Professional Documents
Culture Documents
حول موضوع:
www.sajplus.com 1
www.sajplus.com 2
أهدي
هذا الجهد الكبير ،بعد ليالي الصبر المرير و طول عناء و كد عسير...
أهدي هذا األمل الصغير ،خطه مداد الق لب ال ق لم و صرير ،في صفحات صدر متأجج قرير...
أهدي هذا الحلم المثير ،في بريد العبير و شدو العصافير ،في كل مساء عند همس الزمهرير ،عبر
األثير...
أهدي سنوات عمري اليسير ،في كالم قصير ،لمن كان عطاؤهما لي بدون نظير،
إلى:
أميرة بيتها...
و سيدة عشها...
و مربية أجيالها...
رمز للحب و الحنان...
و نبع األمل ،و األمان...
و مثلي في الحكمة و التضحية عبر الزمان
أمي الحبيبة
www.sajplus.com 3
إلى
رب األسرة وق ائدها...
وحامي حماها ومعيلها...
رمز النضال والكف اح ومثلي في الجد والنجاح
إلى أبي الحبيب
إلى
من رافق مشوار دراستي العسير
إلى من كان لي خير معين وأفضل جليس
إلى من ضحى بكل ما هو غال ونفيس
إلى من فرح لفرحي وحزن لحزني
إلى من صفق لنجاحي وتأسف لعثراتي
إلى زوجي
www.sajplus.com 4
إلى
الدكتور الف اضل عبد الخالق أحمدون
على تحمله مشقة التوجيه و اإلرشاد
على سعة الصدر و العون و اإلمداد
و على تكبده عناء التصحيح بكل إجهاد
إلى
الذي هو في مشواري ساعدني
بتيسير السبل و بالمراجع أمدني
و بالنصيحة و الدعوة الصادقة ساندي
www.sajplus.com 5
مقدمة
لقد كرم اإلسالم األسرة وأحاطها بعناية فائقة فاعتبرها المهد األول الذي ينطلق منه
النشء ،والمدرسة األولى التي يتلقى بين أحضانها مبادئ المودة والرحمة.
ونظرا لواقعية الشريعة اإلسالمية فقد عالجت الخالفات التي قد تعصف بالبناء األسري وتهدده
باالنهيار.
لذلك وحرصا على استمرار األسرة وتماسكها فقد حثت على إصالح ذات البين بمختلف
الوسائل وجعل الطالق أبغض الحالل عند هللا وآخر حل يمكن التفكير فيه .لكون الصلح هو أحد
الوسائل الفعالة في عالج الخالفات التي تنشب بين الزوجين.
فالصلح هو أحد اآلليات التي حرص اإلسالم على تنظيمها و منحها مكانة متميزة إلطفاء
نار الخالفات و استئصال فتيل النزاعات ،فقد أناطها اإلسالم بدور وقائي ينبغي اللجوء إليه فور
ظهور بوادر النزاع و ليس بعد تأجج نار الخالفات .وهدا يعني أن الصلح ال يصار إليه إال إدا
كانت هناك منازعة بين الطرفين يتم القضاء عليها بالصلح .كما أنه ال يشترط أن تكون المنازعة
قد رفعت إلى القضاء ،فيجوز الصلح لرفع منازعة لم ترفع بعد إلى القضاء للنظر فيها ،كما أنه
يجوز الصلح أثناء نظر المنازعة أمام القضاء.1
وتجدر اإلشارة إلى أن الصلح قديم قدم البشرية حيث عرف في جميع الحضارات اإلنسانية
على مر العصور.
و لما جاء اإلسالم أثبته وخصصه بنصوص شرعية وأقره بالكتاب والسنة واإلجماع
فمن القران قال تعالى "و إن خفتم شق اق بينهما ف ابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إن
يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما إن اهلل كان عليما خبريا" 2كما قال أيضا "ف ال جناح عليهما أن
-1ياسين محمد يحي ،عقد الصلح بين الشريعة و القانون المدني دراسة مقارنة فقهية قضائية تشريعية ،دار الفكر العربي طبعة
، 1978ص 59
- 2سورة النساء اآلية 135
-3سورة النساء اآلية 127
www.sajplus.com 6
و قال أيضا "ال خير في كثير من نجواكم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إصالح بين
الناس".1كما قال عز و جل"و ال تجعلوا هللا عرضة أليمانكم أن تبروا و تتقوا و تصلحوا بين
الناس". 2
كما أجمع علماء اإلسالم على مشروعية الصلح عن طريق التحكيم و أفضلية اللجوء إليه
قبل عرض النزاع على القضاء.
فقد جاء في نهاية المحتاج :أنه وقع جمع الصحابة عليه ولم ينكروه مع اشتهاره فكان
إجماعا . 5وجاء في المبسوط أن الصحابة يجتمعون على جواز التحكيم .وهذا األخير هو أحد
وسائل الصلح .6
www.sajplus.com 7
-البحث في أسباب ارتفاع نسبة الطالق والتطليق رغم وجود آلية مهمة لتجنبه متمثلة في
الصلح عن طريق الحكمين التي هي آلية ليست وليدة مدونة األسرة الحالية -أو السابقة -وإنما
جزء ال يتجزأ و قاعدة جوهرية يقوم عليها تراثنا اإلسالمي.
-البحث في مدى قدرة الصلح على وضع حد للخالفات القائمة بين الزوجين و بالتالي
حماية األسرة من التفكك و االنهيار.
فلكل هذه األسباب و غيرها فقد اخترت خوض غمار البحث في هذا الموضوع بالنظر إلى
ما يمثله من أهمية على المستوى النظري و العملي .لكن طريق البحث لم يكن معبدا ميسرا في كل
جوانبه و إنما اعترضتني في إطار البحث مجموعة من الصعوبات التي ال أرى مانعا من اإلشارة
إليها و التي لم تزدني سوى إصرارا على المضي قدما في سبيل إخراج هذه الدراسة إلى حيز
الوجود ،فمدونة األسرة نص جديد لم يمض على تطبيقه إال فترة زمنية قصيرة -تتعدى ثالث
سنوات -وهي مدة غير كافية لتراكم اجتهادات قضائية كافية تسمح بالحكم على مدى نجاعتها.
إشكاليات الموضوع
و نظرا لما يحتله الصلح من مكانة متميزا في قطع دابر الخالفات و الخصومات ،فإنني قد
اخترت تناول موضوع دور الصلح في حماية األسرة انطالقا من اإلشكاالت التالية:
إلى أي حد يمكن أن يساهم تفعيل الصلح في حماية األسرة و ضمان استقرارها؟
ما مدى قدرة الصلح على تحقيق التوفيق بين الزوجين أمام اختالف العقليات والمستويات
اإلجتماعية والثقافية واإلقتصادية لكل أسرة على حدة ؟
ما هي الوسائل و اآلليات المرصودة لنجاح هده الصلح في مهامه بحجم المشاكل التي
تنتظره من خالل القضايا التي تعرض على القضاء ؟
ما هي العوامل و األسباب التي كانت تحول دون تفعيل الصلح في ظل مدونة األحوال
الشخصية ؟
هل ما جاءت به مدونة األسرة في مجال الصلح بين الزوجين يعتبر تغييرا جوهريا
للمقتضيات السابقة أم أن األمر ال يعدو أن يكون مجرد تعديل بسيط في الشكل دون الخوض في
عمق الموضوع؟
www.sajplus.com 8
و هل الصلح في المرحلة القضائية في حال تفعيله على الوجه األمثل يعتبر كافيا لوضع حد
للخالفات الزوجية وبالتالي حماية األسرة؟ أم أن ذلك يحتاج إلى إنشاء مؤسسات ...ذات أدوار
وقائية تحول دون الوصول إلى ردهات المحاكم حيث يستعصي إصالح ما تم إفساده بالفعل؟
خطة البحث
وأنا أقوم بدراسة هذه اإلشكاليات و تحليل أبعاد هذا الموضوع اعتمدت المنهج التحليلي.
و قد ارتأيت االعتماد على تصميم يتكون من مقدمة عامة وتمهيد و بابين و خاتمة.
فقد خصصت المقدمة للتعريف بالموضوع و تحديد أهميته و اإلشكاالت التي يطرحها.
أما التمهيد فقد تطرقت فيه لتعريف الصلح لغة وشرعا وقانونا مع تمييز الصلح عما يشتبه به.
و في الباب األول تم التطرق ألحكام مسطرة الصلح بين النظر الفقهي والنص القانوني .
وقد قسمت هذا الباب إلى فصلين :
في الفصل األول تناولت دور المحكمة في إصالح ذات البين بين الزوجين ،في حين
تعرضت في الفصل الثاني إلى دور آليات الصلح غير القضائية في حماية األسرة.
أما في الباب الثاني فقد تناولت فيه بالدراسة و التحليل آليات الصلح بين التطبيق العملي
والتفعيل الواقعي .وقد قمت بتفريع هدا إلى فصلين.
الفصل األول خصصته لواقع الصلح في التطبيق العملي .وفي الفصل الثاني تحدثت عن
الوسائل الكفيلة بتفعيل مسطرة الصلح.
و قد أنهيت هذا البحث بخاتمة خصصتها للنتائج المتوصل إليها من خالل دراسة هذا
الموضوع.و على ذلك يقسم هذا الموضوع إلى بابين:
الباب األول :مسطرة الصلح بين النظر الفقهي و النص الق انوني
www.sajplus.com 9
تمهيد
إن البحث في أي موضوع من الموضوعات ،ينبغي له أن يحدده تحديدا دقيقا يميزه عن
غيره من الموضوعات التي تشابهه وتختلط به.
لدلك سأعمل على إيراد مواقف الفقهاء في تحديد مدلول الصلح لغة وشرعا .
تعريف الصلح
ويمكن تعريف الصلح لغة بكونه إنهاء للخصومة وإنهاء حالة الحرب .و صلح يصلح
صلحا وصالحا و هو ضد الفساد .نقول صلح الشيء يصلح و صالحا و صلوحا .
و اإلصالح نقيض اإلفساد و أصلح الشيء بعد فساده أي أقامه و أصلح الدابة أي أحسن
إليها فصلحت.
و الصلح بالضم هو مصالحة القوم فيما بينهم خالف المصالحة ،و بالكسر السلم.
وشرعا عرفه ابن عرفة بأنه انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع أو خوف
وقوعه.2
و هدا التعريف يدخل فيه الصلح على اإلنكار .فاالنتقال عن الحق فيه إشارة إلى صلح
اإلقرار ،واإلنتقال عن الدعوى فيه إشارة إلى صلح اإلنكار أي إنكار المدعى عليه.
-1جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور ،لسان العرب ،المجلد الثاني ،دار صادر بيروت ص 517
- 2تعريف ابن عرفة أشار إليه أبي عبد هللا محمد الخرشي ،الخرشي على مختصر الشيخ خليل ،ج 6دار الفكر ص 2
www.sajplus.com 10
وقوله لرفع نزاع أو خوف وقوعه فيه إشارة إلى جواز الصلح لتوقي غير قائمة ولكنها
محتملة .وفي هده الحالة يقوم الصلح بدور وقائي .
في حين عرف فقهاء المذهب الشافعي الصلح لغة وعرفا بأنه قطع النزاع وشرعا بكونه
العقد الذي ينقطع به خصومة المتخاصمين. 1
وقد جرى هنا على خالف الغالب من أن المنقول عنه أعم من المنقول إليه أي فيكون
الشرعي فردا من أفراد اللغوي ،العقد الذي يحصل به قطع النزاع ليس فردا من أفراد قطع النزاع
فهما متباينان بحسب التحقيق والوجود أي فالمكان الذي يتحقق فيه قطع النزاع وال عكس فبينهما
2
عموم وخصوص بحسب التحقيق وتباين بحسب المفهوم.
أما فقهاء المذهب الحنبلي فقد عرفوا الصلح لغة التوفيق والسلم بفتح السين وكسرها أي
قطع المنازعة .وشرعا معاقدة يتوصل بها إلى إصالح بين المختلفين . 3وهو تعريف أشبه
بتعريف المذهب الشافعي.
أما فقهاء المذهب الحنفي فقد عرفوا الصلح بأنه عقد وضع لرفع المنازعة أو عقد وضع
لرفع المنازعة بالتراضي .4
وفي حاشية عابدين يعرف الصلح شرعا بكونه عبارة عن حق يرفع النزاع ويقطع
5
الخصومة.
ومن خالل استقراء هده التعاريف يتبين أنها تتفق مع بعضها البعض وتتطابق مع المعنى
اللغوي وهو أن الصلح عقد يرفع النزاع مع وجود اختالف في بعض صيغ التعاريف ال تؤثر على
جوهر التعريف حيث يستعمل الفقه الحنفي عبارة *رفع النزاع * ،في حين يستعمل الفقه الشافعي
عبارة *قطع النزاع* ،ويستعمل الفقه الحنفي عبارة *موافقة بين مختلفين* ،وهده العبارات كلها
تكاد تكون متقاربة في المعنى.
-1تقي الدبن محمد الحسيني الشافعي ،كفاية األخيار في غياية اإلختصار،الجزء األول ،مطبعة دار إحياء الكتب العربية مصر،
ص 271
- 2ياسين محمد يحي ،المرجع السابق ،ص 65
-3محمد أمين ابن عابدين ،حاشية رد المختار على المختار ،الجزء الخامس ،مطبعة مصطفى الحلبي البابلي ،الطبعة الثانية
1966ص 628
- 4محمد قدري ،مرشد الحيوان إلى معرفة أحوال اإلنسان ،الطبعة األميرية بمصر،الطبعة الثانية 1909ص 272
-5محمد أمين ابن عابدين المرجع السابق ،ص 628
www.sajplus.com 11
و التعريف الراجح هو تعريف اإلمام ابن عرفة المالكي الشتماله على الصلح اإلقرار
والصلح على اإلنكار .والتمييز بين هدين النوعين من الصلح له أهمية خاصة في الفقه اإلسالمي،
ولكونه جعل الصلح ليس رافعا للنزاع فحسب ،بل مانعا من وقوعه أيضا حيث يقوم بدور وقائي
لمنع حدوث النزاع.
ومن خالل تعاريف الصلح في الفقه اإلسالمي يتضح أن الصلح يتكون من عدة عناصر
هي:
وقد عرف قانون االلتزامات المغربي الصلح في المادة 1098بأنه * عقد بمقتضاه يحسم
الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه ودلك بتنازل كل منهما لألخر عن جزء مما يدعيه بنفسه أو
بإعطائه ماال معينا أو حقا*.
كما عرفه القانون المدني المصري في المادة 549بكونه *عقد يحسم به الطرفان نزاعا
قائما أو يتوق يان به نزاعا محتمال ،ودلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من
ادعائه*.
سأعمل على تمييز الصلح عن التحكيم و اإلبراء والعفو وطلب المدعي وترك دعواه .
أ – الصلح و التحكيم
التحكيم هو تولية الخصمين حكما أو حكمان يحكمان بينها ،فإذا لم يرد الطرفان ألي سبب
من األسباب رفع ما بينهما من المنازعة إلى المحكمة ،أمكنهما اإلتفاق على تحكيم حكم يقضي
بينها.،
www.sajplus.com 12
-الصلح مانع للخصومة وقاطع إلجراءاتها ،بخالف التحكيم الذي هو مرحلة جديدة من
مراحل الخصومة.
-التحكيم ينتج عن حكم قضائي ،بخالف الصلح فإنه ينتج عنه عقد بتراضي الطرفين
والفرق كبير بين الحكم القضائي والعقد الرضائي.
-الصلح فيه تنازل من أحد الطرفين أو كليهما عن حقه بخالف التحكيم فليس فيه تنازل.
فالتحكيم إذن ليس صلحا وإن كان كل منهما يقصد به الخصومة دون استصدار حكم
قضائي.
ترك الدعوى من المدعي ال يعتبر صلحا ،ألن طلب ترك الدعوى جاء من طرف واحد.
ولدلك ال يوجد ما يمنع المدعي من تجديد دعواه مرة أخرى ،ولو كان صلحا لما جاز له تجديد
النزاع مرة أخرى .ألن الصلح حسم للنزاع وطلب ترك الدعوى قد يكون لسبب من األسباب
كعدم رغبته في توكيل غيره لعدم ثقته بالوكالء مثال.
ج -الصلح و اإلبراء
د -الصلح والعفو
فالعفو يختلف عن الصلح في كون العفو يكون من كرف واحد ،والصلح يكون من طرفين.
وبعد الحديث عن تعريف الصلح وتمييزه عما يشتبه به ،أنتقل للحديث عن أحكام مسطرة
الصلح في كل من الفقه اإلسالمي وقانون األسرة المغربي
www.sajplus.com 13
الباب األول :مسطرة الصلح بين النظر الفقهي والنص الق انوي
إدراكا من المشرع الرباني بأهمية الصلح في إخماد فتيل النزاع ،ورأب التصدع األسري،
ونشر المودة والوئام بين الزوجين ،وإحالل الوفاق بدل الشقاق ،حث هللا عز وجل في كتابه العزيز
على التحكيم كوسيلة من وسائل الصلح بين الزوجين منذ نشوب خالفات بينهما إذ قال
تعالى":وإن خفتم شق اق بينهما ف ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصالحا يوفق
هللا بينهما".1
ووعيا من المشرع المغربي بأن مهمة القضاء في مجال النزاعات األسرية يجب أن تقوم
على إعطاء األسبقية للصلح ،وذلك عن طريق بدل كل المجهودات واستخدام كل الوسائل بكيفية
جدية وفعالة ،مع االستعانة بجميع اآلليات التي تساعد على التوفيق بين الزوجين ،فال يجب أن
يقتصر دور القضاء فقط على إنهاء الخصومة بين الزوجين بإصدار األحكام إما لهم أو عليهم ،فقد
عمل المشرع المغربي سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد صدور مدونة األسرة ،2
على التنصيص على مجموعة من الجهات القضائية وغير القضائية للقيام بوظيفة اإلصالح في
قضايا األسرة ،وهدا ي وضح رغبة المشرع األكيدة وقناعته الراسخة بأهمية الصلح بين الزوجين
قبل اإلذن بالطالق أو التطليق ودوره في حماية األسرة من التفكك.
فما هي إذن هذه اآلليات القضائية وغير القضائية التي تولت مهمة المحافظة على تماسك
األسرة واستقرارها ؟ وكيف على إنقاذ األسرة من التفكك ؟
هذا ما سأعمل على دراسته من خالل الباب األول الذي قسم إلى فصلين:
دور المحكمة في إصالح ذات البين الفصل األول:
www.sajplus.com 14
الفصل األول :دور المحكمة في إصالح ذات البين
حماية لألسرة من التصدع والتفكك وحفاظا على تماسكها وترابطها ،ألزم المشرع المغربي
القاضي بإيالء محاولة الصلح بين الزوجين أهمية كبرى وذلك بتفعيل كل إجراءاته المسطرية
التي نص عليها القانون ،وبذل كل المجهودات والقيام بجميع المحاوالت الرامية إلى تقريب
وجهات نظر الزوجين ،إيمانا منه بكون الصلح وسيلة فعالة للحد من ظاهرة الطالق والتطليق.
وبذلك يكون المشرع قد جعل على عاتق القاضي مهمة لم شتات األسرة والمحافظة على
عش الزوجية عن طريق إجراء محاولة الصلح في كل أنواع الطالق أو التطليق باستثناء التطليق
للغيبة ،عكس ما كان معموال به في ظل مدونة األحوال الشخصية التي كانت تنصب على ضرورة
إجراء الصلح فقط في حالة التطليق للضرر.
فما هي إذن اإلجراءات المسطرية الواجب إتباعها في مسطرة الصلح ؟ وكيف سيساهم
قاضي التي تكفلت بدور التوفيق بين الزوجين في حماية األسرة ؟
هذا ما سأحاول اإلجابة عنه في هذا الفصل الذي قسمته إلى مبحثين:
إجراءات التصالح بين الزوجين المبحث األول :
www.sajplus.com 15
المبحث األول :إجراءات التصالح بين الزوجين
لقد عمل المشرع المغربي سواء من خالل مدونة األحوال الشخصية أو مدونة األسرة على
العناية باألسرة ،وبالحرص على تماسكها باعتبارها اللبنة األولى للمجتمع.
لذلك فقد تدرج في التنصيص على اإلجراءات الشكلية والمسطرية التي تكفل نجاح محاولة
الصلح بين الزوجين ،فنص على نوعين من اإلجراءات:
النوع األول خاص باإلعداد لجلسة الصلح ،في حين يتعلق النوع الثاني بإجراءات تهم
الحضور لجلسة الصلح.
ومن خالل هذا المبحث سأعمل على توضيح هذه اإلجراءات من خالل مطلبين:
من المبادئ األساسية أن القاضي ال يباشر عمله إال بناءا على طلب 1 ،فال يمكن له القيام
بإجراء الصلح إال بـعد أن يتقـدم أحد الزوجيـن أو هـما معا بطلب الطالق أو التطليق وفقا للشكل
الذي يحدده القانون( 2الفقرة األولى).
وبعد تقديم الطلب ،تأتي مرحلة استدعاء الزوجين لحضور جلسة الصلح وذلك طبقا لطرق
االستدعاء التي يقررها القانون (الفقرة الثانية ).
- 1حسن الفكهاني ،التعليق على قانون المسطرة المدنية في ضوء الفقه والقضاء ،الجزء األول ،الدار العربية
للموسوعات ،الطبعة 1983ص .185
-2وعلى القانون فإن الفقه اإلسالمي يفرض تدخل القاضي و إن لم يرفع إليه األمر في مسألة الشقاق بين الزوجين ،و في هذا
الصدد بقول ابن العربي":إذا علم اإلمام من حال الزوجين الشقاق لزمه أن يبعث إليهما حكمين و ال ينتظر ارتفاعهما ألن ما يضيع
من حقوق هللا أثناء ما ينتظر رفعهما إليه ال جبر له " أبي بكر محمد بن عبد هللا المعروف ابن العربي ،أحكام القران ،تحقيق علي
محمد البجاوي ،مطبعة عيسى البابلي و شركائه ،ج 1ص . 467ألنه يجب حل الخالف قبل أن يتفاقم ويتعذر رأب الصدع ،عبد
الرحمان الصابوني ،مدى حرية الزوجين في توقيع الطالق في الشريعة اإلسالمية ،دراسة مقارنة ،ج الثاني ،دار الفكر بيروت،
الطبعة الثانية 1968ص . 754وقد أشار إلى دللك أيضا أحمد بن حجر العسقالني ،فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،نشر
إدارة البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد بالمملكة العربية السعودية ،ص 322
www.sajplus.com 16
الفقرة األولى :تقديم الطلب
لقد جرى العمل في ظل مدونة األحوال الشخصية لـ 1957ووفقا للفصل 48على اعتبار
الطالق حق للزوج يوقعه بإرادته المنفردة ،ويكفيه عند العزم على الطالق أن يحضر أمام عدلين
منتصبين لإلشهاد سواء بمكتبهما أو بمنزله ويصرح أمامهما بإيقاع الطالق على زوجته .1وقد
كان ب إمكان الزوج إيقاع الطالق في أي مكان ثم يخبر الزوجة أو يبعث لها رسم الطالق عبر
البريد ،بل أحيانا قد ال يخبر بذلك وقد ال تكتشف األمر إال بعد وفاة الزوج ،حيث يفاجئها الورثة
برسم الطالق .2
وهذا يعني أن مدونة األحوال الشخصية جعلت الطالق حكرا على الزوج يوقعه دون أية
إجراءات مسطرية (تقديـم طلب ،إجراء صلح )...باستثناء ضرورة إشهاد عدلين .وفي هذا تغييب
شبه كامل للقضاء 3رغم أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه في إصالح ذات البين بين الزوجين.
وقد عرفت م.ح.ش تعديالت جزئية 4 ،لكنها تعديالت لم تذهب إلى حد وضع الطالق بيد
السلطة القضائية ،وإنما تركته مبدئيا بيد الزوج ،وإن كانت قد أحاطته بإجراءات مسطرية قضائية
جد صارمة على ما يتضح من قراءة متأنية للنصوص المعدلة 5 .فقد نص الفصل 48من م.ح.ش
" ال يسجل الطالق إال بحضور الزوجين وبعد إذن القاضي " ،وهذا يعني أن الطالق ال يرتب
آثاره إال بعد تقديم الزوج طلب الطالق إلى قاضي التوثيق الستصدار إذن بالطالق.
وقد حافظت مدونة األسرة على هذا اإلجراء إذ نصت في المادة 79على أنه " يجب على
مريد الطالق أن يطلب اإلذن من المحكمة " .وفيما يخص الطالق االتفاقي فقد نصت المادة 114
- 1ثم يقوم العدالن بتسجيل هذا الطالق في مذكرة الحفظ ألحدهما ثم يطلبان من الزوجة أن تدفع لهما رسم الزواج فإن امتنعت أو
لم تحضره رفع العدالن األمر إلى قاضي التوثيق.
- 2إبراهيم اشهيبات ،الطالق على ضوء تعديالت م.ح.ش ،مقال منشور بمجلة اإلشعاع عدد 22دجنبر 2000ص 57
- 3فهذا األخير لم يكن له أي دور يذكر في هذه المرحلة وذلك انسجاما مع قواعد الفقه اإلسالمي التي تعتبر الطالق حق للزوج
ألنه أقل انفعاال من المرأة وأكثر ضبطا ألعصابه منها .
إبراهيم الهياللي ،مذكرات في الفقه اإلسالمي على ضوء م.ح.ش ،المطبعة والوراقة الوطنية ،طبعة 1987ص 57كما يرون أن
المرأة أشد تأثيرا وأسرع انقيادا لحكم العاطفة من الرجل.
أحمد فراج حسين " أحكام األسرة في اإلسالم ،الطالق وحقوق األوالد ونفقة األقارب ،الدار الجامعية بيروت ،طبعة 1991ص
.29
- 4بمقتضى ظهير رقم 1.93.347بمثابة قانون الصادر بتاريخ 10 – 9 – 993والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 422
بتاريخ 29شتنبر 1993
- 5محمد كشبور ،الطالق وتبعاته المالية ،دراسة في نطاق الظهير بمثابة قانون الصادر في ،1993 – 9 – 10مقال منشور
بمجلة المحامي عدد 26 – 25سنة 1994ص .50
www.sajplus.com 17
على أنه " عند وقوع هذا االتفاق يقدم الطرفان أو أحدهما طلب التطليق للمحكمة " .وأهم ما يمكن
مالحظته على هذه المادة هو استعمال عبارة " طلب التطليق " في حين أن األمر يتعلق حسب ما
نص عليه المشرع بالطالق االتفاقي.
وأ عتقد أن هذا مجرد خطأ وسهو من المشرع فاألمر يتعلق بطلب الطالق وليس التطليق.
وفيما يخص الطالق بالخـلع فقد أحالت المادة 115في كل ما يتعلق باإلجراءات المسطرية
الواجب إتباعها إليقاعه على المادة ، 114أي ضرورة تقديم طلب إلى المحكمة بعد وقوع االتفاق
بين الزوجين على الطالق بالخلع.
ولمـا كان الطالق في ظـل م.ح.ش حق للـزوج .1فقد سمح المشرع للزوجة باللجوء إلى
القضاء ليحكم بتطليقها 2إذا توفرت األسباب التي حددتها م.ح.ش في الفصول 53إلى ، 60وهي
تخضع لنفس اإلجراءات المسطرية الخاصة بتقديم طلب مع انفراد التطليق للضرر بإجراء
الصلح .لكن بعد صدور مدونة األسرة أخضعت مسطرتي الطالق والتطليق إلجراءات مسطرية
موحدة خصوصا فيما يتعلق بضرورة تقديم طلب وإجراء محاولة الصلح بين الزوجين باستثناء
التطليق للغيبة .3فقد نصت المادة 113على أنه " يبث في دعاوى التطليق المؤسسة على أحد
األسباب المنصوص عليها في المادة 98أعاله بعد القيام بمحاولة اإلصالح باستثناء حالة الغيبة ".
ويقدم طلب الطالق أو التطليق إلى قسم قضاء األسرة أي المحكمة التي توجد بدائرة نفوذها بيت
الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو المحكمة التي أبرم فيها عقد الزواج ،وذلك طبقا لما
نصت عليه المادة 79من مدونة األسرة .وبذلك يكون المشرع المغربي قد خالف نصوص قانون
المسطرة المدنية المتعلقة باالختصاص المحلي ،والتي تنص في الفصل 27على أن المحكمة
المختصة مكانيا هي التي يوجد بدائرة نفوذها الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه.
www.sajplus.com 18
ويقدم طلب التطليق أو الطالق في شكل مقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو
وكيله أو بت صريح يدلى به المدعي شخصيا ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا
يوقع من طرف المدعي أو يشار في المحضر أنه ال يمكنه التوقيع ( 1ف 31من ق.م.م).
وقد حددت المادة 80من مدونة األسرة البيانات التي يجب أن يتضمنها الطلب وهي :هوية
الزوجين ومهنتهما وعنوانهما وعدد األطفال إن وجدوا وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي ،على
أن يرفق الطلب بمستندات الزوجية والحجج التي تثبت الوضعية المالية للزوج والتزاماته المالية
مع اإلشارة ولو بشكل موجز إلى موضوع الطلب وأسباب المقال.
ونظـرا لخصوصية دعاوي الطالق والتطليق وحفاظـا على أسرار الزوجين ،فيكتفي
اإلشارة في المقـال إلـى وجود نزاع بين الزوجين ولو بصفة مجملة على أن يتولى الزوجان أثناء
جلسة الصلح بسط كافة أوجه الخالف .2
وبعد تقديم طلب الطالق أو التطليق من طرف احد الزوجين أو هما معا يقوم القاضي
باستدعائهما لحضور جلسة الصلح .فكيف يتم استدعاء الزوجين لحضور جلسة المصالحة
وإصالح ذات البين ؟
الفقرة الثانية :استدعاء الزوجين لجلسة الصلح
بعد توصل قاضي التوثيق بطلب اإلشهاد على الطالق يقوم باستدعاء الزوجين طبقا لما
نص عليه الفصل 48من م.ح.ش " ال يسجل الطالق إال بحضور الطرفين وبعد إذن القاضي.
وإذا توصلت الزوجة باالستدعاء ولم تحضر وأصر الزوج على إيقاع الطالق استغني عن
حضورها ".
وقد توخى المشرع من التنصيص على استدعاء الزوجة إجراء محاولة الصلح بينهما وإن
كان لم يشر إلى ذلك في ظاهر النص.
- 1عبد العزيز توفيق ،شرح ق.م.م والتنظيم القضائي معلقا عليها بأحكام محاكم النقض العربية إلى غاية ، 1995الجزء األول،
مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء ،الطبعة األولى 1998ص 140
- 2مجلة قضاء األسرة ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،العدد األول يوليوز 2005الطبعة الثانية 3دجنبر
2005ص 63
www.sajplus.com 19
والمالحظ أن م.ح.ش لم تحدد كيفية استدعاء الزوجة .ومن المعلوم أن ق.م.م هو القانون
العام في اإلجراءات القضائية وقضايا األحوال الشخصية ما لم ينص المشرع على خالف ذلك
بنص صريح .وبالرجوع إلى الفصل 38من ق.م.م نجده يعتبر أن تسليم االستدعاء يعتبر صحيحا
إذا سلم إلى الشخص نفسه أو في موطنه إلى أقاربه أو خدمه أو لكل شخص آخر يسكن معه .وهذا
يعني أن الزوجة قد ال تتوصل باالستدعاء .كما أن أغلب شواهد التسليم قد ال تسلم إلى الزوجة
بفعل تدخل األعوان المكلفين ذوي الذمة الفاسدة بتواطؤ الزوج 1،بهدف حرمانها من إبداء وجهة
نظرها 2،يضاف إلى ذلك أن المشرع لم يرتب أي أثر قانوني على عدم احترام مسطرة استدعاء
الزوجة أمام القاضي ،فليس هناك أي إجراء بمس محتوى رسم الطالق في هذا المجال. 3
وأمـام ارتفاع نسبة الطالق الغـيابي صدر منشور وزير العدل 4إلى قضاة التوثيق يؤكـد ضرورة
التمييز بين حالتين:
حالة كونها معروفة العنوان :ينبغي استدعاؤها لجلسة محاولة الصلح والتأكد من توصلها
باالستدعاء وفق الطرق القانونية المقررة في ميدان تبليغ اإلجراءات القضائية.
حالة تـصريح الزوج بكون الزوجة مجهـولة العنوان ،حيث يتعين على قاضي التوثيق
.وإذا كانت 5
إجراء تحر في الموضوع بكل الوسائل المتاحة له قبل تعيين قيـم عليها
م.ح.ش لم تحـدد كيفية استدعاء الزوجة في مسطرة الطالق فإن مدونة األسرة على
العكس من ذلك قد حددت في المادة 6 81كيفية استدعائها مؤكدة أن عدم حضور الزوجة
رغم توصلها شخصيا باالستدعاء وعدم تقديمها أية مالحظات مكتوبة عوض حضورها،
- 1ربيعة بنغازي ،التطليق للضرر من خالل االجتهاد القضائي المغربي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،جامعة محمد
الخامس – أكدال 2001 – 2000ص 259
- 2وقد التزم المشرع في ظل م.ح.ش الصمت إزاء تحايل الزوجين بهدف عدم توصل الطرف اآلخر باالستدعاء عكس المشرع
التونسي الذي نص على عقوبات صارمة تصل إلى الحبس مدة سنة .ف 32مكرر المضاف بموجب التعديل الوارد في القانون
رقم 74لسنة 1993المؤرخ في 1993 – 7 – 12
ساسي بن حليمة دور قاضي األسرة في قضايا الطالق ،مجلة األحداث القانونية ،ع 6سنة 1992ص 14
لكن وإدراكا من مدونة األسرة أن التحايل ال يقاوم أحيانا إال بالزجر فقد احتوت على مواد تحيل على فصول القانون الجنائي
وتعاقب بعقوبات حبسية كما في حالة ثبوت تحايل الزوج بتقديمه معلومات مغلوطة عن عنوان الزوج أو تقديم بيانات غير
صحيحة حيث أحالت على مقتضيات الفصل 361من القانون الجنائي كل ذلك في إطار مالئمة القوانين الوطنية للتشريعات
المقارنة.
- 3رشيد مشقاقة ،قراءات وتعاليق ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط – ص 153
- 4منشورة وزير العدل عند 2بتاريخ 2000 – 2 – 22إلى قضاة التوثيق.
- 5عبد هللا روحمات ،األمر بتحديد االلتزامات المتربة على الطالق من العمل الوالئى إلى العمل القضائي ،مجلة اإلشعاع عدد
18فبراير 2002ص .171
- 6محمد األزهر ،شرح مدونة األسرة أحكام الزواج ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى 2004ص .136
www.sajplus.com 20
فإن المحكمة تخطرها عن طريق النيابة العامة بأنه عدم حضورها سيجعل المحكمة تبت
في الملف في غيابها ،أما إذا كان عنوان الزوجة مجهوال فإن النيابة العامة تسخر جميع
اإلمكانيات للوصول إلى الحقيقة .في حين إذا تخلف الزوج عن الحضور فيعتبر غيابه هذا
تراجعا عن طلبه الرامي إلى الطالق . 1
و المالحظ على هذه المادة أن المشرع المغربي حرص كثيرا على التوصل الشخصي
باالستدعاء .لكن في الواقع قد يتم تسليم طيات االستدعاء إلى أقارب المعني األمر أو خدمه أو لكل
شخص أخر يسكن معه حسب مقتضيات المادة 37من ق.م.م .
فهل في هذه الحالة يرجع إلى ق.م.م باعتباره القانون العام اإلجرائي ،أم البد من التقيد
بأحكام المادة 81من قانون األسرة ؟
فإذا تم التمسك بحرفية المادة 81من م.أ فال بد من تبليغ االستدعاء إلى المعني باألمر
شخصيا .وبالتالي استبعاد تطبيق مقتضيات الفصلين 37و 38من ق.م.م ،وهذا ال يتم في الواقع
مما يجعل ملف طلب اإلذن بالطالق مفتوحا مع تكرار االستدعاءات بدون جدوى.
أما إذا تم التمسك بفرضية التوصل القانوني فيعني ذلك أن تبليغ االستدعاء يعتبر صحيحا
إذا سلم في موطن المعني باألمر إلى أقاربه .2...وبالتالي فإنه يرتب األثر المنصوص عليه في
المادة 81من مدونة األسرة ،إذا تم التوصل مرتين على األقل سواء بالنسبة للزوج أو الزوجة
ويطبق نفس الحكم تجاه كل منهما في حالة رفض التوصل من الغير .3
وإذا كانت مدونة األسرة قد حددت كيفية استدعاء الزوجين في دعوى الطالق فإنها في
دعوى التطليق التزمت الصمت .وأمام سكوت المشرع وعدم التنصيص على مسطرة استدعاء
- 1والمشرع التونسي في هذا الصدد كان أكثر حرصا على تبليغ االستدعاء للزوجين إذا ألزم الفصل 32مكرر من القانون رقم
74المؤرخ في 1993 – 7 – 12القاضي بضرورة التأكد من تبليغ االستدعاء للجلسة الصلحية شخصيا للمعني باألمر وللقاضي
أن يستعين بكل األشخاص الذين قد يصلحون إلعانة على تبليغ االستدعاء كالشرطة وعمدة الحي أو القرية .ولم يقف القانون عند
هذا الحد بل ألزم القاضي بالبحث عن المقر الحقيقي للمعني باألمر الستدعائه منه .ومما ال شك فيه أن هذا القانون قد أثقل كاهل
قاضي األسرة وجعل مهمته صعبة التحقيق إذ فتح أمرا سلبيا آخر هو تعمد المدعى عليه عدم تسلم االستدعاء شخصيا كي يعطل
سير قضية الطالق والمساهمة في تأخير صدور الحكم في القضية أطول اجل ممكن.
ساسي بن حليمة ،دور قاضي األسرة في قضايا الطالق ،المرجع السابق ص 17
-2محمد عصبة ،اإلذن بالطالق ال يتم توقيعه لدى من طرف الطالب المأذون له ،أشغال الندوة الوطنية المنعقدة بكلية الحقوق
بوجدة يومي 17و 18فبراير 2005مدونة األسرة عام من التطبيق ،الحصيلة و األفاق ،منشورات مجموعة البحث في القانون
واألسرة ،سلسلة الندوات العدد األول طبعة 2006ص 198
- 3مجلة قضاء األسرة ،المرجع السابق ص 55
www.sajplus.com 21
الزوجين في دعاوي التطليق وعدم اإلحالة على المادة 81من قانون األسرة ،فإن القواعد العامة
لالستدعاءات المنصوص عليها في ق.م.م تبقى واجبة اإلعمال في هذا المجال.
وهكذا فعندما يعين رئيس المحكمة القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية ،فإن هذا
األخير هو الذي يقوم بتعيين أول جلسة للبث في القضية فيأمر كتابة الضبط بتبليغ االستدعاء إلى
الطرف المعني باألمر مع التأكد من هويته بواسطة الوثائق اإلدارية المعتمدة لذلك وتوقيعه على
شهادة التسليم ،مع اإلشارة إلى رقم الوثيقة اإلدارية المثبتة للهوية ،فإذا كان عاجزا عن التوقيع
أبصم مكانه ويشير العون المكلف بالتبليغ إلى ذلك من طرف عون التبليغ.3
وتحمل االستدعاءات جملة من البيانات المنصوص عليها في الفصل 39من ق.م.م وهي
االسم الشخصي والعائلي والمهنة وموطن أو محل إقامة المدعي أو المدعى عليه وموضوع
الطلب والمحكمة التي ستبت في القضية ورقم الملف ويوم وساعة الجلسة وقاعتها.
ويؤدي النقص في بيانات االستدعاء إلى بطالنه ألنه "ال يعتبر مجرد تسليم طي التبليغ
لشخص بعنوان المبلغ إليه صحيحا إال إذا كان االستدعاء متوفرا على الشروط المطلوبة في
الفصلين 39و 516من ق.م.م " .4ويتم التبليغ بطرق مختلفة ،فإما أن تقوم به المحكمة عن
طريق أعوانها العاملين بها وهم أعوانها التبليغ الذين يقومون بتبليغ االستدعاءات عن طريق
األعوان القضائيين أو عن طريق السلطة اإلدارية أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع
اإلشعار بالتوصل.
- 1االستدعاء هو وسيلة اتصال األطراف بالمحكمة ويتم االستدعاء في نموذج هيأته وزارة العدل يشمل مجموعة من البيانات.
عبد العزيز توفيق ،المرجع السابق ص .145
- 2فأما التبليغ فيقصد به الشكلية التي يتم بواسطتها إعالم المبلغ إليه باإلجراءات القضائية التي تتخذ ضده ،وأساس فكرة التبليغ
هو مبدأ المواجهة الذي يقوم على عدم جواز اتخاذ أي إجراء ضد شخص دون تمكينه من العلم به وإعطائه فرص للدفاع عن نفسه
فهذا المبدأ هو مجرد تطبيق من تطبيقات حق الدفاع.
عبد هللا العبدوني ،مسطرة بطالن إجراءات التبليغ في ضوء العمل القضائي المغربي ،مجلة اإلشعاع عدد 20سنة 11دجنبر
1999ص .27
- 3دليل عملي لمدونة األسرة ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الشروح والدالئل – العدد األول 2004
ص 63وأيضا نادية لمزاوير ،التطليق للشقاق بين النص والتطبيق ،الحلقة الدراسة الجهوية المنظمة لفائدة قضاة األسرة بتطوان
أيام 6و 5و 7و 8دجنبر .2005
- 4قرار صادر عن المجلس األعلى رقم 88بتاريخ 1987 – 3 – 15منشور بمجلة القضاء والقانون ع 129ص 176أورده
عبد العزيز توفيق المرجع السابق ص .151
www.sajplus.com 22
وإذا كان المعني باألمر خارج الوطن فيتم توجيه االستدعاء إليه بواسطة السلم اإلداري
على الطريقة الدبلوماسية ماعدا إذا كانت مقتضيات االتفاقية الدولية تقضي بغير ذلك مع احترام
اآلجال ( الثصل 37من ق م م ) .1
وأخيرا يمكن القول أنه من اإلشكاالت العملية العويصة التي ستواجه تطبيق مواد مدونة األسرة
هي مشكلة التبليغ ،تبليغ االستدعاءات وتبليغ الطيات القضائية وما تتطلبه من أداءات ومصاريف
التنقل...فمدونة األسرة لن تطبق فقط على مستوى المدن وإنما يجب األخذ بعين االعتبار المساحة
الواسعة للبالد وتنوع مناطقها وتضاريسها.
وإذا تم تجاوز مشكل تبليغ االستدعاءات والطيات القضائية وتوصال الزوجين باالستدعاء
فإن هناك إشكالية أخرى تطرح على مستوى التطبيق العملي وهي حضورهما لجلسة التصالح
ومدى إمكانية استخدام الوكالة في حالة تعذر الحضور.
إن مسألة لقاء الزوجين خصوصا موضوع حضورهما جلسة الصلح من اجل التوفيق
بينهما ،كانت وال تزال تثير العديد من اإلشكاليات سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد
صدور مدونة األسرة ،فقد شكلت موضوع نقاش كبير في أوساط رجال الفقه والقانون فمنهم من
اعتبر أن الزوجين ملزمين بالحضور شخصيا لجلسة المصالحة ( الفقرة األولى).
في حين ذهب البعض إلى إمكانية توكيل الزوجين غيرهما للحضور نيابة عنهما في حالة
تعذر عليهما الحضور شخصيا (الفقرة الثانية) وقد أدى اختالف وجهات النظر إلى تباين األحكام
الصادرة عن المحاكم المغربية.
الفقرة األولى :الحضور الشخصي لجلسة الصلح
إن حضور الزوجين لجلسة الصلح هو بين القضايا التي حظيت باهتمام المشرع المغربي.
فقد نص الفصل 48من م.ح.ش " ال يسجل الطالق إال بعد حضور الطرفين وبعد إذن القاضي "
www.sajplus.com 23
فهذا النص أكد صراحة أن الطالق ال يسجل إال بعد حضور طرفي النزاع دون أن يحدد المقصود
بالطرفين هل هما الزوج أو الزوجة أو غيرهما ،ممن يملك وكالة عنهما . 1
ففي ما يخص التطليق للضرر فقد نص الفصل 56من م.ح.ش أنه " إذا ادعت الزوجة
على زوجها إ ضراره بها بأي نوع من أنواع الضرر الذي ال يستطاع دوام العشرة مع أمثالها
وثبت ما ادعته وعجز القاضي عن اإلصالح بينهما طلقها عليه " فالمشرع في هذا الفصل أوجب
على القاضي أن يحكم بتطليق الزوجة من زوجها بعد عجزه عن اإلصالح بينهما دون أن يتطرق
لمسالة حضور الزوجين من أجل التصالح .وعليه يتضح أن المشرع في م.ح.ش اكتفى بالنص
على ضرورة إجراء محاولة الصلح قبل إيقاع الطالق أو التطليق للضرر دون بيان اإلجراءات
المسطرة لهذه المحاولة ،معتمدا في ذلك على نصوص تكتسي طابع العمومية والشمولية .لكن
بالرجوع إلى ق.م.م نجده قد تكفل بتوضيح بعض اإلجراءات الخاصة بالصلح ،فقد حدد الفصل
179المقصود من الطرفين المنصوص عليهما في الفصل 48وهما الزوج والزوجة ،كما قرر أن
الهدف من حضور الزوجين قبل إيقاع الطالق هو محاولة القاضي التوفيق بين الزوجين وذلك
سعيا للحد من المشاكل واآلثار السلبية الناجمة عن الطالق وحماية األسرة من التفكك .2
لكن كثيرا ما تعتقد الزوجة أن زوجها ال يمكنه أن يطلقها إال إذا حضرت معه ،فتتوصل
باالستدعاء دون أن تحضر ،فتضيع عليها فرصة الدفاع عن حقها إذ يتم الطالق في غيبتها .3
أما فيما يخص مسطرة التطليق للضرر فقد أكد الفصل 212من ق.م.م أنه بعد تقييد طلب
التطليق يستدعي القاضي الزوجين قصد محاولة الصلح.
فإذا تم التصالح بين الزوجين تختم اإلجراءات المسطرية بقرار يثبت ذلك .وفي حالة عدمه
وبعد استدعاء الزوجين وتخلفهما أو أحدهما عن الحضور يصدر القاضي أمرا بعدم التصالح،4
ويأذن المدعي بمواصلة اإلجراءات العادية لدعوى التطليق للضرر.
فمن خالل كل هذه الفصول يتضح أن المشرع المغربي في ظل م.ح.ش لم يؤكد صراحة
ضرورة حضور الزوجين شخصيا لجلسة الصلح مما ترك لالختالف مجاال كبيرا.
- 1إدريس الفاخوري ،الطالق بعد التعديل ،حصيلة عملية ،األحداث المغربية عدد 26 325رجب 1420هـ 5نوفمبر ص 7
- 2إبراهيم اشهيبات ،المرجع السابق ص 37
- 3أحمد الزوكاغي ،الطالق حسب الصيغة الحالة لمدونة األحوال الشخصية – مطبعة األمنية – طبعة 1994ص .167
- 4السعدية بلميير ،الروابط العائلية ،منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية ،طبعة 19 80ص 79
www.sajplus.com 24
وفي هذا الصدد صدر منشور عن وزير العدل إلى قضاة التوثيق أكد فيه على ضرورة
السهر على حضور الزوجين شخصيا لجلسة محاولة الصلح .1وإن كان القضاء المغربي يسير
في اتجاه ضرورة حضور الزوجين شخصيا .فقد جاء في إحدى قرارات المجلس األعلى على أن
حضور الزوجة أمر بديهي ألنها صاحبة المصلحة وبذلك كان استدعاؤها من قبيل تحصيل
الحاصل ،أما الزوج وهو الخصم في الدعوى فاستدعاؤه أساسي إلصدار الحكم عليه كي يسمع ما
عنده ويعذر إليه وإال كان الحكم باطال .2
فإذا كان األمر كذلك في ظل م.ح.ش فإن المشرع قد عمل على تعديل قانون المسطرة
المدنية 3موازاة مع صدور مدونة األسرة الجديدة ودلك في إطار مالءمة القوانين الوطنية حتى
تكون منسجمة ومتطابقة مع بعضها البعض تفاديا لكل تعارض أو تناقض ومواكبة للتطور الذي
يشهده المجتمع المغربي .
وفي هدا الصدد تم إلغاء الفصل 179من ق م م وعوض بمقتضيات أخرى ال عالقة لها
بمسطرة الصلح إذ جاء في الفصل 179الجديد ما يلي (:تطبق في قضايا األحوال الشخصية
مقتضيات القسم الثالث والبابين األول والثاني من القسم الرابع إدا لم تكن مخالفة لمقتضيات هدا
الباب.
يمارس مهام قاضي األسرة المكلف بالزواج قاض من المحكمة االبتدائية يعين لمدة ثالث
سنوات بقرار لوزير العدل) .كما أضيف بمقتضى القانون رقم 72 . 03الفصل 179مكررمن ق
م م وهو أيضا ال صلة له بمحاولة التوفيق بين الزوجين وإنما يتعلق بالنفقة المؤقتة.
أما الفصل 212من ق م م فقد ألغيت منه الفقرات من 2إلى 6بإدخال الغاية فأصبح هدا
الفصل بعد التعديل ينص على مايلي ( :يقدم وفقا إلجراءات العادية مقال التطليق إلى المحكمة
اال بتدائية التي يوجد بدائرة نفودها بيت الزوجية أو التي أبرم فيها عقد الزواج ) .فهدا الفصل
يتناول اإلختصاص المحلي للنظر في دعوى التطليق للضرر وال يتعلق بمسطرة إصالح ذات
البين بين الزوجين.
www.sajplus.com 25
وإذا كان المشرع قد توفق في تعديله لإلحكام المتعلقة بمسطرة الصلح والواردة في قانون
المسطرة المدنية ،فإن األمر ليس كذلك في مدونة األسرة فقد اعتمد في معالجته لمسألة مقابلة
الزوجين من أجل الصلح على نصوص غير دقيقة وغير صريحة وإن كان قد تفادى بعض ثغرات
م.ح.ش إذ أكد على ضرورة استدعاء الزوجين في المادة 1 81وليس الطرفين كما هو منصوص
عليه في الفصل 48من م.ح.ش .فمن خالل هذه المادة يتجلى أن المشرع حرص أشد الحرص
على ضمان التوصل الشخصي في االستدعاء فاستعان بالنيابة العامة خصوصا إذا كان عنوان
الزوجة مجهوال .2
كل ذلـك من أجل حضور الزوجين ومقابلتهما لمعـرفة حقيقة النزاع بهدف إصالح ذات
البين .لكنه في نفس الوقت اقتصر على ترتيب آثـار االستدعاء بالنسبة للزوج دون ترتيب أي أثر
قانوني على عدم توصل الزوجة .إذا اعتبـرت المادة 81توصل الزوج شخصيا باالستدعاء وعدم
حضوره تراجعا عن طلبه.3
فمما ال شك فيه أن حضور الزوجين شخصيا من شأنه أن يمكن القاضي من وضع يده عن
جوهر النزاع مسترشدا في ذلك بالتفسيرات التي يقدمها كل طرف ،األمر الذي سيوفر حظوظا
أكبر لنجاح محاولة الصلح بما يضمن استمرارية األسرة ،والحفاظ عليها وحمايتها من أسباب
التصدع والتفكك 4 .ولكن رغم أنه قد يتعذر على أحد الزوجين الحضور لجلسة التصالح فإن م.أ.
لم تتعرض لهذه المسألة فهل يعني ذلك تطبيق مقتضيات ق.م.م مادام أن األصل في األشياء
اإلباحة وما دام أن الهدف هو تسريع مسطرة البث وتمكين األطراف من الحصول على حقوقهم
في وقت وجيز 5؟
وفي هذا الصدد يرى بعض قضاة محكمة قسم قضاء األسرة بمدينة طنجة " :إن عدم
حضور الزوج يعتبر في جميع الحاالت تراجعا عن طلبه وينبغي له إعادة تقديم طلب اإلذن
" - 1تستدعي المحكمة الطرفين لمحاولة اإلصالح إذا توصل الزوج شخصيا باالستدعاء ولم يحضر اعتبر ذلك منه تراجعا عن
طلبه إذا توصلت الزوجة شخصيا باالستدعاء ولم تحضر ولم تقدم مالحظات مكتوبة ،أخطرتها المحكمة عن طريق النيابة العامة
بأنها إذا لم تحضر سيتم البث في الملف إذا تبين أن عنوان الزوجة مجهول ،استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى الحقيقة
- 2رغم ما عرفت به النيابة العامة من الطابع الجنائي فيكون المشرع بإدراجها في القضايا األسرية قد أكسبها لباسا اجتماعيا
الهدف منه االستفادة من خبرتها في طرق وأساليب البحث لتدليل كل الصعوبات التي تمنع حضور الطرفين لجلسة الصلح.
- 3يرى البعض أنه في حالة عدم حضور طالب التطليق الجلسة األولى بتعيين تطبيق الفصل 47من ق.م.م أي التشطيب على
القضية من الجدول وليس تسجيل تراجع الطالب عن طلب التطليق ،نادية لمزاوير ،المرجع السابق.
- 4ساسي بن حليمة ،دور قاضي األسرة في قضايا الطالق ،المرجع السابق 11
- 5محمد عصبة ،المرجع السابق198 ،
www.sajplus.com 26
لكن إذا تخلف الزوج في الجلسة الثانية ينظر إذا كانت 1
باإلشهاد على الطالق من جديد» .
المحكمة قد أذنت له في عدم الحضور ،فهنا تواصل المحكمة اإلجراءات للبث في طلب الطالق،
أما إذا كانت ا لمحكمة لم تأذن له فيتعين اإلشهاد عليه بالتراجع عن طلب اإلذن ،وهذا يعني أن
للمحكمة السلطة التقديرية في إعفاء الزوج من الحضور لجلسة الصلح الثانية.
أما إذا تخلفت الزوجة في الجلسة الثانية رغم حضورها في الجلسة األولى ،فإنه ال يتم اللجوء إلى
إنذارها عن طريـق الن يابة العامة ،ويتم مواصلة إجراءات اإلذن بالطـالق دون حاجة إلى توجيه
إنـذار ألنها سبق لها الحضور .2
عند حضور الزوجين يتم االستماع إليهما في غرفة المشورة حفاظا على أسرار بيت
الزوجية ،ويقوم القاضي بجميع المحاوالت الرامية إلى تقريب وجهات نظرهما وإنهاء النزاع
ا لقائم بينهما .وإذا ما بدا له من خالل المناقشة أن المصلحة تقتضي تأخير القضية إلى جلسة أخرى
حدد لهما القاضي موعدا لجلسة صلح أخرى .لكن إذا استطاع إقناعهما بتفاهة الخالف الواقع
بينهما وحصل التصالح ،حرر محضرا يثبت االتفاق على الصلح وينهي النزاع .أما إذا عجز
الق اضي عن إصالح ذات البين بين الزوجين أصدر أمرا بعدم التصالح ،وأذن للمدعي بمواصلة
إجراءات الدعوى هذا بالنسبة للحالة التي يحضر فيها الزوجان معا لجلسة الصلح ،سواء كانا
مقيمين في المغرب أو حضرا معا إلى المغرب من أجل إجراء محاولة الصلح.
أما بالنسبة للحالة التي يكون فيها أحد الزوجين مقيما بالخارج وتخلف عن حضور جلسة
الصلح ،وتم استدعاؤ ه مرة ثانية ولم يحضر الرتباطه بعمل يجعل مثوله أمام القاضي أمرا
متعذرا ،أصدر القاضي أمرا بعدم التصالح ،وصارت الدعوى وفقا لإلجراءات العادية .وهكذا ال
تحقق مسطرة الصلح الهدف المرجو منها وهو محاولة وضع حد للخالف وتراجع الزوجين عن
مواقفهما .3
- 1لكن أال يعتبر ذلك إهدار لوقت المحكمة واألطراف ،فضال عما في ذلك عن عناء ومشقة.
- 2تقرير عام ألعمال الدورة التكوينية المنظمة بالمعهد العالي للقضاء حول " مدونة األسرة ودور الوساطة في تفعيل مسطرة
الصلح أيام 17 – 15 – 14شتنبر 2005اليوم الرابع.
-3ربيعة بنغازي ،المرجع السابق ص 261
www.sajplus.com 27
ولذلك فـإن المشرع أمام هذه الحاالت قـرر أنه يمكنهما انتداب أقـرب قنصلية إلى محل
وتحرير محضر يثبت أن 1
سكناهما إلجراء محاولة الصلح بينهما طبقا لمنشور وزير العدل
محاولة الصلح قـد أجريت من طرف قاض بإحدى سفارات أو قنصليات المملكة المغربية .ويجب
أن يتضمن محضر الصلح باإلضافة إلى الهوية الكاملة للطرفين وتصريحاتهما ووضعيتهما
المادية واالجتماعية وعدد األوالد – إن وجدوا – وأسباب الخالف وغير ذلك من البيانات
األساسية التي تساعد القاضي في حالة فشل الصلح على تقدير حقوق الزوجة واألوالد .2
وأخيرا يمكن القول أنه نظرا لما يترتب على الطالق أو التطليق من نتائج خطيرة ال
تقتصر على الزوجين فقط ،وإنما تتعداهما لتشمل المجتمع بأكمله فإنه يصبح من الواجب محاولة
تفاديهما وذلك بتوفير أكثر حظوظ لنجاح المحاولة الصلحية .3
ومن بين الوسائل التي قد تساعد على نجاح المحاولة ،الحرص على حضور الزوجين أمال
في عدولهما عن قرارهما وعزمهما عن الفراق ،وتطبيقا لشرع هللا الحكيم اآلمر باستمرار بيت
الزوجية ،4وألن هذه المبادرة ال تحقق العناية المنشودة منها إال إذا تمت بين الزوجين نفسيهما .5
لذلك كان على المشرع المغربي أن ينص على ضرورة حضور الزوجين شخصيا لجلسة
الصلح ،ليس فقط في الجلسة األولى وإنما في جميع جلسات الصلح ،وأال يجيز الوكالة أو اإلنابة
إال في حالة الضرورة القصوى 6تاركا للقاضي السلطة التقديرية الواسعة في تقدير مدى جدية
عذر المتخلف عن الحضور من عدمه .و بذلك سيكون المشرع قد تبنى موقفا وسطا بين المشرع
التونسي الذي يوجب حضور الزوجين شخصيا بمقتضى الفصل 32من مجلة األحوال الشخصية
التونسية 7،وبين المشرع المصري الذي ال يستوجب حضور الزوجين معا أمام المحكمة عند
-1منشور عدد 13السنة الثانية الصادر بتاريخ 15أبريل ،2004مجلة قضاء األسرة المرجع .السابق ،ص 54
- 2ربيعة بنغازي ،المرجع السابق ص 262
- 3ساسي بن حليمة ،دور قاضي األسرة في قضايا الطالق ،المرجع السابق ص 15
- 4علي منتصر ،التحكيم بين الزوجين في حالة الشقاق ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون ،جامعة محمد الخامس ،أكدال ،السنة
الجامعية 2000 – 2001ص 321
- 5مجلة قضاء األسرة،المرجع السابق ص 54
- 6علي منتصر ،المرجع السابق ص 316
- 7محمد الحبيب الشريف ،سلسلة الميزان التشريعي ،مجلة األحوال الشخصية ،الطبعة الثانية 1994ص 99
www.sajplus.com 28
عرض الصلح ،كما أجاز حضور وكيلي الزوجين واعتبر رفض الصلح من أحدهما دليال على
عجز القاضي عن الصلح بينهما .1
و مما ال شك فيه أن حضور الزوجين شخصيا لجلسة التصالح سيساعد القاضي في
مساعيه الحميدة من أجل التوفيق بين الزوجين .لكن أحيانا قد تطرأ ظروف قاهرة تحول دون
حضور الزوجين شخصيا لجلسة التصالح .فهل يستطيعان توكيل غيرهما للحضور نيابة عنهما أو
عن أحدهما في هذه الجلسة ؟ وما موقف المشرع المغربي من الوكالة في الصلح بين الزوجين ؟
الفقرة الثانية :الوكالة و الصلح بين الزوجين
من عدمه في الصلح بين الزوجين ،من بين القضايا األساسية التي 2
يعتبر قبول الوكالة
تتصدر اهتمام الفقهاء والباحثين والمختصين .فقد شكلت موضوع نقاش كبير على المستوى
العملي سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد صدور مدونة األسرة ،مما أفضى إلى
وجود تيارين مضادين :األول يسير في اتجاه عدم مشروعية الوكالة في إجراء الصلح على اعتبار
أن الصلح مسألة شخصية تستلزم الحضور الشخصي للزوجين .في حين يذهب االتجاه الثاني إلى
أنه من حق الزوجين توكيل غيرهما لحضور جلسات الصلح نيابة عنهما في حالة تعذر عليهما
الحضور شخصيا .ولكل اتجاه حججه ومبرراته للدفاع عن موقفه.
