You are on page 1of 23

‫محاضرات السداس ي الثاني لوحدة النظريات السوسيولوجية الحديثة‬

‫‪2022/2021‬‬
‫املحاضرة األولى‪:‬‬
‫النظرية الوظيفية‪:‬‬
‫مفهوم الوظيفة‪ :‬لم يأخذ مصطلح وظيفة مضامينه ومواصفاته التي عرفها إال في الربع األخير من القرن‬
‫التاسع عشر خاصة بعد التطور الذي أحرزه علم األحياء على يد دارون وقد تطور مصطلح الوظيفة‬
‫ُ‬
‫ومفهومه في الفلسفة وعلم االجتماع من خالل النظرة للمجتمع؛ إذ نظر إلى املجتمع على أنه نسق طبيعي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بوصفه كائنا عضويا طبيعيا‪ ،‬ونظر إلى علم االجتماع على أنه علم وظيفي بشكل ما‪ ،‬جوهره التحليل‬
‫الوظيفي وربط الجزء بالكل‪ ،‬وقد توفر عند جميع علماء االجتماع دراسة املجتمع وتحليله‪ ،‬باختالف‬
‫ً‬
‫نوازعهم من مونتي إلى مونتسكيو وصوال إلى علماء األنثروبولوجيا‪( .‬ملحم أبو حمدان‪)2017،‬‬
‫رواد الوظيفية التقليدية‪:‬‬
‫إميل دوركهايم (‪:)1917-1858‬‬
‫يعد األب الشرعي للوظيفية في علم االجتماع‪ ،‬فهويستخدم مصطلح «الوظيفية» بمعنيين مختلفين‪:‬‬
‫األول يشير إلى وجود نسق من الحركات الحيوية الضرورية لحياة الكائن العضوي‪ ،‬أما الثاني فيعبر عن‬
‫ً‬
‫العالقة التي تربط بين تلك الحركات الحيوية وبين حاجات الكائن العضوي‪ ،‬فيتكلم مثال عن «وظيفة‬
‫الهضم» و«وظيفة التنفس»‪ .‬ينتمي دوركايم إلى االتجاه املحافظ ألنه يبحث عن تحقيق التكامل واالستقرار‬
‫ويتفادى الصراع‪ .‬انحاز دوركايم للواقع الفكري واالجتماعي للبرجوازية حسب منتقديه‪ .‬وهو يؤكد على‬
‫أهمية التساند الوظيفي بين النظم االجتماعية واستقاللها عن العواطف واالتجاهات الشخصية‪ .‬مثال‪:‬‬
‫يشبه النظام القانوني في املجتمع بوظيفة الجهازالعصبي للكائن الحي‪.‬‬

‫دوركايهم‬ ‫كونت‬
‫سلطة الضمير‬ ‫فكرة االتساق العام‬
‫الجمعي‬ ‫‪Consensus‬‬
‫‪Collective Mind‬‬ ‫‪Universalis‬‬

‫دوركايهم‪:‬‬
‫ضرورة إعادة بناء‬
‫المجتمع= اعادة بناء‬ ‫كيف يمكن أن نحمي‬
‫التماسك االخالقي=النظام‬ ‫المجتمع من االنهيار؟‬
‫العام= التضامن= سلطة‬
‫الضمير الجمعي‪.‬‬
‫أ) عناصرالفكرالوظيفي الدوركايمي‪:‬‬
‫هو فكر ضد النزعة الفردية ويؤكد على البيئة االجتماعية وأسبقية املجتمع على الفرد وعدم‬
‫إمكانية هدم املجتمع‪( .‬يعارض كونت في نفي الدين من الحياة االجتماعية)‪ .‬دراسة الدين بطريقة‬
‫علمية‪ .‬تعتبر هذه العناصر بمثابة بوادر االتجاه الوظيفي الذي بدأ يشق طريقه بثبات‪( .‬خلف‪:2009،‬‬
‫‪)61‬‬
‫‪ .1‬الطابع املحافظ لتصور املجتمع عكس فكرالتنوير‪.‬‬
‫‪ .2‬اعتماد الفرد سيكولوجيا وأخالقيا على املجتمع (الخضوع للقوانين االجتماعية)‪.‬‬
‫‪ .3‬تأثره باالنثروبولوجيا االنجليزية‪.‬‬
‫‪ .4‬الدور الهام للقيم الروحية والدينية في املجتمع‪.‬‬
‫‪ .5‬الدين يقوم بوظيفة حفظ املقدسات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .6‬ال يفصل فكرة االلوهية عن املجتمع وهي فكرة معاكسة للعلمانية‪.‬‬
‫‪ .7‬فكرة االلوهية تستلزم الروح الجمعية ( الضميرالجمعي)‪.‬‬
‫‪ .8‬املجتمع هو السلطة األخالقية العليا (القواعد وااللتزامات)‪.‬‬
‫‪ .9‬تؤدي النظم االجتماعية عند دوركايم وظائف عضوية في املجتمع وهي موجودة قبل وجود األفراد‬
‫(الدين‪،‬األسرة‪ ،‬الطبقات‪ ،‬الدولة‪...‬الخ)‬
‫‪ .10‬وهو يرى أنه ال يمكن هدم املجتمع وبنائه من جديد‪.‬‬
‫ب) تقسيم دوركايم للمجتمع‪:‬‬
‫‪ .1‬املجتمع اآللي امليكانيكي‪ :‬التضامن ميكانيكي‪ .‬يتصف بظهور العقل الجمعي وال يوجد تمايزفي وظائف‬
‫الناس ( العرف ينظم روابط القرابة والصداقة والجوار) وهو خاص باملجتمعات البدائية أو‬
‫املتخلفة‪.‬‬
‫‪ .2‬مجتمع يسوده التماسك العضوي ويظهر فيه التخصص وتقسيم العمل ( القانون يحافظ على‬
‫النظام االجتماعي)‬
‫‪ .3‬يسود املجتمع املعقد أو الحديث‪.‬‬

