You are on page 1of 9

‫‪:‬‬ ‫‪ 

‬تمهيد‬
‫أصبحت السياسة الجنائية في ظل املجتمعات الحديثة مرتكزة على مبادئ عامة ولعل أهمها هو مبدأ شرعبة التجريم والعقاب أو‬
‫ما يصطلح عليه "ال جريمة وال عقوبة إال بنص‪ ،‬هذه السياسة التي تم نهجها في جل التش‪55‬ريعات الجنائي‪55‬ة ج‪55‬اءت من أج‪5‬ل التص‪55‬دي‬
‫للج‪55‬رائم بي‪55‬د أنه‪55‬ا لم تحق‪55‬ق الغاي‪55‬ة املنش‪55‬ودة منه‪55‬ا‪ ،‬ونتيج‪55‬ة ل‪55‬ذلك أص‪55‬بحت السياس‪55‬ة الجنائي‪55‬ة املعاص‪55‬رة تتج‪55‬ه نح‪55‬و الترش‪55‬يد وع‪55‬دم‬
‫اإلس‪55‬راف في اس‪55‬تخدام قواع‪55‬د التج‪55‬ريم ويع‪55‬ود ظه‪55‬ور سياس‪55‬ة ن‪55‬زع التج‪55‬ريم أو كم‪55‬ا يص‪55‬طلح عليه‪55‬ا أيض‪55‬ا بسياس‪55‬ة الالتج‪55‬ریم‪،‬أو‬
‫الح ‪55‬د من التج ‪55‬ریم الى س ‪55‬نة ‪ 1970‬إثر إنعق ‪55‬اد املؤتمر الس ‪55‬ادس ل ‪55‬وزراء الع ‪55‬دل في أروب ‪55‬ا وأيض ‪55‬ا الن ‪55‬دوة العلمی ‪55‬ة الثالث ‪55‬ة للجمعی ‪55‬ات‬
‫الدولی ‪55‬ة املعنی ‪55‬ة ب ‪55‬العلوم الجنائی ‪55‬ة املنعق ‪55‬دة في ایطالی ‪55‬ا س ‪55‬نة ‪، 1973‬واملؤتمر ال ‪55‬دولي الخ ‪55‬امس ملكافح ‪55‬ة املج ‪55‬رمین في ج ‪55‬نیف ال ‪55‬ذي‬
‫عقدت ‪55‬ه األمم املتح ‪55‬دة س ‪55‬نة ‪،1975‬ھ ‪55‬ذه املؤتمرات رأت ب ‪55‬ان التج ‪55‬ریم لیس ھ ‪55‬و الح ‪55‬ل ملواجه ‪55‬ة الظ ‪55‬اهرة اإلجرامي ‪55‬ة (‪ )1‬حيث إعت ‪55‬بر‬
‫أعض‪55‬اء املؤتمر أن الض‪55‬رورة ال تت‪55‬وافر دائم‪55‬ا لإللتج‪55‬اء الى التج‪55‬ريم من أج‪55‬ل مواجه‪55‬ة اإلنح‪55‬راف اإلجتم‪55‬اعي وق‪55‬د إنعكس ذل‪55‬ك على‬
‫إلغاء تجريم بعض األفعال في فرنسا متل الزنا مند سنة ‪ 1975‬واإلجهاض في سنة ‪ )2(  1993‬فيعتبر ن‪5‬زع التج‪5‬ريم من اآللي‪5‬ات ال‪5‬تي‬
‫لجأت إليها بعض التشريعات الجنائية لخفض الكم الهائل من القضايا املعروضة على أنظار القضاء الجنائي‪.‬‬
‫وعلی‪5 5‬ه ف‪55 5‬ان ن‪55 5‬زع التج‪55 5‬ریم یتمث‪55 5‬ل في "إلغ‪55 5‬اء الوج‪55 5‬ود الق‪55 5‬انوني للقاع‪55 5‬دة الجنائی‪55 5‬ة‪ ،‬على نح‪55 5‬و ی‪55 5‬ؤدي إلى ن‪55 5‬زع الص‪55 5‬فة الجرمی‪55 5‬ة عن‬
‫الس‪55‬لوك‪،‬وبالت‪55‬الي االع‪55‬تراف بمش‪5‬روعیتھ‪،‬وإب‪5‬احتھ جنائی‪55‬ا‪،‬م‪5‬ع إمكانی‪55‬ة اس‪5‬تمرار خض‪55‬وعھ لقاع‪5‬دة قانونی‪5‬ة أخ‪55‬رى غ‪55‬یر جنائی‪55‬ة‪،‬وذل‪5‬ك‬
‫ألسباب تستند إلى‪ 5‬اعتبارات تملیھا السیاسة الجنائیة" (‪. )3‬‬
‫أهمية الدراسة ‪:‬‬
‫م‪55‬ا يهمن‪55‬ا في ه‪55‬ذه الدراس‪55‬ة ه‪55‬و البحث في م‪55‬دى نجاع‪55‬ة سياس‪55‬ة ن‪55‬زع التج‪55‬ريم في عالج مس‪55‬اوئ التض‪55‬خم التش‪55‬ريعي الجن‪55‬ائي‪ ‬‬
‫واكتظاظ أروقة املحاكم بالكم الهائل من القضايا وهو ما من شأنه أن يثقل كاهل القضاء ويبطء التقاضي‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫‪  ‬تس‪55‬عى ه‪55‬ذه الدراس‪55‬ة إلى تحقي‪55‬ق ه‪55‬دف رئيسي يتمث‪55‬ل في بي‪55‬ان سياس‪55‬ة ن‪55‬زع التج‪55‬ريم ونط‪55‬اق تطبيقه‪55‬ا وع‪55‬رض مزاياه‪55‬ا وأهم العي‪55‬وب‬
‫التي تطرأ عند تنفيذها وعن مدى فاعليتها في تحقيق أغراض العدالة الجنائية‪.‬‬

‫إشكالية‪ 5‬الدراسة‪5:‬‬
‫انطالقا مما سبق ف‪5‬إن إش‪5‬كالية ه‪5‬ذه الدراس‪5‬ة تتمح‪5‬ور ح‪5‬ول م‪5‬ا يطرح‪5‬ه موض‪5‬وع سياس‪5‬ة ن‪5‬زع التج‪5‬ريم من إش‪5‬كاالت قانوين‪5‬ة تتعل‪5‬ق‬
‫بمفهومه وبطبيعته وم‪5‬دى نجاعت‪5‬ه في تحقي‪5‬ق الغاي‪5‬ة من‪5‬ه من خالل نهج سياس‪5‬ة جنائي‪5‬ة معاص‪5‬رة في الح‪5‬د من الظ‪5‬اهرة اإلجرامي‪5‬ة في‬
‫إطار املالئمة بين املصلحة املتمثلة في تحقيق األمن واإلستقرار للبالد وعدم اإلسراف في التجريم؟‬

‫منهج الدراسة‪:‬‬
‫‪   ‬نظ‪55‬را لطبيع‪55‬ة اإلش‪55‬كالية املطروح‪55‬ة وتحقيق‪55‬ا لأله‪55‬داف املس‪55‬طرة فق‪55‬د رأين‪55‬ا أن‪55‬ه من األنس‪55‬ب له‪55‬ذه الدراس‪55‬ة‪ ،‬االعتم‪55‬اد على املنهج‬
‫الوصفي لدراسة نشأة سياسة نزع التجريم ومفهومها واملنهج التحليلي لدراسة هذه اآللية في التشريعات املقارنة‪.‬‬

‫خطة الدراسة‪:‬‬

‫‪ ‬انس‪55‬جاما م‪55‬ع املنهج املعتم‪55‬د بالدراس‪55‬ة‪ ،‬تب‪55‬دأ الدراس‪55‬ة بإيض‪55‬اح مفه‪55‬وم ن‪55‬زع التج‪55‬ريم‪  ‬وذل‪55‬ك من خالل تعريف‪55‬ه وتمي‪55‬يزه عن الح‪55‬د من‬
‫العق‪55‬اب واملص‪5‬طلحات املش‪55‬ابهة ل‪5‬ه وتحدي‪55‬د أهم األس‪5‬باب ال‪5‬تي ك‪5‬انت وراء ظه‪55‬ور فك‪55‬رة ن‪5‬زع التج‪5‬ريم واآلث‪55‬ار املترتب‪55‬ة عن‪55‬ه‪ ،‬ل‪5‬ذلك فق‪55‬د‬
‫قمن ‪55‬ا بتقس ‪55‬يم ه ‪55‬ذه الدراس ‪55‬ة إلى‪ 5‬مطل ‪55‬بين أساس ‪55‬ين وفق ‪55‬ا ملا يلي ‪ :‬سنخص ‪55‬ص املطلب األول ماهية ن ‪55‬زع التج ‪55‬ريم من خالل فق ‪55‬رتين‬
‫سنتناول في األولى نشأة سياسة نزع التجريم تعريفها وطبيعتها وفي الفقرة الثانية سنتحدث عن أوجه التشابه‪ 5‬واإلختالف بين ن‪55‬زع‬
‫التج‪55 5‬ريم والح‪55 5‬د من العق‪55 5‬اب وتم‪55 5‬يزه عن املص‪55 5‬طلحات املش‪55 5‬ابهة ل‪55 5‬ه‪ ،‬بينم‪55 5‬ا سنخص‪55 5‬ص املطلب الث‪55 5‬اني للوق‪55 5‬وف على ض‪55 5‬وابط ن‪55 5‬زع‬
‫التج‪55‬ريم من خالل فق‪55‬رتين في األولى منهم‪55‬ا س‪55‬نتطرق ملبررات ن‪55‬زع التج‪55‬ريم على أن نخص‪55‬ص الفق‪55‬رة الثاني‪55‬ة لتوض‪55‬يح نط‪55‬اق تط‪55‬بيق‬
‫مبدأ نزع التجريم واآلثار املترتبة عنه‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم نزع التجريم‪5‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬نزع التجريم نشأته تعريفه‪ ،‬طبيعته‬

