو تضارب أو تباين في العمل القضائي‬
‫واجتهاداته‪.1‬‬

‫وأخص بالذكر المقتضيات المتعلقة بتقديم طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق أو التطليق‬
‫( الفقرة األولى )‪ ،‬واستدعاء الزوجين لجلسة الصلح ( الفقرة الثانية )وأخيرا إيداع مستحقات‬
‫الزوجة واألطفال(الفقرة الثالثة)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تقديم الطلب‬

‫من المعلوم أن القضاء ينظر في الدعاوي بناءا على طلب ذي العالقة من المتداعين‪،‬‬
‫فيدعي المدعي حقا و يطلب توصيله إليه و من تم ينظر القاضي في طلبه‪.2‬‬
‫أما إذا لم يحتكما إليه فليس من اختصاصه أن يبت في الدعوى من غير أن يتقدم إليه الخصمان أو‬
‫أحدهما بطلب‪.‬‬

‫و هذا ما تسير عليه مدونة األسرة في قضايا انحالل الرابطة الزوجية إذ أوجبت على‬
‫طالب الطالق أن يتقدم إلى المحكمة المختصة بطلب رامي إلى الحصول على اإلذن باإلشهاد على‬

‫‪ -1‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪312‬‬


‫‪ -2‬محمود محجوب عبد النور‪ ،‬الصلح و أثره في إنهاء الخصومة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬دار الجيل بيروت طبعة ‪1987- 1408‬‬
‫ص ‪141‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪146‬‬
‫الطالق وهذا ما يستفاد من المادة ‪ " 79‬يجب على من يريد الطالق أن يطلب اإلذن من المحكمة‬
‫باإلشهاد به لدى عدلين منتصبين لذلك"‪.‬‬

‫ومع ذلك لم تفصح مدونة األسرة على شكل هذا الطلب وما إذا كان يؤدى عنه الرسوم‬
‫القضائية‪ .‬أي ما إذا كان يخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية الذي‬
‫يسمح للمدعي بالتقدم بطلب مكتوب أو بمجرد تصريح يدلى به شخصيا لكتابة ضبط المحكمة‬
‫المختصة‪.‬‬

‫وما يجري عليه العمل في المحاكم هو أن الطلب يقدم إلى المحكمة ذات االختصاص في‬
‫شكل مقال يتضمن هوية الزوجين ومهنتهما وعدد األطفال إن وجدوا و سنهم وحالتهم الصحية‬
‫ومستواهم الدراسي‪ .‬كما يمكن أن يقدم على شكل تصريح إلى كتابة الضبط التابعة للمحكمة و هذا‬
‫ما نصت عليه المادة ‪ 80‬من مدونة األسرة ‪.‬‬

‫ويرفق الطلب بمستند الزوجية و الحجج المتبثة بوضعية الزوج المادية و التزاماته المالية"‬
‫و من خالل هذه المادة يالحظ أن الشكليات الواجب توافرها في طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق‬
‫أكثر تشددا من تلك التي استلزمها المشرع في المقاالت االفتتاحية للدعوى بصورة عامة‪.‬‬

‫ويرجع ذلك إلى كون البث في طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق يتعلق به حقوق المطلوب‬
‫في الطالق و حقوق األطفال إن وجدوا‪.1‬‬

‫لكن رغم أن المشرع قد حدد البيانات الواجب تضمنها في الطلب‪ ،‬فأنه لم يذكر وثيقة‬
‫أساسية ضمن وثائق ملف الطالق وال غنى للمحكمة عنها في عملية توجيه ملخصات الطالق أو‬
‫التطليق على حد سواء‪ ،‬و هي رسم الوالدة قصد معرفة ضابط الحالة المدنية المختص لمحل والدة‬
‫المتفارقين كما انه لم يشر إلى ضرورة تضمين طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق لبينة هامة‬
‫وضرورية و هي سبب الطالق أو التطليق‪ .‬وهو أمر بالغ األهمية يساعد القاضي على تحديد‬
‫مقدار المتعة‪ 2‬كأحد أهم مستحقات الزوجة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اللطيف الحاتمي‪ ،‬المستجدات المسطرية في مدونة األسرة بخصوص انحالل الرابطة الزوجية و مدى تحقيقها لمبدأ‬
‫المساواة بين الزوجين‪ ،‬أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته الجمعية الوطنية الحضن حول موضوع من م ح ش إلى م أ‪ -‬أي جديد؟‬
‫منشورة في المجلة المغربية لقانون و اقتصاد التنمية عدد ‪ 50‬سنة ‪ 2004‬ص ‪140‬‬
‫‪ -1‬عبد العزيز فتحاوي‪ ،‬قراءة في الكتاب الثاني من م أ المتعلق بانحالل ميثاق الزوجية و آثاره‪ ،‬ندوة خاصة ب م أ األيام‬
‫الدراسية حول م أ المنظمة من طرف المعهد العالي للقضاء عدد ‪ 5‬شتنبر ‪ 2005‬ص ‪144‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪147‬‬
‫رغم أن المشرع أكد في المادة ‪ 84‬من ق م أ على أنه يراعى في تقدير المتعة فترة الزواج‬
‫والوضعية المادية للزوج‪,‬و أسباب الطالق و مدى تعسف الزوج في توقيعه‪.‬‬

‫يضاف إلى ما سبق أن المشرع المغربي لم يتعرض في مدونة األسرة إلى الحالة التي‬
‫يكون فيها طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق غير متضمنا كل البيانات المطلوبة أو غير مرفق‬
‫بالوثائق الالزمة طبقا للمادة ‪ 80‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫فهل يمكن للمحكمة في هذه الحالة أن تطلب من طالب الطالق تحديد البيانات الناقصة‬
‫والتي وقع إغفالها و كذا اإلدالء بالوثائق الالزمة مع ترتيب اآلثار القانونية في حالة عدم‬
‫االستجابة إلى ذلك؟‬

‫لقد كان على المشرع وهو بصدد إصدار مدونة األسرة أن يعمل على تحديد شكل طلب‬
‫اإلذن باإلشهاد على الطالق وكذا البيانات الواجبة توافرها فيه والوثائق التي ينبغي إرفاقها للطلب‪،‬‬
‫حتى يكون القضاء على بينة من أمره و تكون كل الطلبات الرامية إلى انحالل الرابطة الزوجية‬
‫موحدة في جميع شكلياتها‪.‬‬

‫و من بين اإلشكاليات التي أفرزها أيضا التطبيق العملي للكتاب الثاني من مدونة األسرة‬
‫نجد قضية غرفة المشورة‪ .‬إذ يطرح السؤال عما إذا كانت كل أنواع الفرقة من طالق وتطليق‬
‫وطالق باالتفاق والخلع تنظر في غرفة المشورة أم أن األمر يقتصر فقط على مسطرة الصلح؟‬

‫فبتتبع مواد مدونة األسرة نجد أن المادة ‪ 82‬تنص على أنه " عند حضور الطرفين تجرى‬
‫المناقشات في غرفة المشورة"‪.‬‬

‫فقد نصت هذه المادة صراحة على أن المناقشات تكون في غرفة المشورة وقيدت ذلك‬
‫بحضور الطرفين لكنها في المادة ‪ 89‬من ق م أ بشأن الطالق المملك نجدها تنص على ما يلي"‬
‫تتأكد المحكمة من توفر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين وتحاول اإلصالح بينهما طبقا‬
‫ألحكام المادتين ‪ 81‬و ‪ 82‬أعاله"‪.‬‬

‫فالمادة ‪ 89‬تحيل على المادة ‪ 82‬من ق م أ بشأن الصلح بين الزوجين ال بشأن المناقشة‬
‫بغرفة المشورة‪ .‬و كذلك الشأن بالنسبة للمادة ‪ 100‬من ق م أ المتعلقة بالتطليق لإلخالل بشرط في‬
‫عقد الزواج أو الضرر التي تؤكد على ضرورة االستماع إلى الشهود في غرفة المشورة‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪148‬‬
‫فيتضح إذن أن هناك ارتباك على مستوى صياغة النصوص القانونية التي تتعلق بالصلح‬
‫بين الزوجين مما جعل المحاكم ترتبك أيضا في مكان النظر في قضايا الطالق و التطليق عموما‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فهل تجرى في غرفة المشورة أم في جلسة علنية؟‬

‫لقد كان من األفضل أن يحسم المشرع المغربي عند صياغته لنصوص مدونة األسرة بنص‬
‫صريح وواضح يرفع كل لبس أو تأويل و يسد باب االختالف في الرأي والتطبيق‪.‬‬

‫ورغم أن المشرع لم يبين مكان البث في قضايا الطالق والتطليق بنص صريح إال أنه‬
‫باستقراء نصوص المدونة و مقاربتها يتضح أن اإلحالة بشأن الصلح كانت غالبا على المادة ‪82‬‬
‫من ق م أ وأن هذه األخيرة أكدت أن المناقشات تجرى بغرفة المشورة والصلح من بين هذه‬
‫المناقشات إذ يجرى بدوره بهذه الغرفة‪.‬‬

‫ومن تم فإن اإلحالة على المادة ‪ 82‬من ق م أ ينبغي أن تشمل الصلح والمناقشة بغرفة‬
‫المشورة على حد سواء‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬استدعاء الزوجين لحضور جلسة المصالحة‬

‫لقد حرص المشرع المغربي على تفريد إجراءات استدعاء الزوجة بنصوص خاصة خالفا‬
‫للقواعد العامة الواردة في قانون المسطرة المدنية والتي أفرزت الممارسة العملية سلبياتها حينما‬
‫يتعلق األمر بالطالق‪ .‬ذلك أنه في غياب نصوص خاصة في مدونة األحوال الشخصية تتعلق‬
‫باستدعاء الزوجة التي يرغب الزوج في طالقها‪ ،‬كان يلتجأ إلى قواعد المسطرة المدنية وخاصة‬
‫الفصول ( ‪ ) 39-38-37‬مما كان يؤدي غالبا إلى التحايل و كثرة الطالق الغيابي‪ .‬لذلك جاءت‬
‫مدونة األسرة لتحل هذا اإلشكال وتضع حدا للتحايل وتحمي المرأة حيث نصت في المادة ‪ 81‬من‬
‫ق م أ على ما يلي‪ ":‬تستدعي المحكمة الزوجين لمحاولة اإلصالح‪.‬‬

‫إذا توصل الزوج شخصيا باالستدعاء ولم يحضر‪ ،‬اعتبر ذلك منه تراجعا عن طلبه‪.‬‬
‫إذا توصلت الزوجة شخصيا باالستدعاء ولم تحضر‪ ،‬ولم تقدم مالحظات مكتوبة‪ ،‬أخطرتها‬
‫المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنها إن لم تحضر سيتم البث في الملف ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد العزيز فتحاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪147‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪149‬‬
‫إذا تبين أن عنوان الزوجة مجهول‪ ،‬استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى الحقيقة‪.‬‬
‫و إ ذا تبث تحايل الزوج طبقت عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة ‪ 361‬من القانون الجنائي‬
‫بطلب من الزوجة"‪.‬‬

‫فالمشرع وهو بصدد تحديد آثار االستدعاء لجلسة الصلح سقط في التناقض مع القاعدتين‬
‫المنصوص عليهما في المادتين ‪ 79-78‬و األحكام الواردة في المادة ‪ 81‬من ق م أ ‪.‬‬

‫فالمثير لالستغراب أن هذه المادة( ‪)81‬من ق م أ اهتمت فقط بتنظيم آثار االستدعاء‬
‫لحضور جلسة التصالح في الحالة التي يكون فيها الزوج هو طالب الطالق‪ ،‬ولم تتحدث عن آثار‬
‫االستدعاء عندما تكون الزوجة هي طالبة الطالق علما أن الطلب يمكن أن يقدم من طرف‬
‫الزوجين معا‪ .‬الشيء الذي يؤكد وجود اإلخالل والتناقض بين النص والعنوان المدرج تحته‪.‬‬

‫و قد كان باإلمكان تالفي هذا التناقض بعطف التوصل باالستدعاء أو عدم التوصل به على‬
‫طالب اإلذن بالطالق ( سواء كان الزوج هو الذي تقدم به أو الزوجة) عوض عطفه على الزوج‬
‫وحده‪.‬‬

‫و على هذا النحو يرى بعض فقهاء المغاربة أنه يمكن إزالة هذا التناقض المذكور بالصياغة‬
‫التالية‪:‬‬
‫" إذا توصل طالب الطالق شخصيا باالستدعاء و لم يحضر‪ ،‬اعتبر ذلك منه تراجعا عن طلبه‪.‬‬

‫إذا توصل المطلوب في الطالق شخصيا باالستدعاء ولم يحضر‪ ،‬ولم يقدم مالحظات‬
‫مكتوبة‪ ،‬أخطرتها المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنه إذا لم يحضر سيتم البث في الملف ‪.‬‬
‫إذا تبين أن عنوان المطلوب في الطالق مجهوال‪ ،‬استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى‬
‫الحقيقة‪.‬‬

‫وإ ذا تبث تحايل طالب الطالق طبقت عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة ‪ 361‬من‬
‫القانون الجنائي"‪.1‬‬

‫كما يتبن أن هذه المادة (‪ )81‬من ق م أ نصت على قاعدة اعتبار تخلف الزوج رغم توصله‬
‫باالستدعاء ش خصيا بمثابة تراجع عن طلب الطالق‪ .‬إال أن هناك بعض األسئلة التي تتبادر إلى‬

‫‪ -1‬عبد اللطيف حاتمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪138-137‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪150‬‬
‫الذهن في هذا الصدد ‪ :‬فهل عدم حضور الزوج مبرر دائما وفي جميع الحاالت باعتباره تراجعا‬
‫عن طلبه؟ أم أنه يكون كذلك فقط في الحاالت غير المبررة؟ و ما الحكم إذا كانت هناك ظروف‬
‫قاهرة و طارئة كمرض أو سفر‪ ...‬حالت بين الزوج وبين حضوره لمحاولة الصلح فهل يعتبر‬
‫طل به قائما أم تؤجل محاولة الصلح إلى وقت الحق تحدده المحكمة? وهل عدم حضور الزوج‬
‫لجلسة التصالح الثانية يعتبر تراجعا منه عن طلب الطالق ؟ وماذا لو لم تحضر الزوجة جلسة‬
‫التصالح الثانية ؟‬

‫أما كان على المشرع أن يأخذ بنظرية الظروف الطارئة كحل للحاالت التي يتعذر على‬
‫الزوج الحضور شخصيا لجلسة الصلح‪.‬‬

‫لكن هذا االقتراح قد يسيء تطبيقه‪ -‬إذا تم إعماله في الواقع‪ -‬و بالتالي يؤدي إلى تطويل مدة‬
‫إجراءات مسطرة الصلح ومن تم االبتعاد عن الهدف الذي رسمه المشرع وهو المحافظة على‬
‫استقرار األسرة و تبسيط إجراءات التقاضي‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ما س بق ذكره فإن قاعدة اعتبار الزوج متراجعا عن طلبه إذا توصل‬
‫باالستدعاء شخصيا ولم يحضر تطرح إشكاال آخر وهو يدور حول ما إذا كانت هذه القاعدة تخص‬
‫فقط دعوى الطالق‪ ،‬ألنها وردت فقط في المادة ‪ 81‬من ق م أ وأحالت عليها المادة ‪ 89‬من ق م أ‬
‫التي نظمت الطالق المملك على اعتبار أن األصل في القواعد المنظمة لإلجراءات عدم قابليتها‬
‫للقياس وال التوسع في التطبيق ما لم ترد ضمن القواعد العامة؟ أم يجوز التوسع في تطبيق هذه‬
‫القاعدة لتشمل دعاوي التطليق والطالق الخلعي واالتفاقي‪ 1‬؟‪.‬‬

‫كما أن هناك إشكال مسطري أخر لم تتطرق إليه المدونة وهو كيفية حضور الزوجة‬
‫المعتقلة‪-‬التي تقدم زوجها بطلب الطالق‪ -‬لجلسات الصلح‪ .‬فهل يتم استقدامها من السجن إلى غرفة‬
‫المشورة؟ أم تنتقل المحكمة إلى المؤسسة السجنية ؟ أم تكتفي الزوجة بإعالن وكيل عنها؟ وأين‬

‫‪ -1‬الحسن بويقن‪ ،‬الجديد في مادة التبليغ في مدونة األسرة‪ ،‬مدونة األسرة المستجدات و األبعاد‪ ،‬منشورات جامعة موالي‬
‫إسماعيل عدد ‪ 5‬سنة ‪ 2004‬ص ‪110‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪151‬‬
‫يمكن للزوج تقديم طلب الطالق؟ هل باألماكن التي نصت عليها مدونة األسرة أم بمكان اعتقال‬
‫‪1‬‬
‫الزوجة؟‬
‫‪2‬‬
‫و نفس الشيء يقال عن الوكالة في الصلح بين الزوجين إذ لم يحسم المشرع في إشكالياتها‬
‫بنص صريح الداللة مما أدى إلى وجود اختالفات في وجهات النظر بين مؤيد للوكالة في الصلح‬
‫و بين معارض لها‪.‬‬

‫وقد انعكس ذلك على األحكام الصادرة عن المحاكم المغربية في ظل مدونة األحوال‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫وتفاديا لذلك أقترح أن يخصص نص يسد هذا الفراغ التشريعي‪ ،‬وأكرر تشبتي باالقتراح‬
‫الذي سبق أن طرحته في الفصل األول وهو اقتراح يمتاز بالوسطية واالعتدال والذي أؤكد فيه‬
‫عدم قبول الوكالة في إجراء الصلح بين الزوجين بالنسبة لطالب الطالق والتطليق حتى ولو كان‬
‫عذره شرعيا و مقبوال في حين يمكن السماح للمطلوب في الطالق أو التطليق بإنابة وكيل عنه عند‬
‫تعذره عن الحضور لعذر قاهر‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬إيداع مستحق ات الزوجة و األطف ال‬

‫تنص المادة ‪ 121‬من ق م أ " في حالة عرض النزاع بين الزوجين على القضاء‪ ،‬وتعذر‬
‫المساكنة بينهما‪ ،‬للمحكمة أن تتخذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة بالنسبة للزوجة واألطفال‬
‫تلقائيا أو بناءا على طلب‪ ،‬وذلك في انتظار صدور الحكم في الموضوع‪ ،‬بما فيها اختيار السكن مع‬
‫أحد أقاربها‪ ،‬و تنفذ التدابير فورا على األصل عن طريق النيابة العامة"‪.‬‬

‫لقد وردت المادة ‪ 121‬من ق م أ في آخر الباب المخصص لطالق الخلع وحسب بعض‬
‫الفقهاء فإن محتوى هذه المادة كان يجب أن يدرج ضمن الفرع األول من الباب األول من الفصل‬
‫الخامس وقبل المادة ‪ 53‬من ق م أ وأنه من الالزم تغيير هذه المادة التي تقر بأنه في حالة عرض‬
‫النزاع بين الزوجين على القضاء وتعذر المساكنة بما في ذلك اختيار السكن مع أحد أقاربها أو‬

‫‪ -1‬رشيدة حلمي‪ ،‬إشكاليتي مسطرة الطالق و التطليق في م أ الندوة المنظمة من طرف المكتب الجهوي للودادية الحسنية لقضاة‬
‫فاس‪ -‬تازة بتعاون مع هيئة المحامين بفاس تحت عنوان إشكالية تطبيق م أ بعد مرور سنتين على دخولها حيز التنفيذ و ذلك يوم‬
‫‪ 10‬مارس ‪ 2006‬بقصر المؤتمرات بفاس ص ‪.8‬‬
‫‪- -2‬لقد سبق الحديث عن هدا الموضوع بنوع من التفصيل في الفصل األول من الباب األول‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪152‬‬
‫أقارب الزوج‪ .‬وذلك لتناقض هذه المقتضيات مع مقتضى المادة ‪ 169‬من المدونة والتي تقرر منع‬
‫إخراج المحضون من بيت الزوجية إال إذا وفر له األب مسكنا تقرر المحكمة الطرق الكفيلة‬
‫لضمان استمرار أداء كرائه‪ .‬وألنه إذا كان المشرع قد حرص على عدم إخراج المحضون من‬
‫بيت الزوجية بعد وقوع الطالق فإنه أحرى أن يكون ذلك في حالة عرض النزاع أمام القضاء‪.‬‬

‫حيث من المنطق و المعقول أن يبقى األطفال مع أمهم في بيت الزوجية إلى أن يتم تأمين‬
‫مسكن لهم بعد البث في النزاع في الحكم النهائي‪.1‬‬

‫يضاف إلى ما سبق ذكره أن مستحقات الزوجة واألوالد تودع قبل اإلذن بالطالق ‪ .‬فكيف‬
‫يمكن التحقق من تعذر قضاء العدة ببيت الزوجة حتى تقضي المحكمة بتكاليف السكن ضمن‬
‫المستحقات والحال أن الطالق لم يتم و العدة لم يمض أجلها‪ 2‬؟‬

‫كما أن المشرع لم يبين المقصود بالضرورة في سكنى المعتدة؟‬

‫وبذلك يتضح أن هذه الصياغة جاءت في غير محلها وعلى المشرع التدخل لتعديل هذه‬
‫المادة و تتميمها‪.‬‬

‫والحديث عن هذه اإلشكالية السابقة يقود إلى إشكالية أخرى لم تتعرض لها المدونة‪ .‬وهي‬
‫هل يلزم تحديد مستحقات الزوجة المترتبة عن الطالق شهريا دون مطالبة الزوج بإيداعها مسبقا‬
‫بصندوق المحكمة أم يجب عليه إيداع تلك المستحقات عن الشهر الموالي بتاريخ اإلشهاد على‬
‫الطالق أم عن فترة عدة الزوجة؟‬

‫وكيف تحدد هذه المستحقات هل بمقتضى حكم أو إذن أو أمر؟ و هل هذا الحكم أو األمر أو‬
‫اإلذن قابل للطعن أم ال و أمام أي جهة قضائية؟‬

‫و إلى أي جهة يجب أن يقدم طلب سحب الواجبات المترتبة على الطالق هل أمام الجهة‬
‫‪3‬‬
‫التي بثت في الطالق أم في إطار مسطرة األوامر؟‬

‫‪ -1‬بشرى العاصمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪63‬‬


‫‪-2‬عبد العزيز فتحاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪144‬‬
‫‪ -3‬مجلة قضاء األسرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪61‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪153‬‬
‫ومتى يبدأ سريان األجل الذي حددته المادة ‪ 83‬من مدونة األسرة للزوج إليداع المبلغ‬
‫المالي كضمان لمستحقات الزوجة و األوالد؟ هل من تاريخ النطق بالحكم؟ أو من تاريخ تبليغه؟‬
‫و هل يمكن منح أجل إضافي؟ و في حالة الطالق االتفاقي هل يتم اإلذن بالطالق بدون أن تنظر‬
‫المحكمة في نفقة وسكنى األوالد بحيث يبقى ذلك متروكا للزوجين وهل يمكن للمحكمة أن تأجل‬
‫النظر في طلب الطالق االتفاقي إلى حين اتفاق الطرفين حول حقوق األوالد وترفض اإلذن‬
‫‪1‬‬
‫بالطالق االتفاقي إذا كانت الزوجة المتحملة بنفقتهم معسرة؟‬

‫إن ما يجري عليه العمل في المحاكم المغربية أنه إذا تعذر اإلصالح بين الزوجين حددت‬
‫المحكمة بأمر وليس إذن أو حكم مبلغا يودع من طرف الزوج بكتابة ضبط المحكمة‪ ،‬داخل أجل‬
‫أقصاه ‪ 30‬يوما( م ‪)83‬من ق م أ يبدأ سريانه من تاريخ النطق بالحكم متى كان الزوج حاضرا‬
‫بالنظر إلى أن المسطرة شفوية فإن لم يكن حاضرا في آخر الجلسة فمن تاريخ تبليغه وال يمكن‬
‫منح أي أجل إضافي‪.‬‬

