Professional Documents
Culture Documents
العدالة الجنائية التصالحية دراسة قانونية مقارنة
العدالة الجنائية التصالحية دراسة قانونية مقارنة
Professor. Amal fadhil abed kheshan annooz أ.د .أمل فاضل عبد خشان عنوز
Assistant Professor أستاذ مساعد
College of Law Al-Nahrain University, Iraq.
كلية الحقوق ،جامعة ال رين ،العراق.
امللخص:
يـراد بالعدالــة الجنائيــة التصــالحية العمليــة ال ـ يشــارك ف ــا الضــحية والجــاني وأي
فــرد مــن اف ـراد املجتمــع ،أو أي مــن أعضــاء املجتمــع املح ــي مــن املتضــررين مــن الجريمــة
ً
،بتســوية ال اعــات الناشــئة عــن الجريمــة وا ا ــا بعيــدا عــن ســاحات القضــاء .فﻬ ـ عــن
طريـ ــق وس ـ ــائلها تعـ ـ ّـد طريق ـ ــة غ ـ ــﺮ قض ـ ــائية إلدارة ال ـ ــدعوى الجزائي ـ ــة يمكـ ــن م ـ ــن خالله ـ ــا
املساعدة ع ى تجاوز أزمة العدالة الجنائية ال تعاني م ا كافة املجتمعات الانسانية.
و ــذا تعـ ّـد العدالــة التصــالحية رد فعــل متطــور تجــاﻩ الجريمــة واملعالجــات التقليديــة
لها ،تب التفاهم ب ن أطراف ال اع وتعزز الانسجام الاجتما ي ب ن أفرادﻩ.
الكلمات املفتاحية:
العدال ــة التص ــالحية ،العدال ــة الجنائي ــة ،العدال ــة ٓالامن ــة ،العدال ــة املجتمعي ــة ،العدال ــة
املتوازية.
The Reconciliation criminal justice
Comparative legal study
Abstract:
The concept of reconciliation criminal justice, the process which the victim and
the offender and any member of the community or any of the members of the local
community involving for affected by the crime to settle disputes arising from crime
and termination of yards away from the judiciary. It is by their means is a non-
judicial way to manage criminal case from which to help to overcome the crisis of the
criminal justice suffered by all human societies.
By this system we can response sophisticated reaction to the crime and its
traditional processors, the adoption of understanding between the parties to the
conflict and promote social harmony among its members.
Keywords:
Reconciliation justice, criminal justice, safe Justice, Community criminal Justice,
parallel justice.
مقدمة
تعـاني الـدول الناميـة م ـا واملتقدمـة ع ـى اخـتالف أيـدولوجيا ا مـن ظـاهرة التضــخم
العقابي ،ال تع ّـد نتيجـة طبيعيـة السـتخدام املشـرع السـالح العقـابي ،ملواجهـة الكث ـﺮ مـن
ٔالانماط املستحدثة من السلوك الاجرامي.
وتالزمت ظاهرة أزمة العدالة الجنائية مع ظاهرة التضخم العقابي ي العراق ،وال
ً ً
كانت نتاجا طبيعيا ل ايد عدد القضايا الجنائيةٔ ،الامر الذي بـات ّـدد املحـاكم بالشـلل،
ً ً ً
وأض ـ ى الوصــول إ ــى العدالــة النــاجزة ٓالامنــة أم ـرا عس ـ ﺮا ،وغــدا القضــاء معــذورا اذا لــم
يحقق العدالة ٓالامنة.
ٔالام ــر ال ــذي دف ــع املجتمع ــات املحلي ــة ا ــى البح ــث ع ــن الب ــديل ــي خف ــض مع ــدالت
الجريمــة ،والعــود والتــوتر ب ـ ن أبنائــه تحــت مس ـم العدالــة الجنائيــة التصــالحية القائمــة
ع ى املجتمع ،والبحث ي إمكانية تطبيقه ي العراق ،ي ظل انتشار الجرائم والانحرافـات
ًّ
ٔالاقــل خطــورة ومــا يســتد ي ذلــك مــن اتبــاع طــرق حديثــة للحــد م ــا ،مقارنــة بمــا يعانيــه
الحد م ا بالطرق التقليدية. العراق اليوم من توتر أم وعمليات إ هابية تستد ي ّ
ر
ً
والعدالة التصالحية فلسفة قديمة ي مختلف املجتمعات ،عادت مجددا ي بعـض
املجتمعــات الحديثــة ،ونأمــل اليــوم بــأن يكــون لهــا مجــال للتطبيــق ــي مجتمعنــا العرا ــي،
12
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
ً
ليس بديال لنظام العدالة الجنائية بل كنظام يعمل بجانبه لتخفيف العبء عليـه وبـنهج
جديد يقتلع جذور الجريمة ويرﺳ مبادئ املشاركة ي حل املشكالت الاجتماعية.
أهمية البحث
وتنب ــع أهمي ــة ه ــذا البح ــث م ــن أهمي ــة ال ــدعوة ا ــى تعزي ــز اجـ ـراءات نظ ــام العدال ــة
الجنائيــة التقليديــة ،بتجربــة جديــدة مــن شــأ ا أن تعـ ن املجتمعــات املعاصــرة ع ــى ايجــاد
حلول ناجعة ملشكلة الانحراف والجريمة.
وتكم ــن الغاي ــة م ــن امكاني ــة تطبي ــق نظ ــام العدال ــة التص ــالحية ــي معالج ــة القض ــايا
الجنائية واملنازعات املحلية بالحوار والتوفيق والصفح والتصالح ،والسـ ي إلعـادة الحالـة
إ ــى مــا كانــت عليــه قبــل الجريمــة ،ويــتم الحــوار والتوفيــق ب ـ ن ٔالاط ـراف املعنيــة بمشــاركة
املجتمع وتحمل املسؤوليات وتعويض الضحايا وازالة آثار الجريمة وأسبا ا.
ومم ــا يض ــاعف م ــن أهمي ــة ال ــدعوة ا ــى الانتق ــال بنظ ــام العدال ــة الجنائي ــة إ ــى نظ ــام
العدال ـ ـ ــة التص ـ ـ ــالحية املجتمعي ـ ـ ــة ،انس ـ ـ ــجامها الت ـ ـ ــام م ـ ـ ــع ثواب ـ ـ ــت املجتمع ـ ـ ــات العربي ـ ـ ــة
والاس ــالمية ال ـ ـ عرف ــت ثقاف ــا ه ــذا ال ــنهج ــي التعام ــل م ــع مش ــكلة الجريم ــة .إذ عرف ــت
املجتمعــات العربيــة ــي تاريخهــا القــديم نظــم القضــاء ٔالاه ــي ،وتســوية املنازعــات بــالطرق
الوديـ ــة والاحتكـ ــام لرؤسـ ــاء القبائـ ــل والشـ ــيوخ والعمـ ــد .ولعـ ــل أك ـ ــﺮ مـ ــا يعـ ـ ّـزز دعوتنـ ــا إ ـ ــى
إحــداث هــذﻩ النقلــة مــا جــاء بــه ديننــا الحنيــف ،ديــن العدالــة واملغفــرة والرحمــة والصــفح
واملحبة .و ي القـرآن الكـريم إشـارات واضـحة م ـا قـول ﷲ تعـا ى ـي سـورة النـور "وليعفـوا
وليص ــفحوا أال تحب ــون أن يغف ــر ﷲ لك ــم" ٓالاي ــة ،22وقول ــه ج ــل وع ــال ــي س ــورة الش ــورى
"وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفى وأصلح فأجرﻩ ع ى ﷲ" ٓالاية .40
اشكالية البحث
مــن املؤمــل أن يجيــب ه ـذا البحــث ع ــى عــدد مــن التســاؤالت ،أهمهــا :مــا ي الوســائل
البديلة ي حل املنازعات الجنائية ي العراق وغ ﺮها من الدول؟ وما مدى مشـروعية تلـك
الوسائل إن وجدت؟
13
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
منهجية البحث
يع ـ ـ ّـد موض ـ ــوع العدال ـ ــة الجنائي ـ ــة التص ـ ــالحية القائم ـ ــة ع ـ ــى ع ـ ــاتق املجتم ـ ــع ،م ـ ــن
املوضــوعات ال ـ يقت ـ البحــث ف ــا اتبــاع املــنهج الوصــفي التطبيقــي ،حيــث تعتمــد ع ــى
تجارب املجتمعات ٔالاخرى ،وع ى ما توافر من دراسات أجنبية وعربية سابقة.
ّ
وملـ ــا كـ ــان لفلسـ ــفة العدالـ ــة الجنائيـ ــة املجتمعيـ ــة نمـ ــاذج وتطبيقـ ــات عديـ ــدة ،فإننـ ــا
نتنــاول أبــرز تلــك النمــاذج أال وهــو العدالــة التصــالحية املجتمعيــة باعتبارهــا املحــور الــذي
يحظـ ــى ٓالان باهتمـ ــام املجتمـ ــع الـ ــدو ي ،واملرحلـ ــة ال ـ ـ تسـ ــبق تطبيـ ــق العدالـ ــة الجنائيـ ــة
املجتمعي ــة الش ــاملة موض ــح ن ج ــذورها وقواع ــدها .كم ــا نشـ ـ ﺮ إ ــى النم ــاذج والتطبيق ــات
ٔالاخـ ــرى مث ـ ــل العدالـ ــة املتوازيـ ــة ومس ـ ــاعدة الض ـ ــحايا كآلي ـ ــات يمكـ ــن العمـ ــل ـ ــا وصـ ــوال
للعدالة التصالحية املجتمعية.
خطة البحث
سنقس ـ ـم دراسـ ــتنا ا ـ ــى مقدمـ ــة ومبحث ـ ـ ن :نعـ ــالج ـ ــي املبحـ ــث ٔالاول تعريـ ــف العدالـ ــة
الجنائيــة التصــالحية وذلــك ضــمن مطلب ـ ن نعــالج ــي املطلــب ٔالاول نشــأة وتطــور العدالــة
الجنائيــة التصــالحية ،و ــي املطلــب الثــاني ذاتيــة العدالــة الجنائيــة التصــالحية ال ـ تم هــا
عن غ ﺮها من الانظمة.
ً
أما عنوان املبحث الثاني فكان مخصصا لبيان وسائل وآليات تطبيق نظـام العدالـة
الجنائيــة التصــالحية ــي ثالثــة مطالــب :عالجنــا ــي املطلــب الاول وســائل العدالــة الجنائيــة
ً التصــالحية ،و ــي املطلــب الثــاني ّ
بينـا آليــات تطبيقهــا ،أمــا املطلــب الثالــث فقــد كــان عنوانــا
أله ــم تطبيق ــات العدال ــة الجنائي ــة التص ــالحية م ــع إب ـراز معوق ــات تطبي ــق ه ــذا النظ ــام ــي
العـ ـ ـراق وايج ـ ــاد الس ـ ــبل الكفيل ـ ــة لت ـ ــذليلها ـ ــي خاتم ـ ــة مقس ـ ــمة إ ـ ــى أه ـ ــم الاس ـ ــتنتاجات
واملق ﺮحات ي هذا الشأن.