‫أوال‪ :‬نشأة نزع التجريم‪ ‬‬

‫نتيج‪5‬ة لث‪5‬ورة اإلص‪5‬الحات ال‪5‬تي ش‪5‬هدتها معظم التش‪5‬ريعات الجنائي‪5‬ة الدولي‪5‬ة بع‪5‬د الح‪5‬رب العاملي‪5‬ة الثاني‪5‬ة ‪ ،‬ظه‪5‬ر فك‪5‬ر جدي‪5‬د ي‪5‬دعو إلى‬
‫ع‪55 5‬دم االعتم‪55 5‬اد على ق‪55 5‬انون العقوب‪55 5‬ات فق‪55 5‬ط لح‪55 5‬ل مش‪55 5‬كلة الجريم‪55 5‬ة‪ ،‬واعتب‪55 5‬ار كاف‪55 5‬ة قطاع‪55 5‬ات املجتم‪55 5‬ع مس‪55 5‬ئولة عن التص‪55 5‬دي له‪55 5‬ا‬
‫ومكافحته‪55‬ا ‪ ،‬وال‪55‬دعوة إلى ع‪55‬دم اإلس‪55‬راف في اللج‪55‬وء إلى النظ‪55‬ام الجن‪55‬ائي فظه‪55‬رت سياس‪55‬ة ن‪55‬زع التج‪55‬ريم أوالح‪55‬د من التج‪55‬ریم أو كم‪55‬ا‬
‫یصطلح علیها أیضا بسیاسة الالتجریم‪،‬أو التراجع عن التجریم‪،‬الذي یجد ج‪5‬ذوره في أفك‪5‬ار مدرس‪5‬ة ال‪5‬دفاع االجتم‪5‬اعي فق‪5‬د ع‪5‬الج‬
‫م‪55‬ارك انس‪55‬ل سیاس‪55‬ة التج‪55‬ریم من خالل األداة املع‪55‬برة عنھ‪55‬ا إال وھي ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات‪،‬ولق‪55‬د س‪55‬لم بوج‪55‬ود ح‪55‬ق الدول‪55‬ة في العق‪55‬اب و‬
‫ن‪55‬ادي بتطھ‪55‬یر ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات من كاف‪55‬ة أش‪55‬كال الحی‪55‬ل وق‪55‬د ناقش‪55‬ت العدی‪55‬د من املؤتمرات الدولیة فك‪5‬رة ن‪55‬زع التج‪55‬ريم ‪17‬أو الح‪55‬د‬
‫من التج ‪55‬ريم في املؤتمر الس ‪55‬ادس ل ‪55‬وزراء الع ‪55‬دل في أوروب ‪55‬ا‪،‬والن ‪55‬دوة العلمی ‪55‬ة الثالث ‪55‬ة للجمعی ‪55‬ات الدولی ‪55‬ة املعنی ‪55‬ة ب ‪55‬العلوم الجنائی ‪55‬ة‬
‫املنعق‪55‬دة في ایطالی‪5‬ا س‪5‬نة ‪،1973‬واملؤتمر ال‪5‬دولي الخ‪5‬امس ملكافح‪5‬ة املج‪5‬رمین في ج‪55‬نیف ال‪55‬ذي عق‪5‬دتهم األمم املتح‪55‬دة س‪5‬نة ‪،1975‬ھ‪5‬ذه‬
‫املؤتمرات وغیرھا رأت بان التجریم لیس ھو الحل ملواجھة الظاھرة اإلجرامیة‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬مفهوم الحد من التجريم‬

‫ع‪55‬رفت اللجن‪55‬ة األوربي‪55‬ة للمش‪55‬كالت الجنائي‪55‬ة الح‪55‬د من التج‪55‬ريم بقوله‪55‬ا "أن الح‪55‬د من التج‪55‬ريم الق‪55‬انوني يتمث‪55‬ل في س‪55‬حب اختص‪55‬اص‬
‫النظ‪55‬ام الجن‪55‬ائي بف‪55‬رض ج‪55‬زاءات في مواجه‪55‬ة بعض أش‪55‬كال الس‪55‬لوك وه‪55‬ذا يمكن أن يتم بواس‪55‬طة عم‪55‬ل تش‪55‬ريعي يتض‪55‬من االع‪55‬تراف‬
‫الكام‪55‬ل بمش‪55‬روعية س‪5‬لوك معين من الناحي‪55‬ة القانوني‪55‬ة كم‪55‬ا في بعض ال‪55‬دول األوربي‪55‬ة حيث تم إلغ‪55‬اء بعض ج‪55‬رائم األخالق من قبي‪55‬ل‬
‫الفساد(الزنا )أو االنحراف الجنسي ) (د‪ .‬جالل محمود طه ‪ ،‬أصول التجريم والعقاب في السياسة الجنائية‪  ‬املعاصرة)‬

‫كم ‪55‬ا ع ‪55‬رفت لجن ‪55‬ة مراجع‪5 5‬ة‪ 5‬الق ‪55‬انون البلجيكي لس ‪55‬نة ‪ 1979‬الح ‪55‬د من التج ‪55‬ريم بأن ‪55‬ه إلغ ‪55‬اء الص ‪55‬فة الجرمي ‪55‬ة للجريم ‪55‬ة وعرف ‪55‬ه كلين‬
‫‪  G.KELLENS‬بأنه "تجريد الجريمة من صفتها الجرمية دون إلغاء الجزاء الذي يمكن أن يكون مقيدا لحقوق األفراد‪.‬‬

‫كم‪55‬ا عرف‪55‬ه آخ‪55‬رون بأن‪55‬ه " إلغ‪55‬اء تج‪55‬ريم س‪55‬لوك معين وبالت‪55‬الي االع‪55‬تراف بمش‪55‬روعية ه‪55‬ذا الس‪55‬لوك من الناحي‪55‬ة القانوني‪55‬ة على نح‪55‬و ال‬
‫يخض‪55‬ع مع‪55‬ه ألي ن‪55‬وع من أن‪55‬واع الج‪55‬زاءات الجنائي‪55‬ة وه‪55‬و م‪55‬ا س‪55‬لكه أح‪55‬د الفقه‪55‬اء حين ع‪55‬رف الح‪55‬د من التج‪55‬ريم بأن‪55‬ه إلغ‪55‬اء للوج‪55‬ود‬
‫القانوني للقاعدة الجنائية على نحو يؤدي الى نزع الصفة اإلجرامية‪ 5‬عن السلوك وبالتالي االعتراف مشروعيته‪.‬‬

‫‪ ‬كم‪55‬ا عرف‪55‬ه األس‪55‬تاذ ‪ Leclercq‬بأن‪55‬ه ‪ :‬إلغ‪55‬اء التج‪55‬ريم وبالتبعي‪55‬ة إلغ‪55‬اء العقوب‪55‬ة أيض‪55‬ا ‪ ،‬ويب‪55‬دو أن ه‪55‬ذا التعري‪55‬ف على ج‪55‬انب من الدق‪55‬ة‬
‫والوضوح ‪،‬فهو تعريف الشيء بض‪5‬ده ف‪5‬إذا ك‪5‬ان التج‪5‬ريم ه‪5‬و إكس‪5‬اء الالمش‪5‬روعية على س‪5‬لوك م‪5‬ا ‪،‬ف‪5‬إن الح‪5‬د من التج‪5‬ريم ه‪5‬و إلغ‪5‬اء‬
‫لهذا التجريم‪ ،  ‬ومع ذلك فه‪5‬و ال يخل‪5‬و من بعض الخل‪5‬ط فيم‪5‬ا بين الح‪5‬د من التج‪5‬ريم والح‪5‬د من العق‪5‬اب ‪ ،‬وه‪5‬ذا م‪5‬ا يتجلى من إق‪5‬رار‬
‫ص ‪55‬احبه ب ‪55‬أن ك ‪55‬ل ح ‪55‬د من التج ‪55‬ريم ه ‪55‬و ح ‪55‬د من العق ‪55‬اب ‪ tout  décriminalisation est une dépénalisation‬بمع ‪55‬نى أن الح ‪55‬د من‬
‫التجريم هو صورة الحد من العقاب ([‪.)]13‬‬

‫‪  ‬تالثا ‪:‬طبيعة الحد من التجريم‬

‫يعتبر الحد من التجريم ذو طابع موضوعي بحث فهو ينظ‪5‬ر في إكس‪5‬اء‪ 5‬ص‪5‬فة املش‪5‬روعية على أفع‪5‬ال ك‪5‬انت في م‪5‬ا س‪5‬بق تش‪5‬كل ج‪5‬رائم ‪،‬‬
‫بغض النظ‪55‬ر عن ص‪55‬فة م‪55‬رتكب الفع‪55‬ل س‪55‬واء ك‪55‬ان ف‪55‬اعال أص‪55‬ليا أم ش‪55‬ريكا‪ ،‬وبغض النظ‪55‬ر ك‪55‬ذلك إذا م‪55‬ا ك‪55‬ان ش‪55‬روعا أو فعال ك‪55‬امال‬
‫وإنما يه‪5‬دف إلى ع‪5‬دم قي‪5‬ام املس‪5‬ؤولية الجنائي‪5‬ة تمام‪5‬ا ض‪5‬د أي ش‪5‬خص و اعتب‪5‬ار ارتكاب‪5‬ه بعض الج‪5‬رائم شيء مب‪5‬اح ال يق‪5‬ع تحت طائل‪5‬ة‬
‫القانون ‪،‬حتى وإن كان موضوع الح‪5‬د من التج‪5‬ريم في بعض األحي‪5‬ان يلقى اس‪5‬تهجان اجتماعي‪5‬ا وديني‪5‬ا ورفض مطلق‪5‬ا كم‪5‬ا ه‪5‬و الح‪5‬ال‬
‫في إلغاء تجريم بعض أفعال الزنا في‪  ‬الدول األوربية واملسلمة والتي تعتبر هذا الفعل حدا من حدود هللا وجب عدم االستهزاء به‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬أوجه التشابه واإلختالف بين الحد من التجريم والحد من العقاب‬

‫أوال‪:‬تمييز الحد من التجريم عن الحد من العقاب‬

‫‪ ‬يرتبط نزع التجريم بالفعل بغض النظر عن شخص‪5‬ية مرتكب‪5‬ه ك‪5‬ذلك الح‪5‬د من العق‪5‬اب يرتب‪5‬ط بالعقوب‪5‬ة فق‪5‬ط‪ ‬فيتش‪5‬ابهان في اآلث‪5‬ار‬
‫الناجم ‪55‬ة عن ك ‪55‬ل منهم ‪55‬ا ف ‪55‬نزع التج ‪55‬ريم مت ‪55‬ل الح ‪55‬د من العق ‪55‬اب‪ ،‬اليع ‪55‬ني دائم ‪55‬ا تج ‪55‬رد الفع ‪55‬ل من لالمش ‪55‬روعية فق ‪55‬د يخ ‪55‬رج من دائ ‪55‬رة‬
‫الق‪55‬انون الجن‪5‬ائي إال أن‪55‬ه يبقى خاض‪5‬عا لق‪55‬انون آخ‪55‬ر غ‪55‬ير جن‪5‬ائي‪،‬كم‪5‬ا يش‪55‬تركان أيض‪5‬ا في أس‪55‬باب وج‪5‬ود ك‪55‬ل منه‪55‬ا وه‪5‬و ع‪55‬دم‪  ‬اإلس‪5‬راف في‬
‫إستخدام التجريم والتقليل من ظاهرة التضخم التشريعي الناتجة عن أزمة العدالة الجنائية‪.‬‬

