You are on page 1of 250

‫ٖةةةةةةةةةة – غةةةةةةةةةة ‪٠‬‬ ‫جاَعةةةةةةةةةة‪١‬‬

‫يعً‪ٝ‬ةةةةةةةةةةا‬ ‫عُةةةةةةةةةةات‪ ٠‬يلي ةةةةةةةةةةا‬


‫كةةةةةةةةةةةةةةةةةةة‪ٛ‬م‬ ‫نً‪ٝ‬ةةةةةةةةةةةةةةةةةةة‪١‬‬
‫ب ْةةةةةاَخ َاج ةةة ة ر يكةةةةةاْ‪ ٕٛ‬يعةةةةةاّ‬

‫التفام جلٓائ‪ ٞ‬يف َ‪ ٕ ٝ‬يص ع‪ ١ٝ‬جلٓائ‪١ٝ‬‬

‫يفً ط‪ٝ‬ين يقِ (‪)47‬ي ٓ‪١‬‬ ‫“تي ‪ ١‬حتً‪ ١ًّٝٝ‬يف قاْ‪ ٕٛ‬يعك‪ٛ‬با‬
‫‪“6391‬‬
‫‪Conspiracy in Light of the Criminal Legitimacy‬‬

‫‪“An Analytical study According to the Criminal Code Ordinance‬‬


‫”‪No. (74) of 1936‬‬

‫إعل ت يباذث‪:‬‬
‫أمحل مجاٍ حمُل يٓحاي‬
‫إش ف‪:‬‬
‫ت‪.‬حمُةل عبل هلل أبة‪َٛ‬ةط‬ ‫ت‪ .‬ةاٖة إب ٖة‪ ِٝ‬ية‪ٛ‬ية‪ٝ‬ةل‬
‫أ اذ يكاْ‪ ٕٛ‬يل ‪ٛ‬ي‪ ٟ‬مل اعل‬ ‫أ اذ يكاْ‪ ٕٛ‬جلٓائ‪ ٞ‬ملصايى‬

‫ر يف يكاْ‪ ٕٛ‬يعاّ َٔ نً‪١ٝ‬‬ ‫ص‪ ٍٛ‬عً‪ ٢‬تيج‪ ١‬ملاج‬ ‫ال مل طًبا‬


‫هُا ّ‬ ‫اي‪١‬‬ ‫قلَت ٖذ‪ ٙ‬ي‬
‫ك‪ٛ‬م يف جاَع‪ – ٖ ١‬غ ‪٠‬‬

‫‪ٖ6771‬ة ‪ّ 9163 -‬‬


‫و يِ‪َٝ‬كِ ًُُ‪ٛ‬ىَ فَاخِ ُدِ إِِّْ‪ٞ‬‬ ‫﴿‪َٜ‬ا َُ‪ ٢َ ٛ‬إِ َّ‬
‫ٕ يَُِألَ ‪َٜ‬أِتَُِ ُ‪ِ َٕٚ‬ب َ‬
‫رنيَ﴾‬
‫و ََِٔ يَّٓاصِ ِ‬
‫َي َ‬

‫سكرة القصص}‪{20‬‬

‫‌أ‬
‫إق ي‬

‫أنا المكقِّع أدناه‪ِّ ،‬‬


‫مقدـ الرسالة التي تحمؿ عنكاف‪:‬‬

‫االتفاؽ الجنائي في ميزاف الشرعية الجنائية‬

‫تحميمية في قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪"1936‬‬


‫ّ‬ ‫"دراسة‬

‫أقر بأف ما اشتممت عميو ىذه الرسالة إنما ىك نتاج جيدم الخالص‪ ،‬باستثناء ما تمت اإلشارة إليو‬
‫ُّ‬
‫و‬
‫درجة أك لقب عممي أك بحثي‬ ‫حيثما كرد‪ ،‬كأف ىذه الرسالة ككؿ‪ ،‬أك أم جزء منيا لـ ييقدـ مف قبؿ لنيؿ أم‬
‫و‬
‫بحثية أخرل‪.‬‬ ‫و‬
‫مؤسسة تعميمية أك‬ ‫لدل أم‬

‫‪Declaration‬‬

‫‪The work provided within this thesis entitled "Conspiracy in Light of the‬‬
‫‪Criminal Legitimacy", unless otherwise referenced is the researcher's own work‬‬
‫‪and hasn't been submitted elsewhere for any other degree or qualification.‬‬

‫اسـ الطالب‪:‬أحمد جماؿ محمد النجار‬

‫التكقيع‪:‬‬

‫التاريخ‪:‬‬

‫‌ب‬
‫إٖل ء‬

‫إلى مف جرع الكأس فارغان ليسقيني قطرة حب‪،‬‬

‫إلى مف كمٌت أناممو ليقدـ لنا لحظة سعادة‪،‬‬

‫إلى مف حصد األشكاؾ عف دربي ليميد لي طريؽ العمـ‪،‬‬

‫إلى القمب الكبير ‪" ...‬كالدم العزيز"‬

‫* * * *‬

‫إلى حكمتي ‪ ...‬كعممي ** إلى أدبي ‪...‬كحممي‬

‫إلى طريقي ‪ ...‬المستقيـ ** إلى طريؽ‪ ...‬اليداية‬

‫إلى ينبكع الصبر كالتفاؤؿ كاألمؿ ‪" ...‬أمي الغالية"‬

‫إلى شقائؽ الركح ‪" ...‬إخكتي"‬

‫* * * *‬

‫الكثٌر من األشخاص ٌمشون معك فً الحٌاة‪،‬‬

‫ولكن القلٌل من ٌكملون المشوار برفقتك إلى آخر المطاف‪،‬‬

‫أال وهم األصدقاء األوفٌاء ‪ ...‬إلى صديقي‪ :‬ماىر مسعكد‬

‫‌ج‬
‫شه ‪ٚ‬ع فإ‬

‫ألستاذم الفاضميف‪ :‬الدكتكر‪/‬‬


‫ٌ‬ ‫ال يسعني في ىذا المقاـ ٌإال أف أتقدـ بخالص الشكر كالعرفاف كالتقدير‬

‫ساىر إبراىيـ الكليد–أستاذ القانكف الجنائي المشارؾ بجامعة األزىر‪ ،‬كالدكتكر‪ /‬محمد عبد اهلل أبك مطر –‬

‫أستاذ القانكف العاـ المساعد بجامعة األزىر؛ عمى تفضميما بقبكؿ اإلشراؼ عمى ىذه الرسالة‪ ،‬فكاف‬

‫لنصائحيما كارشاداتيما كاقتراحاتيما األثر البالغ في إثرائيا كظيكرىا بالشكؿ الذم ىي عميو اآلف‪ ،‬فميما مني‬

‫كؿ الحب كالتقدير‪ ،‬آمبلن مف اهلل ‪ -‬عز كج ٌؿ – أف ينفع بعمميا الكطف كأبناءه ‪...‬‬

‫الفر كعدلي عبد الفتّاح نصار؛ لقبكليما‬


‫كما أتقدـ بجزيؿ شكرم كامتناني لمدكتكريف‪ /‬عبد اهلل خميؿ ّا‬

‫مناقشة رسالتي‪ ،‬كالشكر مكصك هؿ إلى كؿ مف آزرني كلك بكممة تشجيع‪ ،‬كالى كؿ مف كقؼ بجانبي خالص‬

‫المحبة كالتقدير‪.‬‬

‫‌د‬
‫اي‪١‬‬ ‫دًص ي‬ ‫َ‬

‫ي ً‬
‫عاقب المشرع الفمسطيني في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬عمى االتفاؽ عمى ارتكاب‬ ‫ي‬

‫جناية أك جنحة‪ ،‬كجريمة مستقمة قائمة بذاتيا‪ ،‬بصرؼ النظر عما إذا كقعت الجريمة المتفؽ عمييا أـ ال‪،‬‬

‫كىذه الصكرة تعد إحدل مظاىر التجريـ الكقائي الذم ال ينتظر فيو المشرع تنفيذ المشركع اإلجرامي لمعاقبة‬

‫أطرافو‪ ،‬بؿ يجابيو كىك في طكر التككيف‪.‬‬

‫كلما كانت الحماية الجنائية لمحقكؽ كالحريات كأصؿ مف أعماؿ المشرع العادم؛ إال أف تدخمو في‬

‫التجريـ كالعقاب يبقى مقيدان بأحكاـ الدستكر‪ ،‬كأحد أبرز ىذه القيكد ىك مبدأ الشرعية الجنائية كما يتفرع عنو‬

‫مف مبادئ تقتضي عدـ المجكء لسبلح التجريـ كالعقاب إال لضركرة اجتماعية قصكل‪ ،‬كأال يرد ىذه التجريـ‬

‫سكل عمى فعؿ مادم‪ ،‬كأف يككف مقترنان بجز و‬


‫اء جنائي متناسب‪ ،‬ككذلؾ يستمزـ مبدأ الشرعية تكفر صفات‬

‫خاصة في النصكص الجنائية‪.‬‬

‫كىك ما تعيف معو البحث فيما إذا كانت النصكص المتعمقة بجريمة االتفاؽ الجنائي الكاردة في قانكف‬

‫العقكبات الفمسطيني رقـ ‪ 74‬لسنة ‪ 1936‬تتسؽ مع القيكد السابقة أـ ال‪ ،‬بيد أف ذلؾ استكجب بياف األحكاـ‬

‫العامة كالخاصة لجريمة االتفاؽ الجنائي بشيء مف التفصيؿ‪.‬‬

‫تكصؿ الباحث إلى جممة مف النتائج أبرزىا عكار بعدـ الدستكرية‪ ،‬يعترم النصكص المتعمقة بجريمة‬

‫االتفاؽ الجنائي العاـ كبعض النصكص الجنائية الكاردة في القسـ الخاص‪ ،‬كأف تجريـ االتفاؽ الجنائي ال‬

‫يتعارض مع مبدأ حظر العقاب عمى النكايا كاألفكار‪.‬‬

‫‌ه‬
Abstract

In the Criminal Code Ordinance No. (74) of 1936, the Palestinian legislator
punishes for agreeing to commit a felony or a misdemeanor, as an independent
crime, regardless of whether that crime occurred as agreed on or not. So, this
image is one of the manifestations of the preventive criminalization in which the
legislator does not wait the criminal till he implements the criminal activity, but he
confronts him while he is in the early beginning of that criminal activity.

Since the criminal protection of rights and freedoms as an origin of the work
of the ordinary legislator, his interference in criminalization and punishment
remains restricted by the provisions of the constitution. One of the most prominent
restrictions is the principle of criminal legitimacy and the other principles that
derive from it that require the non-recourse to the weapon of criminalization and
punishment except for the utmost social necessity, Also, to apply this
criminalization only regarding a material act and to be associated with a
proportionate criminal penalty. Moreover, the principle of legality also requires
special characteristics in criminal texts.

This research addresses whether the provisions related to the crime of the
criminal agreement/conspiracy, included within the Palestinian Penal Code No. 74
of 1936, are consistent with the previous restrictions or not, but this required a
clarification of the general and special provisions of that crime in some details.

The researcher reached a set of results, the most prominent of which is that
there is defect of unconstitutionality related to the crime of the general criminal
agreement/conspiracy, also, some criminal texts contained within the private
section. In addition, criminalizing the criminal conspiracy does not contradict the
principle of prohibiting on punishment for mere intentions and ideas.

‫‌و‬
‫اي‪١‬‬ ‫فٗ س ي‬

‫يقِ يصفر‪١‬‬ ‫مل‪ٛ‬ض‪ٛ‬ع‬

‫أ‬ ‫آ‪ ١ٜ‬ق آْ‪............................................................. ١ٝ‬‬


‫ب‬ ‫إق ي ‪....................................................................‬‬
‫ج‬ ‫إٖل ء ‪...................................................................‬‬
‫د‬ ‫شه ‪ٚ‬ع فإ ‪..........................................................‬‬
‫ىػ‬ ‫اي‪..................................................... ١‬‬ ‫دًص ي‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫اي‪ ١‬باإلدمً‪.............................."Abstract" ١ٜ ٝ‬‬ ‫دًص ي‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬ ‫َكلَ‪................................................................ ١‬‬
‫‪7‬‬ ‫يفصٌ ‪َ :ٍٚ‬اٖ‪ ١ٝ‬التفام جلٓائ‪ٚ ٞ‬أيناْ٘‬
‫‪8‬‬ ‫المبحث األكؿ‪ :‬ماىية االتفاؽ الجنائي ‪....................................‬‬
‫‪9‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬المقصكد باالتفاؽ الجنائي ‪................................‬‬
‫‪15‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬تمييز االتفاؽ الجنائي عف غيره ‪..........................‬‬
‫‪23‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أركاف االتفاؽ الجنائي ‪....................................‬‬
‫‪24‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬الركف المادم ‪.............................................‬‬
‫‪33‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬الركف المفترض "أطراؼ االتفاؽ" ‪..........................‬‬
‫‪47‬‬ ‫المطمب الثالث‪ :‬الركف المعنكم ‪...........................................‬‬
‫‪54‬‬ ‫يفصٌ يثاْ‪ :ٞ‬ي ٓظ‪ ِٝ‬يكاْ‪ ْٞٛ‬يالتفام جلٓائ‪ٞ‬‬
‫‪55‬‬ ‫المبحث األكؿ‪ :‬األحكاـ الخاصة لبلتفاؽ الجنائي ‪..........................‬‬
‫‪56‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬شكؿ االتفاؽ ككسائؿ تغييره ‪...............................‬‬
‫‪63‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬كقت تنفيذ االتفاؽ كمكانو ‪.................................‬‬
‫‪69‬‬ ‫المطمب الثالث‪ :‬مكضكع االتفاؽ الجنائي ‪.................................‬‬

‫‌ز‬
‫‪75‬‬ ‫المطمب الرابع‪ :‬العقاب عمى االتفاؽ الجنائي ‪..............................‬‬
‫‪83‬‬ ‫المطمب الخامس‪ :‬االتفاؽ الجنائي الخاص ‪................................‬‬
‫‪91‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬األحكاـ العامة لبلتفاؽ الجنائي ‪...........................‬‬
‫‪92‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬االتفاؽ عمى جريمة مستحيمة ‪..............................‬‬
‫‪97‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬االتفاؽ الجنائي كتعدد الجرائـ ‪.............................‬‬
‫‪105‬‬ ‫المطمب الثالث‪ :‬الشركع في االتفاؽ الجنائي ‪...............................‬‬
‫‪116‬‬ ‫المطمب الرابع‪ :‬العدكؿ االختيارم في االتفاؽ الجنائي ‪......................‬‬
‫‪133‬‬ ‫يفصٌ يثايث‪ :‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬يف َ‪ ٛ‬جٗ‪ ١‬ملباتئ يل ‪ٛ‬ي‪١ٜ‬‬
‫‪134‬‬ ‫المبحث األكؿ‪ :‬متطمبات الشؽ المكضكع لمبدأ الشرعية ‪....................‬‬
‫‪135‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬التناسب بيف شقي التجريـ كالعقاب ‪........................‬‬
‫‪156‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬حظر العقاب عمى النكايا كاألفكار ‪.........................‬‬
‫‪177‬‬ ‫المطمب الثالث‪ :‬ضركرة التجريـ كالعقاب ‪..................................‬‬
‫‪197‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬متطمبات الشؽ الشكمي لمبدأ الشرعية ‪.....................‬‬
‫‪198‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬اليقيف الجنائي "اليقيف" ‪....................................‬‬
‫‪209‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬مبدأ اليقيف كاالتفاؽ الجنائي ‪..............................‬‬
‫‪222‬‬ ‫يبرث‬ ‫ْ ائخ ‪ٚ‬ت‪ٛ‬ص‪ٝ‬ا‬
‫‪232‬‬ ‫اي‪١‬‬ ‫َ جع ي‬

‫‌ح‬
‫َكلَ‪١‬‬
‫َ‪ٛ‬ض‪ٛ‬ع يلي ‪:١‬‬

‫قديمان كاف اليدؼ مف التجريـ ىك محاسبة الجاني عف الجريمة التي اقترفيا‪ ،‬كلكف االتجاىات‬

‫المعاصرة لمسياسة الجنائية نزعت نحك تطكير ىدؼ التشريعات الجنائية الحديثة ليتجاكز مجرد العقاب عمى‬

‫الجريمة المرتكبة ليتغيا عكضان عف ذلؾ االحتراس بمنع كقكع الجريمة باتخاذ رزمةن مف الكسائؿ المانعة لكقكع‬

‫الجريمة‪ ،‬كسف النصكص التي تكفؿ كقاية المجتمع‪ ،‬كأحد أىـ ىذه الكسائؿ كاف تجريـ االتفاؽ الجنائي؛‬

‫فخبلؿ مرحمة التفكير في الجريمة قد يمجأ الجاني إلى التعبير عف مضمكف أفكاره اإلجرامية لغاية ينشدىا‪،‬‬

‫كفي بعض األحكاؿ يتضمف ىذا التعبير خط انر ييدد أمف المجتمع برمتو أك اضطرابان يشيع بيف أفراده‪ ،‬كمف‬

‫ذلؾ أف يرل الجاني "أحيانان" ضركرة االستعانة بغيره لمشاركتو في تنفيذ المشركع اإلجرامي‪ ،‬كقد يككف لدل‬

‫ذلؾ الغير الرغبة أيضان في اقتراؼ الجريمة ذاتيا‪ ،‬فيتـ االتفاؽ بينيما؛ لذلؾ ارتأل المشرع أف يتدخؿ بالعقاب‬

‫عمى مثؿ ىذا االتفاؽ‪ ،‬ليككف تجريمو بمثابة خط دفاع يجابو بو المشركع اإلجرامي كىك في طكر التككيف‪،‬‬

‫فبدالن مف انتظار كقكع الجريمة محؿ االتفاؽ الجنائي لعقاب الجناة‪ ،‬كاف ال بد مف جعؿ االتفاؽ عمى ارتكابيا‬

‫يمجرمان بحد ذاتو؛ خاصةن كأف ىذا االتفاؽ كفيؿ بأف يقطع دابر التردد الذم كاف مف المحتمؿ أف يصيب كبلن‬

‫مف أطرافو لك كاف في عقده لمنية اإلجرامية كحيدان‪ ،‬كتبعان لذلؾ جرـ المشرع الجزائي في قانكف العقكبات‬

‫الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ االتفاؽ الجنائي‪.‬‬

‫كلما كاف تجريـ االتفاؽ في حد ذاتو تحكطيان كقائيان؛ كذلؾ لًما لبلتفاؽ مف خطكرة عمى المجتمع‪،‬‬

‫تعيف أف يككف نطاقو بقدر الضركرة النافعة التي يقتضييا حفظ النظاـ العاـ‪ ،‬فسمطة التجريـ ليست مطمقة مف‬

‫كؿ قيد‪ ،‬بؿ يتعيف عمى المشرع أف يكفؽ بيف مصمحة المجتمع كالحرص عمى أمنو كاستق ارره مف جية‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫كحريات كحقكؽ األفراد مف جية أخرل؛ لكي يتفادل الكقكع في إشكالية عدـ الدستكرية؛ فمدل دستكرية جريمة‬

‫االتفاؽ الجنائي في قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ يتطمب تفصيؿ األحكاـ العامة‬

‫ابتداء‪ ،‬كمف مف ثـ االنتقاؿ لبياف مدل تكافقيا مع مبدأ الشرعية الجنائية كما‬
‫ن‬ ‫لمجريمة كمكاضع خصكصيتيا‬

‫يتفرع عنو مف ضكابط تحكـ سمطة المشرع في التجريـ كالعقاب‪ ،‬مع تسميط الضكء عمى مكقفي الفقو كالقضاء‬

‫مف تجريـ االتفاؽ‪.‬‬

‫أُٖ‪ ١ٝ‬يلي ‪:١‬‬


‫تكمػ ػػف أىميػ ػػة ىػ ػػذه الد ارسػ ػػة فػ ػػي ككنيػ ػػا الد ارسػ ػػة األكلػ ػػى عم ػ ػى مسػ ػػتكل دكلػ ػػة فمسػ ػػطيف التػ ػػي تتنػ ػػاكؿ‬

‫بالتحمي ػ ػ ػػؿ ى ػ ػ ػػذا المكض ػ ػ ػػكع‪ ،‬بتس ػ ػ ػ ػمٌيطيا الض ػ ػ ػػكء عم ػ ػ ػػى جريم ػ ػ ػػة االتف ػ ػ ػػاؽ الجن ػ ػ ػػائي ف ػ ػ ػػي ق ػ ػ ػػانكف العقكبػػ ػ ػػات‬

‫الفمس ػ ػػطيني رق ػ ػػـ (‪ )74‬لس ػ ػػنة ‪ ،1936‬كبيػ ػ ػاف أحكامي ػ ػػا كاس ػ ػػتظيار م ػ ػػدل اتس ػ ػػاقيا م ػ ػػع المب ػ ػػادئ الدس ػ ػػتكرية‬

‫الت ػ ػػي تحك ػ ػػـ مس ػ ػػمؾ المش ػ ػػرع فيم ػ ػػا يتعم ػ ػػؽ بسياس ػ ػػتو كس ػ ػػمطتو ف ػ ػػي مج ػ ػػالي التجػ ػ ػريـ كالعق ػ ػػاب‪ ،‬خاصػ ػ ػةن كأف‬

‫ىذه الجريمة تي ُّ‬


‫عد مف الجرائـ التي أثارت جدالن كاسعان في الفقو كالقضاء‪.‬‬

‫أصػ ػ ػمت ىػػ ػػذه الد ارسػػ ػػة‬ ‫كف ػ ػػي ظػ ػ ػػؿ االختػ ػ ػزاؿ ً‬
‫المخ ػ ػ ػؿ ال ػ ػػذم يتعػ ػ ػػرض ل ػ ػػو مبػػ ػػدأ الش ػ ػػرعية الجنائي ػ ػػة؛ ٌ‬
‫ي‬

‫المتفرعػ ػػة عػ ػػف ىػ ػػذا المبػ ػػدأ كالتػ ػػي تتمتػ ػػع بػ ػػذات القيمػ ػػة الدسػ ػػتكرية‪ ،‬كػ ػػؿ ذلػ ػػؾ فػ ػػي إطػ ػػار مػ ػػا صػ ػػدر‬
‫لممبػ ػػادئ ي‬

‫عػ ػػف القضػ ػػاء الدسػ ػػتكرم مػ ػػف أحكػ ػػاـ كعػ ػػف الفقػ ػػو مػ ػػف آراء؛ لغايػ ػػة كشػ ػػؼ النصػ ػػكص العقابيػ ػػة ذات الص ػ ػػمة‬

‫بمكضكع الدراسة التي يعترييا عكار عدـ الدستكرية؛ لتداركيا مف قبؿ جيات االختصاص‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫َصهً‪ ١‬يلي ‪:١‬‬
‫تسعى الدراسة لئلجابة عمى تساؤؿ رئيس كىك‪ " :‬إلى أم و‬
‫حد يتكافؽ تجريـ المشرع العقابي الفمسطيني‬

‫لالتفاؽ الجنائي مع مبدأ الشرعية الجنائية كما يتفرع عنو مف ضكابط تحكـ سمطة المشرع في التجريـ‬

‫كالعقاب؟"‬

‫كيتفرع عف ىذا التساؤؿ الرئيس عدد مف التساؤالت أبرزىا ما يمي‪:‬‬

‫ماذا يقصد بجريمة االتفاؽ الجنائي؟‬ ‫‪.1‬‬

‫ىؿ ييعد مصطمح التآمر مرادفان لبلتفاؽ الجنائي‪ ،‬أك أف لكؿ منيما مدلكلو الخاص؟‬ ‫‪.2‬‬

‫مادم ُّ‬
‫يدؿ عميو؟‬ ‫و‬ ‫و‬
‫بسمكؾ‬ ‫ىؿ ييشترط لقياـ المسئكلية الجزائية عف االتفاؽ الجنائي أف يككف متبكعان‬ ‫‪.3‬‬

‫كىؿ يشترط أف يككف االتفاؽ منظمان أك مضي مدة زمنية معينة عمى االتفاؽ؟‬

‫ىؿ يكجد اختبلؼ بيف كؿ مف االتفاؽ كجريمة مستقمة كاالتفاؽ ككسيمة اشتراؾ؟‪ ،‬كىؿ ىناؾ تناقض‬ ‫‪.4‬‬

‫كتنافر في سياسة المشرع الجزائي الفمسطيني في حاؿ أخذه باالتفاؽ ككسيمة لممساىمة الجنائية‬

‫ككجريمة مستقمة قائمة بذاتيا؟‬

‫ىؿ حدد المشرع الحد األدنى لعدد المتفقيف؟ كىؿ يكفي لقياـ جريمة االتفاؽ الجنائي أف تتعدد‬ ‫‪.5‬‬

‫اإلرادات المنعقدة ماديان؟‬

‫إذا ما تكافر أحد أسباب اإلباحة أك مكانع المسئكلية أك مكانع العقاب في جانب أحد طرفي االتفاؽ‪،‬‬ ‫‪.6‬‬

‫ييستبعد مع ذلؾ قياـ االتفاؽ الجنائي؟‪ ،‬كىؿ يقكـ االتفاؽ الجنائي في الحالة التي يككف فييا أحد‬

‫طرفيو محرضان صكريان؟‬

‫‪3‬‬
‫ىؿ يستبعد العقاب عمى جريمة االتفاؽ الجنائي في الحالة التي ال يتـ فييا التكصؿ لسائر المتفقيف؟‪،‬‬ ‫‪.7‬‬

‫كىؿ يشترط لقياـ االتفاؽ الجنائي أف يتخذ شكبلن معينان أك أف يككف حاالن أك أف يتـ تعييف الكسائؿ‬

‫التي ينكم المتفقكف استخداميا في ارتكاب الجريمة محؿ االتفاؽ؟‬

‫قياـ‬ ‫إذا ما شاب إرادةى ً‬


‫عيب مف عيكب اإلرادة‪ ،‬فيؿ ييستبعد مع ذلؾ ي‬
‫ه‬ ‫أحد طرفي االتفاؽ الجنائي‬ ‫‪.8‬‬

‫جريمة االتفاؽ؟‬

‫جرمان‪،‬‬
‫ىؿ يستمد االتفاؽ الجنائي صفتو الجنائية مف مكضكعو‪ ،‬بما يتعيف معو أف يككف األخير يم ٌ‬ ‫‪.9‬‬

‫كىؿ اشترط المشرع صفة إجرامية خاصة لمكضكع االتفاؽ؟‬

‫ىؿ يصمح محبلن لبلتفاؽ الجنائي جميع أنكاع الجنايات كالجنح؟‪ ،‬كىؿ يشمؿ ذلؾ الجنايات كالجنح‬ ‫‪.10‬‬

‫الكاردة في القكانيف العقابية الخاصة؟‬

‫ىؿ تترتب المسئكلية الجزائية عمى االتفاؽ الجنائي في الحالة التي يقكـ فييا جميع المتفقيف أك‬ ‫‪.11‬‬

‫بعضيـ بالعدكؿ عف تنفيذ الجريمة محؿ االتفاؽ؟‪ ،‬كىؿ تترتب المسئكلية الجزائية عمى االتفاؽ‬

‫المنصب عمى جريمة مستحيمة؟‬


‫ي‬

‫ىؿ يتصكر كقكع الشركع في االتفاؽ الجنائي؟‪ ،‬كىؿ يعاقب عميو حاؿ كقكعو؟‬ ‫‪.12‬‬

‫ىؿ يعتبر شركعان‪ ،‬محاكلة الدخكؿ في اتفاؽ قائـ أك الدعكة الخائبة إلجراء اتفاؽ جنائي؟‬ ‫‪.13‬‬

‫ىؿ إجراء المفاكضات كالمدارسات كالمناقشات التي تسبؽ االتفاؽ الجنائي يدخؿ ضمف مدلكؿ‬ ‫‪.14‬‬

‫الشركع في االتفاؽ؟‬

‫ىؿ يتصكر كقكع العدكؿ االختيارم في االتفاؽ الجنائي؟‪ ،‬كىؿ يعاقب عميو حاؿ كقكعو؟‬ ‫‪.15‬‬

‫‪4‬‬
‫لماذا أفرد المشرع نصكصان خاصة بالعقاب عمى االتفاؽ الجنائي الخاص في ظؿ أخذه بجريمة‬ ‫‪.16‬‬

‫االتفاؽ الجنائي العاـ؟‬

‫ماذا قصد المشرع بالعقكبة المعينة في نص المادة (‪ )34‬كبالغاية غير المشركعة في نص المادة‬ ‫‪.17‬‬

‫(‪ )36‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ؟‬

‫ىؿ يقع تحت طائمة المسئكلية الجنائية مف كاف يعمـ بقياـ جريمة االتفاؽ الجنائي كلـ يقـ باإلببلغ‬ ‫‪.18‬‬

‫عنيا؟‬

‫ىؿ المساىمة الجنائية متصكرة الكقكع في جريمة االتفاؽ الجنائي؟‬ ‫‪.19‬‬

‫ما ىي خطة المشرع مف العقاب عمى االتفاؽ الجنائي؟‪ ،‬كىؿ أخذ المشرع بالدكر األصمي لبلتفاؽ‬ ‫‪.20‬‬

‫ككسيمة مساىمة تبعية في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬؟‬

‫ىؿ يعاقب المشرع عمى االتفاؽ في الحالة التي يككف فييا أطرافو مكزعيف بيف اإلقميـ الكطني‬ ‫‪.21‬‬

‫كالخارج؟‪ ،‬كىؿ يؤثر المكاف المنكم ارتكاب الجريمة المتفؽ عمييا فيو‪ ،‬عمى سرياف القانكف مف حيث‬

‫المكاف؟‬

‫ىؿ نككف أماـ تعدد مادم في الجرائـ في حالة تنفيذ الجريمة المتفؽ عمييا؟‬ ‫‪.22‬‬

‫‪5‬‬
‫َٓٗح‪ ١ٝ‬يلي ‪:١‬‬

‫كمنيج أساسي في الدراسة‪ ،‬مف خبلؿ تحميؿ النصكص‬


‫و‬ ‫سيعتمد الباحث عمى المنيج التحميمي‬

‫العقابية ذات الصمة بمكضكع الدراسة‪ ،‬كبياف مدل اتساقيا مع المبادئ الدستكرية كما استقر عميو القانكف‬

‫و‬
‫أصكؿ كمبادئ‪ ،‬مع االستعانة بما تيسر مف األحكاـ القضائية كاآلراء الفقيية ذات الصمة‬ ‫الجنائي الحديث مف‬

‫بمكضكع الدراسة‪.‬‬

‫ٖ‪ٝ‬هً‪ ١ٝ‬يلي ‪:١‬‬

‫تتككف الرسالة مف ثبلثة فصكؿ‪ ،‬كذلؾ عمى النحك التالي‪:‬‬

‫يفصٌ ‪َ :ٍٚ‬اٖ‪ ١ٝ‬التفام جلٓائ‪ٚ ٞ‬أيناْ٘‬ ‫‪‬‬

‫يفصٌ يثاْ‪ :ٞ‬ي ٓظ‪ ِٝ‬يكاْ‪ ْٞٛ‬يالتفام جلٓائ‪ٞ‬‬ ‫‪‬‬

‫يفصٌ يثايث‪ :‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬يف َ‪ ٛ‬جٗ‪ ١‬ملباتئ يل ‪ٛ‬ي‪١ٜ‬‬ ‫‪‬‬

‫‪6‬‬
‫يفصٌ ‪ٍٚ‬‬

‫َاٖ‪ ١ٝ‬التفام جلٓائ‪ٚ ٞ‬أيناْ٘‬

‫ً‬
‫يفض ذلؾ إلى كقكعيا سكاء في‬ ‫يقكـ االتفاؽ الجنائي بتبلقي إرادتيف أك أكثر عمى ارتكاب الجريمة‪ ،‬كلك لـ‬

‫ابتداء‪ ،‬كمف ثـ‬


‫ن‬ ‫الجرـ فإنو ينبغي تحديد المقصكد بو‬
‫صكرتيا الكاممة أك الناقصة‪ ،‬كلكي تتضح معالـ ىذا ي‬

‫بياف أكجو االختبلؼ بينو كبيف ما يتشابو معو مف صكر إجرامية قائمة عمى التعدد الضركرم لمجناة‪.‬‬

‫عدا عف ذلؾ‪ ،‬فإف مف المبادئ الراسخة في القانكف الجنائي ٌأنو ال سمطاف لمقانكف عمى ما يدكر في ذىف‬

‫األفراد مف أفكار أك ما يضمركنو مف نكايا طالما لـ تترجـ في صكرة أفعاؿ مادية ظاىرة‪ ،‬كأف ماديات الجريمة‬

‫ال تنشئ مسئكلية كال تستكجب عقابان‪ ،‬كلذلؾ كانت كؿ جريمة تستمزـ بالضركرة لقياميا ركنان ماديان كآخ انر‬

‫معنكيان‪ ،‬مما يستتبع معو الكقكؼ عمى أركاف جريمة االتفاؽ الجنائي‪.‬‬

‫كعمى ىدل ذلؾ ينقسـ ىذا الفصؿ إلى مبحثيف اثنيف‪ ،‬ىما‪:‬‬

‫ملبرث ‪َ :ٍٚ‬اٖ‪ ١ٝ‬التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫ملبرث يثاْ‪ :ٞ‬أينإ التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫‪7‬‬
‫ملبرث ‪ٍٚ‬‬
‫َاٖ‪ ١ٝ‬التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫ابتداء المقصكد باالتفاؽ الجنائي‪ ،‬كأف نحدد تبعان‬


‫ن‬ ‫يقتضي الكقكؼ عمى ماىية االتفاؽ الجنائي أف نبيف‬

‫لذلؾ ما إذا كاف رديفان لمتآمر الجنائي أـ ال‪ ،‬كمف ثـ إبراز استقبللية كذاتية جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كذلؾ مف‬

‫قسـ ىذا المبحث إلى‬


‫سي ٌ‬
‫خبلؿ تمييزىا عما قد يختمط األخير معيا مف صكر إجرامية أخرل‪ ،‬كعمى ذلؾ ي‬

‫مطمبيف مستقميف عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫ملطًب ‪ :ٍٚ‬ملكص‪ٛ‬ت باالتفام جلٓائ‪ٞ‬‬


‫ملطًب يثاْ‪ :ٞ‬مت‪ ٝٝ‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬عٔ غر‪ٙ‬‬

‫‪8‬‬
‫ملطًب ‪ٍٚ‬‬

‫ملكص‪ٛ‬ت باالتفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫أ‪ٚ‬الّ‪ :‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬يػ‪:ّ١‬‬

‫نظ انر ألف مصطمح االتفاؽ الجنائي يحتكم لفظة يمركبة؛ كجب عمينا تكضيح كبل المفظيف كؿ عمى‬

‫حدة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫افقت فبلنان عمى أمر كذا أم اتفقنا عميو معان‪ ،‬كفؽ‬
‫ؽ ‪ ،‬حيث نقكؿ ك ي‬‫)أ)االتفاؽ لغةن‪ :‬اسـ لمفعؿ ىكفى ى‬

‫الشيء ما الءمو كقد كافقو مكافقةن‪ ،‬ككفاقان كاتفؽ معو كتكافقان كمنو المكافقة‪(.2‬ب)الجنائي لغةن‪ :‬اسـ منسكب إلى‬

‫قانكف جنائي‪ ،‬كعقكبةه جنائية‪.3‬‬


‫ه‬ ‫جناية‪ ،‬فنقكؿ‬

‫و‬
‫بألفاظ متعددة منيا بمفظ التآمر فقد جاء في قكلو‬ ‫كقد كرد ذكر االتفاؽ الجنائي في القرآف الكريـ‬

‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ؾ لً ىي ٍقتيمي ى‬ ‫ً‬


‫اخ يرٍج إًِّني لى ىؾ م ىف الناصح ى‬
‫يف﴾‪ ،4‬ككرد ذكره أيضان بمفظ‬ ‫كؾ فى ٍ‬ ‫كف بً ى‬
‫كسى إًف اٍل ىمؤلى ىيأٍتىم ير ى‬
‫تبارؾ كتعالى‪ ﴿:‬ىيا يم ى‬

‫ىج ىم يعكا أىف ىي ٍج ىعميكهي ًفي ىغ ىي ىاب ًت اٍل يج ِّ‬


‫ب﴾‪ ،5‬ككذلؾ بمفظ أبرمكا في قكلو‬ ‫أجمع في قكلو تعالى‪ ﴿:‬ىفمىما ىذ ىىيبكا بً ًو ىكأ ٍ‬

‫تعالى‪ ﴿:‬أ ٍىـ أ ٍىب ىريمكا أ ٍىم نار فىًإنا يم ٍب ًريم ى‬


‫كف﴾ ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد بف أبي بكر عبدا لقادر الرازم‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬الككيت‪ ،1982 ،‬ص‪.4‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد بف مكرـ بف عمي‪ ،‬أبك الفضؿ‪ ،‬جماؿ الديف ابف منظكر األنصارم‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬دار صادر بيركت‪ ،1965 ،‬ص‪.382‬‬
‫‪3‬‬
‫معجـ المعاني‪ ،‬االتفاؽ لغة‪ ،‬انظر الرابط االلكتركني اآلتي‪:‬‬
‫تاريخ الزيارة‪ 2019/3/1 :‬الساعة‪www.almaany.com.10:00 :‬‬
‫‪4‬‬
‫سكرة القصص‪ ،‬اآلية‪.20 :‬‬
‫‪5‬‬
‫سكرة يكسؼ‪ ،‬اآلية‪.15:‬‬
‫سكرة الزخرؼ‪ ،‬اآلية‪.79:‬‬
‫‪6‬‬

‫‪9‬‬
‫ثاْ‪ٝ‬اّ‪ :‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬صطالذاّ‪:‬‬

‫ييعرؼ الفقو االتفاؽ الجنائي بأنو‪":‬انعقاد إرادتيف أك أكثر عمى ارتكاب الجريمة"‪ ،7‬كما ييعرؼ‬

‫بأنو‪":‬تبادؿ الرضا أك القبكؿ بيف شخصيف أك أكثر عمى ارتكاب الجريمة"‪.8‬‬

‫كيفترض االتفاؽ عرضان مف أحد الطرفيف صادفو قبك هؿ مف الطرؼ اآلخر‪ ،‬كبالعرض كالقبكؿ تتبلقى‬

‫اإلرادات عمى محؿ االتفاؽ كىك الجريمة‪ ،9‬كىناؾ مف يرل بأف مقتضى االتفاؽ ىك‪ ":‬أف تتقابؿ إرادة المتفقيف‬

‫كينعقد العزـ بينيـ عمى و‬


‫أمر معيف كىك ارتكاب الجريمة مكضكع االتفاؽ"‪.10‬‬

‫كيستخمص الباحث مف التعريفات السابقة أف االتفاؽ الجنائي لو عناصر مكحدة لدل الفقو الجنائي‬

‫كاف اختمؼ صيغة و‬


‫كؿ منيـ في التعبير عنيا‪ .‬فاالتفاؽ في جكىره حالة نفسية‪ ،‬قكامو انعقاد إرادتيف أك أكثر‬

‫كلكف لو مظير مادم مممكس ييستمده مف كسائؿ التعبير عف اإلرادة كىي كسائؿ متنكعة فقد تككف قكالن أك‬

‫إيماء‪ ،‬كيتضح بذلؾ أف االتفاؽ أقرب في طبيعتو إلى العقد‪ ،‬كينحصر التمييز بينيما في اختبلؼ‬
‫ن‬ ‫كتابة أك‬

‫مكضكع كؿ منيما مف حيث المشركعية‪.11‬‬

‫ثايثاّ‪ :‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬قاْ‪ْٛ‬اّ‬

‫لـ ييع ٌرؼ المشرع في قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬حيث عبر‬

‫عنو بمفظ "التآمر"‪ ،‬كذلؾ مرده األصكؿ االنجميزية ليذا القانكف‪ ،‬باعتبار أف القانكف اإلنجميزم ييعبر عف‬

‫‪7‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪ ،‬القاىرة‪ ،1997 ،‬ص‪ .771‬محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬شرح‬
‫قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة العاشرة‪ ،‬مطبعة جامعة القاىرة‪ ،1983 ،‬ص‪351‬‬
‫‪8‬‬
‫السعيد مصطفى السعيد‪ ،‬األحكاـ العامة لقانكف العقكبات‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،1962 ،‬ص‪.349‬‬
‫‪9‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ص‪ .296‬انظر كذلؾ رمسيس بيناـ‪،‬‬
‫النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪ ،1997 ،‬ص‪.825‬‬
‫‪10‬‬
‫عمي راشد‪ ،‬القانكف الجنائي‪ ،‬المدخؿ ك أصكؿ النظرية العامة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،1974 ،‬ص‪.463‬‬
‫‪11‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.296‬‬

‫‪10‬‬
‫االتفاؽ الجنائي بكصؼ المؤامرة (‪ )Conspiracy‬كالتي تيعرؼ بأنيا‪" :‬اتفاؽ بيف شخصيف أك أكثر بنية بمكغ‬

‫ىدؼ غير مشركع أك مشركع بطريقة غير مشركعة"‪ ،12‬مما يعني أف كبلن مف االتفاؽ الجنائي كالمؤامرة‬

‫و‬
‫لعممة كاحدة؛ أم ليما ذات الداللة كالمعنى سكاء مف حيث الفعؿ أك السمكؾ اإلجرامي المككف ألم‬ ‫كجياف‬

‫منيما‪ ،‬كذلؾ استخدمت عدةي قكانيف عقابية تعبير "المؤامرة" لمداللة عمى االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كمف ذلؾ القانكف‬

‫اليندم الذم عرؼ المؤامرة بأنيا‪:13‬‬

‫بنيتو عمى ارتكاب جناية‪ ،‬كالتآمر‬


‫أ‪ -‬يعتبر الشخص أنو تآمر عمى ارتكاب جناية‪ ،‬عندما يكافؽ ٌ‬

‫الرتكاب جناية ىك جناية مف نفس درجة الجريمة األساسية‪ .‬كمع ذلؾ‪ ،‬فإف المؤامرة الرتكاب‬

‫جريمة قتؿ مف الدرجة األكلى تعتبر جريمة قتؿ مف الدرجة األكلى‪.‬‬

‫ب‪ -‬يجب عمى الدكلة أف تثبت أف الشخص الذم اتيفؽ معو قد نفذ فعبلن صريحان تنفيذان لبلتفاؽ‪.‬‬

‫ككذلؾ قانكف العقكبات السكرم رقـ ‪ 148‬لسنة ‪ ،1949‬الذم ينص بالمادة (‪ )260‬عمى أف‪" :‬المؤامرة ىي‬

‫االتفاؽ بيف شخصيف أك أكثر عمى ارتكاب جناية بكسائؿ معينة"‪ ،‬كأيضان تنص المادة (‪ )78‬مف قانكف‬

‫العقكبات الجزائرم رقـ ‪ 156-66‬لسنة ‪ 1966‬عمى‪" :‬تقكـ المؤامرة بمجرد االتفاؽ بيف شخصيف أك أكثر‬

‫عمى التصميـ عمى ارتكابيا"‪ ،‬ككذلؾ في الفصؿ رقـ (‪ )175‬مف قانكف العقكبات المغربي رقـ ‪1.59.413‬‬

‫يعرؼ المؤامرة بأنيا‪" :‬التصميـ عمى العمؿ متى كاف متفقان عميو كمقر انر بيف شخصيف أك‬
‫لسنة ‪ ،1966‬الذم ٌ‬

‫أكثر"‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪Joel Samaha-Criminal Law 3rd edition,(1990), page. 173. “ In common law, conspiracy between two or more‬‬
‫‪persons formed for the purpose of doing either an unlawful act or lawful act by unlawful means”. also see ; W.R.La‬‬
‫‪La Fave , Criminal Law (2003),page. 615. Wayne R. LaFave, Austin Wakeman Scott, Criminal Law,(1986).page.526.‬‬
‫‪Peter Gillies, The Law of Criminal Conspiracy,2 edition,(1990). page. 19. M. Monir, Law of Evidence,8‬‬
‫‪edition,univresal law puplishing co,India,(2012), page. 55. Juliet R. Amenge Okoth, The Crime of Conspiracy in‬‬
‫‪International Criminal law,(2014),page. 13.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Joel Samaha-Criminal Law 3rd edition, page17<.‬‬

‫‪11‬‬
‫كي ُّ‬
‫رد السبب في رأم الباحث إلى تأثر التشريعات سالفة الذكر فيما عدا القانكف اليندم‪ ،‬بقانكف‬ ‫ي‬

‫العقكبات الفرنسي كفؽ مرسكـ ‪2000‬ـ‪ ،‬الذم استخدـ لفظة المؤامرة (‪ ،)complot‬لمداللة عمى االتفاؽ‬

‫الجنائي‪ ،‬كذلؾ بالفصؿ ‪.142/412‬‬

‫تقدـ فإف الباحث يرل بضركرة استعماؿ تعبير "االتفاؽ الجنائي"‪ ،‬لمداللة عمى التآمر في‬
‫بناء عمى ما ٌ‬
‫ن‬

‫جميع مكاضع ىذه الرسالة‪ ،‬كذلؾ مف باب التيسير كتكحيد المفاىيـ المختمفة‪.‬‬

‫ي بعاّ‪ :‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬قطاءّ‬

‫عرفت محكمة النقض المصرية االتفاؽ الجنائي بأنو‪":‬اتحاد نية أطرافو عمى ارتكاب الفعؿ المتفؽ‬
‫ٌ‬

‫عميو‪ ،‬كالنية أمر داخمي ال يقع تحت الحكاس كليس لو عبلمات خارجية‪ ،‬كلمقاضي الجنائي أف يستدؿ عميو‬

‫بطريؽ مباشر أك بطريؽ االستنتاج مف القرائف التي تتكفر لديو أك مف فعؿ الحؽ لمجريمة يشيد بو"‪.15‬‬

‫مف كؿ ذلؾ يتضح أنو ال يكفي لتحقؽ معنى االتفاؽ مجرد العمـ بنية ارتكاب الجريمة لدل الغير‪ ،‬بؿ‬

‫ال بد مف اتحاد إرادتيما عميو‪ ،‬كما ال يتصكر معنى االتفاؽ عمى مجرد تكارد الخكاطر لدل بضعة أشخاص‬

‫نحك غاية كاحدة دكف أف تتقابؿ إرادتيـ أك ينعقد العزـ بشأنيا‪ ،‬كأف اجتماع عدة أشخاص لممداكلة بينيـ حكؿ‬

‫ارتكاب جريمة ال يعد اتفاقان جنائيان إذا اختمفكا فيما بينيـ كتشتت آرائيـ كلـ تتحد إرادتيـ حكؿ الغاية التي‬

‫‪17‬‬ ‫‪16‬‬
‫مجرد‬
‫اجتمعكا مف أجميا ‪ ،‬كال بد في االتفاؽ أف يككف نيائيان قطعيان كأال يككف مترددان كال غامضان ‪ ،‬فإذا كاف ٌ‬

‫‪14‬‬
‫‪"Plotting consists of a resolution agreed upon by two or more to commit an attack where the resolution was put‬‬
‫‪into effect by one or more material actions". (Ordinance no. 2000-916 of 19 September 2000 Article 3 Official‬‬
‫‪Journal of 22 September 2000 in force 1 January 2002).‬‬
‫‪ 15‬نقض جنائي مصرم رقـ ‪ ،23149‬لسنة ‪ 85‬ؽ‪ ،‬جمسة ‪2017/10/16‬ـ‪ ،‬المكقع االلكتركني لمحكمة النقض المصرية‪ ،‬انظر الرابط االلكتركني‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫تاريخ الزيارة‪ -2019/3/2:‬الساعة‪http://www.cc.gov.eg/courts/cassation_court/all/cassation_court_all_cases.aspx10:11:‬‬
‫‪16‬‬
‫مصطفى كامؿ‪ ،‬شرح قانكف العقكبات العراقي‪،‬القسـ العاـ‪ ،1947،‬ص‪.166‬‬
‫‪17‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشكرات الجامعة االفتراضية السكرية‪ ،‬سكريا‪ ،2018،‬ص‪.18‬‬

‫‪12‬‬
‫محددة أك كاف تعبي انر عف نزكات عابرة في صكرة انفعالية أك‬
‫إبداء لمرغبة أك لمطامح أك أماني عامة غير ٌ‬

‫اندفاعية أك تيديد بفعؿ شيء غير محدد أك مجرد محاكلة ال يقكـ بذلؾ االتفاؽ الجنائي‪ .18‬كيتعيف أف يككف‬

‫لكؿ شخص مف اإلرادة الحرة كحريتيا كقدرتيا عمى إلزاـ نفسيا بنفسيا دكف حاجة إلى تدخؿ الغير إللزاميا‬

‫مما يحكؿ دكف القكؿ بأف أحد المتفقيف قد تأثر باالتفاؽ الذم أبرـ بينو كبيف اآلخريف عمى ارتكاب الجريمة‪،‬‬

‫أك أف ىذا االتفاؽ كاف مف شأنو تقكية إرادتو أك تكجيييا إلى الجريمة‪ ،‬فيك ال يعني أكثر مف تقابؿ إرادتيف أك‬

‫مستكل كاحد مف التكافؤ ال تخضع أم منيا لمشيئة األخرل‪.19‬‬


‫ن‬ ‫أكثر عمى‬

‫تأسيسان عمى ذلؾ‪ ،‬فإف إرادة األطراؼ في االتفاؽ تككف متعادلة مف حيث األىمية‪ ،‬ككؿ منيـ يحمؿ‬

‫العزـ نفسو‪ ،‬كاف سبؽ أحدىما اآلخر بعرض الفكرة‪.20‬‬

‫فاالتفاؽ الجنائي ىيمر بعدة مراحؿ قبيؿ اكتمالو‪ ،‬ال تعدك أف تككف سكل مجرد آراء كأفكار متقاربة‬

‫و‬
‫كتصميـ ثابت‬ ‫أم مكحد‬
‫بيف عدة أشخاص‪ ،‬أك مجرد عكاطؼ متبادلة في أمر مف األمكر دكف أف تصؿ إلى ر و‬

‫كاتفا و‬
‫ؽ تاـ عمى قرار معيف‪ ،‬كمف ثـ ال يمكف القكؿ بأف مجرد ىذه األفكار أك العكاطؼ تقكـ بيا جريمة‬

‫االتفاؽ الجنائي‪ ،‬إذ أف األمر يتطمب تحديدان أكثر مف ذلؾ فيك يستمزـ تبلقي إرادات األفراد عمى قروار مكحد‬

‫نيائي عمى ارتكاب الجريمة‪21‬؛ فاالتفاؽ يككف في أغمب األحياف مسبكقان بتداكؿ كتشاكر كتبادؿ اآلراء يفضي‬

‫يكنو ك ٌؿ كاحد منيـ في نفسو‪ ،‬كمف ثـ تنتيي ىذه التشاكرات إلى التفاىـ‬
‫مف خبللو المتفقكف لبعضيـ بما ٌ‬

‫‪18‬‬
‫طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مجمة الرافديف لمحقكؽ‪ ،‬المجمد ‪ ،14‬العدد‪2016 ،51‬ـ‪ ،‬ص‪ .155‬مناؿ مركاف منجد‪ ،‬المكاجية الجنائية‬
‫لجرائـ اإلرىاب في القانكف السكرم‪ ،‬دراسة تحميمية‪ ،‬مجمة جامعة دمشؽ لمعمكـ االقتصادية كالقانكنية‪ ،‬المجمد ‪ ،30‬العدد‪ ،2014 ،2‬ص‪ .124‬عماد‬
‫عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .18‬سامي البمطي‪ ،‬الجرائـ الكاقعة عمى أمف الدكلة‪ ،‬بحث منشكر عمى مكقع محاماة نت‪ ،‬انظر الرابط‬
‫االلكتركني‪https://www.mohamah.net :‬‬
‫تاريخ الزيارة‪ -2019/3/2 :‬الساعة‪10:30 :‬‬
‫‪19‬‬
‫خالد صفكت بينساكم‪ ،‬عبء اإلثبات في المكاد الجنائية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ، 2012 ،‬ص‪.335‬‬
‫‪20‬‬
‫عماد فاضؿ ركاب‪ ،‬جريمة العصياف المسمح في التشريع العراقي‪ ،‬جامعة البصرة‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪21‬‬
‫عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات كالنشر كالتكزيع‪ ،‬بيركت‪ ،2000 ،‬ص‪.28‬‬

‫‪13‬‬
‫و‬
‫ىدؼ كاحد كتتناسؽ األدكار التي يكزعكنيا فيما بينيـ كتنسجـ‬ ‫المقرر نحك‬ ‫عزميـ‬
‫ٌ‬ ‫صكب ي‬
‫كي ٌ‬
‫فتتحد إرادتيـ ي‬

‫كمحدد األىداؼ‪ ،‬كالجدير بالذكر أف بعض‬


‫ٌ‬ ‫اضح المعالـ‬
‫أعماليـ بما يجعؿ مخططيـ اإلجرامي ك ى‬

‫التشريعات‪22‬أ ٌكدت ىذه المرحمية في حرصيا عمى استعماؿ ألفاظ عديدة تزداد تعبي انر عف ىذا االتفاؽ كمٌما‬

‫الرغبة في تحقيقو‪ ،‬بحيث نككف أماـ كفاؽ حينما ال يعمف كؿ شخص عف رغبتو كعزمو إلى سائر‬
‫تقدمت ٌ‬
‫ٌ‬

‫األشخاص‪ ،‬بؿ ك ٌؿ منيـ يختمج في خاطره نفس ما يختمج خاطر اآلخر مف العزـ عمى ارتكاب نفس الجريمة‪،‬‬

‫تـ اإلفصاح عف ىذه الخكاطر كتـ التداكؿ كالتشاكر كالمذاكرة ليذه اآلراء تحكلت إلى تقارر ليككف‬
‫حتى إذا ٌ‬

‫بعد ذلؾ العزـ كىك تعبير عف الجدية كالثبات كاإلرادة إلتماـ الفعؿ‪.23‬‬

‫كطالما أف انعقاد اإلرادات قد تـ فبل يييـ بعد ذلؾ إذا ما كاف المتفقكف ىـ أشخاص ليـ أدكار معينة‬

‫إنكار لكجكد جريمة متكاممة األركاف‪ ،‬كتجاىؿ سافر‬


‫في تنفيذ الجريمة مكضكع االتفاؽ‪ ،‬كالقكؿ بغير ذلؾ فيو ه‬

‫إلرادة القانكف الكاضحة في استبعاد تنفيذ الجريمة مكضكع االتفاؽ ككؿ ما يتصؿ بو مف عداد أركاف جريمة‬

‫االتفاؽ الجنائي‪.24‬‬

‫‪22‬‬
‫بمجرد الكفاؽ كالتقارر كالعزـ عمى الفعؿ بيف‬
‫ّ‬ ‫عرؼ المش رع التكنسي المؤامرة بالفصؿ "‪"69‬مف المجمة الجزائية التكنسية بقكلو‪ " :‬تحصؿ المؤامرة‬
‫ٌ‬
‫شخصيف أك أكثر"‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫سامي البمطي‪ ،‬الجرائـ الكاقعة عمى أمف الدكلة‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬جريمة االتفاؽ الجنائي "دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2011،‬ص‪.103‬‬

‫‪14‬‬
‫ملطًب يثاْ‪ٞ‬‬
‫مت‪ ٝٝ‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬عٔ غر‪ٙ‬‬

‫قد يتشابو االتفاؽ الجنائي مع بعض الصكر اإلجرامية األخرل‪ ،‬كىنا البد لنا أف نميز بينو كبيف ىذه‬

‫الصكر‪ ،‬كىك ما سنتناكلو في ىذا المطمب‪.‬‬

‫يف ع ‪ :ٍٚ‬التفام جلٓائ‪ ٚ ٞ‬ي ر ‪ٜ‬ض‪:‬‬

‫قائـ عمى سمكؾ مادم‬


‫إف أكجو الشبو بيف التحريض كجريمة كاالتفاؽ الجنائي‪ ،‬ىك أف كبلن منيما ه‬

‫يم ىك ىجو نحك إرادتي أطراؼ التحريض أك االتفاؽ‪ ،‬كمف نتائجو كقكع الجريمة التي ييدؼ إلييا االتفاؽ أك‬

‫التحريض‪ ،‬ككبلىما ال يشترط فيو الكتابة‪ ،‬كيكفي أف يقعا بأقك و‬


‫اؿ شفيية‪ ،‬كلكف ذلؾ ال يمنع مف كقكعيما‬

‫بدالئؿ كتابية يستخمصيا القاضي مف الكقائع كالظركؼ المحيطة بالجريمة‪ ،25‬كما يعتبراف مف قبيؿ الجرائـ‬

‫ذات السمكؾ المحض‪ ،‬كما أنيما ييعداف مف قبيؿ الجرائـ التي يفترض فييا القانكف تحقؽ الخطر افتراضان ال‬

‫يقبؿ إثبات العكس‪.26‬‬

‫أما كجو االختبلؼ بينيما فيك أف التحريض قائـ عمى خمؽ فكرة الجريمة لدل شخص ثـ تدعيـ ىذه‬

‫الفكرة كي تتحكؿ إلى تصميـ عمى ارتكاب الجريمة‪ ،‬أم أف ىناؾ إرادة ليا تأثير عمى إرادة أخرل بحيث‬

‫الم ً‬
‫حرض تعمك إرادة مف يحرضو كتطغى عمييا‪ ،‬فيك مف يخمؽ‬ ‫‪27‬‬
‫تككف ليا السيطرة المعنكية عمييا ‪ ،‬فإرادة ي‬

‫‪25‬‬
‫محمد عبد الجميؿ الحديثي‪ ،‬جرائـ التحريض كصكرىا في الجكانب الماسة بأمف الدكلة الخارجي كفقان لمتشريع العراقي المقارف‪ ،1984،‬ص‪50‬‬
‫‪26‬‬
‫مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪27‬‬
‫خالد صفكت بينساكم‪ ،‬عبء اإلثبات في المكاد الجنائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.331‬‬

‫‪15‬‬
‫‪28‬‬
‫قائـ عمى تبلقي إرادتيف متعادلتيف مف حيث األىمية ال تعمك‬
‫لديو فكرة الجريمة أك يعززىا ‪ ،‬أما االتفاؽ‪ ،‬فيك ه‬

‫أم منيا عمى األخرل‪ ،‬ككؿ صاحب إرادة مقتنع بفكرة الجريمة دكف حاجة لتحريض مف أحد‪29‬ك إذا كانت‬

‫الجريمة قد نبتت لدل أحدىـ‪ ،‬فإف عرضو ييصادؼ قبكالن فكريان لدل غيره؛ كلذلؾ يتصكر كجكد االتفاؽ دكف‬

‫التحريض‪.30‬‬

‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫التفام جلٓائ‪ ٚ ٞ‬ي ‪ ٛ‬فل‬

‫عند مكضكوع معيف‪ ،‬في حيف‬


‫إف جكىر االتفاؽ‪-‬كما قمنا آنفان‪ -‬ىك انعقاد إرادتيف أك أكثر؛ أم تبلقييا ى‬

‫أف التكافؽ فيك مجرد اتجاه اإلرادات نحك مكضكوع معيف دكف أف تتبلقى؛ أم أف اإلرادات ىنا تسير مستقمة‬

‫في ذات االتجاه ككؿ منيا صادرة عف بكاعث خاصة بيا‪.‬‬

‫يتضح بذلؾ عمؽ الفارؽ بيف االتفاؽ كالتكافؽ؛ فجكىر األكؿ ال كجكد لو في الثاني‪ ،‬فيما مختمفاف‬

‫مف حيث الطبيعة‪ ،‬كيترتب عمى ذلؾ اختبلفيما في األىمية القانكنية‪ ،‬فاالتفاؽ كسيمة لممساىمة التبعية‪ ،‬كلكف‬

‫التكافؽ ليس كذلؾ‪ ،‬فإذا خطرت لشخص فكرة قتؿ غريمو‪ ،‬كخطرت لآلخر فكرة قتؿ ذات المجني عميو‪ ،‬دكف‬

‫‪28‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.297‬‬
‫‪29‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪،‬الجزء األكؿ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬فمسطيف‪ ،2011،‬ص‪ .326‬محمد عبد الجميؿ الحديثي‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪30‬‬
‫محمد زكي أبك عامر‪ ،‬قانكف العقكبات القسـ العاـ ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،1996 ،‬ص‪ .408‬محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‬
‫القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ . 351‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ 296‬ك‪.297‬‬

‫‪16‬‬
‫أف يكشؼ أحدىما لآلخر عما انعقد عميو تصميمو ثـ نفذ أحدىما عزمو‪ ،‬فالثاني ال يعد شريكان لو في‬

‫‪31‬‬
‫جريمتو‪ ،‬بؿ أنيما إذا نفذا الجريمة في ذات الكقت‪ ،‬فكؿ منيما فاع هؿ لجريمة مستقمة‪.‬‬

‫فالفارؽ بيف االتفاؽ الجنائي كالتكافؽ ىك إظيار النية اإلجرامية كتبادليا أك عدـ إظيارىا أك تبادليا‪،‬‬

‫ففي االتفاؽ الجنائي يعمف كؿ عضك فيو رغبتو كعزمو إلى سائر األعضاء فيو فتتحد إرادتيـ عمى ارتكاب‬

‫الجريمة المتفؽ عمييا‪ ،‬أما في التكافؽ فبل يعمف كؿ و‬


‫جاف عف رغبتو كعزمو إلى سائر الجناة‪ ،‬بؿ كؿ منيـ يرد‬

‫بخاطره نفس ما يرد بخاطر اآلخر مف العزـ عمى ارتكاب الجريمة‪.32‬‬

‫كفي ذات المعنى تعرؼ محكمة النقض المصرية التكافؽ بأنو‪ ":‬مجرد تكارد خكاطر الجناة عمى‬

‫ارتكاب فعؿ معيف ينتكيو كؿ كاحد منيـ في نفسو مستقبلن عف اآلخريف‪ ،‬دكف أف يككف بينيـ اتفاؽ سابؽ كلك‬

‫كاف كؿ منيـ عمى حده قد أصر عمى ما تكاردت الخكاطر عميو‪.33"...‬‬

‫يف ع يثايث‬

‫التفام جلٓائ‪ٚ ٞ‬ج ئِ جلُاٖر‬

‫تتفؽ حالة جرائـ الجماىير مع االتفاؽ الجنائي في افتراضيا تعدد الجناة‪ ،‬باعتبار أف حالة "جرائـ الجماىير"‬

‫تفترض أنو قد تعدد الجناة‪ ،‬إال أنيا رغـ ذلؾ تختمؼ عف جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كمظير ذلؾ االختبلؼ‬

‫يتمثؿ في أف تعدد الجناة في جرائـ الجماىير يتبعو تعدد في المسئكليات الجزائية المستقمة‪ ،‬بحيث يعد كؿ‬

‫‪31‬‬
‫ىبللي عبد البله أحمد‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬بدكف طبعة‪ ،2002،‬ص‪ .289‬طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪ .145‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.298‬‬
‫‪32‬‬
‫نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم" دراسة حكؿ المساىمة الجنائية بالتحريض الصكرم"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،2008 ،‬‬
‫ص‪.165‬‬
‫‪33‬‬
‫نقض جنائي مصرم رقـ ‪ ،16471‬لسنة ‪ 87‬ؽ‪ ،‬جمسة ‪2018/10/9‬ـ‪ ،‬المكقع االلكتركني لمحكمة النقض المصرية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫تاريخ الزيارة‪ -2019/3/4 :‬الساعة‪1:35 :‬‬

‫‪17‬‬
‫كاحد منيـ مرتكبان جريمة قائمة بذاتيا‪ ،‬مستقمة بأركانيا عف الجرائـ األخرل‪ ،‬بخبلؼ جريمة االتفاؽ الجنائي‬

‫التي تفترض تعدد الجناة ككحدة الجريمة‪ ،34‬كمما تجدر اإلشارة إليو أف الجناة في جرائـ الجماىير ال يجمعيـ‬

‫سكل تكارد الخكاطر دكف أف تتبلقى إراداتيـ فكؿ كاحدة مستقمة عف اإلرادة األخرل‪.‬‬

‫يف ع ي بع‬

‫التفام جلٓائ‪ٚ ٞ‬ج مي‪ ١‬ي حُٗ‬

‫كفقان ألحكاـ المادة (‪ )79‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،35‬فإف المقصكد بالتجمير‬

‫المعاقب عميو في حد ذاتو ىك التجمير الذم يككف بقصد ارتكاب يجرـ ما أك بقصد غاية مشتركة بيف‬

‫المجتمعيف أفضت إلى نتيجة إجرامية محتممة (تكدير صفك الطمأنينة العامة)‪.‬‬

‫عمى ضكء‪ ،‬ذلؾ يمكننا القكؿ بأف التجمير ىك مجرد تكافؽ أك تكارد الخكاطر بقصد ارتكاب جريمة‬

‫أك غاية مشتركة‪ ،‬أما االتفاؽ الجنائي فيك اتحاد كانعقاد اإلرادات عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬باإلضافة‬

‫لذلؾ يتـ االتفاؽ الجنائي بيف شخصيف أك أكثر الرتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬في حيف أف التجمير يتـ مف قبؿ‬

‫ثبلثة أشخاص أك أكثر الرتكاب جريمة أم كاف نكعيا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪،‬الطبعة السادسة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،1989 ،‬ص‪.17‬‬
‫‪35‬‬
‫المادة(‪ )79‬قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ (‪ -1‬إذا تجمير ثبلثة أشخاص أك أكثر بقصد ارتكاب جرـ‪ ،‬أك كانكا مجتمعيف بقصد‬
‫تحقيؽ غاية مشتركة فيما بينيـ كتصرفكا تصرفان مف شأنو أف يحمؿ مف في ذلؾ الجكار عمى أف يتكقعكا‪ ،‬ضمف دائرة المعقكؿ‪ ،‬بأنيـ سيكدركف الطمأنينة‬
‫العامة أك أنيـ بتجميرىـ سيستفزكف دكف ضركرة أك سبب معقكؿ‪ ،‬أشخاصان آخريف لتكدير صفك الطمأنينة العامة‪ ،‬فيعتبر تجميرىـ ىذا غير مشركع‪،‬‬
‫المشار إليو أعبله تحقيقان لغاية مشتركة فيما‬
‫‪ -2‬ال عبرة أكاف التجمير األصمي مشركعان اك غير مشركع إذا كاف المتجميركف قد تصرفكا عمى الكجو ي‬
‫بينيـ‪ -3.‬إذا شرع األشخاص المتجميركف تجمي انر غير مشركع في تحقيؽ الغاية التي اجتمعكا مف أجميا بتكديرىـ صفك الطمأنينة العامة بصكرة مرعبة‬
‫كيقاؿ بأف المتجميريف قد اجتمعكا بقصد أحداث شغب)‪.‬‬
‫لؤلىالي فيطمؽ عمى ىذا التجمير اسـ شغب ي‬

‫‪18‬‬
‫المتفؽ عمييا كالمرتكبة فعبلن تنفيذان لبلتفاؽ إال إذا كاف شريكان في‬
‫كال ييسأؿ عضك االتفاؽ عف الجرائـ ي‬