املبحث ٔالاول/تعريف العدالة الجنائية التصالحية
تـــ ّ
عد عـ ـ ـبارة ال ـ ـ ـعدال ـ ـ ـ ـة الجن ـ ـ ـ ـائية التصالـ ـحية Restorative justiceمـ ـ ـ ـ ـن ال ـ ـ ـ ـ ـعبارات
امل ـ ـ ـ ـستحدثة ال ـ ـ غ ــزت مـ ـ ـ ـيادين البح ــوث الجنائيـ ـة ودراس ــات نظ ــم العدال ــة الجنائي ــة،
ويقص ــد ــا "اللج ــوء إ ــى املجتم ــع ــي التعام ــل م ــع الجريم ــة والانحـ ـراف" ،أو كم ــا يعرفه ــا
14
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
آخــرون "عمليــة الاســتجابة للجريمــة بطريقــة تعــزز إعــادة الحالــة إ ــى طبيع ــا وتوفــق ب ـ ن
جميع ٔالاطراف املتضررة من الجريمة").(1
ونتيج ــة لتف ــاقم مش ــكلة الجريم ــة وارتف ــاع تك ــاليف مواجه ــا املالي ــة ،ونج ــاح تجرب ــة
املشــاركة املتمثلــة بالشــرطة املجتمعيــة ،وظهــور حركــة حمايــة ضــحايا الجريمــة ومردودهــا
ع ــى املجتم ــع ــي تحقي ــق ٔالام ــن والاس ــتقرار ،ب ــرز مفه ــوم العدال ــة الجنائي ــة التص ــالحية
الرتباطه اللصيق باملجتمعات املحلية ؤالاعراف والعادات والتقاليد السائدة ف ا.
ومـ ــن أب ـ ــرز نم ـ ــاذج العدالـ ــة الجنائي ـ ــة التص ـ ــالحية نمـ ــوذج "العدال ـ ــة القائم ـ ــة ع ـ ــى
املجتم ــع" أو كم ــا يس ــم ا ال ــبعض "عدال ــة إع ــادة الحال ــة إ ــى طبيع ــا" ،ال ـ لفت ــت انتب ــاﻩ
الباح ـ ـ ـ ـ ـث ن ألول مـ ــرة ـ ــي السـ ــبعينيات مـ ــن القـ ــرن العشـ ــرين ،حـ ـ ـ ـ ـينما ظـ ـ ـ ـهرت ـ ــي شـ ــكل
الوسـ ـ ـ ـ ـاطة والتوفي ــق بـ ـ ن أطـ ـراف الخص ــومة ال ـ ـ تق ــوم ــا جه ــات أهلي ــة أو ح ـ ـ ـ ـكومية
ً ً
وصــوال إ ــى تــرميم العالقــة بـ ن ٔالاطـراف املتنازعــة بأســرع الطــرق وأقلهــا تكلفــة وبعيــدا عــن
نظم العدالة الجنائية.
و ــذا تعـ ّـد عدالــة إعــادة الحالــة إ ــى طبيع ــا ،أحــد ٔالاطــر الفلس ـفية الحديثــة لرؤيــة
متوازنــة تقــود إ ــى الانخـراط ٔالامثــل للضــحية ومرتكــب الجريمــة واملجتمـع بأســرﻩ ــي عمليــة
توفيقية ،دف إ ى تقديم بـديل للعقوبـات الجنائيـة واملعاملـة التقليديـة السـائدة ٓالان ـي
القض ــايا الجنائي ــة .و ــي ب ــذلك التع ـ ّـد مج ــرد نظري ــة أكاديمي ــة ــي حق ــل دراس ــات الجريم ــة
والعدالــة الجنائيــة فحســب ،بــل ــي خيــار مــن خيــارات التجــارب الناجحــة ال ـ تضــم ب ـ ن
آليا ا مساعدة الضحايا والوساطة والتوفيق ب ن أطـراف الجريمـة .لتكـون بـذلك العدالـة
الجنائي ـ ــة التص ـ ــالحية فلس ـ ــفة وم ـ ــاج ملوازن ـ ــة الاهتمام ـ ــات والاحتياج ـ ــات ل ـ ــدى ض ـ ــحايا
الجريمة ومرتكب ا واملجتمع املحيط ا.
املطلب ٔالاول/التأصيل التاري ي للعدالة الجنائية التصالحية
ً ً
يــرتبط تــأريخ العدالــة الجنائيــة التصــالحية ارتباطــا وثيقــا بتــاريخ نشــأة وتطــور الصــلح
ً
وال ﺮا ـ ،وألن أي نظــام ال يمكــن فهمــه جيــدا إال مــن خــالل تأريخــه ) ، (2ارتأينــا تخصــيص
الفرع ٔالاول لنشأة وتطور العدالة الجنائية التصالحية.
ً
ونظرا لالهتمام الدو ي بفكرة العدالة الجنائية التصالحية ،القائمة ع ى املجتمـع ـي
ضــوء املتغ ـﺮات ال ـ تمــوج ــا الســاحة الدوليــة لتجــاوز ازمــة العدالــة الجنائيــة ،عالجنــا
15
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
هـ ــذا املوضـ ــوع ب ـ ـ ء مـ ــن الايجـ ــاز ـ ــي الفـ ــرع الثـ ــاني بعنـ ــوان "الاهتمـ ــام الـ ــدو ي بالعدالـ ــة
الجنائية التصالحية".
الفرع ٔالاول/نشأة وتطور العدالة الجنائية التصالحية
يعد املوروث القانوني للحضارات القديمة أساس القوان ن الوضعية الراهنة ،حيث ّ
كــان ينظــر إ ــى الجريمــة وكأ ــا حالــة شخصــية ــم املتضــرر مــن الجريمــة ــي املقــام ٔالاول،
ويعد مرتكب الجريمة وأسرته مسؤول ن عـن اس ﺮضـاء املج ـ عليـه وأسـرته وتسـوية ٔالامـر ّ
ً
معه ـ ــم مباش ـ ــرة .و ـ ــي مقدم ـ ــة تل ـ ــك الق ـ ــوان ن الق ـ ــانون الس ـ ــومري وحض ـ ــارة مملك ـ ــة باب ـ ــل
القديم ــة ،حي ــث وج ــد ن ــص يف ــرض عقوب ــة التع ــويض ع ــى املتض ــرر وأس ــرته ـ ـي جـ ـرائم
العنــف وٕالايــذاء ،ووجــد نــص مماثــل ــي قــانون حمــورابي الــذي نــص صـراحة ع ــى عقوبــة
تعويض املتضرر ي جرائم ٔالاموال ).(3
وعرفــت مصــر ــي عصــر الفراعنــة الاجـراءات املــوجزة ــي الجـرائم البســيطة ،فأنشــأت
محاكم الشرطة واملحاكم امل لية ،حيث كان ي ـﺮأس ٔالاخ ـﺮة رب ٔالاسـرة أو مـن ينيبـه عنـه،
ا تلك املحاكم ذا طابع تأدي ).(4 وكان الجزاء الذي تق
ً
واعت ــﺮت ٔالاديــان الســماوية أك ــﺮ اهتمامــا بالعدالــة التصــالحية ،عــن طريــق تع ـويض
املتض ــرر م ــن الجريم ــة ومعالج ــة أوض ــاعه ع ــى حس ــاب الج ــاني .فاإلنجي ــل أق ــر العف ــو ع ــن
القصـ ــاص) ، (5ولـ ــم تكـ ــن عقوبـ ــة الع ـ ـ ن بـ ــالع ن والسـ ــن بالسـ ــن والقصـ ــاص ـ ــي الجـ ــروح
الــواردة ــي الشــريعة الاســالمية ،إال صــورة متكاملــة مــن صــور العدالــة التصــالحية الراميــة
إ ى إعادة ٔالامور إ ى نصا ا ع ى أسس تشفي وتصلح ما ي النفوس.
وأجازت الشريعة الاسالمية الغراء الصلح وأدركـت أهميتـه ،فأجازتـه ـي جـرائم الـدم
ـيعم ٔالام ــن ب ـ ن ٔالاف ـراد داخ ــل املجتمع ــات بع ــد بقص ــد وأد الرغب ــة ــي الث ــأر والانتق ــام ،ول ـ ّ
اصالح ما أفسدته الجريمة ،وعودة العالقة ب ن الجاني واملج عليه أو أولياء دمـه لقـول
ّ
ﷲ تعـ ــا ى ـ ــي سـ ــورة النسـ ــاء "والصـ ــلح خ ـ ــﺮ" ) (6وقولـ ــه تعـ ــا ى ـ ــي سـ ــورة الحج ـ ـرات "إنمـ ــا
املؤمنون إخوة فأصلحوا ب ن أخويكم واتقوا ﷲ لعلكم ترحمون").(7
وخـ ــالل الف ـ ــﺮة مـ ــا ب ـ ـ ن القـ ــرن ن التاسـ ــع عشـ ــر والحـ ــادي عشـ ــر ،عملـ ــت املجتمعـ ــات
البدائيـ ــة ـ ــي العديـ ــد مـ ــن الـ ــدول الغربيـ ــة بنظـ ــام التفـ ــاوض وتسـ ــوية القضـ ــايا الجنائيـ ــة
بالصلح وال ﺮا ) .(8و ي القرن الثـاني عشـر عـرف القـانون الرومـاني الصـلح ـي املنازعـات
16
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
كضرورة اجتماعية ي الجرائم البسيطة ،و ي القرن الخـامس عشـر وملـا اسـتبدل القـانون
الروماني بالقانون الكنﺴ ظهر نظام قا الصلح ،وكانت انجل ﺮا ٔالاسـبق ـي ٔالاخـذ ـذا
النظام والذي كان يفصل ي القضايا قليلة ٔالاهمية ).(9
وع ــى الــرغم مــن التحــول الــذي حــدث ــي بريطانيــا ــي عهــد ه ــﺮي ٔالاول ،الــذي امتــد
ً
تــدريجيا إ ــى تلــك املجتمعــات وســل ا أعرافهــا وتقاليــدها ـي التعامــل مــع القضــايا الجنائيــة.
ً ً
إال أ ّن القـرن العشـرين قـد شــهد تطـورا ملحوظـا ــي هـذا املجـال ،حـ ن بـدأت بعـض الــدول
الغربي ــة ــي إع ــادة إحي ــاء نظ ــام العدال ــة التص ــالحية ــي الفص ــل بـ ـ ن الاطـ ـراف املتنازع ــة
ً
الــذي ك ــان س ــائدا مــن قب ــل بصــورة منظم ــة ووفــق قواعــد مدروس ــة يعمــل ــا ــي ج ـرائم
محددة وتحت رقابة تلك الدول).(10
و ــي عــام 1970أنشـئت ــي الواليــات املتحــدة ٔالامريكيــة مراكــز لتطــوير ال ـﺮامج املحليــة
للتوفيق ب ن الخصوم وحل القضـايا خـارج نظـام العدالـة الجنائيـة ،وتعت ـﺮ واليـة شـيكاغو
مــن أو ــى الواليــات الامريكيــة ال ـ اهتــدت إ ــى نظــام الوســاطة غ ــﺮ املقننــة إل ــاء املنازعــات
ً
بعيــدا عــن املحــاكم والــذي تــم تعميمــه ــي كافــة مح ـاكم الجــنح منــذ عــام .(11)1983وقــد
نقلــت تلــك التجربــة إ ــى بعــض مقاطعــات كنــدا) ، (12ونجحــت تجــارب الوســاطة ــي بولنــدا
ويوغسالفيا والاتحاد السوفي ).(13
و ـ ـ ــي أس ـ ـ ـ ﺮاليا تـ ـ ــم انشـ ـ ــاء ثـ ـ ـ ـ ـالثة مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراكز تجريبيـ ـ ــة لت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقديم خـ ـ ــدمات التوفيـ ـ ــق
واملصالحة عام ،1980وبعـد نجـاح تلـك التجربـة تـم انشـاء العديـد مـن املراكـز املماثلـة ـي
املدن ؤالارياف).(14
و ذا اعت ﺮت الوساطة الجنائية أحد بدائل العدالة التقليدية ،عنـدما طـورت عـدد
من الدول قواني ا الاجرائية منذ عام.(15) 1980
وقــد شــرعت ال ــﺮويج وفنلنــدا ــي العمــل بنظــام العدالــة التوفيقيــة منــذ عــام ،1981
واقتصــرت تطبيقا ــا ــي مجــال ٔالاحــداث الجــانح ن .و ــي ذات العــام بــدأت تجربــة العدالــة
التصــالحية ــي نيوزيلنــدا بانشــاء لجنــة استشــارية أهليــة للنظــر ــي قضــايا إســاءة معاملــة
الاطفال ،حيث قامت هذﻩ اللجنة ي عـام 1983بانشـاء فريـق لحمايـة الاطفـال ،تضـمنت
اختصاص ــا ا التوفي ــق ب ـ ن أف ـراد الاس ــرة وتس ــوية املنازع ــات العائلي ــة ،وتب ــع ذل ــك ال ــنص
ع ى العدالة التصالحية ي قانون العدالة الجنائية النيوزيلندي عام .(16) 1985
17
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
أما البداية لتجربة العدالة التصالحية ي بريطانيا فكانت ي عام 1990حـ ن أطلـق
مشــروع ديغــون ومحــاكم أكس ـ ﺮ ،وكــان التطبيــق الفع ــي ــي عــام 1996ح ـ ن أنشــأ مركــز
نيوهام لخدمات العدالة التوفيقية.