‫هنالك بعض األسئلة التي حاول دوركهايم التطرق لها وهي‪( :‬خلف‪)63 :2009،‬‬
‫‪ -‬مم يتكون املجتمع؟ يتكون املجتمع عند دوركايهم من نظم متعددة والنظام االجتماعي هو جماعة من‬
‫الناس تنتظم حول هدف أو أهداف محددة‪ ،‬ويمكن تقسيم النظم إلى أربعة انساق فرعية‪:‬‬
‫‪ -‬النسق الفرعي االقتصادي (املصانع‪ ،‬اإلدارات‪)...‬‬
‫‪ -‬النسق الفرعي السياس ي (األحزاب السياسية‪)...‬‬
‫‪ -‬النسق الفرعي القرابي (األسرة‪)...‬‬
‫‪ -‬النسق الثقافية (املدارس‪ ،‬دور العبادة‪)...‬‬
‫‪ -‬النسق االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬كيف يقوم املجتمع بأداء وظائفه؟ يرى الوظيفيون أن املجتمع يعمل بطريقة مماثلة لقيام الكائن الحي‬
‫بوظائفه‪ ،‬ويشارإلى هذه املقارنة باملماثلة البيولوجية )‪(l’analogie biologique‬‬
‫‪ -‬ملاذا تكون بعض الجماعات في املجتمع أكثر قوة من جماعات أخرى؟ يقول الوظيفيون بضرورة أن‬
‫يكون بعض األفراد والجماعات أكثرقوة من غيرهم التخاذ القرارات املهمة‪ ،‬وبالتالي ضرورة وجود قادة‬
‫في التنظيمات وفي املجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬ما الذي يسبب التغيراالجتماعي؟ يعتبرالتغيراالجتماعي عند الوظيفيين ضرورة فقط‪ ،‬ولذلك يرتبط‬
‫عندهم بالتكيف والتكامل‪ .‬فعندما يتعرض النسق لعوامل دخيلة أوجديدة وجب عليه التكيف معها‪،‬‬
‫وعندما يصبح هذا العامل جزءا من النظام يحدث التكامل؛ وبالتالي يعتبر التغير الوظيفي تطوري‬
‫وتدريجي وليس صراعي أو ثوري‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬هل املجتمع بطبيعته في حالة توازن أم صراع؟ يعتبر الوظيفيون أن توازن النظام أمر طبيعي في‬
‫املجتمع‪ ،‬أما الصراع فيعتبرونه كاملرض في الكائنات الحية‪ ،‬وأساس التوازن االجتماعي عندهم وجود‬
‫إجماع أخالقي حول القيم االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬ما عالقة الفرد باملجتمع؟ يرى دوركايهم أن الفرد ليس موضوعا جوهريا في علم االجتماع‪ ،‬بل املجتمع‬
‫هو األهم‪ ،‬حيث يخضع أفراده لتنشئة مؤسساته‪.‬‬
‫‪ -‬ما هوالهدف األساس ي من وراء دراسة علم االجتماع؟ الغرض عند الوظيفيين من دراسة املجتمع هو‬
‫تحليل وتفسيرقيام املجتمع بأداء وظائفه بشكل طبيعي أو غيرطبيعي‪ .‬وألجل ذلك يجب دراسة العالقة‬
‫بين مختلف أجزاء املجتمع وعالقتها بالكل‪( .‬خلف‪)64 :2009،‬‬
‫مالينوفسكي‪ :)1942-1884(:‬الحاجات‪ ،‬النظم والثقافة‪:‬‬
‫أول من طالب بضرورة وجود مدرسة وظيفية مستقلة في مواجهة النزعة التطورية‪ .‬حيث يرى‬
‫ّ‬
‫أن املنهج املقارن ال يعتمد على الوصف البسيط للمجتمعات البدائية وإنما يجب صياغة التعميمات‬
‫والتحقق من صحتها‪ .‬وعن طريق املقارنة نفهم الخصائص األساسية للنظم واالرتباطات بينها والنماذج‬
‫األساسية للتنظيم االجتماعي والتحقق من صحة القضايا والفروض الخاصة بهذه النظم‪.‬‬
‫أ) التحليل البنائي الوظيفي‪ :‬يسير جنبا إلى جنب مع املنهج املقارن في دراسة الظواهر الثقافية‬
‫ّ‬
‫واالجتماعية‪ .‬ويرى أن عملية التطور االجتماعي هي عملية تباين بنائي وظيفي مما يزيد تخصص النظم‬
‫االجتماعية‪ .‬يتفق مع دوركايهم في رفض النزعة السيكولوجية في تفسير النظم والظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويقول أن النظرية الوظيفية هي املطلب األول للبحث الحقلي وللتحليل املقارن للظواهر في مختلف‬
‫الثقافات‪.‬‬
‫ّ‬
‫ب) نظرية الثقافة‪ :‬في كتابه "النظرية العلمية للثقافة ‪ "1944‬يؤكد أن االنثروبولوجيا الثقافية هي علم‬
‫اجتماعي يستهدف التعميم وهنالك مسلمتان في نظرية الثقافة‪:‬‬
‫‪ .1‬يجب أن تشبع كل ثقافة الحاجات البيولوجية لإلنسان وبالتالي تضمن االستقراروالنمو والتقدم‪.‬‬
‫‪ .2‬االنجازالثقافي ما هو إال تدعيم إلي وتلقائي للفيزيولوجيا البشرية‪.‬‬
‫ويقول انه يمكن الربط وظيفيا بين االستجابات الثقافية املختلفة والحاجات البيولوجية‪ .‬وهذا‬
‫مدخل لفهم التراكم الثقافي فالنسق الثقافي هوانجازألكبرالنشاطات اإلنسانية وأكثرها إبداعا في صلته‬
‫بالطبيعة‪ .‬وهي تنشأ عن األنشطة املوجهة أساسا نحو إشباع الحاجات البيولوجية األساسية وهي‬
‫الحاجات التي تحفزه للعمل‪ .‬ويظم النظام عند مالينوفسكي ستة عناصر‪:‬‬
‫‪ .1‬امليثاق‬
‫‪ .2‬العاملون‬
‫‪ .3‬القواعد واملعايير‬
‫‪ .4‬الجهازاملادي‬
‫‪ .5‬األنشطة‬
‫‪ .6‬الوظائف‬
‫رادكليف براون‪ :‬نحو علم طبيعي‪:‬‬
‫يتساءل ما هو موضوع علم االجتماع؟ ويجيب أنه الدراسة النظرية املقارنة ألشكال الحياة االجتماعية‬
‫(دفن املوتى‪ ،‬تقاليد الزواج‪ ،‬أنماط تبادل السلع‪)...‬‬
‫الدراسة الوظيفية لهذه األشكال يعني دراستها وهي في حالة تساند واعتماد متبادل داخل نسق من‬
‫العالقات تكون هي جزء منه‪.‬‬
‫فهم الجزء في سياق الكل‪ :‬ال يمكن فهم تقاليد الزواج او تقاليد دفن املوتى خارج نسق العالقات‬
‫االجتماعية (النسق الكلي)‪.‬‬
‫يقول براون‪ :‬يمكن فهم املجتمع إذا بحثنا منهجيا التساند بين عناصرالحياة االجتماعية‪.‬‬
‫يتبنى تقسيم اوغست كونت لالستاتيكا ( طبيعة األنساق االجتماعية) والديناميكا (تباين حالة األنساق‬
‫في العالم وفي أنماط النظام والتغير)‪ .‬ومن هنا نستنتج أن بحوث االستاتيكا توجه بحوث الديناميكا‪.‬‬
‫تبنى املنظور التطوري عند هربرت سبنسروقد فرق بين ثالثة عمليات توافقية رئيسية‪:‬‬
‫‪ .1‬االيكولوجيا‬
‫‪ .2‬النظامية‬
‫‪ .3‬الثقافة‬
‫وهو يعرف النظم في ضوء املعاييروالقيم‪ ،‬أي أنها تكمن في جوهرعملية التأسيس النظامي‪.‬‬
‫ويفرق بين‪:‬‬
‫منظمات النشاط‪ :‬بناء داخلي لألدوار‬
‫العالقات النظامية‪ :‬بناء األوضاع واملكانات‪.‬‬
‫اسهامات تالكوت بارسونز (‪ :)1979-1902‬لعب بارسونز دورا مهما في علم االجتماع األمريكي خالل ‪40‬‬
‫سنة وله مكانة خاصة ومرموقة بين علمائه‪ .‬فقد كانت النزعة االمبريقية مسيطرة على هذا العلم في أمريكا‬
‫إلى أن جاء بارسونزبثورة نظرية من خالل تطويرإطارنظري تصوري من أجل أن يحتل مكانة علمية حقيقية‬
‫وان يربطه ربطا منطقيا بالعلوم األخرى‪ .‬وهو من أكثراملنظرين تجريدا بين علماء االجتماع املعاصرين‪.‬‬
‫قوبلت أعماله بالنقد واإلدانة والهجوم ألنه اتجه عكس التيارالسائد آنذاك في علم االجتماع األمريكي‪.‬‬
‫اعتبر بارسونز املجتمع األمريكي معمال ألبحاثه وأثر في أجيال عديدة من علماء االجتماع األمريكيين‪ ،‬ونجح‬
‫في تأسيس مدرسة فكرية‪ ،‬منهم نذكر روبرت مرتون‪ ،‬روبن ويليامز‪ ،‬نيل سميلسر‪ ،‬ادوارد شيلز وآخرون‪.‬‬
‫(الجوهري‪)296 ،‬‬
‫أ) املناخ االجتماعي األكاديمي السائد‪ :‬هو املناخ واملراحل التي تطورت فيها أعمال بارسونز‪ .‬حيث درس في‬
‫مدرسة لندن لالقتصاد على يد هوبهاوس‪ ،‬مالينوفسكي وآخرون‪ ،‬ثم التحق بجامعة هايدلبرج في أملانيا‪،‬‬
‫وتحت تأثير أعمال ماكس فيبر تأكد لبارسونز ارتباطه بالعلوم االجتماعية‪( .‬رغم وفاة ماكس فيبر ‪5‬‬
‫سنوات قبل وصول هذا األخير) حيث كان يحضرالصالون الثقافي الذي عقدته أرملته مساء كل احد‪.‬‬
‫وحسب رأيه تحتوي أعمال ماكس فيبر على عناصر اإلطار التحليلي كالتفسير للدور التاريخي للمذهب‬
‫البروتستانتي ومقارنته مع األديان‪ ،‬تفسيرالرأسمالية املعاصرة وهذا ما كان يفتقرإليه علم االجتماع‪.‬‬
‫ثم تنبه إلى تعقد العالقات بين األبنية االقتصادية واألبنية االجتماعية السياسية‪ ،‬ومن هنا ساعدته‬
‫قراءته ملاكس فيبر لالهتمام بتفسير النظم االقتصادية‪ .‬ولهذا اختار في رسالة الدوكتوراة إجراء تحليل‬
‫مقارن عن فكرة الرأسمالية كنظام اقتصادي اجتماعي في كتابات كارل ماركس وزمبارتي وماكس فيبر‪.‬‬
‫عمل في جامعة هارفارد واهتم باالقتصاد والتحق بقسم علم االجتماع الذي أنشأه سوروكين‪.‬‬
‫(الجوهري‪)298،‬‬
‫ب) تطور أعمال بارسونز‪:‬‬
‫املرحلة األولى‪ :‬جمع املوضوعات األساسية لتشكيل نظرية الفعل االجتماعي من أعمال ماكس فيبر‬
‫ودوركهايم وباريتو‪.‬‬
‫طور نظرية الفعل لتصبح نظرية عامة للسلوك البشري‪.‬‬ ‫املرحلة الثانية‪ّ :‬‬
‫املرحلة الثالثة‪ :‬حاول تطبيق هذه النظرية على مختلف العلوم االجتماعية‪ ،‬علم االقتصاد‪ ،‬علم‬
‫النفس وعلم السياسة واستعان هنا بأعمال كونت وسبنسر وسوروكين‪ ،‬فأخذت نظريته العامة‬
‫طابعا تطوريا‪( .‬الجوهري‪)301،‬‬
‫كتب في األسرة والبيروقراطية واملهن والسياسة‪ ،‬وأسهم في تطور الوظيفية (رغم أن الريادة كانت‬
‫لكونت ودوركهايم)‪ ،‬حيث تنظرالوظيفية في كيفية اتجاه أجزاء املجتمع املتعددة أو نظمه بما يحقق‬
‫لهذا األخيراالستمراربمرورالسنوات‪.‬‬
‫وكان لالنتروبولوجيا تأثير مهم في هذا التطور من خالل أعمال مالينوفسكي‪ ،‬رادكليف براون وكلود‬
‫ليفي ستراوس‪ .‬حيث قاموبدراسة وظيفة املمارسات أوالنظم ملعرفة دورها في استمراراملجتمع‪ .‬ولكي‬
‫نفهم ذلك نقوم باملماثلة البيولوجية أو املقارنة التي قام بها كونت ودوركهايم وهربرت سبنسر‪.‬‬
‫(خلف‪)477 :2009،‬‬
‫املفاهيم الجديدة عند روبرت مرتون‪:‬‬
‫الوحدة الوظيفية للمجتمع‪ :‬تعتبر العناصر الثقافية (املعتقدات‪ ،‬األدوار‪ ،‬النظم واألنشطة بمعنى‬
‫املمارسات) بأنها وظيفية بالنسبة للنسق االجتماعي والثقافي‪ .‬وهذا ما ينتقده مرتون حيث يرى أن‬
‫هذا االفتراض انثروبولوجي‪ ،‬فان صدق في املجتمعات البدائية قد ال يكون كذلك في املجتمعات‬
‫املعقدة مثال الدين قد يكون وظيفيا في مجتمعات دون أخرى‪.‬‬
‫العمومية الوظيفية‪ :‬هي البحث عن الوظائف االيجابية لكل عنصر اجتماعي‪ ،‬وينتقد مرتون مرة‬
‫ّ‬
‫أخرى هذا االفتراض باعتبار أن بعض الوظائف قد تكون سلبية أو حيادية حسب الوحدة‬
‫االجتماعية موضوع البحث‪ .‬لذلك يجب البحث في التوازن القائم بين الوظائف االيجابية واملعوقات‬
‫الوظيفية قبل الحكم على عنصرإذا كان وظيفي أو غيروظيفي‪.‬‬
‫الوظائف الظاهرة والكامنة‪ :‬يتحدث في كتابه النظرية االجتماعية والبناء االجتماعي عن الوظائف‬
‫الظاهرة مرتون بين وظيفتين للنسق‪ :‬الكامنة منها والظاهرة‪ ،‬حيث تعبر هذه األخيرة عن الوظائف‬
‫املعروفة واملقصودة من األفراد الذين ينخرطون في نمط معين للنشاط االجتماعي‪ .‬أما الوظائف‬
‫الكامنة فهي اآلثاراملترتبة عن ذلك النشاط بحيث ال يعيها األفراد املنخرطون‪ .‬مثال‪ :‬رقصة املطرعند‬
‫الهنود من اجل جلب املطر للزراعة‪.‬الوظيفة الظاهرة‪ :‬جلب املطر‪ ،‬أما الوظيفة الكامنة‪ :‬تعزيز‬
‫تماسك املجتمع‪( .‬خلف‪) 479 :2009 ،‬‬
‫ويستنتج مرتون أن الكشف عن الظواهر الكامنة لألنشطة والنظم االجتماعية جانب أساس ي من‬
‫جوانب التفسير في علم االجتماع‪ .‬وهي النتائج املوضوعية والكامنة وهي الغير مقصودة‪ .‬مثال‪:‬‬
‫االستهالك االقتصادي‪.‬‬
‫مفهوم البدائل الوظيفية‪ :‬تشيرالبدائل الوظيفية إلى مدى التنوع املمكن في الوسائل التي تستطيع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن تحقق مطلبا وظيفيا‪ .‬أي تنوع الوسائل التي تشبع الحاجات‪( .‬ملحم أبو حمدان‪)2017،‬‬
‫املعوقات الوظيفية‪ :‬يعتبرهذا املفهوم أداة تحليلية هامة لفهم ودراسة الديناميات والتغير‪.‬‬
‫االختالل الوظيفي (‪ )dysfonction‬حيث يرى أن الثقافات املحلية التي درسها االنتروبولوجيون أكثر‬
‫تكامال وتضامنا من املجتمعات الصناعية ولهذا ركزوا على تحديد الوظائف فقط‪( .‬مجتمعات‬
‫مستقرة ومتكاملة)‪ .‬بينما في املجتمعات املعاصرة يجب أن نكون واعين باالتجاهات املفضية إلى‬
‫التفكك‪ .‬فقد يؤدي االختالل الوظيفي في جوانب النشاط االجتماعي إلى التغير مما يهدد التماسك‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫البناء االجتماعي واألنومي‪ :‬يحاول في كتابه البناء االجتماعي واألنومي إيجاد تصنيف ألساليب السلوك‬
‫ودراسة االنحرافات من خالل االختالل الوظيفي للسلوك والتركيزعلى مالمح الحياة االجتماعية التي‬
‫تتحدى النظام القائم لألشياء‪ .‬مثال‪ :‬االختالل الوظيفي الديني‪ :‬هنا الدين يؤدي وظيفة تماسك‬
‫املجتمعات‪ .‬أما االختالل الوظيفي كالطائفية في األديان تؤدي إلى الصراع االجتماعي‪.‬‬