‫ارتكابيا‪ ،‬كذلؾ يسأؿ كؿ شخص مف المتجميريف عف الجرائـ المقصكدة مف التجمير كالمرتكبة فعبلن في‬

‫أثنائو باعتباره شريكان فييا إذا ثبت عممو بذلؾ‪.36‬‬

‫يف ع خلاَس‬

‫التفام ‪ ٚ‬بل إلص ي‬

‫يختمؼ االتفاؽ مف حيث طبيعتو كدكره القانكني عف سبؽ اإلصرار‪ ،‬كيظير ذلؾ جميان في انعداـ‬

‫التبلزـ بينيما‪ ،‬بحيث مف المتصكر أف ينتفي سبؽ اإلصرار كيتكافر االتفاؽ‪ ،‬ألف سبؽ اإلصرار ظرؼ‬

‫شخصي ال يسرم إال عمى مف يتكفر لديو‪ ،‬كلكف يعتبر سبؽ إصرار المتيميف عمى الجريمة قرينة قاطعة‬

‫عمى اتفاقيـ عمييا‪ ،37‬كتطبيقان لذلؾ قضي بأنو مجرد إثبات سبؽ اإلصرار عند المتيميف يمزـ عنو االشتراؾ‬

‫باالتفاؽ بالنسبة لمف ييقارؼ بنفسو الجريمة مف المصريف عمييا‪ ،‬كليست المحكمة ممزمة ببياف كقائع خاصة‬

‫إلفادة االتفاؽ غير ما تقتضيو الكقائع المفيدة لسبؽ اإلصرار‪.38‬‬

‫نتقد‪ ،‬كذلؾ ألنو جعؿ مف تكافر ظرؼ‬


‫مسمؾ محكمة النقض المصرية السابؽ يم ه‬
‫ى‬ ‫كيرل الباحث أف‬

‫سبؽ اإلصرار لدل المتيميف قرينة قانكنية قاطعة عمى انعقاد االتفاؽ فيما بينيـ‪ ،‬رغـ أنو يتصكر أال يجمعيـ‬

‫ً‬
‫مجرد تكافؽ‪ ،‬بحيث مف الممكف كجكد التكافؽ كيككف كؿ شخص متكافؽ لديو سبؽ إصرار‪.‬‬ ‫غير‬
‫ي‬

‫‪36‬‬
‫ىشاـ سعد الديف‪ ،‬جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬المكتب الفني لئلصدارات القانكنية‪1999 ،‬ـ‪ ،‬ص‪ .33‬مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪.84‬‬
‫‪37‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.300‬‬
‫نقض جنائي مصرم رقـ ‪ 760‬لسنة ‪ 86‬ؽ‪ ،‬جمسة ‪2019/3/4‬ـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪.‬‬
‫‪38‬‬

‫‪19‬‬
‫يف ع ي اتس‬

‫التفام ن‪ ١ًٝ ٛ‬شرت ى ‪ ٚ‬التفام نح مي‪١‬‬

‫يتمخص كجو الشبو بيف االتفاؽ الجنائي كاالتفاؽ ككسيمة اشتراؾ في أف كمييما مف فكروة كاحدة فميس‬

‫ثمة فارؽ بيف النكعيف مف حيث طبيعة الركف المادم‪ ،39‬كلما كاف لنكعي االتفاؽ طبيعة كاحدة‪ ،‬فيؿ ثمة‬

‫تعارض كتنافر بيف نصكص القانكف إلى الحد الذم يجعؿ بعضيا ناسخان لبعض؟ فإذا كاف االتفاؽ يعاقب‬

‫عميو في ذاتو‪ ،‬فما قيمة النصكص التي تجعمو كسيمة اشتراؾ بحيث ال يعاقب عميو إال إذا ارتكبت جريمة بناء‬

‫المتفؽ يعاقب لمجرد اتفاقو بغض النظر عف كقكع الجريمة المتفؽ عمييا‪ ،‬ثـ نأتي بعد‬
‫عميو؟ فحينما نقكؿ أف ي‬

‫المتفؽ إال إذا أفضى االتفاؽ إلى جريمة‪ ،‬أفبل يككف بيف القكليف تناقض؟‬
‫ذلؾ كنقكؿ ال يعاقب ي‬

‫يرل األستاذ محمكد نجيب حسني أف المشرع عندما يأخذ بصكرتي االتفاؽ‪ ،‬يككف قد أراد لبلتفاؽ أف‬

‫يؤدم دكريف‪ ،‬دكر احتياطي حيف ال تتكافر الشركط التي يتطمبيا دكره األصمي فيعجز عف القياـ بو‪ ،‬فالدكر‬

‫األصمي لبلتفاؽ أنو كسيمة اشتراؾ‪ ،‬كعف طريؽ ىذا الدكر يتيح تحديد المسئكليف عف جريمة ارتكبت‪ ،‬فإذا لـ‬

‫ترتكب جريمة فبل سبيؿ إلى قيامو بدكره ىذا‪ ،‬كيعني ذلؾ أال عقاب عميو بيذه الصفة‪ ،‬كقد قدر الشارع أف‬

‫عدـ العقاب إطبلقا إضرار بالمجتمع‪ ،‬فعيف لبلتفاؽ دك انر احتياطيان كجريمة قائمة بذاتيا بحيث يعاقب عميو كلك‬

‫انتفى الشرط المتطمب لمعقاب حيف يقكـ بدكره األصمي‪.40‬‬

‫كذلؾ مف المتصكر أف يجمع االتفاؽ بيف دكريو (األصمي كاالحتياطي) كليس ذلؾ رجكعان مف الشارع‬

‫عف خطتو‪ ،‬كانما يفسره حرصو عمى عدـ اإلخبلؿ بالقكاعد الخاصة بتعدد الجرائـ كالعقكبات‪ ،‬كتقديره أنيا‬

‫‪39‬‬
‫مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.84‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ 485‬ك‪.486‬‬
‫‪40‬‬

‫‪20‬‬
‫كفيمة بالتكفيؽ بيف دكرم االتفاؽ كتحديد العقكبة كاجبة التطبيؽ عمى نحك يحقؽ مصمحة المجتمع كال ينطكم‬

‫عمى إخبلؿ بالعدالة‪.41‬‬

‫كمما ينبغي االنتباه إليو‪ ،‬ىك اختالؼ نكعي االتفاؽ مف حيث الدكر القانكني لكؿ منيما كيكجز‬

‫الباحث ذلؾ في النقاط اآلتية‪:42‬‬

‫الغاية مف التجريـ ليست كاحدة؛ حيث يجرـ المشرع االتفاؽ ككسيمة اشتراؾ ألنو يريد تحديد المسئكلية‬ ‫‪.1‬‬

‫عف جريمة ارتكبت فعبلن‪ ،‬في حيف أنو يجرـ االتفاؽ في ذاتو ألنو يممس فيو خطكرة ذاتية عمى‬

‫المجتمع‪.‬‬

‫االتفاؽ الجنائي تككف صفتو غير المشركعة أصيمة‪ ،‬بينما االتفاؽ ككسيمة اشتراؾ يستمد صفتو غير‬ ‫‪.2‬‬

‫المشركعة مف جريمة الفاعؿ‪.‬‬

‫ييعاقب المتفؽ باعتباره فاعبلن لجريمة االتفاؽ بغض النظر عف كقكع الجريمة محؿ االتفاؽ مف عدمو‪،‬‬ ‫‪.3‬‬

‫بينما في االتفاؽ ككسيمة اشتراؾ ال يي ىعاقىب الشركاء باالتفاؽ إال اذا كقعت الجريمة محؿ االتفاؽ‬

‫بصكرة كاممة أك ناقصة كتكافرت عبلقة السببية بينيا كبيف االتفاؽ‪.‬‬

‫االتفاؽ الجنائي كجريمة قائمة بذاتيا يمزـ لقيامو قانكنان أف يككف مكضكعو جناية أك جنحة‪ ،‬كال عقاب‬ ‫‪.4‬‬

‫عميو قانكنان إف كاف مكضكعو ارتكاب مخالفة‪ ،‬أما االتفاؽ ككسيمة اشتراؾ فيعاقب عميو أيان كاف نكع‬

‫ىذه الجريمة‪ ،‬مما يعني أنو يشمؿ المخالفة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ 485‬ك‪.486‬‬
‫‪42‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪1997 ،‬ـ‪ ،‬ص‪ .826‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف‬
‫العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .484‬طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.145‬‬

‫‪21‬‬
‫العدكؿ عف االتفاؽ الجنائي ال يعفي الجاني مف العقاب‪ ،‬بينما العدكؿ عف االتفاؽ ككسيمة اشتراؾ‬ ‫‪.5‬‬

‫يعفي الجاني مف العقاب إذا استطاع الحيمكلة دكف تنفيذ الجريمة المتفؽ عمييا‪.‬‬

‫الجدير بالذكر بأف استبعاد المخالفات مف نطاؽ االتفاؽ الجنائي دكف االتفاؽ ككسيمة اشتراؾ يفسره أف‬

‫المخالفات تنشأ المسئكلية الجنائية عنيا‪ ،‬فإذا كاف ىدؼ االتفاؽ ككسيمة اشتراؾ تحديد مف يحممكف ىذه‬

‫المسئكلية تعيف االعتراؼ لو بيذا الدكر بالنسبة لممخالفات‪ ،‬أما االتفاؽ الجنائي خطكرتو الذاتية تقتضي أف‬

‫تككف محمو جرائـ خطيرة‪ ،‬كليست المخالفات كذلؾ‪.43‬‬

‫‪43‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.484‬‬

‫‪22‬‬
‫ملبرث يثاْ‪ٞ‬‬

‫أينإ التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫تتألؼ الجريمة ككاقعة متكاممة كحدث متناسؽ األعضاء‪ ،‬مف عناصر جكىرية ال تقكـ بدكنيا الجريمة‬

‫في القانكف‪ ،‬كيعبر عنيا بأركاف الجريمة‪ ،‬كىذه األخيرة تنقسـ إلى أركاف خاصة تكجد في كؿ جريمة عمى‬

‫حدة‪ ،‬لتعطي لمجريمة اسمان "قانكنيان" يميزىا عف سائر الجرائـ‪ ،‬كأركاف عامة تكجد في جميع الجرائـ كال تتخمؼ‬

‫في أم منيا‪ ،‬كتتمثؿ في الركف المعنكم كالركف المادم‪.‬‬

‫كعمى ىدل ذلؾ‪،‬سيشمؿ ىذا المبحث أركاف جريمة االتفاؽ الجنائي‪:‬‬

‫ملطًب ‪ :ٍٚ‬ي نٔ ملات‪. ٟ‬‬

‫ملطًب يثاْ‪ :ٞ‬ي نٔ ملفرتض (أط ف التفام) ‪.‬‬

‫ملطًب يثايث‪ :‬ي نٔ ملعٓ‪. ٟٛ‬‬

‫‪23‬‬
‫ملطًب ‪ٍٚ‬‬

‫ي نٔ ملات‪ٟ‬‬

‫مف المبادئ المسمـ بيا أنو ال سمطاف لمقانكف عمى ما يدكر في ضمائر األفراد مف أفكار أك ما‬

‫يعتقدكنو مف عزائـ أك يبيتكنو مف نيات طالما أنيا لـ تبرز إلى العالـ الخارجي بأفعاؿ تترجميا‪ ،44‬كليذا كانت‬

‫كؿ جريمة مستمزمة بالضركرة لقياميا ركنان ماديان يتمثؿ في فعؿ أم كاقعة خارجية تدركيا الحكاس كتستند إلى‬

‫الجاني مف الناحية المادية‪ ،‬كاستمزاـ ركف مادم لقياـ الجريمة يبرره أف األفعاؿ المحسكسة ىي كحدىا التي‬

‫يمكف أف تحقؽ عدكانان عمى الحقكؽ كالمصالح التي يحمييا القانكف كيرعاىا‪ ،‬أما األفكار كالنكايا فبل ضرر‬

‫منيا طالما ظمت حبيسة النفس كليس لمقانكف أف يتدخؿ بالعقاب عمييا كفالةن لحرية الفكر‪.45‬‬

‫عبلكةن عمى ذلؾ‪ ،‬تأبى قكاعد العدالة أف ييؤسس التجريـ عمى ما كمف في النفس البشرية‪ ،‬كلـ يظير‬

‫لمعمف بسمكؾ مادم مممكس‪ ،‬فاألخير ىك مف يرسـ حدكد الشارع الجزائي‪ ،46‬فالقانكف ال يحفؿ بمثؿ ىذه النكايا‬

‫كالخكاطر ميما بدت في حقيقتيا شريرة كاجرامية كلك قصد صاحبيا منيا ارتكاب الجريمة‪ ،‬ما لـ تظير لمعالـ‬

‫الخارجي بسمكؾ مادم‪ ،‬لككف تجريـ النكايا ال يجدم نفعان لككنيا غير ضارة في ذاتيا‪ ،‬ال بؿ إف تجريميا قد‬

‫ييشجع األفراد عمى تجاكز مرحمة النية إلى مرحمة التنفيذ‪ ،‬متى كجدكا أنفسيـ معرضيف لمعقاب في الحالتيف‪.47‬‬

‫كما أف اشتراط الماديات اإلجرامية يحصر سمطة الدكلة في العقاب في مجاؿ معقكؿ‪ ،‬كيقي األفراد‬

‫احتماؿ مساءلتيـ جنائيان عف مجرد أفكار أك خمجات نفس‪ ،‬بما في ذلؾ مف افتئات عمى الحريات العامة‪،‬‬

‫‪44‬‬
‫عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،2010 ،‬ص‪ .32‬سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات كالنشر‬
‫كالتكزيع‪ ،‬بيركت‪ ،1998 ،‬ص‪ .198‬ىبللي عبد البله أحمد‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪53‬‬
‫‪45‬‬
‫محمد صبحي نجـ‪ ،‬قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مكتبة دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عماف‪ ،1996 ،‬ص‪.195‬‬
‫‪46‬‬
‫أميف مصطفى محمد‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪،‬القسـ العاـ‪ ،‬دار المطبكعات الجامعية‪ ،‬القاىرة‪ ،2016 ،‬ص‪.227‬‬
‫‪47‬‬
‫سميماف عبد المنعـ‪ ،‬النظرية العامة لقانكف العقكبات‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،2003 ،‬ص‪.458‬‬

‫‪24‬‬
‫كذلؾ فإف إقامة الدليؿ لدل سمطات التحقيؽ كالقضاء عمى الماديات يككف ميسك انر أك عمى األقؿ ممكنان‪،‬‬

‫بخبلؼ الظكاىر النفسية التي يككف إقامة الدليؿ عمييا عسي انر كقد يككف في أغمب األحياف مستحيبلن‪.48‬‬

‫كيتككف الركف المادم لمجريمة مف ثبلثة عناصر‪ ،‬ىي‪ :‬السمكؾ‪ ،‬كالنتيجة‪ ،‬كعبلقة السببية‪ ،49‬غير أف‬

‫ىذه العناصر الثبلثة ال تتكاجد مجتمعة إال حيث يعتد المشرع قانكنان بالنتائج المادية التي يتسبب فييا السمكؾ‬

‫في العالـ الخارجي‪ ،‬ذلؾ أف المشرع في تحديده لمكاقعة مكضكع التجريـ يكتفي في بعض األحياف بالسمكؾ‬

‫اإلجرامي ال غير كيجرمو بغض النظر عما إذا كاف يترتب عميو نتيجة أـ ال‪ ،‬كفي مكاضع أخرل يعتد‬

‫بالنتيجة المترتبة عمى السمكؾ بحيث يأتي تجريـ األخير ككنو متسببان في النتيجة غير المشركعة‪ ،50‬كفيما يمي‬

‫إسقاطه لعناصر الركف المادم عمى جريمة االتفاؽ الجنائي؛ لبياف مدل تكافرىا‪:‬‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫ي ً‪ٛ‬ى إلج َ‪ٞ‬‬

‫السمكؾ اإلجرامي ىك النشاط الذم يصدر مف الجاني كالذم يعتبره القانكف جريمة يجب العقاب‬

‫عمييا‪ ،‬فمف المعركؼ أف فكرة الجريمة ىي مجرد نشاط نفساني كلكف إذا بدأت ىذه الفكرة بالتحقؽ في العالـ‬

‫الخارجي فإف ذلؾ يتـ مف خبلؿ سمكؾ قد يككف ايجابيا كقد يككف سمبيان‪ ،51‬كىذا العنصر ىك أحد أىـ‬

‫‪48‬‬
‫ىبللي عبد البله أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪49‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.238‬‬
‫‪50‬‬
‫مأمكف محمد سبلمة‪ ،‬قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،1983 ،‬ص‪.123‬‬
‫‪51‬‬
‫محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .266‬محمد عمي السالـ الحمبي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عماف‪ ،2011 ،‬ص‪ .136‬محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .136‬ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪ .238‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .265‬عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،2010 ،‬ص‪ .33‬عبكد‬
‫السراج‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫‪25‬‬
‫عناصر الركف المادم‪ ،‬ذلؾ أف األخير ال يتحقؽ إال بتكافر السمكؾ اإلجرامي فبل جريمة بدكف سمكؾ‬

‫مجرـ‪ ،52‬لذلؾ كاف لو قيمة قانكنية ذاتية ككنو يرسـ حدكد سمطاف المشرع الجزائي كىك الذم يكصؼ بأنو‬

‫غير مشركع كيقرر لو القانكف عقكبة في حالة ارتكابو‪.53‬‬

‫كيتمثؿ السمكؾ اإلجرامي في جريمة االتفاؽ الجنائي مف خبلؿ انعقاد اإلرادات بيف شخصيف أك أكثر‬

‫عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬كىذا األمر يتحقؽ مف خبلؿ قياـ أحد األعضاء بالتعبير عف إرادتو بحيث‬

‫يصؿ التعبير إلى سائر األعضاء كيمقي قبكالن لدييـ‪ ،‬كيأخذ االتفاؽ بطبيعتو مظي انر ماديان مممكسان فيك يقتضي‬

‫إفصاح كؿ عضك عف إرادتو‪ ،‬بحيث يعمـ بيا باقي أعضاء االتفاؽ فيتحقؽ ليـ أف تسير إرادتيـ في اتجاه‬

‫كاحد كتتبلقى حكؿ ذات المكضكع‪ ،‬كاإلفصاح عف اإلرادة يقتضي ماديات (كالقكؿ الشفكم) أك (الكتابة) أك‬

‫(حتى اإليماءة اإلشارة ذات الداللة)‪ ،‬كلكي يقكـ االتفاؽ البد مف تعدد اإلرادات التي تشارؾ في تككينو بحيث‬

‫تزيد عمى إرادة كاحدة (إرادتاف فأكثر)‪ ،‬كيستتبع ذلؾ بطبيعة الحاؿ أال يحسب مف ىذا النصاب سكل اإلرادة‬

‫التي يعتد بيا القانكف الجنائي فبل تحسب إرادة غير المميز أك المكره في النصاب المطمكب لتككيف‬

‫االتفاؽ‪.54‬‬

‫مف كؿ ذلؾ يتضح أنو ال يكفي لتحقؽ معنى االتفاؽ مجرد العمـ بنية ارتكاب الجريمة لدل الغير‪ ،‬بؿ‬

‫ال بد مف اتحاد إرادتيما عميو‪ ،‬كما ال يتصكر معنى االتفاؽ عمى مجرد تكارد الخكاطر لدل بضعة أشخاص‬

‫نحك غاية كاحدة دكف أف تتقابؿ إرادتيـ أك ينعقد العزـ بشأنيا‪ ،‬كأف اجتماع عدة أشخاص لممداكلة بينيـ حكؿ‬

‫‪52‬‬
‫سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.199‬‬
‫‪53‬‬
‫محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫‪54‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .469‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪ .825‬ابتساـ مكىكب‪ ،‬جرائـ المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات في التشريع الجزائرم‪ ،‬مذكرة تكميمية لنيؿ شيادة الماستر‪ ،‬جامعة =العربي‬
‫بف مييدم‪ ،2014‬ص‪ .36‬أكديحات دليمة‪ ،‬أكزاني دليؿ‪ ،‬تعدد الجناة في التشريع الجنائي‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماستر جامعة عبدالرحمف ميرة‪،2014 ،‬‬
‫ص‪ .9‬محمد إبراىيـ الشيخ‪ ،‬المساىمة الجزائية األصمية كالتبعية في القانكف الجزاء الككيتي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،1998 ،‬ص‪.140‬‬

‫‪26‬‬
‫ارتكاب جريمة ال يعد اتفاقان جنائيان إذا اختمفكا فيما بينيـ كتشتت آرائيـ كلـ تتحد إرادتيـ حكؿ الغاية التي‬

‫‪55‬‬
‫مجرد إبداء‬
‫اجتمعكا مف أجميا ‪ ،‬كال بد في االتفاؽ أف يككف نيائيان قطعيان كال مترددان كال غامضان‪ ،‬فإذا كاف ٌ‬

‫محددة أك كاف تعبي انر عف نزكات عابرة في صكرة انفعالية أك اندفاعية‬


‫لمرغبة أك لمطامح أك أماني عامة غير ٌ‬

‫أك تيديد بفعؿ شيء غير محدد أك مجرد محاكلة ال يقكـ بذلؾ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬إذ ال بد أف تتبلقى اإلرادات‬

‫كتنعقد عمى القياـ بالسمكؾ المتفؽ عميو كبشكؿ نيائي ال رجعة فيو‪ ،‬فإف لـ تتحد إرادات المجرميف كبقيت‬

‫مشتتة أك مبعثرة فبل يمكف القكؿ بكجكد اتفاؽ جنائي يعتد بو في ىذه الحالة‪56‬؛ كعميو فإف التداكؿ مف طرؼ‬

‫مجمكعة أشخاص في أكضاع الببلد المتردية في اعتقادىـ كاإلعراب عف السخط عمى المسئكليف عف ىذا‬

‫التردم‪ ،‬بؿ كحتى التصريح بالرغبة مف طرفيـ في تغيير ىذه األكضاع نحك األفضؿ‪ ،‬ال ييشكؿ ركنان ماديان‬

‫في جريمة االتفاؽ ألنو لـ يبمغ بعد مصاؼ انعقاد اإلرادات عمى اإلجراـ‪ ،‬كال يصبح كذلؾ إال اذا انعقد عزـ‬

‫المتداكليف نيائيان كبدكف أدنى تردد عمى ارتكاب الجريمة‪.57‬‬

‫كيتعيف أف يككف لكؿ شخص مف اإلرادة الحرة كحريتيا كقدرتيا عمى إلزاـ نفسيا بنفسيا دكف حاجة‬

‫إلى تدخؿ الغير إللزاميا مما يحكؿ دكف القكؿ بأف أحد المتفقيف قد تأثر باالتفاؽ الذم أبرـ بينو كبيف‬

‫اآلخريف عمى ارتكاب الجريمة‪ ،‬أك أف ىذا االتفاؽ كاف مف شأنو تقكية إرادتو أك تكجيييا إلى الجريمة‪ ،‬فيك ال‬

‫يعني أكثر مف تقابؿ إرادتيف أك أكثر عمى مستكل كاحد مف التكافؤ ال تخضع أم منيا لمشيئة األخرل‪.58‬‬

‫‪55‬‬
‫مصطفى كامؿ‪ ،‬شرح قانكف العقكبات العراقي‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،1947 ،‬ص‪.166‬‬
‫‪56‬‬
‫طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .155‬مناؿ مركاف منجد‪ ،‬المكاجية الجنائية لجرائـ اإلرىاب في القانكف السكرم‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪ .124‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .18‬سامي البمطي‪ ،‬الجرائـ الكاقعة عمى أمف الدكلة‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫الساعة‪4:30 :‬‬ ‫تاريخ الزيارة‪2019/3/20 :‬‬
‫‪57‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬القسـ الخاص‪ ،‬دكف طبعة‪ ،‬دكف سنة نشر‪ ،‬دكف دار نشر‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪58‬‬
‫خالد صفكت بينساكم‪ ،‬عبء اإلثبات في المكاد الجنائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.335‬‬

‫‪27‬‬
‫كمما تجدر اإلشارة إليو ىنا أف المشرع في قانكف العقكبات رقـ(‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬في نصكص المكاد‬

‫(‪ )36-35-34‬المتعمقة بجريمة االتفاؽ الجنائي العاـ‪ ،‬لـ يتطمب لقياـ االتفاؽ الجنائي أف يككف األخير‬

‫متبكعان بشكؿ مباشر بسمكؾ مادم يدؿ عميو‪ ،‬حيث اعتنؽ صكرة االتفاؽ البسيط المجرد‪ ،‬أم أنو جرـ مجرد‬

‫‪59‬‬
‫مف قانكف‬ ‫االتفاؽ عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬كالجدير بالذكر أف المشرع بمكجب أحكاـ المادة (‪)58‬‬

‫العقكبات رقـ(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ حدد نطاؽ الفعؿ العمني في الجرائـ الكارد تعريفيا في الفصؿ الثامف‬

‫المتعمؽ بجريمة الخيانة كغيرىا مف الجرائـ التي تقع عمى سمطة الحككمة‪ ،‬كاعتبر أف االتفاؽ الجنائي ال يكفي‬

‫أم مف‬
‫لكحده إلظيار النية اإلجرامية في الحالة التي يككف فييا إظيار النية بفعؿ عمني عنص انر مف عناصر و‬

‫الجرائـ الكاردة في الفصؿ الثامف‪ ،‬بؿ البد مف أف يككف متبكعان بفعؿ خارجي يينفذ سعيان إلظيار النية‬

‫مد نطاؽ ىذه المادة عمى جرائـ االتفاؽ الجنائي العاـ الكاردة في الفصؿ‬
‫اإلجرامية؛ كبناء عمى ذلؾ ال يمكف ٌ‬

‫السادس‪.‬‬

‫في حيف أف المشرع الفرنسي اعتنؽ صكرة االتفاؽ الجنائي المكصكؼ (المشدد) الذم ال يعاقب عمى‬

‫مجرد انعقاد اإلرادات كحدىا‪ ،‬بؿ ال بد أف يككف متبكعان بسمكؾ مادم مممكس‪ ،‬كيظير ذلؾ جميان فيما نص‬

‫عميو الفصؿ رقـ ‪ 412.2‬مف قانكف العقكبات الفرنسي كفؽ مرسكـ ‪2000‬ـ الذم عرؼ المؤامرة باآلتي‪:‬‬

‫سا بفعؿ كاحد أك‬


‫"يشكؿ مؤامرة التصميـ بيف عدة أشخاص الرتكاب اعتداء عندما يككف ىذا التصميـ مممك ن‬

‫أكثر مف األفعاؿ المادية"‪.60‬‬

‫المادة (;‪ )8‬من قانون العقوبات رقم (‪ ):7‬لسنة ‪(:4<:7‬إذا كان إظهار النٌة بفعل علنً لتحقٌق أٌة غاٌة من الغاٌات ٌكون عنصراً من عناصر‬
‫‪59‬‬

‫الجرم فً حالة ارتكاب جرم من الجرائم الوارد تعرٌفها فً هذا الفصل‪ ،‬فكل تآمر مع أي شخص على تحقٌق تلك الغاٌة وكل فعل ٌقوم به أي شخص‬
‫من المتآمرٌن فً سبٌل تحقٌقها‪ٌُ ،‬عتبر فعالً علنٌا ً إلظهار تلك النٌة)‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫‪"Plotting consists of a resolution agreed upon by two or more to commit an attack where the resolution was put‬‬
‫‪into effect by one or more material actions". (Ordinance no. 2000-916 of 19 September 2000 Article 3 Official‬‬
‫‪Journal of 22 September 2000 in force 1 January 2002).‬‬

‫‪28‬‬
‫كيظير مف النص أعبله أف المشرع الفرنسي يميز بدكره بيف النشاط الذم ال يعدك ككنو مجرد إعداد‬

‫لتنفيذ اليدؼ مف االتفاؽ‪-‬كىك عمؿ تحضيرم غير معاقب عميو بحسب القكاعد العامة‪-‬كبيف النشاطات أك‬

‫األفعاؿ التي تككف شركعان أك بدأن في تنفيذ الغرض مف االتفاؽ‪ ،‬فالنكع األكؿ مف األفعاؿ ربطو المشرع‬

‫الفرنسي بتجريمو لبلتفاؽ كاعتبره شرطان لقيامو‪.61‬‬

‫فيما ذىب المشرع الفمسطيني في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ إلى العقاب عمى االتفاؽ‬

‫الجنائي العاـ بمجرد تبلقي اإلرادات‪ ،‬كذلؾ راجع ‪ -‬في رأم الباحث‪ -‬لرغبة الشارع إلى القضاء عمى االتفاؽ‬

‫كىك في طكر التككيف‪ ،‬كعدـ االنتظار ريثما تبدأ مرحمة التحضير‪ ،‬ككذلؾ يرجع إلى عدـ الخمط بيف الشركع‬

‫في الجريمة المتفؽ عمييا كبيف جريمة االتفاؽ عينيا‪ ،‬فإذا تطمب المشرع لمعقاب عمى االتفاؽ الجنائي أف‬

‫تمكان كمتبكعان بعمؿ تحضيرم فإف ذلؾ سيترتب عميو إحداث خمط كبير بيف العمؿ التحضيرم الذم‬
‫يككف م ٌ‬

‫يشترط لقياـ جريمة التآمر كبيف العمؿ الذم يعد بدأن في التنفيذ الذم تقكـ بو جريمة الشركع‪ ،‬كىذا يستتبع‬

‫كجكد معيار دقيؽ جدان يحدد لنا ماىية العمؿ التحضيرم المتطمب لقياـ جريمة االتفاؽ الجنائي المكصكؼ‬

‫كنطاقو‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.35‬‬

‫‪29‬‬
‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫يٓ ‪ٝ‬ح‪ ١‬إلج َ‪١ٝ‬‬

‫التغير الذم يحدث في العالـ الخارجي كأثر لمسمكؾ اإلجرامي الذم قاـ بو الجاني‬
‫ي‬ ‫كتيعرؼ بأنيا‬

‫كالذم يأخذه المشرع في االعتبار في التككيف القانكني لمجريمة‪ ،62‬كىك ما يطمؽ عميو المدلكؿ المادم لمنتيجة‬

‫الذم تـ تكييفو قانكنان‪ ،‬فاآلثار المادية التي أنتجيا السمكؾ اإلجرامي تفسر قانكنان عمى أنيا تشكؿ في النياية‬

‫اعتداء عمى حؽ يحميو القانكف‪ ،‬فاالعتداء عمى الحؽ الذم يضع لو القانكف حماية ىك التكييؼ القانكني‬

‫لمنتيجة المادية التي خمفيا السمكؾ اإلجرامي‪ ،‬كالنتيجة اإلجرامية بمدلكليا القانكني؛ أم تحقؽ االعتداء عمى‬

‫الحؽ الذم يحميو القانكف ىي شرطه ضركرم لتكافر الركف المادم في كؿ جريمة‪ ،63‬كبناء عمى ما سبؽ‬

‫كبتطبيقو عمى جريمة االتفاؽ الجنائي نجد إعماؿ المدلكؿ المادم لمنتيجة ينتيي إلى انعداـ أم كجكد لؤلثر‬

‫المادم المممكس المترتب عمى حصكؿ االتفاؽ ما يعني أننا أماـ جريمة شكمية مف جرائـ السمكؾ المجرد‬

‫بحيث أنيا تعتبر تامة لمجرد إتياف السمكؾ اإلجرامي كىك االتفاؽ دكف تكقؼ عمى حدكث أ و‬
‫ثر خارجي لو‪.‬‬

‫كلكف إذا ما قمنا بإخضاعيا لممدلكؿ القانكني لمنتيجة الذم يقكـ عمى أساس العدكاف عمى الحؽ أك‬

‫المصمحة المحمية جنائيان سكاء عبر إصابتيا بالضرر أك بمجرد تعريضيا لمخطر‪ ،64‬سنجد أف ىناؾ نتيجة‬

‫‪62‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .545‬جبلؿ ثركت‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .155‬محمكد نجيب حسني‪،‬شرح قانكف‬
‫العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .273‬محمد عمي السالـ الحمبي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .139‬سمير عالية‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪.206‬‬
‫‪63‬‬
‫محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .200‬انظر كذلؾ‪ :‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .273‬محمد عمي السالـ‬
‫الحمبي‪ ،‬ص‪ .139‬ىبللي عبد البله أحمد ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .65‬عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،2010 ،‬ص‪.34‬‬
‫‪64‬‬
‫محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .200‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .273‬محمد عمي السالـ الحمبي‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪ .139‬ىبللي عبد البله أحمد ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .65‬جبلؿ ثركت‪،‬نظـ القسـ العاـ في قانكف العقكبات المصرم‪ ،‬منشأة المعارؼ‬
‫باإلسكندرية‪ ،1989 ،‬ص‪.155‬‬

‫‪30‬‬
‫إجرامية لبلتفاؽ الجنائي تتمثؿ في تيديد المصمحة المحمية جنائيان؛ كبالتالي نككف أماـ جريمة مف جرائـ‬

‫الخطر؛ فالمشرع يريد استباؽ مرحمة إيقاع التغيير المممكس في العالـ الخارجي‪ ،‬كذلؾ لمحيمكلة دكف حصكؿ‬

‫ىذا التغيير‪ ،‬كيتميز ىذا النكع مف الجرائـ بخصيصتيف رئيسيتيف‪ :‬أكالىما‪ :‬أنو مف الجرائـ "مبكرة اإلتماـ"؛‬

‫ألف الم ٌشرع يبادر بتجريميا في مرحمة مبكرة ىي مرحمة السمكؾ‪ ،‬كال يتريث حتى تتحقؽ النتيجة‪ ،‬كالثانية‪:‬‬

‫تتعمؽ بعدـ "التكازم" بيف الركف المادم ليذه الجريمة كبيف ركنيا المعنكم منظك انر لؤلخير مف حيث قصد‬

‫الجاني منيا‪ ،‬أم قصد اإلضرار بمصمحة أك حؽ يحميو القانكف‪.65‬‬

‫كيرم أغمب الفقو أنو إذا ما نظرنا لمنتيجة كفقان لممدلكؿ المادم فإنيا لف تتكفر في بعض الجرائـ‪،‬‬

‫فمثبلن الجرائـ السمبية البسيطة ال تحدث النتيجة فييا أم تغيير‪ ،‬فامتناع القاضي عف الحكـ في دعكل‬

‫مطركحة عميو‪ ،‬يعد سمكؾ إجرامي كلكنو لـ يحدث أم تغيير في العالـ الخارج‪ ،‬كامتناع الشاىد عف الحضكر‬

‫ألداء الشيادة جريمة ال تحدث تغيي انر ماديان في العالـ الخارجي‪ ،66‬كتعرض ىذا االتجاه السائد في الفقو لمنقد‬

‫حيث يرل البعض القكؿ بأف الجرائـ الشكمية غير ذات نتيجة ىك قك هؿ تعكزه الدقة؛ فإذا كنا نعني بالنتيجة في‬

‫مدلكليا المادم "تغيي انر يحدث في العالـ الخارجي كأثر لمسمكؾ اإلجرامي"‪ ،‬فإف القكؿ بكجكد جرائـ دكف نتيجة‬

‫يقتضي التحقؽ مف أنو لـ يترتب عمى السمكؾ اإلجرامي فييا حدكث تغيير في العالـ الخارجي‪ ،‬أما إذا‬

‫الحظنا مثؿ ىذا التغيير فإف إنكار النتيجة يبات مفتق انر إلى ما يدعمو‪ ،‬فإذا طبقنا ذلؾ عمى جرائـ الحريؽ‬

‫كتعريض الطفؿ لمخطر كحمؿ السبلح دكف ترخيص‪ ،‬لتبيف أف ثمة تغيير قد ترتب عمى السمكؾ اإلجرامي‬

‫‪65‬‬
‫ىبللي عبدالبله أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪66‬‬
‫محمد عمي السالـ الحمبي ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .173‬محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .200‬ىبللي عبدالبله أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪31‬‬
‫فييا؛ فالمادة المحرقة قد كضعت في مكاف لـ تكف فيو مف قبؿ‪ ،‬كالطفؿ قد نقؿ إلى مكضع خطر عمى حياتو‬

‫أك سبلمة جسمو‪ ،‬كالسبلح قد أصبح في حيازة شخص لـ يرخص لو بحيازتو‪.67‬‬

‫يف ع يثايث‬

‫عالق‪ ١‬ي بب‪١ٝ‬‬

‫كىي الرابطة التي تصؿ بيف السمكؾ كالنتيجة اإلجرامية‪ ،‬كتسمح بالقكؿ بأف ىذه األخيرة كانت ثمرة‬

‫لؤلكؿ كمرتبطة بو ارتباط السبب بالمسبب‪ ،‬مما يسمح بمساءلة المتيـ عف تمؾ النتيجة‪ ،68‬فيي عمى ىذا‬

‫النحك ذات طبيعة مادية‪ ،‬ذلؾ أنيا صمة بيف ظاىرتيف ماديتيف ىما السمكؾ كالنتيجة اإلجرامية‪ ،‬فبل يكفي‬

‫الكتماؿ الركف المادم لمجريمة أف يصدر عف الشخص سمكؾ إجرامي تعقبو نتيجة‪ ،‬كانما يمزـ فضبلن عف ذلؾ‬

‫أف تقكـ رابطة السببية بينيما‪ ،69‬كىي عمى ىذا النحك تعد عنص انر جكىريان في الركف المادم لجميع الجرائـ‬

‫التي يتطمب القانكف لقياميا تحقؽ نتيجة إجرامية مفيكمة عمى أنيا كاقعة متميزة عف سمكؾ الجاني كما ىك‬

‫الكضع في الجرائـ اإليجابية‪ ،70‬كلما كانت جريمة االتفاؽ الجنائي (مف جرائـ التكاجو) التي يتـ الركف المادم‬

‫ليا بمجرد التقابؿ بيف مسالؾ فعمتيا المتعدديف‪-‬اإليجاب كالقبكؿ‪ -‬دكف استمزاـ أم نتيجة تنجـ عف ىذا‬

‫التقابؿ‪ ،‬فإنيا تعتبر‪-‬تبعان لذلؾ‪ -‬جريمة سمكؾ مجرد‪ ،‬كىك ما يمكف معو القكؿ أنو ال محؿ لمكبلـ فييا عف‬

‫عبلقة سببية بيف السمكؾ كحدث ما‪ ،‬كال عمى انصراؼ اإلرادة إلى تسبيب أم حدث‪ ،‬بحيث يكتمؿ كقكعيا‬

‫‪67‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ، 1988 ،‬ص‪.43‬‬
‫‪68‬‬
‫سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .208‬جبلؿ ثركت‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ 159‬ك‪ .160‬أحمد أبك الركس‪ ،‬القصد‬
‫الجنائي كالمساىمة الجنائية كالشركع كالدفاع الشرعي كعبلقة السببية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪69‬‬
‫خالد صفكت بينساكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .136‬عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،2010 ،‬ص‪ .35‬عبكد السراج‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‬
‫القسـ العاـ‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪70‬‬
‫محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.202‬‬

‫‪32‬‬
‫بمجرد إتياف الفاعميف كؿ منيـ سمككو المتقابؿ مع سمكؾ اآلخريف كذلؾ لغياب عنصر النتيجة اإلجرامية كفقان‬

‫لممدلكؿ المادم‪.71‬‬

‫ملطًب يثاْ‪ٞ‬‬

‫أط ف التفام‬

‫قد يتعذر عمى جيات االختصاص الكصكؿ إلى سائر أطراؼ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كقد يككف األخير بيف‬

‫طرفيف أحدىما محرض صكرم أك شاب إرادة أحد أطرافو عيب مف عيب الرضاء‪ ،‬ما مصير االتفاؽ في كؿ‬

‫حالة‪ ،‬ثـ ىؿ يشترط المشرع في النمكذج القانكني لجريمة االتفاؽ إتياف السمكؾ الخاص بيا مف قبؿ عدد‬

‫بياف كؿ جزئية بشكؿ مستقؿ‪.‬‬


‫معيف مف األشخاص أـ أنو ترؾ الباب مفتكح عمى مصراعيو‪ ،‬فيما يمي ي‬

‫أ‪ .‬الحد األدنى لممتفقيف‪:‬‬

‫إذا كاف الغالب في الجرائـ أنو يكفي لكجكد الجريمة أف يحقؽ السمكؾ المكصكؼ في نمكذجيا‬

‫شخص كاحد‪ ،‬فإف ىناؾ حاالت ال يمكف فييا قياـ الجريمة إال إذا ساىـ أكثر مف شخص في تحقيؽ سمككيا‬

‫اإلجرامي‪ ،72‬كمف ذلؾ جريمة االتفاؽ الجنائي حيث تطمب المشرع إتياف السمكؾ المكصكؼ في نمكذجيا مف‬

‫قبؿ شخصيف عمى األقؿ‪ ،‬كيظير ذلؾ جميان مف صياغة نصكص المكاد (‪ )36-35-34‬مف قانكف العقكبات‬

‫رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ كالتي جاءت عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫‪71‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمجريمة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.612‬‬
‫‪72‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .604‬محمكد نجيب حسني‪،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .486‬عبد‬
‫الكاحد العممي‪،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪،‬القسـ الخاص‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪33‬‬
‫نصت المادة (‪)34‬عمى أنو‪" :‬كؿ مف تآمر مع شخص آخر عمى أف يرتكب في أم مكاف جناية أك‬

‫أم فعؿ آخر يعتبر جناية فيما لك ارتكب في فمسطيف ككاف ذلؾ الفعؿ جرمان بمقتضى الشرائع المعمكؿ بيا‬

‫في الببلد التي كاف في النية ارتكابو فييا‪ ،‬يعتبر مجرمان كيعاقب بالحبس مدة سبع سنكات إذا لـ تكف ىناؾ‬

‫عقكبة أخرل معينة لذلؾ الجرـ ككاف الحد األقصى لمعقكبة المعينة لو الحبس مدة سبع سنكات أك أكثر‪ ،‬أما‬

‫و‬
‫فعندئذ يعاقب بتمؾ‬ ‫إذا كاف الحد األقصى لمعقكبة المعينة لذلؾ الجرـ الحبس مدة أقؿ مف سبع سنكات‬

‫العقكبة"‪ ،‬ككذلؾ المادة (‪ )35‬حيث تنص‪ " :‬كؿ مف تآمر مع شخص آخر عمى ارتكاب جنحة أك عمى إتياف‬

‫فعؿ في مكاف آخر خارج فمسطيف ككاف ذلؾ الفعؿ يشكؿ جنحة فيما لك ارتكب في فمسطيف كيعتبر كذلؾ‬

‫بمقتضى الشرائع المعمكؿ بيا في المكاف الذم كاف في النية ارتكابو فيو‪ ،‬يعتبر أنو ارتكب جنحة كيعاقب‬

‫بالحبس مدة سنتيف"‪ ،‬كأيضان ما نصت عميو المادة (‪ )36‬بقكليا " كؿ مف تآمر مع شخص آخر عمى‪...‬‬

‫يعتبر أنو ارتكب جنحة كيعاقب بالحبس مدة سنتيف"‪.‬‬

‫يتضح مف المكاد السالفة الذكر أف الشارع الجنائي تطمب أف يأتي السمكؾ اإلجرامي شخصاف عمى‬

‫األقؿ في سبيؿ أف يقكـ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬بينما لـ يرد قيد عمى الحد األقصى‪ ،‬كبالتالي نككف بصدد جريمة‬

‫فاعؿ متعدد‪ ،73‬مما يعني عدـ تصكر جريمة االتفاؽ الجنائي إال بيف شخصيف كحد أدنى‪ ،‬كمف ثـ كاف‬

‫لئلرادة الدكر األكؿ في تككيف االتفاؽ‪ ،‬كلكف ىذه اإلرادة المجردة غير كافية كانما يتعيف أف تتعدد اإلرادات‬

‫‪73‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .21‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .825‬عمي محمد‬
‫جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .30‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪34‬‬
‫فتككف اثنتيف أك أكثر كاال فبل قياـ لجريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كيترتب عمى ذلؾ أنو ال كجكد لبلتفاؽ الجنائي‬

‫بإرادة كاحدة‪ ،‬كمف ثـ يككف الشخص بمفرده عاج انز عف ارتكاب ىذه الجريمة‪.74‬‬

‫ب‪-‬اإلرادات المعتبرة لقياـ االتفاؽ‪:‬‬

‫لقد ذكرنا في الفقرة السابقة أنو ال يمكف تصكر جريمة االتفاؽ الجنائي بيف أقؿ مف شخصيف كحد‬

‫أدنى‪ ،‬كلكف ىذا ال يعني البتة أف التعدد في ذاتو و‬


‫كاؼ بمجرد تكافره لقياـ جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬فاألمر‬

‫عمى خبلؼ ذلؾ حيث أف تعدد اإلرادات المنعقدة المجردة ال يكفي لقياـ الجريمة‪ ،‬بؿ يتعيف أف تككف كؿ‬

‫منيا محبلن العتداد القانكف بيا‪ ،‬كاال فبل قياـ لجريمة االتفاؽ الجنائي بإرادة جادة كأخرل متجردة مف القيمة‬

‫القانكنية‪ ،‬فيي كأف تعددت كاقعيان إال أنو في نظر القانكف ىناؾ إرادة كاحدة ذات قيمة قانكنية‪ ،‬لذا ال كجكد‬

‫عاجز بمفرده عف ارتكاب ىذه الجريمة‪ ،‬فبل بد مف أف‬


‫ه‬ ‫لبلتفاؽ الجنائي بإرادة كاحدة‪ ،‬كمف ثـ فإف الشخص‬

‫تتكافر إرادتاف جادتاف عمى األقؿ‪ ،‬مما يعني أنو إذا تعددت اإلرادات كلكف لـ تكف بينيا غير إرادة كاحدة جادة‬

‫كمعتبرة‪ ،‬فبل يتحقؽ االتفاؽ‪.75‬‬

‫الجرمي‪ ،‬أم أف‬


‫كلكي يككف الشخص مسئكالن جنائيان‪ ،‬يتعيف أف يككف ممي انز مختا انر كقت ارتكاب الفعؿ ي‬

‫يككف مدركان لماىية فعمو مختا انر لو‪ ،‬ذلؾ أف أساس المسئكلية الجزائية أف يصدر الفعؿ عف إرادة مميزة قادرة‬

‫‪74‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .25‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.487‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .825‬عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫ابتساـ مكىكب‪ ،‬جرائـ المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات في التشريع الجزائرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .36‬مناؿ مركاف منجد‪ ،‬المكاجية الجنائية‬
‫لجرائـ اإلرىاب في القانكف السكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .125‬نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.167‬‬
‫‪75‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .487‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ .825،‬عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .30‬ابتساـ مكىكب‪،‬‬
‫جرائـ المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات في التشريع الجزائرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ . 36‬عماد فاضؿ ركاب‪ ،‬جريمة العصياف المسمح في التشريع‬
‫العراقي‪ ،‬جامعة البصرة‪ ،‬ص‪ .12‬طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .157‬نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.167‬‬

‫‪35‬‬
‫عمى فيـ ماىية الفعؿ كقادرة عمى تكقع اآلثار الناجمة عنو‪ ،‬كما يتعيف أف تككف حرةن‪ ،76‬كعمى إثر ذلؾ ييثار‬

‫التساؤؿ اآلتي‪ :‬ماذا لك تكافر أحد أسباب اإلباحة أك مانع مسئكلية أك مانع عقاب في جانب أحد المتفقيف‪،‬‬

‫ىؿ تقكـ جريمة االتفاؽ الجنائي أـ ال؟‬

‫يختمؼ الحاؿ بحسب الحالة التي يتكفر فييا سبب إباحة أك مانع مسئكلية عف تمؾ التي يتكفر فييا‬

‫مانع عقاب؛ كذلؾ راجع الختبلؼ تأثير كؿ كاحد منيا عمى المسئكلية الجنائية‪ ،‬فسبب اإلباحة يفترض‬

‫ابتداء لنص تجريـ كاكتسابو الصفة غير المشركعة‪ ،‬ثـ يخرج ىذا الفعؿ مف نطاؽ نص التجريـ‬
‫ن‬ ‫خضكع الفعؿ‬

‫كيدخؿ في دائرة اإلباحة لتكافر سبب مف أسباب اإلباحة‪ ،77‬في حيف أف مكانع المسؤكلية الجزائية ىي ظركؼ‬

‫تتعمؽ بشخص الجاني لذلؾ تتميز بأنيا ذات طابع شخصي يترتب عمى تكافرىا عدـ االعتداد بإرادتو قانكنيان‬

‫في تكافر الركف المعنكم لمجريمة‪.78‬‬

‫كذلؾ يختمؼ سبب اإلباحة عف مانع المسئكلية في أف األكؿ ينفي عف الفعؿ صفة التجريـ كيدخمو‬

‫في دائرة المشركعية‪ ،‬أما مانع المسئكلية فبل ينفي عف الفعؿ صفة التجريـ فيبقى الفعؿ مجرمان مع امتناع‬

‫العقاب مع إمكانية مساءلتو مدنيان‪ ،79‬كتأثيرىا ال يقتصر فقط عمى مجرد امتناع العقاب‪ ،‬بؿ يمتد إلى أركاف‬

‫المسئكلية الجزائية فيصيبيا بالعجز كيجعميا غير صالحة قانكنان لقياـ المسئكلية الجزائية‪.80‬‬

‫‪76‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات الفمسطيني‪،‬الجزء األكؿ‪،‬الطبعة الثانية‪ ،2011،‬ص‪ .419‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة‬
‫لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .962‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪77‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .153‬عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،2010 ،‬ص‪ .74‬سمير عالية‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.343‬‬
‫‪78‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات الفمسطيني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫‪79‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬الكسيط في قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،1991 ،‬ص‪.201‬‬
‫‪80‬‬
‫سمير عالية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.387 ،‬‬

‫‪36‬‬
‫في حيف أف مكانع العقاب ىي مجرد أسباب لئلعفاء مف العقاب عمى الرغـ مف اكتماؿ البنياف‬

‫القانكني لمجريمة‪ ،‬كتكافر شركط المسئكلية الجزائية عنيا‪ ،81‬كمف ىذا التعريؼ يتضح أف مكانع العقاب ال‬

‫تنفي أركاف الجريمة أك شركط المسئكلية عنيا‪ ،‬كىي بذلؾ تختمؼ عف مكانع المسئكلية كأسباب اإلباحة‪ ،‬كاف‬

‫كانت جميعان تشترؾ في عدـ العقاب إال أف االختبلؼ بينيا في عمة المنع‪ ،82‬ففي مكانع المسئكلية يمتنع‬

‫العقاب لخمؿ يصيب اإلرادة فيجعميا غير معتبرة مف الناحية القانكنية‪ ،‬أما اإلعفاء مف العقاب –مانع العقاب‪-‬‬

‫فبل عبلقة لو باإلرادة كانما يرجع إلى إرادة المشرع العتبارات تتعمؽ بالسياسة العقابية‪ ،83‬حيث أنيا نتاج‬

‫لعممية مكازنة بيف الفائدة التي يجنييا المجتمع مف العقاب مف ناحية‪ ،‬كالفائدة التي تتحقؽ بإعفاء بعض‬

‫األشخاص مف العقاب مف ناحية أخرل بالرغـ مف ثبكت مسئكليتيـ الجزائية‪ ،‬فترجح كفة الفائدة العائدة مف‬

‫اإلعفاء‪.84‬‬

‫كبإسقاط ما سبؽ عمى جريمة االتفاؽ الجنائي فإنو في حالة ما إذا كاف االتفاؽ بيف شخصيف كتكافر‬

‫سبب إباحة‪ ،‬فإنو ال مجاؿ لقياـ جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬فإذا اتفؽ أب مع طبيب جراح‬
‫ي‬ ‫في جانب أحدىما‬

‫عمى إجراء عممية جراحية لطفمو فبل عقاب عمى ىذا االتفاؽ‪ ،‬ألف العمؿ الطبي كالتدخؿ الجراحي فعؿ مباح‬

‫طبقان لنص المادة (‪ )231‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬طالما تكافرت شركطو‪.‬‬

‫كفي مكانع المسئكلية إذا كجد أم منيا لدل بعض المتيميف فيستبعدكف مف االتفاؽ؛ ألف ىذه المكانع‬

‫يمتنع مع قياميا قياـ المسئكلية الجنائية‪ ،‬كأثرىا الشخصي مقصكر عمى مف يتعمؽ بو المانع كال يتعداه إلى‬

‫غيره‪ ،‬كاذا بقي بعد استبعادىـ عضك كاحد مسئكالن جنائيان فبل عقاب عمى ىذا االتفاؽ؛ ألف االتفاؽ ىك انعقاد‬

‫‪81‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .792‬عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،2010 ،‬ص‪.85‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪82‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪83‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،2010 ،‬ص‪.154‬‬
‫‪84‬‬
‫أحمد عكض ببلؿ‪ ،‬مبادئ قانكف العقكبات المصرم‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ص‪.867‬‬

‫‪37‬‬
‫إرادة شخصيف أك أكثر‪ ،‬فيجب أف يككف كؿ مف ىذيف الشخصيف مسئكالن جنائيان‪ ،‬فإرادة شخص كاحد مسئكؿ‬

‫جنائيان غير كافية لتككيف جريمة االتفاؽ الجنائي‪.85‬‬

‫أما بالنسبة لمكانع العقاب في الحالة التي يككف فييا بعض المتفقيف معفيان مف العقاب‪ ،‬كما لك اتفؽ‬

‫األب مع جاره عمى إيكاء ابف األكؿ فينا يككف االتفاؽ كاقعان بيف األب الذم يستفيد مف سبب مانع لمعقاب‬

‫كبيف الجار الذم ال يستفيد‪ ،‬كلكف ذلؾ ال تأثير لو عمى قياـ جريمة االتفاؽ الجنائي بحيث يعاقب بقية‬

‫المتفقيف الذيف لـ يتكفر لدييـ مانع العقاب؛ باعتبار أف مانع العقاب أثره شخصي محض‪ ،‬كما سبؽ كأف‬

‫و‬
‫معؼ مف‬ ‫ذكرنا أعبله‪ ،‬مما يعني أنو لك بقي بعد استبعاد المتفقيف المعفيف مف العقاب عضك كاحد فقط غير‬

‫العقاب فإنو يعاقب ككف جريمة االتفاؽ الجنائي ما زالت قائمة طالما أف ىناؾ انعقاد بيف إرادتيف عمى األقؿ‬

‫ككؿ منيا معتبرة قانكنان لـ يصبيا أم خمؿ؛ كذلؾ ألف مكانع العقاب ال تؤثر عمى قياـ المسئكلية الجنائية كانما‬

‫يترتب عمييا عدـ تكقيع العقاب عمى الجاني العتبارات خاصة بو‪، ،‬فاستفادة أحد المتفقيف مف مانع عقاب ال‬

‫ينفي أف كانت لو إرادة جادة كمعتبرة كمف ثـ يككف تكقيع العقاب عمى زمبلئو متعينان طالما تكافرت سائر‬

‫أركانو‪.86‬‬

‫ج‪ -‬عدـ التكصؿ لسائر المتفقيف‪:‬‬

‫أف ال كجكد لبلتفاؽ‬


‫إذا كاف تعدد اإلرادات الجادة شرطان لقياـ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬فإنو ليس معنى ذلؾ ٌ‬

‫الجنائي إال إذا قبض عمى اثنيف عمى األقؿ مف المتفقيف كثبت تكافر اإلرادة الجادة لكؿ منيما‪ ،87‬حيث ال‬

‫‪85‬‬
‫عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .31‬طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.158‬‬
‫ىشاـ سعد الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .70‬نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .167‬مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪ .113‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.480‬‬
‫‪86‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.827‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.487‬‬
‫‪87‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.487‬‬

‫‪38‬‬
‫يؤثر في قياـ االتفاؽ الجنائي عدـ معرفة سائر المتفقيف في حاؿ القبض عمى أحدىـ في حيف أف بقيتيـ‬

‫فاريف أك مجيكليف‪ ،88‬إذ يمكف لممحكمة إدانة المقبكض عميو كلك كاف كاحدان طالما ثبت لدييا أنو اتفؽ مع‬
‫ٌ‬

‫غيره مف المتآمريف‪ ،89‬فاالتفاؽ الجنائي يقكـ إذف بمجرد انعقاد اإلرادات المعتبرة قانكنان‪ ،‬كمف ثـ فبل يتطمب‬

‫بقاء إمكانية المساءلة الجنائية أك العقاب لممتفقيف إلى حيف المحاكمة‪ ،‬كينبني عمى ذلؾ أف إصابة أييما مثبلن‬

‫بأحد عكارض المسئكلية تفقده اإلرادة أك اإلدراؾ‪ ،‬أك منحو عفكان عامان أك خاصان أك استفادتو مف العذر‬

‫المعفي‪ ،‬كؿ ذلؾ ال يؤدم إلى انتفاء االتفاؽ الجنائي بسبب بقاء أحد المتفقيف كحده معرضان لممتابعة‬

‫كالمحاكمة؛ ألف العبرة في قياـ الجريمة ىي بكقت االتفاؽ‪.90‬‬

‫فيكفي أف يثبت لدل المحكمة أف المتيـ اتحد مع غيره عمى ارتكاب جناية أك جنحة كلك بقي ىذا‬

‫الغير مجيكالن أك غائبان‪ ،‬كقد قضت محكمة النقض المصرية بتطبيؽ المادة (‪ )48‬عقكبات عمى شخص اتفؽ‬

‫مع آخريف مجيكليف‪ ،‬كقالت أف لممحكمة أف تعمف عف قياـ جريمة االتفاؽ رغـ بقاء شخص كاحد فييا‪ ،‬إذا‬

‫اطمأنت إلى تكفر المسؤكلية الجزائية بحؽ الشخص اليارب أك ذاؾ المجيكؿ‪.91‬‬

‫طرؼ في االتفاؽ‪:‬‬
‫د‪ -‬المحرض الصكرم ه‬

‫قد تحتاج بعض الجرائـ إلى سمككية معينة لرجاؿ السمطة العامة يظير أحدىـ مف خبلليا بصفة‬

‫الم ًحرض مع التشكيؿ المعادم‬


‫محرض عمى الجريمة المراد كشفيا‪ ،‬السيما في الجرائـ السياسية حيث يندس ي‬

‫‪88‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪89‬‬
‫نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم‪ ":‬دراسة حكؿ المساىمة الجنائية بالتحريض الصكرم"‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.169‬‬
‫الساعة‪10:30 :‬‬ ‫سامي البمطي‪ ،‬الجرائـ الكاقعة عمى أمف الدكلة‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬تاريخ الزيارة‪2019/3/28 :‬‬
‫‪90‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .27‬ىشاـ سعد الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪91‬‬
‫نقض جنائي مصرم‪ ،‬جمسة ‪ ،1935/12/16‬س‪ ،37‬بكابة مصر لمقانكف كالقضاء‪ ،‬انظر الرابط االلكتركني اآلتي‪http://www.laweg.net :‬‬
‫الساعة‪ 10:40 :‬ص‪.‬‬ ‫تاريخ الزيارة‪2019/3/28 :‬‬

‫‪39‬‬
‫كيدعك إلى تنفيذ بعض النشاطات المجرمة قانكنان بقصد كشؼ أفراد التشكيؿ جميعيـ‪ ،92‬كييراد بالمحرض‬

‫الصكرم الشخص الذم تتجو إرادتو إلى القبض عمى مجرـ متمبسان بجريمتو‪ ،‬أك اختبار مدل حرص شخص‬

‫عمى إتباع أحكاـ القانكف‪ ،‬فيتظاىر بتشجيعو عمى اإلقداـ عمى ارتكاب الفعؿ اإلجرامي‪ ،‬حتى إذا ما بدأ في‬

‫تنفيذه حاؿ دكف إتمامو‪ ،‬أك دكف تحقؽ النتيجة اإلجرامية‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ رجؿ الشرطة الذم يعمـ بعزـ شخص‬

‫عمى اقتراؼ جريمة‪ ،‬فيتظاىر بتشجيعو عمييا‪ ،‬فإذا بدأ في تنفيذىا أكقفو ككشؼ عف صفتو‪ ،‬أك المكظؼ‬

‫المكمؼ بتنفيذ قانكف إذا أشار عمى بعض الخاضعيف لو بسمكؾ يخالفو‪ ،‬عازمان عمى ضبط المخالؼ بمجرد‬

‫بدئو فيو كقبؿ أف ييتاح لو إتمامو‪ ،93‬كبناء عمى ذلؾ قد يككف المحرض الصكرم شخصان عاديان أك أحد أفراد‬

‫الضبط القضائي‪ ،‬كأيان ما كاف األمر فإف المحرض الصكرم ىيعمد إلى أف يبمغ السمطات المختصة قبؿ كقكع‬

‫الجريمة فيحكؿ دكف كقكعيا‪ ،‬كىذا يعني أنو يقؼ بالجريمة عند حد الشركع حيث يتدخؿ قبؿ البدء في تنفيذىا‬

‫كيحكؿ دكف التنفيذ‪ ،‬فتككف جريمة الجاني في كثير مف الحاالت شركعان إال أنو في بعض الحاالت تتجاكز‬

‫الشركع‪ ،‬كتككف تمبس بالجريمة كذلؾ لمقبض عمى مرتكبيا متمبسان‪ ،‬كىذا ال يحدث غالبان إال في جرائـ‬

‫التحريض الصكرم القانكني؛ أم الممارس مف قبؿ أفراد الضبطية القضائية‪.94‬‬

‫الم ىح ىرض‪-‬مرتكب الجريمة‪-‬؛‬


‫كبناء عمى ذلؾ يجد الباحث أف مصمحة المحرض الصكرم ىي إيذاء ي‬

‫ً‬
‫فالمحرض ال يقكـ بنشاطو التحريضي مف أجؿ تحقيؽ المصمحة التي تحققيا الجريمة عادة لمف يرتكبيا أك‬

‫الم ىح ىرض‪ ،‬كتعدد البكاعث التي‬


‫لمف يكمؼ الغير بارتكابيا‪ ،‬كلكف مف أجؿ تحقيؽ مصمحة أخرل كىي إيذاء ي‬

‫تدفع المحرض إلى اإلقداـ عمى ىذا النكع مف التحريض فقد يككف مف رجاؿ الضبطية القضائية كييدؼ مف‬

‫‪92‬‬
‫محمد عبد الجميؿ الحديثي‪ ،‬جرائـ التحريض كصكرىا في الجكانب الماسة بأمف الدكلة الخارجي كفقان لمتشريع العراقي المقارف‪ ،1984 ،‬ص‪.213‬‬
‫‪93‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫‪94‬‬
‫نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم‪ ":‬دراسة حكؿ المساىمة الجنائية بالتحريض الصكرم"‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.9‬‬

‫‪40‬‬
‫كراء تحريضو إلى إلقاء القبض عمى الجاني في حالة تمبس بالجريمة حتى يسيؿ إثباتيا‪ ،‬كما قد يككف‬

‫المحرض أحد األفراد العادييف كيتغيا مف كراء تحريضو نيؿ مكافأة خصصتيا الدكلة لمف يبمغ عف جريمة مف‬

‫الجرائـ‪ ،‬كما قد يككف ىدفو التنكيؿ بغريـ لو كالزج بو في السجف متمبسان بالجريمة‪.95‬‬

‫كىنا يثار التساؤؿ حكؿ الحالة التي يككف االتفاؽ بيف شخصيف أحدىما محرضان صكريان ىؿ يقكـ‬

‫االتفاؽ الجنائي بينيـ أـ أنو يستبعد؟‬

‫ال شؾ في أف مف ارتكب الجناية أك الجنحة مكضكع االتفاؽ الجنائي ييسأؿ عنيا‪ ،‬إذ التشجيع أك‬

‫اإليعاز ليس مف أسباب امتناع المسئكلية أك العقاب‪ ،‬فما زاؿ يمرتكب الفعؿ محتفظان بحرية إرادتو‪ ،‬أما مف‬

‫شجعو عمى فعمو أك أكعز إليو بو‪ ،‬فبل يسأؿ كمحرض‪ ،‬إذ لـ يتكافر لديو القصد المنصرؼ إلى ارتكاب‬

‫الجريمة‪ ،‬فيك ال يريد تحقيؽ نتيجتيا‪ ،‬بؿ ىك عازـ عمى الحيمكلة دكف ذلؾ بإيقاؼ نشاط المجرـ بمجرد بدئو‬

‫في تنفيذه‪ ،‬كبانتفاء إرادتو في تحقيؽ النتيجة اإلجرامية ينتفي القصد المتطمب في التحريض فنككف بصدد‬

‫"تحريض صكرم" فحسب‪ ،96‬كبناء عمى كؿ ذلؾ ال يقكـ االتفاؽ الجنائي في الحالة التي يقكـ بيا المحرض‬

‫الصكرم بالدخكؿ في اتفاؽ مع شخص آخر عمى ارتكاب جناية أك جنحة كذلؾ لبلنتفاء عنصر الجدية في‬

‫االتفاؽ حيث أف إرادة المحرض الصكرم اتجيت إلى الكشؼ عف المشرع اإلجرامي كلـ تنصرؼ إلى ارتكاب‬

‫الجناية أك الجنحة مكضكع االتفاؽ‪.‬‬

‫ص إلى أنو ال يقكـ االتفاؽ الجنائي في الحالة التي يككف االتفاؽ منعقدان بيف‬
‫كلما كاف الباحث قد ىخمي ى‬

‫شخصيف أحدىما محرض صكرم‪ ،‬فيؿ في ىذه الحالة نككف إزاء تطبيؽ لفكرة الجريمة المستحيمة أـ ال؟‬

‫‪95‬‬
‫نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم‪ ":‬دراسة حكؿ المساىمة الجنائية بالتحريض الصكرم"‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪96‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.452‬‬

‫‪41‬‬
‫ذكر الباحث سابقان أف جريمة االتفاؽ الجنائي مف الجرائـ ذات التعدد الضركرم بطبيعتو‪ ،‬فبل يمكف‬

‫تصكر جريمة االتفاؽ الجنائي إال بيف شخصيف كحد أدنى‪ ،‬كمف ثـ كاف لئلرادة الدكر األكؿ في تككيف‬

‫االتفاؽ‪ ،‬كخمصنا إلى أف مجرد التعدد في ذاتو غير و‬


‫كاؼ لكحده لقياـ الركف المادم‪ ،‬حيث أف تعدد اإلرادات‬

‫المنعقدة المجردة ال يكفي لقياـ الجريمة‪ ،‬بؿ يتعيف أف تككف كؿ منيا محبلن العتداد القانكف بيا‪ ،‬كاال فبل قياـ‬

‫لجريمة االتفاؽ الجنائي بإرادة جادة كأخرل متجردة مف القيمة القانكنية‪ ،‬فيي كأف تعددت كاقعان إال أنو في‬

‫نظر القانكف ليس ىناؾ سكل إرادة كاحدة ذات قيمة قانكنية‪.97‬‬

‫كلما كاف ذلؾ فإف تدخؿ المحرض الصكرم بصفة عضك في االتفاؽ يؤثر ببل شؾ عمى كفاءة ىذا‬