أما عن فرنسا فقد أجريت التجربـة ٔالاو ـى للعدالـة التوفيقيـة عـام 1992ـي منطقـة
ليــون الفرنســية ،حيــث عرفــت نظــام بيــوت العدالــة الــذي بموجبــه تــتم معالجــة القضــايا
الجنائيــة ــي بيــت العدالــة ،عــن طريــق التقريــب بـ ن ٔالاطـراف مــن أجــل الوصــول ا ــى اتفــاق
وتســوية وديــة للن ـزاع .وأمــام تلــك التجــارب غ ــﺮ املقننــة ،تــدخل املشــرع الفرنﺴ ـ بموجــب
الق ـ ــانون رق ـ ــم 2-93الص ـ ــادر ـ ــي 4ين ـ ــاير س ـ ــنة 1993ون ـ ــص ع ـ ــى الوس ـ ــاطة الجنائي ـ ــة
باعتبارها وسيلة لعدالة غ ﺮ تقليدية ).(17
وظه ــر نظ ــام العدال ــة التوفيقي ــة ــي املاني ــا ع ــام ، 1992ــي س ــياق تطبي ــق عقوب ــات
ً
الغرامــة والتعــويض ال ـ بــدأت تطبقهــا املحــاكم الجنائيــة كعقوبــات بديلــة للســجن تفاديــا
ً
الزدحام السجون ،وهكذا وجد الاتجاﻩ التوفيقي ي العقوبات املالية قبوال لدى ٔالاطـراف
املتنازعة ،مما شجع ع ى التوسع ي تطوير برامج العدالة التصالحية).(18
و ي عام 1995شرعت جمهورية جنـوب أفريقيـا بـرامج العدالـة التصـالحية ،بانشـاء
لجنــة طوعيــة للحقيقــة والتوفيــق وظيف ــا جمــع الحقــائق حــول املنازعــات بــالطرق الوديــة
والجمع ب ن ٔالاطراف ي حوار يقود ا ى حلول تر ٔالاطراف).(19
ومنـ ــذ عـ ــام 1999شـ ــرعت معاهـ ــد بحـ ــوث العدالـ ــة الجنائيـ ــة ـ ــي كـ ــل مـ ــن الواليـ ــات
املتحدة الامريكية ،بريطانيـا ،اسـ ﺮاليا ،نيوزيلنـدا ،جنـوب افريقيـا ،وسـنغافورة ،ـي إجـراء
دراسـ ــات مش ـ ـ ﺮكة لتقيـ ــيم تجار ـ ــا ـ ــي نظـ ــام العدالـ ــة التصـ ــالحية .وكشـ ــفت نتـ ــائج تل ـ ـك
الدراسـ ــات املعلن ـ ـة خـ ــالل الاعـ ــوام 2004-2003عـ ــن حقـ ــائق مشـ ــجعة تج ـ ــﺮ املجتمعـ ــات
ٔالاخرى ع ى الس ﺮ ي هذا الاتجاﻩ الحديث).(20
و ــي مقدم ــة تل ــك املجتمع ــات املجتم ــع العرا ــي وألس ــباب عدي ــدة أوله ــا :ع ــدم قناع ــة
املجتمــع العرا ــي بــأداء وفاعليــة أجهــزة نظــام العدالــة الجنائيــة الـراهن ،وثان ــا :املغــاالة ــي
ً
فـ ــرض عقوبـ ــات الغرامـ ــة والتعـ ــويض ـ ــي أغلـ ــب القضـ ــايا الجنائيـ ــة ،فضـ ــال عـ ــن تكـ ــدس
القض ــايا أم ــام املح ــاكم الجنائي ــة وازدح ــام املؤسس ــات العقابي ــة ،وارتف ــاع تك ــاليف أجه ــزة
18
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
ً
نظ ــام العدال ــة الجنائي ــة ،م ــع تزاي ــد ع ــدد الج ـرائم املاس ــة ب ــأمن الدول ــة ال ــداخ ي وخاص ــة
الجرائم الارهابية ال تشغل أجهزة العدالة الجنائية.
الفرع الثاني/الاهتمام الدو ي بالعدالة الجنائية التصالحية
بـ ــدأ الاهتمـ ــام بفكـ ــرة العدالـ ــة التصـ ــالحية ع ـ ــى املسـ ــتوى الـ ــدو ي ألول مـ ــرة بصـ ــفة
رس ــمية ،ع ــام 1990ــي م ــؤتمر ٔالام ــم املتح ــدة الث ــامن ملن ــع الجريم ــة ومعامل ــة املج ــرم ن،
وذل ــك م ــن خ ــالل مناقش ــات وم ــداخالت املنظم ــات غ ــﺮ الحكومي ــة ــي الجلس ــات الجانبي ــة
املنظمة ع ى هامش املؤتمر).(21
ّ
وش ــكل امل ــؤتمر التاس ــع ال ــذي عق ــد ــي الق ــاهرة ع ــام ، 1995نقط ــة تح ــول ــي مج ــال
الانتقـ ــال مـ ــن نظـ ــام العدالـ ــة الجنائيـ ــة املعروفـ ــة بعدالـ ــة الخصـ ــومة إ ـ ــى نظـ ــام العدالـ ــة
التصــالحية .حيــث طرحــت بعــض املســائل املتصــلة بالعدالــة التصــالحية ــي ســياق تطــوير
نظ ــام العدال ــة الجنائي ــة ،وإيج ــاد ب ــدائل للعقوب ــات الس ــالبة للحري ــة .وق ــد نج ــم ع ــن ذل ــك
تش ــكيل مجموع ــة عم ــل لدراس ــة فك ــرة العدال ــة التص ــالحية وال ــﺮويج ملفهومه ــا ،توطئ ــة
ملناقش ا ع ى هامش مؤتمر ٔالامم املتحدة العاشر ملنع الجريمة ومعاملة املجرم ن ).(22
ولكون مسألة العدالة التصالحية ع ى درجة عالية من ٔالاهمية ٔ،الامر الـذي يقت ـ
إدراجه ــا ض ــمن ٔالاجن ــدة الرئيس ــية مل ــؤتمر ٔالام ــم املتح ــدة العاش ــر ملن ــع الجريم ــة ومعامل ــة
امل ـذنب ن .رفعــت تلــك املســألة إ ــى الاجتماعــات التحض ـ ﺮية الخاصــة بــاملؤتمر ،ومــن خــالل
تلـ ــك ٔالاعم ـ ــال التحض ـ ـ ﺮية تـ ــوفرت املعلوم ـ ــات حـ ــول فلسـ ــفة العدالـ ــة التص ـ ــالحية ،و ـ ــي
ً
مق ــدم ا دلي ــل العدال ــة التص ــالحية ال ــذي ق ــدم تعريف ــا متفق ــا علي ــه للعدال ــة التص ــالحية
ومباد ا وبرامجها النموذجية.
و ــي عــام 1997قامــت لجنــة منــع الجريمــة والعدالــة الجنائيــة باعــداد أجنــدة املــؤتمر
العاشـ ــر وادرجـ ــت ـ ــي البنـ ــد الرابـ ــع موضـ ــوع :الجـ ــاني والضـ ــحية ،املسـ ــاءلة والانصـ ــاف ـ ــي
اجراءات العدالة.
ومن ـ ـ ــذ أن أدرج ـ ـ ــت لجن ـ ـ ــة من ـ ـ ــع الجريم ـ ـ ــة والعدال ـ ـ ــة الجنائي ـ ـ ــة ،موض ـ ـ ــوع العدال ـ ـ ــة
التصـ ــالحية ـ ــي أجنـ ــدة الاعمـ ــال التحض ـ ـ ﺮية ملـ ــؤتمر الامـ ــم املتحـ ــدة العاشـ ــر عـ ــام ،1997
شـ ـ ــرعت عـ ـ ــدة جهـ ـ ــات حكوميـ ـ ــة وغ ـ ـ ــﺮ حكوميـ ـ ــة ـ ـ ــي اعـ ـ ــداد مق ﺮحـ ـ ــات ملبـ ـ ــادئ العدالـ ـ ــة
التص ـ ــالحية أهمه ـ ــا :مس ـ ــودة املب ـ ــادئ ٔالاساس ـ ــية للعدال ـ ــة التص ـ ــالحية ،املع ـ ــدة بواس ـ ــطة
19
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
ّ
مجموع ــة العم ــل املش ــكلة م ــن قب ــل م ــؤتمر ٔالام ــم املتح ــدة التاس ــع ملن ــع الجريم ــة والعدال ــة
الجنائي ــة ،وإع ــالن "لوف ــان" لس ــنة 1997الص ــادر ع ــن الش ــبكة الدولي ــة لبح ــوث العدال ــة
ً
التصـ ـ ــالحية ،فضـ ـ ــال عـ ـ ــن معـ ـ ــاي ﺮ العدالـ ـ ــة التصـ ـ ــالحية الصـ ـ ــادرة عـ ـ ــن اتحـ ـ ــاد العدالـ ـ ــة
التص ــالحية ال ﺮيطاني ــة ،واملواجه ــات ٔالاخالقي ــة للتوفي ــق ب ـ ن الج ــاني والض ــحية الص ــادرة
عن جمعية التوفيق ب ن الضحايا والجناة).(23
و ــي عــام 1999أعــدت نفــس اللجنــة مشــروع الاعــالن الــذي صــدر عــن مــؤتمر الامــم
املتحــدة العاشــر ملنــع الجريمــة والعدالــة الجنائيــة ،مــع الاشــارة بوضــوح ــي الفقــرة ) (25مــن
الاع ــالن ،إ ــى العدال ــة التص ــالحية والطل ــب م ــن ال ــدول ٔالاعض ــاء مراجع ــة معامل ــة ض ــحايا
الجريمة ،وادخال آليات التوفيق ب ن الجاني والضحية ،ودعـوة ٔالامـم املتحـدة ا ـى اعتمـاد
معاي ﺮ وقواعد خاصة للعدالة التصالحية).(24
و ـي أعقـاب اعتمـاد الاعــالن املشـار اليـه مــن قبـل الامـم املتحــدة العاشـر ،طـرأت نقلــة
كب ــﺮة ع ــى الاهتم ــام بالعدال ــة التص ــالحية ،حي ــث تب ـ ـ املجل ــس الاقتص ــادي الاجتم ــا ي
ً
الت ــابع لألم ــم املتح ــدة ق ــرارا ي ــدعو ال ــدول ٔالاعض ــاء لتط ــوير بـ ـرامج العدال ــة التص ــالحية،
الســيما وقــد ألحــق بــالقرار وثيقــة أطلــق عل ــا املبــادئ ٔالاساســية الســتخدام بـرامج العدالــة
التصالحية ي ٔالامور الجنائية.