‫املحاضرة الثانية‪:‬‬
‫نظرية التفاعلية الرمزية‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ُيعنى علم االجتماع بدراسة األفراد‪ ،‬والجماعات واملؤسسات التي تشكل املجتمع البشري‪،‬‬
‫واسعا يضم كل جانب من جوانب الظروف االجتماعية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويشمل مجال الدراسة في علم االجتماع ميدانا‬
‫فعلماء االجتماع يقومون بمالحظة‪ ،‬وتسجيل طريقة اتصال األفراد بعضهم ببعض‪ ،‬وبالبيئة‬
‫تكون الجماعات واألسباب الكامنة وراء األشكال املختلفة‬ ‫التي يعيشون فيها‪ ،‬وهم يدرسون أيضا ّ‬
‫السائدة‪ ،‬والسلوك‬ ‫للسلوك االجتماعي‪ ،‬كما تعالج معظم الدراسات في علم االجتماع االتجاهات ّ‬
‫وأنماط العالقات داخل املجتمع‪ ،‬هذا األخيرهو مجموعة من الناس يشتركون في خلفية ثقافية واحدة‪،‬‬
‫ويعيشون في منطقة جغرافية محددة‪ ،‬ولكل مجتمع بنا اجتماعي‪ ،‬أي شبكة من العالقات املتبادلة بين‬
‫األفراد‪ ،‬والجماعات‪ ،‬ويدرس علماء االجتماع هذه العالقات من أجل تجديد تأثيرها على الوظيفة الكلية‬
‫للمجتمع‪.‬‬
‫ومن أجل هذه الدراسات يصوغ علماء االجتماع نظريات تبنى على املالحظة للجوانب املختلفة‬
‫التجمعات البشرية وما نفرزه من أفكار ومعايير‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في املجتمع بهدف الحصول على معرفة حول طبيعة‬
‫وقيم وتنظيمات لكي يتفهم ُويفهم ملاذا وكيف ومتى وماذا يحصل داخل هذه التجمعات‪.‬‬
‫السوسيولوجية املعاصرة خالل النصف األخير من القرن العشرين‪،‬‬ ‫تنوعت النظريات ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫ً‬
‫والسوسيولوجية‬ ‫عامة‪ّ .‬‬ ‫متمي ًزا يسهم في توجيه الدراسات والبحوث االجتماعية‬‫علميا ّ‬ ‫لتترك لنا تراثا ًّ‬
‫خاصة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫السوسيولوجية املعاصرة التي تندرج تحت النزعات ّ‬
‫السلوكية‬ ‫وكنظرية من النظريات ّ‬
‫تمتد بذورها التاريخية إلى أواخرالقرن التاسع عشر‪ ،‬وأوائل القرن‬ ‫الرمزية والتي ّ‬ ‫االجتماعية‪ ،‬التفاعلية ّ‬
‫الرمزية كنظرية سوسيولوجية معاصرة تجمع بين تحليالت العديد من‬ ‫العشرين‪ ،‬والتفاعلية ّ‬
‫الت ّ‬ ‫ّ‬
‫خصصات السوسيو‪-‬سيكولوجية والثقافية املعاصرة في علم االجتماع‪ ،‬كما اهتمت بالتركيز على‬
‫السلوك والتفاعل واملواقف االجتماعية والجماعات ّ‬ ‫ّ‬
‫تتمثل في دراسة ّ‬ ‫ّ‬
‫الصغرى‬ ‫معقدة‬ ‫قضايا ومشكالت‬
‫والفرد‪ ،‬واملواقف واالنفعاالت وغيرذلك من مشكالت ّ‬
‫متعددة‪.‬‬
‫وضوحا لهذه النظرية يمكن طرح إشكالية حول‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وسعيا ملعرفة أكثر‬
‫‪ -‬العوامل والظروف التي ّأدت إلى ظهور التفاعلية ّ‬
‫الرمزية ومن هم أبرز علمائها؟‬
‫أهم القضايا التي تم معالجتها في إطارهذه النظرية؟‬ ‫‪ -‬وما هي ّ‬
‫وأخيرا ما هو التقييم الذي حضيت به التفاعلية الرمزية؟‬ ‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫الرمزية‬ ‫‪/ -‬مفهوم التفاعلية َّ‬
‫ّ‬ ‫إن مصطلح التفاعل َ‬
‫الرمزي فيه شقين فاعلين هما‪:‬‬
‫الرمزي‪ ،‬واألصل اللغوي لكلمة نظام يقال‪:‬‬ ‫‪ -‬عملية التفاعل والتي هي الفعل االجتماعي التي هي النظام َّ‬
‫َ َ َّ‬ ‫نظ ًاما َون ْظ ًما أي ألفه َ‬‫ّ َ ّ ُ َ‬
‫وج َم َع ُه في سلك واحد فانتظم وتنظ َم‪.‬‬ ‫نظم الش يء‪ :‬ينظمه ونظمه‪،‬‬
‫َ‬
‫وفي الداللة االجتماعية ُير ُاد به مجموعة املبادئ والتشريعات واألعراف‪ ،‬وكل األمور التي تنت ُ‬
‫ظم بها حياة‬
‫األفراد واملجتمعات والدول‪.‬‬
‫الرمزي قيمته تتجلى في تحقيق تواصل إنساني ويعتبر "ليفي ستروس" الثقافة مجموعة من‬ ‫والنظام ّ‬
‫الرمزية التي تحتل املرتبة األولى فيها‪ :‬اللغة‪ ،‬الفن‪ ،‬الدين والعلم‪.‬‬ ‫املنظومات ّ‬
‫ويقابل عملية التفاعل الرمزي فهم الرمزوهذا يعتمد على عملية ذهنية مرهونة بنشاط العقل ومخزونة‬
‫املعرفي من املعاني والتصورات واملعتقدات‪.‬‬
‫الرمزي هو العالم "هيربرت بلومر" وكان يعني فيه‪:‬‬ ‫‪ -‬وإن أول من أطلق مصطلح التفاعل ّ‬
‫التوجه للحصول على استجابة من آخرين ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يؤدي إلى عملية التفاعل‪ ،‬وهذا يعتمد‬ ‫(إن الفعل االجتماعي‬
‫الرمزية للعقل ضمن إطار عملية التفاعل واالتصال‪ .‬واملتفاعلون ال يتبعون وصفات‬ ‫على الخاصية َ‬
‫والرمز‪ ،‬ولهذا ال تعتبر العمليات االجتماعية‪.‬‬ ‫اجتماعية ثقافية ثابتة‪ّ ،‬إن َما يؤولون معنى العقل ّ‬
‫متغيرة ومفتوحة)‬‫والعالقات ونواتجها من بناءات اجتماعية ثقافية كأشياء ثابتة‪َّ ،‬إنما عمليات دينامية ّ‬
‫اللغة‪ ،‬والتي هي رموز دالة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإن أساس النظام ّ‬ ‫ّ‬
‫تعبر عن عمليات التفاعل واالتصال‪ ،‬تفهم‬ ‫الرمزي هو‬ ‫‪-‬‬
‫من خالل خبرات الجماعة‪ ،‬وسياق الفعل‪ ،‬ولهذا يعتبراكتساب الفرد لخبرة الجماعة في النظام َّ‬
‫الرمزي‬
‫َّ‬
‫هو أساس قدرته على التفاعل‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ -‬والتفاعلية ّ‬
‫الرمزية تعتبر شكال أووجها من أوجه سوسيولوجيا الفهم‪ ،‬وهي تنتمي إلى السوسيولوجيا‬
‫تتمثل في دراسة ُّ‬‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫السلوك‬ ‫النظرية املعاصرة على قضايا ومشكالت معقدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬حيث َركزت هذه‬
‫َّ‬
‫والتفاعل‪ ،‬واملواقف االجتماعية والجماعات الصغرى والفرد‪ ،‬واملواقف واالنفعاالت‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫عددة ‪ ،‬أو يمكن القول أن التفاعلية َ‬ ‫مت ّ‬ ‫َ‬
‫الرمزية هي عملية التفاعل االجتماعي التي يكون فيها‬ ‫مشكالت‬
‫َ ُ‬
‫الفرد على عالقة اتصال بعقول اآلخرين‪ ،‬وحاجاتهم‪ ،‬ورغباتهم الكامنة‪ ،‬وتعتبر التفاعلية الرمزية عن‬
‫تميزاملجتمعات اإلنسانية‪ ،‬وهي ترتكزعلى مبدأين‬ ‫ذلك التفاعل الذي يحدث بين مختلف العقول التي ّ‬
‫تهتم بوحدة التحليل (التفاعل) وتعتمد على الرموز واملعاني‪ ،‬أي أن العالقات االجتماعية ما‬ ‫هامين‪ ،‬إذ ُّ‬
‫بين األفراد في املجتمع هي نتاج للرموز واملعاني‪.‬‬
‫‪-‬املفهوم التفسيري للتفاعلية الرمزية‪.‬‬
‫تعتقد النظرية التفاعلية بأن الحياة االجتماعية وما يكتنفها من عمليات وظواهر‪ ،‬وحوادث ما‬
‫معقدة من نسيج التفاعالت والعالقات بين األفراد‪ ،‬والجماعات التي ّ‬
‫يتكون منها املجتمع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هي إال شبكة‬
‫فالحياة االجتماعية يمكن فهمها واستيعابها‪ ،‬واستيعاب مظاهرها الحقيقية عن طريق النظر‬
‫تتبناها النظرية حول ّ‬ ‫ّ‬
‫محددات عملية‬ ‫إلى التفاعالت التي تقع بين األفراد‪ .‬ومن أهم االفتراضات التي‬
‫َّ‬
‫الرموز الدالة الرد األفراد‪.‬‬ ‫كون املجتمع ينشأ ويتمتع ويستمروجوده في توصيل ُّ‬ ‫الرمزي ْ‬‫التفاعل َّ‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫هاما في العملية االتصالية ‪.‬‬ ‫عامال ًّ‬ ‫‪ -‬كون اإلنسان ُينش ُئ الرموز الدالة التي يتعلمها في االتصال باعتباره‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫‪ّ -‬إنه ُّ‬
‫يتم التعبير عن النظام االجتماعي من خالل نظام التسلسل الذي يصنف األفراد إلى طبقات‬
‫اجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النظام االجتماعي يمثل ً‬ ‫ّ‬
‫دائما حل عملية القبول أو الشك أو رفض املبادئ التي يعتقد أنها تضمن‬ ‫‪ -‬أن‬
‫النظام‪.‬‬
‫ّ‬
‫الرموز ُوتؤثرعلى الدوافع االجتماعية عند ما ّ‬ ‫‪ -‬وكون ُّ‬
‫تتحدد األشكال‪.‬‬
‫‪ -‬وحداث تحليل التفاعلية الرمزية‪.‬‬
‫الرغم من أخذها للفرد كقاعدة في مقاربة الوقائع‪ ،‬والظواهراإلج‪ ،‬إال‬ ‫‪ *01‬التفاعل‪ :‬إن التفاعلية على ّ‬