‫أما نقاط اإلختالف بينهما فأولها أن نزع التج‪5‬ريم يتعل‪5‬ق بإلغ‪5‬اء الوج‪5‬ود الق‪5‬انوني للفع‪5‬ل ويتبع‪5‬ه رف‪5‬ع الج‪5‬زاء عن‪5‬ه فيش‪5‬مل ب‪5‬ذلك ك‪5‬ل‬
‫من التج‪5‬ريم والعق‪55‬اب بينم‪55‬ا الح‪5‬د م العق‪55‬اب يش‪5‬مل ج‪55‬انب العق‪5‬اب فق‪55‬ط إم‪55‬ا يخفف‪5‬ه أو يس‪5‬تبدله بج‪5‬زاء غ‪5‬ير جن‪55‬ائي م‪5‬ا يع‪55‬ني أن الح‪5‬د‬
‫من التج ‪55‬ريم أش ‪55‬مل من الح ‪55‬د من العق ‪55‬اب ف ‪55‬األول يض ‪55‬م الث ‪55‬اني ف ‪55‬إن ك ‪55‬انت غاي ‪55‬ة الح ‪55‬د من التج ‪55‬ريم ه ‪55‬و إخ ‪55‬راج الفع ‪55‬ل من دائ ‪55‬رة‬
‫التج‪55‬ريم الى‪ 5‬اإلباح‪55‬ة دون نفي خض‪55‬وعها لج‪55‬زاءات غ‪55‬ير جنائي‪55‬ة ف‪55‬إن الح‪55‬د من العق‪55‬اب ي‪55‬روم إس‪55‬تبعاد الج‪55‬زاءات املتعلق‪55‬ة بالعقوب‪55‬ات‬
‫السالبة للحرية لحساب أنظمة عقابية أخرى‪  .‬‬

‫ثانيا‪ :‬تمييز نزع التجريم عن أساب اإلباحة واإللغاء‬

‫ق ‪55‬د تق ‪55‬ترب سياس ‪55‬ة الح ‪55‬د من التج ‪55‬ريم أو من العق ‪55‬اب من بعض السياس ‪55‬ات الجنائي ‪55‬ة ال ‪55‬تي ينهجه ‪55‬ا املش ‪55‬رع مثل أس ‪55‬باب اإلباح ‪55‬ة أو‬
‫اإللغاء» مما يتعين بيان نقاط التمييز بينهما‪.‬‬

‫بشأن أسباب اإلباحة أو التبرير هي ح‪5‬االت خاص‪5‬ة تراف‪5‬ق ظ‪5‬روف معين‪5‬ة فع‪5‬ل إنس‪5‬ان مس‪5‬ؤول أم‪5‬ام الق‪5‬انون» لت‪5‬وافر أرك‪5‬ان الجرع‪5‬ة‬
‫في فعل‪55‬ه» فتع‪55‬ترض املس‪55‬ؤولية الجنائي‪55‬ة لتنفيه‪55‬ا نتيج‪55‬ة إخ‪55‬راج الفع‪55‬ل من نط‪55‬اق نص التج‪55‬ريم وتجعل‪55‬ه مباحا فهي أس‪55‬باب موض‪55‬وعية‬
‫أو واقعي‪55‬ة كائن‪55‬ة في الفع‪55‬ل ذات‪55‬ه خ‪55‬ارج ش‪55‬خص الفاع‪55‬ل» وال تتوق‪55‬ف على حالت‪55‬ه النفس‪55‬ية‪ .‬مم‪55‬ا ي‪55‬ترتب على ذل‪55‬ك أن من ارتكب الفع‪55‬ل‬
‫الج‪55‬رمي» ومن س‪55‬اهم مع‪55‬ه» ال يلحق‪55‬ه العق‪55‬اب؛ ألن الفع‪55‬ل ذات‪55‬ه يب‪55‬اح في الظ‪55‬روف التيحص‪55‬ل فيه‪55‬اء فال يع‪55‬د إذن جرم‪55‬ةة‪ .‬وال‪55‬بين من‬
‫توض‪55 5‬يح مع‪55 5‬نى أس‪55 5‬باب اإلباح‪55 5‬ة أو الت‪55 5‬برير أنم‪55 5‬ا تختل‪55 5‬ف عن الح‪55 5‬د من التجيم أو من العق‪55 5‬اب‪ .‬إذ تعد األس‪55 5‬باب األولى ذات طبيع‪55 5‬ة‬
‫مزدوج ‪55‬ة؛‪ 5‬فهي من جه ‪55‬ة أس ‪55‬باب موض ‪55‬وعية تتعل ‪55‬ق بح ‪55‬االت نص عليه ‪55‬ا املش‪5 5‬رع في الفصل‪ 124‬من ق ج كحال ‪55‬ة الض ‪55‬رورة أو حال ‪55‬ة‬
‫‪5‬انون أو أم ‪55‬ر ص ‪55‬ادر عن الس ‪55‬لطة الش ‪55‬رعية‪ .‬ومن جه ‪55‬ة أخ ‪55‬رى هي أس ‪55‬باب‬
‫ال ‪55‬دفاع الش ‪55‬راع أو حال ‪55‬ة اإلك ‪55‬راه أو ك ‪55‬ان هن ‪55‬اك واجب‪ 5‬ق ‪ٍ 5‬‬
‫شخص‪55‬ية تتعل‪55‬ق بمن وج‪55‬د في تل‪55‬ك الظ‪5‬روف ليض‪55‬في على فعل‪55‬ه غ‪5‬ير املش‪5‬روع الص‪55‬فة الش‪5‬رعية فيص‪5‬بح مباح‪5‬ا‪ 5.‬أم‪5‬ا الح‪55‬د من التج‪5‬ريم‬
‫أو من العق‪55‬اب فه‪55‬و ذو طبيع‪55‬ة موض‪55‬وعية مطلق‪55‬ة وال يختلط ب‪55‬اي عناص‪55‬ر شخص‪55‬ية؛ إذ تتحكم ظ‪55‬روف واعتب‪55‬ارات تمليه‪55‬ا املص‪55‬لحة‬
‫مح‪55‬ل الحماي‪55‬ة؛ ومق‪55‬دار الض‪55‬رر أو التهدي‪55‬د للمص‪55‬الح ال‪55‬تي يراه‪55‬ا املش‪55‬رع ج‪55‬ديرة بالحماي‪55‬ة"‪ .‬ك‪55‬ذلك أن مص‪55‬در أس‪55‬باب اإلباح‪55‬ة يك‪55‬ون‬
‫كأصل عام هو النص الجن‪5‬ائي املكت‪5‬وب» لكن اس‪5‬تثناء ق‪5‬د يك‪5‬ون ه‪5‬ذا املص‪5‬در ه‪5‬و الع‪5‬رف مث‪5‬ل م‪5‬ا يتعل‪5‬ق بح‪5‬ق الت‪5‬أديب املح‪5‬ول لآلب‪5‬اء‬
‫على أبن‪55‬ائهم؛ أو ح‪55‬ق ممارسة األلع‪55‬اب الرياض‪55‬ية؛ واالعت‪55‬داد‪ 5‬اس‪55‬تثناء برض‪55‬اء الض‪55‬حية‪ ...‬في حين يك‪55‬ون مص‪55‬در الح‪55‬د من التج‪55‬ريم أو‬
‫العقاب هي النصوص‪.‬‬

‫وبش ‪55‬أن اإللغ ‪55‬اء فيتعل ‪55‬ق بح ‪55‬ذف املش ‪55‬رع لقاع ‪55‬دة الجنائي ‪55‬ة من وجوده ‪55‬ا الق ‪55‬انوني؛ وتك ‪55‬ون أس ‪55‬باب ذل ‪55‬ك مثال تعارض ‪55‬ها م ‪55‬ع قاع ‪55‬دة‬
‫دس ‪55‬تورية‪ .‬أم ‪55‬ا األس ‪55‬باب املتعلق ‪55‬ة بالح ‪55‬د من التج ‪55‬ريم أو العق ‪55‬اب فتك ‪55‬ون موض ‪55‬وعية ترتب ‪55‬ط باملص ‪55‬لحة ال ‪55‬تي يس ‪55‬عى إليه ‪55‬ا املش ‪55‬رع في‬
‫سياس‪55‬ته الجنائي‪55‬ة تحقيق‪55‬ا ملص‪55‬الح متع‪55‬ددة س‪55‬واء قانوني‪55‬ة أو اقتص‪55‬ادية‪ 5‬أو اجتماعي‪5‬ة‪ 5‬كم‪55‬ا تق‪55‬دم‪ .‬وي‪55‬ترتب عن ه‪55‬ذا التمي‪55‬يز أن اإللغ‪55‬اء‬
‫يرج ‪55‬ع للقض ‪55‬اء بتقري ‪55‬ر ع ‪55‬دم دس ‪55‬تورية النص الجن ‪55‬ائي؛ فه ‪55‬و ال ‪55‬ذي يمل ‪55‬ك ه ‪55‬ذه الص ‪55‬الحية أي رقابة م ‪55‬دى مش ‪55‬روعية النص وع ‪55‬دم‬
‫مخالفته ملقتضيات الدس‪5‬تور‪ .‬بينم‪5‬ا الح‪5‬د من التجيم أو من العق‪5‬اب فيتوق‪5‬ف على موقف املش‪5‬رع في سياس‪5‬ته ال‪5‬تي ينهجه‪5‬ا وتحقيق‪5‬ا‬
‫للغايات التي يررمها‪.‬‬