و ــي عــام 2005بلــغ ال ﺮك ـ ع ــى العدالــة التصــالحية ذروتــه ــي مــؤتمر ٔالامــم املتحــدة
الحــادي عشــر الــذي عقــد ــي بــانكوك .حيــث يالحــظ اهتمــام مختلــف دول العــالم بمســألة
العدالة التصالحية ،وتسابقت تلك الدول ـي عـرض تجار ـا وتطبيقا ـا ،أمـام املشـارك ن
ــي املــؤتمر الــذي تجــاوز عــددهم 2300مــن ممث ــي الــدول الاعضــاء وممث ــي املنظمــات غ ــﺮ
الحكومية والخ ﺮاء).(25
املطلب الثاني/ذاتية العدالة الجنائية التصالحية
يســتند نظــام العدالــة الجنائيــة التصــالحية إ ــى عــدة دعــائم فلســفية ت ــﺮرﻩ ،وتجعلــه
يتشــابه مــع العديــد مــن املصــطلحات أهمهــا العدالــة املجتمعيــة والعدالــة املتوازيــةٔ ،الامــر
الذي يقت تمي ﻩ عن تلك املصطلحات ي فرع ن مستقل ن وع ى النحو ٓالاتي بيانه:
20
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
ً
تجــاوز الظــروف الاجتماعيــة والاقتصــادية والنفســية ،ال ـ فرضــت علـ م ظلمــا مــن جـراء
الجريمـة ال ـ ارتكبـت ــي حقهـم ،كـون الضــحية املتضـرر املباشـر ؤالاك ــﺮ خسـارة مـن جـراء
ارتكاب الفعل املخالف للقانون ،اذ هو محور العدالة ال يس ى إل ا املجتمع.
فعن ــدما ترتك ــب جريم ــة م ــا ت ــأتي ردة الفع ــل الاجتم ــا ي تج ــاﻩ الج ــاني ال ــذي خ ــالف
القــوان ن ؤالانظمــة ــي املجتمــع ،وتقــوم أجهــزة العدالــة الجنائيــة بــإجراءات معلومــة وف ـق
نظ ــم قض ــائية معلن ــة ،ويق ــوم املجتم ــع بمتابع ــة تل ــك الاجـ ـراءات القانوني ــة املتخ ــذة ض ــد
مرتكــب الجريمــة ،م ــن خ ــالل وس ــائل الاعــالم وغ ﺮهــا م ــن الــنظم املعلوماتي ــة وع ــى النح ــو
ال ـ ــذي يكف ـ ــل ملرتك ـ ــب الجريمـ ـ ــة ض ـ ــماناته وحقوق ـ ــه الدسـ ـ ــتورية ـ ــي مرحل ـ ـ ـ التحقيـ ـ ــق
ً ً
واملحاكم ــة .ــي حـ ـ ن يق ــف الض ــحية وه ــو ٔالاك ــﺮ علم ــا بتفاص ــيل الجريم ــة ح ــائرا ينتظ ــر
ويســمع مــا يقــال عــن مرتكــب الجريمــة مــن حقــائق ،ومــا يــروى عــن الجريمــة مــن قصــص،
م ـا مــا هــو حــق وم ـا مــا هــو باطــلٔ .الامـر الــذي جعــل الــبعض يتسـاءل عــن أســباب الــدعوة
إ ــى تفعيــل نظــام العدالــة املتوازيــة بجانــب نظــام العدالــة الجنائيــة ،ال ســيما وأ ّن الغالبيــة
العظم من ضحايا الجريمة ال تدخل نظام العدالة الجنائية ،بسبب عدم إلقـاء القـبض
ـأن نظـ ــام ع ـ ــى الجـ ــاني أو لعـ ــدم إحالـ ــة القضـ ــية إ ـ ــى املحكمـ ــة املختصـ ــة ،أو لقنـ ــاع م بـ ـ ّ
ً
العدالة الجنائية ال يوفر لهم عالجـا ملـا اصـا م مـن ضـرر .كمـا أ ّن نظـام العدالـة الجنائيـة
بحك ــم تكوين ــه ،مهي ــأ للتعام ــل مـ ـع مرتك ـ ـ الجـ ـرائم ال م ــع م ــا ــدف إلي ــه نظ ــام العدالـ ـة
املتوازيــة مــن الاســهام ــي اعــادة تــرميم البيئــة املحيطــة بالضــحايا ،واعــادة تــأهيلهم لــدخول
املجتمع املنتج مـن جديـد ،وتـوف ﺮ املـأوى والعـالج واملـال والغـذاء والرعايـة النفسـية وغ ﺮهـا
من املساعدات الفورية.
ونتيج ــة مل ــا تق ــدم ،قـ ـد يلح ــظ ال ــبعض تش ــا ا بـ ـ ن آلي ــات وأه ــداف نظ ــام العدال ــة
التصالحية موضوع البحث ونظام العدالة املتوازيـة ،ـي حـ ن أ ّ مـا نظامـان مختلفـان مـن
حي ـ ــث الوظيف ـ ــة ونط ـ ــاق الخ ـ ــدمات ال ـ ـ يق ـ ــدمها ك ـ ــل م م ـ ــا .إذ يح ـ ــرص نظ ـ ــام العدال ـ ــة
التص ـ ــالحية ع ـ ــى تطبي ـ ــق القواع ـ ــد املنظم ـ ــة لحق ـ ــوق امل م ـ ـ ن والض ـ ــحايا بص ـ ــفة عام ـ ــة
،وبآليــات محــددة قــد تقتصــر ع ــى ٔالاجهــزة الحكوميــة .بينمــا يع ـ نظ ـام العدالــة املتوازيــة
بحق ــوق الض ــحايا وتحري ــك كاف ــة امكان ــات املجتم ــع الحكومي ــة ؤالاهلي ــة ،لت ــوف ﺮ أس ــباب
العدالــة واملعاملــة املنصــفة لهــم املتضــمنة ــي إعالنــات ٔالامــم املتحــدة للمبــادئ الاساســية
22
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
لت ــوف ﺮ العدال ــة لض ــحايا الجريم ــة وإس ــاءة اس ــتعمال الس ــلطة ،وبص ــفة خاص ــة تس ــهيل
اســتجابة الاج ـراءات القض ــائية والاداريــة الحتياجــات الض ــحايا وتــوف ﺮ املســاعدة وحمايــة
خصوصيات الضحايا وأسرهم.
املبحث الثاني/وسائل وآليات تطبيق نظام العدالة الجنائية التصالحية
ــدف ه ــذا املبح ــث إ ــى الكش ــف ع ــن مع ــالم نظري ــة عام ــة ال تس ــتمد معطيا ــا م ــن
التشــريعات القائمــة فحســب ،بــل ومــن معطيــات السياســة الجنائيــة املعاصــرة ال ـ يرتكــز
عل ا القانون الجنائي ،ويمكن من خالل تلك النظرية التوصل إ ى نموذج يصـح الاهتـداء
ب ــه ــي تطبي ــق نظ ــام العدال ــة الجنائي ــة التص ــالحية ،م ــن أج ــل املس ــاهمة ــي تج ــاوز أزم ــة
العدالة الجنائية ال تعاني م ا كافة املجتمعات الانسانية ع ى اختالف توجها ا.
ونتيج ــة الرتك ــاز السياس ــة الجنائي ــة املعاص ــرة ع ــى مفه ــوم ن مت ــوازي ن لل ــدعوى الجنائي ــة
هم ــا :الخص ــومة الجنائي ــة واملص ــالحة الجنائي ــة ،واعتب ــار الص ــلح الجن ــائي وس ــيلة ّ
فعال ــة
لتج ــاوز أزم ــة العدال ــة الجنائي ــة ،ارتأين ــا تس ــليط الض ــوء ع ــى تل ــك الوس ــائل الفعال ــة ــي
املطلب الاول تحت عنوان "وسائل العدالة الجنائية التصالحية" ،مع بيان آليـات تطبيـق
ً
"نظام العدالة الجنائية التصالحية" عنوانا للمطلب الثاني.
املطلب ٔالاول/وسائل العدالة الجنائية التصالحية
اتج ــه الفقـ ــه والتشـ ــريع نحـ ــو البحـ ــث ع ــن وسـ ــائل لتجـ ــاوز أزمـ ــة العدالـ ــة الجنائيـ ــة،
وألفــت البيئــة القانونيــة فكــرة جديــدة ــي فكــرة الحــد مــن التجــريم والحــد مــن العقــاب،
وال تد ى بفكرة املعالجة غ ﺮ القضائية للخصومات الجنائية.
وتح ــت أزم ــة العدال ــة ال ـ تع ــاني م ــا ال ــدول ،اتجه ــت السياس ــة الجنائي ــة املعاص ــرة
صــوب نظــام الوســاطة الجنائيــة ونظــام الصــلح بعــد فشــل النظــام العقــابي التقليــدي ــي
مكافحة الظاهرة الاجرامية.