فبالنسبة لالتجاه الذي يتبنى فكرة عدم جواز الوكالة في الصلح يتزعمه ابن حزم الظاهري
الذي يرفض بشدة الوكالة في مجموعة من األمور والصلح هو من بين هاته األمور .فقد جاء على
كتابه المحلى " ال تجوز الوكالة على طالق وال عتق وال على تدبير وال على رجعة ...وال على
صلح .ألن كل ذلك إلزام حكم لم يلزم قط ،وحل عقد ثابت ونقل ملك بلفظ .فال يجوز أن يتكلم أحد
3
على أحد إال حيث أوجب ذلك نص وال نص على جواز الوكالة في شيء من هذه الوجوه "
ويستمر ابن حزم قائال " :ال يجوز قول أحد على أحد وال كالم أحد على كالم غيره إال من حيث
أجاز ه القرآن أو السنة الثابتة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .ولم يأت في طالق أحد بتوكيله
- 1فتحي حسن ،دعاوي الطالق والطاعة للمسلمين وغير المسلمين ،منشأة المعارف اإلسكندرية ،طبعة 1988ص 42
- 2الوكالة لغة :التفويض يقال وكلت أمري هلل أي فوضته إليه
وشرعا :استنابة جائز التصرف مثله وهي جائزة شرعا إجماعا لقوله تعالى " وابعثوا أحدكم بورقكم " سورة الكهف اآلية 19
منصور يوسف إدريس البهوتي: ،كشف القناع على متن اإلقناع ،المجلد الثاني – دار الفكر بيروت ،طبعة 1982 – 1402م ص
401
- 3ابن حزم ،المحلى ،منشورات المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ،الجزء الثامن ص 245
www.sajplus.com 29
إياه قرآن وال سنة فهو باطل .فاهلل خـاطب األزواج بالطالق ال غيره فال يجـوز أن ينوب عنه
غيره ال وكالة وال بغـيـرها " 1ألن هللا تعالى قال " :وال تكتسب كل نفس إال آتاها " .2
من هنا يتضح أن ابن حزم يرفض الوكالة في الصلح بين الزوجين ويتجلى ذلك في رفضه
للوكالة في الصلح بصفة عامة وفي معارضته للوكالة في الطالق .والصلح هو أحد أهم
اإلجراءات المسطرية لدعوى الطالق.
وقد انتقد بعض الفقهاء المغاربة فكرة استعمال الوكالة في الطالق على أساس أنها تتنافى
مع استقرار الحياة الزوجية من حيث أنها تحمل مشيئتها بيد شخص غريب وتسمح لهذا األخير
باإلطالع على ما ال يجب االطالع عليه من أحوال األسرة وأمورها 3خصوصا وأن الطالق من
المسائل الشخصية التي تجعل الموكل ال يبوح أحيانا للوكيل بكل األسرار " كأسباب الطالق أو
التطليق " .ومن تم ال يكون في مقدور الوكيل اإلدالء باألسباب الحقيقية التي قد تساعد القاضي
على أداء مهمته الصلحية 4هذا فضال على أن الصلح يقتضي تنازالت من الطرفين .وهذا يستلزم
وحتى يتمكن من 5
وجود الزوجين شخصيا من أجل استرشاد القاضي بالتفسيرات التي يبديانها
مخاطبة المشاعر واألحاسيس لكل منهما وإذا سمح ألحد الزوجين بأن يمثل بواسطة وكيل
فسيكون قد حكم على الجلسة الصلحية مسبقا بالفشل .6
ويضاف إلى كل ما سبق أن المشرع المغربي سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو
بعد صدور مدونة األسرة لم يحسم في مسألة الوكالة في الصلح ال إيجازا وال منعا وإنما التزم
الصمت رغم أنه نظم الوكالة في الزواج (الفصل 10من م.ح.ش والمادة 17من م.أ " ونص على
جواز الوكالة في الطالق (ف 44م.ح.ش) .وهذا السكوت يفسر بحرصه على الحضور الشخصي
للزوجين وإبعاد كل دخيل أجنبي بينهما ليتحقق الهدف المنشود وهو إجراء محاولة صلح حقيقية
www.sajplus.com 30
تؤتى ثمارها المرجوة للحفاظ على كيان األسرة المهددة بالطالق .1وهذا ما أكده منشور وزير
العدل حيث اعتبر أن الوكالة في الطالق ج ائزة بعد محاولة الصلح ووجود أسباب قاهرة أما قبلها
فالوكالة غير جائزة .2
وإذا كان المشرع المغربي قد فضل عدم الحسم في مسألة الوكالة في الصلح فإن بعض
التشريعات العربية اتخذت موقفا صريحا بعدم جواز الوكالة في الصلح بين الزوجين.
فقد جاء في إحدى قرارات محكمة التعقيب التونسية "إذا لم يحضر طالب الطالق للجلسة
الصلحية ،رفضت دعواه في الطالق وليس له أن ينيب عنه محاميا في هذا األمر ألن الصلح
يتعلق بذات الزوجين وغير قابل للنيابة" . 3
وجاء في قرار آخر على أن " الجلسة الصلحية التي أوجبها الفصل 32من م.أ.ش ال يمكن
أن يحضرها وكيل نيابة عن أحد الزوجين بل ال بد أن يشهدها الطرفان أنفسهما خاصة القائم
بالدعوى المطالب بالطالق" .4
أما القضاء المغربي فنجد المجلس األعلى قد أعطى في قرار صادر عنه لمسألة الحضور
الشخصي مفهوما أكثر مرونة من نظيره التونسي 5 ،إذ ذهب إلى القول.. " :إن مسطرة التصالح
تقتضي أن يبعث القاضي حكمين لينهي الشقاق بين الزوجين ،والحكم فيه أهمل هذه
المسطرة...لكن حيث أن المحكمة عللت حكمها بكون الطاعن فوت على نفسه فرصة التصالح مع
زوجته لما استدعي في المرحلة االبتدائية إلجراء مسطرة التصالح المنصوص عليها في الفصل
212من ق.م.م وتوصل بالدعوة ولم يحضر ،األمر الذي كان ما علل به الحكم صوابا ."6
أما فيما يخص االتجاه الثاني فيرى أنه إذا كان القانون المغربي ال يسمح أن يمثل أحد
الزوجين بواسطة وكيل وانه يجب حضورهما شخصيا جلسة الصلح وإال حكم عليها بالفشل ،7
www.sajplus.com 31
فإن الضرورات العملية والواقع المعيش قد أبانا عن وجود حاالت يتعذر فيها على أحد الزوجين
الحضور الشخصي لجلسة الصلح .لذلك فقد نادى بعض الفقهاء بضرورة قبول الوكالة في إجراء
الصلح بين الزوجين على األقل في الحاالت التي يصعب فيها على الزوجين أو أحدهما الحضور
شخصيا لجلسة التصالح .فعدم قبول الوكالة يلحق ضررا لهما أو بأحدهما ،ويحيد بالتالي عن هدف
المشرع من إيالئه العناية والرعاية والحماية لألسرة علما أن أغلب المذاهب الفقهية األربعة وفي
طليعتهما المذهب ا لمالكي تجيز الوكالة في الطالق ومدونة األسرة تحيل عليه في المادة 400في
كل ما لم ينص عليه فيها وعلى االجتهاد.
فقد جاء في مواهب الجليل أن الطالق نوعين :طالق يمارس الزوج بنفسه وطالق يفوضه
إلى غيره 1والتفويض ثالثة أقسام :توكيل وتمليك وتخيير .2
والتوكيل هو أن يقيم الزوج شخصا آخر غيره مقام نفسه في تطليق زوجته وهو ال يكون
عادة إال للغير ،وإن كان المذهـب المالكي يسمح به للزوجة على اعتبـار أن التوكيل لدى هذا الفقـه
جزء ال يتجزأ من التفويض .3
وعليه يمكن للرجل أن يجعل إلى المرأة طالقها وذلك من وجهين توكيل وتمليك 4فقد جاء
في كتاب كشف القناع على متن اإلقناع إلى أنه " :يصح التوكيل في طالق ورجعة و حوالة...
وصلح وهبة وصدقة ووصية ...وال يصح التوكيل في شيء من بيع أو عتق أو طالق أو
صلح...إال ممن يصح تصرفه فيه بنفسه فإنه أولى " 5فالوكالة إذن جائزة الن الحاجة داعية إلى
ذلك فال يمكن لكل أحد فعل ما يحتاج إليه بنفسه .6وهذا ما أكده أيضا العالمة عالء الدين أبي بكر
- 1أبو عبد هللا محمد الرعيني الحطاب ،كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل الجزء الرابع ،مطبعة السعادة الطبعة األولى
1329ص 90
- 2اإلمام محمد أبو زهرة ،األحوال الشخصية ،دار الفكر العربي ،طبعة 1957ص 325
- 3محمد كشبور ،الوسيط في قانون األحوال الشخصية ،المرجع السابق.ص 378
- 4أبي عبد محمد بن يوسف بن أبي القاسم العيدري الشهير بالمواق ،التاج واإلكليل لشرح مختصر خليل ،المجلد الرابع ،دار
المعرفة ،ص 92
- 5إدريس البهوتي ،المرجع السابق ،ص 462
- 6موفق الدين ابن قدامة وشمس الدين ابن قدامة المقدسي ،المغني والشرح الكبير ،الجزء الخامس ،دار الكتاب العربي
ص 202وأيضا إدريس البهوتي ،المرجع السابق ،ص 463
www.sajplus.com 32
بن مسعود الكساني 1فالتصرف بطريق الوكالة تدعو إليه الحاجة و المصلحة و يأمر به الشرع
والقانون و العقل.2
من هنا يتبين أن أغلب علماء الفقه اإلسالمي يجيزون الوكالة في الطالق والصلح لذلك فقد
عمل بعض الفقهاء المغاربة عن تفنيد حجج ومؤيدات أصحاب االتجاه األول المنادين بعدم
مشروعية الوكالة في الصلح بين الزوجين .فقد اعتبروا أن القول بكون إجراء الصلح مسألة
شخصية ال ينبغي أن يطلع عليها الوكيل ،ال يرقى سببا لرفض الوكالة فجل القضايا التي تثار
بشأنها نزاعات بين الزوجين هي شخصية محضة ومع ذلك يجوز مباشرتها عن طريق الوكالة.
والقول بإمكانية االستغن اء عن إجراء الصلح لمجرد كونه يقتضي تنازالت ،فالصلح نفسه مما
يقبل إجراؤ ه عن طريق الوكالة وحضور نائبين عن الزوجين إلجراء الصلح أفضل بكثير من
االستغناء نهائيا عنه ألن إجراء هذه المحاول ة كما قد تؤدي إلى فشل الصلح فقد تؤدي إلى نجاحه
وبالتالي يبقى احتمال حصول التصالح قائما بخالف لو تم االستغناء عنه فاألمل في ذلك لن
ينقطع .3
ونظرا لما للطالق من خصوصية فنتيجتها هي انحالل الرابطة الزوجية ،فإن يكون من
األفضل أن يأخذ القاضي بعذر المتخلف عن الحضور ،خصوصا إذا كان العذر شرعيا ومقبوال
كقطع الطرقات بسبب الفيضانات أو اإليقاف بالسجن 4أو كون أحد الزوجين يتعذر عليه الدخول
إلى أرض الوطن ألنه في وضعية غير قانونية ببالد المهجر ،5بل حتى ولو كان في وضعية
قانونية فإنه ي صعب عليه حضور كل جلسات الصلح نظرا لطول المدة التي ستنظر خالل هذه
الجلسات – حالة وجود أبناء – وإال سيكون على المتخلف عن الحضور مجبرا على المجيء في
مختلف المواعيد التي يعينها قاضي األسرة لجلسات التصالح وهو ما من شانه أن يرهق كاهله
ماديا.6
- 1تجوز الوكالة في الوكالة في النكاح والخلع والصلح...وتجوز في الطالق والعتاق واإلجارة .ألن الحقوق يتوالها المرء بنفسه
فيملك توليتها غيره .عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكساني ،بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ،الجزء السادس ،دار كتاب العرب
– الطبعة الثانية 1974ص 23
-2كمال صالح البنا ،المشكالت العملية في دعاوي الطالق و الفسخ و الخلع للمسلمين و غير المسلمين ،عالم الكتاب ،ص 179
- 3عبد هللا روحمات ،الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي ،المرجع السابق ،ص 118
- 4ساسي بن حليمة ،المحاولة الصلحية على معنى الفصل ،32المرجع السابق ،ص 25
- 5زهر الحر ،هناك عراقيل في مدونة األسرة ذات طابع تقني قانوني ،المستقل ع 15من 5إلى 11مارس 2005ص 8
- 6ساسي بن حليمة ،دور قاضي األسرة في قضايا األسرة ،المرجع السابق ،ص 28
www.sajplus.com 33
يضاف إلى ما سبق أن عدم قبول بالوكالة فيه إقصاء ألهم مؤسسة مكونة ألسرة القضاء
في مدونة األسرة وهي مؤسسة المحاماة وبالتالي إهدار كبير لحقوق المواطنين خاصة المهاجرين
منهم .لذا ينبغي التعامل بالوكالة في الطالق قياسا على الوكالة في الزواج 1خصوصا وأن م ح ش
قد أجازت الوكالة في الطالق في الفصل 44الذي ينص على أن الطالق هو حل عقد النكاح
بواسطة الزوج أو وكيله أو من فوضه له في ذلك"....
فهذا النص يدل صراحة على جواز الوكالة في الطالق والصلح هو احد أهم إجراءاته .لكن
صياغة الفصل 48من م.ح.ش تفيد " ال يسجل الطالق إال بحضور الطرفين وبعد إذن القاضي "
ففي هذا الفصل لم يحدد المشرع المقصود بالطرفين هل هما الزوج والزوجة أم غيرهما مما يملك
وكالة عنهما أو عن أحدهما ؟ فالفصل 48لم يستلزم الحضور الشخصي للزوجين بصورة
صريحة مما يثير التساؤل حول إمكانية اإلنابة في إجراء الصلح ،وتطرح المشكلة بشدة بالنسبة
للوكالة من جانب الزوج الملزم بدفع مصاريف الطالق .2
كما أن الفصل 56من م.ح.ش لم يشر إلى ضرورة الحضور الشخصي للزوجين أثناء
جلسة الصلح ،وإنما اقتصر على إلزام القاضي بضرورة إصالح ذات البين بين الزوجين كلما
ادعت الزوجة على زوجها أنه يضربها وتبث ادعاؤها مما يبقى معه األمر خاضعا للقواعد العامة
المتعلقة بعقدي الوكالة والصلح.
ونفس الشيء يقـال عن الفصل 212من ق.م.م الذي بدوره لم يوضح اإلجراءات
المسطرية الواجب إتباعها بشأن إجـراء الصلح ولم يتطـرق إلى إمكانية توكيل األطراف أو عدم
إمكانية ذلك لحضور جلسة التصالح .3
لكن ي مكن القول أن اإلشكال المتعلق بمدى صحة الوكالة في الصلح بين الزوجين وما
صاحبه من مناقشات فقهية وتطبيقات قضائية غير موحدة في ظل سريان م ح ش سببه هو
الفصل 180من ق.م.م الذي يبدو صريحا في إمكانية اللجوء إلى الوكالة في الجلسة األولى ،وهذه
األخيرة مخصصة للصلح بين الزوجين .ولكن رغم تعديل المشرع لفصول قانون المسطرة المدنية
- 1عبد النور اضبيب ،صعوبات تعترض تطبيق مدونة األسرة ،جريدة العلم ،عدد 20039الخميس 7أبريل 2005ص6
- 2إدريس الفاخوري ،المركز القانوني للمرأة المغربية ،مطبعة الجسور وجدة ،طبعة 2002ص 139
- 3عبد هللا روحمات ،الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي ،المرجع السابق ص 115وهي مقتضيات لم
يعد لها وجود بعد دخول مدونة األسرة حيز الوجود.
www.sajplus.com 34
التي لها عالقة بمدونة األسرة (خصوصا الفصول 212- 179من ق م م ) فإن مشكل الوكالة ظل
قائما لعدم حسم المشرع فيه بنصوص صريحة .خصوصا وأن الفصل 180من ق م م مازال
ينص على ضرورة حضور الزوجين للجلسة األولى إما شخصيا أو بواسطة ممثلهم القانوني .
وكما هو معلوم فإن الجلسة األولى مخصصة للصلح بين الزوجين ومن تم فهدا الفصل
يخول للطرفين إمكانية اللجوء إلى الوكالة في حالة تعذر أحدهما الحضور لجلسة الصلح .وهو
أيضا ما تسير في اتجاهه مدونة األحوال الشخصية إذ أجازت الوكالة في الطالق بنصوص
صريحة. 1
وإذا كانت م ح ش و م م يجيزان الوكالة ،فإن مدونة األسرة قد تضمنت مقتضيات مخالفة
إذ جعلت الطالق حق للزوج والزوجة 2فقط ولم تذكر الوكيل .لكن بتأمل المادتين 81و 82من
مدونة األسرة يتضح أن المشرع لم يحسم في الوكالة بصفة قطعية ولم يعط حال قاطعا بالنسبة
للعمل بها وهل تقبل بصفة مطلقة بالنسبة لجميع جلسات الصلح الخاصة بالطالق أو التطليق ،أم
أن األخذ بها وتقدير تعذر حضور الزوجين يبقى من اختصاص القاضي ؟ .3
وقد اكتفت مدونة األسرة بالنص على ضرورة توصل الزوجين شخصيا باستدعاء
الحضور ،كما أن المادة 82من ق.أ تنص " عند حضور الطرفين "...ومعلوم أن هذه العبارة غير
دقيقة فهي تشمل الزوج والزوجة وتشمل أيضا الوكيل عنهما.
وإذا كان المشرع المغربي لم يتخذ موقفا محددا في مسألة قبول الوكالة من عدمه في إجراء
الصلح ،فإن هناك بعض التشريعات العربية التي تبنت موقفا محددا للمشرع التونسي الذي نص
على عدم جواز الوكالة في الصلح بين الزوجين ألن الصلح يتعلق بذاتهما وغير قابل لإلنابة 4،في
حين نجد المشرع المصري اتخذ موقفا مغايرا إذ أجاز التفويض في الصلح بشرط أن يشتمل
www.sajplus.com 35
توكيل محامي كل من الزوجين على تفويضه في الصلح ويجب على المحكمة أن تطلع على
التوكيل وتتحقق من أن الوكيل مفوض في الصلح .1
وإذا كان الموقف الذي تبناه المشرع المصري يحمل بعض اإليجابيات خاصة إذا كانت
هناك ظروف قاهرة تمنع حضور أحد الزوجين وتجبره على إعمال الوكالة ،فإنه ال يخلو من
بعض السلبيات فمحاولة الصلح قد ال تنتج آثارها ويصيبها الفشل في الكثير من الحاالت بحضور
الزوجين ،فكيف يمكن أن نتصور نجاحها بحضور وكيل أجنبي عن العالقة بين الزوجين مع ما
تحمله هذه العالقة من حميمية وخصوصية 2؟
وخالصة القول أن لكل اتجاه حجج ومبررات يقبلها العقل والمنطق ،خصوصا وأنها
مدعمة بنصوص قانونية ،ومع ذلك فإني ال أتفق مع أصحاب االتجاه األول المنادون بعدم جواز
الوكالة مطلقا في إجراء الصلح ،ألنه في حالة وجود ظروف طارئة ال يبقى أمام الشخص سوى
إعمال الوكالة ،وإال سيكون مصير الجلسة الصلحية هو الفشل لتعذر الحضور .لكني أيضا ال أأيد
االتجاه الثاني بصفة مطلقة وإنما أميل إلى حل وسط بين الرأيين ،وهو عدم قبول الوكالة في
إجراء الصلح فقط بالنسبة لطالب الطالق أو التطليق ألنه هو الذي يريد تحطيم الكيان األسري .لذا
فال ينبغي للقاضي أن يقبل وكالته وإنما يتعين عليه الحضور شخصيا لكي يحاول القاضي إقناعه
ب العدول عن موقفه الرامي إلى فك عش الزوجية .أما المطلوب في الطالق أو التطليق فيمكن
للقاضي قبول وكالته على أن يبحث في الظروف االستثنائية والقاهرة التي حالت بينه وبين
الحضور لجلسات التصالح.
www.sajplus.com 36
المبحث الثاني :دور الق اضي في جلسة التصالح بين الزوجين
لقد أفرد المشرع أهمية خاصة لمسطرة الصلح بين الزوجين حيث حرص على التأكيد على
ضرورة بذ ل القاضي جهدا كبيرا من أجل تقويم مسار العالقة الزوجية إلى شكلها الطبيعي 1وذلك
استناد إلى قوله تعالى " وإن خفتم شق اق بينهما ف ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصالحا
يوفق هللا بينهما إن هللا كان عليما خبيرا " 2ومن ثم ال يجوز للقاضي التصريح بالحكم للتفريق بين
الزوجين طالقا أو تطليقا إال بعد إجراء المحاولة الصلحية فإن عجز عن ذلك حدد للزوج مبلغا
يودعه بكتابة الضبط بالمحكمة ضمانا لحقوق الزوجة واألوالد إن وجدوا.3
وعـليه سأحـاول في هذا المبحث دراسة دور القاضي في جلسة الصلح بين الزوجيـن
وذلك من خالل مطلبين:
- 1يوسف بنباصر ،مدونة األسرة المسار والتطلعات ،قراءة تحليلية وتقويمية في مستجدات قانون مدونة األسرة الجديد رقم 03
– ،70سلسلة بنباصر للدراسات القانونية واألبحاث القضائية ،العدد الثامن ،السنة الثانية ص 37
- 2سورة النساء اآلية 35
- 3ويتجلى دور القاضي أيضا في اختيار الوسيلة المناسبة إلجراء الصلح بعد فشل مبادرته الشخصية فقد يكتفي بتعيين الحكمين
وقد يلجأ إلى االستعانة بمجلس العائلة وكل من يراه أنسب إلجراء الصلح .وسوف لن نتطرق إلى هذا الموضوع في هذا المبحث
على اعتبار أننا سأتولى دراسة ذلك عند الحديث عن دور اآلليات غير القضائية في حماية األسرة.
www.sajplus.com 37
المطلب األول :محاولة اإلصالح بين الزوجين
إن المشرع جعل على عاتق القاضي مهمة التوفيق بين الزوجين قبل التصريح بالحكم فهو
ملزم ببدل كل المجهودات من أجل تحقيق هذا الهدف المنشود " الفقرة األولى" لكن متى يحب
القاضي إجراء الصلح ؟
فالمشرع لم يوضح المرحلة القضائية الواجب إجراء الصلح فيها وما إذا كان واجب أمام
محاكم الموضوع بدرجتيها :المحكمة االبتدائية ومحكمة االستئناف أم أن ذلك مقتصر على
المحكمة االبتدائية " الفقرة الثانية".
الفقرة األولى :مجهودات الق اضي من أجل الصلح
تعتبر مسطرة الصلح من أهم الوسائل التي يلجأ إليها القاضي لبدل مساعيه الحميدة بقصد
التوفيق بين الزوجين 1وهو إجراء جوهري تفتتح به الدعوى 2وهذا يعني أن محاولة الصلح أمر
واجب قبل البث في قضية الطالق أو التطليق .3
فبالنسبة لمسطرة الطالق ينص الفصل 48من م.ح.ش بعد تعديل " 1993ال يسجل
الطالق إال بحضور الطرفين "،في حيـن ينص الفصل 179من ق.م.م على ضرورة إجراء
محاولة الصلح قبل اإلذن بالطالق .كما أن الفـصل 180من ق.م.م يوجب على األطراف
الحضور شخصيا أو بواسطة ممثلهم القانوني لجلسة الصلح.
وهو نفس ما نصت عليه المادة 49من قانون األسرة الجزائري إذ جاء فيها " ال يثبت
الطالق إال بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي " . 4وهو ما أقره الفصل 32الجديد من
مجلة األحوال الشخصية التونسية إذ جاء فيه " :ال يحكم بالطالق إال بعد أن يبدل قاضي األسرة
جهدا في محاولة الصلح بين الزوجين ويعجز عن ذلك " 5وهو أيضا أكده المشرع المصري في
- 1محمد البعدوي ،وضعية الزوجة في األسرة والمجتمع " بني ورياغل نموذجا " ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،جامعة
محمد الخامس ،السنة الجامعية 2001 – 2000ص .55
- 2قرار صادر عن المجلس األعلى عدد 904صادر بتاريخ 1983 – 9 – 19منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 134 – 133
ص 190
- 3قرار تعقيبي مدني عدد 607 – 8مؤرخ في 16نوفمبر 1981أشار إليه محمد الشريف ،المرجع السابق ،ص 100
- 4قانون 84لسنة ،1984عمر بن سعد ،االجتهاد القضائي وفقا ألحكام قانون األسرة ،دار الهدى عين مليلة الجزائر ص 26
- 5مجلة األحوال الشخصية التونسية لسنة 1993
www.sajplus.com 38
المادة 18إذ قيد الحكم بالطالق والتطليق إال بعد أن تبدل المحكمة جهدا في محاولة الصلح بين
الزوجين وتعجز عن ذلك.
وإذا كانت بعض تشريعات الدول العربية قد أجمعت على إسناد محاولة الصلح للقاضي
كوسيلة أولية سعيا منها في التقليل من ظاهرة الطالق لما له من نتائج وخيمة على األسرة
والمجتمع .فإن هناك تباين أو على األقل عدم المالءمة بين القوانين المغربية حول إجبارية القيام
بمحاولة الصلح بين الزوجين قبل إيقاع الطالق ،بحيث توجب المسطرة المدنية ذلك في حين ال
تشير إليه مدونة األحوال الشخصية إذ اقتصرت على استدعاء الزوجين لحضور اإلشهاد
بالطالق .1
وهذا ما دفع بعض الفقهاء إلى القول بأن الطالق في المذهب المالكي يقع بمجرد التلفظ به،
أو كتابته من طرف الزوج أو بإشارته المعلومة 2ومن ثم ال مجال للقيام بأي صلح.
ولعل هذا ما دفع وزارة العدل إلى إصدار بعض المناشير لتوحيد مسطرة الطالق وحث
القضاة على القيام بأكثر من محاولة صلح 3،فقد صدر منشور 5فبراير 4 2002الذي لم يقتصر
على التأكيد على إجراء الصلح قبل اإلذن بالطالق ،ولكنه ذهب بعيدا وألزم العدول باإلشارة إلى
ذلك في عقد الطالق.
ونظرا لكون مدونة األحوال الشخصية لم تكن تنص على مسطـرة الصلح في الطالق ،بل
كان يتم إجراؤها طبقـا للمادة 179من ق.م.م كما أن التطليق ال يفعل فيه إجراء الصلح باستثناء
التطليق للضرر الشيء الذي أدى ارتفاع حاالت الطالق والتطليق مما دفع المشرع إلى إخراج
مسطرة الصلح من نصوص المسطرة المدنية إذ ألغى الفصل 179و 212من ق م م ولم يبقى
إال الفصل 180من ق م م الذي جاء فيه ( إدا أحيلت القضية على المحكمة استدعي حاال إلى
الجلسة.
-1ويعتقد أن ذلـك مجرد سهو وإغفـال من المشرع المغربي ،ألن الهدف من استدعاء الزوجين لجلسة الطالق أمام قاضي
التوثيق ،إصالح ذات البين بينهما وإقناعهما بعدم إتيان أبغض الحالل عند هللا خاصة في حالة وجود أطفال .محمد سالم ،أهمية
الصلح في النظام القضائي المغربي ،الملحق القضائي عدد 35أكتوبر 2002ص 38 – 37و أيضا مجلة المحاكم المغربية عدد
94-93سنة 2002
-2محمد بن معجوز ،أحكام األسرة في الشريعة اإلسالمية وفق م ح ش ،مطبعة النجاح الجديدة ،طبعة 1998ص361
- 3محمد سالم ،المرجع السابق 2002 ،ص 38 – 37
- 4منشور صادر عن وزارة العدل عدد ..007سري بتاريخ 5فبراير 2002
www.sajplus.com 39
يجب على األطراف أن يحضروا في هده الجلسة األولى شخصيا أو بواسطة ممثلهم
القانوني وتجري دائما محاولة التصالح .
إدا تم التصالح ،أصدرت المحكمة حاال حكما يثبت االتفاق وينهي النزاع وينفد بقوة القانون
وال يقبل أي طعن ) .
وإذا كان المشرع قد نسخ وعدل كل المقتضيات المتعلقة بالصلح بين الزوجين الواردة في
ق م م ولم يبقى إال الفصل 180من ق م م فإنه بالمقابل قد حدد في مدونة األسرة إجراءات الصلح
صراحة وبشكل مفصل .وهي تطبق سواء كان طالب الطالق :الزوج أو الزوجة أو هما معا.
وهكذا فقد أكدت المادة 81من مدونة األسرة على أنه عند حضور الزوجين لجلسة الصلح
تجرى المناقشات في غرفة المشورة ،ويقوم القاضي بكل المحاوالت من أجل إنهاء النزاع عن
ويمكنه اتخاذ كافة اإلجراءات التي تساعده على تحقيق هذا المبتغى ،إذ يمكنه 1
طريق الصلح
تأخير القضية إلى جلسة أخرى كلما رأى ضرورة لذلك .إذ ما ال يمكن تحصيله في وقت ما قد
يسهل تحقيقه في وقت آخر .2
وبذلك يكون المشرع قد منح القاضي وسيلة أخرى لنجاح محاولة الصلح وهي تكرار
جلسة التصالح في حالة وجود أطفال إذ أوجبت المادة 81من ق.أ ضرورة إجراء محاولتين
تفصل بينهما مدة ال تقل عن ثالثين يوما ،3وذلك لتهدئة ومراجعة األمر لعل المياه تعود إلى
مجاريها 4فال يصح التسرع في فصم عرى الزوجية التي نظرت إليها الشريعة اإلسالمية نظرة
التكريم والرعاية.
كما منح للقاضي كامل الصالحية في اختيار من يتولى مهمة الصلح دون قيد وشرط بل
وذهبت المدونة إلى أبعد من ذلك فقد سمحت للقاضي االستعانة بكل من يراه مؤهال إلصالح ذات
- 1قرار استثنائي مدني عدد 16683مؤرخ في 1957 / 7 / 16أشار إليه محمد الحبيب الشريف ص .97
- 2م حمد بودالحة ،وضعية المرأة في تقنينات األحوال الشخصية لدول المغرب العربي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الشريعة،
جامعة القرويين – كلية الشريعة فاس.-سايس الجزء الثاني السنة 2000 – 1999ص 528
- 3وقد كان المشرع التونسي سباقا إلى تقرير ذلك في الفصل 32من م.ح.ش " عند وجود ابن قاصر أو أكثر بتكرار الجلسة
الصلحية ثالث مرات على أن تعقد الواحدة منها 30يوما عن سابقتها قل األقل"
- 4محمد األزهر ،مرجع سابق ص 138قانون عدد 74لسنة .1993
www.sajplus.com 40
البين و بإجراء بحث إضافي في حالة اختالف الحكمين حول مضمون التقرير أو عدم إنجازه
داخل األجل المحدد إلصالح ذات البين ،والغاية من ذلك هو إجراء مسطرة صلح حقيقية وفعالة .1
ورغبة من المشرع في المحافظة على تماسك األسرة ،فقد أكد على ضرورة إجراء الصلح
2
حتى في حالة الطالق المملك المادة 89من مدونة األسرة ،وهذا ما أكده قرار المجلس األعلى
في ظل م.ح.ش وكذا حالة اتفاق ا لزوجين على إنهاء الرابطة ويتعلق األمر بالطالق االتفاقي
والطالق بالخلع .فقد نصت المادة 144من مدونة األسرة ما مضمونه على أنه اتفاق الزوجين
على مبدأ إنهاء الرابطة الزوجية يقدم الطرفان أو أحدهما بطلب التطليق للمحكمة وتحاول هذه
األخيرة اإلصالح بينهما ما أمكن ،كما أوجبت المادة 120من مدونة األسرة على المحكمة
ضرورة إجراء الصلح بين الزوجين بعد اتفاقهما على مبدأ الخلع واختالفهما في المقابل .وقد
أحسن المشرع بإسناده محاولة الصلح للقاضي كوسيلة أولى لما له من سلطة معنوية سيؤثر بها ال
الرامي إلى إنهاء الرابطة 3
محالة على الزوجين وخاصة على المدعي لكي يرجع عن موقفه
الزوجية.
وإيمانا من المشرع المغربي بأهمية الصلح ودوره في حماية األسرة فإنه لم ينص على
ضرورة إجراء الصلح في حالة الطالق فقط ،وإنما أكد إلزامية القيام به حتى في دعاوى التطليق.
لقد كانت مدونة األحوال الشخصية تنص في الفصل 56على أنه يجب على القاضي أن يحكم
بتطليق الزوجة من زوجها بعد عجزه عن اإلصالح بينهما ".
وقد تولت المسطرة المدنية مهمة بيان اإلجراءات المسطرية الخاصة بالصلح فقد نص
الفصل 212من ق.م.م على ما يلي " يستدعي القاضي بعد تقييد الزوجين قصد محاولة الصلح
بينهما ".
- 1محمد فريشا دو ،دور الصلح والوساطة في القضايا األسرية من خالل المدونة ،تقرير عام عن أعمال الدورة التكوينية
المنظمة لفائدة المعهد العالي للقضاء المرجع السابق .
- 2فقد أكد على ضرورة إجراء الصلح رغم أن الزوج كان قد التزم سابقا بجعل الطالق بيد الزوجة وقد علق الدكتور أحمد
الخمليشي على هذا القرار وأكد أن مسطرة الصلح غير واجبة في هذه الحالة وان المحكمة ال تملك غير اإلعالن عن الطالق
استجابة لرغبة الزوجة ،قرار رقم 1039بتاريخ 1988- 9- 13ملف رقم ، 86- 6410مجلة القضاء والقانون 1 31ص
115وقد أشار إليه أيضا ادريس بلمحجوب ،المرجع السابق ،ص . 42
- 3محمد بودالحة ،المرجع السابق ص 527
www.sajplus.com 41
ويتضح أن مسطرة الصلح تجري في جميع الدعاوي التي تتقدم بها الزوجة إلنهاء الرابطة
الزوجية سواء تعلق األمر بالتطليق للضرر أو العيب أو الغيبة أو عدم اإلنفاق أو الهجر .1
إال أن الناظر في العمل القضائي يجده ال يعمل بإجراء الصلح المنصوص عليه في الفصل
212ق.م.م إال في حالة واحدة وهي التطليق للضرر وهو ما قرره المجلس األعلى إذ اعتبر الحكم
بالسجن على الزوج يبرر التطليق للغيبة و هذه األخيرة من الدعاوي التي ال حاجة إلجراء محاولة
الصلح فيها .2كما أكد في قرار آخر انه ال مجال للصلح إذا كانت دعوى التطليق مؤسسة على
العيب 3ب ل نجد القضاء المغربي ذهب ابعد من ذلك حين حكم بتطليق الزوجة لدخول الزوج في
حالة غيبوبة نتيجة حادثة سير و دون إجراء أي محاولة صلح لتعذر ذلك . 4
وقد انتقذ موقف المجلس األعلى بشدة واعتبره البعض اجتهاد في غير محله ،مؤيدين
موقفهم بمجموعة من الحجج الموافقة لمقاصد الشريعة اإلسالمية والمطابقة لروح النصوص
5
القانونية .
ولعل ما جعل القضاء يتبنى هذا الموقف هو ما نهجه المشرع المغربي من التنصيص
صراحة على إجراء الصلح في قضايا التطليق للضرر دون اإلشارة له في حاالت التطليق
األخرى ،حيث جاء في الفصل 56من م.ح.ش " إذا ادعت الزوجة على زوجها أضراره بها بأي
www.sajplus.com 42
نوع من أنواع الضرر الذي ال يستطاع دوام العشرة بين أمثالها وتبث ما ادعته وعجز القاضي
عن اإلصالح بينهما طلقها عليه " وهو نفس ما أكده المجلس األعلى في إحدى قراراته.1
لكن بقراءة هذا الفصل قراءة متأنية واستحضار الضرر الحاصل في كل األسباب التي
حملها المشرع موجبة للتطليق يتبين أنه ليس في هذا الفصل (أي )56ما يتمسك به القضاء أو
يزكي موقفه في حصره إلجراء الصلح في حالة التطليق للضرر فقط.
لقد كان على المشرع المغربي أن ينص على ضرورة إجراء الصلح في كل صور إنهاء
الرابطة الزوجية ،وأن يوضح إجراءات التصالح بكيفية دقيقة ومفصلة وأن يخرج النصوص
المتعلقة بالصلح من قانون المسطرة المدنية مع تحديد كل اإلجراءات المتعلقة بمسطرة الصلح
نظرا ألهمية الصلح ودوره في لم شتات األسرة والمحافظة على تماسكها واستمراريتها وهذا ما
فعله المشرع المغربي إذ عمل على إلغاء -الفصلين 179والفقرات من 2إلى 6من ق م م-
وتعديل مقتضيات قانون المسطرة المدنية لتتماشى مع أحكام مدونة األسرة وأكد على أهمية
إجراء الصلح في كل دعاوي التطليق المؤسسة على أحد األسباب المنصوص عليها في المادة 98
من مدونة األسرة ،فالقاضي ملزم ببدل كل المجهودات للتوفيق بين الزوجين والحيلولة ما أمكن
دون تصدع العائلة .2
فبمجرد توصل المحكمة بطلب التطليق تقوم بكل المحاوالت إلصالح ذات البين ،وذلك
طبقا ألحكام المادة 82من قانون األسرة وإن كان المشرع قد اقتصر في هذه المادة على ذكر
الجهات المرصدة للصلح دون بيان كيفية قيامها بالمهام الموكولة إليها ،لكن عند صياغة المواد
المتعلقة بمسطرة الشقاق بين المشرع المغربي في المادتين 95و 96من مدونة األسرة مهمة
الحكمين ومجلس العائلة وكل من أوكل إليه القاضي مهمة اإلصالح والتي تتجلى في ضرورة بذل
الجهد من أجل استقصاء أسباب الخالف بين الزوجين من أجل إنهاء النزاع عن طريق الصلح .
وعليه فإن دور القاضي في مسطرة الصلح سواء في دعاوي الطالق أو التطليق يتجلى في
ضرورة التوفيق بين الزوجين بكيفية جدية وفعلية ،ال أن يكون إجراء الصلح عبارة عن إجراء
- 1التطليق للضرر ال يقع إال إذا عجز القاضي عن اإلصالح بين الزوجين – قرار عدد 67صادر بتاريخ 1968 – 1 – 1
منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد 3ص 73
- 2قرار المجلس األعلى عدد 50صادر بتاريخ 1976 – 1 – 14منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد 24ص 43وقد
أشار إليه عبد المجيد غميجة في أطروحته ص 199
www.sajplus.com 43
روتيني فحسب . 1أو مجرد محاولة شكلية ورمزية ألن إجراءات التصالح تدخل في دائرة النظام
العام 2،وقد أكد ذلك المجلس األعلى في إحدى قراراته .3كما اعتبر أن التغاضي عن هذا اإلجراء
يمس بحقوق الدفاع ،مما يبـرر الطعن بالنقض طبقا للفصل 359من قانون المسطرة المدنية 4كما
أكد في قرار آخر أن عدم إجراء مسطرة الصلح يعد خرقا للفصل 212من ق.م .م يوجب نقض
الحكم .5
و تجدر اإلشارة أن المشرع المغربي لم يبين للقاضي طريقة إجراء الصلح بين الزوجين
مع العلم أن هناك طريقتين:
الطريقة األولى تمكن القاضي من االستماع إلى كل زوج بمفرده في جلسة معينة ثم
يخصص لهما جلسة أخرى لالستماع لهما معا.
الطريقة الثانية :توجب على القاضي االستماع إلى الزوجين معا في جلسة واحدة.
و أمام عدم تحديد المشرع لكيفية إجراء الصلح بين الزوجين فإن دلك يبقى خاضعا للسلطة
التقديرية للقاضي في نهج و سلوك أي من الطريقتين التي يراها مالئمة و تتناسب مع ظروف
ومالبسات كل قضية على حدة.
و على عكس القانون المغربي نجد القانون الفرنسي رقم 76 / 617بتاريخ 11يوليوز
1975قد جمع بين الطريقتين في الفصل ،252إذ جاء فيه " عندما يحاول القاضي الصلح بين
الزوجين ،عليه أن يستمع إلى كليهما كل على حدة ،قبل إجراء مقابلة بينهما معا بحضوره " .6
www.sajplus.com 44
لكن ال يجب على القاضي أن يقتصر على مجرد سؤال المدعي عما إذا كان مصرا على
طلب الطالق أو التطليق ،وبسؤاله المدعي عليه عما إذا كان موافقا عليه وبتسجيل جواب هذا
وذاك ،ألن األمر يتعلق بمشكل اجتماعي يهم األسرة كاملة باعتبار أن الحكم الذي سيصدر ،تكون
له انعكاسات على مصير كل أفراد األسرة ،إذ بذلك الحكم ستتدعم أواصرها أو تنفصم ،وقد تستمر
وتتعزز روابطها أو تنحل وتتفكك .1لكن هذا ال يعني أنه يجب على القاضي أن يتصبب عرقه
ويجف ريقه وتظهر عليه عالمات اإلرهاق وهو يخاطب أحاسيس كل من الزوجين ،ويطلب منهما
أن يتراجعا عن موقفهما 2،وإنما فقط يجب عليه أن يبدل قصارى جهده في إصالح ذات البين عن
طريق القيام بجميع المحاوالت الحبية والمبادرات الودية الهادفة إلى تسليط الضوء على مكامن
الخلل في العالقة الزوجية 3،وإظهار العواقب الوخيمة المرتقبة وأن يكون مقنعا بذلك وليس فقط
من أجل تبرير هذا اإلجراء مع الوقوف على األسباب الحقيقية والظروف والمالبسات المحيطة
بها - 4ألن المدعي غالبا ما يحاول إقناع القاضي بأسباب يرى أنها خطيرة جدا – لكي يتسنى
للقاضي إقناع الزوجين بأهمية الصلح ودوره في حماية األسرة من مخاطر الطالق والتطليق
5
وحملهما على تنازالت متبادلة وصوال إلى حل يحظى بقبول الطرفين،
كل ذلك من أجل لم شتات األسرة ورأب الصدع القائم في العالقة الزوجية وبالتالي عودة
الحياة بين الزوجين إلى ما كانت عليه من نقاء وسكينة وحسن معاشرة 6فالصلح يساهم في تحقيق
عنصرين هامين أولهما مادي ويتجلى في العودة إلى الحياة المشتركة وثانيهما معنوي ويتجلى في
الرغبة في نسيان األخطاء المرتكبة .7وهو بذلك يجنب كل أفراد األسرة التفكك و االنحالل كما
www.sajplus.com 45
يساعد األسرة بأكملها على التماسك و الترابط فيما بينهما إذ بفضله تستأصل كافة الخصومة
وتؤلف القلوب المتنافرة.1
غير أن مهمة اإلصالح التي يقوم بها القاضي بما تختزله من دالالت رمزية وأهداف
سامية فهي ال تخلو في نهاية المطاف من أحد األمرين :فإما أن يكون النجاح والفالح حليفهما في
تحقيق الغاية المتوخى منها ،فيتم اإلصالح بين الزوجين ويحرر على الفور محضرا بشأنه،
يكتسب قوته الثبوتية ومصداقيته القانونية من اإلشهاد القضائي للمحكمة على فحواه ،بعد تحرير
مضمونه في تقرير من ثالث نسخ تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة منه ،وتحفظ نظيرتها الثالثة
بالملف المخصص لها 2،وإما أن تخفق محاولة الصلح في تحقيق المبتغى المنتظر منها وآنذاك
يتعين على القاضي تحديد مبلغا ماليا للزوج يودعه بكتابة ضبط المحكمة لتسديد واجبات الزوجة
واألوالد م 83من مدونة األسرة .
وأخيـرا يمكن القول أنه ليس المهم هو إجراء محاولة الصلح وفقـا لبنود مدونة األسرة
وإنما المهم هو تفعيل هذا الصلح من قبل قضاء لديه من المؤهالت والخبرات والوسائل ما يساعده
على تفعيل الصلح .3وبالتالي ا الستجابة لنداء المشرع الداعي إلى ضرورة المحافظة على التماسك
والترابط العائلي وتحقيق رغبته األكيدة في تجنب شبح التفكك األسري والتي تتجلى في إشارته
إلى الصلح في العديد من مقتضيات مدونة األسرة ،حيث ربط كل صور إنهاء الرابطة الزوجية –
باستثناء التطليق للغيبة – بضرورة إجراء محاولة الصلح لكنه مع ذلـك لم يبين للقاضي المرحلة
القضائية الواجب إجراء الصلح فيها ،وما إذا كان من حـق محكمة االستئناف إجراء جلسة
التصالح أم أن الصلح من اختصاص المحكمة االبتدائية فقط ؟
الفقرة الثانية :مرحلة إجراء الصلح
لقد أدى عدم تحديد مرحلة إجراء الصلح بين الزوجين إلى نوع من االضطراب في
األحكام الصادرة عن المحاكم المغربية .و على مستوى التنظير فقد ذهب بعض رجال الفكر
-1الطاهر كركري ،الصلح بين أفراد األسرة –دراسة فقهية قانونية اجتماعية -أطروحة لنيل الدكتوراه جامعة القرويين كلية
الشريعة فاس سايس السنة الجامعية 2001-2000ص 359
- 2يوسف بنباصر ،المرجع السابق ص 36
- 3إدريس الفاخوري ،الحماية القضائية لحقوق الزوجة المطلقة في مدونة األسرة ،االتحاد االشتراكي عدد 7466األربعاء 21
يناير 2004ص 5
www.sajplus.com 46
القانوني و الفقهي إلى عدم جدوى إمكانية اللجوء إلى الصلح ،بعد إصدار الحكم في المرحلة
االبتدائية و بالتالي فإن مرحلة إجراء الصلح تنتهي بانتهاء المحاولة أمام المحكمة االبتدائية خاصة
و أن أسرار الزوجين قد انكشفت ،و عرضت بشكل يجعل من الصعب على الزوجين التصالح
والعدول عن متابعة الدعوى.1
في حين ذهب البعض اآلخر إلى كون المرحلة القضائية الواجب إجراء الصلح فيها ال تنحصر في
مرحلة عرض القضية أمام المحكمة االبتدائية فقط ،و إنما يبقى باب الصلح مفتوحا مهما كان
2
الطور الذي وصلت إليه القضية.
ويرجع سبب االختالف في وجهات النظر حول مرحلة إجراء الصلح ،و ما صاحبه من
مناقشات فقهية و تطبيقات قضائية غير موحدة هو عدم وجود نص قانوني صريح يحدد المرحلة
القضائية الواجب قيام الصلح فيها ،خصوصا و أن الفصل 213من .ق .م .م الذي كان بإمكانه
التنصيص على ذلك و هو بصدد الحديث عن هذه الدعوى أمام محكمة االستئناف جاء خاليا من
أية إشارة تشعر بإمكانية إقامة محاولة الصلح من جديد أمام محكمة االستئناف .كما أن مدونة
األسرة لم تعمل على تحديد مرحلة إجراء الصلح .وقد أدى عدم التنصيص على ذلك إلى ضياع
هذه اإلمكانية ،مما ترك القضاء متناقضا في أحكامه.3
و ما زاد من تعميق بؤرة االختالف في وجهات النظر بين الفقهاء هو وجود نصوص
قانونية متناقضة أو على األقل غير منسجمة و غير متطابقة مع بعضها في قانون المسطرة المدنية
و يتعلق األمر بالفصلين 180و. 212
فالفصل 180من ق .م .م ينص على ما يلي ":إذا أحيلت القضية على القاضي استدعي
حاال األطراف إلى الجلسة .يجب على األطراف أن يحضروا في هذه الجلسة األولى شخصيا أو
بواسطة ممثلهم القانوني و تجرى دائما محاولة التصالح".
فهذا النص يلزم القاضي باستدعاء األطراف حاال دون تماطل أو تأخير ،و على األطراف
الحضور شخصيا أو بواسطة ممثلهم القانوني للجلسة األولى ،و كما هو معلوم فان هذه األخيرة
www.sajplus.com 47
مخصصة للتصالح بين الزوجين .و يسجل لهذه النص ميزة أساسية و هو كونه ينص على أن
محاولة التصالح تجري دائما في جميع مراحل الدعوى ،ويتجلى ذلك من خالل عبارة "تجري
دائما محاولة التصالح " فهي عبارة بالغة األهمية وأهميتها تكمن في كونها تزيل اإلشكال القائم
فقها و قضاء ،حول متى تجرى هذه المحاولة .إذ تدل على جريان التصالح بكيفية دائمة
ومستمرة.1
في حين نجد الفصل 212ينص على ما يلي " ...إذا فشلت المحاولة أو بعد استدعائين
وتخلف الزوجين أو أحدهما عن الحضور أصدر القاضي أمر بعدم و إذن للمدعي بمواصلة
الدعوى".2
فهذا النص يقرر أمرا مهما و هو عدم اللجوء إلى محاولة الصلح بين الزوجين بعد فشل
المحاولة األولى التي يقوم بها القاضي عند رفع الدعوى لدى المحكمة االبتدائية ،أو إذا تخلف
الزوجان أو أحدهما عن الحضور حيث يؤدن للمدعي بمواصلة الدعوى ،وتغلق أبواب كل محاولة
تهدف إلى الصلح بمقتضى األمر القضائي الذي يبقى ساري المفعول إلى أن يتم البث بصفة نهائية
في هذه الدعوى .وكل محاولة تسعى لإلصالح بين الزوجين أمرا ممنوعا متعارضا مع أمر
القاضي و قراراته التي تنفذ ،وهو أمر مخالف لروح الشريعة اإلسالمية ومقاصدها . 3
ومن هنا يتجلى بوضوح مدى تناقض الفصلين 180و 212من ق م م إذ نجد الفصل 180
يجعل إمكانية التوفيق بين الزوجين مفتوحة في سائر مراحل الدعوى .بينما الفصل 212يسد باب
التصالح و يمنع كل محاولة صلح تهدف إلى حماية األسرة من آفة الطالق و التطليق .إذ يقرر عدم
إمكانية اللجوء إلى مسطرة الصلح بعد إصدار القاضي أمر عدم التصالح بين الزوجين.
ولعل هدا ما جعل المشرع يعمل على نسخ وتعديل فصول ق م م إذ ألغى الفصل 212من
ق م م ولم يبقى إال الفصل 180من ق م م وبدلك يكون المشرع قد تالفى دلك التعارض الذي كان
سائدا بين الفصلين 180و 212من ق م م قبل التعديل .
www.sajplus.com 48
وقد كان لهذا الموقف الذي اتخذه المشرع المغربي قبل تعديل نصوص ق م م والمتسم
بالتسرع في تصفية العالقات الزوجية ،والميال إلى فصم عرى الزوجية التي يجب المحافظة
عليها وصيانتها ،بالغ األثر في تشبث البعض بعدم جدوى إجراء مسطرة الصلح أمام محكمة
االستئناف ،و يتجلى ذلك من خالل انتقاد بعض القرارات الصادرة عن المجلس األعلى و التي
تذهب إلى ضرورة إجراء محاولة الصلح أمام محاكم لالستئناف.
فقد نقض المجلس األعلى الحكم اإلستئنافي الذي لم يقم قضاته بمحكمة االستئناف بمحاولة
الصلح بين الزوجين في دعوى التطليق للضرر ،1حيث اعتبر المجلس بأن ":المحكمة عندما
أبطلت الحكم االبتدائي و حكمت بالتطليق بين الطرفين من غير أن تشرع في حكمها إلى تطبيق
2
الفصل 56من م.ح.ش.مخالفة بذلك التشريع الداخلي للبالد".
و قد انتقد هذا القرار من طرف األستاذ أحمد الخمليشي الذي اعتبر أن اجتهاد المجلس
األعلى ال يتفق مع الفصل 56من م.ح.ش و ال المادة 212من.ق.م.م مؤكدا أن الصلح مأمور به
قبل المرافعات و تفاديا لهذه المرافعات التي تزيد في تعقيد عالقات الزوجين.
أما إذا فشل الصلح في البداية وواصل الطرفان إجراءات التقاضي إلى أن صدر الحكم،
فال تب قى فائدة من فرض محاولة المصالحة من جديد على محكمة االستئناف .والمادة 213من
ق.م.م .تقتضي بأنه" يقدم االستئناف إلى محكمة االستئناف ،و ينظر فيه بغرفة المشورة ويصدر
القرار في جلسة علنية" ولم يرد بها ذكر لمحاولة المصالحة وال اإلذن بمتابعة الدعوى. 3
وقد أيد األستاذ محمد الكشبور موقف األستاذ الخمليشي من قرار المجلس األعلى معتبرا
أنه محقا فيما ذهب إليه . 4و إذا كان األستاذ أحمد الخمليشي لم يستسغ ما جاء به قرار المجلس
األعلى واعتبره مخالفا للنصوص القانون" 56من.م.ح.ش.و المادة 212من ق.م.م" معززا رأيه
بكونه المادة 213من ق.م.م.لم تشر إلى إمكانية إجراء الصلح أمام محكمة االستئناف ،فإن
www.sajplus.com 49
األستاذ عبد المجيد غميجة يتفق معه في عدم امتداد إجراء الصلح إلى محكمة االستئناف و إلزامها
به ،لكنه يختلف معه في األدلة التي يستنبط منها ذلك.
فقد أكد أن إعفاء محكمة االستئناف من إجراء الصلح ال يجد سنده في المادة 213من
ق.م.م.التي اعتمدها األستاذ الخمليشي الن هذه المادة تتعلق باستئناف األمر البات في التدابير
الوقتية ،ال الحكم الصادر في جوهر دعوى التطليق.1وأن مبرر عدم اإللزام بإجراء الصلح أمام
محكمة االستئناف يجد مستنده في كون القاضي ال يلزم بإتباع إجراء لم يتم رسمه من طرف قانون
المسطرة المدنية مادام سكوت قانون الشكل يفيد المنع .ثم إن صياغة المادة 212من ق.م.م.في
الفقرة الثانية تفيد أن اإلجراء منوط بالقاضي االبتدائي الذي يباشر المسطرة عقب تقديم الدعوى،
كما أنه ال فائدة من العودة بالقضية إلى مبدئها بعد األمر بمواصلة دعوى التطليق ،ما لم يكن قد
استجد أمر تبدو معه ضرورة تكرار المحاولة تبعا للسلطة التقديرية لمحكمة االستئناف ،فالسعي
للصلح بين الزوجين من مهمات القاضي في كل آن وكلما كان ذلك في اإلمكان ،وكلما استجد ما
يبرره .غير أن ذلك ال يرقى بهذا اإلجراء إلى حد الوجوب أمام محكمة االستئناف بالشكل الذي
يترتب على اإلخالل به ،الحكم ببطالن الحكم اإلستئنافي خاصة إذا استنفذت المحاولة أمام
المحكمة االبتدائية وأصدرت حكمها في الجوهر.2
كما اعتبر البعض أن إ لزام المجلس األعلى لمحكمة االستئناف بضرورة القيام بمحاولة
اإلصالح بين الزوجين ليس إال زيادة في تعقيد اإلجراءات ألن مدونة األحوال الشخصية نفسها لم
تبين إجراءات محاولة الصلح من جهة و لم تحدد المرحلة التي يتعين إجراء أن تتم فيها من ناحية
أخرى.3
و من الحجج أيضا التي اعتمدها أصحاب هذا الرأي لتعزيز موقفهم الرامي إلى عدم إلزام
محكمة اإلستناف بمحاولة الصلح :كون إجراء الصلح من النظام العام و من ثم يجد إثارته قبل أي
-1عبد المجيد غميجة ،مميزات دعوى األحوال الشخصية على ضوء تعديالت ظهير ، 1993-9- 10مجلة القسطاس العدد األول
السنة األولى أكتوير 1997ص 140
-2عبد المجيد غميجة ،موقف المجلس األعلى من ثنائية القانون و الفقه في مساند األحوال الشخصية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
الحقوق ،جامعة محمد الخامس أكدال الرباط السنة الجامعة 2000_1999ص .203
-3محمد البعدوي ،المرجع السابق ،ص .56
www.sajplus.com 50
إجراء و قبل البث في جوهر الدعوى ،و إذا ما شرع في مناقشة القضية و ابتليت السرائر ونشرت
أسرار الزوجين فال داعي لمحاولة الصلح الذي يصبح عسير إن لم يكن مستحيال.1
و هذا الرأي مأخوذ به من طرف القضاء المصري إذ جاء في قرار لمحكمة النقض
المصرية أن عرض محكمة أول درجة للصلح ورفض أحد الزوجين له ،كاف لتحقيق العجز عن
اإلصالح وال محل لعرضه مرة أخرى في االستئناف" 2كما أكدت في قرار آخر أنه ال يلجأ
3
للصلح أمام محكمة االستئناف ما لم يستجد ما يدعو إليه.
و من خالل استقراء أراء أصحاب هذا االتجاه يتضح أن القائلين به يتمسكون بحرفية
النصوص القانونية و عدم تجاوز القاضي لها و إال اعتبر حكمه أو قراره مخالفا للقانون .في
حين نسوا أن األمر يتعلق باألسرة التي هي النواة األولى للمجتمع فبصالحها يصلح المجتمع
وبفسادها يفسد .كما أن مصلحة األطفال تقتضي من القاضي التعامل مع قضايا األحوال الشخصية
بكل مرونة و يسر.
لذلك فقد ساير بعض الفقه اجتهاد المجلس األعلى مؤكدين إلزامية وضرورة إجراء الصلح
في جميع أطوار الدعوى ،آخذين بعين االعتبار مصلحة األسرة بصفة عامة واألطفال بصفة
خاصة خصوصا وأن الصلح بين الزوجين هدف نبيل نصت عليه نصوص القرآن الكريم
وأحاديث سيد المرسلين من أجل إعادة الدفء إلى الحياة الزوجية وإنقاذ أطفال هذا الزواج من
اآلثار الناجمة عن الطالق. 4
فبذ ل المحكمة كل المساعي الحميدة من أجل التوفيق بين الزوجين يجب إعماله سواء أمام
محكمة االبتدائية أو أمام محكمة االستئناف متى ظهر للمحكمة بأن الصلح سيحقق نتيجة إيجابية .5
www.sajplus.com 51
فال يجب إذن أن توصد األبواب في وجه أي محاولة إصالحية أينما كانت و متى وجدت
أمال في عدول الزوجين عن قرارهما وتأكيد رغبتهما في استمرار العالقة الزوجية ،ألن إصالح
ذات البين هو األصل وهو الهدف األسمى الذي يجب لوصول إليه بكافة الطرق المشروعة كما
قال ابن قيم الجوزية :إذا ظهرت أمارات العدل و أسفر وجهه بأي طريق كان فتم شرع هللا 1.لذا
يجب أن يسمو مبدأ التصالح بين الزوجين في أي مرحلة من مراحل الدعوى فوق كل رأي فقهي
أو نص قانوني أو اجتهاد قضائي. 2خصوصا وأن الصلح كفيل بتحقيق الوفاق بين الزوجين
وحماية كل أفراد األسرة من التصدع و التفكك ، 3ألنه يؤدي إلى إزالة الشقاق و إحالل الوفاق
محل الخالف و رفع األحقاد المتغلغلة بين الزوجين و ذلك من أهم مقاصد الشريعة الغراء التي
تسعى إلى إصالح األفراد و الجماعات ،فإذا زالت األحقاد و البغضاء من نفوس الزوجين
4
المتنازعين و أينعت ثمار الوئام في أفئدتهما فإن الكل سيعيش في سعادة و هناء.
و بالرجوع إلى ما جاءت به مدونة األسرة نجدها قد سدت باب التصالح و التوفيق أمام
محكمة االستئناف عندما حسمت األمر بالنسبة للمقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو الخلع أو
الفسخ و اعتبرتها غير قابلة ألي طعن في جزئها القاضي بإنهاء الرابطة الزوجية .و قد نصت
على ذلك في المادة 128من ق م أ " المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو الخلع أو بالفسخ
طبقا ألحكام هذا الكتاب تكون غير قابلة ألي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العالقة الزوجية".