‫يتشابه الحد من التجريم والعقاب مع اإللغاء لحد م‪5‬ا ألن كلهم‪5‬ا ي‪5‬در عن املش‪5‬رع وكالهم‪5‬ا ي‪5‬ؤدي إللغ‪5‬اء الص‪5‬فة الجرمي‪5‬ة عن الفع‪5‬ل‬
‫فاإللغاء هو إنهاء سريان القاعدة القانونية وتجريدها من قوتها اإللزامية ‪ ٠‬والحد من التجريم والعقاب كذلك وضع حد لس‪55‬ريان‬
‫قاع‪55 5‬دة قانوني‪55 5‬ة م‪55 5‬ا تتعل‪55 5‬ق بتج ‪55‬ريم س ‪55‬لوك معين والعق‪55 5‬اب علي‪55 5‬ه جنائي‪55 5‬ا رغم ذل‪55 5‬ك إال أن الف ‪55‬رق بينهم‪55 5‬ا موج‪55 5‬ود ويؤك‪55 5‬د الطبيع‪55 5‬ة‬
‫املوض‪55‬وعية للح‪55‬د من التج‪55‬ريم والعق‪55‬اب حيث أن اإللغ‪55‬اء س‪55‬بيه ق‪55‬د يك‪55‬ون التع‪55‬ارض م‪55‬ع النص الدس‪55‬توري أو ال‪55‬زوال بس‪55‬بب وج‪55‬ود‬
‫نص ق‪55‬انوني أخ‪55‬ر ‪ .‬تحكم اإللغ‪55‬اء قاع‪55‬دة ت‪55‬وازي األش‪55‬كال أي من ل‪55‬ه س‪55‬لطة الوض‪55‬ع ل‪55‬ه س‪55‬لطة اإللغ‪55‬اء ‪.‬بينم‪55‬ا أس‪55‬باب وج‪55‬ود الح‪55‬د من‬
‫التجريم والعقاب هي مختلفة وذات بعد عاملي ودولي‪ 5‬تكمن أساسا في محاولة تجنب املس‪5‬اوئ ال‪5‬تي خلفته‪5‬ا ك‪5‬ثرة النص‪55‬وص القانوني‪55‬ة‬
‫الجنائي ‪55‬ة املتض ‪55‬منة التج ‪55‬ريم والعق ‪55‬اب وتج ‪55‬اوز األض ‪55‬رار ال ‪55‬تي أح ‪55‬دثتها العقوب ‪55‬ات الجنائي ‪55‬ة بم ‪55‬ا فه ‪55‬ا العقوب ‪55‬ات الس ‪55‬البة للحري ‪55‬ة على‬
‫الصعيد النفسي واالجتماعي‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬ضوابط نزع التجريم واآلثار املترتبة عنه‪ ‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬مبررات نزع التجريم‬
‫لك‪55‬ل من الح‪55‬د من التج‪55‬ريم والح‪55‬د من العق‪55‬اب م‪55‬يررات وأس‪55‬باب وراء وجودهم‪55‬ا ترتبط أساس‪55‬ا بك‪55‬ل من ش‪55‬ق التج‪55‬ريم وش‪55‬ق العق‪55‬اب‬
‫يمكن إبرازها كالتالي‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬كثرة التصوص القانونية‪.‬‬

‫قب‪55‬ل وج‪55‬ود فك‪55‬رة الح‪55‬د من التج‪55‬ريم وج‪55‬د فق‪55‬ط التج‪55‬ريم ‪.‬أي إدراج ك‪55‬ل فع‪55‬ل مخ‪55‬الف للنظ‪55‬ام االجتم‪55‬اعي في نص ق‪55‬انوني والعق‪55‬اب‬
‫علي ‪55‬ه م ‪55‬ا أدى بالنهاي ‪55‬ة إلى ك ‪55‬ثرة النص ‪55‬وص القانوني ‪55‬ة الجنائي ‪55‬ة وبالت ‪55‬الي ظه ‪55‬ور م ‪55‬ا يع ‪55‬رف بالتض ‪55‬خم التش ‪55‬ريعي وه ‪55‬و تف ‪55‬اقم القواعد‬
‫القانوني‪55‬ة الجنائي‪55‬ة بص‪55‬ورة ت‪55‬وحي بع‪55‬دم الق‪55‬درة على التحكم فه‪55‬ا من قب‪55‬ل املتخصص‪55‬ين وع‪55‬دم الق‪55‬درة على معرف‪55‬ة جميعه‪55‬ا من قب‪55‬ل‬
‫األف‪55 5‬راد الع‪55 5‬اديين‪ 5‬ألن ك‪55 5‬ثرة النتص‪55 5‬وص القانوني‪55 5‬ة ال‪55 5‬تي تض‪55 5‬منها ق‪55 5‬انون العقوب‪55 5‬ات في التش‪55 5‬ريع الجزائ‪55 5‬ري أدت لتفرعه‪55 5‬ا لنص‪55 5‬وص‬
‫قانوني‪55 5‬ة خاص‪55 5‬ة تبع‪55 5‬ا لتع‪55 5‬دد وتن‪55 5‬وع املج‪55 5‬االت وب‪55 5‬ذلك ظه‪55 5‬ور العدي‪55 5‬د من الق‪55 5‬وانين املكملة لق‪55 5‬انون العقوب‪55 5‬ات ‪.‬فظ‪55 5‬اهرة التض‪55 5‬خم‬
‫التش ‪55‬ريعي نتجت عن إف‪55‬راط املش‪55‬رع في اس ‪55‬تخدام الس ‪55‬الح العق‪55‬ابي معتق ‪55‬دا ب‪55‬أن الق‪55‬انون الجن‪55‬ائي بش ‪55‬قيه التج‪55‬ريم والعق ‪55‬اب الح ‪55‬ل‬
‫األمثل في مواجه ‪55‬ة الج ‪55‬رائم والتص ‪55‬دي ملرتكببه ‪55‬ا ألن الفع ‪55‬ل اإلج ‪55‬رامي بمفهوم ‪55‬ه التقلي ‪55‬دي هو مش ‪55‬كلة قانوني ‪55‬ة وليس اجتماعي ‪55‬ة م ‪55‬ا‬
‫يعني وجوب مواجهتها قانونيا بالتجريم والعقاب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التقلي ‪55‬دي‪ .‬كم ‪55‬ا ي ‪55‬ؤدي التض ‪55‬خم التش ‪55‬ريعي إلى اإلخالل بمب ‪55‬دا العلم بالق ‪55‬انون وض ‪55‬رب مص ‪55‬داقية مب ‪55‬دا ع ‪55‬دم ج ‪55‬واز االعت ‪55‬ذار بجه ‪55‬ل‬
‫ً‬
‫القانون ألن كثرة النصوص القانونية ‪ ٠‬تفرعها وتبعثره‪5‬ا بين العدي‪5‬د من الق‪5‬وانين العام‪5‬ة والخاص‪5‬ة يتع‪5‬ارض م‪5‬ع ه‪5‬ذا املب‪5‬دا وتق‪5‬ف‬
‫حاجزا أمام علم األفراد بها بل أكثر من ذلك توقع العلم بجميعها هو تكليف للناس فوق طاقتهم وقدراتهم‪. 5‬‬

‫ثانيا ‪:‬سلبيات العقويات السالبة للحرية‪.‬‬

‫العقوب‪55‬ات املعروف‪55‬ة بش‪55‬كل رئيسي في الق‪55‬انون الجن‪55‬ائي هي العقوب‪55‬ات الس‪55‬البة للحرية وبتع‪55‬دد الج‪55‬رائم وك‪55‬ثرة النص‪55‬وص القانوني‪55‬ة‬
‫تف‪55‬اقم ع‪55‬دد العقوب‪55‬ات الس‪55‬البة للحرية وأص‪55‬بح لك‪55‬ل فع‪55‬ل س‪55‬واء بس‪55‬يط أو جس‪55‬يم عقوب‪55‬ة س‪55‬البة للحري‪55‬ة ‪ .‬وانتش‪55‬رت بص‪55‬فة كب‪55‬يرة‬
‫العقوبات السالبة للحرية قصيرة املدة ما نتج عنها أضرار مس‪5‬ت املحك‪5‬وم عليه واملجتم‪5‬ع ش‪5‬ملت أض‪5‬رار اجتماعي‪5‬ة‪. 5‬مالي‪5‬ة ‪.‬ونفس‪5‬ية‬
‫حيث اتض‪55‬ح أن إص‪5‬الح املحك‪5‬وم علي‪55‬ه داخ‪55‬ل املؤسس‪5‬ة العقابي‪55‬ة أم‪5‬ر يستص‪55‬عب تحقيق‪5‬ه ألن عزل‪5‬ه عن مجتمعه وإدماج‪5‬ه‪ 5‬في مجتم‪5‬ع‬
‫يعم ب ‪55‬املجرمين يفق ‪55‬ده طبيعت ‪55‬ه االجتماعي ‪55‬ة وبش ‪55‬عره بالوح ‪55‬دة والعزل ‪55‬ة وب ‪55‬ذلك ين ‪55‬دمج أك ‪55‬ثر م ‪55‬ع ع ‪55‬الم اإلج ‪55‬رام ويكتس‪5 5‬ب‪ 5‬خ ‪55‬برات‬
‫إجرامي‪55‬ة جدي‪55‬دة من ب‪55‬اقي املحك‪55‬وم علهم ‪.‬م‪55‬ا يع‪55‬ني تح‪55‬ول العقوب‪55‬ة الجنائي‪55‬ة من ردعي‪55‬ة إلى س‪55‬لبية ألنه‪55‬ا تلقن املحك‪55‬وم علي‪55‬ه خ‪55‬برات‬
‫إجرامية‪ 5‬جديدة داخل وسط يعم بجميع أنواع املجرمين من بسيط إلى‪ 5‬خطير‪.‬‬
‫وبالت‪55‬الي أدت العقوب‪55‬ات الس‪55‬البة للحري‪55‬ة الس‪55‬يما قص‪55‬يرة املدة إلى فش‪55‬ل النظ‪55‬ام العق‪55‬ابي التقلي‪55‬دي عن تحقي‪55‬ق أغراض‪55‬ه الس‪55‬يما م‪55‬ا‬
‫تعل ‪55‬ق منه ‪55‬ا ب ‪55‬الردع الع ‪55‬ام والخ ‪55‬اص ألنه ‪55‬ا لم تخفض من مع ‪55‬دل الج ‪55‬رائم ب ‪55‬ل أثبتت الدراس ‪55‬ات العكس من ذل ‪55‬ك أي تزاي ‪55‬د انتش ‪55‬ارها‬
‫‪.‬وتن‪55‬وع أش‪55‬كالها ‪ .‬وبالت‪55‬الي أس‪55‬باب ظه‪55‬ور الح‪55‬د من العق‪55‬اب تنحص‪55‬ر بش‪55‬كل أس‪55‬امي في اآلث‪55‬ار الس‪55‬لبية الناتج‪55‬ة عن العقوب‪55‬ات الس‪55‬البة‬
‫للحرية السيما قصيرة املدة ‪.‬وفي‪ 5‬فشل النظام العقابي التقليدي عن تحقيق أغراضه فظهور الحد من العقاب يستهدف‬

‫تجنب ه‪5‬ذه اآلث‪5‬ار عن طري‪5‬ق ظه‪5‬ور م‪5‬ا يع‪5‬رف بب‪5‬دائل العق‪5‬اب كالعقوب‪5‬ة موقوف‪5‬ة النف‪5‬اذ ‪.‬والعم‪5‬ل للنف‪5‬ع الع‪5‬ام ‪.‬واإلف‪5‬راج املش‪5‬روط ‪.‬‬
‫ولعل‬