‫العمؿ اإلجرامي‪ ،‬ذلؾ أف االتفاؽ الجنائي مف جرائـ الفاعؿ المتعدد‪ ،‬كعمى ىذا فإنو يصبح مف المستحيؿ‬

‫عمينا تقدير فيما إذا كاف الفعؿ المادم لمجريمة كفؤ مف الناحية القانكنية لتحقيؽ النتيجة غير المشركعة إال‬

‫باألخذ بعيف االعتبار سائر المسالؾ المتطمبة قانكنان لقياـ ىذا الركف‪.98‬‬

‫كبناء عمى ذلؾ‪ ،‬فإنو ال يجكز تجزئة األفعاؿ المككنة لمركف المادم في جريمة االتفاؽ‪ ،‬لمحكـ فيما‬

‫إذا كاف ىذا الفعؿ كفؤ مف عدمو لتحقيؽ النتيجة الخطرة‪ ،‬لذلؾ إذا تبيف أف سمكؾ أحد طرفي االتفاؽ‬

‫يتعارض كيتناقض مع سمكؾ اآلخر‪ ،‬فإف ذلؾ يستتبع معو القكؿ باستحالة قياـ االتفاؽ الجنائي قانكنان‪ ،‬كىذا‬

‫يكضح لنا كيؼ أف كؿ فعؿ يجب أف يككف مكمبلن ألفعاؿ بقية األطراؼ‪ ،‬ال متعارضان معيا‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫انظر صفحة(‪ )32‬مف ىذه الرسالة‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .116‬ىشاـ سعد الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.72‬‬

‫‪42‬‬
‫كتطبيقان لذلؾ‪ ،‬فإف دخكؿ المحرض الصكرم في اتفاؽ جنائي مع آخر‪ ،‬يجعؿ الفعؿ المادم غير‬

‫كفؤ‪ ،‬إذ يبات مف المستحيؿ بمكاف تحقؽ الخطر في حالتنا ىذه مما يعني استحالة تحقؽ النتيجة غير‬

‫المشركعة‪.99‬‬

‫كمما تجدر اإلشارة إليو أنو تطبيقان ألحكاـ المادة (‪ )3/30‬مف قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪)74‬‬

‫لسنة ‪1936‬ـ كالتي تنص عمى‪":‬ال عبرة فيما إذا لـ يكف في اإلمكاف ارتكاب الجرـ بالفعؿ بسبب ظركؼ كاف‬

‫حرض سيتعرض لممساءلة الجنائية رغـ عدـ قياـ االتفاؽ الجنائي؛ النتفاء القصد‬
‫الم ى‬
‫يجيميا المجرـ"؛ فإف ي‬

‫الم ً‬
‫حرض الصكرم‪ ،‬كذلؾ ألننا إزاء جريمة مستحيمة‪ ،‬كاألخيرة معاقب عمييا كفقان ألحكاـ المادة‬ ‫الجنائي لدل ي‬

‫سالفة الذكر‪ ،‬كذلؾ باعتبار أف ىذا القانكف ينتمي لمنظاـ األنجمكسكسكني الذم يميؿ إلى المذىب الشخصي‬

‫الذم ينادم بالعقاب في حالة الجريمة المستحيمة‪ ،‬لذلؾ عاقب الشارع عمى الجريمة المستحيمة دكف تفرقة بيف‬

‫االستحالة المطمقة كاالستحالة النسبية أك االستحالة القانكنية كاالستحالة المادية‪.100‬‬

‫ق‪-‬أثر عيكب الرضاء عمى االتفاؽ‪:‬‬

‫لما كاف االتفاؽ الجنائي ال قياـ لو بإرادة كاحدة‪ ،‬كمف ثـ يككف الشخص بمفرده عاج انز عف ارتكاب‬

‫ىذه الجريمة‪ ،‬كأف ىذا التعدد في اإلرادات يعني تكافر إرادتاف جادتاف عمى األقؿ‪ ،‬كأف تككف كؿ منيما محبلن‬

‫العتداد القانكف بيا‪ ،‬فإنو قد يحدث بأف يككف رضاء بعض أعضاء االتفاؽ مشكبان بأحد عيكب‬

‫الرضاء(اإلكراه أك الغمط)‪ ،‬فيؿ في ىذه الحالة يقكـ االتفاؽ الجنائي؟‬

‫‪99‬‬
‫ىشاـ سعد الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫‪100‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة األكلى‪،2018 ،‬فمسطيف‪ ،‬ص‪.42 -41‬‬

‫‪43‬‬
‫يقكـ االتفاؽ الجنائي طالما أف ىناؾ إرادتيف جادتيف عمى األقؿ‪ ،‬انعقدتا عمى اإلجراـ كلـ يشبيما أم‬

‫عيب مف عيكب الرضاء‪ ،‬مما يعني انعداـ جريمة االتفاؽ يقتصر فقط عمى األعضاء الذيف ايغتي ً‬
‫صب رضاىـ‬

‫أك يغرر بيـ‪ ،‬فيك يعتبر معدكمان بالنسبة لؤلعضاء الذيف شاب رضاىـ عيب مف عيكب الرضاء‪ ،‬بينما يعتبر‬

‫قائمان بالنسبة لسائر األعضاء اآلخريف‪ ،‬الذيف أبدكا رضاىـ خاليان مف عيكب الرضاء‪ ،‬فإذا تعددت اإلرادات‬

‫كلـ تكف مف بينيا سكل إرادة كاحدة جادة كمعتبرة فبل قياـ لبلتفاؽ‪ ،101‬كمما تجدر اإلشارة إليو إلى أف عيكب‬

‫اإلرادة تحكؿ دكف تكافر القصد الجنائي في جريمة االتفاؽ بحؽ مف كاف رضاه معيبان‪ ،‬عمى اعتبار أف الركف‬

‫المعنكم في ىذه الجريمة يتخذ صكرة القصد الجنائي‪.102‬‬

‫كمف عيكب الرضاء اإلكراه كىك إما أف يككف ماديان أك معنكيان‪ ،‬كبرغـ أف التمييز بينيما ال يغيب عف‬

‫المكره إال أف االختيار‪ ،‬ىك الذم ينعدـ لديو إما لغياب اإلرادة تمامان كذلؾ في اإلكراه المادم أك‬
‫شخص ي‬

‫لغياب حرية اإلرادة في اإلكراه المعنكم‪ ،103‬كيراد بالقير أك اإلكراه المادم قكة إنسانية عنيفة‪ ،‬مفاجئة أك غير‬

‫مفاجئة‪ ،‬تجعؿ مف جسـ اإلنساف أداة لتحقيؽ جريمة معينة‪ ،‬بدكف أف يككف بيف ىذه الجريمة كبيف نفسية‬

‫صاحب الجسـ أم اتصاؿ إرادم‪ ،‬في حيف أف اإلكراه المعنكم قكة إنسانية تتجو إلى نفسية اإلنساف دكف أف‬

‫تقبض عمى جسمو‪ ،‬فتحمؿ ىذه النفسية عنكةن عمى إرادة الجريمة ‪ ،104‬كيتحقؽ اإلكراه المادم في جريمة‬

‫االتفاؽ الجنائي كما لك أمسؾ أحد األعضاء بيد عضك آخر عنكةن‪ ،‬كأجرل بيده التكقيع عمى عقد االتفاؽ‪،‬‬

‫بينما يتحقؽ اإلكراه المعنكم كما لك قاـ عضك في االتفاؽ عمى عقد االتفاؽ تحت تأثير التيديد بالقتؿ‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .487‬ىشاـ سعد الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .75‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف‬
‫الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .26‬نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.169‬‬
‫‪102‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .828‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪103‬‬
‫جبلؿ ثركت‪ ،‬نظـ القسـ العاـ في قانكف العقكبات المصرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.402‬‬
‫‪104‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.967-964‬‬

‫‪44‬‬
‫أما الغمط فيك العمـ بالكاقعة عمى نحك يخالؼ الحقيقة‪ ،‬بحيث ينصرؼ عمـ مف كقع في الغمط إلى‬

‫الكاقعة دكف أف يحيط بيا اإلحاطة الصحيحة الشاممة‪ ،‬بحيث ينتفي لديو العمـ بحقيقة الكاقعة‪ ،‬كالغمط المراد‬

‫بو ىك الغمط في الكقائع‪ ،‬أما الغمط في القانكف فيك ال يعفي عضك االتفاؽ مف المسئكلية الجنائية كفقان لمقاعدة‬

‫العامة في القانكف الجنائي كىي عدـ جكاز االعتذار بالجيؿ بالقانكف‪ ،105‬كيتحقؽ الغمط في جريمة االتفاؽ‬

‫الجنائي‪ ،‬كما لك اعتقد عضك في االتفاؽ مف تمقاء نفسو أف االتفاؽ لبلتجار في مكاد غذائية‪ ،‬فإذا بو لبلتجار‬

‫في مكاد مخدرة‪.‬‬

‫كفي ىذا السياؽ قضت محكمة النقض المصرية بأف‪" :‬ىذه الجريمة‪ ،‬عمى ما ىك كاضح مف مفيكـ‬

‫ىذا النص‪ ،‬ال يمكف أف تتككف إال باتحاد اإلرادات عمى ما نيى النص عنو بحيث إذا كاف أحد أصحابيا‬

‫جادان في االتفاؽ كاآلخر غير جاد فبل يصح أف يقاؿ بأف اتفاقان جنائيان قد تـ بينيما لعدـ اتحاد إرادتييما عمى‬

‫شيء في الحقيقة ككاقع األمر‪ ،‬كاذف فإذا كانت الكاقعة ىي أف زيدان اتصؿ بأحد الجنكد البريطانييف كعرض‬

‫عميو أف يبيعو ىذا أسمحة مف الجيش البريطاني فتظاىر ىذا الجندم لو بقبكؿ العرض كاتصؿ بأحد رؤسائو‪،‬‬

‫كىك ضابط بريطاني‪ ،‬كأفضى إليو باألمر‪ ،‬فاتفقا فيما بينيما عمى التظاىر بقبكؿ العرض كساكما العارض‬

‫عمى ثمف األسمحة‪ ،‬ثـ اتصؿ الضابط بالبكليس المصرم كبمغو بما كقع‪ ،‬ثـ أحضر الضابط كالجندم‬

‫البريطاني بعض األسمحة بدعكل سرقتيما إياىا مف مخازف البكليس ثـ ىما بتسميميا لزيد فداىمو البكليس‬

‫المصرم‪ ،‬فيذه الكاقعة ال تتحقؽ فييا جريمة االتفاؽ الجنائي كال عقاب عمييا"‪.106‬‬

‫‪105‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫‪106‬‬
‫نقض جنائي مصرم رقـ ‪ ،292‬جمسة ‪1948/4/28‬ـ‪ ،‬لسنة ‪18‬ؽ‪ ،‬بكابة مصر لمقانكف كالقضاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫الساعة‪ 4:22 :‬ـ‪.‬‬ ‫تاريخ الزيارة‪2019/4/2 :‬‬

‫‪45‬‬
‫ككذلؾ يأخذ التدليس حكـ الغمط مف حيث األثر رغـ أنو ال يعتبر بحد ذاتو عيبان مف عيكب اإلرادة‬

‫كانما يعتبر كذلؾ لما يؤدم إليو مف غمط يتمثؿ باعتقاد خاطئ يقكـ في ذىف المتعاقد بسبب الكسائؿ‬

‫االحتيالية التي قاـ بيا المتعاقد اآلخر‪.107‬‬

‫ملطًب يثايث‬

‫ي نٔ ملعٓ‪ٟٛ‬‬

‫مف المبادئ الراسخة كالمستقر عمييا في القانكف الجنائي الحديث ذلؾ المبدأ الذم يقضي بأف ماديات‬

‫الجريمة ال تنشئ مسئكلية‪ ،‬كال تستكجب عقابان‪ ،‬ما لـ تتكافر إلى جانبيا العناصر النفسية التي يتطمبيا كياف‬

‫الجريمة‪ ،108‬كتجتمع ىذه العناصر في ركف يختص بيا كيحمؿ اسـ الركف المعنكم لمجريمة‪ ،‬فاألخيرة ليست‬

‫مجرد ظاىرة مادية خالصة قكاميا الفعؿ كآثاره‪ ،‬كلكنيا كذلؾ كياف نفسي‪ ،109‬فالشارع ال ييعني بماديات‬

‫الجريمة إال إذا صدرت عف إنساف ييسأؿ كيتحمؿ العقاب المقرر ليا‪ ،‬كاشتراط صدكرىا عف إنساف معناه‬

‫اشتراط نسبتيا إليو في كؿ أجزائيا كال يككف كذلؾ إال إذا كاف ليا أصكؿ في نفسيتو‪ ،110‬فإذا كاف الركف‬

‫المادم لمجريمة ىك الكجو الخارجي المحسكس لمسمكؾ المككف ليا كما كصفو نص التجريـ‪ ،‬فإف ركنيا‬

‫المعنكم ىك الكجو الباطني النفساني ليذا السمكؾ‪ ،‬كالنص كذلؾ ىك الذم يحدد ىذا الكجو الباطني النفسي‪،‬‬

‫كأيان كاف ذلؾ الكجو‪ ،‬فإنو بصفة عامة‪ ،‬ال يتعدل انتساب السمكؾ اإلجرامي إلى نفسية صاحبو‪ ،111‬ك يتمثؿ‬

‫‪107‬‬
‫إياد محمد إبراىيـ جاد الحؽ‪ ،‬النظرية العامة لبللتزاـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار المنارة‪ ،‬فمسطيف‪ ،2011،‬ص‪.174 -173‬‬
‫‪108‬‬
‫محمد عبد الجميؿ الحديثي‪ ،‬جرائـ التحريض كصكرىا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .207‬سمير عالية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.238‬‬
‫‪109‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .1‬محمػد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.245‬‬
‫‪110‬‬
‫نظاـ تكفيؽ المجالي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .325‬محمػد عمي السالـ الحمبي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.187‬‬
‫‪111‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.858‬‬

‫‪46‬‬
‫في عناصر نفسية تسيطر عمى ماديات الجريمة كتعد اإلرادة مف أىـ ىذه العناصر‪ ،‬باعتبار أف الجاني قد‬

‫اتجيت إرادتو اآلثمة إلى ارتكاب السمكؾ اإلجرامي‪.112‬‬

‫إذف فالركف المعنكم لمسمكؾ اإلج ارمي‪ ،‬يعني صدكر ىذا السمكؾ تمقائيان مف نفسية صاحبو‪ ،‬عمى أف‬

‫كيفية انتساب ىذا السمكؾ إلى نفسية صاحبو ليست كاحدة‪ ،‬فحيف ينتج السمكؾ جريمة ما‪ ،‬فإف نفسية صاحب‬

‫السمكؾ يحتمؿ أف تككف متخذة مف تمؾ الجريمة مكقؼ ما مف مكاقؼ ثبلثة‪ ،‬ىك إما اإلرادة الدافعة إلى‬

‫تحقيؽ الحدث‪ ،‬كاما اإلرادة المؤيدة لكقكعو‪ ،‬كاما محض خمكؿ اإلرادة في شأنو‪ ،‬كقد يتخمؼ ذلؾ االنتساب‬

‫النفسي‪ ،‬كذلؾ ىك الحاؿ حيف يصبح جسـ اإلنساف أداة في يد قكة خارجة عنو كيفمت مف سيطرة صاحبو‬

‫عميو‪ ،‬حيث يتخمؼ عند الشخص الذم سخر جسمو عمى ذلؾ النحك الركف المعنكم في الجريمة‪ ،‬كركنيا‬

‫المادم كذلؾ‪ ،113‬كيتخذ الركف المعنكم إحدل صكرتيف‪ ،‬األكلى كىي القصد الجنائي بأنكاعو المختمفة‪ ،‬أما‬

‫الثانية‪ :‬فيي الخطأ‪ ،114‬كلما كاف ذلؾ فإف جريمة االتفاؽ ليا ركف معنكم شأنيا في ذلؾ شأف أية جريمة‬

‫جنائية أخرل‪ ،‬كفي ىذا المقاـ يتناكؿ الباحث بشيء مف التفصيؿ صكرة الركف المعنكم في جريمة االتفاؽ‪.‬‬

‫تعتبر جريمة االتفاؽ الجنائي مف الجرائـ العمدية التي يتخذ الركف المعنكم فييا صكرة القصد الجنائي‬

‫العاـ‪ ،‬كما ينبغي االنتباه إليو ىك التبلزـ بيف الركنيف المادم كالمعنكم في ىذه الجريمة‪ ،‬فإذا كاف االتفاؽ‬

‫مفترضان لدل كؿ متفؽ إرادة متجية إلى اإلجراـ فمعنى ذلؾ انو يفترض تكافر القصد الجنائي لديو إذ أف ىذه‬

‫اإلرادة يقكـ بيا القصد الجنائي‪ ،115‬ك الذم يعرؼ بأنو "اتجاه اإلرادة إلى السمكؾ كنتيجتو مع العمـ بيما كبكؿ‬

‫‪112‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .375‬خالد صفكت بينساكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.153‬‬
‫‪113‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.859‬‬
‫‪114‬‬
‫محمد عمي السالـ الحمبي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.188‬‬
‫‪115‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .827‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .493‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف‬
‫الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .31‬ابتساـ مكىكب‪ ،‬جرائـ المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات في التشريع الجزائرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.38‬‬

‫‪47‬‬
‫العناصر التي يشترطيا القانكف لكجكد الجريمة"‪ ،116‬مما يترتب عميو أنو يشترط لقياـ جريمة االتفاؽ تكافر‬

‫عناصر القصد الجنائي مف عمـ كارادة لدل اثنيف مف المتفقيف عمى األقؿ‪.‬‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫عٓص يعًِ‬

‫يمزـ لقياـ القصد الجنائي عمـ الجاني بالعناصر المككنة لمبنياف القانكني لمجريمة‪ ،117‬فإذا كانت‬

‫اإلرادة ىي جكىر القصد الجنائي إال أنيا ال تكفي كحدىا لقياـ القصد فاألخير إرادة كاعية‪ ،118‬كيعد العمـ‬

‫اع‪ ،‬كال يكجييا صاحبيا إلى‬


‫مرحمة لتككيف اإلرادة‪ ،‬فبل إرادة بغير عمـ‪ ،‬كتفسير ذلؾ أف اإلرادة نشاط نفسي ك و‬

‫كاقعة معينة إال اذا عمـ بيا كتمثؿ في ذىنو مدل سيطرتو عمييا كتكقع العبلقة التي يمكف أف تتكافر بيف فعمو‬

‫كبينيا‪.119‬‬

‫كبناء عميو يتعيف أف ينصرؼ إلى مكضكع االتفاؽ‪ ،‬فيجب أف يعمـ كؿ متفؽ بماىية الفعؿ أك األفعاؿ‬

‫مكضكع االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كبما ليا مف خصائص يعتمد عمييا الشارع في إضفاء الصفة اإلجرامية عمييا‪ ،‬كال‬

‫يشترط العمـ بالصفة اإلجرامية ذاتيا‪ ،‬إذ أف العمـ بقانكف العقكبات مفترض عمى نحك ال يقبؿ إثبات العكس‪،‬‬

‫أكديحات دليمة‪ ،‬أكزاني دليؿ‪ ،‬تعدد الجناة في التشريع الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ . 10‬مناؿ مركاف منجد‪ ،‬المكاجية الجنائية لجرائـ اإلرىاب في القانكف‬
‫السكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .126‬نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم‪":‬دراسة حكؿ المساىمة الجنائية بالتحريض الصكرم"‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪ .177‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫‪116‬‬
‫خالد صفكت بينساكم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪ .156‬ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .358‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في‬
‫التشريعات العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.183‬‬

‫‪117‬‬
‫أحمد أبك الركس‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪118‬‬
‫سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.241‬‬
‫‪119‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .49‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.828‬‬

‫‪48‬‬
‫فبل يعذر أحد بالجيؿ بو‪ ،‬كانما العمـ المتعيف تكافره ىك ذلؾ المنصب عمى الكقائع‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ إذا لـ‬

‫يعمـ المتيـ بالفعؿ مكضكع االتفاؽ أك بخصائصو‪ ،‬فاعتقد أنو فعؿ معيف فإذا بو فعؿ آخر‪ ،‬ككاف األكؿ‬

‫مشركع كالثاني غير مشركع‪ ،‬فإف القصد الجنائي ال يعد متكاف انر لديو‪ ،‬فمف انضـ إلى اتفاؽ معتقدان أنو لبلتجار‬

‫في مكاد غذائية فإذا بو لبلتجار بمكاد مخدرة‪ ،‬كمف انضـ إلى جماعة اعتقد أنيا تنشر آراء معينة بالكسائؿ‬

‫المشركعة فإذا بيا تستعمؿ الجرائـ لفرض آرائيا ال يعد القصد الجنائي متكاف انر لديو أما إذا دخؿ في االتفاؽ‬

‫جاىبلن حقيقتو ثـ عرفيا بعد ذلؾ كبقي فيو عكقب عف االتفاؽ‪ ،120‬كينبغي التنبيو إلى أنو في حالة ما إذا كاف‬

‫االتفاؽ الجنائي قائمان بيف شخصيف فقط فإف انعداـ العمـ بمكضكع االتفاؽ الجنائي لدل أحدىـ‪ ،‬يؤدم إلى‬

‫عدـ قياـ جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كبالتالي عدـ المسئكلية بالنسبة ليما معان؛ كذلؾ ألف انعداـ القصد الجنائي‬

‫لدل أحدىـ ييدـ الركف المعنكم لجريمة االتفاؽ‪.121‬‬

‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫عٓص إلي ت‪٠‬‬

‫يشكؿ عنصر اإلرادة جكىر القصد الجنائي فالعمـ ال يكفي لكحده لقياـ القصد‪ ،‬فاألخير يتطمب إرادة‬

‫السمكؾ أيضا ككذلؾ النتيجة المترتبة عميو‪ ،122‬فكمما ثبت أف الجاني أراد ارتكاب السمكؾ كتحقيؽ نتيجتو‬

‫اإلجرامية‪ ،‬كمما كاف القصد الجنائي متكاف انر لديو‪ ،‬أما متى تبيف أنو أراد ارتكاب السمكؾ دكف نتيجتو اإلجرامية‬

‫‪120‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .31‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.493‬‬
‫عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .33‬طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .164‬عماد عبيد‪،‬‬
‫قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .24‬عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪121‬‬
‫مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .148‬ابتساـ مكىكب‪ ،‬جرائـ المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات في التشريع الجزائرم‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪122‬‬
‫أحمد أبك الركس‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.35‬‬

‫‪49‬‬
‫فعندئذ ينتفي القصد الجنائي‪،‬عمى أنو ينبغي األخذ بعيف االعتبار أف إرادة النتيجة عمى خبلؼ إرادة السمكؾ‬

‫التي ال تعد عنص انر الزمان لكؿ قصد‪ ،‬فيناؾ مف الجرائـ ما يقع بالسمكؾ المجرد كحده جرائـ الخطر‪ ،‬كارادة‬

‫النتيجة الزمة فحسب في الجرائـ العمدية التي جعؿ القانكف كجكدىا مرىكنان بتحقيؽ نتيجة معينة‪.123‬‬

‫لذلؾ يتعيف أف تتجو اإلرادة الجادة إلى الدخكؿ في االتفاؽ‪ ،‬أم أف المتفؽ يريد أف يصبح طرفان في االتفاؽ‬

‫كأف يقكـ بالدكر المعيكد بو إليو‪ ،‬فإذا لـ تتجو اإلرادة عمى ىذا النحك‪ ،‬فكاف المتفؽ غير جاد يسعى إلى‬

‫الكشاية بأعضاء االتفاؽ‪ ،‬أك يريد مجرد استطبلع أمرىـ دكف االنضماـ إلييـ أك كاف ىازالن قاصدان العبث‬

‫معيـ فبل يتكافر القصد الجنائي لديو‪ ،124‬فبل بد مف أف تككف إرادة المتفؽ جدية في انتكاء االنضماـ إلى‬

‫االتفاؽ‪ ،‬فإذا تظاىر أحد أطراؼ االتفاؽ بقبكؿ االنضماـ إليو‪ ،‬كلـ يكف في ذلؾ جادان‪ ،‬كاف معنى ذلؾ أنو‬

‫ليس فاعبلن في جريمة االتفاؽ‪ ،‬كالمفيكـ بالبداىة أف اإلرادة الجدية يجب تكافرىا لدل شخصيف عمى األقؿ‪،‬‬

‫فإف كاف التفاكض بيف اثنيف فقط‪ ،‬ككاف أحدىما جادان في القكؿ كاآلخر غير جاد‪ ،‬تخمؼ بذلؾ انعقاد‬

‫اإلرادتيف عمى اإلجراـ‪ ،‬كانعدـ أيضان الركف المادم إلى جانب الركف المعنكم‪ ،‬ككف األكؿ ليس مجرد إرادة‬

‫منفردة مف شخص عزـ عمى اإلجراـ‪ ،‬كانما ىما إرادتاف تبلقتا عميو‪ ،‬كمف ثـ ال يتحقؽ االتفاؽ بكاحدة دكف‬

‫األخرل‪ ،125‬مما يعني انتفاء القصد الجنائي في الحالة التي يقكـ بيا مأمكر الضابطة القضائية بالدخكؿ في‬

‫اتفاؽ مع الجناة عمى ارتكاب جناية أك جنحة لكي يأنس لو الجناة‪ ،‬فمأمكر الضابطة القضائية لـ يدخؿ‬

‫‪123‬‬
‫خالد صفكت بينساكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .162‬عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،2010 ،‬ص‪.60‬‬
‫‪124‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .494‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .828‬طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.165‬‬
‫‪125‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .828‬ابتساـ مكىكب‪ ،‬جرائـ المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات في التشريع الجزائرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪ .39‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪50‬‬
‫لبلتفاؽ إال لمكشؼ عف الجناة كمشركعيـ اإلجرامي مما يعني انتفاء عنصر الجدية في االتفاؽ كبالتالي انتفاء‬

‫القصد الجنائي في جانبو‪.‬‬

‫كعمى النيابة العامة إثبات قياـ االتفاؽ فبل يكفي إثبات أف المتيميف اجتمعكا كتداكلكا فيما بينيـ أك‬

‫أنيـ شكمكا جمعية أك عصابة عمنية أك سرية‪ ،‬أك اتفقكا عمى مشركع غامض نكعان ما‪ ،‬كلكف يجب إثبات‬

‫االتفاؽ الجدم نفسو‪ ،‬كليس مف شؾ في أف إثبات ىذه الكقائع النفسية‪ ،‬أم في النية‪ ،‬أمر صعب جدان‪ ،‬كلكف‬

‫مف الممكف إثباتيا بكؿ الكسائؿ‪ ،‬كالرسائؿ كالشيكد كالقرائف‪ ،‬كأف ضمانات المتيميف تكجد في ضمائر‬

‫قضاتيـ‪.126‬‬

‫كمما تجدر اإلشارة إليو أنو ال عبرة لقياـ القصد الجنائي فيما إذا كاف الباعث نبيبلن أك شريفان مف‬

‫عدمو‪ ،‬فبل أثر لو عمى قياـ القصد الجنائي‪ ،‬ككنو مرحمة نفسية سابقة عمى القصد الجنائي‪ ،127‬فيك القكة‬

‫المحركة لئلرادة التي تدفعيا نحك إتياف السمكؾ اإلجرامي‪ ،128‬لكف يمكف أف يستد ٌؿ عمى تكافر القصد مف‬

‫انضـ إلى اتفاؽ عالما بأف غرضو ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬تكافر القصد اإلجرامي‬
‫ٌ‬ ‫خبلؿ ىذا الدافع‪ ،‬فمف‬

‫لديو حتى لك كاف دافعو إلى ىذا االنضماـ نبيبلن‪ ،‬مثاؿ ذلؾ أف يبتغي تحقيؽ إصبلحات سياسية أك نشر‬

‫أفكار حزبية أك مذىبية يؤمف بيا‪ ،‬فالعبرة ىنا بانصراؼ اإلرادة إلى الدخكؿ في االتفاؽ‪ ،‬كليس بالدافع أك‬

‫بالغاية التي ستحققيا ىذه الجناية أك الجنحة فيما لك ارتكبت‪ ،‬كما يعتبر القصد اإلجرامي متكافر في المتفؽ‬

‫‪ 126‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪127‬‬
‫تنص المادة (‪ ": )3/11‬ال عبرة لمدافع الذم يحمؿ الشخص عمى ارتكاب فعؿ أكترؾ أك عمى عقد النية عمى ارتكابو‪ ،‬بقدر ما يتعمؽ ذلؾ بالمسئكلية‬
‫الجزائية‪ ،‬إال إذا كرد النص صراحةن عمى غير ذلؾ"‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات الفمسطيني‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬مرجع سابؽ ص‪ .361‬جبلؿ ثركت‪ ،‬نظـ القسـ العاـ في قانكف‬
‫العقكبات المصرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .181‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪51‬‬
‫سكاء أقاـ ىك نفسو بتنفيذه أك قاـ بذلؾ غيره ألف االتفاؽ الجنائي جرـ مستق ٌؿ كتاـ بحد ذاتو كال يؤثر في‬

‫كجكده بعد تماـ االتفاؽ قياـ المتفقيف بتنفيذ مشركعيـ أك عجزىـ عنو‪.129‬‬

‫كيستكم في نظر الشارع أف يككف اليدؼ األخير مف ارتكاب جريمة االتفاؽ مشركعان أـ غير مشركع‪،‬‬

‫فالغاية ليس عنص انر مف عناصر القصد الجنائي‪ ،‬كينبغي عدـ الخمط بيف الغرض كالغاية كبيف األخيرة‬

‫كالباعث‪ ،‬فالغرض ىك اليدؼ القريب الذم تتجو إليو اإلرادة‪ ،‬كىك النتيجة اإلجرامية التي يحددىا القانكف‬

‫بصدد جريمة معينة‪ ،‬كالفعؿ ىك الكسيمة التي تستعيف بيا اإلرادة لتحقيؽ غرضيا‪ ،‬كلكف الغرض ليس اليدؼ‬

‫األخير لئلرادة ألف بمكغو ال يكفي إلشباع الحاجة‪ ،‬كلذلؾ فيك ال يعدك أف يككف مرحمة مف مراحؿ النشاط‬

‫اإلرادم في سبيؿ إشباع الحاجة‪ ،‬فاليدؼ األخير لئلرادة ىك إشباع الحاجة‪ ،‬كىذا اإلشباع يعبر عنو بالغاية‪،‬‬

‫كمف ثـ كاف االختبلؼ بيف الغرض كالغاية ىك ككف األكؿ ىدفان قريبان لئلرادة كالثانية ىدفان أخي انر ليا‪ ،‬أما‬

‫الباعث فيك الدافع إلى إشباع الحاجة كىك نشاط نفسي يتعمؽ بالغاية كال شأف لو بالغرض‪.130‬‬

‫كينبغي أف تككف ىذه اإلرادة حرة غير مشكبة بأم عيب مف عيكب اإلرادة كاال انتفى الركف المعنكم‬

‫الباحث في ىذا الصدد لما سبؽ ذكره فيما يتعمؽ بعيكب الرضاء‪.‬‬
‫ي‬ ‫كيحيؿ‬
‫لجريمة االتفاؽ الجنائي ي‬

‫‪129‬‬
‫الساعة‪9:11 :‬‬ ‫سامي البمطي‪ ،‬الجرائـ الكاقعة عمى أمف الدكلة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪2019/4/3 :‬‬
‫‪130‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .186‬جبلؿ ثركت‪ ،‬نظـ القسـ العاـ في قانكف العقكبات المصرم‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪.181‬‬

‫‪52‬‬
‫يفصٌ يثاْ‪ٞ‬‬

‫ي ٓظ‪ ِٝ‬يكاْ‪ ْٞٛ‬جل مي‪ ١‬التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫تيثير جريمة االتفاؽ الجنائي تساؤ و‬


‫الت ميمة يتعمؽ بعضيا فيما إذا كاف ييستمزـ لقياـ ىذه الجريمة‬

‫شكؿ معيف‪ ،‬ككذلؾ ما إذا كاف يشترط تعييف الكسائؿ التي ينتكم المتفقكف تكسميا في تحقيؽ غايتيـ اإلجرامية‬

‫أـ أف األمر غير ذم أىمية‪ ،‬كالبعض اآلخر متعمؽ بالزماف كالمكاف بحيث إذا كاف يتعيف أف يككف االتفاؽ‬

‫حاالن غير آجؿ‪ ،‬منعقد في اإلقميـ الكطني أـ ال‪ ،‬كأيضان فيما يتعمؽ بمكضكع االتفاؽ الجنائي فيؿ يرد االتفاؽ‬

‫حيؿ فيما يخص ىذا الشأف لمقكاعد‬


‫الجنائي عمى جرائـ بعينيا أـ أف الباب مفتكح عمى مصراعيو بحيث أي ى‬

‫العامة‪ ،‬كخطة المشرع في العقاب عمى االتفاؽ الجنائي‪.‬‬

‫كلما كاف االتفاؽ الجنائي جريمة مستقمة قائمة بذاتيا‪ ،‬ما مصير الحالة التي يقكـ فييا سائر المتفقيف‬

‫أك بعضيـ بالعدكؿ عف اتفاقيـ‪ ،‬كالحالة التي يككف االتفاؽ كاردان عمى جريمة مستحيمة‪ ،‬كىؿ يقتصر العقاب‬

‫عمى مجرد انعقاد اإلرادات أـ أف األمر يتعدل ذلؾ ليشمؿ المراحؿ السابقة‪ ،‬كفي حالة ارتكاب الجريمة المتفؽ‬

‫عمييا ىؿ نككف إزاء حالة تعدد في الجرائـ أـ ال‪.‬‬

‫كبيانيا في مبحثيف عمى‬


‫ي‬ ‫كعمى ىدل ما تقدـ يتناكؿ الباحث ىذه القضايا تفصيبلن في ىذا الفصؿ‬

‫النحك اآلتي‪:‬‬

‫ملبرث ‪ :ٍٚ‬ذهاّ خلاص‪ ١‬يالتفام جلٓائ‪. ٞ‬‬

‫ملبرث يثاْ‪ :ٞ‬ذهاّ يعاَ‪ ١‬يالتفام جلٓائ‪. ٞ‬‬

‫‪53‬‬
‫ملبرث ‪ٍٚ‬‬

‫ذهاّ خلاص‪ ١‬باالتفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫لما كاف الغالب األعـ أف يككف انعقاد اإلرادات شفاىةن‪ ،‬فيؿ ذلؾ يؤثر عمى قياـ جريمة االتفاؽ‬

‫الجنائي‪ ،‬باإلضافة إلى ذلؾ تشترط بعض التشريعات لمعقاب عمى االتفاؽ الجنائي تعييف الكسائؿ التي ينتكم‬

‫المتفقكف تكسميا في تحقيؽ غايتيـ اإلجرامية‪ ،‬فيؿ ىذا الشرط تفترضو طبيعة االتفاؽ الجنائي أـ أف األمر‬

‫يمغاير‪ ،‬كقد يستغرؽ انعقاد اإلرادات برىة مف الزمف‪ ،‬كقد يحدث أف يككف أطراؼ االتفاؽ الجنائي مكزعيف ما‬

‫بيف خارج اإلقميـ الكطني كداخمو أك سائرىـ في الخارج أك أف يتفقكا عمى تعميؽ تنفيذ اتفاقيـ الجنائي عمى‬

‫حكادث مستقبمية‪ ،‬فيؿ ألم مف ىذه الحاالت تأثير عمى قياـ جريمة االتفاؽ الجنائي؟‬

‫كعدا عف ذلؾ خطة المشرع فيما يتعمؽ بالجرائـ مكضكع االتفاؽ‪ ،‬فيؿ يشترط أف تككف مف نكع معيف‬

‫أـ ال‪ ،‬ككذلؾ خطتو فيما يتعمؽ بالعقاب المخصص لجريمة االتفاؽ الجنائي‪.‬‬

‫كبناء عمى ما سبؽ عمى ييقسـ الباحث ىذا المبحث إلى خمسة مطالب مستقمة عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫ملطًب ‪ :ٍٚ‬شهٌ التفام ‪ ٚٚ‬ائٌ تٓف‪ٝ‬ذ‪. ٙ‬‬

‫ملطًب يثاْ‪ٚ :ٞ‬قت تٓف‪ٝ‬ذ التفام ‪َٚ‬هاْ٘ ‪.‬‬

‫ملطًب يثايث‪َٛ :‬ض‪ٛ‬ع التفام جلٓائ‪. ٞ‬‬

‫ملطًب ي بع‪ :‬يعكاب عً‪ ٢‬التفام جلٓائ‪. ٞ‬‬

‫ملطًب خلاَس‪ :‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬خلاص ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ملطًب ‪ٍٚ‬‬

‫شهٌ التفام ‪ ٚٚ‬ائٌ تٓف‪ٝ‬ذ‪ٙ‬‬

‫االتفاؽ الجنائي يتخذ أشكاالن متعددة فقد يككف صريحان أك ضمنيان‪ ،‬شفكيان أك مكتكبان‪ ،‬كقد يتـ االتفاؽ‬

‫يتكسميا المتفقكف في سبيؿ تنفيذ مخططيـ اإلجرامي‪ ،‬كبياف ذلؾ في الفركع اآلتية‪:‬‬
‫عمى الكسائؿ التي سكؼ ٌ‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫شهٌ التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫قياـ االتفاؽ الجنائي ال يستمزـ أف يككف في شكؿ معيف‪ ،131‬إذ يتساكل في ىذا الخصكص أف يككف‬

‫االتفاؽ شفكيان أك مكتكبان‪ ،132‬سكاء باليد أك عمى اآللة الكاتبة‪ ،‬مكقعان أك غير مكقع‪ ،‬أك يمسجبلن عمى آلة‬

‫تسجيؿ بأصكات المتفقيف‪...‬الخ‪ ،‬عمى اعتبار أف شكؿ االتفاؽ لـ يتعرض لو المشرع الجنائي في نص مف‬

‫النصكص‪ ،‬كلككنو يتعمؽ فقط بإثبات االتفاؽ ال بقيامو ككجكده‪ ،‬حيث يجكز كما ىك معمكـ إثبات الكقائع‬

‫الجنائية كأصؿ عاـ كعمبلن بمبدأ حرية القناعة الكجدانية لمقاضي بكافة طرؽ اإلثبات‪.133‬‬

‫لذلؾ يكفي أف تمتقي عقكؿ األطراؼ عمى تفاىـ معيف بحيث ينتيكف إلى اتفاؽ عمى إتياف أفعاؿ‬

‫اعتزمكىا‪ ،‬كاذا كاف ىناؾ اتفاؽ عاـ إلنجاز غرض معيف‪ ،‬أك لمتصرؼ بشكؿ معيف‪ ،‬فإف االتفاؽ الجنائي‬

‫ينشأ بصرؼ النظر عف الشكؿ الرسمي لبلتفاؽ كالغرض‪ ،134‬كيجكز أف يقكـ االتفاؽ الجنائي بالتفاىـ‬

‫الضمني كبدكف اتفاؽ صريح‪ ،‬فإنو ليس مف الضركرم أف يككف ىناؾ اتفاؽ رسمي بيف األطراؼ المعنييف إذ‬

‫‪131‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .485‬عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪132‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪133‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪134‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.827‬‬

‫‪55‬‬
‫يكفي أف يجمع بينيـ غرض مشترؾ بقصد اإلقداـ عمى تصرؼ محظكر أك خطة مشتركة كسمكؾ تعاكني‬

‫كمكحد غير مشركع لمقياـ بعمؿ إجرامي‪.135‬‬

‫فيكجد االتفاؽ حتى كلك لـ يجتمع المتآمركف في مكاف كاحد أك في مجمكعة كاحدة‪ ،‬إذ يتحقؽ بمجرد‬

‫أف يتكزع ىؤالء عمى حمقات سرية تتشاكر فيما بينيا عبر قنكات اتصاؿ معينة‪ ،‬كتمتقي إراداتيـ حكؿ الجريمة‬

‫المنكم ارتكابيا‪ ،‬كما أنو ليس مف الضركرم أف يككف االتفاؽ سريان كاف كاف يتحقؽ في العادة في جك مف‬

‫الكتماف كالسرية‪ ،136‬فيذا ال يمنع مف أف يككف االتفاؽ الجنائي عمنيان في بعض األحياف خاصة في النظـ‬

‫الديمقراطية الحرة‪ ،‬حيث يمكف تصكر اتفاؽ جماعة مف الناس عبلنيةن عمى استخداـ القكة كالعنؼ في سبيؿ‬

‫تغيير نظاـ الحكـ في الدكلة‪ ،‬كعدـ المجكء إلى استعماؿ الكسائؿ الدستكرية المشركعة لتحقيؽ غرضيـ‪،‬‬

‫كيتضح بذلؾ أف السرية ليست مف الصفات األساسية لبلتفاؽ‪.137‬‬

‫ككذلؾ يتضح مف مكقؼ المشرع أنو يستكم في انعقاد اإلرادات أف يككف منظمان مفصبلن فيتخذ شكؿ‬

‫"الجمعية اإلجرامية"‪ ،‬أك أف يككف عشكائيان مجمبلن اقتصر أعضاؤه عمى مجرد العزـ عمى جريمة معينة دكف‬

‫الجرمية‪ ،‬فيكفي أف يتخذ االتفاؽ الشكؿ البات كالنيائي‪ ،138‬كيحمد‬


‫تعييف لكيفية تنفيذىا أك تكزيع األدكار ي‬

‫لمشارع أنو لـ يستعمؿ كممة جمعية ألف ىذا المفظ األخير قاصر المعنى كيستمزـ كجكد جمعية ليا نظاـ كليا‬

‫غاية محددة كمجمس إلدارة أعماليا‪ ،‬خاصة كأف الجمعيات اإلجرامية التي يخشى فييا عمى األمف العاـ‬

‫تحاذر مف الظيكر بمظير جمعيات منظمة كيكتفي أعضاؤىا باالتفاؽ أك التكاطؤ فيما بينيـ كقتيان غير و‬
‫مقيد‬

‫بنظاـ مخصكص كىـ يبالغكف في كتماف القكاعد التي يسيركف عمييا فمك كاف الشارع اختار لفظ اجتماع أك‬

‫‪135‬‬
‫ىشاـ سعد الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .64‬مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫‪136‬‬
‫عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪137‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪138‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .485‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪56‬‬
‫جمعية ألصبح تطبيؽ النص القانكف صعبان جدان‪،139‬عبلكة عمى أف االتفاؽ يتسع ليشمؿ االتفاقات ك‬

‫االجتماعات كغير قاصر عمى الجمعيات أك المنظمات اإلجرامية‪.‬‬

‫كفقان لمصياغة التي جاء بيا المشرع فإنو لـ يشترط سكاء بشكؿ صريح أك ضمني أف يستغرؽ انعقاد‬

‫اإلرادات برىةن أك أف يمتد زمنان طكيبلن لمقكؿ بقياـ جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مما يعني أف الجريمة تعد كاقعة‬

‫فعبلن كلك كاف االتفاؽ لـ يتـ إال لفترة كجيزة‪ ،140‬كقد كانت محكمة النقض المصرية في بداية األمر تشترط في‬

‫االتفاؽ أف يككف منظمان في بدء تككينو كأف يككف مستم انر لك لمدة مف الزمف عمى األقؿ‪ ،‬كتضيؼ المحكمة‬

‫إلى أف المادة (‪" )48‬ال" تنطبؽ عمى حالة التعدد في اإلرادات الذم يحدث بمجرد الصدفة ككقتيان فقط‪،141‬‬

‫كتعرض رأييا لمنقد مف قبؿ جانب في الفقو‪ ،‬ككنو ينطكم عمى تعطيؿ لنص القانكف فإرادة المشرع كاضحة‬

‫في استبعاد االستمرار كالتنظيـ مف أركاف االتفاؽ‪ ،‬باعتبار أف المادة (‪ )48‬مف قانكف العقكبات المصرم‪-‬‬

‫التي جرمت االتفاؽ عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ -‬ال يستفاد مف نصيا باف االتفاؽ يجب أف يككف مستم انر أك‬

‫منظمان‪ ،142‬بؿ المفيكـ مف األعماؿ التحضيرية لمنص أف االتفاؽ يكجد بمجرد انعقاد اإلرادات‪ ،‬كقد يككف‬

‫كقتيان إذا ما يكشؼ أمره أك عدؿ عنو مباشرةن‪ ،‬كقد يككف مستم انر إذا ظؿ مدة مف الزمف‪ ،143‬لذلؾ عدلت‬

‫محكمة النقض عف رأييا ك ىخمصت إلى أف مجرد االتفاؽ عمى ارتكاب الجناية أك الجنحة كلك كانت كاحدة‬

‫بعينيا و‬
‫كاؼ في ذاتو لتككيف جريمة االتفاؽ حيث قضت‪":‬أف مجرد االتفاؽ عمى ارتكاب الجناية أك الجنحة‬

‫كلك كانت كاحدة بعينيا كاف في ذاتو كافيان لتككيف جريمة االتفاؽ ببل حاجة إلى تنظيـ كال إلى استمرار‪ ،‬بؿ‬

‫‪139‬‬
‫مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫‪140‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .827‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.485‬‬
‫‪ 141‬نقض جنائي مصرم‪،‬جمسة ‪/15‬فبراير‪1913/‬ـ‪،‬س‪-14‬ؽ‪-55‬ص‪ ،)107‬يمشار إليو لدل‪ :‬محمكد نجيب حسني‪،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪.486‬‬
‫‪142‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.489‬‬
‫‪143‬‬
‫ىشاـ سعد الديف‪ ،‬جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪57‬‬
‫عبارات التنظيـ كاالستمرار ىي عبارات اضطرت المحاكـ لمقكؿ بيا مف طغياف المادة ‪ 48‬عقكبات‪ ،‬كالكاقع‬

‫أف الشرط الكحيد الكافي لتككيف الجريمة ىك أف يككف االتفاؽ جديان‪ ،144‬كاستقر اجتياد المحكمة عمى عدـ‬

‫اشتراط التنظيـ أك االستمرار لقياـ جريمة االتفاؽ الجنائي حيث قضت‪":‬ال يشترط لتككيف جريمة االتفاؽ‬

‫الجنائي المنصكص عمييا في المادة ‪ 48‬مف قانكف العقكبات أكثر مف اتحاد إرادة شخصيف أك أكثر عمى‬

‫ارتكاب جناية أك جنحة سكاء كانت معينة أك غير معينة‪.145"...‬‬

‫كيتفؽ الباحث مع الرأم الثاني لمحكمة النقض المصرية الذم ال يشترط االستمرار كالتنظيـ في‬

‫جريمة االتفاؽ‪ ،‬كذلؾ ألف المشرع لـ يتطمبيا‪ ،‬كلك أراد اشتراطيا لعبر عف ذلؾ صراحةن‪ ،‬كبالتالي ال يجكز‬

‫اشتراط ما لـ يتطمبو المشرع‪ ،‬ككف أف ذلؾ فيو إىدار لمقكة اإللزامية التي يحمميا النص القانكني‪ ،‬كمع ذلؾ‬

‫يرل الباحث أف عدـ تطمب التنظيـ كاالستمرار في االتفاؽ الجنائي لقياـ المسئكلية الجنائية عنو‪ ،‬يعد إفراطان‬

‫كتكسعان في التجريـ ال ضركرة تقتضيو؛ باعتبار أف أم اتفاؽ جنائي لمجرد انعقاده لبرىة مف الزمف سيقع في‬

‫الجرمي‬
‫نطاؽ الدائرة التجريمية‪ ،‬كىذا الطغياف في النص الجنائي ال يتـ الحد منو إال مف خبلؿ تعديؿ النص ي‬

‫كليس بالخركج عمى إرادة المشرع بحكـ قضائي‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫نقض جنائي مصرم رقـ ‪ 565‬لسنة ‪3‬ؽ‪ ،‬جمسة‪1933/1/23‬ـ‪ ،‬أحكاـ النقض الخاصة بالقصد الجنائي‪ ،‬مقالة منشكرة عمى المكقع االلكتركني‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫الساعة‪8:11 :‬‬ ‫‪ https://kenanaonline.com/users/ELstehaAveocato/posts/130040‬تاريخ الزيارة‪2019/4/12 :‬‬
‫‪145‬‬
‫نقض جنائي مصرم رقـ ‪ 64 ،4702‬ؽ‪ ،‬جمسة ‪ ،1996/3/24‬ص‪ ،389‬المكقع االلكتركني لمحكمة النقض المصرية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫الساعة‪8:15 :‬‬ ‫تاريخ الزيارة‪2019/4/12 :‬‬

‫‪58‬‬
‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫التفام ‪ ٚٚ‬ائٌ تٓف‪ٝ‬ذ‪ٙ‬‬

‫أضافت بعض التشريعات صراحة شرطان إضافيان لقياـ االتفاؽ الجنائي يتمثؿ في ضركرة تحديد‬

‫الكسائؿ التي سيقع بيا تحقيؽ الغرض مف االتفاؽ الجنائي‪ ،146‬التساؤؿ الذم ييثار حكؿ ما إذا كاف ييشترط‬

‫لقياـ الركف المادم في ىذه الجريمة أف يككف المتفقكف بعد تصميميـ عمى الجريمة المتفؽ عمييا قد انتيكا إلى‬

‫تعييف الكسائؿ التي سيستخدمكنيا في تنفيذ جريمتيـ‪ ،‬أـ أف ىذا التعييف غير ذم أىمية؟‬

‫المشرع العقابي الفمسطيني كفي إطار تكسيعو في مجاؿ التجريـ لـ يتطمب ىذا الشرط‪ ،‬حيث لـ يذكر‬

‫سيتكسميا المتفقكف في تحقيؽ غايتيـ اإلجرامية‪ ،‬فقد‬


‫ٌ‬ ‫الشارع الجزائي شيئان عف ماىية الكسائؿ أك الخطط التي‬

‫أكضحنا فيما سبؽ أف جريمة االتفاؽ تكتمؿ بمجرد اتفاؽ الجناة عمى الغرض غير المشركع الذيف يسعكف إلى‬

‫تحقيقو أك تحديد الجريمة التي يكطدكف عزائميـ عمى ارتكابيا‪ ،‬فانعقاد اإلرادات الجادة عمى ارتكاب جناية أك‬

‫دكف حاجة إلى تعييف الكسائؿ التي سكؼ تستخدـ في‬ ‫و‬
‫جنحة بحد ذاتو كاؼ لكحده لتككيف جريمة االتفاؽ ى‬

‫ارتكاب الجريمة المنكم ارتكابيا‪.147‬‬

‫كلما كاف تنفيذ الجريمة مكضكع االتفاؽ ال يعد عنص انر في قيامو‪ ،148‬فإنو كمف باب أكلى ال تعتبر‬

‫كسيمة تنفيذه أم الجريمة المتفؽ عمييا عنص انر فيو‪ ،149‬لذلؾ تقكـ الجريمة حتى كلك لـ يكف ثمة شيء قد تـ‬

‫‪146‬كمثاؿ ذلؾ ما أخذ بو المشرع السكرم حيث ييعرؼ المؤامرة بأنيا‪ " :‬كؿ اتفاؽ بيف شخصيف أك أكثر عمى ارتكاب جناية بكسائؿ معينة"‪ .‬المادة (‪)260‬‬
‫مف قانكف العقكبات السكرم‪.‬‬
‫‪147‬‬
‫كما أف المادة (‪/ 36‬ز) تنص عمى‪":‬كؿ مف تآمر مع شخص آخر عمى تحقيؽ غاية مشركعة بكسائؿ غير مشركعة يعتبر أنو ارتكب جنحة كيعاقب‬
‫بالحبس مدة سنتيف"‪ ،‬كىذه المادة ما ىي إال تطبيقان لمقاعدة العامة " ميما كاف ينبؿ الغاية فإنيا ال تبرر عدـ مشركعية الكسيمة"‪.‬‬
‫‪ 148‬عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ . 30‬ابتساـ مكىكب‪ ،‬جرائـ المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات في التشريع‬
‫الجزائرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ . 36‬عماد فاضؿ ركاب‪ ،‬جريمة العصياف المسمح في التشريع العراقي‪ ،‬جامعة البصرة‪ ،‬ص‪ .12‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح‬

‫‪59‬‬
‫االتفاؽ عميو بالنسبة لرسـ الخطط كتحديد الكسائؿ التي ينكم الجناة استخداميا في تنفيذ الجريمة التي نسجكا‬

‫خيكط اتفاقيـ الجنائي حكليا كبذلؾ ليس مف الضركرم أف يككف قد تـ التفاىـ عمى كسائؿ معينة أك أدكات‬

‫تنفيذ معينة الرتكاب الجريمة محؿ االتفاؽ الجنائي فاألمر بالنسبة لمقانكف سياف‪.150‬‬

‫يتكسميا المتفقكف في سبيؿ تنفيذ‬


‫ٌ‬ ‫في حيف يرل بعض الفقو أف االتفاؽ عمى الكسائؿ التي سكؼ‬

‫مخططيـ اإلجرامي مف األمكر األكلية التي يتعيف االتفاؽ حكليا‪ ،‬كلذلؾ يككف تطمب تحديد ىذه الكسائؿ مف‬

‫قبميـ مما يسمح مف جية‪ ،‬بالتأكد مف جدية االتفاؽ‪ ،‬كمف جية أخرل‪ ،‬بتدعيـ ضماف العدالة الجنائية‬

‫كصيانة الحقكؽ الفردية كالحفاظ عمييا بما يشكمو ذلؾ مف قيكد عمى النيابة العامة قبؿ المتابعة كبعدىا‪،151‬‬

‫إال أف ىذا الرأم ال يمكف األخذ بو في ظؿ معاقبة الشارع الجزائي الفمسطيني في قانكف العقكبات رقـ (‪)74‬‬

‫لسنة ‪1936‬ـ عمى مجرد االتفاؽ‪.‬‬

‫فضبلن عف ذلؾ مف باب أكلى ال ييشترط أف يككف الشخص الذم ييعيد إليو بتنفيذ الجريمة طرفان في‬

‫االتفاؽ‪ ،‬فاالتفاؽ عمى جريمة تينفذ عف طريؽ شخص ييعيف لذلؾ في المستقبؿ ىك اتفاؽ جنائي عمى الرغـ‬

‫مف أف منفذ الجريمة لـ ييعرؼ بعد‪ ،‬لـ ييتح لو تبعان لذلؾ أف يشترؾ في االتفاؽ كلـ يسمـ إليو جعؿ أك‬

‫سبلح‪ ،152‬كيستخمص الباحث مف كؿ ذلؾ أنو متى تحقؽ االتفاؽ الجنائي بمجرد التبلقي بيف إرادتيف أك‬

‫قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .487‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .26‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف‬
‫الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪.825،‬‬
‫‪149‬‬
‫نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.170‬‬
‫‪150‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .19‬ىشاـ سعد الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .77‬مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪.122‬‬
‫‪151‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪152‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .827‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.489‬‬

‫‪60‬‬
‫أكثر‪ ،‬حؽ العقاب عميو‪ ،‬بصرؼ النظر عما يحدث عقب ىذا التبلقي اإلرادم‪ ،‬كسكاء أكاف المفيكـ أف يتكلى‬

‫تنفيذ االتفاؽ شخص يتـ اختياره لذلؾ آجبلن‪ ،‬أك أف يقكـ بو أحد أطراؼ االتفاؽ ذاتو‪.‬‬

‫كمما تجدر اإلشارة إليو أف محكمة النقض المصرية تبنت في السابؽ مكقفان يخالؼ ذلؾ حيث قضت‬

‫"ال محؿ التفاؽ جنائي عمى قتؿ إذا كاف ينقصو االتفاؽ نيائيان مع مف يباشر تنفيذ القتؿ كما ينقصو تتميـ‬

‫االتفاؽ بتسميـ السبلح كالجعؿ لمف أيريد االتفاؽ معو عمى التنفيذ"‪ ،153‬كتعرض حكميا ىذا لمنقد بالقكؿ أنو‬

‫ليس لو سند مف القانكف‪ ،‬فالركف المادم لمجريمة ىك االتفاؽ‪ ،‬كلـ يتطمب القانكف انعقاده بيف أشخاص ليـ‬

‫أدكار معينة في تنفيذ الجريمة المتفؽ عمييا‪ ،‬كمف ثـ ينطكم ىذا القضاء عمى تعطيؿ لنص القانكف بإنكار‬

‫كجكد الجريمة رغـ تكافر جميع أركانيا‪ ،‬باإلضافة إلى ذلؾ فإرادة القانكف كاضحة في استبعاد تنفيذ الجريمة‬

‫المتفؽ عمييا ككؿ ما يتصؿ بو مف عداد أركاف جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،154‬كقد عدلت المحكمة عف قضائيا‬

‫كقررت أف "مف المقرر أف المشتركيف في االتفاؽ الجنائي يعاقبكف بمقتضى المادة ‪ 48‬عقكبات سكاء اتفقكا‬

‫عمى أف يقكـ كاحد منيـ بتنفيذ الجناية أك الجنحة المقصكدة مف االتفاؽ أك عمى أف يككف التنفيذ بكاسطة‬

‫شخص آخر ييختار لذلؾ فيما بعد"‪.155‬‬

‫‪ 153‬نقض جنائي مصرم‪ ،‬جمسة ‪ ،15‬فبراير‪1931،‬ـ‪ ،‬المجمكعة الرسمية‪ ،‬س‪ ،33‬ؽ‪ ،62‬ص‪ ،146‬يمشار إليو لدل‪ :‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف‬
‫العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.489‬‬
‫‪154‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.489‬‬
‫‪155‬‬
‫نقض جنائي مصرم رقـ ‪ ،4207‬لسنة ‪ 61‬ؽ‪ ،‬جمسة ‪1992/12/21‬ـ‪ ،‬س‪ ،43‬المكقع االلكتركني لمحكمة النقض المصرية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫الساعة‪11:15 :‬‬ ‫تاريخ الزيارة‪2019/4/14:‬‬

‫‪61‬‬
‫ملطًب يثاْ‪ٞ‬‬

‫‪ٚ‬قت ق‪ٝ‬اّ التفام ‪َٚ‬هاْ٘‬

‫متى تحقؽ االتفاؽ الجنائي بمجرد التبلقي بيف إرادتيف أك أكثر‪ ،‬قامت جريمة االتفاؽ‪ ،‬بصرؼ النظر‬

‫عما عقب ىذا التبلقي اإلرادم‪ ،‬كفي الحالة التي يككف فييا أطراؼ االتفاؽ الجنائي مكزعيف بيف اإلقميـ‬

‫الكطني كالخارج تسرم عمييـ قكاعد سرياف القانكف الجنائي مف حيث المكاف‪.‬‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫‪ٚ‬قت ق‪ٝ‬اّ التفام‬

‫ليس مف الضركرم أف يككف الكقت المحدد الرتكاب الجريمة المتفؽ عمييا حاالن‪ ،156‬إنما يكفي أال‬

‫يككف ىذا الكقت المحدد بعيدان بعدان ييستنتج منو أف االتفاؽ الجنائي لـ يعقد بعد بصفة حاسمة قاطعة بيف‬

‫الجناة‪ ،157‬لذلؾ تعتبر جريمة االتفاؽ الجنائي قائمة منذ المحظة التي يتفؽ فييا شخصاف أك أكثر عمى أف‬

‫يرتكبا أك يرتكبكا فك انر أك في كقت الحؽ جناية أك جنحة‪ ،‬فجكىر جريمة االتفاؽ الجنائي ىك االتفاؽ كليس‬

‫األفعاؿ التي تتـ لتحقيقيا أك تنفيذىا‪ ،‬كالقكؿ أف جكىر الجريمة ىك االتفاؽ يعني أف الجريمة تتككف ال مف‬

‫األفعاؿ غير القانكنية التي تمت لمكاصمتيا كانما مف فعؿ االتفاؽ‪ ،‬فعمى كؿ حاؿ ليس مف الضركرم بالنسبة‬

‫لممساءلة الجنائية أف يككف االتفاؽ مرتبطان بالتنفيذ الفعمي لمجريمة مكضكع االتفاؽ بمعنى أف عنصر االتفاؽ‬

‫ىك عنصر مستقؿ عف الجريمة مكضكع االتفاؽ‪ ،‬كفي ىذا السياؽ قضت محكمة النقض المصرية‬

‫بقكليا‪":‬إف تعثر تنفيذ ذلؾ االتفاؽ الجنائي بسبب مفاجأة رجاؿ الشرطة لمطاعنيف بمكاف الحادث كضبط‬

‫‪156‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ 19‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .827‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.489‬‬
‫‪157‬‬
‫نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم‪ ":‬دراسة حكؿ المساىمة الجنائية بالتحريض الصكرم"‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.171‬‬

‫‪62‬‬
‫ثانييـ بعد أف تمكف الباقكف مف اليرب‪ ،‬ىك أمر الحؽ عمى قياـ االتفاؽ الجنائي كليس ركنان أك شرطان‬

‫النعقاده"‪.158‬‬

‫كنستخمص مما تقدـ ذكره أف جريمة االتفاؽ الجنائي تتحقؽ بمجرد انعقاد اإلرادات أك اتحادىا كال‬

‫يشترط تنفيذ االتفاؽ كال البدء في تنفيذه؛ ألف ىذه الجريمة ما ىي إال تكاطؤ عمى اإلجراـ مما يعني أنو ال‬

‫يشترط ارتكاب الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي لقياـ جريمة االتفاؽ‪ ،159‬مما يعني أنو ليس مف الضركرم أف‬

‫يككف األجؿ المضركب الذم اختاره الجناة لمبدء بتنفيذ اتفاقيـ كشيكان كفكريان‪ ،‬ككذلؾ ال ييضير االتفاؽ أف‬

‫يككف الكقت الذم اختاره الجناة لمبدء بتنفيذ اتفاقيـ غير معيف في صمب ذلؾ االتفاؽ كال محدد تاريخو عمى‬

‫كجو الدقة كأف يتفؽ الجناة عمى ارتكاب الجريمة مكضكع االتفاؽ عند كقكع حادثة معينة‪.160‬‬

‫مرد ذلؾ ىك أف االتفاؽ الجنائي يقكـ بمجرد انعقاد اإلرادات بغض عف النظر عف تنفيذ الجريمة‬

‫مكضكع االتفاؽ مف عدمو‪ ،‬فإنو مف باب أكلى أف يككف مستقبلن عف كقت ىذا التنفيذ‪ ،‬فإذا كاف ىذا التنفيذ‬

‫غير معيف أك كاف قد عيف مستقببلن‪ ،‬فميس معنى ذلؾ أف االتفاؽ غير قائـ‪.161‬‬

‫كىنا يثار التساؤؿ حكؿ مصير االتفاؽ المكصكؼ الذم يعمؽ الجناة تنفيذه عمى شرط أك عمى‬

‫حمكؿ أجؿ‪ ،‬ىؿ تقكـ بو جريمة االتفاؽ أـ ال؟‬

‫‪158‬‬
‫نقض جنائي مصرم رقـ ‪ ،680‬لسنة ‪ 46‬ؽ‪ ،‬جمسة ‪1977/2/21‬ـ‪ ،‬س‪ ،28‬المكقع االلكتركني لمحكمة النقض المصرية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫تاريخ الزيارة‪ 2019/4/14 :‬الساعة‪11:18 :‬‬
‫‪159‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .827‬عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .30‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف‬
‫العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .489‬مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .122‬ىشاـ سعدالديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫‪160‬‬
‫عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .30‬مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .122‬ىشاـ سعدالديف‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪ .78‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.489‬‬
‫‪161‬‬
‫نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم‪ ":‬دراسة حكؿ المساىمة الجنائية بالتحريض الصكرم"‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.171‬‬

‫‪63‬‬
‫متى تحقؽ االتفاؽ الجنائي بمجرد التبلقي بيف إرادتيف أك أكثر‪ ،‬قامت جريمة االتفاؽ‪ ،‬بصرؼ النظر‬

‫عما عقب ىذا التبلقي اإلرادم‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ فإف تعميؽ الجناة تنفيذ اتفاقيـ عمى شرط‪ ،162‬كالتحرؾ في‬

‫حاؿ كفاة رئيس الجميكرية مثبلن‪ ،‬أك في حاؿ سقكط الحككمة‪ ،‬أك حؿ المجمس النيابي‪ ،‬ال يؤثر عمى قياـ‬

‫االتفاؽ الجنائي‪ ،163‬فطالما أف تنفيذ الجريمة التي نسج الجناة خيكط اتفاقيـ الجنائي حكليا غير ذم اعتبار‬

‫في قياـ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬فمف باب أكلى أال يشترط لقياـ األخير أف يككف غير منج انز غير مكصكؼ خاليان‬

‫مف الشرط أك التأجيؿ‪ ،‬كانما يمكنو أف يككف مشركطان‪ ،‬كاالتفاؽ عمى قمب الحكـ بتحقؽ كاقعة معينة كصعكد‬

‫حزب معيف إلى الحككمة‪ ،‬كما يصح االتفاؽ الجنائي حتى كلك كاف مربكطان بأجؿ‪ ،‬كأف يتفؽ الجناة عمى‬

‫تنفيذ مشركعيـ اإلجرامي في الصيؼ أك الشتاء‪.164‬‬

‫فتعميؽ الجناة تنفيذ الجريمة مكضكع االتفاؽ عمى حكادث مستقبمية ال يعيب االتفاؽ ذاتو كال ينفي‬

‫تكافره كلك كانت ىذه الحكادث مستقمة عف إرادة الجناة أم ال دخؿ إلرادتيـ فييا‪ ،165‬كىذه الحكادث التي عمٌؽ‬

‫عمييا المتفقكف تنفيذ عزميـ كاتفاقيـ الجنائي عمييا يتعيف أف تككف يمحتممة الكقكع ‪ ،‬أما إذا كانت مستحيمة‬

‫استحالة مطمقة فبل يقكـ االتفاؽ في ىذه الحالة‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ لك عمؽ الجناة تنفيذ اتفاقيـ الجنائي عمى جفاؼ‬

‫مياه البحر في أقؿ مف يكـ‪ ،‬فإف االتفاؽ الجنائي ىنا ال يعتبر قائمان‪ ،‬كذلؾ مرده أف الجدية المتطمبة في‬

‫اإلرادة غير متكفرة‪.166‬‬

‫‪162‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .827‬طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫‪163‬‬
‫عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .29‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪164‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪165‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .19‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.827‬‬
‫‪166‬‬
‫ىشاـ سعد الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .80‬عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .29‬مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص ‪.124‬‬

‫‪64‬‬
‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫َهإ التفام‬

‫في الحالة التي يككف فييا أطراؼ االتفاؽ الجنائي مكزعيف بيف اإلقميـ الكطني كالخارج‪ ،‬ىؿ يخضع‬

‫ألحكاـ قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ أـ ال‪ ،‬كىؿ يؤثر المكاف المنكم ارتكاب الجريمة المتفؽ‬

‫عمييا فيو‪ ،‬عمى سرياف القانكف مف حيث المكاف أـ ال؟‬

‫تستند أحكاـ السرياف المكاني لمقانكف الجنائي عمى مبادئ أربعة‪ :‬إقميمية القانكف‪ ،‬عينية القانكف‪،‬‬

‫شخصية القانكف‪ ،‬كأخي انر عالمية القانكف الجنائي‪ ،‬كالكاقع أف قانكف العقكبات رقـ(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ المطبؽ‬