أما بالنسبة للمقررات القضائية الصادرة بالطالق فقد سكت المشرع عن إمكانية الطعن فيها
من عدمه .إذ نص المشرع فقط على المقررات القضائية الخاصة بالتطليق .
وال أعتقد أن سكوته يفيد الداللة على قابلية هذه المقررات للطعن 5ألن ذلك لن يستقيم مع
قواعد و أحكام الشريعة اإلسالمية.
- 1أبي عبد هللا بن قيم الجوزية ،الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ،المؤسسة العربية للطباعة و النشر القاهرة ،ص 14
-2علي منتصر ،المرجع السابق ،ص321
-3عبد السالم حادوش ،إدماج المرأة في التنمية في محك السياسة الشرعية ،مطبعة الطوبوس الطبعة األولى ،أكتوبر 2001ص
3
-4عبد الرحمان بن عبد هللا بن صالح الدباس أحكام الصلح في الشريعة اإلسالمية ،دار النيرين للطباعة و النشر الطبعة األولى
2004 -1424ص 40
-5رغم أن األصل في القرارات التي تصدرها الهيئة القضائية أنها تكون قابلة للطعن طبقا لمقتضيات القواعد العامة إلجراءات
التقاضي و ال تعفي هذه القرارات من هذا اإلجراء إال بنص و هذا ما نص عليه الفصل 134من ق م م المعدل و المتمم بمقتضى
القانون رقم 72 63الذي جاء فيه أن :استعمال الطعن باالستئناف حق في جميع األحوال عدا إذا قرر القانون خالف ذلك.
وبالرجوع إلى نصوص م .أ نجد المواد -87 -83 -82 -81 -74 :المتعلقة بإجراءات الطالق تتضمن عبارة :المحكمة " و هذا
www.sajplus.com 52
و اعتبار المقرر القضائي القاضي بإنهاء الرابطة الزوجية غير قابل للطعن فيه إجحاف
بحقوق المواطنين و ضرب للمبدأ السامي الذي يجعل من التقاضي على درجات ضمانة لتحقيق
خصوصا و أن القضاة بشر يخطئون و يصيبون و سد باب الطعن إجراء غير 1
جوهر العدالة
دستوري.2
و إذا كانت المدونة قد جعلت المقررات القضائية الخاصة بالتطليق و الخلع و الفسخ غير
قابلة للطعن في جزئها القاضي بإنهاء العالقة الزوجية .فإن المشرع الجزائري جعل األحكام
المتعلقة بالطالق و ليس التطليق ال تقبل االستئناف سوى ما تعلق األمر بالجانب المادي منها.
فقد نصت المادة 57من قانون 1984على ما يلي " األحكام بالطالق غير قابلة
لالستئناف ما عادا جوانبها المادية" 3و من ثم ال وجود للمحاولة إال في المرحلة االبتدائية .في حين
نجد القضاء التونسي قد سلك موقفا مغايرا لنظيريه المغربي و الجزائري إذ جعل أمر إعادة
محاولة الصلح أمام محكمة االستئناف موكوال الجتهاد القاضي حسب ما يتراءى له من ظروف
و مالبسات القضية ويتجلى ذلك في العديد من القرارات الصادرة عن محكمة التعقيب التونسية.
فقد ذهبت هذه األخيرة في أحد قراراتها إلى أنه " إذا طلب أحد الخصمين أمام االستئناف
إعادة المحاولة الصلحية فعلى محكمة االستئناف القبول أو الرفض بشرط التعليل عند الرفض وإال
كان حكمها معرض للنقض".4
و في قرار آخر اعتبرت أن" إعادة الجلسة الصلحية اختيارية للمحكمة سواء في الطور االبتدائي
أو االستئنافي.5
يدل على أن إجراءات الطالق تتم من بدايتها إلى حين إصدار اإلذن بالطالق أمام هيئة قضائية ،و هذا يعني أن المقرر القضائي
القاضي باإلشهاد على الطالق يندرج ضمن العمل القضائي و ال يعتبر قرارا والئيا.
-1عبد المالك زعزاع ،اإلجراءات الشكلية في قضاء األسرة ،مدونة األسرة بين تعديل النص القانوني و إصالح الواقع ،مجلة
الفرقان ع 2004 50ص77
-2محمد كشبور ،محاضرة ألقيت على طلبة السلك الثالث السنة الثانية قانون األسرة المغربي و المقارن ،الموسم الجامعي
2004_2005
-3قانون الجزائر 1984
-4قرار تعقيبي مدني عدد 194بتاريخ 1976_06_15أشار إليه محمد الحبيب الشريف ،المرجع السابق ،ص 100
- 5قرار تعقيبي مدني عدده 259مؤرخ في 4مارس 1980أشار إليه محمد ا لحبيب الشريف ،المرجع السابق ،ص.99
وفي قرار آخر اعتبرت محكمة التعقيب بأن "امتناع المحكمة من إعادة محاولة الصلح بين الزوجين داخل نطاق سلطتها التقديرية
المطلقة بشرط التعليل" قرار تعقيبي مدني عدد 2063مؤرخ في 4أبريل 978أشار إليه محمد الحبيب الشريف ،المرجع السابق
ص.99
وفي نفس السياق أكدت أن"الفصل 32من م.ح.ش ال يتضمن صراحة أو داللة على وجوب إعادة المحاولة الصلحية سواء في
الطور االبتدائي أو أالستئنافي وأن إعادة المحاولة تبقى موكولة الجتهاد القاضي"
www.sajplus.com 53
و خالصة القول إني أضم صوتي إلى كل من ينادي بضرورة إبقاء باب الصلح مفتوحا
مهما كانت المرحلة القضائية التي وصلت إليها الدعوى ،مع تخويل القاضي السلطة التقديرية
الواسعة في تقدير إعادة إجراء الصلح من عدمه حسب ما يبدو له من ظروف القضية ولو أدى
األمر به إلى عدم تطبيق قواعد اإلجراءات العادية ،ألن األمر يتعلق بقضايا انحالل الرابطة
الزوجية و هي قضايا من نوع خاص والحكم فيها يتعدى أثره إلى أفراد المجتمع .و إجراء الصلح
في أي مرحلة من مراحل الدعوى ضرورة حتمية تفرضها المصلحة :مصلحة األسرة و المجتمع
و تطبيق شرع هللا المقدم على من سواه خصوصا وأن يجلب النفع لألسرة ويفتح لها المجال إلى
العودة إلى مجراها الطبيعي.
تعكس دعوى انحالل الرابطة الزوجية وضعا اجتماعيا و نفسيا معقدا خاصة بالنسبة
لألطفال ،وهي وضعية تتسم بالتصعيد مع تطاول مسطرة التقاضي ،مما يعرض مصالح الزوجة
واألطفال باألخص إلى الضياع.1
ولذلك عمل المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات العربية على تخويل القاضي-
بعد فشل المساعي الحميدة التي يقوم بها خالل جلسات الصلح _سلطة اتخاذ إجراءات مؤقتة
صيانة لمستحقات الزوجة (الفقرة األولى) واألطفال(الفقرة الثانية) و هي تدابير توضح العناية
لقد كان اإلسالم سباقا لحماية مستحقات الزوجة ،فقد كفل للمرأة كافة حقوقها بعد طالقها،
كما أوجب على الزوج حقوقها و هي زوجة له.1
قرار تعقيبي مدني عدد 7346مؤرخ في 1982_07_20أشار إليه محمد الحبيب الشريف المرجع السابق ص100
فالقضاء التونسي جعل من محاولة الصلح التي يجريها القاضي بين الزوجين أمرا موكوال الجتهاده حسب ما يتراءى له من جدوى
يستشفها مما يصف بالقضية من ظروف ومالبسات.
قرار تعقيبي مدني عدد 5632مؤرخ في 28أبريل 1981أشار إليه محمد الحبيب الشريف ،المرجع السابق ،ص100
-1عبد المجيد غميجة ،موقف المجلس األعلى من ثنائية الفقه والقانون في مسائل .ح.ش.ص203.
www.sajplus.com 54
وقد حدد المشرع المغربي مجموعة من المستحقات الخاصة بالزوجة التي تعين على
القاضي أخذها بعين االعتبار قبل اإلذن بالطالق أو التطليق والتي تشمل كل من كالئ الصداق -إن
وجد -ونفقة العدة والمتعة وتكاليف السكن.
أ -كالئ الصداق.
والصداق المعجل :هو الصداق المسمى هو الذي اتفق عليه عند العقد أو تم تحديده بعد
إبرام ذلك العقد عن طريق اتفاق خاص.
أما الصداق المعجل :ويسمى أيضا المؤخر أو الكالئ فهو الذي اتفق الطرفان على أدائه
بعد الدخول. 2
3
والتأجيل قد يكون إلى أجل معين سلفا .وقد يكون إلى أقرب أحد األجلين(الطالق_الوفاة)
وهذا يعني أن الصداق المؤجل يبقى في ذمة الزوج إلى حين حلول أجل األداء .لذا يكون إلزاما
على القاضي مراعاته كأحد مستحقات الزوجة عند تحديد المبلغ الذي يودعه الزوج بكتابة ضبط
المحكمة قبل اإلذن بالطالق أو التطليق.
نص المادة 212م.ق.م القاضي اتخاذ كل التدابير المؤقتة والتحفظية المتعلقة بصيانة
حقوق الزوجة و األوالد ونفقة الزوجة أثناء العدة هي إحدى أهم هذه التدابير لمالها من طابع
معيشي وقد أكد ذلك المجلس األعلى في أحد قراراته.4
-1مصطفى إسماعيل بغدادي ،حقوق المرأة المسامة في المجتمع اإلسالمي ،المنظمة اإلسالمية للتربية و العلوم الثقافية إيسيسكو
الطبعة األولى طبعة 1991- 1311ص 329
- 2محمد بن معجوز ،المرجع السابق ،ص 118
-3محمد كشبور ،الوسيط في ق.ح.ش ،المرجع السابق ،ص23
-4قرار 12دجنبر 1984منشوربمجلةالقضاء والقانون عدد 128ص 98أشار إليه محمد الكشبور ،الوسيط في ق ح ش،
المرجع السابق ،ص 214
www.sajplus.com 55
لدلك فقد نص المقنن المغربي على ضرورة إلزام القاضي بتقدير نفقة معينة بشكل عاجل
أثناء مرحلة الصلح في انتظار الحسم في الدعوى و يتجلى ذلك من خالل الفصل 59من
م.ح.ش.الذي أكد على ما يلي"...فإذا امتنعت أنزلها القاضي في دار الثقة و يجري الزوج النفقة في
1
مختلف األحوال ".
و قد أكد ذلك أيضا المادة 119من م ح ش في فقرته األولى على أن النفقة " يفصل فيها
بشكل استعجالي» و يراعى في تقدير النفقة وتوابعها دخل الزوج وحال الزوجة و مستوى
األسعار مع اعتبار التوسط .
وهو نفس ما تنص عليه المادة 189من ق م أ إذ جاء فيها * يراعى في تقدير كل دلك ،
التوسط ودخل الملزم بالنفقة وحال مستحقيها ومستوى األسعار واألعراف والعادات السائدة في
الوسط الدي تفرض فيه النفقة*
و عادة ما يتم االستئناس بشهادة دخل الزوج 2الذي يصرح به أو الذي تنسبه له الزوجة أو
الحرفة التي يتعاطاها و التي يقدر القاضي دخلها حسب ما يعرفه من شؤون الحياة 3ريتما ينكشف
له الوضع عن حكم جديد مستجمعا لجميع المعطيات و التي من شأنها تعيين القاضي على تقدير
النفقة و في ذلك ضمان لحقوق المرأة و صيانتها 4و العناصر المشار إليها في المادة 189من ق م
أ إنما هي توجيهات ترمي أساسا إلى توحيد سلطة القاضي في تقدير النفقة.5
كما حددت المادة 191من ق م أ وسائل بتنفيد الحكم بالنفقة على أموال المحكوم عليه أو
اقتطاعها من منبع الريع أو األجر الذي يتقاضاه كما تقرر المحكمة الضمانات الكفيلة باستمرار
أداء النفقة.
و في التشريعات المقارنة نجد مجلة األحوال الشخصية التونسية تنص صراحة على أن
القاضي يتولى تقدير النفقة بناء على ما تجمع به من معطيات عن الحالة المادية للزوج و الزوجة
و عدد األطفال و ما تتطلبه من مصاريف خالل هاته الفقرة و ذلك أثناء الجلسة الصلحية إذ جاء
- 1لكن هده المقتضيات ألغيت لكونها لم تعد تتماشى مع متطلبات العصر .
-2إدريس الفاخوري ،المركز القانوني للمرأة المغربية من خالل م أ ش ،المرجع السابق ،ص .156
-3ساسي بن حليمة ،المحاولة الصلحية على معنى الفصل 32من م أ ش ،المرجع السابق ،ص 43
-4محمد بودالحة ،المرجع السابق ،ص 535
-5محمد كشبور ،أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي و في مدونة األسرة ،سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة 7الطبعة
األولى 2004ص .146
www.sajplus.com 56
في المادة "...32و على قاضي األسرة أن يتخذ و لو بدون طلب جميع القرارات الفورية الخاصة
بسكنى الزوجين و بالنفقة". 1
ج :المتعة
إذا استعصى اإلصالح و التوفيق بين الزوجين و استمرت النزاع بينهما يصبح القاضي
مجبرا على اتخاذ بعض التدابير المؤقتة لصيانة حقوق الزوجة و األطفال و في ذلك حرصا من
المشرع على صيانة العائلة و حفظ حق الطرف الضعيف .2و من أهم ذلك التدابير حق الزوجة في
المتعة.
و المتعة هي عبارة عن مبلغ من المال يبدله الزوج المطلق إلى مطلقته في أحوال معينة 3جبرا
4
لخاطرها و تعويضا لها عما يمكن أن يلحقها من ضرر.
إذا ثبت للقاضي أن الزوج طلق بدون مبرر معقول عليه أن يراعي عند تقدير المتعة ما
يمكن أن يلحق الزوجة من أضرار".
كما أكدت مدونة األسرة على استحقاق الزوجة للمتعة في المادة 84التي جاء فيها
"...والمتعة التي يراعى في تقديرها فترة الزواج و الوضعية المالية للزوج ،و أسباب الطالق
ومدى تعسف الزوج في توقيعه".
و من هنا يظهر بوضوح أن المشرع وضع مجموعة من الضوابط من أجل تقدير واجب
المتعة و هي فترة الزواج و الوضعية المالية للزوج .إذ ال ينبغي أن يكون في المتعة إرهاقا للزوج
5
بتحميله أكثر مما تطبقه إمكانياته لقوله تعالى ":ال يكلف هللا نفسا إال وسعها".
www.sajplus.com 57
و البد من مراعاة أيضا أسباب الطالق والتطليق ومدى الضرر المعنوي الالحق
بالزوجة 1.فإذا كان الطالق تعسفيا و بدون مبرر فإن المتعة تتحول إلى تعويض يجبر الضرر
فالقاضي ملزم بتقصي األمر و معرفة األسباب الحقيقية للفرقة و مدى ثراء الزوج و مساهمة
2
الزوجة في ذلك و غيرها من العناصر التي تساعد على تحديد مبلغ المتعة تحديدا عادال ومنصفا.
و تجدر اإلشارة إلى أن القانون التونسي قد تفرد عن باقي قوانين األحوال الشخصية في
الدول اإلسالمية في تقديره للمتعة .فقد رفع من قيمتها إلى حدود تأمين مستقبل المطلقة ،و قد
استهدفت من وراء ذلك الحد من استفحال ظاهرة الطالق ،نظرا لقدرة األزواج الموسرين على
دفعها بسهولة فنصت المادة 31من مجلة األحوال الشخصية لسنة 1993على إعطاء المطلقة
جراية في حالة الطالق التعسفي و هي جراية عمرية قابلة للمراجعة حسب مستوى المعيش .و قد
3
تشمل السكنى كما يمكن أن تدفع في شكل رأسمال يسدد إليها دفعة واحدة.
قد يتفق الزوجان على استمرار المساكنة أثناء رفع الدعوى خصوصا إذا كان المدعى عليه
يرغب في إقناع المدعي بتغيير رأيه و العدول عن قرار الفرقة .4لكن إذا تعذر عليهما ذلك فإن
القاضي يكون ملزما باتخاذ قرار بشأن سكنى الزوجة طيلة فترة عرض قضية الطالق أو التطليق.
و قد نصت على ذلك المادة 212من ق م.م حينما ألزم المشرع القاضي باتخاذ كل التدابير
المؤقتة الالزمة لحماية حقوق الزوجة ،كما نص الفصل 59من م ح ش على إمكانية ترشيح
الزوج ألحد أقاربه للزوجة لتختار من تقيم عنده في حالة الترافع لدى القاضي وعدم تأتي المساكنة
بينهما وقت جريان الدعوى و إذا لم تختر من بينهم فللزوج أن يختار من بين أقاربها فان أثبت
أنزلها القاضي بدار الثقة على نفقة الزوج في جميع الحاالت.
غير أن هذه اإلجراءات الواردة في هذه الفصول ألغيت ولم تعد قابلة للتطبيق بعد صدور
مدونة األسرة وتعديل قانون المسطرة المدنية .ألنها تخالف نصا قرآنيا قطعي الداللة و هو قوله
-1نادية امزاوير ،المرجع السابق -ابن معجوز ،المرجع السابق ،ص - 312إدريس الفاخوري ،الزواج و الطالق في مدونة
األحوال الشخصية ،مطبعة الجسور ،الطبعة السادسة 1994ص 284
-2خديجة العلمي ،المرجع السابق ،ص135
-3محمد الحبيب الشريف ،المرجع السابق ،ص71
-4ساسي بن حليمة ،المحاولة الصلحية على معنى الفصل 32من م أ ش ،المرجع السابق ،ص 47
www.sajplus.com 58
تعالى " ال تخرجوهن و ال يخرجن إال أن يأتين بف احشة مبينة" .1و هو ما تبناه المشرع الجزائري في
المادة . 2 61
فاألمر الرباني واضح صريح النهي عن خروج المعتدة من بيت الزوجة 3إال عند ارتكاب
فاحشة المفسرة لدى كثير من الفقهاء بجريمة الزنا . 4كما أن مقتضيات الفصل 59لم تعد قابلة
للتطبيق من عدة نواحي العملية و القانونية والمنطقية.
من الناحية العملية فانه في حالة وقوع نزاع بين الزوجين 5فان الزوجة إما أن تظل مالزمة
لبيت الزوجية أو تغادر بيتها الن الدعوى قد تستمر سنوات و من المتعذر على أقارب الزوجة
6
وأقارب الزوج التكفل بإسكان الزوجة طيلة هذه السنوات و هي في خصام مع زوجها.
و من الناحية القانونية فان مؤسسة دار الثقة لم يعد لها وجود مادي حيث سقطت بعدم
االستعمال .7
ومن الناحية المنطقية فان إجراءات المضمنة في الفصل 59تتنافى مع المركز الحالي
. 8
للمرأة المغربية
ولدلك فقد ألغى المشرع هده المقتضيات وعوضها بأحكام تواكب التطور الذي يعرفه
المجتمع ،هدا ما تبنته مدونة األسرة إذا حذفت مؤسسة دار الثقة التي ألغيت عمليا و نبذت
اجتماعيا بسبب تغير واقع المرأة داخل المجتمع و نصت في المادة 121من م أ على أنه " في
حالة عرض النزاع بين الزوجين على القضاء و تعذر المساكنة بينهما للمحكمة أن تتخذ التدابير
المؤقتة التي تراها مناسبة للزوجة و األطفال تلقائيا أو بناء على طلب و ذلك في انتظار صدور
www.sajplus.com 59
الحكم في الموضوع بما في ذلك اختيار السكن مع أحد أقاربها أو أقارب الزوج و تنفذ تلك التدابير
فورا على األصل عن طريق النيابة العامة".
و بذلك تكون مدونة األسرة قد اعتبرت اختيار الزوجة السكن مع أحد أقاربها أو أقارب
الزوج عند وجود نزاع قضائي من التدابير المؤقتة التي تتخذها المحكمة عكس م ح ش التي كانت
تعطي للزوج الصالحية الن يعين بعض أقاربه لكي تختار الزوجة من بينهم من تقيم عنده.
أما إذا فضلت اإلقامة عند أهلها فالزوج هو الذي يختار عند من يجب أن تقيم و هكذا
تنتصر إرادة الزوج و يعمل برأيه و ال تملك الزوجة غير االنصياع لهذا الرأي 1.مع االحتفاظ
للزوجة في فترة عدتها باالستمرار في شغر منزل الزوجية و إن تعذر ذلك فان الزوج يكون ملزما
بتهيء سكن مالئم يتناسب ووضعه المالي 2و إال حددت المحكمة مبلغا يغطي تكاليف سكن
بصندوق المحكمة التي يتواجد بها بيت 3
الزوجة يودعه الزوج ضمن المستحقات م 84م أ
الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب.
أما المشرع الجزائري م( )52قد أعطى للزوجة الحق في السكن إن كانت حاضنة و كان
الزوج متعسفا في طالقه دون أن يوضح إن كان لها الحق في ذلك أثناء سريان الدعوى.
الفقرة الثانية :مستحق ات األطف ال
www.sajplus.com 60
إن الهدف الذي يرمي إليه المشرع ليس فقط حماية حقوق الزوجة فقط وإنها تهدف إلى
صيانة حقوق كافة أفراد األسرة و خاصة منهم األطفال ،ويتضح ذلك بصورة جلية حينما ألزم
المشرع القاضي باتخاذ إجراءات وتدابير فورية مؤقتة لضمان مستحقات األطفال.
فقد نصت المادة 83من مدونة األسرة على أنه "إذا تعذر اإلصالح بين الزوجين حددت
المحكمة مبلغا يودعه الزوج بكتابة ضبط بالمحكمة داخل أجل أقصاه ثالثون يوما ألداء مستحقات
الزوجة و األطفال الملزم بالنفقة عليهم المنصوص عليها في المادتين المواليتين".
وبالرجوع إلى المادة 85من نفس المدونة نجدها تحيل بالنسبة لتحديد مستحقات األطفال
على مقتضيات المادتين 168و 190من ق م أ.
_حق السكن
لقد أعطى المشرع المغربي في مدونة األسرة عناية خاصة لسكنى المحضون وذلك عندما
أفرد لها نصوصا خاصة وأخرجها من مشتمالت النفقة .1
واعتبرها التزام مستقل بذاته 2يقع على عاتق األب الذي يبقى ملزما به إلى صدور حكم
آخر يحل محله أو يسقط حق المحضون في السكنى .وقد نص عن ذلك في المادة 168من ق م أ
ب القول "تعتبر تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة و أجرة الحضانة و غيرها
" .وعليه فإنه يتعين على القاضي أال يخلط بين االلتزام بالنفقة والسكنى وإنما على المحكمة أن
تحدد في حكمها كال منهما باستقالل عن اآلخر .3
و األب بحسب المادة 168من ق م أ مخيربين أن يهيئ ألوالده محل مستقال لسكناهم
يستجيب والظروف التي كانوا عليها قبل الطالق من حيث الوضعية المعيشية و التعليمية .و إما أن
-1وهوما يستفاد ضمنيا من المادة 189من مدونة األسرة التي نصت على ما يلي"تشتمل النفقة الغداء الكسوة العالج وما يعتبر من
الضروريات والتعليم االولى"عكس م.ح.ش التي كانت تعتبر السكنى من النفقة (الفصل 118من.م.ح.ش)
-2محمد كشبور ،أحكام الحضانة،المرجع السابق ،ص153
-3محمد كشبور ،أحكام الحضانة ،المرجع السابق ،ص154
www.sajplus.com 61
يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكراء محل لسكناهم و يتعين على المحكمة أثناء تقديرها لمبلغ
الكراء أن تراعي ظروف الطرفين :مصلحة المحضون و كدا دخل األب الملتزم بالسكن المطالب
بالتزام مبالغ أخرى ( مستحقات الزوجة ،نفقة األطفال و أجرة الحضانة و الرضاع و مقابل
التمدرس).
فال يخرج المحضون من بيت الزوجة إال بعد تنفيذ األب للحكم الخاص بسكنى المحضون
(م )168من ق م أ .
و لعل ما دفع المشرع إلى التنصيص على هذا الحكم هو ما كان يلتجئ إليه األزواج من
طرد مطلقاتهم الحاضنات ألوالدهن من بيت الزوجية مباشرة بعد انتهاء العدة بل و قبل انتهائها
وبذلك يكون المشرع المغربي قد وضع قضاء األسرة أمام مبدأ عام يوحد عمل القضاة بمختلف
محاكم البالد و رفع التناقض و التضارب الذي كانت تعرفه محاكم الموضوع بخصوص سكنى
المطلقة الحاضنة بل و يظهر هذا التباين في مواقف المحكمة الواحدة و حتى المجلس األعلى
الموكول إليه توحيد اجتهاد المحاكم إذ لم يسر في مسألة سكنى الحاضنة على وثيرة واحدة بل
1
تناقضت قراراته حولها مما فسح المجال لالرتباك أمام مختلف المحاكم.
فقد صدر عن المجلس األعلى في سنة 1984قرارا نقض فيه قرار صادر عن محكمة
2
االستئناف بالدار البيضاء لكون هذا األخير قضى بإفراغ المطلقة من مسكن مطلقها.
و إذا كان المجلس األعلى في هذا القرار قد اعتبر أن سكنى المطلقة الحاضنة مع
محضونيها حقا مشروعا للمحضونين و حقا بالتبعية للحاضنة فإنه قد تراجع عن هذا الموقف في
قرار أخر له صادر بتاريخ 19دجنبر 1991إذ اعتبر أن بقاء الزوجة الحاضنة في السكنى
المعنية لها بعد انتهاء العدة هو احتالل بدون مبرر فهي تستحق السكن لقضاء عدة الطالق فقط. 3
www.sajplus.com 62
لكن المجلس األعلى لم يتشبث بهذا الموقف إذ سرعان ما تراجع عنه من جديد مؤيدا رأيه
األول في العديد من قراراته.1
و قد انعكس هذا التذبذب الذي طبع اجتهادات المجلس األعلى بخصوص سكنى الحاضنة
على محاكم الموضوع و التي لم تستقر بدورها على اجتهاد موحد فقد حكمت المحكمة االبتدائية
بعين السبع المحمدي بإفراغ المطلقة و من يقوم مقامها لعدم وجود مبرر لبقائها في ملك المطلق.2
و على خالف هذا الحكم أصدرت المحكمة االبتدائية بمراكش حكما اعتبر فيه أن طلب
المدعي الرامي إلى إفراغ المطلقة غير مؤسس و حري برفضه.3
و بتنصيص المشرع على مقتضيات المادة 168من ق م أ يكون قد تبنى االتجاه الذي
اتبعته بعض التشريعات العربية و في مقدمتها التشريع المصري. 4
األصل أن النفقة ليست من آثار الطالق ،و إنما هي من التزامات وواجبات األبوة ،غير
أنه بالرجوع إلى المادة 85من مدونة األسرة ،نجدها تنص على مستحقات األطفال بعد انفصام
عرى الزوجية ،و من بين هذه المستحقات النفقة بصريح نص المادة 190من نفس المدونة.
و عليه فإن كانت نفقة األبناء واجبة على األب في حالة قيام العالقة الزوجية ،فهي أوجب
عند انفصام عراها ،لذا شدد المشرع بشأنها عند الطالق و ذلك عندما ربط منح اإلذن بالطالق
بالتزام األب بل وضعه مبلغا لتسديد مستحقات الزوجة واألوالد بصندوق المحكمة وذلك داخل
أجل ثالثين يوما.
-1قرار عدد 144بتاريخ 1986-2-6ملف عدد 84-1308أورده عبد المجيد غميجة موقف المجلس األعلى من ثنائية الفقه
والقانون في مشاكل األحوال الشخصية ،مرجع سابق ص 261وأيضا قرار عدد 1254في الملف الملف المدني عدد -3-2039
2000-2صادر بتاريخ 4أبريل 2002منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد مزدوج -60-59ص331
-2حكم المحكمة االبتدائية بعين السبع الحي المحمدي عدد 813ملف 99-1192بتاريخ 2000-4-12أورده يوسف
بنباصر ،المرجع السابق ،ص61
- 3حكم صادر عن ابتدائية مراكش بتاريخ رقم 2003-12-13 2003-4704ملف رقم 2003-1-48غير منشور.
-4فقد نصت المادة 118مكرر ثالث من قانون رقم 100لسنة 1985على الزوج المطلق أن يهيئ ألطفاله و حاضنتهم السكن
المستقل المناسب و إن لم يفعل خالل مدة العدة استمر في شغل مسكن الزوجية و المؤجرون كأن محل الزوجة فإنه يخير بين أن
يستقل به أو يوفر لهم مسكن مالئم بعد انقضاء العدة.
www.sajplus.com 63
وإذا كان األب ملزما بالنفقة على أبنائه الصغار والعاجزين عن الكسب 1،سواء كانت
العالقة الزوجية قائمة أم ال ،و تستمر نفقته على األنثى إلى أن تتزوج أو إلى إن تتوفر على
الكسب ،و على الذكر إلى أن يبلغ سن الرشد ،أو 25سنة إذا كان يتابع دراسته 2،فإنه عند
الطالق ،تراعى عند تقديم نفقة هؤالء األبناء الوضعية المعيشية و التعليمية التي كانوا عليها قبل
الطالق ،و كذا حالة الملزم بالنفقة ودخله ومستوى األسعار واألعراف والعادات السائدة في الوسط
الذي تعرض فيه تلك النفقة.
وإذا عجز األب عن النفقة عجزا كليا أو جزئيا ،فإنه يتعين على األم الحاضنة أن تسد هذا
العجز بالنفقة على أبنائها إذا كانت موسرة تطبيقا لمقتضيات المادة 199من مدونة األسرة.
و نظرا للطابع المعيشي اليومي للنفقة فقد نص المشرع على ضرورة البث في قضايا النفقة
من أجل أقصاه شهر واحد (م 190من ق م أ ) و يحكم بنفقة األوالد من تاريخ التوقف عن األداء
(م 200من ق م أ) وليس من تاريخ رفع الدعوى أو تاريخ صدور الحكم ،ولتنفيذ هذا الحكم
أعطى المشرع للمحكمة سلطة واسعة في تحديد الوسائل التي من خاللها يتم تنفيذ الحكم على
أموال المحكوم عليه و ذلك ضمن المادة 191من مدونة األسرة التي تنص على أنه " :تحدد
المحكمة وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة على أموال المحكوم عليه ،أو اقتطاع النفقة من منبع الريع أو
األجر الذي يتقاضاه وتقرر عند االقتضاء الضمانات الكفيلة باستمرار أداء النفقة."...
وهذا يعني أنه كلما تعلق األمر بحق األطفال ،فإن المحكمة نقرر في ذلك الحق أوال سواء
3
تعلق األمر بتقديره أو بضمان صيانته و أدائه.
ومن بين تلك التدابير حماية متاع البيت عن طريق الحراسة القضائية ،و إحصاء األمتعة...
و ضمانا لتنفيذ هذه التدابير قرر المشرع تنفيذها على األصل عن طريق النيابة العامة .كما
أصدرت وزارة العدل منشور 4يحث القضاة على تفعيل التدابير المؤقتة.
-1عبد الخالق أحمدون ،قانون األسرة الجديد ،دراسة مقارنة مع أحكام الفقه اإلسالمي و قوانين دول المغرب العربي ،الجزء
األول الطبعة األولى 2006-1426مطبعة طوب بريس ،الرباط ،ص .272
-2المادة 198من مدونة األسرة.
-3عبد هللا الحمومي ،حقوق الطفل و حمايتها من خالل مدونة األسرة ،مجلة المعيار ع 32دجنبر 2004ص 106
- -4منشور رقم 51سنة 2الصادر بتاريخ 2005-2-2
www.sajplus.com 64
وتجدر اإلشارة إلى أن مستحقات الزوجة و األطفال تبقى قابلة للطعن عكس ما كان
معموال به في ظل م.ح.ش إذ كان األمر الصادر عن قاضي التوثيق بتحديد الواجبات المترتبة عن
الطالق نهائيا و ال يقبل أي طعن .لكن يمكن للمتضرر منه أن يتقدم بمقال يرمي إلى مراجعته طبقا
للمادة 180من ق.م.م و يتعين على القاضي استدعاء الطرفين و إجراء محاولة الصلح بينهما.1
وأخيرا يمكن القول أن م دونة األسرة لم تحدد التدابير المؤقتة على سبيل الحصر ،بل
تركتها للسلطة التقديرية للمحكمة ،إذ يمكنها اتخاذ كل اإلجراءات التي تراها مناسبة سواء تلك
المتعلقة بالزوجة أو األطفال و هي تتخذها إما تلقائيا أو بناءا على طلب في انتظار صدور حكم
في الموضوع.2
www.sajplus.com 65
الفصل الثاني :آليات الصلح غير القضائية و دورها في حماية األسرة
نظرا لما يترتب على انحالل الرابطة الزوجية من آثار خطيرة تنعكس على األسرة
و المجتمع فإن المشرع سواء في ظل م ح ش أو بعد صدور مدونة األسرة فسح المجال أمام هيئات
ذات طابع غير قضائي –عائلي -إلبداء رأيها و تقديم مقترحات من أجل إصالح ذات البين بين
الزوجين كلما تطور الخالف بينهما إلى طلب الطالق أو التطليق و يتعلق األمر بمؤسسة الحكمين
و مجلس العائلة.
و من هنا يتجلى أنه خالفا لما تضمنه خطاب هللا سبحانه و تعالى الذي حدد الجهة التي
توكل إليها مسؤولية المشاركة في تحقيق الصلح األسري عند حصول نزاع بين الزوجين
والمتمثلة في الحكمين ،فقد فتح المشرع المغربي المجال أمام القضاء الختيار إما الحكمين أو
مجلس العائلة لبدل الجهد و استقصاء أسباب الخالف بين الزوجين و التقريب بينهما .بل يمكن
للمحكمة صرف النظر عن الحكمين و مجلس العائلة و االستعانة بأي شخص أو جهة تراها مؤهلة
لتحقيق المصالحة بين الزوجين.
فهل آليات الصلح غير القضائية( الحكمان و مجلس العائلة) كفيلة للوصول إلى األسباب
الحقيقية للنزاع القائم بين الزوجين وحل خيوطه المتشابكة واقتراح الحلول الممكنة وتقريب
وجهات النظر المختلفة بين الزوجين؟
www.sajplus.com 66
المبحث األول :الحكمان و دورهما في الصلح بين الزوجين
األصل في العالقة الزوجية أن يت م حل الخالفات الزوجية الناشئة بين الزوجين فيما بينهما
و أن يحصر نزاعاتهما داخل بيت الزوجية ،ألن إظهار المشاكل العائلية خارج نطاق الزوجين من
شأنه تفاقم األزمة بينهما".1
إال أن الخالف بين الزوجين قد يتعاظم و يتعذر إصالحه داخل األسرة لذا فال مناص من
و هو مشروع بالكتاب 3
باعتباره نظاما لتسوية المنازعات بين األطراف 2
اللجوء إلى التحكيم
والسنة و اإلجماع.
و ال يخفى ما للتحكيم من ضمانات لكافة األسرة بمحاولة اإلبقاء على بيت الزوجية ألن
4
اإلبقاء على العالقة مقصدها هام من مقاصد الشريعة.
و قد أولى فقهاء اإلسالم عناية كبرى لمسألة التحكيم بين الزوجين من خالل تحديد الشروط
الواجب توفرها في الحكمين و كذا حدود الصالحيات المخولة لهما أثناء القيام بمهمتهما.
كما أن المشرع المغربي تعرض لمسألة التحكيم و أوجب اللجوء إليه بعد فشل المساعي
الحميدة للقاضي.5
فما هي إذن طبيعة عمل الحكمين من منظور الفقه اإلسالمي ؟ و إلى أي حد التزمت
مدونة األسرة بما جاء به فقهاء اإلسالم ؟ هذا ما سأعمل على تحليله من خالل المطلبين:
-1محمد يعقوب محمد الدهلوي ،ضمانات حقوق المرأة الزوجية،الجامعة اإلسالمية ،المدينة المنورة ،طبعة2004- 1424
ص156
-2مصطفى إسماعيل بغدادي ،المرجع السابق ،ص 33
-3عبد الرحيم بن سالمة ،التحكيم في الشريعة و القانون الوضعي مجلة اإلحياء عدد 2 - 613رمضان 1991-1419ص
175
-4محمد يعقوب محمد الدهلوي ،المرجع السابق ،ص 157
-5اللجوء إلى التحكيم يكون عادة قبل اللجوء إلى القاضي لكن نظرا لما تتسم به العالقة الزوجية من حساسية فقد أوجب المشرع
بعث الحكمين بعد اللجوء إلى القضاء .
عبد الكريم الطالب ،التحكيم في ق م م المغربي ،مجلة المنتدى ،عدد 2رمضان 1421دجنبر 2000ص 72
www.sajplus.com 67
المطلب األول :طبيعة عمل الحكمين من منظور الفقه اإلسالمي
لقد أولى فقهاء اإلسالم اهتماما بالغا لمسألة بعث الحكمين في حالة نشوب خالفات بين
الزوجين ،نظرا لجسامة و أهمية الدور المنوط بهما.
لذلك فقد أفاضت أقالم الفقهاء في بيان الشروط الواجب توفرها فيمن يتولى مهمة الحكمين
(الفقرة األولى) كما عملوا على توضيح حدود السلطات و االختصاصات المخولة لهما (الفقرة
الثانية).
الفقرة األولى :شروط الحكمين
إن الحكم الذي يباشر مهمة اإلصالح بين الزوجين و فض النزاع القائم بينهما ال يكون
حكما ناجحا في أداء مهمته إال إذا توفرت فيه شروط معينة و تميز بخصال محددة تؤهله للقيام
بمثل هذا العمل.1
و قد اختلف الفقهاء في تعداد هذه الشروط فقد ذهب المالكية إلى أنه يشترط في الحكم أن
يكون ذكرا ،بالغا ،حرا ،مسلما ،عادال .و هو ما يستفاد من قول اإلمام مالك" ليست المرأة من
الحكام و الصبي و العبد و من على غير دين اإلسالم" 2و ذكر الباجي أن شروط الحكمين :
اإلسالم و البلوغ و الحرية و الذكورة فإن عدم شيء من ذلك لم يجز تحكيمها".3
4
و قد أشار ابن العربي شرطي اإلسالم و العدالة.
في حين اشترط الشافعية التكليف و اإلسالم و العدالة و الحرية و االهتداء إلى المقصود بما بعثا
له 5و قد نص على ذلك في مغني المحتاج. 6
و قد أشار إلى ذلك الشافعي في كتابه األم إذ ذكر انه يشترط أن يكون الحكم من أهل
القناعة و العقل.1
-1عبد المؤمن بلباقي ،التفريق القضائي بين الزوجين في الفقه اإلسالمي ،دار الهدى عين مليلية الجزائر ،ص 119
- 2مالك ابن أنس األصبحي ،المدونة الكبرى رواية سحنون ،مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر 1323 ،ج 2ص 367
-3أبو وليد سليمان الباجي األندلسي ،المنتقي شرح موطأ اإلمام مالك ،مطبعة السعادة ،طبعة .1322ج 4ص 113
-4ابن العربي ،الجزء األول ،ص 422
-5قحطان عبد الرحمان الروري ،عقد التحكيم الفقه اإلسالمي و القانون الوضعي ،مطبعة الخلود بغداد الطبعة األولى -1405
1985ص 425
- 6محمد الخطيب الشريبي ،مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ،ج 3مطبعة مصطفى البابلي و شركائه1985 ،
ص 621
www.sajplus.com 68
في حين ذهب الحنابلة إلى أن شروط الحكمين هي :التكليف و اإلسالم و العدالة و الحرية
و معرفة الجمع و التفريق ،فقد ذكر ابن قدامة :العقل و البلوغ و العدالة و اإلسالم ألنها من
2
شروط العدالة سواء كان الحكم وكيال أو حاكما
أما الحنفية اشترطوا في الحكمين :الحرية و اإلسالم و البلوغ و العدالة و الفقه و البصر
و أن يكون غير محدودين و ال واحد منهما في قدف. 3
و توفر الشروط المتطلبة شرعا ينبغي أن يكون وقت التحكيم و وقت الحكم ,فإذا انعدمت
كال أو بعضا وقت التحكيم ثم توفرت وقت الحكم بطل الحكم و لم ينفذ.4
و سأتولى دراسة أهم الشروط الذي ذكرها الفقهاء بنوع من التفصيل و هي :شرط القرابة
الذكورة العدالة التكليف.
لقد أكد ابن رشد الحفيد أن هناك إجماعا بين الفقهاء على أن يكون الحكمان من األهل إال
إذا لم يوجد من يصلح لهذه المهمة من األسرتين حيث قال " أجمعوا على أن الحكمين ال يكونان
إال من أهل الزوجين أحدهما من قبل الزوج و اآلخر من قبل الزوجة إال أن ال يوجد من يصلح
لذلك فيرسل من غيرهما". 5
إال أن دعوة اإلجماع هاته هي محل نظر فهناك من يعتبر شرط القرابة هو على سبيل
االستحباب فقط و هذا يعني أن هناك اختالف بين الفقهاء في شرط القرابة هل هو شرط صحة أم
شرط على سبيل االستحباب و األولوية؟
-1أبي عبد هللا بن إدريس الشافعي ،األم ،الجزء الخامس ،مكتبة الرياض ،طبعة 1973-1393ص 177
-2أبو محمد عبد هللا ابن قدامة المقدسي ،المغني ،الجزء السابع ،مكتبة الرياض ،طبعة 1981ص 49
-3أبي جعفر أحمد بن محمد بن سالمة الطحاوي األردني ،الشروط الصغيرة مذيال بما عثر عليه من الشروط الكبير،ج 5الطبعة
الثانية ص 428
-4محمد أمين ابن عابدين في حاشيته،ج 5ص 428
-5أبي الوليد محمد بن أحمد ابن رشد القرطبي -الحفيد ،-بداية المجتهد و نهاية المقتصد ،دار الفكر ج 2ص84
www.sajplus.com 69
االتجاه األول :يرى أنه يجب أن يكون الحكمان من أهلهما ألن هللا سبحانه و تعالى قال في كتابه
و قد ذهب ابن العربي إلى أن األصل في الحكمين أن يكونا من األهل و الحكمة من ذلك أن
األهل أعرف بأحوال الزوجين و أقرب إلى أن يرجع الزوجان إليهما 2و لكونهما مؤتمنان على
أسرار الزوجين ألنهما من أهلهما ال خوف من تشهيرهما بهذه األسرار إذ ال مصلحة لهما في
التشهير بها بل مصلحتها في دفتها و مدارتها . 3
و في هذا الشأن قال ابن حزم " إذا شجر بين الرجل و امرأته ،بعث الحاكم حكما من أهله
و حكما من أهلها" .4ألن الزوجان يطمئنان إليهما في العادة 5و أيضا لزوال الظنة بالميل إلى
أحدهما إن كان الحكمان أجنبيان و ليتمكن كل واحد منهما من التعبير إلى من هو من قبله. 6
و اشترط كون الحكمين من أهل الزوجين إنهما هو لرجاء أن يكون للقرابة أثر على قبول ما
. 7
ينصحان به الزوجين
وخالصة القول أن شرط القرابة في الحكمين شرط مهم و ضروري حتى ال يطلع الغرباء
على ما ال يجب أن يطلع إليه من أسرار الزوجين واشترط كون الحكمين من عائلة الزوجين
يجعلهما أشد حرصا من غيرهما على مصلحة األسرة وأقوى رغبة في استمرار عالقة الزوجية و
أكثر ائتمانا على أسرارهما. 8
www.sajplus.com 70
و إذا كان أصحاب االتجاه األول يشترطون أن يكون الحكمان من أهل الزوجين فإن هناك
اتجاه ثان يذهبون إلى إمكانية أن يكون الحكمان غير األهل لكن يستحب أن يكون من أهلهما.
و حجج في ذلك أن ما جاء به القران هو على سبيل االستحباب و اإلرشاد 1ألن القرابة ال
تشترط في الحاكم و ال في الوكيل 2على اعتبار أن المحتكم إليهما إما أن يكونا وكيلين أو حاكمين.
فقد سبق أن بعث عمر ابن الخطاب ابن عباس و عثمان بن عفان حكمين بين زوجين أحدهما من
بني هاشم و اآلخر من بني عبد شمس ،كما أن الهدف من بعث الحكمين هو محاولة اإلبقاء على
العالقة الزوجية و استمرارها و هذا الغرض من الممكن حصوله باألجنبي.3
وهذا الخالف المتقدم فيما إذا وجد من يصلح أن يبعث حكما من أهلها.أما إذا لم يوجد
للزوجين أهل أو كان لهما و لكن لم يكن فيهم من يصلح لذلك ،لعدم توفر على باقي الشروط فعندئذ
يختار حكمين لهما أو ألحدهما كيفما كان عدم الحكمين منهما أو من أحدهما 4من غير األقارب
ممن لهم خبرة على اإلصالح بشرط أن تتوفر فيهما الشروط المتطلبة شرعا ألن الغرض من
الحكمين معلوم و الذي فات لكونهما من أهلهما يسير فيكون األجنبي المختار قائما مقامها و ربما
كان أوفى منهما.5
6
والرأي الراجح ما ذهب إليه المالكية وغيرهما والمنادون بضرورة توفر شرط القرابة
لكونه الرأي األنسب والصلح ألن انتساب الحكمين إلى أسرتي الزوجين يجعلهما أكثر علما
بأسباب الخالف و أشد حرصا على إعادة الوئام إلى قريبيهما.
يشتمل شرط التكليف على شرطي البلوغ والعقل فال بد للحكم أن يكون بالغ عاقال و هو
أمر بديهي و مفروغ منه نظرا ألهمية المهام الموكولة إليهما و الملقاة على عاتقهما ،فغير البالغ
www.sajplus.com 71
وغير العاقل ال يعتبران من أهل الرأي و النظر خاصة في مثل هذه األمور التي ال يفقهها إال من
له خبرة بالحياة الزوجية 1و لذلك فال يتوجه إليهما الخطاب.
أما الرشد فيتحقق من منظور بعض الفقه بحفظ الشخص لماله دون ضياعه و تبذيره مع
حسن النظر فيه و ظهور عالمات الصلح عليه.2
وهكذا ال ي جوز تحكيم الصبي غير البالغ لعدم كمال أهليته كما ال يكون المجنون حكما بين
الزوجين ألنه فاقد األهلية وال معتوه حكما وعلته عدم قبوله هو نقصان عقله بدليل عدم حفظه
لماله فأحرى أن ال يحترز في شهادته كحكم بين الزوجين.3
فالعدالة إذن حسب ما أورده ابن عاصم هي استقامة الدين بأداء الواجبات الدينية واالمتناع
عن الكبائر كالزنى و الخمر و نحو ذلك و عدم اإلصرار على الصغائر و بمعنى ذلك ينبغي أن
يكون الحكم شخصا تقيا سويا مستقيما في أحوال دينه و دنياه متصفا بالمروءة و الخصال التي
تليق بمحاسن العادات.5
و قد اعتبر ابن العربي أن شرط العدالة من شروط التحكيم و يستفاد ذلك من قوله:
" فإن لم يكن لهما أهل أو كان و لم يكن فيهم من يصح لذلك لعدم العدالة أو غير ذلك .6
www.sajplus.com 72
وقد أكد الزمخشري على أن الحكم ينبغي أن يكون رجل مقنع يصلح لحكومة العدل و
1
اإلصالح.
لكن رغم أن هللا سبحانه و تعالى قد جعل العدالة أساس الحكم ، 2فإن هناك من يرى أن
العدالة ليست شرط صحة في التحكيم و إنما هي صفة كمال فقط.3
والقول األرجح هو الذي يعتبر العدالة من الشروط الواجب توافرها في الحكم فهي شرط
ضروري و مؤكد لدرجة تفوق كل الشروط األخرى .4
والقول بعدم ضرورة توفر شرط العدالة في الحكم هو قول مجانب للصواب و مخالف
لشرع هللا و حكمه.
اشترط جمهور الفقهاء في الحكم أن يكون ذكرا فال يجوز أن تتولى المرأة مهمة التحكيم
ولو كانت عدل 5ولم يقل بغير ذلك إال الحنفية وبعض الحنابلة وهو الظاهر من كالم االمامية
والزيدية 6الدين عللوا عدم اشتراطهم لشرط الذكورة بكون المرأة مؤهلة للشهادة
بل وللقضاء.7
وقد استند الجمهور على أن التحكيم يحتاج إلى الرأي والنظر ,والمرأة قاصرة بالنسبة لذلك
كما أن الحكم حاكم وإمام مقتدى به ،وال يصح الحكم من النساء و ال االقتداء بهن 8معتمدين على
قول صلى هللا عليه وسلم " لن يفلح قوم و لوا أمرهم امرأة". 9
- 1أبو قاسم جار هللا محمد بن عمر الزمخشري ،الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون األقاويل في وجوه التأويل ،دار الكتاب
العربي ،ص 129
- 2في قوله" إن هللا يأمركم بالعدل و اإلحسان" -سورة النحل ،اآلية 90و كذا في قوله " و إذا حكمتم بين الناس إن تحكموا
بالعدل" -سورة النساء ،اآلية 98
-3حاشية ابن عابدين ،ج ، 5ص 428وأيضا نهاية المحتاج ،ج 6ص 385وأيضا المبسوط ،ج 16ص 111
-4علي منتصر ،المرجع السابق ،ص 184
-5المدونة ،ج ،2ص 367و أيضا المنتقى ،ج ، 8ص 170
-6مغني المحتاج ،ج ،3ص وأيضا نهاية المحتاج ،ج 6ص 261 385
-7مواهب الجليل شرخ مختصر خليل ،ج 4ص 134و أيضا حاشية ابن عابدين ،ج ، 5ص 185
-8مغني المحتاج ،ج ، 4ص 374
-9مغنى المحتاج ،ج ، 4ص 375وأيضا شمس الدين محمد عرفة الدسوقي ،حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير على
مختصر الشيخ خليل ،دار الفكر للطباعة والنشر،ص 129
www.sajplus.com 73
لكن هناك من أجاز بعث مشرفة ال حاكمة في حال اتفاق الزوجين عليها أو في حال
اإلشكال إذ جاء في البهجة " لو دام األشكال بعد بعث الحكمين و طال األمر و ال زالت الشكوى
مترددة هل يخالعان...أو يأتمان عليهما أو يرسل حكمين آخرين أو أمنية." 1
و تجدر اإلشارة إلى أن اعتبار شرط الذكورة من جملة ما يشترط في الحكمين لكون المرأة
ال رأي لها و ال نظر ،هو موقف يبقى محل نظر و قابل للنقاش خصوصا وأن الحديث الشريف
الذي اعتمدوا عليه لتدعيم موقفهم هو حديث -ينبغي وضعه في نطاقه الزمني والمكاني ألن
األحكام تتغير بتغير العادات و األعراف -2فهو يتحدث عن تولية الرئاسة و هو أمر هام ال يجوز
إسناده إلى المرأة على أساس أن اإلمامة تقتضي أن يكون الشخص المولى إماما يؤوم الناس
ويصلي بهم و المرأة ال يجوز لها ذلك ال على أساس أنها امرأة أو لكونها ناقصة دين و عقل و ال
رأي لها أما ما عدا هذه المهمة فيجوز لها أن تمارس بما في ذلك القضاء. 3
كما أن هللا سبحانه و تعالى سوى بين المرأة و الرجل إال ما كان مرتبطا بأنوثتها ". 4
لذلك يتعين إتاحة الفرصة أمام المرأة لولوج مهمة التحكيم بين الزوجين 5في حالة الطالق
أو التطليق خصوصا و أن المرأة أقدر من غيرها على القيام بهذه المهمة ألن أسباب الخالف قد
تكون مما يستحي ذكره للقريب خصوصا بالنسبة للزوجة التي في حالة نزاع مع زوجها ،إذ أن
طابع القرابة يقتضي المزيد من اإلحترام و التقدير.
ه -شرط التفقه أو العلم
اشترط فقهاء المالكية قي الحكم أن يكون عالما باألحكام الشرعية الخاصة بالنشوز والشقاق
و ملما إلماما تاما بما يجب القيام به في المهمة الموكولة إليه فال يصح أن يكون الحكم جاهال بما
ولى،لكن إذا شاور العلماء بما يحكم به صح عندئذ حكمه . 6
- 1المعيار ،ج 3ص 131و أيصا نهاية المحتاج ،ج 6ص 384إذ ربما لم يتبين للحكمين األولين حاله الزوجين لتقصيرهما أو
لعدم معرفتهما بالقرائن ،إذ الضرر مما يعتمد فيه على الفراش و ال يعرفها إال الفطن الناقد و هذا هو الظاهر أبو الحسن علي بن
عبد السالم التسولي ،البهجة في شرح التحفة ،ج ، 1دار الفكر ،ص 309
-2ابن العربي الجزء األول ص ، 364المعيار ج 8ص 287
-3علي منتصر ،المرجع السابق ،ص 190و ما بعدها
- 4فقد قال تعالى "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف سورة البقرة ،اآلية 228و قوله "ال أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو
أنثى بعضكم من بعض-سورة ال عمران ،اآلية 195
-5علي منتصر ،المرجع السابق ،ص 192
-6اإلمام مالك،المدونة ،الجزء الثاني ،ص 368
www.sajplus.com 74
و قد اعتبر الباجي شرط العلم األحكام الشرعية الخاصة الجمع و التفريق صفة كمال ،1في
حين اعتبره األحناف شرط استحباب و ندب فقط.2
وباإلضافة إلى هذه الشروط هنا بعض الفقهاء الذين يستلزمون ضرورة توفر شروط
أخرى كاإلسالم ،وشرط أن يكون الحكمان غير محدودين وال واحد منهم في قذف 3وكذا شرط
الحرية.4ففي نظرهم ال يجوز تحكيم الكافر وال الذمي لقوله تعالى"ولن يجعل هللا للكافرين على
المؤمنين سبيل" .5وقد نص على ذلك جمهور الفقهاء.6
والواقع أن االشتراط مثل هذه الشروط تبدو ضرورية وهامة يجب مراعاتها وتوفرها في
الحكمين ،لكن يخشى أن تحول دون القيام بهذه المهمة وتؤدي إلى تعطيلها ،إذ كيف يمكن للقاضي
أن يتأكد من كون الحكمين اللذين اختارهما الزوجان متمتعين بكافة الشروط الضرورية؟ لذلك
غالبا ما يكتفي القاضي بمبادرته الشخصية نظرا لصعوبة توافر كل الشروط أو لعدم تمكن
الزوجين من اختيار الحكمين بسبب رفض األقارب مهمة التحكيم ألنها تتطلب وقتا كبيرا.
وخالصة القول ينبغي مراعاة الواقع المعيش بكل معطياته ومكوناته فال يتم التشدد في
توفر كل الشروط في الحكمين وال يراعى إال ما يمكن إيجاده بكل بسهولة ويسر .فمثال شرط الفقه
و العلم ال يمكن تصوره في المجتمع المغربي الذي تنتشر فيه األمية ،خصوصا في العالم القروي.
الفقرة الثانية :حدود صالحيات الحكمين
ال خالف بين علماء المسلمين في مشروعية الحكمين إذا وقع التشاجر بينهما و جهلت
أحوالهما في التشاجر 7فلم يعرف المحق من المبطل 8كما أنه ال خالف بينهم في أن قول الحكمين
www.sajplus.com 75
نافد في الجمع و إن لم يوكلهما الزوجان 1فالغرض من بعث الحكمين هو اإلصالح فاهلل سبحانه
وتعالى لم يذكر في اآلية إال اإلصالح و لم يذكر إال ما يقابله و هو التفريق بين الزوجين و في ذلك
إرشاد من العزيز الحكيم للحكمين إلى أنه ال ينبغي لهما أن يدخرا أي وسع لإلصالح 2فالطالق
ليس مقصودا بذاته من عمل الحكمين و إنما المقصود هو إعادة الحياة الزوجية إلى سابق عهدها
بين الزوجين على أية طريقة ممكنة 3لكن إذا باءت مجهودات الحكمين بالفشل فهل للحكمين حق
التفريق بين الزوجين بدون إذنهما أو إذن احدهما أم أنهما وكيالن ال يملكان التفريق إال بإذن
الزوجين؟
لإلجابة عن هذا السؤال نتستعرض أقوال الفقهاء و الخالف الذي دار بينهم حول هذا
الموضوع .فقد انقسم الفقهاء في تحديد سلطة الحكمين إلى اتجاهين.
الرأي األول :ذهب إلى أ ن الحكمين حاكمان و لهما أن يفعال ما يريان من جمع و تفريق
سواء كان ذلك بعوض أو بغيره و ال يحتاجان إلى توكيل الزوجين و ال رضاهما و على القاضي
إمضاء حكمهما و تنفيذه و هو قول منسوب لعلي و عثمان و ابن عباس و معاوية من الصحابة
ومن التابعين و سعيد ابن المسيب و سعيد ابن جبير و أبي سلمة و النخعي و الشعبي و عليه مالك
و األوزاعي و الشافعي في احد قوله و أحمد ابن حنبل في أحد الروايتين عنه و اإلمامية .فقد قال
ابن عباس رضي هللا عنهما :بعثت أنا و ابن معاوية حكمين فقيل لنا :إن رأيتما أن تجمعا
جمعتهما و إن رأيتما أن تفرقا فرقتما.
قال معمر :و بلغني أن الذي بعثتهما عثمان.4و هو مروي عن بن أبي طالب 5وورد في
مدونة اإلمام مالك أنه قال :بلغني أن علي ابن أبي طالب رضي هللا عنه قال في الحكمين الذين قال
6
هللا تبارك و تعالى :حكما من أهله و حكما من أهلها أنه قال :إليهما أن يفرقا بينهما و أن يجمعا"
-1فيحان بن سالي بن عتيق المطيري ،إتحاف الخالن بحقوق الزوجين ،دار العاصمة ،الطبعة األولى 1414ص 350
-2عبد المؤمن بلباقي ،المرجع السابق ،ص 123و أيضا قحطان عبد الرحمان الروري ،المرجع السابق ،ص 51
-3فتحى حسن مصطفى ،المرجع السابق ،ص 51
-4أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ،جامع البيان عن تأويل القرآن ،مطبعة مصطفى البابلي الحلبي ،طبعة الثالثة 1986ج 7
ص ،327و أيضا عماد الدين إسماعيل ابن كثير ،تفسير القران العظيم ،دار الفكر بيروت ،ج 1ص 493
-5ابن العربي ،ج 1ص 425المغني ،ج 7ص 49
-6المدونة ج 2ص 322و أيضا بداية المجتهد ج 2ص 98
www.sajplus.com 76
فقد قي ل أيضا في الموطأ " و أحسن ما سمعت من أهل العلم :أن الحكمين يجوز قولهما
بين الرجل و المرأة في الفرقة و االجتماع. 1
وفي كتاب أسهل المدارك أنه إدا قبح ما بينها –الزوجين -أمر المتعدي بإزالته فإن جهل
2
بعث الحاكم حكمين من أهله و أهلها يحكمان باألصلح من صلح أو فراق فيمضي ما حكما به
و من الشافعية جاء في مغني المحتاج هما حكمان موليان من جهة الحاكم لتسميتهما في
اآلية حكمين.3
و من الحنابل ة قال ابن قدامة :اختلفت الرواية عن أحمد في الحكمين ففي إحدى الروايتين
أنهما حاكمان و لهما أن يفعال ما يريان من جمع و تفريق بعوض أو بغير عوض و ال يحتاجان
إلى توكيل الزوجين و لو رضاهما.4
و جاء في الشرح الكبير أن قلنا أنهما حكمان فإنهما يمضيان ما يريان من طالق أو خلع
فينفذ ذلك عليهما رضياه أو أبياه.5
و قال ابن حزم و صح علي ابن طالب أنه قال للحكمين بين الزوجين :على إن رأيتما أن
تفرقا ففرقتما و إن رأيتما إن تجمعا جمعتما.6
قوله تعالى "ف ابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها" فاآلية نص من هللا سبحانه وتعالى
بأنهما حاكمان ال وكيالن و ال شاهدان و للوكيل اسم في الشريعة و معنى ،و للحاكم اسم في
الشريعة و معنى ،فإذا بين هللا كل واحد منهما الشاذ فكيف لعالم أن يركب أحدهما على اآلخر .و
-1موطأ اإلمام مالك برواية يحيى ابن يحيى ابن كثير الليثي ،دار الفكر ،ص 372
-2أبو بكر بن حسن الكسناوي ،أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام األئمة مالك الجزء الثاني الطبعة ،دار
الفكر،ص131
-3مغني المحتاج ،ج 32ص 261
-4المغني البن قدامة ،ج 7ص 49
-5الشرح الكبير و المغني ،ج 7ص117
-6ابن حزم ،ج 10ص 87
www.sajplus.com 77
ذلك تلبس و إفساد لألحكام و إنما يسيران بإذن هللا و يخلصان النية لوجه هللا و ينظران فيما عند
الزوجين بالتثبيت فإن رأيا للجمع وجها جمعا و إن وجدهما قد أتابا تركاهما.1
كما أن الحكم من له والية الحكم و االلتزام و ليس للوكيل شيء من ذلك 2ألن الوكيل
مأذون له ليس بحكم 3و الوكيل ال يسمى حكما في لغة القران و ال في لسان الشرع و ال في العرف
العام و ال الخاص و لو كان الحكمان وكيلين لقال هللا تعالى في اآلية :فليبعث وكيال من أهله
ولتبعت وكيال من أهلها و لو وكان وكيلين لم يختصا بأن يكون من األهل ألن الموكل يوكل من
يشاء .4و لدلك فإنه ال مجل لرضا الزوجين في حالة التحكيم إذ ينفد حكمهما بمقتضى والية الحكم
اإللزام 5.فحكمهما كحكم الحاكم لكنه ال يتعدى من كان طرفا في عقد التحكيم و ال ينسحب إلى
6
غيرالمتحاكمين.