ولك ــون نظ ــام الوس ــاطة الجنائي ــة م ــن أه ــم تطبيق ــات نظ ــام الص ــلح او نظ ــام مكم ــل
ً ً
لنظام الصلح الجنائي ،افردنا له فرعا مستقال عن نظام الصلح وع ى النحو ٓالاتي بيانه:
الفرع ٔالاول/الوساطة الجنائية
تعـ ّـد الوســاطة الجنائيــة مــن الطــرق املس ـتحدثة لفــض املنازعــات الجنائيــة ،وإح ـدى
ً
بــدائل العدالــة التقليديــة ،كو ــا وســيلة فعالــة ال ــاء املنازعــات بأســلوب ودي بعيــدا عــن
23
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
املح ــاكم) .(28و ــي ــذا املع ـ ص ــورة جدي ــدة للعدال ــة الجنائي ــة ت ــدعم إن ل ــم تح ــل مح ــل
العدالة التقليدية ي مكافحة الجريمة).(29
وي ـراد بالوســاطة الجزائيــة " ذلــك الاج ـراء ال ـذي بموجبــه يحــاول شــخص مــن الغ ــﺮ،
بنــاء ع ــى اتفــاق ٔالاطــراف ،وضــع حــد لحالــة الاضــطراب ال ـ أحــدث ا تلــك ٔالاط ـراف ،عــن
ً
طري ــق حص ــول املج ـ علي ــه ع ــى تع ــويض ك ــاف ع ــن الض ــرر ال ــذي ح ــدث ل ــه فض ــال ع ــن
إعادة تأهيل الجاني").(30
وعرفــت بأ ّ ــا " اج ـراء يتوصــل بمقتضــاﻩ شــخص إ ــى التقريــب ب ـ ن طر ــي الخصــومة
ً
الجنائي ــة بغي ــة الس ــماح له ــم بالتف ــاوض ع ــى ٓالاث ــار الناش ــئة ع ــن الجريم ــة أم ــال ــي ا ــاء
ال اع الواقع بي م").(31
وقـ ــد نجحـ ــت تجـ ــارب الوسـ ــاطة ـ ــي العديـ ــد مـ ــن الـ ــدول املتقدمـ ــة ،بعـ ــد أن عرفـ ــت
الوســاطة ــي نطــاق املنازعــات الاجتماعيــة منــذ قرابــة ربــع قــرن ح ـ ن كــان ٔالاف ـراد يلج ـأون
ً
لألعم ــال الوس ــائطية لتص ــفية املنازع ــات ال ـ ت ــدب بي ـ م ،وص ــوال إ ــى م ــا يس ــم "بنظ ــام
بيوت العدالة" الذي عرفته مدينة ليون الفرنسـية ،حيـث تـتم معالجـة القضـايا الجنائيـة
ــي بيــت العدالــة عــن طريــق التقريــب بـ ن ٔالاطـراف املتنازعــة مــن أجــل الوصــول إ ــى اتفــاق
وتسوية ودية لل اع).(32
وبعد نجاح التجارب غ ﺮ املقننة ي فرنسا ،تدخل املشـرع الفرنﺴـ بموجـب القـانون
رقم 2-93لسنة 1993ونص ع ى الوساطة الجنائية كوسيلة لعدالة غ ﺮ تقليدية ،وأحـد
أهـ ــم الاج ـ ـراءات غ ـ ــﺮ القضـ ــائية إلدارة الـ ــدعوى الجنائيـ ــة .و ـ ــي عـ ــام 1999طـ ـ ّـور املشـ ــرع
الفرنﺴـ أحكــام الوســاطة الجنائيــة مــن أجــل زيــادة فعاليــة الاجـراءات الجنائيــة ،بإصــدارﻩ
القانون رقم ،515-99وبذلك أض ى مفهوم الوساطة الجنائية من املصـطلحات املألوفـة
ي البيئة القانونية الحديثة).(33
وقد تنازع الفقه الجنائي ي تعريف الوس ـ ـ ـ ـ ـاطة الجنائية ،ف ـ ـ ـذهب اتجـاﻩ إ ـى تعريـف
ّ
الوس ـ ـ ـاطة مــن الوجهــة الاج ـ ـ ـ ـتماعية بأن ـ ـ ـها "طريقــة مـ ـ ـ ـ ـركبة لتنظــيم الحيــاة الاجتماعيــة،
بت ــدخل ط ــرف محاي ــد مس ــتقل ال يمل ــك س ــلطة الوس ــيط ،ويمل ــك ب ــه ٔالاط ـراف املتنازع ــة
حرية الاختيار").(34
24
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
وهناك من يـرى صـعوبة ـي وضـع تعريـف محـدد للوسـاطة ،كونـه أنمـوذج غ ـﺮ محـدد
املع ــالم وم ــن الج ــائز وص ــفه بعدال ــة التقري ــب املس ــتمدة م ــن التس ــوية الودي ــة ،أو عدال ــة
انتقالي ــة م ــن العقوب ــة للتف ــاوض .وهن ــاك م ــن يع ــرف الوس ــاطة الجنائي ــة بأ ّ ــا ص ــورة م ــن
صور الصلح الجنائي أو من الاجراءات املكملة للصلح الجنائي.
إال أ ّن الاتجــاﻩ الـراجح ــي الفقــه الفرنﺴـ يــرى ــي الوســاطة طريقــة خاصـة الســتبعاد
ً
الاجـ ـراءات الجنائي ــة ،إذ هـ ـو ب ــديل ع ــن ال ــدعوى الجنائي ــة ول ــيس أس ــلوبا إلدارة ال ــدعوى
ً ً
الجنائيــة كالصــلح الجنــائي .وبالتــا ي يمثــل تعويضــا فعــاال للمج ـ عليــه ،حيــث يضــع هــذا
النظام مصلحة املج عليه ي املقام ٔالاول.
وم ــن ج ـ ـ ـ ـانب آخـ ـ ـ ـ ـ ـر اع ــﺮف جان ــب م ــن الفق ــه املص ــري بنظ ــام الوس ــاطة الجنائي ــة،
ً ً
وعــدﻩ صــلحا بمعنــاﻩ الواســع .وهنــاك مــن يعت ــﺮﻩ تطبيقــا لنظــام الصــلح أو كمــا يع ــﺮ عنــه
ّ
الـ ــبعض بأن ـ ـه بمثابـ ــة مـ ـ ـ ـجالس صـ ــلح ،كو ـ ـا تس ـ ـ دف الوصـ ــول إ ـ ــى اتفـ ــاق أو مصـ ــالحة
بالطرق الودية).(35
ّ
وع ى الرغم مـن خلـو التشـريع الجنـائي العرا ـي مـن نظـام الوسـاطة الجنائيـة ،إال أننـا
ال يمكــن إنكــار اللجــوء إليــه مــن قبــل املجــالس العشــائرية ــي العـراق ،للوصــول إ ــى الصــلح
ب ـ ن الجــاني واملج ـ عليــه ،وعــدم اقتصــارﻩ ع ــى وأد الخصــومات ال ـ تــنجم عــن الج ـرائم
ال ـ ـ ال تح ــرك إال بن ـ ًـاء ع ــى ش ــكوى م ــن املج ـ ـ علي ــه ،ب ــل امت ــد إ ــى غ ﺮه ــا م ــن الجـ ـرائم
لضمان التعويض الفعال عن ٔالاضرار ال خلف ا تلك الجرائم.
وال يمكنن ــا إنك ــار دور الوس ــاطة الجنائي ــة ــي املجتم ــع العرا ــي كوس ــيلة فعال ــة ل ــيس
لتعويض املج عليه فحسب ،بل للوصول إ ى الصلح ب ن الجاني واملج ـ عليـه ،ع ـى أن
ــدف الوس ــاطة إ ــى تحقي ــق ٔالام ــن ب ـ ن أف ـرادﻩ ،وتوص ــل الج ــاني واملج ـ علي ــه للتس ــوية
الودية ي نطاق أك ﺮ إنسانية وليس العكس.
الفرع الثاني/الصلح الجنائي
دفعــت أزمــة العدالــة الجنائيــة ال ـ تعــاني م ــا املجتمعــات البشــرية إ ــى الالتجــاء ا ــى
ً
نظام الصلح الجنائي الذي بات ضرورة اجرائية ضمانا لتحقيق العدالة ٓالامنة الناجزة.
ّ ً
وأطلق الفقه ع ى الصلح قديما مصطلح التوفيق أو التسـوية ،وعـرف بأنـه "أسـلوب
إل اء املنازعـات بطريقـة وديـة")، (36حيـث يقـوم ع ـى تال ـي إرادة املـ م وإرادة املج ـ عليـه،
25
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
ّ
وعرفـ ــه آخـ ــرون بأن ـ ـه "إج ـ ـراء يـ ــتم عـ ــن طريـ ــق ال ﺮا ـ ـ ع ـ ــى الجريمـ ــة ب ـ ـ ن املج ـ ـ عليـ ــه
ً
ومرتك ا خارج املحكمة") (37حيث يمكن اتخاذﻩ أساسا لسحب الا ام من الجريمة.
ّ
وع ـ ــرف جان ـ ــب م ـ ــن الفق ـ ــه الفرنﺴ ـ ـ الص ـ ــلح بأن ـ ـه "التص ـ ــرف ال ـ ــذي ي ـ ــتم بموجب ـ ــه
ً
ال ﺮا ـ " وال ﺮا ـ يســتلزم تنــازل ٔالاط ـراف املتنازعــة ،ويعــد أســلوبا إل ــاء ال ـ اع بصــفة
ودية ،ويتكون من ركن ن :أولهما املوافقة الودية أو الرضائية ،وثان ما التنازالت).(38
ويض ـ ــيف آخ ـ ــرون أ ّن الص ـ ــلح الجن ـ ــائي يع ـ ـ ـ ال ﺮا ـ ـ ـ م ـ ــع املـ ـ ـ م ألس ـ ــباب تتعل ـ ــق
بالسياسة الجنائية.
وبذلك دف الصلح إ ى تحقيق أهداف اجتماعية ال سيما ي الجرائم الواقعة ع ـى
ٔالاش ــخاص ؤالام ــوال ،فين ـ ـ ع م ــن جان ــب ٓالاث ــار الس ــيئة ال ـ ـ تخلفه ــا الجريم ــة ــي نف ــس
يجنـب املـ م املج ـ عليــه أو ذويــه ،ويعيــد بي مــا جســور املــودة والصــفاء .ومــن جانــب آخــر ّ
آثار الادانة الجنائية ويخفف عنه ٓالاالم النفسية ال تالزمه طوال ف ﺮة الا ام ،إ ـى حـ ن
صدور حكم ائي ي القضية.
يجنب الصلح الدولة وأطراف الخصومة النفقات الباهظـة ال ـ إضافة إ ى ما تقدم ّ
تسـ ــتغرقها القضـ ــايا الجنائيـ ــة ،كونـ ــه يـ ــوفر الوقـ ــت والجهـ ــد واملـ ــال ألط ـ ـراف الخص ـ ــومة،
ويخفف ٔالاعباء عن كاهل ٔالاجهزة املعنية بشؤون العدالة الجنائية ي ذات الوقت. ّ
ً
واسـ ــتنادا لألسـ ــباب السـ ــابقة وجـ ــد املشـ ــرع العرا ـ ــي ضـ ــرورة التخفيـ ــف عـ ــن أعبـ ــاء
محـ ــاكم الجـ ــنح ،ورغبتـ ــه ـ ــي ا ـ ــاء الخصـ ــومة أو ال ـ ـ اع ـ ــي بعـ ــض الج ـ ـرائم ذات الطـ ــابع
الشخ ـ قب ــل وصـ ـ ـ ـ ـول دعواه ــا إ ــى تل ــك املـ ـ ـ ـ ـحاكم ،وذل ــك ع ــن ط ـ ـ ـ ـريق إناط ـ ـ ـ ـة قا ـ
ـتثناء مــن ٔالاصــل العــام واملقــرر التحقيــق ســلطة قبــول الصـ ـ ـ ـلح ف ــا وســقوط العقوبــة اسـ ً
ي النظم الاجرائية املعاصرة.
وق ــد نص ــت امل ــادة ) (255م ــن ق ــانون أص ــول املحاكم ــات الجزائي ــة البغ ــدادي املل ــي
بفقرا ــا الس ــت ع ــى الجـ ـرائم ال ـ ـ يص ــح ف ــا الص ــلح ،وع ــدم اقتص ــارها ع ــى الجـ ـرائم
البســيطة كمــا هــو عليــه الحــال ــي التشــريع املقــارن ،بــل شــملت الجـرائم ال ـ تنطــوي ع ــى
خط ــورة اجرامي ــة بم ــا ــي ذل ــك جـ ـرائم ٕالاي ــذاء الش ــديد ،ــي حـ ـ ن ل ــم يج ــز ق ــانون اص ــول
املحاكمــات الجزائيــة النافــذ قب ـول الصــلح ــي هكــذا ج ـرائم ح ـ ن نصــت املــادة ) (194منــه
ع ــى "يقب ــل الص ــلح بق ـرار م ــن قا ـ التحقي ــق أو املحكم ــة اذا طل ــب املج ـ علي ــه أو م ــن
26
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
يقوم مقامه قانونا ي الدعاوي ال يتوقف تحريكها ع ـى شـكوى املج ـ عليـه ،"...و ـي مـا
نصــت عليــه امل ـادة الثالثــة مــن هــذا القــانون ح ـ ن أوردت الج ـرائم الضــئيلة الخطــورة ،أو
ذات ٓالاثار الشخصية ال يجوز الصلح ف ا وفيما عداها ال يجوز قبول الصلح ف ا.