‫ذل ‪55‬ك م ‪55‬ا جع ‪55‬ل البعض ين ‪55‬ادي بوج ‪55‬ود عدال ‪55‬ة تفاوض ‪55‬ية إص ‪55‬الحية الس ‪55‬يما في الج ‪55‬رائم القليل ‪55‬ة الخط ‪55‬ورة لتجنب أض ‪55‬رار العقوب ‪55‬ات‬
‫الس‪55‬البة للحري‪55‬ة واإلحالل محله‪55‬ا عقوب‪55‬ات رض‪55‬ائية وه‪55‬و ما نتهج‪55‬ه م‪55‬ؤخرا املش‪55‬رع الجزائ‪55‬ري بنص‪55‬ه على إج‪55‬راء‪ 5‬الوس‪55‬اطة بم‪55‬وجب‬
‫املواد ‪ 37‬مك ‪55‬رر إلى ‪ 37‬مك ‪55‬رر ‪ 9‬من األم ‪55‬ر ‪ 02/ 15‬املع ‪55‬دل لق ‪55‬انون اإلج ‪55‬راءات الجزائي ‪55‬ة وك ‪55‬ذلك املش ‪55‬رع املغ ‪55‬ربي في ظ ‪55‬ل مش ‪55‬روع‬
‫ق ‪55‬انون الجن ‪55‬ائي ال ‪55‬ذي تض ‪55‬من أش ‪55‬كاال لب ‪55‬دائل العقوب ‪55‬ات الس ‪55‬البة للحري ‪55‬ة تمثلت في اإلختب ‪55‬ار القض ‪55‬ائي‪ ،‬الش ‪55‬غل من أج ‪55‬ل املنفع ‪55‬ة‬
‫العامة‪ ،‬الغرامة اليومية ونظام الحراسة اإللكترونية أو ما يعرف بالسوار اإللكتروني‪.‬‬

‫إن الت ‪55‬دخل الهائ ‪55‬ل للمش ‪55‬رع بنص ‪55‬وص التج ‪55‬ريم ال يرتب ‪55‬ط بمدون ‪55‬ة الق ‪55‬انون الجن ‪55‬ائي فحس ‪55‬ب‪ ,‬إنم ‪55‬ا م ‪55‬ل أيضا النص ‪55‬وص الجنائي ‪55‬ة‬
‫‪5‬انون واالقتص ‪55‬ادي‪ ,‬واالجتم ‪55‬اعي» وجعلت منه ‪55‬ا مس ‪55‬وغات ل ‪55‬نزع‬
‫الخاص ‪55‬ة؛ مم ‪55‬ا أب ‪55‬ان عن مش ‪55‬اكل ع ‪55‬دة أث ‪55‬رت على مس ‪55‬توى األمن الق ‪ٍ 5‬‬
‫التجريم‪.‬‬

‫بخصوص األمن القانوني» يظهر جليا من خالل تشتت النصوص واملقتضيات الجنائية في عدة قوانين خاصة» مث‪55‬ل مدون‪55‬ة الش‪55‬غل‬
‫أو مدون‪5‬ة التج‪5‬ارة» وق‪5‬انون املحام‪5‬اة» وق‪5‬انون الص‪5‬حافة‪ ...‬أو أحيان‪5‬ا في ظه‪5‬ائر تحي‪5‬ل على الق‪5‬انون الجن‪5‬ائي في بعض نصوص‪5‬ه؛ وه‪5‬ذا‬
‫م‪55‬ا ي‪55‬ؤدي إلى جع‪55‬ل النص‪55‬وص الجنائي‪55‬ة مبع‪55‬ثرة في ه‪55‬ذه الق‪55‬وانين الش يء ال‪55‬ذي يعرق‪55‬ل تتب‪55‬ع ه‪55‬ذه الق‪55‬وانين» ب‪55‬ل ويخل‪55‬ق عش‪55‬وائية في‬
‫وض ‪55 5‬ع النص ‪55 5‬وص إلى‪ 5‬درحة عص ‪55 5‬فها بحق ‪55 5‬وق األف ‪55 5‬راد وحري ‪55 5‬اتمم*‪ 5.‬ومن الط ‪55 5‬بيعي أن ي ‪55 5‬ؤثر ه ‪55 5‬ذا الوض ‪55 5‬ع على فض النزع ‪55 5‬ات بين‬
‫املتقاض ‪55‬ين بخل ‪55‬ق ارتب ‪55‬اك للقض ‪55‬اء في مواجه ‪55‬ة ه ‪55‬ذا الكم الهائ ‪55‬ل من النص ‪55‬وص القانوني ‪55‬ة املبع ‪55‬ثرة» وبالت ‪55‬الي اس ‪55‬تنزاف مجهودات ‪55‬ه في‬
‫مالحقة الجرائم الصغيرة والهامشية»؛ وصرفه عن االهتمام باإلجرام األكثر خطورة‪.‬‬

‫وبخص ‪55 5‬وص األمن االقتص ‪55 5‬ادي فق ‪55 5‬د ظه ‪55 5‬رت اتجاه ‪55 5‬ات رافض ‪5 5‬ة‪ 5‬للت ‪55 5‬دخل الجن ‪55 5‬ائي باعتب ‪55 5‬اره عائق ‪55 5‬ا للمب ‪55 5‬ادرة الفردي ‪55 5‬ةفي الج ‪55 5‬رائم‬
‫االقتصادية فيتيعن نمج سياس‪5‬ة تتالءم م‪5‬ع س‪5‬رعة وحركي‪5‬ة النش‪5‬اط االقتص‪5‬ادي؛ بحيث تحق‪5‬ق مالءم‪5‬ة‪ 5‬ناجع‪5‬ة وفعال‪5‬ة بين السياس‪5‬ة‬
‫العقابية والسياسية االقتصادية للدولة وذلك من خالل التقليل من مصاريف التوقيف والسجن‪.‬‬

‫وق‪55‬د اتج‪55‬ه املش‪55‬رع الجزائ‪55‬ري نح‪55‬و مش‪55‬روع تع‪55‬ديل ق‪55‬انون اإلج‪55‬راءات الجزائي‪55‬ة الس‪55‬يما في جانب‪55‬ه املتعل‪55‬ق برف‪55‬ع التج‪55‬ريم عن فع‪55‬ل‬
‫التس ‪55‬يير املتخ ‪55‬ذ خالل مجلس ال ‪55‬وزراء بع ‪55‬د الق ‪55‬رار ال ‪55‬ذي اتخذت ‪55‬ه الس ‪55‬لطات العمومي ‪55‬ة وعلى رأس ‪55‬هم رئيس الجمهوري ‪55‬ة حيت رأت‬
‫منظمة أرباب العمل للقطاع العمومي أن “ذلك من شانه تحفيز مشاركتهم بنجاعة اكبر في إدارة املهام املوكلة لهم”‪.‬‬

‫وي‪55‬رى االتح‪55‬اد الوط‪55‬ني للمق‪55‬اولين العموم‪55‬يين‪ 5‬أن ه‪55‬ذا الق‪55‬رار “سيس‪55‬اهم في تحف‪55‬يز املس‪55‬يرين في امله‪55‬ام ال‪55‬تي تس‪55‬ند إليهم وس‪55‬يترجم دون‬
‫شك بنجاعة اكبر للمؤسسة العمومية وسيؤدي إلى‪ 5‬تحقيق مردودية أفضل‪.‬‬

‫في نفس الس ‪55‬ياق أعلنت مح ‪55‬اكم دبي عن تط ‪55‬بيق التع ‪55‬ديالت الجدي ‪55‬دة على ق ‪55‬انون املع ‪55‬امالت التجاري ‪55‬ة بش ‪55‬أن إلغ ‪55‬اء تج ‪55‬ريم اص ‪55‬دار‬
‫الش‪55‬يك ب‪55‬دون رص‪55‬يد ال‪55‬وارد في ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات االتح‪55‬ادي‪ ،‬أن التع‪55‬ديالت الجدي‪55‬دة تمت من خالله‪55‬ا تض‪55‬ييق إط‪55‬ار تج‪55‬ريم الش‪55‬يك‬
‫ً‬
‫ب‪55‬دون رص‪55‬يد واقتص‪55‬اره‪ 5‬فق‪55‬ط على ح‪55‬االت ح‪55‬ددها املش‪55‬رع حص‪55‬را في ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات ومنه‪55‬ا‪ ،‬جريم‪55‬ة التحاي‪55‬ل في اص‪55‬دار الش‪55‬يك‪ ،‬او‬
‫وج‪5‬ود رص‪5‬يد في حس‪5‬اب الس‪5‬احب‪ 5‬عن‪5‬د اص‪5‬داره الش‪5‬يك وقيام‪5‬ه بس‪5‬حب الرص‪5‬يد‪ ،‬وذل‪5‬ك لض‪5‬مان تحقي‪5‬ق األه‪5‬داف املنش‪5‬ودة‪ 5‬من رف‪5‬ع‬
‫التج ‪55‬ريم واالستعاض ‪55‬ة عن ‪55‬ه ب ‪55‬إجراءات أس ‪55‬رع واس ‪55‬هل لحص ‪55‬ول املس ‪55‬تفيد من الش ‪55‬يك على حق ‪55‬ه‪ ،‬دون اللج ‪55‬وء إلى طري ‪55‬ق ال ‪55‬دعاوي‬
‫القضائية سواء الجزائية أو املدني‪5‬ة بكاف‪5‬ة درجاته‪5‬ا‪ ،‬وه‪5‬و م‪5‬ا س‪5‬يؤدي إلى زي‪5‬ادة الثق‪5‬ة بالش‪5‬يكات باعتباره‪5‬ا ورق‪5‬ة تجاري‪5‬ة ت‪5‬تيح الوف‪5‬اء‬
‫بقيمتها فورا‪.‬‬

‫ه‪55‬ذه الطبيع‪55‬ة الحساس‪55‬ة واملرن‪55‬ة ملج‪55‬ال االعم‪55‬ال فرض‪55‬ت التفك‪55‬ير في عقلن‪55‬ة ت‪55‬دخل املش‪55‬رع الجن‪55‬ائي في االقتص‪55‬اد وذل‪55‬ك من خالل نهج‬
‫سياس ‪55‬ة اطل ‪55‬ق عليه ‪55‬ا الفقه ‪55‬اء بسياس ‪55‬ة الالتج ‪55‬ريم ‪  La dépenalisation‬علم ‪55‬ا على ان الالتج ‪55‬ريم هن ‪55‬ا ال يع ‪55‬ني ع ‪55‬دم تط ‪55‬بيق الق ‪55‬انون‬
‫الجن‪55‬ائي في مي‪55‬دان االعم‪55‬ال وإنم‪55‬ا جع‪55‬ل ت‪55‬دخل املش‪55‬رع الجن‪55‬ائي محص‪55‬ور في الح‪55‬دود الض‪55‬رورية من اج‪55‬ل زج‪55‬ر االفع‪55‬ال ال‪55‬تي تش‪55‬كل‬
‫جرما حقيقيا من شانه املس بالنظام االقتصادي العام للمجتمع‪ ،‬فض‪5‬ال على أن معظم الج‪5‬رائم ال‪5‬تي نص عليه‪5‬ا املش‪5‬رع في الق‪5‬انون‬
‫الجنائي لألعمال هي جرائم ال تمس و ال تخ‪5‬دش الش‪5‬عور الع‪5‬ام‪ ،‬فجريم‪5‬ة الته‪5‬رب الض‪5‬ريبي أو تزيي‪5‬ف العالم‪5‬ة التجاري‪5‬ة‪ ،‬ال يمكن أن‬
‫تمس‪  ‬بش‪55‬عور األف‪55‬راد و يحس إتجاهه‪55‬ا الج‪55‬اني بت‪55‬أنيب الض‪55‬مير‪ 5‬عم‪55‬ا اقترف‪55‬ه‪ ،‬فهي ليس له‪55‬ا نفس الوق‪55‬ع في نف‪55‬وس األف‪55‬راد مقارن‪55‬ة م‪55‬ع‬
‫الجرائم األخرى التقليدية‬