‫في قطاع غزة لـ يتضمف المبادئ الخاصة بنطاؽ سريانو مف حيث المكاف بصكرة كافية حيث جاءت المادة‬

‫(‪ )6‬منو لمحديث عف التحديد الجغرافي الذم يشممو اختصاص المحاكـ في فمسطيف‪ ،167‬كما جاءت المادة‬

‫(‪ )7‬مف ذات القانكف بشأف مبدأ إقميمية النص الجزائي فقط‪ ،‬كذلؾ في الحالة التي ترتكب فييا األفعاؿ‬

‫المككنة لمجريمة في فمسطيف كفي خارجيا فيككف القانكف كاجب التطبيؽ ىك القانكف الفمسطيني طالما ارتكب‬

‫في نطاقو الجغرافي أم فعؿ مف األفعاؿ المككنة لمجريمة‪.168‬‬

‫يقصد بمبدأ إقميمية النص الجزائي أف األخير يطبؽ عمى كؿ جريمة ترتكب في إقميـ الدكلة سكاء‬

‫كاف مرتكبيا كطنيان أـ أجنبيان‪ ،‬كسكاء أكاف المجني عميو فييا كطنيان أـ أجنبيان‪ ،‬كسكاء ىددت الجريمة مصمحة‬

‫إيفاء لمغاية المقصكدة مف ىذا القانكف يتناكؿ اختصاص محاكـ فمسطيف‬


‫ن‬ ‫‪ 167‬تنص المادة (‪ )6‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ بقكليا‪(:‬‬
‫جميع أنحاء فمسطيف كمسافة ثبلثة أمياؿ بحرية مف شاطئ فمسطيف مقيسة مف أكطى عبلمة لمجزر)‪.‬‬
‫‪168‬‬
‫تنص المادة (‪ )7‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬بقكليا‪ ( :‬إذا ارتكب فعؿ بعضو داخؿ نطاؽ اختصاص محاكـ فمسطيف كبعضو خارج‬
‫نطاؽ اختصاصيا‪ ،‬ككاف ذلؾ الفعؿ يؤلؼ جرمان ينطبؽ عمى أحكاـ ىذا القانكف فيما لك ارتكب بأكممو ضمف نطاؽ اختصاص تمؾ المحاكـ‪ ،‬فكؿ شخص‬
‫ارتكب أم قسـ مف ذلؾ الف عؿ ضمف نطاؽ اختصاص محاكـ فمسطيف يجكز محاكمتو كمعاقبتو بمقتضى ىذا القانكف كما لك كاف قد ارتكب ذلؾ الفعؿ‬
‫بأكممو ضمف نطاؽ اختصاص تمؾ المحاكـ)‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫لمدكلة صاحبة السيادة عمى اإلقميـ أـ ىددت مصمحة دكلة أجنبية‪ ،169‬كيترتب عمى ىذا المبدأ أثراف‪ :‬أكليما‬

‫ايجابي‪ ،‬كمفاده تطبيؽ القانكف الجنائي تطبيقان شامبلن عمى كؿ الجرائـ التي ترتكب في اإلقميـ‪ ،‬كثانييما سمبي‪،‬‬

‫كمفاده عدـ تطبيؽ القانكف الجنائي عمى أية جريمة ترتكب خارج اإلقميـ حتى لك كاف مرتكبيا مف مكاطني‬

‫الدكلة‪.170‬‬

‫كيعاقب المشرع عمى االتفاؽ عمى ارتكاب جناية حتى لك كانت خارج اإلقميـ الفمسطيني‪ ،‬أك أم فعؿ‬

‫آخر يعتبر جريمة كفقان لمشرائع المعمكؿ بيا في الببلد التي كاف في النية ارتكابيا فييا كلكنو يعد جناية فيما‬

‫استثناء عمى مبدأ إقميمية النص الجزائي الذم اعتنقو المشرع‪ ،‬حيث‬
‫ن‬ ‫لك تـ ارتكابو في فمسطيف‪ ،‬كىذا ال يعد‬

‫ينبغي عدـ الخمط بيف جريمة االتفاؽ الجنائي كبيف الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي‪ ،‬فاألخيرة ىي التي‬

‫يستكم في نظر المشرع أف يككف ارتكابيا سيتـ في الداخؿ أك في الخارج‪ ،‬فطالما أف االتفاؽ الجنائي قد كقع‬

‫كامبلن في اإلقميـ الفمسطيني أك جزء منو في اإلقميـ الفمسطيني كالجزء اآلخر في الخارج‪ ،‬تسرم عميو أحكاـ‬

‫قانكف العقكبات‪ ،‬فالمشرع قدر أف االتفاؽ الجنائي يشكؿ خط انر في ذاتو حتى كاف كاف محمو سيخؿ باألمف‬

‫لبمد أجنبي‪ ،‬كمما تجدر اإلشارة إليو أف العقاب عمى االتفاؽ عمى ارتكاب جناية في الخارج‪ ،‬مشركط بأف‬

‫الجرمية لذلؾ الفعؿ أيان‬


‫يككف معاقبان عميو في المحؿ المنكم ارتكابو فيو‪ ،‬مما يعني أف الشارع اكتفى بالصفة ي‬

‫كانت‪ ،‬حيث لـ يشترط أف يككف جناية أك جنحة‪ ،‬فالعبرة بالتكييؼ القانكني لمفعؿ بأنو جناية كفقان لمقانكف‬

‫الفمسطيني‪.‬‬

‫كذات األمر ينطبؽ عمى االتفاؽ الجنائي في الجنح‪ ،‬حيث يعاقب المشرع عمى االتفاؽ عمى ارتكاب‬

‫جنحة ‪ ،‬أك أم فعؿ في مكاف آخر خارج فمسطيف ككاف ذلؾ الفعؿ يشكؿ جنحة فيما لك ارتكب في فمسطيف‬

‫‪169‬‬
‫جبلؿ ثركت‪ ،‬ينظـ القسـ العاـ في قانكف العقكبات المصرم‪ ،‬المرجع السباؽ‪ ،‬ص‪ .89‬محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪170‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪66‬‬
‫كيعتبر كذلؾ أيضان بمقتضى الشرائع المعمكؿ بيا في المكاف الذم كاف في النية ارتكابو فيو‪ ،‬كلكف االختبلؼ‬

‫الجرمية‬ ‫ً‬
‫ىنا أف المشرع لـ يكتؼ لمعقاب عمى االتفاؽ عمى ارتكاب جنحة في الخارج أف يثبت ليا الصفة ي‬

‫بمقتضي الشرائع المعمكؿ بيا في اإلقميـ األجنبي المنكم ارتكابو فيو بؿ اشترط أف تككف مف نكع جنحة في‬

‫الجرمي الذم نسج الجناة خيكط مؤامرتيـ كاتفاقيـ‬


‫التشريع الفمسطيني ككذلؾ األجنبي‪ ،‬مما يعني أف الفعؿ ي‬

‫حكلو الرتكابو في الخارج كاف يعد كفقان لمقانكف السارم المفعكؿ في البمد األجنبي جريمة مف نكع مخالفة ككفقان‬

‫لمتشريع الفمسطيني يعد جنحة أك جناية‪ ،‬فإف ىذا التآمر كاالتفاؽ ال يعاقب عميو‪ ،‬كالعكس صحيح فيما إذا‬

‫كاف الفعؿ مكضكع االتفاؽ الجنائي يعد جنحة أك جناية في اإلقميـ األجنبي كمخالفة في اإلقميـ الفمسطيني‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫ملطًب يثايث‬

‫َ‪ٛ‬ض‪ٛ‬ع التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫األصؿ أف ىناؾ تبلزـ بيف الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي كصفتو الجنائية‪ ،‬فبل يرد االتفاؽ‬

‫الجنائي إال عمى جرائـ مف نكع جنايات أك جنح‪ ،‬كلذلؾ يشترط أف يتـ تعييف الجناية أك الجنحة المزمع‬

‫ارتكابيا‪.‬‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫ي ال ّ بني حمٌ التفام ‪ٚ‬صف ٘ جلٓائ‪١ٝ‬‬

‫يستمد االتفاؽ صفتو الجنائية مف مكضكعو فإذا لـ يكف لمكضكعو صفة إجرامية‪ ،‬أم كاف فعبلن‬

‫مشركعان كلـ تكف لو صمة بجريمة ما؛ ال ييعد االتفاؽ جنائيان عمبلن بما جاء بالمكاد (‪ )34‬ك(‪ )35‬مف قانكف‬

‫العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬؛ عدا عف ذلؾ لـ يكتؼ الشارع بأم صفة إجرامية‪ ،‬أم أنو لـ ييحؿ إلى‬

‫القكاعد العامة في تحديد ما إذا كاف محؿ االتفاؽ فعبلن مشركعان أـ غير مشركع؛ إنما حرص عمى كضع‬

‫تحديد خاص لمصفة اإلجرامية لمحؿ االتفاؽ‪ ،‬بحيث يتعيف أف ينصب االتفاؽ عمى ارتكاب جناية أك جنحة‬

‫أيان كاف نكعيا‪ ،‬بما يستتبع معو خركج كافة المخالفات مف نطاؽ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كدخكؿ سائر الجنايات‬

‫كالجنح حتى التي تكفؿ بتجريميا بنصكص ضمف القكانيف العقابية الخاصة‪ ،171‬كلكف رغـ ذلؾ قد يستمد‬

‫جرـ‪ ،‬كذلؾ في الحالة التي يككف محمو أفعاؿ مدنية ضارة‪ ،‬كبعض‬
‫االتفاؽ صفتو الجنائية مف مكضكع غير يم ٌ‬

‫األفعاؿ الكاردة ضمف نطاؽ المادة (‪ )36‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪.1936‬‬

‫‪ 171‬بإعماؿ المادة (‪ )36‬مكرر (أ) مف قانكف العقكبات رقـ(‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬كالتي تنص عمى‪ ":‬ييطبؽ ىذا الفصؿ عمى جميع الجرائـ إال حيث كرد‬
‫نص صريح أك ضمني بخبلؼ ذلؾ في ىذا الفصؿ أك في أم تشريع آخر أك في ىذا الفصؿ مقركءان مع أم تشريع آخر"‪ ،‬فإف الجنايات كالجنح التي‬
‫كردت في القكانيف العقابية الخاصة تصمح ألف تككف محبلن لجريمة االتفاؽ الجنائي العاـ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫كيفيـ مما تقدـ أف االتفاؽ يجب أف يككف منصبان عمى جريمة تعتبر جناية أك جنحة كفقان لمقانكف‬

‫كأف يككف معاقبان عمييا بمقتضاه‪ ،‬أم أف تككف خاضعة ألحكامو مف حيث االختصاص‪ ،‬كأنو ال بد مف‬

‫التبلزـ بيف الصفة اإلجرامية لمكضكع االتفاؽ الجنائي كالصفة الجنائية لبلتفاؽ ذاتو كجكدان كعدمان فإذا حصؿ‬

‫كتعرض مكضكع االتفاؽ لسبب ينفي عنو الصفة اإلجرامية‪ ،‬كما لك انعقدت إرادات المتفقيف عمى ارتكاب فعؿ‬

‫يجرمو القانكف أصبلن كلكف في ظركؼ يخضع فييا لسبب إباحة‪ ،‬فإف االتفاؽ ال يعد جنائيان‪ ،‬في حيف لك‬

‫و‬
‫عندئذ يظؿ االتفاؽ جنائيان‪ ،‬كلك كاف مف‬ ‫تعرض مكضكع االتفاؽ لسبب ال يزيؿ الصفة اإلجرامية منو‪ ،‬فإنو‬

‫شأف ىذا السبب أف يقمؿ مف خطكرتو‪ ،‬كيقكد ىذا التبلزـ إلى النتائج اآلتية‪:172‬‬

‫الجرمية فإنو ال عبرة بككف الغاية المستيدفة مشركعة أـ غير‬


‫أ‪ -‬إذا ثبت لمكضكع االتفاؽ الصفة ي‬

‫مشركعة‪ ،‬إذ أف مشركعية الغاية ال تمس التكييؼ غير المشركع لمفعؿ‪ ،‬كتطبيقان لذلؾ فإف االتفاؽ‬

‫عمى تحقيؽ إصبلحات مشركعة في ذاتيا عف طريؽ ارتكاب جنايات أك جنح أك التيديد بيا ىك‬

‫اتفاؽ جنائي‪ ،‬يعد جنائيان‪ ،‬كذلؾ االتفاؽ عمى حمؿ شخص عمى فعؿ مشركع عف طريؽ تيديده‬

‫بجريمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬إذا عمؽ المتفقكف تنفيذ الجريمة مكضكع االتفاؽ عمى أجؿ أك شرط فاالتفاؽ يظؿ جنائيان‪ ،‬إذ‬

‫ليس لؤلجؿ أك الشرط شأف بالصفة اإلجرامية لمكضكع االتفاؽ‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .492‬مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .126‬ىشاـ سعدالديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .82‬نسريف‬
‫عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم" دراسة حكؿ المساىمة الجنائية بالتحريض الصكرم"‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.173 -172‬‬

‫‪69‬‬
‫ج‪ -‬إذا كانت الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي جريمة مستحيمة‪ ،‬فإف االتفاؽ عمييا يعتبر اتفاقان‬

‫جنائيان يعاقب عميو كفقان ألحكاـ قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ كذلؾ نتيجة لعقاب المشرع عمى‬

‫الجريمة المستحيمة‪ ،‬أيان كانت صكرة االستحالة فييا‪.173‬‬

‫د‪ -‬إذا كاف مكضكع االتفاؽ ارتكاب جريمة خارج اإلقميـ الفمسطيني عمى نحك تخضع بو ألحكاـ‬

‫قانكف العقكبات‪ ،‬فإف االتفاؽ يعد جنائيان‪ ،‬إذ بخضكع مكضكع االتفاؽ لمقانكف الفمسطيني يكتسب كفقان لو صفة‬

‫إجرامية كيصمح بذلؾ مكضكعان لبلتفاؽ‪ ،‬مع األخذ بعيف االعتبار الشركط الكاردة في المكاد (‪.)35-34‬‬

‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫ْطام يٓص َٔ ذ‪ٝ‬ث ْ‪ٛ‬ع جل ئِ‬

‫لـ ينظـ المشرع الفمسطيني جريمة االتفاؽ الجنائي العاـ في مادة كاحدة بؿ أنو أفرد ثبلثة مكاد‬

‫متتابعة في الفصؿ السادس مف الباب األكؿ المتعمؽ باألحكاـ العامة‪ ،‬حيث خصص المادة (‪ )34‬لجريمة‬

‫التآمر عمى ارتكاب جناية‪ ،‬كالمادة (‪ )35‬لمتآمر عمى ارتكاب جنحة‪ ،‬كالمادة(‪ )36‬ألنكاع خاصة مف التآمر‪،‬‬

‫مما يعني أف المشرع أخرج المخالفات مف نطاؽ الجرائـ محؿ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كعميو فإف االتفاؽ عمى‬

‫ارتكاب مخالفة أك مخالفات ال يعد اتفاقان جنائيان كفقان لما كرد في المكاد سالفة الذكر‪ ،‬كترجع العمة كراء ذلؾ‬

‫إلى أف االتفاؽ الجنائي خطكرتو الذاتية تقتضي أف يككف محمو جرائـ خطيرة‪ ،‬كليست المخالفات كذلؾ‪ ،‬حيث‬

‫ال يدؿ ارتكابيا عمى خطكرة مف الجاني تستدعي االىتماـ بعقاب االتفاؽ عمييا‪ ،174‬ككذلؾ ال يمزـ لمعقاب‬

‫عمييا في األصؿ تكافر القصد الجنائي‪ ،‬كىذا القصد ىك المتطمب لتكافر االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كلذلؾ فإف القاعدة‬

‫‪173‬‬
‫تنص المادة (‪ ) 6/63‬على‪ ":‬ال عبرة فٌما إذا لم ٌكن فً اإلمكان ارتكاب الجرم بالفعل بسبب ظروف ٌجهلها المجرم"‪.‬‬
‫‪ 174‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.484‬‬

‫‪70‬‬
‫ىي عدـ العقاب عمى االتفاؽ الجنائي الذم يككف مكضكعو ارتكاب مخالفة حتى ما كاف منيا عمديان نظ انر‬

‫لضآلة الخطر االجتماعي‪ ،‬كلك صحت خطكرة االتفاؽ الجنائي عمى ارتكاب مخالفة تبري انر لمعاقبة المتفقيف‪،‬‬

‫لكجب عمى المشرع أف يجرـ الشركع في المخالفات مف باب أكلى كىك ما لـ يفعمو‪.175‬‬

‫كما تجدر اإلشارة إليو أنو كفقان لما جاء بو المشرع الفمسطيني في المكاد(‪ )36-35-34‬مف قانكف‬

‫العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ ،1936‬فإنو نص عاـ يتسع ليشمؿ كؿ جناية أك جنحة ميما كانت‬

‫درجة خطكرتيا‪ ،‬كبذلؾ يدخؿ في مضمكف النصكص السابقة جميع الجنايات كالجنح حتى التي تكفؿ المشرع‬

‫بالنص عمى تجريـ االتفاؽ فييا بنصكص خاصة‪ ،‬كليس المراد مف االتفاؽ الجنائي المنصكص عميو في‬

‫المكاد سالفة الذكر أف يككف مقصك انر عمى نكع معيف مف الجرائـ الخطرة؛ ألف ىذا القصر يككف بغير مكجب‬

‫مع عمكـ النص‪ ،‬فاألخير جاء عامان مطمقان‪ ،‬فبل يسكغ – كالحاؿ كذلؾ‪ -‬تقييد المطمؽ ككنو يجرم عمى‬

‫إطبلقو‪.‬‬

‫كيستخمص الباحث مف ذلؾ أف مكضكع االتفاؽ الجنائي يمتد ليشمؿ كؿ الجنايات كالجنح العمدية‪،‬‬

‫إذ ال يتصكر االتفاؽ عمى ارتكاب جرائـ غير عمدية‪ ،‬ككذلؾ الجرائـ التي تجاكز قصد الجنائي‪ ،‬إذ ال يتصكر‬

‫أف يككف ارتكابيا غرضان لممتفقيف‪ ،‬فكؿ جناية أك جنحة عمدية ميما بمغت جسامتيا كلك كانت عقكبتيا‬

‫الغرامة فقط‪ ،‬يجكز أف تككف مكضكعان التفاؽ جنائي‪.‬‬

‫كيرل بعض الفقو بأف ىذه مغاالة بحيث يفترض أف يقتصر مدل النص فيما يتعمؽ بالجرائـ مكضكع‬

‫االتفاؽ الجنائي‪ ،‬عمى الجنايات عامةن نظ انر لخطكرتيا كأىميتيا كعمى الجنح اليامة الخطرة فقط التي يستمزـ‬

‫االتفاؽ الجنائي عمى ارتكابيا تقرير العقاب‪.176‬‬

‫‪175‬‬
‫مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.127‬‬

‫‪71‬‬
‫بينما ذىب البعض اآلخر إلى أبعد مف ىذا حيث نادل بكجكب قصر تجريـ االتفاؽ الجنائي عمى‬

‫ذلؾ الذم يككف محمو الجنايات فقط دكف الجنح؛ ألف االتفاؽ عمى ارتكاب جنح ليس فيو مف الخطكرة ما‬

‫ييخشى منو كما ييبرر كضع عقاب خاص بحالة االتفاؽ عمييا كحدىا‪ ،177‬كنذىب لبلتفاؽ مع ما ذىب إليو‬

‫الرأم األكؿ بضركرة جعؿ النص شامؿ لمجنايات عمكمان كقاصر عمى الجنح الخطرة‪ ،‬كال نتفؽ مع ما ذىب‬

‫إليو الرأم الثاني مف ضركرة استبعاد الجنح عامةن ألف ىناؾ جنح خطرة تكاد تقارب في خطكرتيا الجنايات‬

‫عبلكةن عمى أف الجاني قد يككف قصد انصرؼ قصده الرتكاب جناية في حيف أف فعمو لـ يككف سكل جنحة‬

‫ألسباب خارجة عف إرادتو‪.‬‬

‫كعمكمان ييشترط أف تككف الجنحة عمدية‪ ،‬إذ ال يتصكر االتفاؽ عمى ارتكاب جنحة غير عمدية‬

‫ككذلؾ الحاؿ بالنسبة لمجرائـ التي تجاكز قصد الجاني‪ ،‬إذ ال يتصكر أف يككف ارتكابيا غرضان لممتفقيف‪.178‬‬

‫يف ع يثايث‬

‫جلٓا‪ٜ‬ا أ‪ ٚ‬جلٓح ملع‪ ١ٓٝ‬أ‪ ٚ‬غر ملع‪١ٓٝ‬‬

‫يعتبر االتفاؽ جنائيان بمقتضى المادتيف (‪ )35( )34‬مف قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة‬

‫‪1936‬ـ‪ ،‬سكاء أكانت الجناية أك الجنايات أك الجنحة أك الجنح مكضكع االتفاؽ معينة أـ ال؛ كذلؾ ألف‬

‫قدر أف االتفاؽ الجنائي ينطكم عمى خطكرة ذاتية حتى كاف لـ يكف مكضكعو اإلجرامي معينان‪ ،‬لذلؾ‬
‫المشرع ٌ‬

‫‪176‬‬
‫عمي حسف الشامي‪ ،‬جريمة االتفاؽ الجنائي في قانكف العقكبات المصرم المقارف‪ ،1949 ،‬ص‪.98‬‬
‫‪177‬‬
‫أحمد صفكت بؾ ‪ ،‬شرح القانكف الجنائي‪،‬القسـ العاـ‪ ،1933،‬ص ‪.39‬‬
‫‪178‬‬
‫طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.161‬‬

‫‪72‬‬
‫أجاز أف تككف مكضكعان لبلتفاؽ جنايات أك جنح غير معينة‪ ،‬كما لك أشير إلى استعماؿ القكة أك العنؼ‬

‫لتحقيؽ الغرض الذم يرمي إليو المتفقكف‪ ،‬أك كاف مكضكع االتفاؽ ارتكاب جرائـ سرقة ضد أشخاص غير‬

‫محدديف مقدمان‪ ،‬كتجدر اإلشارة ىنا إلى أف عدـ التعييف ال يرد عمى يكنو الجريمة‪ ،‬كانما عمى الظركؼ‬

‫المحيطة بيا كالمجني عميو كالزماف كالمكاف كالكسيمة‪.‬‬

‫كلكف يتعيف أف أال يحكؿ عدـ تعييف الجرائـ دكف تحديد ما إذا كانت جنايات أك جنح أك مخالفات‪،‬‬

‫إذ لمتفرقة بيف الجنايات كالجنح مف ناحية كالمخالفات مف ناحية أخرل أىمية في تحديد ما إذا كاف االتفاؽ‬

‫جنائيان أـ ال‪ ،‬كلمتفرقة بيف الجنايات مف ناحية كالجنح مف ناحية أخرل أىمية في مقدار العقكبة‪.179‬‬

‫فاالتفاؽ الجنائي كجريمة قائمة بذاتيا‪ ،‬ال يمزـ أف تككف الجناية أك الجنحة المككنة لمكضكعو‪ ،‬محددة‬

‫تحديدان تامان يتناكؿ زمانيا كمكانيا ككسيمتيا كالمجني عميو فييا‪ ،‬فيكفي أف يككف االتفاؽ معقكدان عمى ارتكاب‬

‫جنايات قتؿ لغرض ما‪ ،‬كلك لـ يتحدد المجني عمييـ في ىذه الجنايات‪.180‬‬

‫فكؿ ما يمزـ في االتفاؽ الجنائي أف يتحدد بصفة عامة نكع الجريمة المزمع ارتكابيا‪ ،‬كما إذا كانت‬

‫تدخؿ قانكنان في عداد الجنايات أـ الجنح‪ ،‬كلمقاضي أف يستظير نكع الجريمة المتفؽ عمييا مف كافة الظركؼ‬

‫كمما عساه صدر مف المتفقيف في السبيؿ إلى التنفيذ‪ ،181‬ىذا كقضت محكمة النقض المصرية بمعاقبة‬

‫االتفاؽ الجنائي عمى ارتكاب الجنايات أك الجنح سكاء أكانت معينة أك غير معينة‪.182‬‬

‫‪179‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .491‬طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫‪180‬‬
‫مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪181‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.826‬‬
‫‪182‬‬
‫نقض جنائي مصرم رقـ ‪ ،4702‬لسنة ‪ 64‬ؽ‪ ،‬جمسة ‪ ،1996/3/24‬س‪ ،47‬المكقع االلكتركني لمحكمة النقض المصرية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫الساعة‪3:45:‬‬ ‫تاريخ الزيارة‪2019/4/22 :‬‬

‫‪73‬‬
‫ملطًب ي بع‬

‫يعكاب عً‪ ٢‬ج مي‪ ١‬التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫قػػد يجعػػؿ المشػػرع العقػػابي كىػػك بصػػدد تحديػػد عقكبػػة لجريمػػة االتفػػاؽ الجنػػائي‪ ،‬مػػف العقكبػػة الخاصػػة بالجريمػػة‬

‫ػاء عميػو عقكبػة االتفػاؽ‪ ،‬كمػا أنػو قػد يػذىب باتجػاه تحديػد عقكبػة خاصػة بالجريمػة‬
‫المتفؽ عمييا معيا انر ييحػدد بن ن‬

‫دكف ربط ذلؾ بعقكبة الجريمة المتفؽ عمييا‪.‬‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫يعكاب عً‪ ٢‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬عً‪ ٢‬جٓا‪١ٜ‬‬

‫ينص المشرع في المادة (‪ )34‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ عمى‪:‬‬

‫"كؿ مف تآمر مع شخص آخر عمى أف يرتكب في أم مكاف جناية أك أم فعؿ آخر يعتبر جناية فيما‬

‫لك ارتكب في فمسطيف ككاف ذلؾ الفعؿ جرمان بمقتضى الشرائع المعمكؿ بيا في الببلد التي كاف في النية‬

‫ارتكابو فييا‪ ،‬يعتبر مجرمان كيعاقب بالحبس مدة سبع سنكات إذا لـ تكف ىناؾ عقكبة أخرل معينة لذلؾ الجرـ‬

‫ككاف الحد األقصى لمعقكبة المعينة لو الحبس مدة سبع سنكات أك أكثر‪ ،‬أما إذا كاف الحد األقصى لمعقكبة‬

‫و‬
‫فعندئذ يعاقب بتمؾ العقكبة"‪.‬‬ ‫المعينة لذلؾ الجرـ الحبس مدة أقؿ مف سبع سنكات‬

‫كيتضح مف النص السابؽ أف الشارع اتخذ مف مقدار عقكبة الجناية مكضكع االتفاؽ الجنائي معيا انر‬

‫لتحديد عقكبة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كفي سبيؿ ذلؾ خصص لو عقكبة الحبس مدة (‪ )7‬سنكات كذلؾ في حالتيف‪:‬‬

‫و‬
‫عندئذ تككف عقكبة االتفاؽ الجنائي‬ ‫الحالة األكلى‪ :‬إذا لـ تكف ىناؾ عقكبة أخرل معينة لتمؾ الجناية‪،‬‬

‫الحبس مدة ‪7‬سنكات‪ ،‬كبالنظر في قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ ،1936‬لـ نجد جناية كاحدة لـ‬

‫‪74‬‬
‫ييحدد ليا المشرع عقكبة معينة‪ ،‬كىك ما يستتبع معو القكؿ بانصراؼ قصد المشرع إلى الجنايات غير‬

‫المقركنة بعقكبة معينة التي قد ترد في التشريعات العقابية الخاصة؛ بحيث يترؾ األمر لسمطة القاضي‬

‫التقديرية بأف يختار القدر المبلئـ مف العقاب‪ ،‬أم حالة التفريد القضائي لمعقكبة‪ ،‬ففي ىذه الحالة يتعذر‬

‫تطبيؽ المعيار القائـ عمى النظر إلى الحد األقصى لعقكبة الجناية مكضكع التآمر؛ كىك ما استتبع معو قياـ‬

‫المشرع بتدارؾ األمر باتجاه تكحيد عقكبة االتفاؽ الجنائي بالحبس مدة (‪ )7‬سنكات؛ كبناء عمى ذلؾ يككف‬

‫المتفؽ عمى جناية غير مقركنة بعقكبة معينة متساكيان في العقاب مع ذلؾ المتفؽ عمى جناية مقركنة بعقكبة‬

‫معينة حدىا األقصى (‪ )7‬سنكات فأكثر‪.‬‬

‫جرـ التآمر عمييا بنصكص‬


‫كيستبعد الباحث أف يككف قصد الشارع منصرفان إلى الجنايات التي ٌ‬

‫تجريمية خاصة‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ التآمر عمى الخيانة الذم كرد تجريمو بالمادة (‪ )2/49‬مف قانكف العقكبات رقـ‬

‫(‪ )74‬لسنة ‪1936‬؛ كذلؾ ألف المشرع بقكلو في نص المادة (‪....(:)34‬يعتبر مجرمان كيعاقب بالحبس مدة‬

‫سبع سنكات إذا لـ تكف ىناؾ عقكبة أخرل معينة لذلؾ الجرـ ككاف الحد األقصى لمعقكبة المعينة لو الحبس‬

‫مدة سبع سنكات أك أكثر)‪ ،‬يتحدث عف حالة عدـ كجكد عقكبة أخرل معينة لمجناية مكضكع التآمر ككنو قاؿ‪:‬‬

‫المراد بالجرـ ىنا الجناية مكضكع التآمر‪ ،‬كىك ما يستتبع معو‬


‫إذا لـ تكف ىناؾ عقكبة معينة لذلؾ الجرـ‪ ،‬ك ي‬

‫استبعاد القكؿ بأف الشارع قصده منصرؼ إلى الجنايات المعاقب عمى التآمر فييا بنصكص خاصة‪.‬‬

‫كىنا ييؤخذ عمى المشرع اقتصاره في العقاب عمى الجنايات المقركنة بعقكبة سالبة لمحرية‪ ،‬كعدـ‬

‫تعرضو لمجنايات المعاقب عمييا باإلعداـ؛ فاألخيرة ال ينطبؽ عمييا المعيار المتعمؽ بالجنايات غير المقركنة‬

‫بعقكبة معينة‪ ،‬كال ينطبؽ أيضان ذلؾ الذم يقتصر تطبيقو عمى العقكبة السالبة لمحرية‪ ،‬فما ىي عقكبة االتفاؽ‬

‫المعاقب عمييا باإلعداـ بمكجب أحكاـ المادة (‪ )214‬مف قانكف العقكبات رقـ‬
‫عمى ارتكاب جناية القتؿ قصدان ي‬

‫‪75‬‬
‫(‪ )74‬لسنة ‪ ،1936‬كمما ما يتعيف معو عمى المشرع في ظؿ استحالة إخضاع التآمر عمى الجنايات التي‬

‫تستكجب عقكبة اإلعداـ‪ ،‬ألم مف معايير العقاب عمى التآمر عمى ارتكاب جناية‪ ،‬إفراد نص خاص يحكـ‬

‫ىذه الحالة‪.‬‬

‫المتفؽ عمييا ك كاف الحد األقصى ليا الحبس مدة‬


‫الحالة الثانية‪ :‬إذا كاف ىناؾ عقكبة معينة لمجناية ي‬
‫و‬
‫فحينئذ تككف عقكبة االتفاؽ الجنائي ىي الحبس مدة (‪ )7‬سنكات‪ ،‬مما يعني أف الشارع‬ ‫(‪ )7‬سنكات أك أكثر‪،‬‬

‫كحد عقكبة االتفاؽ الجنائي بالحبس مدة سبع سنكات طالما أف الحد األقصى لعقكبة الجناية المتفؽ عمييا ال‬

‫يقؿ عف سبع سنكات‪ ،‬لذا قد تككف عقكبة االتفاؽ الجنائي مطابقة لعقكبة الجناية المتفؽ عمييا إذا كانت‬

‫األخيرة حدىا األقصى الحبس (‪ )7‬سنكات‪ ،‬كنستخمص مف كؿ ذلؾ أف المشرع اعتنؽ معيار قائـ عمى‬

‫تخصيص عقكبة محددة كمكحدة ارتأل أنيا تتناسب مع االتفاؽ الجنائي مجردان‪ ،‬كبالتالي ال محؿ لمقكؿ بأف‬

‫المشرع يعاقب عمى الجناية المتفؽ عمييا قبؿ كقكعيا‪ ،‬كيحمد لممشرع مسمكو السابؽ بحيث أنو كاف مكفقان في‬

‫عدـ اعتناؽ معيار المساكاة في العقاب بيف االتفاؽ الجنائي كالجناية المتفؽ عمييا‪ ،‬كأف أم تطابؽ في العقاب‬

‫ال يعدك ككنو نتيجة منطقية لتطبيؽ المعيار الذم اعتنقو‪.‬‬

‫و‬
‫فعندئذ‬ ‫أما الحا لة التي يككف فييا الحد األقصى لمعقكبة المعينة لتمؾ الجناية مدة أقؿ مف (‪ )7‬سنكات‬

‫يعاقب بتمؾ العقكبة‪ ،‬بعبارة أخرل إذا زاد عقاب االتفاؽ الجنائي عمى العقاب المقرر لمجناية المتفؽ عمييا‪،‬‬

‫فبل يطبؽ مف أجؿ ىذا االتفاؽ عقاب أشد مما ينص عميو القانكف ليذه الجناية‪ ،‬ك يحمد لمشارع مسمكو ىنا‪،‬‬

‫بحيث أنو مف المغاالة في العقكبة أف يعاقب عمى االتفاؽ الجنائي مجردان‪ ،‬بعقكبة أشد مف عقكبة الجناية‬

‫المتفؽ عمييا فيما لك كقعت بالفعؿ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫يعكاب عً‪ ٢‬التفام جلٓائ‪ ٞ‬عً‪ ٢‬جٓر‪١‬‬

‫ينص المشرع في المادة (‪ )35‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ عمى‪:‬‬

‫"كؿ مف تآمر مع شخص آخر عمى ارتكاب جنحة أك عمى إتياف فعؿ في مكاف آخر خارج فمسطيف‬

‫ككاف ذلؾ الفعؿ يشكؿ جنحة فيما لك ارتكب في فمسطيف كيعتبر كذلؾ أيضان بمقتضى الشرائع المعمكؿ بيا‬

‫في المكاف الذم كاف في النية ارتكابو فيو‪ ،‬يعتبر أنو ارتكب جنحة كيعاقب بالحبس مدة سنتيف"‪.‬‬

‫يتضح مف النص السابؽ أف المشرع عاقب عمى جريمة االتفاؽ الجنائي عمى ارتكاب جنحة بعقكبة‬

‫حدىا األقصى (سنتاف)‪ ،‬كىذه العقكبة تضعنا أماـ ثبلث احتماالت كىي كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬إما أف تككف عقكبة الجنحة المتفؽ عمى ارتكابيا أقؿ مف سنتيف كفي ىذه الحالة لمقاضي أف ييفرد‬

‫العقكبة لمحد الذم تتساكل فيو عقكبة االتفاؽ الجنائي مع ىذه الجنحة‪.‬‬

‫ب‪ -‬إما أف تككف عقكبة الجنحة المتفؽ عمى ارتكابيا تساكم (سنتاف)‪ ،‬كفي ىذه الحالة ال تكجد أم‬

‫إشكالية‪.‬‬

‫ج‪ -‬إما أف تككف عقكبة الجنحة المتفؽ عمى القياـ بيا أكثر مف سنتيف‪ ،‬كىنا القاضي يممزـ بأال‬

‫يتجاكز الحد األقصى‪.‬‬

‫كبذلؾ يككف المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬لـ يتخذ مف مقدار عقكبة الجنحة‬

‫مكضكع االتفاؽ الجنائي معيا انر لتحديد عقكبة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬بؿ نحى باتجاه تحديد الحد األقصى لعقكبة‬

‫لبلتفاؽ الجنائي الكارد عمى الجنح (سنتاف)‪ ،‬كيؤخذ عمى المشرع ىذا اإلطبلؽ فيما يتعمؽ بشمكلية العقاب؛‬

‫‪77‬‬
‫بحيث أف ىذا المسمؾ يفضي إلى أف العقاب عمى االتفاؽ الجنائي مجردان قد يككف أخؼ مف العقاب المقرر‬

‫لمجنحة محؿ االتفاؽ‪ ،‬كما قد يتساكل مع العقاب المقرر لمجنحة المتفؽ عمييا بؿ األخطر مف ذلؾ قد يككف‬

‫أكثر شدة كغمظة منو‪ ،‬كفي االحتماؿ الثاني كالثالث يظير طغياف النص الجزائي‪ ،‬فمف غير العادؿ أف يسمح‬

‫المشرع لمقاضي بأف يعاقب عمى االتفاؽ الجنائي مجردان‪ ،‬بعقكبة أشد مف عقكبة الجنحة المتفؽ عمييا فيما لك‬

‫كقعت بالفعؿ أك بعقكبة مساكية ليا‪ ،‬فيذا فيو تطرؼ كمغاالة في العقكبة‪ ،‬عبلكةن عمى ذلؾ ال يستساغ أف‬

‫يككف مذىب المشرع إزاء حالة االتفاؽ عمى ارتكاب جناية ككانت ىذه األخيرة عقكبتيا في حدىا األقصى أقؿ‬

‫مف العقكبة المقررة لبلتفاؽ‪ ،‬فإف المشرع يقضي بتطبيؽ العقكبة األخؼ أال كىي عقكبة الجناية محؿ االتفاؽ‪،‬‬

‫ثـ يأتي في االتفاؽ عمى جنحة كال يقرر ذات الحكـ‪ ،‬تاركان األمر لسمطة القاضي التقديرية؛ رغـ تكافر ذات‬

‫استثناء عمى ذلؾ كأف يقكؿ‪ ":‬كفي كؿ األحكاؿ ال يجكز أف‬


‫ن‬ ‫العمة‪ ،‬حيث كاف يتعيف عمى المشرع أف يضع‬

‫تزيد عقكبة االتفاؽ عف العقكبة المقررة لمجنحة"‪ ،‬ككذلؾ في الحالة التي تتساكل فييا العقكبات كاف يتعيف‬

‫عمى المشرع أف يخصص لبلتفاؽ عقكبة عادلة متناسبة أخؼ‪.‬‬

‫يف ع يثايث‬

‫يعكاب ملك ي ْ‪ ٛ‬ع خاص‪ ١‬يالتفام‬

‫ينص المشرع في المادة (‪ )36‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ عمى‪:‬‬

‫"كؿ مف تآمر مع شخص آخر‪:‬‬

‫أ‪ -‬عمى منع أك إحباط تنفيذ أك تطبيؽ أم تشريع مف التشاريع‪ ،‬أك‬

‫‪78‬‬
‫ب‪ -‬عمى إيقاع األذل بشخص آخر أك النيؿ مف سمعتو أك عمى الحط مف قيمة ماؿ مف أمكالو‪ ،‬أك‬

‫ج‪-‬عمى منع أك إعاقة شخص آخر عف بيع أك فراغ مالو حسب طكعو كاختياره لقاء قيمتو العادلة ك عمى‬

‫كجو مشركع‪ ،‬أك‬

‫د‪-‬عمى إلحاؽ الضرر بتجارة شخص مف األشخاص أك بمينة ذلؾ الشخص أك حرفتو‪ ،‬أك‬

‫ق‪-‬عمى منع أك إعاقة شخص مف األشخاص عف تعاطي تجارتو أك مينتو أك حرفتو حسب طكعو‬

‫كاختياره كعمى كجو مشركع بكاسطة فعؿ أك أفعاؿ تعتبر جرمان فيما لك ارتكبيا فرد مف الناس‪ ،‬أك‬

‫ك‪-‬عمى تحقيؽ غاية غير مشركعة‪ ،‬أك‬

‫ز‪-‬عمى تحقيؽ غاية مشركعة بكسائؿ غير مشركعة‪.‬‬

‫يعتبر أنو ارتكب جنحة كيعاقب بالحبس مدة سنتيف‪".‬‬

‫يتضح مف النص السابؽ أف المشرع جاء كعاقب عمى صكر معينة لبلتفاؽ الجنائي‪ ،‬اعتبرىا تشكؿ‬

‫جنحة يعاقب عمييا بالحبس مدة سنتيف‪ ،‬كيرل الباحث أنو بتدقيؽ النظر في الحاالت التي ذكرىا المشرع‬

‫أعبله يظير لنا أف القاسـ المشترؾ بينيا أنيا غير معاقب عمييا فيما لك عزـ كصمـ عمى ارتكابيا فرد مف‬

‫الناس كأفصح عف نيتو ىذه بأم سمكؾ مادم‪ ،‬كلكف ككجو االختبلؼ بينيا أف بعض ىذه األفعاؿ غير‬

‫معاقب عمييا جزائيان إذا تـ يمقارفتيا‪ ،‬بمعنى أنيا ال تعدك سكل مجرد أفعاؿ ضارة تقكـ بناء عمييا المسئكلية‬

‫المدنية التقصيرية أك العقدية‪ ،‬بمعنى أنو إذا كانت محبلن لبلتفاؽ الجنائي كتـ تنفيذ ىذا االتفاؽ فإننا ال نككف‬

‫بصدد جريمتيف كانما جريمة كاحدة أال كىي جنحة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كلذلؾ ىذه المادة تختمؼ عف المادة‬

‫(‪ )35‬التي جاءت لتعاقب عمى ذلؾ االتفاؽ الذم يككف مكضكعو أم جنحة‪ ،‬كبالتالي مكضكعو االتفاؽ‬

‫‪79‬‬
‫مجرمان أصالةن‪ ،‬أما ىذه المادة (‪ )36‬فيي جاءت بخصكص أفعاؿ في غالبيا األعـ تعد مف قبيؿ الفعؿ‬

‫الضار‪ ،‬كلذلؾ ال يمكننا القكؿ بأف ىذه المادة جاءت كاستثناء عمى نص المادة (‪ )35‬سيما كأف العقاب كاحدان‬

‫في كبل المادتيف أال كىك الحبس مدة سنتيف‪ ،‬فما الحاجة إلفراد استثناء طالما أف العقاب كاحد كالقاعدة تجرـ‬

‫االتفاؽ عمى الجنح عمى إطبلقيا‪.‬‬

‫كيحمد لممشرع مكقفو فيما يتعمؽ بالعقاب عمى االتفاؽ الجنائي أنو ساكل في العقاب بيف االتفاؽ‬

‫الجنائي عمى ارتكاب جناية أك جنحة كاالتفاؽ الجنائي عمى ارتكاب جنايات أك جنح متعددة أك االتفاؽ‬

‫عمى جناية كجنحة‪ ،‬فمماذا المغايرة في العقاب في حالة تعدد الجنايات أك الجنح المتفؽ عمييا‪ ،‬ما دامت ىذه‬

‫الجنايات كالجنح لـ تبرز إلى الكاقع المادم المممكس‪.‬‬

‫كيؤخذ عمى مكقؼ المشرع كذلؾ أنو ساكل في العقكبة بيف جميع أطراؼ االتفاؽ كلـ يميز بينيـ‪،‬‬

‫حيث أنو كاف مف األجدر بالمشرع أف يقكـ بالمغايرة في العقاب بيف مف ييدير حركة االتفاؽ أك المحرض‬

‫عميو كبيف باقي أعضاء االتفاؽ‪ ،‬الشخص الذم ييدير حركة االتفاؽ كينظميا بالتخطيط كالتكجيو لممتفقيف‬

‫بحيث يضع ليـ الخطط لتنفيذ مشركعيـ اإلجرامي‪ ،‬حيث أف العدالة تأبى أف يتساكل في العقاب مف يحرض‬

‫عمى االتفاؽ الجنائي أك ييدير حركتو كبيف العضك العادم فيو‪ ،‬فإذا سممنا باختبلؼ درجة الخطيئة كمقدار‬

‫الخطكرة بيف األكؿ كبيف سائر األعضاء فإف ذلؾ يستتبع بالضركرة عدـ المساكاة في العقاب‪ ،‬فمف يدير‬

‫االتفاؽ أك يحرض عميو جدير تبعان لذلؾ بعقاب مشدد‪.‬‬

‫المحرض قد يقكؿ البعض بأف المشرع في قانكف‬


‫مما تجدر اإلشارة إليو ىنا فيما يخص عقاب ي‬

‫العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ قد اعتنؽ المذىب الشخصي كاعتبره فاعبلن أصميان تبعان لخطكرة دكره في‬

‫المشركع اإلجرامي‪ ،‬كلذلؾ ىك أخذ بعيف االعتبار خطكرة دكر المحرض فيما يتعمؽ بالشؽ العقابي‪ ،‬ىذا‬

‫‪80‬‬
‫المحرض الذم نتحدث‬
‫صحيح‪ ،‬كلكف ذلؾ يصدؽ في الحالة التي نككف فييا أماـ حالة اشتراؾ جرمي‪ ،‬أما ي‬

‫عنو فيك طرؼ في االتفاؽ الجنائي بحيث أف دكره يدخؿ ضمف النمكذج القانكني لجريمة االتفاؽ الجنائي‪،‬‬

‫بحيث أف مف يكجو دعكة –إيجاب‪ -‬آلخر لغاية تككيف اتفاؽ جنائي فإف فعمو يعد تحريضان تقكـ بو جريمة‬

‫يمؽ قبكالن‪ ،‬كلكف إذا ما اقترف ىذا التحريض بقبكؿ فإننا نككف أماـ جريمة اتفاؽ جنائي‬
‫التحريض إذا لـ ى‬

‫متكاممة األركاف‪ ،‬كالجدير بالذكر أنو يتصكر كقكع المساىمة التبعية في جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬فكؿ مف‬

‫سيؿ ألعضاء االتفاؽ أك فريؽ منيـ اجتماعاتيـ كىيأ ليـ المكاف الذم اجتمعكا فيو أك ساعدىـ بأم كيفية‬

‫كانت في سبيؿ االتفاؽ الجنائي يعتبر شريكان بالمساعدة في جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬فمثبلن مف يقكـ بإعارة‬

‫شقتو لمجمكعة مف األفراد الستخداميا في التآمر يعد شريكان في االتفاؽ بالمساعدة‪.‬‬

‫ككذلؾ يؤخذ عمى المشرع أنو أكصد باب النجاة مف العقاب في كجو مف دخؿ في اتفاؽ جنائي ثـ‬

‫عدؿ عنو (التكبة اإليجابية) فبدالن مف أف ييييئ الشارع لمف دخمكا في اتفاؽ جنائي سبيؿ التخمص مما كقعكا‬

‫فيو كيؤخذ بيدىـ نحك الكؼ عف المضي في اإلجراـ‪ ،‬عبر إعفائيـ مف العقاب إذا اخبركا جيات الضبط‬

‫القضائي بكجكده كبمف اشترككا فيو قبؿ حصكؿ الجريمة المنكم ارتكابيا‪ ،‬كقبؿ بحث جيات الضبط القضائي‬

‫عف الجناة‪ ،‬ككذلؾ في حالة إخبارىـ الضبطية القضائية بذلؾ بعد شركعيا في البحث عف الجناة كسيمكا‬

‫القبض عمى الباقيف منيـ‪ ،‬كليس ىذا األمر ابتداعان جديدان كانما ىك اتباع محمكد لما جرل عميو كثير مف‬

‫التشاريع األجنبية‪ ،‬أك عمى األقؿ جعميا ظرؼ مخفؼ لمعقاب‪.183‬‬

‫‪183‬‬
‫حرصت بعض التشريعات الجنائية عمى تييئة سبيؿ الخبلص لمف كقع في شراؾ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬بتشجيعو عمى عدـ المضي في اإلجراـ أك إعانة‬
‫جيات الضبط القضائي عمى إثبات الجريمة ضد باقي المتفقيف أك تسييؿ ميمة القبض عمييـ‪ ،‬فنصت عمى حاالت معينة لئلعفاء مف العقاب‪ ،‬كمف ىذه‬
‫التشريعات قانكف العقكبات المصرم نص المادة (‪ )48‬المقضي بعدـ دستكريتيا‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫لكؿ ذلؾ كاف مف حسف السياسة الجنائية أف يتنازؿ الشارع عنو حقو في العقاب‪ ،‬بأف يميد لمف كقع‬

‫في شراؾ اتفاؽ جنائي سبيؿ الخبلص مف االتفاؽ‪ ،‬بحيث ُّ‬


‫يمد الشارع ليـ حبؿ اإلنقاذ النتشاليـ مف االتفاؽ‬

‫الجنائي‪ ،‬بنيج يضمف ليـ اتقاء شر العقاب‪ ،‬كذلؾ في حاالت محددة يرل الشارع مبلئمتيا‪.‬‬

‫ملطًب خلاَس‬

‫التفام جلٓائ‪ ٞ‬خلاص‬

‫رغـ أخذ المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ باالتفاؽ الجنائي العاـ الكارد عمى الجنايات أك‬

‫الجنح مطمقان‪ ،‬إال أنو جاء في القسـ الخاص كعاقب عمى صكر خاصة مف االتفاقات الجنائية كذلؾ أما‬

‫(لغاية المغايرة في العقاب) الختبلؼ المصمحة المحمية التي ارتآىا المشرع نظ انر لطبيعة ىذه الجريمة‬

‫الخاصة محؿ االتفاؽ الجنائي أك المنفعة محؿ الحماية القانكنية التي ييضفييا المشرع عمى الحؽ المعتدل‬

‫الميدد باالعتداء عميو‪ ،‬كاما (لغاية التكسيع مف نطاؽ السمكؾ اإلجرامي) الذم يككف محبلن يرد عميو‬
‫عميو أك ي‬

‫االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كتبلفيان إلعادة ما سبؽ ذكره في الفصكؿ السابقة فيما يتعمؽ باالتفاؽ الجنائي العاـ‪ ،‬فإف‬

‫الباحث ارتأل التعرض لبلتفاؽ الجنائي الخاص بشيء مف اإليجاز بأسمكب يقتصر عمى إبراز العمة مف ذلؾ‬

‫التخصيص‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫التفام عً‪ ٢‬خل‪ٝ‬اْ‪١‬‬

‫يعاقب الشارع عمى جريمة الخيانة بمكجب أحكاـ المادة (‪ )49‬مف قانكف العقكبات‪ ،‬كأفرد فقرة‬

‫خاصة لعقاب التآمر عمى الخيانة كذلؾ عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫"(‪ -)1‬كؿ مف أشير حربان عمى جبللة الممؾ بغية تخكيؼ المندكب السامي أك إرىابو‪ ،‬يعتبر أنو‬

‫ارتكب خيانة ك يعاقب باإلعداـ‪ -)2( .‬كؿ مف تآمر مع شخص آخر مكجكد في فمسطيف أك في الخارج عمى‬

‫إشيار حرب عمى جبللة الممؾ‪ ،‬بقصد التسبب في إشيار حرب يعد إشيارىا خيانة فيما لك ارتكبو أحد رعايا‬

‫جبللتو‪ ،‬يعتبر أنو ارتكب الخيانة ك يعاقب باإلعداـ‪.‬‬

‫كيشترط في ذلؾ أنو إذا أدينت امرأة كفقان ألحكاـ ىذه المادة كثبت ببينة تقنع بيا المحكمة بأنيا حامؿ‬

‫فتعاقب بالحبس المؤبد‪".‬‬

‫يتضح مما سبؽ أف المشرع أفرد نصان خاص بالعقاب عمى التآمر عمى الخيانة‪ ،‬رغـ أنو في القسـ‬

‫العاـ نص عمى جريمة التآمر عمى الجنايات عمكمان‪ ،‬بالتالي ما الداعي إلفراد نص خاص بالتآمر في جناية‬

‫الخيانة؟‬

‫كيرل الباحث أف العمة مف إيراد النص السابؽ إرادة المشرع المغايرة في العقاب‪ ،‬بمعنى إذا كانت‬

‫جناية الخيانة تصمح ألف تككف محبلن لجريمة االتفاؽ العاـ الكاردة في القسـ العاـ‪ ،‬باعتبار أف تطبيؽ نص‬

‫المادة (‪ )34‬يشترط أف تككف الجناية المتفؽ عمييا مقرر ليا عقكبة الحبس المؤقت أك أف تككف غير مقركنة‬

‫بعقكبة معينة‪ ،‬ككنا قد خمصنا إلى أف المراد بالعقكبة المعينة تمؾ المعاقب عمييا بالحبس المؤقت‪ ،‬كييستشؼ‬

‫‪83‬‬
‫ذلؾ ضمنان مف المعيار المتبع في العقاب كالذم نحى فيو الشارع نحك ربط عقكبة االتفاؽ عمى جناية‬

‫بالحد األقصى لمعقكبة محؿ االتفاؽ‪ ،‬مما يقطع بأف العقكبة التي يقصدىا ىي سالبة لمحرية بصكرة مؤقتة‪،‬‬

‫كلما كانت جناية الخيانة معاقب عمييا باإلعداـ‪ ،‬ككانت األخيرة ضمف العقكبات البدنية‪ ،‬كبالتالي ستعد جناية‬

‫مقركنة بعقكبة غير معينة المدة بحيث يككف عقاب التآمر عمييا (‪ )7‬سنكات فقط‪ ،‬كىذا العقاب كفقان لتقدير‬

‫المشرع ال يتناسب مع جسامة السمكؾ اإلجرامي‪ ،‬مما حذا بو تبعان لذلؾ إفراد نص خاص يقضي بعقاب‬

‫التآمر عمييا ك إفراد عقكبة خاصة بو‪.‬‬

‫كيتضح مف نص المادة (‪ )2/49‬أف االتفاؽ المجرـ ىنا يتعيف أف يككف بغرض إشيار الحرب عمى‬

‫جبللة الممؾ‪ ،‬كال يشترط في ىذا االتفاؽ أف يككف طرفاه في داخؿ فمسطيف‪ ،‬حيث يستكم أف يككف أحدىـ في‬

‫الداخؿ كاآلخر في الخارج‪ ،‬كيبلحظ أف المشرع ساكل في العقاب بيف مرتكب جريمة الخيانة كبيف المتفقيف‬

‫عمى ارتكاب جريمة الخيانة‪ ،‬حيث خصص ليـ عقكبة اإلعداـ‪ ،‬كىذا األمر كاف حتميان كذلؾ ألنو المشرع‬

‫ساكل بينيـ في التجريـ كاعتبر االتفاؽ عمى ارتكاب الخيانة ىك ارتكاب لمخيانة‪ ،‬بقكلو‪":‬يعتبر أنو ارتكب‬

‫الخيانة"‪.‬‬

‫كمما تجدر اإلشارة إليو أنو إذا كاف أحد أطراؼ االتفاؽ الجنائي عمى الخيانة امرأةن‪ ،‬كأدينت بتمؾ‬

‫التيمة فإنو يتعيف عمى المحكمة أف تنزؿ بالعقكبة مف اإلعداـ إلى الحبس المؤبد إذا ثبت ببينة تقتنع بيا‬

‫المحكمة بأنيا حامؿ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫التفام عً‪ ٢‬يف ٓ‪١‬‬

‫يعاقب الشارع عمى االتفاؽ عمى الفتنة بمكجب أحكاـ المادة (‪ )1/59‬مف قانكف العقكبات‪ ،‬كقد‬

‫أفرد فقرة خاصة لعقاب االتفاؽ عمى الفتنة كذلؾ عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫تنص المادة (‪/1/59‬أ) بقكليا‪ ":‬كؿ مف (أ) قاـ أك حاكؿ أف يقكـ بنية الفتنة‪ ،‬أك أعد العدة لمقياـ‬

‫بذلؾ الفعؿ‪ ،‬أك تآمر مع شخص آخر أك أشخاص آخريف عمى القياـ بو‪ ،‬يعتبر أنو ارتكب جنحة"‪.‬‬

‫كيتضح مف النص السابؽ أف المشرع يجرـ االتفاؽ الجنائي عمى القياـ بأم فعؿ مف األفعاؿ محاكلة‬

‫إيفاء لمغاية‬
‫كتآمر عمى الفتنة‪ ،‬كقد عرؼ الشارع المقصكد بيذه النية بالمادة (‪ )1/60‬كالتي جاءت بقكليا‪ " :‬ن‬

‫المقصكد مف المادة السابقة ييراد "بنية الفتنة" النية المنطكية عمى إيجاد الكراىية كاالزدراء أك إيقاظ شعكر‬

‫النفكر مف شخص الممؾ أك مف الدكلة المنتدبة أك مف المندكب السامي بصفتو الرسمية أك مف حككمة‬

‫فمسطيف القائمة بحكـ القانكف أك مف سير العدالة‪ ،‬أك النية المنطكية عمى تحريض أىالي فمسطيف عمى‬

‫محاكلة إيقاع أم تغيير في أم أمر قائـ في فمسطيف بحكـ القانكف‪ ،‬بغير الطرؽ المشركعة‪ ،‬أك عمى إيقاظ‬

‫االستياء أك النفكر بيف أىالي فمسطيف أك عمى إثارة البغضاء كالعداكة بيف مختمؼ فئات الشعب في فمسطيف"‪.‬‬

‫بناء عمى ذلؾ يتعيف أف يككف مكضكع التآمر القياـ بفعؿ يعتبر بمثابة إظيار لنية الفتنة‪ ،‬كيككف‬

‫السمكؾ بنية الفتنة طالما يرمي إلى تحقيؽ أم غاية مف الغايات الكاردة أعبله كالتي تعد تكضيحان لمراد‬

‫المشرع بنية الفتنة‪ ،‬بناء عمى ذلؾ لـ يعاقب المشرع ىنا عمى مجرد عقد النية عمى الفتنة كانما يعاقب عمى‬

‫السمكؾ‬

‫‪85‬‬
‫الظاىر الذم ترجـ ىذه النية ككشؼ عف الخطكرة اإلجرامية لدل فاعمو‪ ،‬كىذا السمكؾ ىك االتفاؽ‬

‫الجنائي عينو‪ ،‬بعبارة أخرل االتفاؽ عمى القياـ بفعؿ تحقيقان لنية الفتنة‪ ،‬يعد في ذاتو‪-‬أم االتفاؽ‪ -‬إظيا انر لتمؾ‬

‫النية‪.‬‬

‫كما ينبغي اإلشارة إليو ىنا أنو يجب أف تككف نية الفتنة مشتركة بيف طرفي االتفاؽ‪ ،‬كتطبيقان لذلؾ ال‬

‫نككف أماـ اتفاؽ جنائي بنية الفتنة في الحالة التي يككف االتفاؽ بيف شخصيف فقط أحدىما لديو نية الفتنة‬

‫كاآلخر لديو نية سميمة‪.‬‬

‫كلكف ما العمة مف إيراد نص خاص بالعقاب عمى التآمر عمى بنية الفتنة‪ ،‬رغـ أف المشرع في القسـ‬

‫العاـ نص عمى جريمة التآمر عمى الجنح عمكمان‪ ،‬كبالتالي ما الداعي إلفراد نص خاص بالتآمر في جنحة‬

‫نية الفتنة‪ ،‬يرل الباحث أف مرد ذلؾ راجع لسببيف‪ ،‬األكؿ‪ :‬يتمثؿ في رغبة المشرع في تكسيع دائرة األعماؿ‬

‫التي تترجـ نية الفتنة كالتي سيرد عمييا االتفاؽ الجنائي‪ ،‬بمعنى أنو لـ يرغب في قصرىا عمى ما كرد الفقرة‬

‫(ب) كالفقرة(ج) مف المادة (‪ ،)59‬نشر ألفاظ أك مستند بنية الفتنة أك كجد في حكزتو دكف معذرة مشركعة‬

‫مستند ينطكم عمى نية الفتنة‪ ،‬بؿ أراد أف يجعؿ االتفاؽ يجكز أف يقع عمى أم فعؿ تحقيقان لنية فتنة مشتركة‬

‫بيف أطرافو‪ ،‬أما السبب اآلخر‪ ،‬فيك رغبة المشرع في إفراد عقكبة مغايرة لتمؾ المخصصة لبلتفاؽ عمى جنحة‬

‫الكارد في القسـ العاـ‪ ،‬حيث اعتبر التآمر بنية الفتنة جنحة‪ ،‬كما يتعيف معو العكدة لممادة (‪ )47‬مف قانكف‬

‫العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ التي تنص عمى‪ (:‬إذا لـ يكف ىذا القانكف قد فرض عقكبة معينة ألية‬

‫جنحة مف الجنح فيحكـ عمى الشخص الذم ييداف بارتكاب تمؾ الجنحة بالحبس مدة ثبلث سنكات أك بغرامة‬

‫مائة جنيو أك بكمتا العقكبتيف)‪ ،‬أما عقكبة االتفاؽ العاـ فيي الحبس مدة سنتيف فقط‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫يف ع يثايث‬

‫التفام عً‪ ٢‬تلْ‪ٝ‬س أ‪ ٖ ٚ‬و ع ض َ أ‪٠‬‬

‫يعاقب الشارع عمى التآمر عمى تدنيس أك ىتؾ عرض امرأة بمكجب أحكاـ المادة (‪ )174‬مف‬

‫قانكف العقكبات كذلؾ عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫و‬
‫شخص آخر عمى ىتؾ أك تدنيس عرض أنثى بكاسطة‬ ‫تنص المادة (‪)174‬عمى‪" :‬كؿ مف تآمر مع‬

‫ادعاء كاذب أك غيره مف كسائؿ الخداع لمسماح لشخص آخر بمكاقعتيا مكاقعة غير مشركعة يعتبر أنو‬

‫ارتكب جنحة"‪.‬‬

‫كيتضح مف النص السابؽ أف المشرع يجرـ االتفاؽ الذم يككف مكضكعو تدنيس أك ىتؾ عرض أنثى‬

‫بكاسطة ادعاء كاذب أك غيره مف كسائؿ الخداع لمسماح لشخص آخر بمكاقعتيا غير مشركعة يعتبر أنو‬

‫ارتكب جنحة‪.‬‬

‫كيتضح أيضان مما سبؽ أف المشرع أفرد نصان خاص بالعقاب عمى تدنيس أك ىتؾ عرض أنثى بأم‬

‫كسيمة مف كسائؿ الخداع بيدؼ السماح لشخص آخر بمكاقعتيا مكاقعة غير مشركعة‪ ،‬رغـ أف المشرع في‬

‫القسـ العاـ نص عمى جريمة التآمر عمى الجنح عمكمان‪ ،‬بالتالي ما الداعي إلفراد نص عقابي خاص؟‬

‫يرل الباحث أف مرد ذلؾ ىك إرادة المشرع حماية المصمحة المحمية التي أخذىا المشرع في الحسباف‪،‬‬

‫ال سيما كأف ىذا التآمر كاقع عمى عرض امرأة‪ ،‬كما أف ىذه المادة تتبع الفصؿ السابع عشر المتعمؽ بالجرائـ‬

‫الكاقعة عمى اآلداب العامة‪ ،‬ككذلؾ المغايرة في العقاب عبر إفراد عقكبة مغايرة لتمؾ المخصصة لبلتفاؽ‬

‫عمى جنحة الكارد في القسـ العاـ‪ ،‬حيث اعتبر االتفاؽ عمى اإلغراء يعد جنحة‪ ،‬أما عقكبة االتفاؽ العاـ فيي‬

‫‪87‬‬
‫الحبس مدة سنتيف فقط‪ ،‬مما يستتبع معو العكدة لممادة (‪ )47‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‬

‫التي تنص عمى‪ (:‬إذا لـ يكف ىذا القانكف قد فرض عقكبة معينة ألية جنحة مف الجنح فيحكـ عمى الشخص‬

‫الذم ييداف بارتكاب تمؾ الجنحة بالحبس مدة ثبلث سنكات أك بغرامة مائة جنيو أك بكمتا العقكبتيف)‪.‬‬

‫يف ع ي بع‬

‫التفام عً‪ ٢‬الذ ‪ٝ‬اٍ‬

‫يعاقب الشارع عمى التآمر عمى االحتياؿ بمكجب أحكاـ المادة (‪ )305‬مف قانكف العقكبات كذلؾ‬

‫عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫تنص المادة (‪ )305‬عمى‪":‬كؿ مف تآمر مع شخص آخر عمى أف يؤثر بإحدل طرؽ االحتياؿ عمى‬

‫أسعار أية حاجة تباع عمنان في األسكاؽ أك عمى أف يحتاؿ عمى الجميكر بصكرة عامة أك عمى شخص معيف‬

‫أك غير معيف‪ ،‬أك عمى أف يبتز ماالن مف شخص آخر يعتبر أنو ارتكب جنحة"‪.‬‬

‫كيتضح مف النص السابؽ أف المشرع يجرـ االتفاؽ الذم يككف مكضكعو التأثير بإحدل طرؽ‬

‫االحتياؿ عمى أسعار أية حاجة تباع عمنان في األسكاؽ‪ ،‬االحتياؿ عمى الجميكر بصكرة عامة أك عمى شخص‬

‫معيف أك غير معيف‪ ،‬أك عمى أف يبتز ماالن مف شخص آخر‪ ،‬يعتبر أنو ارتكب جنحة‪.‬‬

‫كيبلحظ أف المشرع لـ يكضح المقصكد باالحتياؿ‪ ،‬كانما اقتصر عمى تكضيح المقصكد بالنصب‬

‫كالغش بنص المادة (‪ ،)300‬كلكنو رغـ ذلؾ نستطيع أف نستشؼ ضمنان االحتياؿ مفيكمو أكسع مف النصب‬

‫كالغش‪ ،‬باستقراء بقية نصكص المكاد الكارد في الفصؿ الرابع كالثبلثكف مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة‬

‫‪1936‬ـ‪ ،‬تكصؿ الباحث إلى أف النصب كالغش يدخؿ ضمف مفيكـ االحتياؿ‪ ،‬كأنو أحد طرؽ االحتياؿ كذلؾ‬

‫‪88‬‬
‫يستنبط ضمنان مف نص المادة (‪/304‬أ) كالتي جاءت بقكليا‪":‬كؿ مف حصؿ بطريؽ النصب كالغش أك بأية‬

‫طريقة احتيالية أخرل‪."...‬‬

‫كيرل الباحث أف العمة مف إيراد نص خاص بالعقاب عمى التآمر عمى االحتياؿ‪ ،‬رغـ أف المشرع في‬

‫القسـ العاـ نص عمى جريمة التآمر عمى الجنح عمكمان‪ ،‬مرده راجع لسببيف‪ ،‬األكؿ‪ :‬يتمثؿ في رغبة المشرع‬

‫في تكسيع دائرة األعماؿ التي تككف محبلن لمتآمر عمى االحتياؿ‪ ،‬بمعنى عدـ قصرىا عمى تمؾ الجرائـ الكاردة‬

‫في الفصؿ الرابع ك الثبلثكف مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬بؿ أراد أف يجعؿ مكضكع االتفاؽ‬

‫الجنائي شامبلن كؿ عمؿ فيو احتياؿ عمى الجميكر عمكمان أك عمى شخص معيف أك غير معيف‪ ،‬ككذلؾ أكرد‬

‫سمككيف جديديف ال يصمح أم منيما ألف يككف مكضكعان لمتآمر الجنائي العاـ‪ ،‬ككف كؿ سمكؾ منيما غير‬