‫ّأنها‪ ،‬ال تأخذه كمبدأ في التحليل‪ ،‬بل أنها على مستوى التحليل تأخذ الفرد في فعله املتبادل مع اآلخرين‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن التفاعل هو حقل للتأثيراملتبادل ألن االجتماعي ال يوجد كمعطي سابق عن األفراد الفاعلين‪ ،‬بل إن‬
‫االجتماعي حسب "جورج زيمل" هو شكل مستمر‪ ،‬أو أنه حسب "ستروس" نظام متفاوض عليه‪.‬‬
‫ّ‬
‫والتفاعل ال يتم من خالل اللغة والخطاب فقط‪ ،‬بل يتعلق كذلك برمزية الحركات الجسدية املرافقة‬
‫للكالم أو بدونه وحسب "جوفمان"‪ ،‬لو استطاع الفاعل التوقف عن الكالم فإنه ال يستطيع ً‬
‫أبدا‬
‫التوقف عن التواصل عبرلغة الجسد‪.‬‬
‫‪ *02‬األنا‪ :‬لقد شغل األنا التفكيرالسوسيولوجي األمريكي منذ البراغماتيين والتحليالت السوسيولوجية‬
‫"جورج هربرت ميد"‪ ،‬وتعتبر األنا حجر الزاوية بالنسبة السوسيولوجيين التفاعليين في بناء نظريتهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫فاألنا ُيبين اجتماعيا وهونتاج التاريخ الشخص ي املتسم بكل الوضعيات واملواقف واألدواراملختلفة التي‬
‫مرمنها الفرد في حياته‪.‬‬ ‫َّ‬
‫‪ *03‬الرموز‪ :‬وهي مجموعة من اإلشارات املصطنعة يستخدمها الناس فيما بينهم لتسهيل عملية‬
‫التواصل‪ ،‬وهي سمة خاصة في اإلنسان وتشمل عند "جورج هربرت ميد" اللغة ‪.‬‬
‫وعند "بلومر" املعاني وعند "جوفمان" االنطباعات والصور الذهنية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تمثل َّ‬ ‫َّ‬
‫الدور فالتوقعات التي تكون لدى اآلخرين عن سلوكنا‬ ‫‪*04‬الوعي الذاتي‪ :‬وهو مقدرة اإلنسان على‬
‫ّ‬
‫في ظروف معينة‪ ،‬هي بمثابة نصوص يجب أن نعيها حتى نمثلها على حد تعبير"جوفمان"‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪*05‬التحلل االجتماعي‪ :‬ويعني عدم خضوع األفراد في تفاعلهم االجتماعي إلى ضوابط‪ ،‬ومعاييراجتماعية‬
‫الخاصة باملجتمع كالقيم واألعراف‪.‬‬
‫‪*06‬التنظيم االجتماعي‪ :‬أي خضوع تفاعالت األفراد إلى ضوابط ومعايير املجتمع الخاصة به كالقيم‬
‫واألعراف والتنشئة االجتماعية‪.‬‬
‫‪*07‬التنشئة االجتماعية‪:‬‬
‫هي عملية تلقين وتعليم أفراد املجتمع الواحد منذ الصغراللغة والعادات والنظم‪ ،‬والقيم االجتماعية‬
‫املتبعة في ذلك املجتمع‪ .‬وتبدأ هذه العملية منذ والدة الطفل‪ ،‬وتتم وظيفة التنشئة عندما يصبح الطفل‬
‫نافعا في املجتمع الذي ينتمي إليه وتستمر‪ -‬بصورة ضعيفة بعد ذلك‪ .‬وتالزم اإلنسان حتى آخر‬ ‫مواطنا ً‬
‫َّأيام حياته‪.‬‬
‫والدور‪ :‬ال يوجد مجتمع إنساني يتساوى فيه جميع أعضائه في املركز‪ ،‬فاملركز‪ Statut -‬هو‬ ‫‪ *08‬املركز َّ‬
‫الدور هو مجموعة أنماط السلوك‬ ‫املوضع االجتماعي لفرد ما بالنسبة لغيره من أفراد املجتمع‪ ،‬بينما ّ‬
‫فإنه يقوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫محدد‪ ،‬وبما أن الفرد يحتل ّ‬‫املتعارف عليها واملصاحبة ملركز ّ‬
‫بعدة‬ ‫عدة مراكز في مجتمعه‪،‬‬
‫أدوار‪ ،‬ولكن على التوالي‪ 1‬بمعنى ّأنه في حالة قيامه بالدور املصاحب ملركز األب تكون األدوار األخرى‬
‫املصاحبة ملراكزالزوج واملدرس وغيرها في حالة كمون‪.‬‬
‫ّ‬
‫واألهمية الوظيفية للمراكز على اختالف أنواعها‪ ،‬وأشكالها تتمثل في التأثيرفي أسلوب‪ ،‬وكمية التفاعل‬
‫بين أفراد املجتمع الواحد وبالتالي تحديد كثافة واتجاهات العالقات االجتماعية‪.‬‬
‫‪-‬الخلفية التاريخية للتفاعلية َّ‬
‫الرمزية‬
‫ّ‬
‫إن التفاعلية الرمزية لم تظهر من فراغ بقدر ما ترجع إلى ظهور النزعات االجتماعية السلوكية‪،‬‬
‫ّ‬
‫أو ما يعرف أيضا بالنزعات االجتماعية النفسية التي ترجع جذورها األولى إلى مجموعة من العلماء‬
‫األمريكيين‪ ،‬واألوروبيين‪ ،‬والسيما‪ .‬ما يعرف بمدرسة شيكاغو والتي تأسست خالل السنوات األخيرة من‬
‫ّ‬
‫القرن التاسع عشر‪ ،‬وتتمثل في تحليالت "أليون سمول" و"وليام توماس‪ ،‬اللذان جاءت إسهاماتهما‬
‫مرتبطة بنوع من التحليالت السوسيو‪ -‬سيكولوجية‪.‬‬
‫الرمزية ترتبط أيضا بإسهامات بعض علماء النفس والتربية‪ ،‬وأفكارأساسية‬ ‫‪ -‬كما أن جذور التفاعلية ّ‬
‫بالفلسفة البراغماتية‪ ،‬فاألصل أن البرغماتية هي فلسفة الفعل والتي هي جزء من فلسفة املعرفة التي‬
‫ّ‬
‫مع فلسفة الوجود وفلسفة القيم تشكل الفكر الفلسفي الشامل‪ ،‬كما أن النمط الفكري‪ ،‬واملثال‬
‫ّ‬ ‫موجهة ّ‬‫َّ‬
‫للضبط االجتماعي من خالل التنظيم االجتماعي الذي يصوغ الذات‬ ‫املعياري لهذه الفلسفة‬
‫اإلنسانية لهذا الغرض‪.‬‬
‫الرمزية كالتركيز على التفاعل بين الفاعل وبيئته‬‫ومن أهم األفكار التي َّتب َّناها ُم َؤ ّسسوا التفاعلية ّ‬
‫بأن كال الفاعل وبيئته ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متغيران‪ ،‬والجانب األخير هو النظرواإلقرار بقدرة‬ ‫االجتماعية والطبيعية والنظر‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫ينصب في دائرة التفسيراالجتماعي لاليكولوجيا الذي تأثرت به‬ ‫الفاعل على تأويل بيئته من حوله وهذا‬
‫التفاعلية الرمزية‪.‬‬
‫طورها االتتروبولوجيون‪ ،‬والتي تعترف بمنهجية‬ ‫كما أعتمدت على مناهج الدراسة امليدانية التي ّ‬
‫املالحظة باملشاركة‪.‬‬
‫‪ -‬ويرى "كريب" أن تحديث التفاعلية الرمزية والسيما اإلسهامات الحديثة لها ترجع إلى اعتمادها سواء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫دوركايم‪ ،‬باريتو‪ ،‬وماكس فيبر هذا األخيرالذي أكد على أن فهم‬ ‫على علماء االجتماع التقليد بين أمثال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العالم االجتماعي يكون من خالل فهم اتجاهات األفراد الذين نتفاعل معهم‪ ،‬وأن فهم الظواهر‬
‫االجتماعية يكون من خالل تحليل الفعل االجتماعي في املجتمع‪ ،‬باإلضافة إلى تحليالت "زيمل" التي‬
‫ّ‬
‫َتبناها من خالل تأكيده على أهمية العالقات فيما بين األفراد في بناء املوضوع السوسيولوجي‪ ،‬وتركيزه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫على أشكال التفاعل بين األفراد عن وعي‪ .‬حتى أنه يتخذ أحيانا موقفا ُمبالغا عن أهمية التفاعل في علم‬
‫اجتماعه فقد ساوى مثال املجتمع التفاعل في قوله "املجتمع هو نتاج أو املحصلة النهائية لتلك‬
‫املحددة‪" ،".‬املجتمع مطابق ملجموع كل تلك العالقات" مثل هذه املقوالت أخذت كتأكيد عن‬ ‫التفاعالت ّ‬
‫اهتمامه بالتفاعل‪.‬‬
‫كثيرا بتحليالت "بارسونز" الوظيفية‪ .‬والتي ركزت على جعل وحدة‬ ‫كذلك التفاعلية الرمزية قد ارتبطت ً‬
‫ّ‬
‫الفعل الصغرى أساس الدراسة السوسيولوجية‪ ،‬كذلك ركزت إسهاماته على دور الفاعل وكيفية‬
‫اختياره لألهداف والوسائل التي بها يسعى لتحقيق هذه األهداف‪ ،‬أي نحو تحقيق التفاعل والتبادل‬
‫ّ‬
‫واإلشباع للحاجات األساسية والتي تتم في نسق من األدواروالوظائف والتوقعات والرموز واملعاني‪.‬‬
‫‪ُ -‬ر ّواد التفاعلية الرمزية‪ ،‬ومساهماتهم في تطويرالنظرية‬
‫ّ‬
‫إن مدرسة التفاعل املتبادل (التفاعلية الرمزية) تمثل محاولة نظرية ومنهجية تنهض على أسس‬
‫الدعائم التي أرساها "سير‬ ‫فلسفية وسيكولوجية بهدف فهم السلوك اإلنساني فهما عميقا‪ .‬وتعتبر ّ‬
‫جورج هربرت ميد" مصدرمدرسة فكرية تعرف بالتفاعلية ّ‬
‫الرمزية‪.‬‬
‫‪ -‬جورج هربرت ميد‪:‬‬
‫الرمزي ولد عام‬ ‫الرواد ّ‬
‫املؤسسين في االتجاه التفاعلي َّ‬ ‫هومن أشهرعلماء االجتماع األمريكان‪ ،‬ومن أشهر ّ‬
‫‪ .1863‬وتوفي في ‪.1931‬‬
‫كلية ابرلن‪ .‬ثم تخرج من جامعة هارفارد ّثم جامعة ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫‪ -‬ولد في (مشاشوستس) وتعلم في ّ‬
‫ليبرج ثم جامعة‬
‫ّ‬
‫تأثر ً‬
‫كثيرا بآراء الفالسفة البرجماتيين الذين ينتمون إلى مدرسة جون ديوي من أمثال‪ :‬رويس‪،‬‬ ‫برلين‪ .‬وقد‬
‫وويب جيمس‪.‬‬
‫‪ -‬إن معظم تحليالت "ميد" جاءت في عدد من املقاالت والكتب التي جمعها له تالميذه بعد وفاته‪ ،‬ومعظم‬