‫وبخص‪55‬وص األمن االجتم‪55‬اعي فق‪55‬د أثبتت دراس‪55‬ة علم اإلج‪55‬رام ض‪55‬عف ت‪55‬أثير رد الفع‪55‬ل العق‪55‬ابي على الظ‪55‬اهرة اإلجرامي‪55‬ة» ليقتض ي‬
‫الوض‪55‬ع إيالء االهتم‪55‬ام ب‪55‬الفرد ال‪55‬ذي ارتكب الفع‪55‬ل اإلج‪55‬رامي؛‪ 5‬ألن العوام‪55‬ل اإلجرامي‪55‬ة توج‪55‬د خ‪55‬ارج الف‪55‬رد» وه‪55‬و م‪55‬ا ي‪55‬ؤدي إلى عج‪55‬ز‬
‫النظام العقابي مهما بني على عقوبات نموذجية أو رادعة أو معاملة إصالحية للجاني”‪.‬‬

‫وإلمكانية تجاوز تلك املشاكل الواقعية واملعبر عنها باملسوغات فرضت السياسة الجنائية التفكير في وسائل للح‪55‬د من اإلس‪55‬راف في‬
‫التجريم وفي آن واحد عدم إهدار أي مصلحة مرتبطة باملوضوع؛ سواء كانت مصلحة عامة أو مصلحة خاصة‪.‬‬

‫الفقرة التانية‪ :‬نطاق إعمال نزع التجريم واآلثار املترتبة عنه‬

‫ملناهض‪55‬ة العدي‪55‬د من االنحراف‪55‬ات نهجت العدي‪55‬د من التش‪55‬ريعات الجنائي‪55‬ة ومنه‪55‬ا التش‪55‬ريع الجن‪55‬ائي املغ‪55‬ربي سياسة جنائي‪55‬ة ت‪55‬روم إم‪55‬ا‬
‫الح‪55‬د من التج‪55‬ريم أو الح‪55‬د من العق‪55‬اب س‪55‬واء في نط‪55‬اق األعم‪55‬ال أو في غ‪55‬يره؛ وس‪55‬واء تم ذل‪55‬ك في نط‪55‬اق قواع‪55‬د الق‪55‬انون الجن‪55‬ائي أو في‬
‫نطاق القوانين الخاصة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نطاق إعمال‪ 5‬نزع التجريم‬

‫تب ‪55‬اينت اآلراء الفقهي ‪55‬ة ح ‪55‬ول تحدي ‪55‬د نط ‪55‬اق إعم ‪55‬ال الح ‪55‬د من التج ‪55‬ريم بين من ي ‪55‬رى بض ‪55‬رورة قص ‪55‬ره على قواع ‪55‬د الق ‪55‬انون الجن ‪55‬ائي‬
‫فحس‪55‬ب» وبين من ي‪55‬رى بش‪55‬موله إلى‪ 5‬ج‪55‬انب ذل‪55‬ك ليش‪55‬مل قواع‪55‬د الق‪55‬انون اإلداري والق‪55‬انون املدني؛ ففي إط‪55‬ار التوج‪55‬ه الض‪55‬يق للح‪55‬د‬
‫من التجريم باالرتكان فقط لقواعد القانون الجنائي فقط يرى‬

‫األس‪5‬تاذ (‪ )Leclercq,‬ب‪5‬أن الح‪5‬د من التج‪5‬ريم يف‪5‬ترض إلغ‪5‬اء التج‪5‬ريم» وي‪5‬ؤدي ه‪5‬ذا اإللغ‪5‬اء بالت‪5‬الي إلى إلغ‪5‬اء العقوب‪5‬ة» في حين أن الح‪5‬د‬
‫من العق‪55 5‬اب ال يتح‪55 5‬دد فق‪55 5‬ط بالح ‪55‬د من التج ‪55‬ريم» إنم‪55 5‬ا يش ‪55‬مل أيض‪55 5‬ا تخفي ‪55‬ف العق ‪55‬اب أو تع‪55 5‬ديل الج ‪55‬زاءات القابل ‪55‬ة للتط‪55 5‬بيق على‬
‫الح ‪55‬رائم ال ‪55‬تي لم يتم إلغ ‪55‬اء تجريمه ‪55‬ا'‪ .‬ومف ‪55‬اد ه ‪55‬ذا ال ‪55‬رأي أن الح ‪55‬د من العق ‪55‬اب بمعن ‪55‬اه الع ‪55‬ام إلغ ‪55‬اء للعقوب ‪55‬ة» وبالت ‪55‬الي رف ‪55‬ع الص ‪55‬فة‬
‫الجرمية عن الفعل‪.‬‬

‫وترى اللجنة األوروبية بأن الح‪5‬د من التج‪5‬ريم في نط‪5‬اق الق‪5‬انون الجن‪5‬ائي ق‪5‬د يك‪5‬ون ح‪5‬دا قانوني‪5‬ا أو فعلي‪5‬ا‪ .‬في ص‪5‬ورته األولى تتمث‪5‬ل في‬
‫ت‪55 5‬دخل تش‪55 5‬ريعي بف‪55 5‬رض ج‪55 5‬زاءات على بعض األفع‪55 5‬ال يجعل‪55 5‬ه معترف‪55 5‬ا ب‪55 5‬ه قانون‪55 5‬ا واجتماعيا مث‪55 5‬ل م‪55 5‬ا ح‪55 5‬دث في جرم‪55 5‬ة اإلجه‪55 5‬اض؛‬
‫واالنح‪5‬راف الجنسي بين الب‪55‬الغين» بينم‪55‬ا الح‪5‬د من التج‪5‬رم الفعلي فيتعل‪55‬ق ب‪55‬التخفيض الت‪55‬دريجي ل‪5‬رد فع‪55‬ل نظ‪55‬ام العدال‪55‬ة الجنائي‪5‬ة في‬
‫ً‬
‫مواجه ‪5‬ة‪ 5‬بعض األفع ‪55‬ال دون أن يط ‪55‬را أي تغي ‪55‬ير على االختص ‪55‬اص األص ‪55‬لي للقواع ‪55‬د الجنائي ‪55‬ة مث ‪55‬ل الج ‪55‬رائم االقتص ‪55‬ادية والتش ‪55‬رد؛‬
‫وحمل السالح بدون ترخيص والحرائم املتعلقة بقواعد السير في حين الحد من العقاب فيتعل‪5‬ق بك‪5‬ل تخفيض للعق‪5‬اب في الج‪5‬رائم‬
‫باللجوء مثال إلى تجنيح عدة جنايات أو تخفيض عقوبة الجنح إلى مخالفات‪ .‬أو انتقاء القاضي للغرامة ع‪5‬وض العقوب‪55‬ة؛ أو الوض‪55‬ع‬
‫تحت املراقبة القضائية‪.‬‬
‫وفي إط‪55‬ار االتج‪55‬اه املوس‪55‬ع لنط‪55‬اق الح‪55‬د من التج‪55‬ريم يتج‪55‬ه رأي في الفق‪55‬ه* إلى أن ال يقتص‪55‬ر على الق‪55‬انون الجن‪55‬ائي إنم‪55‬ا يمت‪55‬د لكاف‪55‬ة‬
‫الق‪55‬وانين املتض‪55‬منة للنص‪55‬وص الجنائي‪55‬ة بإلغائه‪55‬ا أو الح‪55‬د من تجرمها وه‪55‬ذا الح‪55‬د يش‪55‬مل العق‪55‬اب بتخفيض‪55‬ه وذل‪55‬ك ب‪55‬النزول من حال‪55‬ة‬
‫الجناي‪55‬ة إلى الجنح‪55‬ة أو من الجنح‪55‬ة للمخالف‪55‬ة»؛ أو تقري‪55‬ر نظ‪55‬ام عق‪55‬ابي آخ‪55‬ر ق‪55‬د يك‪55‬ون الق‪55‬انون املدني أو اإلداري أو التوفي‪55‬ق بينهما‬
‫أما تلك الحاالت التي يعطي فيها املشرع للقاضي إمكانية أن يخفض العقوبة عن الحد األدن املقرر لها قانونا أو اإلس‪5‬تعانة بب‪55‬دائل‬
‫أخرى غير العقوبة ال تعد حدا للعقاب باملعنى الدقيق؛ وإنما مجرد وسيلة لتخفيض العقوبة داخل النظام الجنائي‪.‬‬

‫ويظه‪55‬ر أن ه‪55‬ذا االتج‪55‬اه األخ‪55‬ير أس‪55‬لم في تفس‪55‬يره لنط‪55‬اق إعم‪55‬ال‪ 5‬الح‪55‬د من التج‪55‬ريم أو العق‪55‬اب» حيث ال ج‪55‬دوى من الق‪55‬انون الجن‪55‬ائي‬
‫وأس ‪55‬اليبه العقابي ‪55‬ة ملالحق ‪55‬ة بعض أن ‪55‬واع من األفع ‪55‬ال اإلجرامي ‪55‬ة؛ إنم ‪55‬ا يتعين إم ‪55‬ا اس ‪55‬تبعاد الفع ‪55‬ل الجن ‪55‬ائي من نط ‪55‬اق الح ‪55‬رائم» أو‬
‫تمكين‪ 5‬القاض ي من الخي‪55‬ار داخ ‪5‬ل‪ 5‬النص الجن‪55‬ائي بين أش‪55‬كال من العقوب‪55‬ات» أو اللج‪55‬وء إلى‪ 5‬ق‪55‬وانين أخ‪55‬رى لتقري‪55‬ر ج‪55‬زاءات‪ 5‬مناس‪55‬بة‬
‫للفعل مستمدة من القانون املدني أو اإلداري‪.‬‬