‫مجرـ في ذاتو‪ ،‬فالسمكؾ األكؿ ىك التأثير بإحدل طرؽ االحتياؿ عمى أسعار أية حاجة تباع عمنان في‬

‫األسكاؽ‪ ،‬كمفيكـ التأثير يشمؿ رفع األسعار أك إنزاليا‪،‬أما السمكؾ اآلخر فيك ابتزاز الماؿ مف الغير‪.‬‬

‫ككذلؾ ىناؾ سبب آخر دفع بالمشرع بإفراد نص خاص بالعقاب عمى التآمر عمى االحتياؿ كيتمثؿ‬

‫في رغبة المشرع في إفراد عقكبة مغايرة لتمؾ المخصصة لبلتفاؽ عمى جنحة الكارد في القسـ العاـ‪ ،‬حيث‬

‫اعتبر التآمر عمى االحتياؿ جنحة‪ ،‬أما عقكبة االتفاؽ العاـ فيي الحبس مدة سنتيف فقط‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫ملبرث يثاْ‪ٞ‬‬

‫ذهاّ يعاَ‪ ١‬يالتفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫لما كاف االتفاؽ الجنائي جريمة مستقمة قائمة بذاتيا‪ ،‬ما مصير االتفاؽ في الحالة التي يككف االتفاؽ‬

‫فييا كاردان عمى جريمة مستحيمة‪ ،‬عدا عف ذلؾ إذا أفضى االتفاؽ الجنائي إلى ارتكاب الجريمة المتفؽ عمييا‬

‫سكاء في صكرتيا الناقصة أك الكاممة فيؿ نككف أماـ تعدد مادم في الجرائـ‪ ،‬كأخي انر ىؿ يتصكر كقكع الشركع‬

‫ك العدكؿ االختيارم في جريمة االتفاؽ الجنائي أـ ال‪ ،‬كىؿ يعاقب عمى االتفاؽ الجنائي في الحالة التي يقكـ‬

‫فييا جميع المتفقيف أك بعضيـ بالعدكؿ عف االتفاؽ؟‬

‫عمى ىدل ذلؾ يناقش الباحث كبلن مف التساؤالت المبينة أعبله في مطمب مستقؿ عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫ر‪. ١ًٝ‬‬ ‫ملطًب ‪ :ٍٚ‬التفام عً‪ ٢‬ج مي‪َ ١‬‬

‫ملطًب يثاْ‪ :ٞ‬التفام جلٓائ‪ٚ ٞ‬تعلت جل ئِ ‪.‬‬

‫ملطًب يثايث‪ :‬يص ‪ٚ‬ع يف التفام جلٓائ‪. ٞ‬‬

‫ملطًب ي بع‪ :‬يعل‪ ٍٚ‬الخ ‪ٝ‬اي‪ ٟ‬عٔ التفام جلٓائ‪. ٞ‬‬

‫‪90‬‬
‫ملطًب ‪ٍٚ‬‬

‫ر‪١ًٝ‬‬ ‫التفام عً‪ ٢‬ج مي‪َ ١‬‬

‫يفترض الشركع بصفة عامة إمكاف تماـ الجريمة لكال تدخؿ ظرؼ عارض ط أر بعد بالبدء في تنفيذىا‪،‬‬

‫فأدل إلى كقؼ سمكؾ الجاني أك خيبة أثره‪ ،‬غير أنو يحدث أحيانان أف يقكـ منذ المحظة التي بدأ فييا الجاني‬

‫سمككو سبب يجيؿ بو‪ ،‬كيعدـ إمكاف تحقيؽ النتيجة اإلجرامية‪ ،‬كيطمؽ الفقو عمى ىذه الحالة تعبير الجريمة‬

‫المستحيمة‪.184‬‬

‫الجريمة المستحيمة ىي‪:‬الحالة التي ال تحقؽ فييا النتيجة اإلجرامية الستحالة مادية في التنفيذ يجيميا‬

‫الفاعؿ‪ .185‬كفي تعر و‬


‫يؼ آخر‪ ،‬ىي عدـ تحقؽ النتيجة اإلجرامية بسبب يرجع إلى انعداـ محؿ الجريمة‪،‬أك عدـ‬

‫صبلحية الكسائؿ المستخدمة مف قبؿ الفاعؿ‪.186‬‬

‫الجريمة المستحيمة تشبو الجريمة الخائبة "الشركع التاـ" مف حيث أف الجاني قد استنفذ نشاطو‬

‫اإلجرامي لتحقيؽ الغاية التي يقصدىا‪ ،‬كلكنيا تختمؼ اختبلفان جكىريان عف الجريمة الخائبة‪ ،‬كأكجو ذلؾ‬

‫االختبلؼ‪ ،‬أف الجريمة الخائبة ممكنة الكقكع أصبلن ككاف مف المفترض أف تحدث النتيجة اإلجرامية المرجكة‬

‫منيا لكال تدخؿ أسباب طارئة حالت دكف تحققيا لسبب مف األسباب‪ ،187‬كلكف ىذه األسباب ال تمس جكىر‬

‫‪184‬‬
‫محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.238‬‬
‫‪185‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬الشركع في الجريمة"دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،1971 ،‬ص‪ .380‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .515‬سمير‬
‫عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .231‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .352‬محمكد مصطفى‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.265‬‬
‫‪186‬‬
‫عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .41‬ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة األكلى‪،‬‬
‫فمسطيف‪ ،2018،‬ص‪.31‬‬
‫‪187‬‬
‫ىبللي عبدالبله أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .167‬محمد عمي السمـ الحمبي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .159‬سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.231‬‬

‫‪91‬‬
‫الجريمة‪ ،‬سكاء في مكضكعيا أك في الكسائؿ المستخدمة لتنفيذىا‪ ،‬كانما ىي مف المسائؿ الثانكية العارضة‬

‫التي كاف مف الممكف التغمب عمييا لك أف الجاني بذؿ مزيدان مف الدقة كالعناية في ارتكابيا أك لك قاـ بيذا‬

‫العمؿ شخص آخر أكثر خبرة كدراية منو‪ ،188‬فعدـ تحقؽ النتيجة اإلجرامية إنما تعرض لمرتكبيا كبعد البدء‬

‫في التنفيذ‪ ،‬فالعامؿ األجنبي حاؿ دكف تحقيؽ النتيجة بخصكص الجاني ذاتو‪ ،‬فمك بذؿ مزيدان مف الدقة‬

‫كالحيطة لتحققت النتيجة‪ ،‬كلك نفذت بكاسطة شخص آخر لكانت نتيجتيا قد تحققت بالفعؿ‪ ،‬فالخيبة محتممة‬

‫عند بدء الجاني في الجريمة الخائبة‪ ،‬كلكنيا محققة عند بدئو في الجريمة المستحيمة‪.189‬‬

‫مما يعني أف أسباب عدـ تحقؽ النتيجة اإلجرامية في الجريمة المستحيمة ليست عارضة إنما تككف‬

‫قائمة كقت مباشرة الجاني لنشاطو اإلجرامي‪ ،‬كأف الكضع فييا لـ يكف ليتغير لك قاـ بو أم شخص آخر يكجد‬

‫في مثؿ ظركؼ الجاني‪ ،‬فإذا كاف المعتدم عميو ميتان قبؿ إطبلؽ الرصاص عميو‪ ،‬فيي كذلؾ أيان كانت‬

‫الظركؼ التي أطيمؽ فييا عميو الرصاص‪ ،‬كيستكم في ذلؾ أف تككف االستحالة سابقة عمى البدء في التنفيذ‬

‫أك عمى األقؿ معاصرة لو‪ ،‬فاالستحالة في المثاؿ السابؽ سابقة عمى لحظة البدء في التنفيذ‪ ،‬ذات األمر‬

‫بالنسبة لمف يستخدـ سبلحان غير صالح‪ ،‬كقد تككف االستحالة معاصرة لمحظة البدء في التنفيذ كما لك ترؾ‬

‫المجني عميو مكانو عند ضغط الجاني عمى زناد مسدسو ليطمؽ الرصاص‪.190‬‬

‫يستخمص الباحث مف ذلؾ أف معيار التفرقة بيف الجريمة المستحيمة كالجريمة الخائبة يككف بالنظر‬

‫إلى لحظة تنفيذ الجريمة‪ ،‬فإذا كانت أسباب االستحالة قائمة كقت التنفيذ كانت الجريمة مستحيمة‪ ،‬أما إذا‬

‫‪188‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.380‬‬
‫‪189‬‬
‫نظاـ تكفيؽ المجالي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .264‬سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.231‬‬
‫‪190‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .352‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.515‬‬

‫‪92‬‬
‫طرأت بعد البدء في التنفيذ فإف الجريمة تككف خائبة‪ ،‬كىذا المعيار الزمني يصمح لمتفرقة بيف الجريمة‬

‫المستحيمة كالمكقكفة أيضان‪.191‬‬

‫كالسؤاؿ الذم يثار ىنا ىؿ تقكـ جريمة االتفاؽ الجنائي في الحالة التي يككف مكضكعيا ارتكاب‬

‫جناية أك جنحة مستحيمة أـ ال؟‬

‫االتفاؽ عمى ارتكاب جناية أك جنحة مستحيمة سكاء كانت االستحالة مطمقة أـ نسبية أك استحالة‬

‫قانكنية أـ مادية يقع تحت طائمة نصكص المكاد (‪ )36-35-34‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة‬

‫‪1936‬ـ‪ ،‬كذلؾ ألف الشارع عاقب عمى االتفاؽ الجنائي لمجرد انعقاده باتحاد اإلرادات‪ ،‬كجريمة مستقمة قائمة‬

‫بذاتيا‪ ،‬قبؿ تنفيذ الجريمة محؿ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬حيث يستكم في نظر الشارع إقداـ الجناة عمى ارتكاب‬

‫جريمتيـ محؿ االتفاؽ أـ ال‪ ،‬كمف باب أكلى فإف تعثر تنفيذ مكضكع االتفاؽ الجنائي ألم سبب مف األسباب‬

‫ال يحكؿ دكف قياـ جريمة االتفاؽ‪ ،‬ككف أف ىذه االستحالة كالتعثر الحقة عمى قياـ االتفاؽ كليست ركنان مف‬

‫أركانو‪ ،‬فالتجريـ منصب عمى فعؿ االتفاؽ بعينو الذم قدر المشرع أنو ينطكم عمى خطكرة إجرامية في ذاتو‬

‫تستكجب العقاب عميو بغض النظر عما إذا كانت الجريمة التي نسج الجناة خيكط اتفاقيـ حكليا ممكنة‬

‫الحدكث أـ مستحيمة‪ ،‬خاصةن إذا ما أخذنا بعيف االعتبار مسمؾ المشرع العقابي الفمسطيني في قانكف‬

‫العقكبات سالؼ الذكر‪ ،‬الذم نحى نحك العقاب عمى الجريمة المستحيمة‪ ،‬باعتبار أنو ينتمي إلى النظاـ‬

‫األنجمكسكسكني‪ ،192‬الذم يميؿ إلى المذىب الشخصي الذم يينادم بالعقاب في حالة الجريمة المستحيمة‪،193‬‬

‫‪191‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .32‬سمير الشناكم‪ ،‬مرجع السابؽ‪ ،‬ص‪ .382‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪.515‬‬
‫‪192‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪193‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.417‬‬

‫‪93‬‬
‫حيث تنص المادة (‪ )3/30‬مف قانكف العقكبات بقكليا‪":‬ال عبرة فيما إذا لـ يكف في اإلمكاف ارتكاب الجرـ‬

‫بالفعؿ بسبب ظركؼ كاف يجيميا المجرـ"‪.‬‬

‫حيث يتضح مف خبلؿ ىذا النص أف المشرع اعتنؽ المذىب الشخصي في الجريمة المستحيمة‪ ،‬دكف‬

‫التفرقة بيف االستحالة المطمقة كاالستحالة النسبية أك االستحالة القانكنية كاالستحالة المادية‪.194‬‬

‫كبناء عمى ذلؾ‪ ،‬ال يستقيـ القكؿ بعدـ قياـ جريمة االتفاؽ الجنائي في الحالة التي يككف مكضكعيا‬

‫جناية أك جنحة مستحيمة؛ فيذا فيو تعطيؿ لحكـ القانكف الذم عاقب عمى الجريمة المستحيمة‪ ،‬مما يقطع بما‬

‫ال يدع مجاؿ لمشؾ بأف االتفاؽ عمى جناية أك جنحة تنتمي ألم صكرة مف صكر االستحالة‪ ،‬يعد اتفاقان‬

‫جنائيان معاقبان عميو‪.‬‬

‫كقد اتجيت محكمة النقض المصرية إلى أف مجرد انعقاد اإلرادات عمى ارتكاب جناية أك جنحة يكفي‬

‫لتكافر أركاف جريمة االتفاؽ الجنائي أما سكء نية تنفيذ مكضكع االتفاؽ كتعثره ألمر ما فيك الحؽ عمى قياـ‬

‫االتفاؽ كليس ركنان مف أركانو أك شرطان النعقاده‪ ،‬حيث قضت محكمة جنايات السكيس ببراءة المتيميف في‬

‫جريمتي االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كالشركع في تقميد عممة فضية متداكلة قانكنان تأسيسان عمى أف رداءة التزييؼ كعدـ‬

‫انطبلئو عمى الشخص العادم يجعؿ الجريمة مكضكع االتفاؽ مستحيمة‪ ،‬فطعنت النيابة العامة في الحكـ‬

‫بطريؽ النقض‪ ،‬فقضت محكمة النقض بنقض الحكـ كجاء في أسباب حكميا‪:‬‬

‫"حيث إ ف حاصؿ ما تنعاه النيابة العامة عمى الحكـ المطعكف فيو أنو إذا ب أر المطعكف ضدىـ مف‬

‫جريمتي االتفاؽ الجنائي كالشركع في تقميد عممة فضية متداكلة قانكنان تأسيسان عمى أف رداءة التزييؼ كعدـ‬

‫انطبلئو عمى الشخص العادم يجعؿ الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي مستحيمة كأنو ال يتصكر كصؼ الفعؿ‬

‫‪194‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.42‬‬

‫‪94‬‬
‫مكضكع الجريمة الثانية بالشركع كذلؾ لتماـ فعؿ التزييؼ‪ ،‬قد اخطأ في تطبيؽ القانكف ذلؾ بأف مف المقرر‬

‫أنو يكفي لقياـ جريمة الشركع في تقميد العممة إعداد األدكات كالسبائؾ البلزمة لمتقميد كاستعماليا بالفعؿ ليذا‬

‫الغرض كىك ما تكافر في حؽ المطعكف ضدىـ دكف أف يغير مف ذلؾ عدـ تمكنيـ مف إتقاف التقميد‪ ،‬كأنو‬

‫متى تقرر ذلؾ فإف جريمة االتفاؽ الجنائي تصبح جريمة ممكنة كليست مستحيمة كيككف الحكـ المطعكف فيو‬

‫بقضائو السابؽ ذكره معيبان بما يستكجب نقضو‪ ،‬ذلؾ ألنو كقد أكرد الحكـ أف عممة مزيفة قد ضبطت بالفعؿ‬

‫كأنو ثبت مف تقرير فحص األدكات المضبكطة أنيا مما يجكز استعماليا في تزييؼ العممة‪ ،‬فإف عدـ بمكغ‬

‫المطعكف ضدىـ كقت الضبط غايتيـ مف إتقاف التزييؼ ال يجعؿ جناية التزييؼ عمى ما قاؿ بو الحكـ‬

‫مستحيمة‪ ،‬كال ييدر بالتالي ما قاـ عميو االتياـ مف إرادة المطعكف ضدىـ قد اتحدت عمى ارتكاب تمؾ الجناية‬

‫كىك ما يكفي لتكافر أركاف جريمة االتفاؽ الجنائي أما سكء نية تنفيذ مكضكع االتفاؽ كتعثره ألمر ما فيك‬

‫الحؽ عمى قياـ االتفاؽ كليس ركنان مف أركانو أك شرطان النعقاده‪ ،‬كلما كاف المقرر أنو ال يشترط لتككيف‬

‫جريمة االتفاؽ الجنائي المنصكص عمييا في المادة (‪ )48‬عقكبات مصرم أكثر مف اتحاد إرادة شخصيف أك‬

‫أكثر عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،...‬فإف الحكـ المطعكف فيو بتبرئة المطعكف ضدىـ مف جريمة االتفاؽ‬

‫الجنائي بقالة أنيا‪-‬بسبب أف التزييؼ كاف مفضكحان‪-‬جريمة مستحيمة يككف قد اخطأ في تطبيؽ القانكف"‪.195‬‬

‫‪195‬‬
‫نقض جنائي مصرم رقـ ‪ ،1988‬لسنة ‪34‬ؽ‪ ،‬جمسة ‪،1965/5/10‬س‪ ،34‬المكقع االلكتركني لمحكمة النقص المصرية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫تاريخ الزيارة‪ 2019/5/10 :‬الساعة‪9:30 :‬‬

‫‪95‬‬
‫ملطًب يثاْ‪ٞ‬‬

‫التفام جلٓائ‪ٚ ٞ‬تعلت جل ئِ‬

‫قد يحدث بعد تماـ جريمة االتفاؽ الجنائي أف يقدـ أطراؼ االتفاؽ الجنائي عمى تنفيذ ما اتفقكا عميو‬

‫و‬
‫فعندئذ ىؿ تنشأ بالنسبة لسائر ىؤالء الجناة حالة‬ ‫مف جريمة أك جرائـ سكاء في صكرتيا التامة أك الناقصة‪،‬‬

‫تعدد في الجرائـ؟‪.‬‬

‫أكالن‪ :‬مكقؼ الفقو‪:‬‬

‫الرأم األكؿ‪ :‬يكجد تعدد مادم في الجرائـ؛ يرل جانب مف الفقو أنو في ىذه الحالة تنشأ بالنسبة‬

‫لسائر الجناة (حالة تعدد مادم في الجرائـ) مصدرىا مساىمة كؿ منيـ بجريمة االتفاؽ الجنائي بصفتو فاعبلن‪،‬‬

‫كفي الجريمة أك الجرائـ المتفؽ عمييا كالتي تمت فعبلن تنفيذان لبلتفاؽ بصفتو فاعبلن ليا أك بصفتو شريكان في‬

‫ارتكابيا طبقان لقكاعد المساىمة الجنائية‪ ،‬كىذا التعدد يتمثؿ في جريمة االتفاؽ الجنائي كمف الجريمة أك الجرائـ‬

‫محؿ االتفاؽ المرتكبة فعبلن‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ ال يكجد مانع قانكني مف تقديـ المتيميف لممحاكمة عف التيمتيف‬

‫المسندتيف إلى كؿ منيـ كلك كانتا ناشئتيف عف فعؿ كاحد أك كانتا مرتبطتيف ارتباطان ال يقبؿ التجزئة‪.196‬‬

‫كىذا الرأم ما استقرت عميو محكمة النقض المصرية حيث قضت إذا لـ ترتكب الجريمة بتنفيذ‬

‫االتفاؽ فإنو ينبغي العقاب عمى االتفاؽ ذاتو‪ ،‬كأما إذا ايرتكبت‪ ،‬أك يشرع في ارتكابيا ككاف الشركع معاقبان‬

‫عميو‪ ،‬فإنو يككف ىناؾ جريمتاف‪ ،‬كفي ىذه الحالة تكقع عمى المتيميف عقكبة كاحدة ىي العقكبة األشد طبقان‬

‫‪196‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ىامش ص‪ .515‬مصطفى كامؿ‪ ،‬شرج قانكف العقكبات العراقي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫ىشاـ سعد الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .34‬مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .217‬مازف خمؼ ناصر‪ ،‬الجريمة العسكرية‪":‬دراسة تحميمية‬
‫مقارنة"‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬المركز العربي لمنشر كالتكزيع‪ ،‬القاىرة‪2018،‬ـ‪ ،‬ص‪.208‬‬

‫‪96‬‬
‫لممادة (‪ )32‬عقكبات‪ ،‬ما لـ يكف االتفاؽ عمى جريمة كاحدة معينة ففي ىذه الحالة‪ ،‬كفي ىذه الحالة كحدىا‪،‬‬

‫يجب بمقتضى صريح النص الكارد في المادة (‪ )48‬المذككرة ‪ -‬عمى خبلؼ القاعدة العامة المقررة في المادة‬

‫(‪ - )32‬أف تككف العقكبة التي تكقع ىي عقكبة الجريمة التي كقعت تنفيذان لبلتفاؽ كلك كانت أقؿ مف عقكبة‬

‫جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كاذف فإذا أدانت المحكمة المتيـ في جريمة االتفاؽ الجنائي عمى التزكير كفي جريمة‬

‫‪.‬‬ ‫‪197‬‬
‫التزكير كعاقبتو بعقكبة كاحدة طبقان لممادة (‪ )32‬فإنيا ال تككف قد أخطأت‬

‫كقضت محكمة النقض المصرية في ذات الخصكص‪ ":‬لما كاف الثابت مف مدكنات الحكـ المطعكف‬

‫فيو أنو اعتبر الجرائـ المسندة إلى الطاعف جريمة كاحدة كعاقبو بالعقكبة المقررة ألشدىا فإنو ال مصمحة‬

‫لمطاعف فيما ييثيره بشأف جرائـ االتفاؽ الجنائي كالسرقة باإلكراه ما دامت المحكمة قد دانتو بجريمة الخطؼ‬

‫باإلكراه كأكقعت عميو عقكبتيا عمبلن بالمادة (‪ )32‬مف قانكف العقكبات بكصفيا الجريمة األشد"‪.198‬‬

‫الرأم الثاني‪ :‬ال يكجد تعدد مادم نظ انر الستغراؽ الجريمة محؿ االتفاؽ جريمة االتفاؽ الجنائي؛ حيث‬

‫و‬
‫كعندئذ‬ ‫يذىب بعض الفقو إلى أف ارتكاب الجريمة مكضكع االتفاؽ يينيي حالة االتفاؽ الجنائي كيستغرقيا‪،‬‬

‫تكقع عقكبة الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي دكف أف يكقع العقاب عمى جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬حيث تكفؿ‬

‫القكاعد العامة في المساىمة الجنائية تكقيعو‪ ،‬فإذا كقعت الجناية أك الجنحة مكضكع االتفاؽ الجنائي أصبح‬

‫العقاب متعينان طبقان لمقكاعد العامة لممساىمة الجنائية‪ ،‬حيث يعاقب مرتكبكىا فاعميف كانكا أك شركاء بعقكبتيا‪،‬‬

‫كاذا كاف أحدىـ في الكقت ذاتو طرفان في االتفاؽ الذم كقعت الجناية أك الجنحة تنفيذان لو‪ ،‬فإنو يعاقب ىك‬

‫اآلخر بعقكبة تمؾ الجريمة المرتكبة فعبلن‪ ،‬بصرؼ النظر عف عقكبة االتفاؽ الذم نفذتو‪ ،‬ذلؾ ألنو باقترافو‬

‫‪197‬‬
‫نقض جنائي مصرم‪ ،‬جمسة ‪ ،1944/12/11‬س‪ ،14‬بكابة مصر لمقانكف كالقضاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫‪6:15‬‬ ‫الساعة‪:‬‬ ‫تاريخ الزيارة‪2019/5/11 :‬‬
‫‪198‬‬
‫نقض جنائي مصرم رقـ ‪ ،10696‬لسنة ‪67‬ؽ‪ ،‬جمسة ‪1999/5/2‬ـ‪،‬س‪ ،50‬المكقع االلكتركني لمحكمة النقض المصرية‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫‪6:19‬‬ ‫الساعة‪:‬‬ ‫تاريخ الزيارة‪2019/5/11 :‬‬

‫‪97‬‬
‫ىذه الجريمة بعد أف كانت مكضكع االتفاؽ‪ ،‬لـ يكف سمككو البلحؽ كالمتمثؿ في ارتكابيا سكل تحقيؽ لمغاية‬

‫مف سمككو السابؽ كالمنحصر في محض االتفاؽ عمييا‪ ،‬كبالتالي فإف العقاب عمى السمكؾ البلحؽ‪ ،‬فيو‬

‫عقاب أيضان عمى السمكؾ السابؽ‪ ،‬كيككف النص الخاص بالسمكؾ البلحؽ ىك النص األصمي‪ ،‬الذم ييغني‬

‫تطبيقو عف العمؿ بالنص الخاص بالسمكؾ السابؽ كالمعتبر نصان احتياطيان‪ ،‬كتسرم ىذه القاعدة "النص‬

‫األصمي يستبعد بتطبيقو النص االحتياطي"‪ ،‬إذا كاف ما كقع تنفيذان لبلتفاؽ‪ ،‬ال ييمثؿ الجريمة المتفؽ عمييا في‬

‫الصكرة الكاممة ليا كانما يقتصر عمى مجرد الشركع فييا أم عمى صكرتيا الناقصة‪.199‬‬

‫كرغـ كجاىة الرأم السابؽ إال أنو تعرض لمنقد مف بعض الفقو‪ ،‬حيث ذىب إلى أنو يتفؽ مع الغاية‬

‫مف تجريـ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كلكنو يعد خركجان عمى قكاعد المسئكلية الجزائية بدكف أم مسكغ قانكني‪ ،‬إذ أف‬

‫ارتكاب جريمة الحقة ال يينيي المسئكلية الناشئة عف جريمة سابقة‪ ،‬كال يجكز بأم حاؿ مف األحكاؿ مخالفة‬

‫ىذه القاعدة دكف سند قانكني‪ ،200‬فالقانكف لـ يشترط لتطبيؽ النص الخاص بالعقاب عمى االتفاؽ الجنائي‬

‫عدـ كقكع الجريمة أك الجرائـ المتفؽ عمييا‪.201‬‬

‫كيميؿ الباحث إلى االتفاؽ مع ما ذىب إليو الرأم الثاني كذلؾ ألننا إزاء فعؿ كاحد‪-‬االتفاؽ‪ -‬تزاحمت‬

‫‪202‬‬
‫لمنصكص صكرتو أف نككف أماـ فعؿ كاحد‬ ‫النصكص الجزائية ظاىريان بشأنو‪ ،‬حيث أف التزاحـ الظاىرم‬

‫‪199‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪-829‬ص‪.830‬‬
‫‪200‬‬
‫ىشاـ سعد الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .36‬مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪201‬‬
‫محمكد نجيب حسني ‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ىامش ص ‪ .415-414‬السعيد مصطفى السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.360‬‬
‫‪202‬‬
‫يسمي التنازع ظاىريان لككنو يرجع إلى الظاىر المستفاد مف نظرة أكلى فاحصة‪ ،‬كيمزـ لتحديد القاعدة المنطبقة التركم كاعماؿ النظر‪ ،‬كيرجع التنازع‬
‫أك التزاحـ الظاىرم لمنصكص إلى التضخـ التشريعي‪ ،‬أضؼ إلى ذلؾ طبيعة النصكص الجنائية كالتي تدعك المشرع إلى التدخؿ كثي انر في كضع‬
‫نصكص جنائية‪ ،‬كأغمب التشريعات لـ يرد بيا نص كاجب اإلتباع لحؿ مشكمة التنازع الظاىرم بيف النصكص‪ ،‬لذلؾ يتـ الرجكع إلى قكاعد التفسير‬
‫المنطقي‪ ،‬كمف أىـ المبادئ التي كضعيا الفقو لحؿ مشكمة التنازع الظاىرم لمنصكص (مبدأ الخاص يستبعد العاـ كمبدأ النص المستكعب يفضؿ عمى‬
‫النص قصير المدل كمبدأ النص األصمي يستبعد االحتياطي) لممزيد انظر لدل‪ :‬محمد عيد الغريب‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬النظرية العامة‬
‫لمعقكبة ك التدابير االحت ارزية‪ ،‬بدكف دار نشر‪ ،2000 ،‬ص‪ .1142‬أحمد عكض ببلؿ‪ ،‬مبادئ قانكف العقكبات المصرم‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬دار النيضة‬

‫‪98‬‬
‫الجرمية بحيث تتنازع النصكص الجزائية بشأنو‪ ،‬كلكف ينتيي األمر بعد عممية تفسير‬
‫تعددت أكصافو ي‬

‫صحيحة بتطبيؽ نص كاحد مف بينيا ىك الكاجب التطبيؽ كتستبعد البقية‪ ،203‬كتبعان لذلؾ كلغاية فض ىذا‬

‫التزاحـ فإنو يتعيف تطبيؽ القاعدة التي تقضي بأف النص األصمي يغني عف النص االحتياطي‪ ،‬كلما كاف‬

‫النص الخاص بجريمة االتفاؽ عمى الجرائـ يعتبر احتياطيان بالنسبة لذلؾ الذم يعتبر االتفاؽ كسيمة مساىمة‬

‫تبعية‪ ،‬فإف العمؿ بالقاعدة السابقة يقتضي أنو إذا أتيح لبلتفاؽ القياـ بدكره األصمي بارتكاب الجريمة المتفؽ‬

‫عمييا أال يككف ىناؾ تفعيؿ لدكره االحتياطي؛ أم ال محؿ لمعقاب عميو كجريمة في ذاتو‪.‬‬

‫فتجاكز السرعة القانكنية مثبلن يشكؿ مخالفة مركرية كفي نفس الكقت ينطبؽ عميو النص الخاص‬

‫بتعريض الغير لمخطر كذلؾ عندما يتضمف ىذا التجاكز خط انر ييدد الغير في حياتو كسبلمتو الجسدية‪ ،‬كلكف‬

‫في نياية المطاؼ تطبيؽ نص التجريـ الكقائي بخصكص تعريض الغير لمخطر حيث ييغني عف تطبيؽ‬

‫النص التجريمي المتعمؽ بالمخالفة المركرية؛ ألف العقكبة التي يتضمنيا نص التجريـ الكقائي تككف أشد مف‬

‫العقكبة المنصكص عمييا في نص التجريـ الذم يتعمؽ بالمخالفات كىي كافية لزجر المجرـ كردع غيره‪ ،‬كال‬

‫حاجة لنا إلى التزيد غير المبرر في فرض العقكبات؛ كذلؾ ألف المجرـ ارتكب سمككان كاحدان‪ ،‬بصرؼ النظر‬

‫ثـ ال يمكف معاقبتو عف ىذا الفعؿ مرتيف‪ ،‬بؿ ينبغي معاقبتو بالعقكبة‬
‫عما يترتب عمى سمككو مف نتائج‪ ،‬كمف ٌ‬

‫األشد كىي الكاردة في نص التجريـ الكقائي‪ ،‬أما في حالة حدكث ضرر ناتج عف السمكؾ المنشئ لمخطر‪،‬‬

‫فإف ذلؾ يؤدم إلى نشكب تنازع األكصاؼ القانكنية بيف نص التجريـ الكقائي كبيف الكصؼ القانكني الذم‬

‫ينطبؽ عمى الضرر الذم حدث‪ ،‬كفي ىذه الحالة ال ييثير أية صعكبة عندما يشتمؿ نص التجريـ الثاني عمى‬

‫العربية‪ ،‬بدكف سنة نشر‪ ،‬ص‪ 940‬كما بعدىا‪ .‬مصطفى محمكد محمكد عبدالكريـ‪ ،‬اتفاقية مكافحة الفساد‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الفكر كالقانكف لمنشر‬
‫كالتكزيع‪ ،‬المنصكرة‪ ،2012 ،‬ص‪ 191‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪203‬‬
‫ساىر إبراىيـ شكرم الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬فمسطيف‪ ،2010 ،‬ص‪ .214‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية‬
‫العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .24‬محمد عيد الغريب‪،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.1032‬‬

‫‪99‬‬
‫عقكبة أشد أك تساكم العقكبة التي يحتكييا نص التجريـ الكقائي كبذلؾ ييطبؽ النص الخاص بحدكث الضرر‪،‬‬

‫نص خاص كذك عقكبة أشد‪ ،‬فالمعيار الذم ييتبع لفض التنازع بيف األكصاؼ القانكنية يتجسد في‬
‫ألنو ه‬

‫خصكصية النص التجريمي كدرجة شدة العقاب‪.204‬‬

‫كذات األمر ينطبؽ عمى النص الخاص بجريمة إخفاء األشياء المسركقة إذ يعتبر نصان احتياطيان‬

‫بالنسبة لمنص الخاص بجريمة السرقة‪ ،205‬بمعنى أنو ال يصح قانكنان متابعة الشخص كفاعؿ أصمي في‬

‫و‬
‫ككمخؼ لؤلشياء المتحصمة منيا‪ ،‬كلذلؾ ال يمكف محاسبة نفس الشخص جزائيان في آف‬ ‫الجريمة األصمية‬

‫كاحد بصفتو مخفيان لؤلشياء المسركقة‪ ،‬كمرتكبان لمجريمة األصمية‪-‬السرقة‪ ،‬ألف المقصكد مف السرقة ىك تممؾ‬

‫ماؿ الغير كىك ما يستكجب معو حيازة الشيء المسركؽ‪ ،‬كلكف بالمقابؿ يمكف متابعة نفس الشخص في آف‬

‫كاحد مف أجؿ اإلخفاء كاالشتراؾ في الجريمة األصمية فالكصؼ األكؿ ال يتنافى مع الكصؼ الثاني‪ ،‬كىذا ما‬

‫استقر عميو القضاء الفرنسي حيث قضى بجكاز إدانة المتيـ مف أجؿ إخفاء كاالشتراؾ في السرقة ما دامت‬

‫الجريمتاف تتعمقاف بكاقعتيف متميزتيف ارتكبتا في تاريخيف مختمفيف‪.206‬‬

‫كلكؿ ما سبؽ‪ ،‬يخمص الباحث إلى أف ما ذىب إليو الرأم القائؿ بقياـ حالة تعدد مادم في الجرائـ‬

‫بالنسبة لسائر الجناة في حالة ارتكاب الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي‪ ،‬ال يقكـ عمى أساس مف الصحة في‬

‫الحالة التي يككف أحد أطراؼ االتفاؽ مساىمان في ارتكاب الجريمة محؿ االتفاؽ مساىمة تبعية بكسيمة‬

‫االتفاؽ‪ ،‬باعتبار أننا أماـ فعؿ كاحد‪-‬االتفاؽ‪ -‬ناتج عف تصميـ إرادم كاحد‪ .‬في حيف أف التعدد المادم‬

‫يتطمب المغايرة بيف األفعاؿ بما يجعؿ كؿ منيما جريمة مستقمة تمامان لكؿ منيا أركانيا المستقمة‪ ،‬خاصة إذا‬

‫‪204‬‬
‫خالد مجيد عبدالحميد الجبكرم‪ ،‬النظرية العامة لمتجريـ الكقائي‪ ،‬المركز العربي لمنشر كالتكزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،2018 ،‬ص ‪.195-194‬‬
‫‪205‬‬
‫حسيف عمي خمؼ‪ ،‬سمطاف عبد القادر الشاكم‪ ،‬المبادئ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪206‬‬
‫بف ممككة ككثر‪ ،‬جنحة إخفاء األشياء في القانكف الجنائي لؤلعماؿ‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في الحقكؽ‪ ،‬جامعة كىراف‪ ،‬الجزائر‪،2012،‬‬
‫ص‪.121-120‬‬

‫‪100‬‬
‫ما أخذنا بعيف االعتبار أف معيار التعدد المادم لمجرائـ يقكـ عمى أساس التعدد في السمكؾ أك الكقائع المادية‬

‫كليس التعدد في النتائج‪ ،‬كلكي يتكافر التعدد المادم لمجرائـ يشترط تعدد التصميمات‪ ،‬بحيث يككف كؿ فعؿ‬

‫مف األفعاؿ المتعددة صادر عف تصميـ إرادم تعبر عنو حركة عضكية كاحدة‪ ،207‬كلذلؾ ال نككف أماـ تعدد‬

‫مادم سكل في الحالة التي يككف أطراؼ االتفاؽ قد ساىمكا في الجريمة محؿ االتفاؽ مساىمة أصمية أك‬

‫مساىمة تبعية بالتحريض أك المساعدة‪.‬‬

‫ثانيان‪ :‬مكقؼ المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ مف تعدد الجرائـ في االتفاؽ‬

‫الجنائي‪:‬‬

‫خطة أية مشرع عقابي فيما يتعمؽ باالتفاؽ إما أف تككف قائمة عمى األخذ بو ككسيمة اشتراؾ‬

‫أك‪/‬ك كجريمة مستقمة قائمة بذاتيا‪ ،‬كىنا يثار التساؤؿ إذا كاف المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪)74‬‬

‫لسنة ‪1936‬ـ قد أخذ بالدكر األصمي لالتفاؽ الجنائي ككسيمة اشتراؾ أـ ال؟‬

‫لـ يأخذ المشرع الفمسطيني بقانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ باالتفاؽ ككسيمة مف كسائؿ‬

‫االشتراؾ‪ ،‬حيث أنو لـ يكرد االتفاؽ الجنائي ضمف كسائؿ االشتراؾ في الجريمة المحدد بنص المادة (‪،)23‬‬

‫حيث اقتصر عمى التحديد الحصرم لمشركاء عمى الفاعؿ األصمي كالمساعد كالمحرض‪ ،‬أما االتفاؽ الجنائي‬

‫فجاء في مكضع مستقؿ‪ ،‬كال يعد التآمر الذم كرد في نصكص المكاد (‪ )36-35-34‬مف القانكف سالؼ‬

‫‪207‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬فمسطيف‪ ،2010 ،‬ص‪.221‬‬

‫‪101‬‬
‫الجرمي‪ ،‬كانما يعد جريمة مستقمة قائمة بذاتيا معاقب عمييا بغض النظر‬
‫الذكر‪ ،‬صكرة مف صكر االشتراؾ ي‬

‫عف كقكع الجريمة محؿ االتفاؽ مف عدمو‪ ،‬كالدليؿ عمى ذلؾ األسانيد اآلتية‪:208‬‬

‫الجرمي‪ ،‬حيث نظمو في‬


‫‪ -1‬أف المشرع نظـ التآمر عمى ارتكاب الجريمة بشكؿ مستقؿ عف االشتراؾ ي‬

‫الجرمي في الفصؿ‬
‫الفصؿ السادس تحت عنكاف المحاكلة كالتحريض كالتآمر‪ ،‬بينما نظـ االشتراؾ ي‬

‫الخامس الباب األكؿ كالمتعمؽ بالشركاء في الجرائـ‪.‬‬

‫‪ -2‬الصياغة التي جاءت بيا نصكص التآمر ال تحتمؿ معنى أف الجريمة مكضكع التآمر قد تـ تنفيذىا‬

‫بالفعؿ‪ ،‬حيث يفيـ مف تمؾ النصكص أف العقاب ينصب عمى مجرد التآمر بغض النظر عف تنفيذ‬

‫الجريمة مكضكع التآمر‪ ،‬مما يعني أف التآمر جريمة مستقمة بحد ذاتيا كليست صكرة مف صكر‬

‫الجرمي‪ ،‬في حيف لك نظرنا إلى نصكص االشتراؾ نجد أنيا جاءت بصياغة تحتمؿ معنى‬
‫االشتراؾ ي‬

‫أف الجريمة ارتكبت سكاء مف الفاعؿ األصمي أك الفاعميف األصمييف أك المساعد أك المحرض‪.‬‬

‫كيرل ا‪.‬د محمكد نجيب حسني أف غالبية التشريعات المقارنة تذىب باتجاه استبعاد االتفاؽ مف نطاؽ‬

‫المساىمة الجنائية كأف القمة مف التشريعات التي اعتبرت االتفاؽ كسيمة لممساىمة التبعية استمدت خطتيا مف‬

‫القانكف االنجميزم الذم استقر في أصكلو القديمة اعتبار االتفاؽ كيعبر عنو بالمؤامرة‪ ،‬كسيمة لممساىمة‬

‫التبعية‪ ،‬باإلضافة إلى اعتباره جريمة في ذاتو إذا كاف لـ يفض إلى ارتكاب الجريمة المتفؽ عمييا‪ ،209‬كلكف‬

‫قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ رغـ أف أصكلو انجميزية؛ إال أنو استبعد االتفاؽ مف عداد‬

‫كسائؿ المساىمة التبعية في الجريمة‪ ،‬كحسنان فعؿ المشرع لصعكبة اعتبار االتفاؽ مجردان أحد العكامؿ التي‬

‫أسيمت في ارتكاب الجريمة‪ ،‬ككذلؾ لصعكبة إثبات عبلقة السببية بينو كبيف الجريمة‪ ،‬مما يعني انتفاء أحد‬

‫‪208‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.326‬‬
‫‪209‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬األحكاـ العامة في المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.295‬‬

‫‪102‬‬
‫عناصر المساىمة الجنائية‪ ،210‬كأيضان في ظؿ إقرار المؤتمر الدكلي السابع لقانكف العقكبات خطة التشريعات‬

‫التي ال تأخذ باالتفاؽ ككسيمة مساىمة تبعية‪ ،‬باعتبار أف االتفاؽ إذا لـ يقترف بتحريض أك مساعدة عمى‬

‫الجريمة ال يككف سببان أك مؤث انر في كقكعيا‪ ،‬إذ ىك التقاء إرادتيف في مستكل كاحد دكف أف تطغى إحداىما‬

‫عمى األخرل‪ ،‬بحيث تككف الجريمة مجيكد خالصان لفاعميا‪.211‬‬

‫إذا كنا قد خمصنا إلى استبعاد المشرع الفمسطيني في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‬

‫الجرمي؛ فإف ذلؾ يستتبع معو التساؤؿ حكؿ مصير الحالة التي يتـ فييا االتفاؽ‬
‫لبلتفاؽ ككسيمة لبلشتراؾ ي‬

‫عمى ارتكاب جناية أك جنحة ما كمف ثـ يساىـ في ارتكابيا بعض المتفقيف مف خبلؿ المساعدة؟‬

‫يرل الباحث أنو في ىذه الحالة نككف أماـ تعدد مادم‪ ،‬حيث يتـ تطبيؽ النص الخاص بالعقاب عمى‬

‫المساىمة في الجريمة محؿ االتفاؽ بكسيمة المساعدة‪ ،‬ككذلؾ النص الخاص بالعقاب عمى االتفاؽ الجنائي‬

‫كجريمة مستقمة؛ كذلؾ ألف سمكؾ المساعدة مغاير كميان لسمكؾ االتفاؽ‪ ،‬أم أننا لسنا إزاء سمكؾ مادم كاحد‬

‫تزاحمت النصكص الجزائية ظاىريان بشأنو‪ ،‬فيناؾ استقبللية كاممة بيف المساعدة كبيف االتفاؽ ككسائؿ‬

‫لممساىمة التبعية‪.‬‬

‫محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬فكرة الفاعؿ كالشريؾ في الجريمة‪ ،‬المجمة الجنائية القكمية‪ ،‬ص‪ .31‬يمشار إليو لدل=محمكد نجيب حسني‪ ،‬المرجع سابؽ‬
‫‪210‬‬

‫أعبله‪ ،‬ص‪.295‬‬
‫‪211‬‬
‫نسريف عبد الحميد النبيو‪،‬المحرض الصكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.76‬‬

‫‪103‬‬
‫ملطًب يثايث‬

‫يص ‪ٚ‬ع يف التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫المشركع اإلجرامي ال يينفذ دفعةن كاحدة‪ ،‬كانما يسبؽ التنفيذ عادةن مرحمتاف ميمتاف‪ ،‬ىما مرحمة التفكير‬

‫كالتحضير‪ ،‬كيتـ خبلؿ مرحمة التفكير في الجريمة‪ ،‬دراسة المشركع كتقييمو‪ ،‬كعمى ضكء ذلؾ يحدد الجاني‬

‫نبذ الفكرة كالحيدة عنيا‪ ،‬أك بتأكيدىا كاإلصرار عمييا‪ ،‬فإذا خمص إلى اإلصرار عمى ارتكاب الجريمة‪ ،‬فإنو‬

‫ينتقؿ لمرحمة تالية ىي مرحمة التحضير لجريمتو كفييا يعد الكسائؿ البلزمة لمتنفيذ‪ ،‬فإذا ما انتيى منيا كبقي‬

‫صر عمى ارتكاب الجريمة‪ ،‬فإنو ينتقؿ لمبدء في تنفيذىا كفؽ الخطة التي رسميا‪ ،‬كىنا قد يكفؽ في مشركعو‬
‫يم ان‬

‫و‬
‫عندئذ الجريمة التامة‪ ،‬أك ال يصيبو التكفيؽ‪ ،‬فبل تتـ‬ ‫فتقع الجريمة التي قصد ارتكابيا كاممةن كيطمؽ عمييا‬

‫الجريمة التي كاف يصبك إلى تحقيقيا‪ ،‬كيقاؿ في ىذه الحالة إف الجريمة تكقفت عند حد الشركع‪.212‬‬

‫لما كاف الشركع في الجريمة مرحمة مف مراحؿ ارتكابيا‪ ،‬تالية لمتحضير ليا كسابقة عمى تماميا‪،‬‬

‫فإف السؤاؿ –ىنا‪ -‬ىؿ يتصكر كقكع الشركع في جريمة االتفاؽ الجنائي أـ ال؟‬

‫‪212‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .3‬عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.38‬‬

‫‪104‬‬
‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫َ‪ٛ‬قف يفك٘ جلٓائ‪ َٔ ٞ‬يص ‪ٚ‬ع يف التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫أثارت ىذه القضية خبلفان كاسعان بيف الفقو الجنائي حيث انقسمكا إلى فريقيف‪ ،‬حيث يذىب فريؽ مف‬

‫الفقو إلى القكؿ بأف الشركع غير متصكر في جريمة االتفاؽ الجنائي ألسباب عديدة‪ ،‬ىي‪:213‬‬

‫‪ -1‬الشركع يفترض أف يككف ىناؾ بدء في التنفيذ كعدـ إتماـ لؤلفعاؿ‪ ،‬أك عدـ حصكؿ النتيجة‬

‫لسبب خارج عف إرادة الفاعؿ‪ ،‬أما االتفاؽ الجنائي فيي عبارة عف حالة نفسية تتجمى في اتحاد إرادات‬

‫المتفقيف‪ ،‬كىذه الحالة النفسية ال تحتمؿ بذاتيا بداية كال نياية‪ ،‬ألنيا قد تقع مف المتفقيف في لحظة كاحدة‪،‬‬

‫كالدليؿ عمى ذلؾ أف محاكلة حمؿ شخص عمى الدخكؿ في اتفاؽ كبذؿ التحريض عمى إجراء االتفاؽ‪ ،‬قد‬

‫نص قانكف العقكبات المصرم صراحة بالعقاب عمييما كجنحة في حالة اتفاؽ جنائي أشد مف خط انر مف‬

‫االتفاؽ الجنائي العادم‪ ،‬كلك كاف الشركع يتكفر بيما لما كانت حاجة إلى النص عمى عقابيما‪.‬‬

‫كىذا مردكد عميو بأف قانكف العقكبات المصرم لما عاقب عمى الدعكة غير المقبكلة إلى اتفاؽ جنائي‬

‫عمى ارتكاب جنايات ماسة بأمف الدكلة الداخمي المادة (‪ ،)97‬لـ يكف عقابو كاردان عمى شركع في اتفاؽ كانما‬

‫‪213‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .28‬السعيد مصطفى السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .236‬عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات‬
‫كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .36‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .30‬طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .161‬عمي بدكم‪ ،‬األحكاـ العامة في القانكف الجنائي‪ ،‬الجزء األكؿ في الجريمة‪ ،1938 ،‬ص‪ .320‬بسمة سعكدم‪ ،‬جريمة المؤامرة‪،‬‬
‫مذكرة مقدمة ضمف متطمبات نيؿ شيادة ماجستير أكاديمي‪ ،‬جامعة العربي التبسي‪2016،‬ـ‪ ،‬ص‪ ،40‬منشكرة عمى المكقع االلكتركني اآلتي‪:‬‬
‫‪ http://www.univ-tebessa.dz‬تاريخ الزيارة‪ 2019/5/14 :‬الساعة‪5:20 :‬‬

‫انظر كذلؾ لدل‪ :‬محمكد إبراىيـ إسماعيؿ‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،1959،‬ص‪ .350‬عمي راشد‪ ،‬مكجز القانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬

‫‪ ،1953‬ص‪.273‬‬

‫‪105‬‬
‫قد ارتأل المشرع أف الدعكة غير المقبكلة إلى اتفاؽ جنائي تعتبر سمككان دكف الشركع في الجسامة‪ ،‬لذلؾ أفرد‬

‫ليا نصان خاصان‪ ،‬كبالتالي كؿ سمكؾ أكثر جسامة مف الدعكة إلى االتفاؽ يككف شركعان بالمعنى الصحيح‪.214‬‬

‫‪ -2‬مف الكاضح أف الشركع في االتفاؽ ال يمكف تصكره ألف معنى الشركع البدء في التنفيذ أك القياـ‬

‫بأفعاؿ مادية ترمي مباشرة إلى اقتراؼ الجناية‪ ،‬كجريمة االتفاؽ الجنائي في حد ذاتيا‪ ،‬حتى كلك تمت‪ ،‬ىي‬

‫دكف ذلؾ‪ ،‬بؿ ىي دكف مرحمة الشركع‪ ،‬ككنيا حالة نفسية ال تصؿ لمرتبة األفعاؿ المادية‪.‬‬

‫كىذا مردكد عميو ككف ىذا الرأم كقع في خمط غير منطقي؛ فيك ينظر إلى االتفاؽ الجنائي مف‬

‫زاكية مراحؿ الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي كىذا اعكجاج ببل ريب‪ ،‬فجريمة االتفاؽ الجنائي جريمة مستقمة‬

‫قائمة بذاتيا‪ ،‬ليا أركانيا التي تستقؿ بيا عف الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كبالتالي إذا ما نظرنا إلى‬

‫االتفاؽ كجريمة قائمة بذاتو سنجد أنو المرحمة األخيرة مف المراحؿ التي تمر فييا الجريمة‪ ،‬فبمجرد انعقاد‬

‫اإلرادات استكمؿ الركف المادم عناصره كلك لـ تنفذ الجريمة المتفؽ عمييا‪ ،‬لذا مف الخطأ تصكيره أنو ال زاؿ‬

‫دائر في المرحمة النفسية الباطنية الماثمة في مجرد العزـ الجنائي ‪.‬‬

‫‪ -3‬كاف مف الممكف تصكر الشركع في جريمة االتفاؽ الجنائي لك أف ركنيا المادم يتككف مف نشاط‬

‫مادم خارجي قابؿ لمتنفيذ جزئيان؛ فاالتفاؽ الجنائي يتطمب اتحاد إرادتيف أك أكثر عمى ارتكاب الجريمة كىذا‬

‫أمر ال يقبؿ التجزئة فإما أف تتبلقى إرادتاف عمى األقؿ‪ ،‬أك ال يحدث ىذا التبلقي فبل تككف ىناؾ جريمة عمى‬

‫رضاء تامان أك ال‬


‫ن‬ ‫اإلطبلؽ‪ ،215‬فيناؾ قاعد قانكنية تقضي بأف الرضا ال يقبؿ التجزئة‪ ،‬فإما أف يككف ىناؾ‬

‫‪214‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.831‬‬
‫‪215‬‬
‫عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .36‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .30‬طبلؿ‬
‫عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .161‬السعيد مصطفى السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .236‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .28‬عمي بدكم‪ ،‬األحكاـ العامة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .320‬بسمة سعكدم‪ ،‬جريمة المؤامرة ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫‪106‬‬
‫رضاء تامان في االتفاؽ الجنائي‪ ،‬قامت جريمة االتفاؽ‪ ،‬كاف لـ يكجد فبل مجاؿ‬
‫ن‬ ‫يككف إطبلقان‪ ،‬فإف كاف ىناؾ‬

‫لمقكؿ بكجكد بدء في التنفيذ باعتبار أف الرضاء غير قابؿ لمتجزئة‪.216‬‬

‫كىذا الرأم تعكزه الدقة في االستنتاج‪ ،‬فبل يتفؽ الباحث معو مف حيث المبدأ القائـ عمى أساس أف‬

‫االتفاؽ الجنائي يتطمب انعقاد إرادتيف أك أكثر عمى ارتكاب الجريمة كبالتالي ال مجاؿ لتجزئة اإلرادات كالحكـ‬

‫عمييا فرادل‪ ،‬كلكف ىذا األمر ال يتعارض مع إمكانية تصكر كقكع الشركع‪ ،‬إنما يمنع مف كقكع جريمة‬

‫االتفاؽ الجنائي في صكرتيا التامة فقط؛ كبالتالي ال يصح البناء عميو كجعمو يتعارض مع تصكر كقكع‬

‫الجريمة الناقصة بما يشمؿ الجريمة الخائبة كالجريمة المكقكفة‪،‬كذلؾ في الحالة التي ال يكتمؿ في الركف‬

‫المادم لبلتفاؽ الجنائي بانعقاد إرادتيف أك أكثر عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪.‬‬

‫‪-4‬يجب األخذ بعيف االعتبار أف المشرع لما جرـ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬يككف قد خرج عمى المبدأ الثابت‬

‫في القانكف الجنائي بحظر العقاب عمى مجرد االتفاقات‪ ،‬لذلؾ فمف غير الجائز تجاىؿ ذلؾ كميان كالتكسع في‬

‫االستثناء لحد تجريـ مجرد التداكؿ كالتفاكض الذم يتعيف أال يككف مشكبلن ألية جريمة مف جية‪.‬‬

‫كىذا النقد مردكد عميو بأنو لك سممنا جدالن بصحة ما استند عميو‪ ،‬فإنو رغـ ذلؾ ال يحكؿ دكف إمكانية تصكر‬

‫الشركع في جريمة االتفاؽ الجنائي‪.‬‬

‫مف ناحية أخرل يذىب فريؽ آخر مف الفقو كبحؽ إلى تصكر كقكع الشركع في جريمة االتفاؽ‬

‫‪217‬‬
‫الجرمي ال عقاب عميو‪ ،‬كذلؾ في‬
‫الجنائي ‪ ،‬بحيث الشركع في االتفاؽ بكصفو صكرة مف صكر االشتراؾ ي‬

‫انظر كذلؾ لدل‪ :‬محمكد إبراىيـ إسماعيؿ‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،1959،‬ص‪ .350‬عمي راشد‪ ،‬مكجز القانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪ ،1953‬ص‪.273‬‬
‫‪216‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫‪107‬‬
‫ظؿ القكانيف التي تأخذ بمذىب االستعارة‪ ،‬كذلؾ راجع ألف االتفاؽ في ىذه القكانيف ال يعد جريمة حتى يمكف‬

‫القكؿ بإمكاف الشركع فييا‪ ،‬كلكف بالنسبة لمتشريعات العقابية التي تعاقب عمى االتفاؽ الجنائي باعتباره جريمة‬

‫قائمة بذاتيا‪ ،‬فإنو مف الممكف قانكنان العقاب عمى الشركع فيو‪.218‬‬

‫كرغـ ما سبؽ اختمؼ ىذا الفريؽ مف الفقو فيما يتعمؽ باشتراط أف يككف السمكؾ المككف لمشركع‬

‫قد صدر مف كال الطرفيف أـ ال‪ ،‬حيث ذىب رأم أكؿ إلى تصكر الشركع في االتفاؽ الجنائي عمى صكرة‬

‫الجريمة المكقكفة كذلؾ مشركط بأف يككف السمكؾ المحقؽ لمشركع قد صدر مف كبل الطرفيف البلزميف لكجكد‬

‫االتفاؽ كلقياـ الجريمة‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ أف يعد كؿ منيما مشركع اتفاؽ مكتكب لعرضو عمى اآلخر‪ ،‬أك ييكمؼ‬

‫أحدىما اآلخر بكضع ىذا المشركع فيضعو‪ ،‬أما إذا كاف السمكؾ صاد انر مف أحد الطرفيف فقط دكف أف يمقى‬

‫تجاكبان مف الطرؼ اآلخر‪ ،‬كالعرض الذم ال يحكز أم قبكؿ‪ ،‬فبل يحقؽ الشركع في االتفاؽ الجنائي كجريمة‬

‫فاعؿ متعدد ذات مسالؾ متجانسة‪.219‬‬

‫في حيف ذىب رأم و‬


‫ثاف إلى أنو إذا لـ تنعقد اإلرادات فبل كجكد لبلتفاؽ الجنائي كجريمة تامة‪،‬‬

‫كبالتالي الدعكة إلى االتفاؽ التي لـ يصادفيا قبكؿ‪ ،‬ال تتـ بيا ىذه الجريمة‪ ،‬كتحديد إذا ما كانت ىذه الدعكة‬

‫تعد شركعان في االتفاؽ يقتضي تطبيؽ قكاعد الشركع‪ ،‬فإف تكافرت أركانو لـ يكف ثمة حائؿ مف القانكف لتكقيع‬

‫العقاب عميو‪ ،‬فبل مبرر لمقكؿ بأف الشركع في ىذه الجريمة غير متصكر أك غير معاقب عميو‪.220‬‬

‫‪217‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .486‬سمير الشناكم‪ ،‬الشركع في الجريمة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .480‬رمسيس بيناـ‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.830‬‬
‫‪218‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.480‬‬
‫‪219‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.830‬‬
‫‪220‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.486‬‬

‫‪108‬‬
‫كنتفؽ مع ما ذىب إليو الرأم األكؿ مف أنو لكي نككف أماـ جريمة اتفاؽ جنائي في صكرتيا‬

‫المكقكفة‪ ،‬ال بد أف يككف السمكؾ المحقؽ لمشركع قد صدر مف كبل الطرفيف البلزميف لكجكد االتفاؽ‪ ،‬فإذا كاف‬

‫قياـ الجريمة في صكرتيا التامة ال يككف إال إذا تحقؽ السمكؾ المكصكؼ في نمكذجيا القانكني مف قبؿ‬

‫شخصيف عمى األقؿ –كارادة كؿ منيما محؿ اعتبار‪ -‬بقياـ كؿ منيما بمسالؾ متجانسة‪ ،‬فإنو كمف باب أكلى‬

‫أيضان أنو ال قياـ لذات الجريمة في صكرتيا الناقصة إال إذا لـ يتحقؽ السمكؾ المكصكؼ في نمكذجيا‬

‫القانكني رغـ قياـ شخصاف أك أكثر بأفعاؿ تدخؿ ضمف البدء في التنفيذ‪ ،‬كمعنى ذلؾ أف ىذا األخير الذم‬

‫أكقؼ قس انر ألسباب خارجة عف اإلرادة يتعيف أف يككف صاد انر مف قبؿ شخصيف عمى األقؿ‪ ،‬كذلؾ ألف التعدد‬

‫ىنا يدخؿ ضمف النمكذج القانكني لمجريمة فيك ليس تعددان عرضيان‪ ،‬كىذا استنتاج منطقي جدان كيترتب عمى‬

‫ذلؾ استبعاد كؿ الحاالت التي يتحقؽ فييا البدء في التنفيذ في جانب أحد أطراؼ االتفاؽ المزمع عقده‪ ،‬مثؿ‬

‫محاكلة حمؿ شخص عمى الدخكؿ في اتفاؽ عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬أك الدعكة إلى إجراء االتفاؽ التي‬

‫لـ تقترف بقبكؿ ألسباب خارجة عف اإلرادة‪.‬‬

‫كالسؤاؿ الذم يثار في ىذا المقاـ ما ىك مصير الحاالت التي ال تدخؿ ضمف نطاؽ الشركع في‬

‫االتفاؽ الجنائي عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر حالة الدعكة إلى إجراء اتفاؽ الرتكاب جناية أك جنحة كلكف‬

‫قكبمت بالرفض أك حالة حمؿ شخص عمى الدخكؿ في االتفاؽ‪221‬؟‬

‫‪221‬‬
‫جرمت بعض التشريعات العربية الدعكة لبلتفاؽ الجنائي‪ ،‬مقدرة الخطكرة اإلجرامية لدل الجاني الذم يدعك إلى االتفاؽ عمى ارتكاب "بعض الجرائـ"‬
‫الكاقعة عمى أمف الدكلة‪ ،‬كذلؾ إذا لـ تقبؿ دعكتو كمف ىذه التشريعات قانكف العقكبات المصرم كذلؾ في المادة (‪ )97‬التي نصت عمى أنو (كؿ مف دعا‬
‫آخر إلى االنضماـ إلى اتفاؽ يككف الغرض منو ارتكاب جريمة مف الجرائـ المنصكص عمييا في المكاد ‪ 87-89-90‬مكرر‪ ،‬كالمكاد مف ‪ 91‬إلى ‪94‬‬
‫مف ىذا القانكف يعاقب بالحبس إذا لـ تقبؿ دعكتو)‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫لما كنا قد كصمنا إلى أف جريمة االتفاؽ الجنائي جريمة فاعؿ متعدد كبالتالي فإنيا في صكرتيا‬

‫المكقكفة أيضان ستبقى جريمة فاعؿ متعدد‪ ،‬كبالتالي فإف الحاالت التي ال تدخؿ ضمف البدء في التنفيذ يصدؽ‬

‫كصفيا بحاالت الفاعؿ الكحيد‪ ،‬كلكف العقاب عمييا مف عدمو مرتبط بمدل خضكعيا لنصكص التجريـ‬

‫كالعقاب‪ ،‬كبالنظر في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬كجدنا أف تمؾ الحاالت ترقى لمصاؼ جريمة‬

‫كاممة األركاف قائمة بذاتيا أال كىي جريمة التحريض‪ ،‬فالتحريض كجريمة مستقمة يعد جريمة فاعؿ كحيد‬

‫"الم ً‬
‫حرض"‪ ،‬كيظير ذلؾ جميان مف نص المادة‬ ‫يتحقؽ السمكؾ المكصكؼ في نمكذجيا القانكني شخص كاحد ي‬

‫(‪ )31‬كالتي جاءت بقكليا‪" :‬كؿ مف حاكؿ حمؿ غيره أك حاكؿ تحريضو أك تشكيقو عمى ارتكاب فعؿ أك ترؾ‬

‫في فمسطيف أك في الخارج‪ ،‬ككاف ذلؾ الفعؿ أك الترؾ‪ ،‬فيما لك تـ كقكعو‪ ،‬يعد جرمان بمقتضى شرائع فمسطيف‬

‫أك الشرائع المعمكؿ بيا في الببلد التي كاف في النية ارتكاب الفعؿ أك الترؾ فييا‪ ،‬يعتبر مجرمان بنفس الجرـ‬

‫كيعاقب بنفس العقكبة التي يعاقب بيا فيما لك حاكؿ بنفسو ارتكاب ذلؾ الفعؿ أك الترؾ في فمسطيف‪ ،‬أكاف ىك‬

‫الذم حاكؿ ارتكاب الفعؿ أك الترؾ أـ الشخص اآلخر الذم حممو أك حرضو أك شكقو‪."...‬‬

‫بتدقيؽ النظر في مضمكف النص السابؽ يجػد البػاحث أف المشرع الجزائي اعتبر المحرض مسئكالن‬

‫الم ىحرض عميو كأنو يعاقب بالعقكبة المقررة لمشركع في ذلؾ الجرـ فيما لك حاكؿ بنفسو‬
‫جزائيان عف ذات الجرـ ي‬

‫ارتكاب ذلؾ الفعؿ أك الترؾ في فمسطيف‪ ،‬كىذا يقطع بشكؿ كاضح ال يدع مجاالن لمشؾ بأنو ينبغي أف يككف‬

‫المحرض عميو متصكر أف يقع فيو الشركع كيتضح ذلؾ مف قكؿ المشرع ‪ -‬كيعاقب بنفس العقكبة فيما‬
‫الجرـ ي‬
‫ي‬

‫لك حاكؿ بنفسو ارتكاب ذلؾ الفعؿ أك الترؾ في فمسطيف‪ ،-‬فكممة "حاكؿ" يقصد بيا جريمة المحاكلة الكاردة‬

‫بنص المادة (‪ ،)30‬كلما كنا قد كصمنا إلى أف جريمة االتفاؽ الجنائي يتصكر فييا الشركع؛ بناء عمى ذلؾ‬

‫المحرض مف كراءه‬
‫فإف كؿ مف حاكؿ حمؿ غيره أك حاكؿ تحريضو أك تشكيقو عمى مشركع إجرامي ييدؼ ي‬

‫‪110‬‬
‫إلى االتفاؽ عمى تنفيذه‪ ،‬يعد مرتكبان لجريمة التحريض كيعاقب بالعقكبة المقررة في حالة الشركع في الجرـ‬

‫مكضكع االتفاؽ المزمع عقده‪ ،‬لذلؾ تدخؿ حالة الدعكة إلى االنضماـ إلى اتفاؽ جنائي أك مجرد التحريض‬

‫عمى إجراء اتفاؽ جنائي في سياؽ جريمة التحريض أعبله‪.‬‬

‫كيشترط لقياـ التحريض عمى االتفاؽ الجنائي كجكد دعكة حقيقية جدية صريحة محددة اليدؼ‬

‫المحرض بعرض مشركعو كخططو عمى‬


‫كاضحة كمباشرة‪ ،‬أم ال بد مف كجكد مخطط لو مف قبؿ‪ ،‬كيقكـ ي‬

‫الطرؼ اآلخر‪ ،222‬كنخطئ إذ نقكؿ أف الدعكة قد حصمت لمجرد صدكر تعبيرات غامضة تفيد أكثر مف‬

‫معنى‪ ،‬أك لمجرد إفصاح الشخص عف انتكائو ىك أك الغير عمى ارتكاب جريمة‪ ،‬أك عف اتفاقو الجنائي عمييا‪،‬‬

‫مادامت األقكاؿ حديثان عف النفس أك الغير‪ ،‬كال تتضمف عرضان باالنضماـ إلى السامع نفسو‪.223‬‬

‫كيستكم في ذلؾ التحريض أف يككف دعكة إلى تككيف اتفاؽ أك االنضماـ إلى اتفاؽ قائـ أك سبؽ‬

‫قيامو‪ ،‬كيمكف القكؿ بأنو إذا ما القت دعكة المحرض قبكالن فإف االتفاؽ الجنائي ينعقد كتقكـ الجريمة كيمسي‬

‫المحرض باندماج إرادتو مع المتفقيف‪ ،224‬أم تزكؿ صفة المحرض ىنا‬


‫المحرض يمتفقان كتزكؿ عنو صفة ي‬
‫ي‬

‫ليحؿ مكانيا الشريؾ في االتفاؽ‪ ،‬كلكي تبقى صفة المحرض قائمة‪ ،‬يتعيف أال تمقى دعكتو القبكؿ مف‬

‫المحرض‪ ،‬كعدـ القبكؿ قد يككف بالرفض الصريح أك الضمني‪ ،‬كيدخؿ في الرفض الضمني التظاىر غير‬

‫الجدم بقبكؿ االتفاؽ لتمكيف السمطات مف الكقكؼ عمى ما يدبر مف اتفاقات كالقبض عمى الجناة‪ ،‬كقد يككف‬

‫عدـ القبكؿ بمجرد السككت كلك كاف مرجعو إلى التردد في قبكؿ الدعكة أك رفضيا‪ ،‬فينا ال يمزـ مكقؼ‬

‫إيجابي برفض الدعكة‪ ،‬كانما يكتفى بالمكقؼ السمبي المتجمي بعدـ القبكؿ‪ ،‬إذ ليس ىناؾ أىمية في أف تككف‬