‫ّ‬
‫أفكاره قد ركزت على فهم التفاعل املتبادل‪ .‬والذات االجتماعية ومن أهم أعماله التي تركت بصمة له في‬
‫هذا املجال‬
‫* العقل والذات واملجتمع‪ ،‬إذ تعتبرتحليالت "ميد" حول الذات جوهراسهاماته في النظرية الرمزية على‬
‫ّ‬
‫اإلطالق حيث يرى أن الذات تنبثق وتنمو في الوسط االجتماعي من خالل عملية التفاعل االجتماعي‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويبدأ الفرد في التعرف على ذاته من خالل أراء اآلخرين فيه في سنوات حياته املبكرة‪ ،‬كما أن الذات‬
‫تتكون من عنصرين أساسين هما فاعل ومفعول‪ .‬بحيث األنا املفعول ال تنفصل عن األنا ّ‬
‫الفعالة‬
‫باعتبارها مركب بيولوجي واحد ومن الصعوبة فصل كل منهما عن اآلخر‪ ،‬ألنهما يكمالن بعضهما البعض‬
‫وهذا ما يظهرفي صورة الفرد‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫كما يؤكد على األصل االجتماعي للفعل‪ ،‬فاإلنسان ليس كائنا اجتماعيا فحسب بل أن وجوده رهين‬
‫باآلخر‪.‬‬
‫والسلوك‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫والوعي بالنسبة له مصاحب للفعل ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫"أننا واعون حينما يعطي ما نقوم به ّ‬ ‫ّ‬
‫شخصا‪ ،‬ذاتا‬ ‫توجها‪-‬غاية‪ -‬هدفا ملا نقوم به‪ .‬ويصبح العقل الفردي‬
‫خاصا للفكرأو الوعي‪"..‬‬ ‫موضوعا ً‬‫ً‬ ‫عندما يصبح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬كما ركز"ميد" على التفاعل االجتماعي وتحليل أنماط التفاعل ومحصلة األفعال االجتماعية‪ ،‬التي عن‬
‫ّ‬ ‫طريقها ّيتم تشكيل املجتمع اإلنساني وقد كان هدفه ّ‬
‫األول من دراسته محاولة فهم هذه الظاهرة‬
‫كوظيفة ملحتواها االجتماعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتحرر من األفكار السلبية وامليكانيكية عن‬ ‫وخالصة القول‪ ،‬أهمية "ميد" تتجلى في أنه استطاع أن‬
‫ّ‬
‫الذات والشعور‪ ،‬تلك األفكارالتي هيمنت على علم النفس وعلم االجتماع األمريكي في البدايات األولى من‬
‫املميزة للعقل اإلنساني في قدرته على استخدام الرموز ّ‬
‫ليميزاملوضوعات‬ ‫السمة ّ‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬وأبرز ّ‬
‫في البيئة التي يعيش فيها‪.‬‬
‫‪ -‬هربرت بلومر‪:‬‬
‫مادته بعد رحيله‪ ،‬إذ استخدم "بلومر"‬ ‫هو تلميذ "ميد" بجامعة شيكاغو‪ ،‬وقد خلفه في تدريس ّ‬
‫مفاهيم "ميد" من خالل ما يطلق عليه مدرسة شيكاغو التفاعلية الرمزية هو من مواليد‪ 1900 ،‬في‬
‫سانت بوك بن ميسوري في الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وتبدأ التنشئة األكاديمية األولى لبلومرمن خالل‬
‫تخرجه من قسم االجتماع بجامعة شيكاغو وقد حصل على الدكتوراه عام ‪ 1928‬وبعد وفاة "ميد" َّ‬
‫ظل‬ ‫ّ‬
‫عاما‪ ،‬وقد َركز "بلومر" اهتمامه حول دعم وتطوير مفاهيم‬ ‫يكمل رسالته العلمية ألكثر من عشرين ً‬ ‫ّ‬
‫يعمق تحليالت‬‫"ميد"وذلك من خالل دراسته اإلمبريقية للسلوك الجمعي ولكنه أيضا حاول أن ّ‬
‫التفاعلية الرمزية للمجتمع فضال عن اهتمامه بمناقشة املناهج السوسولوجية املالئمة ملنظور‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النظرية‪ .‬ولقد ّ‬
‫تنوعت مؤلفات "بلومر" والتي ركزت معظمها على التفاعل االجتماعي‪ .‬محاوال تحليل‬
‫ّ‬
‫متمي ًزا‪ ،‬كما ركز على دراسة كل من العملية والبناء االجتماعي‪ .‬ونوعية‬ ‫الرمزي وجعله مدخال ّ‬ ‫التفاعل ّ‬
‫طبق في البحوث االجتماعية عامة‪.‬‬ ‫املنهجية السوسيولوجية التي ‪2‬يجب أن ُت َّ‬
‫يتجلى في محاولته لطرح منهج ّ‬ ‫َّ‬
‫معين أو في بعض األحيان عدد من املناهج البحثية ليس فقط في‬ ‫وهذا ما‬
‫ّ‬
‫مجال النظرية السوسيولوجية املعاصرة وإنما لتحديث مناهج البحث امليداني وقد سعى "بلومر"‬
‫لتأييد املدخل التقليدي الذي طرحه استأذن "ميد" حول املنهج التفاعلي الرمزي الذي يرفض املناهج‬
‫السيكولوجية الخالصة التي تقوم على منهج املنبه –واالستجابة فقط‪ ،‬وحرص أن يكون هذا املنهج‬
‫حدد "بلومر" ادوات‬ ‫كما ّ‬ ‫املنبه –التفسير‪ -‬االستجابة‪َ ،‬‬ ‫مبنيا على اساس ّ‬ ‫الجديد للتفاعلية الرمزية ًّ‬
‫ّ‬
‫البحث املنهجي والتي تتمثل في كل من استمارة البحث‪ ،‬واملالحظة باملشاركة باإلضافة إلى استعانته‬
‫ّ‬
‫باملنهج االستنباطي واملنهج االستقرائي ذات الطابع السيكولوجي‪ ،‬وهذا ما جعله يحلل طبيعة العالقة‬
‫املتبادلة بين التفاعل الرمزي والتنظيم االجتماعي واملجتمع‪ ،‬هذا األخير الذي هو شبكة من األفعال‬
‫نسقا ديناميكيا ّ‬ ‫ً‬ ‫ويتصوره عملية رمزية للتفاعل ّ‬
‫ّ‬
‫متغي ًرا‪ .‬وال يمكن أن‬ ‫الداخلي‪ .‬وبهذا يعتبره‬ ‫االجتماعية‪.‬‬
‫يتكون خارج األفراد بقدر ما يكون داخل الذات الفردية‬ ‫نتصوره اعتباره نسقا خامال أو استاتيكيا‪ ،‬أو ّ‬
‫وعالقاتها باألفراد أو الذات (اآلخرين)‪.‬‬
‫التصورات عن التفاعل والتنظيم االجتماعي ربطهما تحليالته حول الحقيقة االجتماعية‪ .‬وتفسيره‬ ‫ّ‬ ‫هذه‬
‫َ‬
‫للفعل االجتماعي وسلوك اآلخرين وكفرضيات يضعها "بلومر" للتفاعلية الرمزية‪:‬‬
‫‪ -‬أن البشريتصرفون حيال األشياء على أساس ما تعنيه تلك األشياء لهم‪.‬‬
‫‪ -‬هذه املعاني هي نتاج للتفاعل االجتماعي في املجتمع اإلنساني‪.‬‬
‫ويتم تداولها عبرعملية تأويل يستخدمها كل فرد في تعامله مع اإلشارات التي‬ ‫‪ -‬وهذه املعاني تحور ُوتعدل ّ‬
‫يواجهها‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولقد تطابق رأي بلومر مع آراء مفكرين كثر على أن الفرق بين الكائنين‪ :‬اإلنسان والحيوان إنما هو في‬
‫اهتم بالتوسع في دراسة مضامين ذلك‪.‬‬ ‫الدال" وقد ّ‬ ‫استخدام اللغة أو "الرمز ّ‬
‫الدال يمنح البشر القدرة على التأمل في ردود أفعالهم ولالستعداد لها في خيالهم‪ .‬ووجود اللغة‬ ‫فالرمز ّ‬
‫ّ‬
‫هو الذي يمكننا من االبتعاد‪ ،‬والتفكيرثم االختيار‪.‬‬
‫املميزة للتفاعل البشري‪،‬‬‫السمة ّ‬‫وهو في ذلك يتفق مع "جورج هربرت ميد" في أن التفاعل الرمزي هو َ‬
‫وجوهرالعالم والبشرالذي يوجدونه ينساب من قدرتهم على التمثيل الرمزي لبعضهم البعض ولألشياء‬
‫ولألفكار‪ .‬فبدون القدرة على وضع الرموز واستخدامها في شؤون البشرية‪ ،‬ما كان ممكنا خلق أو صيانة‬
‫أو تغييرأنماط التنظيم االجتماعي بين الناس وأنه باستخدام البشر للرموز وتبادل االتصال فيما بينهم‬
‫وبفضل قدرتهم على فهم معنى اإلشارات الصوتية والبشرية يستطيع البشرإجراء االتصاالت بكفاءة‪.‬‬
‫‪ -‬جوفمان أرفنج‪ :‬عالم اجتماع أمريكي ولد سنة ‪ 1922‬توفي سنة ‪.1982‬‬
‫جوفمان حقق شهرة واسعة في مجال علم االجتماع بفضل تحليالته ألسلوب العالقات ما بين‬
‫األشخاص‪ .‬وهو صاحب شخصية محورية في علم االجتماع األمريكي وقد تتلمذ على يد هربرت بلومر‪،‬‬
‫ّ‬
‫التصوري املرجعي‪ ،‬أو من‬ ‫حيث جاءت اسهاماته لتحديث نظرية التفاعل الرمزي سواء من حيث اإلطار‬
‫حيث املنهج والدراسات امليدانية التي قام بها "جوفمان" للتأكد من املعطيات واملسلمات األساسية التي‬
‫تقوم عليها النظرية التفاعلية الرمزية‪.‬‬
‫وقد ارتبطت تحليالته بتحليالت أستاذه "بلومر" ومؤسس النظرية "جورج ميد" وهذا ما ظهرفي مؤلفاته‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫"املقدسات"‬ ‫"تصور الذات في الحياة اليومية"‪ ،‬و"املقابالت والوقائع" باإلضافة إلى كتابه عن‬ ‫من أهمها‬
‫ّ‬
‫متطورة عن‬ ‫وأهم ما ذهب إليه "جوفمان" من أفكار والتي وضعها في إطار طرحه لنظرية‬ ‫سنة ‪ّ 1929‬‬
‫التفاعلية الرمزية نذكر‪:‬‬
‫‪ -‬التفاعلية ومنظور الفن –املسرحي‪ -‬حيث ذهب إلى أن املبادئ أوالنفس‪ .‬نوع من التأليف املسرحي هذا‬
‫النوع الذي أطلق عليه بمنظور الفن املسرحي‪ ،‬وهو يماثل منظور األداء املسرحي‪ ،‬الذي تقوم به‬
‫ّ‬ ‫مجموعة من األفراد ً‬
‫بدءا من الذات أو النفس‪ ،‬وما تتضمنها من معاني ورموز‪ ،‬وأشكال وتعبيرات حتى‬
