You are on page 1of 1

‫�إىل اللقاء‬

‫‪ ...‬بني احلق والباطل‬


‫حياة اإلنسان قائمة على الصراع بني احلق والباطل‪ ..‬بني اخلير والشر‪ ..‬بني‬
‫األمن واجلرمية‪ ..‬وفي خضمّ هذه الصراعات ترتفع أصوات املدافعني عن احلق‪،‬‬
‫املناصري ��ن للخي ��ر‪ ،‬ومن بني هؤالء‪ ،‬العاملون في س ��لك احملام ��اة‪ .‬فهل أصحاب‬
‫هذه املهنة ملتزمون بكل ما تتطلبه املهنة من مبادئ وقيم؟‪.‬‬
‫إن من العجيب والغريب أن كثير ًا من احملامني في كثير من الدول يس ��يئون‬ ‫املشاقي‬
‫عرسان عبداللطيف ّ‬
‫إل ��ى املهنة‪ ،‬فيتخلون عن الضمائر‪ ،‬ويلق ��ون بها في غياهب الهوان‪ ،‬مقابل بعض‬
‫املبالغ املالية‪ ،‬التي يدفعها هذا املوكل أو ذاك‪ !..‬فيصبح املجرم في بعض األحيان‬
‫بريئ ًا (بحكم القانون) ويصبح البريء الضحية (ظاملاً) ومتهم ًا بحكم القانون‬
‫نفس ��ه‪ ...‬فتنقل ��ب املعادل ��ة‪ ،‬وتتوه احلقيق ��ة‪ ،‬وتتبعثر األوراق وس ��ط هذا الترهل‬
‫األخالقي‪.‬‬
‫احملاماة مهنة ليس من السهل إتقانها‪ ،‬ومسؤولية ليس من البساطة حملها‪،‬‬
‫إنه ��ا رس ��الة‪ ،‬ال يق ��وى على تبليغها إ ّال م ��ن متثلت فيه النزاه ��ة والرزانة والقدرة‬
‫عل ��ى مجابه ��ة اخلطر‪ ...‬من يخوض غمار هذه املهنة‪ ،‬يس ��عى جاهد ًا للبحث عن‬
‫فهم ��ه إظهار احلق‪ ،‬ودحض الباطل‪ ..‬أي إن صاحب هذه املهنة ينتصر‬ ‫احلقيق ��ة‪ُّ ،‬‬
‫للخير‪ ،‬ويسعى دائم ًا إلى دحض كل معالم الشر‪. .‬‬
‫إن مهن ��ة احملام ��اة حافل ��ة باملعان ��اة‪ ،‬ألنها تبح ��ث عن احلقيقة‪ ،‬فهي س�ل�اح‬
‫ذو حدين‪ ،‬ش ��أنها ش ��أن الصحافة‪ ،‬فمثلما أن الصحافة تس ��هم في بناء املجتمع‬
‫بالكلم ��ة الصادق ��ة الهادفة املؤثرة‪ ،‬فإنها في الوقت نفس ��ه قد تس ��هم بالكلمة في‬
‫تقوي ��ض البني ��ان االجتماعي واألمن ��ي‪ ،‬وكذلك احلال بالنس ��بة للمحاماة‪ ،‬فمن‬
‫ميتهنه ��ا قد يس ��هم في بناء إنس ��ان‪ ،‬وقد يس ��هم في تدمير حيات ��ه‪ ،‬خصوصاَ إذا‬
‫تعمد صاحب هذه املهنة (تغييب) احلقيقة‪ ،‬بقلب احلق باط ًال أو العكس‪.‬‬
‫وهن ��ا تكمن خط ��ورة العمل والتعامل مع القوانني‪ ،‬التي يتم تكييفها أحيان ًا‬
‫وفق املصالح املادية بالدرجة األولى‪ ...‬وهذا ال يعني بكل تأكيد التقليل من شأن‬
‫احملام ��اة‪ ،‬لكن ��ه تنبيه إلى خطورة ما ميارس ��ه الكثيرون من أصح ��اب هذه املهنة‪،‬‬
‫فهن ��اك الكثي ��ر من احملامني احلريصني على إظه ��ار احلق‪ ،‬ومكافحة اجلرمية‪،‬‬
‫وهؤالء يس ��همون بالفعل ف ��ي تخليص املجتمع من األوبئ ��ة اإلجرامية املتعددة‪،‬‬
‫التي ميارسها املنحرفون اخلارجون على سلطة القانون‪ ...‬وثمة حقيقة ينبغي‬
‫تأكيده ��ا‪ ،‬ه ��ي أنه مهما بل ��غ املتعاملون مع القوانني من نزاه ��ة‪ ،‬ورزانة‪ ،‬وحرص‬
‫عل ��ى العدالة‪ ،‬وإظه ��ار احلق‪ ،‬إ ّال أنها تظل مع ّرضة للجور‪ ،‬والتش ��ويه واإلس ��اءة‪،‬‬
‫وهذا يؤكد لنا أهمية القوانني التي تطبق وفق الشريعة اإلسالمية الغراء‪ ،‬والتي‬
‫تظهر احلق حق ًا والباطل باط ًال‪.‬‬

‫العدد (‪ )322‬ـ ربيع الأ ول ‪1430‬هـ‬ ‫الأ من واحلياة‬ ‫‪98‬‬

You might also like