ثم إن هللا خاطب غير الزوجين إذا خافا الشقاق بين الزوجين بإرسال الحكمين و إذا كان
المخاطب غيرهما فكيف يكون ذلك بتوكيلهما ؟ و ال يصح لهما حكم إال بما اجتمعا عليه ،والتوكيل
من كل واحد ال يكون إال فيما يخالف األخر و ذلك ال يمكنها هنا. 7
كما استشهدوا بقوله تعالى" إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما" ويفيد ذلك أن الحكمين
إن أخلصا النية وفقهما هللا للصواب من الحكم و هذا ال يقال للوكيلين ألنه ال يجوز ألحد منهما أن
يتعدى ما أمر به.8
-اتفاق الصحابة على أن الحكم إلى الحكمين ،فعثمان وعلي ابن أبي عباس و معاوية
جعلوا الحكم إلى الحكمين وال يعرف لهم من الصحابة مخالف و إنما يعرف الخالف من التابعين.9
www.sajplus.com 78
-القول بأنهما حاكمان يتفق مع المأثور من أحاديث ( الرسول ص) ،إذ قال عليه الصالة
والسالم :ال ضرر و ال ضرار.كما يتفق مع روح القران الكريم و النصوص ألن هللا تعالى قال
"ف إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان "1و قد فات اإلمساك بمعروف فتعين التسريح بإحسان.2
كما استدلوا بقول علي رضي هللا عنه :أتدريان ما عليكما ؟ إن رأيتما أن تفرقا فرقتما وإن
رأيتما أن تجمعا جمعتما فقالت المرأة رضيت بكتاب هللا لي و علي و قال الزوج أما الفرقة فال
فقال علي :كذبت و هللا ال تبرح حتى ترضى بكتاب هللا لك و عليك .3لو كانا وكيلين لما قيل لهما
أتدريان ما عليكما؟ إنما كان يقول :أتدريان ما وكلتما؟ و يسأل الزوجين ما قاال لهما.4
-قال ابن كثير سماهما حكمين و شأن الحكم أن يحكم بغير رضا المحكوم عليه و هذا
ظاهر اآلية.5
-القول بأنهما وكيالن يؤدي إلى اختالفهما الختالف مصلحة الموكلين مما يؤدي عملهما
إلى جعل اآلية المتعلقة بالتحيكم عند الشقاق مفرغة من محتواها 6و ذلك غير مقبول و غير جائز
شرعا و عقال.7
الرأي الثاني:القائل بعدم التفريق إذ قصر سلطة الحكمين على اإلصالح بين الزوجين ولم
يجعل لهما حق التفريق فيكون الحكمان وكيالن وهو قول الحسن البصري و عطاء و قتادة و عليه
أبو حنيفة و أصحابه و الشافعي من قوله الثاني و أحمد بن حنبل في الرواية الثانية و الظاهرية.
لقد انقسم القائلين بهذا الرأي إلى فريقين:
الفريق األول :يرى أن الحكمين ال يفرقان إال برضا الزوجين و هذا يعني أن الحكمين
وكيالن.
www.sajplus.com 79
الفريق الثاني :فيذهب إلى أن الحكمين ينظران في اإلصالح واألخذ والعطاء إال الفرقة
ف ال يجوز لهما التفريق مطلقا و مهمتهما هي الشهادة و معرفة الظالم من 1
فإنها ليست لهما.
المظلوم و هذا يعني أن الحكمين شاهدان.
يرى أصحاب هذا الرأي أن الحكمان ال يفرفان إال رضا الزوجين فيوكل الزوج حكمه
بطالق و قبول عوض الخلع و توكل حكما يبدل عوض الخلع و قبول الطالق به كسائر الوكالء
و يفرق الحكمان بينهما إن رأيا صوابا.2
و قد روى هذا القول عن علي ابن أبي طالب في خبر مجيء الزوجين و معهما فئام من
الناس و عن عمر ابن العاص و عبد هللا بن عباس و ابن زيد و عطاء و عن الحسن و أبي ثور
والسدي. 3
7
و هو أحد قولي الشافعي 4و به قال الحنفية 5و هو أشهر قولي الحنابلة 6و به قال الطبري
و أبو الحسن بن المغلس من الظاهرية 8و هو قول ابن الحاجب من المالكية. 9
و قد استندوا على مجموعة من الحجج :
-قوله تعالى " ف ابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها " وهو يدل على أن الذي من
أهله وكيل له ،و الذي من أهلها وكيل لها و بالتالي بطالن قول أن للحكمين أن يجمعا إن شاءا و
10
إن شاءا أن يفرقا بغير أمر الزوجين
www.sajplus.com 80
-قوله تعالى" إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما" .ووجه الداللة أن هللا بين سلطة
الحكمين و مهمتهما فحص بالذكر اإلصالح وحده ولم يذكر معه شيء أخر ،و ليس للحكمين أن
يفرقا ألن هللا لم يقل إن يريدا فرقة .1فاهلل عز و جل لم يذكر في اآلية إال اإلصالح و هذا يقضي أن
ما وراء اإلصالح غير مفوض إليهما.
-كما استشهدوا ب ما روي عن علي ابن أبي طالب أنه قال للزوج الذي رفض الفرقة كذبت
و هللا لن تبرح حتى تقر بما أقرت به ،فلو كان الحكمان حاكمان لما احتاج علي إلى إذن الزوج
في ذلك ألن من شأن الحكم أن يحكم دون الرجوع إلى المتخاصمين عند إصدار الحكم ولما كان
الحكم لعلي لبعث هو حكمين و لم يقل للزوجين "ابعثوا حكمين" و دل هذا على أنه ليس للحاكم
-إن التحكيم قد يؤدي إلى التفريق بين الزوجين إذا تعذر اإلصالح بينهما.
و األصل أن الطالق بيد الزوج و أن بدل المال حق للزوجة و هما رشيدان بالتصرف في
أحد هذين الحقين األول بوكالة منهما أو والية عليهما 3فقد قال تعالى" و ال تكتسب كل نفس إال ما
عليها".
و في هذا الصدد قال ابن حزم" فال يجوز أن يطلق أحد على أحد وال أن يفرق بين رجل
و امرأته إال حيث جاء النص بوجوب فسخ النكاح" 4كما أن الجمع والتفريق ال بد أن يكون برضا
الزوجين ألنه ال يعرف في اللغة و ال في لسان الشريعة أصلحت بين الزوجين بمعنى طلقتها
عليه.5
في حين يرى الجصاص أنه كيف يجوز للحكمين أن يوقعا خلعا أو طالقا من غير رضاهما
و قد نص هللا على أن ال يحل أخد شيء مما أعطى إال بطيبة نفس.
www.sajplus.com 81
و القائل بأن للحكمين أن يخلعا بغير توكيل من الزوجة مخالف لنص الكتاب قال تعالى "
يا أيها الذين امنوا ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إال أن تكون تجارة عن تراض منكم". 1
فحسب هذا االتجاه إن مهمة الحكمين تقتصر على اإلصالح و عند فشله يرفعان تقريرهما
إلى القاضي ليتخذ ما يراه مناسبا.
فالحاكم يرسل الحكمين ليعرف الظالم من المظلوم من الزوجين فيرفعا إلى الحاكم أمرهما
و يشهدا بما ظهرا لهما ليأخذ على يد الظالم و ليس لهما حق التفريق فال ينفذ طالقهما إال إذا
رضي به الحاكم و نفذه 2فالحكمان مسلوبا حرية التصرف في التفريق بين الزوجين بمحض
إرادتهما وفق ما يريانه من حل أنسب للزوجين فصالحية الحكمين و سلطاتهما مفقودة و مقيدة،
وهذا ما يمكن مالحظته و استنتاجه بكل سهولة و يسر من أقوال الفقهاء المتشبثين بكون الحكمين
شاهدان و هذا القول مروي عن عباس إذ قال في المرأة التي تنشز على زوجها للزوج أن يخلعها
حين يأمر الحكمان بذلك. 3
و روي أيضا عن الحسن البصري و قتادة حيث قاال :إنما يبعث الحكمان ليصلحا فإن
أعياهما أن يصلحا و شهدا عن الظالم بظلمه ليست لهما فرقة و ال يملكا ذلك. 4
كما قال ابن العربي " إنهما شاهدان يرفعان األمر إلى السلطان و يشهدان بما ظهر لهما
قال الحسن و ابن زيد و ابن عباس و أبو حنيفة الشافعي.5
و يعتبر ابن حزم األندلسي زعيم هذا االتجاه الفكري الفقهي فقد قال أن الحكمين شاهدين
ينهيان إلى الحاكم ما وقفا عليه من أمر الزوجين ليأخذ الحق ممن هو قلبه و يأخذ على يد الظالم
لكن ليس للحاكمين و ال للحاكم التفريق بين الزوجين. 6
www.sajplus.com 82
و قد احتجوا بقوله تعالى " و إن خفتم شق اق بينهما ف ابعثوا حكما من أهله و حكما من
أهلها ". 1فالخطاب حسب قول أصحاب هذا االتجاه موجه إلى الزوجين و ليس المخاطب
السلطان أو الحاكم ...فإذا اشتد الخالف بين الزوجين سارع الزوج إلى تعيين حكم من أهله
وسارعت الزوجة إلى تعيين حكم من أهلها ليقوما بمهمة اإلصالح بينهما تنفيذا لتوجيهاتهما و ليس
للحاكم أو غيره و من باب أولى أن يكون الحكمان كذلك فالحكمان خاضعان في مهمتهما
اإلصالحية لرقابة الزوجين . 2
و قد اعتبر ابن العربي أن من يرى أن المخاطب في اآلية هما الزوجان ال يفهم كتاب هللا
و أما من قال أنه السلطان فهو حق . 3وليس في اآلية شيء ينسب للحكمين أن يفرقا بين
الزوجين ،ألن ذلك للحاكم لقوله تعالى " و ال تكتسب كل نفس إال ما عليها" 4فال يجوز أن يحلف
أحد على أحد و ال أن يفرق بين رجل و امرأته إال حيث جاء النص بوجوب فسخ النكاح فقط و ال
حجة في قول أحد دون رسول هللا صلى هللا علبه و سلم.
و قد اعتبر ابن حزم أن قيام الحاكم و الحكمين بمهمة غير مهمة اإلصالح بين الزوجين
تعديا لحدود هللا إذ قال تعالى " و من يتعدى حدود هللا ف أولئك هم الظالمون" .
فالوكالة غير جائزة في الطالق ألن هللا كلما ذكر الطالق خاطب به األزواج ال غيرهم فال
يجوز أن ينوب غيرهم عنهم ال بوكالة و ال بغيرها ألنه يكون تعد لحدود هللا و ما نعلم من إجازة
5
التوكيل في الطالق عن أحد من المتقدمين إال عن إبراهيم و الحسن.
كما استدلوا بقول علي كرم هللا وجهه " كذبت وهللا لتنقلب حتى تقر بمثل ما أقرت به ،ويدل
على مهمة الحكمين مقصورة على اإلصالح بين الزوجين وأن بعث الحكمين ال يتم إال بموافقة
www.sajplus.com 83
الزوجين و رضاهما و إال لما اختار سيدنا علي إجبار الزوج على القبول بالوكالة على الفرقة
فقول الحكمين إنما يكون برضا الزوجين.1
و خالصة القول إ ن المقصد األساسي من بعث الحكمين هو إعادة الصفاء و الوفاق بين
الزوجين فإذا عجزا عن تحقيق ذلك فمن المصلحة أال يتركاهما على ذلك من الخصام والشقاق
لما في ذلك من فساد يعود عليهما وعلى أوالدهما بالضرر البالغ فمن الخير إذن أن تحل هذه
الرابطة عسى أن يهيئ هللا لكل منهما من تستقر معه نفسه و تطمئن 2مصداقا لقوله تعالى" وإن
تفرق ا ف ايغن هللا كال من سعته و كان هللا واسعا حكيما". 3
و بذلك يكون الرأي الراجح دليال و حجة عقال و نقال هو الذي يعطي للحكمين حق التفريق
بين الزوجين .لدالئهم القوية و حججهم الدامغة فضال على كون القائلين به هم أدرى بمعاني كتاب
هللا من غيرهم ألن القران نزل بلسانهم و قد عاشروا فترة نزوله و عرفوا مقاصده من رسول هللا
صلى هللا عليه و سلم. 4
ونظرا لتغيير الظروف و الواقع المعيش إذ يصعب إيجاد حكم تتوفر فيه كل الشروط المتطلبة
شرعا . 5
و حول ما إذا كانت تطبق هذه اآلراء الفقهية في التشريعات العربية ،نجد أن فمعظم الدول
تعمل على تطبيق الرأي القائل بأن التحكيم وسيلة للصلح فقط .و المغرب من بين هذه الدول التي
جعلت التحكيم وسيلة للصلح غير ملزمة المادة 56من م ح ش و المادة 129من ق م أ و المادة
6
95من م أ من هنا يتضح أن المشرع المغربي اعتبر سلطة الحكمين سلطة سداد و توفيق فقط
www.sajplus.com 84
و الحق لهما في التفريق بين الزوجين المتخاصمين ألن مهمتهما هي أن يعود الصفاء و الود إلى
بيت الزوجية.
إن التحكيم هو إحد آليات الصلح التي ساهما بشكل كبير في انقاد مجموعة كبيرة من األسر
قديما و حديثا من التفكك و االنهيار و بالتالي حماية كافة أفراد األسرة من التشرد و الضياع.
والتزاما بما جاءت به الشريعة اإلسالمية فقد أكد المشرع المغربي على ضرورة اللجوء إلى هده
الوسيلة سواء في ضل مدونة األحوال الشخصية أو بعد صدور مدونة األسرة ودلك من أجل
محاولة السداد والتوفيق بين الزوجين المتنازعين .فما هي ادن اإلجراءات المسطرية المتبعة في
بعث الحكمين للقيام بمهمة التصالح في دعاوي الشقاق بين الزوجين؟ ( الفقرة األولى) .و ما هي
االختصاصات و المهام الموكولة إليهما؟ ( الفقرة الثانية).
لقد عالج المشرع المغربي ما يكتنف الرابطة الزوجية من خالفات إلى اللجوء إلى
الحكمين لإلصالح بين الزوجين في الف 56من م ح ش و المادة 179من ق م م و المواد /82
96/95من م أ.
فقد نص الفص 56من م ح ش على ما يلي " على الحكمين أن يتفهما أسباب الشقاق بين
الزوجين و يبدال جهدهما في اإلصالح فإن أمكن على طريقة معينة قرراها و إذا عجز عن
اإلصالح رفعا األمر إلى القاضي لينظر في القضية على ضوء تقريرهما ".
بينما نص الفصل 179من ق م م على أنه " يجب على القاضي قبل اإلذن بالطالق القيام
بمحاولة إصالح ذات البين بين الزوجين بكل الوسائل التي يراها ممكنة و منها بعث الحكمين عند
االقتضاء للسد اد بينهما على الحكمين أن يتفهما أسباب الشقاق بين الزوجين و يبذال جهدهما في
اإلصالح" 1.في حين خولت مدونة األسرة للمحكمة القيام بجميع اإلجراءات إلصالح ذات البين
- 1وتجدر اإلشارة هنا إلى أ هده المقتضيات قد ألغيت وعوضت بنصوص جديدة مدرجة في مدونة األسرة .ويدلك يكون
المشرع قد وحد أحكام التحكيم ونص عليها في قانون واحد يعد أن كانت متفرقة بين فصول مدونة األحوال الشخصية و قانون
المسطرة المدنية.
www.sajplus.com 85
بين الزوجين منها إنتذاب حكمين أو من تراه مؤهال للقيام بمهمة الصلح و التوفيق بين الزوجة
(م .)88و قد خصت م أ المادة 95و 96لبيان مهمة الحكمين و ما يجب عليهما القيام به.
و بإمعان النظر في هذه المقتضيات نجد أن المشرع المغربي لم يحدد تفاصيل اإلجراءات
المسطرية التي يتعين إتباعها منذ بعث الحكمين إلى انتهاء مهمتهما. 1
فقد أغفل ذكر المعايير التي يعتمدها القاضي عند ابتداء الحكمين و كذا الشروط الواجب
توافرها فيها؟ و هل تنتدبهما المحكمة بمجرد قرار والئي أم يجب أن يتم ذلك بحكم تمهيدي و هل
يتعين تحليفهما قبل أداء مهمتهما أم ال؟ و ما هي القيمة الحقيقية للتقرير الذي يحرره الحكمان في
حالة توصلهما إلى الصلح و في اختالفهما في مضمون التقرير أو تحديد المسؤولية و هل يجوز
لكل حكم أن يحرر تقريرا مستقال عن اآلخر؟ وأين يعقد مجلس التحكيم ؟ و كيف يتم استدعاء
الزوجي ن لحضوره؟ و ما هي المدة التي ينبغي على الحكمين انجاز لمهمتها؟ و ما هو الحل في
2
حالة عدم تقديم تقرير بعد انصرام المدة المذكورة؟ و هل يجوز للمحكمة أن تمنحها أجال آخر؟
كلها أسئلة مقلقة حول التحكيم الثنائي كان على المشرع العمل يأخذها بعين االعتبار عند
صياغته لمدونة األسرة الجديدة.
فعدم تحديد شروط الحكمين يجعل القضاء مترددا عند تعيينه للحكمين .و حبذا لو
تبنى المشرع ا لصيغة التي أعدها في مشروع م ح ش المغربية الذي صدر في أواخر الثمانينات
و ظل حبيس األرشيف فقد كان الفصل 180أكثر توفيقا و دقة ووضوحا من حيث التعبير 3من
الفصل 56من م .ح ش و كذا المواد 95و 96من م أ.
فقد كان الفصل 180ينص على ما يلي " إذا كان الطلب مجردا عن الحجة بعثت المحكمة
حكما من أهله و حكما من أهلها إن أمكن و إال فمن له خبرة بحالهما و قدرة على اإلصالح
بينهما".
لكن رغم أن المشرع المغربي لم يحدد الشروط و الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الحكم
فإن مدونة األسرة تحيل في المادة 400على المذهب المالكي في كل ما لم يرد به نص في المدونة
www.sajplus.com 86
و لذلك فال مناص من الرجوع إلى هذا المذهب لبيان الشروط الواجب توافرها في الحكمين و هي
كما حددها فقهاء المذهب المالكي العدالة و الذكورة و التفقه و العلم بأحكام الجمع و التفريق بين
الزوجين و اإلسالم و البلوغ و أن يكونا من أهل الزوجين و إذا كان المشرع المغربي التزم
الصمت إزاء شروط الحكمين ،فإنه بعض التشريعات العربية كانت أكثر وضوحا في هذا المجال
وحدد بنصوص صريحة جملة من الشروط التي ينبغي على القاضي مراعاتهما عند تعيين
الحكمين .و في طليعة هذه التشريعات نجد التشريع المصري الذي نصت المادة 70من قانون رقم
25لسنة 1929المعدل بموجب قانون رقم 100لسنة 1985على ما يلي " يشترط في الحكمين
أن يكونا عدلين من أهل الزوجين إن أمكن و إال فمن غيرهم ممن له خبرة بحالهما و قدره على
اإلصالح بينهما".
ومؤدى ذلك أنه يشترط أن يكون الحكمان من أهل الزوجين فإن تعذر ذلك أمكن اختيارهما
من غير األهل شريطة أن يكونا مما يتصفا بالعدالة و على بينة بحال الزوجين و لديهما القدرة
على اإلصالح بينهما . 1في حين نص المشرع الجزائري في المادة 56من قانون رقم 84لسنة
1984على أن يشرط أن يكون من أهل الزوجين.
وقد تفرد قانون األسرة الليبي عن باقي التشريعات المغاربية م 39في إسناده مهمة الصلح
بين الزوجين للحكمين كوسيلة أولى ،فالقاضي ال يتولى ذلك إال في الحالة التي يعجز فيها –
الحكمان -عن أداء مهمتهما في حين يعتبر قانون المرافعات التحكيم بموجب الحكمين وسيلة ثانية
تمارسها المحكمة عند عجزها تحقيق اإلصالح (فصل 772من ق المرافقات الليبي).
و من ايجابيات قانون األسرة الليبي هو ضبطه لمحاولة الصلح بواسطة التحكيم و خاصة
في ما يتعلق بالشروط التي يجب توافرها في الحكمين و ما يجب عليهما.
فقد نصت المادة 37من قانون رقم 10لسنة 1984على أنه" يشترط في الحكمين أن
يكونا رجلين عدلين من أهل الزوجين إن أمكن وإال فمن غيرهم و أن يكون ممن لهم خبرة بحالهما
يقوما بمهمتهما بعدل و أمانة تحدد المحكمة تاريخ بدء و انتهاء مهمتهما بما ال يتجاوز شهرا".
-1أحمد نصر الجندي ،الطالق و التطليق و آثارهما ،دار الكتب القانونية مصر ،طبعة 2004ص 241
www.sajplus.com 87
و قد أحسن المشرع الليبي لما حدد مدة انجاز الحكمين لمهمتيهما و مددها و نحى إلى
تعيين آخرين بدل األولين في حالة عجزهما و إن دل ذلك على شيء فإنه يدل على رغبته في
صيانة األسرة و حمايتها.1
كما أن مشروع القانون العربي الموحد ينص في مادة " 109يعين القاضي حكمين من
أهليهما إن أمكن و إال فمن بتوسم فيه القدرة على اإلصالح و يحلفهما اليمين على أن يقوما
بمهمتهما بعدل وأمانة " . 2
و إذا كان المشرع المغربي لم يوضح شروط الحكمين فإنه في م ح ش في الفصل 56نص
على شروط خاصة بمسطرة التحكيم رغم أن الف 175جاء خاليا من هذه الشروط و هي رفض
الشكوى األولى 3و عدم إثبات الضرر و استمرار الضرر و تكرر الشكوى 4و هذا ما يستفاد من
الفصل 56من م ح ش الذي ينص على ما يلي " إذا رفضت طلب التطليق و تكررت الشكوى ولم
يثبت الضرر بعث القاضي حكمين لسداد بينهما" و هذا يعني أن القاضي ال يبعث الحكمين إال بعد
توفر هذه الشروط .و هذا ما سار عليه المجلس األعلى في أحد قراراته الذي جاء فيه " إن
المشرع قصر بعث الحكمين على ما إذا تعذر ثبوت الضرر و تكرر الرفع حسب الفقرة الثانية من
الف 56من م ح ش أما إذا ثبت الضرر الذي ال يستطاع معه دوام العشرة فان القاضي يطلق على
الزوج بمقتضى الفقرة األولى من نفس الفصل المذكور" . 5
و في قرار آخر أكد أن " بعت الحكمين ال يكون إال مع تكرار رفع الشكوى و تعذر ثبوت
الضرر و أن التعذر ال يتحقق إال بتكليف المدعية بإثبات الضرر و يدعى التعذر و تقوم قرينة
على ذلك التعذر و هو األمر الذي ال يتوفر في النازلة و يستمر قائال" و حيث أن توفر شرط
www.sajplus.com 88
تكرار شكوى بالضرر مع عدم إثباته مفقود سواء في المراحل االبتدائية أو في المرحلة االستئنافية
بالمعنى الوارد في الف 56من ح ش مما يجعل القرار المطعون مجانب للصواب.1
و هي قرارات غير سليمة و مجانية للصواب ألن الصلح إجراء أولي يقتضي االستعانة
بالحكمين فكيف يعقل أن بعث الحكمين إجراء ال يتم اللجوء إليه إال بعد رفض القاضي لطلب
التطليق و بعد تكرار الشكوى و عدم ثبوت الضرر 2؟
فالقضاة بنهجهم لمسطرة الصلح في الدعوى األولى لم يرتكبوا إثما و لم يخالفوا مقتضيات
الشريعة اإلسالمية ،خصوصا و أن المصدر الشرعي يحث على ضرورة بعث الحكمين لإلصالح
بين الزوجين في جميع الحاالت دون قيد أو شرط .بل أكثر من ذلك هناك بعض الفقهاء الذين
يرون أنه يجب على القاضي بعث الحكمين بمجرد الخوف من شقاق الزوجين ال ينتظر ارتفاعه
قال ابن العربي" إذا علم اإلمام من حال الزوجين الشقاق لزمه أن يبعث إليهما حكمين و ال ينتظر
ارتفاعهما ألن ما يضيع من حقوق هللا أثناء ما ينظر رفعها إليه ال جبر له" .3و هناك بعض
التشريعات التي تسير في االتجاه الذي نهجه المشرع المغربي و هو عدم التجاء القاضي إلى
التحكم في النزاع بين الزوجين إال إذا تكرر من الزوجة طلب التفريق إلضرار الزوج بها بعد
رفض طلبها األول مع عجزها عن إثبات ما تضرر منه.4
فالمادة السادسة من القانون المصري رقم 25لسنة 1925و المعدل بموجب قانون رقم
100من " 1985إذا ادعت الزوجة أضرار الزوج بها بما ال يستطاع معه دوام العشرة بين
أمثالها يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق و حينئذ يطلقها طلقة بائنة إذا ثبت الضرر ثم
تكررت الشكوى و لم يثبت الضرر بعث القاضي حكمين على الوجه المبين في المواد 7:و8
و 9و 10و. 11
- 1قرار المجلس األعلى عدد 176الصادر بتاريخ 27مارس 1978قضية عدد 646-86أشار إليه أحمد الخمليشي التعليق على
ق ح ش المرجع السابق ص 341
-2إدريس الفاخوري ،الصلح في العمل القضائي ،المجلة المغربية لالقتضاء و القانون ،ع 5لسنة 2002ص 18
-3ابن العربي ،أحكام القران ،ج 1ص 176
-4فتحي حسن مصطفى ،المرجع السابق ،ص 43
www.sajplus.com 89
كما أن الفصل 25من مجلة األحوال الشخصية التونسية نص على أنه إذا اشتكى أحد
الزوجين من األضرار و ال بنية له و أشكل على الحاكم تعيين الضرر يعين حكمين و على
الحكمين أن ينظرا فإن قدرا على اإلصالح أصلحا و يرفعان األمر إلى الحاكم في كل األحوال".
لكن هذا التحكيم بقي حبرا على ورق دون أن يطالب به المتقاضون أو أن تحكم به المحكمة من
تلقاء نفسها و لعل السبب في ذلك هو تقيد التحكيم بمجموعة من الشروط.1
في حي ن نجد بعض التشريعات األخرى ألزمت القاضي بعث الحكمين دون أية شروط
كالقانون الليبي في المادة . 36
و اشترط مثل هذه الشروط من شأنه أن يعمل على تعقيد األمور و تفويت الفرصة عن
الحكمين 2و فيه تشديد و تضييق على الزوجة و إطالة أمد النزاع حيث تجبر على طرق باب
القضاء مرتين مع ما في ذلك من تضييع للوقت و الجهد والمال ،زيادة على إجبارها على تحمل
أذى الزوج بها طيلة هذه المدة كما أنه يخالف النص القرآني.3
لكن بعد صدور مدونة األسرة ألغى المشرع المغربي تلك الشروط و أوجبا اللجوء إلى
التحكيم كلما حصل خالف أو نزاع بين األزواج يخشى من حصول الشقاق و هذا بخالف م ح ش.
و من ثم لم ي عد هناك أي مبرر لالستمرار في تكريس بعض االجتهادات القضائية للحيلولة دون
االستجابة لدعوى الزوجة لطلب التطليق للضرر كاشتراط تكرار الضرر و أن يكون ما زال
مستمرا و غير منقطع و إثبات عدم مشروعية سبب الضرر. 4
و بذلك تكون مدونة األسرة أخذت بما ذلت عليها اآلية صراحة أو هي األولى بالتطبيق الن
في ذلك حفاظا على الزوجية بالقدر المستطاع.
كانت هذه إذن إجراءات بعث الحكمين فكيف تتم عملية اإلصالح التي تقوم بها الحكمان؟
-1ساسي بنحليمة ،المحاولة الصلحية علي معني الف 32من مجلة األحوال الشخصية ،المرجع السابق ،ص 23
-2علي منتصر ،المرجع السابق ،ص 172
-3ربيعة بنغازي ،المرجع السابق ،ص 297
-4إدريس الفاخوري ،دور اإلرادة في إنهاء عقود الزواج ،مجلة القصر الملف ،عدد 4شتنبر 2004ص
www.sajplus.com 90
الفقرة الثانية :مهام الحكمين
لقد تولى المشرع المغربي بيان مهام و اختصاصات الحكمين من خالل الفصل 56من م ح ش
والمادة 95من مدونة األسرة.
فقد نص الف 56على أنه " يجب على الحكمين أن يتفهما أسباب الشقاق بين الزوجين
ويبذال جهدهما في اإلصالح فإن أمكن على طريقة معينة قرارها و إذا عجز عن اإلصالح رفع
األمر إلى القاضي لينظر في القضية على ضوء تقريرهما".
في حين أكدت المادة 95من م ا على ما يلي ":يقوم الحكمان أو من في حكمهما باستقصاء
أسباب الخالف بين الزوجين يبدل جهدهما إلنهاء النزاع".
إذا توصل الحكمان إلى اإلصالح بين الزوجين حررا مضمونه في تقرير من ثالث نسخ
بوقعها الحكمان و الزوجان و يرفعانها إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة منه
وتحفظ الثالثة بالملف و يتم اإلشهاد على ذلك من طرف المحكمة".
و من خالل هذه النصوص يتجلى أن أول عمل يقوم به الحكمان بعد تعيينهما هو السعي
إلصالح ذات البين بين الزوجين و تأليف قلبهما على المودة و حسن المعاشرة ،1من خالل
التعرف على أسباب الخالف و دوافعه و خلفياته من أجل إنهاء النزاع المستحكم بينهما بكل وجه
أمكنهما.2
و لنجاح الحكمين في مهمتهما اإلصالحية يجب عليهما أن ينويا اإلصالح و يخلصا في تلك النية
لوجه هللا تعالى إذ من حسنت نيته أصلح هللا مبتغاه و كان سببا في حصول ما يرمي إليه من
إصالح 3و ألدل على ذلك قوله تعالى" إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما" 4ففي ذلك إرشاد إلى
المهمة الكبيرة الملقاة على عاتق الحكمين و المتمثلة في بذل الجهد لإلبقاء على بيت الزوجية قائما
و حفظه من الدمار الذي يحل به في حالة الفرقة و اطمئنانا لنفوس الحكمين من اإلحساس
بالوصول إلى الغاية المنشودة ،و أن التوفيق رائدهما و مصاحبهما فال يتسرعان و ال يسأمان و ال
-1محي الدين عبد الحميد ،األحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية مع اإلشارة إلى مقابلها في الشرائع األخرى،الطبعة الثانية
1958ص 318
-2عبد الهادي إدريس أبو األصبع ،المرجع السابق ،ص 166
-3غزة رشاد قطورة ،التحكيم في ضوء الشريعة اإلسالمية طبعة 1994 - 1414ص 46
-4سورة النساء اآلية 35
www.sajplus.com 91
يضيق صدرهما بما يسمعان بل عليهما أن يحتمال كل ما يعتريهما في سبيل إرادة اإلصالح
وتحري العدل و العمل على إنقاذ األسرة و ال بد من بعد وعد هللا أن يصال إلى ما يحب ويرضاه.1
فقد روي عن عمر ابن الخطاب أنه بعث حكمين للتوفيق بين الزوجين فعادا خائبين فغضب عمر
و قال :كذبتما ،بل لم تكن لكما إرادة صادقة في اإلصالح و لو كانت لكما لبارك هللا سعيكما فإن
هللا سبحانه و تعالى يقول" إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما" فخجل الرجالن و أعادا سعيهما
بإرادة صادقة و عزيمة قوية وألقى هللا تعالى ما شاء من الوفاق بين الزوجين و نجح الحكمان في
إعادة الود و محو الشقاق .فكأن ذلك يعني أن عدم تفوق الحكمين في مهامهما يدل على أنهما قد
دخال بنية عدم اإلصالح و في ذلك لفت واضح لكل حكم بأن ينتبه إلى جالل المهمة الموكولة
إليه.2
و من أجل اإلحاطة بظروف الزوجين وواقعهما إحاطة شاملة كافية تسمح بسبر أغوار
عالقتهما و معرفة كنه شقاقهما ،3يمكن للحكمين التردد على الزوجين و أن يدخل عليها المرة بعد
المرة ،4و أن يعقدا جلسات متكررة و مقابالت متعددة لالطالع على أحوالهما و االستماع إلى
أقوالهما لتكوين فكرة على أسباب الشقاق و المتسبب فيه .و ال ضير في انفراد الحكم بقريبه إذا ما
بدا له ذلك ضروريا للكشف عن بعد األمور التي لم يرد أحد الزوجين الكشف عنها بمحضر
شريكه.5
لكن يستحسن أن ال ي الزم الحكمان الزوجان باستمرار قصد إتاحة الفرصة لهما عسى أن يتداركا
األمر و يعمالن على إعادة النظر في حياتهما المشوبة باألخطاء المؤدية إلى الشقاق لعل الضمير
يتحرك فيحاسب كل واحد منهما نفسه و يندم و يتراجع عن موقفه.6
و للحكمين سلطات واسعة في مجال اإلصالح إذ بإمكانهما القيام بأي إجراء للوصول إلى
التوفيق بين الزوجين لمنع تشتيت األسرة ،فيشعرانهما بتفاهة الخالف القائم بينهما و يذكرانهما
-1محمد صادق عفيفي ،المرجع السابق ،ص 210و أيضا عبد الخالق أحمدون ،المرجع السابق ،ص 362
-2محمد متولي شعراوي ،أحكام األسرة و البيت المسلم ،مكتب التراث اإلسالمي القاهرة طبعة 2001-1422ص 272
-3علي منتصر ،المرجع السابق ،ص 207
-4محمد ابن معجوز المزغراني ،المرجع السابق ،ص 242
-5الحسين العلمي ،مسطرة الشقاق في ظل مدونة األسرة ،مجلة المعيار ،عدد 32دجنبر ، 2004ص 170
-6علي منتصر ،المرجع السابق ،ص 208
www.sajplus.com 92
بوجوب حسن المعاشرة و التزام المعروف و أحكام الشرع في صلتهما ببعضهما البعض .1نظرا
ألهمية و قدسية الرابطة الزوجية ألن فك العصمة من أبغض الحالل عند هللا و أن السعي إلى ذلك
فيه هدم لألسرة ،و أن استمرار الشقاق وحصول الطالق سينعكس سلبا على أطفالهما و يعرضهم
للتشرد و سوء الحالة و غير ذلك من األمور التي من شأنها إذابة الخالف و إحالل الود بدل التنافر
2
و الجفاء.
و إلنجاح فرص المحاولة الصلحية يمكن للحكمان أن يستأنسا بتوجيهات القاضي و أهل
الفضل من الجيران ة األقارب و األصدقاء و كل من له عالقة و صلة و معرفة بالزوجين 3قصد
تلمس األسباب الحقيقية التي كانت وراء نشوب النزاع بين الزوجين ،رغم أن المشرع المغربي لم
يشر إلى دور الجيران في مسطرة الصلح.
في حين نجد بعض التشريعات العربية التي تنص على إمكانية االستعانة بالجيران كالقانون
األردني في المادة 132التي تنص على ما يلي "يبحث الحكمان أسباب الخالف و النزاع بين
الزوجين معهما أو مع جيرانهما أو مع أي شخص أخر يرى الحكمان فائدة في بعثهما معه"
و استعانة ال حكمين بالجيران من أجل تحقيق الصلح بين الزوجين يجب أن يكون داخل
األجل التي تحدده المحكمة طبقا إلى المادة 96من قانون األسرة .
فعلى المحكمة أن تعين للحكمين مهلة مناسبة تراعى في تحديدها رغبة المشرع في تسريع
آليات التقاضي مع منح الحكمين فرصة مواتية إلجراء الصلح تكون كافية الستقصاء أسباب
الخالف بين الزوجين و بدل الجهد إلنهاء النزاع صلحا 4و هذا ما لم تكن تتضمن المدونة السابقة
بحيث لم تهتم بتحديد األجل الذي يتعين على الحكمين أن ينجزا خالله مهمتهما و تركته خاضعا
للسلطة التقديرية لكل قاض.
و إذا نجح الحكمان في تحقيق المصالحة بين الزوجين المتنازعين حررا تقريرا مفصال من
ثالث نسخ يضمنان فيه أسباب الشقاق والحلول المتفق عليها إلنهائه 5ويوقعه الحكمان والزوجان
www.sajplus.com 93
و يرفعانه إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة منه و تحتفظ بالثالثة في الملف
ويتم اإلشهاد على ذلك من طرف المحكمة.
أما إذا لم يتفوقا في مسعاهما و تعذر عليهما اإلصالح بين الزوجين فإن المشرع أوجب أن
يرفعا تقريرا مستوفيا للشروط القانونية إلى المحكمة التي انتبذتهما يتضمن تصريح الزوجين
وهويتهما الكاملة و هل هناك أطفال أم ال؟ و هل الزوجة حامل أم ال؟ و سبب الشقاق و مسؤولية
كل من الزوجين عن الشقاق و يقترحان على المحكمة الحلول التي يريانها مناسبة لحل النزاع
وغير ذلك من البيانات التي قد تساعد األسرة على تحديد مستحقات الزوجة واألطفال .وهذا يعني
أن المشرع لم يبح للحكمين أن يحكم بنفسهما في ما إذا عجزا عن اإلصالح وإنما أوجب عليهما أن
يرفعا تقريرهما إلى القاضي.
و قد سارت المدونة على قول الشافعي و أبي حنيفة الذين يريان أن الحكمين مجرد شاهدين
مهمتهما أن يرفعا األمر إلى القاضي 1و حيث أن المدونة اعتبرت الحكمين شاهدين ال قاضيين فإن
ما قرراه ال يلزم القاضي في شيء و له أن يحكم بنقيض ما اقترحاه وكأن الغاية من مهمتهما تجلية
األمور و تقريب أسباب الشقاق إلى علمه 2أما إذا تعذر على الحكمين تقديم تقريرهما داخل األجل
المحدد لهما أو تباينت وجهات نظرهما عند تسطير محتوى التقرير أو على مستوى تحديد
المسؤوليات مما يجعل تقريرهما غير كامل أو غير محرر أصال و بما أن األمر يتطلب إما فض
النزاع بالصلح و عند تعذره بالتطليق عوض ترك الزوجين في االنتظار نتيجة تماطل الحكمين أو
خالفهما 3في هذه الحالة فإن المحكمة بمقدورها إجراء بحث إضافي بجميع الوسائل المجدية التي
تراها مالئمة في هذا الشأن 4كل ذلك من اجل اتقاء شر الطالق و ما قد ينتج عنه.
و بالنسبة للتشريعات العربية نجد القانون الليبي رقم 10لسنة 1984في المواد 36إلى39
أسند مهمة إصالح بين الزوجين للحكمين تعينهما المحكمة وعند عجزهما عن تحقيق دلك يرفعان
إلى المحكمة ما يقررانه مع األسباب المؤدية إلى الشقاق .وفي هذه الحالة تتولى المحكمة
المختصة الفصل في النزاع .
-1عبد الكريم شهبون ،المرجع السابق ،ص 234و أيضا محمد بن معجوز ،المرجع السابق ،ص .242
-2محمد بودالحة ،المرجع السابق ،ص 538
-3عبد الكريم شهبون ،المرجع السابق ،ص 158
-4يوسف بنباصر ،المرجع السابق ،ص 32
www.sajplus.com 94
و نفس النهج سارت عليه المشرع التونسي الذي قصر مهمة الحكمين على اإلصالح فقط 1وهو
أيضا ما جاء في المذكرة التوضيحية لمشروع القانون العربي الموحد.2
و على عكس القانون المغربي الذي يتسم بطابع العمومية و عدم الدقة و التوضيح فيما
يحض اإلجراءات المسطرية المتعلقة ببعث الحكمين لإلصالح بين الزوجين نجد القانون المصري
3
كان أكثر جرأة إذ عمل على توضيح مهمة الحكمين بنوع من التفصيل
وعلى كل حال فإذا كانت كل من الزوجين يريد استمرار الحياة الزوجية ويحرص على
بقائها فال شك وأن الحكمين سيجدان وجها للتوفيق بينهما .أما إذا كان كل منهما أو أحدهما راغبا
عن استمرار الزواج ،عازما على االنفعال فإنه مهما حاول المصلحون نصحه و وعظه سيتمسك
برأيه و يتعنت و برفض كل اقتراح ويعرقل كل محاوالت اإلصالح وعندئذ البد مما ليس له من
بد .4وهذا ما ينهجه القضاء في مختلف المحاكم المغربية .5
فالحكمان يلعبان دورا هاما في مجال اإلصالح بين الزوجين و يخففان العبء عن القضاة
ويقلالن من معاناة األطراف ،لكونها أقدر على اإلصالح من القاضي الطالعهما على أحوال
الزوجية من جهة ولتفرغها لهذه المهمة من جهة أخرى والتصالهما بالزوجين من جهة ثالثة .
وباإلضافة إلى الحكمين فقد أوجد المشرع آلية أخرى لحماية األسرة من التفكك عن طريق
مساعدة الزوجين للوصول إلى حل ودي لخالفاتهما .فما هي هده اآللية؟
-1إذ جاء في الفصل 25من القانون 1993ما يلي"إذا اشتكى أحد الزوجين من األضرار و ال بينة له و أشكل على الحاكم تعين
الضرر بصاحبه يعين حكمين وعلى الحكمين أن ينظرا فإن قدرا على اإلصالح أصلحا و يرفعا األمر إلى الحاكم في كل األحوال".
-2في المادة 110التي تنص على أنه "على الحكمين تقصي أسباب الشقاق و بدل الجهد لإلصالح بين الزوجين
يقدم الحكمان إلى القاضي تقريرا عن مساعيهما و اقتراحاتهما متضمنا مدى إساءة كل الزوجين أو أحدهما لألخر" المجلة العربية
للفقه و القضاء ،المرجع السابق ،ص 26
-3من خالل المادة 10من القانون رقم 25لسنة 1929المعدل بموجب القانون رقم 100لسنة 1985فقد جاء فيها " إذا عجز
الحكمان عن اإلصالح:
-فإن كانت اإلساءة كلها من جانب الزوج ,اقترحا الحكمان التطليق بطلقة بائنة دون مساس بشيء من حقوق الزوجة
المترتبة على الزواج و الطالق.
-إذا كانت اإلساءة كلها من الزوجة اقترحا التطليق نظير بدل مناسب يقدرانه تلتزم به الزوجة.
-و إذا كانت مشتركة اقترحا التطليق دون بدل أو ببدل يتناسب مع اإلساءة.
-وإن جهل الحال فلم يعرف المسيء منهما ،اقترحا الحكمان تطليق دون بدل .
-4يحي عبد هللا المعلمي ،المرأة في القران الكريم ،منشورات دار صبري الرياض 1991-1412-ص39
-5حكم المحكمة االبتدائية بمكناس رقم 825في ملف رقم 25-04-568الصادر بتاريخ 8يوليوز 2004غير منشور
www.sajplus.com 95
المبحث الثاني :مجلس العائلة ودوره في التوفيق بين الزوجين
لقد جعل المشرع المغربي مجلس العائلة من بين الجهات التي يمكن للقاضي االستعانة بها
عند البث في قضايا األسرة من أجل اإلصالح بين الزوجين في حالة الطالق أو التطليق .
www.sajplus.com 96
المطلب األول :تكوين مجلس العائلة
إن حضور مجلس العائلة من الناحية التشريعية كان و ال يزال يشكل حضورا قويا في
مسطرة الصلح سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد خروج مدونة األسرة حيز التطبيق.
وقد حدد المرسوم المنظم للمجلس تركيبته الهيكلية والشروط الالزم توفرها في كل أعضائه
(الفقرة األولى).
كما عمل على توضيح اإلجراءات الواجب إتباعها النعقاد مجلس العائلة(الفقرة الثانية)كل
ذلك من أجل مساعدة القاضي على تدليل كل العقبات التي تحول دون استمرار العالقة الزوجية
في جو يسوده الهدوء و الطمأنينة.
الفقرة األولى :شروط أعضاء مجلس العائلة
لقد أنيطت بمجلس العائلة مهمة مساعدة القضاء في القضايا المتعلقة بشؤون األسرة و التي
ال تنفع معها المساعي الحميدة و المبادرات الشخصية للقاضي وال تجدي معها التدخالت العائلية
لرأب الصدع.1
وقد حدد المادة األولى من مرسوم 1994األعضاء المكونين لهذا المجلس و هم القاضي
بصفته رئيسا و األب أو األم أو الوصي أو المقدم ،باإلضافة إلى أربعة أعضاء يعينهم القاضي من
بين األقارب أو األصهار بالتساوي من جهة األب وجهة األم أو جهة الزوج والزوجة حسب
األحوال.
وإذا تعذر توفرهم من الجهتين أمكن تكوين هذا المجلس من جهة واحدة.
www.sajplus.com 97
لكن بقراءة هذه المادة قراءة متأنية و ربطها بالموضوع العام المتعلق بمحاولة التوفيق بين
الزوجين يطرح السؤال التالي :هل يستطيع القاضي الذي ينظر في طلب الطالق أو التطليق أن
يدعو مجلس العائلة لالنعقاد بهيكله المحدد في المرسوم المنظم له ويشترك في مهمة إجراء الصلح
األسري؟ أال يمكن القول أن عدد أعضاء المجلس (األربعة األعضاء باإلضافة إلى القاضي
بصفته رئيسا و األب و األم )...سيتشكل عائقا أمام المجلس أداء مهمته أليس انتقاء أربعة أعضاء
من باب التعجيز و التعقيد و تطويل المسطرة؟
فإذا كان القران الكريم المنزل من لدن عزيز حكيم ،العالم بأمور عباده استلزم في حالة
الشقاق بين الزوجين بعث حكمين (حكم من أهله و حكم من أهلها ) أي ما مجموعه اثنين ،و مع
ذلك نالحظ في الحياة العملية ،تلك العراقيل و الصعوبات التي تعترض اختيار الحكمين حتى
وصل األمر إلى درجة االستغناء عن الحكمين واإلكتفاء بمبادرة القاضي .أال يشكل من هذا
المنظور عدد األربعة حاجزا يعيق مسيرة المجلس في إصالح ذات البين؟.1
هذا فظال على أن الزوجين قد يتحفظا أو يترددا في الكشف عن األسباب الحقيقية للنزاع
أمام جمع غفير يدعى مجلس العائلة يصل إلى سبعة أعضاء 2
لتعلقها بأسرار العالقة الزوجية
مما يجعل الغاية المتوخاة من هذا المجلس شبه منعدمة أو منعدمة.3
وباإلضافة إلى ما سبق بأن هناك صعوبة أخرى تطفو على السطح وهي كيفية انتقاء
األعضاء األربعة هل يختارون من نفس المراكز االجتماعية و المستويات؟ وكيف يتبنى التوفيق
بين عقلية البدوي والحضري مع اختالف رؤى كل واحد منهما ،و كيف يتأتى تحقيق التفاهم في
ظل اختالف المستويات االجتماعية و المدارك الثقافية؟ .4
و في حالة تعذر اختيار أعضاء مجلس العائلة من جهتين على قدم المساواة فقد أكد المشرع
على إمكانية تعيين أعضاء المجلس من جهة واحدة .لكن أال يبدو تكوينه من جهة واحدة عند
العجز عن الجمع تغليبا و انتصارا لجهة على جهة؟
www.sajplus.com 98
ولكي ينعقد مجلس العائلة و حتى يحقق األهداف السياسية التي كانت وراء إحداثه ،ألزم
المرسوم المنظم لمجلس العائلة الرئيس مراعاة مجموعة من الشروط و المواصفات التي ينبغي
توفرها في أعضاء المجلس وهي درجة القرابة ،و مكان إقامتهم ،و سنهم ،و مؤهالتهم ،وعالقتهم
باألسرة ،ومدى استعدادهم للعناية بشؤونها ،وحرصهم على مصلحتها على أن يكون هؤالء
األعضاء كاملي األهلية .و للرئيس الصالحية في تغيير أي عضو من أعضاء مجلس العائلة عند
اإلقتضاء.
و ما نصت عليه المادة الثانية من مرسوم 2004ال يختلف كثيرا عما كان واردا بالمادة
الثانية من المرسوم القديم الذي ثم نسخه ما عدا ما يتعلق بالتدقيق في العبارة باستعمال الرئيس بدل
القاضي ،1و بمعاينة الشروط الواجب توفرها في أعضاء المجلس نسجل ميزة أساسية و هي
حرص المشرع على عدم إفشاء أسرار الزوجين و ذلك حينما نص على ضرورة توفر شروط
القرابة في أعضاء المجلس حتى يكونوا على بينة من الخالف القائم بين الزوجين وعلى دراية
ومعرفة بكنهه و خفاياه نظرا لقرابتهم منهما. 2
لكن هناك من يرى أن شرط القرابة غير ضروري ألن العائلة عندما تكون قادرة على
اإلصالح وإرجاع المياه إلى مجاريها النتظر الوصول إلى المحكمة لتقوم بهذا الدور.3
لكن رغم أهمية الشروط الواجب توافرها التي توضح مدى أهمية الدور الذي سوف يلعبه
مجلس العائلة أساسيا في المحافظة على الروابط العائلية و تدعيمها و الحيلولة دون تصدع األسرة
وتفككها .من خالل تذويب بوادر الشقاق والعمل على إرجاع المياه إلى مجاريها الطبيعية ومساعدة
القضاء من أجل اتخاذ قرارات صائبة في صالح جمع شمل األسرة والحفاظ عليها.
ورغم أهمية هذه الشروط التي تبدو منطقية و ضرورة فإن توافرها مجتمعة في أعضاء
المجلس تعترضها مجموعة من العراقيل .لكونها شروط صعبة التطبيق في الواقع العملي ألنها
www.sajplus.com 99
صفات ال تتواجد إال في فئات منظمة مؤطرة متمرسة كأصحاب المهن القضائية أو من ذوي
االختصاص كالخبراء والباحثين االجتماعيين.1
وما زاد من تقليل أهمية هذه مجلس العائلة وعدم تفعيله على أرض الواقع ،هو عدم تحديد
المشرع المغربي المقصود من الشروط الواجب توافرها في أعضائه تحديدا دقيقا .مما ترك الباب
مفتوحا أمام مختلف التفسيرات والتأويالت خصوصا شرط مراعاة مؤهالت األعضاء ،فالمشرع
لم يبين بشكل جلي المقصود بعبارة المؤهالت ،فهل تعني المؤهالت الثقافية أو المادية...؟
وقد ذهب البعض إلى أن هذه العبارة تنصرف إلى المؤهالت الثقافية ما دام أنه ثم النص
صراحة على كمال أهلية أعضاء مجلس العائلة.
فالمستوى الثقافي ترتب عنه الحكمة والتبصر والرؤية في اإلدالء برأي استشاري يلقى
أثرا أو وقع حسن في نفسية أطراف العالقة الزوجية .وتقدير ذلك في نهاية المطاف يعود إلى
السلطة التقديرية للقاضي رئيس مجلس العائلة في اختيار أعضاء أكفاء يحرصون على مصلحة
األسرة. 2
وقد أتاحت المادة الثالثة من مرسوم 2004للرئيس الصالحية في تغيير أي عضو من
أعضاء مجلس العائلة عند االقتضاء ،و المشرع في هذا الصدد لم يخرج عما هو مسطر سابقا في
المرسوم القديم.
وتغيير أحد أعضاء مجلس العائلة ال يمكن حمله إال على محمل واحد وهو أن تنعدم شروط
أحد األعضاء في تحميله لهذه األمانة ،كقدح في مروءته أو عجزه أو عدم استجابة لالستدعاء
بدون مبرر معقول .و المالحظ أن المشرع تعامل مع الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس
العائلة و مدى إمكانية تغييره بنوع من اليسر و عدم التشدد.
فقد كان على المشرع أن يأتي بصياغة تفيد الوجوب و اإللزام وليس اإلمكانية (عند
االقتضاء) من أجل إضفاء المصداقية على أعضاء هذا المجلس للمهام الجسيمة الملقاة على
عاتقهم ،فالعضو غير الصالح يجب إزاحته وال مهادنته.3
www.sajplus.com 100
وبعد توفر الشروط الضرورية والمحددة في المرسوم في كافة أعضاء هذا المجلس ،يتولى
رئيس المجلس مهمة دعوة كل األعضاء لالنعقاد في وقت و مكان محددين .فما هي إجراءات
انعقاد مجلس العائلة؟
الفقرة الثانية :انعق اد مجلس العائلة
لقد حدد المادة الرابعة من مرسوم 1994كيفية الدعوة إلى انعقاد مجلس العائلة فقد أكد
على أن المجلس يجتمع بطلب من األم أو القاصر أو بمبادرة من القاضي بناءا على طلب أحد
أعضائه اآلخرين و كلما دعت الضرورة إلى ذلك .لكن بعد صدور مرسوم 2004و يالحظ أنه
أتى بمستجد هام يتمثل في أعضاء الحق للقاصر بطلب اجتماع مجلس العائلة وهو ما لم يكن
منصوص عليه في المرسوم القديم.
و يالحظ أن مجلس العائلة ال ينعقد بشكل تلقائي و إنما بناء على طلب مقدم إما من طرف
األم أو القاصر أو الجمهور أو بمبادرة من الرئيس أو بناء على طلب أعضاء المجلس اآلخرين
كلما دعت الضرورة إلى ذلك. 1
و يعمل الرئيس على استدعاء أعضاء المجلس قبل التاريخ المحدد لالجتماع مع بيان
موضوع االجتماع و يوم و ساعة و مكان انعقاده حسب ما تقتضيه الفقرة الثانية من المادة الرابعة
من مرسوم ، 2004غير أن المشرع أغفل تحديد األجل الذي يمكن توجيه فيه االستدعاء.
فقد كان على المشرع المغربي أن يحتفظ باألجل الذي كان منصوص عليه في المرسوم
القديم لسنة 1994و المحدد في ثمانية أيام على األقل و النص عليه قصد تفادي ضياع الوقت
2
والعمل على إصالح ذات البين و السهر على شؤون األسرة داخل طرف وجيز.
و قد سمحت المادة الخامسة من المرسوم الجديد ألعضاء المجلس إنابة غيرهم من األقارب
واألصهار في حالة تعذر عليهم الحضور شخصيا ،وذلك للقيام بنفس الصالحيات المخولة لهم
قانونيا وذلك شريطة الحصول على إذن من رئيس المجلس ولم يحدد المشرع كيفية الحصول على
هدا اإلذن .
-1خالد بنيس ،قاموس األحوال الشخصية طبعة شركة بابل للطباعة و النشر و التوزيع ،طبعة 1998ص 151
-2محمد أوراغ ،المرجع السابق ،ص 122و أيضا إدريس الفاخوري ،الزواج و الطالق ،المرجع السابق ،ص 269
www.sajplus.com 101
ويرى البعض أنه ال يتم ذلك إال بناء على تقديم طلب إلى رئيس مجلس العائلة وتستحيل
موافقته على الطلب واإلذن بالنيابة إال أن ذلك يجب أن يتم داخل أجل معقول ومراعاة لمقتضيات
المادة الثانية من المرسوم السابق اإلشارة إليها. 1
وال يمكن تصور المدة التي يستغرقها تكوين مجلس العائلة ودعوته لالنعقاد والمدة التي
تستغرقها االعتذارات و اإلنابة في الحضور .مما يجعل القاضي مضطرا إلى تأخير الجلسة
وإعادة استدعاء األعضاء أكثر من مرة ،مما يؤدي إلى فوات فرصة التغلب على الشقاق
واحتوائه في الوقت المناسب. 2
وما يتوصل من نتائج خالل اجتماع المجلس يحرر في محضر رسمي يحرره كاتب
الضبط الذي يحضر االجتماع في سجل خاص ،ويوقع مباشرة عند انعقاد االجتماع من طرف
الرئيس و األعضاء أو يشار إلى امتناع هؤالء عند االقتضاء أو إلى وجود مانع يحول دون توقيع
المحضر من طرف العضو حسب ما تنص عليه المادة السادسة.
والمستجد الذي جاءت بيه هذه المادة يتجلى في اإلشارة إلى وجود مانع يحول دون التوقيع
و هو ما لم يكن منصوص عليه في المادة السادسة من مرسوم .1994
ومع ذلك فالمادة السادسة من مرسوم 2004لم تصل إلى الدرجة المطلوبة من الدقة والوضوح
وتحقيق الغاية المتوخاة منها.
فقد أغفلت التنصيص على توقيع كاتب الضبط على المحضر ،فحسب هذه المادة فكاتب
الضبط معفي من التوقيع ما دام النص صريح لم يكلفه ذلك.
إال أنه من المستحسن تديل المحضر بتوقيع كاتب الضبط باعتبار حضوره في االجتماع
وتدوين دلك بكل صدق و أمانة خصوصا توقيعه لن ينقص من القيمة القانونية للمحضر.3
لكن أال تعتبر حفظ السجل الممسوك لتدوين نتائج اجتماعات مجلس العائلة بكتابة الضبط ألسرار
العائالت.
www.sajplus.com 102
خصوصا إذا علمنا أن سجالت المحاكم يمكن االطالع عليها بكل يسر و بسهولة من طرف
العاملين بالمحكمة أو المترددين عليها كالمحامين و أصحاب المهن الفضائية ،وهو ما سيفضي ال
محالة إلى اإلطالع على ما ال يجوز اإلطالع عليه من أسرار و خفايا العائالت .لقد كان على
المشرع و هو بصدد إحداثه لمجلس العائلة سعيا منه للحيلولة دون تصدع األسرة أن يتخذ كل
الضمانات و االحترازات حتى ال تتسرب نتائج أشغال المجلس سواء تلك التي تتم شفاهيا أو التي
تحرر في محضر ،و تصبح عرضة تتلقاها األفواه.
أما كان من األجدر أن يحتفظ بهذا السجل بمكتب القاضي بدل كتابة الضبط ؟ فاالحتفاظ
تحت عهدة القاضي و هو األمين على أسرار الناس و أعراضهم و أموالهم و حقوقهم يبدو أدعى
1
للستر و األمان.
وأهم ما يمكن مالحظته حول المقتضيات التنظيمية لمجلس العائلة هو عدم إسنادها أي
دور للنيابة العامة ال عند تكوين المجلس ،وال عند دعوته لالنعقاد .كما أن النيابة العامة ال تتمتع
بصالحية التجريح في أعضاء مجلس العائلة و ال يحق لها الطعن في القرارات التي ينتهي إليها،
بالرغم من الوظا ئف االيجابية التي تقوم بها مؤسسة الحق العام في المصالح األسرية (المادة 53
من مدونة األسرة).
ويمكن أن تتصور حجم المشاكل أي تعترض تكوين مجلس العائلة وتسييره واإلشراف
على أعماله و دعوته لالنعقاد كلما عرض على القاضي طلب يرمي إلى الطالق أو التطليق وهي
صعوبات كث يرة و متعددة مرتبطة باألعضاء و أخرى ( عدم الحضور و اإلنابات )...باإلضافة
كثرة أشغال القاضي كل ذلك يجعل هذا األخير مضطرا إلى االستغناء و االكتفاء باإلشارة في
المحاضر إلى عدم إمكانية انعقاده.