أم ــا قب ــول الص ــلح م ــن عدم ــه ،فه ــو أم ــر م ــﺮوك تق ــديرﻩ للقا ـ ــي تل ــك ال ــدعاوي
ً
شــريطة أن تكــون الجريمــة معاقبــا عل ــا بــالحبس مــدة تزيــد ع ــى الســنة ،باســتثناء جـرائم
ال دي ــد والاي ــذاء أو ات ــالف ٔالام ــوال أو تخري ــا ،حي ــث أ ّن أم ــر قب ــول الص ــلح ف ــا م ــﺮوك
لسلطة القا التقديرية ،ولو كان معاقبا عل ا بالحبس أقل من سـنة وال ع ـﺮة بالصـلح
الواقع أمام ّ
املحقق.
املطلب الثاني/آليات تطبيق نظام العدالة الجنائية التصالحية
للعدالة التصالحية آليات معلومة لهـا جـذورها ـي معظـم املجتمعـات القديمـة ،ال ـ
كانـ ــت وال زالـ ــت تتخـ ــذ ـ ــي بعـ ــض املجتمعـ ــات املتحضـ ــرة شـ ــكل مجـ ــالس رؤسـ ــاء العشـ ــائر
ً
والشيوخ ي العراق وزعماء القبائل والعمد ي مجتمعات الدول ٔالاخرى ،الذي يع ّـد مكانـا
ً ً
آمنا ومقبوال لطرح املنازعات املدنية م ا والجنائية وتبادل وجهات النظر حولها.
وقــد ســعت بعــض املجتمعــات و ــي مقــدم ا املجتمــع العرا ــي ،ا ــى احتــواء مثــل هــذﻩ
املجالس واللقاءات ي اطار نظام العدالة الجنائيـة التقليديـة والـنظم العقابيـة املعتمـدة،
ل ــيس لكس ــر اله ــوة بـ ـ ن املهتمـ ـ ن بعملي ــات العدال ــة التص ــالحية وبـ ـ ن املهتمـ ـ ن بنظري ــات
ً ّ
وأبحا ــا التحليلي ــة ،وإنم ــا إلعط ــاء الغلب ــة لتل ــك املج ــالس ،وبعي ــدا ع ــن م ــا ج ــاء ب ــه دع ــاة
تط ــوير كاف ــة مؤش ـرات وثقاف ــات العدال ــة التص ــالحية املوروث ــة ،ال ـ اختص ــرت ــي ش ــكل
آلي ــات معين ــة لتطبي ــق العدال ــة التص ــالحية املتدرج ــة نح ــو العدال ــة املجتمعي ــة الش ــاملة،
ال ستعالج ي مطلب ن :يب ّ ن املطلب ٔالاول الخطوات التمهيدية ـي تطبيـق نظـام العدالـة
الجنائيــة التصــالحية ،ويوضــح املطلــب الثــاني تللــك الخطــوات الواجــب اتخاذهــا مــا بعــد
العدالة الجنائية التصالحية وع ى النحو ٓالاتي بيانه:
الفرع ٔالاول/الخطوات التمهيدية لتطبيق نظام العدالة الجنائية التصالحية
تع ـ ّـد الدراس ــات والبح ــوث امليداني ــة الالزم ــة للتع ــرف ع ــى حقيق ــة الجريم ــة املرتكب ــة
ومــدى كفـاءة أداء أجهــزة العدالــة الجنائيــة ،مــن أو ــى الخطــوات التمهيديــة لتطبيــق نظــام
العدالة التصالحية ملا ي ﺮتب عل ا فيما بعد من تكوين قناعـات تحـتم الشـروع ـي تفعيـل
27
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
وتعد تلك الخطوة جزء ال يتجزأ من ضـرورة مراجعـة التشـريعات الجنائيـة إلزالـة البدائلّ .
أو تعديل النصوص ال تحول دون املشاركة الفاعلة ي اجراءات العدالة الجنائية.
وتعت ـ ــﺮ الدراسـ ــات امليدانيـ ــة للجريمـ ــة وبمختلـ ــف صـ ــورها حجـ ــر ٔالاس ـ ـاس ـ ــي البنـ ــاء
ً
الاجتمــا ي العرا ــي .إذ لــم يعــد وضــع الظــاهرة الاجراميــة ــي العـراق مختلفــا عــن وضــعها ــي
الدول املتقدمة ،ع ى الرغم من اختالف ظروف تغ ﺮ كـل م مـا ،ووصـول الـدول املتقدمـة
إ ـى مرحلـة مــن التقـدم الحضـاري الـذي سـاهم ـي بــروز بعـض مظـاهر التــوتر والضـغوط ــي
الجوان ــب الثقافي ــة والاجتماعي ــة والشخص ــية .حي ــث أخ ــذت ص ــور الس ــلوك الاجرام ــي ــي
ً ً
الع ـراق طابع ــا جدي ــدا ،تمث ــل ــي ج ـرائم العص ــابات املنظم ــة ال ــذي غالب ــا م ــا يتس ــق ه ــذا
الطــابع مــع ظــروف املجتمعــات املتقدمــة ،حيــث ال تكــون للفــرد القــدرة ع ــى مواجهــة هــذﻩ
املعقـدة بمفـردﻩ ،ويلـوذ بالجماعـات املنحرفـة ال ـ تخطـط الرتكـاب الظروف التكنولوجيـة ّ
الجرائم وذلك ملمارسة نشاطه ي اطار خططها الاجرامية.
كمــا بلــغ املجتمــع العرا ــي مســتوى مــن الانــدماج ع ــى مســتوى الريــف والحضــر بحيــث
ال توجد فروق ب ن جرائم القطاع ن إال فيما ندر ،وبالصـورة ال ـ ال يمكـن اعتبارهـا عنـد
مس ـ ــتوى التم ـ ــايز ـ ــي ص ـ ــورة وطبيع ـ ــة ٔالافع ـ ــال الاجرامي ـ ــة ،وذل ـ ــك النتش ـ ــار التنظيم ـ ــات
الاجتماعية ع ى مستوى القطاع الريفئ ،الامر الذي صـاحبه ظهـور بعـض أنمـاط الجـرائم
املتعلقة ذﻩ التنظيمات.
وع ــى ال ــرغم م ــن اعتب ــار الدراس ــات امليداني ــة للجريم ــة ،البوص ــلة ال ـ تح ــدد مس ــار
خط ـ ــط السياس ـ ــة الجنائي ـ ــة والتص ـ ــدي للجريم ـ ــة واس ـ ـ ﺮاتيجيا ا ـ ــي جمي ـ ــع املجتمع ـ ــات
البشرية النامية واملتقدمة ع ى حد سواء ،إال ّأن أهم الدراسات ال أجريت ع ـى ظـاهرة
الجريمة من وجهة النظر الاجتماعية ،كانت ي املجتمعات املتقدمة.
أمــا الدراســات ال ـ أجريــت ع ــى ظــاهرة الجريمــة بشــكل عــام ــي املجتمعــات العربيــة
،وع ــى وجــه الخصــوص ــي املجتمــع العرا ــي ،فــال زالــت قليلــة ومحــدودة وال تفــي بــالغرض
املطلــوب لس ـ ﺮ غــور هــذﻩ الظــاهرة وكشــف جوان ــا املختلفــة ع ــى النحــو ا ــي يجعلهــا أو ــى
الخط ــوات لتطبي ــق نظ ــام العدال ــة الجنائي ــة التص ــالحية ،إذا م ــا قيس ــت بتل ــك الدراس ــات
ال أجريت ي املجتمعات املتقدمة.
28
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
ٔالامـ ــر الـ ــذي يقت ـ ـ إج ـ ـراء الدراسـ ــات املتعلقـ ــة بالتحضـ ــر وخصائصـ ــه ـ ــي الع ـ ـراق
ومقارن ا مع تلـك ال ـ أجريـت ـي املجتمعـات املتقدمـة ومـا توصـل إل ـا البـاحثون ،مـن أ ّن
الس ـ ــلوك الاجرام ـ ــي م ـ ــا ه ـ ــو إال نت ـ ــاج طبي ـ ــي للظ ـ ــروف الاجتماعي ـ ــة الس ـ ــائدة ـ ــي معظ ـ ــم
املجتمع ـ ــات البش ـ ــرية .وإج ـ ـراء دراس ـ ــات متخصص ـ ــة ح ـ ــول الجن ـ ــوح وعالقت ـ ــه بالثقاف ـ ــات
الفرعيــة ،والاهتمــام بمــا كشــفت الدراســات املنــاظرة مــن أهميــة عنصــر الثقافــة الفرعيــة
ً
املتمثلة ي القيم والسلوك وعالق ا بـالجنوح .فضـال عـن ضـرورة الاعتمـاد ع ـى الدراسـات
التطبيقيــة الحديثــة ال ـ أجريــت ــي بعــض الــدول املتقدمــة لدراســة العالقــة بـ ن البطالــة
والجريم ــة ،ــي الوق ــت ال ــذي توج ــد ب ــه عالق ــة طردي ــة بـ ـ ن مع ــدالت البطال ــة ــي العـ ـراق
ً
والجريم ــة خصوص ــا بـ ـ ن فئ ــات املج ــرم ن العائ ــدين ،م ــع ٔالاخ ــذ بنظ ــر الاعتب ــار أث ــر تفك ــك
ٔالاس ــرة العراقي ــة ع ــى الس ــلوك الاجرام ــي بـ ـ ن أفراده ــا ودور ٔالاس ــرة ــي ض ــبط الجريم ــة.
ودراسة املشكالت ٔالامنية املصاحبة لنمو املدن والهجرة إل ا بسـبب العمليـات العسـكرية
ي بعض املدن والقرى والنوا ي.
الفرع الثاني/الخطوات املتخذة ما بعد العدالة الجنائية التصالحية
تتعلــق الخطــوات الواجــب اتخاذهــا بعــد تطبيــق نظــام العدالــة التصــالحية القائمــة
ع ى املجتمع ،ب ﺮسيخ فلسفة العدالة املجتمعية ال برزت وتطورت ع ﺮ مراحل متدرجـة
ومســميات وب ـرامج تجريبيــة ،بلــورت ــي مجملهــا املفهــوم املجتم ــي للعدالــة .حيــث ظهــرت
ً
جميع املسميات وال ﺮامج الداعمة للعدالـة املجتمعيـة وملـع نجمهـا مج ّـددا خـالل العقـدين
ً
ـريعا ع ـ ــﺮ ع ـ ــدد م ـ ـن التج ـ ــارب ابت ـ ـ ً
ـداء ب ـ ـﺮامج مس ـ ــاعدة ض ـ ــحايا املاض ـ ــي ن ،وت ـ ــدرجت س ـ ـ
الجريمة ،العدالة املتوازية ،التوفيق ب ن الضحية والجاني ،العدالة التصالحية ،العدالـة
ً
التصــالحية القائمــة ع ــى املجتمــع ،وأخ ـﺮا العدالــة املجتمعي ـة ال ـ تعـ ّـد محصــلة مفــاهيم
وتجـ ــارب متنوعـ ــة ،محورهـ ــا املجتم ـ ـع املـ ــدني وفـ ــرص املشـ ــاركة الراميـ ــة إ ـ ــى بنـ ــاء مجتمـ ــع
السالمة والاستقرار).(39
و ــذا اعت ــﺮت العدال ــة املجتمعي ــة املتدرج ــة ع ــﺮ العدال ــة التص ــالحية القائم ــة ع ــى
املجتمع ،من النظريات ال ـ تركـز ع ـى إصـالح الضـرر النـاجم عـن الجريمـة أو امل ﺮتـب ع ـى
الســلوك الاجرامــي ،وال ـ تتحقــق ــي أفضــل صــورها مــن خــالل إجـراءات إنســانية تتعــاون
ف ا جميع ٔالاطراف املعنية.