‫والحكمة من إلزام الزوج بإيداع المبلغ المالي هو ضمان مستحقات الزوجة واألطفال‬
‫الملزم بنفقتهم خالل هذه المدة و حماية لهم من التشرد و الضياع‪.2‬‬

‫واألوامر التي تصدرها المحكمة المتعلقة بمستحقات الزوجة واألوالد تعتبر نهائية و غير‬
‫قابلة ألي طعن‪ ،‬أما القرار الصادر بعد اإلشهاد على الطالق والمتضمن لتحديد هذه المستحقات‬
‫فهو قابل للطعن وفقا لإلجراءات العادية‪.‬‬

‫وحماية لمستحقات األطفال خاصة عند انحالل الرابطة الزوجية فالمحكمة يجب أن تتأكد‬
‫ما إذا كانت حقوق األطفال قد أخذت بعين االعتبار ومن كون هذه المستحقات كافية ومالئمة إذا تم‬
‫االتفاق عليها‪.‬‬

‫فإذا تبين للمحكمة أن هذه الحقوق لم يتم االتفاق عليها وجب عليها تحديدها‪ ،‬وإذا ما تبين‬
‫للمحكمة أن ما االتفاق عليه هزيل ال يفي بحاجيات األوالد‪ ،‬تدخلت المحكمة لتقريب وجهات‬

‫‪ -1‬مجلة قضاء األسرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪66‬‬


‫‪ -2‬مجلة قضاء األسرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪59‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪154‬‬
‫النظر بين الزوجين بغية تحديد المبلغ المالئم وإال حددتها حسب المادتين ‪ 83‬و ‪ 85‬من مدونة‬
‫األسرة‪.1‬‬
‫وهنا تجدر اإلشارة أن المادة ‪ 97‬من مدونة األسرة تعطي للمحكمة صالحية تحديد مستحقات‬
‫الزوجة واألوالد تلقائيا بدون أن يتقدم الطالب بطلب في شأنها‪ ،‬خالفا للتطليق ألحد األسباب‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 98‬من نفس المدونة إذ ال بد من طلب هده المستحقات للحكم بها وهو‬
‫ما يستفاد من صياغة المادة ‪ 113‬من م أ التي تنص في فقرتها الثانية على أن المحكمة تبث أيضا‬
‫عند االقتضاء في مستحقات الزوجة و األوالد‪.‬‬

‫فال أ دري ما غاية المشرع من عدم توحيد مسطرة البث في المستحقات المالية للزوجة‬
‫واألوالد‪ .‬ففي كال الحالتين يتعلق األمر بانحالل الرابطة الزوجية وبضرورة حماية حقوق الزوجة‬
‫واألوالد‪.‬‬

‫فقد كان على المشرع أن يتبنى موقفا موحدا فإما أن يمنح للمحكمة سلطة البث في التدابير‬
‫المؤقتة تلقائيا وإما أن يجعل الحكم بهده المستحقات بناء على طلب‪.‬‬

‫وحينما يودع الزوج المبلغ المالي المذكور ال يؤذن للزوجة مباشرة بسحبه لكونها ال‬
‫تستحق إال الذي سيقضى لها به وفقا للمادة ‪ 88‬من مدونة األسرة ‪ .‬وطالما أن المستحقات تحدد‬
‫بقرار من طرف المحكمة فإن سحبها يتوقف على سلوك مسطرة تنفيذه‪.‬‬

‫إال أن مهمة التنفيذ الفوري على األصل للتدابير المؤقتة المتخذة من طرف المحكمة‬
‫و المناسبة للزوجة واألطفال في انتظار صدور حكم في الموضوع والتي كلفت النيابة العامة‬
‫بتنفيذها تطرح إشكالية حول طبيعة التنفيذ و طريقته‪ .‬فإن تم بطريقة رضائية فال إشكال‪ ،‬أما في‬
‫حالة امتناع الزوج أو أقاربه أو عدم وجودهم أو عدم وجود مسكن لهم فهنا تثار المشاكل و ليطرح‬
‫السؤال حول الوسائل الجبرية التي تتوفر عليها النيابة العامة لتنفيذ هذه التدابير المأمور بها من‬
‫طرف المحكمة في غياب نص قانوني‪.‬‬

‫وهل تعتبر هذه التدابير مقررات تمكن النيابة العامة في حالة عدم االستجابة لها تحريك‬
‫‪1‬‬
‫الدعوى العمومية؟‬

‫‪ -1‬مجلة قضاء األسرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪67‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪155‬‬
‫لقد كان حري بالمشرع المغربي أن يتعرض لمثل هذه اإلشكاليات والمعوقات التي قد‬
‫تصادف النيابة العامة وهي بصدد تنفيذ التدابير المؤقتة المحكوم بها من طرف المحكمة لصالح‬
‫الزوجة و األطفال ‪.‬‬

‫وفي انتظار تدخل المشرع لسد هذا الفراغ التشريعي فإن األمر يبقى متروكا للتجربة‬
‫العملية التي ستتمخض عن تطبيق المادة ‪ 121‬من ق م أ والجتهاد ممثل النيابة العامة لتصريف‬
‫وعالج اإلشكاليات التي تطرح أمامه ‪.‬‬

‫وفي إطار نفس الموضوع المتعلق بإيداع المستحقات نجد المادة ‪ 86‬من ق م أ تؤكد على‬
‫أنه إذا لم يودع الزوج المبلغ المنصوص عليه في المادة ‪ 83‬من ق م أ داخل األجل المحدد له‪،‬‬
‫اعتبر متراجعا عن رغبته في الطالق و يتم اإلشهاد على ذلك من طرف المحكمة ‪.‬‬

‫فهذه القاعدة تتعارض تعارضا تاما مع مبادئ الشريعة اإلسالمية إذ يقول هللا سبحانه‬

‫وتعالى "و إن عزموا الطالق ف إن هللا سميع عليم "‪ . 2‬كما قال عليه الصالة و السالم إذ جاء في‬

‫حديث أبي هريرة " قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ثالث جدهن جد و هزلهن جد ‪ :‬النكاح‬
‫والطالق و الرجعة "‪. 3‬‬

‫وهكذا فإن الزوج الذي يتقدم إلى المحكمة المختصة بطلب مكتوب يحمل إرادة اإلشهاد‬
‫على طالق أو تطليق زوجته‪ ،‬ثم يحضر جلسة المصالحة و يتمسك بطلبه ثم بعد فشل محاولة‬
‫الصلح بينهما تأمره المحكمة بإيداع المبلغ الذي يشمل مستحقات الزوجة واألطفال و يتقاعس عن‬
‫ذلك اإليداع داخل األجل القانوني يكون قد أعلن عن نيته في الطالق‪ ،‬ويكون ملزما له شرعا وإن‬
‫لم يوثقه ‪.‬‬

‫ولهذا ما كان على المشرع المغربي أن يجعل من تقاعس الزوج عن إيداع المبلغ الواجب‬
‫إيداعه بكتابة الضبط داخل األجل القانوني قرينة عن تراجعه عن طلبه‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرازق يحي‪ ،‬دور النيابة العامة في قضايا األسرة ‪:‬الحصيلة و المعوقات ‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية المنعقدة بكلية الحقوق‬
‫بوجدة يومي ‪ 17‬و‪ 18‬فبراير‪ 2005‬مدونة األسرة عام من التطبيق‪ ،‬الحصيلة و األفاق ‪ ،‬منشورات مجموعة البحث في القانون‬
‫و األسرة‪ ،‬سلسلة الندوات العدد األول طبعة ‪ ، 2006‬ص‪193‬‬
‫‪ -2‬سورة البقرة اآلية ‪225‬‬
‫‪ -3‬رواه أحمد و أبو داود و ابن ماجة و الترميدي‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪156‬‬
‫فاالهتمام بالشكليات المسطرية و تعقيد اإلجراءات للحد من ظاهرة الطالق التي استفحلت‬
‫بشكل كبير في اآلونة األخيرة‪ ،‬ال ينبغي أن يبعد المشرع عن المبادئ الشرعية اإلسالمية‬
‫وتقويض بنيان األسرة وكيانها اإلسالمي والسقوط في الحرام لمجرد الهروب من رعب‬
‫اإلحصائيات الدولية التي تصنف المغرب في مقدمة الدول التي يكثر فيها الطالق‪.1‬‬

‫وبعدالحديث عن المادة ‪ 121‬من ق م أ أنتقل إلى إشكال آخر وارد في المادة ‪ 190‬من ق م‬
‫أ والتي توجب على المحكمة البث في قضايا النفقة في أجل أقصاه شهر واحد ‪.‬‬

‫فهذه المادة لم تراعي وضعية الجالية الموجودة في الخارج و التي يمنحها المشرع المغربي‬
‫بمقتضى قانون المسطرة المدنية في المادة ‪ 41‬أجل شهرين للحضور ‪.‬‬

‫ومعلوم أن اآلجال المسطرية هي من النظام العام وهو ما يوضح تناقض أجال البث وهو‬
‫شهر و أجل الحضور وهو شهران‪. 2‬‬

‫وإذا تابعت مسيرة النقد فال بد من المرور على المادة ‪ 128‬من مدونة األسرة والتي تنص‬
‫على أن" المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ طبقا ألحكام هدا الكتاب‪،‬‬
‫تكون غير قابلة ألي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العالقة الزوجية"‪.‬‬

‫وهذا يعني أن هذه المقررات قابلة لجميع طرق الطعن في شقها المتعلق بتحديد المستحقات‬
‫المترتبة عن الطالق‪ ،‬كما يعني ذلك أيضا بمفهوم المخالفة أنه يحق للزوجة الطعن بطريق‬
‫االستئناف في المقررات القضائية التي تقضي برفض أو عدم قبول طلبها الرامي إلى إنهاء‬
‫الرابطة الزوجية‪.‬‬

‫إن اعتبار ال مقرر القاضي بإنهاء رابطة الزواج بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ نهائي غير‬
‫قابل للطعن‪ ،3‬كان محط انتقاد الفقهاء المغاربة لما في ذلك من إخالل ومساس بالمبدأ الدستوري‬
‫الذي يقضي بالمساواة بين المتقاضين والمساواة بين الرجل و المرأة‪ ،‬وهذا فضال على أنه تفوت‬
‫على المتقاضي درجة ثانية إلصالح األخطاء التي يقع فيها قاضي الدرجة األولى‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اللطيف الحاتمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪89‬‬


‫‪ -2‬محمد العلوي ‪ ،‬اإلشكاليات العملية في النفقة على ضوء مستجدات مدونة األسرة‪ ،‬جريدة العلم عدد ‪ 50059‬الصادرة بتاريخ ‪28‬‬
‫أبريل ‪ 2005‬ص ‪7‬‬
‫‪ -3‬لقد سبق لنا أن تطرقنا لهدا الموضوع في الباب األول‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪157‬‬
‫لقد كان على المشرع المغربي أن يأخذ بمبدأ التقاضي على درجتين‪ ،‬ألن االستئناف يعطي‬
‫فرصة جديدة للزوجين من أجل مراجعة أنفسهما وألنه يمكن من تدارك األخطاء التي تصيب حكم‬
‫قاضي المحكمة االبتدائية‪ ،‬بل و أكثر من دلك فإن الحكم االبتدائي القاضي بإنهاء الرابطة الزوجية‬
‫قد تشوب بعض اإلخالالت الشكلية التي تجعله باطال‪ .‬فيكون مصدر الفرقة بين الزوجين حكم‬
‫باطل وتترتب عليه مجموعة من اآلثار القانونية واالجتماعية والحال أن البطالن والعدم سواء‪.‬‬

‫ومن أمثلة األحكام التي انتهت بالتطليق وهي مشوبة بعيب البطالن‪ ،‬هناك الحكم الصادر‬
‫عن ابتدائية مراكش‪ ،1‬والذي أغفلت فيه المحكمة إحالة الملف إلى النيابة العامة لإلدالء‬
‫بمستنتجاتها‪ .‬فهو إذن يعتبر حكما باطال طبقا لمقتضيات المادة ‪ 9‬من قانون المسطرة المدنية‪ .‬فهل‬
‫العالقة الزوجية في هده الحالة تعتبر ال زالت قائمة بين الطرفين ألن البطالن والعدم سواء؟ و ما‬
‫هو سبيل المتضرر وهو الزوج في هذه النازلة الذي كان يرفض التطليق ويتمسك باستمرار‬
‫العالقة الزوجية لتقرير بطالن هدا الحكم مع العلم أن المادة ‪ 128‬من مدونة األسرة قد صدرت‬
‫حقه في الطعن بطريق االستئناف في الشق المتعلق بإنهاء الرابطة الزوجية؟‬

‫فهذه إحدى الوضعيات القانونية واإلجتماعية الشائكة والمعقدة التي أثارها التطبيق العملي‬
‫للمادة ‪ 128‬م أ – وغيرها كثير‪ -‬وهي حاالت ال يمكن معالجتها إال باالعتماد على مبدأ التقاضي‬
‫على درجتين‪.‬‬

‫وأملي كبير في أن يستيقظ المشرع المغربي من جديد لوضع حد لهذه اإلشكاليات التي‬
‫أفرزها إنزال و تفعيل مدونة األسرة على أرض الواقع‪.‬‬

‫‪ -1‬حكم ابتدائية مراكش ع ‪ 2045‬الصادر بتاريخ ‪ 2005-6-9‬في الملف الشرعي عدد ‪ 2004-3433‬غير منشور‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪158‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مالحظات خاصة بآليات الصلح‬

‫وكما هو معلوم فإن المشرع عدد مجموعة من اآلليات الخاصة بالصلح وهي إما ذات طابع‬
‫قضائي ‪ -‬القاضي ‪( -‬الفقرة األولى ) وأخرى غير قضائية ‪ -‬الحكمين(الفقرة الثانية) و مجلس‬
‫العائلة‪( -‬الفقرة الثالثة) وذلك من أجل التوفيق بين الزوجين‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الق اضي‬

‫رغم تنصيص المشرع المغربي على ضرورة إجراء الصلح في جميع حاالت إنهاء‬
‫الرابطة الزوجية بالطالق أو التطليق باستثناء التطليق للغيبة‪ ،‬إال أن الواقع العملي قد يفرغ هده‬
‫النصوص من محتواها بحيث أن إجراء الصلح بالكيفية المشار إليها في مدونة األسرة تعترضه‬
‫صعوبات جمة سواء تعلق األمر بالثغرات واإلشكاليات التي لم تتعرض لها ‪.‬أو تعلق األمر‬
‫بالصعوبات الكبيرة التي واجهت تنزيل أحكام هذا القانون والتي ترجع باألساس إلى اإلمكانيات‬
‫غير ال مساعدة على التنزيل السليم لمواد المدونة أو إلى عدم تفعيل بعض المقتضيات القانونية‬
‫‪1‬‬
‫كصندوق النفقة‪...‬‬

‫فالمادة ‪ 82‬من ق م أ تنص على أنه" للمحكمة أن تقوم بكل اإلجراءات بما في ذلك انتداب‬
‫حكمين أو مجلس العائلة‪ ،‬أو من تراه مؤهال إلصالح ذات البين‪.‬‬

‫وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة ال تقل عن ثالثين‬
‫يوما"‪.‬‬

‫فالمدونة في محاولتها للتوفيق بين األحكام الشرعية الهادفة إلى نشر الود وإصالح ذات‬
‫البين كما وردت في شرع هللا الحكيم وبين البنى المؤسساتية الموجودة حاليا‪ ،‬اضطرت إلى إسناد‬
‫مهمة حل الشقاق و التحكيم بين الزوجين إلى المحكمة‪.2‬‬

‫وكما هو معلوم فإن إجراء الصلح يقتضي من الزوجين اإلدالء باألسباب الحقيقية للنزاع‬
‫لذلك فمن األفضل أن يتم الرجوع إلى مسطرة القضاء الفردي في إجراءات التصالح بين الزوجين‬
‫‪ -1‬محمد عيادي‪ ،‬تعتر تطبيق م أ مسؤولية مشتركة و المقاربة الثقافية و التربوية هي األنجح للتغلب على مشاكل األسرة‪ ،‬التجديد‬
‫عدد ‪ 1084‬الثالثاء ‪ 28‬دو الحجة ‪ 8 -1425‬فبراير ‪ 2005‬ص ‪5‬‬
‫‪ -2‬رجاء ناجي مكاوي‪ ،‬التطليق للضرر كما جاء في مشروع مدونة األسرة‪ ،‬أعمال ندوة مستجدات مدونة األسرة جامعة محمد‬
‫الخامس نونبر ‪ 2003‬ص ‪75‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪159‬‬
‫ألن القضاء ا لجماعي بقدر ما يعطي ضمانات كافية في حكم نزيه بقدر ما ال يضمن صلحا أكيدا‬
‫بين الطرفين ألن أحد الزوجين أو هما معا قد يتجرأ على إفشاء أسباب النزاع أمام قاض واحد وقد‬
‫ال يفعل دلك أمام هيئة جماعية‪.‬‬

‫و ما يجري العمل عليه في الحياة العملية أن غرفة المشورة تضم إلى جانب رئيس الجلسة‬
‫و مستشارين وكاتب الضبط وفي أحيان كثيرة هيئة الدفاع‪ .‬وهذا قد ال يساعد بتاتا على تحقيق‬
‫الصلح بين الطرفين ألنه إذا كان أحد الزوجين ال يستطيع أن يفشي سره أمام قاض واحد فكيف به‬
‫أن يفشي سره أمام المأل؟‬

‫ولذلك وتحقيقا للغاية النبيلة التي فيها مصلحة المجتمع بأسره ( حماية األسرة و المحافظة‬
‫على تماسكها ) فمن األفضل أن يترك القاضي ليقوم بمحاولة اإلصالح حتى إذا فشل في ذلك فمن‬
‫حق هيئة الدفاع أن تنتصب إلى جانب موكلها‪.1‬‬

‫وفي سبيل نجاح محاولة الصلح يمكن للمحكمة اتخاذ كل اإلجراءات التي من الممكن أن‬
‫تساعدها في تحقيق مهمة السداد والتوفيق بين الزوجين كانتداب حكمين أو مجلس العائلة أو أي‬
‫شخص أو جهة مؤهلة إلصالح ذات البين بل أكثر من دلك فإن المحكمة في حالة اختالف‬
‫الحكمين في تحرير مضمون التقرير أو تحديد مسؤولية الزوجين أو عدم تقديم التقرير داخل‬
‫األجل المحدد لهما من طرف المحكمة‪ ،‬حينئذ يمكن للقاضي أن يجري بحثا إضافيا بالوسيلة التي‬
‫يراها مناسبة‪.‬‬

‫ويبقى السؤال المثار عن ماهية هذا البحث اإلضافي من جهة والجهة المختصة بإجرائه‪.‬‬
‫واألكيد أن للمحكمة السلطة التقديرية الواسعة في تحديد ماهية البحث اإلضافي و كذا الوسائل‬
‫المعتمدة في إجرائه و الجهة المخول لها القيام بذالك‪ ،‬فلها أن تلجأ لالستماع إلى شهادة الشهود أو‬
‫األقارب أو الجيران وكذا اعتماد الخبرة القضائية مع إمكانية االستعانة بالنيابة العامة‪..‬‬

‫كما أن المشرع لم يتعرض للمرحلة القضائية الواجب إجراء الصلح فيه مما شكل فراغا‬
‫تشريعيا أثار جدال فقهيا كبيرا إذ اختلف وجهات النظر الفقهاء بين مناصر لوجوب إجراء محاولة‬
‫التوفيق بين الزوجين في أي مرحلة من مراحل الدعوى و بين معارض لذلك و مطالب لوجوب‬

‫‪ -1‬أحمد خرطة‪ ،‬ا لمرجع السابق‪ ،‬ص ‪179‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪160‬‬
‫اقتصار محاولة التصالح بين الزوجين على المرحلة االبتدائية وعدم اجترار التصالح بين الزوجين‬
‫أمام المحكمة االستئناف خصوصا بعد استنفد هذا اإلجراء من طرف القاضي وبعد تحقيق الصلح‬
‫أمامه ومن تم ال يجب إعادة الكرة أمام محكمة االستناف ألنه ال طائلة من دلك و ليس في ذلك إال‬
‫إطالة عمر القضية‪.1‬‬

‫وهذا يتماشى مع ما يسير عليه القانون والقضاء المصريين إذ يعتبران أن عرض الصلح‬
‫أمام محكمة أول درجة ورفضه من الحاضر عن الزوجة كاف إلثبات عجز المحكمة عن الصلح‬
‫وال يوجب عرض الصلح مرة ثانية أمام محكمة االسثئناف‪ 2‬عكس المشرع التونسي‪.‬‬

‫وهذا قصور تشريعي كبير‪ ،‬وكان حري بالمشرع المغربي أن يقيم وزنا لمرحلة إجراء‬
‫الصلح و يعمل على تحديدها تحديدا دقيقا لتتم عملية الصلح على الوجه المطلوب وليكون موقف‬
‫القضاء موحدا وأحكامه متطابقة متناسقة ومضبوطة‪.‬‬

‫و الحديث عن الفراغ التشريعي المتعلق بعدم تحديد مرحلة إجراء الصلح يقود حتما إلى‬
‫الحديث عن قصور تشريعي آخر ال يقل أهمية عن سابقه‪ ،‬إنه الفراغ القانوني المتمثل في طريقة‬
‫إجراء محاولة الصلح و التوفيق بين الزوجين فلم يكلف المشرع ( سواء في ظل مدونة األحوال‬
‫الشخصية أو عند صياغة مدونة األسرة) نفسه عناء الحديث عن طريقة معينة يستنير بها القضاة‬
‫أثناء إجرائهم لمحاولة التصالح بين الزوجين‪.‬‬

‫فرغم أنه ألزم القاضي بضرورة إجراء الصلح فإنه كباقي التشريعات العربية لم يوضح‬
‫للقاضي كيفية إجراء هذه المحاولة‪ ،‬فهل يستمع للزوجين معا ويحاول اإلصالح بينهما؟ أم يستمع‬
‫لكال من الزوجين على انفراد ثم يستمع لكل منهما بمحضر اآلخر ويحاول عندئذ اإلصالح بينهما؟‬

‫ولكل من الطريقتين إيجابياتها وسلبياتها‪ ،‬فاألولى ال تتطلب وقتا طويال‪ ،‬لكن نسبة النجاح‬
‫فيها تكون أقل في حين أن الطريقة الثانية‪ ،‬توفر إمكانية أكبر للوقوف على أسباب حقيقية للنزاع‬
‫ولتقدير حظوظ النجاح في محاولة اإلصالح لكنها تتطلب وقتا أطول من الممكن أن يكون ضعف‬
‫الوقت الذي تتطلبه األولى ‪.3‬‬

‫‪ -1‬عبد العزيز فتحاوي‪ ،‬التطليق للضرر في آفاق قضاء األسرة‪ ،‬مجلة المحكمة عدد ‪ 3‬سنة ‪ 2004‬ص ‪183‬‬
‫‪ -2‬أحمد نصر الجندي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪221‬‬
‫‪ - 3‬ساسي بن حليمة‪ ،‬دور قاضي األسرة في قضايا الطالق‪ ،‬مرجع سابق ص ‪33‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪161‬‬
‫وبم ا أن المشرع المغربي لم يوضح الطريقة الواجب إتباعها من طرف القاضي‪ ،‬فإنه يبقى‬
‫حرا في اختيار أي الطريقتين‪ ،‬لكن ال ينبغي للقاضي أن يكتفي بمجرد طلب الصلح بين الزوجين‬
‫أو إلقاء سؤال عابر عن مدى استعدادهما للصلح‪ 1،‬بل يجب عليه أن يمارس محاولة الصلح بكيفية‬
‫جادة و أن يقوم بمحاولتين للصلح في حالة وجود أطفال تفصل بينهما مدة ال تقل عن ‪ 30‬يوما‪ .‬إال‬
‫أن المادة ‪ 114‬من مدونة األسرة المتعلقة بالطالق االتفاقي ال تشير إلى وجوب قيام المحكمة‬
‫بمحاولتين للصلح فهل يتم االكتفاء بمحاولة واحدة على اعتبار أن الزوجين قد اتفقا على إنهاء‬
‫الرابطة الزوجية رغم وجود أطفال؟‬