‫فبحكم تع‪55‬دد الس ‪55‬لوكات اإلجرامي‪55‬ة وتأثيره‪55‬ا على الوض‪55‬ع االقتص ‪55‬ادي واالجتم‪55‬اعي فق ‪55‬د ف ‪55‬رض األم‪55‬ر على املش‪55‬رع إح ‪55‬داث تغي ‪55‬ير في‬
‫مش‪55‬هد السياس‪55‬ة الجنائي‪55‬ة بإص‪55‬دار العدي‪55‬د من الق‪55‬وانين الخاص‪55‬ة إيمان‪55‬ا من‪55‬ه بض‪55‬رورة الح‪55‬د من التج‪55‬ريم ال‪55‬ذي يتخ‪55‬د ص‪5‬ورا متع‪55‬ددة‬
‫حسب ما تنهجه تشريعات الدول في سياستها الجنائية؛ وهذه الصور يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬الصورة األولى‪ :‬إلغاء التكييف الجنائي عن السلوك اإلجرامي‪ .‬وذلك بإلغاء النص املجرم من النظام القانوني وهو م‪5‬ا ي‪5‬ؤدي إلى‪5‬‬
‫اختف‪55‬اء الجريم‪55‬ة؛ وص‪55‬يرورة الفع‪55‬ل مباح‪55‬ا وال عق‪55‬اب علي‪55‬ه؛ أو أن يك‪55‬ون العف‪55‬و الع‪55‬ام أح‪55‬د أوج‪55‬ه الح‪55‬د من التج‪55‬ريم الق‪55‬انوني‪ .‬وتل‪55‬ك‬
‫أعلى درج‪55‬ات التح‪55‬ول عن ملج‪55‬ال الجن‪55‬ائي‪ .‬ب‪55‬ل يمث‪55‬ل االنعك‪55‬اس الص‪55‬ادق لتفاع‪55‬ل املش‪55‬رع م‪55‬ع القيمة الفعلي‪55‬ة للمص‪55‬لحة مح‪55‬ل الحماي‪55‬ة‬
‫في نظر املجتمع‪.‬‬

‫‪ -2‬الصورة الثانية‪ :‬تقليص نطاق التجريم بتعديل أركانه س‪5‬واء تعل‪5‬ق األم‪5‬ر ب‪5‬الركن املادي أو املعن‪5‬وي الجريم‪5‬ة وفي ه‪5‬ذه الحال‪5‬ة ال‬
‫تختفي الجريم‪55 5‬ة من النظ‪55 5‬ام الق‪55 5‬انوي» ب‪55 5‬ل ينحص‪5 5‬ر نط‪55 5‬اق التج‪55 5‬ريم في بعض األفع‪55 5‬ال املكون‪55 5‬ة لركنها املادي أو بعض ص‪55 5‬ور ركنه‪55 5‬ا‬
‫املعن ‪55‬وي‪ .‬مث ‪55‬ل تطلب عنص ‪55‬ر االعتي ‪55‬اد لقي ‪55‬ام ال ‪55‬ركن املادي للجريم ‪55‬ة؛ أو تطلب العمد في س ‪55‬لوك الج ‪55‬اني» واس ‪55‬تبعاد الص ‪55‬ورة غ ‪55‬ير‬
‫العمدية‪5.‬‬

‫ويظهر من الصورتين معا أن على السلطة التشريعية سلوك أح‪5‬د الط‪5‬ريقين يتمث‪5‬ل األول في إلغ‪5‬اء الفع‪5‬ل اإليج‪5‬ابي أو الس‪5‬لبي ال‪5‬ذي‬
‫تش‪55‬كل مخالفت‪55‬ه جرع‪55‬ة جنائي‪55‬ة دون إحالل إج‪55‬راء‪ 5‬آخ‪55‬ر محل‪55‬ه» وه‪55‬و م‪55‬ا يفي‪55‬د إض‪55‬فاء وص‪55‬ف املش‪55‬روعية القانوني‪55‬ة عن ذل‪55‬ك الفع‪55‬ل‬
‫الذي كان مجرما‪.‬‬

‫أم‪55 5‬ا الطري‪55 5‬ق الث ‪55‬اني فيتمث ‪55‬ل في إلغ‪55 5‬اء وص ‪55‬ف ع‪55 5‬دم املش ‪55‬روعية»؛ وإحالل مكان‪55 5‬ة ج‪55 5‬زاءات غ‪55 5‬ير جنائي ‪55‬ة مث ‪55‬ل املدني ‪55‬ة أو اإلداري‪55 5‬ة أو‬
‫التأديبي‪55‬ة أو املهني‪55‬ة ب‪55‬دال من‪55‬ه‪ .‬ومع‪55‬نى أدق بق‪55‬اء الفع‪55‬ل غ‪55‬ير املش‪55‬روع قانون‪55‬ا دون أن يس‪55‬توجب ج‪55‬زاء واللج‪55‬وء إلى ه‪55‬ذه الطريق‪55‬ة تنب‪55‬ع‬
‫من عدم جدوى التجريم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اآلثار املترتبة عن نزع التجريم‬

‫ب ‪55‬الرغم من اإليجابي ‪55‬ات ال ‪55‬تي حمله ‪55‬ا ن ‪55‬زع التج ‪55‬ريم إال أنه لم يس ‪55‬لم من االنتق ‪55‬اد فيبقى في نظ ‪55‬ر البعض أن الق ‪55‬انون الجن ‪55‬ائي بش ‪55‬قيه‬
‫املتمثلين في‬

‫كل من التجريم والعقاب التقليديين هو األصح واألنسب ملواجهة‪ 5‬املخالفين للقانون وتتمثل هذه اآلثار فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ :1‬املساس باستقرار املجتمع‬

‫أول انتقاد وجه لسياسة الحد من التجريم هو ارتفاع معدل األفعال والسلوكات التي ال يطالها التجريم خصوصا وإن كان الفع‪55‬ل‬
‫ال‪55‬ذي تم إباحت‪55‬ه محال لالزدراء‪ 5‬االجتم‪55‬اعي ف‪55‬إخراج األفع‪55‬ال من دائ‪55‬رة التج‪55‬ريم يمس بنظ‪55‬ام املجتم‪55‬ع وانتظ‪55‬ام األف‪55‬راد أي أن األف‪55‬راد‬
‫تع ‪55‬ودوا على مجموع ‪55‬ة األفع ‪55‬ال املجرم ‪55‬ة املتعين علهم ع ‪55‬دم إتيانه ‪55‬ا أو في الحالة العكس ‪55‬ية‪ 5‬ال ‪55‬واجب‪ 5‬علهم فعله ‪55‬ا إذا م ‪55‬ا تتعل ‪55‬ق األم ‪55‬ر‬
‫بجرائم االمتناع‪ .‬ثم إباحة هذه األفعال فجأة هو خلق الضطراب اجتماعي وزعزعة للنظام ككل ‪.‬لكنن‪5‬ا نق‪5‬ول ب‪5‬أن األفع‪5‬ال ال‪55‬تي يتم‬
‫إخراجه ‪5‬ا‪ 5‬من دائ‪55‬رة التج‪55‬ريم هي أفع‪55‬ال بس‪55‬يطة إم‪55‬ا يتم إخض‪55‬اعها‪ 5‬لق‪55‬انون آخ‪55‬ر س‪55‬واء م‪55‬دني كلم‪55‬ا تعلقت ب‪55‬التعويض أو إداري كلم‪55‬ا‬
‫ك‪55‬انت ج‪55‬زاء جن‪55‬ائي إداري ‪.‬وإم‪5‬ا‪ 5‬يتم إخراجه‪55‬ا من دائ‪55‬رة الال مش‪55‬روعية كلي‪55‬ا فتص‪55‬يح فعال مباح‪55‬ا وذلك حس‪55‬ب الفع‪55‬ل ورؤي‪55‬ة املجتم‪55‬ع‬
‫له ‪.‬‬

‫‪ : 2‬زعزعة ثقة األفراد في القانون‪.‬‬

‫وفي‪ 5‬انتقاد آخر للحد من التجريم هو أن إباحة‪ 5‬الفعل بعدما كان مجرما يضعف الثق‪5‬ة في‪5‬ه وك‪5‬أن تجريم‪5‬ه س‪5‬ابقا لم يكن قائم‪5‬ا على‬
‫مبررات كافية وكأن املشرع يجرم متى يحلو له وبحل متى يشاء‪ .‬إال أن ه‪5‬ذا االنتق‪5‬اد يس‪5‬تبعد التط‪5‬ورات االجتماعي‪5‬ة ومن‪5‬ه م‪5‬ا يص‪5‬لح‬
‫في زمن م ‪55‬ا ال يص ‪55‬لح في زمن آخ ‪55‬ر فق ‪55‬د يك ‪55‬ون الفع ‪55‬ل الواحد بع ‪55‬دما ك ‪55‬ان مجرم ‪55‬ا حس ‪55‬ب متطلب ‪55‬ات املجتم ‪55‬ع يص ‪55‬بح مباح ‪55‬ا حس ‪55‬ب م ‪55‬ا‬
‫تقتض ‪55‬يه املص ‪55‬لحة العام ‪55‬ة ‪.‬وبالت ‪55‬الي ه ‪55‬ذه املبررات ك ‪55‬انت كافي ‪55‬ة وقت تجريم ‪55‬ه إال أنه ‪55‬ا لم تع ‪55‬د ك ‪55‬ذلك وقت إباحت ‪55‬ه بس ‪55‬بب التط ‪55‬ورات‬
‫االجتماعية‪ 5‬ألن اإلبقاء على تجريمه دون الحاجة لذلك ال يرتب إال تضخما في النصوص القانونية‪.‬‬

‫‪:3‬عدم مراعاة حقوق الضحايا‬

‫كم ‪55‬ا انتق ‪55‬د الح ‪55‬د من التج ‪55‬ريم على أس ‪55‬اس أن ‪55‬ه ال ي ‪55‬راعي حق ‪55‬وق الض ‪55‬حايا ألن إلغ ‪55‬اء أفع ‪55‬ال بع ‪55‬دما ك ‪55‬انت مجرم ‪55‬ة ي ‪55‬ؤدي للع ‪55‬ودة إلى‬
‫العدالة الخاصة" ‪.‬ويثار الضحية للحصول على حقه ألن عدم معاقبة من كان وراء إحداثه الضرر ه‪5‬و في ح‪55‬د ذاته إجح‪55‬اف ‪.‬إال أن‬
‫الرد على هذا االنتقاد يتمثل في موضوع الحد من التجريم ذاته وهو أن الفعل الذي خرج من دائرة قانون العقوب‪5‬ات ق‪5‬د يك‪5‬ون في‬
‫دائرة قانون آخر مثل‬

‫القانون املدني ‪.‬وفي هذا األخير يحصل الضحية على حقه ليس على أساس فعل إجرامي وإنما على أساس الضرر ‪.‬‬