‫ّ‬
‫إيماءات الوجه فجميعها تعكس دور الفرد في الحياة اليومية (والتي تشبه دور املمثل على املسرح‪ ،‬وهنا‬
‫يحاول توضيح طبيعة التفاعل االجتماعي بين األفراد والجماعات‪.‬‬
‫يركزعليها "جوفمان" هي‪ :‬التفاعلية ودراسة املرض العقلي‪:‬‬ ‫‪ -‬الفكرة الثانية التي ّ‬
‫من خالل اهتمامه بدراسة املؤسسات أو التنظيمات العامة‪ ،‬اعتبر املستشفى العقلي‪ ،‬والسجن أو‬
‫نسبيا‪ ،‬يظهر فيها أنماط التفاعل االجتماعي التي تعكس‬ ‫املعتقل ما هي إال مؤسسات أو انساق مغلقة ًّ‬
‫جوانب أخرى من التمثيل املسرحي‪ ،‬حيث ُيجبر األفراد على العيش في مكان واحد تحت سيطرة واحدة‬
‫هذا ما يخلق وجود فئتين‪ ،‬فئة تشعر بالدونية والضعف أي املرض والنزالء وهيئة املراقبة الفئة التي‬
‫الرمزي‪ ،‬األمرالذي جعله يتحول نحو‬ ‫تشعربالفوقية أوصحة املوقف وهذا ما يعكس نمط من التفاعل َّ‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫الحرية واالستقالل‬ ‫فيؤكد أن الفرد دائما يسعى ملزيد من‬ ‫زاوية أخرى ويهتم بالتفاعلية واألدواروالحرية ‪،‬‬
‫خالل قيامه بأدواره التقليدية‪ .‬ولكنه يعجزفي ذلك‪ ،‬وهذا ما حرص جوفمان أن يحلله خالل التمييزيين‬
‫ّ‬
‫الطابع املعياري ّ‬
‫للدور الفردي‪ ،‬وبين األداء الحقيقي (الواقعي) في دور معين بالذات‬ ‫األدوار النمطية أو‬
‫وتحديد نوعية املوقف واألداء الذي عن طريقهما يتم الفرد بأداء مثل هذه األدوار‪.‬‬
‫باإلضافة إلى سعي "جوفمان" لتوضيح وجهة نظره حول نظرية التفاعلية الرمزية في إسهامات أخرى‬
‫جاءت تحت عنوان "الوصمة"‪ ،‬و "التفاعل االستراتيجي"‬
‫‪-‬تقييم التفاعلية الرمزية‪:‬‬
‫وصححت املنظورات األخرى كالوظيفة والصراع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الرمزي‬ ‫‪ -‬لقد ّأكدت التفاعلية الرمزية على التفاعل َ‬
‫ّ‬
‫كما أن مفهومات نظرية التفاعلية أكثر شموال من األنماط املحددة للتفاعل التي تهتم بها منظورات‬
‫الرمزي لتشمل مدى واسع من العالقات اإلنسانية مثل‬ ‫اخرى‪ .‬كما يمكن استخدام مفهومات التفاعل َ‬
‫الصراع التعاون‪ ،‬الخضوع‪ .‬ومن حيث املبدأ فإن التفاعلية الرمزية تجعل صياغة نظريات متباينة‬ ‫ّ‬
‫أمرا ال ضرورة منه‪.‬‬ ‫تدرس كل نمط من العالقات اإلنسانية ً‬
‫ّ‬ ‫ومن خالل النظرية يمكن أن نفهم نموذج اإلنسان عبر ّ‬
‫الدور الذي يحتله‪ ،‬والسلوك الذي يقوم به نحو‬
‫ّ‬ ‫كون عالقة معه خالل مدة زمنية ّ‬ ‫اآلخر الذي ّ‬
‫محددة‪ ،‬والتفاعل ال يمكن أن يتم دون أدوار التي يحتلها‬
‫األفراد‪.‬‬
‫صورا رمزية عن الكائنات غيرالحية كاألنهار‪ ،‬والجيال‪ ،‬والبيوت‪ ،‬والشوارع‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫كذلك يحمل الفرد ً‬
‫ْ‬ ‫وهذه ّ‬
‫الصور تبقى عالقة في ذهنه‪ ،‬فهي تظهر متى شاهد الش يء أو الشخص‪ ،‬أو الجماعة‪ ،‬فاملشاهدة‬
‫تثيرالرمزالصوري أو اإلدراكي‪ ،‬أو الذهني عند الفرد‪.‬‬
‫لتغير طبيعة القضايا واملشكالت التي تعالجها النظرية السوسيولوجية‬ ‫ولقد سعت التفاعلية الرمزية ّ‬
‫وذلك عن طريق نقطتين أساسيتين‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ *1‬التركيز على عدد من املشكالت والقضايا ودراستها بصورة مركزة مثل الجماعة‪ ،‬والذات‪ ،‬والتفاعل‬
‫والتبادل‪ ،‬وهذا ما نتج عنه ما يسمى بمدخل الوحدات التحليلية ّ‬
‫الصغرى‪.‬‬
‫‪ *2‬توجيه اهتمام الباحثين واملهتمين بعلم االجتماع لضرورة تحديث مناهج البحث السوسيولوجي‬
‫ممثلة في استخدام املناهج الكيفية التي يعتمد عليها علماء النفس مثل االستبطان‪ ،‬واالستقراء من‬
‫ناحية‪ ،‬واالعتماد على العديد من أدوات البحث االجتماعي وطرفه املنهجية مثل املالحظة‪ ،‬والتجربة‬
‫عززت من عمليات البحث امليداني‬ ‫ّ‬
‫متعددة ّ‬ ‫واستمارة البحث واملقاييس الكمية وغيرها من أساليب‬
‫تؤدي بدورها إلى تطويرالنظرية السوسيولوجية‪.‬‬‫ونتائجه التي ّ‬
‫‪-‬نقد التفاعلية َ‬
‫الرمزية‬
‫ّ‬
‫بالرغم من أهمية النظرية التفاعلية الرمزية وأثرائها ملجال النظرية السوسيولوجية املعاصرة‪ ،‬إال ّأنها‬ ‫ّ‬
‫العامة التي تدور حولها هذه‬ ‫ّ‬ ‫تعرضت أيضا للعديد من االنتقادات يمكن اإلشارة إلى الخطوط‬ ‫ّ‬
‫االنتقادات‪:‬‬
‫ّ‬
‫الرمزية كنظرية سوسيولوجية قد تخلت ً‬ ‫‪ -‬يرى بعض العلماء أن التفاعلية َ‬
‫كثيرا عن استخدام‬
‫األساليب العلمية التقليدية‪ ،‬وخاصة ألن أصحابها رؤوا أن مضمون اهتماماتهم وقضاياهم التي ترتبط‬
‫تتصف ّ‬ ‫بالذات اوالوعي ّ‬ ‫ّ‬
‫بالدراسات املتنوعة التي يصعب عليهم استخدام األساليب الكمية والتي يمكن‬
‫ّ‬ ‫أن تساعد عمليات الترميز‪ .‬والتصنيف‪ ،‬او حتى الحصول على أرقام ّ‬
‫محددة‪ .‬وهذا ما تخلى عند ّرواد‬
‫التفاعلية الرمزية وجعلهم يبتعدون عن خاصية املوضوعية‪ ،‬واستخدام العلم عند تحليل قضايا‬
‫النظرية ومشكالتها األساسية‪.‬‬
‫والتصورات الغامضة وهذا ما جعل العديد من القضايا واملسلمات غير‬ ‫ّ‬ ‫‪ -2‬ظهور العديد من التحليالت‬
‫مما ّأدى لعدم الوصول إلى القوانين والتعميمات العامة حول التفاعلية ال َرمزية‪.‬‬
‫قابلة لالختبار ّ‬
‫‪ -3‬إهمال التفاعلية الرمزية في معظم تحليالتها لدراسة البناءات الكبرى‪ .‬وهذا ما جعلها غيرقادرة على‬
‫َ‬
‫الت ُّنبؤ خاصة في القضايا التي حاولت معالجتها بصورة نظرية وميدانية واقعية في نفس الوقت‪.‬‬
‫الرمزية على أن املجتمع تفاعل رمزي دون أن تشيرإلى أنماط الظروف مهما كان نوع‬ ‫أكدت التفاعلية َ‬‫‪ّ -4‬‬
‫يؤدي إلى ظهور وانبثاق أي نمط من أنماط بناء اجتماعي واستمراره‪ .‬وتغييره في سياق أي‬ ‫التفاعل الذي ّ‬
‫ظرف من الظروف‪.‬‬
‫‪ -5‬جعلت من الشخصية أوالذات محور دراستها‪ ،‬وجذبت انتباه الباحثين إلى دراسة التفاصيل الصغيرة‬
‫في الحياة االجتماعية وبذلك تكون قد استبعدت النظام االجتماعي والسياس ي واالقتصادي من مجال‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫ّ‬
‫والتصورات والعوامل السيكولوجية‪ ،‬إن‬ ‫‪ -6‬إخفاق التفاعلية الرمزية في تحليل الكثير من املفهومات‬
‫تماما ومن أهم هذه املفهومات‪ :‬الحاجات‪ ،‬الدوافع‪ ،‬التوتر واإللهام‪ .‬وإن كانت قد‬ ‫لم تكن قد أهملتها ً‬
‫ّ‬
‫ركزت فقط على دراسة املعاني‪ .‬والرموز‪ ،‬والفعل والتفاعل‪.‬‬
‫الرمز‪ ،‬كما أنه الرموز ً‬
‫كثيرا ما تخرج عن معناها وما يتوقع منها وهذا‬ ‫‪ -7‬يالحظ عدم ّ‬
‫الدقة الكبيرة لكلمة َ‬
‫ما رآه الكثيرمن علماء االتجاه الرمزي‪.‬‬
‫تتميز باملواقف السريعة‬‫‪ -8‬سعت التفاعلية الرمزية لدراسة وتحليل املواقف الحياتية اليومية‪ ،‬التي ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫والسطحية دون التعمق في دراسة طبيعة التفاعل الذي يحدث في املواقف غير الظاهرة في املجتمع‬
‫كحاالت الجريمة واالنحراف والظل االجتماعي ّ‬
‫ككل‪.‬‬
‫الرمزية كنظرية سوسيولوجية تسعى إلى دراسة دور الفرد وسلوكه في املجتمع داخل‬ ‫إن التفاعلية َ‬
‫الجماعة التي ينتمي إليها مع االهتمام بكون عملية التفاعل والتبادل الذي يحدث بين الفرد وذاته أو‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫أساسا‬ ‫بيئته‪ ،‬أو بين الجماعة واملجتمع الذي يعيش فيه‪ .‬ومن َّثم فالتفاعلية الرمزية تركز على الفرد‬
‫كغيرها من النزعات النفسية االجتماعية‪ ،‬كما تسعى لتحليل نسق الرموز واملعاني التي تترجم في السلوك‬
‫َ‬
‫الفردي والدور الوظيفي والسيكولوجي الذي يقوم على الفرد في املجتمع‪ .‬وتحرص التفاعلية الرمزية‬
‫على دراسة املظاهر الرمزية للتفاعل‪ ،‬ومركب العالقة املتبادلة بين الفرد واملجتمع وكيفية تنظيم هذه‬
‫العالقة‪ .‬والسيما من قبل الفرد في إطاروأسلوب عقالني يعكس مجموعة العناصرالداخلية أي الذاتية‬
‫للفرد واستجابته للمواقف والعمليات االجتماعية‪.‬‬
‫املحاضرة الثالثة‪:‬‬