‫في هذا الصدد يمكن القول أنه من الصعب‪ -‬لكن ليس من المستحيل – نجاح محاولة الصلح‬
‫بين الزوجين على اعتبار أنهما قد اتفقا بطريقة حضارية إلنهاء النزاع القائم بينهما‪ 2‬لذلك يمكن‬
‫االكتفاء بمحاولة واحدة للصلح رغم وجود أطفال بشرط ضمان كافة حقوقهم المالية‪.‬‬

‫و في إطار نفس الموضوع أقول أنه كان على المشرع ترك األمر إلى القاضي ليجتهد على‬
‫ضوء ما يتوفر لديه من معطيات إلعادة الجلسة الصلحية من عدمه‪ .‬ألن تقرير ضرورة القيام‬
‫لجلستين للصلح في حالة وجود أطفال بصورة حتمية ال لشيء إال ألن هناك أبناء‪ ،‬قد يؤدي في‬
‫بعض الحاالت إلى ضياع الوقت بالنسبة لكل من القاضي و المتقاضي إذا كان واضحا و ثابتا من‬
‫الجلسة األولى أنه ال أمل في الصلح وال طائل من وراء تكرار جلسات الصلح‪ ،3‬ومن تم فإن إعادة‬
‫جلسة الصلح قد يتسبب في ماسي إدا كانت العالقة بين الزوجين متوترة‪.‬‬

‫كما أن األجل الفاصل بين الجلسة والجلسة فهو حسب النص القانوني الذي جاءت به‬
‫المدونة هو شهر على األقل و ما من شك أن المشرع يهدف من وراء ذلك أن ال تعين الجلسة‬
‫الصلحية الثانية في وقت قريب وذلك كي يتمكن الزوجان من التفكير والتروي ومراجعة النفس‬
‫والتفكير في العواقب‪.4‬‬

‫‪ - 1‬مصطفى فرغلي الشنقيري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪81‬‬


‫‪ -2‬سعاد رحائم ‪ ،‬مدونة األسرة بين اإلجتهاد و النص القانوني‪,‬مكتبة األمة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2004‬ص ‪72‬‬
‫‪ -3‬ساسي بن حليمة‪ ،‬دور قاضي األسرة في قضايا الطالق ص ‪35‬‬
‫‪ -4‬ساسي بن حليمة‪ ،‬دور قاضي األسرة في قضايا الطالق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪37‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪162‬‬
‫فالمشرع ضبط األجل األدنى الفاصل بين جلستي الصلح وقرر أن يكون شهرا لكنه لم‬
‫يضبط األجل األقصى‪ .‬فمن الممكن أن يساهم عدم تحديد المشرع لهذا األجل إلى تأجيل الجلسة‬
‫المخصصة للتصالح إلى وقت غير محدد‪.‬‬

‫ولذ لك كان من األفضل أن يتم تحديد حد أقصى للمدة الفاصلة بين الجلستين لكي ال تبقى‬
‫مفتوحة إلى اجل غير محدد‪ .‬فهذا التحديد سيساهم في تسريع وثيرة التقاضي و إعطاء كل ذي حق‬
‫حقه في وقت وجيز‪.‬‬

‫وتحقيقا لهذا الهدف عمل المشرع على تحديد سقف زمني للبث في دعوى الشقاق ودلك‬
‫دفعا ألي تحايل أو مزايدات سواء من طرف القضاء أو األطراف‪ ،‬وحماية لحقوقهما و صيانة‬
‫لمكتسبات المقررة لقوة القانون‪ ،‬وهذ ا ما تبناه المشرع من خالل مدونة األسرة فأقر صراحة في‬
‫الفقرة األخيرة من المادة ‪ 97‬من ق م أ على أنه يفصل في دعوى الشقاق في أجل ستة أشهر من‬
‫تاريخ تقديم الطلب‪.1‬‬

‫وهي قاعدة أساسية ومهمة قد تكون سبيال للمصالحة بين الزوجين بحكم أنها تختصر مدة‬
‫الخصومة وتقلص بالتالي فرص الشنآن والبغضاء بين الزوجين‪.‬‬

‫لكن أال يعتبر ذلك عقبة تحول دون تفعيل الصلح وتؤدي إلى كثير من االرتجال والتسرع‬
‫وإرباك القاضي الذي يشرف على مسطرة الصلح؟‬

‫وهل القضاء بأعبائه وإكراها ته وكثرة ملفاته فضال عن معوقات المسطرية التي تعترض‬
‫سبيل سير الدعوى ( مسطرة تبليغ االستدعاءات و الطيات‪ ،)...‬يستطيع أن يحسم في ملفات‬
‫التطليق في أجل ستة أشهر‪2‬؟ وما الجزاء في حالة تجاوز هذا األجل والحال أن المشرع سكت عن‬
‫ذلك و إن كان الباب الثاني المتعلق بالتطليق بطلب من الزوجة في حاالت المادة ‪ 98‬من مدونة‬
‫األسرة قد فتح المجال ألكثر من ستة أشهر إذا وجدت ظروف خاصة باستثناء حاالت التطليق‬
‫للغيبة‪.‬‬

‫‪ -1‬يوسف بنباصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪37‬‬


‫‪ -2‬رجاء ناجي مكاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪79‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪163‬‬
‫كان حري بالمشرع أن يفسح مجال الظروف الخاصة حتى في دعوى الشقاق ألن تجاوز أمد‬
‫ستة أشهر أمر وارد‪.1‬‬

‫وباإلضافة إلى القضايا السابقة الذكر والتي تعتبر بحق فراغا تشريعيا كبيرا فإن هناك‬
‫نصوص أخرى تستلزم الوقوف على مكامن ضعفها و مواطن خللها هما المواد‪:‬‬
‫‪ 113‬و ‪ 114‬و ‪ 120‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫ف ‪ 113‬من ق م أ" يبث في دعاوي التطليق المؤسسة على أحد األسباب المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 98‬أعاله بعد القيام بمحاولة اإلصالح باستثناء الغيبة وفي أجل أقصاه ستة أشهر ما لم‬
‫توجد ظروف خاصة"‪.‬‬

‫فخالف لما ورد في م ح ش سابقا التي قصرت إجراء الصلح على حالة التطليق للضرر‬
‫فقط نجد أن مدونة األسرة أوجبت ضرورة القيام بمحاوالت اإلصالح بين الزوجين في حاالت‬
‫الطالق و التطليق عدى حالة واحدة و هي حالة التطليق للغيبة‪.‬‬

‫وهذا أمر بديهي ومعقول ألنه ال يمكن إجراء الصلح في غياب أحد أطراف العالقة‬
‫الزوجية‪.‬‬

‫لكن ما ال يبدو معقوال وال منطقيا هو عدم استثناء المشرع إلزامية مسطرة الصلح بالنسبة‬
‫لدعاوي التطليق للعيب خصوصا إذا علمنا أن الهدف من الصلح هو إعادة الدفء إلى الحياة‬
‫الزوجية في حين أن المادة ‪ 107‬من مدونة األسرة تشترط لقبول طلب التطليق للعيب توفر أحد‬
‫الشرطين‪:‬‬

‫‪-‬أن يكون العيب من العيوب المانعة للمعاشرة الزوجية‪.‬‬

‫‪-‬أو أن يكون من األمراض الخطيرة التي ال يرجى الشفاء منها في أجل السنة‪.‬‬

‫فكيف يمكن أن نطلب من الزوجة المتضررة من استمرار الحياة الزوجية بإلزام إجراء‬
‫محاولة الصلح؟ و هل هذا الصلح ستكون له أهمية و سيحقق غايته التي هي إرجاع المياه إلى‬

‫‪ -1‬عبد العزيز فتحاوي‪ ،‬قراءة في الكتاب الثاني من مدونة األسرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪146‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪164‬‬
‫مجاريها و عودة االستقرار إلى الكيان األسري إذا تم استحضار الضرر الحاصل للزوج غير‬
‫المريض؟‬

‫ففقهاء المذاهب األربعة اتفقوا على أن الزوجة إن وجدت بزوجها عيبا من العيوب‬
‫الفرجية فلها الحق أن ترفع أمرها إلى القضاء لتطلب الفراق‪ ،‬حتى و إن لم تبثث دعواها بأي‬
‫طريقة من طرق اإلثبات ألن مقاصد الزوج األصلية من التوالد والتناسل ال تتحقق مع هذه العيوب‬
‫و لذلك فال يمكن تالفيها إال لفرقة بين الزوجين عن طريق القضاء‪ ،‬ومن الظلم إلزامها بالبقاء‬
‫معه‪.1‬‬

‫و بخصوص المادة ‪ 114‬من ق م أ تنص على أنه" يمكن للزوجين أن يتفقا على مبدأ إنهاء‬
‫العالقة الزوجية دون شرط‪ ،‬أو بشروط ال تتنافى مع أحكام هده المدونة وال تضر بمصالح‬
‫األطفال‪.‬‬

‫عند وقوع هذا االتفاق يقدم الطرفان أو أحدهما طلب التطليق للمحكمة مرفقا به اإلذن‬
‫بتوثيقه‪.‬‬

‫تحاول المحكمة اإلصالح بينهما ما أمكن فإذا تعذر اإلصالح أدنت باإلشهاد على الطالق‬
‫وتوثيقه"‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالمادة ‪ 120‬من ق م أ فقد نصت على ما يلي " إذا اتفق الزوجان على مبدأ‬
‫الخلع واختلفا في المقابل رفع األمر إلى المحكمة لمحاولة الصلح بينهما‪ ،‬وإذا تعذر الصلح حكمت‬
‫المحكمة بنفاد الخلع بعد تقدير مقابله"‪.‬‬

‫فلماذا أفرد المشرع للطالق اإلتفاقي و الطالق بالخلع قسما خاصا و لم يدرجهما ال ضمن‬
‫الطالق وال التطليق؟‬

‫أما كان على المشرع التنصيص على مسطرة واحدة للصلح بالنسبة لهما ووضعها في قسم‬
‫واحد؟‬

‫‪ -1‬عمر عبد هللا‪ ،‬أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬في األحوال الشخصية‪ ،‬دار المعارف الطبعة السادسة‪ 1963‬ص ‪525‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪165‬‬
‫فقد نص المشرع بالنسبة للطالق االتفاقي على أن المحكمة أن تحاول اإلصالح بين‬
‫الزوجين ما أمكن في حين نص في الطالق بالخلع على محاولة اإلصالح فقط" فهل يعني ذلك أن‬
‫المحكمة عندما تجد في النص القانوني عبارة" ما أمكن" يتعين عليها أن تبذل قصارى جهدها من‬
‫أجل التوفيق بين الزوجين‪.‬‬

‫وعند عدم ذكر هده العبارة تكتفي بمجرد محاولة رمزية لإلصالح ؟ كما تؤكد نفس المادة‬
‫أن إذا اختلفا الزوجان في المقابل تقوم المحكمة بمحاولة اإلصالح‪ .‬فهل يعني ذلك وبإعمال‬
‫مفهوم المخالفة أن المحكمة غير ملزمة بإجراء الصلح إذا اتفق الزوجان على مبدأ الخلع وعلى‬
‫المقابل؟‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكمين‬

‫إن المشرع المغربي حرصا منه على وحدة األسرة واستقرارها باعتبارها النواة األولى‬
‫للمجتمع فقد ألزم القاضي قبل اإلذن بالطالق أن يبعث حكمين لتسوية الخالفات الناشئة بين‬
‫الزوجين و إجراء تصالح بينهما وإعادة المياه إلى مجاريها الطبيعية حفاظا على وحدة األسرة‬
‫وسالمتها من الطالق والتطليق الذين قد يعصفا بهما و بمستقبل أفرادها‪ ،‬وما ذهبت إليه المدونة‬
‫يتماشى و روح الشريعة اإلسالمية التي تدعو إلى اإلسراع ببعث حكمين بمجرد ظهور بوادر‬
‫الشقاق بين الزوجين ‪.1‬‬

‫لكن رغم أن التحكيم من أهم آليات المصالحة بين الزوجين فإن المشرع المغربي لم يوليه‬
‫العناية واالهتمام اللذان يستحقهما إذ جعل من بعث الحكمين وسيلة جوازية من وسائل الصلح بين‬
‫الزوجين شأنها شأن باقي الوسائل التي حول القانون للمحكمة اللجوء إليها في سبيل إصالح ذات‬
‫البين بين الزوجين ( م ‪)82‬من ق م أ ‪.‬‬

‫فالمحكمة ليست ملزمة بانتداب حكمين بل يمكنها االستعانة بمجلس العائلة أو أي شخص‬
‫أخر أو جهة تراها مؤهلة إلجراء الصلح‪.‬‬

‫وللمحكمة أن تباشر الصلح بنفسها أو أن تنتدب أحد أعضائها لقيام بهده المهمة‪.2‬‬

‫‪ - 1‬ابن العربي‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪176‬‬


‫‪ -2‬الحسين بن دالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪55‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪166‬‬
‫كما أنه لم يعمل على تنظيم التحكيم تنظيما قانونيا دقيقا سواء في ظل م ح ش أو مدونة‬
‫األسرة‪ ،‬بل اقتصر على ذكر المهام الموكولة للحكمين وكيفية توثيق ما انتهيا إليه من صلح‬
‫ورفعه للمحكمة في أجل يكون القاضي قد حدده لهما مسبقا‪.‬‬

‫فعدم تعرض المشرع لكافة اإلجراءات الخاصة بالحكمين يوحي و كأن المشرع يعتبر بعث‬
‫الحكمين للسداد بين الزوجين مجرد إجراء شكلي وليس وسيلة لرأب الصدع الذي يهدد بناء‬
‫األسرة ‪.‬‬

‫كما أنه من القضايا التي أغفل المشرع تنظيمها نجد كيفية اختيار الحكمين وكيفية تعيينهما‬
‫وكدا الشروط والصفات الواجب مراعاتها عند انتدابهما‪ ،‬والجهة التي ينتقيا منها و لم يوضح أيضا‬
‫حدود الصالحيات الممنوحة لهما و كيفية انتهاء مهمتها هل بتقرير مشترك أم بتقرير منفرد؟ وما‬
‫العمل في حالة اختالف وجهات نظرهما ؟ هل من الممكن تعين حكمين آخرين؟‪ 1‬وأيضا ما القيمة‬
‫القانونية للتقرير المحرر من طرفهما كما أنه لم يتناول بالتنظيم جزاء اإلخالل والتهاون في تأدية‬
‫مهمتهما وال على الحلول الواجب إتباعها عند حدوث احتماالت وتوقعات مرتقبة ممكنة الوقوع‬
‫أثناء سريان التحكيم كأن يموت أحد الحكمين أو يصابا بعارض من العوارض التي تحول دون‬
‫متابعة مهمة التحكيم كالجنون مثال‪.2‬‬

‫لقد كان على المشرع المغربي أن يعمل على توضيح هذا القصور تجنبا ألي تأويل خاطئ‬
‫أو تفسير واسع يبتعد عن الهدف الذي سطره المشرع‪.‬‬

‫فعدم تحديد المشرع لشروط الحكمين و الجهة التي يعينان منها و كذا حدود السلطات‬
‫والصالحيات المخولة لهما سواء في ظل مدونة ح ش أو مدونة األسرة‪ .‬جعل التحكيم يعاني من‬
‫قصور تشريعي كبير مما جعل القضاة يستغنون عنه وال يعملون على تفعيله إال في حاالت قليلة‬
‫مقتصرين على المبادرة الشخصية‪.‬‬

‫لكن رغم أن المشرع لم ينص على شروط الحكمين‪ ...‬فإنه تحقيقا ألهداف التحكيم وغاياته‪،‬‬
‫و إعماال لمقاصد الشريعة اإلسالمية الغراء‪ ،‬يمكن سد هذه الثغرات والعيوب التي شابت آلية‬

‫‪ - 1‬يأخذ القانون السوري بإمكانية تعين حكمين جديدين إدا لم يتوصل الحكمان األوالن بعد ما ضم إليها الثالث‪ ،‬عبد الرحمان‬
‫الصابوني‪ ،‬شرح قانون األحوال الشخصية السوري‪ ،‬مطبعة ابن خلدون‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1979‬ص ‪96‬‬
‫‪ -2‬علي منتصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪339‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪167‬‬
‫التحكيم بالرجوع إلى المذهب المالكي التي تحيل عليه المادة ‪ 400‬من ق م أ و الذي يشترط في‬
‫الحكمين‪ :‬الذكورة والعدالة والرشد زيادة على شرط الفقه والعلم‪ .‬وأن يكونا الحكمان من األقارب‬
‫فإن تعذر دلك أمكن اختيار شخصين ممن توفرت فيهما الشروط السابقة الذكر‪.‬‬

‫لكي يلتزم القضاة بهدف الشروط عند تعيين الحكمين؟ أال يعتبر شرط الذكورة و التفقه من‬
‫الشروط الغير قابلة للتطبيق في الوقت الراهن؟‬

‫فحسب بعض القضاة بقسم قضاء األسرة بطنجة وأصيلة فإنهم ال يلتزمون بكل الشروط‬
‫والصفات و الشروط التي أقرها المذهب المالكي‪.‬‬

‫فقد سبق أن تم انتداب حكمين رجل وامرأة لمحاولة اإلصالح بين الزوجين بل واألكثر من‬
‫دلك فقد تم تعيين حكمين امرأتين مؤكدين أن المرأة أقدر على القيام بمهمة التحكيم‪ .‬خصوصا‬
‫بالنسبة للزوجة التي في خصام مع زوجها‪.‬‬

‫فالمرأة التي أصبحت تشغل منصب القضاء وتعرض عليها طلبات انحالل الرابطة‬
‫الزوجية للبث فيها‪ ،‬فمن باب أولى انتدابها كحكم الستقصاء أسباب الخالف بين الزوجين وتقريب‬
‫وجهتي نظرهما‪.‬‬

‫وبالنسبة لشرط التفقه والعلم فإن القضاء المغربي أيضا ال يلتفت إليه وال يقيم له أي وزن‬
‫رغم أن مدونة األسرة قد افترضت في الحكمين معرفة القراءة والكتابة والقدرة على تحرير‬
‫مضمون ما انتهيا إليه من إصالح في تقرير من ثالث نسخ يوقعانها‪ ،‬لكنها لم تتطرق أيضا إلى‬
‫الحالة التي يكون فيها الحكمان أميان‪ ،‬ويتوصالن إلى إصالح ذات البين بين الزوجين فكيف‬
‫يرفعان تقريرهما إلى المحكمة؟‬

‫في هذه الحالة جرى القضاء المغربي على االستماع إلى تقرير الحكمين شفويا ويتم تدوين‬
‫أقوالهما ثم يوقعان على هذا التقرير فيسلم القاضي لكل من الزوجين نسخة منه بعد اإلشهاد عليه‬
‫من طرف المحكمة ويحتفظ بالنسخة الثالثة بالملف‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 95‬من مدونة‬
‫األسرة‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪168‬‬
‫إذ جاء فيها" إذا توصل الحكمان إلى اإلصالح بين الزوجين حررا مضمونه في تقرير من‬
‫ثالث نسخ يوقعها الحكمين والزوجان ويرفعانها إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين‬
‫نسخة منه و تحفظ الثالثة بالملف ويتم اإلشهاد على ذلك من طرف المحكمة"‪.‬‬

‫أما إذا فشلت محاولة الصلح فإن المشرع أضاف مهام و صالحيات خطيرة للحكمين‬
‫تتجاوز اختصاصاتهما كمصلحين و تعلو بشأنهما لممارسة مهام تدخل في اختصاص الجهاز‬
‫القضائي‪ ،‬الشيء الذي يتجلى من خالل المادة ‪ 96‬من ق م أ التي خولت لهما اختصاص تحديد‬
‫مسؤولية كل من الزوجين من أجل الحكم على المتسبب في الفراق بتعويض يؤديه للطرف األخر‪.‬‬
‫إذ جاء في هذه المادة " إذا اختلف الحكمان في مضمون التقرير أو في تحديد المسؤولية أو لم‬
‫يقدماه خالل األجل المحدد لهما أمكن للمحكمة أن تجري بحثا إضافيا بالوسيلة التي تراها مالئمة‪".‬‬

‫و ال يخفى على أحد أنه من أصعب المهام و أعقدها هو الحكم على طرف في عالقة‬
‫إنسانية تقوم على كل تناقضات الحياة البشرية بأنه المسؤول دون غيره عن إنهائها‪ ،‬سيما إذا أسند‬
‫األمر لحكمين أميين ينتميان لعائلتي الزوجين مما يعني من ارتفاع التحيز و انعدام الحياد و النقص‬
‫في التكوين السوسيوثقافي و النفسي و القانوني الذي من شأنه الرفع من نسبة الذاتية و الظلم على‬
‫حساب الموضوعية و العدل‪.1‬‬

‫لذلك أرى أنه ما كان على المشرع أن يمنح للحكمين سلطات هامة و خطيرة تصل إلى حد‬
‫تحديد المسؤول عن الشقاق‪ ،‬و أن يقتصر مهمتهما في الصلح فقط‪.‬‬

‫و في انتظار ذ لك من األفضل أن ال يعتمد على تقرير الحكمين في تحديد مسؤولية كل‬


‫زوج عن انحالل الرابطة الزوجية خصوصا في الحالة التي يكون فيها الحكمان أميان‪ .‬و أن على‬
‫القاضي تحديد مسؤولية الزوجين بناءا على الظروف و المالبسات و المعطيات الخاصة بكل‬
‫قضية على حدة و يمكنه االعتماد على تقرير الحكمين على سبيل االستئناس فقط‪.‬‬

‫و من بين القضايا التي أغفل المشرع اإلشارة أيضا نجد مكان انعقاد التحكيم‪ .‬فمدونة‬
‫األسرة لم توضحه و لم تبين طريقة معينة إلخطار كل من الزوجين بميعاد الحضور لهذا المجلس‬

‫‪ -1‬خديجة الركاني‪ ،‬مسطرة الشقاق بمشروع مدونة األسرة‪ ،‬األحداث المغربية‪ ،‬عدد‪ 1771‬الصادرة في ‪ 2 9‬يونيو‪2003‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪169‬‬
‫و عدم معالجة المدونة لهذه المسألة شكل فراغا تشكيليا آخر على المشرع التدخل لسده‪ .‬و إلى أن‬
‫يتحقق ذلك يمكن للحكم ين أن يحددا مكان مجلس التحكيم أو يحدده الزوجان أو أحدهما بشرط أن‬
‫يكون مناسبا ويوافق عليه الحكمين‪ .‬فقد يكون االنعقاد لدى أحد الحكمين في منزله أو لدى أحد‬
‫الزوجين و قد يكون في مكان آخر يتفق عليه الحكمين‪.‬‬
‫و إذا تعددت جلسات التحكيم فيجوز أن يتعدد مكان االنعقاد و يجوز أن يكون هذا التعدد في‬
‫‪1‬‬
‫ذات المكان المتفق عليه أو في أماكن أخرى يتفق عليها‪.‬‬

‫و بالنسبة لطريقة استدعاء الزوجين لحضور مجلس التحكيم فيكتفي أن يكون بطريقة‬
‫تطمئن إليها المحكمة و تؤدي إلى علم كل من الزوجين بالميعاد المحدد لحضور مجلس التحكيم‪.‬‬

‫لقد كان حري بالمشرع المغربي و هو بصدد إصدار نصوص مدونة األسرة أن يقتدي‬
‫بالقانون المصري الذي نظم التحكيم تنظيما قانونيا دقيقا و محكما إذ نص في المادة السابعة من‬
‫القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ " 1929‬و التي جاء فيها يشترط في الحكمين أن يكونا عدلين مي أهل‬
‫الزوجين إن أمكن و إال فمن غيرهم ممن لهم خبرة بحالهما و القدرة على اإلصالح بينهما" ‪.‬‬