‫‪222‬‬
‫بسمة سعكدم‪ ،‬مذكرة مقدمة ضمف متطمبات نيؿ شيادة ماجسيتر أكاديمي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪223‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪224‬‬
‫بسمة سعكدم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪111‬‬
‫كيراد ضـ المدعك إلى الدخكؿ كاالنضماـ إليو‪ ،‬فالتحريض‬
‫الدعكة إلى اتفاؽ جنائي لـ ينشأ بعد‪ ،‬أك اتفاؽ قائـ ي‬

‫يقكـ في كبل الحالتيف‪.225‬‬

‫كقد يقع البعض في الخمط ىنا ما بيف الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي كبيف االتفاؽ الجنائي نفسو‬

‫فيما يتعمؽ بالمكضكع الذم ينصب عميو التحريض‪ ،‬لذا ينبغي االنتباه إلى أف التحريض عمى االتفاؽ‪ ،‬يرد‬

‫عمى االتفاؽ الجنائي نفسو كبالتبعية يرد عمى الجناية أك الجنحة مكضكع االتفاؽ‪ ،‬كلكف في الحالة التي يككف‬

‫المحرض مف كراء تحريضو‪ ،‬االتفاؽ عمى تنفيذ الجريمة‪ ،‬ال‬


‫التحريض كاردان عمى جريمة ما دكف أف يستيدؼ ي‬

‫نككف أماـ تحريض عمى التآمر‪ ،‬ففرؽ بيف أف نقكؿ جريمة تحريض عمى القتؿ كبيف تحريض عمى االتفاؽ‬

‫عمى القتؿ؛ ككف المحرض في الثاني يحرض عمى جريمة مستقمة قائمة بذاتيا‪ ،‬كبالتالي يعاقب بالعقكبة‬

‫المقررة عمى الشركع فييا –أم القتؿ‪ -‬في ىذا المثاؿ‪.‬‬

‫كيحمد لممشرع مسمكو السابؽ القائـ عمى القضاء عمى الجريمة كىي في بذكرىا األكلى‪ ،‬كبالتالي‬

‫المرتكب يدخؿ في سياؽ التحريض أك الحمؿ أك التشكيؽ فإنو يقكـ بو جرـ مستقؿ قائـ بذاتو‬
‫طالما أف الفعؿ ي‬

‫يعاقب عميو سكاء لقي قبكالن مف المحرض أـ لـ يمؽ‪ ،‬كسكاء أفضى إلى نتيجة أـ لـ يفض‪ ،‬كمسئكلية‬

‫حرض‪ ،‬فاألكؿ يعاقب سكاء لبى المحرض دعكتو أـ لـ يمبيا‪ ،‬كسكاء اقترؼ‬ ‫ً‬
‫الم ى‬
‫المحرض مستقمة عف مسئكلية ي‬
‫ي‬

‫المحرض الجريمة التي أرادىا المحرض أـ لـ يقترفيا‪.‬‬

‫التساؤؿ ىنا‪ ،‬ىؿ إجراء المفاكضات كالمدارسات كالمناقشات التي تسبؽ االتفاؽ الجنائي‬
‫ّ‬ ‫كيثار‬

‫يدخؿ في مدلكؿ الشركع؟‬

‫‪225‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪112‬‬
‫جريمة االتفاؽ الجنائي في الغالب ما يسبقيا إجراء مفاكضات كمناقشات مف قبؿ أطرافيا المحتمميف‬

‫قبؿ انعقاد إرادتيـ عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬كتحديد فيما إذا كانت ىذه المفاكضات أك المناقشات إذا‬

‫ابتداء التعرؼ‬
‫ن‬ ‫أكقفت أك خاب أثرىا تدخؿ ضمف مدلكؿ البدء في تنفيذ جريمة االتفاؽ الجنائي أـ ال يقتضي‬

‫عمى مدلكؿ البدء في التنفيذ في جريمة الشركع عمكمان كفقان ألحكاـ قانكف لعقكبات رقـ (‪1936 )74‬ـ‬

‫لقد استخدـ المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ مصطمح المحاكلة بدالن مف الشركع‪،‬‬

‫كقد جاءت المادة (‪ )1/30‬مف ذات القانكف تعرؼ المحاكلة بقكليا‪" :‬يعتبر الشخص بأنو حاكؿ ارتكاب الجرـ‬

‫إذا ما شرع في تنفيذ عمى ارتكاب ذلؾ الجرـ باستعماؿ كسائؿ تؤدم إلى كقكعو ك أظير نيتو ىذه بفعؿ مف‬

‫األفعاؿ الظاىرة‪ ،‬كلكنو لـ يتمكف مف تنفيذ نيتو ىذه إلى حد إيقاع الجرـ"‪.‬‬

‫كيظير مف النص السابؽ أف المشرع قد عرؼ المحاكلة كفؽ منظكر المذىب الشخصي‪ ،‬كلـ تتجو‬

‫إرادتو حينما عرؼ المحاكلة بالشركع أف تككف مرادفة لو‪ ،‬فالمحاكلة التي عرفتيا المادة (‪ )30‬يدخؿ في‬

‫نطاقيا األفعاؿ الظاىرة التي تؤدم إلى كقكع الجريمة حتى كاف لـ تكف ضمف السمكؾ المككف لمركف المادم‪،‬‬

‫كما أضافت المادة (‪ )30‬كىي بصدد تعريؼ المحاكلة قكليا كأظير نيتو ىذه بفعؿ مف األفعاؿ الظاىرة‪،‬‬

‫كيقصد باألخيرة ىنا كؿ فعؿ يتعدل مرحمة التفكير كالعزـ كيظير إلى الكجكد كال يشترط أف يدخؿ ضمف‬

‫الركف المادم لمجريمة‪ ،‬كما ال يشترط أف يككف فعبلن تنفيذيان يسبؽ السمكؾ المككف لمركف المادم‪ ،‬كبذلؾ يدخؿ‬

‫مفيكـ األفعاؿ الظاىرة األعماؿ التحضيرية‪ ،‬ألنيا تككف قد ظيرت مف خبلؿ الفعؿ كتعدت مرحمة التفكير‬

‫كىي بداية تنفيذ النية‪.226‬‬

‫‪226‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪113‬‬
‫كبناء عمى ما سبؽ‪ ،‬فإف جميع األفعاؿ المتكاجية التي تسبؽ انعقاد االتفاؽ الجنائي تدخؿ ضمف‬

‫مدلكؿ البدء في التنفيذ‪ ،‬طالما أظير كؿ طرؼ‪ -‬في االتفاؽ المزمع عقده ‪ -‬نيتو عمى إجراء اتفاؽ جنائي‪،‬‬

‫بأم فعؿ مف األفعاؿ الظاىرة‪ ،‬كلكنو لـ يتمكف مف تنفيذ نيتو إلى حد إيقاع الجريمة‪ ،‬كلكف يشترط أف تصدر‬

‫ىذه األفعاؿ الظاىرة‪ ،‬مف كبل الطرفيف البلزميف لكجكد االتفاؽ كلقياـ الجريمة‪ ،‬كذلؾ أننا إزاء جريمة فاعؿ‬

‫متعدد ذات مسالؾ متجانسة كما سبؽ كأف ذكرنا‪ ،‬كتطبيقان لذلؾ فإف المفاكضات كالمناقشات التي تجرم بيف‬

‫أطراؼ االتفاؽ المزمع عقده‪ ،‬تعد مقدمة منطقية تميد لكالدة االتفاؽ‪ ،‬كبالتالي تدخؿ ضمف دائرة األعماؿ‬

‫التنفيذية التي ال تدخؿ ضمف الركف المادم لمجريمة كلكنيا تؤدم مباشرة كحاالن إلى كقكع الجريمة‪ ،‬تعد شركعان‬

‫في جريمة االتفاؽ الجنائي كفقان لنص المادة (‪ )30‬مف قانكف العقكبات‪.‬‬

‫كتطبيقان لذلؾ‪ ،‬يتحقؽ الشركع في ىذه الجريمة عندما يجتمع شخصاف فأكثر لمتدارس كالنقاش في‬

‫مشركع االتفاؽ فتباغتيـ قكات البكليس كىـ عمى تمؾ الحالة مما يحكؿ عمميان بينيـ كبيف قياـ جريمة االتفاؽ‬

‫و‬
‫حينئذ يشكؿ بدءان في التنفيذ‪.‬‬ ‫الجنائي‪ ،‬عمى اعتبار أف فعميـ‬

‫كيعد شركعان في اتفاؽ جنائي قياـ كؿ طرؼ بإعداد مشركع اتفاؽ مكتكب عمى جناية أك جنحة‬

‫لعرضو عمى اآلخر أك أف يكمؼ أحدىما اآلخر بإعداد ىذا المشركع فيعده‪ ،227‬ككف أف مدلكؿ المحاكلة كما‬

‫أكضحنا يتسع ليشمؿ جميع األفعاؿ الظاىرة التي تؤدم إلى كقكع الجريمة حتى كاف لـ تكف ضمف السمكؾ‬

‫المككف لمركف المادم‪ ،‬كبذلؾ يدخؿ في مفيكـ األفعاؿ الظاىرة األعماؿ التحضيرية؛ ألنيا الخطكة األكلى في‬

‫تنفيذ النية‪.228‬‬

‫‪227‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.830‬‬
‫‪228‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪114‬‬
‫ملطًب ي بع‬

‫يعل‪ ٍٚ‬الخ ‪ٝ‬اي‪ ٟ‬عٔ التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫اتجيت كثير مف التشريعات الجنائية إلى خمؽ حافز لتشجيع الجاني عمى عدـ المضي في مشركعو‬

‫اإلجرامي حتى نيايتو‪ ،‬فنصت عمى إعفائو مف العقاب إذا ىك عدؿ بإرادتو عف الجريمة التي بدأ في تنفيذىا‪،‬‬

‫كعمى ضكء ذلؾ فيما يتعمؽ بجريمة االتفاؽ الجنائي قد يحدث كأف يقكـ الجناة كميـ أك بعضيـ بالعدكؿ قبؿ‬

‫تنفيذ الجريمة أك الجرائـ المتفؽ عمييا‪ ،‬بإرادتيـ الحرة دكف أم ضغكط أك عكامؿ خارجية‪ ،‬فما مصيرىـ كىذه‬

‫الحالة‪ ،‬ىؿ يتـ إعفائيـ مف العقاب كفقان ألحكاـ قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬قبؿ اإلجابة عمى‬

‫ذلؾ سنقكـ بإيجاز ببياف المقصكد بالعدكؿ االختيارم كالمحظة التي ينتج فييا أثره‪ ،‬كعمى ضكء ذلؾ نحدد فيما‬

‫إذا كانت ىذه الحالة تعد عدكالن اختياريان أـ ال‪ ،‬ثـ ننتقؿ تباعان لعرض مكقؼ المشرع في قانكف العقكبات رقـ‬

‫(‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬مف العدكؿ االختيارم‪.‬‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫ملكص‪ٛ‬ت بايعل‪ ٍٚ‬الخ ‪ٝ‬اي‪ٟ‬‬

‫العدكؿ االختيارم عف إتماـ الجريمة ىك عدكؿ الجاني بمحض إرادتو الحرة‪ ،‬دكف أف يككف ذلؾ راجعان إلى‬

‫ضغكط أك عكامؿ خارجية مستقمة عف إرادتو‪ ،‬سكاء أكانت مادية أـ معنكية‪ ،229‬كعرفو البعض بأنو الحالة‬

‫‪229‬‬
‫جبلؿ ثركت‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .301‬محمد عمي السالـ الحمبي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .158‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .731‬سمير الشناكم‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.345‬‬

‫‪115‬‬
‫التي يعدؿ فييا الجاني بمحض إرادتو الحرة عف المضي في الجريمة التي بدء في تنفيذىا كذلؾ قبؿ‬

‫تماميا‪.230‬‬

‫كيتضح مف التعريؼ السابؽ أف العدكؿ يككف اختياريان إذا كاف كليد قرار حر مف قبؿ الجاني بعد أف‬

‫شرع في ارتكاب الجريمة‪ ،‬فإذا كانت ىناؾ عكامؿ خارجية‪ ،‬مستقمة عف شخصيتو‪ ،‬كجيت إرادتو ىذه الكجية‪،‬‬

‫فينا يعد العدكؿ اضط ارريان‪ ،‬بعبارة أخرل إذا كاف العدكؿ مرده أسباب خارجية أثرت في إرادة الجاني فإف‬

‫العدكؿ ال يككف اختياريان‪.231‬‬

‫عمى أنو يدؽ كيصعب مف الناحية العممية البت فيما إذا كاف العدكؿ عف إكماؿ الجريمة مف جانب‬

‫الشارع فييا‪ ،‬يعتبر راجعان إلى إرادتو أـ إلى ظرؼ خارج عف اإلرادة‪ ،‬كلكف رغـ ذلؾ يرل البعض كبحؽ أف‬

‫العدكؿ يعتبر راجعان إلى إ رادة الفاعؿ إذا لـ يكف ثمرة اضطرار ناشئ مف عامؿ خارجي كجد في محيط‬

‫السمكؾ أك تخيؿ الفاعؿ كجكده‪ ،232‬ككذلؾ يميؿ الباحث إلى أف العدكؿ يككف إراديان كمما كاف باإلمكاف‬

‫اإلقداـ كاتماـ الجريمة‪ ،‬كيترؾ تقدير ذلؾ لقاضي المكضكع بناء عمى كؿ حالة عمى حدة‪.233‬‬

‫كمما تجدر اإلشارة إليو أف السياسة الجنائية الحديثة تتجو نحك عدـ العقاب عمى العدكؿ االختيارم‬

‫كحافز لحث كتشجيع الجاني إلى التراجع عف المضي في مشركعو‪ ،234‬ككؿ ذلؾ تشجيعان عمى عدـ ارتكاب‬

‫الجريمة كتدعيمان لمعكامؿ المانعة مف اإلجراـ في مكاجية العكامؿ الدافعة إليو‪ ،‬ككذلؾ عدـ العقاب عمى‬

‫‪230‬‬
‫‪ -‬ىبللي عبدالبله أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪231‬‬
‫سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .226‬ىبللي عبدالبله أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .157‬ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ‬
‫العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .262‬جبلؿ ثركت‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .301‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .731‬سمير‬
‫الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .345‬محمد زكي أبك عامر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .177‬عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،2010 ،‬ص‪.41‬‬
‫‪232‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.731‬‬
‫‪233‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪234‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.344‬‬

‫‪116‬‬
‫العدكؿ االختيارم يصب في صالح المجتمع حيث يترؾ لمجاني فرصة لمتكبة كسبيبلن لمعكدة إلى السمكؾ‬

‫الشريؼ‪.235‬‬

‫حيث أف المشرع يقدـ مكافأة لمف أكقؼ تمقائيان سمككو اإلجرامي‪ ،‬أك أحبط طكاعية نتيجة ىذا السمكؾ‪،‬‬

‫بأف يقرر الشارع إعفاءه مف العقاب عمى السمكؾ ذاتو‪ ،‬رغـ أنو سمكؾ تحقؽ بو ‪-‬قبؿ اإليقاؼ أك قبؿ‬

‫اإلحباط‪ -‬الركناف البلزماف العتباره شركعان معاقبان عميو‪ ،‬الركف المادم كىك ككف كقكع الجريمة صار قكم‬

‫االحتماؿ‪ ،‬كالركف المعنكم كىك أف صاحبو كاف يقصد بو ارتكاب ىذه الجريمة‪ ،‬كليست تمؾ المكافأة سكل‬

‫سياسة تشريعية تيدؼ إلى تشجيع الجناة عمى إيقاؼ سمككيـ اإلجرامي أك إحباط نتيجتو اإلجرامية مف تمقاء‬

‫أنفسيـ‪ ،‬إذا شاءكا ألنفسيـ النجاة مف العقاب‪ ،236‬كالعدكؿ االختيارم متصكر في نكعي الشركع كؿ ما ىنالؾ‬

‫أنو إذا كاف الشركع ناقصان "الجريمة المكقكفة"‪ ،‬فإف العدكؿ يتخذ صكرة مكقؼ سمبي‪ ،‬بينما يتخذ صكرة مكقؼ‬

‫إيجابي في الشركع التاـ "الجريمة الخائبة"‪ ،237‬كال يتفؽ الباحث مع ما ذىب إليو البعض مف العدكؿ‬

‫االختيارم غير متصكر في الجريمة الخائبة‪.238‬‬

‫كذىب البعض إلى أف العدكؿ االختيارم عف الجريمة مرتبط ارتباطان كثيقان بالجرائـ التي تقبؿ فكرة‬

‫الشركع‪ ،‬بمعنى آخر الجرائـ ذات النتيجة كذلؾ ألف صكرتو مفادىا بدء الجاني في تنفيذ الجريمة كلكف‬

‫النتيجة اإلجرامية لـ تتحقؽ لعامؿ ذاتي مرده إرادة الجاني الحرة كأسباب نفسية خالصة جعمتو يتخذ ق ارره في‬

‫حرية تامة بعدـ المضي في إتماـ الجريمة مما يعني أف الجاني عدؿ ح انر مختا انر عف إكماؿ نشاطو‪ ،‬أما‬

‫‪232‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.263‬‬
‫‪236‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.731‬‬
‫‪237‬‬
‫خالد صفكت بينساكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.274‬‬
‫‪238‬‬
‫عمي بدكم‪ ،‬األحكاـ العامة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.265‬‬

‫‪117‬‬
‫الجرائـ ذات السمكؾ المجرد فبل مجاؿ إلمكانية الحديث عف عدكؿ اختيارم فييا كذلؾ ألف الجريمة تككف قد‬

‫كقعت بصكرة كاممة بمجرد ارتكاب السمكؾ اإلجرامي مما يعني أنيا ال تقبؿ فكرة الشركع‪.239‬‬

‫كلكف ىذا االتجاه تعكزه الدقة‪ ،‬حيث نتفؽ معو فيما يتعمؽ باالرتباط الكثيؽ بيف العدكؿ االختيارم‬

‫كبيف الجرائـ التي تقبؿ فكرة الشركع‪ ،‬كلكف ال يكافقو الباحث فيما ذىب إليو مف أف الجرائـ ذات السمكؾ‬

‫المجرد ال عدكؿ اختيارم فييا‪ ،‬كذلؾ بالتبعية لعدـ قبكليا فكرة الشركع؛ فيذا محؿ نظر باعتبار أف الجرائـ‬

‫ذات السمكؾ المجرد ال تقبؿ بطبيعتيا التحقؽ عمى صكرة الجريمة الخائبة فقط؛ ألنو بمجرد إتياف السمكؾ‬

‫المككف ليا في ذاتو‪ ،‬تقع كاممة كجريمة سمكؾ مجرد بما ال محؿ معو لمكبلـ عف الخيبة‪ ،‬كلكف مف المتصكر‬

‫فييا تكافر الشركع بصكرة الجريمة المكقكفة‪ ،240‬فضبلن عف ذلؾ‪ ،‬ىذا الرأم قدـ تصك انر قاص انر لمفيكـ العدكؿ‬

‫كذلؾ بجعمو قاص انر عمى العدكؿ الذم يككف في صكرة إحباط النتيجة اإلجرامية بمحض اإل اردة الحرة‪ ،‬في‬

‫حيف أف العدكؿ االختيارم أيضان يرد عمى السمكؾ اإلجرامي نفسو كيأخذ صكرة اإليقاؼ التمقائي لذلؾ السمكؾ‪،‬‬

‫كمف يقكـ بإخراج خنجره لطعف غريمو ثـ يعدؿ عف ذلؾ‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .450‬خالد صفكت بينساكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .274‬سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.208‬‬
‫‪240‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.738‬‬

‫‪118‬‬
‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫يًرظ‪ ١‬ييت ‪ ٜٓ‬خ ف‪ٗٝ‬ا يعل‪ ٍٚ‬أث ‪ٙ‬‬

‫كال بد مف األخذ بعيف االعتبار أف العدكؿ االختيارم ال ينتج أثره إال إذا كقع قبؿ تماـ الجريمة‪ ،‬كقبؿ‬

‫تكافر أركاف الشركع بكقؼ التنفيذ أك خيبة األثر ألسباب ال ترجع إلرادة الجاني‪ ،241‬أما إذا كقع نككص‬

‫الجاني بعد ذلؾ‪ ،‬فإننا ال نككف بصدد عدكؿ‪-‬بمعناه الصحيح‪ ،-‬كانما بصدد تكبة إيجابية ليس مف شأنيا أف‬

‫تحكؿ دكف عقاب الجاني عمى ما أتاه مف أفعاؿ‪ ،242‬فالعدكؿ بعد تماـ الجريمة كتحقؽ آثارىا ىك الذم يطمؽ‬

‫عميو التكبة اإليجابية‪.243‬‬

‫بناء عمى ما سبؽ‪ ،‬إذا كاف المتفقكف قد عدلكا عدكالن طكعيان عف تنفيذ اتفاقيـ الجنائي‪ ،‬فيؿ يؤدم‬

‫ذلؾ إلى انتفاء مسئكليتيـ الجنائية أـ ال؟‬

‫لقد أثارت ىذه المسألة خبلفان فقييان‪ ،‬فذىب رأم في الفقو إلى القكؿ بأف العدكؿ عف االتفاؽ ال يعفي‬

‫الجاني مف المبلحقة الجزائية كالعقاب‪ ،‬فاالستقبلؿ الذم يقرره القانكف لجريمة االتفاؽ الجنائي يستتبع التمييز‬

‫بيف ركنيا المادم كالركف المادم لمجريمة المتفؽ عمييا‪ ،‬فبانعقاد اإلرادات يتكافر االتفاؽ‪ ،‬كيستكمؿ الركف‬

‫المادم عناصره كلك لـ تنفذ الجريمة المتفؽ عمييا‪ ،‬كيترتب عمى ذلؾ أف عدكؿ المتفقيف كعزكفيـ عف تنفيذ‬

‫الجرائـ المتفؽ عمييا ال يحكؿ دكف العقاب عمى جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬إذ ال يمس ىذا العدكؿ الركف المادم‬

‫‪241‬‬
‫ىبللي عبد البله أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .160‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .731‬ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪،‬‬
‫الجزء األكؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪ .264‬محمد زكي أبك عامر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪242‬‬
‫محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .264‬خالد صفكت بينساكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .279‬ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.264‬‬
‫عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪243‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.357‬‬

‫‪119‬‬
‫الذم تكافرت جميع عناصره‪ ،244‬فجريمة االتفاؽ الجنائي تقع تامةن بمجرد انعقاد اإلرادات‪ ،‬كال عبرة بعد ذلؾ‬

‫‪245‬‬
‫لعدكؿ المتفقيف‬

‫حيث أف ذلؾ العدكؿ كالعزكؼ عف ارتكاب الجريمة المقصكدة باالتفاؽ ال يؤدم مطمقان إلى سقكط‬

‫االتفاؽ مف الناحية القانكنية‪ ،‬عمى اعتبار أف المرء ال يمكف أف يعدؿ طكعان عف جريمة يككف قد ارتكبيا مف‬

‫و‬
‫حينئذ ينصرؼ في الحقيقة إلى عدـ اقتراؼ جريمة أخرل كىي الجريمة المقصكدة‬ ‫قبؿ‪ ،‬كألف العدكؿ االختيارم‬

‫باالتفاؽ‪ ،‬كبالتالي يمكف اعتبار ىذا العدكؿ الطكعي عف تنفيذ مخطط االتفاؽ تكبة كندما لمجناة‪246‬كلكف‬

‫التكبة كالندـ كما ىك معركؼ ال أثر ليا كبعد ارتكاب الجريمة ال عمى قياـ المسئكلية الجنائية كال عمى‬

‫العقاب‪.247‬‬

‫في حيف يرل بعض الفقو عدـ معاقبة مف يعدؿ مف المتفقيف كيستند إلى أف العدكؿ عف االتفاؽ قبؿ‬

‫التنفيذ يعني أنو ليس ىنالؾ مف اتفاؽ تاـ منعقد بصكرة نيائية بيف المتفقيف‪ ،‬ككذلؾ عدكؿ المتفؽ معناه أف‬

‫اتفاقو كاف عرضيان‪ ،‬كالمشرع ال يجرـ االتفاؽ العرضي‪ ،‬كلكنو يجرـ االتفاؽ الذم يدكـ كيستمر حتى يكتشؼ‪،‬‬

‫فضبلن عف ذلؾ فإف االتفاؽ الذم ييعدؿ عنو اتفاؽ تافو كغير خطر كال يستأىؿ مف عدؿ عنو المساءلة‬

‫الجنائية‪ ،‬كينتيي ىذا الرأم إلى القكؿ بأف معاقبة المتفقيف الذيف عدلكا عف اتفاقيـ معناه أننا أغمقنا في كجو‬

‫أمثاؿ ىؤالء باب التكبة كلدفعناىـ دفعان إلى الشركع بتنفيذ ما عقدكا النية عمى تنفيذه كالى االستماتة في سبيؿ‬

‫‪244‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .489‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.827‬‬
‫‪245‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪246‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪247‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .375‬محمد زكي أبك عامر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .176‬محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.264‬‬
‫خالد صفكت بينساكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .279‬ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪264‬‬

‫‪120‬‬
‫نجاح مشركعيـ اإلجرامي طالما أف األمؿ غير مكجكد في نجاتيـ مف العقاب إال بتنفيذ اتفاقيـ‬

‫كاقتراؼ الجريمة التي كطدكا العزـ عمى ارتكابيا ك فكزىـ في إتماميا‪.248‬‬

‫كىذا الرأم تعكزه الدقة ككف المشرع المصرم لـ يشترط في االتفاؽ أف يبقى مستم انر لغاية كقكع‬

‫الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي‪ ،‬بؿ أف المشرع يعاقب عمى االتفاؽ منذ لحظة انعقاد اإلرادات فمنذ تمؾ‬

‫المحظة تقكـ جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬لذا يككف مف غير الدقيؽ تصكير األمر بأنو عقاب عمى العدكؿ‬

‫االختيارم‪ ،‬ككف ذلؾ فيو تجاىؿ ألحد شركط العدكؿ االختيارم كالمتمثؿ بأف يككف سابقان عمى تماـ الجريمة‬

‫فبل يكفي فيو أف يككف بمحض اإلرادة الحرة‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ إذا ما تـ العدكؿ بعد لحظة تماـ الركف المادم‬

‫فإننا نككف أماـ تكبة إيجابية كما سبؽ كأف أكضحنا‪ ،‬أما فيما يتعمؽ بأف العقاب عمى العدكؿ االختيارم عف‬

‫االتفاؽ الجنائي‪ ،‬يترتب عميو سمبيات خطيرة‪ ،‬فإف ىذا النقد يستند إلى اعتبارات عممية‪ ،‬كىذه االعتبارات ال‬

‫يصح القكؿ بيا الستخبلص رأم في خركج عمى أحكاـ القانكف‪.‬‬

‫كفي ذات السياؽ ذىب رأم في الفقو إلى عدـ معاقبة المتفقيف العادليف طكعان عف تنفيذ مخططيـ‬

‫اإلجرامي باالستناد عمى أسس قانكنية مختمفة‪ ،‬حيث يرل بأف "العدكؿ الطكعي مف قبؿ المتفقيف يسقط‬

‫المسئكلية الجنائية‪ .‬كيستند في رأيو إلى سببيف‪ ،‬أكليما منطقي كيكمف في تجريـ االتفاؽ ىك نكع مف التجريـ‬

‫الكقائي لـ يمجأ إليو المشرع عمى اعتبار أنو ىك الذم يستحؽ التجريـ في ذاتو‪ ،‬بقدر ما ىك احتراز منو لما‬

‫يمكف أف يؤدم إليو ىذا االتفاؽ مف اقتراؼ جرائـ أخرل‪ ،‬فيككف كالحالة ىذه عدكؿ الجناة طكعيان عف‬

‫‪248‬‬
‫الرأم السائد في الفقو الفرنسي يرل أال عقاب عمى عدكؿ المتفقيف عف تنفيذ الجريمة مكضكع االتفاؽ‪ ،‬انظر لدل‪ :‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات‬
‫الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪. 20‬عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .30 -29‬أحمد صفكت بؾ‪ ،‬شرح القانكف الجنائي‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.396‬‬

‫‪121‬‬
‫تنفيذ الجريمة المقصكدة بمشركعيـ اإلجرامي دليبلن عمى أف الخطكرة التي قامت كىددت المصمحة التي رأل‬

‫المشرع حمايتيا بالعقاب عمى التآمر قد انمحت‪ ،‬كتككف بالتالي العمة مف العقاب قد انتفت‪ ،‬كىذا ما يفرض‬

‫تبعان لذلؾ اإلعفاء مف ىذا األخير‪ ،249‬أما ثاني األسباب فيك في نظره عممي صرؼ‪ ،‬كيقكـ عمى أف اإلعفاء‬

‫مف العقاب في حالة العدكؿ الطكعي عف تنفيذ الجرائـ المقصكدة مف االتفاؽ فيو تشجيع لمجناة عمى التراجع‬

‫عف إتماـ تنفيذىـ ليا‪ ،‬ألنيـ إذا عرفكا مسبقان بأف عقابيـ كاجب كمحقؽ سكاء عدلكا أـ تمادكا في التنفيذ‪ ،‬فإف‬

‫ذلؾ سيدفعيـ حتمان‪ ،‬إلى إكماؿ مخططيـ اإلجرامي عمى أمؿ النجاة مف العقاب فيما إذا ىـ نجحكا في‬

‫تحقيقو‪.250‬‬

‫كيرل الباحث أنو إذا كاف امتناع عقاب المتفقيف الذيف عدلكا عف تنفيذ الجرائـ المستيدفة باتفاقيـ‬

‫الجنائي أك في األقؿ إعفاءىـ مف العقاب‪ ،‬مما يفرضو فعبلن منطؽ المحافظة عمى أمف كاستقرار المجتمع‪،‬‬

‫كتشجيع الجناة عمى التراجع عف تنفيذ جرائـ ىي بالمقارنة أخطر مف مجرد االتفاؽ الجنائي‪ ،‬فإنو مع ذلؾ‬

‫يجب أف نعترؼ بأنو ال يقكـ عمى أساس قانكني‪ ،‬ذلؾ أف العدكؿ الطكعي في ىذه الحالة ال يمكف أف يعتبر‬

‫سببان مف األسباب المسقطة لممسئكلية الجنائية كنستند في ذلؾ لحجتيف‪:‬‬

‫الحجة األكلى‪ :‬كىي أف االتفاؽ الجنائي يككف قد قاـ قانكنان بمجرد انعقاد اإلرادات بيف شخصيف‬

‫فأكثر عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،251‬مما يعني معو أف نككص الجاني قد كقع عقب قياـ جريمة متكاممة‬

‫‪249‬‬
‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪.20،‬‬
‫‪250‬‬
‫عبد الكىاب حكمد‪ ،‬مشار إليو لدل‪ :‬عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪251‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .296‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪.825‬‬

‫‪122‬‬
‫األركاف‪ ،‬كبالتالي ال نككف إال بصدد تكبة إيجابية ليس مف شأنيا أف تحكؿ دكف عقاب الجاني عمى ما أتاه‬

‫مف أفعاؿ‪ ،252‬فالعدكؿ بعد تماـ الجريمة كتحقؽ آثارىا ىك الذم يطمؽ عميو التكبة اإليجابية‪.253‬‬

‫الحجة الثانية‪ :‬لكي يككف السبب مسقطان لممسئكلية الجنائية عمكمان‪ ،‬كجب أف يتناكؿ الركف المعنكم‬

‫لمجريمة‪ ،‬كفي حالتنا ىذه فإف العدكؿ االختيارم ليس كذلؾ أبدان‪ ،‬كعميو كالى حيف تدخؿ المشرع لتقرير‬

‫اإلعفاء مف العقاب أك امتناعو بنص صريح‪ ،‬ال يبقى لممتفقيف العادليف ممجأن لمتخفيؼ مف العقاب في حالة‬

‫عدكليـ طكعان عف تنفيذ ما تـ االتفاؽ عميو مف جرائـ‪ ،‬سكل االلتجاء إلى طمب االستفادة مف الظركؼ‬

‫المخففة القضائية‪ ،‬عمى اعتبار أ ٌف عدكليـ الطكعي في ىذه الحالة‪ ،‬يجعؿ الجزاء المقرر في الجريمة قاس‬

‫بالنسبة لخطكرة األفعاؿ المرتكبة مف قبميـ‪ ،‬كما أف العدكؿ االختيارم يؤكد انتفاء الخطكرة اإلجرامية لدل‬

‫المتفقيف العادليف‪.254‬‬

‫يف ع يثايث‬

‫يعل‪ ٍٚ‬الخ ‪ٝ‬اي‪ ٟ‬يف قاْ‪ ٕٛ‬يعك‪ٛ‬با يقِ (‪ )74‬ي ٓ‪ّ1936 ١‬‬

‫يعتبر قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ المطبؽ في قطاع غزة مف القكانيف التي يغمب عمييا‬

‫الطابع النظاـ األنجمكسكسكني‪ ،255‬كما يميز العديد مف التشريعات التي تأخذ بيذا النظاـ كتدكر في فمكو‪،‬‬

‫أنيا ال تميز بيف العدكؿ االختيارم عف الجريمة كالعدكؿ اإلجبارم‪ ،‬بحيث يككف الجاني مستحقان لمعقاب عمى‬

‫‪252‬‬
‫محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .264‬خالد صفكت بينساكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .279‬ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف‬
‫العقكبات‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.264‬‬
‫‪253‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.357‬‬
‫‪254‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.41-40-39‬‬
‫‪255‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ ص‪.29‬‬

‫‪123‬‬
‫الشركع إذا لـ تتـ الجريمة التي قصد ارتكابيا ما داـ قد بدأ في تنفيذىا‪ ،‬حتى لك كاف عدـ تماـ الجريمة راجعان‬

‫إلى محض إرادتو الحرة كرغبتو الصادقة في عدـ المضي في إتماميا‪ ،256‬فالعدكؿ االختيارم في ىذا النظاـ‬

‫ال يمنع مف تكافر أركاف جريمة الشركع كال يؤثر عمى كـ العقكبة المقررة لو‪ ،‬باعتبار أف الشركع جريمة‬

‫تامة‪.257‬‬

‫كقد جاء قانكف العقكبات رقـ(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ في ىذا االتجاه‪ ،‬إذ لـ يعتد بالعدكؿ االختيارم‪،‬‬

‫كلذلؾ لـ يرتب عميو اإلعفاء مف العقاب‪ ،‬كلكنو في نفس الكقت جعؿ لمعدكؿ أث انر في السمطة التقديرية‬

‫لمقاضي عند تطبيؽ العقكبة‪ ،‬قد تنتيي إلى التخفيؼ أك اإلدانة مع كقؼ التنفيذ‪ ،‬كيظير ذلؾ جميان في‬

‫المادة(‪ )2/30‬مف ذات القانكف التي نصت بقكليا‪ ":‬ال عبرة إال فيما يتعمؽ بالعقكبة‪ ،‬سكاء أقاـ ذلؾ الشخص‬

‫بكؿ ما ىك ضركرم إلتماـ ارتكاب الجرـ أـ لـ يقـ بذلؾ كسكاء أحالت دكف تنفيذ نيتو بتماميا ظركؼ لـ يكف‬

‫فييا مختا انر‪ ،‬أـ عدؿ مف تمقاء نفسو عف متابعة تنفيذ نيتو"‪.‬‬

‫كما يميز المادة السابقة أنيا لـ تقتصر عمى مجرد العدكؿ بعد البدء في التنفيذ بمعناه الضيؽ‪ ،‬كانما‬

‫متى بدأ الجاني بتنفيذ نيتو‪ ،‬كىك األمر الذم يشمؿ األعماؿ التنفيذية المؤدية إلى ارتكاب الجريمة التي تسبؽ‬

‫السمكؾ كعنصر في الركف المادم لمجريمة‪ ،‬كىنا تظير بجبلء مبلمح اعتناؽ المشرع ألفكار المذىب‬

‫الشخصي في العدكؿ االختيارم‪ ،‬حيث إف األثر المتمثؿ في عدـ اإلعفاء مف العقاب إنما يرجع إلى اعتداد‬

‫المشرع بنية ارتكاب الجريمة كال عبرة بعد ذلؾ بالعدكؿ‪.258‬‬

‫‪256‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.369‬‬
‫‪257‬ىبللي عبد البله أحمد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪258‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪124‬‬
‫كىذا يعني في رأم الباحث أف الحالة التي يقكـ فييا شخصيف أك أكثر بإجراء مفاكضات كمناقشات‬

‫إلجراء اتفاؽ جنائي عمى جناية أك جنحة‪ ،‬ثـ عدكؿ بعضيـ أك جميعيـ عف عقد االتفاؽ الجنائي‪ ،‬معاقب‬

‫عمييا باعتبار أف المشرع ساكل بيف العدكؿ االختيارم كالعدكؿ اإلجبارم‪ ،‬كىذا أمر لو تبعة خطرة جدان ككنو‬

‫يشجع الجناة كيدفعيـ إلى إكماؿ مشركعيـ اإلجرامي‪ .‬كؿ ذلؾ طالما أننا أغمقنا في كجو أمثاؿ ىؤالء باب‬

‫التكبة كدفعناىـ دفعان إلى الشركع بتنفيذ ما عقدكا النية عمى تنفيذه كالى االستماتة في سبيؿ نجاح مشركعيـ‬

‫اإلجرامي إذا لـ يعد أماميـ أمؿ النجاة مف العقاب إال بتنفيذ اتفاقيـ كاقتراؼ الجريمة التي كطدكا العزـ عمى‬

‫ارتكابيا كفكزىـ في إتماميا‪.259‬‬

‫ال شؾ أف مسمؾ قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ الذم تييمف عميو أفكار المذىب‬

‫الشخصي في ىذا المكضكع‪ ،‬أدل إلى تجاكز كثير مف االعتبارات الفقيية كالعممية التي كاف مف البلزـ عمى‬

‫المشرع أف يضعيا في تقديره‪ ،‬فالمشرع الجنائي قد استند حينما نص عمى تجريـ الشركع كالعقاب عميو إلى‬

‫مبررات منطقية تنتفي جميعيا في حالة العدكؿ االختيارم‪ ،‬فإذا كانت قكاعد العدالة تستمزـ أال يفمت الفاعؿ‬

‫مف العقاب لمجرد تدخؿ عكامؿ قيرية كطارئة لكالىا لتمت الجريمة التي أرادىا‪ ،‬فإف العدالة عينيا ىي التي‬

‫تقضي بضركرة إعفائو مف العقاب إذا كاف عدـ تماـ الجريمة راجعان إلى تكقفو بمحض إرادتو عف المضي‬

‫فييا‪ ،‬كفضبلن عف ذلؾ فإف القكؿ بضركرة العقاب عمى الشركع‪ ،‬يبرره احتماؿ عكدة الجاني الرتكاب الجريمة‬

‫في ظركؼ مكاتية‪ ،‬مما قد يؤدم إلى كقكعيا تامة‪ ،‬كلكف ىذا االحتماؿ يتبلشى كامبلن‪ ،‬إذا كاف الجاني قد‬

‫‪259‬‬
‫أحمد صفكت بؾ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.396‬‬

‫‪125‬‬
‫عدؿ عنيا بمحض إرادتو الحرة في الحيف الذم يقدر فيو عمى تحقيؽ آثارىا‪ ،‬إال لما كاف ىناؾ مكجب‬

‫لعدكلو‪.260‬‬

‫كلذلؾ يؤيد الباحث ما ذىب إليو البعض مف ضركرة تدخؿ المشرع العقابي الفمسطيني بالتعديؿ في‬

‫نطاؽ نص المادة (‪ )30‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬كذلؾ بإلغاء الفقرة الخاصة بالعقاب‬

‫عمى العدكؿ االختيارم‪ ،‬كالنص صراحةن عمى استبعاد العقاب‪ ،261‬فمما ال شؾ فيو أف منع كقكع الجريمة‬

‫أجدل لممشرع مف إيقاع العقكبة عمى الجاني‪ ،‬كلك أف سائر الجناة حاكلكا االستفادة مف اإلعفاء المقرر في‬

‫حالة عدكليـ‪ ،‬النقرضت الجريمة‪ ،‬كلظيرت فاعمية القانكف الجنائي كاممة‪.262‬‬

‫في حيف يذىب االتجاه الفقيي السائد في فرنسا إلى أنو إذا تبيف أف المتفقيف عدلكا عف اتفاقيـ‬

‫قبؿ البدء في تنفيذ ما اتفقكا عميو فال عقاب عمييـ‪ ،‬كيستند أنصار ىذا االتجاه إلى الحجج التالية‪:263‬‬

‫‪ -1‬إف عدكؿ المتفؽ عما اتفؽ عميو مع سائر المتفقيف يعتبر كأنو لـ يتفؽ‪ ،‬أم أف اتفاقو كاف عرضيان لـ‬

‫يدـ‪ ،‬كالمشرع ال يعاقب عمى االتفاؽ العارض‪ ،‬كانما يعاقب عمى االتفاؽ الذم يستمر‪.‬‬

‫‪ -2‬إف فرض العقكبة عمى المتآمر كلك عدؿ عف تآمر يعني إقفاؿ باب التكبة أماـ مف يريد أف يعدؿ‪،‬‬

‫كاألخطر مف ذلؾ أنو بمثابة تقديـ حافز عمى االستمرار في تنفيذ مشركعو اإلجرامي المتفؽ عميو‪،‬‬

‫فبل يعد أمامو أمؿ في اليركب مف العقاب‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.371-370‬‬
‫‪261‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪262‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.371‬‬
‫‪263‬‬
‫بسمة السعكدم‪ ،‬جريمة المؤامرة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.40‬‬

‫‪126‬‬
‫يف ع ي بع‬

‫‪ًٛٝ‬ي‪ ١‬ت‪ٚ ٕٚ‬ق‪ٛ‬ع جل مي‪ ١‬حمٌ التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫في الحالة التي يعدؿ فييا أحد أعضاء االتفاؽ الجنائي عف المضي في مشركعو الجنائي‪ ،‬فإنو كما‬

‫سبؽ كأف قمنا ال عبرة بعدكلو في ىذه الحالة؛ ككنو يفتقد ألحد شركط العدكؿ االختيارم كىك أف يككف سابقان‬

‫عمى تماـ الجريمة‪ ،‬كبالتالي يدخؿ ضمف التكبة اإليجابية‪ ،‬كلكف األمر ال يتكقؼ لعند ىذا الحد حيث يقع‬

‫عمى عاتؽ الفاعؿ التزاـ قانكني بأف يحكؿ دكف تنفيذ الجناة الجريمة محؿ االتفاؽ الجنائي بكؿ الكسائؿ‬

‫المعقكلة‪ ،‬كىذا االلتزاـ ال يقكـ إال إذا كانت الجريمة المتفؽ عميو مف نكع جناية‪ ،‬فإذا ثبت أنو نكص أك‬

‫تقاعس عف القياـ بيذا االلتزاـ‪ ،‬فأنو قد يعد مرتكبان لجنحة ك يعاقب بالحبس مدة سنتيف كذلؾ حسب‪.‬‬

‫كنستند في رأينا ىذا إلى نص المادة (‪ )33‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ كالتي جاءت‬

‫بقكليا‪:‬‬

‫"كؿ مف كاف يعمـ بأف شخصان آخر عزـ عمى ارتكاب جرـ يستكجب عقكبة الحبس مدة ثبلث سنكات أك أكثر‬

‫كلـ يستعمؿ جميع الكسائؿ المعقكلة لمحيمكلة دكف كقكع ذلؾ الجرـ أك إتمامو‪ ،‬يعتبر أنو ارتكب جنحة كيعاقب‬

‫بالحبس مدة سنتيف"‪.‬‬

‫كبالتدقيؽ بالنص السابؽ يػجػد الػباحث أف المشرع ال يعالج حالة االمتناع عف اإلبالغ عف‬

‫الجريمة بعد كقكعيا‪ ،‬بؿ أنو يعالج الحالة التي تككف فييا الجريمة منكم ارتكابيا‪ ،‬أم في طكر مرحمة‬

‫العزـ الجنائي‪ ،‬فالمشرع ال يحرص عمى ضبط الجريمة بعد كقكعيا فحسب‪ ،‬كانما يرمي إلى تبلفي كقكعيا‬

‫"ع ىزىـ"‪ ،‬ك يشمؿ أيضان العمـ كالجريمة في‬


‫كضبطيا كىي في ميدىا‪ ،‬كيظير ذلؾ مف استخداـ المشرع لفظ ى‬

‫‪127‬‬
‫مرحمة الشركع ليس إعماالن لمقياس مف باب أكلى‪ ،‬بقدر ما ىك إعماؿ لمنص‪ ،‬باعتبار أف المشرع تطمب‬

‫استعماؿ جميع الكسائؿ المعقكلة لمحيمكلة دكف كقكع ذلؾ الجرـ‪ ،‬كلـ يسكت بعدىا كانما أضاؼ جديدان بقكلو‪:‬‬

‫"‪...‬أك إتمامو"‪ ،‬مما يقطع بأف العمـ يشمؿ مرحمة الشركع‪ ،‬كلذلؾ التجريـ منصب عمى اإلخبلؿ بااللتزاـ‬

‫القانكني بالحيمكلة دكف كقكعيا‪ ،‬كىذا االلتزاـ يقع عمى عاتؽ كؿ مف عمـ بأف شخصان آخر عزـ عمى ارتكاب‬

‫جريمة مف نكع جناية كذلؾ لقكؿ المشرع‪ ":‬جرـ يستكجب عقكبة الحبس مدة ثبلث سنكات أك أكثر"‪ ،‬أما عف‬

‫مضمكف ىذا االلتزاـ‪ ،‬يتمثؿ في القياـ باستعماؿ جميع الكسائؿ المعقكلة لمحيمكلة دكف كقكع الجرـ أك إتمامو‪،‬‬

‫كبناء عمى ذلؾ ليس المطمكب ىنا لمكفاء بااللتزاـ عدـ كقكع الجريمة بؿ عمى خبلؼ ذلؾ بذؿ عناية الرجؿ‬

‫المعتاد باستعماؿ كؿ الكسائؿ المعقكلة لمحيمكلة التي مف شأنيا الحيمكلة دكف كقكع الجريمة أك إتماميا‪.‬‬

‫أم أف المعيار المعتنؽ ىنا ىك المعيار المكضكعي المرتبط بالشخص المعتاد‪ ،‬كىك عضك مف‬

‫أعضاء الجماعة متكسط الذكاء كاالنتباه كالتفكير‪ ،‬يكضع في ذات الظركؼ المكضكعية التي حدثت فييا‬

‫الكاقعة كظرؼ الزماف كالمكاف‪ ،‬دكف االلتفات إلى الظركؼ الشخصية الخاصة بالمتيـ‪ ،‬فإذا استطاع ذلؾ‬

‫و‬
‫حينئذ جنائيان كفقان ألحكاـ المادة (‪.264)33‬‬ ‫الشخص الحيمكلة دكف كقكع الجريمة فإنو يسأؿ‬

‫المثمى التي ينطبؽ عمييا ىذا النص ىي حالة العمـ بكجكد اتفاؽ جنائي عمى‬
‫كيرل الباحث أف الحالة ي‬

‫ارتكاب جناية‪ ،‬بغض النظر عف الطريقة التي تحقؽ بيا ذلؾ العمـ‪ ،‬سكاء بالدخكؿ في ذلؾ االتفاؽ أك الدعكة‬

‫الخائبة لمدخكؿ في اتفاؽ جنائي أك غيرىا مف طرؽ العمـ‪ ،‬كينبغي ىنا عدـ الخمط بيف الجريمة المتفؽ عمييا‬

‫ك بيف جريمة االتفاؽ؛ فاألكلى ىي التي ينصب عمييا االلتزاـ ككنيا مازالت في مرحمة العزـ الجنائي‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬المسئكلية الجنائية عف النتيجة المحتممة‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬فمسطيف‪ ،2018،‬ص‪.64‬‬

‫‪128‬‬
‫كقد يقكؿ قائؿ بأف المشرع في المسمؾ السابؽ لـ يراع المكانع األدبية التي قد تحكؿ دكف قياـ مف‬

‫تكافر فيو المانع باإلببلغ عنو لمجيات المختصة‪ ،‬كبالتالي يككف انتيج نيجان مغاي انر لذلؾ المطبؽ بخصكص‬

‫االشتراؾ في الجرـ بعد كقكعو بمكجب نص المادة (‪ ،)26‬حيث استثنى المشرع كالد الفاعؿ كأمو كابنو كبنتو‬

‫كزكجو؛ كذلؾ ألف ىؤالء األشخاص يمقكف عنتان كعس انر كحرجان عمى األقؿ في االمتثاؿ ألمر الشارع بااللتزاـ‬

‫بعدـ إيكاء المجرـ أك مساعدتو بقصد تمكينو مف العقاب‪ ،‬كلذلؾ ال تكميؼ إال بما ىك مستطاع‪.‬‬

‫كبناء عمى ذات العمة مف استثناء األشخاص سالفي الذكر مف نطاؽ االلتزاـ الكارد بنص المادة‬
‫ن‬

‫(‪ ،) 26‬كاف يتعيف عمى المشرع أف يطبؽ ذات الحكـ فيما يتعمؽ بالحيمكلة دكف كقكع الجرائـ‪ ،‬كلكف ىذا‬

‫مردكد عميو بأنو يجب اختبلؼ بيف المسألتيف‪ ،‬ففي الحالة األكلى الجريمة كقعت؛ أما فيما يتعمؽ بالحيمكلة‬

‫دكف كقكع الجرائـ فالجريمة لـ تقع بعد كباإلمكاف إحباطيا‪ ،‬كىذا اإلمكاف يككف مصيره معمقان عمى سمكؾ‬

‫الشخص العالـ بكجكد عزـ جنائي عمى ارتكابيا‪ ،‬لذلؾ ليس مف العدالة أال نعاقب الشخص الذم امتنع عف‬

‫الحيمكلة دكف كقكع الجريمة لكجكد صمة قرابة أك زكجية تجمعو بالجاني‪ ،‬فمصمحة المجتمع أكلى باالعتبار‪،‬‬

‫كاذا كاف المشرع لـ يحدد كسائؿ بعينيا يجب التقيد بيا لمحيمكلة دكف كقكع الجناية‪ ،‬إال أف ذلؾ ال يعني‬

‫إمكانية التحجج بالقياـ بأم سمكؾ لمحيمكلة دكف كقكع الجرـ‪ ،‬بؿ يتعيف عميو استعماؿ كؿ الكسائؿ المعقكلة‬

‫لمحيمكلة دكف كقكع ذلؾ الجرـ‪ ،‬كنرل الحد األدنى ىنا إببلغ السمطات المختصة مباشرة‪ ،‬كيرجع تحديد ما إذا‬

‫تـ استنفاذ جميع الكسائؿ المعقكلة لمحيمكلة دكف كقكع الجرـ‪ ،‬لمسمطة التقديرية لقاضي المكضكع‪.‬‬

‫فإذا كاف ىناؾ ظرؼ أدبي يحكؿ دكف اإلببلغ عف الجريمة بعد كقكعيا أك تسميـ الجناة‪ ،‬فإف ىذا‬

‫المانع يتياكل كيصبح غير ذم قيمة فيما يتعمؽ بالحيمكلة دكف كقكع الجريمة رغـ إمكاف الحيمكلة دكف‬

‫كقكعيا‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫كيثار ىنا التساؤؿ عف الكقت الذم يمتزـ فيو مف عمـ بكقكع اتفاؽ جنائي عمى ارتكاب جناية‪،‬‬
‫ي‬

‫بالحيمكلة دكف كقكع الجناية المتفؽ عمييا‪ ،‬متى عمـ الشخص بارتكاب جريمة االتفاؽ الجنائي كجب عميو أف‬

‫اخ في ىذا التبميغ‪ ،‬كلك لفترة قصيرة يجعؿ الممتنع مسئكالن‬


‫يبادر إلى تبميغيا إلى السمطات المختصة‪ ،‬ككؿ تر و‬

‫جنائيان‪ ،‬كتقدير ذلؾ أمر متعمؽ بالكاقع كيخضع لتقدير قاضي المكضكع‪ ،‬كىذه الجريمة كقتية تتـ منذ العمـ‬

‫بارتكاب جريمة االتفاؽ الجنائي‪-‬كذلؾ ككف ىذه الجريمة تمثؿ مرحمة العزـ الجنائي بالنسبة لمجريمة المتفؽ‬

‫عمييا‪ ،-‬كاقترف ىذا العمـ باإلحجاـ عف التبميغ عنيا‪،‬‬

‫كينبغي االنتباه إلى أف إببلغ الجيات المختصة ىك أحد أبرز الكسائؿ المعقكلة التي تحكؿ دكف‬

‫ارتكاب الجريمة أك إتماميا‪ ،‬مما يتعيف معو عدـ اختزاؿ الكسائؿ المعقكلة فقط بإببلغ الجيات المختصة‪،‬‬

‫كيدعـ الباحث رأيو بمسمؾ المشرع في‬


‫ٌ‬ ‫باعتبار أف المشرع لك أراد ذلؾ لعبر عف إرادتو صراحةن أك ضمنان‪،‬‬

‫الفقرة (ب) مف نص المادة (‪ )51‬مف قانكف العقكبات بقكلو‪":‬كؿ مف كاف يعمـ أف شخصان ينكم ارتكاب‬

‫الخيانة كلـ يبمغ عف األمر بكجو السرعة المعقكلة لممندكب السامي أك لحاكـ المكاء أك ألم مف مأمكرم‬

‫البكليس‪ ،‬أك لـ يبذؿ الجيد المعقكؿ لمنع كقكع الجرـ‪ ،‬ييعتبر أنو ارتكب جناية كيعاقب بالحبس المؤبد"‪ ،‬فيذا‬

‫النص يكضح بشكؿ جمي أف المشرع يميز بيف بذؿ الجيد المعقكؿ لمنع كقكع الجرـ كبيف التبميغ لمجيات‬

‫كيحمد لممشرع مسمكو ففي بعض الحاالت قد يعجز الشخص عف إببلغ الجيات المختصة‬
‫المختصة‪ ،‬ي‬

‫كبالتالي في ىذه الحالة لك كاف األمر قاص انر عمى التبميغ لما عكقب كذلؾ ألنو ال تكميؼ بمستحيؿ‪ ،‬كلكف مف‬

‫الجائر أال يعاقب شخص لـ يكف في مقدكره إببلغ السمطات المختصة كفي ذات الكقت كاف بمقدكره الحيمكلة‬

‫دكف كقكع الجريمة ماديان أك معنكيان أم أف يبذؿ الجيد المعقكؿ‪ ،‬لذلؾ يحمد لممشرع مسمكو التح ٌكطي العادؿ‬

‫بتبنيو كبل المعياريف‪ ،‬كىذه مرده اختبلؼ نطاؽ كبل المادتيف (‪/51( ،)33‬ب)‪ ،‬باعتبار أف األكلى جاءت‬

‫‪130‬‬
‫ضمف القكاعد العامة لمقانكف الجنائي التي تتناكؿ التبميغ عف الجرائـ مف طائفة الجنايات كأفردت عمى‬

‫مخالفتيا عقكبة الجنحة‪ ،‬بينما المادة (‪/51‬ب) جاءت تعالج (مصمحة محمية خاصة) تتعمؽ بجريمة الخيانة‬

‫كالحفاظ عمى أمف الدكلة‪ ،‬كأفردت عمى مخالفتيا عقكبة الحبس المؤبد‪ ،‬كليذا السبب ىكض ىحت لنا طبيعة‬

‫الكسائؿ التي يتـ التبميغ بيا‪ ،‬إضافة عمى عبارة "بكجو السرعة المعقكلة" كالذم لـ تتطمبو المادة (‪.)33‬‬

‫كمما تجدر اإلشارة إليو أنو مف الممكف عمبلن أف تحدث مساىمة في جريمة فاعؿ متعدد مف جانب‬

‫شخص يضـ سمككو إلى نشاط ىؤالء الفعمة المتعدديف في صكرة عمؿ أك امتناع ال يدخؿ في نمكذج الجريمة‬

‫‪265‬‬
‫ذاتو كاال صار صاحبو فاعبلن مف أكلئؾ الفعمة‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.820‬‬

‫‪131‬‬
‫يفصٌ يثايث‬

‫التفام جلٓائ‪ ٞ‬يف َ‪ ٛ‬جٗ‪ ١‬ملباتئ يل ‪ٛ‬ي‪١ٜ‬‬

‫عندما تباشر الدكلة سمطتيا في التجريـ كالعقاب تعرض بطبيعتيا الحريات لمخطر‪ ،‬فإنو كىذه الحالة‬

‫خشية التحكـ في مباشرة ىذه السمطة كتجاكزىا القدر الضركرم لمدفاع عف المجتمع‪ ،‬كضعت ضمانات‬

‫دستكرية لمفرد لحماية حريتو مف خطر التحكـ ك تجاكز السمطة‪ ،‬يتعيف عمى المشرع العقابي االلتزاـ بيا كاال‬

‫كصـ تشريعو بعدـ الدستكرية‪ ،‬فإذا كانت الحماية الجنائية لمحقكؽ كالحريات ىي مف أعماؿ المشرع العادم‪،‬‬

‫إال أف حركة المشرع في ىذه الحماية مقيدة بأحكاـ الدستكر‪ ،‬كيعد مبدأ الشرعية الجنائية أحد أىـ كأبرز ىذه‬

‫الضمانات الدستكرية‪ ،‬حيث يحدد لنا مف ناحية أداة التجريـ كالعقاب‪ ،‬كمف ناحية أخرل يستمزـ صفات خاصة‬

‫في نصكص التجريـ كالعقاب‪.‬‬

‫كعمى ضكء ذلؾ‪ ،‬يتناكؿ الباحث في ىذا الفصؿ بياف إذا كاف المشرع العقابي قد التزـ بمبدأ الشرعية‬

‫الجنائية مف عدمو‪ ،‬كذلؾ فيما بجريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مف خبلؿ تقسيـ ىذا الفصؿ لمبحثيف‪:‬‬

‫يصل مل‪ٛ‬ض‪ٛ‬ع‪ ٞ‬ملبلأ يص ع‪. ١ٝ‬‬ ‫ملبرث ‪ َ:ٍٚ‬طًبا‬

‫يصل يصهً‪ ٞ‬ملبلأ يص ع‪. ١ٝ‬‬ ‫ملبرث يثاْ‪ َ:ٞ‬طًبا‬

‫‪132‬‬
‫ملبرث ‪ٍٚ‬‬

‫يصل مل‪ٛ‬ض‪ٛ‬ع‪ ٞ‬ملبلأ يص ع‪١ٝ‬‬ ‫َ طًبا‬

‫يقكـ الشؽ المكضكعي لمبدأ الشرعية الجنائي عمى إسناد أداة التجريـ كالعقاب لممشرع كيتفرع عنو‬

‫عدة نتائج أرساىا القضاء الدستكرم‪ ،‬تقتضي عدـ المجكء لسبلح التجريـ العقاب إال بحكـ ضركرة اجتماعية‬

‫قصكل‪ ،‬كأال يرد ىذا التجريـ سكل عمى األفعاؿ المادية‪ ،‬كأف يككف مقترنان بجزاء جنائي يتسـ بالمعقكلية دكف‬

‫إفراط أك تفريط‪ ،‬كفي ىذا المبحث سيتـ الكقكؼ عمى مدل تقيد الشارع الجنائي في قانكف العقكبات بمتطمبات‬

‫الشؽ المكضكعي لمبدأ الشرعية الجنائية فيما يتعمؽ بجريمة االتفاؽ الجنائي كذلؾ مف خبلؿ ما يمي مف‬

‫مطالب‪:‬‬

‫ملطًب ‪ :ٍٚ‬ي ٓا ب بني شك‪ ٞ‬ي ح ‪ ٚ ِٜ‬يعكاب ‪.‬‬

‫ملطًب يثاْ‪ :ٞ‬ذظ يعكاب عً‪ ٢‬يٓ‪ٜ ٛ‬ا ‪ ٚ‬فهاي ‪.‬‬

‫ملطًب يثايث‪ :‬ض ‪ٚ‬ي‪ ٠‬ي ح ‪ ٚ ِٜ‬يعةكةاب ‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫ملطًب ‪ٍٚ‬‬

‫تٓا ب شك‪ ٞ‬ي ح ‪ ٚ ِٜ‬يعكاب يف ج مي‪ ١‬التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫العقكبة كضركرة اجتماعية تقدر بقدرىا دكف إفراط أك تفريط بحيث تككف متناسبة مع جسامة الجريمة‬

‫كطبيعتيا‪ ،‬كمع الظركؼ الشخصية لمجاني‪ ،‬كفي ىذا السياؽ تتعدد المعايير التي يمكف األخذ بيا لتحقيؽ‬

‫تناسب العقكبة‪ ،‬كلذلؾ كجب أف تككف عقكبة جريمة االتفاؽ الجنائي متناسبة مع شؽ التجريـ كاال كانت‬

‫مشكبة بعيب عدـ الدستكرية‪ ،‬كبناء عمى ما سبؽ سكؼ يتـ بياف كؿ مف مدلكؿ مبدأ التناسب كمعياره كمدل‬

‫تناسب عقكبة جريمة االتفاؽ في فركع مستقمة عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫َلي‪َ ٍٛ‬بلأ تٓا ب يعك‪ٛ‬ب‪١‬‬

‫إف النظاـ القانكني الذم تسير عميو الدكلة يقكـ عمى التكازف بيف الحقكؽ كالحريات مف جية كبيف‬

‫المصمحة العامة مف جية أخرل‪ ،‬كىك ما يتحقؽ بالتناسب بيف حماية كؿ مف االثنيف‪ ،266‬كسياسة التجريـ‬

‫كالعقاب ليست بدعان مف ذلؾ فيي تقكـ أيضان عمى التكازف بيف فكر فمسفي اجتماعي يحدد مضمكف حؽ‬

‫الدكلة في العقاب كفكر دستكرم يحدد قيمة الحقكؽ كالحريات‪ ،‬كيساىـ كؿ مف قطبي ىذا التكازف في حماية‬

‫‪266‬‬
‫ت ميـ طاىر أحمد الجادر‪ ،‬سيؼ صالح ميدم العكيمي‪ ،‬الضركرة كالتناسب في القاعدة الجنائية‪ ،‬بحث منشكر لدل المجمة السياسية كالدكلية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،2014 ،24‬ص‪ .1‬خيرم أحمد الكباش‪ ،‬الحماية الجنائية لحقكؽ اإلنساف‪ ،‬دارسة مقارنة‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2008 ،‬ص‪ .9‬يكسؼ‬
‫مصطفى رسكؿ‪ ،‬التكازف في اإلجراءات الجزائية‪ ،‬دار الكتب القانكنية‪ ،‬مصر‪ ،2017،‬ص‪ .59-58‬عادؿ عازار‪ ،‬مفيكـ المصمحة‪ ،‬بحث منشكر في‬
‫المجمة القكمية المصرية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬نكفمبر ‪ ،1972‬ص‪ . 394‬محمكد طو جبلؿ‪ ،‬أصكؿ التجريـ كالعقاب في السياسة الجنائية المعاصرة‪ ،‬أطركحة‬
‫دكتكراة مقدمة لكمية الحقكؽ بجامعة عيف شمس‪ ،2004 ،‬ص‪ . 270‬محمد سعيد نمكر‪ ،‬أصكؿ اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عماف‪،‬‬
‫‪ ،2016‬ص‪.44‬‬

‫‪134‬‬
‫المجتمع كضماف الحماية الدستكرية لمحقكؽ كالحريات‪ ،‬فالدكلة مف أجؿ حمايتيا لممجتمع كحقكؽ األفراد‬

‫كحرياتيـ‪ ،‬تممؾ سمطة التجريـ كالعقاب‪ ،267‬كاذا كاف القانكف الجنائي ييدؼ مف خبلؿ سياسة التجريـ إلى‬

‫إرساء السبلـ االجتماعي كحماية النظاـ العاـ‪ ،‬فإف ىذه السياسة يجب أف تكفؽ بيف مقتضيات حؽ الدكلة في‬

‫العقاب كمنع الجرائـ كبيف حؽ اإلنساف في الحرية‪ ،268‬عمى نحك يضمف عدـ التفريط في أم مف ىذه القيـ‬

‫المختمفة‪ ،269‬كاذا كانت كافة فركع القانكف تدكر في فمؾ تحقيؽ المصمحة العامة كصيانة الحقكؽ الفردية‪ ،‬فإف‬

‫قكاعد القانكف الجنائي بمفيكمو العاـ أكثر ىذه الفركع ارتباطان بيذيف اليدفيف‪ ،270‬كما أكدتو المحكمة‬

‫الدستكرية الفمسطينية العميا بقكليا أف العدالة الجنائية يتعيف ضمانيا مف خالؿ التكازف بيف مصمحة‬

‫الجماعة في استقرار أمنيا‪ ،‬كمصمحة المتيـ في أال تفرض عميو عقكبة ليس ليا مف صمة بفعؿ أتاه‪ ،‬أك‬

‫تفتقر ىذه الصمة إلى الدليؿ عمييا‪.271‬‬

‫كلما كانت الدكلة عندما تباشر سمطتيا في التجريـ كالعقاب تعرض بطبيعتيا الحريات لمخطر‪ ،‬فإنو‬

‫كىذه الحالة خشية التحكـ في مباشرة ىذه السمطة كتجاكزىا القدر الضركرم لمدفاع عف المجتمع‪ ،272‬كضعت‬

‫‪267‬‬
‫عصاـ عفيفي عبد البصير‪ ،‬أزمة الشرعية الجنائية ككسائؿ عبلجيا‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار أبكالمجد‪ ،‬القاىرة‪ ،2007،‬ص‪ .114‬مصطفى العكجي‪،‬‬
‫حقكؽ اإلنساف في الدعكل الجزائية‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪ ،‬ص‪ . 19 -18‬فرقد عبكد عكاد العارضي‪ ،‬حؽ األمف الشخصي كضماناتو‬
‫القانكنية‪ ،‬دار الكتب القانكنية‪ ،‬مصر‪.2011 ،‬‬
‫‪268‬‬
‫مجيد خضر السبعاكم‪ ،‬ضكابط بنياف النص العقابي الخاص‪ ،‬المجمة األكاديمية لدل جامعة نكركز‪ ،‬المجمد ‪ ،6‬العدد‪ ،2017 ،1‬ص‪ .11‬تميـ‬
‫طاىر أحمد الجادر‪ ،‬سيؼ صالح ميدم العكيمي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .1‬محمد زكي أبكعامر‪ ،‬الحماية الجنائية لمحرية الشخصية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫‪ ،2011‬ص ‪ -8‬ص‪.14‬‬
‫‪269‬‬
‫يكسؼ مصطفى رسكؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .59 -58‬عماد فكزم ممكخية‪ ،‬الحريات العامة كفقو المتغيرات السياسية‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2013‬ص‪ 85‬كما بعدىا‪ .‬كساـ نعمت إبراىيـ السعدم كمحمد يكنس يحيى الصائغ‪ ،‬الحريات العامة كضمانات حمايتيا‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2015‬ص‪ 43‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪270‬‬
‫عبد الصمد الكنا‪ ،‬ضكابط التجريـ كالعقاب ضمانة لمحقكؽ كالحريات‪ ،‬المنيؿ‪ ،‬ص‪ .1‬انظر الرابط االلكتركني أدناه‪:‬‬
‫تاريخ الزيارة‪ 2019/6/3 :‬الساعة‪10:13 :‬‬ ‫‪https://platform.almanhal.com/Files/2/110855‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية الفمسطينية العميا في الدعكل رقـ ‪ 5‬لسنة ‪ ،2017‬القضية رقـ (‪ )8‬لسنة (‪ )3‬قضائية‪ ،‬الكقائع الفمسطينية‪ ،‬العدد ‪،149‬‬
‫‪271‬‬