‫املحاضرة الثالثة‪:‬‬

‫أهم اإلسهامات السوسيولوجية لبييربورديو‬

‫نبذة عن حياة بورديو‪:‬‬

‫ولد (بيير بورديو) سنة ‪ .1930‬درس بورديو الفلسفة في مدرسة املعلمين العليا في باريس ونال فيها‬
‫شهادة األستاذية في الفلسفة في عام ‪195‬م‪ .‬وكان (جاك دريدا) الفيلسوف الفرنس ي الشهير من الذين‬
‫تخرجوا في نفس الدورة‪ .‬أطلع بورديو على أعمال (ماركس( )وجان بول سارتر )وفي الوقت الذي كان‬
‫املذهب الوجودي يطغى على األوساط الفلسفية‪ ،‬توجه بورديونحودراسة املنطق وتاريخ العلوم ثم تابع‬
‫حلقة دراسية في التعليم العالي حول فلسفة الحق عند هيجل‪ .‬ولكن‪ ،‬بعد تجربة قصيرة له كأستاذ في‬
‫إحدى الثانويات‪ ،‬دعي من قبل املكتب النفس ي للجيوش في مدينة فرساي ولكن ألسباب تأديبية أرسل‬
‫بسرعة إلى الجزائرحيث أدى هناك القسم األساس ي من خدمته العسكرية‪ .‬ومن ‪1958‬الى‪1960‬م تمنى‬
‫أن يتابع دراساته عن الجزائر‪ .‬فدرس في كلية اآلداب في الجزائر واهتم بالدراسات األنثروبولوجيية‬
‫واالجتماعية وكتب بعد عودته إلى فرنسا مباشرة كتابا بعنوان (سوسيولجيا الجزائر)‪ .‬ثم أصدر كتابا‬
‫آخر بعنوان (أزمة الزراعة التقليدية في الجزائر)‪ .‬وبدأ يدرس الفلسفة في السوربون ثم أصبح مديرا‬
‫لقسم الدراسات في مدرسة الدراسات العليا‪ ،‬ثم مديرا ملعهد علم االجتماع األوربي‪ ،‬كما انتخب عام‬
‫‪1982‬م لكرس ي علم االجتماع في «الكوليج دو فرانس»وهي أعلى هيئة علمية في فرنسا‪ .‬وكانت محاضرته‬
‫االفتتاحية في «الكوليج دو فرانس »بعنوان "درس في درس" وقد جال فيها بجدارة في ميادين النقد‬
‫االجتماعي والسياس ي والتربوي والنفس ي وختمها بالتحذير من ظاهرة التسامي الزائف التي تنشأ عن‬
‫إساءة استخدام املعرفة‪ .‬وهكذا ظل يدرس ويحاضرفيها لغاية عام ‪2001‬م‪ .‬كان بييربورديو على موعد‬
‫مع الشهرة مبكرا بعد إصداره كتاب (الورثة )باالشتراك مع (جون كلود باسرون) ولكن تألق نجمه مع‬
‫ثورة الطالب عام ‪1968‬م التي جذبت وركزت أنظار املجتمع الفرنس ي ووسائل اإلعالم على الجامعة‬
‫والنظام التعليمي‪.‬‬

‫وقف بورديو على الدوام ضد النظام التعليمي القائم على تلقين املعلومات ونقد بشدة املدارس‬
‫ومناهجها‪ .‬وحسب رأيه يجب أن تكتفي الدولة بتعليم التعليم وتدريب الناس على تحصيل املعرفة‪.‬‬
‫فالرجل يرفض االدلجة وال يقبل أية شبهة للتأثيرالسياس ي في التعليم‪.‬‬

‫طرح (بورديو) عددا من املفاهيم واالستعارات القوية من أجل صياغة تحليله لعالقة ‪:‬‬
‫القوة والسيطرة‬
‫وذلك في الفضاء االجتماعي‪ .‬وقد أسس بورديوموقفه النظري من خالل مقال كتبه عام ‪1970‬م بعنوان‬
‫(مخطط تمهيدي لنظرية املمارسة)‪.‬توفي بورديو سنة ‪.2002‬‬
‫من أهم أعماله‪:‬‬

‫سوسيولوجيا الجزائر(‪.)1958‬‬
‫َ َ‬
‫الو َرثة‪ .‬الطلبة والثقافة (‪.)1964‬‬
‫إعادة اإلنتاج‪ .‬أصول نظرية في نظام التعليم (‪.)1970‬‬
‫التمييز‪-‬التميز‪ .‬النقد االجتماعي ِل ُحكم الذوق (‪.)1979‬‬
‫ْ‬
‫ال ِحس العملي (‪.)1980‬‬
‫َ‬
‫ما معنى أن تتكلم‪ .‬اقتصاد التبادالت اللغوية (‪.)1982‬‬
‫درس في الدرس (‪.)1982‬‬
‫مسائل في علم االجتماع (‪.)1984‬‬
‫اإلنسان األكاديمي (‪.)1984‬‬
‫ُ‬
‫أشياء َمقولة (‪.)1987‬‬
‫األنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدغر(‪.)1988‬‬
‫إنسيات انعكاسية (‪.)1992‬‬‫إجابات‪ .‬من أجل ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫قواعد الفن‪ُّ .‬‬
‫تكون وبنية الحقل األدبي (‪.)1992‬‬
‫َ‬
‫بؤس العالم (‪.)1993‬‬
‫َ‬
‫ِعل ٌل َع َملية‪ .‬في نظرية الفعل (‪.)1994‬‬
‫في التلفزة (‪.)1996‬‬
‫تأمالت باسكالية (‪.)1997‬‬
‫السيطرة الذكورية (‪.)1998‬‬
‫البنيات االجتماعية لالقتصاد (‪.)2000‬‬
‫علم العلم واالنعكاسية (‪.)2001‬‬
‫تدخالت‪ .‬العلم االجتماعي والعمل السياس ي ‪.)2002( ،2001-1961‬‬
‫الع َّزاب‪ :‬أزمة املجتمع القروي ببيارن‪.2002 ،‬‬
‫حفلة رقص ُ‬
‫توطئة لتحليل‪-‬ذاتي (‪.)2004‬‬

‫تكوينه النظري‪:‬‬

‫تأثربييربورديوفي تكوينه وبناء تصوراته النظرية والتطبيقية بمجموعة من املنظرين واملفكرين‬


‫الكبارونجد منهم ‪:‬‬

‫ماكس فيبرفي البعد الرمزي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫كارل ماركس في رأس املال‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اميل دوركهايم في التفسيرالسببي‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫كلود ليفي ستروس ومارسال موس في البنيوية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫موريس مارلوبونتي وهوسرل في الفينومينولوجيا وفكرة الجسد الخاص‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫فيتجنشتاين في فكرة الطبيعة‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫باسكال في فكرة قواعد الفاعلين املجتمعيين‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫أهم افكاره‪:‬‬
‫تظهرالعديد من أفكاربورديوخاصة السوسيولوجية منها من خالل املفاهيم األساسية التي طرحها ومن‬
‫هذه املفاهيم نجد‪:‬‬
‫السوسيولوجيا‪:‬‬
‫السوسيولوجيا عند بورديوهي عملية علمية انتقاديه أي هي عملية املزج بين ماهوعلمي ونقدي ‪،‬بحيث‬
‫ان دور السوسيولوجي يكمن في تعرية الواقع ذلك الواقع الذي سماه بورديو بواقع الهيمنة والقوة و‬
‫النفوذ‪.‬ومن مهام السوسيولوجيا والسوسيولوجي هو انتقاد املجتمع الليبرالي املعاصر حيث ان هذا‬
‫االخيرال يمكن له إال ان يكون مجتمعا يتميزبالظلم والالمساواة وصراع الحقول والطبقات و التفاوت‪.‬‬
‫ولكن شدد بورديو ونبه الى ان الدور الذي تلعبه السوسيولوجيا ال يجب ان يكون دورا سياسيا او‬
‫ايديولوجي فقط وانما يجب ان تتميزالسوسيولوجيا عند ه بالطابع العلمي املنطقي‪.‬‬
‫اعادة االنتاج‪:‬‬
‫ركزبورديواهتمامه على النظام التربوي الفرنس ي مع جون كلود باسرون ‪ Jean claude passeron‬وذلك‬
‫في كتابهما إعادة اإلنتاج حيث تناوال املفهوم بالتحليل والدراسة والتقويم‪ ،‬ويمكن القول ان هذا الثنائي‬
‫‪-‬بورديو وباسرون – هما اللذان منحا والدة ثانية لسوسيولوجيا التربية حيث انهما انطلقا من فرضية‬
‫مفادها ان املتعلمين اليملكون الحظوظ نفسها في تحقيق النجاح الدراس ي وهذا راجع بالدرجة االولى‬
‫الى مجموعة من العوامل وعلى رأسها ‪:‬‬
‫‪ -‬املكانة االجتماعية لألسرة‪.‬‬
‫‪ -‬التراتبية االجتماعية والتفاوت الطبقي‬
‫‪ -‬الفروقات الفردية عند التالميذ‪.‬‬
‫فالحظ كل من بورديو وباسرون ان الثقافة التي يتلقاها املتعلم في املدرسة الفرنسية‬
‫الرأسمالية – من خالل البرامج طبعا‪-‬ليست ثقافة نزيهة او موضوعية او بريئة او محايدة بل هي‬
‫ثقافة مؤدلجة تعبر عن ثقافة الهيمنة وثقافة الطبقة الحاكمة ‪ ،‬فاملدرسة حسب بورديو ال‬
‫تحرر املتعلم وانما تسعى الى ادماجه في مجتمع يتميز بثقافة التوافق والتطبع واالنصياع‬
‫واالنضباط املجتمعي ومن هنا فان املدرسة هي أداة أساسية إلعادة االنتاج فهي مدرسة‬
‫الالمساواة‪.‬‬
‫العنف الرمزي‪:‬‬
‫قدم بورديو نقدا للماركسية في كونها تغاضت عن العوامل غيراالقتصادية ليس بمعنى ان بورديوبدوره‬
‫اهمل اهمية العامل املادي ولكن في نفس الوقت هناك عوامل اخرى لها اهميتها ايضا وخاصة العامل‬
‫الثقافي ‪ ،‬إذ أن الفاعلين املسيطرين‪ ،‬في نظره‪ ،‬بإمكانهم فرض منتجاتهم الثقافية (مثال ذوقهم الفني) أو‬
‫الرمزية (مثال طريقة جلوسهم أو ضحكهم وما إلى ذلك)‪ .‬فالعنف الرمزي هو قدرة املسيطر على فرض‬
‫املنتجات الرمزية وجعلها ذات اهمية و قيمة ومرجع بالنسبة للمسيطرعليه‪.‬‬

‫الحقل االجتماعية ‪:‬‬

‫يوظف بورديو مفهوم الحقل االجتماعي بمعنى الفضاء االجتماعي بحيث انه يرى أن العالقات‬
‫االجتماعية‪ ،‬في املجتمعات الحديثة‪ ،‬تنقسم إلى حقول‪ ،‬أي فضاءات اجتماعية أساسها نشاط َّ‬
‫معين‬
‫(مثال‪ّ :‬‬
‫الصحافة‪ ،‬األدب‪ ،‬كرة القدم‪ ،‬الفن‪ )......‬يتنافس فيها الفاعلون الحتالل مواقع السيطرة (مثال‪،‬‬
‫ِ‬
‫يريد الصحافي أن يشتغل في أوسع وأقوى جريدة وبعدها يحاول أن يحصل على أعلى منصب في تلك‬
‫العالم االجتماعي‪ ،‬عند بورديو‪ ،‬ذا طبيعة ُ‬
‫تناز َّ‬ ‫َ‬
‫عية‪،‬‬ ‫الجريدة‪ ،‬إلخ‪ .).‬فعلى غرارالتصور املاركس ي‪ ،‬يبدو‬
‫املكونة للعالم االجتماعي تخص مختلف الحقول وليست مجرد صراع بين‬ ‫ّ‬
‫غيرأنه يؤكد أن التنازعات ِ‬
‫طبقات معينة وثابتة أي بين طبقة وطبقة اخرى وإنما أيضا بين الطبقة نفسها(مثال‪ ،‬ليست بين‬
‫األغنياء والفقراء فقط‪ ،‬بل بين األغنياء واألغنياء وأيضا بين الفقراء والفقراء‪.‬‬