وحتى ولو تم التسليم بأن مجلس العائلة قد تكون وحضر كل أعضائه فإن تأديته لمهامه
تصطدم مع بعض مقتضيات مدونة األسرة مما يجعل مهمته شبه مستحيلة.
www.sajplus.com 103
فتحديد مدة ثالثين يوما كأجل يفصل بين محاولتي الصلح التي تقوم بها المحكمة (م )88
غير كاف النعقاد المجلس و دراسة النزاع األسري ،وتقديم مقترحات بشأنه خاصة وأن المرسوم
رقم 2-04-88لم يحدد أي أجل الجتماع مجلس العائلة.
ومن جهة أخرى فإن أجل ستة أشهر كأقصى حد للفصل في دعوى الشقاق (م )96ال يسمح
للقاضي بانتداب مجلس العائلة .خاصة في غياب أي نص تشريعي يبين لقاضي األسرة المعروض
عليه طلب الطالق أو التطليق كيف ينسق بين المسطرة القضائية وبين المقترحات التي ينتهي إليها
ومتى يدعو مجلس العائلة لالنعقاد ،وكم مرة يجتمع أثناء سريان مسطرة الطالق أو التطليق؟
ويمكن القول أن المشرع سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد صدور مدونة
األسرة عمل على التنصيص على مسطرة التحكيم العائلي كوسيلة إضافية إلى جانب المسطرة
القضائية من أجل حل النزاع بين الزوجين و بالتالي المحافظة على عش الزوجية من االنهيار.
لكن نظرا للتعقيدات التي تكتف المزاوجة بين ما هو قضائي وما هو عائلي األمر الذي
يجعل القضاة يعزفون عن انتداب مجلس العائلة و يكتفون بتعيين حكمين الستقصاء أسباب
الخالف بين الزوجين و لبدل جهدهما إلنهاء النزاع صلحا.
لكن إذا تم التغلب على كل الصعوبات التي تعترض مجلس العائلة أثناء تأديته لمهمته
اإلصالحية فإنه بال شك سوف يساعد القاضي في محاولة التوفيق بين الزوجين .
وقد وسعت المادة السابعة من مرسوم 2004محال اختصاص مجلس العائلة حينما أسندت
له مهمة إبداء الرأي في كل ما له عالقة بشؤون األسرة وهو مقتضى جديد تضمنته هذه المادة
www.sajplus.com 104
خالفا لما كان منصوص عليه في المادة السابعة من المرسوم القديم لسنة 1994ومن خالل هذه
المادة فإنه تتوفر أمام مجلس العائلة إمكانية التدخل في مجال مهم 1لكنها في نفس الوقت – المادة
7ن مرسوم -2004أغفلت اإلشارة إلى المساطر الخاصة المتعلقة باألسرة والواردة بقانون
المسطرة المدنية و اكتفت بالتطرق إلى إبداء الرأي في كل ما له صلة بشؤون األسرة.
وبالرغم من أهمية المهام الموكولة لهذا المجلس من أجل التدخل إلصالح ذات البين بين
الزوجين خوفا على األطفال من التصدع األسري و إلرجاع المياه إلى مجاريها وتهدئة النفوس
فإن المشرع تنبأ بالفشل و أحبط مهامه عندما اعتبر اقتراحاته غير ملزمة بالمرة 2فقد نصت المادة
السابعة على أن مهام مجلس العائلة ال تعدو أن تكون مجرد مهام استشارية تصب في خانة خدمة
مصلحة األسرة.
فقد أشارت المادة الثامنة من المرسوم أنه يمكن صرف النظر عن استشارة مجلس العائلة
بعد استنفاذ جميع الوسائل لتكوينه دون ذكر لكلمة الرئيس عكس ما كانت تنص عليه نفس المادة
من المرسوم الذي تم نسخه حيث تشير إلى أنه يصرف القاضي النظر عن استشارة مجلس العائلة
بعد استنفاذ جميع الوسائل لتكوينه.
و اعتبار مهام المجلس استشارية ليس بمقتضى جديد و إنما كان مقررا أيضا في المرسوم
القديم بمقتضى الفقرة األولى من المادة السابعة كما أن منشور وزير العدل 3المفسر لمقتضيات
الواردة في المرسوم المنشئ لمجلس العائلة كان ينص على أن االقتراحات والمهام التي يقوم بها
هذا المجلس هي على سبيل االستئناس أثناء نظر القاضي في النزاعات المعروضة عليه دون أن
تكون ملزمة له بأي حال من األحوال.
لذلك لم يفعل هذا المجلس من الناحية العملية فالقضاة غالبا ال يشكلون مجلس العائلة و حتى
عند تشكيله .فإن الغاية المنشودة ال تحقق في أغلب الحاالت نتيجة التنافس بين أفراد األسرتين
وتعصب كل فريق لمن يمثله.4
-1عبد المجيد غميجة ،موقف المجلس األعلى من ثنائية الفقه ،المرجع السابق ،ص 237
-2إدريس الفاخوري ،الطالق بعد التعديل حصيلة عملية ،المرجع السابق ،ص 7
-3منشور وزير العدل تحت عدد 59/5بتاريخ 1995/3/29
-4إبراهيم اشهيبات ،المرجع السابق ،ص 59
www.sajplus.com 105
وقد تساءل بعض الفقه عن حق عن الجدوى العملية من التنصيص على هذا المجلس في
الفصل 156مكرر من م ج س و 251من ق أ وفي إيراد المرسوم المحدد لتكوينه وتسييره
ومهامه و كذا منشور وزير العدل المحدد أيضا لهذه المهام و المفسر لها. 1
مما جعل القضاة غير متحمسين مطلقا لتكوين مجلس العائلة للقيام بالدور الذي حدده
المشرع 2و لذلك أصبحت مسطرة الصلح سوى شكليات طقوسية األمر الذي جعلها ال تؤت أكلها
في الحد من تفاقم ظاهرة الطالق. 3
وقد كان على المشرع أن يعطيه سلطة فعلية كمؤسسة مدنية تعزل وتراقب و تحاسب كما
يجري به العمل في القانون الفرنسي.4
أنداك سيكون مجلس آلية مهمة في إطار مسطرة الصلح ويلعب دورا مهما لمساعدة
القضاء في إيجاد الحلول وإبداء الرأي قصد إنقاذ األسرة ولم شملها باعتبارها مؤسسة اجتماعية
لها دور أساسي وفعال في تنمية المجتمع من تم حماية األسرة واالعتناء بها عن طريق السعي
إلنقاذها من التفكك والتصدع فإصالح المجتمع ال يتم إال من خالل إصالح أحوال األسرة وإرساء
أسس تدعيمها.
ولهذا وجب تفعيل النصوص القانونية و إعطائها المعنى الحقيقي الذي توخاه المشرع وذلك
من الناحية العملية و التطبيقية واللجوء إلى نهج مسطرة الصلح من خالل مجلس العائلة.5
فأملي كبير في رجال القضاء بأن يتم التطبيق الفعلي لمهام مجلس العائلة وبالتالي تطبيق
النصوص القانونية بالشكل المطلوب.
وفي حالة فشل المجلس في القيام بالمهمة الملقاة على عاتقه يمكن للمحكمة انتداب كل من
يراه القاضي مؤهال للقيام بهذه المهمة .فالمشرع أعطى للقضاء كامل الصالحية في اختبار أي
مؤسسة للصلح دون قيد أو شرط وتوسع في ذلك على أبعد الحدود و فتح المجال لكل من يراه
مؤهال إلصالح ذات البين والغاية من ذلك هو القضاء على ظاهرتي الطالق والتطليق وإصالح
www.sajplus.com 106
وحماية األسرة 1سواء عن طريق مبادرة القاضي أو جهود الحكمين أو محاوالت مجلس العائلة أو
أي شخص أو جهة أخرى.
وخالصة القول إن مهام و نطاق مجال اختصاص مجلس العائلة ال تنحصر فقط في
التحكيم إلصالح ذات البين خاصة حينما يتهدد صرح األسرة باإلنهيار ،ويستحكم الشقاق بين
الزوجين الذي يؤدي إلى العصف بالعالقة الزوجية التي من المفروض أن تقوم على أسس الترابط
والتالحم وأال يتم اللجوء إلى فصم عرى الزوجية إال استثناء لها في ذلك من تفكيك األسرة وتشريد
األطفال وإنما لمجلس العائلة أن يبدي رأيه في كل ماله صلة وعالقة بشؤون األسرة.
فمدونة األسرة تسعى جاهدة للم شمل األسرة في قالب متضامن ومتآزر عن طريق مجلس
العائلة الذي يشكل قطب الرحى في مسطرة الصلح وآلية أساسية ومهمة 2يتوجب تفعيلها إلى
جانب القاضي والحكمين فالمشرع في المدونة الجديدة يعمل في إطار الحفاظ على كيان األسرة
من التفكك والتصدع ويتجلى ذلك من خالل خلق مؤسسات قضائية وغير قضائية تسعى جاهدة
للصلح بين الزوجين.
www.sajplus.com 107
الباب الثاني :آليات الصلح بين التطبيق العملي والتفعيل الواقعي
إن مدونة األسرة مهما تضمنت من مقتضيات قانونية مهمة وهادفة إلى تعزيز وحدة
األسرة و تثبيت بنيانها و المحافظة على تماسكها ،فإن تطبيق هذه النصوص على أرض الواقع
وإنزالها على الدعاوي التي تعرض على أنظار أقسام قضاء األسرة هو الذي سيخرج هذه
المقتضيات و األحكام القانونية من جمودها ،وسيبين مدى فعاليتها و مالئمتها للواقع المعيش .وما
إذا كانت محاوالت التوفيق و السداد بين الزوجين بالشكل الذي نص عليه المشرع قد استطاعت
فعال أن تقي األسر المغربية من ظاهرتي الطالق والتطليق وانعكاساتهما على األسرة والمجتمع.
أم أن هاتان الظاهرتان ما زالتا تمزقان البيت األسري المغربي ؟
كما سيبين ما إذا كانت آليات الصلح القضائية و غير القضائية قد استطاعت فعال أن تقي
األسرة من كل مظاهر التصدع والتفكك اللذين يعصفان بها ،أم أن األمر يحتاج إلى االعتماد على
وسائل واليات بديلة ومتطورة .على غرار ما نهجته بعض الدول األمريكية و األوربية ،وما
صارت عليه بعض البلدان العربية .من أجل التقليص من حاالت الطالق والتطليق .
فما هي هذه المؤسسات البديلة التي يمكن للمشرع المغربي االستعانة بها إلى جانب اآلليات
الحالية لتفعيل مسطرة الصلح بين الزوجين ؟وإلى أي حد ساهمت مجهودات القاضي والحكمين
ومجلس العائلة في تحقيق الصلح بين الزوجين قبل اإلذن بالطالق والتطليق ؟
وهل ستستطيع الطرق البديلة لتسوية النزاعات في تحقيق السداد والتوفيق بين الزوجين
الذي عجزت عنه المؤسسات المكلفة بتطبيق مسطرة الصلح في دعاوي الطالق والتطليق ؟
www.sajplus.com 108
الفصل األول :واقع الصلح في التطبيق العملي
لقد حث اإلسالم الزوجين على التريث وإعمال الفكر قبل اإلقدام على الطالق أو التطليق،
نظرا لما هما من أثار وخيمة على األسرة و المجتمع .لذلك فهو أبغض الحالل إلى هللا 1كما أن
مدونة األسرة خصصت مجموعة من النصوص القانونية التي تلزم القضاء وباقي آليات الصلح
بضرورة إجراء محاولة الصلح بين الزوجين في كل دعاوي الطالق والتطليق باستثناء التطليق
للغيبة .كل ذلك من أجل حماية األسرة و الحفاظ على بقائها متماسكة.
لكن مدونة األسرة مهما تضمنت مقتضيات قانونية ملزمة ،فإن تفعيلها على أرض الواقع
وتطبيقها على الدعاوي التي تعرض على أنظار أقسام قضاء األسرة ،هو الذي سيحدد مدى
نجاحها في تحقيق في الصلح بين الزوجين .
لكن أحيانا قد ال تعطي هذه المحاوالت والمبادرات الصلحية التي نصت عليها المدونة
الثمار المرجوة منها لوجود صعوبات وعراقيل .
فما هو واقع مسطرة الصلح بين الزوجين بعد دخول مدونة األسرة حيز التنفيذ؟
- 1إدريس حمادي ،البعد المقاصدي و إصالح مدونة األسرة ،افريقيا الشرق ،طبعة 2005ص 187
www.sajplus.com 109
المبحث األول :مسطرة الصلح من خالل العمل القضائي
إن نجاح أي قانون في تحقيق هدفه ومبتغاه رهين باإلنجازات التي سجلت في التطبيق
العملي من خالل األحكام الصادرة عن القضاء.
لدلك كان من الضروري القيا م بدراسة ميدانية لواقع الصلح و عدد الحاالت المسجلة بعد
صدور مدونة األسرة من خالل بعض أقسام مدونة األسرة لكل من :أصيلة ،العرائش .و مقارنة
هده اإلحصائيات بتلك التي نشرت في الجرائد و المجالت أو التي صرح بها بعض المسؤولين
والمختصين في الميدان القضائي من خالل الندوات واللقاءات التي عقدت لرصد حصيلة تطبيق
مدونة األسرة .وقد همت هده اإلحصائيات بعض المدن المغربية مع تعزيزها باإلحصائيات
الرسمية حول تطور نسب الطالق والتطليق بالمغرب وعدد الحاالت المسجلة بعد دخول مدونة
األسرة حيز التنفيذ.
كل دلك من أجل التعرف حول ما إذا كانت نسب الطالق والتطليق قد تراجعت وانخفضت
أم أن العكس هو الصحيح.
وقد ارتأيت إيراد موقف المجلس األعلى من إجراء الصلح في هذا المبحث باعتباره هيئة
1
قضائية عليا.
المطلب األول :واقع مسطرة الصلح من خالل بعض أقسام قضاء األسرة
- 1و لعل أن البعض في دلك يرى أن في دلك تكرار لما سبق ذكره .لكن يمكن القول أن شفيعي في ما قمنا به هو جمع
آراء و مواقف المجلس األعلى من إجراء الصلح في مطلب واحد من أجل التعرف على مسار موقفه في هدا المجال.
www.sajplus.com 110
المطلب األول :واقع مسطرة الصلح من خالل بعض أقسام قضاء األسرة
سأ قوم في هذا المطلب بإيراد إحصائيات حول نسب حاالت الصلح وبتحليل هذه الدراسة
الميدانية التي شملت بعض أقسام قضاء األسرة.
حصيلة حاالت الصلح في قسم قضاء األسرة بأصيلة خال سنوات 2006-2005-2004 :إلى غاية
1
30يونيو.
عدد حاالت التنازل عن عدد حاالت الصلح السنة
الدعوى
18حالة : حالتين 2004
10حاالت خاصة بالزوج
7حاالت خاصة بالزوجة
حالة واحدة خاصة بالطرفين
يالحظ من خالل هذا الجدول أن عدد حاالت الصلح خالل سنة 2004هو حالتين فقط ،في
حين نجد عدد حاالت التنازل عن الدعوى بلغ ثمانية عشر حالة منها :عشر حاالت تهم تراجع
الزوج ،وسبعة حاالت تراجعت الزوجة فيها عن موقفها ،وحالة واحدة اتفقت فيها إرادة الزوجين
معا على التنازل عن الدعوى.
وخالل سنة 2005لم تسجل أية حالة صلح بين الزوجين ،لكن تم التراجع عن الطالق
والتطليق حسب األحوال عن طريق التنازل عن الدعوى ووصل عدد حاالت التنازل تسع حاالت.
في حين نجد حالة واحدة سجلت خالل سنة 2006إلى غاية 30يونيو.
www.sajplus.com 111
ونستنتج من خالل هذا الجدول أن عدد حاالت الصلح في قسم قضاء األسرة بأصيلة في
تراجع مستمر ،ونفس الشيء يقال عن عدد حاالت التنازل عن الدعوى.
وقد أوضح لي أحد قضاة قسم قضاء األسرة بأصيلة أن ارتفاع عدد حاالت الصلح
والتنازل عن الدعوى في بداية دخول مدونة األسرة حيز التطبيق ،يعزى إلى سوء فهم مضامين
ومقتضيات هدا القانون الجديد .إذ ساد االعتقاد لدى بعض األزواج إذا وافق على انحالل الرابطة
الزوجية سواء بالطالق أو التطليق فإنه سيكون ملزما بإعطاء نصف ممتلكات بيت الزوجية إلى
زوجته.
لذلك غالبا ما كان الزوج يسعى إلى نجاح 1الصلح مع زوجته خوفا من أن تشاركه
ممتلكاته.
لكن مع توالي سنوات و انتشار الوعي بمفهوم مضامين هدا القانون تقلصت نسبة الصلح والتنازل
عن الدعوى وهو ما يبدو واضحا من خالل الجدول السابق ،إذ سجلت خالل سنة 2004حالتين
للصلح و ثمانية عشر حالة تنازل عن الدعوى ،في حين نجد سنتي 2005و 2006لم تسجل
فيهما أية حالة صلح.
وبعد أن تطرقت لعدد حاالت الصلح في مدينة أصيلة أنتقل لرصد حاالت الصلح في مدينة
العرائش.
حصيلة حاالت الصلح في قسم قضاء األسرة بمدينة العرائش في الفترة بين 5فبراير
2004إلى غاية 31دجنبر 2004
- -إحصائيات تم توصل بها من طرف أحد المسؤولين عن قسم قضاء األسرة بالعرائش 1
www.sajplus.com 112
20 9 29 التطليق للضرر
عدد حاالت الصلح في قسم قضاء األسرة بالعرائش في الفترة ما بين فاتح غشت 2005و
فاتح يونيو 2006
إن أهم ما يمكن مالحظته على هذه اإلحصائيات المدرجة في هده الجداول ،أن قسم قضاء
األسرة بمدينة العرائش قد سجل ثمان محاوالت للصلح التي كتب لها النجاح في ظرف إحدى
عشر شهرا (مند دخول مدونة األسرة حيز التنفيذ إلى غاية 31دجنبر )2004و هي نسبة ضئيلة
ال تفي بال غرض مقارنة مع عدد حاالت انحالل الرابطة الزوجية بالطالق أو التطليق التي
عرضت على أنظار قسم قضاء األسرة و التي وصل عددها إلى 660حالة طالق أو التطليق دون
احتساب حاالت التطليق للغيبة ألن هذ ه األخيرة ال تجرى فيها محاوالت الصلح طبقا للمادة 113
من مدونة األسرة و قد تم الحكم بفشل محاوالت الصلح و من تم إعالن الطالق أو التطليق-حسب
الحالة -في 360حالة في حين فقط ثمان حاالت هي التي انتهت بالصلح.
ومن هنا نستنتج أنه في كل 45حالة طالق أو تطليق تنجح فقط محاولة صلح واحدة.
www.sajplus.com 113
وليت األمر ظل على هذا الحال ،فمع توالي األشهر لم تعد محاولة الصلح تحقق النجاح
و التوفيق بل بالعكس تبوء بالفشل .ففي خالل عشرة أشهر من فاتح غشت 2005إلى فاتح يونيو
2006لم تسجل بقسم قضاء األسرة إال محاولة صلح واحدة يتيمة.
و هي نسب ضئيلة تنبئ بالقلق و تثير الدهشة و االستغراب و تجعل من البحث عن أسباب
عدم نجاح محاوالت الصلح أمرا ضروريا و مؤكدا.
www.sajplus.com 114
عدد حاالت الصلح بمحكمة الفداء بالدار البيضاء في الفترة ما بين فاتح يناير إلى 31
أبريل .12004
إن أهم ما يالحظ على هدا الجدول هو تحقيق نسبة مهمة من نسب التراجع عن الطالق إذ
وصلت 30حالة في ظرف ثالثة أشهر و هي نسبة مهمة توحي بالتفاؤل.
و يرجع تراجع نسب الطالق إلى تفعيل دور غرفة المشورة و هي جلسات سرية تتم بين
األطراف المعنيين بالطالق و قاضي األسرة و الذي يحاول من خاللها هدا األخير تقريب
المسافات بين الزوجين ،و تذويب الشقاق الحاصل بينهما.
فقد سجلت محكمة الفداء في الفترة ما بين فاتح يناير إلى متمم أبريل ،2004ثالثون حالة
تراجع عن الطالق :ثمانية هم الطالق الرجعي فيمن انصب إحدى و عشرون حالة على الطالق
الخلعي و حالة واحدة تتعلق بالطالق قبل الدخول.
فالجلسات السرية بين الزوجين و القاضي تتم وفق فلسفة قانون األسرة الجديد لمحاولة ثني
الزوجين عن اتخاذ قرار الطالق و تبيان آثاره الوخيمة على األسرة و األبناء.
و من تم يعمل قاضي األسرة جاهدا إلعادة المياه إلى مجاريها بين الطرفين في جلسات
متعددة و إن يئس من تحقق المراد فإنه يلجا إلى أبغض الحالل عند هللا.2
-1مصطفى صقر ،الخلع أكبر نسب الطالق المسجلة مند تنفيذ قانون األسرة ،جريدة الصباح السنة الخامسة العدد 1292األربعاء
2يونيو 2004ص 9
-2مصطفى صقر ،المرجع السابق ،ص 9
www.sajplus.com 115
1
عدد حاالت الصلح في قضايا الطالق و التطليق في المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء
أهم ما ي الحظ من خالل هدا الجدول أن نسب الصلح في دعاوي التطليق و الطالق مرتفعة
في
مدينة الدار البيضاء فقد سجلت 160حالة في شهر يناير و 161في شهر فبراير من سنة .2005
و هي فترة زمنية قصيرة.
وقد أكدت األستاذة زهور الحر أن ملفات الصلح في الطالق المسجلة و المحكومة على صعيد
العاصمة اإلقتصادية برسم سنة ، 2005أظهرت وجود 8628قضية طالق موضحة أنه تم البت
في 4537من مجموع هده الملفات وتم الصلح في .2 2665
كما أن ما سجل في مدينة الدار البيضاء خالل شهر واحد لم تستطع أقسام قضاء األسرة (
العرائش ،أصيلة) تسجيله خالل سنة كاملة ،بل لم تسجله مند دخول مدونة األسرة حيز الوجود
إلى وقتنا الحالي.
فما سر نجاح محاولة التوفيق بين الزوجين في المناطق الجنوبية من المغرب و فشلها في
مدن الشمال؟
فهل يعود ذلك إلى عقلية المواطن المتفتح و الواعي بأهمية الصلح و دوره في حماية
األسرة؟ أم يرجع ذلك إلى كفاءة و جدارة القضاة المكلفين بالصلح أم إلى عوامل أخرى أم إلى كل
هده العوامل مجتمعة؟ إال تتم محاولة الصلح بين الزوجين بنفس الطريقة و الشكل في كل أقسام
قضاء األسرة؟
-1حسب ما صرحت به زهور الحر في الندوة المنظمة من طرف جمعية الكرامة لتنمية المرأة حول موضوع اإلصالح األسري
وتقليص نسبة الطالق و دلك يوم 26مارس 2005بغرفة التجارة و الصناعة و الخدمات بطنجة
- 2زهور الحر ،حصيلة تطبيق المدونة –إيجابية -الصحراء المغربية األربعاء 8مارس 2006السنة 18عدد 6256ص 2
www.sajplus.com 116
أسئلة كثيرة تطرح نفسها بشدة أمام هدا التباين و التفاوت في اإلحصائيات الخاصة بالصلح
بين الزوجين بين مناطق المغرب.
وبعد أن تطرقت لحاالت الصلح المسجلة في المدن التي شملتها الدراسة ،ارتأيت تعزيزها
بإحصائيات خاصة بتطور نسب الطالق و التطليق في المغرب.
1
عدد رسوم الطالق حسب دوائر االستئناف بالمغرب
يتبين أن هناك انخفاضا مهما في عدد رسوم الطالق بلغت نسبته % 40.09و هو يشكل
أكبر نسبة انخفاض مقارنة مع السنوات العشر السابقة.
و يرجع السبب في دلك – على ما يظهر – إلى عدة عوامل منها تفعيل مسطرة الصلح من
طرف أقسام قضاء األسرة .2في حين إدا قورنت هده اإلحصائيات بعدد حاالت طالق الخلع
نجد أن هناك تزايد في نسب الصلح بشكل 3
المسجلة في دولة الكويت من 1996إلى2 000
ملفت للنظر مع توالي السنوات و هو ما نأمل أن يحققه القضاء المغربي .
www.sajplus.com 117
إذ سجلت في سنة 95 : 1996حالة وفي 191: 1997حالة وفي 277 : 1998حالة
وفي 856 : 1999حالة وفي سنة 977 : 2000حالة.
و خالصة القول أنه إدا كانت نسب الطالق قد انخفضت بنسب مهمة .فإن نسب التطليق قد
عرفت ارتفاعا كبيرا .فما هي عدد حاالت التطليق التي سجلت بعد دخول مدونة األسرة مقارنة مع
الحاالت التي سجلت في السنوات السابقة لدخول المدونة ؟
و في ما يلي عدد حاالت التطليق التي سجلت بقسم قضاء األسرة بطنجة في سنوات 2003
و 2004إلى غاية 31يناير 2005
عدد رسوم التطليق بقسم قضاء األسرة بطنجة
إن أهم ما يمكن مالحظته على هدا الجدول هو تزايد عدد حاالت التطليق المسجلة
و المحكوم بها في قسم قضاء األسرة بطنجة بما يقارب النصف .
وهي نسب تنبأ بالتخوف من أن يتصدر المرتبة األولى عوض الطالق الخلعي.
ويرجع السبب في ذ لك إلى أن مدونة األسرة قد فتحت أمام الزوجين دعوى الشقاق
كمسطرة أصلية و تابعة من أجل التخلص من رابطة زوجية ال يرغبان في استمرارها.
www.sajplus.com 118
المطلب الثاني :موقف المجلس األعلى من إجراء الصلح
إن للصلح أهمية بالغة غاية سامية فهو يقي األسرة من كل المشاكل التي تعصف بها .
ولذلك فقد اعتبره المجلس األعلى من اإلجراءات الجوهرية التي لها صلة بالنظام العام .و بالتالي
فإن اإلخالل بمسطرة الصلح يعني بطالن الحكم أو القرار .
و يتجلى موقفه هذا من خالل أحد القرارات الصادرة عنه إذ جاء فيه "إن إجراء التصالح
من النظام العام ".1
و نظرا لكون الرابطة الزوجية من أعظم الروابط و أحقها بالحفظ و ميثاقها من أعظم
المواثيق و أجدرها بالوفاء .2فقد أكد المجلس األعلى ضرورة رغم أن الزوج كان قد التزم في
حكم سابق يجعل الطالق بيد الزوجة إن تجدد إضراره بها مؤكدا على أنه كان على المحكمة لما
ثبت لديها الضرر أن تقوم بمحاولة الصلح بين الطرفين قبل اتخاذ أي إجراء أخر. 3
وهذا يعني أنه على القاضي بمجرد توصله بطلب الطالق والتطليق ،أن يقوم باستدعاء
الزوجين ألجل إجراء محاولة الصلح بينهما و ثنيهما عن قرارهما.و بذلك يعتبر الصلح وسيلة
وقائية تحول بين الشقاق و نتائجه الوخيمة التي قد تتفاقم و تتعقد إذا لم يقضى عليها في المهد.4
و على اعتبار إجراء الصلح له وظيفة وقائية ،فقد اعتبر المجلس األعلى أن المحاولة
الصلحية إجراء جوهري تفتتح به دعوى التطليق –و الطالق -و يترتب على عدم القيام به اعتبار
الحكم أو القرار باطال ،إذ جاء في قرار له ما يلي"فيما يتعلق باإلصالح بين الزوجين فإن
المشرع يعتبره إجراءا جوهريا تفتتح به دعوى التطليق و يترتب على نجاحه إثبات ذلك في أمر
تنتهي به الدعوى ،كما يترتب على فشله إصدار أمر بعدم التصالح واإلذن بمواصلة الدعوى".5
ويترتب على عدم احترام إجراء التصالح ،اعتبار الحكم باطال وخارقا للقانون وبالتالي
فهو قابل للطعن ألن اإلخالل بمسطرة الصلح و التغاضي عنها يمس بحقوق الدفاع مما يبرر
-1قرار المجلس األعلى عدد 164بتاريخ 1980- 04-19في ملف عدد 81153أورده محمد الكشبور ،الوسيط في ق ح ش،
المرجع السابق ،ص 428
-2محمد متولي شعراوي ،المرجع السابق ،ص 372
-3قرار عدد 147بتاريخ 1975- 6- 16أشار إليه أحمد الخمليشي ،التعليق على ق األح ش ،المرجع السابق ،ص 337
-4علي منتصر ،المرجع السابق ،ص 23
-5قرار عدد 904الصادر بتاريخ 1983-09- 12منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد 134- 133ص 190
www.sajplus.com 119
الطعن بالنقض طيقا لما نص عليه الفصل 359من قانون المسطرة المدنية وهذا ما سار عليه
المجلس في أحد قراراته "...وإن الحكم المطعون فيه بعدم مراعاته لما ذكر –إجراء الصلح -يكون
قد خرق حقا من حقوق الدفاع الذي حرص المشرع على أن يمارس من طرف القاضي لمصلحة
الطرفين معا قبل اإلج راءات العادية للتطليق مما جعل الحكم المطعون فيه الذي أهمل اإلجراء
. 1
غير قائم على أساس "...
كما سبق للمجلس أن نقض الحكم المطعون فيه ألن المحكمة المطعون في حكمها قضت
بالتطليق دون أن تبذل أي مسعى للتوفيق بين الزوجين ،والحيلولة ما أمكن دون تصدع األسرة
.لذ لك يكون حكمها قد خرق النص المحتج به من طرف الطاعن وهو الفصل 56من مدونة
األحوال الشخصية الذي يقيد صالحية القضاء للبت في دعوى التطليق من أجل الضرر بضرورة
توفر عنصرين :أولهما ثبوت الضرر المدعى به و ثانيهما عجز المحكمة عن اإلصالح بين
الزوجين و من أجله قضى المجلس األعلى بنقض الحكم المطعون فيه .2
كما اعتبر في قرار آخر أن عدم إجراء الصلح بين الزوجين في دعوى التطليق للضرر
يعد خرقا للفصل 212من قانون المسطرة المدنية و من ثم وجب نقض الحكم. 3
و في قرار أخر اعتبر أن المحكمة عندما أبطلت الحكم االبتدائي و حكمت بالتطليق بين
الطرفين غير أن تشبث في حكمها أدى إلى تطبيق الفصل 56من مدونة األحوال الشخصية ،قد
خالفت التشريع الداخلي للبالد على اعتبار أن الفصل المشار إليه ينص على أن التطليق للضرر ال
ايقع إال إذا عجز القاضي اإلصالح بين الزوجين.4
لكن إذا كان عدم إجراء محاولة الصلح راجع إلى كون أحد طرفي العالقة الزوجية –
الزوج -قد فوت على نفسه فرصة التصالح مع زوجته عند عرض النزاع أمام المحكمة االبتدائية
,فإن حكم هذه األخيرة دون إجراء الصلح يكون مصادفا للصواب .
-1قرار عدد 370بتاريخ 18أكتوبر 1978في القضية عدد 661- 54أشار إليه محمد الكشبور ،المرجع السابق ،ص 427
-2قرار عدد 5 0بتاريخ 1972- 1- 24مجلة قضاء المجلس األعلى عدد 24ص 43أشار إليه عبد المجيد غميجة في
أطروحته ،ص 199
-3قرار عدد 1322بتاريخ 1985 – 11- 19مجلة الندوة ،عدد 5ص 92
-4قرار عدد 67بتاريخ -1يوليوز ، 1968مجلة القضاء و القانون ،عدد 94ص 190
www.sajplus.com 120
و هذا ما أشار إليه المجلس األعلى في أحد قراراته التي جاء فيها "إن مسطرة التصالح
تقتضي أن يبعث القاضي حكمين لينهي الشقاق بين الزوجين و الحكم فيه أهمل هذه المسطرة .لكن
حيث أن المحكمة عللت حكمها بكون الطاعن فوت على نفسه فرصة التصالح مع زوجته لما
استدعي في المرحلة االبتدائية إلجراء مسطرة الصلح المنصوص عليها في الفصل 212من
1
قانون المسطرة المدنية وتوصل بالدعوى ولم يحضر ،األمر الذي كان ما علل به الحكم صوابا"
و بخصوص تحديد نطاق أجراء الصلح الدعاوي التي يلزم القاضي بإجراء الصلح فيها،
فقد أكد المجلس األعلى في قراراته أن" الحكم بالسجن على الزوج يبرر التطليق للغيبة ،والغيبة ال
حاجة فيها إلجراء المصالحة بين الزوجين ". 2
و في قرار آخر اعتبر أن" إجراء مسطرة الصلح ال تكون إلزامية في دعوى التطليق إال
إذا تأسست دعواه على الضرر وفقا لمقتضيات الفصل 56من المدونة-السابقة .-أما إذا تأسست
على العيب طبقا للفصل 54من المدونة فال داعي إلجراء مسطرة الصلح ".3
و معلوم أن إجراء محاولة الصلح إما أن تتم من طرف المحكمة بصفة شخصية أو
بانتداب حكمين أو مجلس العائلة .
غير أنه في ظل سريان قانون مدونة األحوال الشخصية ،كان اللجوء إلى مسطرة التوفيق
بين الزوجين في حالة نشوب خالف بينهما و وصوله إلى ساحة القضاء ال بكون إال إذا تكررت
الشكوى و تعذر ثبوت الضرر. ...
و هذا ما أكده المجلس األعلى في أحد قراراته إذ جاء فيه "إن المشرع قصر بعث الحكمين
على إذا كان تعذر ثبوت الصرر و تكرر الرفع حسب الفقرة الثانية من الفصل 56من المدونة،
أما إذا ثبت الضرر الذي ال يستطاع دوام العشرة ،فإن القاضي يطلق على الزوج بمقتضى الفقرة
األولى من الفصل المذكور". 4
-1قرار عدد 1039بتاريخ 1988 – 09- 13ملف رقم 86- 6410أشار إليه إدريس بلمحجوب ،المرجع السابق ،ص 42
-2قرار عدد 881بتاريخ 1992 – 7- 21أشار إليه محمادي لمعكشاوي ،المرجع السابق ،ص 26
-3قرار عدد 95- 2- 2- 668بتاريخ 2000- 9- 27أشار عبد العزيز توفيق ،قضاء المجلس األعلى ،المرجع السابق ،ص 70
-4قرار عدد 130بتاريخ ، 1921- 7-5مجلة قضاء المجلس األعلى ،عدد 23ص 38
www.sajplus.com 121
و في قرار أخر أكد في قضية الزوجة التي طلبت التطليق المتمثل في كون زوجها يضربها
ضربا مبرحا حتى كاد يقتلها ،أنها مهددة بالقتل من طرفه فبعث القاضي حكمين لإلصالح بينهما
فلم يفلحا و حكم القاضي االبتدائي بالتطليق.
لكن محكمة االستئناف ألغت الحكم بناءا على أن بعث الحكمين ال يكون إال مع تكرر رفع
شكوى الضرر و تعذر ثبوته األمر الذي ال بتوفر في النازلة.1
ولما طعنت المدعية في القرار لدى المجلس األعلى كان موقفه على الشكل التالي " :وحيث
أن توفر شرط تكرار الشكوى بالضرر مع عدم إثباته مفقودا سواء في المرحلة االبتدائية أو في
مرحلة االستئناف بالمعنى الوارد في الفصل 56من مدونة األحوال الشخصية مما يجعل القرار
المطعون فيه مصادفا للصواب. "2
ومن بالرجوع إلى الواقع العملي التطبيقي ،كثيرا ما يتم التعامل مع محاولة الصلح كإجراء
شكلي و رمزي فقط كما أن غالبية المقاالت التي تقدم بخصوص دعاوي و قضايا التطليق
للضرر ،ال تتضمن التماس المدعية إجراء محاولة التوفيق و السداد بين الزوجين في ظل سريان
القانون القديم.
فبماذا يمكن تفسير ذلك ؟ هل برغبة األطراف في تجاهل هذه المسطرة ؟ أو باعتقادهم عدم
جدوى آلية الصلح كأداة لحماية األسرة من التصدع و التفكك ؟ أم كتعبير عن عدم الرغبة في
استمرار الحياة المشتركة نهائيا ؟ بل األكثر من ذلك فهناك بعض المقاالت تحمل طلب اإلعفاء من
مسطرة الصلح.
و لذلك و باعتبار أن الصلح بين الزوجين قبل اإلذن لهما بالطالق أو التطليق ،تمارس من
طرف القاضي لمصلحة الطرفين باعتبارها مرحلة أولية قبل البث في جوهر الدعوى .فإنه ينبغي
على القاضي عدم مسايرة الزوجين المتخاصمين في تنكبهم عن هذه المسطرة ، 3و تنبيه األطراف
إلى دور الصلح في استئصال شأفة الخصام و نزع فتيل الفتنة الهوجاء بين الزوجين قبل أن يشب
ضرامها و ينفجر بركانها .و من ثم حماية كافة أفراد األسرة من أثار ظاهرتي الطالق و التطليق.
-1قرار عدد 176بتاريخ 1978- 3- 27في ملف عدد 69686أشار إليه أحمد الخمليشي،التعليق على ق األح ش ،ص384
- 2علي منتصر ،المرجع السابق ،ص 175
-3عبد المجيد غميجة ،موقف المجلس األعلى من ثنائية الفقه و القانون ...المرجع السابق ،ص 201
www.sajplus.com 122
و لذلك أ دعو كل قضاة قسم قضاء األسرة في كافة أنحاء البالد بإيالء مسطرة الصلح بين
الزوجين كل العناية و االهتمام اللذين تستحقهما و أن يمارسوها بكيفية جدية و فعالة.و تفعيل جميع
آليات الصلح القضائية و غير القضائية وكل شخص أو جهة يرونها مناسبة إلجراء الصلح بين
الزوجين .لكي تؤتي هذه المسطرة ثمارها و تساهم في تخفيف نسب الطالق و التطليق الذين
مازاال يعصفان باألسرة و يساهمان في تشريد األطفال .
www.sajplus.com 123
المبحث الثاني :اإلشكاليات التي تعترض مسطرة الصلح
إن النزاعات التي تنشأ بين األطراف ال ترمي دائما إلى تحقيق مصالح متعارضة و متناقضة،بل
إن هناك كثيرا من الخالفات التي يمكن أن تكون إلطرافها أهداف ومصالح متكاملة ومتوافقة
يسهل إيجاد حل اتفاقي بينهما .1و يكون الصلح خير سالح إلنهاء النزاع في مرحلة مبكرة 2ألن
الصلح يوفر لهما الوقت والجهد والمال ويعيد الحال إلى ما كان عليه قبل النزاع ويزيل الضغائن.3
فقد روي عن عمر ابن الخطاب رضي هللا عنه أنه قال " ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل
القضاء يورث بينهم الضغائن."4
و من بين القضايا التي يكون من األفضل قبول الصلح فيها نجد دعاوي الطالق و التطليق
فهو يحمي األسرة من االنهيار و التفكك ،و يقي األطفال من التشرد .
و رغم أهمية الصلح و فوائده الكثيرة ( إيجاد الحلول السريعة للنزاعات ,إنهاء الخصومة
بصفة نهائية ،الحد من تكاليف الخصومة ،ارتياح المتنازعين للحل الصلحي ،5)...فإن أغلب
محاوالت التصالح و التوفيق بين الزوجين في حاالت الطالق و التطليق التي تجرى على يد
القضاء المغربي ال يكتب لها النجاح و يكون مصيرها الفشل إال بعض الحاالت القليلة.
فما هي الصعوبات و العوائق التي تعترض نجاح محاوالت الصلح بين الزوجين :فهل يرجع
السبب في دلك إلى النصوص القانونية أم إلى العمل القضائي أم يعود ذلك إلى أطراف النزاع أم
إلى كل هذه العناصر مجتمعة؟ هذا ما سأحاول اكتشافه من خالل مطلبين:
-1الحسين بويقين ،أسباب عدم نجاح مسطرة الصلح في النظام القضائي المغربي و الوسائل الكفيلة بتفعيل هذه المسطرة الطرق
البديلة لنسوية المنازعات ،جمعية نشر المعلومة القانونية ،سلسلة الندوات و األيام الدراسية العدد الثاني ،2004ص 27
-2إدريس الفاخوري ،الصلح في العمل القضائي المرجع السابق ،ص 6
-3عبد الكريم فودة أحكام الصلح في المواد المدنية و الجنائية ،دار الفكر الجامعي ،طبعة ،1995ص 5
-4فقد أمر رصي هللا عنه يرد الخصوم إلى الصلح مطلقا و كان دلك بمحضر الصحابة الكرام رضي هللا عنهم و لم ينكرهم عليه
أحدهم فيكون إجماع من الصحابة باعتبار الصلح باعتبار الصلح شرع للحاجة إلى قطع الخصومة و المنازعة.
عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكساني ،المرجع السابق ،ص .40
-5إدريس الفاخوري ،الصلح في العمل القضائي ،المرجع السابق ،ص 7و 8
www.sajplus.com 124
المطلب األول :الصعوبات المرتبطة بالزوجين
إن تطبيق مسطرة الصلح بين الزوجين في قضايا الطالق والتطليق تطبيقا صحيحا وسليما
كما تقضي بذلك النصوص الشرعية والمقتضيات القانونية الواردة في مدونة األسرة ،تعترضه
العديد من المعوقات و اإلشكاليات التي ال تعد وال تحصى ومن بينها ما يعود إلى الزوجين وهي
صعوبات كثيرة يصعب حصرها.
لذلك سوف أقتصر على ذكر أهم هده المعيقات التي يواجهها قضاء األسرة بصفة دائمة
ومتكررة ،والتي لها تأثير كبير في عدم نجاح محاولة الصلح بين الزوجين .وأولى هذه المشاكل
نجد عدم حضور الزوجين لجلسات التصالح ( الفقرة األولى) و أيضا تقاضي الزوجين بسوء نية
( الفقرة الثانية) فضال عن األمية و الجهل لمفهومي األسرة والصلح.
الفقرة األولى :عدم حضور الزوجين لجلسات التصالح
إن الخالفات األسرية يغلب عليها طابع الخصوصية و الحساسية كما أنها تتميز باختالف
طبائع مكوناتها بحكم اختالف المحيط األسري الذي تربع وترعرع فيه أطرافها .وهو ما يجعل
الحياة األسرية أرضا خصبة لحصول الخالفات التي قد ترتفع حدتها لتحول إلى اصطدامات ثم
خصومات فنزاعات و التي قد تطول فتعصف باألسرة كلها إذا لم تتم معالجتها بحكمة وروية.1
لذلك فقد نص المشرع المغربي على إجراء محاولة الصلح بين الزوجين قبل اإلذن
باإلشهاد على الطالق و التطليق .لكن قد تثور في الحياة العملية عدة إشكاالت تواجه القاضي وهو
بصدد إجراء مسطرة الصلح التي ألزم المشرع القيام بها قبل الحكم بانحالل الرابطة الزوجية.
و محاولة الصلح كما سبقت اإلشارة إلى ذلك تتم عن طريق استدعاء الزوجين للجلسة المخصصة
للتصالح فقد ركز المشرع في المادة 81من مدونة األسرة على ضرورة التوصل الشخصي
باالستدعاء لكل من الزوجين و رتب على عدم حضور الزوج رغم توصله باالستدعاء اعتباره
-1ناصر متيوي مشكوري ،الوسائل البديلة لتسوية المنازعات األسرية ،الطرق البديلة لتسوية المنازعات ،م س ،ص 187
www.sajplus.com 125
متراجعا عن طلبه .في حين تخطر المحكمة الزوجة التي توصلت شخصيا و لم تحضر أو تدلي
بمالحظات كتابية بواسطة النيابة العامة بأنها إن لم تحضر سوف يبث في ملف الطالق في غيبتها.
و هدا يعني أن المشرع يهدف من وراء حضور الزوجين لجلسات الصلح إجراء مسطرة تواجهية
بين الزوجين .و دلك لتقصي أسباب الخالف ومعرفة حقيقة النزاع القائم بينهما .بهدف تدليل
العقبات التي تحول دون المعاشرة الحسنة والصعوبات القائمة وإصالح ذات البين بينهما وإرجاع
الدفء إلى األسرة بكاملها 1و معلوم أن حضور األطراف لكل جلسات الصلح يوفر نسبة أكبر
لنجاح الصلح ألن هذا األخير يقتضي تقديم بعض التنازالت و التضحيات في سبيل إنقاذ األسرة
فيختزل الزوجان مشاكلهم الشخصية و يقتصران على الخالف الحقيقي أمال في الوصول إلى حل
حبي .2لكن حضور الزوجين لجلسة المصالحة قد تعوقه عدة صعوبات تقف حجرة عثراء في وجه
تحقيق الهدف المنتظر من هذا الحضور وهو المحافظة على تماسك األسرة.
ومن بين المشاكل التي تعترض حضور الزوجين نجد مشكلة التبليغ ذلك أن تبليغ
االستدعاء شخصيا إلى الزوج أو الزوجة قد ال يتأتى في بعض الحاالت ،إما لعدم العثور على
المعني باألمر لسبب من األسباب ،وإما لتعمد أحد الزوجين عدم التوصل باالستدعاء .وذلك رغبة
منه في التخلص من رابطة زوجية ال يرغب في استمرارها .و في هذه الحالة يبقى معها ملف
طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق أو التطليق مفتوحا مع تكرار اإلستدعاءات بدون جدوى وهذا
من شأنه تعطيل البث في الطلبات المقدمة إلى المحكمة والتي يتعين عليها الفصل فيها في مدة
وجيزة اعتبارا للطبيعة االجتماعية و األسرية لهدا النوع من القضايا.3
و قد يكون أحد الزوجين متواجدا خارج أرض الوطن و مرتبطا بعمله ومن تم يصعب
عليه الحضور لجلسات الصلح ،خصوصا و أن المشرع قد ألزم القاضي بإجرائه في كل أنواع
الطالق أو التطليق باستثناء التطليق للغيبة ،كما أكد على ضرورة القيام بمحاولتين للصلح تفصل
بينهما مدة ال تقل عن ثالثين يوما في حالة وجود أطفال لدى الزوجين لذلك يكون من المتعذر على
الزوج القاطن خارج أرض الوطن ،الحضور بصفة شخصية لكل الجلسات المخصصة للصلح.
ومن تم فتكون النتيجة الحتمية لهده الجلسات في غياب أحد أطراف العالقة الزوجية هي الفشل.
www.sajplus.com 126
و أحيانا قد يصطدم القاضي برغبة الزوجين أساسا في عدم إجراء الصلح العتبارات قد
ترد في معظمها للعنصر االجتماعي أو لتفادي نشر المشاكل الشخصية الثنائية على مرأى ومسمع
الهيئة القضائية 1و األقارب و األصهار عند انعقاد مجلس التحكيم أو مجلس العائلة.
و هو وضع قد يحرج أحد الزوجين أو هما معا فيفضالن عدم االستعانة باألقرباء أو اإلصغاء إلى
إرشادات القاضي من أجل إقناعهما بضرورة الرجوع عن مواقفهما.
إن عدم حضور الزوجين لجلسة الصلح يعني فشل هذه األخيرة .و ما أكثر الجلسات التي
باءت بالفشل في أقسام قضاء األسرة المغربية فقد صدر عن المحكمة االبتدائية بطنجة 2حكم جاء
في حيثياته " و حيث حضر الزوج و تخلفت الزوجة رغم التوصل و أكد الزوج طلبه الرامي إلى
التطليق للشقاق نظرا لكثرة الخالفات بينه و بين زوجته" فقد باءت محاوالت الصلح بالفشل لغياب
أحد أطراف العالقة الزوجية.
و في حكم أخر صادر عن المحكمة االبتدائية بأصيلة 3كان مصير جلسة الصلح هو الفشل
لعد حضور المدعى عليها إذ جاء فيه" حيث ثبت للمحكمة أن رغبة المدعية أكيدة في إيقاع
الطالق من جهة و تخلف المدعى عليها رغم التوصل من جهة أخرى .كما تعذر على المحكمة
انتداب حكمين إلصالح ذات البين".
و في حكم أخر كان عدم حضور الزوج سبب في فشل محاوالت الصلح حيث أن المحكمة أجرت
محاولة الصلح بين الطرفين :األولى بتاريخ 13أكتوبر 2004فباءت بالفشل.
و نظرا لوجود أبناء بين الطرفين فإن المحكمة قررت إجراء محاولة الصلح الثانية بعد
انصرام أجل الشهر بتاريخ 29نونبر 2004حيث تخلف المدعى عليه مما حال دون مواصلة
إجراءات التصالح بين الطرفين و كدا باقي اإلجراءات المسطرية المتعلقة بالشقاق.4
وعدم حضور الزوجين كما سبقت اإلشارة قد يعزى إلى ما يطرحه نظام التبليغ من
إشكاليات كبيرة و معقدة.
www.sajplus.com 127
بذلك أصبح من الالزم إصالح نظام التبليغ بشكل كامل وواضح خصوصا و أن التجربة
بالمحاكم قد أثبتت أن أهم العراقيل التي تحول دون تصريف القضايا في اآلجال المعقولة المحددة
قانونا هي مشكلة تبليغ االستدعاءات ،كما يجب االستئناس بما انتهت إليه التشريعات الحديثة في
هدا المجال و خاصة ما يتعلق باالستفادة من تقنيات المواصالت الحديثة كالفاكس والهاتف والبريد
االلكتروني في حاالت خاصة مع االعتماد بجهاز كفؤ يتولى هذه المهمة.1
وخالصة القول إن معضلة التبليغ ستظل قائمة إذا لم يتم ضبط عناوين المواطنين
وإجبارهم قانونا على التصريح بالعنوان الجديد أمام وجهات معينة.
قبل الحسم في النزاع القائم بين الزوجين بحكم قضاء نهائي ال بد للنزاع من أن يمر
بمرحلة أولية سابقة على الحكم يقوم خاللها القاضي بتسوية الخالفات بين الزوجين بطريقة ودية.2
لكن القاضي تواجهه بعض الصعوبات التي قد تحول دون نجاح محاولة الصلح من خالل
النصوص القانونية والمحيط القضائي ومن بينها نجد تقاضي الزوجين بسوء نية وتمسكهما
بالمواقف والمشاعر و خلفيات النزاع بدل الخوض في عمق المصالح الحقيقية لهما.
فمبدأ حسن النية في التقاضي يعتبر من األصول المنصوص عليها في الفصل الخامس من
القانون المسطرة المدنية و يقضي بأنه " :يجب على كل متقاضي ممارسة حقوقه طبقا لقواعد
حسن النية".
فاحترام هذا المبدأ من شأنه أن يهدي القاضي و في أقرب وقت إلى معرفة وجه القضاء
في الدعوى بعد إحاطته بكل معطيات القضية و استجالء لحقيقتها.3
فإذا تمسك الزوجان بالمصالح الحقيقية فإنه يمكن الوصول إلى حلول وبدائل ونقط مشتركة
لبداية اإلعداد للحل االتفاقي.
www.sajplus.com 128
لكن عندما يتم التشبث بالمواقف والمشاعر يبقى الخالف قائما ،والحل االتفاقي مستعصيا.
و يتعذر في هذه الحالة تقديم التنازالت والتضحيات التي بدونها ال يمكن تصور التوصل إلى
الصلح ،لذلك يكون السبب الرئيسي الذي يحول عادة دون قبول الصلح أو نجاح محاولته.1
فادا تمسك كل طرف بالمصالح الحقيقية و بالسبب الرئيسي للنزاع دون المغاالة فيه ,لسهل
على القضاء أو لحكمين أو مجلس العائلة تهدئة النفوس وجبرا الخواطر وإزالة األحقاد والضغائن.
لكن غالبا ما يستفاد من وقائع النازلة و ظروفها و المالبسات المحيطة بها أن الهدف من
الطالق ليس نابعا من سوء التفاهم و استحالة العشرة بقدر ما هو تنفيذ التفاق سابق بني على زواج
مصلحي 2من أجل الحصول على أوراق اإلقامة .أو قد تكون الغاية من ذلك هو تحسين الوضع
االجتماعي أو االقتصادي ألحد الزوجين.
فقد يتفق الزوجان على أبرام عقد الزواج ليس من أجل التساكن و تكوين أسرة متوازنة
تتضافر جهود الطرفين إلسعادها و من تم سعادة المجتمع ،ولكن قصد تمكن أحد طرفي العالقة
الزوجية قد يكون الرجل أو المرأة من تسوية وضعيته القانونية في البلد المضيف ،مقابل مبلغ من
المال يتم التفاوض بشأنه مسبقا قبل التوقيع على وثيقة الزواج فيكون بالتالي زواجا على األوراق
و هو ما يسمى بالزواج األبيض.3
و قد يكون الهدف من الزواج هو الحصول على المال فقط ال التساكن الروحي و النفسي
الذي دعت إليه الشريعة اإلسالمية و حثت عليه القوانين الوضعية.4
و لذلك فإن الزوجان – في حالة زواج المصلحة – عند حضورهما لجلسة التصالح تكون لهما نية
مبيتة إلفشال المساعي الحميدة من أجل التوفيق بينهما ،والتي تقوم بها بصفة شخصية أو بانتدابها
للحكمين أو من خالل مجلس العائلة أو أي شخص أو جهة مؤهلة لذلك .هدا مع افتراض أن
مساعي الصلح صادقة.5
www.sajplus.com 129
إن المجهود المبذول من طرف الهيئة القضائية و كل آليات الصلح من أجل تفعيله
وإنجاحه ،ال يكفي وحده من أجل المحافظة على توازن األسرة والحيلولة دون انهيارها وتفككها ما
لم تكن هناك رغبة صادقة وتعاون مستمر من طرف جميع مكونات هذه األسرة خاصة الزوج
والزوجة في المحافظة على تماسكها و شعورها في هذا الباب بالمسؤولية والواجب الديني و
الخلقي من شأنه أن يخفف أو ينهي كل ما يدعو إلى النزاع 1.و يحفظ األسرة كرامتها و يوقيها من
شر الوقوع في مزالق الطالق والتطليق.
و كما سبقت اإلشارة فإن محاوالت الصلح التي تجرى على يد القضاء المغربي تعترضها
صعوبات كثيرة تجعل نسبة النجاح فيها ضئيلة .وهي عراقيل ترجع باألساس إلى الجهة المكلفة
بالدعوى -القاضي (-الفقرة األولى) وإلي الجهات المساعدة للقضاء وهي الحكمين و مجلس
العائلة (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :اإلشكاليات الواقعية الخاصة بالق اضي
إن الصعوبات المتعلقة بالقاضي والتي تحول دون نجاح الصلح التي تقوم بها قبل اإلذن
بالطالق و التطليق ،كثيرة و متعددة و لذلك سوف أقتصر على ذكر بعضها فقط وأخص بالذكر
عدم تخصيص الوقت الكافي إلنجاح الصلح ،وعدم وجود قضاة مؤهلين للقيام بمهمة التصالح.
لنجاح محاولة الصلح بين الزوجين ال يكفي أن يكون القاضي ذا خبرة في ميدان العالقات
اإلنسانية و ذا تجربة في االتصال المباشر لكي يستجلب ثقة الزوجين و يؤثر عليها .بل ال
بد من وجود الوقت الكافي لكي يقوم بمهمته على أحسن وجه.2
فالوقت عنصر ضروري لتوفير أسباب نجاح تلك المحاولة ،فلكي يقف القاضي على
األسباب الحقيقية للشقاق ،و تزداد فرص نجاح الجلسة الصلحية يتعين أن يخصص حيزا مهما من
www.sajplus.com 130
الوقت لالستماع إلى الزوجين ،1حتى ال يكون إجراء الصلح مجرد شكلية ال بد من استنفادها
واللجوء إليها ألن القانون نص عليها.2
فاالستماع إلى الزوجين قد يتطلب تخصيص يوم كامل أو أكثر من أجل الوقوف على
األسباب الحقيقية للنزاع و التي أدت إلى المطالبة بالطالق و التطليق ،وبذل الجهد إلصالح ذات
البين وبيان العواقب الوخيمة النحالل الرابطة الزوجية خصوصا في حالة وجود أطفال ،ومحاولة
القاضي إقناع الزوجين بأهمية الصلح ودوره الوقائي في حماية كافة أفراد األسرة من آثار انحالل
الرابطة الزوجية.
وقد تستوجب بعض القضايا إستدعاء أطراف أخرى كأطفال الزوجين أو جيرانهما أو
أقاربهما أو االستعانة بخبراء و مختصين في ميدان الشؤون األسرية .و قد يقتضي األمر في
بعض الحاالت – وجود أطفال -إرجاء محاولة الصلح إلى جلسة الحقة إلعانة الزوجين على
مراجعة قراراتهما .3و لتحقيق ذلك ينبغي على القاضي أن ينظر في قضيتين أو ثالثة على أكثر
تقدير خالل اليوم.
لكن بالرجوع إلى الواقع العملي نجد أن القاضي ينتصب إلجراء الصلح في عشرات إن لم
نقل المئات من القضايا في اليوم الواحد .ولذلك كانت بعض محاوالت الصلح تبوء بالفشل ليس
فقط ألن ال معنيين باألمر ال يريدان استمرار العشرة بينهما و لكن أيضا لكون القاضي ال يجد
الوقت الكافي إلجراء التصالح بين الزوجين 4و االستعانة باليات التصالح.
و هو ما يجعل إجراء الصلح يتم بشكل سريع أو رمزي ال يحقق الغاية المرجوة منه .لكن ال
يجب أن نلقي اللوم كله على القضاء فكثرة القضايا و ضرورة اإلسراع والحسم القضايا،
خصوصا و أ ن مدونة األسرة قد حددت بنصوص صريحة أجل البث في دعوى التطليق للشقاق
وهو ستة أشهر ،كما أن القضاة مكلفون بأعباء و مهام أخرى( طالق ،تطليق ،صلح )...فكيف
إذن يعقل توفير الوقت الكافي أمام هده المهام الجسيمة 5؟
www.sajplus.com 131
األمر الذي يجعل أمل نجاح محاولة الصلح يتضاءل إلى درجة االضمحالل ،و تصبح
الجلسة الصلحية التي يتوخى منها الوقوف على المشاعر و األحاسيس ،جلسة صورية و شكلية ال
1
تحقق الغاية المنشودة منها و هي عودة المياه إلى مجاريها بين الزوجين.
لذلك ينبغي أن يؤخذ عنصر الوقت بعين االعتبار للتخفيف قدر اإلمكان على القضاة و ذلك
وأيضا بزيادة تعيين 2
بتوفير اإلمكانيات المادية و المعنوية لكي يتحسن مستوى نشاط القاضي
قضاة جدد حتى يتسنى لهم الوقت لتفعيل آليات الصلح ( الحكمين مجلس العائلة أو أي شخص أو
جهة مؤهلة لإلصالح) ألن هذه آليات األقدر على إنجاح مهمة التصالح لتفرغهم وعدم انشغالهم
بمهام أخرى.
لذلك ينبغي تفعيل دور هذه الجهات لإلسهام إلى جانب القاضي في إزالة الشقاق بين الزوجين
المتخاصمين و المقبلين على الطالق و التطليق الذين يعتبران من أبغض الحالل إلى هللا ،و تنفيذا
ألوامر هللا سبحانه و تعالى الذي جعل الصلح خير :3خير لألسرة و األفراد و الجماعات.
إن القاعدة العامة أن يلجأ األفراد إلى القضاء متى نشب نزاع بينهم باعتباره المؤسسة التي
أوكل إليها المشرع الحكم بمختلف النزاعات.4
وقبل الحكم في النزاع ال بد للقاضي من تفعيل إجراء الصلح و تطبيقه تطبيقا سليما يتماشى
وروح المشرع في الحفاظ على استقرار كيان األسرة.5
و لذلك ال بد من أن يكون القضاة المكلفين بقضايا األسرة مؤهلين مؤطرين وذوي تكوين
قانوني و اجتماعي...