‫ص ‪.161‬‬
‫‪272‬‬
‫زحؿ محمد األميف‪ ،‬مبدأ الشرعية الدستكرم كالدكلي‪ ،‬بحث لنيؿ درجة الدكتكراه‪ ،‬جامعة الخرطكـ‪2006 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.85‬‬

‫‪135‬‬
‫ضمانات دستكرية لمفرد لحماية حريتو مف خطر التحكـ كتجاكز السمطة‪ ،273‬فقانكف العقكبات مف خبلؿ‬

‫التجريـ كالعقاب ال يحمي كبلن مف حقكؽ المجني عميو كالمصمحة العامة إال بحكـ الضركرة االجتماعية التي‬

‫تتطمب ىذه الحما ية‪ ،‬كيفرض الجزاء الجنائي الذم يتسـ بالمعقكلية‪ ،‬كال ينافي الحدكد المنطقية التي ينبغي أف‬

‫تككف إطار لو‪ ،274‬ككؿ ذلؾ يتـ مف خبلؿ مبادئ أك قكاعد ينص عمييا الدستكر تتمثؿ في ضمانات يتعيف‬

‫عمى المشرع العقابي االلتزاـ بيا كاال كصـ عممو بعدـ الدستكرية‪.275‬‬

‫كيظير دكر القانكف الدستكرم كعامؿ في تحديد شرعية الجرائـ كالعقكبات‪ ،‬حيث يحدد أداة التجريـ كالعقاب‬

‫مف خبلؿ مبدأ الشرعية الجنائية الذم نصت عميو المادة (‪ )15‬مف القانكف األساسي الفمسطيني بقكليا‪:‬‬

‫"العقكبة شخصية‪ ،‬كتمنع العقكبات الجماعية‪ ،‬كال جريمة كال عقكبة إال بنص قانكني‪ ،‬كال تكقع عقكبة إال بحكـ‬

‫قضائي‪ ،‬كال عقاب إال عمى األفعاؿ البلحقة لنفاذ القانكف"‪ ،‬كما يترتب عمى ذلؾ مف ضركرة تكافر صفات‬

‫خاصة في نصكص التجريـ كالعقاب تكفؿ رسـ الحدكد الفاصمة بيف أنماط السمكؾ غير المشركع كبيف كؿ‬

‫ما عداىا مف سمكؾ مشركع‪ ،‬كالتفسير الدقيؽ لمنصكص الجنائية‪ ،‬كنطاؽ تطبيؽ قانكف العقكبات‪ ،‬كالضركرة‬

‫كالتناسب كمعيار لمتجريـ كالعقاب‪ ،276‬كىك ما أكدت عميو المحكمة الدستكرية الفمسطينية العميا بقكليا‪":‬‬

‫كحيث أف التطكرات الحديثة في مكافحة الجريمة تؤكد حقيقة أكلية ىي أف العقكبة ال تغني في مكافحتيا‪،‬‬

‫كأف لشخصية اإلنساف قيمة عميا‪ ،‬فال يجب أف يتعرض أحد لعقكبة ال يستحقيا‪ ،‬أك تفقد تناسبيا مع‬

‫‪273‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬دار الشركؽ‪ ،‬القاىرة‪ ،2006 ،‬ص‪.13 -5‬‬
‫‪274‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .5‬عباس عبدالرزاؽ مجمي السعيدم‪ ،‬ضكابط استحداث النص الجزائي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .175‬زحؿ‬
‫محمد األميف‪ ،‬مبدأ الشرعية الدستكرم كالدكلي‪ ،‬بحث لنيؿ درجة الدكتكراه‪ ،‬جامعة الخرطكـ‪ ،2006 ،‬ص‪ .80‬حسنيف المحمدم بكادم‪ ،‬الخطر الجنائي‬
‫كمكاجيتو‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬باإلسكندرية‪ ،2003 ،‬ص‪.37‬‬
‫‪275‬‬
‫محمد عبداهلل أبكمطر‪ ،‬القانكف الدستكرم كالنظـ السياسية‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،2016 ،‬ص‪ .57‬غساف رباح‪ ،‬االتجاىات الحديثة في قانكف‬
‫العقكبات‪ ،‬الدار الجامعية لمنشر‪ ،‬بيركت‪ ،1987 ،‬ص ‪ -20‬ص‪.23‬‬
‫‪276‬‬
‫أكرـ نشأت إبراىيـ‪ ،‬السياسة الجنائية‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عماف‪ ،‬ص‪ .63‬مأمكف جميؿ أحمد مصطفى‪ ،‬انحسار مبدأ‬
‫الشرعية الجنائية‪ ،‬جامعة القدس‪ ،2015 ،‬ص‪ .3‬زحؿ محمد األميف‪ ،‬مبدأ الشرعية الدستكرم كالدكلي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.82‬‬

‫‪136‬‬
‫الجريمة ال تي ارتكبيا‪ ،‬فمبدأ التناسب يعد مف أىـ الضمانات لصكف الحرية الفردية التي تتجسد في اليقيف‬

‫الذم يعيشو الفرد بأف يككف عرضة مف السمطة ألم تدابير تعسفية تسمبو حريتو المادية"‪ ،277‬كالشؾ بأف‬

‫ىذا المبدأ يمثؿ حجر الزاكية األساسية لحماية الحقكؽ كالحريات الفردية كالمصالح االجتماعية‪ ،‬حيث يفرض‬

‫ىذا المبدأ التزامان عمى المشرع الجزائي بكجكب تحقيؽ التكازف بيف المصالح المختمفة‪ ،‬كبغير ىذا التكازف يفقد‬

‫التجريـ كالعقاب كاإلجراءات الجنائية المصداقية كالفعالية في الدكلة القانكنية‪ ،‬كليذا يجب أف يتجاكب التجريـ‬

‫كالعقاب كاإلجراءات الجنائية مع مقتضيات حماية الحقكؽ كالحريات في جميع صكرىا كأشكاليا‪ ،‬كبدكف ىذه‬

‫الحماية يككف التجريـ كالعقاب كاإلجراءات الجنائية أداة بطش كتحكـ فتفقد الحقكؽ كالحريات معناىا‬

‫كجدكاىا‪.278‬‬

‫كيعرؼ مبدأ تناسب العقكبة بأنو‪":‬عبلقة مبلئمة تربط بيف شقي القاعدة الجنائية بحيث يككف اإليبلـ‬

‫المتضمف في شؽ الجزاء متناسبان مع جسامة الخطأ‪ ،‬ككافيان لحمؿ المخاطبيف عمى احتراـ االلتزامات التي‬

‫يتضمنيا شؽ التكميؼ مف جية‪ ،‬كمؤديان إلى تحقيؽ أىداؼ الجزاء مف جية أخرل"‪ ،279‬كىناؾ مف يعبر عف‬

‫ىذا المبدأ بعدالة العقكبة بمعنى أنيا يجب أف تككف متناسبة كالجريمة كفعؿ كالجاني كفاعؿ‪ ،‬حتى ترضي‬

‫الشعكر العاـ بالعدالة‪.280‬‬

‫‪277‬‬
‫حكم المحكمة الدستورٌة الفلسطٌنٌة العلٌا فً الدعوى رقم ‪ 8‬لسنة ‪ ،534:‬القضٌة رقم (;) لسنة (‪ )6‬قضائٌة‪ ،‬الوقائع الفلسطٌنٌة‪ ،‬العدد <‪ ،47‬ص‬
‫‪.493‬‬
‫‪ 278‬عباس عبدالرزاؽ مجمي السعيدم‪ ،‬ضكابط استحداث النص الجزائي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .129‬أحمد فتحي سركر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫بف صافية رابح‪ ،‬مبدأ ش رعية الجرائـ كالعقكبات‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيؿ شيادة الماستر في الحقكؽ شعبة القانكف الخاص‪ ،‬جامعة عبد الرحمف ميرة‪،2012 ،‬‬
‫ص‪ .28‬رنا العطكر‪ ،‬اقتساـ مكافحة اإلجراـ بيف القانكف كالنظاـ في التشريع الجنائي الفرنسي‪ ،‬مجمة جامعة النجاح لؤلبحاث "العمكـ اإلنسانية"‪ ،‬المجمد‬
‫‪ ،27‬العدد‪ ،2013 ،9‬ص‪.4‬‬
‫‪279‬‬
‫مجيد خضر السبعاكم‪ ،‬ضكابط بنياف النص العقابي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪12-11‬‬
‫‪280‬‬
‫حسيف بني عيسى‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة األكلي‪ ،‬دار كائؿ لمنشر‪2002 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.86‬‬

‫‪137‬‬
‫كيتضح مف التعريؼ السابؽ أف العقكبة يجب أف تقرر كضركرة اجتماعية‪ ،‬تقدر بقدرىا دكف مغاالة‬

‫أك تفريط‪ ،‬بحيث تككف متناسبة كحالة الجاني كظركؼ جريمتو‪ ،‬إذ ليس لممشرع أف يعترؼ بعقكبة قاسية‪،281‬‬

‫إذ ىي عند ذلؾ سكؼ لف تعبر عف فكرة الجزاء العادؿ كما استقرت في أذىاف الناس‪ ،‬بؿ ستثير اإلشفاؽ‬

‫عمى المحككـ عميو‪ ،‬ككنيا قامت بإيذاء حاسة العدالة لدل اإلنساف العادم ذم الرأم السميـ‪ ،‬الذم سيتمرد‬

‫عمى ىذا النص كسيتحكؿ تقديرىـ لمف يخالفو مف استنكار لو إلى عطؼ عميو كرثاء لحالو‪ ،‬كسيجد القضاء‬

‫في تطبيؽ ذلؾ النص حرجان‪ ،282‬فبل ينبغي أف تككف العقكبة ىينة بحيث ال ييؤبو بيا‪ ،‬كال أف تككف يمغاليةن في‬

‫قسكتيا بغير مقتض‪ ،‬حيث ال فائدة مف عقكبة غير رادعة‪ ،283‬لذا ال بد مف أف تككف العقكبة عادلة متناسبة‪،‬‬

‫يسيؿ تكقيعيا عمى كؿ إنساف يخالؼ قاعدة التجريـ‪ ،‬كلذا يتعيف عمى كاضعي القكاعد العقابية أال يعترفكا‬

‫بغير العقكبات التي تقبؿ التدرج كالتجزئة حتى يستطيع القاضي تطبيقيا بحيث تناسب ظركؼ الحالة التي‬

‫تكقع فييا‪.284‬‬

‫فالجريمة باعتبارىا فعبلن غير مشركع لو ردة فعؿ اجتماعية تتمثؿ في العقكبة التي تفرض عمى‬

‫مرتكبييا كجزاء يقابؿ فعمو غير المشركع‪ ،‬فالعدالة الجنائية تقتضي إذف تناسب ردة الفعؿ االجتماعية تمؾ مع‬

‫الفعؿ المسبب ليا‪ ،‬أم تناسب بيف إيبلـ العقكبة مف ناحية كبيف الجريمة المرتكبة استنادان إلى معايير‬

‫مختمفة‪ ،285‬مبدأ تناسب العقكبة يعد مف الضمانات التي تمثؿ اإلطار المحدد لسياسة العقاب‪ ،‬السيما أف‬

‫‪281‬‬
‫ىداـ إبراىيـ أبك كاس‪ ،‬السياسة الجنائية بيف الفقو التقميدم كاالتجاه الحديث‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماستر في القانكف الجنائي‪ ،‬جامعة الطاىر مكالم‬
‫سعيدة‪ ،‬الجزائر‪ ،2015،‬ص‪.27‬‬
‫‪282‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لممجرـ كالجزاء‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪ ،‬ص‪.127‬‬
‫‪283‬‬
‫عماد فاضؿ ركاب‪ ،‬زينب عبد الكاظـ الحسف‪ ،‬التناسب التشريعي بيف التجريـ كالعقاب في قانكف ضريبة الدخؿ العراقي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬جامعة‬
‫البصرة‪ ،2016 ،‬ص‪.5‬‬
‫‪284‬‬
‫محمد نعيـ فرحات‪ ،‬شرعية التجريـ كالعقاب في الفقو اإلسبلمي كالنظـ القانكنية المعاصرة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ص‪ .35‬يكسؼ مصطفى رسكؿ‪ ،‬التكازف في‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .65-61‬محمد زكي أبك عامر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.500 -484‬‬
‫‪285‬‬
‫زحؿ محمد األميف‪ ،‬مبدأ الشرعية الدستكرم كالدكلي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .106‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لممجرـ كالجزاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.127‬‬

‫‪138‬‬
‫العقكبة تمثؿ في جكىرىا إىدا انر كانتقاصان لحؽ مف حقكؽ مرتكب الجريمة‪ ،‬فبدكف ىذه الضمانة تتحكؿ العقكبة‬

‫إلى سبلح خطير بيد السمطة تستخدمو متى شاءت لمعصؼ بحقكؽ األفراد كحرياتيـ‪ ،‬فمف غير الممكف أف‬

‫تصطدـ سياسة العقاب مع اعتبارات العدالة بكصفيا قيمة اجتماعية مستقرة في ضمير الجماعة‪ ،‬فالعقكبة ال‬

‫تحقؽ معنى العدالة إالٌ إذا كانت متناسبة مع الجريمة‪ ،‬فالسياسة الجنائية المتعقمة كالمتكازنة تراعي ضركرة‬

‫تحقيؽ التناسب بيف شقي القاعدة الجنائية‪ :‬شؽ التجريـ كشؽ العقاب ليمكف قبكليا مف المخاطبيف بيا دكف‬

‫أف تثمـ قيمة العدالة المستقرة في ضميرىـ‪ ،286‬فمما كاف التجريـ يعني إضفاء أقصى مراتب الحماية التشريعية‬

‫عمى مصمحة معينة‪ ،‬ككاف أسمكب التعبير عف ىذه الحماية ىك الجزاء الجنائي‪ ،‬فإنو ال بد أف يككف في‬

‫إدراؾ المشرع الجزائي مضمكف ىذا الجزاء كمدل خطكرتو حتى يعبر أحسف تعبير عف نطاؽ التجريـ الذم‬

‫يراه المشرع‪ ، 287‬كال شؾ أف مبدأ التناسب ينعكس عمى ضركرة تحققو بيف شؽ التجريـ كشؽ العقاب‪ ،‬كىك ما‬

‫يستمزـ قدر مف التكافؽ بيف درجة اإليبلـ الذم تتضمنيا العقكبة كبيف نكع كجسامة الجريمة المرتكبة‪،288‬‬

‫باعتبار أنو كمما تناسبت العقكبة المقررة مع الجرـ المرتكب كمما زاد ذلؾ مف القيمة اإلقناعية لمقاعدة الجنائية‬

‫بما يكفؿ تحقيقيا لكظيفة الردع المرجكة منيا‪ ،‬ذلؾ أف التجريـ كالعقاب في القانكف الجنائي يقكـ عمى معيارم‬

‫التناسب كالضركرة‪ ،289‬ثـ يجب مراعاة التناسب بيف الحقكؽ كالحريات المحمية كالتي يمحقيا الضرر أك‬

‫الخطر‪ ،‬كبيف ما يتعرض لو مف يمحقو المساس بيذه الحقكؽ كالحريات مف أخطار بسبب ىذا التجريـ‪ ،‬ككذلؾ‬

‫الشأف بالنسبة لمعقكبات التي تعبر عف التجريـ‪ ،‬فإنيا يجب أف تككف متناسبة مع اليدؼ مف التجريـ كالعقاب‪،‬‬

‫‪286‬‬
‫مجيد خضر السبعاكم‪ ،‬ضكابط بنياف النص العقابي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .12‬تميـ طاىر أحمد الجادر‪ ،‬سيؼ صالح ميدم العكيمي‪ ،‬الضركرة‬
‫كالتناسب في القاعدة الجنائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪287‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬أصكؿ السياسة الجنائية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،1972 ،‬ص‪.19‬‬
‫‪288‬‬
‫عباس عبد الر ازؽ مجمي السعيدم‪ ،‬ضكابط استحداث النص الجزائي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.216‬‬
‫‪289‬‬
‫تميـ طاىر أحمد الجادر‪ ،‬سيؼ صالح ميدم العكيمي‪ ،‬الضركرة كالتناسب في القاعدة الجنائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .10‬مجيد خضر السبعاكم‪،‬‬
‫ضكابط بنياف النص العقابي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪139‬‬
‫مما يعني أف اليدؼ مف التجريـ يمعب دك انر مشتركان في تحديد الضركرة كالتناسب في التجريـ مف جية كفي‬

‫تحديد التناسب في العقكبات مف جية أخرل‪ .290‬كالجدير بالذكر بأف مبدأ التناسب يتمتع بنفس القيمة‬

‫الدستكرية التي تتمتع بيا باقي الحقكؽ كالحريات كالمصمحة العامة‪ ،‬فباحتراـ ىذا المبدأ يتحقؽ احتراـ كافة‬

‫القيـ الدستكرية التي حظيت بالحماية الدستكرية‪ ،‬بما يترتب عميو أف أم إخبلؿ بيذا المبدأ ببل شؾ سيخالؼ‬

‫المبادئ التي تتبناىا العدالة الجنائية‪.291‬‬

‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫ملع‪ٝ‬اي يل ‪ٛ‬ي‪ ٟ‬يً ٓا ب‬

‫لما كانت العقكبة تمر بمرحمتي التشريع كالتطبيؽ‪ ،‬لذا فالتفريد في مرحمة التشريع يسمى بالتفريد‬

‫التشريعي كعمى المشرع عند كضع النص التشريعي تقدير خطكرة الجريمة كالعقكبة المبلئمة بحسب جسامة‬

‫الجريمة أك طبيعتيا كالظركؼ الشخصية لمجاني‪ ،‬فالتفريد التشريعي يقكـ عمى أساس مكضكعي يراعى الفعؿ‬

‫بصفة أساسية ال الفاعؿ ألنو كضع ييخاطب الناس جميعان‪ ،‬فالمشرع في ىذه المرحمة ال يضع نصب عينيو‬

‫المجردة بحسب جسامتيا مف الناحية المادية بكضع جسامة كنتيجة الفعؿ في كفة ميزاف‪ ،‬كعقكبة‬
‫إال األفعاؿ ي‬

‫تتناسب مع تمؾ الجسامة كتمؾ النتيجة في كفة أخرل‪.292‬‬

‫و‬
‫عقكبات معبرة عف التجريـ كدرجتو‪ ،‬ثـ يترؾ لمقضاء اختيار ما يراه مبلئمان مف‬ ‫حيث يحدد القانكف‬

‫تحقيؽ أىدافيا‪ ،‬كيقتضي ىذا األمر اختيار العقكبات كفقان لمعايير كاضحة تبدك في تحديد األىداؼ التي ييراد‬

‫‪290‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .155 -154‬يكسؼ مصطفى رسكؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .59 -58‬نظاـ تكفيؽ‬
‫المجالي‪ ،‬الشرعية الجنائية كضماف لمحرية الفردية "دراسة في التشريع األردني"‪ ،‬بحث منشكر في مجمة الحقكؽ‪ ،‬العدد‪ ،4‬الككيت‪ ،1998 ،‬ص‪.182‬‬
‫‪291‬‬
‫عباس عبدالرازؽ مجمي السعيدم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.183‬‬
‫‪292‬‬
‫مجيد خضر السبعاكم‪ ،‬ضكابط بنياف النص العقابي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.6‬‬

‫‪140‬‬
‫تحقيقيا مف كراء العقاب‪ ،‬كتنحصر ىذه األىداؼ إما في الردع العاـ كالردع الخاص أك إصبلح المجرـ‪ ،‬فمف‬

‫المحقؽ أف ا لعقكبة تيدؼ إلى التأثير في السمكؾ اإلنساني داخؿ المجتمع حتى يتبلءـ مع األكامر كالنكاىي‬

‫االجتماعية التي تنطكم عمييا قكاعد التجريـ‪ ،‬كىي في حالتيا الساكنة في النص تيدؼ إلى التأثير في سمكؾ‬

‫جميع األفراد المخاطبيف بأحكاـ القانكف‪ ،‬عف طريؽ التيديد بما تنطكم عميو مف جسامة معينة‪ ،‬كىك ما يسمى‬

‫بالردع العاـ‪ ،‬أما في حالتيا الديناميكية عند تطبيقيا بكاسطة القضاء‪ ،‬فإنيا تيدؼ أساسان إلى التأثير في‬

‫سمكؾ المحككـ عميو حتى يتطابؽ مستقببلن مع قكاعد القانكف كىك ما يسمى بالردع الخاص أك اإلصبلح أك‬

‫إعادة التأىيؿ االجتماعي‪ ،‬كيقتضي ىذا اليدؼ أف تتكافر لدل المحككـ عميو خطكرة إجرامية أك انعدمت قؿ‬

‫شأف ىذا اليدؼ‪.293‬‬

‫أما الردع الخاص فإنو ال يعني مطمقان إسقاط الردع العاـ مف االعتبار كانما مجرد كضعو في المرتبة‬

‫التالية‪ ،‬فاختيار العقكبة مف أجؿ إصبلح المجرـ يعني االعتماد عمى مطمؽ شخصية المجرـ فيي كحدىا‬

‫الخاضعة ليذا اإلصبلح‪ ،‬أما الردع العاـ فإنو يتحقؽ ضمنان مف خبلؿ اإليبلـ المستفاد مف العقكبة المكقعة‬

‫عمى المجرـ ميما اختمؼ قدره ككيفيتو‪.294‬‬

‫ففكرة العقكبة الضركرية تؤدم إلى التسميـ بأال يمجأ المشرع الجنائي إلى العقكبات البلزمة كالمتناسبة‬

‫الجرمي المرتكب‪ ،‬فيناؾ معياراف لمتناسب أحدىما مكضكعي كاآلخر شخصي‪ :‬فبمكجب‬
‫مع جسامة الفعؿ ي‬

‫المعيار المكضكعي يتعيف أف يككف األلـ متماثبلن أك عمى أقؿ تقدير متناسبان مع جسامة النتيجة الكاقعة‬

‫الجرمي بصرؼ النظر عف نصيب الجاني مف الخطأ أك العمد‪ ،‬أما بمكجب المعيار الشخصي‬
‫بمكجب الفعؿ ي‬

‫‪293‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .254 -253‬عبد المجيد قاسـ عبد المجيد‪ ،‬فمسفة العقكبة في الشريعة اإلسبلمية‬
‫كالقانكف الكضعي‪ ،‬مجمة اإلسبلـ في آسيا‪ ،‬المجمد‪ ،9‬العدد‪ ،1‬يكنيك‪ ،2012 ،‬ص‪.27 -25‬‬
‫‪294‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .254 -253‬سامي جماؿ الديف‪ ،‬القانكف الدستكرم كالشرعية الدستكرية كفقان‬
‫لدستكر ‪2014‬ـ‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪ ،2018 ،‬ص‪.210‬‬

‫‪141‬‬
‫فمفاده تناسب األلـ مع درجة خطأ أك عمد الجاني في إحداث النتيجة الجرمية‪ ،‬كالتشريعات الحديثة تميؿ إلى‬

‫األخذ بالمعيار الشخصي‪.295‬‬

‫حيث يجب لكي تككف العقكبة شرعية ليس فقط أف تككف بقانكف‪ ،‬بؿ يجب أيضان أف تككف متناسبة‬

‫كمبلئمة لظركؼ كؿ مجرـ كليس فقط متناسبة مع جسامة الجريمة كفعؿ‪ ،‬فتككف متدرجة بقدر خطكرة‬

‫الجريمة كأثرىا عمى المجتمع كالصالح العاـ محققة لمعدالة‪ ،‬فالعقكبة غير المتناسبة كغير المحققة لمعدؿ‬

‫عقكبة غير شرعية كغير دستكرية‪ ،296‬لذلؾ كاف مف حسف السياسة الجنائية أف تتناسب العقكبة مع جسامة‬

‫الجريمة‪ ،‬لتحقيؽ العدالة كمكافحة ظاىرة اإلجراـ كردع المجرميف‪ ،‬كاشاعة األمف كاالستقرار في المجتمع‬

‫كارضاء شعكر الناس كنشر الطمأنينة بينيـ‪ ،297‬كتحديد مدل التناسب بيف العقكبة كالجريمة قد يتعمؽ بمدل‬

‫جسامة الفعؿ الذم ارتكبو الجاني‪ ،‬كقد يتعمؽ بمدل الخطأ الذم ينسب إلى إرادتو‪ ،‬كقد يتعمؽ باألمريف معان‪،‬‬

‫كالتناسب بيف العقكبة كالجريمة ينصب عمى نكع العقكبة كمقدراىا‪ ،‬فالعقكبة بكصفيا جزاء‪ ،‬يجب أف تنطكم‬

‫عمى معنى اإليبلـ ببل إفراط فييا‪ ،‬حيث أنو ال فائدة مف عقكبة غير رادعة كال مف قسكة ال تبررىا‬

‫مصمحة‪.298‬‬

‫كالحقيقة أف كضع معيار محدد لمتناسب يكاجو صعكبات عديدة ألف تحديده أمر ال يخمك مف الدقة‬

‫نظ انر لتعدد االعتبارات التي يجب مراعاتيا لمقكؿ بالتناسب مف عدمو‪ ،‬ليذه األسباب تتعدد المعايير التي‬

‫‪295‬‬
‫مجيد خضر السبعاكم‪ ،‬ضكابط بنياف النص العقابي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪296‬‬
‫معكض عبدالتكاب‪ ،‬قانكف العقكبات حسب آخر التعديبلت كحتى القانكف ‪ 14‬لسنة ‪ 1999‬كمعمقان عميو بأحكاـ محكمة النقض منذ إنشائيا كحتى‬
‫‪،1999‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1999 ،‬ص‪.922‬‬
‫‪297‬‬
‫محمد عمي السالـ الحمبي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ . 234‬نظاـ تكفيؽ المجالي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.420‬‬
‫‪298‬‬
‫محمكد محمكد مصطفي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.559‬‬

‫‪142‬‬
‫يمكف األخذ بيا لتحقيؽ ىذا التناسب‪ ،‬فثمة معيار مكضكعي‪ ،‬كآخر شخصي كثمة معيار مختمط يجمع بيف‬

‫المعياريف السابقيف معان‪.299‬‬

‫(أ) المعيار المكضكعي لمتناسب‪:‬‬

‫كفقان ليذا المعيار فإنو يتعيف أف يككف ىناؾ تناسب بيف إيبلـ العقكبة المقصكد كجسامة النتيجة‬

‫المترتبة عمى الفعؿ اإلجرامي‪ ،‬كيفترض ىذا التناسب قياـ صمة بيف سمكؾ الجاني كبيف النتيجة اإلجرامية‪،‬‬

‫مما يعني أنو كفقان ليذا المعيار فإف العقكبة يجب أف تككف متناسبة مع ماديات الجريمة بصرؼ النظر عف‬

‫نصيب إرادة الجاني مف الخطأ كىذه نتيجة منطقية لكظيفة العقكبة كجزاء رادع فيو زجر لمجاني‪ ،‬كىذا يعني‬

‫أف جسامة العقكبة كفقان لممعيار المكضكعي يجب أف تطرد مع جسامة الجريمة إعماالن لمبدأ العدالة‪ ،‬فالعقكبة‬

‫ىي الجزاء العادؿ لممجرـ عف جريمة‪ ،‬إال أف األخذ بيذا المعيار أدل إلى نتائج غير مقبكلة فالفعؿ الجسيـ‬

‫في ظؿ ىذا المعيار يرتب عقكبة شديدة حتى لك كاف نصيب فاعمو مف الخطأ يسي انر جدان‪ ،‬في حيف أف الفعؿ‬

‫التافو لـ يكف ليستأىؿ سكل عقكبة بسيطة كلك انطكل عمى درجة خطأ كاثـ كبير في حؽ فاعمو‪.300‬‬

‫(ب) المعيار الشخصي لمتناسب‪:‬‬

‫كيقكـ ىذا المعيار عمى أساس أنو يتعيف أف يككف ىناؾ تناسب بيف إيبلـ العقكبة كبيف خطكرة‬

‫الجاني كدرجة اإلثـ الذم يمكف نسبتو إليو‪ ،‬كبالتالي المعيار الشخصي ال يكتفي في تقدير العقاب بمجرد قياـ‬

‫‪299‬‬
‫عماد فاضؿ ركاب‪ ،‬زينب عبد الكاظـ الحسف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪300‬‬
‫تميـ طاىر أحمد الجادر‪ ،‬سيؼ صالح ميدم العكيمي‪ ،‬الضركرة كالتناسب في القاعدة الجنائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .5‬عماد فاضؿ ركاب‪ ،‬زينب عبد‬
‫الكاظـ الحسف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.8-7‬‬

‫‪143‬‬
‫رابطة السببية بيف السمكؾ المادم كالنتيجة اإلجرامية التي يحظرىا القانكف نفسو‪ ،‬إنما يتعيف تكافر صمة‬

‫معنكية بيف السمكؾ كبيف صاحبو‪ ،‬كقد تبمكرت فكرة الخطكرة اإلجرامية كتعددت صكرىا حتى أصبحت نكاة‬

‫لنظرية الركف المعنكم التي تعد أحد أىـ نظريات قانكف العقكبات‪ ،‬كعمى ىذا فمـ يعد مقبكالن في النظـ القانكنية‬

‫المعاصرة أف يقرر المشرع عقكبة شديدة متى كاف نصيب الجاني مف الخطأ ضئيبلن‪.301‬‬

‫(ج) المعيار المختمط‪:‬‬

‫ىذا المعيار تبنتو المدارس التكفيقية التي حاكلت التكفيؽ بيف المعيار المكضكعي الذم تبنتو المدرسة‬

‫التقميدية كالتي أخذت بو التشريعات القديمة‪ ،‬كالمعيار الشخصي الذم تبنتو المدرسة الكضعية كأخذت بو‬

‫التشريعات الحديثة‪ ،‬كذلؾ عبر الجمع بيف المعياريف السابقيف‪ ،‬بحيث تتناسب العقكبة طك انر مع جسامة الفعؿ‬

‫المادم كطك انر آخر مع درجة الخطأ الذم يكشؼ عنو سمكؾ الفاعؿ‪ ،‬كذلؾ مف خبلؿ منح القاضي السمطة‬

‫التقديرية في فرض العقكبة المتناسبة مع جسامة الجريمة كخطكرة الفاعؿ في نطاؽ الحدكد القانكنية‪.302‬‬

‫كقد أكدت المحكمة الدستكرية العميا في مصر أنو كمما كاف الجزاء مقر انر لضركرة‪ ،‬كمتناسبان مع‬

‫األفعاؿ التي أثميا المشرع أك منعيا‪ ،‬متصاعدان مع خطكرتيا‪ -‬كاف مكافقان لمدستكر‪.303‬‬

‫كيرجع ذلؾ إلى أف التكازف بيف الحقكؽ كالحريات‪ ،‬كسائر القيـ الدستكرية المتمثمة في حقكؽ كحريات‬

‫الغير أك في المصمحة العامة‪ ،‬يجب أف يتـ كفقان لمضركرة االجتماعية كالتناسب‪ ،‬ككبلىما مف ك واد كاحد‪،‬‬

‫فالضركرة ال بد أف تككف بقدرىا‪ ،‬كمف ىنا جاء التناسب‪ ،‬كال تناسب إال بالقدر الضركرم‪ ،‬كىكذا فإف ضابط‬

‫‪301‬‬
‫عماد فاضؿ ركاب‪ ،‬زينب عبد الكاظـ الحسف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.9 - 8‬‬
‫‪302‬‬
‫تميـ طاىر أحمد الجادر‪ ،‬سيؼ صالح ميدم العكيمي‪ ،‬الضركرة كالتناسب في القاعدة الجنائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .5‬عماد فاضؿ ركاب‪ ،‬زينب عبد‬
‫الكاظـ الحسف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.10 -9‬‬
‫‪303‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية العميا بمصر بتاريخ ‪1998/6/6‬ـ في الدعكل رقـ ‪ 152‬لسنة ‪ 18‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/6/5 :‬الساعة‪1:10 :‬‬

‫‪144‬‬
‫الضركرة كالتناسب‪ ،‬يحكـ مبدأ أك نطاؽ تدخؿ المشرع لتقييد الحقكؽ كالحريات بالقدر البلزـ لمتكازف مع‬

‫المصمحة العامة كسائر القيـ التي يحمييا الدستكر‪.304‬‬

‫كقد ميزت المحكمة الدستكرية العميا المصرية بيف معيار التناسب لتحقيؽ الردع العاـ كمعياره لتحقيؽ‬

‫الردع الخاص‪ ،‬فبالنسبة إلى الردع العاـ تتدرج العقكبة عمى ضكء خطكرة الجريمة‪ ،‬أما الردع الخاص فإنو‬

‫يتحدد مف خبلؿ عبلقة منطقية تربطيا مباشرة كبمف ارتكبيا في ضكء عكامؿ مكضكعية تتصؿ بالجريمة في‬

‫ذاتيا‪ ،‬كبعناصر شخصية تعكد إلى مرتكبيا‪ ،‬كيناؿ ىذا التناسب قيمة دستكرية الرتباطو بشخصية العقكبة‬

‫بمف يككف مسئكالن عف ارتكابيا‪ ،‬عمى ضكء دكره كنكاياه التي قارفيا‪ ،‬كما نجـ عنيا مف ضرر‪ ،‬ليككف الجزاء‬

‫عنيا مكافقان لخياراتو بشأنيا‪.305‬‬

‫كقد أكدت المحكمة الدستكرية العميا المصرية ىذه العبلقة المنطقية في قكليا بأنو يتعيف دائمان‬

‫استظيار ما إذا كاف النص الطعيف يمتزـ إطا انر منطقيان لمدائرة التي يعمؿ فييا‪ ،‬كافبلن مف خبلليا تناغـ‬

‫األغراض التي يستيدفيا‪ ،‬أك متيادمان مع مقاصده أك مجاك انز ليا‪ ،‬كمناىضان بالتالي لمبدأ خضكع الدكلة‬

‫لمقانكف‪ ،‬كقد ذىبت المحكمة الدستكرية العميا إلى أف النص عمى تكقيع العقاب عمى االتفاؽ الجنائي عمى‬

‫ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬حتى لك لـ يتـ ارتكابيا فعبلن ال يحقؽ ردعان عامان كال خاصان‪ ،‬بؿ إف ذلؾ قد يشجع‬

‫المتفقيف عمى ارتكاب الجريمة محؿ االتفاؽ طالما أف مجرد االتفاؽ عمى اقترافيا سيؤدم إلى معاقبتيـ بذات‬

‫العقكبة‪.306‬‬

‫‪304‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪305‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية العميا بمصر بتاريخ ‪ 3‬أغسطس ‪1996‬ـ‪ ،‬في الدعكل رقـ ‪ 37‬لسنة ‪ 15‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية‬
‫العميا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/6/5 :‬الساعة‪1:14 :‬‬
‫‪306‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية العميا بمصر بتاريخ ‪2001/6/2‬ـ في الدعكل رقـ ‪ 114‬لسنة ‪ 21‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/6/5 :‬الساعة‪1:17 :‬‬

‫‪145‬‬
‫فعدالة العقاب مرتبطة بمبدأ الضركرة بمعنى أف العقاب ال يككف مبر انر مف كجية نظر العدالة‬

‫الجنائية إال إذا كانت ىناؾ مصمحة اجتماعية ميمة جدان ال تؤمف ليا الحماية الكافية بغير الجزاء الجنائي‪،‬‬

‫فبل ضركرة تبرر العقاب مف كجية نظر العدالة الجنائية إذا كاف باإلمكاف حماية المصمحة االجتماعية بغير‬

‫الجزاء الجنائي أك إذا لـ تكف ىذه المصمحة عمى قدر معيف مف األىمية‪ ،307‬لذلؾ فإف مبدأ التناسب الذم ال‬

‫تقكـ الضركرة في التجريـ إال بمراعاتو‪ ،‬يتمتع في ذاتو بذات القيمة الدستكرية التي تمتع بيا سائر الحقكؽ‬

‫كالحريات كالمصمحة العامة‪ ،‬ألنو مف خبلؿ احتراـ ىذا المبدأ يتـ احتراـ كافة القيـ الدستكرية التي نالت حماية‬

‫الدستكر بطريقة منطقية متكازية‪.308‬‬

‫يف ع يثايث‬

‫ي ٓا ب بني ي ح ‪ ٚ ِٜ‬يعكاب يف ج مي‪ ١‬التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫خمص الباحث فيما سبؽ إلى أف العقكبة شائبة تمطخ صفحة المحككـ عميو بيا كتصمو بكصؼ‬

‫اإلجراـ ككنيا مرتبطة بو‪ ،‬كلذلؾ يتحتـ القسط في تقريرىا كاالقتصار في تطبيقيا عمى صكر السمكؾ المتفؽ‬

‫بيف الناس عمى تعارضيا مع نداء الضمير البشرم‪ ،309‬كبالعكدة لممنيج الذم اعتنقو المشرع في العقاب عمى‬

‫جريمة االتفاؽ الجنائي في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ يجد الباحث أنو لـ يكف كاحدان‪ ،310‬بما‬

‫يستتبع معو بياف مدل اتفاؽ مسمؾ المشرع في العقاب مع مبدأ التناسب كذلؾ مف خبلؿ ما يمي‪:‬‬

‫‪307‬‬
‫مجيد خضر السبعاكم‪ ،‬ضكابط بنياف النص العقابي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪308‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.173‬‬
‫‪309‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمجريمة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص(ز) ‪.‬‬
‫‪310‬‬
‫انظر الصفحات مف ص رقـ (‪ )71‬كما بعدىا مف الرسالة‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫عقكبة االتفاؽ عمى جناية‪:‬‬ ‫(أ)‬

‫أشار الباحث فيما سبؽ أف المشرع قد اعتنؽ ضابطان عامان لمعقاب عمى االتفاؽ عمى جناية‪ ،‬يقكـ‬

‫عمى الربط بيف عقكبة الجناية المتفؽ عمييا كبيف عقكبة االتفاؽ‪ ،‬بمعنى أنو اتخذ مف مقدار عقكبة الجناية‬

‫المتفؽ عمييا معيا انر لتحديد عقكبة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كفي سبيؿ ذلؾ أفرد لو عقكبة الحبس مدة (‪ )7‬سنكات‬

‫كذلؾ في حالتيف‪ ،‬األكلى إذا كانت الجناية المتفؽ عمييا غير مقركنة بعقكبة معينة‪ ،‬كالثانية إذا كانت الجناية‬

‫المتفؽ عمييا مقركنة بعقكبة معينة حدىا األقصى الحبس (‪ )7‬سنكات أك أكثر‪.‬‬

‫كىذا يعني أنو بالنسبة لمحالة األكلى فإف المتفؽ عمى جناية غير مقركنة بعقكبة معينة سيككف‬

‫متساكيان في العقاب مع ذلؾ المتفؽ عمى جناية مقركنة بعقكبة كحدىا األقصى (‪ )7‬سنكات فأكثر‪ ،‬ككذلؾ‬

‫سيتساكل ىذا األخير في العقاب مع المتفؽ عمى جناية حدىا األقصى (‪ )14‬سنة أك الحبس المؤبد‪ ،‬كيتضح‬

‫بناء عمى ذلؾ بشكؿ جمي أف ىذه التفرقة مجافية لمبدأ التناسب بيف شؽ التجريـ كشؽ العقاب ككذلؾ تخالؼ‬
‫ن‬

‫مبدأ المساكاة‪.‬‬

‫كفيما يتعمؽ بالحالة الثانية فإف الشارع كحد عقكبة االتفاؽ الجنائي بالحبس مدة سبع سنكات طالما‬

‫أف الحد األقصى لعقكبة الجناية المتفؽ عمييا ال يقؿ عف سبع سنكات‪ ،‬كبذلؾ يككف المشرع في ىذه الحالة‬

‫قد اعتنؽ معيار قائـ عمى تخصيص عقكبة محددة كمكحدة ارتأل أنيا تتناسب مع االتفاؽ الجنائي مجردان‪،‬‬

‫فيك في مسمكو السابؽ أراد تبلفي الكقكع في شراؾ الغمك غير المبرر في العقاب بما يتنافى مع اعتبارات‬

‫العدالة كمبدأ التناسب؛ كلكف رغـ ذلؾ نرل أف المشرع كاف كاف مكفقان فيما يتعمؽ بعدـ اعتناؽ معيار المساكاة‬

‫في العقاب بيف االتفاؽ الجنائي كالجناية المتفؽ عمييا‪ ،‬إال أف مسمكو السابؽ يترتب عميو تطابؽ عقكبة‬

‫االتفاؽ الجنائي مع عقكبة الجناية المتفؽ عمييا كذلؾ في الحالة التي تككف فييا عقكبة الجناية المتفؽ عمييا‬

‫‪147‬‬
‫حدىا األقصى (‪ )7‬سنكات‪ ،‬كىذا فيو مجافاة لمعدالة باعتبار أف ىذا المجرـ سيككف في مركز قانكني أسكأ‬

‫ممف اتفؽ مع الغير عمى ارتكاب جناية حدىا األقصى أكثر مف (‪ )7‬سنكات‪ ،‬لذا كاف عمى المشرع أف يفرد‬

‫ليذه الحالة التي تتساكل فييا عقكبة االتفاؽ مع عقكبة الجناية المتفؽ عمييا‪ ،‬عقكبة أخؼ تتناسب مع جسامة‬

‫االتفاؽ عينو‪ ،‬فيذا التطابؽ في العقاب كاف كاف ككف نتيجة منطقية لتطبيؽ المعيار الذم اعتنقو الشارع‬

‫الجنائي‪ ،‬إال أنو يجعؿ النص العقابي مشكبان بعكار عدـ الدستكرية‪.‬‬

‫و‬
‫فعندئذ‬ ‫أما الحالة التي يككف فييا الحد األقصى لمعقكبة المعينة لتمؾ الجناية مدة أقؿ مف (‪ )7‬سنكات‬

‫يعاقب بتمؾ العقكبة‪ ،‬بعبارة أخرل إذا زاد عقاب االتفاؽ الجنائي عمى العقاب المقرر لمجناية المتفؽ عمييا‪،‬‬

‫فبل يطبؽ مف أجؿ ىذا االتفاؽ عقاب أشد مما ينص عميو القانكف ليذه الجناية‪ ،‬كيتفؽ الباحث مع الشارع في‬

‫مسمكو ىذا مف حيث المبدأ‪ ،‬بحيث أنو مف المغاالة كاإلفراط في العقكبة أف يعاقب عمى االتفاؽ الجنائي‬

‫مجردان بعقكبة أشد مف عقكبة الجناية المتفؽ عمييا فيما لك كقعت بالفعؿ‪ ،‬كلكف رغـ ذلؾ يؤخذ عمى المشرع‬

‫أنو ساكل في ىذه الحالة بيف عقكبة االتفاؽ مجردان كبيف عقكبة الجناية مكضكع االتفاؽ رغـ اختبلؼ جسامة‬

‫كؿ مف الجريمتيف‪ ،‬ككأنو بصكرة غير مباشرة عاقب عمى الجريمة محؿ االتفاؽ حتى كلك لـ يتـ ارتكابيا‬

‫فعبلن‪ ،‬كيظير ذلؾ جميان عندما قرر تكقيع عقكبة الجناية محؿ االتفاؽ عمى االتفاؽ الجنائي كذلؾ بشرط أف‬

‫تككف عقكبتيا في حدىا األقصى تقؿ عف (‪ )7‬سنكات‪ ،‬كنرل أنو كاف عمى المشرع أال يربط بيف جريمة‬

‫االتفاؽ كالعقكبة المقررة لمجريمة محؿ االتفاؽ مطمقان‪ ،‬حيث أف ىذا المسمؾ الخاطئ لممشرع قد يشجع‬

‫المتفقيف عمى ارتكاب الجريمة محؿ االتفاؽ الجنائي طالما أنو ساكل في العقاب بينيا كبيف مجرد االتفاؽ‬

‫عمى ارتكابيا‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫كالجدير بالذكر أف المشرع حينما يقكـ بإفراد عقكبة معينة ألم جناية فإنو يقدر تناسب تمؾ العقكبة‬

‫مع جسامة الجناية عينيا‪ ،‬كلذلؾ حينما ينزع الشارع عمى جعؿ عقكبة الجناية المتفؽ عمييا عقكبة لبلتفاؽ‬

‫ذاتو‪ ،‬فإف ىذا إفراطان كمبالغة في العقاب باعتبار أف العقكبة ينبغي أف تككف متناسبة مع جسامة خطكرة‬

‫االتفاؽ عينو‪ ،‬كالذم تتفاكت خطكرتو كذلؾ تبعان لنكع الجريمة التي تككف مكضكعان لو‪ ،‬مما يستتبع معو تفاكت‬

‫العقكبة‪.‬‬

‫(ب) عقكبة االتفاؽ عمى جنحة‪:‬‬

‫ينص المشرع في المادة (‪ )35‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬عمى‪:‬‬

‫"كؿ مف تآمر مع شخص آخر عمى ارتكاب جنحة أك عمى إتياف فعؿ في مكاف آخر خارج فمسطيف‬

‫ككاف ذلؾ الفعؿ يشكؿ جنحة فيما لك ارتكب في فمسطيف كيعتبر كذلؾ أيضان بمقتضى الشرائع المعمكؿ بيا‬

‫في المكاف الذم كاف في النية ارتكابو فيو‪ ،‬يعتبر أنو ارتكب جنحة كيعاقب بالحبس مدة سنتيف"‪.‬‬

‫يتضح مف النص السابؽ أف المشرع لـ يتخذ مف مقدار عقكبة الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي‬

‫معيا انر لتحديد عقكبة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬بؿ ذىب باتجاه تحديد عقكبة لبلتفاؽ الجنائي الكارد عمى الجنح حدىا‬

‫األقصى الحبس (سنتاف)‪ ،‬بغض النظر عف عقكبة الجنحة المتفؽ عمييا‪ ،‬كيؤخذ عمى المشرع ىذا اإلطبلؽ‬

‫فيما يتعمؽ بشمكلية العقاب؛ بحيث أف ىذا المسمؾ يفضي إلى أف العقاب عمى االتفاؽ الجنائي مجردان قد‬

‫يككف أخؼ مف العقاب المقرر لمجنحة محؿ االتفاؽ‪ ،‬كما قد يتساكل مع العقاب المقرر لمجنحة المتفؽ عمييا‬

‫بؿ األخطر مف ذلؾ قد يككف أكثر شدة كغمظة منو‪ ،‬كفي االحتماؿ الثاني كالثالث يظير طغياف النص‬

‫‪149‬‬
‫الجزائي‪ ،‬كال شؾ أف ىكذا عقكبات مفرطة في قسكتيا تكشؼ عف مبالغة في العقاب بما ال يتناسب كالفعؿ‬

‫المؤثـ‪ ،‬كيتضح ذلؾ بجبلء في الحالة التي تككف الجنحة المتفؽ عمييا معاقب عمييا بالحبس مدة سنتيف أك‬

‫أقؿ‪ ،‬كىذا يعد تطرفان كمغاالة في العقكبة كمخالفة كاضحة لمبدأ التناسب‪ ،‬فمف غير العادؿ أف يسمح أف‬

‫المشرع لمقاضي بأف يعاقب عمى االتفاؽ الجنائي مجردان‪ ،‬بعقكبة أشد مف عقكبة الجنحة المتفؽ عمييا‬

‫استثناء عمى ذلؾ‬


‫ن‬ ‫فيما لك كقعت بالفعؿ أك بعقكبة مساكية ليا‪ ،‬حيث كاف يتعيف عمى المشرع أف يضع‬

‫كأف يقكؿ‪ ":‬كفي كؿ األحكاؿ ال يجكز أف تزيد عقكبة االتفاؽ عف العقكبة المقررة لمجنحة"‪ ،‬ككذلؾ في الحالة‬

‫التي تتساكل فييا العقكبات كاف يتعيف عمى المشرع أف يخصص لبلتفاؽ عقكبة عادلة متناسبة أخؼ‪.‬‬

‫ككذلؾ يرل الباحث أف ىذا النص يشكبو عكار عدـ الدستكرية مف ناحية أخرل‪ ،‬ككف المشرع بمسمكو‬

‫ىذا أكجد حالة مف االزدكاجية كالتنافر في السياسة الجنائية المتبعة مف قبمو معالجة الفرض الكاحد‪ ،‬فبل‬

‫يستساغ أف يككف مذىب المشرع إزاء حالة االتفاؽ عمى ارتكاب جناية ككانت ىذه األخيرة عقكبتيا في حدىا‬

‫األقصى أقؿ مف العقكبة المقررة لبلتفاؽ‪ ،‬فإف المشرع يقضي بتطبيؽ العقكبة األخؼ أال كىي عقكبة الجناية‬

‫محؿ االتفاؽ‪ ،‬ثـ يأتي في االتفاؽ عمى جنحة كال يقرر ذات الحكـ‪ ،‬تاركان األمر لسمطة القاضي التقديرية؛‬

‫رغـ تكافر ذات العمة التي مفادىا أنو مف غير العادؿ أف يعاقب عمى االتفاؽ الجنائي مجردان بعقكبة أشد مف‬

‫عقكبة الجريمة المتفؽ عمييا فيما لك كقعت بالفعؿ‪ ،‬سكاء كانت جناية أك جنحة‪.‬‬

‫كقضاء أال كىك مبدأ‬


‫ن‬ ‫كما يؤخذ عمى المشرع‪ ،‬أنو تجاىؿ أحد المبادئ الجزائية المستقر عمييا فقيان‬

‫التناسب بيف التجريـ كالعقاب‪ ،‬كالذم يعد كاحدان مف ركائز مبدأ الشرعية الجنائية‪ ،‬فالعقكبة يجب أف تككف‬

‫متناسبة مع جسامة الجريمة كدرجة اإلثـ الجنائي‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫فالمشرع حينما يرصد العقكبات يعتنؽ معيا انر مكضكعيان لكفالة احتراـ قاعدة التناسب بيف الجزاء كاإلثـ‬

‫الجنائي‪ ،‬يقكـ عمى تناسب العقكبة مع الضرر الذم تحدثو الجريمة بالمصمحة محؿ الحماية الجنائية بصكرة‬

‫مجردة‪ ،‬ذلؾ أف المشرع في ىذه المرحمة ال يعرؼ أشخاصان محدديف لذا فإنو يعتمد في كضع العقكبة بالنظر‬

‫إلى الجريمة ذاتيا‪ ،311‬كلما كانت جريمة االتفاؽ ىي مف جرائـ السمكؾ المجرد فإنيا ال تحدث ضر انر كانما‬

‫تعرض المصمحة المحمية لمخطر‪ ،‬إال أف المشرع لـ يأخذ ذلؾ بعيف االعتبار‪ ،‬كيتضح ذلؾ كفقان لرأم الباحث‬

‫مف مسمؾ المشرع بفرضو عقكبة جسيمة تخؿ بصكرة سافرة بميزاف التعادؿ كالتناسب مع اإلثـ الجنائي التي‬

‫تعمقت بو‪ ،‬ال تتناسب البتة مع درجة خطكرة األفعاؿ التي أثميا المشرع؛ مما يجعؿ مف نصكص المكاد‬

‫(‪ )35 -34‬مشكبة بعكار عدـ الدستكرية قكامو االنحراؼ في استعماؿ السمطة التشريعية كعيب المحؿ‪‌ .‬‬

‫فالمشرع كاف كاف يتمتع بسمطة تقديرية في تحديد التناسب إال أف ىذه السمطة ليست مطمقة‪ ،‬فإذا أقدـ‬

‫المشرع عمى إحداث عدـ تناسب ظاىر ال يتفؽ مع المقاصد التي استيدفيا الدستكر مف كراء حماية الحقكؽ‬

‫كالحريات؛ فإف عممو يخضع لرقابة المحكمة الدستكرية بيذا الصدد‪.312‬‬

‫كتطبيقان لذلؾ‪ ،‬قضت المحكمة الدستكرية العميا بمصر بأف الجزاء الجنائي ال يككف مخالفان لمدستكر‬

‫‪313‬‬
‫إال إذا اختؿ التعادؿ بصكرة ظاىرة بيف مداه كطبيعة الجريمة التي تعمؽ بيا‪.‬‬

‫لذلؾ فإف أىـ ما ينبغي التأكيد عميو في ىذا الخصكص ىك ضركرة مراعاة تناسب الجزاء مع جسامة‬

‫الفعؿ بغير إفراط أك تفريط‪ ،‬فيجب أال يككف الجزاء المترتب عمى مخالفة التكميؼ الكارد في النص الجزائي‬

‫‪311‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات الفمسطيني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،2014 ،‬ص‪.31‬‬
‫‪312‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪313‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬جمسة ‪ ،2000/7/8‬قضية رقـ‪ 52‬لسنة ‪ 2000‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬‬
‫تاريخ الزيارة‪ 2019/6/7 :‬الساعة‪2:30 :‬‬

‫‪151‬‬
‫الخاص مف البساطة بمكاف بأف يدفع المخاطبيف بو لمتمرد عميو غير مباليف باحترامو‪ ،‬كما يجب أال يككف‬

‫ىذا الجزاء مبالغان فيو لدرجة يفقد القائمكف عمى تطبيقو كالمخاطبكف بو عمى و‬
‫حد سكاء ثقتيـ كقناعتيـ بعدالة‬

‫الحكـ مما يدفع كبل منيـ إليجاد سبيؿ معيف لعدـ تطبيقو‪ ،314‬كالجزاء الجنائي ال يككف يمبر انر إال إذا كاف‬

‫كاجبان لمكاجية ضركرة اجتماعية ليا كزنيا‪ ،‬كمتناسبان مع الفعؿ المؤثـ فإف جاكز ذلؾ كاف مفرطان في القسكة‬

‫مجافيان لمعدالة‪ ،‬كمنفصبلن عف أىدافو المشركعة‪.315‬‬

‫كتجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجنائي نظـ أحكاـ التآمر– االتفاؽ الجنائي‪ -‬في الفصؿ السادس‬

‫مف الباب األكؿ مف قانكف العقكبات رقـ (‪)74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬كىك ذات الفصؿ الذم نظـ فيو المشرع‬

‫أحكاـ الشركع‪ ،‬كلما كاف الشركع معاقب عميو في الجنايات كالجنح بمدة ال تتجاكز نصؼ الحد األقصى‬

‫لمعقكبة المقررة الرتكاب الجناية أك الجنحة‪ ،‬باستثناء الجناية المعاقب عمييا باإلعداـ‪ ،‬كجناية القتؿ دكف‬

‫سبؽ إصرار‪ ،‬كالجنايات المعاقب عمييا بالحبس المؤبد؛ فإذا أعقب المشرع تمؾ األحكاـ بالنص في المكاد‬

‫(‪ )36-35-34‬عمى تجريـ مجرد اتحاد إرادة شخصيف أك أكثر عمى ارتكاب أم جناية أك جنحة‪ ،‬كتحديد‬

‫العقكبة عمى النحك السالؼ بيانو‪ ،‬فإنو يككف منتيجان نيجان يتنافر مع سياسة العقاب عمى الشركع‪ ،‬فمما‬

‫كاف الشركع في الجريمة ىك أكثر خطكرة بمراحؿ مف مجرد اتحاد اإلرادات عمى ارتكاب الجريمة‪ ،‬فالجاني‬

‫يككف قد بدأ في التنفيذ ككؿ ما في األمر أف النتيجة الجرمية لـ تحدث ألسباب خارجة عف إرادتو‪ ،‬كرغـ‬

‫تمؾ الخطكرة إال أف المشرع قرر عدـ مساكاتيا مف حيث العقاب بعقكبة الجريمة فيما لك كقعت تامة؛ كاف‬

‫يجب تطبيؽ ذات السياسة الجنائية فيما يخص العقاب عمى التآمر مف باب أكلى‪ ،‬فمف غير العادؿ أف‬

‫‪314‬‬
‫عباس عبدالرزاؽ السعيدم‪ ،‬ضكابط استحداث النص الجزائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪315‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية العميا بمصر بتاريخ ‪ 2001/6/2‬في الدعكل رقـ ‪ 114‬لسنة ‪ 21‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/6/7 :‬الساعة‪2:34 :‬‬

‫‪152‬‬
‫يعاقب بالحبس (‪ )7‬سنكات شخص دخؿ في اتفاؽ جنائي مع غيره الرتكاب جناية عقكبتيا في حدىا‬

‫األقصى(‪ )8‬سنكات‪ ،‬في حيف لك أف ذات الشخص الذم يحمؿ ذات الخطكرة اإلجرامية لـ يدخؿ في اتفاؽ‬

‫ك شرع منفردان في ارتكاب ذات الجناية فإنو سيعاقب بعقكبة الحبس مدة ال تزيد عف (‪ )4‬سنكات‪.‬‬

‫مما يقطع بأف العقاب عمى االتفاؽ الجنائي بيذه الدرجة مف الجسامة يتنافر مع القصد مف التجريـ‬

‫كىك القضاء عمى الجريمة كمنعيا كىي في طكر التككيف؛ فالمغاالة في العقاب ستدفع كتشجع المتفقيف عمى‬

‫اقتراؼ الجريمة محؿ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كىك ما يؤدم النعداـ الرابطة المنطقية بيف النص التجريمي كالنص‬

‫العقابي‪.‬‬

‫كىذا التنافر كعدـ التجانس في السياسة الجنائية لممشرع يؤدم إلي افتقاد الصمة بيف النصكص‬

‫الجنائية كمقاصدىا‪ ،‬ككؿ ذلؾ يتعارض جممة كتفصيالن مع ما استقر عميو القضاء الدستكرم بمصر مف أف‬

‫السياسة الجنائية الرشيدة يتعيف أف تقكـ عمى عناصر متجانسة‪ ،‬فإف قامت عمى عناصر متنافرة نجـ عف‬

‫ذلؾ افتقاد الصمة بيف النصكص كمرامييا‪ ،‬بحيث ال تككف مؤدية إلى تحقيؽ الغاية المقصكدة منيا النعداـ‬

‫الرابطة المنطقية بينيا؛ تقدي انر بأف األصؿ في النصكص التشريعية – في الدكلة القانكنية – ىك ارتباطيا‬

‫عقبلن بأىدافيا‪ ،‬باعتبار أف أم تنظيـ تشريعي ليس مقصكدان لذاتو‪ ،‬كانما ىك مجرد كسيمة لتحقيؽ تمؾ‬

‫األىداؼ‪.316‬‬

‫‪316‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية العميا بمصر بتاريخ ‪2001/6/2‬ـ في الدعكل رقـ ‪ 114‬لسنة ‪ 21‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/6/12 :‬الساعة‪10:12 :‬‬

‫‪153‬‬
‫(ج) عقكبة االتفاؽ عمى الخيانة‪:‬‬

‫فيما يخص جريمة االتفاؽ عمى الخيانة الكاردة بالمادة (‪ )49‬مف قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ‬

‫(‪ )74‬لسنة ‪ ،1936‬يبلحظ الباحث أف المشرع ساكل في العقاب بيف مرتكب جريمة الخيانة كبيف المتفقيف‬

‫عمى ارتكاب جريمة الخيانة‪ ،‬حيث خصص ليـ عقكبة اإلعداـ‪ ،‬ككنو ساكل بينيـ في التجريـ كاعتبر‬

‫االتفاؽ عمى ارتكاب الخيانة ىك ارتكاب لمخيانة‪ ،‬بقكلو في المادة أعاله‪" :‬يعتبر أنو ارتكب الخيانة"‪.‬‬

‫كيرل الباحث أف إفراد عقكبة اإلعداـ عمى مجرد االتفاؽ عمى الخيانة فيو مغاالة كافراط في العقاب‬

‫بما يشكؿ إخبلالن بمبدأ التناسب‪ ،‬كيدلؿ عمى ذلؾ بضرب األمثمة التي تقطع بجسامة العقاب كفداحتو‪ ،‬ففي‬

‫الحالة التي يقكـ بيا شخص بارتكاب جريمة الخيانة في صكرتيا الناقصة ‪-‬الشركع‪ -‬فإنو بإعماؿ أحكاـ‬

‫‪317‬‬
‫سيعاقب بعقكبة الحبس المؤبد‪ ،‬رغـ أف السمكؾ الثاني يجاكز في خطكرتو مجرد االتفاؽ عمى‬ ‫المادة (‪)52‬‬

‫الخيانة‪.‬‬

‫كيؤخذ عمى مكقؼ المشرع فيما يتعمؽ بالعقاب عمى االتفاؽ الجنائي أنو ساكل في العقكبة بيف‬

‫جميع أطراؼ االتفاؽ‪ ،‬كىك ما ييعتبر نقصان تشريعيان في مجاؿ التجريـ؛ ككف أف المشرع لـ ييميز بينيـ‪ ،‬حيث‬

‫المدير لحركتو كبيف‬


‫أنو كاف أجدر بالمشرع أف يقكـ بالمغايرة في العقاب بيف مف المحرض عمى االتفاؽ أك ي‬

‫باقي أعضاء االتفاؽ‪ ،‬حيث أف العدالة تأبى أف يتساكل في العقاب مف يحرض عمى االتفاؽ الجنائي أك يدير‬

‫حركتو مف أسس الجريمة كبيف العضك العادم فيو‪.‬‬

‫تنص المادة (‪ )52‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬عمى أف‪ ":‬كؿ مف عقد النية عمى تحقيؽ أية غاية مف الغايات المذككرة فيما يمي أم‪:‬‬
‫‪317‬‬

‫(أ) تجريد جبللة الممؾ مف صفتو أك شرفو‪(....‬ب) إشيار الحرب عمى جبللتو في أم قسـ مف ممتمكات جبللتو‪(...‬ج) تحريض أم شخص آخر عمى‬
‫اإلغارة بالسبلح عمى أية ‪ ،.....‬يعتبر أنو ارتكب جناية كيعاقب بالحبس المؤبد"‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫فإذا سمٌمنا باختبلؼ درجة الخطيئة كمقدار الخطكرة بيف المحرض عمى االتفاؽ الجنائي كبيف سائر‬

‫األعضاء فإف ذلؾ يستتبع بالضركرة عدـ المساكاة في العقاب‪ ،‬فالمحرض جدير تبعان لذلؾ بعقاب مشدد‪.‬‬

‫حيث قضت المحكمة الدستكرية العميا المصرية بأف‪" :‬العدالة –في غاياتيا‪ -‬ال تنفصؿ عبلقتيا‬

‫بالقانكف باعتباره أداة تحقيقيا‪ ،‬فبل يككف القانكف منصفان إال إذا كاف كافبلن ألىدافيا‪ ،‬فإذا ما زاغ المشرع ببصره‬

‫عنيا‪ ،‬كأىدر القيـ األصيمة التي تحتضنيا‪ ،‬كاف منييان لمتكافؽ في مجاؿ تنفيذه‪ ،‬كمسقط كؿ قيمة لكجكده‪،‬‬

‫كمستكجبان تغييره أك إلغاؤه‪ ،‬كمف ثـ فقد جرل قضاء ىذه المحكمة عمى أف شرعية الجزاء –جنائيان كاف أـ‬

‫تأديبيان أـ مدنيان‪ -‬ال يمكف ضمانيا إال إذا كاف متناسبان مع األفعاؿ التي أثميا المشرع أك منعيا في غير غمك‬

‫أك إفراط‪ ،....‬لضماف أال تنزؿ الدكلة القانكنية بالحماية التي تكفرىا لحقكؽ مكاطنييا كحرياتيـ‪ ،‬عف الحدكد‬

‫الدنيا لمتطمباتيا المقبكلة بكجو عاـ في الدكؿ الديمقراطية‪ ،‬كيندرج تحتيا‪ ،‬أال يككف الجزاء عمى أفعاليـ‬

‫إفراطان‪ ،‬بؿ متناسبان معيا‪ ،‬كمتدرجان بقدر خطكرتيا ككطأتيا عمى الصالح العاـ‪ ،‬فبل يككف ىذا الجزاء‬

‫اعنتان"‪.318‬‬

‫ملطًب يثاْ‪ٞ‬‬

‫ذظ يعكاب عً‪ ٢‬يٓ‪ٜ ٛ‬ا ‪ ٚ‬فهاي‬

‫مف المبادئ الراسخة في القانكف الجنائي أف المشرع ال يعاقب عمى النكايا كاألفكار ما لـ تترجـ في صكر‬

‫أفعاؿ مادية‪ ،‬كىك ما يستتبع معو أف يككف تجريـ المشرع لبلتفاؽ الجنائي منصبان عمى و‬
‫فعؿ مادم‪ ،‬كنتيجة‬

‫‪318‬حكـ المحكمة الدستكرية العميا بمصر‪ ،‬جمسة ‪ 8‬مايك سنة ‪2005‬ـ‪ ،‬في الدعكل الدستكرية رقـ‪ 332‬لسنة ‪ 23‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة‬
‫الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/6/12 :‬الساعة‪10:30 :‬‬

‫‪155‬‬
‫لذلؾ ثار جداؿ في الفقو فيما إذا كانت جريمة االتفاؽ تنطكم عمى سمكؾ مادم أـ ال‪ ،‬خاصة بعد حكـ‬

‫المحكمة الدستكرية العميا بمصر بعدـ دستكرية النص الذم ييجرـ االتفاؽ الجنائي في قانكف العقكبات‬

‫المصرم‪ ،‬كبناء عمى ما سبؽ سكؼ يتـ بياف مدلكؿ مبدأ حظر العقاب عمى النكايا‪ ،‬كمف ثـ بياف مكقؼ الفقو‬

‫كالقضاء مف تجريـ االتفاؽ‪،‬في فركع مستقمة عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫َلي‪َ ٍٛ‬بلأ ذظ يعكاب عً‪ ٢‬يٓ‪ٜ ٛ‬ا‬

‫المرتكب‪ ،319‬كلذلؾ قيؿ أف "القانكف الجنائي ىك قانكف‬


‫ييتـ القانكف الجنائي أساسان بالفعؿ المادم ي‬

‫أفعاؿ"‪ ،‬فإف انتفى كصؼ الفعؿ انتفى مبرر تدخؿ ىذا القانكف‪ ،‬كالشؾ في أف القانكف الجنائي ييتـ كذلؾ‬

‫بالجاني مف خبلؿ تقرير مدل جدارتو بالعقاب ككيفية تحقيؽ أغراضو كقدر العقكبة المكقعة عميو كتنفيذىا‪،‬‬

‫غير أنو مع ذلؾ فإف الفعؿ‪ -‬ال الفاعؿ‪ -‬ىك الفكرة الرئيسية التي ينيض عمييا القانكف الجنائي في الكقت‬

‫الحاضر‪ ،‬ذلؾ أف انتقاء كجكد ىذا الفعؿ يترتب عميو عدـ جكاز تطبيؽ أحكاـ القانكف الجنائي‪.320‬‬