‫‪ :4‬املساس بذاتية القانون‬

‫بالنس ‪55‬بة للح ‪55‬د من العق ‪55‬اب فاالنتق ‪55‬اد املوج ‪55‬ه ل ‪55‬ه على أس ‪55‬اس أن العق ‪55‬اب الجن ‪55‬ائي هو أس ‪55‬اس الق ‪55‬انون الجن ‪55‬ائي والح ‪55‬د من ‪55‬ه ه ‪55‬و ح ‪55‬د‬
‫للقانون في ذاته ‪.‬كما أنه يضعف من قيمة القانون وهيب‪5‬ة األف‪5‬راد من‪5‬ه وبالت‪5‬الي القض‪5‬اء على كي‪5‬ان الق‪5‬انون الجن‪5‬ائي ‪.‬كم‪5‬ا أن العق‪5‬اب‬
‫ه‪5‬و م‪5‬ا يم‪5‬يز الق‪5‬انون الجن‪5‬ائي عن ب‪5‬اقي ف‪5‬روع الق‪55‬انون األخ‪55‬رى وإلغ‪55‬اؤه ه‪5‬و إلغ‪55‬اء له‪55‬ذا التمي‪55‬يز ‪.‬إال أن ال‪5‬رد على ه‪55‬ذا االنتق‪55‬اد يكمن في‬
‫أن الح ‪55‬د من العق ‪55‬اب ليس إلغ ‪55‬اء كلي للعقوب ‪55‬ات الجنائي ‪55‬ة إنم ‪55‬ا ه ‪55‬و تخفي ‪55‬ف من ح ‪55‬دتها وإدراج‪ 5‬ب ‪55‬دائل عقابي ‪55‬ة جدي ‪55‬دة مع املحافظ ‪55‬ة‬
‫دائم‪55‬ا على الط‪55‬ابع الجن‪55‬ائي للج‪55‬زاء وه‪55‬و ال ينقص من هيب‪55‬ة األف‪55‬راد إنم‪55‬ا يع‪55‬زز ثقتهم في مرف‪55‬ق العدال‪55‬ة‪ 5.‬ف‪55‬إن ك‪55‬انت بعض التش‪55‬ريعات‬
‫ألغت بعض األفعال من نطاق القانون الجنائي فألن تلك األفعال لم تعد بالخطورة التي كانت عليها سابقا‪.‬‬

‫وفي‪ 5‬ه ‪55‬ذا اإلط ‪55‬ار وأم ‪55‬ام س ‪55‬حب الحكوم ‪5‬ة‪ 5‬املغربي ‪55‬ة ملش ‪55‬روع الق ‪55‬انون املتعل ‪55‬ق بتتميم وتغي ‪55‬ير مجموع ‪55‬ة الق ‪55‬انون الجن ‪55‬ائي من مجلس‬
‫الن‪55‬واب‪ ،‬ع‪55‬اد الج‪55‬دل ب‪55‬املغرب ح‪55‬ول املطالبة بإلغ‪55‬اء بعض الفص‪55‬ول ال‪55‬تي تج‪55‬رم أفع‪55‬اال ت‪55‬رى بعض الحرك‪55‬ات الحقوقي‪55‬ة واالئتالف‪55‬ات‬
‫أنها تندرج في إطار الحريات الفردية‪ ،‬خاصة الفصل ‪ 490‬الذي يجرم العالقات الجنسية‪ 5‬الرضائية خارج إطار الزواج‪.‬‬

‫وط ‪55‬الب "ائتالف ‪ ،"490‬املع ‪55‬روف بحرك ‪55‬ة "خارج ‪55‬ة عن الق ‪55‬انون"‪ ،‬في رس ‪55‬الة مفتوح ‪55‬ة رفعه ‪55‬ا إلى وزي ‪55‬ر الع ‪55‬دل‪ ،‬عب ‪55‬د اللطي ‪55‬ف وه ‪55‬بي‪،‬‬
‫بإلغ‪55‬اء الفص‪55‬ل من مش‪55‬روع إص‪55‬الح الق‪55‬انون الجن‪55‬ائي‪ ،‬واص‪55‬فا إي‪55‬اه بـ"الفص‪55‬ل التمي‪55‬يزي"‪ .‬وبأن‪55‬ه يس‪55‬تغل لتص‪55‬فية حس‪55‬ابات ذاتي‪55‬ة ألن‪55‬ه‬
‫فص‪55‬ل غ‪55‬ير دقي‪55‬ق وقاب‪55‬ل للتأويل" مستحض‪55‬رة ك‪55‬ل النس‪55‬اء‪ 5‬ض‪55‬حايا االغتص‪55‬اب واالب‪55‬تزاز بنش‪55‬ر ص‪55‬ور إباحي‪55‬ة وك‪55‬ذلك ك‪55‬ل أن‪55‬واع العن‪55‬ف‬
‫الجنسي التي يصعب على الضحية أن تقدم شكوى حولها مخافة أن تتعرض لالعتقال بناء على الفصل ‪."490‬‬

‫كما كتر الجدل بين املطالبين بالسماح باملثلية الجنس‪5‬ية‪ 5‬عن طري‪5‬ق إلغ‪5‬اء الفص‪5‬ل ‪ 489‬من الق‪5‬انون الجن‪5‬ائي؛ وهي األص‪5‬وات املطالب‪5‬ة‬
‫بتوس‪55‬يع ب‪55‬ل وتق‪55‬ديس الحري‪55‬ات الفردي‪55‬ة وض‪55‬مان الحري‪55‬ة املطلق‪55‬ة لألش‪55‬خاص في تط‪55‬بيق أفك‪55‬ارهم ومعتق‪55‬داتهم بع‪55‬دما لقيت قب‪55‬وال من‬
‫طرف بعض املجتمعات الغربية‪.‬‬

‫أم‪55 5‬ا في ‪ ‬اإلم‪55 5‬ارات‪ ‬العربي‪55 5‬ة املتح‪55 5‬دة فب‪55 5‬اثت على بع‪55 5‬د ش‪55 5‬هر من تط‪55 5‬بيق ق‪55 5‬وانين حديث‪55 5‬ة ال تج‪55 5‬رم "أك‪55 5‬ل لحم الخ‪55 5‬نزير والحم‪55 5‬ل خ‪55 5‬ارج‬
‫إط ‪55‬ار‪ ‬ال ‪55‬زواج‪ ‬والعالق ‪55‬ة الجنس ‪55‬ية‪ 5‬بالتراض ي" وأعلنت الحكوم ‪55‬ة اإلماراتي ‪55‬ة عن الق ‪55‬انون االتح ‪55‬ادي رقم ‪ 31‬لع ‪55‬ام ‪ ،2021‬بع ‪55‬د إج ‪55‬راء‬
‫تعديالت حديثة على قوانين العقوبات‪ .‬وأشارت إلى أن بدء العمل به سيكون في يناير (كانون الثاني) املقبل مطلع ‪.2022‬‬
‫وألغى الق ‪55‬انون الجدي ‪55‬د بعض الج ‪55‬رائم ال ‪55‬تي ك ‪55‬ان يع ‪55‬اقب عليه ‪55‬ا ق ‪55‬انون العقوب ‪55‬ات رقم ‪ 3‬لس ‪55‬نة ‪ ،1973‬ومنه ‪55‬ا املواد املتعلق ‪55‬ة "بأك ‪55‬ل‬
‫املس ‪55‬لم لحم الخ ‪55‬نزير واملج ‪55‬اهرة بتن ‪55‬اول األطعم ‪55‬ة واألش ‪55‬ربة في نه ‪55‬ار رمض ‪55‬ان"‪ ،‬و"عقوب ‪55‬ة املواقع ‪55‬ة بالتراض ي والحم ‪55‬ل خ ‪55‬ارج إط ‪55‬ار‬
‫الزواج"‪ ،‬لكن ذلك شريطة أن يعترف أحد الوالدين ببنوة الطفل‪.‬‬
‫ً‬
‫وبحسب الجهات التشريعية‪ ،‬فإن هذه التعديالت جاءت لتقدم اإلمارات نفسها نموذجا للدولة العصرية في املنطقة‪.‬‬

‫خاتمة‪5:‬‬

‫الح‪55‬د من التج‪55‬ريم من االتجاه‪55‬ات املعاص‪55‬رة للسياس‪55‬ة الجنائي‪55‬ة الحديثة ال‪55‬تي تض‪55‬ع ح‪55‬دا لك‪55‬ثرة النص‪55‬وص القانوني‪55‬ة وم‪55‬ا ي‪55‬ترتب عنه‪55‬ا‬
‫من تض‪55‬خم تش‪55‬ريعي إض‪55‬افة ملا ت‪55‬رتب من أض‪55‬رار عن الج‪55‬زاءات الجنائي‪55‬ة التقليدي‪55‬ة ل‪55‬ذلك تبنت مختل‪55‬ف التش‪55‬ريعات سياس‪55‬ة الح‪55‬د‬
‫من التجريم واملشرع املغربي بدوره وضع أليات لتجسيدها السيما ما تعلق منها بب‪5‬دائل ال‪55‬دعوى والج‪5‬زاء الجن‪5‬ائي اإلداري كب‪55‬ديل‬
‫عن التجريم والعقوبات البديلة‬

‫عن العقوبات السالبة للحرية وبذلك نوصي ‪:‬‬


‫ً‬
‫‪-‬االلتزام قدر اإلمكان بمبدا استثنائية التجريم واعتبار الفعل غير املشروع اجتماعي قبل أن يكون قانوني ‪٠‬‬

‫‪-‬الترك‪55‬يز على مب‪55‬دأ الوقاي‪55‬ة بمحارب‪55‬ة عوام‪55‬ل اإلج‪55‬رام قبل وق‪55‬وع الفعل واالبتع‪55‬اد عن تج‪55‬ريم األفع‪55‬ال البس‪55‬يطة وإخ‪55‬راج املخالف‪55‬ات‬
‫البسيطة‪ 5‬من دائرة القانون الجنائي تجنبا لظاهرة التضخم التشريعي وترك املجال للتركيز على الجرائم األكثر خطورة ‪.‬‬

‫‪-‬العمل بالعقوب‪5‬ات البديل‪5‬ة أقصى ح‪5‬دد ممكن تجنب‪5‬ا ملا تخلف‪5‬ه العقوب‪5‬ات الس‪5‬البة للحري‪5‬ة واملؤسس‪5‬ات العقابي‪5‬ة من آث‪5‬ار س‪5‬لبية على‬
‫املحكوم عليه واملجتمع ‪.‬‬

‫‪-‬االع ‪55‬تراف بالعدال ‪55‬ة الرض ‪55‬ائية إلى ج ‪55‬انب العدال ‪55‬ة الجنائي ‪55‬ة التقليدي ‪55‬ة وهي العدال ‪55‬ة ال ‪55‬تي تق ‪55‬وم على تف ‪55‬اوض األط ‪55‬راف لح ‪55‬ل ال ‪55‬نزاع‬
‫احتراما للعالقات االنسانية االجتماعية إلى جانب القانونية ‪.‬‬

You might also like