لكن بالرجوع إلى الواقع المعيشي نجد أغلب القضاة الذين عود إليهم لتولي القضاء األسري
هم من الخريجين الجدد للمعهد الوطني للدراسات القضائية .وعلى العكس من ذلك نجد أن قانون
www.sajplus.com 132
محاكم األسرة بجمهورية مصر 1ينص على أن محكمة األسرة تتألف من ثالثة قضاة يكون أحدهم
على األقل بدرجة رئيس بالمحكمة االبتدائية ويعاون المحكمة خبير اجتماعي ونفسي و أحدهما
على األقل من النساء.2
فمهمة القاضي اإلصالحية مهمة صعبة ودقيقة نظرا ألهمية الدور الذي يقوم به ،وما
يتطلبه من التأمل والنظر قبل التصريح بالحكم ،مع مراعاة الظروف الشخصية واالجتماعية في
الحياة األسرية خصوصا وأنه غالبا ما تكون األسباب الداعية إلى الطالق أو التطليق مجهولة
نظرا لما يسود الجو 3
لتعذر إثباتها أو لكونها عوامل شخصية يفترض بقاءها في طي الكتمان
العائلي من أسرار قد ال يراد البوح بها .4
وللوصول إلى الهـدف المنشود وهو إحـالل الوفاق بين الزوجين محل الشقاق وإصالح كل
ما شجر بينهما 5ينبغي أن يكون القاضي المكلف بالصلح متحليا بالحلم والصبر والجرأة وطول
النفس ،وعلى درجة عالية من اللباقة والفطنة ،وذا تجربة كبيرة وحنكة واسعة وخبرة في ميدان
العالقات اإلنسانية فضال عن إلمامه بطرق وأساليب الحوار 6،حتى يتمكن من حمل الزوجين على
اإلفصاح بكل صراحة ع ن البواعث التي أدت إلى تصدع األسرة وانهيارها .يضاف إلى كل ما
سبق ضرورة وعي القاضي بأن مهمته هي إصالح كل مظاهر الشرخ القائمة بين الزوجين وليس
فقط الحكم لهما أو عليهما ،7ألن األحكام القضائية ال تقضي على الخصومات وإنما تلهب جذورها
و تثير ما كمن منها 8كما يجب على القاضي أن يضع نصب عينيه مصلحة األسرة كأولوية
أساسية ،وأن يعمل ما في وسعه للحفاظ على كيانها ولم شملها ولو اقتضى منه ذلك إعطاء تفسير
واسع للنص التشريعي.
www.sajplus.com 133
وعلى هذا األساس يكون القاضي باإلضافة إلى كونه رجل قانون أبا ومصلحا اجتماعيا،
وال بد للزوجين من أن تكون لهما ثقة كبيرة في هذا المصلح االجتماعي وأن ينظروا إليه نظرتهم
للطبيب المعالج وذلك كله في جو يسوده الهدوء والسكينة والثقة والطمأنينة .1
كما ينبغي أن يكون تدخل القاضي في العملية الصلحية نابعا من إيمانه العميق بأن الصلح خير
لألسرة تفاديا للطالق أو التطليق و أن يبدل في سبيل دلك قصار جهده إلرجاع الود إلى الزوجين
المتخاصمين.2
وما من شك أن القانون الجديد مؤهال بنسبة كبيرة لرفع شعار التحدي و اإلصالح ،غايته
في ذلك إصالح أوضاع األسرة و إعادة التوازن لها ،و تقوية النسيج العائلي الذي طالما عان من
مظاهر التفكك من جراء وجود نصوص قانونية غير قابلة للتطليق .لذا كان لزاما على المشرع
إعادة النظر في هيكلة النصوص التشريعية و تناولها باإلصالح.
لكن مهما بلغت دقة صياغة و جدية النصوص القانونية فإن ذلك لن يؤت أكله بالشكل
المنتظر منه في غياب آليات قضائية مؤهلة و متخصصة تكون قادرة على ترجمة تطلعات
المشرع على أرض الواقع.3
وهذا ما أكده خطاب صاحب الجاللة بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية من الوالية
السابعة:
" إنه مهما تضمنت المدونة من عناصر الصالح فإن تفعيلها يظل رهينا بإيجاد قضاء أسري عادل
وعصري وفعال ،ال سيما وقد تبين من خالل تطبيق المدونة الحالية (م ح ش) أن جوانب القصور
والخلل ال ترجع فقط إلى بنودها ،ولكن باألحرى إلى انعدام قضاء أسري مؤهل ماديا بشريا
ومعنويا لتوفير كل شروط العدل واإلنصاف مع السرعة في البث في القضايا والتعجيل في
تنفيذها".
- 1أحمد العنابي ،المرجع السابق ص 210وأيضا إدريس الفاخوري ،الصلح في العمل القضائي ،المرجع السابق ص 10
-2إدريس الفاخوري ،الصلح في العمل القضائي ،المرجع السابق ،ص 24
-3يوسف بنباصر ،المرجع السابق ،ص 78
www.sajplus.com 134
لذلك ينبغي تأطير القضاة المشرفين على قضاء األسرة و تكوينهم في مجاالت علم النفس
علم االجتماع و بالمعرفة الجيدة بخصوصيات التعامل .1فإدماج علم النفس وعلم االجتماع ضمن
مواد استكمال التكوين يعتبر ضروريا نظرا الرتباطهما بقضايا األسرة .
فالقاضي يقوم بمهمة التصالح بين الزوجين وهذا يتطلب منه دراسة خاصة لتحقيق الهدف
المنشود أال و هو لم شتات كل أسرة في وضعية صعبة .
فاحتكاك القاضي بالمجتمع ودراسة لمشاكله وكيفية عالجها من خالل االطالع على كل من
علمي النفس واإلجتماع من شأنه مساعدته على حل الخالف القائم بين الزوجين وبالتالي تحقيق
الصلح بينهما.
فالمطلوب ليس السير الروتيني للقضاء ،فالقاضي ذو وظيفة اجتماعية تفرض عليه
اإللتصاق بالواقع اإلجتماعي متجاوزا الداللة الحرفية والضيقة للنصوص 2في اتجاه المالئمة بين
المقتضيات القانونية والواقع العملي.
فالقاضي ينبغي أن يتوفر على مواصفات تؤهله للقيام بالدور المنوط به وأن يكون ذو
تكوين خاص إلى جانب تكوينه القانوني و القضائي ليكون مؤهال للنجاح في مهمته اإلصالحية
والوصول إلى حلول ودية حبية بين الزوجين.3
و ذلك لن يتحقق إال من خالل رصد قضاة للبث في قضايا األسرة باعتبارها اللبنة األولى
للمجتمع ،و تأكيدا للصفات العامة التي ينبغي أن يتحلى بها القاضي فقد جاء في الرسالة الملكية
إلى أسرة قضاء األسرة أنه" ال يمكن للقضاء أن يحقق المكانة الجديرة به إال حين يكسب ثقة
المتقاضي التي ال تتحقق إال من خالل ما يتحلى به القضاة من نزاهة و تجرد و استقامة واستقالل
عن أي تأثير أو تدخل".
وهذا يتطلب تطوير ذهنية قضاة قضاء األسرة وهذا ما أكده وزير العدل من خالل الرسالة
الدورية التي وجهها إلى المسؤولين القضائيين حول تفعيل مدونة األسرة على الوجه األمثل في
-1مدونة األسرة ...أي مصير؟ نساء يتأرجح مصيرهن بين النص وواقع التطبيق ،بيان اليوم عدد 448بتاريخ 8مارس 2005
-2خديجة العلمي ،المرجع السابق ،ص 140
-3زهور الحر ،المقتضيات الجديدة المتعلقة بإنهاء العالقة الزوجية في مشروع م أ ،ندوة جامعة محمد الخامس ،المرجع السابق،
ص 87
www.sajplus.com 135
16فبراير 2004إذ جاء فيها" إن مسؤولية القضاة وقضاة أحكام األسرة على الخصوص ...في
الرقي بأحكام مدونة األسرة إلى مستوى مقاصد المشرع و انتظارات المجتمع بكل فئاته و فعاليته،
مسؤولية ذاتية تاريخية تستدعي تطوير الذهنية القضائية واالجتهاد القضائي لربح الرهان على
النحو الذي قصده المشرع".1
الفقرة الثانية :اإلشكاليات الواقعية الخاصة بالحكمين و مجلس العائلة
إن الحكمين ومجلس العائلة هما من أهم آليات التصالح التي نص عليها المشرع المغربي
سواء في مدونة األحوال الشخصية أو في مدونة األسرة ،لكنهما تواجهان العديد من الصعوبات
والمشاكل التي تحول بينهما و بين تحقيق التصالح بين الزوجين.
أ – الحكمين
إن التحكيم عانى -في ظل سريان القانون القديم – وال زال يعاني اليوم حتى في ظل
سريان القانون الجديد من مجموعة من اإلشكاليات التي تعرقل مسار عمله مما يجعل مهمته
اإلصالحية في التوفيق بين الزوجين ال تحقق النجاح و التوفيق بالشكل المنتظر.
و أولى هذه المشاكل نجد أمية الحكمين وجهلها ألهمية الصلح بين الزوجين و دوره في
حماية كافة أفراد األسرة .وباإلضافة إلى األمية التي يتغير مفهومها باستمرار على اعتبار أن
األمي هو الذي يجعل القراءة والكتابة إلى من ال يحسن التوقيع ثم أصبح بعد دلك الذي يجهل اللغة
التي حرر بها العقد.
فهناك أمية مستشرقة في صفوف المتعلمين وهي األمية القانونية و التي تؤدي إلى استحالة
تحرير الحكمين للتقرير وبالتالي تكليف آخرين بتحريره كالكتاب العموميين مما نتج عنه تقارير
متشابهة يستخدم فيها نماذج جاهزة ال تتغير فيها إال األسماء وبعض الوقائع وتجمع على فشل
مساعي الصلح التي قام بها الحكمان.2
www.sajplus.com 136
لكن يمكن القول في هذا المضمار أنه يمكن تجاوز حرفية النص وعدم إلزام الحكمين غير
المتعلمين بالتقرير الكتابي ،واالكتفاء باالستماع إلى تقرير الحكمين شفويا على أن يتم تدوين ما
توصل إليه في محضر الجلسة ثم يوقع عليه الحكمين.
وبالنسبة للحكمين المتعلمين فعلى القاضي توجيههم و إرشادهم لما هو مطلوب منهم النجاز
مهمة التصالح على الوجه األكمل.
وباإلضافة إلى مشكل األمية فإنه في بعض الحاالت قد ال يحضر الحكمان لتبليغ القاضي
بما توصل إليه من نتائج وحتى إن حضرا فإنه يتبين من خالل تقريرهما عدم التقاء بعضهما
بالبعض دون إعطاء تبرير لذلك.
وأمام عدم حضور الحكمين يضطر القاضي إلى تأجيل ملف الدعوى إلى جلسة أخرى إلى
حين حضور الحكم المتخلف.
وفي حاالت أخرى يكون على المحكمة إلزام الزوجين بتعيين حكمين آخرين من أجل مواصلة
إجراء الصلح.
والملفت للنظر أنه في بعض القضايا بمجرد حضور الحكمين لدى القاضي النتدابهما من
أجل الصلح بين الزوجين يصرحان بعدم جدوى الصلح بسبب كثرة المشاكل القائمة بين الطرفين.
فيحكمون بالتالي على محاولة الصلح بالفشل قبل القيام بها إذ ال يكلفان نفسيهما عناء االتصال
بالزوجين و لو لدقائق معدودة و البحث في أسباب الخالف و التركيز على حله عن طريق الصلح.
ولتفادي هذه اإلشكالية يجب على القاضي عند تعيينه للحكمين أن يتأكد من استطاعتهما الحضور
في كل الجلسات و عدم انشغالهما بأمورهما الشخصية و أعمالهما اليومية ،التي من الممكن أن
تكون عائقا أمام حضورهما لجلسات التحكيم ،كما يتعين على القاضي التمعن في اختيار الحكمين
المصاحبين للزوجين وعدم االكتفاء بأي شخص يحضرهما الزوج والزوجة لتعيينه كحكم لهما.
ألنه غالبا ما يلجأ كل زوج إلى انتقاء الشخص الذي ينتصر إلى موقفه من أفراد عائلته.
وإنما يستحسن االستماع إلى المرشح ألن يكون حكما لمعرفة درجة قرابته ومدى قدرته
على التأثير على الزوجين وتوفره على مؤهالت تمكنه من القيام بمهمة التصالح ،شريطة عدم
ضلوعه في الخصام الدائر بين الزوجين ،و إال أثر ذلك على حياده و موضوعيته .ألنه أحيانا قد
www.sajplus.com 137
يكون الحكم خصم ا و حكما في نفس الوقت كأن يكون أساس النزاع و الشقاق القائم بين الزوجين
هو عدم تفاهم الزوجة مع أحد أفراد عائلة الزوج ،مما يكون معه تكليفه بالصلح بمجرد إجراء
شكلي يفرغ محاولة الصلح عامة و انتداب حكمين خاصة من محتواها و يحيد بها عن الهدف
المرجو منها .1إذ يسود التحيز وانعدام الموضوعية و تبني موقف القريب فيكون مصير الصلح
هو الفشل.
لذلك فمن األفضل التدقيق باختيار الحكمين ويستحسن توجيه اليمين إليهما لكي يقوما
بمهمتها بكل صدق وأمانة وبما يرضي هللا.
وهذا ما سار عليه المشرع المصري في القانون في المادة الثامنة من قانون .1985
ففي توجيه اليمين ضمان إلنجاز مهمة التحكيم بكل إخالص و موضوعية.
ويضاف إلى ما سبق ذكره أنه من بين المعوقات أيضا والتي تحول دون نجاح الحكمين في
مهمتهما اإلصالحية نجد عدم وجود أقارب للزوجين في المدينة أو البلد الذي يقطنون فيه فتضطر
المحكمة إلى تعيين حكمين أغراب ال تربطهما أية صلة أو عالقة بالزوجين ،وبالتالي عدم
اطالعهما على أحوال الزوجين العامة والشخصية وظروفهما .فكيف سيقومان بمهمة التصالح
وهما ال يعرفان حتى أسماء الزوجين؟ لذلك غالبا ما يتعجل هؤالء في تقديم تقرير بأقصر مدة
زمنية على حساب المحافظة على كيان األسرة.
لذ لك يكون من األفضل أن تقوم المحكمة بواسطة قضاتها بمحاولة التصالح في حالة تعذر
إحضار الحكمين و كذا ثبوت عدم حيادها أو عدم نجاعتهما في أداء مهمتهما.
وهي الوسيلة التي أثبتت فعاليتها ذلك أن أغلب حاالت الصلح التي سجلتها المحاكم كانت
حصيلة لجهد القضاة في تقريب وجهات النضر بين الزوجين .2فهي وسيلة فعالة بالصدع الذي
يعتري بناء األسر المغربية.
وأمام هذه المشاكل التي تعترض سبيل التحكيم فإنه يصعب على القضاء في الواقع العملي
إيجاد حكمين باألوصاف والشروط المطلوبة في الفقه المالكي من أهل الزوجين وحتى من غيرها
www.sajplus.com 138
فكيف يمكن للمحكمة أن تعلم بوجود أشخاص مؤهلين للقيام بمهمة الحكمين؟ وحتى في حالة علمها
بوجودهم فمن يضمن لها أنهم سينجزون المهمة المنوطة بهم بدون تماطل أو تأخير؟
فمما ال شك فيه أن األشخاص الذين يمكن أن تجتمع فيهم شروط الحكمين هم قلة قليلة في
المجتمع .و غالبا ما نجدهم مرتبطين بأعمالهم سواء في القطاع العام أو الخاص وإذا ما تم تعيينهم
لهذه المهمة فإنك تجدهم يلتمسون اإلعفاء منها لعدم عدم التفرع أو ألي عذر آخر .ذلك أن مهمة
التحكيم بين الزوجين مهمة شاقة و مظنية ال يتحفز أحد لتحملها مسؤوليتها ،خصوصا وأن
المشرع لم ينص على أي تعويض عن األتعاب لفائدة الحكمين عن أداء مهمتها.1
فلتحقيق الصلح بين الزوجين ال بد من تنظيم مؤسسة الحكمين تنظيما قانونيا دقيقا يبين فيه
االختصاص و تحدد فيه الشروط الواجبة تطبيقها.2
وعلى القاضي أن يختار الحكمين ممن تتوفر فيهم الشروط الفقهية والقانونية المتطلبة
شرعا بعد أن يتم إعداد الئحة على مستوى دائرة كل محكمة استئنافية بأسماء الحكام المسددين يتم
اختيارهم من طرف وزارة العدل بتعاون مع جميع القطاعات الوزارية األخرى ،وال سيما وزارة
األوقاف والشؤون الدينية ووزارة التربية الوطنية .كما أنه البد من صدور نص تشريعي أو
تنظيمي يحدد الشروط والمعايير المعتمد عليها الختيار الحكمين و كيفية تحديد و استفاء أتعابهم
ومصاريف تنقلهم عند االقتضاء و ذلك على غرار ما هو معمول به بالنسبة للخبراء.3
ويستحسن أن تؤدى لهما األجرة من صندوق المحكمة وليس من األطراف وذلك درءا ألية
شبهة ألنه ال يمكن أن نضمن االستمرارية لهده المهمة الشاقة إدا لم تسند للقائمين بها ما يلزمهم
من الوسائل المادية والمعنوية .ومن أراد أن يتطوع لدلك فهو خير ويفتح له المجال وفقا للقانون.
أما أن يطلب من الزوجين إحضار الحكمين معهما إلى المحكمة كما هو الحال في محاكم
األسرة فدلك صعب التحقيق النشغال الناس بأحوالهم وشؤونهم وإال فلنرجع إلى كم تحقق من
www.sajplus.com 139
صلح بين الزوجين مند دخول المدونة حيز التنفيذ ،فالعدد قليل إن لم يكن نادرا على التحقيق
واليقين.1
فال بد إذن من تنظيم التحكيم وأن يوضع رهن إشارة القضاء للقيام بدوره الموكول إليه في
الصلح بين الزوجين حتى تصبح محاولة الصلح إجراء جوهري يمارس بشكل فعلي ،ال أن يكون
عبارة عن إجراء روتيني فحسب يستدعى له الطرفان دون بذل مجهود للتقريب بين وجهات نظر
الزوجين ،وإظهار ما يترتب على الطالق من آثار وخيمة من نواحي متعددة.
يعتبر مجلس العائلة أحد آليات الصلح التي أوجب قانون األسرة ضرورة االستعانة بها من
أجل تحقيق الصلح بين الزوجين.
وإذا كان القاضي يتوفر على سلطات وصالحيات تخول له اتخاذ المبادرة والسعي في
إطار الوالية الممنوحة الستدعاء أعضاء مجلس العائلة ،فإنه هناك صعوبات عملية تحول دون
تشكيل هذا المجلس.
-1مصاريف التنقل:
و أولى هذ ه التي تعوق تكوين مجلس العائلة و تحول دون اجتماع أعضائه هي مصاريف
التنقل .في بعض الحاالت قد يقتضي األمر استدعاء أطراف متواجدة خارج أرض الوطن فيتطلب
هدا التنقل تكاليف قد ال تحملها ذمة الطرف المستدعى .لذلك فتكرر حاالت التغيب و عدم
الحضور و قد يتعلق األمر باستدعاء أطراف فقيرة و معوزة قد تعجز عن تسديد مصاريف التنقل
من أجل حضور اجتماع مجلس العائلة الن في تنقلها إرهاقا ماديا لها.
كما أن بعض األطراف قد توجد خارج الدائرة الترابية للقاضي الذي يجري الصلح،
فيضطر إلى االستدعاء بواسطة النيابة القضائية ،مع ما يصحب هذه الطريقة من ثغرات
وعراقيل ،ال تخفى انعكاساتها على الممارس العملي فتقوت بذلك فرصة إصالح ذات البين.2
www.sajplus.com 140
-2اختالف ثقافة الووجين و أعضاء المجلس
إن المستوى االجتماعي و الثقافي للزوجين يلعب دورا أساسيا و حاسما في تأجيج أو
تلطيف حدة النزاع ،فالوسط الثقافي للزوجية قد يكون عائقا أمام نجاح محاولة الصلح و تسوية
النزاع وديا ألن الزوجين قد يرفضون حضور اجتماعات مجلس العائلة لطرح خالفاتها و البوح
بأسرارهما الزوجية أمام األقارب .سيما إذا كان هؤالء من الطبقة األمية فقد يرى الزوجين
المثقفين أن في تكوينهما الثقافي و مؤهالتهما العلمية ما يغنيهما عن طرح النزاع أمام األقارب.
رغبة من المشرع في المحافظة على وحدة األسرة و تماسكها فقد خولت للقاضي سلطات
واسعة في اتخاذ كل اإلجراءات التي تراها ضرورية لتحقيق الهدف المنشود .إذ يمكنه االستعانة
بمجموعة من آليات الخاصة بالصلح كالحكمين و مجلس العائلة.
إال أنه في الواقع العملي كثيرا ما نجد القاضي يقتصر على مبادرته الشخصية ومجهودات
الحكمين.
وحتى في الحالة التي تقوم المحكمة يكون مجلس العائلة وتكلفة بمهمة اإلصالحية رغبة
منها في إصالح ذات البين بين الزوجين و إعطائها فرصة أخرى بواسطة ،1فإن هناك صعوبات
تعترض اجتماع أعضاء هذا المجلس.
فبعد أن يقوم القاضي بتكوين أعضاء المجلس بناءا على عناوين وهوية األقارب المقترحين
بالتراضي من طرف الزوجين ،تباشر إجراءات التبليغ وفق المقتضيات المسطرية المحددة
بمقتضى ق .م .م من أجل الحضور في اليوم و الساعة المحددين.
و في التاريخ المحدد الجتماع أعضاء العائلة كثيرا ما يفاجأ القاضي إما بتغيب أقرباء
الزوجة أو الزوج لعدم توصلهم باالستدعاء ،فيضطر القاضي إلى تأخير القضية من أجل استدعاء
من لم يتوصل.
-1فقد صدر عن المحكمة االبتدائية بمركز القاضي بتاوريرت حكم استعانت فيه بمجلس العائلة من أجل تسوية الخالفات بين
الزوجين جاء فيه" رغبة من المحكمة في إصالح ذات البين بينهما استدعت الزوجين شخصيا و حضرا شخصيا لغرفة المشورة
فلم تتوصل إلى نتيجة لتمسك لكل طرف بموقفه و أعطتها فرصة ثانية بواسطة مجلس العائلة فصرح أخد المدعية بأنه تعذر الصلح
بين الزوجين بسبب كثرة المشاكل بينهما كما تمسك الزوج بطلبه"
www.sajplus.com 141
وهكذا يبقى اجتماع أعضاء المجلس معلقا في انتظار حضور أقرباء الطرفين معا .و قد
يمتد هدا االنتظار مدة ليست بيسيرة مما يؤدي إلى تطويل أمد النزاع ويفرغ مجلس العائلة من
محتواه ويفقده كل جدية ونجاعة.1
لكن يمكن القول إن أهم عائق أمام نجاح مجلس العائلة في مهمته اإلصالحية بين الزوجين
هو أن دوره يأتي متأخرا بعد أن يكون الوضع العائلي قد عرف تدهورا نتيجة خالفات نشبت بين
الزوجين ليصل ويضحى من الصعب بعد تجدر المشاكل وتفرعها إيجاد تسوية ودية بين
الزوجين.
www.sajplus.com 142
الفصل الثاني :الوسائل الكفيلة بتفعيل مسطرة الصلح
يعتبر مشكل انحالل الرابطة الزوجية بالطالق أو التطليق من المشاكل العويصة التي تهدد
كيان األسرة واستقرارها وتأثيره ال يقتصر على األسرة فقط وإنما يتعدى ليشمل كل أفراد المجتمع
لذلك كان لزاما على المشرع المغربي و هو بصدد صياغة قانون األسرة أن ينص على إجراءات
قانونية مسطرية و موضوعية للحد من شبح الطالق والتطليق وأن يعمل على خلق مؤسسات
مهمتها التوفيق بين الزوجين من أجل المحافظة على التماسك األسري واالستقرار العائلي.
فالتنظيم القانوني يمكن له أن يساهم بشكل كبير في التخفيف من المشاكل التي تعاني منها
األسرة فال يجب أن نقلل من الدور الذي يمكن أن يقدمه القانون للخالفات القائمة بين الزوجين
بدعوى أن القانون ليس إال إطارا لعالقات اجتماعية معينة.1
فهل يمكن القول بأن أي تنظيم قانوني خاص باألسرة هو كفيل وحده بتحقيق الهدف
المنشود المتمثل في حل المنازعات بين الناس و إحالل الوئام بدل الخصام .2ومن تم حماية األسرة
من التفكك و االنهيار؟
أم أن األمر يحتاج إلى ضرورة إحداث مؤسسات خاصة للصلح بين الزوجين وحل
الخالفات التي تنشب بينهما ،تضاف إلى تلك المنصوص عليها قانونيا ؟
ففي هذا الصدد يمكن القول أنه ال بد أن يكون قانون األسرة متكامال ومنسجما يتعرض
لكافة اإلجراءات الخاصة بمسطرة الصلح وينظم آلياتها تنظيما قانونيا دقيقا خال من أي تناقض أو
عيب قد يعرقالن مسيرة تطبيقه وتنزيله على أرض الواقع كما أنه من األفضل أن يعتمد المشرع
على غرار باقي-التشريعات العربية -على وسائل متطورة وحديثة متخصصة في الصلح بين
الزوجين و تسوية النزاعات األسرية تواكب متطلبات العصر ومستجداته.
فإلى أي حد يمكن القول بأن النصوص القانونية الخاصة بمسطرة الصلح التي جاءت بها
مدونة األسرة هي نصوص متكاملة وخالية من أي نواقص وثغرات؟
-1جمال الدين محمد محمود ،عالج مشكلة الطالق في قانون األسرة ،مجلة المحاماة المصرية ،عدد 2السنة 51فبراير 1971
ص .47
-2محمد زكي عبد البر ،منهج اإلسالم في حل المنازعات بين الناس ،مجلة أضواء الشريعة العدد التاسع ،سنة 1398ص343
www.sajplus.com 143
وما هي إذن هذه المؤسسات التي يمكن االستعانة بها في سبيل الحفاظ على عش الزوجية
من التصدع؟
www.sajplus.com 144
المبحث األول :ضعف الجانب التشريعي في مسطرة الصلح
إن النصوص القانونية المتعلقة بمسطرة الصلح في ظل مدونة األحوال الشخصية كانت
وال تزال تعاني فراغا تشريعيا كبيرا ،سواء تعلق األمر بالجانب اإلجرائي أو الجانب الموضوعي
الجوهري .وإن كان الجانب المسطري أكثر فراغا وخصاصا ،1مما انعكس على األسرة بكاملها
حيث أدى ذلك إلى ارتفاع حاالت الطالق و التطليق ارتفاعا مهوال.
لكن بصدور مدونة األسرة عمل المشرع المغربي على تفادي العديد من الثغرات والعيوب
التي كانت تعتري القانون القديم ( م ح ش ) .إذ عمل على تفريد نصوص خاصة تؤكد على
ضرورة إجراء الصلح في كافة أنواع الطالق و التطليق باستثناء حالة التطليق للغيبة ( م .)113
وهذه ميزة كبيرة تسجل لهذا القانون إذ يعيد االعتبار للمؤسسة التي أوجب هللا عز هللا
االعتماد عليها لحل النزاعات التي تثار بين الزوجين.
ومع دلك و باستقراء المقتضيات القانونية التي تهم مسطرة الصلح التي جاءت بها مدونة
األسرة نجد أن المشرع قد سقط في بعض التناقضات واإلخالالت ،وأغفل اإلشارة إلى العديد من
القضايا الهامة التي تتعلق سواء باإلجراءات المسطرية الخاصة بالتصالح بين الزوجين أو تلك
التي تهم مؤسسات الصلح مما شكل فراغا تشريعيا كبيرا.
فما هي إذن هذه التناقضات و اإلخالالت التي اعترت نصوص مسطرة الصلح؟ و ما هي
االقتراحات التي من الممكن أن تسد هذه الثغرات؟
www.sajplus.com 145
المطلب األول :مالحظات متعلقة بإجراءات التصالح
إن جعل الصلح آلية مؤهلة لتأدية مهامها على الوجه المطلوب وكما أراد شرع هللا ،يقتضي
أن تكون جميع النصوص القانونية هادفة إلى نفس المبتغى والغرض.
ومن باب أولى وأحرى أن تكون خالية من كل ما من شأنه أن يوحي بالتناقض والتعارض
والغموض و قابلية التأويل.
وفي هذا اإلطار أبدي بعض المالحظات واالقتراحات المتعلقة ببعض النصوص القانونية
التي لها عالقة بإجراءات مسطرة التوفيق بين الزوجين والتي يجب أن يتدخل المشرع لسد فراغها
وقصورها .وذلك من أجل الوصول إلى الهدف المنشود الذي يضمن للتصالح بين الزوجين سيره
وتأدية مهامه وتحقيقا للغايات المنتظرة منه دون خلل أو تضارب أو تباين في العمل القضائي
واجتهاداته.1
وأخص بالذكر المقتضيات المتعلقة بتقديم طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق أو التطليق
( الفقرة األولى ) ،واستدعاء الزوجين لجلسة الصلح ( الفقرة الثانية )وأخيرا إيداع مستحقات
الزوجة واألطفال(الفقرة الثالثة).
الفقرة األولى :تقديم الطلب
من المعلوم أن القضاء ينظر في الدعاوي بناءا على طلب ذي العالقة من المتداعين،
فيدعي المدعي حقا و يطلب توصيله إليه و من تم ينظر القاضي في طلبه.2
أما إذا لم يحتكما إليه فليس من اختصاصه أن يبت في الدعوى من غير أن يتقدم إليه الخصمان أو
أحدهما بطلب.
و هذا ما تسير عليه مدونة األسرة في قضايا انحالل الرابطة الزوجية إذ أوجبت على
طالب الطالق أن يتقدم إلى المحكمة المختصة بطلب رامي إلى الحصول على اإلذن باإلشهاد على
www.sajplus.com 146
الطالق وهذا ما يستفاد من المادة " 79يجب على من يريد الطالق أن يطلب اإلذن من المحكمة
باإلشهاد به لدى عدلين منتصبين لذلك".
ومع ذلك لم تفصح مدونة األسرة على شكل هذا الطلب وما إذا كان يؤدى عنه الرسوم
القضائية .أي ما إذا كان يخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية الذي
يسمح للمدعي بالتقدم بطلب مكتوب أو بمجرد تصريح يدلى به شخصيا لكتابة ضبط المحكمة
المختصة.
وما يجري عليه العمل في المحاكم هو أن الطلب يقدم إلى المحكمة ذات االختصاص في
شكل مقال يتضمن هوية الزوجين ومهنتهما وعدد األطفال إن وجدوا و سنهم وحالتهم الصحية
ومستواهم الدراسي .كما يمكن أن يقدم على شكل تصريح إلى كتابة الضبط التابعة للمحكمة و هذا
ما نصت عليه المادة 80من مدونة األسرة .
ويرفق الطلب بمستند الزوجية و الحجج المتبثة بوضعية الزوج المادية و التزاماته المالية"
و من خالل هذه المادة يالحظ أن الشكليات الواجب توافرها في طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق
أكثر تشددا من تلك التي استلزمها المشرع في المقاالت االفتتاحية للدعوى بصورة عامة.
ويرجع ذلك إلى كون البث في طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق يتعلق به حقوق المطلوب
في الطالق و حقوق األطفال إن وجدوا.1
لكن رغم أن المشرع قد حدد البيانات الواجب تضمنها في الطلب ،فأنه لم يذكر وثيقة
أساسية ضمن وثائق ملف الطالق وال غنى للمحكمة عنها في عملية توجيه ملخصات الطالق أو
التطليق على حد سواء ،و هي رسم الوالدة قصد معرفة ضابط الحالة المدنية المختص لمحل والدة
المتفارقين كما انه لم يشر إلى ضرورة تضمين طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق لبينة هامة
وضرورية و هي سبب الطالق أو التطليق .وهو أمر بالغ األهمية يساعد القاضي على تحديد
مقدار المتعة 2كأحد أهم مستحقات الزوجة.
-1عبد اللطيف الحاتمي ،المستجدات المسطرية في مدونة األسرة بخصوص انحالل الرابطة الزوجية و مدى تحقيقها لمبدأ
المساواة بين الزوجين ،أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته الجمعية الوطنية الحضن حول موضوع من م ح ش إلى م أ -أي جديد؟
منشورة في المجلة المغربية لقانون و اقتصاد التنمية عدد 50سنة 2004ص 140
-1عبد العزيز فتحاوي ،قراءة في الكتاب الثاني من م أ المتعلق بانحالل ميثاق الزوجية و آثاره ،ندوة خاصة ب م أ األيام
الدراسية حول م أ المنظمة من طرف المعهد العالي للقضاء عدد 5شتنبر 2005ص 144
www.sajplus.com 147
رغم أن المشرع أكد في المادة 84من ق م أ على أنه يراعى في تقدير المتعة فترة الزواج
والوضعية المادية للزوج,و أسباب الطالق و مدى تعسف الزوج في توقيعه.
يضاف إلى ما سبق أن المشرع المغربي لم يتعرض في مدونة األسرة إلى الحالة التي
يكون فيها طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق غير متضمنا كل البيانات المطلوبة أو غير مرفق
بالوثائق الالزمة طبقا للمادة 80من مدونة األسرة.
فهل يمكن للمحكمة في هذه الحالة أن تطلب من طالب الطالق تحديد البيانات الناقصة
والتي وقع إغفالها و كذا اإلدالء بالوثائق الالزمة مع ترتيب اآلثار القانونية في حالة عدم
االستجابة إلى ذلك؟
لقد كان على المشرع وهو بصدد إصدار مدونة األسرة أن يعمل على تحديد شكل طلب
اإلذن باإلشهاد على الطالق وكذا البيانات الواجبة توافرها فيه والوثائق التي ينبغي إرفاقها للطلب،
حتى يكون القضاء على بينة من أمره و تكون كل الطلبات الرامية إلى انحالل الرابطة الزوجية
موحدة في جميع شكلياتها.
و من بين اإلشكاليات التي أفرزها أيضا التطبيق العملي للكتاب الثاني من مدونة األسرة
نجد قضية غرفة المشورة .إذ يطرح السؤال عما إذا كانت كل أنواع الفرقة من طالق وتطليق
وطالق باالتفاق والخلع تنظر في غرفة المشورة أم أن األمر يقتصر فقط على مسطرة الصلح؟
فبتتبع مواد مدونة األسرة نجد أن المادة 82تنص على أنه " عند حضور الطرفين تجرى
المناقشات في غرفة المشورة".
فقد نصت هذه المادة صراحة على أن المناقشات تكون في غرفة المشورة وقيدت ذلك
بحضور الطرفين لكنها في المادة 89من ق م أ بشأن الطالق المملك نجدها تنص على ما يلي"
تتأكد المحكمة من توفر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين وتحاول اإلصالح بينهما طبقا
ألحكام المادتين 81و 82أعاله".
فالمادة 89تحيل على المادة 82من ق م أ بشأن الصلح بين الزوجين ال بشأن المناقشة
بغرفة المشورة .و كذلك الشأن بالنسبة للمادة 100من ق م أ المتعلقة بالتطليق لإلخالل بشرط في
عقد الزواج أو الضرر التي تؤكد على ضرورة االستماع إلى الشهود في غرفة المشورة.
www.sajplus.com 148
فيتضح إذن أن هناك ارتباك على مستوى صياغة النصوص القانونية التي تتعلق بالصلح
بين الزوجين مما جعل المحاكم ترتبك أيضا في مكان النظر في قضايا الطالق و التطليق عموما.
1
فهل تجرى في غرفة المشورة أم في جلسة علنية؟
لقد كان من األفضل أن يحسم المشرع المغربي عند صياغته لنصوص مدونة األسرة بنص
صريح وواضح يرفع كل لبس أو تأويل و يسد باب االختالف في الرأي والتطبيق.
ورغم أن المشرع لم يبين مكان البث في قضايا الطالق والتطليق بنص صريح إال أنه
باستقراء نصوص المدونة و مقاربتها يتضح أن اإلحالة بشأن الصلح كانت غالبا على المادة 82
من ق م أ وأن هذه األخيرة أكدت أن المناقشات تجرى بغرفة المشورة والصلح من بين هذه
المناقشات إذ يجرى بدوره بهذه الغرفة.
ومن تم فإن اإلحالة على المادة 82من ق م أ ينبغي أن تشمل الصلح والمناقشة بغرفة
المشورة على حد سواء.
الفقرة الثانية :استدعاء الزوجين لحضور جلسة المصالحة
لقد حرص المشرع المغربي على تفريد إجراءات استدعاء الزوجة بنصوص خاصة خالفا
للقواعد العامة الواردة في قانون المسطرة المدنية والتي أفرزت الممارسة العملية سلبياتها حينما
يتعلق األمر بالطالق .ذلك أنه في غياب نصوص خاصة في مدونة األحوال الشخصية تتعلق
باستدعاء الزوجة التي يرغب الزوج في طالقها ،كان يلتجأ إلى قواعد المسطرة المدنية وخاصة
الفصول ( ) 39-38-37مما كان يؤدي غالبا إلى التحايل و كثرة الطالق الغيابي .لذلك جاءت
مدونة األسرة لتحل هذا اإلشكال وتضع حدا للتحايل وتحمي المرأة حيث نصت في المادة 81من
ق م أ على ما يلي ":تستدعي المحكمة الزوجين لمحاولة اإلصالح.
إذا توصل الزوج شخصيا باالستدعاء ولم يحضر ،اعتبر ذلك منه تراجعا عن طلبه.
إذا توصلت الزوجة شخصيا باالستدعاء ولم تحضر ،ولم تقدم مالحظات مكتوبة ،أخطرتها
المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنها إن لم تحضر سيتم البث في الملف .
www.sajplus.com 149
إذا تبين أن عنوان الزوجة مجهول ،استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى الحقيقة.
و إ ذا تبث تحايل الزوج طبقت عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 361من القانون الجنائي
بطلب من الزوجة".
فالمشرع وهو بصدد تحديد آثار االستدعاء لجلسة الصلح سقط في التناقض مع القاعدتين
المنصوص عليهما في المادتين 79-78و األحكام الواردة في المادة 81من ق م أ .
فالمثير لالستغراب أن هذه المادة( )81من ق م أ اهتمت فقط بتنظيم آثار االستدعاء
لحضور جلسة التصالح في الحالة التي يكون فيها الزوج هو طالب الطالق ،ولم تتحدث عن آثار
االستدعاء عندما تكون الزوجة هي طالبة الطالق علما أن الطلب يمكن أن يقدم من طرف
الزوجين معا .الشيء الذي يؤكد وجود اإلخالل والتناقض بين النص والعنوان المدرج تحته.
و قد كان باإلمكان تالفي هذا التناقض بعطف التوصل باالستدعاء أو عدم التوصل به على
طالب اإلذن بالطالق ( سواء كان الزوج هو الذي تقدم به أو الزوجة) عوض عطفه على الزوج
وحده.
و على هذا النحو يرى بعض فقهاء المغاربة أنه يمكن إزالة هذا التناقض المذكور بالصياغة
التالية:
" إذا توصل طالب الطالق شخصيا باالستدعاء و لم يحضر ،اعتبر ذلك منه تراجعا عن طلبه.
إذا توصل المطلوب في الطالق شخصيا باالستدعاء ولم يحضر ،ولم يقدم مالحظات
مكتوبة ،أخطرتها المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنه إذا لم يحضر سيتم البث في الملف .
إذا تبين أن عنوان المطلوب في الطالق مجهوال ،استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى
الحقيقة.
وإ ذا تبث تحايل طالب الطالق طبقت عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 361من
القانون الجنائي".1
كما يتبن أن هذه المادة ( )81من ق م أ نصت على قاعدة اعتبار تخلف الزوج رغم توصله
باالستدعاء ش خصيا بمثابة تراجع عن طلب الطالق .إال أن هناك بعض األسئلة التي تتبادر إلى
www.sajplus.com 150
الذهن في هذا الصدد :فهل عدم حضور الزوج مبرر دائما وفي جميع الحاالت باعتباره تراجعا
عن طلبه؟ أم أنه يكون كذلك فقط في الحاالت غير المبررة؟ و ما الحكم إذا كانت هناك ظروف
قاهرة و طارئة كمرض أو سفر ...حالت بين الزوج وبين حضوره لمحاولة الصلح فهل يعتبر
طل به قائما أم تؤجل محاولة الصلح إلى وقت الحق تحدده المحكمة? وهل عدم حضور الزوج
لجلسة التصالح الثانية يعتبر تراجعا منه عن طلب الطالق ؟ وماذا لو لم تحضر الزوجة جلسة
التصالح الثانية ؟
أما كان على المشرع أن يأخذ بنظرية الظروف الطارئة كحل للحاالت التي يتعذر على
الزوج الحضور شخصيا لجلسة الصلح.
لكن هذا االقتراح قد يسيء تطبيقه -إذا تم إعماله في الواقع -و بالتالي يؤدي إلى تطويل مدة
إجراءات مسطرة الصلح ومن تم االبتعاد عن الهدف الذي رسمه المشرع وهو المحافظة على
استقرار األسرة و تبسيط إجراءات التقاضي.
باإلضافة إلى ما س بق ذكره فإن قاعدة اعتبار الزوج متراجعا عن طلبه إذا توصل
باالستدعاء شخصيا ولم يحضر تطرح إشكاال آخر وهو يدور حول ما إذا كانت هذه القاعدة تخص
فقط دعوى الطالق ،ألنها وردت فقط في المادة 81من ق م أ وأحالت عليها المادة 89من ق م أ
التي نظمت الطالق المملك على اعتبار أن األصل في القواعد المنظمة لإلجراءات عدم قابليتها
للقياس وال التوسع في التطبيق ما لم ترد ضمن القواعد العامة؟ أم يجوز التوسع في تطبيق هذه
القاعدة لتشمل دعاوي التطليق والطالق الخلعي واالتفاقي 1؟.
كما أن هناك إشكال مسطري أخر لم تتطرق إليه المدونة وهو كيفية حضور الزوجة
المعتقلة-التي تقدم زوجها بطلب الطالق -لجلسات الصلح .فهل يتم استقدامها من السجن إلى غرفة
المشورة؟ أم تنتقل المحكمة إلى المؤسسة السجنية ؟ أم تكتفي الزوجة بإعالن وكيل عنها؟ وأين
-1الحسن بويقن ،الجديد في مادة التبليغ في مدونة األسرة ،مدونة األسرة المستجدات و األبعاد ،منشورات جامعة موالي
إسماعيل عدد 5سنة 2004ص 110
www.sajplus.com 151
يمكن للزوج تقديم طلب الطالق؟ هل باألماكن التي نصت عليها مدونة األسرة أم بمكان اعتقال
1
الزوجة؟
2
و نفس الشيء يقال عن الوكالة في الصلح بين الزوجين إذ لم يحسم المشرع في إشكالياتها
بنص صريح الداللة مما أدى إلى وجود اختالفات في وجهات النظر بين مؤيد للوكالة في الصلح
و بين معارض لها.
وقد انعكس ذلك على األحكام الصادرة عن المحاكم المغربية في ظل مدونة األحوال
الشخصية.
وتفاديا لذلك أقترح أن يخصص نص يسد هذا الفراغ التشريعي ،وأكرر تشبتي باالقتراح
الذي سبق أن طرحته في الفصل األول وهو اقتراح يمتاز بالوسطية واالعتدال والذي أؤكد فيه
عدم قبول الوكالة في إجراء الصلح بين الزوجين بالنسبة لطالب الطالق والتطليق حتى ولو كان
عذره شرعيا و مقبوال في حين يمكن السماح للمطلوب في الطالق أو التطليق بإنابة وكيل عنه عند
تعذره عن الحضور لعذر قاهر.
الفقرة الثالثة :إيداع مستحق ات الزوجة و األطف ال
تنص المادة 121من ق م أ " في حالة عرض النزاع بين الزوجين على القضاء ،وتعذر
المساكنة بينهما ،للمحكمة أن تتخذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة بالنسبة للزوجة واألطفال
تلقائيا أو بناءا على طلب ،وذلك في انتظار صدور الحكم في الموضوع ،بما فيها اختيار السكن مع
أحد أقاربها ،و تنفذ التدابير فورا على األصل عن طريق النيابة العامة".
لقد وردت المادة 121من ق م أ في آخر الباب المخصص لطالق الخلع وحسب بعض
الفقهاء فإن محتوى هذه المادة كان يجب أن يدرج ضمن الفرع األول من الباب األول من الفصل
الخامس وقبل المادة 53من ق م أ وأنه من الالزم تغيير هذه المادة التي تقر بأنه في حالة عرض
النزاع بين الزوجين على القضاء وتعذر المساكنة بما في ذلك اختيار السكن مع أحد أقاربها أو
-1رشيدة حلمي ،إشكاليتي مسطرة الطالق و التطليق في م أ الندوة المنظمة من طرف المكتب الجهوي للودادية الحسنية لقضاة
فاس -تازة بتعاون مع هيئة المحامين بفاس تحت عنوان إشكالية تطبيق م أ بعد مرور سنتين على دخولها حيز التنفيذ و ذلك يوم
10مارس 2006بقصر المؤتمرات بفاس ص .8
- -2لقد سبق الحديث عن هدا الموضوع بنوع من التفصيل في الفصل األول من الباب األول
www.sajplus.com 152
أقارب الزوج .وذلك لتناقض هذه المقتضيات مع مقتضى المادة 169من المدونة والتي تقرر منع
إخراج المحضون من بيت الزوجية إال إذا وفر له األب مسكنا تقرر المحكمة الطرق الكفيلة
لضمان استمرار أداء كرائه .وألنه إذا كان المشرع قد حرص على عدم إخراج المحضون من
بيت الزوجية بعد وقوع الطالق فإنه أحرى أن يكون ذلك في حالة عرض النزاع أمام القضاء.
حيث من المنطق و المعقول أن يبقى األطفال مع أمهم في بيت الزوجية إلى أن يتم تأمين
مسكن لهم بعد البث في النزاع في الحكم النهائي.1
يضاف إلى ما سبق ذكره أن مستحقات الزوجة واألوالد تودع قبل اإلذن بالطالق .فكيف
يمكن التحقق من تعذر قضاء العدة ببيت الزوجة حتى تقضي المحكمة بتكاليف السكن ضمن
المستحقات والحال أن الطالق لم يتم و العدة لم يمض أجلها 2؟
وبذلك يتضح أن هذه الصياغة جاءت في غير محلها وعلى المشرع التدخل لتعديل هذه
المادة و تتميمها.
والحديث عن هذه اإلشكالية السابقة يقود إلى إشكالية أخرى لم تتعرض لها المدونة .وهي
هل يلزم تحديد مستحقات الزوجة المترتبة عن الطالق شهريا دون مطالبة الزوج بإيداعها مسبقا
بصندوق المحكمة أم يجب عليه إيداع تلك المستحقات عن الشهر الموالي بتاريخ اإلشهاد على
الطالق أم عن فترة عدة الزوجة؟
وكيف تحدد هذه المستحقات هل بمقتضى حكم أو إذن أو أمر؟ و هل هذا الحكم أو األمر أو
اإلذن قابل للطعن أم ال و أمام أي جهة قضائية؟
و إلى أي جهة يجب أن يقدم طلب سحب الواجبات المترتبة على الطالق هل أمام الجهة
3
التي بثت في الطالق أم في إطار مسطرة األوامر؟
www.sajplus.com 153
ومتى يبدأ سريان األجل الذي حددته المادة 83من مدونة األسرة للزوج إليداع المبلغ
المالي كضمان لمستحقات الزوجة و األوالد؟ هل من تاريخ النطق بالحكم؟ أو من تاريخ تبليغه؟
و هل يمكن منح أجل إضافي؟ و في حالة الطالق االتفاقي هل يتم اإلذن بالطالق بدون أن تنظر
المحكمة في نفقة وسكنى األوالد بحيث يبقى ذلك متروكا للزوجين وهل يمكن للمحكمة أن تأجل
النظر في طلب الطالق االتفاقي إلى حين اتفاق الطرفين حول حقوق األوالد وترفض اإلذن
1
بالطالق االتفاقي إذا كانت الزوجة المتحملة بنفقتهم معسرة؟
إن ما يجري عليه العمل في المحاكم المغربية أنه إذا تعذر اإلصالح بين الزوجين حددت
المحكمة بأمر وليس إذن أو حكم مبلغا يودع من طرف الزوج بكتابة ضبط المحكمة ،داخل أجل
أقصاه 30يوما( م )83من ق م أ يبدأ سريانه من تاريخ النطق بالحكم متى كان الزوج حاضرا
بالنظر إلى أن المسطرة شفوية فإن لم يكن حاضرا في آخر الجلسة فمن تاريخ تبليغه وال يمكن
منح أي أجل إضافي.
والحكمة من إلزام الزوج بإيداع المبلغ المالي هو ضمان مستحقات الزوجة واألطفال
الملزم بنفقتهم خالل هذه المدة و حماية لهم من التشرد و الضياع.2
واألوامر التي تصدرها المحكمة المتعلقة بمستحقات الزوجة واألوالد تعتبر نهائية و غير
قابلة ألي طعن ،أما القرار الصادر بعد اإلشهاد على الطالق والمتضمن لتحديد هذه المستحقات
فهو قابل للطعن وفقا لإلجراءات العادية.
وحماية لمستحقات األطفال خاصة عند انحالل الرابطة الزوجية فالمحكمة يجب أن تتأكد
ما إذا كانت حقوق األطفال قد أخذت بعين االعتبار ومن كون هذه المستحقات كافية ومالئمة إذا تم
االتفاق عليها.
فإذا تبين للمحكمة أن هذه الحقوق لم يتم االتفاق عليها وجب عليها تحديدها ،وإذا ما تبين
للمحكمة أن ما االتفاق عليه هزيل ال يفي بحاجيات األوالد ،تدخلت المحكمة لتقريب وجهات
www.sajplus.com 154
النظر بين الزوجين بغية تحديد المبلغ المالئم وإال حددتها حسب المادتين 83و 85من مدونة
األسرة.1
وهنا تجدر اإلشارة أن المادة 97من مدونة األسرة تعطي للمحكمة صالحية تحديد مستحقات
الزوجة واألوالد تلقائيا بدون أن يتقدم الطالب بطلب في شأنها ،خالفا للتطليق ألحد األسباب
المنصوص عليها في المادة 98من نفس المدونة إذ ال بد من طلب هده المستحقات للحكم بها وهو
ما يستفاد من صياغة المادة 113من م أ التي تنص في فقرتها الثانية على أن المحكمة تبث أيضا
عند االقتضاء في مستحقات الزوجة و األوالد.
فال أ دري ما غاية المشرع من عدم توحيد مسطرة البث في المستحقات المالية للزوجة
واألوالد .ففي كال الحالتين يتعلق األمر بانحالل الرابطة الزوجية وبضرورة حماية حقوق الزوجة
واألوالد.
فقد كان على المشرع أن يتبنى موقفا موحدا فإما أن يمنح للمحكمة سلطة البث في التدابير
المؤقتة تلقائيا وإما أن يجعل الحكم بهده المستحقات بناء على طلب.
وحينما يودع الزوج المبلغ المالي المذكور ال يؤذن للزوجة مباشرة بسحبه لكونها ال
تستحق إال الذي سيقضى لها به وفقا للمادة 88من مدونة األسرة .وطالما أن المستحقات تحدد
بقرار من طرف المحكمة فإن سحبها يتوقف على سلوك مسطرة تنفيذه.
إال أن مهمة التنفيذ الفوري على األصل للتدابير المؤقتة المتخذة من طرف المحكمة
و المناسبة للزوجة واألطفال في انتظار صدور حكم في الموضوع والتي كلفت النيابة العامة
بتنفيذها تطرح إشكالية حول طبيعة التنفيذ و طريقته .فإن تم بطريقة رضائية فال إشكال ،أما في
حالة امتناع الزوج أو أقاربه أو عدم وجودهم أو عدم وجود مسكن لهم فهنا تثار المشاكل و ليطرح
السؤال حول الوسائل الجبرية التي تتوفر عليها النيابة العامة لتنفيذ هذه التدابير المأمور بها من
طرف المحكمة في غياب نص قانوني.
وهل تعتبر هذه التدابير مقررات تمكن النيابة العامة في حالة عدم االستجابة لها تحريك
1
الدعوى العمومية؟
www.sajplus.com 155
لقد كان حري بالمشرع المغربي أن يتعرض لمثل هذه اإلشكاليات والمعوقات التي قد
تصادف النيابة العامة وهي بصدد تنفيذ التدابير المؤقتة المحكوم بها من طرف المحكمة لصالح
الزوجة و األطفال .
وفي انتظار تدخل المشرع لسد هذا الفراغ التشريعي فإن األمر يبقى متروكا للتجربة
العملية التي ستتمخض عن تطبيق المادة 121من ق م أ والجتهاد ممثل النيابة العامة لتصريف
وعالج اإلشكاليات التي تطرح أمامه .
وفي إطار نفس الموضوع المتعلق بإيداع المستحقات نجد المادة 86من ق م أ تؤكد على
أنه إذا لم يودع الزوج المبلغ المنصوص عليه في المادة 83من ق م أ داخل األجل المحدد له،
اعتبر متراجعا عن رغبته في الطالق و يتم اإلشهاد على ذلك من طرف المحكمة .
فهذه القاعدة تتعارض تعارضا تاما مع مبادئ الشريعة اإلسالمية إذ يقول هللا سبحانه
وتعالى "و إن عزموا الطالق ف إن هللا سميع عليم " . 2كما قال عليه الصالة و السالم إذ جاء في
حديث أبي هريرة " قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ثالث جدهن جد و هزلهن جد :النكاح
والطالق و الرجعة ". 3
وهكذا فإن الزوج الذي يتقدم إلى المحكمة المختصة بطلب مكتوب يحمل إرادة اإلشهاد
على طالق أو تطليق زوجته ،ثم يحضر جلسة المصالحة و يتمسك بطلبه ثم بعد فشل محاولة
الصلح بينهما تأمره المحكمة بإيداع المبلغ الذي يشمل مستحقات الزوجة واألطفال و يتقاعس عن
ذلك اإليداع داخل األجل القانوني يكون قد أعلن عن نيته في الطالق ،ويكون ملزما له شرعا وإن
لم يوثقه .
ولهذا ما كان على المشرع المغربي أن يجعل من تقاعس الزوج عن إيداع المبلغ الواجب
إيداعه بكتابة الضبط داخل األجل القانوني قرينة عن تراجعه عن طلبه.
-1عبد الرازق يحي ،دور النيابة العامة في قضايا األسرة :الحصيلة و المعوقات ،أشغال الندوة الوطنية المنعقدة بكلية الحقوق
بوجدة يومي 17و 18فبراير 2005مدونة األسرة عام من التطبيق ،الحصيلة و األفاق ،منشورات مجموعة البحث في القانون
و األسرة ،سلسلة الندوات العدد األول طبعة ، 2006ص193
-2سورة البقرة اآلية 225
-3رواه أحمد و أبو داود و ابن ماجة و الترميدي
www.sajplus.com 156
فاالهتمام بالشكليات المسطرية و تعقيد اإلجراءات للحد من ظاهرة الطالق التي استفحلت
بشكل كبير في اآلونة األخيرة ،ال ينبغي أن يبعد المشرع عن المبادئ الشرعية اإلسالمية
وتقويض بنيان األسرة وكيانها اإلسالمي والسقوط في الحرام لمجرد الهروب من رعب
اإلحصائيات الدولية التي تصنف المغرب في مقدمة الدول التي يكثر فيها الطالق.1
وبعدالحديث عن المادة 121من ق م أ أنتقل إلى إشكال آخر وارد في المادة 190من ق م
أ والتي توجب على المحكمة البث في قضايا النفقة في أجل أقصاه شهر واحد .
فهذه المادة لم تراعي وضعية الجالية الموجودة في الخارج و التي يمنحها المشرع المغربي
بمقتضى قانون المسطرة المدنية في المادة 41أجل شهرين للحضور .
ومعلوم أن اآلجال المسطرية هي من النظام العام وهو ما يوضح تناقض أجال البث وهو
شهر و أجل الحضور وهو شهران. 2
وإذا تابعت مسيرة النقد فال بد من المرور على المادة 128من مدونة األسرة والتي تنص
على أن" المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ طبقا ألحكام هدا الكتاب،
تكون غير قابلة ألي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العالقة الزوجية".
وهذا يعني أن هذه المقررات قابلة لجميع طرق الطعن في شقها المتعلق بتحديد المستحقات
المترتبة عن الطالق ،كما يعني ذلك أيضا بمفهوم المخالفة أنه يحق للزوجة الطعن بطريق
االستئناف في المقررات القضائية التي تقضي برفض أو عدم قبول طلبها الرامي إلى إنهاء
الرابطة الزوجية.
إن اعتبار ال مقرر القاضي بإنهاء رابطة الزواج بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ نهائي غير
قابل للطعن ،3كان محط انتقاد الفقهاء المغاربة لما في ذلك من إخالل ومساس بالمبدأ الدستوري
الذي يقضي بالمساواة بين المتقاضين والمساواة بين الرجل و المرأة ،وهذا فضال على أنه تفوت
على المتقاضي درجة ثانية إلصالح األخطاء التي يقع فيها قاضي الدرجة األولى.
www.sajplus.com 157
لقد كان على المشرع المغربي أن يأخذ بمبدأ التقاضي على درجتين ،ألن االستئناف يعطي
فرصة جديدة للزوجين من أجل مراجعة أنفسهما وألنه يمكن من تدارك األخطاء التي تصيب حكم
قاضي المحكمة االبتدائية ،بل و أكثر من دلك فإن الحكم االبتدائي القاضي بإنهاء الرابطة الزوجية
قد تشوب بعض اإلخالالت الشكلية التي تجعله باطال .فيكون مصدر الفرقة بين الزوجين حكم
باطل وتترتب عليه مجموعة من اآلثار القانونية واالجتماعية والحال أن البطالن والعدم سواء.
ومن أمثلة األحكام التي انتهت بالتطليق وهي مشوبة بعيب البطالن ،هناك الحكم الصادر
عن ابتدائية مراكش ،1والذي أغفلت فيه المحكمة إحالة الملف إلى النيابة العامة لإلدالء
بمستنتجاتها .فهو إذن يعتبر حكما باطال طبقا لمقتضيات المادة 9من قانون المسطرة المدنية .فهل
العالقة الزوجية في هده الحالة تعتبر ال زالت قائمة بين الطرفين ألن البطالن والعدم سواء؟ و ما
هو سبيل المتضرر وهو الزوج في هذه النازلة الذي كان يرفض التطليق ويتمسك باستمرار
العالقة الزوجية لتقرير بطالن هدا الحكم مع العلم أن المادة 128من مدونة األسرة قد صدرت
حقه في الطعن بطريق االستئناف في الشق المتعلق بإنهاء الرابطة الزوجية؟
فهذه إحدى الوضعيات القانونية واإلجتماعية الشائكة والمعقدة التي أثارها التطبيق العملي
للمادة 128م أ – وغيرها كثير -وهي حاالت ال يمكن معالجتها إال باالعتماد على مبدأ التقاضي
على درجتين.
وأملي كبير في أن يستيقظ المشرع المغربي من جديد لوضع حد لهذه اإلشكاليات التي
أفرزها إنزال و تفعيل مدونة األسرة على أرض الواقع.
-1حكم ابتدائية مراكش ع 2045الصادر بتاريخ 2005-6-9في الملف الشرعي عدد 2004-3433غير منشور.
www.sajplus.com 158
المطلب الثاني :مالحظات خاصة بآليات الصلح
وكما هو معلوم فإن المشرع عدد مجموعة من اآلليات الخاصة بالصلح وهي إما ذات طابع
قضائي -القاضي ( -الفقرة األولى ) وأخرى غير قضائية -الحكمين(الفقرة الثانية) و مجلس
العائلة( -الفقرة الثالثة) وذلك من أجل التوفيق بين الزوجين.
الفقرة األولى :الق اضي
رغم تنصيص المشرع المغربي على ضرورة إجراء الصلح في جميع حاالت إنهاء
الرابطة الزوجية بالطالق أو التطليق باستثناء التطليق للغيبة ،إال أن الواقع العملي قد يفرغ هده
النصوص من محتواها بحيث أن إجراء الصلح بالكيفية المشار إليها في مدونة األسرة تعترضه
صعوبات جمة سواء تعلق األمر بالثغرات واإلشكاليات التي لم تتعرض لها .أو تعلق األمر
بالصعوبات الكبيرة التي واجهت تنزيل أحكام هذا القانون والتي ترجع باألساس إلى اإلمكانيات
غير ال مساعدة على التنزيل السليم لمواد المدونة أو إلى عدم تفعيل بعض المقتضيات القانونية
1
كصندوق النفقة...
فالمادة 82من ق م أ تنص على أنه" للمحكمة أن تقوم بكل اإلجراءات بما في ذلك انتداب
حكمين أو مجلس العائلة ،أو من تراه مؤهال إلصالح ذات البين.
وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة ال تقل عن ثالثين
يوما".