‫في حين نصت المادة الثامنة على أنه " يشمل قرار بعض الحكمين على تاريخ بدء و انتهاء‬
‫مأموريتهما على أن ال يتجاوز مدة ستة أشهر‪ .‬و تخطر المحكمة الحكمين و الخصم لذلك و عليهما‬
‫تحليف كل من الحكمين اليمين بأن يقوم بمهمته بعدل و أمانة‪.‬‬

‫و هذا يعني أنه إذا تم اختيار الحكمين تصدر المحكمة قرارا ببعثهما يشمل على تاريخ بدء‬
‫المأمورية المسندة لهم‪ ،‬و تاريخ انتهائها و المدة الالزمة ألدائها على أن ال يتجاوز ستة أشهر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وعلى المحكمة أن تخطر الغائب الحضور بقرار بعث الحكمين‬

‫و حبذا لو أن المشرع المغربي – على غرار التشريع المصري‪ -‬حدد األجل الذي يتعين‬
‫على الحكمين أن ينجزا خالله مهمتهما اإلصالحية بدل ترك األجل خاضع للسلطة التقديرية‬
‫للقاضي‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مجلس العائلة‬

‫‪ -1‬أحمد نصر الجندي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪250‬‬


‫‪ -2‬فتحي حسن مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪49-48‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪170‬‬
‫إن النصوص المنظمة لمجلس العائلة كإحدى آليات الصلح غير القضائية لم تسلم بدورها‬
‫من ثغرات و نواقص تجعل من المتعذر على القضاء تفعيله على أرض الواقع‪ .‬و أولى هذه‬
‫اإلشكاليات و اإل خالالت التي اعترت المقتضيات القانونية المتعلقة بتكوين و اختصاصات مجلس‬
‫العائلة نجد المادة األولى من مرسوم ‪ 2004‬و التي تنص على أن مجلس العائلة يتكون من‬
‫القاضي بصفته رئيسا لهدا المجلس‪ ،‬و األب و األم‪ ،‬أو الوصي أو المقدم إضافة إلى أربعة‬
‫أعضاء يعينهم القاضي من األقارب و األصهار‪ .‬و إذا تعذر تكوينهم من جهتين أمكن تكوينه من‬
‫جهة واحدة‪.‬‬

‫و هذا يعني أن مجلس العائلة يضم في تكوينه القاضي بصفته رئيسا وهو الذي يتولى تعيين‬
‫باقي األعضاء اآلخرين األربعة من األقرباء و األصهار‪ .‬هذا فضال على ضرورة حضور األب‬
‫واألم أو الوصي و المقدم‪.‬‬

‫و من هنا يتبين أن هناك إقصاء كبير و تجاهل واضح لألغيار ممن لهم مؤهالت بإمكانهم‬
‫الدفع بهذا المجلس للتوصل إلى قرارات صائبة ومرتبطة بالواقع كالمحللين النفسانيين‬
‫واألخصائيين االجتماعيين و الخبراء القانونيين‪.‬‬

‫فغياب هؤالء ممن لهم خبرة و اختصاص في الشؤون المتعلقة باألسرة و اقتصار المجلس‬
‫على أفراد العائلة و األقارب قد يؤدي إلى نتائج عكسية ال تحقق المصالحة المطلوبة‪.1‬‬

‫بينما تنص المادة الثانية من نفس المرسوم" يصرف القاضي النظر على استشارة مجلس‬
‫العائلة بعد استنفاد جميع الوسائل لتكوينه"‬

‫لقد جعل المشرع مهام مجلس العائلة استشارية‪ ،‬و هذا ال يحقق المبتغى والغاية من إحداته‪.‬‬
‫و المطلوب أن يكون له دور فاعل و تقريري بحيث ينبغي على القضاء أن يعلل عدم أخذه‬
‫القتراحات المجلس خاصة إذا كان هدا األخير يضم في تكوينه خبراء و ذوي مؤهالت مختلفة‪.2‬‬

‫‪ -1‬ناصر ميثيوي مشكوري‪ ،‬الوسائل البديلة لتسوية المنازعات األسرية‪ ,‬أشغال الندوة التعليمية التي نظمتها شعبة القانون الخاص‬
‫بكلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية بفاس‪ ,‬بشراكة مع وزارة العدل و هيئة المحامين‪ ،‬يومين ‪ 4‬و ‪ 5‬أبريل ‪,2003‬‬
‫تحت عنوان الطرق البديلة لتسوية المنازعات‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية‪ ،‬سلسلة الندوات‪ ،‬عدد‪- 2‬‬
‫‪ 2004‬الطبعة األولى ص‪200 6‬‬
‫‪ -2‬ناصر متيوي مشكوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪200‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪171‬‬
‫وخالصة القول أنه إذا كان مجلس العائلة لم يفعل لحد اآلن وبشكل ايجابي في تعديل‬
‫‪ ،1993‬فإن اإلنجازات القضائية بهذ ه الوسيلة قد ال تبعث على الشيء الكثير من مجلس العائلة ال‬
‫تكوينا و ال فعالية‪.‬‬

‫و في انتظار أن يحدد المشرع معايير المؤهل إلصالح ذات البين يبقى القاضي و الحكمين‬
‫‪1‬‬
‫أكثرا تأهيال لهده المهمة الصعبة‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد خرطة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪175‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪172‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االعتماد على وسائل متطورة في مسطرة الصلح‬

‫بعد أن تطرقت لواقع مسطرة الصلح بين الزوجين قبل اإلذن بالطالق أو التطليق في‬
‫التطبيق العملي‪ ،‬و تم حصر أسباب عدم نجاح هده المسطرة في النظام القضائي المغربي في عدة‬
‫أمور منها ما يرجع إلى جوانب القصور و الخلل الذي شاب نصوص مدونة األسرة‪ ،‬و منها ما له‬
‫عالقة وطيدة بالزوجين‪ ،‬و منها ماله صلة وثيقة بالهيئة المكلفة للبث في دعوى الطالق أو التطليق‬
‫و منها ما ينسب إلى الجهة المنوط بها مهمة التوفيق و التصالح بين الزوجين (القاضي الحكمان‬
‫مجلس العائلة)‪ .‬أصبح لزاما البحث عن وسائل ناجحة كفيلة بعالج تلك األسباب والعوائق التي‬
‫تحول دون نجاح محاولة التصالح‪ ،‬و االنطالق منها قصد تفعيل آليات التصالح في المنظومة‬
‫القضائية معتمدين في ذلك على وسائل متطورة و جديدة لتسوية النزاعات األسرية‪ .‬تواكب‬
‫التحوالت والتغيرات العميقة التي يعرفها المجتمع على كل المستويات ومسايرة القانون‬
‫للمستجدات بإيجاد حلول عملية لمشاكل اجتماعية بأحكام مستمدة من الشريعة ومقاصدها تناسب‬
‫تطور العصر‪.1‬‬

‫وعليه و أمام عدم قدرة الصلح على تحقيق الغاية المنشودة وهي التوفيق بين الزوجين‬
‫وبالتالي حماية كافة أفراد األسرة‪ ،‬بات من الضروري أن يتدخل المشرع المغربي لجعل التشريع‬
‫مواكبا باستمرار لركب التطور وحركة النمو الدائب الذي تعرفه البالد و ذلك بإصالح و تعديل‬
‫كل ما ينبغي تعديله‪ 2‬و خلق آليات جديدة تكلف بمهمة إعادة الود و الوئام إلى العالقة بين‬
‫الزوجين‪.‬‬

‫و من بين الوسائل التي على المشرع المغربي أن يعمل على وضع إطار قانوني لها نجد‬
‫المساعدات االجتماعيات و كدا الحكمين‪ .‬باإلضافة إلى تكوين قضاة مكلفين بمهمة الصلح فقط و‬
‫األخذ بنظام الوساطة في الصلح بين الزوجين قبل اللجوء إلى القضاء فكيف ستعمل هذه الوسائل‬
‫البديلة ( الوساطة المساعدة االجتماعية‪ ،‬قاضي الصلح) على تحقيق الصلح بين الزوجين؟‬

‫وإلى أي حد ستساهم هذه المؤسسات في تحقيق ما لم تستطع اآلليات الحالية الوصول إليه؟‬

‫‪ -1‬زهور الحر‪ ،‬المقتضيات المتعلقة بإنهاء الرابطة الزوجية في مشروع م أ ندوة جامعة محمد الخامس ص ‪85‬‬
‫‪ -2‬عبد الواحد الجيراري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪31‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪173‬‬
‫هذا ما سيتم التعرف عليه من خالل مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الوساطة و الصلح بين الزوجين‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خلق مؤسسات جديدة مكلفة جديدة بالصلح‬

‫المطلب األول‪ :‬الوساطة و الصلح بين الزوجين‬

‫إن الوساطة هي إحدى الطرق البديلة لحل النزاعات‪ ،‬و هي وسيلة جديدة بدأت تفرض‬
‫نفسها بإلحاح على جميع األصعدة القانونية‪ .‬و قد تم األخذ بها من طرف الدول العربية و الغربية‪.‬‬
‫و بدأت تتعايش مع مؤسسات القضاء الرسمي ( الفقرة األولى)‪.‬‬

‫و األخذ بنظام الوساطة في المنازعات األسرية و من بينهما الخالفات التي تنشب بين‬
‫الزوجين أمر قابل للتطبيق على اعتبار أن الوساطة قد تنتهي بالحل االتفاقي بين طرفي العالقة‬
‫الزوجية الذي ال يمكن إال أن يترتب عن الصلح بينهما و هذا األخير هو ما يدعو إليه الشرع‬
‫تحث عليه القوانين الوضعية ( الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الوساطة‪ :‬مفهومها‪ ،‬أهميتها ‪ ،‬مزاياها‬

‫تعتبر الوساطة طريقة حديثة لحل المنازعات التي تقع بين األشخاص الطبيعية و المعنوية‬
‫و هي ذات فعالية أثبتت نجاحها في العديد من الدول منذ ظهورها في الواليات المتحدة و كندا‪.‬‬
‫و لقد أخذت بعض الدول كفرنسا و بريطانيا خطوات جد واسعة في هذا المجال و قد استخدمت‬
‫الوساطة في بداية ظهورها في عدة مجاالت لكن حاليا يتم توسيع نطاق تطبيقها لتمتد و تشمل‬
‫ميادين أخرى كالمنازعات داخل األسرة‪.‬‬

‫و قبل التشريعات الوضعية فالشرائع السماوية و من بينها الشريعة اإلسالمية بنبل رسالة‬
‫القران و ما جاء به الرسول كانت األحق و األسبق في االسترشاد بالوساطة كطريقة لحل‬
‫النزاعات سواء قائمة بين القبائل أو بين األفراد في أسرة واحدة‪.1‬‬

‫‪-www.filosofiaydesecho.com -1‬سفيان حديدان‪ ،‬الوساطة القضائية بين التجربة الجزائرية و الفرنسية‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪174‬‬
‫فكثيرا ما أسعف وسيط من أهل الزوج و آخر من أفراد عائلة الزوجة في حال نشوب خالف‬
‫بينهما‪ ،‬في استنفاذ المشاكل التي تعترضهما محاولين تحقيق الصلح بينهما حفاظا على كيان‬
‫األسرة و تطبيقا لقواعد الشريعة اإلسالمية السمحاء‪.‬‬

‫فنادرا ما كان يتم اللجوء إلى القضاء حيث يتم تفضيل االحتكام إلى من اشتهر باالستقامة‬
‫والعدل و الجهر بالحق‪.1‬‬

‫و قد شمل مجال الوساطة األسرة الصغيرة إذ لم تلق المشاكل العائلية إال حل الوساطة‬
‫لتفادي انشقاقها و تفككها فكان صاحب العقل و السداد يملك القدرة على التأثير على الزوجين‬
‫المتخاصمين إلجراء الصلح بينهما‪.‬‬

‫و الوساطة بصفة عامة هي المساعي التي يقوم بها شخص محايد بين أطراف النزاع من‬
‫أجل الوصول إلى حل ودي بينهما و يعني ذلك أن يعين شخص ثالث الستماع إليها و البحث‬
‫معهما عن حل توافقي للنزاع القائم بينهما‪.2‬‬

‫فهي إذن عملية غير رسمية يقوم بها شخص ثالث محايد ليست له سلطة فرد الحل بل‬
‫مساعدة الطرفين المتنازعين في محاولة الوصول إلى تسوية مقبولة للنزاع الدائر بينهما‪.3‬‬

‫و تتلخص فكرة الوساطة في تقريب إرادة كل المتخاصمين إلى فكرتين مختلفتين حول‬
‫مشكل واحد و هو اإلطار الذي جعل الوسيط يلعب دوره في تقريب الفكرة األصح أو باألحرى‬
‫محاولة تدقيق المشكل بأكثر فعالية و جدية للمتنازعين على أن يجدا أرضية خصبة للتفاهم‬
‫والتشاور بينهما و من تم الوصول إلى حل ودي‪.4‬‬

‫أما الوساطة األسرية فقد عرفها المجلس الوطني االستشاري للوساطة األسرية بفرنسا‬
‫بكونها " عملية مدرجة لبناء أو إلعادة بناء روابط عائلية متمحورة حول استقاللية و مسؤولية‬
‫األشخاص المعنيين بأوضاع انفصال العالقة أو بانفصال الزوجين يقوم خاللها شخص ثالث محايد‬

‫‪ -1‬رجاء ناجي مكاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪75‬‬


‫‪ -2‬إدريس فجر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪36‬‬
‫‪ -3‬تقرير عن الندوة المنظمة لفائدة المعهد العالي للقضاء‪ ،‬المرجع السابق‬
‫‪ -4‬سفيان حديدان‪ ،‬المرجع السابق‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪175‬‬
‫مستقل مؤهل دون أن يملك سلطة القرار بإتاحة الفرصة للزوجين عبر جلسات حوار سرية‬
‫للتواصل و تدبير نزاعاتهم في مجال األسرة الذي هو مجال متنوع و في تطر مستمر"‪.1‬‬

‫و من بين األسباب التي أدت إلى التفكير بإيجاد آليات و مساطر تمكن من القيام بإجراء‬
‫الصلح عن طريق الوساطة و تشجع هذا الحل نجد االعتبار التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬طول مدة التقاضي و ما ينجم عنها من تشاتم و تباغض و عداوة مما يعقد مسألة الصلح‬
‫كثيرا‪.‬‬

‫‪ -‬كون اللجوء إلى القضاء في حد ذاته يسيء كثيرا للعالقة الزوجية بالنظر لما ترسب في‬
‫األذهان من نظرات سلبية عنه لدرجة أن الناس ال ترى في القضاء مؤسسة تساعدهم على حل‬
‫الخالفات المستعصية و تزودهم بالقواعد القانونية النزيهة و الموضوعية‪ .‬و إنما يؤخذ على أنه‬
‫آخر عالج ال يلجأ إليه إال عندما تستحكم العداوة و الشنآن‪.‬‬

‫و إذا كان هذا يصدق على كل القضايا من أي صنف كانت‪ ،‬فاألمر أكثر حدة و حساسية‬
‫في قضايا األسرة ‪ .‬لذلك فإيجاد طرق بديلة من شأنها إنقاذ كثير من األسرة‪ 2‬يصبح أمرا ضروريا‬
‫لكن ذلك ال يعني االستغناء عن القضاء ف القصد هو أن يتدخل الجهاز القضائي بعد فشل الوساطة‬
‫في الصلح بين الزوجين‪.‬‬

‫‪ -‬عدم قدرة األنظمة القضائية على مسايرة تطور مؤشر القضايا المعروضة عليها و تراكم‬
‫المخلف منها سنة بعد سنة بسبب عدم توفر الموارد المادية و البشرية الكافية لمواكبة هذا التطور‬
‫الهائل‪.3‬‬

‫‪ -‬مساهمة القضاء في توتر العالقة العائلية و االجتماعية و اإلنسانية عكس الوساطة التي‬
‫تحافظ على هذه العالقات المتماسكة و تعمل على بقائها‪.‬‬

‫‪ -‬عدم قدرة القضاء في بعض الحاالت على فك رموز الخالفات الزوجية التي تعرض عليه‬
‫أمام تأجج النزاعات بين أطراف تجمعهم روابط من المفروض أنها عوامل للتفاهم و التسامح‪.‬‬

‫‪ -1‬تقرر عن الندوة المنظمة لفائدة المعهد العالي للقضاء ‪ ،‬المرجع السابق‬


‫‪ -2‬رجاء ناجي مكاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪75‬‬
‫‪ -3‬حسن بويقين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪35‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪176‬‬
‫‪ -‬عجزه عن مسايرة التطورات المتسارعة في كل الميادين بعد الثورة التكنولوجية‬
‫والمعلوماتية‪.‬‬

‫‪ -‬ارتفاع تكاليف اللجوء إلى القضاء بدءا بالرسوم و المصاريف القضائية و انتهاء بأتعاب‬
‫المحامين و الخبراء و األعوان القضائيين‪ .‬في حين تمتاز الوساطة بقلة التكاليف واقتصاد‬
‫المصاريف المختلفة‪.1‬‬

‫‪ -‬تشعب القوانين الشكلية و الموضوعية على السواء و ما يلحقها من تعديالت و تغيرات‪,‬‬


‫وبطء المساطر القضائية و تعقدها مما يتسبب في إطالة أمد النزاع و تشعبه‪،‬عكس الوساطة‬
‫األسرية التي ال تخضع ألية إجراءات و قيود تحد من فعالية الوسيط و مبادرته‪ ،‬و الذي يتحرك‬
‫بكل حرية لغاية الوصول إلى اتفاق الطرفين‪.‬‬

‫‪ -‬حل النزاع من طرف القضاء بحكم نهائي يستغرق وقتا طويال في حين أن الوساطة‬
‫تنهي النزاع في وقت زمني قصير و أحيانا يتم ذلك في جلسة واحدة‪.‬‬

‫‪ -‬مشاركة األطراف أنفسهم في الوصول إلى حلول لنزاعاتهم وهو ما يجعلهم مطمئنين إلى‬
‫هذا الحل و يسعون لتنفيذه‪.‬‬

‫‪ -‬الوساطة تعتبر وسيلة قانونية حديثة متميزة تمكن من مسطرة سريعة واقتصادية في‬
‫الوقت و القيمة معا‪.2‬‬

‫‪ -‬تمتاز الوساطة أيضا بالسرية ألن كل العروض و التنازالت التي يكون أي طرف قدمها‬
‫ال يمكن أن تستعمل ضده في نفس النزاع أو أي نزاع أخر أمام المحكمة ‪.‬‬

‫‪-‬إمكانية اللجوء إليها في جميع المراحل‪.3‬‬

‫‪ -‬إن نسب الصلح في قضايا الطالق و التطليق تبقى ضئيلة في الوقت الذي يمكن تحقيق‬
‫األفضل بتعين وسيط يستقبل الطرفين خارج جدران المحكمة ‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد سالم‪ ،‬الطرق البديلة لحل النزاعات التجربة األمريكية كنمودج‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية‬
‫سلسلة الندوات و األيام الدراسية‪ ،‬العدد ‪ 2004 -2‬ص ‪64‬‬
‫‪ -2‬عز الدين بنستي‪ ،‬بعض تجليات التسوية الودية في المادة التجارية‪ ،‬جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة الندوات‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪43‬‬
‫‪ -3‬محمد سالم‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪37‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪177‬‬
‫‪ -‬الوساطة ستمكن من منع بعض القضايا من الوصول إلى القضاء و بالتالي التخفيف من مشكلة‬
‫بطء الوصول إلى العدالة‪.‬‬

‫‪-‬رغم الجدية التي يتبناها القاضي في أحكامه مت أجل أن يجد حال مالئما يحقق من خالله‬
‫تطبيق القانون و تكريس مبدأ العدل و اإلنصاف ‪ ،‬إال أن فكرة الوساطة تعتبر أنجح لكون أن عدالة‬
‫األطراف المبنية على أساس االتفاق أكثر من العدالة التي يطبقها القضاء بناء على نصوص‬
‫قانونية مجردة‪.1‬‬

‫‪ -‬تسهيل الوصول إلى العدالة و تليين المواقف بصدد المنازعات و البعد عن تعقيدات‬
‫األنظمة القضائية‪.2‬‬

‫و عليه و أمام الصعوبات التي يواجهها القضاء وهو بصدد الحسم في النزاعات‪ ،‬فإن أهم‬
‫ما اهتدى إليه العقل البشري في هذا المجال هو التصالح الذي يتم في شكل ما يسمى بالوساطة‬
‫كآلية بديلة لفض النزاعات القائمة بين الزوجين‪ 3‬و هي تنبني على حرية األفراد في اختيار طريقة‬
‫تسوية نزاعاتهم بهدف التوصل إلى حلول عادلة و سريعة‪.4‬‬

‫و بذلك سيتم تخفيض عدد القضايا المتراكمة في رفوف المحاكم مما سيجعل هذه األخيرة‬
‫تبت في النزاعات المعروضة عليها بسرعة وبعناية أكبر‪ .‬ومن تم ينتفي تسرب األخطاء إلى‬
‫األحكام الصادرة عن الجهاز القضائي‪.5‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االرتق اء بالصلح إلى نظام الوساطة‬

‫إن أول سؤال يطرح في هذا السياق هو لماذا الوساطة اآلن؟ و الجواب بسيط ألن المدونة‬
‫استعملت لفظ الوساطة ووضعت آليات لتفعيل مسطرة الصلح ذات الصلة بالوساطة األسرية كما‬
‫هي معتمدة في الكثير من البلدان األوروبية و األمريكية‪ .‬لذلك فالسؤال عن مفهوم الوساطة‬
‫مطروح و الم دونة الجديدة كنص تشريعي تعطي مؤشرات لتفعيل حركة الوساطة في مجال قضاء‬
‫األسرة‪.‬‬

‫‪ -1‬سفيان حديدان‪ ،‬المرجع السابق‬


‫‪ -2‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬مشروع مدونة التحكيم‪ ،‬سلسلة الندوات و األيام الدراسية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪116‬‬
‫‪ -3‬حسن بويقين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪35‬‬
‫‪ -4‬ناصر متيوي مشكوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪187‬‬
‫‪ -5‬حسن بويقين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪38‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪178‬‬
‫فقد تضمنت المدونة فقرة صغيرة لكنها ذات أهمية في تحديد مفهوم الوساطة حيث تشير‬
‫الديباجة إلى " تعزيز آليات التوفيق و الوساطة بتدخل األسرة و القاضي" فتفيد العبارة تالزم بين‬
‫فعلي التوفيق و الوساطة‪ .‬و في نفس الوقت تحدد شخصية الوسيط الذي هو األسرة و القاضي‪.‬‬
‫و رغم كون العبارة الواردة في النص جد مركزة فإنها تعطي المؤشرات األساسية " للوساطة‬
‫األسرية" و إن كانت ال تستعمل هذا المصطلح‪.‬‬

‫كما أن المدونة أشارت في مواضيع أخرى إلى أنه يمكن للقاضي إشراك أطراف أخرى في‬
‫تسوية النزاعات األسرية‪ .‬و هذا يعني إمكانية إدخال خبراء في الوساطة األسرية لمساعدة القضاء‬
‫‪1‬‬
‫حتى يتفرغ للبث في الملفات و إصدار األحكام و التخفيف عن المحاكم‪.‬‬

‫و بذالك تكون مدونة األسرة قد فسحت المجال لتأسيس و تنظيم وساطة أسرية تتماشى مع‬
‫روح الشريعة اإلسالمية و تستجيب لحاجيات األسرة المغربية في تطورها و تجددها‪.‬‬

‫لكن ذلك يبقى غير كافيا مقارنة مع ما وصلت إليه الدول العربية والغربية في هذا‬
‫المجال‪2.‬‬