29
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
مشـ ــروع قـ ــانون حمايـ ــة الطفـ ــل العرا ـ ــي .إال أ ّن هنـ ــاك تطبيقـ ــات لهـ ــا ع ـ ــى املسـ ــتوى غ ـ ــﺮ
ً
الرســم ،أولهــا الوســاطة بالفصــل العشــائري وال ـ ســنبي ا تباعــا بعــد بيــان الوســاطة ــي
منازعات جنوح ٔالاحداث ،وع ى النحو ٓالاتي بيانه:
الفرع ٔالاول/الوساطة ي منازعات جنوح ٔالاحداث
ً
غالب ـ ــا م ـ ــا تقت ـ ـ منازع ـ ــات جن ـ ــوح ٔالاح ـ ــداث ،ت ـ ــدخل شـ ــخص ثال ـ ــث ب ـ ـ ن أط ـ ـراف
الخصــومة بقصــد تقريــب وجهــات النظــر ،ووضــع اتفاقيــة تضــمن ج ــﺮ الضــرر الــذي لحــق
بــاملج عليــه م ــن ج ـراء ســلوك الح ــدث املخــالف للقــانون ،واع ــادة تأهيــل الح ــدث تح ــت
الاشراف القضائي.
ّ
وبعــد أن أكـدت العديــد مــن الاتفاقيــات والاعالنــات الدوليــة ع ــى ضــرورة اســتحداث
وسائل بديلة عن القضـاء ،لحـل املنازعـات الجنائيـة الناشـئة عـن جنـوح الاحـداث بصـورة
ـداء بقواعــد ٔالامــم املتحــدة النموذجيــة الــدنيا إلدارة شــؤون ٔالاحــداث لعــام خاصــة ،ابتـ ً
(41) 1985واتفاقي ــة حق ــوق الطف ــل لع ــام (42)1989وان ـ ًـاء ب ــإعالن فيين ــا بش ــأن الجريم ــة
والعدالــة لعــام .(43) 2000فقــد أقــرت أغلــب التشــريعات الجنائيــة بعــض ٔالانظمــة البديلــة
عن الدعوى الجزائية ي قضايا جنوح ٔالاحداث ،و ي مقدم ا نظام الوساطة الجنائية.
وع ــى ال ــرغم م ــن الزي ــادة الهائل ــة ألع ــداد القض ــايا ــي املح ــاكم الجزائي ــة ــي الع ـراق،
ـدال مــن التخفيــف عــن كاهــل تلــك املحــاكم كمــا جــرى ــي العديــد مــن تشــريعات الــدول ً
وبـ
الغربي ـ ــة ،كالتش ـ ــريع الفرنﺴـ ـ ـ والبلجيك ـ ــي وال ﺮتغ ـ ــا ي .ل ـ ــم يأخ ـ ــذ املش ـ ــرع العرا ـ ــي بفك ـ ــرة
الوســاطة الجنائيــة ــي قــانون أصــول املحاكمــات الجزائيــة رقــم ) (23لســنة 1971املعــدل،
ً
وتب ـ هــذﻩ الفكــرة لحــل منازعــات جنــوح ٔالاحــداث حص ـرا مشــروع قــانون حمايــة الطفــل
العرا ي لعام .(44) 2010
وترمي آلية الوساطة املنصـوص عل ـا ـي مشـروع قـانون حمايـة الطفـل العرا ـي لعـام
ً
،2010إ ــى ابـ ـرام ص ــلح بـ ـ ن الطف ــل الج ــانح وم ــن يمثل ــه قانون ــا وبـ ـ ن املتض ــرر م ــن فع ــل
الطفــل ،و ــدف إ ـى ايقــاف س ـ ﺮ الاج ـراءات الجزائيــة أو املحاكمــة أو التنفيــذ ــي القضــايا
ال ال تصل حد الجنايات الخط ﺮة.
وقد عرفت الفقرة ٔالاو ى من املـادة ) (134مـن مشـروع قـانون حمايـة الطفـل العرا ـي
الوســاطة الجنائيــة ع ــى أ ّ ــا "...وســيلة اختياريــة ووديــة وســرية ،فﻬـ اجـراء بــديل للــدعوى
31
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
الجزائيــة بموجبــه يحــاول شــخص مــن الغ ــﺮ بنــاء ع ــى اتفــاق ٔالاط ـراف ،وضــع حــد و ايــة
لحالة الاضطراب ال أحدث ا الجريمة عـن طريـق اعتـذار الطفـل الجـانح للمج ـ عليـه أو
ً
حصول املج عليه ع ى تعويض مناسب عن الضـرر الـذي أحدثـه الطفـل الجـانح فضـال
عن اعادة تأهيل الطفل."...
ولغرض تطبيق نظام الوساطة الجنائية ي منازعات جنوح ٔالاطفـال ،البـد مـن تـوافر
الشروط املوضوعية وٕالاجرائية لهذا النظام.
وتتمثــل الشــروط املوضــوعية بشــرعية الوســاطة الجنائيــة ،ووجــود دعــوى جزائيــة،
ومحل الوساطة الجنائية.
وق ــدر تعل ــق ٔالام ــر بش ــرط ش ــرعية الوس ــاطة الجنائي ــة ،ن ــص مش ــروع ق ــانون حماي ــة
الطفل العرا ي ي املادة ) (138ع ى أن ألطراف الدعوى بموافقة قا ـ املوضـوع الاتفـاق
ع ى حل ال اع بالوساطة.
وبينــت املــادة ) (135مــن ذات القــانون شــرط وجــود الــدعوى الجزائيــة ،بنصــها ع ــى
امكانيــة اج ـراء الوســاطة ــي كــل وقــت مــن تــاريخ اق ـﺮاف الطفــل للفعــل املخــالف للقــانون
ً ً ً ً
وح تاريخ ان اء تنفيذ قرار الحكم ،سواء كان عقابا جزائيا او تدب ﺮا اح ﺮازيا.
أمــا الشــروط الاجرائيــة ال ـ يســتلزم توافرهــا لتطبيــق نظــام الوســاطة الجنائيــة فﻬـ
ال تتعدى شرط ٔالاهلية الاجرائية ،وموافقة أطراف ال اع ف ا.
ويقصــد باألهليــة الاجرائيــة ،صــالحية الشــخص ملباشــرة الاج ـراءات الجنائيــة بصــورة
عامة) .(45ومع أ ّن اللجوء إ ى الوساطة الجنائية ال يكون إال برضـا أطـراف ال ـ اع ،ويشـ ﺮط
ً
ــي الرض ــا أن يك ــون ص ــادرا م ــن ذي أهلي ـة ،أي م ــن ش ــخص ب ــالغ س ــن الرش ــد .إال ّأن م ــن
ً
املمك ــن أن يباش ــر الوس ــاطة الجنائي ــة م ــن يق ــوم مق ــام الطف ــل الج ــانح قانون ــا ،اذا كـ ــان
الطفل قد أتم التاسعة من عمرﻩ ولم يتم الثامنة عشر من العمر).(46
ولكون الوساطة الجنائية اجراء رضائي ،وهو من ٔالاساليب الاختيارية لحل منازعات
جن ــوح الاح ــدث ،فإ ّ ــا تتطل ــب رض ــا أط ـراف ال ـ اع ،أي موافق ــة م ــن يق ــوم مق ــام الطف ــل
ً ً
الج ــانح قانون ــا واملج ـ ـ علي ــه أو م ــن يق ــوم مقام ــه قانون ــا .وق ــد ن ــص ع ــى ه ــذﻩ املوافق ــة
ً
صراحة مشروع قانون حماية الطفل العرا ي).(47
32
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
جانب ـا مــن الفقــه يعت ــﺮ التنــازل عــن الشــكوى بمثابــة صــلح ،شــريطة حدوثــه قبــل صــدور
ً
حكم بات ي الدعوى) .(50بل هناك من يـرى أ ّن التنـازل عـن الشـكوى بحـد ذاتـه بـديال مـن
بدائل الدعوى الجنائية).(51
و ــي مقابــل الاتجــاﻩ الفقﻬـ الســابق ،هنــاك مــن يــرى أ ّن التنــازل املجــرد عــن الشــكوى
ً ً
نوعا من الصفح أو العفو ،وال يمكن اعتبارﻩ بأي حال من ٔالاحوال صلحا).(52
خاتمة
ع ى الرغم من اعتبار القضاء أحد أهـم الوسـائل ـي حـل املنازعـات الجنائيـة ،إال أن
ً
هن ــاك وس ــائل أخ ــرى ال تق ــل ش ــأنا ع ــن القض ــاء ،ب ــل وتع ـ ّـد مكمل ــة له ــا ــي ف ــض ال اع ــات
وحل الخالفات وتسم بالوسائل البديلة عن القضاء.
ً
وتكتسب هذﻩ الوسائل أهمية عظيمة ي حل املشاكل وال اعات جنبـا ا ـى جنـب مـع
ً
الوس ــائل التش ــريعية والقض ــائية ٔالاخ ــرى ،كو ــا تق ــدم حل ــوال مرض ــية لطر ـ ـي ال ـ ـ اع و ــي
وقت عاجل وبتكاليف أقل مقارنة بوقت وتكاليف الوسائل القضائية.
وتح ــت وط ــأة أزم ــة العدال ــة الجنائي ــة ال ـ تع ــاني م ــا ال ــدول وت ــالزم تل ــك ٔالازم ــة م ــع
ظـاهرة التضــخم العقـابي ف ــا ،اتجهـت السياســة الجنائيـة املعاصــرة صـوب نظــام العدالــة
الجنائيــة التصــالحية القائمــة ع ــى املجتمــع ال ســيما بعــد فشــل النظــام العقــابي التقليــدي
ي مكافحة الظاهرة الاجرامية .واعت ﺮت العدالة الجنائية التصالحية طريقـة غ ـﺮ تقليديـة
إلدارة ال ــدعوى الجنائي ــة ،ووس ــيلة فعال ــة لتج ــاوز أزم ــة العدال ــة الجنائي ــة الس ــتنادها إ ــى
ّ
فك ــرت ن :أوالهم ــا فكـ ـرة الح ــد م ــن الجريم ــة ،وثان م ــا فك ــرة الح ــد م ــن العق ــاب ،واللت ــان
تص ــبان ــي فك ــرة عام ــة مج ــردة ــي فك ــرة املعالج ــة غ ــﺮ القض ــائية للخص ــومات الجنائي ــة
لتحقيق العدالة ٓالامنة الناجزة.
وب ـ ــذلك اعت ـ ــﺮت العدال ـ ــة الجنائي ـ ــة التص ـ ــالحية القائم ـ ــة ع ـ ــى املجتم ـ ــع ،م ـ ــن أه ـ ــم
الوسائل البديلـة ال ـ تقـوي العالقـة الاجتماعيـة بـ ن أطـراف ال ـ اع وبقيـة أفـراد املجتمـع،
كمـ ــا تنم ـ ـ ثقافـ ــة الحـ ــوار والتسـ ــامح بـ ـ ن أبنـ ــاء املجتمـ ــع ،وتحـ ــل بـ ــذلك ثقافـ ــة املصـ ــالحة
والوئام محل ثقافة العداوة والخصام.
ويعب ـر عــن آليــات نظــام العدالــة الجنائيــة التصــالحية القائمــة ع ــى املجتمــع بالقضــاء
غ ــﺮ الرس ــم ،أو القض ــاء الاتف ــا ي أو ال ــودي ال ـ تتف ــق جميعه ــا ع ــى ا ــا تل ــك الاج ـراءات
34
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
ً
والوس ــائل التـ ـي تتخ ــذها الاطـ ـ ـراف املتنازع ــة وت ـ ـ ـ ـلجأ إل ــا ب ـ ـ ـ ـ ـدال ع ــن ال ـ ـ ـ ـقضاء الـ ـ ـ ـ ـ ـرسم
لحل املنازعات.