فالمدونة في محاولتها للتوفيق بين األحكام الشرعية الهادفة إلى نشر الود وإصالح ذات
البين كما وردت في شرع هللا الحكيم وبين البنى المؤسساتية الموجودة حاليا ،اضطرت إلى إسناد
مهمة حل الشقاق و التحكيم بين الزوجين إلى المحكمة.2
وكما هو معلوم فإن إجراء الصلح يقتضي من الزوجين اإلدالء باألسباب الحقيقية للنزاع
لذلك فمن األفضل أن يتم الرجوع إلى مسطرة القضاء الفردي في إجراءات التصالح بين الزوجين
-1محمد عيادي ،تعتر تطبيق م أ مسؤولية مشتركة و المقاربة الثقافية و التربوية هي األنجح للتغلب على مشاكل األسرة ،التجديد
عدد 1084الثالثاء 28دو الحجة 8 -1425فبراير 2005ص 5
-2رجاء ناجي مكاوي ،التطليق للضرر كما جاء في مشروع مدونة األسرة ،أعمال ندوة مستجدات مدونة األسرة جامعة محمد
الخامس نونبر 2003ص 75
www.sajplus.com 159
ألن القضاء ا لجماعي بقدر ما يعطي ضمانات كافية في حكم نزيه بقدر ما ال يضمن صلحا أكيدا
بين الطرفين ألن أحد الزوجين أو هما معا قد يتجرأ على إفشاء أسباب النزاع أمام قاض واحد وقد
ال يفعل دلك أمام هيئة جماعية.
و ما يجري العمل عليه في الحياة العملية أن غرفة المشورة تضم إلى جانب رئيس الجلسة
و مستشارين وكاتب الضبط وفي أحيان كثيرة هيئة الدفاع .وهذا قد ال يساعد بتاتا على تحقيق
الصلح بين الطرفين ألنه إذا كان أحد الزوجين ال يستطيع أن يفشي سره أمام قاض واحد فكيف به
أن يفشي سره أمام المأل؟
ولذلك وتحقيقا للغاية النبيلة التي فيها مصلحة المجتمع بأسره ( حماية األسرة و المحافظة
على تماسكها ) فمن األفضل أن يترك القاضي ليقوم بمحاولة اإلصالح حتى إذا فشل في ذلك فمن
حق هيئة الدفاع أن تنتصب إلى جانب موكلها.1
وفي سبيل نجاح محاولة الصلح يمكن للمحكمة اتخاذ كل اإلجراءات التي من الممكن أن
تساعدها في تحقيق مهمة السداد والتوفيق بين الزوجين كانتداب حكمين أو مجلس العائلة أو أي
شخص أو جهة مؤهلة إلصالح ذات البين بل أكثر من دلك فإن المحكمة في حالة اختالف
الحكمين في تحرير مضمون التقرير أو تحديد مسؤولية الزوجين أو عدم تقديم التقرير داخل
األجل المحدد لهما من طرف المحكمة ،حينئذ يمكن للقاضي أن يجري بحثا إضافيا بالوسيلة التي
يراها مناسبة.
ويبقى السؤال المثار عن ماهية هذا البحث اإلضافي من جهة والجهة المختصة بإجرائه.
واألكيد أن للمحكمة السلطة التقديرية الواسعة في تحديد ماهية البحث اإلضافي و كذا الوسائل
المعتمدة في إجرائه و الجهة المخول لها القيام بذالك ،فلها أن تلجأ لالستماع إلى شهادة الشهود أو
األقارب أو الجيران وكذا اعتماد الخبرة القضائية مع إمكانية االستعانة بالنيابة العامة..
كما أن المشرع لم يتعرض للمرحلة القضائية الواجب إجراء الصلح فيه مما شكل فراغا
تشريعيا أثار جدال فقهيا كبيرا إذ اختلف وجهات النظر الفقهاء بين مناصر لوجوب إجراء محاولة
التوفيق بين الزوجين في أي مرحلة من مراحل الدعوى و بين معارض لذلك و مطالب لوجوب
www.sajplus.com 160
اقتصار محاولة التصالح بين الزوجين على المرحلة االبتدائية وعدم اجترار التصالح بين الزوجين
أمام المحكمة االستئناف خصوصا بعد استنفد هذا اإلجراء من طرف القاضي وبعد تحقيق الصلح
أمامه ومن تم ال يجب إعادة الكرة أمام محكمة االستناف ألنه ال طائلة من دلك و ليس في ذلك إال
إطالة عمر القضية.1
وهذا يتماشى مع ما يسير عليه القانون والقضاء المصريين إذ يعتبران أن عرض الصلح
أمام محكمة أول درجة ورفضه من الحاضر عن الزوجة كاف إلثبات عجز المحكمة عن الصلح
وال يوجب عرض الصلح مرة ثانية أمام محكمة االسثئناف 2عكس المشرع التونسي.
وهذا قصور تشريعي كبير ،وكان حري بالمشرع المغربي أن يقيم وزنا لمرحلة إجراء
الصلح و يعمل على تحديدها تحديدا دقيقا لتتم عملية الصلح على الوجه المطلوب وليكون موقف
القضاء موحدا وأحكامه متطابقة متناسقة ومضبوطة.
و الحديث عن الفراغ التشريعي المتعلق بعدم تحديد مرحلة إجراء الصلح يقود حتما إلى
الحديث عن قصور تشريعي آخر ال يقل أهمية عن سابقه ،إنه الفراغ القانوني المتمثل في طريقة
إجراء محاولة الصلح و التوفيق بين الزوجين فلم يكلف المشرع ( سواء في ظل مدونة األحوال
الشخصية أو عند صياغة مدونة األسرة) نفسه عناء الحديث عن طريقة معينة يستنير بها القضاة
أثناء إجرائهم لمحاولة التصالح بين الزوجين.
فرغم أنه ألزم القاضي بضرورة إجراء الصلح فإنه كباقي التشريعات العربية لم يوضح
للقاضي كيفية إجراء هذه المحاولة ،فهل يستمع للزوجين معا ويحاول اإلصالح بينهما؟ أم يستمع
لكال من الزوجين على انفراد ثم يستمع لكل منهما بمحضر اآلخر ويحاول عندئذ اإلصالح بينهما؟
ولكل من الطريقتين إيجابياتها وسلبياتها ،فاألولى ال تتطلب وقتا طويال ،لكن نسبة النجاح
فيها تكون أقل في حين أن الطريقة الثانية ،توفر إمكانية أكبر للوقوف على أسباب حقيقية للنزاع
ولتقدير حظوظ النجاح في محاولة اإلصالح لكنها تتطلب وقتا أطول من الممكن أن يكون ضعف
الوقت الذي تتطلبه األولى .3
-1عبد العزيز فتحاوي ،التطليق للضرر في آفاق قضاء األسرة ،مجلة المحكمة عدد 3سنة 2004ص 183
-2أحمد نصر الجندي ،المرجع السابق ،ص 221
- 3ساسي بن حليمة ،دور قاضي األسرة في قضايا الطالق ،مرجع سابق ص 33
www.sajplus.com 161
وبم ا أن المشرع المغربي لم يوضح الطريقة الواجب إتباعها من طرف القاضي ،فإنه يبقى
حرا في اختيار أي الطريقتين ،لكن ال ينبغي للقاضي أن يكتفي بمجرد طلب الصلح بين الزوجين
أو إلقاء سؤال عابر عن مدى استعدادهما للصلح 1،بل يجب عليه أن يمارس محاولة الصلح بكيفية
جادة و أن يقوم بمحاولتين للصلح في حالة وجود أطفال تفصل بينهما مدة ال تقل عن 30يوما .إال
أن المادة 114من مدونة األسرة المتعلقة بالطالق االتفاقي ال تشير إلى وجوب قيام المحكمة
بمحاولتين للصلح فهل يتم االكتفاء بمحاولة واحدة على اعتبار أن الزوجين قد اتفقا على إنهاء
الرابطة الزوجية رغم وجود أطفال؟
في هذا الصدد يمكن القول أنه من الصعب -لكن ليس من المستحيل – نجاح محاولة الصلح
بين الزوجين على اعتبار أنهما قد اتفقا بطريقة حضارية إلنهاء النزاع القائم بينهما 2لذلك يمكن
االكتفاء بمحاولة واحدة للصلح رغم وجود أطفال بشرط ضمان كافة حقوقهم المالية.
و في إطار نفس الموضوع أقول أنه كان على المشرع ترك األمر إلى القاضي ليجتهد على
ضوء ما يتوفر لديه من معطيات إلعادة الجلسة الصلحية من عدمه .ألن تقرير ضرورة القيام
لجلستين للصلح في حالة وجود أطفال بصورة حتمية ال لشيء إال ألن هناك أبناء ،قد يؤدي في
بعض الحاالت إلى ضياع الوقت بالنسبة لكل من القاضي و المتقاضي إذا كان واضحا و ثابتا من
الجلسة األولى أنه ال أمل في الصلح وال طائل من وراء تكرار جلسات الصلح ،3ومن تم فإن إعادة
جلسة الصلح قد يتسبب في ماسي إدا كانت العالقة بين الزوجين متوترة.
كما أن األجل الفاصل بين الجلسة والجلسة فهو حسب النص القانوني الذي جاءت به
المدونة هو شهر على األقل و ما من شك أن المشرع يهدف من وراء ذلك أن ال تعين الجلسة
الصلحية الثانية في وقت قريب وذلك كي يتمكن الزوجان من التفكير والتروي ومراجعة النفس
والتفكير في العواقب.4
www.sajplus.com 162
فالمشرع ضبط األجل األدنى الفاصل بين جلستي الصلح وقرر أن يكون شهرا لكنه لم
يضبط األجل األقصى .فمن الممكن أن يساهم عدم تحديد المشرع لهذا األجل إلى تأجيل الجلسة
المخصصة للتصالح إلى وقت غير محدد.
ولذ لك كان من األفضل أن يتم تحديد حد أقصى للمدة الفاصلة بين الجلستين لكي ال تبقى
مفتوحة إلى اجل غير محدد .فهذا التحديد سيساهم في تسريع وثيرة التقاضي و إعطاء كل ذي حق
حقه في وقت وجيز.
وتحقيقا لهذا الهدف عمل المشرع على تحديد سقف زمني للبث في دعوى الشقاق ودلك
دفعا ألي تحايل أو مزايدات سواء من طرف القضاء أو األطراف ،وحماية لحقوقهما و صيانة
لمكتسبات المقررة لقوة القانون ،وهذ ا ما تبناه المشرع من خالل مدونة األسرة فأقر صراحة في
الفقرة األخيرة من المادة 97من ق م أ على أنه يفصل في دعوى الشقاق في أجل ستة أشهر من
تاريخ تقديم الطلب.1
وهي قاعدة أساسية ومهمة قد تكون سبيال للمصالحة بين الزوجين بحكم أنها تختصر مدة
الخصومة وتقلص بالتالي فرص الشنآن والبغضاء بين الزوجين.
لكن أال يعتبر ذلك عقبة تحول دون تفعيل الصلح وتؤدي إلى كثير من االرتجال والتسرع
وإرباك القاضي الذي يشرف على مسطرة الصلح؟
وهل القضاء بأعبائه وإكراها ته وكثرة ملفاته فضال عن معوقات المسطرية التي تعترض
سبيل سير الدعوى ( مسطرة تبليغ االستدعاءات و الطيات ،)...يستطيع أن يحسم في ملفات
التطليق في أجل ستة أشهر2؟ وما الجزاء في حالة تجاوز هذا األجل والحال أن المشرع سكت عن
ذلك و إن كان الباب الثاني المتعلق بالتطليق بطلب من الزوجة في حاالت المادة 98من مدونة
األسرة قد فتح المجال ألكثر من ستة أشهر إذا وجدت ظروف خاصة باستثناء حاالت التطليق
للغيبة.
www.sajplus.com 163
كان حري بالمشرع أن يفسح مجال الظروف الخاصة حتى في دعوى الشقاق ألن تجاوز أمد
ستة أشهر أمر وارد.1
وباإلضافة إلى القضايا السابقة الذكر والتي تعتبر بحق فراغا تشريعيا كبيرا فإن هناك
نصوص أخرى تستلزم الوقوف على مكامن ضعفها و مواطن خللها هما المواد:
113و 114و 120من مدونة األسرة.
ف 113من ق م أ" يبث في دعاوي التطليق المؤسسة على أحد األسباب المنصوص عليها
في المادة 98أعاله بعد القيام بمحاولة اإلصالح باستثناء الغيبة وفي أجل أقصاه ستة أشهر ما لم
توجد ظروف خاصة".
فخالف لما ورد في م ح ش سابقا التي قصرت إجراء الصلح على حالة التطليق للضرر
فقط نجد أن مدونة األسرة أوجبت ضرورة القيام بمحاوالت اإلصالح بين الزوجين في حاالت
الطالق و التطليق عدى حالة واحدة و هي حالة التطليق للغيبة.
وهذا أمر بديهي ومعقول ألنه ال يمكن إجراء الصلح في غياب أحد أطراف العالقة
الزوجية.
لكن ما ال يبدو معقوال وال منطقيا هو عدم استثناء المشرع إلزامية مسطرة الصلح بالنسبة
لدعاوي التطليق للعيب خصوصا إذا علمنا أن الهدف من الصلح هو إعادة الدفء إلى الحياة
الزوجية في حين أن المادة 107من مدونة األسرة تشترط لقبول طلب التطليق للعيب توفر أحد
الشرطين:
-أو أن يكون من األمراض الخطيرة التي ال يرجى الشفاء منها في أجل السنة.
فكيف يمكن أن نطلب من الزوجة المتضررة من استمرار الحياة الزوجية بإلزام إجراء
محاولة الصلح؟ و هل هذا الصلح ستكون له أهمية و سيحقق غايته التي هي إرجاع المياه إلى
-1عبد العزيز فتحاوي ،قراءة في الكتاب الثاني من مدونة األسرة ،المرجع السابق ،ص 146
www.sajplus.com 164
مجاريها و عودة االستقرار إلى الكيان األسري إذا تم استحضار الضرر الحاصل للزوج غير
المريض؟
ففقهاء المذاهب األربعة اتفقوا على أن الزوجة إن وجدت بزوجها عيبا من العيوب
الفرجية فلها الحق أن ترفع أمرها إلى القضاء لتطلب الفراق ،حتى و إن لم تبثث دعواها بأي
طريقة من طرق اإلثبات ألن مقاصد الزوج األصلية من التوالد والتناسل ال تتحقق مع هذه العيوب
و لذلك فال يمكن تالفيها إال لفرقة بين الزوجين عن طريق القضاء ،ومن الظلم إلزامها بالبقاء
معه.1
و بخصوص المادة 114من ق م أ تنص على أنه" يمكن للزوجين أن يتفقا على مبدأ إنهاء
العالقة الزوجية دون شرط ،أو بشروط ال تتنافى مع أحكام هده المدونة وال تضر بمصالح
األطفال.
عند وقوع هذا االتفاق يقدم الطرفان أو أحدهما طلب التطليق للمحكمة مرفقا به اإلذن
بتوثيقه.
تحاول المحكمة اإلصالح بينهما ما أمكن فإذا تعذر اإلصالح أدنت باإلشهاد على الطالق
وتوثيقه".
أما فيما يتعلق بالمادة 120من ق م أ فقد نصت على ما يلي " إذا اتفق الزوجان على مبدأ
الخلع واختلفا في المقابل رفع األمر إلى المحكمة لمحاولة الصلح بينهما ،وإذا تعذر الصلح حكمت
المحكمة بنفاد الخلع بعد تقدير مقابله".
فلماذا أفرد المشرع للطالق اإلتفاقي و الطالق بالخلع قسما خاصا و لم يدرجهما ال ضمن
الطالق وال التطليق؟
أما كان على المشرع التنصيص على مسطرة واحدة للصلح بالنسبة لهما ووضعها في قسم
واحد؟
-1عمر عبد هللا ،أحكام الشريعة اإلسالمية ،في األحوال الشخصية ،دار المعارف الطبعة السادسة 1963ص 525
www.sajplus.com 165
فقد نص المشرع بالنسبة للطالق االتفاقي على أن المحكمة أن تحاول اإلصالح بين
الزوجين ما أمكن في حين نص في الطالق بالخلع على محاولة اإلصالح فقط" فهل يعني ذلك أن
المحكمة عندما تجد في النص القانوني عبارة" ما أمكن" يتعين عليها أن تبذل قصارى جهدها من
أجل التوفيق بين الزوجين.
وعند عدم ذكر هده العبارة تكتفي بمجرد محاولة رمزية لإلصالح ؟ كما تؤكد نفس المادة
أن إذا اختلفا الزوجان في المقابل تقوم المحكمة بمحاولة اإلصالح .فهل يعني ذلك وبإعمال
مفهوم المخالفة أن المحكمة غير ملزمة بإجراء الصلح إذا اتفق الزوجان على مبدأ الخلع وعلى
المقابل؟
الفقرة الثانية :الحكمين
إن المشرع المغربي حرصا منه على وحدة األسرة واستقرارها باعتبارها النواة األولى
للمجتمع فقد ألزم القاضي قبل اإلذن بالطالق أن يبعث حكمين لتسوية الخالفات الناشئة بين
الزوجين و إجراء تصالح بينهما وإعادة المياه إلى مجاريها الطبيعية حفاظا على وحدة األسرة
وسالمتها من الطالق والتطليق الذين قد يعصفا بهما و بمستقبل أفرادها ،وما ذهبت إليه المدونة
يتماشى و روح الشريعة اإلسالمية التي تدعو إلى اإلسراع ببعث حكمين بمجرد ظهور بوادر
الشقاق بين الزوجين .1
لكن رغم أن التحكيم من أهم آليات المصالحة بين الزوجين فإن المشرع المغربي لم يوليه
العناية واالهتمام اللذان يستحقهما إذ جعل من بعث الحكمين وسيلة جوازية من وسائل الصلح بين
الزوجين شأنها شأن باقي الوسائل التي حول القانون للمحكمة اللجوء إليها في سبيل إصالح ذات
البين بين الزوجين ( م )82من ق م أ .
فالمحكمة ليست ملزمة بانتداب حكمين بل يمكنها االستعانة بمجلس العائلة أو أي شخص
أخر أو جهة تراها مؤهلة إلجراء الصلح.
وللمحكمة أن تباشر الصلح بنفسها أو أن تنتدب أحد أعضائها لقيام بهده المهمة.2
www.sajplus.com 166
كما أنه لم يعمل على تنظيم التحكيم تنظيما قانونيا دقيقا سواء في ظل م ح ش أو مدونة
األسرة ،بل اقتصر على ذكر المهام الموكولة للحكمين وكيفية توثيق ما انتهيا إليه من صلح
ورفعه للمحكمة في أجل يكون القاضي قد حدده لهما مسبقا.
فعدم تعرض المشرع لكافة اإلجراءات الخاصة بالحكمين يوحي و كأن المشرع يعتبر بعث
الحكمين للسداد بين الزوجين مجرد إجراء شكلي وليس وسيلة لرأب الصدع الذي يهدد بناء
األسرة .
كما أنه من القضايا التي أغفل المشرع تنظيمها نجد كيفية اختيار الحكمين وكيفية تعيينهما
وكدا الشروط والصفات الواجب مراعاتها عند انتدابهما ،والجهة التي ينتقيا منها و لم يوضح أيضا
حدود الصالحيات الممنوحة لهما و كيفية انتهاء مهمتها هل بتقرير مشترك أم بتقرير منفرد؟ وما
العمل في حالة اختالف وجهات نظرهما ؟ هل من الممكن تعين حكمين آخرين؟ 1وأيضا ما القيمة
القانونية للتقرير المحرر من طرفهما كما أنه لم يتناول بالتنظيم جزاء اإلخالل والتهاون في تأدية
مهمتهما وال على الحلول الواجب إتباعها عند حدوث احتماالت وتوقعات مرتقبة ممكنة الوقوع
أثناء سريان التحكيم كأن يموت أحد الحكمين أو يصابا بعارض من العوارض التي تحول دون
متابعة مهمة التحكيم كالجنون مثال.2
لقد كان على المشرع المغربي أن يعمل على توضيح هذا القصور تجنبا ألي تأويل خاطئ
أو تفسير واسع يبتعد عن الهدف الذي سطره المشرع.
فعدم تحديد المشرع لشروط الحكمين و الجهة التي يعينان منها و كذا حدود السلطات
والصالحيات المخولة لهما سواء في ظل مدونة ح ش أو مدونة األسرة .جعل التحكيم يعاني من
قصور تشريعي كبير مما جعل القضاة يستغنون عنه وال يعملون على تفعيله إال في حاالت قليلة
مقتصرين على المبادرة الشخصية.
لكن رغم أن المشرع لم ينص على شروط الحكمين ...فإنه تحقيقا ألهداف التحكيم وغاياته،
و إعماال لمقاصد الشريعة اإلسالمية الغراء ،يمكن سد هذه الثغرات والعيوب التي شابت آلية
- 1يأخذ القانون السوري بإمكانية تعين حكمين جديدين إدا لم يتوصل الحكمان األوالن بعد ما ضم إليها الثالث ،عبد الرحمان
الصابوني ،شرح قانون األحوال الشخصية السوري ،مطبعة ابن خلدون ،الطبعة األولى 1979ص 96
-2علي منتصر ،المرجع السابق ،ص 339
www.sajplus.com 167
التحكيم بالرجوع إلى المذهب المالكي التي تحيل عليه المادة 400من ق م أ و الذي يشترط في
الحكمين :الذكورة والعدالة والرشد زيادة على شرط الفقه والعلم .وأن يكونا الحكمان من األقارب
فإن تعذر دلك أمكن اختيار شخصين ممن توفرت فيهما الشروط السابقة الذكر.
لكي يلتزم القضاة بهدف الشروط عند تعيين الحكمين؟ أال يعتبر شرط الذكورة و التفقه من
الشروط الغير قابلة للتطبيق في الوقت الراهن؟
فحسب بعض القضاة بقسم قضاء األسرة بطنجة وأصيلة فإنهم ال يلتزمون بكل الشروط
والصفات و الشروط التي أقرها المذهب المالكي.
فقد سبق أن تم انتداب حكمين رجل وامرأة لمحاولة اإلصالح بين الزوجين بل واألكثر من
دلك فقد تم تعيين حكمين امرأتين مؤكدين أن المرأة أقدر على القيام بمهمة التحكيم .خصوصا
بالنسبة للزوجة التي في خصام مع زوجها.
فالمرأة التي أصبحت تشغل منصب القضاء وتعرض عليها طلبات انحالل الرابطة
الزوجية للبث فيها ،فمن باب أولى انتدابها كحكم الستقصاء أسباب الخالف بين الزوجين وتقريب
وجهتي نظرهما.
وبالنسبة لشرط التفقه والعلم فإن القضاء المغربي أيضا ال يلتفت إليه وال يقيم له أي وزن
رغم أن مدونة األسرة قد افترضت في الحكمين معرفة القراءة والكتابة والقدرة على تحرير
مضمون ما انتهيا إليه من إصالح في تقرير من ثالث نسخ يوقعانها ،لكنها لم تتطرق أيضا إلى
الحالة التي يكون فيها الحكمان أميان ،ويتوصالن إلى إصالح ذات البين بين الزوجين فكيف
يرفعان تقريرهما إلى المحكمة؟
في هذه الحالة جرى القضاء المغربي على االستماع إلى تقرير الحكمين شفويا ويتم تدوين
أقوالهما ثم يوقعان على هذا التقرير فيسلم القاضي لكل من الزوجين نسخة منه بعد اإلشهاد عليه
من طرف المحكمة ويحتفظ بالنسخة الثالثة بالملف ،وهذا ما نصت عليه المادة 95من مدونة
األسرة.
www.sajplus.com 168
إذ جاء فيها" إذا توصل الحكمان إلى اإلصالح بين الزوجين حررا مضمونه في تقرير من
ثالث نسخ يوقعها الحكمين والزوجان ويرفعانها إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين
نسخة منه و تحفظ الثالثة بالملف ويتم اإلشهاد على ذلك من طرف المحكمة".
أما إذا فشلت محاولة الصلح فإن المشرع أضاف مهام و صالحيات خطيرة للحكمين
تتجاوز اختصاصاتهما كمصلحين و تعلو بشأنهما لممارسة مهام تدخل في اختصاص الجهاز
القضائي ،الشيء الذي يتجلى من خالل المادة 96من ق م أ التي خولت لهما اختصاص تحديد
مسؤولية كل من الزوجين من أجل الحكم على المتسبب في الفراق بتعويض يؤديه للطرف األخر.
إذ جاء في هذه المادة " إذا اختلف الحكمان في مضمون التقرير أو في تحديد المسؤولية أو لم
يقدماه خالل األجل المحدد لهما أمكن للمحكمة أن تجري بحثا إضافيا بالوسيلة التي تراها مالئمة".
و ال يخفى على أحد أنه من أصعب المهام و أعقدها هو الحكم على طرف في عالقة
إنسانية تقوم على كل تناقضات الحياة البشرية بأنه المسؤول دون غيره عن إنهائها ،سيما إذا أسند
األمر لحكمين أميين ينتميان لعائلتي الزوجين مما يعني من ارتفاع التحيز و انعدام الحياد و النقص
في التكوين السوسيوثقافي و النفسي و القانوني الذي من شأنه الرفع من نسبة الذاتية و الظلم على
حساب الموضوعية و العدل.1
لذلك أرى أنه ما كان على المشرع أن يمنح للحكمين سلطات هامة و خطيرة تصل إلى حد
تحديد المسؤول عن الشقاق ،و أن يقتصر مهمتهما في الصلح فقط.
و من بين القضايا التي أغفل المشرع اإلشارة أيضا نجد مكان انعقاد التحكيم .فمدونة
األسرة لم توضحه و لم تبين طريقة معينة إلخطار كل من الزوجين بميعاد الحضور لهذا المجلس
-1خديجة الركاني ،مسطرة الشقاق بمشروع مدونة األسرة ،األحداث المغربية ،عدد 1771الصادرة في 2 9يونيو2003
www.sajplus.com 169
و عدم معالجة المدونة لهذه المسألة شكل فراغا تشكيليا آخر على المشرع التدخل لسده .و إلى أن
يتحقق ذلك يمكن للحكم ين أن يحددا مكان مجلس التحكيم أو يحدده الزوجان أو أحدهما بشرط أن
يكون مناسبا ويوافق عليه الحكمين .فقد يكون االنعقاد لدى أحد الحكمين في منزله أو لدى أحد
الزوجين و قد يكون في مكان آخر يتفق عليه الحكمين.
و إذا تعددت جلسات التحكيم فيجوز أن يتعدد مكان االنعقاد و يجوز أن يكون هذا التعدد في
1
ذات المكان المتفق عليه أو في أماكن أخرى يتفق عليها.
و بالنسبة لطريقة استدعاء الزوجين لحضور مجلس التحكيم فيكتفي أن يكون بطريقة
تطمئن إليها المحكمة و تؤدي إلى علم كل من الزوجين بالميعاد المحدد لحضور مجلس التحكيم.
لقد كان حري بالمشرع المغربي و هو بصدد إصدار نصوص مدونة األسرة أن يقتدي
بالقانون المصري الذي نظم التحكيم تنظيما قانونيا دقيقا و محكما إذ نص في المادة السابعة من
القانون رقم 25لسنة " 1929و التي جاء فيها يشترط في الحكمين أن يكونا عدلين مي أهل
الزوجين إن أمكن و إال فمن غيرهم ممن لهم خبرة بحالهما و القدرة على اإلصالح بينهما" .
في حين نصت المادة الثامنة على أنه " يشمل قرار بعض الحكمين على تاريخ بدء و انتهاء
مأموريتهما على أن ال يتجاوز مدة ستة أشهر .و تخطر المحكمة الحكمين و الخصم لذلك و عليهما
تحليف كل من الحكمين اليمين بأن يقوم بمهمته بعدل و أمانة.
و هذا يعني أنه إذا تم اختيار الحكمين تصدر المحكمة قرارا ببعثهما يشمل على تاريخ بدء
المأمورية المسندة لهم ،و تاريخ انتهائها و المدة الالزمة ألدائها على أن ال يتجاوز ستة أشهر.
2
وعلى المحكمة أن تخطر الغائب الحضور بقرار بعث الحكمين
و حبذا لو أن المشرع المغربي – على غرار التشريع المصري -حدد األجل الذي يتعين
على الحكمين أن ينجزا خالله مهمتهما اإلصالحية بدل ترك األجل خاضع للسلطة التقديرية
للقاضي.
الفقرة الثالثة :مجلس العائلة
www.sajplus.com 170
إن النصوص المنظمة لمجلس العائلة كإحدى آليات الصلح غير القضائية لم تسلم بدورها
من ثغرات و نواقص تجعل من المتعذر على القضاء تفعيله على أرض الواقع .و أولى هذه
اإلشكاليات و اإل خالالت التي اعترت المقتضيات القانونية المتعلقة بتكوين و اختصاصات مجلس
العائلة نجد المادة األولى من مرسوم 2004و التي تنص على أن مجلس العائلة يتكون من
القاضي بصفته رئيسا لهدا المجلس ،و األب و األم ،أو الوصي أو المقدم إضافة إلى أربعة
أعضاء يعينهم القاضي من األقارب و األصهار .و إذا تعذر تكوينهم من جهتين أمكن تكوينه من
جهة واحدة.
و هذا يعني أن مجلس العائلة يضم في تكوينه القاضي بصفته رئيسا وهو الذي يتولى تعيين
باقي األعضاء اآلخرين األربعة من األقرباء و األصهار .هذا فضال على ضرورة حضور األب
واألم أو الوصي و المقدم.
و من هنا يتبين أن هناك إقصاء كبير و تجاهل واضح لألغيار ممن لهم مؤهالت بإمكانهم
الدفع بهذا المجلس للتوصل إلى قرارات صائبة ومرتبطة بالواقع كالمحللين النفسانيين
واألخصائيين االجتماعيين و الخبراء القانونيين.
فغياب هؤالء ممن لهم خبرة و اختصاص في الشؤون المتعلقة باألسرة و اقتصار المجلس
على أفراد العائلة و األقارب قد يؤدي إلى نتائج عكسية ال تحقق المصالحة المطلوبة.1
بينما تنص المادة الثانية من نفس المرسوم" يصرف القاضي النظر على استشارة مجلس
العائلة بعد استنفاد جميع الوسائل لتكوينه"
لقد جعل المشرع مهام مجلس العائلة استشارية ،و هذا ال يحقق المبتغى والغاية من إحداته.
و المطلوب أن يكون له دور فاعل و تقريري بحيث ينبغي على القضاء أن يعلل عدم أخذه
القتراحات المجلس خاصة إذا كان هدا األخير يضم في تكوينه خبراء و ذوي مؤهالت مختلفة.2
-1ناصر ميثيوي مشكوري ،الوسائل البديلة لتسوية المنازعات األسرية ,أشغال الندوة التعليمية التي نظمتها شعبة القانون الخاص
بكلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية بفاس ,بشراكة مع وزارة العدل و هيئة المحامين ،يومين 4و 5أبريل ,2003
تحت عنوان الطرق البديلة لتسوية المنازعات ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية ،سلسلة الندوات ،عدد- 2
2004الطبعة األولى ص200 6
-2ناصر متيوي مشكوري ،المرجع السابق ،ص 200
www.sajplus.com 171
وخالصة القول أنه إذا كان مجلس العائلة لم يفعل لحد اآلن وبشكل ايجابي في تعديل
،1993فإن اإلنجازات القضائية بهذ ه الوسيلة قد ال تبعث على الشيء الكثير من مجلس العائلة ال
تكوينا و ال فعالية.
و في انتظار أن يحدد المشرع معايير المؤهل إلصالح ذات البين يبقى القاضي و الحكمين
1
أكثرا تأهيال لهده المهمة الصعبة.
www.sajplus.com 172
المبحث الثاني :االعتماد على وسائل متطورة في مسطرة الصلح
بعد أن تطرقت لواقع مسطرة الصلح بين الزوجين قبل اإلذن بالطالق أو التطليق في
التطبيق العملي ،و تم حصر أسباب عدم نجاح هده المسطرة في النظام القضائي المغربي في عدة
أمور منها ما يرجع إلى جوانب القصور و الخلل الذي شاب نصوص مدونة األسرة ،و منها ما له
عالقة وطيدة بالزوجين ،و منها ماله صلة وثيقة بالهيئة المكلفة للبث في دعوى الطالق أو التطليق
و منها ما ينسب إلى الجهة المنوط بها مهمة التوفيق و التصالح بين الزوجين (القاضي الحكمان
مجلس العائلة) .أصبح لزاما البحث عن وسائل ناجحة كفيلة بعالج تلك األسباب والعوائق التي
تحول دون نجاح محاولة التصالح ،و االنطالق منها قصد تفعيل آليات التصالح في المنظومة
القضائية معتمدين في ذلك على وسائل متطورة و جديدة لتسوية النزاعات األسرية .تواكب
التحوالت والتغيرات العميقة التي يعرفها المجتمع على كل المستويات ومسايرة القانون
للمستجدات بإيجاد حلول عملية لمشاكل اجتماعية بأحكام مستمدة من الشريعة ومقاصدها تناسب
تطور العصر.1
وعليه و أمام عدم قدرة الصلح على تحقيق الغاية المنشودة وهي التوفيق بين الزوجين
وبالتالي حماية كافة أفراد األسرة ،بات من الضروري أن يتدخل المشرع المغربي لجعل التشريع
مواكبا باستمرار لركب التطور وحركة النمو الدائب الذي تعرفه البالد و ذلك بإصالح و تعديل
كل ما ينبغي تعديله 2و خلق آليات جديدة تكلف بمهمة إعادة الود و الوئام إلى العالقة بين
الزوجين.
و من بين الوسائل التي على المشرع المغربي أن يعمل على وضع إطار قانوني لها نجد
المساعدات االجتماعيات و كدا الحكمين .باإلضافة إلى تكوين قضاة مكلفين بمهمة الصلح فقط و
األخذ بنظام الوساطة في الصلح بين الزوجين قبل اللجوء إلى القضاء فكيف ستعمل هذه الوسائل
البديلة ( الوساطة المساعدة االجتماعية ،قاضي الصلح) على تحقيق الصلح بين الزوجين؟
وإلى أي حد ستساهم هذه المؤسسات في تحقيق ما لم تستطع اآلليات الحالية الوصول إليه؟
-1زهور الحر ،المقتضيات المتعلقة بإنهاء الرابطة الزوجية في مشروع م أ ندوة جامعة محمد الخامس ص 85
-2عبد الواحد الجيراري ،المرجع السابق ،ص 31
www.sajplus.com 173
هذا ما سيتم التعرف عليه من خالل مطلبين:
إن الوساطة هي إحدى الطرق البديلة لحل النزاعات ،و هي وسيلة جديدة بدأت تفرض
نفسها بإلحاح على جميع األصعدة القانونية .و قد تم األخذ بها من طرف الدول العربية و الغربية.
و بدأت تتعايش مع مؤسسات القضاء الرسمي ( الفقرة األولى).
و األخذ بنظام الوساطة في المنازعات األسرية و من بينهما الخالفات التي تنشب بين
الزوجين أمر قابل للتطبيق على اعتبار أن الوساطة قد تنتهي بالحل االتفاقي بين طرفي العالقة
الزوجية الذي ال يمكن إال أن يترتب عن الصلح بينهما و هذا األخير هو ما يدعو إليه الشرع
تحث عليه القوانين الوضعية ( الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :الوساطة :مفهومها ،أهميتها ،مزاياها
تعتبر الوساطة طريقة حديثة لحل المنازعات التي تقع بين األشخاص الطبيعية و المعنوية
و هي ذات فعالية أثبتت نجاحها في العديد من الدول منذ ظهورها في الواليات المتحدة و كندا.
و لقد أخذت بعض الدول كفرنسا و بريطانيا خطوات جد واسعة في هذا المجال و قد استخدمت
الوساطة في بداية ظهورها في عدة مجاالت لكن حاليا يتم توسيع نطاق تطبيقها لتمتد و تشمل
ميادين أخرى كالمنازعات داخل األسرة.
و قبل التشريعات الوضعية فالشرائع السماوية و من بينها الشريعة اإلسالمية بنبل رسالة
القران و ما جاء به الرسول كانت األحق و األسبق في االسترشاد بالوساطة كطريقة لحل
النزاعات سواء قائمة بين القبائل أو بين األفراد في أسرة واحدة.1
www.sajplus.com 174
فكثيرا ما أسعف وسيط من أهل الزوج و آخر من أفراد عائلة الزوجة في حال نشوب خالف
بينهما ،في استنفاذ المشاكل التي تعترضهما محاولين تحقيق الصلح بينهما حفاظا على كيان
األسرة و تطبيقا لقواعد الشريعة اإلسالمية السمحاء.
فنادرا ما كان يتم اللجوء إلى القضاء حيث يتم تفضيل االحتكام إلى من اشتهر باالستقامة
والعدل و الجهر بالحق.1
و قد شمل مجال الوساطة األسرة الصغيرة إذ لم تلق المشاكل العائلية إال حل الوساطة
لتفادي انشقاقها و تفككها فكان صاحب العقل و السداد يملك القدرة على التأثير على الزوجين
المتخاصمين إلجراء الصلح بينهما.
و الوساطة بصفة عامة هي المساعي التي يقوم بها شخص محايد بين أطراف النزاع من
أجل الوصول إلى حل ودي بينهما و يعني ذلك أن يعين شخص ثالث الستماع إليها و البحث
معهما عن حل توافقي للنزاع القائم بينهما.2
فهي إذن عملية غير رسمية يقوم بها شخص ثالث محايد ليست له سلطة فرد الحل بل
مساعدة الطرفين المتنازعين في محاولة الوصول إلى تسوية مقبولة للنزاع الدائر بينهما.3
و تتلخص فكرة الوساطة في تقريب إرادة كل المتخاصمين إلى فكرتين مختلفتين حول
مشكل واحد و هو اإلطار الذي جعل الوسيط يلعب دوره في تقريب الفكرة األصح أو باألحرى
محاولة تدقيق المشكل بأكثر فعالية و جدية للمتنازعين على أن يجدا أرضية خصبة للتفاهم
والتشاور بينهما و من تم الوصول إلى حل ودي.4
أما الوساطة األسرية فقد عرفها المجلس الوطني االستشاري للوساطة األسرية بفرنسا
بكونها " عملية مدرجة لبناء أو إلعادة بناء روابط عائلية متمحورة حول استقاللية و مسؤولية
األشخاص المعنيين بأوضاع انفصال العالقة أو بانفصال الزوجين يقوم خاللها شخص ثالث محايد
www.sajplus.com 175
مستقل مؤهل دون أن يملك سلطة القرار بإتاحة الفرصة للزوجين عبر جلسات حوار سرية
للتواصل و تدبير نزاعاتهم في مجال األسرة الذي هو مجال متنوع و في تطر مستمر".1
و من بين األسباب التي أدت إلى التفكير بإيجاد آليات و مساطر تمكن من القيام بإجراء
الصلح عن طريق الوساطة و تشجع هذا الحل نجد االعتبار التالية :
-طول مدة التقاضي و ما ينجم عنها من تشاتم و تباغض و عداوة مما يعقد مسألة الصلح
كثيرا.
-كون اللجوء إلى القضاء في حد ذاته يسيء كثيرا للعالقة الزوجية بالنظر لما ترسب في
األذهان من نظرات سلبية عنه لدرجة أن الناس ال ترى في القضاء مؤسسة تساعدهم على حل
الخالفات المستعصية و تزودهم بالقواعد القانونية النزيهة و الموضوعية .و إنما يؤخذ على أنه
آخر عالج ال يلجأ إليه إال عندما تستحكم العداوة و الشنآن.
و إذا كان هذا يصدق على كل القضايا من أي صنف كانت ،فاألمر أكثر حدة و حساسية
في قضايا األسرة .لذلك فإيجاد طرق بديلة من شأنها إنقاذ كثير من األسرة 2يصبح أمرا ضروريا
لكن ذلك ال يعني االستغناء عن القضاء ف القصد هو أن يتدخل الجهاز القضائي بعد فشل الوساطة
في الصلح بين الزوجين.
-عدم قدرة األنظمة القضائية على مسايرة تطور مؤشر القضايا المعروضة عليها و تراكم
المخلف منها سنة بعد سنة بسبب عدم توفر الموارد المادية و البشرية الكافية لمواكبة هذا التطور
الهائل.3
-مساهمة القضاء في توتر العالقة العائلية و االجتماعية و اإلنسانية عكس الوساطة التي
تحافظ على هذه العالقات المتماسكة و تعمل على بقائها.
-عدم قدرة القضاء في بعض الحاالت على فك رموز الخالفات الزوجية التي تعرض عليه
أمام تأجج النزاعات بين أطراف تجمعهم روابط من المفروض أنها عوامل للتفاهم و التسامح.
www.sajplus.com 176
-عجزه عن مسايرة التطورات المتسارعة في كل الميادين بعد الثورة التكنولوجية
والمعلوماتية.
-ارتفاع تكاليف اللجوء إلى القضاء بدءا بالرسوم و المصاريف القضائية و انتهاء بأتعاب
المحامين و الخبراء و األعوان القضائيين .في حين تمتاز الوساطة بقلة التكاليف واقتصاد
المصاريف المختلفة.1
-حل النزاع من طرف القضاء بحكم نهائي يستغرق وقتا طويال في حين أن الوساطة
تنهي النزاع في وقت زمني قصير و أحيانا يتم ذلك في جلسة واحدة.
-مشاركة األطراف أنفسهم في الوصول إلى حلول لنزاعاتهم وهو ما يجعلهم مطمئنين إلى
هذا الحل و يسعون لتنفيذه.
-الوساطة تعتبر وسيلة قانونية حديثة متميزة تمكن من مسطرة سريعة واقتصادية في
الوقت و القيمة معا.2
-تمتاز الوساطة أيضا بالسرية ألن كل العروض و التنازالت التي يكون أي طرف قدمها
ال يمكن أن تستعمل ضده في نفس النزاع أو أي نزاع أخر أمام المحكمة .
-إن نسب الصلح في قضايا الطالق و التطليق تبقى ضئيلة في الوقت الذي يمكن تحقيق
األفضل بتعين وسيط يستقبل الطرفين خارج جدران المحكمة .
-1محمد سالم ،الطرق البديلة لحل النزاعات التجربة األمريكية كنمودج ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية
سلسلة الندوات و األيام الدراسية ،العدد 2004 -2ص 64
-2عز الدين بنستي ،بعض تجليات التسوية الودية في المادة التجارية ،جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة الندوات،
المرجع السابق ،ص 43
-3محمد سالم ،المرجع السابق ،ص 37
www.sajplus.com 177
-الوساطة ستمكن من منع بعض القضايا من الوصول إلى القضاء و بالتالي التخفيف من مشكلة
بطء الوصول إلى العدالة.
-رغم الجدية التي يتبناها القاضي في أحكامه مت أجل أن يجد حال مالئما يحقق من خالله
تطبيق القانون و تكريس مبدأ العدل و اإلنصاف ،إال أن فكرة الوساطة تعتبر أنجح لكون أن عدالة
األطراف المبنية على أساس االتفاق أكثر من العدالة التي يطبقها القضاء بناء على نصوص
قانونية مجردة.1
-تسهيل الوصول إلى العدالة و تليين المواقف بصدد المنازعات و البعد عن تعقيدات
األنظمة القضائية.2
و عليه و أمام الصعوبات التي يواجهها القضاء وهو بصدد الحسم في النزاعات ،فإن أهم
ما اهتدى إليه العقل البشري في هذا المجال هو التصالح الذي يتم في شكل ما يسمى بالوساطة
كآلية بديلة لفض النزاعات القائمة بين الزوجين 3و هي تنبني على حرية األفراد في اختيار طريقة
تسوية نزاعاتهم بهدف التوصل إلى حلول عادلة و سريعة.4
و بذلك سيتم تخفيض عدد القضايا المتراكمة في رفوف المحاكم مما سيجعل هذه األخيرة
تبت في النزاعات المعروضة عليها بسرعة وبعناية أكبر .ومن تم ينتفي تسرب األخطاء إلى
األحكام الصادرة عن الجهاز القضائي.5
الفقرة الثانية :االرتق اء بالصلح إلى نظام الوساطة
إن أول سؤال يطرح في هذا السياق هو لماذا الوساطة اآلن؟ و الجواب بسيط ألن المدونة
استعملت لفظ الوساطة ووضعت آليات لتفعيل مسطرة الصلح ذات الصلة بالوساطة األسرية كما
هي معتمدة في الكثير من البلدان األوروبية و األمريكية .لذلك فالسؤال عن مفهوم الوساطة
مطروح و الم دونة الجديدة كنص تشريعي تعطي مؤشرات لتفعيل حركة الوساطة في مجال قضاء
األسرة.
www.sajplus.com 178
فقد تضمنت المدونة فقرة صغيرة لكنها ذات أهمية في تحديد مفهوم الوساطة حيث تشير
الديباجة إلى " تعزيز آليات التوفيق و الوساطة بتدخل األسرة و القاضي" فتفيد العبارة تالزم بين
فعلي التوفيق و الوساطة .و في نفس الوقت تحدد شخصية الوسيط الذي هو األسرة و القاضي.
و رغم كون العبارة الواردة في النص جد مركزة فإنها تعطي المؤشرات األساسية " للوساطة
األسرية" و إن كانت ال تستعمل هذا المصطلح.
كما أن المدونة أشارت في مواضيع أخرى إلى أنه يمكن للقاضي إشراك أطراف أخرى في
تسوية النزاعات األسرية .و هذا يعني إمكانية إدخال خبراء في الوساطة األسرية لمساعدة القضاء
1
حتى يتفرغ للبث في الملفات و إصدار األحكام و التخفيف عن المحاكم.
و بذالك تكون مدونة األسرة قد فسحت المجال لتأسيس و تنظيم وساطة أسرية تتماشى مع
روح الشريعة اإلسالمية و تستجيب لحاجيات األسرة المغربية في تطورها و تجددها.
لكن ذلك يبقى غير كافيا مقارنة مع ما وصلت إليه الدول العربية والغربية في هذا
المجال2.
و لذلك و من أجل تفعيل إجراء التصالح و التوفيق بين الزوجين ينبغي وضع األسس
والقواعد األولية لنظام الوساطة .فعلى المشرع أن يوضع فصوال تلزم األطراف بضرورة اللجوء
أوال لحل نزاعاتهم بواسطة طرف ثالث وهو الوسيط قبل طرح الخالف أمام القضاء .وإذا فشلت
محاولة التوفيق أو الوساطة ،تدخل القاضي الحكم في النزاع .
وبطبيعة الحال سيكون لهذا الوقت الكافي لنشر النزاع والبحث في أسبابه الظاهرة والخفية
و مناقشته من جميع الجوانب اإلجتماعية و النفسية و المادية و القانونية.
ويعتبر الوسيط أهم عنصر فاعل في نظام الوساطة فال بد من إيجاد عنصر كفء ومؤهل
تأهيال كافيا لهذه المهمة الجسيمة كما يجب وضع شروط محددة و دقيقة مع ضرورة تنظيم هذه
المهمة.
إذ من مقومات نجاح الوساطة وجود وسيط جيد ،1محايد ال يملك أية سلطة إللزام الطرفين
و إجبارهما على حل معين لكنه يقدم مساعدته لهما حتى يتمكن كل منهما من تقييم مركزه القانوني
www.sajplus.com 179
والواقعي في النزاع ويكون على بينة من المكاسب واألضرار التي يمكن أن تكون وراء استمرار
النزاع و سلوك مسطرة التقاضي العادية.
وبالرغم من كون الوسيط ال يصدر أي قرار وال يلزم الطرفين برأيه ،فإنه يملك حرية
كبيرة في التوسع في مناقشة الطرفين مادام ال يتقيد بالجوانب القانونية و أدلة اإلثبات و لكنه يناقش
الوقائع و الجوانب االجتماعية واالقتصادية واإلدارية و حتى اإلنسانية المرتبطة بالنزاع .كما يقوم
بتوجيه األسئلة التي يراها ضرورية تمكنه من أن يطلب تقديم أي بيان حول أية نقطة أو جانب من
النزاع و غايته في ذلك تقريب وجهات النظر والدفع بالطرفين من أجل الوصول إلى اتفاق ودي.2
ومن أجل إنجاح محاولة التصالح يقو م الوسيط باتصاالت حثيثة باألطراف لالضطالع
جيدا على تفاصيل القضية المطروحة ،و يعمل على التخفيف من الشعور العدائي الذي يكنه كل
طرف لآلخر .و ذلك لتمكينهما من الجلوس للحوار ألن نشوب النزاع يعني مباشرة عدم وجود
حوار بين المتنازعين .كما أنه على الوسيط أن يتحلى بالصبر و عدم االنفعال ،ألن هدفهم أسمى
و أنبل و هو الوصول إلى حل يرضي الطرفين و يعيدهما إلى حالة الصلح و التوافق التي كانا
عليها و الغاية من ذلك هي إرضاء هللا تعالى الذي يقول في محكم تنزيله " ال خير في كثير من
و باإلضافة إلى خبرة الوسيط و تكوينه عليه اعتماد األساليب و التقنيات الحديثة في ظرف
اإلصالح.
و أهم ما ينبغي على الوسيط معرفته هو كيفية نشوب النزاعات و قيم الخالفات ألن أي
نزاع مهما كان إال و له خلفيات تغذيه و قد ال يعرفها الطرف اآلخر و ال يصرح بها األطراف إال
بعدما يتأزم الوضع و يصل النزاع إلى ذروته.
وعلى الوسيط التركيز على هذه الخلفية ومحاولة حلها لكونها بدرة كل الخالفات القائمة إذ ستبني
عليها كل مراحل النزاع القادمة.
www.sajplus.com 180
و من أجل نجاح مهمة الصلح على الوسيط أن يوفر للطرفين الجو المناسب و يتركهما
للتحدث بكل حرية دون أن ينقطع كالمهما و بدون ممارسة أي نوع من الضغط عليها ،أو فرد
التنازل على أحدهما ،و عدم التعجيل في اقتراح الحلول من طرف الوسيط و ترك القضية تأخذ
الوقت الكافي من الحوار و طرح نقاط الخالف .وفي سبيل ذلك فإن الوسيط عليه أن يكون متفرعا
لهذا العمل.
ومن خالل تدخله في الحوار وإيجاد الحلول يحاول الوسيط جعل الطرفين يبحثان برغبتهما
في الوصول إلى حل يرضي الجميع وغير مخالف لتعاليم الدين اإلسالمي ،ألن غاية المصلح هي
1
إرضاء هللا تعالى ورد الفتن والعداوات والخالفات التي تذهب ضحيتها أسر وأطفال.
وتمر الوساطة بمراحل متعددة :
أوال :تقديم طلب إجراء وساطة
يهدف عقد اجتماع بين الوسيط واألطراف هو تعرف الوسيط على طالبي الوساطة
ومحاولة فسح لهما المجال للنقاش حول موضوع النزاع ،وذلك بوضعهما في إطار معين مع
توجيه أسئلة تمكن األطراف من النقاش حولها في االجتماع الثاني.
ثانيا :مرحلة طرح الموضوع للنقاش
تعتبر هذه المرحلة جد مهمة بحيث يعرض الوسيط الموضوع المطروح للنقاش فيحاول أن
يعيد صياغة عبارات كل من الطرفين مع تمكين كل واحد منهما من الدفاع عن فكرته في إطار
معقول وواضح مستعينا بلغة المنطق و العقل في تسيير االجتماع ،كما يحاول تجزئة كل فكرة
وتقريبها للطرفين.
-1صالح ابليدي ،إصالح ذات البين ...أسلوب حضاري لفض النزاعات ،على هامش األيام الثقافية لجمعية االستقامة بغرادية.
www.elwaha-dz.com
www.sajplus.com 181
إن نجاح الوساطة متوقف على القدرة على مناقشة الموضوع المطروح .و كفاءة الوسيط
وتحليل الجزئيات التي تقبل بدورها حلول في المرحلة المقبلة و المتمثلة في اقتراح الحلول التي
من شأنها أن تؤدي إلى اتفاق ودي.
رابعا :مرحلة اقتراح الحلول
تميز هذه المرحلة بتقييم الطرفين لوجهات نظرهما اتجاه المشكل المعروض في اجتماع
الوساطة فيجد كل طرف إجابة عن التساؤل الذي لم يجد له من قبل جواب .و تمكن هذه المرحلة
األطراف من فتح فضاء حديد للتفاهم و التقارب على أن يكون الحل واقعيا و جديا و قريبا للتنفيذ
في أسرع وقت ممكن.
و في هذا اإلطار تتعدد الحلول أمام الطرفين فيكون عليهما بمساعدة الوسيط التخلي عن
الحلول الجزئية و اللجوء إلى الحلول التي من شأنها أن تكون قابلة للتطبيق في وقت قصير .و في
األخير نكون أمام مرحلة إمضاء محضر الصلح.
خامسا :مرحلة االتفاق و إمضاء الصلح
عند الوصول إلى حل يرضي الطرفين و يريانه جديرا بالتطبيق إذ يكون شامال وواضحا
ويحدد كيفية التنفيذ يحرر الوسيط محضرا يوقع عليه طرفي النزاع في الجلسة الختامية.
أما في حالة فشل الوسيط في إقناع الطرفين بالتوصل إلى حل حبي فإنه يعلن لهما ذلك في الجلسة
الختامية المشتركة و يحيل ملف القضية على المحكمة المختصة للبث فيه طبقا لمسطرة التقاضي
العادية.1
وال شك أن االرتقاء بإجراء الصلح إلى نظام الوساطة سيلقى قبوال وترحيبا نظرا لطبيعة
العالقة األسرية وما تتميز به من خصوصية وكلما كانت حل الخالفات الزوجية بعيدا عن المحاكم
و محصورة بين الزوجين و طرف ثالث يتق هللا في الصلح و النصح ،كلما أمكن عالجها ووضع
حل لها بسهولة فعرضها على القضاء قد يؤدي إلى تعقيدها إذا لم يتم التعامل معها بحكمة و بروح
التصالح و التناصح.
www.sajplus.com 182
و لذلك ينبغي إيالء هذه الوسيلة ( الوساطة) اهتماما بالغا و متزايدا على صعيد مختلف
األنظمة القانونية و القضائية .نظرا لما توفره هذه الوسيلة من رضا تام بالحلول التي ساهم
األطراف في التوصل إليها باعتبارها عدالة تفاوضية.
إن أهمية الصلح ال تخف ى على أحد على اعتبار أن هذا اإلجراء له دور مهم – إذا تم تفعيله
بالشكل المطلوب – في المحافظة على عرى الزوجية من االنهيار .و لذلك فهو مطلوب في جميع
الحاالت التي يكون فيها ممكنا .و على المحكمة أن تحاول من خالله التقريب بين الزوجين حتى
يحقق الغاية المتوخاة منه و المتمثلة منه في الحد من ظاهرة الطالق و التطليق.
إال أن واقع الصلح مازال لم يثمر عن نتائجه في إعادة الود العائلي بالشكل الذي كان
منتظرا منه.
لذلك ينبغي الحرص على تفعيل مسطرة الصلح في القضايا األسرية من خالل خلق
مؤسسات جديدة متخصصة في الصلح بين الزوجين كقاضي الصلح ( الفقرة األولى) والمساعدات
االجتماعيات ( الفقرة الثانية ) و إنشاء مراكز استشارية لألسرة ( الفقرة الثالثة) تضطلع بمهمة
التصالح بين الزوجين و مساعدتهما على حل نزاعاتهما بطريقة ودية قبل اللجوء إلى القضاء .
الفقرة األولى :ق اضي الصلح
إن المعضلة األساسية التي يواجهها القضاء مند زمن بعيد في مختلف األنظمة القضائية
عبر العالم ،تتجلى في تراكم أعداد هائلة من القضايا التي تنتظر دورها للفصل فيها بسبب البطء
في الحسم في النزاعات ، 1و قلة األطر البشرية المرصودة للقيام بهده المهام.
و قضايا األسرة و خصوصا قضايا انحالل الرابطة الزوجية بالطالق أو التطليق تعرف
تزايدا مستمرا و بوثيرة مرتفعة إذ تنهل على أقسام قضايا األسرة كاألمطار.
www.sajplus.com 183
و قد عمل المشرع المغربي سواء في ظل مدونة األحوال الشخصية أو بعد صدور مدونة
األسرةعلى اإلصرار على الحفاظ على تماسك الكيان العائلي من خالل التأكيد على ضرورة
إجراء محاولة الصلح بكيفية جدية قبل اإلذن بالطالق أو التطليق.
وهي مسؤولية جسيمة ألقيت على عاتق القضاء المغربي و التي أن يعالجها بما يتطلبه
األمر من دراية و حكمة و تبصر للوصول إلى تحقيق هدف المشرع و تطبيق روح النص
القانوني تطبيقا سليما.
وهذا ال يأتي إلى من خالل إحداث قضاء مختص في الصلح بين الزوجين و يعني دلك
تكوين قضاء مؤهل تأهيال كافيا من الناحية القانونية و االجتماعية.
وهو ما يحت م على القاضي التفتح على المجتمع و قضاياه و التشبع بثقافة حقوق اإلنسان
ومبادئ العدل و المساواة و اإلنصاف.
كما يجب اختياره ممن حنكته التجار وله خبرة واسعة بمشاكل األسرة و بأساليب الحوار
المباشر الذي يتطلب كثيرا من المرونة و الصبر .1
وباإلضافة إلى معرفته القانونية و خبرته القضائية يجب أن يتوفر على رصيد معرفي
وعلى خلفية ثقافية تجعله على االطالع بأحوال الناس و المجتمع و تمكنه من القيام بدور الطبيب
االجتماعي وهو بصدد إجرائه لمحاولة التوفيق والسداد بين الزوجين لتوفير السلم و إعادة
الطمأنينة إلى أطراف العالقة الزوجية و إيجاد حل مناسب الذي يحافظ على تماسك األسرة
والتسامح و تقريب وجهات النظر لتذويب الخالفات و األحقاد.2
فمدونة األسرة جاءت بمقتضيات جديدة و مهمة و تطبيقها يحتاج إلى قضاء مؤطر تأطيرا
جيدا حتى يتمكن من ترجمة فلسفة المشرع و غايته من إصدار هذا القانون و التي تتجلى في
المحافظة على وحدة األسرة و منع تشتيت شملها ،و وقاية إفرادها من التشرد و الضياع والبؤس.3
www.sajplus.com 184
لكن بالرجوع إلى القضاة المكلفين حاليا بمهمة بذل الجهد من أجل إصالح ذات البين نجد
أغلب القضاة الذين عهد إليهم تولي القضاء األسري هم من خريجين الجدد للمعهد الوطني
للدراسات القضائية باإلضافة إلى اقتصار تزكيتهم على قضاة ذوي تكوين قانوني محض.
وعلى العكس من ذلك نجد أن قانون محاكم األسرة بجمهورية مصر العربية ينص على إن
محكمة األسرة تتألف من ثالث قضاة يكون أحدهم على األقل بدرجة رئيس المحكمة االبتدائية
ويعاون المحكمة خبيران اجتماعي و نفسي و أحدهما على األقل من النساء.1
إن آليات التفعيل و التطبيق بمقتضيات مدونة األسرة عامة و بنصوص محاولة اإلصالح
بين الزوجين خاصة يستلزم بالضرورة وجود جهاز قضائي متماسك و مؤطر تأطيرا عمليا
وأخالقيا.
و من األفضل أن يتم الفصل بين قضاء الحكم و قضاء الصلح ألن إسناد مهمة الصلح في
قضايا الطالق و التطليق لقاضي الحكم يجعل األطراف يتحفظون بل و يمتنعون عن تقديم بعض
التنازالت و البوح ببعض األسرار ،خوفا من انعكاس مواقفهم و تصريحاتهم أثناء محاولة الصلح
عن مراكزهم القانونية أثناء سريان الدعوى بعد فشل محاولة الصلح ألن قاضي الحكم يكون قد
اطلع على أسرار تم البوح بها في جلسات الصلح من أجل الوصول إلى حل اتفاقي مرضي
لرغبات الطرفين.2
فمنح القاضي صفة الحاكم و إعطائه دور الوساطة بين الزوجين إلصالح ذات البين
بينهما يجعل أغلب حاالت الصلح المعروضة على المحكمة ال تعرف النجاح .فيصبح بذلك إجراء
الصلح مجرد إجراء مسطري شكلي ال يعكس الدور أو الهدف الذي أراده المشرع من خالله.
فالمشرع يحمل أفكارا له واردة لتحقيق التوازن العائلي و إعادة االستقرار لألسرة إال أنه عجز
عن توفير الهياكل الضرورية إلنجاح فكرة الصلح على أرض الواقع.
لذلك فمن الضروري على المشرع المغربي النص على وجوب إجراء محاولة الصلح من
طرف قاض ال يشارك في الحكم في الدعوى.