‫و لذلك و من أجل تفعيل إجراء التصالح و التوفيق بين الزوجين ينبغي وضع األسس‬
‫والقواعد األولية لنظام الوساطة‪ .‬فعلى المشرع أن يوضع فصوال تلزم األطراف بضرورة اللجوء‬
‫أوال لحل نزاعاتهم بواسطة طرف ثالث وهو الوسيط قبل طرح الخالف أمام القضاء‪ .‬وإذا فشلت‬
‫محاولة التوفيق أو الوساطة‪ ،‬تدخل القاضي الحكم في النزاع ‪.‬‬

‫وبطبيعة الحال سيكون لهذا الوقت الكافي لنشر النزاع والبحث في أسبابه الظاهرة والخفية‬
‫و مناقشته من جميع الجوانب اإلجتماعية و النفسية و المادية و القانونية‪.‬‬

‫ويعتبر الوسيط أهم عنصر فاعل في نظام الوساطة فال بد من إيجاد عنصر كفء ومؤهل‬
‫تأهيال كافيا لهذه المهمة الجسيمة كما يجب وضع شروط محددة و دقيقة مع ضرورة تنظيم هذه‬
‫المهمة‪.‬‬

‫إذ من مقومات نجاح الوساطة وجود وسيط جيد‪ ،1‬محايد ال يملك أية سلطة إللزام الطرفين‬
‫و إجبارهما على حل معين لكنه يقدم مساعدته لهما حتى يتمكن كل منهما من تقييم مركزه القانوني‬

‫‪ -1‬تقرير عن الندوة المنظمة لفائدة المعهد العالي للقضاء‪ ،‬المرجع السابق‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪179‬‬
‫والواقعي في النزاع ويكون على بينة من المكاسب واألضرار التي يمكن أن تكون وراء استمرار‬
‫النزاع و سلوك مسطرة التقاضي العادية‪.‬‬

‫وبالرغم من كون الوسيط ال يصدر أي قرار وال يلزم الطرفين برأيه‪ ،‬فإنه يملك حرية‬
‫كبيرة في التوسع في مناقشة الطرفين مادام ال يتقيد بالجوانب القانونية و أدلة اإلثبات و لكنه يناقش‬
‫الوقائع و الجوانب االجتماعية واالقتصادية واإلدارية و حتى اإلنسانية المرتبطة بالنزاع‪ .‬كما يقوم‬
‫بتوجيه األسئلة التي يراها ضرورية تمكنه من أن يطلب تقديم أي بيان حول أية نقطة أو جانب من‬
‫النزاع و غايته في ذلك تقريب وجهات النظر والدفع بالطرفين من أجل الوصول إلى اتفاق ودي‪.2‬‬

‫ومن أجل إنجاح محاولة التصالح يقو م الوسيط باتصاالت حثيثة باألطراف لالضطالع‬
‫جيدا على تفاصيل القضية المطروحة‪ ،‬و يعمل على التخفيف من الشعور العدائي الذي يكنه كل‬
‫طرف لآلخر‪ .‬و ذلك لتمكينهما من الجلوس للحوار ألن نشوب النزاع يعني مباشرة عدم وجود‬
‫حوار بين المتنازعين‪ .‬كما أنه على الوسيط أن يتحلى بالصبر و عدم االنفعال‪ ،‬ألن هدفهم أسمى‬
‫و أنبل و هو الوصول إلى حل يرضي الطرفين و يعيدهما إلى حالة الصلح و التوافق التي كانا‬

‫عليها و الغاية من ذلك هي إرضاء هللا تعالى الذي يقول في محكم تنزيله " ال خير في كثير من‬

‫نجواكم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إصالح بين الناس "‪.3‬‬

‫و باإلضافة إلى خبرة الوسيط و تكوينه عليه اعتماد األساليب و التقنيات الحديثة في ظرف‬
‫اإلصالح‪.‬‬

‫و أهم ما ينبغي على الوسيط معرفته هو كيفية نشوب النزاعات و قيم الخالفات ألن أي‬
‫نزاع مهما كان إال و له خلفيات تغذيه و قد ال يعرفها الطرف اآلخر و ال يصرح بها األطراف إال‬
‫بعدما يتأزم الوضع و يصل النزاع إلى ذروته‪.‬‬
‫وعلى الوسيط التركيز على هذه الخلفية ومحاولة حلها لكونها بدرة كل الخالفات القائمة إذ ستبني‬
‫عليها كل مراحل النزاع القادمة‪.‬‬

‫‪ -1‬حسن بويقين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪37‬‬


‫‪ -2‬محمد سالم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪36‬‬
‫‪ -3‬سورة النساء اآلية ‪114‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪180‬‬
‫و من أجل نجاح مهمة الصلح على الوسيط أن يوفر للطرفين الجو المناسب و يتركهما‬
‫للتحدث بكل حرية دون أن ينقطع كالمهما و بدون ممارسة أي نوع من الضغط عليها‪ ،‬أو فرد‬
‫التنازل على أحدهما‪ ،‬و عدم التعجيل في اقتراح الحلول من طرف الوسيط و ترك القضية تأخذ‬
‫الوقت الكافي من الحوار و طرح نقاط الخالف‪ .‬وفي سبيل ذلك فإن الوسيط عليه أن يكون متفرعا‬
‫لهذا العمل‪.‬‬

‫ومن خالل تدخله في الحوار وإيجاد الحلول يحاول الوسيط جعل الطرفين يبحثان برغبتهما‬
‫في الوصول إلى حل يرضي الجميع وغير مخالف لتعاليم الدين اإلسالمي‪ ،‬ألن غاية المصلح هي‬
‫‪1‬‬
‫إرضاء هللا تعالى ورد الفتن والعداوات والخالفات التي تذهب ضحيتها أسر وأطفال‪.‬‬
‫وتمر الوساطة بمراحل متعددة ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تقديم طلب إجراء وساطة‬

‫يهدف عقد اجتماع بين الوسيط واألطراف هو تعرف الوسيط على طالبي الوساطة‬
‫ومحاولة فسح لهما المجال للنقاش حول موضوع النزاع‪ ،‬وذلك بوضعهما في إطار معين مع‬
‫توجيه أسئلة تمكن األطراف من النقاش حولها في االجتماع الثاني‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مرحلة طرح الموضوع للنقاش‬

‫تعتبر هذه المرحلة جد مهمة بحيث يعرض الوسيط الموضوع المطروح للنقاش فيحاول أن‬
‫يعيد صياغة عبارات كل من الطرفين مع تمكين كل واحد منهما من الدفاع عن فكرته في إطار‬
‫معقول وواضح مستعينا بلغة المنطق و العقل في تسيير االجتماع ‪ ،‬كما يحاول تجزئة كل فكرة‬
‫وتقريبها للطرفين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مرحلة طرح الحلول من طرف المتنازعين‬

‫‪ -1‬صالح ابليدي‪ ،‬إصالح ذات البين‪ ...‬أسلوب حضاري لفض النزاعات ‪ ،‬على هامش األيام الثقافية لجمعية االستقامة بغرادية‪.‬‬

‫‪www.elwaha-dz.com‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪181‬‬
‫إن نجاح الوساطة متوقف على القدرة على مناقشة الموضوع المطروح‪ .‬و كفاءة الوسيط‬
‫وتحليل الجزئيات التي تقبل بدورها حلول في المرحلة المقبلة و المتمثلة في اقتراح الحلول التي‬
‫من شأنها أن تؤدي إلى اتفاق ودي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬مرحلة اقتراح الحلول‬

‫تميز هذه المرحلة بتقييم الطرفين لوجهات نظرهما اتجاه المشكل المعروض في اجتماع‬
‫الوساطة فيجد كل طرف إجابة عن التساؤل الذي لم يجد له من قبل جواب‪ .‬و تمكن هذه المرحلة‬
‫األطراف من فتح فضاء حديد للتفاهم و التقارب على أن يكون الحل واقعيا و جديا و قريبا للتنفيذ‬
‫في أسرع وقت ممكن‪.‬‬

‫و في هذا اإلطار تتعدد الحلول أمام الطرفين فيكون عليهما بمساعدة الوسيط التخلي عن‬
‫الحلول الجزئية و اللجوء إلى الحلول التي من شأنها أن تكون قابلة للتطبيق في وقت قصير‪ .‬و في‬
‫األخير نكون أمام مرحلة إمضاء محضر الصلح‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬مرحلة االتفاق و إمضاء الصلح‬

‫عند الوصول إلى حل يرضي الطرفين و يريانه جديرا بالتطبيق إذ يكون شامال وواضحا‬
‫ويحدد كيفية التنفيذ يحرر الوسيط محضرا يوقع عليه طرفي النزاع في الجلسة الختامية‪.‬‬
‫أما في حالة فشل الوسيط في إقناع الطرفين بالتوصل إلى حل حبي فإنه يعلن لهما ذلك في الجلسة‬
‫الختامية المشتركة و يحيل ملف القضية على المحكمة المختصة للبث فيه طبقا لمسطرة التقاضي‬
‫العادية‪.1‬‬

‫وال شك أن االرتقاء بإجراء الصلح إلى نظام الوساطة سيلقى قبوال وترحيبا نظرا لطبيعة‬
‫العالقة األسرية وما تتميز به من خصوصية وكلما كانت حل الخالفات الزوجية بعيدا عن المحاكم‬
‫و محصورة بين الزوجين و طرف ثالث يتق هللا في الصلح و النصح‪ ،‬كلما أمكن عالجها ووضع‬
‫حل لها بسهولة فعرضها على القضاء قد يؤدي إلى تعقيدها إذا لم يتم التعامل معها بحكمة و بروح‬
‫التصالح و التناصح‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد سالم ‪ ،‬المرجع السابقن ص ‪82‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪182‬‬
‫و لذلك ينبغي إيالء هذه الوسيلة ( الوساطة) اهتماما بالغا و متزايدا على صعيد مختلف‬
‫األنظمة القانونية و القضائية‪ .‬نظرا لما توفره هذه الوسيلة من رضا تام بالحلول التي ساهم‬
‫األطراف في التوصل إليها باعتبارها عدالة تفاوضية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خلق مؤسسات جديدة مكلفة بالصلح‬

‫إن أهمية الصلح ال تخف ى على أحد على اعتبار أن هذا اإلجراء له دور مهم – إذا تم تفعيله‬
‫بالشكل المطلوب – في المحافظة على عرى الزوجية من االنهيار‪ .‬و لذلك فهو مطلوب في جميع‬
‫الحاالت التي يكون فيها ممكنا‪ .‬و على المحكمة أن تحاول من خالله التقريب بين الزوجين حتى‬
‫يحقق الغاية المتوخاة منه و المتمثلة منه في الحد من ظاهرة الطالق و التطليق‪.‬‬

‫إال أن واقع الصلح مازال لم يثمر عن نتائجه في إعادة الود العائلي بالشكل الذي كان‬
‫منتظرا منه‪.‬‬

‫لذلك ينبغي الحرص على تفعيل مسطرة الصلح في القضايا األسرية من خالل خلق‬
‫مؤسسات جديدة متخصصة في الصلح بين الزوجين كقاضي الصلح ( الفقرة األولى) والمساعدات‬
‫االجتماعيات ( الفقرة الثانية ) و إنشاء مراكز استشارية لألسرة ( الفقرة الثالثة) تضطلع بمهمة‬
‫التصالح بين الزوجين و مساعدتهما على حل نزاعاتهما بطريقة ودية قبل اللجوء إلى القضاء ‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ق اضي الصلح‬

‫إن المعضلة األساسية التي يواجهها القضاء مند زمن بعيد في مختلف األنظمة القضائية‬
‫عبر العالم‪ ،‬تتجلى في تراكم أعداد هائلة من القضايا التي تنتظر دورها للفصل فيها بسبب البطء‬
‫في الحسم في النزاعات‪ ، 1‬و قلة األطر البشرية المرصودة للقيام بهده المهام‪.‬‬

‫و قضايا األسرة و خصوصا قضايا انحالل الرابطة الزوجية بالطالق أو التطليق تعرف‬
‫تزايدا مستمرا و بوثيرة مرتفعة إذ تنهل على أقسام قضايا األسرة كاألمطار‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد سالمن المرجع السابق‪ ،‬ص‪65‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪183‬‬
‫و قد عمل المشرع المغربي سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد صدور مدونة‬
‫األسرةعلى اإلصرار على الحفاظ على تماسك الكيان العائلي من خالل التأكيد على ضرورة‬
‫إجراء محاولة الصلح بكيفية جدية قبل اإلذن بالطالق أو التطليق‪.‬‬

‫وهي مسؤولية جسيمة ألقيت على عاتق القضاء المغربي و التي أن يعالجها بما يتطلبه‬
‫األمر من دراية و حكمة و تبصر للوصول إلى تحقيق هدف المشرع و تطبيق روح النص‬
‫القانوني تطبيقا سليما‪.‬‬

‫وهذا ال يأتي إلى من خالل إحداث قضاء مختص في الصلح بين الزوجين و يعني دلك‬
‫تكوين قضاء مؤهل تأهيال كافيا من الناحية القانونية و االجتماعية‪.‬‬

‫وهو ما يحت م على القاضي التفتح على المجتمع و قضاياه و التشبع بثقافة حقوق اإلنسان‬
‫ومبادئ العدل و المساواة و اإلنصاف‪.‬‬

‫كما يجب اختياره ممن حنكته التجار وله خبرة واسعة بمشاكل األسرة و بأساليب الحوار‬
‫المباشر الذي يتطلب كثيرا من المرونة و الصبر ‪.1‬‬

‫وباإلضافة إلى معرفته القانونية و خبرته القضائية يجب أن يتوفر على رصيد معرفي‬
‫وعلى خلفية ثقافية تجعله على االطالع بأحوال الناس و المجتمع و تمكنه من القيام بدور الطبيب‬
‫االجتماعي وهو بصدد إجرائه لمحاولة التوفيق والسداد بين الزوجين لتوفير السلم و إعادة‬
‫الطمأنينة إلى أطراف العالقة الزوجية و إيجاد حل مناسب الذي يحافظ على تماسك األسرة‬
‫والتسامح و تقريب وجهات النظر لتذويب الخالفات و األحقاد‪.2‬‬

‫فمدونة األسرة جاءت بمقتضيات جديدة و مهمة و تطبيقها يحتاج إلى قضاء مؤطر تأطيرا‬
‫جيدا حتى يتمكن من ترجمة فلسفة المشرع و غايته من إصدار هذا القانون و التي تتجلى في‬
‫المحافظة على وحدة األسرة و منع تشتيت شملها‪ ،‬و وقاية إفرادها من التشرد و الضياع والبؤس‪.3‬‬

‫‪ -1‬أحمد العنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪210‬‬


‫‪ -2‬محمد أوراغ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪125‬‬
‫‪ -3‬إدريس اجويلل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪118‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪184‬‬
‫لكن بالرجوع إلى القضاة المكلفين حاليا بمهمة بذل الجهد من أجل إصالح ذات البين نجد‬
‫أغلب القضاة الذين عهد إليهم تولي القضاء األسري هم من خريجين الجدد للمعهد الوطني‬
‫للدراسات القضائية باإلضافة إلى اقتصار تزكيتهم على قضاة ذوي تكوين قانوني محض‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذلك نجد أن قانون محاكم األسرة بجمهورية مصر العربية ينص على إن‬
‫محكمة األسرة تتألف من ثالث قضاة يكون أحدهم على األقل بدرجة رئيس المحكمة االبتدائية‬
‫ويعاون المحكمة خبيران اجتماعي و نفسي و أحدهما على األقل من النساء‪.1‬‬

‫إن آليات التفعيل و التطبيق بمقتضيات مدونة األسرة عامة و بنصوص محاولة اإلصالح‬
‫بين الزوجين خاصة يستلزم بالضرورة وجود جهاز قضائي متماسك و مؤطر تأطيرا عمليا‬
‫وأخالقيا‪.‬‬

‫و من األفضل أن يتم الفصل بين قضاء الحكم و قضاء الصلح ألن إسناد مهمة الصلح في‬
‫قضايا الطالق و التطليق لقاضي الحكم يجعل األطراف يتحفظون بل و يمتنعون عن تقديم بعض‬
‫التنازالت و البوح ببعض األسرار‪ ،‬خوفا من انعكاس مواقفهم و تصريحاتهم أثناء محاولة الصلح‬
‫عن مراكزهم القانونية أثناء سريان الدعوى بعد فشل محاولة الصلح ألن قاضي الحكم يكون قد‬
‫اطلع على أسرار تم البوح بها في جلسات الصلح من أجل الوصول إلى حل اتفاقي مرضي‬
‫لرغبات الطرفين‪.2‬‬

‫فمنح القاضي صفة الحاكم و إعطائه دور الوساطة بين الزوجين إلصالح ذات البين‬
‫بينهما يجعل أغلب حاالت الصلح المعروضة على المحكمة ال تعرف النجاح‪ .‬فيصبح بذلك إجراء‬
‫الصلح مجرد إجراء مسطري شكلي ال يعكس الدور أو الهدف الذي أراده المشرع من خالله‪.‬‬
‫فالمشرع يحمل أفكارا له واردة لتحقيق التوازن العائلي و إعادة االستقرار لألسرة إال أنه عجز‬
‫عن توفير الهياكل الضرورية إلنجاح فكرة الصلح على أرض الواقع‪.‬‬

‫لذلك فمن الضروري على المشرع المغربي النص على وجوب إجراء محاولة الصلح من‬
‫طرف قاض ال يشارك في الحكم في الدعوى‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬مميزات د‪ .‬األ‪.‬ح‪ .‬ش المرجع السابق‪ ،‬ص ‪56‬‬
‫‪ -2‬الحسن بويقين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪28‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪185‬‬
‫لذلك ال بد من تزو يد المحاكم المغربية و خاصة قسم قضاء األسرة بقضاة مختصين في‬
‫إجراء الصلح بين الزوجين ألن ذلك من شأنه اإلسراع في بث دعاوي الطالق و التطليق و بالتالي‬
‫التخفيف من العبء الملقاة على عاتق القضاة المتواجدين حاليا‪.‬‬

‫و يستحسن أن يتم تعيين قضاة الصلح من القضاة المتخرجين من جامعة القرويين أو دار‬
‫الحديث الحسنية‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المساعدة االجتماعية‬

‫إن المدونة أعطت لقضاء األسرة سلطات واسعة متقدمة عما كان عليه األمر في مدونة‬
‫األحوال الشخصية و جعلت من القاضي ليس هو ذلك القاضي الذي يكيف الوقائع و ينزل عليها‬
‫النصوص القانونية‪ ،‬بل إن قاضي األسرة اليوم فرد من أفراد األسرة بل هو مجتهد بمقتضى المادة‬
‫‪ 400‬من مدونة األسرة عليه أن يجتهد في الوسائل و اإلجراءات من أجل تحقيق ما فيه صالح و‬
‫إصالح األسرة( زوجة و زوج و أطفال)‪.‬‬

‫و يتجلى ذلك في كون المشرع لم يلزم القضاء باحترام ترتيب معين في انتداب الجهة التي‬
‫يعهد إليها بمهمة المصالحة بين الزوجين بل ترك له كامل الصالحية في اختيار إما الحكمين أو‬
‫مجلس العائلة أو أية جهة أخرى يراها مؤهلة للقيام بهذا الدور‪.‬‬

‫و ذلك حسب الصياغة الواردة في الفقرة الثانية من المادة ‪ 82‬من مدونة األسرة و كذا‬
‫المادة ‪ 113‬من قانون األسرة‪.‬‬

‫فللقضاء انتداب المساعدة االجتماعية للقيام بدور الوساطة و المصالحة األسرية من أجل‬
‫إعادة الدفء إلى عش الزوجية و من تم حماية التفكك و االنهيار‪.‬إذا رأى أن ذلك ضروريا لنجاح‬
‫محاولة الصلح‪.‬‬

‫و لذلك أصبح من الالزم على المشرع المغربي التدخل من أجل النص على وجوب‬
‫االستعانة بقسم اجتماعي مختص إلى جانب محكمة األسرة الممول من صندوق التكافل العائلي‬

‫‪ -1‬إدريس اجويلل‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪113‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪186‬‬
‫المزمع إنشائه يتكون من أخصائيين اجتماعيين و أطباء نفسانيين‪ 1‬يكون مؤهال للقيام بالمهام‬
‫الموكولة له‪. 2‬‬

‫فال بد إذن من تدخل تشريعي لتنظيم إطار المساعدة االجتماعية التي أصبحت حاضرة في‬
‫قانون األسرة المغربي و ذلك بالنص على دورة تكوينية في شؤون األسرة‪.‬‬

‫كما يجب تحديد مجال عمله في مجال الوساطة والمصالحة األسرية‪ ،‬بحيث توكل إليه‬
‫مهمة الصلح بين ا لزوجين وتحديد مستحقات الزوجة واألطفال ومستحق الحضانة وسكنى‬
‫المحضون و تحديد المسؤول عن وقوع الطالق‪.‬‬

‫و يكون من بين مهامه أيضا السهر على اإلسراع و تنفيذ األحكام و تمنح له سلطات‬
‫واسعة للحصول على المعلومات المتبثة للدخل سواء من اإلدارات العمومية أو من الخواص‪،‬‬
‫على أن يمنح أيضا لهدا القسم االجتماعي صالحية االتصال بعائلتي الزوجين و الجيران و عقد‬
‫جلسات متكررة مع أطراف النزاع كل ذلك تحت اإلشراف المباشر للمحكمة و القاضي المقرر في‬
‫الملف و ذ لك بدل ما يجرى به العمل حاليا من تجاهل لدور االختصاصات العملية و االجتماعية‬
‫المساعدة للقاضي و من شأن ذلك أن يؤثر على نسبة نجاح الصلح‪.3‬‬

‫إذ في هذه الحالة تصبح محاولة الصلح مجرد إجراء شكلي ال يحقق الغرض الذي وجد‬
‫من أجله ألن المحكمة ال تتوفر على الوقت و ال على الخبرة و التخصص الالزمين إلجراء الصلح‬
‫المطلوب‪.4‬‬

‫ذو التكوين القانوني المحض قد يستعصى عليه فهم ظروف القضية‬ ‫فالقاضي‬
‫ومالبساتها‪.‬ألن المشاكل المترتبة على استقرار األسرة و انتظام الحياة الزوجية مشاكل دقيقة قد‬
‫يعسر فضها بالشكل الذي تنظر به باقي المشاكل األخرى‪ .‬بل ينبغي أن تعالج هذه القضايا بنوع‬
‫من المرونة و التفهم لفهم األمور‪.‬‬

‫‪ -1‬بشرى العاصمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪55‬‬


‫‪ -2‬خديجة العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪142‬‬
‫‪ -3‬سعاد األخريسي‪ ،‬من م أ مسار التعديالت و مطالبة الحركة النسائية‪ ،‬طبعة ‪ 1‬شتنبر ‪ ، 2005‬ص ‪70‬‬
‫‪ -4‬بشرى العاصمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪55‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪187‬‬
‫لذلك قد يتعين أحيانا على القاضي في قضايا األسرة و خاصة في محاولته لإلصالح بين‬
‫الزوجين التي تتعلق بطبيعتها بأمور شديدة الصلة بالمسائل النفسية و االجتماعية أن يتخذ كل‬
‫اإلجراءات الالزمة و يقرر جميع األبحاث التي يراها صالحة و منها على الخصوص تعيين‬
‫مرشدة اجتماعية إلى غير ذلك من وسائل البحث الصالحة إلنارة الحقيقة التي قد يعسر على‬
‫القاضي كشفها نظرا لما تكتسب هذه القضايا من الصبغة الشخصية البحتة و لما يسود الجو العائلي‬
‫أحيانا من تشاحن و تباغض و تنافر‪.1‬‬

‫لذلك أكرر اقتراحي مرة ثانية بضرورة تفعيل دور المساعدات االجتماعية في إجراءات‬
‫التصالح بين الزوجين‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬إنشاء مكاتب استشارية لألسرة‬

‫إن أول ما يثير اإلنتباه عند القيام بجولة سريعة في أرجاء أقسام األسرة ذلك التراكم‬
‫المذهل إلعداد الملفات و القضايا المطروحة على أنظار المحاكم خصوصا تلك المتعلقة بانحالل‬
‫الرابطة الزوجية‪.‬و التي تنتظر دورها للفصل فيها بحكم قضائي نهائي‪.‬‬