وق ــد ت ـ ـ ـ ـمخض عـ ــن ال ـ ـ ـ ـبحث م ـ ـ ـ ـ ـجموعة مـ ــن الاسـ ـ ـ ـ ـتنتاجات واملـ ـ ـ ـ ـ ـق ﺮحات ،ن ـ ـ ـ ـ ـ ـوجز
أهمها باآلتي:
ً
أوال /الاستنتاجات
-1لــم تنبــع فكــرة العدالــة الجنائيــة التصــالحية القائمــة ع ــى املجتمــع مــن نــص تشــري ي أو
مــن نظريــة أكاديميــة متفــردة ،بــل ــي تجديــد وتطــوير ملجموعــة تجــارب وممارســات عديــدة
ألف ــا املجتمعـ ــات القديمـ ــة ـ ــي اجـ ـراء الص ــلح والوسـ ــاطة بـ ـ ن أطـ ـراف ال ـ ـ اع ،الضـ ــحايا
وأس ــرهم والجـ ـ ـ ـ ـ ـناة وأس ـ ـ ـ ـرهم ،ومش ـ ـ ـ ـاركة أع ـ ـ ـ ـ ـضاء املجتم ــع وقيادات ــه ــي ح ــل ال اع ــات
بالطرق الودية.
-2تعت ــﺮ العدالــة الجنائيــة التصــالحية القائمــة ع ــى املجتمــع ــي معظــم صــورها ،ال ســيما
ــي صــورت ا املتمثلــة بالصــلح الجنــائي والوســاطة الجنائي ـة بمثابــة عقوبــة ماليــة ،يلخــص
دورهما ي السياسة الجنائية املعاصرة بأن يحمال بـ ن طيا مـا فكـرة التعـويض والعقوبـة
ً
وال تختلف عن الغرامة الجنائية ال تفرض ج ﺮا من خالل حكم قضائي.
-3غ ــﺮت العدال ــة الجنائي ــة التص ــالحية القائم ــة ع ــى املجتم ــع م ــن الفلس ــفة ال ـ يرتك ــز
ً
عل ـا القــانون الجنــائي ،فلــم يعــد اهتمــام القــانون الجنــائي قاصـرا ع ــى ردع وقمــع الجــاني،
بل أض ى تعويض املج عليه واعـادة تأهيـل الجـاني بـ ن أفـراد مجتمعـه ،مـن الفلسـفات
الحديثة ال تركز عل ا السياسة الجنائية املعاصرة.
ومن خالل تلك النتائج يمكن طرح بعض املق ﺮحات:
ً
ثانيا /املق ﺮحات
-1تقنـ ن الوســاطة الجنائيــة ــي العـراق ــي طوائــف محــددة مــن الجـرائم املنصــوص عل ــا
ـ ــي امل ـ ـ ـ ـ ـ ـادة الثالث ـ ــة م ـ ــن ق ـ ـ ـ ـ ـ ـانون أص ـ ـ ـ ـ ـ ـول املحاكم ـ ــات الجزائي ـ ــة ،وبم ـ ــا ي ـ ــوائم النس ـ ــيج
الاجتما ي العرا ي.
-2تط ــوير قانـ ـ ـ ـون رع ـ ـ ـ ـ ـاية الاح ـ ـ ـ ـداث العرا ــي ،ح ـ ـ ـ ـ ـيث تتـ ـ ـ ـ ـاح ف ـ ـ ـرصة الصـ ـ ـ ـ ـ ـلح ــي بع ــض
ج ـرائم ٔالاح ـ ـ ـ ـ ـداث ــي اط ـ ـ ـ ـ ـار ضــوابط قان ـ ـ ـونية معينــة ،وبح ـ ـ ـ ـ ـسب مــا يفصــح ع ـ ـ ـنه ملــف
شخصية الحدث.
35
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
-3تعزي ـ ــز تطبيق ـ ــات الش ـ ــرطة املجتمعي ـ ــة ،وتفعي ـ ــل دور الوس ـ ــاطة الش ـ ــرطية ـ ــي نط ـ ــاق
ً
الخصــومات ال ـ تكــدر صــفو الامــن العــام كمــدخل للعدالــة التصــالحية ،واعتبارهــا حــافزا
لألطراف يتمثل ي تعويض املج عليه أو املتضرر من الجريمة.
-4تعزيــز دور منظمــات املجتمــع املــدني ــي وضــع السياســة الجديــدة ــي مواجهــة الجريمــة
ً
وامل قدما نحو العدالة املجتمعية الشاملة.
-5تض ــم ن من ــاهج التعل ــيم الع ــا ي وكلي ــات الش ــرطة ومعاه ــد القض ــاء بمف ــاهيم العدال ــة
التص ــالحية ،ل ــيس إليج ــاد اجه ــزة وهياك ــل جدي ــدة ،ب ــل لغ ــرس ق ــيم التص ــالح واملش ــاركة
املجتمعية وتطبيقا ا العملية ي النظام التقليدي للعدالة الجنائية.
الهوامش
) .(1محمـ ــد الام ـ ـ ن البشـ ــرى ،العدالـ ــة الجنائيـ ــة التصـ ــالحية القائمـ ــة ع ـ ــى املجتمـ ــع )املفهـ ــوم والتطبيـ ــق( ،مجلـ ــة الفكـ ــر
الشــرطي ،مجلــة دوريــة ربــع ســنوية علميــة محكمــة ومفهرســة تع ـ باألبحــاث الامنيــة والشــرطية ،مركــز بحــوث شــرطة
الشارقة ،الامارات العربية املتحدة ،املجلد السادس عشر ،العدد الرابع ،يناير ،2008ص.48-47
) .(2محمــد حكــيم حسـ ن الحكــيم ،النظريــة العامــة للصــلح وتطبيقا ــا ــي املــواد الجنائيــة – دراســة مقارنــة ،الناشــر :دار
الكتب القانونية ،القاهرة ،2009 ،ص .9
) .(3محمد الام ن البشرى ،مصدر سابق ،ص .58ود .محمد حكيم حس ن الحكيم ،مصدر سابق ،ص .10
) .(4رؤوف عبيد ،بحث ي القضاء الجنائي عند الفراعنة ،املجلة الجنائية القومية ،العدد الثالث ،1958 ،ص .75
) .(5محمد حكيم حس ن الحكيم ،مصدر سابق ،ص .13
) .(6سورة النساءٓ ،الاية رقم .128
) .(7سورة الحجراتٓ ،الاية رقم 9وٓالاية رقم .10
) .(8ذكر ذلك بالتفصيل :محمد الام ن البشرى ،مصدر سابق ،ص .59
) .(9محمد حكيم حس ن الحكيم ،مصدر سابق ،ص .15 – 14
).(10محمد الام ن البشرى ،مصدر سابق ،ص .59
).(11محمد حكيم حس ن الحكيم ،مصدر سابق ،ص .16
).(12محمد الام ن بشرى ،مصدر سابق ،ص .60
).(13حـ ـ ـ ـمدي رجــب ع ـ ـ ـ ـطية ،دور امل ـ ـ ـ ـ ـج ع ـ ـ ـ ـليه ــي إنـ ـهاء الـ ـ ـ ـ ـدعوى الجـ ـ ـ ـ ـنائية ،رسـ ـ ـ ـ ـالة دكت ـ ـ ـ ـوراﻩ ،ج ـ ـ ـ ـامعة القــاهرة،
،1990ص .354
).(14محمد ٔالام ن البشرى ،مصدر سابق ،ص .61
).(15محمد حكيم حس ن الحكيم ،مصدر سابق ،ص .16
).(16محمد ٔالام ن البشرى ،مصدر سابق ،ص .60
) .(17محمد حكيم حس ن الحكيم ،مصدر سابق ،ص .17 – 16
).(18محمد ٔالام ن البشرى ،مصدر سابق ،ص .61
36
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
37
أمل فاضل عبد خشان عنوز :العدالة الجنائية املجلة ٔالاكاديمية للبحث القانوني ،املجلد/13العدد 2016 -01
).(41حيث نصت )الفقرة 1من القاعدة (11من قواعد ٔالامم املتحدة الدنيا إلدارة شؤون ٔالاحـداث )قواعـد بكـ ن( لعـام
ً
1985ع ــى ان " -1حيثمــا كــان مناســبا ،ينظــر ــي امكانيــة معالجــة قضــايا املجــرم ن ٔالاحــداث دون اللجــوء ا ــى محكمــة
رسمية من قبل سلطة مختصة."...
).(42حيث نصت )الفقرة ب من البند 3من املادة ( 40من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989ع ى ان " -3تس ى الـدول
الاطراف لتعزيز اقامة قوان ن واجراءات وسلطات ومؤسسات منطبقة خصيصـا ع ـى ٔالاطفـال الـذين يـد ى أ ـم ان كـوا
ق ــانون العقوب ــات أو ي م ــون ب ــذلك أو يثب ــت علـ ـ م ذل ــك وخاص ــة القي ــام بم ــا ي ــأتي :ب -استص ــواب اتخ ــاذ ت ــداب ﺮ عن ــد
الاقتضاء ملعاملة هؤالء ٔالاطفال دون اللجوء ا ى اجراءات قضائية".
).(43حي ــث ن ــص )البن ــد (26م ــن اع ــالن فيين ــا بش ــأن الجريم ــة والعدال ــة لع ــام 2000ع ــى أن "تق ــرر أن تس ــتحدث عن ــد
الاقتضاء خطط عمل وطنية واقليمية ودولية لدعم الجريمة كآليات الوساطة والعدالة التصالحية."...
).(44محمد ع ي سالم الاسدي و اسراء محمد ع ي ،مصدر سابق ،ص.48
).(45محمد ع ي سالم الاسدي و اسراء محمد ع ي ،مصدر سابق ،ص.52
).(46نصت الفقرة الخامسة من املادة ) (3من قانون رعاية الاحـداث رقـم 76لسـنة 1983ع ـى أن "...خامسـا -يعت ـﺮ وليـا
ٔالاب ؤالام أو أي شخص ضم اليه صغ ﺮا أو حدث أو عهد اليه تربية أحدهما بقرار من املحكمة".
).(47حيــث نصــت )الفقــرة ب مــن املــادة (138مــن مشــروع قــانون حمايــة الطفــل العرا ــي ع ــى ّأنــه "ب -ألط ـراف الــدعوى
بموافقة قا املوضوع الاتفاق ع ى حل ال اع بالوساطة."...
).(48رجب ع ي حسن ،مصدر سابق ،ص.153
).(49املصدر نفسه ،ص .154-153
).(50ســم ﺮ الج ـ وري ،الغرامــة الجنائيــة ،رســالة دكتــوراﻩ ،جامعــة القــاهرة ،ســنة ،1967ص .14و محمــود ســم ﺮ عبــد
الفتــاح ،النيابــة العـ ـ ـ ـ ـامة وســلطا ا ــي ا ــاء الــدعوى الجنائيــة بــدون محاكمــة ،رســالة دكتــوراﻩ ،جامعــة الاســكندرية،
سنة ،1986ص . 303
).(51أحمد فت ي سرور ،بدائل الدعوى الجنائية ،مجلة القانون والاقتصاد ،س ،53سنة ،1983ص .213
).(52محمد حكيم حس ن الحكيم ،مصدر سابق ،ص .28
38