-1عبد المجيد اغميجة ،مميزات د .األ.ح .ش المرجع السابق ،ص 56
-2الحسن بويقين ،المرجع السابق ،ص 28
www.sajplus.com 185
لذلك ال بد من تزو يد المحاكم المغربية و خاصة قسم قضاء األسرة بقضاة مختصين في
إجراء الصلح بين الزوجين ألن ذلك من شأنه اإلسراع في بث دعاوي الطالق و التطليق و بالتالي
التخفيف من العبء الملقاة على عاتق القضاة المتواجدين حاليا.
و يستحسن أن يتم تعيين قضاة الصلح من القضاة المتخرجين من جامعة القرويين أو دار
الحديث الحسنية.1
الفقرة الثانية :المساعدة االجتماعية
إن المدونة أعطت لقضاء األسرة سلطات واسعة متقدمة عما كان عليه األمر في مدونة
األحوال الشخصية و جعلت من القاضي ليس هو ذلك القاضي الذي يكيف الوقائع و ينزل عليها
النصوص القانونية ،بل إن قاضي األسرة اليوم فرد من أفراد األسرة بل هو مجتهد بمقتضى المادة
400من مدونة األسرة عليه أن يجتهد في الوسائل و اإلجراءات من أجل تحقيق ما فيه صالح و
إصالح األسرة( زوجة و زوج و أطفال).
و يتجلى ذلك في كون المشرع لم يلزم القضاء باحترام ترتيب معين في انتداب الجهة التي
يعهد إليها بمهمة المصالحة بين الزوجين بل ترك له كامل الصالحية في اختيار إما الحكمين أو
مجلس العائلة أو أية جهة أخرى يراها مؤهلة للقيام بهذا الدور.
و ذلك حسب الصياغة الواردة في الفقرة الثانية من المادة 82من مدونة األسرة و كذا
المادة 113من قانون األسرة.
فللقضاء انتداب المساعدة االجتماعية للقيام بدور الوساطة و المصالحة األسرية من أجل
إعادة الدفء إلى عش الزوجية و من تم حماية التفكك و االنهيار.إذا رأى أن ذلك ضروريا لنجاح
محاولة الصلح.
و لذلك أصبح من الالزم على المشرع المغربي التدخل من أجل النص على وجوب
االستعانة بقسم اجتماعي مختص إلى جانب محكمة األسرة الممول من صندوق التكافل العائلي
www.sajplus.com 186
المزمع إنشائه يتكون من أخصائيين اجتماعيين و أطباء نفسانيين 1يكون مؤهال للقيام بالمهام
الموكولة له. 2
فال بد إذن من تدخل تشريعي لتنظيم إطار المساعدة االجتماعية التي أصبحت حاضرة في
قانون األسرة المغربي و ذلك بالنص على دورة تكوينية في شؤون األسرة.
كما يجب تحديد مجال عمله في مجال الوساطة والمصالحة األسرية ،بحيث توكل إليه
مهمة الصلح بين ا لزوجين وتحديد مستحقات الزوجة واألطفال ومستحق الحضانة وسكنى
المحضون و تحديد المسؤول عن وقوع الطالق.
و يكون من بين مهامه أيضا السهر على اإلسراع و تنفيذ األحكام و تمنح له سلطات
واسعة للحصول على المعلومات المتبثة للدخل سواء من اإلدارات العمومية أو من الخواص،
على أن يمنح أيضا لهدا القسم االجتماعي صالحية االتصال بعائلتي الزوجين و الجيران و عقد
جلسات متكررة مع أطراف النزاع كل ذلك تحت اإلشراف المباشر للمحكمة و القاضي المقرر في
الملف و ذ لك بدل ما يجرى به العمل حاليا من تجاهل لدور االختصاصات العملية و االجتماعية
المساعدة للقاضي و من شأن ذلك أن يؤثر على نسبة نجاح الصلح.3
إذ في هذه الحالة تصبح محاولة الصلح مجرد إجراء شكلي ال يحقق الغرض الذي وجد
من أجله ألن المحكمة ال تتوفر على الوقت و ال على الخبرة و التخصص الالزمين إلجراء الصلح
المطلوب.4
ذو التكوين القانوني المحض قد يستعصى عليه فهم ظروف القضية فالقاضي
ومالبساتها.ألن المشاكل المترتبة على استقرار األسرة و انتظام الحياة الزوجية مشاكل دقيقة قد
يعسر فضها بالشكل الذي تنظر به باقي المشاكل األخرى .بل ينبغي أن تعالج هذه القضايا بنوع
من المرونة و التفهم لفهم األمور.
www.sajplus.com 187
لذلك قد يتعين أحيانا على القاضي في قضايا األسرة و خاصة في محاولته لإلصالح بين
الزوجين التي تتعلق بطبيعتها بأمور شديدة الصلة بالمسائل النفسية و االجتماعية أن يتخذ كل
اإلجراءات الالزمة و يقرر جميع األبحاث التي يراها صالحة و منها على الخصوص تعيين
مرشدة اجتماعية إلى غير ذلك من وسائل البحث الصالحة إلنارة الحقيقة التي قد يعسر على
القاضي كشفها نظرا لما تكتسب هذه القضايا من الصبغة الشخصية البحتة و لما يسود الجو العائلي
أحيانا من تشاحن و تباغض و تنافر.1
لذلك أكرر اقتراحي مرة ثانية بضرورة تفعيل دور المساعدات االجتماعية في إجراءات
التصالح بين الزوجين.
الفقرة الثالثة :إنشاء مكاتب استشارية لألسرة
إن أول ما يثير اإلنتباه عند القيام بجولة سريعة في أرجاء أقسام األسرة ذلك التراكم
المذهل إلعداد الملفات و القضايا المطروحة على أنظار المحاكم خصوصا تلك المتعلقة بانحالل
الرابطة الزوجية.و التي تنتظر دورها للفصل فيها بحكم قضائي نهائي.
لكن أما آن األوان لكي يتخلص القضاء المغربي من معضلة التكدس الهائل للقضايا
و ذلك من خالل اإلعانة بمكاتب أو مراكز و مؤسسات إلصالح ذات البين يلتجئ إليها الزوجان
المتنازعان قبل اللجوء إلى المحكمة .وذلك من أجل محاولة نهيها عن التراجع عن مواقفها
الرامية إلى فصم عرى الزوجية .
فقد أصبحت الحاجة ملحة إلى ضرورة تدخل أطراف ثالثة وسيطة تعمل لمحاولة التوفيق
ورأب الصدع و اقتراح الحلول المساعدة إليجاد حلول للخالفات القائمة بين الزوجين المتنازعين
مستندين في دلك على لغة الحوار و التعقل فال بد إذن من اعتماد أسلوب الصالح ذات البين الذي
يعتمد على الوساطة التي هي عبارة عن تدخل طرف ثالث للتوصل إلى حل يرضي الزوجين
الدائر بينهما النزاع.
فال مناص من اللجوء إلى إنشاء مؤسسات مؤهلة تقوم بمهمة اإلصالح بين الزوجين في
كل القضايا األسرية على اختالف مواضعها{ طالق تطليق }...قبل اللجوء المحاكم المغربية.
www.sajplus.com 188
فتكون المهام المنوطة بهذه الجهات وقائية إذ تمنع وصول الدعاوي الخاصة بالزوجين إلى
ساحة القضاء .فهذا األخير ال يتدخل إال في حالة عجز هذه المؤسسات الوسيطة عن التوفيق بين
الزوجين.
و قد عمل مجموعة من الدول العربية و قبلها الدول األوروبية و األمريكية على إحداث
وتكوين جهات{ مكاتب ،مؤسسات ،مراكز }....كلفت بمهمة مساعدة الزوجين على حل خالفاتها
وبالتالي التقليل من بسب الطالق و التطليق الذي يهدم البيت األسري و رفع نسب الصلح.
و فيما يلي يورد بعض نماذج هذه المؤسسات ...التي تم إنشاؤها ببعض الدول العربية
ونخص بالذكر مصر ،فلسطين ،البحرين ،السعودية:
ففي مصر صدر قانون رقم 10لسنة 2004الخاص بإنشاء محاكم األسرة المتخصصة في
جميع النزاعات العائلية ،الهدف منه هو حماية األسرة و منع تكدس القضايا الخاصة بالمنازعات
األسرية التي يجب الحسم فيها في وقت قصير .نظرا لما تتميز به المشاكل األسرية من
خصوصية.
و الميزة الخاصة و التي تميز هذا القانون هو أنه ينص على إنشاء في كل محكمة من محكمة
األسرة مكاتب خاصة تسمى بمكاتب تسوية المنازعات األسرية .
و يحاول هذا المكتب أن يقوم بالوساطة بين الزوجين في الشؤون العائلية لكن لن تجري
الوساطة في قضايا الطالق بين الزوجين في الشؤون العائلية إال إذا كانت الزوجة هي التي
تقدمت بطلب الطالق.
و بمقتضى قانون محاكم األسرة الجديد لن تتمكن المرأة حتى من رفع قضية بشأن أمر من
أمور األحوال الشخصية دون التقدم أوال بطلب تسوية النزاع إلى هذا المكتب .و لن ينظر القضاة
في أي قضية إال إذا حاول األخصائيون االجتماعيون و النفسيون التوصل إلى الصلح بين
الزوجين و لم يوفقوا في تحقيقه في غضون خمسة عشر يوما ،إال إذا وافق الطرفان الخصمان
معا على مد الفترة لمحاولة الصلح.
www.sajplus.com 189
و بذلك يكون القانون المصري قد أوجد مرحلة أخرى سابقة على اللجوء إلى المحكمة.
فهي من بين التغيرات المستحدثة.
فال بد إذن من أن يلجأ الزوجان المتخاصمان إلى مكتب تسوية المنازعات أوال .و على
كل األسر أن تمر به و تظل باب المحكمة مغلقا في وجههما قبل المرور إلى مرحلة الوساطة من
خالل مكتب تسوية المنازعات األسرية.
و يقضي القانون الجديد لمحاكم األسرة بتعيين أخصائي اجتماعي و أخر نفسي لكل منازعة أسرية
و مهمتها تتضمن تقديم النصح و اإلرشاد ألطراف النزاع و محاولة تسوية الخالف القائم بينهما
وديا و هذا سيجنب بعض األزواج السير في إجراءات قضائية مطولة و معقدة.
و الميزة األخرى التي تسجل لهذا القانون هي التنصيص على ضرورة وجود أخصائية
1
اجتماعية أو نفسية مشاركة في مكتب تسوية المنازعات .
و إذا كانت الدول العربية بشكل عام تعاني من ظاهر ارتفاع حاالت الطالق وانطالقا
سريعة فان السعودية و بشكل خاص ترزح تحت عبء هذه المشكلة التي تزايدت بشكل مخيف.
لدلك عملت السلطات في المملكة العربية السعودية على إيجاد مكاتب لحل الخالفات الزوجية
والسيطرة عليها قبل أن تؤدي إلى الطالق.
و يقوم باإلشراف على هذه المكاتب مجموعة من القضاة بمساعدة عدد من المختصين
األكاديميين في العلوم االجتماعية و علم النفس و بعض المختصين بدراسة أسباب الطالق إضافة
إلى متطوعين من أئمة المساجد ومأذوني عقد القران.
وتهدف هذه المكاتب إلى إصالح ذات البين المعمول بها في عدد من المحاكم السعودية
للحد من ظاهرة الطالق ووضع حلول مناسبة للطرفين بدال من االنفصال و إيجاد لجان عاملة لحل
الخالفات.
و يتم العامل مع كافة القضايا المعروضة عن هذه المكاتب بالسرية التامة و الحيادية في
اتخاذ القرارات المناسبة و التي تراها هذه المكاتب منصفة للطرفين كما يتم توعية األزواج باآلثار
www.sajplus.com 190
السلبية التي تشكلها ظاهرتي الطالق والتطليق وما يترتب عليها من تشريد األسرة يكون ضحيتها
أوال وأخيرا األطفال.1
ففي دولة البحرين تولي وزارة العمل والشؤون االجتماعية رعاية خاصة لألسرة.
فقد تم إنشاء مكاتب لإلرشاد األسرية لمعاونة المحاكم الشرعية في بحث أسباب المنازعات
الزوجية والعائلية ،واقتراح الحلول المالئمة لها ،ومحاولة إصالح ذات البين ،وتقليل نسبة الطالق
برفع نسبة الصلح ،والمحاولة قدر اإلمكان تخفيف حدة التوفر والقلق عند الزوجين بمعرفة أسباب
الخالف وتهيئة الجو العائلي السليم الذي يكفل لألبناء تنشئة اجتماعية صالحة مع تهيئة الجو
األسري عند المطلقين واألبناء في حالة الطالق.
إضافة إلى توجيه األمر إلى مصادر الخدمات المختلفة في المجتمع لالستفادة منها في حل
المشكالت وأيضا القيام بالبحوث والدراسات المتعلقة باألسرة ونشر نتائج البحوث والدراسات ثم
اقتراح التوصيات الكفيلة لدعم كيان األسرة البحرينية.
كما تقوم هذه المكاتب بدراسة أحدث األساليب والوسائل التي تتبعها الدول المتقدمة في
حل المشكالت األسرية وتجربة تطبيق ما يتناسب مع البيئة المحلية من هذه الوسائل وبما ال
يتعارض مع القيم اإلسالمية.
ويتم عالج الخالفات األسرية عن طريق مشرفة اإلرشاد األسري إذ يتم رصد الحاالت
و معالجتها بتنسيق مع مختلف الجهات المختصة كمستشفى الطب النفسي ووزارة العدل .
من هنا يبدو أن عمل مكاتب اإلرشاد أو التوجيه األسري يشمل مجالين الوقاية و التوعية ثم
العالج.
و قد بدأت فكرة مكاتب االستشارات األسرية في البحرين ب { الخط الساخن} لدى بعض
الجمعيات النسائية الذي يعمل على تلقي المشاكل األسرية و االجتماعية و توجيه المتصلين مع
االحتفاظ بخصوصية األسرة و السرية في معالجة المشاكل األسرية و االجتماعية.
www.sajplus.com 191
و بعد إنشاء مكاتب االستشارات األسرية أصبح األمر يتعلق بآلية منهجية و مهنية تستخدم
للوقاية من المشاكل األسرية والحد من زيادة حاالت الطالق والتطليق وكثرة القضايا المتعلقة
1
بالخالفات الزوجية في المحاكم الشرعية.
تعتبر لجنة الوساطة األسرية التابعة لمركز البحوث اإلنسانية و التنمية االجتماعية بغزة
من أكثر اللجان الت ي ساهمت و بصورة فاعلة في حل النزاعات التي تنشب بين الرجل و زوجته
بالدرجة األولى بسبب الخالفات الزوجية أو تدخل أهل الزوجين في الحياة الزوجية.
فعمل هذه اللجان يشمل كل مشاكل األسرة الذاتية و الخارجية .فكثيرا ما يفضل الناس
اللجوء إلى مركز البحوث اإلنسانية و التنمية االجتماعية لحل مشاكلهم ألنهم يدركون أن المشاكل
إذا وصلت إلى الجهات الرسمية ،فإنها تأخذ الطابع القانوني و يتدخل فيها الشرطة و المحامون
والمحاكم .و حل المشكلة يحتاج إلى وقت طويل باإلضافة إلى بدل الكثير من الجهد و المال .و قد
يقطع الظلم على أحد الطرفين في المشكلة لذلك يلجأ إلى مركز البحوث اإلنسانية لحل مشاكلهم.
و يتمثل الحل في تفهم المشكلة و الوقوف على أسبابها و أبعادها .و تقديم المشورة و النصيحة
وبذل كافة المساعي و الجهود حتى نتمكن من الحل أو المساهمة في الحل مهما كانت المشكلة
معقدة.
و تحظى لجان اإلصالح بقبول و ترحيب كبيرين من طرف المواطنين لما تقوم به من جهد
جبار في اإلصالح بين الناس و حل المشاكل التي تحدث في المجتمع خاصة و أن المجتمع
الفلسطيني تغلب عليه العشائرية .و معظم المشاكل األسرية يتم يحلها من طرف لجان اإلصالح
إذ باتت تؤدي دورا هاما في المجتمع في ظل تراجع سيادة القانون و حالة الفلتان التي يعيشها.
فهي تسد الفراغ الذي تركه غياب سيادة القانون لذلك فهي ضرورة ال غنى عنها.
و نظرا لحساسية بعض القضايا التي تكون المرأة طرفا رئيسيا فيها السيما الخالفات
الزوجية فإنه في أغلب الحاالت ترفض النساء عرض مشاكلها أمام الرجال نظرا لخصوصيات
www.sajplus.com 192
الموقف و العادات التي تحكم المجتمع ففي كثير من القضايا التي كانت تنشب بين الزوجين و التي
عرضت على رجال اإلصالح لم تستطع الزوجة الحديث أمام المسؤولين الرجال في هذه القضايا
مما ساهم في ضياع حقها ألنه في النهاية يكون الحكم بناء على البينات و ال يحتكم إلى النوايا لذلك
قد تولدت لدى لجان اإلصالح فكرة إنشاء لجن اإلصالح النسائية .و قد لقيت هذه الفكرة قبوال
كبيرا نظرا لطبيعة العالقة األسرية من خصوصية .فالمرأة تستطيع الحديث بحرية أمام مثيلتها
دون حرج أو خوف.
و من أجل نجاح هذه اللجان في مهمتها اإلصالحية فإنها تعمل في سرية مطلقة و تحافظ
على خصوصيات الخالفات الزوجية حتى يكتب النجاح لمحاولة التصالح التي تقوم بها .كما أن
الوسيط الذي يعين لمهمة التوفيق بين الزوجين يتسلح بكل ما هو مفيد في عملية اإلصالح خاصة
الثقافة العامة و األخالق الحميدة و اإللمام بكل العادات و التقاليد السائدة في المجتمع ،فضال عن
المعرفة الكاملة ألمور الدين حتى ال تتعارض عملية اإلصالح مع تعاليم الدين الحنيف.
كما أن بعض الدول الغربية كانت سباقة في خلق بعض المؤسسات أو المراكز المكلفة
ومهمة اإلصالح بين الزوجين.1
وفي اليابان شكلت محاكم خاصة لألسرة تضطلع بوظيفة الوساطة بين الزوجين.
والقرارات التي تصدر عنها ليست لها طابع قضائي و إنما تأخذ إلزاميتها من األطراف.
و في الواليات المتحدة توجد جمعيات متخصصة مكلفة بمهمة المصالحة بين أفراد األسرة
و من بينهم الزوجين.2
و في ظل تزايد عدد القضايا المرتبطة بمختلف النزاعات األسرية التي تشهدها محاكم
المملكة ،فلم يعد مقبوال على اإلطالق أن تترك األسرة تداس و تعصف بها كل األسباب الواهية
وحتى المعقولة من النزاعات التي تتعقد حين عرضها أمام المحاكم.3
www.sajplus.com 193
وفي انتظار أن يتدخل المشرع في إنشاء مراكز أو مكاتب ...متخصصة في القيام بدور
الوساطة من أجل تحقيق التصالح بين الزوجين فإنه يمكن هنا اإلشادة بما تقوم به الجمعيات
النسائية في هذا المجال.
ففي مدينة طنجة مثال توجد مجموعة من مراكز االستماع والتوجيه األسري كمركز "
الكرامة" الذي يقوم بمجهودات كبيرة من أجل حماية األسرة من التفكك و تفعيل آليات التصالح في
حل المشاكل العائلية و التقليص من ظاهرة الطالق النفسي و القانوني ،فضال عن تقديم الخدمات
االجتماعية و القانونية و االستشارية.
و قد ساهم هذا المركز في تقليص ظاهرة الطالق بنسبة 68%و بتحقيق اإلصالح األسري
بنسبة.1 70 %
و هي نسبة مهمة و تدعو إلى التفاؤل لكنها في نفس الوقت ال تصل إلى ما نصبو إليه و هو
خلق مرحلة سابقة على اللجوء إلى ساحة القضاء و ذلك بإنشاء مراكز أو جهات للقيام بدور
الوساطة بين الزوجين و مساعدتهما على حل مشاكلهما و الوصول إلى حل ودي إلنهاء النزاع
القائم بينهما.
وفي انتظار إحداث هذه الجهات أو المراكز تبقى الجمعيات النسائية ،باإلضافة إلى دور القضاء
هما المعول عليهما للتقليل من نسبة الطالق و التطليق عن طريق تفعيل مساطر و آليات الصلح
بين الزوجين من أجل المحافظة على تماسك األسرة و بالتالي حمايتها من التفكك واإلنحالل.
www.sajplus.com 194
خ ات م ة
من خالل دراسة مختلف جوانب هذا الموضوع يتبين أن الصلح بين الزوجين في حالة
تفعيله على الوجه األمثل ،فإنه سيكون بحق إحدى اآلليات المهمة التي تضمن استمرارية األسرة
و تحول دون تفككها و انهيارها.
إال أن نجاعة الصلح بين الزوجين في أداء مهمته يبقى رهينا بما يلي:
-بمدى قناعة الزوجين بجدوى هذه اآللية و تفضيلهما خيار الصلح لما فيه من خير لكل
أفراد األسرة و من تم للمجتمع برمته.
-بما يبذله القضاة من مجهودات حثيثة وجادة في هذا المجال ،خصوصا و أن األمر يتعلق
بالحفاظ على كيان األسرة التي تعد بحق الخلية األولى للمجتمع و مؤسسة لصنع األجيال فال بد
أن يتسم هؤالء بالمرونة الكافية التي تترجم اقتناعهم بأهمية الصلح بين الزوجين و دوره الحاسم
في الحفاظ على أواصر المحبة و المودة بينهما.
إال أن القاضي لن يتسنى له النهوض بهذه المهمة الجسيمة على أكمل وجه ما لم يكن
متسلحا بتكوين شامل و مطلعا على مختلف المستجدات في العلوم اإلنسانية الحديثة خاصة علم
النفس و علم االجتماع. ...
ذلك أن مدونة األسرة مهما تضمنت من أحكام و مقتضيات مهمة خاصة بالصلح بين
الزوجين فإنها ككل تشريع بخصائصه المعروفة تبقى بحاجة إلى قضاء مؤهل ينفخ فيها الروح
ويعطيها مدلولها الحقيقي و يحقق أهدافها النبيلة.
و مهما يكن من أمر فإن مدونة األسرة ال زالت تعتبر تشريعا جديدا لم يمض على تطبيقه
فترة زمنية – أكثر من ثالث سنوات -كافية تسمح بالحكم على مدى فعاليته.
فال زالت في حاجة إلى مدة أطول لتشق طريقها نحو تحقيق الهدف األول من وضعها وهو
الصلح و الحفاظ على كيان األسرة.
و نظرا لتشعب مجاالت تدخل القاضي و تعدد اختصاصاته باإلضافة إلى كثرة القضايا التي
تجعل من الصعب القيام بمهمته اإلصالحية في قضايا الطالق و التطليق على أحسن ما يرام ،فإننا
www.sajplus.com 195
نؤكد على ضرورة إيجاد مرحلة سابقة على الصلح القضائي و المتمثلة في الوساطة األسرية
وذلك بخلق مؤسسات ومراكز مختصة بإصالح ذات البين وتقديم النصح واإلرشاد في المجاالت
النفسية و االجتماعية والقانونية بهدف مد جسور الحوار والتفاهم بين الزوجين وما ذلك إال إحياء
لمؤسسة إسالمية ضاربة في جذور التاريخ و لها باع طويل في وأد الخالفات وإطفاء جذور
النزاعات.
وفي حالة فشل الوساطة األسرية في تحقيق الهدف المرجو منها وانتقلت القضية إلى
أنظار القضاء ،فإنه يستحسن تكليف قضاة متخصصين في قضايا الصلح بهدف تخفيف العبء
عن قضاة الحكم و ضمان توزيع أمثل لالختصاصات فيما بينهم حتى تحظى كل قضية بنصيبها
من العناية و االهتمام و تتضاءل احتماالت الفشل في إصالح ذات البين.
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أنه مهما بلغت أهمية المجهودات الصلحية المبذولة من
طرف الجهات القضائية وغير القضائية ،فإنه تبقى غير كافية لوحدها لحماية األسرة وصيانتها من
التفكك و التصدع نظرا لوجود بعض الحاالت التي يستعصي فيها الصلح بفعل تراكم بعض
المشاكل البنيوية المزمنة ( األمية ،الفقر ،تراجع الوازع األخالقي والديني ،الغزو الفكري)...
والتي يتطلب حلها وضع إستراتيجية مجتمعية شاملة تراعي المعطيات االقتصادية واالجتماعية
واألخالقية .و تستدمج مختلف مكونات المجتمع من علماء دين وعلماء اجتماع وأخصائيين
نفسانيين و علماء تربية ...بهدف بلورة الحلول الناجعة لها بالفعل.
لذلك فإني أعتقد جازمة بأن تشعب الموضوع و تعدده أبعاده وتداخل مستوياته تجعل من
الالزم انخراط مختلف الفعاليات االجتماعية لإلسهام كل بحسب مجال اختصاصه في وضع
اآلليات الكفيلة بصيانة األسرة و حمايتها.
ذلك أن الحلول القانونية رغم أهميتها ال يمكن بحال من األحوال أن تفي بالغرض المؤمل
منها أال و هو الرقي باألسرة إلى المكانة السامية التي أرادها لها الشارع الحكيم فهي تلك الخلية
التي يسود بين أفرادها الحب و الوئام والتفاهم بهدف خلق جيل قادر على البناء و أهل للنهوض
بأمانة االستخالف التي اختار لها هللا سبحانه اإلنسان دونا عن باقي كائنات الكون.
www.sajplus.com 196
الئحة مصادرالفقه و الحديث و التفسير و اللغة
-1أبو بكر بن حسن الكسناوي ،أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام األئمة مالك
الجزء الثاني الطبعة ،دار الفكر.
-2أبو وليد سليمان الباجي األندلسي ،المنتقي شرح موطأ اإلمام مالك ،مطبعة السعادة ،طبعة
.1322
-3أبو الحسن علي بن عبد السالم التسولي ،البهجة في شرح التحفة ،دار الفكر.
-4أبو محمد عبد هللا ابن قدامة المقدسي ،المغني ،مكتبة الرياض ،طبعة 1981
-5أبو عبد هللا محمد الرعيني الحطاب ،كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ،مطبعة
السعادة الطبعة األولى .1329
-6أبو عيسى محمد بن سورة الترميدي :سنن الترميدي ،دار الفكر ،الطبعة األولى .1378
-7أبو قاسم جار هللا محمد بن عمر الزمخشري ،الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون األقاويل
في وجوه التأويل ،دار الكتاب العربي.
-8أبي الوليد محمد بن أحمد ابن رشد القرطبي -الحفيد ،-بداية المجتهد و نهاية المقتصد ،دار
الفكر بيروت.
-9أبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص ،أحكام القران طبعة دار الكتاب العربي بيروت.
-10أبي بكر محمد بن عبد هللا المعروف ابن العربي ،أحكام القران ،ج 1تحقيق علي محمد
البجاوي ،مطبعة عيسى البابلي و شركائه.
وأيضا الجزء الثامن مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر.
-11أبي جعفر أحمد بن محمد بن سالمة الطحاوي األردني ،الشروط الصغيرة مديال بما عثر
عليه من الشروط الكبير ،الطبعة الثانية.
-12أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ،جامع البيان عن تأويل القرآن ،مطبعة مصطفى البابلي
الحلبي الطبعة الثالثة.
www.sajplus.com 197
-13أبي عباس أحمد بن يحي الونشريسي ،المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوي أهل
إفريقية واألندلس و المغرب ،ج 3نشر وزارة األوقاف و الشؤون اإلسالمية للمملكة
المغربية ،الرباط ،ودار الغرب اإلسالمي بيروت.1989 ،
-14أبي عبد هللا بن إدريس الشافعي ،األم ،مكتبة الرياض ،طبعة . 1973 – 1393
أبي عبد هللا بن يوسف بن أبي القاسم العيدري الشهير بالمواق التاج واإلكليل لشرح -15
خليل ،دار المعرفة . مختصر
-16أبي عبد هللا محمد الخرشي ،الخرشي على مختصر الشيخ خليل ،ج 6دار الفكر
-17ابن حزم ،المحلى ،منشورات المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع بيروت.
-18جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور ،لسان العرب ،المجلد الثاني ،دار صادر بيروت .
-19مالك ابن أنس األصبحي ,المدونة الكبرى ،رواية سحنون ،مطبعة السعادة بجوار محافظة
مصر.1323 ،
-20موطأ اإلمام مالك برواية يحيى ابن يحيى ابن كثير الليثي ،دار الفكر.
-21موفق الدين ابن قدامة وشمس الدين ابن قدامة المقدسي ،المغني والشرح الكبير ،دار الكتاب
العربي.
محمد أمين ابن عابدين حاشية رد المختار على الدر المختار ،مطبعة مصطفى الحلبي -22
البابلي الطبعة الثانية .1966
-23محمد الخطيب الشريبي ،مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ،مطبعة مصطفى
البابلي و شركائه. 1985 ،
-24محمد بن أحمد ميارة الفاسي ،شرح ميارة الفاسي ،دار الفكر.
-25منصور يوسف إدريس البهوتي: ،كشف القناع على متن اإلقناع ،دار الفكر بيروت – طبعة
– .1982 1402
-26سيد قطب ،في ظالل القران ،دار إحياء التراث العربي ,طبعة . 1961
عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكساني ،بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ،دار كتاب -27
العرب – الطبعة الثانية . 1974
-28عماد الدين إسماعيل ابن كثير ,تفسير القران العظيم ,دار الفكر بيروت.
www.sajplus.com 198
شمس الدين أبي عبد هللا محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية ،زاد المعاد في -29
هدي خير العباد ،مطبعة مصطفى البابلي الحلبي مصر طبعة . 1390 – 1970
أبي عبد هللا بن قيم الجوزية ،الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ،المؤسسة العربية -30
للطباعة و النشر القاهرة.
شمس الدين بن أبي العباس الرملي ،نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ،ج ، 8دار إحياء -31
الثراث العربي.
شمس الدين محمد عرفة الدسوقي ،حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير على -32
مختصر الشيخ خليل ،دار الفكر للطباعة والنشر.
-33شمس الدين السرخسي ،المبسوط ،ج 21مطبعة السعادة مصر ،الطبعة األولى 1324ه .
-34تقي الدبن محمد الحسيني الشافعي ،كفاية األخيار في غياية اإلختصار،الجزء األول ،مطبعة
دار إحياء الكتب العربية مصر.
الكتب
إبراهيم الهياللي ،مذكرات في الفقه اإلسالمي على ضوء م.ح.ش ،المطبعة والوراقة -35
الوطنية – طبعة . 1987
-36أحمد أبو الوفا ،عقد التحكيم و إجراءاته ،مطبعة دون بوسكو ،الطبعة الثانية . 1974
إدريس الفاخوري ،المركز القانوني للمرأة المغربية – مطبعة الجسور وجدة – طبعة -37
. 2002
ادريس الفاخوري ،الزواج و الطالق في مدونة األحوال الشخصية ،مطبعة الجسور، -38
الطبعة السادسة . 1999
إدريس بلمحجوب ،االجتهاد القضائي في م.ح.ش مؤسسة بابل للصناعة والنشر ،الرباط -39
الطبعة األولى .1995
-40إدريس حمادي ،البعد المقاصدي و إصالح مدونة األسرة ،افريقيا الشرق ،طبعة 2005
www.sajplus.com 199
-41أحمد الخمليشي ،التعليق على قانون األحوال الشخصية ،الجزء األول :الزواج و الطالق،
مطبعة المعارف ،الرباط ،طبعة . 1987
-42أحمد الزوكاغي ،الطالق حسب الصيغة الحالة لمدونة األحوال الشخصية – مطبعة األمنية
– طبعة .1994
-43أحمد نصر الجندي الطالق و التطليق و آثارهما ،دار الكتب القانونية مصر ،طبعة 2004
-44أحمد خيرت ،مركز المرأة في اإلسالم ،دار المعارف .
-45ياسين محمد يحي ،عقد الصلح بين الشريعة و القانون المدني دراسة مقارنة فقهية قضائية
تشريعية ،دار الفكر ،طبعة . 1978
-46يحي عبد هللا المعلمي ،المرأة في القران الكريم ،منشورات دار صبري الرياض -1412
.1991
-47كمال صالح البنا ،المشكالت العملية في دعاوي الطالق و الفسخ و الخلع للمسلمين و غير
المسلمين ،عالم الكتاب.
محمد محجوب عبد النور ،الصلح و أثره في إنهاء الخصومة في الفقه اإلسالمي ،دار -48
الجيل بيروت ,طبعة1987- 1408
-49محي الدين عبد الحميد ،األحوال الشخصية في الشريعة اإلسالمية مع اإلشارة إلى مقابلها
في الشرائع األخرى ،الطبعة الثانية . 1958
-50محمد أبو زهرة ،األحوال الشخصية ،دار الفكر العربي طبعة .1957
محمد بن معجوز ،أحكام األسرة في الشريعة اإلسالمية وفق م ح ش ،مطبعة النجاح -51
الجديدة طبعة. 1988
محمادي لمعكشاوي ،سلسلة كتاب الجيب رقم 1للعمل القضائي المغربي ،األحوال -52
الشخصية ،مطبعة الساحل بالرباط . 1996
مصطفى فرغلي الشقيري ،التعليق على قانون إجراءات التقاضي ،دار البشرى للطباعة -53
والنشر القاهرة ،طبعة . 2000- 1422
-54محمد يعقوب محمد الدهلوي ،ضمانات حقوق المرأة الزوجية ،الجامعة اإلسالمية،المدينة
المنورة ،طبعة. 2004 – 1424
www.sajplus.com 200
محمد كشبور ،أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي و في مدونة األسرة ،سلسلة -55
الدراسات القانونية المعاصرة 7الطبعة األولى . 2004
-56محمد كشبور ،الوسيط في قانون األحوال الشخصية ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء
الطبعة الخامسة . 2003 – 1425
-57محمد األهدل ،أضواء على شقاق الزوجين ،المكتبة العربية .
محمد األزهر ،شرح مدونة األسرة أحكام الزواج – مطبعة النجاح الجديدة – الطبعة -58
األولى .2004
-59محمد متولي شعراوي ،أحكام األسرة و البيت المسلم ،مكتب التراث اإلسالمي القاهرة
طبعة . 2001 -1422
-60محمد صادق عفيفي ،المرأة و حقوقها في اإلسالم ،دار األصفهاني ،طبعة . 1402
-61محمد فوزي فيض هللا ،الطالق و مذاهبه في الشريعة و القانون ،مطبعة الفيصل الكويت
طبعة . 1986- 1406
محمد الشافعي ،أحكام األسرة في ضوء مدونة األحوال الشخصية ،دار وليلي للطباعة -62
والنشر ،الطبعة الثالثة . 1988
محمد قدري ،مرشد الحيوان إلى معرفة أحوال اإلنسان ،الطبعة األميرية بمصر،الطبعة -63
الثانية 1909
معوض عبد الثواب ،موسوعة األحوال الشخصية ،منشأة المعارف اإلسكندرية طبعة -64
. 1986
-65معوض عبد التواب ،الصيغ الشرعية لدعاوي األحوال الشخصية يشمل الوالية على المال
و النفس و المواريث و الوصية معلقا عليها بالشرح و أحكام القضاء حتى يونيو 1987
مقارنا بالتشريعات العربية ،دار الوفاء المنصورة ،طبعة . 1988
مصطفى إسماعيل بغدادي ،حقوق المرأة المسامة في المجتمع اإلسالمي ،الطبعة األولى -66
المنظمة اإلسالمية للتربية و العلوم الثقافية إيسيسكو طبعة . 1991- 1311
-67سعاد األخريسي ،من م أ مسار التعديالت و مطالبة الحركة النسائية ،طبعة 1شتنبر
2005
www.sajplus.com 201
-68سعاد رحائم ،مدونة األسرة بين اإلجتهاد و النص القانوني ،مكتبة األمة ،الطبعة األولى
. 2004
-69السعدية بلميير ،الروابط العائلية ،منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية –
طبعة. 1980
عبد الهادي إدريس أبو األصبع األحكام الشرعية لألحوال الشخصية ،مطابع الثورة -70
للطباعة ،و النشر بنغازي ،الطبعة األولى . 1977-1397
-71عبد الكريم فودة ،أحكام الصلح في المواد المدنية و الجنائية ،دار الفكر الجامعي ،طبعة
.1995
عبد الكريم شهبون ،شرح مدونة األحوال الشخصية المغربية,الجزء األول:الزواج و -72
الطالق ،مطبعة المعارف.
-73عبد النبي ميكو ،الوسيط في شرح مدونة األحوال الشخصية،ج األول :الزواج و الطالق،
طبعة1972.
-74عبد العزيز توفيق ،قضاء المجاس األعلى في األحوال الشخصية والعقار من سنة1957
الجديدة. إلى سنة ، 2002مطبعة النجاح
عبد العزيز توفيق ،شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي معلقا عليها بأحكام -75
محاكم النقض العربية إلى غاية ، 1995الجزء األول ،مطبعة النجاح الجديدة بالدار
البيضاء الطبعة األولى . 1998
عبد السالم حادوش ،إدماج المرأة في التنمية في محك السياسة الشرعية ،مطبعة -76
الطوبوس الطبعة األولى ،أكتوبر .2001
عبد الرحمان بن عبد هللا بن صالح الدباس ،أحكام الصلح في الشريعة اإلسالمية ،دار -77
النيرين للطباعة و النشر ،الطبعة األولى . 2004 -1424
-78عبد الرحمان الصابوني ،مدى حرية الزوجين في توقيع الطالق في الشريعة اإلسالمية،
دراسة مقارنة ،دار الفكر بيروت ،الطبعة الثانية. 1968
-79عبد الرحمان الصابوني ،شرح قانون األحوال الشخصية السوري ،مطبعة ابن خلدون،
الطبعة األولى. 1979
www.sajplus.com 202
عبد الخالق أحمدون ،قانون األسرة الجديد ،دراسة مقارنة مع أحكام الفقه اإلسالمي و -80
قوانين دول المغرب العربي ،الجزء األول الطبعة األولى 2006-1426مطبعة طوب
بريس ،الرباط.
-81عمر بن سعد ،االجتهاد القضائي وفقا ألحكام قانون األسرة ،دار الهدى عين مليلية الجزائر.
عمر عبد هللا ،أحكام الشريعة اإلسالمية ،في األحوال الشخصية ،دار المعارف ،الطبعة -82
السادسة. 1963
فيحان بن سالي بن عتيق المطيري ،إتحاف الخالن بحقوق الزوجين دار العاصمة الطبعة -83
األولى . 1414
فتحي حسن ،دعاوي الطالق والطاعة للمسلمين وغير المسلمين ،منشأة المعارف -84
اإلسكندرية ،طبعة . 1988
قحطان عبد الرحمان الروري ،عقد التحكيم الفقه اإلسالمي و القانون الوضعي ،مطبعة -85
الخلود بغداد ،الطبعة األولى . 1985-1405
-86رشيد مشقاقة ،قراءات وتعاليق ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط.
خالد عبد الرحمان العك ،بناء األسرة المسلمة في ضوء القران و السنة ،دار المعرفة -87
بيروت طبعة 2001-1422
-88غزة رشاد قطورة ،التحكيم في ضوء الشريعة اإلسالمية ،طبعة . 1994- 1414
األطروحات
محمد بودالحة ،وضعية المرأة في تقنينات األحوال الشخصية لدول المغرب العربي، -89
أطروحة لنيل الدكتوراه في الشريعة ،جامعة القرويين ،كلية الشريعة فاس -سايس السنة
الجامعية . 2000 – 1999
-90محمد البعدوي ،وضعية الزوجة في األسرة والمجتمع " بني ورياغل نموذجا " أطروحة
لنيل الدكتوراه في الحقوق ،جامعة محمد الخامس – السنة الجامعية . 2001 – 2000
www.sajplus.com 203
-91الطاهر كركري ،الصلح بين أفراد األسرة ،دراسة فقهية قانونية اجتماعية ،أطروحة لنيل
الدكتوراه جامعة القرويين كلية الشريعة فاس سايس السنة الجامعية . 2001-2000
-92عبد المجيد غميجة ،موقف المجلس األعلى من ثنائية القانون و الفقه في مساند األحوال
الشخصية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،جامعة محمد الخامس أكدال الرباط السنة
الجامعة . 2000_1999
-93علي منتصر ،التحكيم بين الزوجين في حالة الشقاق ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون،
جامعة محمد الخامس ،اكدال ،السنة الجامعية . 2000 – 2001
ربيعة بنغازي ،التطليق للضرر من خالل االجتهاد القضائي المغربي ،أطروحة لنيل -94
الدكتوراه في الحقوق ،جامعة محمد الخامس ،أكدال . 2001 – 2000
ال م ق االت
إدريس الفاخوري ،دور اإلرادة في إنهاء عقود الزواج ،مجلة الملف ،عدد 4شتنبر -95
. 2004
-96إدريس الفاخوري ،الحماية القضائية لحقوق الزوجة المطلقة في مدونة األسرة ،االتحاد
االشتراكي عدد 7466األربعاء 21يناير .2004
-97إدريس الفاخوري ،الطالق بعد التعديل ،حصيلة عملية ،األحداث المغربية عدد 26 325
رجب 1420هـ 5نوفمبر . 2005
-98إدريس الفاخوري ،الصلح في العمل القضائي ،المجلة المغربية لالقتضاء و القانون ع 5
لسنة .2002
أحمد العنابي ،دور القضاء في إصالح األسرة ،مجلة القضاء والتشريع التونسية عدد -99
خاص ملحق للعدد الثالث لسنة 18مارس 1976
الحسين العلمي ،مسطرة الشقاق في ظل مدونة ألسرة،مجلة المعيار ،عدد 32دجنبر -100
. 2004
الحسين العلمي ،مسطرة الشقاق في ظل مدونة ألسرة ،مجلة المعيار عدد 32دجنبر -101
. 2004
www.sajplus.com 204
-102الحسين بن دالي ،دور الحكمين في حسم النزاع بين الزوجين بين أحكام المذاهب المالكي
نصوص مدونة األسرة ،مجلة المناظرة ع 10لسنة.2005
-103إبراهيم اشهيبات ،الطالق على ضوء تعديالت مدونة األحوال الشخصية ،مقال منشور
بمجلة اإلشعاع عدد 22دجنبر . 2000
-104بدرية العوضي ،حق المرأة في إنهاء عقد الزواج في قوانين األحوال الشخصية العربية
دراسة مقارنة ،مجلة العلوم اإلنسانية عدد 7شتاء. 2003
-105بشرى العاصمي ،قراءة في المدونة ،جرد و تحليل،مجلة المنتدى ،مدونة األسرة تقييم
معالجة ،العدد الخامس ،جمادى األول– 1426يونيو . 2006
جمال الدين محمد محمود ،عالج مشكلة الطالق في قانون األسرة ،مجلة المحاماة -106
المصرية عدد 2السنة 51فبراير . 1971
-107زهر الحر ،مدونة األسرة و قضايا الزواج و الطالق لدى الجالية المغربية بالخارج،
ألوان وطنية ،العدد الثالث ،شعبان 1425أكتوبر . 2004
-108زهر الحر ،هناك عراقيل في مدونة األسرة ذات طابع تقني قانوني ،المستقل ع 15من
5إلى 11مارس.2005
زهور الحر ،حصيلة تطبيق المدونة –إيجابية -الصحراء المغربية األربعاء 8مارس -109
2006السنة 18عدد . 6256
-110مدونة األسرة ...أي مصير؟ نساء يتأرجح مصيرهن بين النص وواقع التطبيق ،بيان اليوم
عدد 448بتاريخ 8مارس . 2005
محمد أوراغ ،أهمية مجلس العائلة على ضوء مدونة األسرة و المرسوم المنظم له ، -111
مجلة رسالة الدفاع ،العدد الخامس. 2004
-112محمد العلوي ،اإلشكاليات العملية في النفقة على ضوء مستجدات مدونة األسرة ،جريدة
العلم عدد ، 50059الصادرة بتاريخ 28أبريل. 2005
-113محمد زكي عبد البر ،منهج اإلسالم في حل المنازعات بين الناس ،مجلة أضواء الشريعة
العدد التاسع ،سنة . 1398
www.sajplus.com 205
-114محمد كشبور ،الطالق وتبعاته المالية ،دراسة في نطاق الظهير بمثابة قانون الصادر في
،1993 – 9 – 10مقال منشور بمجلة المحامي ،عدد 26 – 25سنة 1994
محمد كشبور ،قراءة في واقع الزواج المختلط ،المجلة العربية للدراسات الدولية ،عدد -115
خاص أكتوبر . 2003
محمد سالم ،أهمية الصلح في النظام القضائي المغربي ،الملحق القضائي عدد 35 -116
أكتوبر . 2002
مجلة المحاكم المغربية عدد محمد سالم ،أهمية الصلح في النظام القضائي المغربي، -117
94-93سنة . 2002
-118محمد عيادي ،تعتر تطبيق مدونة األسرة مسؤولية مشتركة والمقارنة الثقافية والتربوية
هي األنجح للتغلب على مشاكل األسرة ،التجديد عدد 1084الثالثاء 28دو الحجة -1425
8فبراير . 2005
مصطفى صقر ،الخلع أكبر نسب الطالق المسجلة مند تنفيذ قانون األسرة ،الصباح، -119
السنة الخامسة العدد 1292األربعاء 2يونيو . 2004
ساسي بن حليمة ،المحاولة الصلحية على معنى الفصل 32من مجلة األحوال الشخصية، -120
المجلة القانونية التونسية ،عدد . 1976 -2
ساسي بن حليمة ،دور قاضي األسرة في قضايا الطالق ،مجلة األحداث القانونية ع 6 -121
سنة . 1992
عبد الواحد الجيراري ،تحسين أسلوب العمل بالمحاكم ،مجلة المحاماة العدد 6أكتوبر -122
1986
-123عبد الكريم الطالب ،التحكيم في قانون المسطرة المدنية المغربي ،مجلة المنتدى ،عدد 2
رمضان 1421دجنبر. 2000
-124عبد هللا الحمومي ،حقوق الطفل و حمايتها من خالل مدونة األسرة ،مجلة المعيار ع 32
دجنبر . 2004
-125عبد هللا العيدوني ،مسطرة بطالن إجراءات التبليغ في ضوء العمل القضائي المغربي،
مجلة اإلشعاع عدد سنة 1دجنبر . 1999
www.sajplus.com 206
-126عبد هللا روحمات ،األمر بتحديد االلتزامات المتربة على الطالق من العمل الوالئى إلى
العمل القضائي ،مجلة اإلشعاع عدد 18فبراير . 2002
-127عبد هللا روحمات ،الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي ،مجلة
اإلشعاع ع 27غشت . 2003
عبد المالك زعزاع ،اإلجراءات الشكلية في قضاء األسرة ،مدونة األسرة بين تعديل -128
النص القانوني و إصالح الواقع ،مجلة الفرقان ع . 2004 -50
-129عبد المجيد غميجة ،مميزات دعوى األحوال الشخصية على ضوء تعديالت ظهير- 10
،1993-9مجلة القسطاس العدد األول السنة األولى أكتوبر . 1997
-130عبد النور اضبيب ،صعوبات تعترض تطبيق مدونة األسرة ،جريدة العلم عدد 20039
الخميس 7أبريل2005
-131عبد العزيز فتحاوي ،التطليق للضرر في آفاق قضاء األسرة ،مجلة المحكمة عدد 3سنة
. 2004
-132عبد الرحيم بن سالمة ،التحكيم في الشريعة و القانون الوضعي ،مجلة اإلحياء ،عدد 613
2رمضان . 1991-1419
-133خديجة العلمي ،دور القضاء في مدونة األسرة ،مجلة المعيار عدد 32دجنبر . 2004
-134خديجة الركاني ،مسطرة الشقاق بمشروع مدونة األسرة ،األحداث المغربية ،عدد 1771
الصادرة في 2 9يونيو. 2004
أحمد خرطة ،التطليق للشقاق بين المنظور التشريعي و التصور القضائي قراءة في -135
المواد 94إلى 97من مدونة األسرة ،مدونة األسرة عام من التطبيق ،الحصيلة و األفاق،
أشغال الندوة الوطنية المنعقدة بكلبة الحقوق بوجدة يومي 17و 18فبراير،2005
منشورات مجموعة البحث في القانون و األسرة سلسلة الندوات العدد األول طبعة
.2006
www.sajplus.com 207
إدريس اجويلل ،إلى أي حافظت مدونة األسرة على كيان األسرة المغربية؟ منشورات -136
مجموعة البحث في القانون و األسرة ،سلسلة الندوات العدد األول طبعة .2006
-137إدريس فجر ،من إجراء التصالح و التوفيق أمام القاضي إلى نظام الوسيط لحل النزاعات
الطرق البديلة لتسوية المنازعات ،أشغال الندوة التعليمية التي نظمتها شعبة القانون
الخاص بكلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية بفاس ,بشراكة مع وزارة العدل
و هيئة المحامين ،يومين 4و 5أبريل ،2003منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية
و القضائية سلسلة الندوات الطبعة األولى عدد.2004 - 2
الحسن بويقين ،أسباب عدم نجاح مسطرة الصلح في النظام القضائي المغربي و الوسائل -138
الكفيلة بتفعيل هذه المسطرة ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة
الندوات الطبعة األولى عدد. 2004- 2
الحسن بويقن ،الجديد في مادة التبليغ في مدونة األسرة ،مدونة األسرة المستجدات -139
واألبعاد ،منشورات جامعة موالي إسماعيل ،عدد 5سنة . 2004
دليل عملي لمدونة األسرة منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة -140
الشروح والدالئل – العدد األول . 2004
-141يوسف بنباصر ،مدونة األسرة المسار والتطلعات ،قراءة تحليلية وتقويمية في مستجدات
قانون مدونة األسرة الجديد رقم ،70 – 03سلسلة بنباصر للدراسات القانونية واألبحاث
القضائية – العدد الثامن – السنة الثانية .
-142يحي بكاري ،دور الحكمين في إصالح ذات البين بين طموح التشريع وعوائق التطبيق،
منشورات مجموعة البحث في القانون واألسرة سلسلة الندوات العدد األول طبعة .2006
محمد الحبيب الشريف ،سلسلة الميزان التشريعي ،مجلة األحوال الشخصية – الطبعة -143
الثانية . 1994
-144محمد الحكيم بناني ،الصلح بين مشروعيته في الفقه اإلسالمي وواقع المجتمع المغربي
المعاصر ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة الندوات عدد2
الطبعة األولى . 2004
www.sajplus.com 208
-145محمد سالم ،الطرق البديلة لحل النزاعات التجربة األمريكية كنمودج ،منشورات جمعية
نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة الندوات عدد 2الطبعة األولى . 2004
محمد ناصر ميتيوي مشكوري و محمد بوزالفة ،الوسائل البديلة لتسوية المنازعات -146
األسرية ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الندوات عدد2
2004. الطبعة األولى
-147محمد عصبة ،اإلذن بالطالق ال يتم توقيعه لدى من طرف الطالب المأذون له ،منشورات
مجموعة البحث في القانون و األسرة سلسلة الندوات العدد األول طبعة .2006
-148محمد فريشا دو ،دور الصلح والوساطة في القضايا األسرية من خالل المدونة ،تقرير
عام عن أعمال الدورة التكوينية المنظمة لفائدة المعهد العالي للقضاء.
مجلة قضاء األسرة ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،العدد األول -149
يوليوز 2005الطبعة الثانية 3دجنبر . 2005
نادية لمزاوير ،التطليق للشقاق بين النص والتطبيق ،الحلقة الدراسة الجهوية المنظمة -150
لفائدة قضاة األسرة بتطوان أيام 695و 7و 8دجنبر . 2005
عبد الحق اضريضر ،مسطرة الطالق وإشكالية التطبيق ،تقرير عام لألعمال الدورة -151
التكوينية المنظمة بالمعهد العالي للقضاء .
عبد الكريم الطالب ،حجية أحكام المحكمين في قانون المسطرة المدنية المغربي، -152
منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية ،سلسلة الندوات عدد 2الطبعة
األولى .2004
-153عبد اللطيف الحاتمي ،المستجدات المسطرية في مدونة األسرة بخصوص انحالل الرابطة
الزوجية و مدى تحقيقها لمبدأ المساواة بين الزوجين ،من مدونة األحوال الشخصية إلى
مدونة األسرة أي جديد؟ أشغال اليوم الدراسي الذي نظمته الجمعية الوطنية الحضن
منشورة بالمجلة المغربية لقانون و اقتصاد التنمية عدد 50سنة . 2004
-154عبد المجيد غميجة ،قراءة في مشروع مدونة التحكيم ،منشورات جمعية نشر المعلومة
القانونية و القضائية سلسلة الندوات عدد 2الطبعة األولى .2004
www.sajplus.com 209
-155عبد الرازق يحي ،دور النيابة العامة في قضايا األسرة :الحصيلة و المعوقات ،منشورات
مجموعة البحث في القانون واألسرة ،سلسلة الندوات العدد األول طبعة . 2006
عز الدين بنستي ،بعض تجليات التسوية الودية في المادة التجارية ،منشورات جمعية -156
نشر المعلومة القانونية و القضائية سلسلة الندوات ،عدد 2الطبعة األولى 2004.
-157رجاء ناجي مكاوي ،التطليق للضرركما جاء في مشروع مدونة األسرة ،أعمال ندونة
مستجدات مدونة األسرة جامعة محمد الخامس نونبر . 2003
-158رشيد ة حلمي ،إشكالية سطرة الطالق و التطليق في مدونة األسرة ،إشكالية تطبيق مدونة
األسرة بعد مرور سنتين على دخولها حيز التنفيد ،أشغال الندوة المنظمة من طرف
المكتب الجهوي للودادية الحسنية لقضاة فاس تازة بتعاون مع هيئة المحامين بفاس ودلك
يوم 10مارس 2006بقصر المؤتمرات بفاس .
-159تقرير عام ألعمال الدورة التكوينية المنظمة بالمعهد العالي للقضاء حول مدونة األسرة
ودور الوساطة في تفعيل مسطرة الصلح أيام 17 – 15 – 14شتنبر . 2005
تقرير عام عن الندوة المنظمة من طرف جمعية الكرامة لتنمية المرأة حول موضوع -160
اإلصالح األسري و تقليص نسبة الطالق ودلك يوم 26مارس 2005بغرفة التجارة و
الصناعة و الخدمات بطنجة.
ال م ج الت
-161مجلة الندوة عدد .1
-162المجلة العربية للفقه و القضاء العدد السابع سنة . 1997
-163مجلة القضاء و القانون عدد .46
-164مجلة القضاء و القانون عدد . 94
-165مجلة القضاء و القانون عدد .128
-166مجلة القضاء و القانون عدد. 131
-167مجلة القضاء و القانون عدد . 134- 133
www.sajplus.com 210
-168مجلة القضاء و القانون عدد. 136- 135
-169مجلة قضاء المجلس األعلى عدد . 3
-170مجلة قضاء المجلس األعلى عدد 23السنة الرابعة . 1921
-171مجلة قضاء المجلس األعلى عدد .2 4
-172مجلة قضاء المجلس األعلى عدد . 60- 59
شبكة المعلوميات
-173سفيان حديدان الوساطة القضائية بين التجربة الجزائرية والفرنسية
www.filosofiaydesecho.com
-174صالح ابليدي ،إصالح ذات البين ...أسلوب حضاري لفض النزاعات ،على هامش األيام
الثقافية لجمعية االستقامة بغرادية.
175- www.elwaha-dz.com .
-176www.asharqalawsat.com . -
177- wwww.balagh.com .
178-www.Nuwab.gov.bh .
179- . www.asharqalawsat.com
180- www.pcdr.org .
181-wwww.bayader.com .
182-www.addusyour.com .
183-www.arriyadh.com .
184- naseejoh.com .
www.sajplus.com 211
-اإلهداء
مقدمة1.......................................................................................................................................
تمهيد5.......................................................................................................................................
◄الباب األول :مسطرة الصلح بين النظر الفقهي و النص الق انوني9...........................
الفصل األول :دور المحكمة في إصالح ذات البين9..........................................
المبحث األول :إجراءات التصالح بين الزوجين10.................................
المطلب األول :اإلعداد لجلسة الصلح 11.....................................
الفقرة األولى :تقديم الطلب12..........................................
الفقرة الثانية :استدعاء الزوجين لجلسة الصلح14...................
المطلب الثاني :الحضور لجلسة الصلح 18..................................
الفقرة األولى :الحضور الشخصي لجلسة الصلح18.. ..............
الفقرة الثانية :الوكالة و الصلح بين الزوجين24.....................
المبحث الثاني :دور القاضي في جلسة التصالح بين الزوجين32..................
المطلب األول :محاولة اإلصالح بين الزوجين33...........................
الفقرة األولى :مجهودات القاضي من أجل الصلح33...............
الفقرة الثانية :مرحلة إجراء الصلح41.................................
المطلب الثاني :اتخاذ التدابير المؤقتة49........................................
الفقرة األولى :مستحقات الزوجة49...................................
الفقرة الثانية :مستحقات األطفال55....................................
الفصل الثاني :آليات الصلح غير القضائية و دورها في حماية األسرة61................
www.sajplus.com 212
المبحث األول :الحكمين ودورها في الصلح بين الزوجين62......................
المطلب األول :طبيعة عمل الحكمين من منظور الفقه اإلسالمي63.....
الفقرة األولى :شروط الحكمين63.....................................
الفقرة الثانية :حدود صالحيات الحكمين70.........................
المطلب الثاني :نظام التحكيم في مدونة األسرة80..........................
الفقرة األولى :إجراءات بعث الحكمين80..........................
الفقرة الثانية :مهام الحكمين86.......................................
المبحث الثاني:مجلس العائلة ودوره في التوفيق بين الزوجين
91........................................................................................ ..................
المطلب األول :تكوين مجلس العائلة92.......................................
الفقرة األولى :شروط أعضاء مجلس العائلة92.....................
الفقرة الثانية :انعقاد مجلس العائلة 96................................
المطلب الثاني :مهام مجلس العائلة99.........................................
◄الباب الثاني :آليات الصلح بين التطبيق العملي التفعيل الواقعي 103....................
الفصل األول :واقع الصلح في التطبيق العملي104..........................................
المبحث األول :مسطرة الصلح من خالل العمل القضائي105....................
المطلب األول :واقع مسطرة الصلح من خالل بعض أقسام قضاء
األسرة106.........................................................................................................
المطلب الثاني :موقف المجلس األعلى من إجراء الصلح114...............
المبحث الثاني :اإلشكاليات التي تعترض مسطرة الصلح119......................
المطلب األول :الصعوبات المرتبطة بالزوجين120.........................
الفقرة األولى :عدم حضور الزوجين لجلسات التصالح 120....
الفقرة الثانية :تقاضي الزوجين بسوء نية123 .......................
المطلب الثاني :الصعوبات المتعلقة بالجهة المكلفة بالصلح125...........
الفقرة األولى :اإلشكاليات الواقعية الخاصة بالقاضي125 ........
www.sajplus.com 213
الفقرة الثانية:اإلشكاليات الواقعية الخاصة بالحكمين ومجلس
العائلة131..................................................................................................... ..
الفصل الثاني :الوسائل الكفيلة بتفعيل مسطرة الصلح138....................................
المبحث األول :ضعف الجانب التشريعي في مسطرة الصلح140...... ...........
المطلب األول :مالحظات متعلقة بإجراءات التصالح 141....................................
الفقرة األولى :تقديم الطلب141............................................
الفقرة الثانية :استدعاء الزوجين لحضور جلسة المصالحة144....
الفقرة الثالثة :إيداع مستحقات الزوجة و األطفال 147............
المطلب الثاني :مالحظات خاصة باليات الصلح154.........................................
الفقرة األولى :القاضي154..............................................
الفقرة الثانية :الحكمين 161..............................................
الفقرة الثالثة :مجلس العائلة165........................................
المبحث الثاني:االعتماد على وسائل بديلة في الصلح بين الزوجين168....
المطلب األول :الوساطة و الصلح بين الزوجين 169..........................................
الفقرة األولى :الوساطة :مفهومها أهميتها و مزاياها169............
الفقرة الثانية :االرتقاء بالصلح إلى نظام الوساطة 173.............
المطلب الثاني :خلق مؤسسات جديدة مكلفة جديدة بالصلح178...............................
الفقرة األولى :قاضي الصلح178........................................
الفقرة الثانية :المساعدة االجتماعية181.................................
الفقرة الثالثة :إنشاء مكاتب استشارية لألسرة183.....................
-خاتمة190........................................................................................................
-الئحة المراجع 192.............................................................................................
-الفهرس207.....................................................................................................
www.sajplus.com 214
www.sajplus.com 215