‫لكن أما آن األوان لكي يتخلص القضاء المغربي من معضلة التكدس الهائل للقضايا‬
‫و ذلك من خالل اإلعانة بمكاتب أو مراكز و مؤسسات إلصالح ذات البين يلتجئ إليها الزوجان‬
‫المتنازعان قبل اللجوء إلى المحكمة ‪ .‬وذلك من أجل محاولة نهيها عن التراجع عن مواقفها‬
‫الرامية إلى فصم عرى الزوجية ‪.‬‬

‫فقد أصبحت الحاجة ملحة إلى ضرورة تدخل أطراف ثالثة وسيطة تعمل لمحاولة التوفيق‬
‫ورأب الصدع و اقتراح الحلول المساعدة إليجاد حلول للخالفات القائمة بين الزوجين المتنازعين‬
‫مستندين في دلك على لغة الحوار و التعقل فال بد إذن من اعتماد أسلوب الصالح ذات البين الذي‬
‫يعتمد على الوساطة التي هي عبارة عن تدخل طرف ثالث للتوصل إلى حل يرضي الزوجين‬
‫الدائر بينهما النزاع‪.‬‬

‫فال مناص من اللجوء إلى إنشاء مؤسسات مؤهلة تقوم بمهمة اإلصالح بين الزوجين في‬
‫كل القضايا األسرية على اختالف مواضعها{ طالق تطليق‪ }...‬قبل اللجوء المحاكم المغربية‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد العنابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪204‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪188‬‬
‫فتكون المهام المنوطة بهذه الجهات وقائية إذ تمنع وصول الدعاوي الخاصة بالزوجين إلى‬
‫ساحة القضاء‪ .‬فهذا األخير ال يتدخل إال في حالة عجز هذه المؤسسات الوسيطة عن التوفيق بين‬
‫الزوجين‪.‬‬

‫و قد عمل مجموعة من الدول العربية و قبلها الدول األوروبية و األمريكية على إحداث‬
‫وتكوين جهات{ مكاتب‪ ،‬مؤسسات‪ ،‬مراكز‪ }....‬كلفت بمهمة مساعدة الزوجين على حل خالفاتها‬
‫وبالتالي التقليل من بسب الطالق و التطليق الذي يهدم البيت األسري و رفع نسب الصلح‪.‬‬

‫و فيما يلي يورد بعض نماذج هذه المؤسسات‪ ...‬التي تم إنشاؤها ببعض الدول العربية‬
‫ونخص بالذكر مصر‪ ،‬فلسطين‪ ،‬البحرين‪ ،‬السعودية‪:‬‬

‫أ‪ -‬تجربة مصر‬

‫ففي مصر صدر قانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2004‬الخاص بإنشاء محاكم األسرة المتخصصة في‬
‫جميع النزاعات العائلية‪ ،‬الهدف منه هو حماية األسرة و منع تكدس القضايا الخاصة بالمنازعات‬
‫األسرية التي يجب الحسم فيها في وقت قصير‪ .‬نظرا لما تتميز به المشاكل األسرية من‬
‫خصوصية‪.‬‬
‫و الميزة الخاصة و التي تميز هذا القانون هو أنه ينص على إنشاء في كل محكمة من محكمة‬
‫األسرة مكاتب خاصة تسمى بمكاتب تسوية المنازعات األسرية ‪.‬‬

‫و يحاول هذا المكتب أن يقوم بالوساطة بين الزوجين في الشؤون العائلية لكن لن تجري‬
‫الوساطة في قضايا الطالق بين الزوجين في الشؤون العائلية إال إذا كانت الزوجة هي التي‬
‫تقدمت بطلب الطالق‪.‬‬

‫و بمقتضى قانون محاكم األسرة الجديد لن تتمكن المرأة حتى من رفع قضية بشأن أمر من‬
‫أمور األحوال الشخصية دون التقدم أوال بطلب تسوية النزاع إلى هذا المكتب‪ .‬و لن ينظر القضاة‬
‫في أي قضية إال إذا حاول األخصائيون االجتماعيون و النفسيون التوصل إلى الصلح بين‬
‫الزوجين و لم يوفقوا في تحقيقه في غضون خمسة عشر يوما ‪ ،‬إال إذا وافق الطرفان الخصمان‬
‫معا على مد الفترة لمحاولة الصلح‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪189‬‬
‫و بذلك يكون القانون المصري قد أوجد مرحلة أخرى سابقة على اللجوء إلى المحكمة‪.‬‬
‫فهي من بين التغيرات المستحدثة‪.‬‬

‫فال بد إذن من أن يلجأ الزوجان المتخاصمان إلى مكتب تسوية المنازعات أوال‪ .‬و على‬
‫كل األسر أن تمر به و تظل باب المحكمة مغلقا في وجههما قبل المرور إلى مرحلة الوساطة من‬
‫خالل مكتب تسوية المنازعات األسرية‪.‬‬
‫و يقضي القانون الجديد لمحاكم األسرة بتعيين أخصائي اجتماعي و أخر نفسي لكل منازعة أسرية‬
‫و مهمتها تتضمن تقديم النصح و اإلرشاد ألطراف النزاع و محاولة تسوية الخالف القائم بينهما‬
‫وديا و هذا سيجنب بعض األزواج السير في إجراءات قضائية مطولة و معقدة‪.‬‬

‫و الميزة األخرى التي تسجل لهذا القانون هي التنصيص على ضرورة وجود أخصائية‬
‫‪1‬‬
‫اجتماعية أو نفسية مشاركة في مكتب تسوية المنازعات ‪.‬‬

‫ب‪ -‬تجربة المملكة العربية السعودية‬

‫و إذا كانت الدول العربية بشكل عام تعاني من ظاهر ارتفاع حاالت الطالق وانطالقا‬
‫سريعة فان السعودية و بشكل خاص ترزح تحت عبء هذه المشكلة التي تزايدت بشكل مخيف‪.‬‬
‫لدلك عملت السلطات في المملكة العربية السعودية على إيجاد مكاتب لحل الخالفات الزوجية‬
‫والسيطرة عليها قبل أن تؤدي إلى الطالق‪.‬‬

‫و يقوم باإلشراف على هذه المكاتب مجموعة من القضاة بمساعدة عدد من المختصين‬
‫األكاديميين في العلوم االجتماعية و علم النفس و بعض المختصين بدراسة أسباب الطالق إضافة‬
‫إلى متطوعين من أئمة المساجد ومأذوني عقد القران‪.‬‬

‫وتهدف هذه المكاتب إلى إصالح ذات البين المعمول بها في عدد من المحاكم السعودية‬
‫للحد من ظاهرة الطالق ووضع حلول مناسبة للطرفين بدال من االنفصال و إيجاد لجان عاملة لحل‬
‫الخالفات‪.‬‬

‫و يتم العامل مع كافة القضايا المعروضة عن هذه المكاتب بالسرية التامة و الحيادية في‬
‫اتخاذ القرارات المناسبة و التي تراها هذه المكاتب منصفة للطرفين كما يتم توعية األزواج باآلثار‬

‫‪- www.asharqalawsat.com -wwww.balagh.com -1‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪190‬‬
‫السلبية التي تشكلها ظاهرتي الطالق والتطليق وما يترتب عليها من تشريد األسرة يكون ضحيتها‬
‫أوال وأخيرا األطفال‪.1‬‬

‫ج ‪ -‬تجربة دولة البحرين‬

‫ففي دولة البحرين تولي وزارة العمل والشؤون االجتماعية رعاية خاصة لألسرة‪.‬‬
‫فقد تم إنشاء مكاتب لإلرشاد األسرية لمعاونة المحاكم الشرعية في بحث أسباب المنازعات‬
‫الزوجية والعائلية‪ ،‬واقتراح الحلول المالئمة لها‪ ،‬ومحاولة إصالح ذات البين‪ ،‬وتقليل نسبة الطالق‬
‫برفع نسبة الصلح‪ ،‬والمحاولة قدر اإلمكان تخفيف حدة التوفر والقلق عند الزوجين بمعرفة أسباب‬
‫الخالف وتهيئة الجو العائلي السليم الذي يكفل لألبناء تنشئة اجتماعية صالحة مع تهيئة الجو‬
‫األسري عند المطلقين واألبناء في حالة الطالق‪.‬‬

‫إضافة إلى توجيه األمر إلى مصادر الخدمات المختلفة في المجتمع لالستفادة منها في حل‬
‫المشكالت وأيضا القيام بالبحوث والدراسات المتعلقة باألسرة ونشر نتائج البحوث والدراسات ثم‬
‫اقتراح التوصيات الكفيلة لدعم كيان األسرة البحرينية‪.‬‬

‫كما تقوم هذه المكاتب بدراسة أحدث األساليب والوسائل التي تتبعها الدول المتقدمة في‬
‫حل المشكالت األسرية وتجربة تطبيق ما يتناسب مع البيئة المحلية من هذه الوسائل وبما ال‬
‫يتعارض مع القيم اإلسالمية‪.‬‬

‫ويتم عالج الخالفات األسرية عن طريق مشرفة اإلرشاد األسري إذ يتم رصد الحاالت‬
‫و معالجتها بتنسيق مع مختلف الجهات المختصة كمستشفى الطب النفسي ووزارة العدل ‪.‬‬
‫من هنا يبدو أن عمل مكاتب اإلرشاد أو التوجيه األسري يشمل مجالين الوقاية و التوعية ثم‬
‫العالج‪.‬‬

‫و قد بدأت فكرة مكاتب االستشارات األسرية في البحرين ب { الخط الساخن} لدى بعض‬
‫الجمعيات النسائية الذي يعمل على تلقي المشاكل األسرية و االجتماعية و توجيه المتصلين مع‬
‫االحتفاظ بخصوصية األسرة و السرية في معالجة المشاكل األسرية و االجتماعية‪.‬‬

‫‪www.arriyadh.com – naseejoh.com-‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪191‬‬
‫و بعد إنشاء مكاتب االستشارات األسرية أصبح األمر يتعلق بآلية منهجية و مهنية تستخدم‬
‫للوقاية من المشاكل األسرية والحد من زيادة حاالت الطالق والتطليق وكثرة القضايا المتعلقة‬
‫‪1‬‬
‫بالخالفات الزوجية في المحاكم الشرعية‪.‬‬

‫د‪ -‬تجربة فلسطين‬

‫تعتبر لجنة الوساطة األسرية التابعة لمركز البحوث اإلنسانية و التنمية االجتماعية بغزة‬
‫من أكثر اللجان الت ي ساهمت و بصورة فاعلة في حل النزاعات التي تنشب بين الرجل و زوجته‬
‫بالدرجة األولى بسبب الخالفات الزوجية أو تدخل أهل الزوجين في الحياة الزوجية‪.‬‬

‫فعمل هذه اللجان يشمل كل مشاكل األسرة الذاتية و الخارجية‪ .‬فكثيرا ما يفضل الناس‬
‫اللجوء إلى مركز البحوث اإلنسانية و التنمية االجتماعية لحل مشاكلهم ألنهم يدركون أن المشاكل‬
‫إذا وصلت إلى الجهات الرسمية‪ ،‬فإنها تأخذ الطابع القانوني و يتدخل فيها الشرطة و المحامون‬
‫والمحاكم‪ .‬و حل المشكلة يحتاج إلى وقت طويل باإلضافة إلى بدل الكثير من الجهد و المال‪ .‬و قد‬
‫يقطع الظلم على أحد الطرفين في المشكلة لذلك يلجأ إلى مركز البحوث اإلنسانية لحل مشاكلهم‪.‬‬
‫و يتمثل الحل في تفهم المشكلة و الوقوف على أسبابها و أبعادها‪ .‬و تقديم المشورة و النصيحة‬
‫وبذل كافة المساعي و الجهود حتى نتمكن من الحل أو المساهمة في الحل مهما كانت المشكلة‬
‫معقدة‪.‬‬

‫و تحظى لجان اإلصالح بقبول و ترحيب كبيرين من طرف المواطنين لما تقوم به من جهد‬
‫جبار في اإلصالح بين الناس و حل المشاكل التي تحدث في المجتمع خاصة و أن المجتمع‬
‫الفلسطيني تغلب عليه العشائرية‪ .‬و معظم المشاكل األسرية يتم يحلها من طرف لجان اإلصالح‬
‫إذ باتت تؤدي دورا هاما في المجتمع في ظل تراجع سيادة القانون و حالة الفلتان التي يعيشها‪.‬‬
‫فهي تسد الفراغ الذي تركه غياب سيادة القانون لذلك فهي ضرورة ال غنى عنها‪.‬‬

‫و نظرا لحساسية بعض القضايا التي تكون المرأة طرفا رئيسيا فيها السيما الخالفات‬
‫الزوجية فإنه في أغلب الحاالت ترفض النساء عرض مشاكلها أمام الرجال نظرا لخصوصيات‬

‫‪www.Nuwab.gov.bh‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪www.asharqalawsat.com -1‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪192‬‬
‫الموقف و العادات التي تحكم المجتمع ففي كثير من القضايا التي كانت تنشب بين الزوجين و التي‬
‫عرضت على رجال اإلصالح لم تستطع الزوجة الحديث أمام المسؤولين الرجال في هذه القضايا‬
‫مما ساهم في ضياع حقها ألنه في النهاية يكون الحكم بناء على البينات و ال يحتكم إلى النوايا لذلك‬
‫قد تولدت لدى لجان اإلصالح فكرة إنشاء لجن اإلصالح النسائية‪ .‬و قد لقيت هذه الفكرة قبوال‬
‫كبيرا نظرا لطبيعة العالقة األسرية من خصوصية‪ .‬فالمرأة تستطيع الحديث بحرية أمام مثيلتها‬
‫دون حرج أو خوف‪.‬‬

‫و من أجل نجاح هذه اللجان في مهمتها اإلصالحية فإنها تعمل في سرية مطلقة و تحافظ‬
‫على خصوصيات الخالفات الزوجية حتى يكتب النجاح لمحاولة التصالح التي تقوم بها‪ .‬كما أن‬
‫الوسيط الذي يعين لمهمة التوفيق بين الزوجين يتسلح بكل ما هو مفيد في عملية اإلصالح خاصة‬
‫الثقافة العامة و األخالق الحميدة و اإللمام بكل العادات و التقاليد السائدة في المجتمع‪ ،‬فضال عن‬
‫المعرفة الكاملة ألمور الدين حتى ال تتعارض عملية اإلصالح مع تعاليم الدين الحنيف‪.‬‬

‫كما أن بعض الدول الغربية كانت سباقة في خلق بعض المؤسسات أو المراكز المكلفة‬
‫ومهمة اإلصالح بين الزوجين‪.1‬‬

‫وفي اليابان شكلت محاكم خاصة لألسرة تضطلع بوظيفة الوساطة بين الزوجين‪.‬‬

‫والقرارات التي تصدر عنها ليست لها طابع قضائي و إنما تأخذ إلزاميتها من األطراف‪.‬‬

‫و في الواليات المتحدة توجد جمعيات متخصصة مكلفة بمهمة المصالحة بين أفراد األسرة‬
‫و من بينهم الزوجين‪.2‬‬

‫ويقتصر دور المحاكم على المصادقة على ما تم التوصل إليه من حلول‪.‬‬

‫و في ظل تزايد عدد القضايا المرتبطة بمختلف النزاعات األسرية التي تشهدها محاكم‬
‫المملكة‪ ،‬فلم يعد مقبوال على اإلطالق أن تترك األسرة تداس و تعصف بها كل األسباب الواهية‬
‫وحتى المعقولة من النزاعات التي تتعقد حين عرضها أمام المحاكم‪.3‬‬

‫‪www.pcdr.org – wwww.bayader.com -1‬‬


‫‪www.addusyour.com - 2‬‬
‫‪ -3‬ناصر متيوي مشكوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪199‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪193‬‬
‫وفي انتظار أن يتدخل المشرع في إنشاء مراكز أو مكاتب‪ ...‬متخصصة في القيام بدور‬
‫الوساطة من أجل تحقيق التصالح بين الزوجين فإنه يمكن هنا اإلشادة بما تقوم به الجمعيات‬
‫النسائية في هذا المجال‪.‬‬

‫ففي مدينة طنجة مثال توجد مجموعة من مراكز االستماع والتوجيه األسري كمركز "‬
‫الكرامة" الذي يقوم بمجهودات كبيرة من أجل حماية األسرة من التفكك و تفعيل آليات التصالح في‬
‫حل المشاكل العائلية و التقليص من ظاهرة الطالق النفسي و القانوني‪ ،‬فضال عن تقديم الخدمات‬
‫االجتماعية و القانونية و االستشارية‪.‬‬

‫و قد ساهم هذا المركز في تقليص ظاهرة الطالق بنسبة ‪ 68%‬و بتحقيق اإلصالح األسري‬
‫بنسبة‪.1 70 %‬‬

‫و هي نسبة مهمة و تدعو إلى التفاؤل لكنها في نفس الوقت ال تصل إلى ما نصبو إليه و هو‬
‫خلق مرحلة سابقة على اللجوء إلى ساحة القضاء و ذلك بإنشاء مراكز أو جهات للقيام بدور‬
‫الوساطة بين الزوجين و مساعدتهما على حل مشاكلهما و الوصول إلى حل ودي إلنهاء النزاع‬
‫القائم بينهما‪.‬‬

‫وفي انتظار إحداث هذه الجهات أو المراكز تبقى الجمعيات النسائية‪ ،‬باإلضافة إلى دور القضاء‬
‫هما المعول عليهما للتقليل من نسبة الطالق و التطليق عن طريق تفعيل مساطر و آليات الصلح‬
‫بين الزوجين من أجل المحافظة على تماسك األسرة و بالتالي حمايتها من التفكك واإلنحالل‪.‬‬

‫‪ -1‬تقرير عن الندوة المنظمة من طرف جمعية كرامة المرجع السابق‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪194‬‬
‫خ ات م ة‬

‫من خالل دراسة مختلف جوانب هذا الموضوع يتبين أن الصلح بين الزوجين في حالة‬
‫تفعيله على الوجه األمثل‪ ،‬فإنه سيكون بحق إحدى اآلليات المهمة التي تضمن استمرارية األسرة‬
‫و تحول دون تفككها و انهيارها‪.‬‬

‫إال أن نجاعة الصلح بين الزوجين في أداء مهمته يبقى رهينا بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬بمدى قناعة الزوجين بجدوى هذه اآللية و تفضيلهما خيار الصلح لما فيه من خير لكل‬
‫أفراد األسرة و من تم للمجتمع برمته‪.‬‬

‫‪ -‬بما يبذله القضاة من مجهودات حثيثة وجادة في هذا المجال‪ ،‬خصوصا و أن األمر يتعلق‬
‫بالحفاظ على كيان األسرة التي تعد بحق الخلية األولى للمجتمع و مؤسسة لصنع األجيال فال بد‬
‫أن يتسم هؤالء بالمرونة الكافية التي تترجم اقتناعهم بأهمية الصلح بين الزوجين و دوره الحاسم‬
‫في الحفاظ على أواصر المحبة و المودة بينهما‪.‬‬

‫إال أن القاضي لن يتسنى له النهوض بهذه المهمة الجسيمة على أكمل وجه ما لم يكن‬
‫متسلحا بتكوين شامل و مطلعا على مختلف المستجدات في العلوم اإلنسانية الحديثة خاصة علم‬
‫النفس و علم االجتماع‪. ...‬‬

‫ذلك أن مدونة األسرة مهما تضمنت من أحكام و مقتضيات مهمة خاصة بالصلح بين‬
‫الزوجين فإنها ككل تشريع بخصائصه المعروفة تبقى بحاجة إلى قضاء مؤهل ينفخ فيها الروح‬
‫ويعطيها مدلولها الحقيقي و يحقق أهدافها النبيلة‪.‬‬

‫و مهما يكن من أمر فإن مدونة األسرة ال زالت تعتبر تشريعا جديدا لم يمض على تطبيقه‬
‫فترة زمنية – أكثر من ثالث سنوات ‪ -‬كافية تسمح بالحكم على مدى فعاليته‪.‬‬

‫فال زالت في حاجة إلى مدة أطول لتشق طريقها نحو تحقيق الهدف األول من وضعها وهو‬
‫الصلح و الحفاظ على كيان األسرة‪.‬‬

‫و نظرا لتشعب مجاالت تدخل القاضي و تعدد اختصاصاته باإلضافة إلى كثرة القضايا التي‬
‫تجعل من الصعب القيام بمهمته اإلصالحية في قضايا الطالق و التطليق على أحسن ما يرام‪ ،‬فإننا‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪195‬‬
‫نؤكد على ضرورة إيجاد مرحلة سابقة على الصلح القضائي و المتمثلة في الوساطة األسرية‬
‫وذلك بخلق مؤسسات ومراكز مختصة بإصالح ذات البين وتقديم النصح واإلرشاد في المجاالت‬
‫النفسية و االجتماعية والقانونية بهدف مد جسور الحوار والتفاهم بين الزوجين وما ذلك إال إحياء‬
‫لمؤسسة إسالمية ضاربة في جذور التاريخ و لها باع طويل في وأد الخالفات وإطفاء جذور‬
‫النزاعات‪.‬‬

‫وفي حالة فشل الوساطة األسرية في تحقيق الهدف المرجو منها وانتقلت القضية إلى‬
‫أنظار القضاء‪ ،‬فإنه يستحسن تكليف قضاة متخصصين في قضايا الصلح بهدف تخفيف العبء‬
‫عن قضاة الحكم و ضمان توزيع أمثل لالختصاصات فيما بينهم حتى تحظى كل قضية بنصيبها‬
‫من العناية و االهتمام و تتضاءل احتماالت الفشل في إصالح ذات البين‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى أنه مهما بلغت أهمية المجهودات الصلحية المبذولة من‬
‫طرف الجهات القضائية وغير القضائية‪ ،‬فإنه تبقى غير كافية لوحدها لحماية األسرة وصيانتها من‬
‫التفكك و التصدع نظرا لوجود بعض الحاالت التي يستعصي فيها الصلح بفعل تراكم بعض‬
‫المشاكل البنيوية المزمنة ( األمية‪ ،‬الفقر‪ ،‬تراجع الوازع األخالقي والديني‪ ،‬الغزو الفكري‪)...‬‬
‫والتي يتطلب حلها وضع إستراتيجية مجتمعية شاملة تراعي المعطيات االقتصادية واالجتماعية‬
‫واألخالقية‪ .‬و تستدمج مختلف مكونات المجتمع من علماء دين وعلماء اجتماع وأخصائيين‬
‫نفسانيين و علماء تربية‪ ...‬بهدف بلورة الحلول الناجعة لها بالفعل‪.‬‬

‫لذلك فإني أعتقد جازمة بأن تشعب الموضوع و تعدده أبعاده وتداخل مستوياته تجعل من‬
‫الالزم انخراط مختلف الفعاليات االجتماعية لإلسهام كل بحسب مجال اختصاصه في وضع‬
‫اآلليات الكفيلة بصيانة األسرة و حمايتها‪.‬‬