‫الهابتوس ‪:‬‬

‫من املفاهيم األساسية عند بورديو‪ .‬و"يعرف بأنه‪ :‬نسق االستعدادات الدائمة والقابلة للنقل التي‬
‫يكتسبها الفاعل االجتماعي من خالل وجوده في حقل اجتماعي بالعالم االجتماعي حيث يعيش"‪ .‬ويترجم‬
‫السجية أو َّ‬
‫الس ْمت‪ .‬ولعل اللفظ األخيرأقرب ألداء املعنى‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫التطبع أو‬ ‫هذا املصطلح في العربية بلفظ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫املطلوب‪ ،‬من حيث إنه يدل أصال على الهيئة أو الحال‪ ،‬على الرغم من أن لفظ امللكة كما استعمله‬
‫بالخصوص ابن خلدون ُيمكنه أداء املعنى نفسه‪ ،‬خصوصا أن األمريتعلق بمفهوم يجد جذوره في‬
‫فلسفة أرسطو‪ .‬ويلعب هذا املفهوم دورا مركزيا في عمل بورديو النظري‪ ،‬إلى جانب مفهومي الحقل‬
‫والعنف الرمزي‪ .‬فالفاعل االجتماعي يكتسب‪ ،‬بشكل غيرواع‪ ،‬مجموعة من االستعدادات من خالل‬
‫ُ ّ‬ ‫تمكنه من أن ُي ّ‬ ‫ّ‬
‫طور‬
‫كيف عمله مع ضرورات املعيش اليومي (مثال‪ ،‬ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫انغماسه في محيطه االجتماعي ِ‬
‫طبقها على كل املشكالت التي يواجهها في وسطه)‪ .‬ويختلف‬ ‫الفالح عادات ذهنية وسلوكية معينة ُي ّ‬
‫ِ‬
‫الهابتوس باختالف الحقول التي يكون الفاعل االجتماعي طرفا فيها وباختالف املوقع الذي يحتله في‬
‫مجاله الخاص‪.‬‬
‫ويرتبط الهابيتوس برأس مال معين حسب بورديو ويكون بالترتيب‪:‬‬
‫‪ -1‬الرأسمال املادي‬
‫‪ -2‬الرأسمال الثقافي‬
‫‪ -3‬الرأسمال االجتماعي‬
‫‪ -4‬الرأسمال الرمزي‪.‬‬

‫االنعكاسية ‪:‬‬
‫ُ َّ‬
‫ظل بورديو يؤكد أن مكتسبات البحث العلمي يجب أن تسلط على تحليل شروط اشتغال الباحث‬
‫نفسه بما هو ذات ُمن ِتجة للمعرفة‪ ،‬أي ال بد من ممارسة تفكيرانعكاس ي على ضوء نتائج العلم‪،‬‬
‫خصوصا العلم االجتماعي‪ .‬ومن هنا تأتي ضرورة أن يقوم الباحث االجتماعي بتحليل عمله وخطابه‬
‫انعكاسيا ً‬
‫(ذاتيا)‪ .‬ولعل أبرز تطبيق لهذا يوجد في كتاب اإلنسان األكاديمي الذي تناول‬ ‫ً‬ ‫ونشاطه تحليال‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حدد بروزواشتغال املتخصص كأستاذ جامعي أو مثقف أكاديمي‪.‬‬ ‫فيه بورديو مجموع الشروط التي ت ِ‬
‫وتتمثل أهمية االنعكاسية في كونها تجعل الباحث يستعمل االكتشافات املترتبة على ممارسته العلمية‬
‫شرط حاله كذات مفكرة والتي‬ ‫ليغربل دوره وليكشف العوامل الناتجة عن تاريخه الشخص ي التي َت ُ‬
‫ُ ّ‬
‫شوش رؤيته للمجتمع بدون وعي منه في غالب األحيان‪ .‬ولذا يعد التحليل‬
‫تؤثرعلى ممارسته العلمية وت ِ‬
‫ً‬
‫االنعكاس ي‪ ،‬بما هو تحليل‪-‬اجتماعي‪ ،‬شرطا ال غنى عنه لكل ممارسة علمية حقيقية‪.‬‬

‫املحاضرة الرابعة‪:‬‬

‫أهم اإلسهامات السوسيولوجية لريمون بودون‬

‫نبذة عن حياة ريمون بودون‬


‫عالم اجتماع فرنس ي ولد ‪ 1943‬كان طالب سابق في االحصائيات ومجمع الفلسفة‪ ،‬وكان يدرس علم‬
‫االجتماع في جامعة بوردو‪ ،‬ثم عين أستاذا في جامعة باريس الرابعة " السوربون " في عام ‪..2002‬‬
‫ريمون بودون هو رائد من رواد علم االجتماع الفرنسيين في القرن العشرين‪ ،‬اشتغل حول عدة قضايا‬
‫في كل املجاالت االجتماعية والسياسية ‪.‬‬
‫سافر سنة ‪ 1960‬الى الواليات املتحدة االمريكية وكواالنبور حيث ناقش مع العلماء االمريكيين عدة‬
‫قضايا ‪ ،‬ومن خالل االتصال بهم توجه نحو التحول الى االساليب الكمية في علم االجتماع بعد ما كان‬
‫يهتم باألساليب الكيفية‪.‬‬
‫من بين أعماله‪:‬‬
‫التحليل الرياض ي للعلوم االجتماعية ‪.1967‬‬
‫‪ -‬مناهج في علم االجتماع ‪.1969‬‬
‫الرياضيات في علم االجتماع ‪.1971‬‬
‫الفردانية املنهجية‪:‬‬
‫يجمع املنشغلون وباالخص في الحقل السوسيولوجي على أن أصول املقاربة الفردانية تعود أساسا إلى‬
‫أعمال كل من ماكس فيبر و فلفريدو باريتو‪ .‬نجد في مؤلفات ‪ Boudon‬تأكيدا على هذا األمر‪ ،‬وهو ما دفع‬
‫ّ‬
‫ببودون الى العودة إلى أعمال هذين املفكرين ليبرهن على أصالة فكره وتجذرمقاربته الفردانية في الفكر‬
‫السوسيولوجي‪ .‬فالتصنيف الفيبري املعروف لألفعال اإلنسانية ‪:‬‬
‫‪ -‬الفعل التقليدي‬
‫‪ -‬الفعل العاطفي أو االنفعالي‬
‫‪ -‬الفعل العقالني القيمي‬
‫‪ -‬الفعل العقالني الغائي‬

‫كما التمييزالباريتي ‪ -‬نسبة لباريتو – بين‪:‬‬


‫‪ -‬الفعل املنطقي‬
‫‪ -‬الفعل غيراملنطقي‬
‫نجد ان بودون تفطن أن جذور املقاربة الفردانية تمتد حتى لعلماء االجتماع املعروفين برواد املقاربة‬
‫الكليانية( ‪ )l’approche holistique‬على غراركارل ماركس وإيميل ديركايم‪.‬‬

‫وتوصل بودون إلى أن كل التحاليل السوسيولوجية تحتوي بشكل ظاهرأوخفي على مبدأ الفردانية فهي‬
‫عند ‪:‬‬

‫ألكسيس دي توكفيل (‪ )Alexis de Tocqueville‬نتاج اتساع املجال الخاص‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫دوركايم (‪ )Durkheim‬انعكاس لتدعم استقاللية الفرد معياريا وأخالقيا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫زيمل(‪ )G.Simmel‬وتالكوت بارسونز(‪ )T.Parsons‬نتيجة لتطور العالقات‬ ‫جورج ّ‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫ماركس (‪ )K. Marx‬فهي نتاج املنافسة في السوق التي تدعم انعزال األفراد‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ .‬نجد في مختلف كتابات بودون ‪ Boudon‬نقدا للمقاربات الكليانية التي “لم تنظر للفرد إال بوصفه‬
‫تحدد طموحاته ورغباته عبر محيطه االجتماعي” (دوركهايم مثال)‪.‬‬ ‫نقطة عبور لألفكارالجماعية حيث ّ‬
‫هذا هو الفرد الذي سيجعل منه بودون أداة التحليل املركزية في أعماله‪.‬‬

‫بل أكثرمن ذلك لقد جعل منه إطارا للتحليل‪ ،‬وهو أيضا أي الفرد سيكون املنطلق الذي سينظرمنه‬
‫وعبره للظواهراالجتماعية على نحو ما ّ‬
‫تقره الفردانية املنهجية‪.‬‬

‫إن اإلنسان بالنسبة لدوركايم يعتبر كائن اجتماعي بطبعه وال يمكنه أن يكون شيئا اخر‪ .‬وهذا يعني أن‬
‫الجانب الفردي في الجماعة ال يتعارض أبدا مع الجانب االجتماعي‪ ،‬الش يء الذي عبرعنه دوركايم بقوله‬
‫بأنه داخل كل كائن ‪ ،‬هناك كائن فردي يعبرعن منظومة امليول الفردانية ‪ ،‬وكائن اجتماعي يمثل جميع‬
‫املواقف واالتجاهات والقيم التي يشترك فيها مع الجماعة التي ينتمي إليها‪ (.‬مبرر هام بالنسبة لبودون)‬

‫لذلك فعالم االجتماع مطالب إلى تحليل أثرالبيئة وتغيرات املحيط على الفعل الفردي‪ .‬إن خصوصية‬
‫التحليل السوسيولوجي تكمن كما يقول بودون في أنه‪:‬‬

‫“يرنو إلى دراسة حاالت فردية‪ ،‬ال من خالل براديغم استخراج املفرد من املفرد‪ ،‬بل من خالل نمط أو‬
‫سنفسر”‪ .‬ومهما تكن سلطة هذا النظام‬‫ّ‬ ‫شبه نمط ممثل لبنية نظام التفاعل تنمو داخله الحاالت التي‬
‫على األفراد املكونين له من خالل تفاعلهم فإن لهؤالء أيضا قدرة على الفعل والتأثيرومن ثمة على تغيير‬
‫هذا النظام وهو ما يستوجب طرحا منهجيا مخالفا يعطي لألفراد أولوية في تحليل هذا النظام‪.‬‬

‫يعني مبدأ الفردانية املنهجية وفق ‪“ Boudon‬أنه على عالم االجتماع أن يقيم قاعدة منهجية العتبار‬
‫األفراد أو الفاعلين الفرديين املنتمين إلى نظام تفاعل كذرات منطقية في تحليله”‪ .‬تنبني هذه القاعدة‬
‫املنهجية إذن على أساس اعتبار األفراد املسؤولين املباشرين ّ‬
‫عما يطرأ من ظواهر اجتماعية داخل‬
‫األنظمة‪.‬‬

‫وتقوم الفردانية املنهجية على مرحلتين اساسيتن ‪:‬‬

‫‪ -1.‬مرحلة التفسير‪ :‬نثبت من خاللها أن هذه الظواهراالجتماعية هي محصلة تجميع أوإدماج مجموعة‬
‫من األفعال الفردية‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحلة الفهم تتلخص في إدراك معنى هذه األفعال وبعبارة أدق إيجاد األسباب الوجيهة التي دفعت‬
‫الفاعلين إلى القيام بذلك‪.‬‬

You might also like