‫ذلك أن الحلول القانونية رغم أهميتها ال يمكن بحال من األحوال أن تفي بالغرض المؤمل‬
‫منها أال و هو الرقي باألسرة إلى المكانة السامية التي أرادها لها الشارع الحكيم فهي تلك الخلية‬
‫التي يسود بين أفرادها الحب و الوئام والتفاهم بهدف خلق جيل قادر على البناء و أهل للنهوض‬
‫بأمانة االستخالف التي اختار لها هللا سبحانه اإلنسان دونا عن باقي كائنات الكون‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪196‬‬
‫الئحة مصادرالفقه و الحديث و التفسير و اللغة‬
‫‪ -1‬أبو بكر بن حسن الكسناوي‪ ،‬أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام األئمة مالك‬
‫الجزء الثاني الطبعة ‪،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -2‬أبو وليد سليمان الباجي األندلسي‪ ،‬المنتقي شرح موطأ اإلمام مالك‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬طبعة‬
‫‪.1322‬‬
‫‪ -3‬أبو الحسن علي بن عبد السالم التسولي‪ ،‬البهجة في شرح التحفة‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -4‬أبو محمد عبد هللا ابن قدامة المقدسي‪ ،‬المغني ‪ ،‬مكتبة الرياض ‪ ،‬طبعة ‪1981‬‬
‫‪ -5‬أبو عبد هللا محمد الرعيني الحطاب‪ ،‬كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل‪ ،‬مطبعة‬
‫السعادة الطبعة األولى ‪.1329‬‬
‫‪ -6‬أبو عيسى محمد بن سورة الترميدي‪ :‬سنن الترميدي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة األولى ‪.1378‬‬
‫‪ -7‬أبو قاسم جار هللا محمد بن عمر الزمخشري‪ ،‬الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون األقاويل‬
‫في وجوه التأويل‪ ،‬دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪ -8‬أبي الوليد محمد بن أحمد ابن رشد القرطبي‪ -‬الحفيد‪ ،-‬بداية المجتهد و نهاية المقتصد‪ ،‬دار‬
‫الفكر بيروت‪.‬‬
‫‪ -9‬أبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص‪ ،‬أحكام القران طبعة دار الكتاب العربي بيروت‪.‬‬
‫‪ -10‬أبي بكر محمد بن عبد هللا المعروف ابن العربي‪ ،‬أحكام القران‪ ،‬ج ‪ 1‬تحقيق علي محمد‬
‫البجاوي‪ ،‬مطبعة عيسى البابلي و شركائه‪.‬‬
‫وأيضا الجزء الثامن مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر‪.‬‬
‫‪ -11‬أبي جعفر أحمد بن محمد بن سالمة الطحاوي األردني‪ ،‬الشروط الصغيرة مديال بما عثر‬
‫عليه من الشروط الكبير‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ -12‬أبي جعفر محمد بن جرير الطبري‪ ،‬جامع البيان عن تأويل القرآن‪ ،‬مطبعة مصطفى البابلي‬
‫الحلبي الطبعة الثالثة‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪197‬‬
‫‪ -13‬أبي عباس أحمد بن يحي الونشريسي‪ ،‬المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوي أهل‬
‫إفريقية واألندلس و المغرب‪ ،‬ج ‪ 3‬نشر وزارة األوقاف و الشؤون اإلسالمية للمملكة‬
‫المغربية‪ ،‬الرباط‪ ،‬ودار الغرب اإلسالمي بيروت‪.1989 ،‬‬
‫‪ -14‬أبي عبد هللا بن إدريس الشافعي‪ ،‬األم‪ ،‬مكتبة الرياض‪ ،‬طبعة ‪. 1973 – 1393‬‬
‫أبي عبد هللا بن يوسف بن أبي القاسم العيدري الشهير بالمواق التاج واإلكليل لشرح‬ ‫‪-15‬‬
‫خليل‪ ،‬دار المعرفة ‪.‬‬ ‫مختصر‬
‫‪ -16‬أبي عبد هللا محمد الخرشي ‪ ،‬الخرشي على مختصر الشيخ خليل ‪ ،‬ج ‪ 6‬دار الفكر‬
‫‪ -17‬ابن حزم‪ ،‬المحلى‪ ،‬منشورات المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع بيروت‪.‬‬
‫‪ -18‬جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور‪ ،‬لسان العرب ‪،‬المجلد الثاني‪ ،‬دار صادر بيروت ‪.‬‬
‫‪ -19‬مالك ابن أنس األصبحي‪ ,‬المدونة الكبرى‪ ،‬رواية سحنون‪ ،‬مطبعة السعادة بجوار محافظة‬
‫مصر‪.1323 ،‬‬
‫‪ -20‬موطأ اإلمام مالك برواية يحيى ابن يحيى ابن كثير الليثي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -21‬موفق الدين ابن قدامة وشمس الدين ابن قدامة المقدسي‪ ،‬المغني والشرح الكبير‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪.‬‬
‫محمد أمين ابن عابدين حاشية رد المختار على الدر المختار‪ ،‬مطبعة مصطفى الحلبي‬ ‫‪-22‬‬
‫البابلي الطبعة الثانية ‪.1966‬‬
‫‪ -23‬محمد الخطيب الشريبي‪ ،‬مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج‪ ،‬مطبعة مصطفى‬
‫البابلي و شركائه‪. 1985 ،‬‬
‫‪ -24‬محمد بن أحمد ميارة الفاسي‪ ،‬شرح ميارة الفاسي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -25‬منصور يوسف إدريس البهوتي‪: ،‬كشف القناع على متن اإلقناع‪ ،‬دار الفكر بيروت – طبعة‬
‫– ‪.1982‬‬ ‫‪1402‬‬
‫‪ -26‬سيد قطب‪ ،‬في ظالل القران‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪,‬طبعة ‪. 1961‬‬
‫عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬دار كتاب‬ ‫‪-27‬‬
‫العرب – الطبعة الثانية ‪. 1974‬‬
‫‪ -28‬عماد الدين إسماعيل ابن كثير‪ ,‬تفسير القران العظيم‪ ,‬دار الفكر بيروت‪.‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪198‬‬
‫شمس الدين أبي عبد هللا محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية‪ ،‬زاد المعاد في‬ ‫‪-29‬‬
‫هدي خير العباد‪ ،‬مطبعة مصطفى البابلي الحلبي مصر طبعة ‪. 1390 – 1970‬‬
‫أبي عبد هللا بن قيم الجوزية‪ ،‬الطرق الحكمية في السياسة الشرعية‪ ،‬المؤسسة العربية‬ ‫‪-30‬‬
‫للطباعة و النشر القاهرة‪.‬‬
‫شمس الدين بن أبي العباس الرملي‪ ،‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج‪ ،‬ج ‪ ، 8‬دار إحياء‬ ‫‪-31‬‬
‫الثراث العربي‪.‬‬
‫شمس الدين محمد عرفة الدسوقي‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير على‬ ‫‪-32‬‬
‫مختصر الشيخ خليل‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ -33‬شمس الدين السرخسي‪ ،‬المبسوط‪ ،‬ج ‪ 21‬مطبعة السعادة مصر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1324‬ه ‪.‬‬
‫‪ -34‬تقي الدبن محمد الحسيني الشافعي‪ ،‬كفاية األخيار في غياية اإلختصار‪،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة‬
‫دار إحياء الكتب العربية مصر‪.‬‬

‫الئحة المراجع الفقهية والق انونية‬

‫الكتب‬
‫إبراهيم الهياللي‪ ،‬مذكرات في الفقه اإلسالمي على ضوء م‪.‬ح‪.‬ش‪ ،‬المطبعة والوراقة‬ ‫‪-35‬‬
‫الوطنية – طبعة ‪. 1987‬‬
‫‪ -36‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬عقد التحكيم و إجراءاته‪ ،‬مطبعة دون بوسكو‪ ،‬الطبعة الثانية ‪. 1974‬‬
‫إدريس الفاخوري ‪ ،‬المركز القانوني للمرأة المغربية – مطبعة الجسور وجدة – طبعة‬ ‫‪-37‬‬
‫‪. 2002‬‬
‫ادريس الفاخوري‪ ،‬الزواج و الطالق في مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬مطبعة الجسور‪،‬‬ ‫‪-38‬‬
‫الطبعة السادسة ‪. 1999‬‬
‫إدريس بلمحجوب‪ ،‬االجتهاد القضائي في م‪.‬ح‪.‬ش مؤسسة بابل للصناعة والنشر‪ ،‬الرباط‬ ‫‪-39‬‬
‫الطبعة األولى ‪.1995‬‬
‫‪ -40‬إدريس حمادي‪ ،‬البعد المقاصدي و إصالح مدونة األسرة‪ ،‬افريقيا الشرق‪ ،‬طبعة ‪2005‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪199‬‬
‫‪ -41‬أحمد الخمليشي‪ ،‬التعليق على قانون األحوال الشخصية‪ ،‬الجزء األول‪ :‬الزواج و الطالق‪،‬‬
‫مطبعة المعارف ‪ ،‬الرباط‪ ،‬طبعة ‪. 1987‬‬
‫‪ -42‬أحمد الزوكاغي‪ ،‬الطالق حسب الصيغة الحالة لمدونة األحوال الشخصية – مطبعة األمنية‬
‫– طبعة ‪.1994‬‬
‫‪ -43‬أحمد نصر الجندي الطالق و التطليق و آثارهما‪ ،‬دار الكتب القانونية مصر‪ ،‬طبعة ‪2004‬‬
‫‪ -44‬أحمد خيرت‪ ،‬مركز المرأة في اإلسالم‪ ،‬دار المعارف ‪.‬‬
‫‪ -45‬ياسين محمد يحي‪ ،‬عقد الصلح بين الشريعة و القانون المدني دراسة مقارنة فقهية قضائية‬
‫تشريعية ‪،‬دار الفكر‪ ،‬طبعة ‪. 1978‬‬
‫‪ -46‬يحي عبد هللا المعلمي ‪ ،‬المرأة في القران الكريم ‪ ،‬منشورات دار صبري الرياض ‪-1412‬‬
‫‪.1991‬‬
‫‪ -47‬كمال صالح البنا‪ ،‬المشكالت العملية في دعاوي الطالق و الفسخ و الخلع للمسلمين و غير‬
‫المسلمين‪ ،‬عالم الكتاب‪.‬‬
‫محمد محجوب عبد النور‪ ،‬الصلح و أثره في إنهاء الخصومة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬دار‬ ‫‪-48‬‬
‫الجيل بيروت‪ ,‬طبعة‪1987- 1408‬‬
‫‪ -49‬محي الدين عبد الحميد‪ ،‬األحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية مع اإلشارة إلى مقابلها‬
‫في الشرائع األخرى‪ ،‬الطبعة الثانية ‪. 1958‬‬
‫‪ -50‬محمد أبو زهرة‪ ،‬األحوال الشخصية‪ ،‬دار الفكر العربي طبعة ‪.1957‬‬
‫محمد بن معجوز‪ ،‬أحكام األسرة في الشريعة اإلسالمية وفق م ح ش‪ ،‬مطبعة النجاح‬ ‫‪-51‬‬
‫الجديدة طبعة‪. 1988‬‬
‫محمادي لمعكشاوي‪ ،‬سلسلة كتاب الجيب رقم ‪ 1‬للعمل القضائي المغربي‪ ،‬األحوال‬ ‫‪-52‬‬
‫الشخصية‪ ،‬مطبعة الساحل بالرباط ‪. 1996‬‬
‫مصطفى فرغلي الشقيري‪ ،‬التعليق على قانون إجراءات التقاضي‪ ،‬دار البشرى للطباعة‬ ‫‪-53‬‬
‫والنشر القاهرة‪ ،‬طبعة ‪. 2000- 1422‬‬
‫‪ -54‬محمد يعقوب محمد الدهلوي‪ ،‬ضمانات حقوق المرأة الزوجية‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪،‬المدينة‬
‫المنورة‪ ،‬طبعة‪. 2004 – 1424‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪200‬‬
‫محمد كشبور‪ ،‬أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي و في مدونة األسرة‪ ،‬سلسلة‬ ‫‪-55‬‬
‫الدراسات القانونية المعاصرة ‪7‬الطبعة األولى ‪. 2004‬‬
‫‪ -56‬محمد كشبور‪ ،‬الوسيط في قانون األحوال الشخصية ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‬
‫الطبعة الخامسة ‪. 2003 – 1425‬‬
‫‪ -57‬محمد األهدل‪ ،‬أضواء على شقاق الزوجين ‪ ،‬المكتبة العربية ‪.‬‬
‫محمد األزهر‪ ،‬شرح مدونة األسرة أحكام الزواج – مطبعة النجاح الجديدة – الطبعة‬ ‫‪-58‬‬
‫األولى ‪.2004‬‬
‫‪ -59‬محمد متولي شعراوي‪ ،‬أحكام األسرة و البيت المسلم‪ ،‬مكتب التراث اإلسالمي القاهرة‬
‫طبعة ‪. 2001 -1422‬‬
‫‪ -60‬محمد صادق عفيفي‪ ،‬المرأة و حقوقها في اإلسالم‪ ،‬دار األصفهاني‪ ،‬طبعة ‪. 1402‬‬
‫‪ -61‬محمد فوزي فيض هللا‪ ،‬الطالق و مذاهبه في الشريعة و القانون‪ ،‬مطبعة الفيصل الكويت‬
‫طبعة ‪. 1986- 1406‬‬
‫محمد الشافعي‪ ،‬أحكام األسرة في ضوء مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬دار وليلي للطباعة‬ ‫‪-62‬‬
‫والنشر‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪. 1988‬‬
‫محمد قدري‪ ،‬مرشد الحيوان إلى معرفة أحوال اإلنسان‪ ،‬الطبعة األميرية بمصر‪،‬الطبعة‬ ‫‪-63‬‬
‫الثانية ‪1909‬‬
‫معوض عبد الثواب‪ ،‬موسوعة األحوال الشخصية‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية طبعة‬ ‫‪-64‬‬
‫‪. 1986‬‬
‫‪ -65‬معوض عبد التواب‪ ،‬الصيغ الشرعية لدعاوي األحوال الشخصية يشمل الوالية على المال‬
‫و النفس و المواريث و الوصية معلقا عليها بالشرح و أحكام القضاء حتى يونيو ‪1987‬‬
‫مقارنا بالتشريعات العربية‪ ،‬دار الوفاء المنصورة‪ ،‬طبعة ‪. 1988‬‬
‫مصطفى إسماعيل بغدادي‪ ،‬حقوق المرأة المسامة في المجتمع اإلسالمي‪ ،‬الطبعة األولى‬ ‫‪-66‬‬
‫المنظمة اإلسالمية للتربية و العلوم الثقافية إيسيسكو طبعة ‪. 1991- 1311‬‬
‫‪ -67‬سعاد األخريسي‪ ،‬من م أ مسار التعديالت و مطالبة الحركة النسائية‪ ،‬طبعة ‪ 1‬شتنبر‬
‫‪2005‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪201‬‬
‫‪ -68‬سعاد رحائم‪ ،‬مدونة األسرة بين اإلجتهاد و النص القانوني‪ ،‬مكتبة األمة‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪. 2004‬‬
‫‪ -69‬السعدية بلميير‪ ،‬الروابط العائلية‪ ،‬منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية –‬
‫طبعة‪. 1980‬‬
‫عبد الهادي إدريس أبو األصبع األحكام الشرعية لألحوال الشخصية‪ ،‬مطابع الثورة‬ ‫‪-70‬‬
‫للطباعة‪ ،‬و النشر بنغازي‪ ،‬الطبعة األولى ‪. 1977-1397‬‬
‫‪ -71‬عبد الكريم فودة‪ ،‬أحكام الصلح في المواد المدنية و الجنائية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬طبعة‬
‫‪.1995‬‬
‫عبد الكريم شهبون ‪ ،‬شرح مدونة األحوال الشخصية المغربية‪,‬الجزء األول‪:‬الزواج و‬ ‫‪-72‬‬
‫الطالق‪ ،‬مطبعة المعارف‪.‬‬
‫‪ -73‬عبد النبي ميكو‪ ،‬الوسيط في شرح مدونة األحوال الشخصية‪،‬ج األول ‪:‬الزواج و الطالق‪،‬‬
‫طبعة‪1972.‬‬
‫‪ -74‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬قضاء المجاس األعلى في األحوال الشخصية والعقار من سنة‪1957‬‬
‫الجديدة‪.‬‬ ‫إلى سنة ‪ ، 2002‬مطبعة النجاح‬
‫عبد العزيز توفيق‪ ،‬شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي معلقا عليها بأحكام‬ ‫‪-75‬‬
‫محاكم النقض العربية إلى غاية ‪ ، 1995‬الجزء األول ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة بالدار‬
‫البيضاء الطبعة األولى ‪. 1998‬‬
‫عبد السالم حادوش‪ ،‬إدماج المرأة في التنمية في محك السياسة الشرعية‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪-76‬‬
‫الطوبوس الطبعة األولى‪ ،‬أكتوبر ‪.2001‬‬
‫عبد الرحمان بن عبد هللا بن صالح الدباس‪ ،‬أحكام الصلح في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار‬ ‫‪-77‬‬
‫النيرين للطباعة و النشر‪ ،‬الطبعة األولى ‪. 2004 -1424‬‬
‫‪ -78‬عبد الرحمان الصابوني ‪ ،‬مدى حرية الزوجين في توقيع الطالق في الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪. 1968‬‬
‫‪ -79‬عبد الرحمان الصابوني‪ ،‬شرح قانون األحوال الشخصية السوري‪ ،‬مطبعة ابن خلدون‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪. 1979‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪202‬‬
‫عبد الخالق أحمدون‪ ،‬قانون األسرة الجديد‪ ،‬دراسة مقارنة مع أحكام الفقه اإلسالمي و‬ ‫‪-80‬‬
‫قوانين دول المغرب العربي‪ ،‬الجزء األول الطبعة األولى ‪ 2006-1426‬مطبعة طوب‬
‫بريس‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫‪ -81‬عمر بن سعد‪ ،‬االجتهاد القضائي وفقا ألحكام قانون األسرة‪ ،‬دار الهدى عين مليلية الجزائر‪.‬‬
‫عمر عبد هللا‪ ،‬أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬في األحوال الشخصية‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-82‬‬
‫السادسة‪. 1963‬‬
‫فيحان بن سالي بن عتيق المطيري‪ ،‬إتحاف الخالن بحقوق الزوجين دار العاصمة الطبعة‬ ‫‪-83‬‬
‫األولى ‪. 1414‬‬
‫فتحي حسن‪ ،‬دعاوي الطالق والطاعة للمسلمين وغير المسلمين‪ ،‬منشأة المعارف‬ ‫‪-84‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪. 1988‬‬
‫قحطان عبد الرحمان الروري‪ ،‬عقد التحكيم الفقه اإلسالمي و القانون الوضعي‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪-85‬‬
‫الخلود بغداد‪ ،‬الطبعة األولى ‪. 1985-1405‬‬
‫‪ -86‬رشيد مشقاقة‪ ،‬قراءات وتعاليق ‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫خالد عبد الرحمان العك‪ ،‬بناء األسرة المسلمة في ضوء القران و السنة‪ ،‬دار المعرفة‬ ‫‪-87‬‬
‫بيروت طبعة ‪2001-1422‬‬
‫‪ -88‬غزة رشاد قطورة‪ ،‬التحكيم في ضوء الشريعة اإلسالمية‪ ،‬طبعة ‪. 1994- 1414‬‬

‫األطروحات‬
‫محمد بودالحة‪ ،‬وضعية المرأة في تقنينات األحوال الشخصية لدول المغرب العربي‪،‬‬ ‫‪-89‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في الشريعة ‪ ،‬جامعة القرويين ‪ ،‬كلية الشريعة فاس‪ -‬سايس السنة‬
‫الجامعية ‪. 2000 – 1999‬‬
‫‪ -90‬محمد البعدوي‪ ،‬وضعية الزوجة في األسرة والمجتمع " بني ورياغل نموذجا " أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس – السنة الجامعية ‪. 2001 – 2000‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪203‬‬
‫‪ -91‬الطاهر كركري‪ ،‬الصلح بين أفراد األسرة‪ ،‬دراسة فقهية قانونية اجتماعية‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه جامعة القرويين كلية الشريعة فاس سايس السنة الجامعية ‪. 2001-2000‬‬
‫‪ -92‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬موقف المجلس األعلى من ثنائية القانون و الفقه في مساند األحوال‬
‫الشخصية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال الرباط السنة‬
‫الجامعة ‪. 2000_1999‬‬
‫‪ -93‬علي منتصر‪ ،‬التحكيم بين الزوجين في حالة الشقاق‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس ‪ ،‬اكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 2000 – 2001‬‬
‫ربيعة بنغازي‪ ،‬التطليق للضرر من خالل االجتهاد القضائي المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل‬ ‫‪-94‬‬
‫الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬أكدال ‪. 2001 – 2000‬‬

‫ال م ق االت‬
‫إدريس الفاخوري‪ ،‬دور اإلرادة في إنهاء عقود الزواج‪ ،‬مجلة الملف‪ ،‬عدد‪ 4‬شتنبر‬ ‫‪-95‬‬
‫‪. 2004‬‬
‫‪ -96‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الحماية القضائية لحقوق الزوجة المطلقة في مدونة األسرة‪ ،‬االتحاد‬
‫االشتراكي عدد ‪ 7466‬األربعاء ‪ 21‬يناير ‪.2004‬‬
‫‪ -97‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الطالق بعد التعديل‪ ،‬حصيلة عملية‪ ،‬األحداث المغربية عدد ‪26 325‬‬
‫رجب ‪ 1420‬هـ ‪ 5‬نوفمبر ‪. 2005‬‬
‫‪ -98‬إدريس الفاخوري‪ ،‬الصلح في العمل القضائي‪ ،‬المجلة المغربية لالقتضاء و القانون ع ‪5‬‬
‫لسنة ‪.2002‬‬
‫أحمد العنابي‪ ،‬دور القضاء في إصالح األسرة‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع التونسية عدد‬ ‫‪-99‬‬
‫خاص ملحق للعدد الثالث لسنة ‪ 18‬مارس ‪1976‬‬
‫الحسين العلمي‪ ،‬مسطرة الشقاق في ظل مدونة ألسرة‪،‬مجلة المعيار‪ ،‬عدد‪ 32‬دجنبر‬ ‫‪-100‬‬
‫‪. 2004‬‬
‫الحسين العلمي ‪ ،‬مسطرة الشقاق في ظل مدونة ألسرة‪ ،‬مجلة المعيار عدد‪ 32‬دجنبر‬ ‫‪-101‬‬
‫‪. 2004‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪204‬‬
‫‪ -102‬الحسين بن دالي‪ ،‬دور الحكمين في حسم النزاع بين الزوجين بين أحكام المذاهب المالكي‬
‫نصوص مدونة األسرة‪ ،‬مجلة المناظرة ع ‪ 10‬لسنة‪.2005‬‬
‫‪ -103‬إبراهيم اشهيبات‪ ،‬الطالق على ضوء تعديالت مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬مقال منشور‬
‫بمجلة اإلشعاع عدد ‪ 22‬دجنبر ‪. 2000‬‬
‫‪ -104‬بدرية العوضي‪ ،‬حق المرأة في إنهاء عقد الزواج في قوانين األحوال الشخصية العربية‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية عدد ‪ 7‬شتاء‪. 2003‬‬
‫‪ -105‬بشرى العاصمي‪ ،‬قراءة في المدونة‪ ،‬جرد و تحليل‪،‬مجلة المنتدى ‪،‬مدونة األسرة تقييم‬
‫معالجة‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬جمادى األول‪– 1426‬يونيو ‪. 2006‬‬
‫جمال الدين محمد محمود‪ ،‬عالج مشكلة الطالق في قانون األسرة‪ ،‬مجلة المحاماة‬ ‫‪-106‬‬
‫المصرية عدد ‪ 2‬السنة ‪ 51‬فبراير ‪. 1971‬‬
‫‪ -107‬زهر الحر‪ ،‬مدونة األسرة و قضايا الزواج و الطالق لدى الجالية المغربية بالخارج‪،‬‬
‫ألوان وطنية ‪ ،‬العدد الثالث ‪ ،‬شعبان ‪ 1425‬أكتوبر ‪. 2004‬‬
‫‪ -108‬زهر الحر‪ ،‬هناك عراقيل في مدونة األسرة ذات طابع تقني قانوني‪ ،‬المستقل ع ‪ 15‬من‬
‫‪ 5‬إلى ‪ 11‬مارس‪.2005‬‬
‫زهور الحر‪ ،‬حصيلة تطبيق المدونة –إيجابية‪ -‬الصحراء المغربية األربعاء ‪ 8‬مارس‬ ‫‪-109‬‬
‫‪ 2006‬السنة ‪ 18‬عدد ‪. 6256‬‬
‫‪ -110‬مدونة األسرة‪ ...‬أي مصير؟ نساء يتأرجح مصيرهن بين النص وواقع التطبيق‪ ،‬بيان اليوم‬
‫عدد ‪ 448‬بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪. 2005‬‬
‫محمد أوراغ‪ ،‬أهمية مجلس العائلة على ضوء مدونة األسرة و المرسوم المنظم له ‪،‬‬ ‫‪-111‬‬
‫مجلة رسالة الدفاع‪ ،‬العدد الخامس‪. 2004‬‬
‫‪ -112‬محمد العلوي‪ ،‬اإلشكاليات العملية في النفقة على ضوء مستجدات مدونة األسرة‪ ،‬جريدة‬
‫العلم عدد ‪ ، 50059‬الصادرة بتاريخ ‪ 28‬أبريل‪. 2005‬‬
‫‪ -113‬محمد زكي عبد البر‪ ،‬منهج اإلسالم في حل المنازعات بين الناس ‪ ،‬مجلة أضواء الشريعة‬
‫العدد التاسع‪ ،‬سنة ‪. 1398‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪205‬‬
‫‪ -114‬محمد كشبور‪ ،‬الطالق وتبعاته المالية‪ ،‬دراسة في نطاق الظهير بمثابة قانون الصادر في‬
‫‪ ،1993 – 9 – 10‬مقال منشور بمجلة المحامي ‪ ،‬عدد ‪ 26 – 25‬سنة ‪1994‬‬
‫محمد كشبور‪ ،‬قراءة في واقع الزواج المختلط‪ ،‬المجلة العربية للدراسات الدولية‪ ،‬عدد‬ ‫‪-115‬‬
‫خاص أكتوبر ‪. 2003‬‬
‫محمد سالم‪ ،‬أهمية الصلح في النظام القضائي المغربي‪ ،‬الملحق القضائي عدد ‪35‬‬ ‫‪-116‬‬
‫أكتوبر ‪. 2002‬‬
‫مجلة المحاكم المغربية عدد‬ ‫محمد سالم‪ ،‬أهمية الصلح في النظام القضائي المغربي‪،‬‬ ‫‪-117‬‬
‫‪ 94-93‬سنة ‪. 2002‬‬
‫‪ -118‬محمد عيادي‪ ،‬تعتر تطبيق مدونة األسرة مسؤولية مشتركة والمقارنة الثقافية والتربوية‬
‫هي األنجح للتغلب على مشاكل األسرة‪ ،‬التجديد عدد ‪ 1084‬الثالثاء ‪ 28‬دو الحجة ‪-1425‬‬
‫‪ 8‬فبراير ‪. 2005‬‬
‫مصطفى صقر‪ ،‬الخلع أكبر نسب الطالق المسجلة مند تنفيذ قانون األسرة‪ ،‬الصباح‪،‬‬ ‫‪-119‬‬
‫السنة الخامسة العدد ‪ 1292‬األربعاء ‪ 2‬يونيو ‪. 2004‬‬
‫ساسي بن حليمة‪ ،‬المحاولة الصلحية على معنى الفصل ‪ 32‬من مجلة األحوال الشخصية‪،‬‬ ‫‪-120‬‬
‫المجلة القانونية التونسية‪ ،‬عدد ‪. 1976 -2‬‬
‫ساسي بن حليمة‪ ،‬دور قاضي األسرة في قضايا الطالق‪ ،‬مجلة األحداث القانونية ع ‪6‬‬ ‫‪-121‬‬
‫سنة ‪. 1992‬‬
‫عبد الواحد الجيراري‪ ،‬تحسين أسلوب العمل بالمحاكم‪ ،‬مجلة المحاماة العدد ‪ 6‬أكتوبر‬ ‫‪-122‬‬
‫‪1986‬‬
‫‪ -123‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬التحكيم في قانون المسطرة المدنية المغربي‪ ،‬مجلة المنتدى‪ ،‬عدد ‪2‬‬
‫رمضان ‪ 1421‬دجنبر‪. 2000‬‬
‫‪ -124‬عبد هللا الحمومي‪ ،‬حقوق الطفل و حمايتها من خالل مدونة األسرة‪ ،‬مجلة المعيار ع ‪32‬‬
‫دجنبر ‪. 2004‬‬

‫‪ -125‬عبد هللا العيدوني‪ ،‬مسطرة بطالن إجراءات التبليغ في ضوء العمل القضائي المغربي‪،‬‬
‫مجلة اإلشعاع عدد سنة ‪ 1‬دجنبر ‪. 1999‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪206‬‬
‫‪ -126‬عبد هللا روحمات‪ ،‬األمر بتحديد االلتزامات المتربة على الطالق من العمل الوالئى إلى‬
‫العمل القضائي ‪ ،‬مجلة اإلشعاع عدد ‪ 18‬فبراير ‪. 2002‬‬
‫‪ -127‬عبد هللا روحمات‪ ،‬الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي‪ ،‬مجلة‬
‫اإلشعاع ع ‪ 27‬غشت ‪. 2003‬‬
‫عبد المالك زعزاع‪ ،‬اإلجراءات الشكلية في قضاء األسرة‪ ،‬مدونة األسرة بين تعديل‬ ‫‪-128‬‬
‫النص القانوني و إصالح الواقع‪ ،‬مجلة الفرقان ع ‪. 2004 -50‬‬
‫‪ -129‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬مميزات دعوى األحوال الشخصية على ضوء تعديالت ظهير‪- 10‬‬
‫‪ ،1993-9‬مجلة القسطاس العدد األول السنة األولى أكتوبر ‪. 1997‬‬
‫‪ -130‬عبد النور اضبيب‪ ،‬صعوبات تعترض تطبيق مدونة األسرة‪ ،‬جريدة العلم عدد ‪20039‬‬
‫الخميس ‪ 7‬أبريل‪2005‬‬
‫‪ -131‬عبد العزيز فتحاوي‪ ،‬التطليق للضرر في آفاق قضاء األسرة‪ ،‬مجلة المحكمة عدد ‪ 3‬سنة‬
‫‪. 2004‬‬
‫‪ -132‬عبد الرحيم بن سالمة‪ ،‬التحكيم في الشريعة و القانون الوضعي‪ ،‬مجلة اإلحياء‪ ،‬عدد ‪613‬‬
‫‪ 2‬رمضان ‪. 1991-1419‬‬
‫‪ -133‬خديجة العلمي‪ ،‬دور القضاء في مدونة األسرة‪ ،‬مجلة المعيار عدد ‪ 32‬دجنبر ‪. 2004‬‬
‫‪ -134‬خديجة الركاني‪ ،‬مسطرة الشقاق بمشروع مدونة األسرة‪ ،‬األحداث المغربية‪ ،‬عدد ‪1771‬‬
‫الصادرة في ‪ 2 9‬يونيو‪. 2004‬‬

‫الندوات و المنشورات و التق ارير‬

‫أحمد خرطة‪ ،‬التطليق للشقاق بين المنظور التشريعي و التصور القضائي قراءة في‬ ‫‪-135‬‬
‫المواد‪ 94‬إلى‪ 97‬من مدونة األسرة‪ ،‬مدونة األسرة عام من التطبيق‪ ،‬الحصيلة و األفاق‪،‬‬
‫أشغال الندوة الوطنية المنعقدة بكلبة الحقوق بوجدة يومي ‪ 17‬و‪ 18‬فبراير‪،2005‬‬
‫منشورات مجموعة البحث في القانون و األسرة سلسلة الندوات العدد األول طبعة‬
‫‪.2006‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪207‬‬
‫إدريس اجويلل‪ ،‬إلى أي حافظت مدونة األسرة على كيان األسرة المغربية؟ منشورات‬ ‫‪-136‬‬
‫مجموعة البحث في القانون و األسرة‪ ،‬سلسلة الندوات العدد األول طبعة ‪.2006‬‬
‫‪ -137‬إدريس فجر‪ ،‬من إجراء التصالح و التوفيق أمام القاضي إلى نظام الوسيط لحل النزاعات‬
‫الطرق البديلة لتسوية المنازعات‪ ،‬أشغال الندوة التعليمية التي نظمتها شعبة القانون‬
‫الخاص بكلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية بفاس‪ ,‬بشراكة مع وزارة العدل‬
‫و هيئة المحامين‪ ،‬يومين ‪ 4‬و ‪ 5‬أبريل ‪ ،2003‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية‬
‫و القضائية سلسلة الندوات الطبعة األولى عدد‪.2004 - 2‬‬
‫الحسن بويقين‪ ،‬أسباب عدم نجاح مسطرة الصلح في النظام القضائي المغربي و الوسائل‬ ‫‪-138‬‬
‫الكفيلة بتفعيل هذه المسطرة‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة‬
‫الندوات الطبعة األولى عدد‪. 2004- 2‬‬
‫الحسن بويقن‪ ،‬الجديد في مادة التبليغ في مدونة األسرة‪ ،‬مدونة األسرة المستجدات‬ ‫‪-139‬‬
‫واألبعاد‪ ،‬منشورات جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬عدد ‪ 5‬سنة ‪. 2004‬‬
‫دليل عملي لمدونة األسرة منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة‬ ‫‪-140‬‬
‫الشروح والدالئل – العدد األول ‪. 2004‬‬
‫‪ -141‬يوسف بنباصر‪ ،‬مدونة األسرة المسار والتطلعات‪ ،‬قراءة تحليلية وتقويمية في مستجدات‬
‫قانون مدونة األسرة الجديد رقم ‪ ،70 – 03‬سلسلة بنباصر للدراسات القانونية واألبحاث‬
‫القضائية – العدد الثامن – السنة الثانية ‪.‬‬
‫‪ -142‬يحي بكاري‪ ،‬دور الحكمين في إصالح ذات البين بين طموح التشريع وعوائق التطبيق‪،‬‬
‫منشورات مجموعة البحث في القانون واألسرة سلسلة الندوات العدد األول طبعة ‪.2006‬‬
‫محمد الحبيب الشريف‪ ،‬سلسلة الميزان التشريعي‪ ،‬مجلة األحوال الشخصية – الطبعة‬ ‫‪-143‬‬
‫الثانية ‪. 1994‬‬
‫‪ -144‬محمد الحكيم بناني‪ ،‬الصلح بين مشروعيته في الفقه اإلسالمي وواقع المجتمع المغربي‬
‫المعاصر‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة الندوات عدد‪2‬‬
‫الطبعة األولى ‪. 2004‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪208‬‬
‫‪ -145‬محمد سالم‪ ،‬الطرق البديلة لحل النزاعات التجربة األمريكية كنمودج‪ ،‬منشورات جمعية‬
‫نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة الندوات عدد‪ 2‬الطبعة األولى ‪. 2004‬‬
‫محمد ناصر ميتيوي مشكوري و محمد بوزالفة‪ ،‬الوسائل البديلة لتسوية المنازعات‬ ‫‪-146‬‬
‫األسرية‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الندوات عدد‪2‬‬
‫‪2004.‬‬ ‫الطبعة األولى‬
‫‪ -147‬محمد عصبة‪ ،‬اإلذن بالطالق ال يتم توقيعه لدى من طرف الطالب المأذون له ‪ ،‬منشورات‬
‫مجموعة البحث في القانون و األسرة سلسلة الندوات العدد األول طبعة ‪.2006‬‬
‫‪ -148‬محمد فريشا دو‪ ،‬دور الصلح والوساطة في القضايا األسرية من خالل المدونة‪ ،‬تقرير‬
‫عام عن أعمال الدورة التكوينية المنظمة لفائدة المعهد العالي للقضاء‪.‬‬
‫مجلة قضاء األسرة‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬العدد األول‬ ‫‪-149‬‬
‫يوليوز ‪ 2005‬الطبعة الثانية ‪ 3‬دجنبر ‪. 2005‬‬
‫نادية لمزاوير‪ ،‬التطليق للشقاق بين النص والتطبيق‪ ،‬الحلقة الدراسة الجهوية المنظمة‬ ‫‪-150‬‬
‫لفائدة قضاة األسرة بتطوان أيام ‪ 695‬و ‪ 7‬و ‪ 8‬دجنبر ‪. 2005‬‬
‫عبد الحق اضريضر‪ ،‬مسطرة الطالق وإشكالية التطبيق‪ ،‬تقرير عام لألعمال الدورة‬ ‫‪-151‬‬
‫التكوينية المنظمة بالمعهد العالي للقضاء ‪.‬‬
‫عبد الكريم الطالب ‪ ،‬حجية أحكام المحكمين في قانون المسطرة المدنية المغربي‪،‬‬ ‫‪-152‬‬
‫منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية‪ ،‬سلسلة الندوات عدد‪ 2‬الطبعة‬
‫األولى ‪.2004‬‬
‫‪ -153‬عبد اللطيف الحاتمي‪ ،‬المستجدات المسطرية في مدونة األسرة بخصوص انحالل الرابطة‬
‫الزوجية و مدى تحقيقها لمبدأ المساواة بين الزوجين ‪ ،‬من مدونة األحوال الشخصية إلى‬
‫مدونة األسرة أي جديد؟ أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته الجمعية الوطنية الحضن‬
‫منشورة بالمجلة المغربية لقانون و اقتصاد التنمية عدد‪ 50‬سنة ‪. 2004‬‬
‫‪ -154‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬قراءة في مشروع مدونة التحكيم‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة‬
‫القانونية و القضائية سلسلة الندوات عدد‪ 2‬الطبعة األولى ‪.2004‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪209‬‬
‫‪ -155‬عبد الرازق يحي‪ ،‬دور النيابة العامة في قضايا األسرة ‪:‬الحصيلة و المعوقات ‪ ،‬منشورات‬
‫مجموعة البحث في القانون واألسرة‪ ،‬سلسلة الندوات العدد األول طبعة ‪. 2006‬‬
‫عز الدين بنستي‪ ،‬بعض تجليات التسوية الودية في المادة التجارية‪ ،‬منشورات جمعية‬ ‫‪-156‬‬
‫نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة الندوات‪ ،‬عدد‪ 2‬الطبعة األولى ‪2004.‬‬
‫‪ -157‬رجاء ناجي مكاوي‪ ،‬التطليق للضرركما جاء في مشروع مدونة األسرة‪ ،‬أعمال ندونة‬
‫مستجدات مدونة األسرة جامعة محمد الخامس نونبر ‪. 2003‬‬
‫‪ -158‬رشيد ة حلمي‪ ،‬إشكالية سطرة الطالق و التطليق في مدونة األسرة‪ ،‬إشكالية تطبيق مدونة‬
‫األسرة بعد مرور سنتين على دخولها حيز التنفيد‪ ،‬أشغال الندوة المنظمة من طرف‬
‫المكتب الجهوي للودادية الحسنية لقضاة فاس تازة بتعاون مع هيئة المحامين بفاس ودلك‬
‫يوم ‪ 10‬مارس ‪ 2006‬بقصر المؤتمرات بفاس ‪.‬‬
‫‪ -159‬تقرير عام ألعمال الدورة التكوينية المنظمة بالمعهد العالي للقضاء حول مدونة األسرة‬
‫ودور الوساطة في تفعيل مسطرة الصلح أيام ‪ 17 – 15 – 14‬شتنبر ‪. 2005‬‬
‫تقرير عام عن الندوة المنظمة من طرف جمعية الكرامة لتنمية المرأة حول موضوع‬ ‫‪-160‬‬
‫اإلصالح األسري و تقليص نسبة الطالق ودلك يوم ‪ 26‬مارس ‪ 2005‬بغرفة التجارة و‬
‫الصناعة و الخدمات بطنجة‪.‬‬

‫ال م ج الت‬
‫‪ -161‬مجلة الندوة عدد ‪.1‬‬
‫‪ -162‬المجلة العربية للفقه و القضاء العدد السابع سنة ‪. 1997‬‬
‫‪ -163‬مجلة القضاء و القانون عدد ‪.46‬‬
‫‪ -164‬مجلة القضاء و القانون عدد ‪. 94‬‬
‫‪ -165‬مجلة القضاء و القانون عدد ‪.128‬‬
‫‪ -166‬مجلة القضاء و القانون عدد‪. 131‬‬
‫‪ -167‬مجلة القضاء و القانون عدد ‪. 134- 133‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪210‬‬
‫‪ -168‬مجلة القضاء و القانون عدد‪. 136- 135‬‬
‫‪ -169‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪. 3‬‬
‫‪ -170‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد‪ 23‬السنة الرابعة ‪. 1921‬‬
‫‪ -171‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪.2 4‬‬
‫‪ -172‬مجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪. 60- 59‬‬

‫شبكة المعلوميات‬
‫‪ -173‬سفيان حديدان الوساطة القضائية بين التجربة الجزائرية والفرنسية‬
‫‪www.filosofiaydesecho.com‬‬
‫‪ -174‬صالح ابليدي‪ ،‬إصالح ذات البين‪ ...‬أسلوب حضاري لفض النزاعات ‪ ،‬على هامش األيام‬
‫الثقافية لجمعية االستقامة بغرادية‪.‬‬
‫‪175- www.elwaha-dz.com .‬‬
‫‪-176www.asharqalawsat.com .‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪177- wwww.balagh.com .‬‬
‫‪178-www.Nuwab.gov.bh .‬‬
‫‪179- . www.asharqalawsat.com‬‬
‫‪180- www.pcdr.org .‬‬
‫‪181-wwww.bayader.com .‬‬
‫‪182-www.addusyour.com .‬‬
‫‪183-www.arriyadh.com .‬‬
‫‪184- naseejoh.com .‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪211‬‬
‫‪ -‬اإلهداء‬

‫‪ -‬كلمة شكر و تقدير‬

‫مقدمة‪1.......................................................................................................................................‬‬

‫تمهيد‪5.......................................................................................................................................‬‬

‫◄الباب األول‪ :‬مسطرة الصلح بين النظر الفقهي و النص الق انوني‪9...........................‬‬
‫‪ ‬الفصل األول‪ :‬دور المحكمة في إصالح ذات البين‪9..........................................‬‬
‫‪ ‬المبحث األول ‪ :‬إجراءات التصالح بين الزوجين‪10.................................‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬اإلعداد لجلسة الصلح ‪11.....................................‬‬
‫‪‬الفقرة األولى‪ :‬تقديم الطلب‪12..........................................‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثانية‪ :‬استدعاء الزوجين لجلسة الصلح‪14...................‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬الحضور لجلسة الصلح ‪18..................................‬‬
‫‪ ‬الفقرة األولى‪ :‬الحضور الشخصي لجلسة الصلح‪18.. ..............‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثانية‪ :‬الوكالة و الصلح بين الزوجين‪24.....................‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬دور القاضي في جلسة التصالح بين الزوجين‪32..................‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬محاولة اإلصالح بين الزوجين‪33...........................‬‬
‫‪‬الفقرة األولى‪ :‬مجهودات القاضي من أجل الصلح‪33...............‬‬
‫‪‬الفقرة الثانية‪ :‬مرحلة إجراء الصلح‪41.................................‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬اتخاذ التدابير المؤقتة‪49........................................‬‬
‫‪ ‬الفقرة األولى‪ :‬مستحقات الزوجة‪49...................................‬‬
‫‪‬الفقرة الثانية‪ :‬مستحقات األطفال‪55....................................‬‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪ :‬آليات الصلح غير القضائية و دورها في حماية األسرة‪61................‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪212‬‬
‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬الحكمين ودورها في الصلح بين الزوجين‪62......................‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬طبيعة عمل الحكمين من منظور الفقه اإلسالمي‪63.....‬‬
‫‪‬الفقرة األولى‪ :‬شروط الحكمين‪63.....................................‬‬
‫‪‬الفقرة الثانية ‪ :‬حدود صالحيات الحكمين‪70.........................‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬نظام التحكيم في مدونة األسرة‪80..........................‬‬
‫‪‬الفقرة األولى ‪ :‬إجراءات بعث الحكمين‪80..........................‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثانية‪ :‬مهام الحكمين‪86.......................................‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬مجلس العائلة ودوره في التوفيق بين الزوجين‬ ‫‪‬‬
‫‪91........................................................................................ ..................‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬تكوين مجلس العائلة‪92.......................................‬‬
‫‪‬الفقرة األولى‪ :‬شروط أعضاء مجلس العائلة‪92.....................‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثانية‪ :‬انعقاد مجلس العائلة ‪96................................‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬مهام مجلس العائلة‪99.........................................‬‬

‫◄الباب الثاني‪ :‬آليات الصلح بين التطبيق العملي التفعيل الواقعي ‪103....................‬‬
‫‪‬الفصل األول‪ :‬واقع الصلح في التطبيق العملي‪104..........................................‬‬
‫‪‬المبحث األول‪ :‬مسطرة الصلح من خالل العمل القضائي‪105....................‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬واقع مسطرة الصلح من خالل بعض أقسام قضاء‬
‫األسرة‪106.........................................................................................................‬‬
‫‪‬المطلب الثاني‪ :‬موقف المجلس األعلى من إجراء الصلح‪114...............‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬اإلشكاليات التي تعترض مسطرة الصلح‪119......................‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬الصعوبات المرتبطة بالزوجين‪120.........................‬‬
‫‪‬الفقرة األولى‪ :‬عدم حضور الزوجين لجلسات التصالح ‪120....‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثانية‪ :‬تقاضي الزوجين بسوء نية‪123 .......................‬‬
‫‪‬المطلب الثاني‪ :‬الصعوبات المتعلقة بالجهة المكلفة بالصلح‪125...........‬‬
‫‪‬الفقرة األولى‪ :‬اإلشكاليات الواقعية الخاصة بالقاضي‪125 ........‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪213‬‬
‫‪‬الفقرة الثانية‪:‬اإلشكاليات الواقعية الخاصة بالحكمين ومجلس‬
‫العائلة‪131..................................................................................................... ..‬‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪ :‬الوسائل الكفيلة بتفعيل مسطرة الصلح‪138....................................‬‬
‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬ضعف الجانب التشريعي في مسطرة الصلح‪140...... ...........‬‬
‫‪‬المطلب األول‪ :‬مالحظات متعلقة بإجراءات التصالح ‪141....................................‬‬
‫‪‬الفقرة األولى‪ :‬تقديم الطلب‪141............................................‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثانية‪ :‬استدعاء الزوجين لحضور جلسة المصالحة‪144....‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثالثة‪ :‬إيداع مستحقات الزوجة و األطفال ‪147............‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬مالحظات خاصة باليات الصلح‪154.........................................‬‬
‫‪ ‬الفقرة األولى‪ :‬القاضي‪154..............................................‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثانية‪ :‬الحكمين ‪161..............................................‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثالثة‪ :‬مجلس العائلة‪165........................................‬‬
‫‪‬المبحث الثاني‪:‬االعتماد على وسائل بديلة في الصلح بين الزوجين‪168....‬‬
‫‪‬المطلب األول‪ :‬الوساطة و الصلح بين الزوجين ‪169..........................................‬‬
‫‪‬الفقرة األولى‪ :‬الوساطة‪ :‬مفهومها أهميتها و مزاياها‪169............‬‬
‫‪‬الفقرة الثانية‪ :‬االرتقاء بالصلح إلى نظام الوساطة ‪173.............‬‬
‫‪‬المطلب الثاني‪ :‬خلق مؤسسات جديدة مكلفة جديدة بالصلح‪178...............................‬‬
‫‪‬الفقرة األولى‪ :‬قاضي الصلح‪178........................................‬‬
‫‪‬الفقرة الثانية‪ :‬المساعدة االجتماعية‪181.................................‬‬
‫‪‬الفقرة الثالثة‪ :‬إنشاء مكاتب استشارية لألسرة‪183.....................‬‬
‫‪ -‬خاتمة‪190........................................................................................................‬‬
‫‪ -‬الئحة المراجع ‪192.............................................................................................‬‬
‫‪ -‬الفهرس‪207.....................................................................................................‬‬

‫‪www.sajplus.com‬‬ ‫‪214‬‬
www.sajplus.com 215

You might also like