‫فالسمكؾ المادم ىك مناط التجريـ كالعقاب‪ ،‬فبل جريمة بغير ركف مادم‪ ،‬فالفكرة الشريرة ميما كاف‬

‫رسكخيا في النفس البشرية‪ ،‬كالتصميـ اإلجرامي الجازـ المتصؼ بسبؽ اإلصرار‪ ،‬ال تقكـ بيما جريمة طالما‬

‫‪319‬‬
‫يركز األساس الفمسفي ليذا الضماف عمى ثبلثة عناصر ىي‪ :‬مبدأ شرعية الجرائـ كالعقكبات الذم يتطمب أف يككف المخاطبكف بقانكف العقكبات عمى‬
‫عمـ باألفعاؿ التي يجب عمييـ تجنب ارتكابيا حتى ال يقعكا في حمأة مخالفة ىذا القانكف كعدـ تطبيؽ قانكف العقكبات بأثر رجعي عمى األفعاؿ السابقة‬
‫لتاريخ نفاذ القانكف‪ ،‬باإلضافة إلى أف مبدأ المسئكلية الشخصية القائمة عمى حرية اإلرادة يفترض كقكع فعؿ معيف معبر عف ىذه اإلرادة‪ ،‬ىذا بجانب أف‬
‫اليقيف القضائي ال يمك ف أف يتكافر إال بالنسبة إلى ثبكت األفعاؿ‪ ،‬كىك ما يترتب عمى ضماف " األصؿ في المتيـ البراءة"‪ ،‬ككؿ ىذه العناصر تفصح عف‬
‫ابتداء في زكاجره كنكاىيو ىك مادية الفعؿ المؤاخذ عمى ارتكابو‪ ،‬ايجابيان كاف ىذا الفعؿ أك سمبيان‪ ،‬ذلؾ أف العبلئؽ التي‬
‫ن‬ ‫أف ما يركف إليو قانكف العقكبات‬
‫ينظميا ىذا القانكف في مجاؿ تطبيقيا عمى المخاطبيف بأحكامو‪ ،‬محكرىا األفعاؿ ذاتيا‪ ،‬في عبلماتيا الخارجية كمظاىرىا الكاقعية‪ ،‬كخصائصيا المادية‪،‬‬
‫إذ ىي مناط التأثيـ كعمتو‪ ،‬كىي التي يتصكر إثباتيا كنفييا‪ ،‬كىي التي يتـ التمييز عمى ضكئيا بيف الجرائـ بعضيا البعض‪ .‬انظر في ذلؾ‪ :‬أحمد فتحي‬
‫سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫‪320‬‬
‫أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬الضكابط الدستكرية لنصكص التجريـ كالعقاب في قضاء المحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬الجزء األكؿ‪2008 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.8‬‬

‫‪156‬‬
‫بقيا مجرد ظكاىر نفسية لـ تتخذ سبيميا إلى التعبير المادم الخارج عف كياف صاحبيا‪ ،321‬ذلؾ أف القانكف‬

‫الجنائي ال يعاقب عمى مجرد النية‪ ،322‬فبل سمطاف لمقانكف عمى ما يدكر في ضمائر األفراد مف أفكار أك ما‬

‫يعتقدكنو مف عزائـ أك يبيتكنو مف نكايا طالما أنيا لـ تبرز إلى العالـ الخارجي بأفعاؿ تترجـ عنيا؛ كاستمزاـ‬

‫ركف مادم لقياـ الجريمة يبرره أف األفعاؿ المحسكسة ىي كحدىا التي يمكف أف تحقؽ عدكانان عمى الحقكؽ ك‬

‫المصالح التي يحمييا القانكف كيرعاىا‪ ،323‬أما األفكار كالنيات فبل ضرر منيا طالما ظمت حبيسة بيف جدراف‬

‫العقؿ ال تبرحو‪ ،‬فبل ضرر فييا كال خطر منيا عمى أمف الجماعة كاألفراد‪ ،‬كليس لمقانكف أف يتدخؿ بالعقاب‬

‫عمييا كفالة لحرية الفكر‪ ،324‬كمف ثـ يعد الفعؿ أىـ العناصر لتقدير الخطكرة فيك كاقعة مادية تعبر عف إثـ‬

‫كخطكرة الجاني‪ ،‬أما النكايا كاألفكار كالرغبات المجردة فبل تصمح ألف تككف محبلن لمتجريـ‪ ،‬حيث إنيا ال ً‬
‫تعط‬

‫معيا انر كاضحان يمكف بمكجبو تمييز المسئكؿ جنائيا عف غيره مف األشخاص‪.325‬‬

‫كما أف اشتراط الماديات اإلجرامية يحصر سمطة الدكلة في العقاب في مجاؿ معقكؿ‪ ،‬كيقي األفراد‬

‫احتماؿ مساءلتيـ جنائيان عما جاؿ في خكاطرىـ كأذىانيـ مف مجرد أفكار أك خمجات نفس‪ ،‬بما في ذلؾ مف‬

‫افتئات عمى الحريات العامة‪ ،‬كذلؾ فإف إقامة الدليؿ لدم سمطات التحقيؽ كالقضاء عمى الماديات يككف‬

‫ميسك انر أك عمى األقؿ ممكنان‪ ،‬بخبلؼ الظكاىر النفسية الغيبية حيث يككف إقامة الدليؿ عمييا عسي انر كقد يككف‬

‫في أغمب األحياف مستحيبلن‪ ،‬فبل يمكف العقاب عمى ما ال ييعرؼ كاال كاف العقاب مف الكجية العممية ال فائدة‬

‫منو‪ ،‬فضبلن عف ذلؾ ماديات الفعؿ ىي التي تجعؿ مف السيؿ الكقكؼ عمى حقيقة التيمة المسندة إلى المتيـ‬

‫‪321‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬عبلقة السببية في قانكف العقكبات‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،1983 ،‬ص‪.1‬‬
‫‪322‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.499‬‬
‫‪323‬‬
‫محمد صبحي نجـ‪ ،‬قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،1996 ،‬ص‪.195‬‬
‫‪324‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪106‬‬
‫‪325‬‬
‫أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬الضكابط الدستكرية لنصكص التجريـ كالعقاب في قضاء المحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬الجزء األكؿ‪2008 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪157‬‬
‫كتكفؿ قد انر مف الحماية مف التيـ الباطمة‪ ،‬كمف ناحية أخرل فإف مف شأف المحاسبة عمى النكايا كاألفكار أف‬

‫تجعؿ مف العسير عمى المتيـ أف يد أر التيمة عف نفسو‪.326‬‬

‫عبلكةن عمى أف محاسبة األفراد عف النكايا مف شأنو أف يعصؼ بحقكؽ األفراد كحرياتيـ الخاصة‪،327‬‬

‫ككذلؾ تأبى قكاعد العدالة أف يؤسس التجريـ عمى ما كمف في النفس البشرية كلـ يظير لمعمف بسمكؾ مادم‬

‫مممكس‪ ،‬فاألخير ىك مف يرسـ حدكد الشارع الجزائي‪ ،328‬فالقانكف ال يحفؿ بمثؿ ىذه النكايا كالخكاطر ميما‬

‫بدت في حقيقتيا شريرة كاجرامية كلك قصد صاحبيا منيا ارتكاب الجريمة‪ ،‬ما لـ تظير لمعالـ الخارجي بسمكؾ‬

‫مادم؛ لككف تجريـ النكايا ال يجدم نفعان لككنيا غير ضارة في ذاتيا‪ ،‬ال بؿ أف تجريميا قد ييشجع األفراد عمى‬

‫تجاكز مرحمة النية إلى مرحمة التنفيذ‪ ،‬متى كجدكا أنفسيـ معرضيف لمعقاب في الحالتيف‪.329‬‬

‫إف النظاـ القانكني يجب أف تسكده مبدأ الكحدة‪ ،‬فبل تتعارض نصكصو أك تتنافر فيما بينيا‪،‬‬

‫كنصكص الدستكر تساىـ في تحقيؽ االنسجاـ كالترابط في بنياف النظاـ القانكني‪ ،‬كقد يحمي القانكف الجنائي‬

‫حقكقان يقررىا الدستكر‪ ،‬كعمى العكس مف ذلؾ فقد يرفع الدستكر بعض القكاعد الجنائية إلى مرتبة المبادئ‬

‫الدستكرية‪ ،‬كاذا كاف القانكف الجنائي قد قرر أىمية الفعؿ بحسبانو يرسـ الحد الفاصؿ لتدخؿ المشرع بالتجريـ‪،‬‬

‫‪326‬‬
‫ىبللي عبد البله أحمد المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪ .53‬سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.107 -106‬‬
‫‪327‬‬
‫محاسبة األفراد عف النكايا مف شأنو أف يعصؼ بحقكؽ األفراد كحرياتيـ الخاصة‪ ،‬كأف يميد لقياـ لدكلة االستبدادية التي تستبيح المساس بحريات‬
‫األفراد كأمنيـ باتخاذ إجراءات التحرم كاالستدالؿ التي تناؿ مف ىذه الحريات بدعكل مخالفتيـ لمقانكف‪ ،‬كما يتيح ليا أف تعيد اتياـ الشخص أكثر مف‬
‫مرة‪ ،‬دكف أف يستطيع أف يتمسؾ بسابقة معاقبتو عف ىذه التيمة‪ ،‬كما أنو بفرض تكافر قدر مف الخطكرة اإلجرامية لمف تتكافر لديو النية اإلجرامية فإف‬
‫غياب الفعؿ المادم يجعؿ مف الصعكبة التمييز بيف ىذه النية اإلجرامية الجازمة كبيف مجرد بعض األكىاـ التي تجكؿ في نفس صاحبيا‪ ،‬كالمعاقبة عمى‬
‫النية اإلجرامية المتجردة مف الفعؿ المادم مف شأنو أف يؤدم إلى اتساع نطاؽ تطبيؽ القانكف الجنائي كاإلفراط في التجريـ‪ ،‬ليناؿ مجرد الحالة الذىنية‬
‫التي تقكـ في نفس صاحبيا كىك منا يناؿ أىداؼ القانكف الجنائي ذاتيا فبل يكاد يكجد امرئ لـ تكسكس لو نفسو بفكرة شريرة‪ ،‬كمف شأف تجريـ النكايا التي‬
‫= انطكت عمييا النفس أف يتعارض مع الطبيعة النفسية ال تي طبع اإلنساف عمييا‪ ،‬بؿ أف مفً شأف تجريـ النكايا كاألفكار المجردة أف يككف كؿ شخص‬
‫محبلن لمعقاب عمييا‪ ،‬ك كذلؾ الفعؿ المادم ىك أداة التمييز بيف الجرائـ المختمفة كالكقكؼ عمى طبيعتيا كعمى العناصر الداخمة فييا ‪.‬‬
‫أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.12 -11‬‬
‫‪328‬‬
‫أميف مصطفى محمد‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬دار المطبكعات الجامعية‪ ،‬القاىرة‪ ،2016 ،‬ص‪.227‬‬
‫‪329‬‬
‫سميماف عبد المنعـ‪ ،‬النظرية العامة لقانكف العقكبات‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.458‬‬

‫‪158‬‬
‫فإف الدستكر بتقريره لمبدأ الشرعية كمبدأ عدـ رجعية النصكص الجنائية عمى الماضي المادة (‪ )15‬مف‬

‫القانكف األساسي الفمسطيني‪ ،330‬قطع بما ال يدع مجاؿ لمشمؾ بأنو ال يصمح في نظر الدستكر لمتجريـ ما ىك‬

‫دكف الفعؿ‪ ،331‬كقد حرصت المحكمة الدستكرية الفمسطينية العميا عمى تأكيد ىذه القاعدة بقكليا أف القانكف‬

‫األساسي المعدؿ لسنة ‪ 2003‬كتعديبلتو‪ ،‬بما نص عميو في المادة (‪ ،)15‬قد د ٌؿ عمى أف لكؿ جريمة ركنان‬

‫ماديان ال قكاـ ليا بغيره‪ ،‬يتمثؿ أساسان في فعؿ أك امتناع كقع المخالفة لنص عقابي يؤاخذ عمى ارتكابو إيجابيان‬

‫كاف ىذا الفعؿ أـ سمبيان‪ ،‬ذلؾ أف العبلئؽ التي ينظميا ىذا القانكف في مجاؿ تطبيقو عمى المخاطبيف بأحكامو‬

‫محكرىا األفعاؿ ذاتيا في عبلماتيا الخارجية كمظاىرىا الكاقعية كخصائصيا المادية التي تشكؿ مناط التأثيـ‬

‫كعمتو‪ ،‬كىي التي تصكر إثباتيا كنفييا‪ ،‬كالتي يتـ التمييز عمى ضكئيا بيف الجرائـ بعضيا البعض‪ ،‬كالتي‬

‫تديرىا محكمة المكضكع لتقييميا كتقدير العقكبة المناسبة ليا‪.332‬‬

‫كأكدت المحكمة الدستكرية العميا في فمسطيف أف نصكص الدستكر تعتد باألفعاؿ كحدىا بكصفيا‬

‫مناط التأثيـ كعمتو كأنو ال يتصكر كفقان ألحكاـ الدستكر أف تكجد جريمة في غيبة ركنيا المادم‪.333‬‬

‫‪330‬‬
‫المادة (‪ )15‬مف القانكف األساسي الفمسطيني (العقكبة شخصية‪ ،‬كتمنع العقكبات الجماعية‪ ،‬كال جريمة كال عقكبة إال بنص قانكني‪ ،‬كال تكقع عقكبة‬
‫إال بحكـ قضائي‪ ،‬كال عقاب إال عمى األفعاؿ البلحقة لنفاذ القانكف)‪.‬‬
‫‪331‬‬
‫أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬الضكابط الدستكرية لنصكص التجريـ كالعقاب في قضاء المحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪332‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية الفمسطينية العميا في الدعكل رقـ ‪ 5‬لسنة ‪ ،2017‬القضية رقـ (‪ )8‬لسنة (‪ )3‬قضائية‪ ،‬الكقائع الفمسطينية‪ ،‬العدد ‪،149‬‬
‫ص‪.162‬‬

‫‪333‬‬
‫ككذلؾ أكدت المحكمة الدستكرية العميا في فمسطيف أف نصكص الدستكر تعتد باألفعاؿ كحدىا بكصفيا مناط التأثيـ كعمتو‪ ،‬كذلؾ عمى أساس‬
‫أنيا دكف غيرىا ىي التي يجكز إثباتيا أك نفييا‪ ،‬كىي التي يتصكر أف تككف محؿ تقدير محكمة المكضكع‪ ،‬كأف تككف عقيدتيا بالبناء عميو‪ .‬حكـ‬
‫المحكمة الدستكرية الفمسطينية العميا في الدعكل رقـ ‪ 5‬لسنة ‪ ،2017‬القضية رقـ (‪ )8‬لسنة (‪ )3‬قضائية‪ ،‬الكقائع الفمسطينية‪ ،‬العدد ‪ ،149‬ص ‪.161‬‬

‫كأكدت ذات المحكمة في ذات حكميا أنو ال يتصكر كفقان ألحكاـ المادة (‪ )15‬مف القانكف األساسي أف تكجد جريمة في غيبة ركنيا المادم‪ ،‬كال‬
‫إقامة الدليؿ عمى تكافر عالقة السببية بيف مادية الفعؿ المؤثـ كالنتائج التي أحدثتيا بعيدان عف حقيقة ىذا الفعؿ ك محتكاه‪ ،‬كالزـ ذلؾ أف كؿ مظاىر‬
‫التعبير عف اإلرادة البشرية كليس النكايا التي يضمرىا اإلنساف في أعماؽ ذاتو تعد كاقعة في منطقة التجريـ‪ ،‬كمما كانت تعكس سمككان خارجيان مؤاخذان‬
‫عميو قانكنان‪ ،‬فإذا كاف األمر غير متعمؽ بأفعاؿ أحدثتيا إرادة مرتكبيا‪ ،‬كتـ التعبير عنيا خارجيان في صكرة مادية ال تخطئيا العيف‪ ،‬فميس ثمة جريمة‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫َ‪ٛ‬قف يكطاء ‪ ٚ‬يفك٘ َٔ جت ‪ ِٜ‬التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫أكالن‪ :‬مكقؼ القضاء‬

‫قضت المحكمة الدستكرية العميا بمصر بعدـ دستكرية نص المادة (‪ )48‬مف قانكف العقكبات المصرم‬

‫التي تجرـ مجرد االتفاؽ عمى ارتكاب جناية أك جنحة أك عمى األعماؿ المجيزة أك المسيمة ليا‪ ،‬كاستندت‬

‫ألكثر مف حجة قانكنية‪ ،‬كفيما يمي بياف لبعض ما ساقتو المحكمة مف حجج رئيسة‪.‬‬

‫الحجة األكلى‪:‬االتفاؽ الجنائي يخالؼ مبدأ حظر العقاب عمى النكايا كاألفكار‪ ،‬عمى أساس أف اتحاد‬

‫اإلرادات الذم يقع بو االتفاؽ‪ ،‬ال يتعمؽ بأفعاؿ أحدثتيا إرادة مرتكبيا‪ ،‬كرغـ التعبير عنيا خارجيان في صكرة‬

‫مادية ال تخطئيا العيف‪ ،‬حيث قالت المحكمة في حيثيات حكميا‪":‬كحيث إف الدستكر ‪ -‬بنص المادة ‪66‬‬

‫سالفة الذكر ‪ -‬قد دؿ عمى أف لكؿ جريمة ركنا ماديا ال قكاـ ليا بغيره يتمثؿ أساسا في فعؿ أك امتناع كقع‬

‫بالمخالفة لنص عقابي‪ ،‬مفصحا بذلؾ عف أف ما يركف إليو القانكف الجنائي ابتداء في زكاجره كنكاىيو كمادية‬

‫الفعؿ المؤاخذ عمى ارتكابو إيجابيان كاف ىذا الفعؿ أـ سمبيان‪ ،‬ذلؾ أف العبلئؽ التي ينظميا ىذا القانكف في‬

‫مجاؿ تطبيقو عمى المخاطبيف بأحكامو‪ ،‬محكرىا األفعاؿ ذاتيا‪ ،‬في عبلماتيا الخارجية‪ ،‬كمظاىرىا الكاقعية‪،‬‬

‫كخصائصيا المادية‪ ،‬إذ ىي مناط التأثيـ كعمتو‪ ،‬كىى التي يتصكر إثباتيا كنفييا‪ ،‬كىى التي يتـ التمييز عمى‬

‫ضكئيا بيف الجرائـ بعضيا البعض‪ ،‬كىى التي تديرىا محكمة المكضكع عمى حكـ العقؿ لتقييميا كتقدير‬

‫العقكبة المناسبة ليا‪ ،‬كال يتصكر بالتالي كفقا ألحكاـ الدستكر أف تكجد جريمة في غيبة ركنيا المادم‪ ،‬كال‬

‫إقامة الدليؿ عمى تكافر السببية بيف مادية الفعؿ المؤثـ كالنتائج التي أحدثيا بعيدان عف حقيقة ىذا الفعؿ‬

‫كمحتكاه‪ ،‬كالزـ ذلؾ أف كؿ مظاىر التعبير عف اإلرادة البشرية ‪ -‬كليس النكايا التي يضمرىا اإلنساف في‬

‫‪160‬‬
‫أعماؽ ذاتو ‪ -‬تعتبر كاقعة في منطقة التجريـ كمما كانت تعكس سمككا خارجيا مؤاخذا عميو قانكنا‪ ،‬فإذا كاف‬

‫األمر غير متعمؽ بأفعاؿ أحدثتيا إرادة مرتكبيا‪ ،‬كتـ التعبير عنيا خارجيا في صكرة مادية ال تخطئيا العيف‪،‬‬

‫فميس ثمة جريمة"‪.334‬‬

‫الحجة الثانية‪:‬تجريـ االتفاؽ يتنافر مع سياسة الشارع في تجريـ الشركع‪ ،‬ذلؾ أف العزـ الجنائي‬

‫عمى ارتكاب الجريمة كاألعماؿ التحضيرية ليا ال يكفي لتكافر البدء في التنفيذ‪ ،‬حيث قالت المحكمة في‬

‫حيثيات حكميا‪:‬‬

‫" كحيث إف السياسة الجنائية الرشيدة يتعيف أف تقكـ عمى عناصر متجانسة‪ ،‬فإف قامت عمى عناصر‬

‫متنافرة نجـ عف ذلؾ افتقاد الصمة بيف النصكص كمرامييا‪ ...‬متى كاف ذلؾ ككاف المشرع الجنائي قد نظـ‬

‫أحكاـ الشركع في الباب الخامس مف قانكف العقكبات المكاد مف (‪ )45‬إلى (‪ )47‬كىك الذم يسبؽ مباشرة‬

‫الباب السادس الخاص باالتفاؽ الجنائي‪ ،‬ككاف الشركع ىك البدء في تنفيذ فعؿ بقصد ارتكاب جناية أك جنحة‬

‫إذا أكقؼ أثره ألسباب ال دخؿ إلرادة الفاعؿ فييا‪ ،‬ككاف مجرد العزـ عمى ارتكاب الجريمة أك األعماؿ‬

‫التحضيرية لذلؾ ال يعتبر شركعان‪ ،‬بحيث يتعدل الشركع مرحمة مجرد االتفاؽ عمى ارتكاب الجريمة إلى البدء‬

‫فعبل في تنفيذىا‪ ،....‬فإذا أعقب المشرع تمؾ األحكاـ بالنص في المادة (‪ )48‬عمى تجريـ مجرد اتحاد إرادة‬

‫شخصيف أك أكثر عمى ارتكاب أم جناية أك جنحة أك عمى األعماؿ المجيزة أك المسيمة الرتكابيا‪ ،‬كتحديد‬

‫العقكبة عمى النحك السالؼ بيانو بالعقكبة المقررة الرتكاب الجناية أك الجنحة محؿ االتفاؽ‪ ،‬فإنو يككف منتيجان‬

‫نيجان يتنافر مع سياسة العقاب عمى الشركع‪ ،‬كمناقضا ‪ -‬بالتالي ‪ -‬لؤلسس الدستكرية لمتجريـ"‪.335‬‬

‫‪334‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا بمصر‪ ،‬جمسة ‪/2‬يكنيك‪2001/‬ـ‪ ،‬القضية رقـ ‪ 114‬لسنة ‪ 21‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/6/18 :‬الساعة‪10:11 :‬‬
‫‪335‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا بمصر‪ ،‬جمسة ‪/2‬يكنيك‪2001/‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/6/19 :‬الساعة‪3:12 :‬‬

‫‪161‬‬
‫كال يتفؽ الباحث مع ما ذىبت إليو المحكمة فيما ساقتو مف حجج‪ ،‬كذلؾ لألسباب اآلتية‪:‬‬

‫أكالن‪ :‬تجريـ االتفاؽ الجنائي في ذاتو ال يتعارض مع مبدأ حظر العقاب عمى النكايا كاألفكار‪ ،‬كبياف‬

‫ىذا األمر فيما يمي‪:‬‬

‫بداية االتفاؽ عينو يتطمب التعدد كىك ثمرة اقتراف اإليجاب بالقبكؿ‪ ،‬ككؿ مف اإليجاب كالقبكؿ ىي‬

‫مظاىر لمتعبير عف اإلرادة الكامنة في النفس البشرية‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ ال يصح البتة الزج بيا ضمف ما‬

‫يختمج النفس مف نكايا كأفكار؛ ككف كبلن مف اإليجاب كالقبكؿ المقترف بو‪-‬االتفاؽ‪ -‬ىي ترجمة لمرغبة كالنية‬

‫في االتفاؽ أيان كاف الشكؿ الذم اتخذه ىذا التعبير عف اإلرادة‪ ،‬كلذلؾ مف الخطأ القكؿ أف تجريـ اتحاد‬

‫اإلرادات غير منصب عمى فعؿ مادم‪ ،‬فيذا ال يصح سكل في الحالة التي يككف مناط التجريـ ىك اإلرادات‬

‫المضمرة عينيا‪ ،‬في حيف أف الحقيقة ىي أف الشارع جعؿ مف التعبير عف ىذه اإلرادات بأم شكؿ مف‬

‫األشكاؿ في العالـ الخارجي مناطان لتجريمو‪ ،‬فشتاف بيف تجريـ فعؿ أك امتناع يترجـ لنا عقد العزـ عمى‬

‫اإلجراـ‪ ،‬كبيف تجريـ العزـ كالتصميـ الجنائي نفسو أم أف تككف النكايا كاألفكار المضمرة ىي مناط التجريـ‪.‬‬

‫كذلؾ يرل الباحث أنو إذا ما نظرنا في تككيف ىذا االتفاؽ نجد أف الدعكة إلجراء اتفاؽ جنائي التي لـ‬

‫تقترف بقبكؿ‪ ،‬تعد تحريضان يعاقب عميو القانكف‪ ،‬فيؿ يعقؿ أف يتضارب التكييؼ القانكني تجاه الفرض الكاحد‪،‬‬

‫تارة نسمـ بأنو فعؿ مادم مممكس كتارة ننكر ذلؾ كنصنفو أف مجرد نكايا كأفكار‪ ،‬فاالتفاؽ ما ىك إال ثمرة‬

‫اتحاد اإليجاب بالقبكؿ‪.‬‬

‫كيرل الباحث أف المحكمة كىي إزاء الحكـ فيما إذا كاف تجريـ االتفاؽ مناطو فعؿ مادم أـ ال‪ ،‬قد‬

‫تأثرت بمراحؿ الجريمة محؿ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كلكف رغـ ذلؾ اذا ما تـ النظر لبلتفاؽ مف زاكية مراحؿ‬

‫الجريمة محؿ االتفاؽ سنجد أنو جاكز مرحمة العزـ ك التصميـ بالنسبة لمجريمة المتفؽ عمييا‪ ،‬فمثبلن االتفاؽ‬

‫‪162‬‬
‫عمى جناية قتؿ‪ ،‬يقكـ كؿ طرؼ فيو بترجمة العزـ كالتصميـ الجنائي الفردم عمى القتؿ بفعؿ ظاىر أال كىك‬

‫"اإليجاب" أك "القبكؿ" حسب الحاؿ؛ مما يعني أف االتفاؽ إذا ما أردنا تصنفيو بالنظر لمراحؿ الجريمة المتفؽ‬

‫عمييا‪ ،‬سنجد أيضان أنو جاكز دائرة التفكير كالعزـ الجنائي‪ ،‬كلما كاف ذلؾ فإنو تجريـ ىذا السمكؾ مف عدمو‬

‫يبقى محككمان بإرادة الشارع الجزائي الذم ييقدر فيما إذا كاف ىذا السمكؾ فيو مف الخطكرة ما تستدعي تجريمو‬

‫استقبلالن أـ ال‪ ،‬ك ذلؾ في حالة التي يككف فييا ذلؾ السمكؾ غير كاقع ضمف دائرة البدء في التنفيذ أك العكس‬

‫بحيث أف المشرع تككف قد اتجيت إرادتو رغبتو نحك تجريمو كجعمو جريمة مستقمة قائمة بذاتيا‪ ،‬فمثبلن‬

‫األعماؿ التحضيرية ىي كأصؿ عاـ غير معاقب عمييا‪ ،‬كلكف في بعض األحكاؿ يجرـ المشرع بعض‬

‫األفعاؿ التي تعد مف قبيؿ األعماؿ التحضيرية استثنا نء كحمؿ السبلح دكف ترخيص‪ ،‬كال يصح البتة في ىذه‬

‫الحالة أف نصفيا بأنيا مجرد أعماؿ تحضيرية ككف أنيا أصبحت جريمة مستقمة قائمة بذاتيا‪ ،‬فالمتفؽ لـ يقؼ‬

‫عند مرحمة التصميـ كالعزـ بؿ جاكزىا إلى مرحمة التنفيذ الكامؿ لجريمة تقكـ بفعؿ االتفاؽ‪،‬‬

‫كالتحريض عمى ارتكاب جريمة ما باألصؿ غير معاقب عميو في التشريعات التي تعتبر التحريض‬

‫مجرد كسيمة مساىمة‪ ،‬كلذلؾ ال يعاقب عميو إال اذا كقعت الجريمة محؿ المساىمة سكاء في صكرتيا التامة‬

‫أـ الناقصة‪ ،‬كلكف لخطكرة التحريض كلكي ال تتح لممحرض فرصة اإلفبلت مف العقاب كلرغبة المشرع في‬

‫مكافحة الجريمة كىي في بذركىا األكلى‪ ،‬اتجو نحك تجريـ التحريض كجريمة مستقمة قائمة بذاتيا‪ ،‬ينصب في‬

‫التجريـ عمى التحريض عينو‪ ،‬كذلؾ التجريـ مناطو فعؿ مادم مممكس تـ فيو ترجمة النية اإلجرامية‪ ،‬فالمشرع‬

‫ال يعاقب عمى مجرد كجكد رغبة أك نية لدل أحدىـ في حمؿ غيره عمى ارتكاب جريمة مف الجرائـ ما لـ‬

‫تترجـ ىذه النية بسمكؾ مادم يككف مناطان لمتجريـ كالعقاب‪ ،‬كذات األمر يصدؽ بالنسبة لبلتفاؽ الجنائي‬

‫‪163‬‬
‫فالمشرع ال يعاقب عمى مجرد كجكد رغبة أك نية لدل شخصيف أك أكثر عمى إبراـ اتفاؽ الرتكاب جناية أك‬

‫جنحة ما لـ تترجـ ىذه النية بسمكؾ مادم يككف مناطان لمتجريـ كالعقاب أال كىك االتفاؽ‪.‬‬

‫عبلكةن عمى كؿ ذلؾ فإف القكؿ بأف تجريـ االتفاؽ الجنائي يعد خركجان عمى مبدأ حظر العقاب عمى‬

‫النكايا كاألفكار‪ ،‬يرل الباحث أف يستتبع معو إلغاء االتفاؽ ككسيمة مف كسائؿ المساىمة التبعية‪ ،‬كذلؾ ألف‬

‫كسائؿ المساىمة الجنائية كاف كانت غير مجرمة في ذاتيا كانما لصمتيا بفعؿ إجرامي‪ ،‬إال أنيا تخضع لمبدأ‬

‫حظر العقاب عمى النكايا كاألفكار‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ ال يجكز أف تككف النكايا كاألفكار ضمف كسائؿ المساىمة‬

‫التبعية‪ ،‬فبل يعقؿ كال يستساغ منطقان أف يساىـ شخص في الجريمة بمجرد عزمو الجنائي ككذلؾ ىك أمر تأباه‬

‫العدالة‪ ،‬التابع تابع كال يفرد بالحكـ‪ ،‬فإذا كاف نشاط المساىـ األصمي في جريمة االتفاؽ ال يعد مناطان لمتجريـ‬

‫إال إذا كاف فعبلن ماديان فإف ذات الحكـ يمتد ليشمؿ نشاط المتفؽ كمساىـ تبعي كلذات االعتبارات‪.‬‬

‫فالمساىمة األصمية ىي المصدر الذم تستمد منو المساىمة التبعية صفتيا اإلجرامية‪ ،‬كنتيجة لذلؾ؛‬

‫كانت المساىمة التبعية متطمبة عبلقة سببية تربط بيف نشاط المساىـ التبعي كالفعؿ الذم يقكـ بو الركف‬

‫المادم لمجريمة كالنتيجة التي تترتب عميو‪ ،‬كبغير ىذه العبلقة يغدك نشاط المساىـ التبعي غير ذم صمة‬

‫بالجريمة فبل تقكـ مف أجمو مسئكلية‪ ،‬كالصفة غير المشركعة لنشاط المساىـ التبعي مصدرىا فعؿ المساىـ‬

‫األصمي كصفتو غير المشركعة‪ ،‬كىي ببل شؾ داخمة في كياف المساىمة التبعية‪ ،‬إذ ىي تكييؼ قانكني‬

‫يكتسب بو نشاط المساىـ التبعي أىميتو في نظر القانكف فيرقى مف مجرد ‪-‬نشاط مادم‪ -‬ال يعني الشارع في‬

‫شيء إلى نشاط ذم صفة إجرامية يخضع لعقاب القانكف‪.336‬‬

‫‪336‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.248‬‬

‫‪164‬‬
‫كبناء عمى ذلؾ‪ ،‬فإنو مف غير المعقكؿ أف يككف ىناؾ عبلقة سببية بيف النتيجة اإلجرامية التي‬

‫تتمثؿ في نشاط المساىـ األصمي كبيف مجرد االتفاؽ الذم ارتأت المحكمة الدستكرية كمعيا جانب مف الفقو‪،‬‬

‫أنو ال يعدك سكل مجرد نكايا كأفكار تختمج النفس البشرية‪.‬‬

‫كلممساىمة التبعية ركف مادم قكامو النشاط الذم يصدر عف المساىـ التبعي‪ ،‬كعبلقة السببية التي‬

‫تربط بينو كبيف فعؿ المساىـ األصمي كالنتيجة اإلجرامية التي تترتب عمى كؿ أفعاؿ المساىمة في الجريمة‪،‬‬

‫كيتمثؿ فيو االعتداء عمى الحؽ الذم يحميو القانكف‪ ،‬كالتشريعات الحديثة تحدد عمى سبيؿ الحصر كسائؿ‬

‫معينة ينبغي أف يتخذىا نشاط المساىـ التبعي‪.337‬‬

‫كالركف المادم لممساىمة التبعية ىك النشاط الذم يأتيو المساىـ التبعي‪ ،‬كما يترتب عميو مف آثار‪،‬‬

‫كغني عف البياف أنو إذا تخمؼ ىذا الركف فقد انتفت المساىمة التبعية ذاتيا؛ إذ مف المبادئ األساسية في‬

‫التشريع الجنائي الحديث أنو ال قياـ لممسئكلية الجنائية إال إذا صدر عف الجاني نشاط مادم ذك آثار مممكسة‬

‫يتمثؿ في االعتداء أك التيديد بالخطر لمحقكؽ التي يحمييا الشارع الجنائي‪.338‬‬

‫كمف المبادئ المسمـ بيا أنو ال سمطاف لمقانكف عمى ما يدكر في ضمائر األفراد مف أفكار أك ما‬

‫يعتقدكنو مف عزائـ أك يبيتكنو مف نيات طالما أنيا لـ تبرز إلى العالـ الخارجي بأفعاؿ تترجـ عنيا‪ ،‬ك ليذا‬

‫كانت كؿ جريمة مستمزمة بالضركرة لقياميا ركنان ماديان يتمثؿ في فعؿ أم كاقعة خارجية تدركيا الحكاس‬

‫كتستند إلى الجاني مف الناحية المادية‪ ،‬كاستمزاـ ركف مادم لقياـ الجريمة يبرره أف األفعاؿ المحسكسة ىي‬

‫كحدىا التي يمكف أف تحقؽ عدكانان عمى الحقكؽ كالمصالح التي يحمييا القانكف كيرعاىا‪ ،‬أما األفكار كالنيات‬

‫‪337‬‬
‫جبلؿ ثركت‪ ،‬نظـ القسـ العاـ في قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .320 -315‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات‬
‫العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.254‬‬
‫‪338‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .765-764‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.282‬‬

‫‪165‬‬
‫فبل ضرر منيا طالما ظمت حبيسة النفس كليس لمقانكف أف يتدخؿ بالعقاب عمييا كفالة لحرية الفكر‪،339‬‬

‫كيشكؿ الركف المادم الجسـ المادم لمجريمة التي ال يكتمؿ بنيانيا إال بو‪ ،‬كيككف لو طبيعة محسكسة‪ ،‬كال‬

‫يمكف لمقانكف أف يعرؼ الجرائـ إال بركنيا المادم‪ ،‬فبدكنو ال يكجد اعتداء عمى الحقكؽ التي يحمييا المشرع‪،‬‬

‫كيمكف تعميؿ اشتراط ىذا الركف فيما يراه الفقو مف أف اليدؼ مف التجريـ كالعقاب ىك حماية حؽ أك مصمحة‬

‫ذات أىمية اجتماعية‪ ،‬كىك ما يفترض إىدار ىذا الحؽ أك المصمحة‪ ،‬كىذا اإلىدار في ذاتو كاقعة مادية كال‬

‫بد ليا مف سبب مادم أحدثتيا‪ ،‬كما أف اشتراط الماديات اإلجرامية يحصر سمطة الدكلة في العقاب في مجاؿ‬

‫معقكؿ‪ ،‬كيقي األفراد احتماؿ مساءلتيـ جنائيان عف مجرد أفكار أك خمجات نفس‪ ،‬بما في ذلؾ مف افتئات عمى‬

‫الحريات العامة‪ ،‬كذلؾ فإف إقامة الدليؿ لدم سمطات التحقيؽ كالقضاء عمى الماديات يككف ميسك انر أك عمى‬

‫األقؿ ممكنان‪ ،‬بخبلؼ الظكاىر النفسية التي يككف إقامة الدليؿ عمييا عسي انر كقد يككف في أغمب األحياف‬

‫مستحيبلن‪.340‬‬

‫باإلضافة إلى ذلؾ يرل الباحث أف النماذج التي كرد التجريـ فييا عمى اإلفصاح عف اإلرادة مف‬

‫جانب كاحد مثؿ عرض الرشكة‪ ،‬لـ يقؿ أحد بأنيا عقاب عمى نكايا كأفكار؛ لذلؾ مف باب أكلى أال ينطبؽ ذلؾ‬

‫عمى االتفاؽ الجنائي ككف أف التجريـ يرد فيو عمى العمؿ المفصح عف اإلرادة مف أكثر مف جانب‪ ،‬تبلقي‬

‫إرادتيف أك أكثر‪ ،‬كاذا سممنا جدالن بأف تجريـ االتفاؽ الجنائي كارد عمى نكايا كأفكار؛ فإف ىذا يستتبع معو‬

‫كلذات السبب تكحيد الحكـ بالنسبة لكؿ حالة تقكـ بيا الجريمة كاممةن بمجرد التقابؿ بيف اإلرادات‪ ،‬كبالتالي‬

‫ستدخؿ جريمة العقد ضمف ىذا النطاؽ فيي تقكـ بمجرد التعاقد أك التقابؿ بيف إرادتيف أك أكثر‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ‬

‫جريمة االنتساب لجمعية غير مشركعة المادة (‪ )70‬مف قانكف العقكبات رقـ ‪ 74‬لسنة ‪ ،1936‬كسبب تجريـ‬

‫‪339‬‬
‫محمد صبحي نجـ‪ ،‬قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،1996 ،‬ص‪.195‬‬
‫‪340‬‬
‫ىبللي عبد البله أحمد‪ ،‬مرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.53‬‬

‫‪166‬‬
‫مجرد التعاقد ىنا ىك صفة المتعاقد معو "الجمعية غير المشركعة"‪ ،‬ككذلؾ جريمة بيع المكاد الفاسدة (‪)196‬‬

‫كسبب تجريميا أف مكضكع التعاقد ىنا ييضر بالصحة‪ ،‬إذ تقكـ الجريمة في ىذه الحاالت بمجرد إبراـ العقد‪،‬‬

‫ككذلؾ المادة (‪ )379‬بيع الشيادة أك إعارتيا‪.‬‬

‫عبلكةن عمى ذلؾ‪ ،‬لما كاف مبدأ حظر العقاب عمى النكايا كاألفكار يمنع مف العقاب مطمقان عمى كؿ ما‬

‫ىك دائر في محيط العقؿ دكف أف يككف لو أثر خارجي‪ ،‬فإنو ال تعارض بينو كبيف االتفاؽ الجنائي‪ ،‬فصحيح‬

‫أف تبلقي اإلرادات ىك مضمكف نفسي كلكف رغـ ذلؾ يرل الباحث أنو ينبغي االنتباه أنو نتاج لسمكؾ مادم‬

‫المقترف بو القبكؿ‪ ،‬كيعزز الباحث رأيو بتجريـ المشرع لسمكؾ التيديد بالعنؼ الكارد بالمادة‬
‫يتمثؿ في اإليجاب ي‬

‫(‪ )100‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ ،1936‬فإذا عزـ زيد كصمـ عمى قتؿ غريمو عمرك‪ ،‬فقاـ‬

‫بتيديده‪ ،‬فإف ىذا التيديد رغـ أنو ال يعد شركعان كال عمبلن تحضيريان كلكنو رغـ ذلؾ مجرـ قانكنان‪ ،‬فإذا قمنا‬

‫بتقييمو بالنظر إليو مف ازكية مراحؿ الجريمة مكضكع التيديد كجدنا أنو مجرد إفصاح عف العزـ كالتصميـ‬

‫قدر المشرع خطكرتو اإلجرامية عمى أمف المجتمع؛ لذلؾ ارتأل العقاب‬
‫الجنائي عمى القتؿ‪ ،‬كلكف رغـ ذلؾ‪ٌ ،‬‬

‫عميو‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ يككف مف غير الدقيؽ القكؿ بأف تجريـ المشرع لمجرد اإلفصاح عف النكايا كاألفكار فيو‬

‫خركج عمى مبدأ العقاب عمى النكايا كاألفكار طالما أف التجريـ كارد عمى فعؿ مادم‪.‬‬

‫كالجدير بالذكر أف المشرع قطع الشؾ باليقيف فيما يتعمؽ فيما إذا كاف تجريـ االتفاؽ منصب عمى ما‬

‫يختمج النفس مف نكايا أـ ال‪ ،‬كذلؾ مف خبلؿ تأكيده عمى أف االتفاؽ الجنائي‪-‬التآمر‪ -‬يدخؿ في نطاؽ الفعؿ‬

‫‪167‬‬
‫‪341‬‬
‫مف قانكف العقكبات رقـ(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ التي حددت نطاؽ الفعؿ‬ ‫العمني بمكجب أحكاـ المادة (‪)58‬‬

‫العمني في الجرائـ الكارد تعريفيا الفصؿ الثامف‪ ،‬كغني عف البياف أف الفعؿ العمني ىك‪ :‬إظيار لمنكايا غير‬

‫المحسكسة‪ ،‬كبناء عميو ىؿ يستقيـ منطقيان أف يككف تجريـ االتفاؽ الجنائي منصب عمى نكايا كأفكار‪ ،‬في‬

‫الحيف الذم يعتبره المشرع فعبلن عمنيان ييظير كيترجـ النكايا‪ ،‬كلكؿ ذلؾ ال يستساغ القكؿ أف خبايا النفس‬

‫كاألفكار حبيسة جدراف العقؿ يتـ ترجمتيا أيضان بنكايا كأفكار‪ ،‬كطالما أف المشرع أصاب صحيح المنطؽ‬

‫القانكني كاعتبر االتفاؽ الجنائي يدخؿ ضمف نطاؽ الفعؿ العمني بنص قطعي الداللة تعيف العمؿ بالقاعدة‬

‫الفقيية " ال اجتياد مع صراحة النص"‪.‬‬

‫ثانيان‪ :‬مكقؼ الفقو‪:‬‬

‫اختمؼ الفقو الجنائي حكؿ ما إذا كاف تجريـ االتفاؽ الجنائي منصبان عمى فعؿ مادم أـ مجرد نكايا‬

‫كأفكار حبيسة النفس البشرية‪ ،‬إلى فريقيف عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫االتجاه األكؿ‪ :‬االتفاؽ الجنائي منصب تجريمو عمى سمكؾ مادم‪:‬‬

‫يرل جانب مف الفقو أف قياـ المشرع بتجريـ مجرد االتفاؽ الجنائي ال يعد خركجان عمى مبدأ حظر‬

‫العقاب عمى النكايا كاألفكار؛ باعتبار أف جريمة االتفاؽ الجنائي تنطكم عمى سمكؾ مادم يتمثؿ في تعبير‬

‫‪341‬‬
‫المادة (‪ )58‬مف قانكف العقكبات رقـ(‪ )74‬لسنة ‪ (:1974‬إذا كاف إظيار النية بفعؿ عمني لتحقيؽ أية غاية مف الغايات يككف عنص انر مف عناصر‬

‫الجرـ في حالة ارتكاب جرـ مف الجرائـ الكارد تعريفيا في ىذا الفصؿ‪ ،‬فكؿ تآمر مع أم شخص عمى تحقيؽ تمؾ الغاية ككؿ فعؿ يقكـ بو أم شخص‬

‫مف المتآمريف في سبيؿ تحقيقيا‪ ،‬يعتبر فعبلن عمنيان إلظيار تمؾ النية)‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫الجاني عف تصميمو اإلجرامي بقكؿ أك بفعؿ أك إيماء‪ ،342‬فتجريـ االتفاؽ الجنائي منصب عمى مظير مادم‬

‫مممكس‪ ،‬كليس ىذا المظير إال سمككان خارجيان كافيان العتبار الكاقعة متجاكز محض النية الباطنية‪ ،‬حيث يتخذ‬

‫السمكؾ المادم المككف لمجريمة صكرة التبلقي بيف إرادتيف فأكثر عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،343‬كىذا األمر‬

‫يتحقؽ مف خبلؿ قياـ أحد األعضاء بالتعبير عف إرادتو بمظير خارجي بحيث يصؿ التعبير إلى سائر‬

‫األعضاء كيمقي قبكالن لدييـ‪ ،‬كيأخذ االتفاؽ بطبيعتو مظي انر ماديان مممكسان فيك يقتضي إفصاح كؿ عضك عف‬

‫إرادتو بحيث يعمـ بيا باقي أعضاء االتفاؽ فيتحقؽ ليـ أف تسير إرادتيـ في اتجاه كاحد كتتبلقى حكؿ ذات‬

‫المكضكع‪ ،‬كاإلفصاح عف اإلرادة يقتضي ماديات كالقكؿ الشفكم أك الكتابة أك حتى اإليماءة " اإلشارة ذات‬

‫الداللة"‪.344‬‬

‫فبل يمكف تجاىؿ حقيقة أف تبلقى اإلرادات في االتفاؽ‪ ،‬ال يتحقؽ ما لـ يقـ الشريؾ في االتفاؽ‬

‫الجنائي بالتعبير عف الفكرة اإلجرامية التي كانت حتى ذلؾ الحيف حبيسة في نفسو‪ ،‬فتنطمؽ الفكرة بأم صكرة‬

‫مف صكر التعبير عف اإلرادة إلى الحيز الخارجي بما تضمنو مف خطر ييدد أمف المجتمع كسبلمتو‪ ،‬كال‬

‫يصح القكؿ أف عمة تجريـ االتفاؽ مردىا اعتداد المشرع بخطكرة "التفكير" في الجريمة‪ ،‬كانما بالنظر إلى ذات‬

‫التعبير عف ىذه الفكرة كما ينطكم عميو مف خطر‪ ،‬لذلؾ مف الخطأ القكؿ بأف العقاب عمى االتفاؽ ييعد‬

‫استثناء مف قاعدة عدـ العقاب عمى التفكير‪.345‬‬


‫ن‬

‫‪342‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬عبلقة السببية في قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.2-1‬‬
‫‪343‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.825‬‬
‫‪344‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.469‬‬
‫‪345‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪169‬‬
‫االتجاه الثاني‪ :‬االتفاؽ الجنائي صكرة لمتصميـ كالعزـ الجنائي‪:‬‬

‫يرل جانب مف الفقو أف االتفاؽ الجنائي ىك تجريـ لمعزـ الجنائي الجماعي ككنو ينطكم عمى مظير‬

‫استثناء عمى المبدأ‬


‫ن‬ ‫خارجي مف شأنو يسبب اضطرابا خطي انر أك يعكر األمف العاـ‪ ،‬كلذلؾ قرر المشرع الخركج‬

‫الراسخ في القانكف الجنائي بعدـ تجريـ كعقاب مجرد التصميـ كالعزـ الجنائي أم مجرد النكايا كاألفكار ما‬

‫دامت تركج في ذىف أصحابيا‪ ،‬كلـ تخرج بعد إلى الكاقع مجسمة في فعؿ مادم‪ ،‬رغبةن منو في القضاء عمى‬

‫الخطر المحيؽ كىك في ميده‪ ،‬كبالتالي ىذا النكع مف الجرائـ ال تحتكم في حقيقتيا عمى فعؿ غير مشركع‬

‫يرتبط بسمكؾ الشخص سكاء كاف ىذا السمكؾ ايجابيان أـ سمبيان‪،346‬‬

‫كلذلؾ يرفض ىذا االتجاه تجريـ االتفاؽ ككنو‪-‬كفؽ رأييـ‪ -‬يقع دكف السمكؾ المادم كاألفكار كالنكايا‬

‫كالمعتقدات كالتي ال يجكز أف تككف محبلن لمتجريـ مف أجؿ ضماف احتراـ الحقكؽ كالحريات‪ ،‬فالقانكف الجنائي‬

‫ال ييتـ إال بما يفعمو المرء ال بما عميو مف حاؿ‪ ،‬كلذلؾ يتنافى تجريـ االتفاؽ مع المبدأ الدستكرم الذم يحظر‬

‫العقاب عمى األفعاؿ المادية‪ ،347‬فالعقاب عمى مجرد التصميـ كالعزـ أك النية يجافي مبدأ الشرعية الجنائية‪،‬‬

‫لذلؾ تعد جريمة االتفاؽ شذكذان عف قاعدة عدـ تجريـ التفكير في الجريمة‪ ،‬فالقانكف الجزائي ال يبلحؽ‬

‫اإلنساف عمى ما يدكر في نكاياه المجردة‪.348‬‬

‫كفي ىذا االتجاه ذىب رأم في الفقو إلى أف المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ قد‬

‫أخذ بفكرة االتفاؽ كجريمة مستقمة بغض النظر عف تنفيذىا‪ ،‬انطبلقان مف أف العزـ الجنائي لـ يعد فرديان بؿ‬

‫‪346‬‬
‫عبد الكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .23‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشكرات الجامعة‬
‫االفتراضية السكرية‪ ،‬سكريا‪ ،2018 ،‬ص‪ .16-115‬محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .390‬طبلؿ عبد‬
‫حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .145‬محمد الفاضؿ‪ ،‬الجرائـ الكاقعة عمى أمف الدكلة‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،1965 ،‬ص‪.56‬‬
‫‪347‬‬
‫محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .390‬عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪348‬‬
‫خالد صفكت بينساكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ىامش صفحة ‪.232‬‬

‫‪170‬‬
‫أصبح جماعيان‪ ،‬حيث خرجت الفكرة اإلجرامية مف ذىف شخص ما كتبلقت مع إرادة أخرل‪ ،‬األمر الذم يشكؿ‬

‫خطكرة كبيرة عمى أمف المجتمع‪ ،‬كبالتالي كاف البد مف عدـ االنتظار لحيف كقكع الجريمة محؿ االتفاؽ‪ ،‬مما‬

‫استثناء عمى قاعدة التجريـ عمى العزـ الجنائي‪ ،‬ذلؾ أنو‬


‫ن‬ ‫استكجب العقاب عمى االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كيعد ذلؾ‬

‫مف المبادئ المستقرة أف المرء ال يؤاخذ عمى ما يدكر في ذىنو طالما لـ يخرج لحيز التنفيذ‪ ،‬كفي المجاؿ‬

‫الجزائي يجب أف يبقى بمنأل عف العقاب كؿ ما يسبؽ مرحمة البدء في التنفيذ‪ ،‬كيرل ىذا الرأم أنو لما كاف‬

‫العقاب عمى مجرد التآمر أك االتفاؽ حتى كاف لـ تتـ الجريمة أك لـ يتـ البدء فييا يخالؼ ىذه المبادئ؛ فإنو‬

‫يجب أف يبقى ىذا االستثناء في أضيؽ الحدكد ليس مف المقبكؿ أف مسمؾ المشرع في قانكف عقكبات رقـ‬

‫(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ الذم جعؿ مف ىذا االستثناء كما لك كاف أصبلن‪ ،‬عبر عقابو عمى مجرد التآمر عمى‬

‫تحقيؽ غاية غير مشركعة أك مشركعة بكسائؿ غير مشركعة‪.349‬‬

‫كيذىب الباحث إلى تأييد االتجاه الذم يرل أف التدخؿ التشريعي مف جانب المشرع الجزائي في‬

‫تجريـ حالة االتفاؽ الجنائي ال يشكؿ خركجان عمى مبدأ حظر العقاب عمى األفكار أك النكايا الكامنة في‬

‫النفس ك مجرد العزـ كالتصميـ‪ ،‬كيستند الباحث في تأييده عمى األسانيد اآلتية‪:‬‬

‫(أ)‪ -‬ال يتفؽ الباحث مع ما ذىب إليو أنصار الرأم الثاني كذلؾ الفتراضيـ التعارض بيف مبدأ عدـ‬

‫العقاب عمى النكايا المجردة كبيف تجريـ االتفاؽ‪ ،‬فصحيح أف القانكف الجزائي ال يبلحؽ المرء عمى ما يدكر‬

‫في نكاياه‪ ،‬كلكنو يبلحقو في حالة إذا ما ترجمت ىذه النكايا لسمكؾ مادم‪ ،‬كىك ما يتكفر عميو االتفاؽ الجنائي‬

‫ككف التجريـ منصب عمى نشاط إجرامي يتمثؿ في أف يعبر كؿ كاحد مف أطراؼ االتفاؽ عف نيتو اإلجرامية‬

‫‪349‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.328‬‬

‫‪171‬‬
‫بارتكاب جناية أك جنحة بحيث يعمـ بيا‪-‬النية‪ -‬زمبلؤه في االتفاؽ كتمقى قبكالن لدييـ‪ ،‬مما يعني أف المشرع‬

‫بتجريمو لبلتفاؽ ال يعاقب مطمقان عمى مجرد نكايا إجرامية مضمرة في خبايا النفس البشرية ال يعمـ بيا سكل‬

‫صاحبيا‪ ،‬كانما تـ التعبير عف ىذه النية كتـ ترجمتيا في صكرة إيجاب مكجو لمغير بأية كسيمة مف كسائؿ‬

‫التعبير سكاء شفاىة أك كتابة أك باإليماء أك باإلشارة‪ ،‬بحيث يصؿ اإليجاب إلى الغير كيمقي قبكالن لدييـ‪.‬‬

‫(ب)‪ -‬الرأم السابؽ يفترض أف الجناة متكقفيف عند حد مرحمة العزـ عمى ارتكاب الجريمة‪ ،‬كيرل‬

‫الباحث أف ىذا يصح فقط في الحالة التي نقيـ فييا نشاط الجاني مف زاكية مراحؿ الجريمة المنكم ارتكابيا‪،‬‬

‫كلكف إذا نظرنا لو مف زاكية جريمة االتفاؽ سنجد أنو تجاكز مرحمة العزـ إلى مرحمة التنفيذ الكامؿ لجريمة‬

‫تقكـ بفعؿ االتفاؽ الذم يتـ بيف شخصيف أك أكثر إذا كاف منصب عمى مكضكع معيف ىك‪ :‬ارتكاب جناية أك‬

‫جنحة‪ ،‬كاتجاه ىذه اإلرادات إلى االتفاؽ مع العمـ بحقيقتو‪ ،‬مما يعني أف ثمة كياف مادم مقترف بقصد جنائي‬

‫كقع تقكـ بو جريمة عمدية‪ ،‬كلكؿ ما سبؽ‪ ،‬يرل الباحث عدـ مخالفة المكاد(‪ )36-35-34‬مف قانكف‬

‫العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬لمبدأ حظر العقاب عمى النكايا األفكار‪ ،‬كبالتالي اتساقو مع أحد ضمانات‬

‫مبدأ الشرعية الجنائية المنصكص عميو بالمادة (‪ )15‬مف القانكف األساسي الفمسطيني كالتي جاءت بقكليا‪:‬‬

‫"العقكبة شخصية كتمنع العقكبات الجماعية‪ ،‬كال جريمة كال عقكبة إال بنص قانكني‪ ،‬كال تكقع إال بحكـ‬

‫قضائي‪ ،‬كال عقاب إال عمى األفعاؿ البلحقة لنفاذ القانكف"‪ ،‬المشرع الدستكرم عبر النص السابؽ يقطع بأف‬

‫لكؿ جريمة ركف مادم ال قكاـ ليا بغيره‪ ،‬كال يتصكر بالتالي كفقان ألحكاـ الدستكر أف تكجد جريمة في غيبة‬

‫ركنيا المادم‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫كنعرض في ىذا الصدد لرأم فقيي معارض لحكـ المحكمة الدستكرية العميا المصرية القاضي بعدـ‬

‫دستكرية المادة(‪ )48‬مف قانكف العقكبات‪ ،‬مستندان في معارضتو لألسانيد اآلتية‪:350‬‬

‫‪ .1‬إف المادة (‪ )48‬مف قانكف العقكبات تعد مف أىـ المكاد الجنائية التي تسيـ في الحد مف الظاىرة‬

‫اإلجرامية‪ ،‬ككنيا تشكؿ خط الدفاع األكؿ في مكاجية سمسمة الجرائـ التي يقدـ عمييا بعض الجناة‬

‫دكف رادع مف خمؽ أك ديف‪ ،‬فخط الدفاع األمامي ىذا يكاجو المجرـ عند ارتكاب جريمتو األكلى قبؿ‬

‫أف يتجاكز بإجرامو إلي جريمة أخرم تككف ىدفان لسمككو أك كسيمة لبمكغ ىدؼ معيف مشركع أك غير‬

‫مشركع‪.‬‬

‫‪ .2‬تقكـ جريمة االتفاؽ الجنائي عمى الركف المادم ك المعنكم‪ ،‬فاألكؿ‪ :‬يتمثؿ في االتفاؽ الذم يتـ بيف‬

‫شخصيف أك أكثر إذا كاف منصبان عمى مكضكع معيف ىك ارتكاب جناية أك جنحة أك األعماؿ‬

‫المجيزة أك المسيمة الرتكابيا‪ ،‬أما الثاني‪ :‬فيك اإلرادة اآلثمة‪ ،‬أم القصد الجنائي‪ ،‬كىك اتجاه اإلرادة‬

‫إلى الدخكؿ في االتفاؽ بحقيقتو‪.‬‬

‫‪ .3‬جريمة االتفاؽ الجنائي السمكؾ اإلجرامي فييا كاضح كمحدد‪ ،‬يتمثؿ في تعبير كؿ مف الجناة عف‬

‫إرادتو اآلثمة سكاء اتخذ ىذا التعبير صكرة القكؿ أك الكتابة أك اإلشارة متى كانت كاضحة في تحديد‬

‫اتجاه اإلرادة‪.‬‬

‫‪ .4‬التعبير عف اإلرادة يعتد بو المشرع في كثير مف الحاالت في المجاؿ الجنائي‪ ،‬فمثبلن ىك صكرة‬

‫لمسمكؾ اإلجرامي في جريمة القذؼ كالسب كافشاء األسرار كالببلغ الكاذب‪ ،‬كجريمة االتفاؽ الجنائي‬

‫سمككيا اإلجرامي كاضح كمحدد كمناطو التعبير عف اإلرادة‪.‬‬

‫انظر في طرح ىذه اآلراء‪ :‬فكزية عبد الستار‪،‬رأم مكثؽ ضمف دراسة بعنكاف "اآلثار القانكنية لعدـ دستكرية االتفاؽ الجنائي" إعداد كنشر مركز حقكؽ‬
‫‪350‬‬

‫اإلنساف كمساعدة السجناء‪ ،‬الدارسة منشكرة الكتركني نا عمى الرابط الخاص بمكقع محاماة نت‪ .‬تاريخ الزيارة‪ - 2019/7/1 :‬الساعة‪. 2:15 :‬‬

‫‪173‬‬
‫‪ .5‬خطة المشرع في تجريـ االتفاؽ الجنائي ليست غريبة عمى التشريع الجنائي ذلؾ أف المشرع يعاقب‬

‫عمي االتفاؽ ككسيمة مف كسائؿ االشتراؾ اذا كقعت الجريمة بناء عميو‪ ،‬كذلؾ يعاقب عمي مجرد‬

‫االتفاؽ عمى ارتكاب جريمة معينة المادة (‪ )6‬مف قانكف العقكبات‪ ،‬كأما القكؿ بأف األعماؿ المجيزة‬

‫أك المسيمة الرتكاب الجريمة التي قد تككف مكضكعا لبلتفاؽ غير محددة‪ ،‬فيك أمر ال يناؿ مف‬

‫التحديد القانكني لمجريمة إطبلقان ألف ىذه األعماؿ ليست ىي الركف المادم لمجريمة‪ ،‬كانما ىي‬

‫مكضكع الجريمة‪ ،‬كمف المستحيؿ عمى المشرع أف يحدد مكضكع كؿ جريمة تحديدان دقيقان أك عمى‬

‫سبيؿ الحصر كانما يترؾ ذلؾ لمفقو‪.‬‬

‫‪ .6‬المادة (‪ )41‬مف الدستكر تحمي الحرية الشخصية كمنيا حرية التعبير‪ ،‬كلكف المشرع الدستكرم أجاز‬

‫في ذات المادة تقييد ىذه الحرية الشخصية إذا اقتضت ذلؾ صيانة أمف المجتمع كالشؾ أنو مف‬

‫دكاعي صيانة أمف المجتمع تجريـ االتفاؽ عمي ارتكاب الجرائـ‪ ،‬فالمشرع الدستكرم ال يحمي حرية‬

‫اإلجراـ‪.‬‬

‫‪ .7‬إذا كاف المشرع ال يعاقب في مجاؿ الشركع عمى مجرد العزـ عمي ارتكاب الجريمة فإف ىذا يختمؼ‬

‫تمامان عف العقاب عمي االتفاؽ الجنائي‪ ،‬ألف العزـ مجرد إرادة أك رغبة استقرت في ذىف الجاني‪ ،‬كلـ‬

‫تخرج إلي حيز الكجكد أما االتفاؽ فيك كما سبؽ تعبير شخصي عف رغبة الجاني في ارتكاب‬

‫الجريمة‪ ،‬كالتقاء ىذا التعبير مع تعبير مماثؿ لغيره‪ ،‬مما يعتبر انعقادان إلرادتيف أك أكثر كليس مجرد‬

‫رغبة داخمية‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫‪ .8‬كيؼ نيكف مف شأف االتفاؽ الجنائي عمى ارتكاب الجرائـ مع أف ىذا االتفاؽ يعبر عف خطكرة‬

‫إجرامية كيمثؿ حمقة مف حمقات العدكاف عمي الحقكؽ التي يحمييا قانكف العقكبات بؿ كيحمييا‬

‫الدستكر كحؽ الحياة كالحرية كالممكية كحرمة الحياة الخاصة‪.‬‬

‫كمما تجدر اإلشارة إليو في ىذا المقاـ أف بعض الفقو الجنائي يرل بأف المشرع في المادة (‪ )52‬مف‬

‫استثناء متطرفان عمى مبدأ حظر العقاب عمى النكايا كاألفكار‬


‫ن‬ ‫قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬تضمف‬

‫في خركج سافر عمى أفكار المذىب الشخصي‪ ،‬باعتبار أنو عاقب عمى مجرد عقد العزـ‪351‬؛ كال يؤيد الباحث‬

‫ما ذىب إليو ىذا الرأم‪ ،‬حيث يرل الباحث أف مسمؾ المشرع في التجريـ ال يتعارض مع مبدأ حظر العقاب‬

‫عمى النكايا كاألفكار‪ ،‬كذلؾ التجريـ كارد عمى سمكؾ مادم يعد بمثابة ترجمة لما عقد الجاني عميو العزـ كما‬

‫صمـ عميو‪ ،‬كيتمثؿ ىذا السمكؾ في إظيار النية اإلجرامية كترجمتيا بفعؿ عمني أك بنشر أية مادة مطبكعة‬

‫أك محررة‪ ،‬بمعنى أف إظيار النية بفعؿ عمني لتحقيؽ أية غاية مف الغايات الكاردة في المادة (‪ )52‬يقع‬

‫ضمف الركف المادم لمجريمة‪.352‬‬

‫‪351‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪352‬‬
‫تنص المادة (‪ )52‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬عمى‪ ( :‬كؿ مف عقد النية عمى تحقيؽ أم غاية مف الغايات المذككرة فيما يمي أم‪:‬‬
‫أ‪..-‬ب‪...-‬ج‪ ،....-‬كأظير نيتو ىذه بفعؿ عمني أك بنشر أية مادة مطبكعة أك محررة يعتبر‪ ،‬أنو ارتكب جناية كيعاقب بالحبس المؤبد)‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫ملطًب يثايث‬

‫َبلأ ض ‪ٚ‬ي‪ ٠‬ي ح ‪ِٜ‬‬

‫يجب عمى المشرع أال ييجرـ مف األفعاؿ كال يؤثـ مف التصرفات إال ما كانت ىناؾ ضركرة اجتماعية تستدعي‬

‫تجريمو كتأثيمو‪ ،‬كىك يستتبع معو كجكد معيار نيتدم بناء عميو فيما إذا كانت تجريـ سمكؾ ما كاف لضركرة‬

‫مف عدمو‪ ،‬كغني عف البياف أف الضركرة تقدر بقدرىا‪.‬‬

‫كبناء عمى ما سبؽ سكؼ يتـ بياف مدلكؿ مبدأ ضركرة التجريـ بإيجاز‪ ،‬كمف ثـ بياف مدل التزاـ المشرع بذلؾ‬

‫المبدأ أـ ال فيما يتعمؽ بجريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كذلؾ في فركوع مستقمة عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬
‫َلي‪ ٍٛ‬ض ‪ٚ‬ي‪ ٠‬ي ح ‪ِٜ‬‬

‫يقكـ النظاـ القانكني برمتو عمى التكازف بيف الحقكؽ كالحريات مف جية كالمصمحة العامة مف جية‬

‫استثناء مف‬
‫ن‬ ‫أخرل‪ ،‬كىك ما يتحقؽ بالتناسب بيف حماية كؿ مف االثنيف‪ ،353‬كسياسة التجريـ كالعقاب ليست‬

‫ذلؾ‪ ،354‬حيث يتكلى المشرع الجنائي حماية الحقكؽ كالحريات عند المساس بيا‪ ،‬كذلؾ عندما يككف التجريـ‬

‫كالعقاب ىما الكسيمة الضركرية لتقرير ىذه الحماية‪ ،‬كما يتكلى في الكقت ذاتو حماية الحقكؽ كالحريات في‬

‫مكاجية أخطار التحكـ سكاء في مرحمة التجريـ كالعقاب‪ ،‬أك في مرحمة الخصكمة الجنائية‪.355‬‬

‫‪353‬‬
‫خيرم أحمد الكباش‪ ،‬الحماية الجنائية لحقكؽ اإلنساف‪ ،‬دارسة مقارنة‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2008 ،‬ص‪ .9‬يكسؼ مصطفى رسكؿ‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪.59 -58‬‬
‫‪354‬‬
‫عصاـ عفيفي عبد البصير‪ ،‬أزمة الشرعية الجنائية ككسائؿ عبلجيا‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار أبك المجد‪ ،‬القاىرة‪ ،2007 ،‬ص‪.114‬‬
‫‪355‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.153‬‬

‫‪176‬‬
‫كلكف ىذا ال يعني أف السمطة التقديرية لممشرع الجزائي في ىذا الصدد مطمقة مف كؿ حد كقيد‪ ،‬بؿ‬

‫أف األمر عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،356‬فيناؾ مغايرة مف حيث التقييد كاإلطبلؽ بيف حؽ السمطة التشريعية في‬

‫اختيار الفعؿ المجرـ‪ ،‬كبيف التزاميا بضكابط تجريـ ىذا الفعؿ كالعقاب عميو‪ ،‬فبينما تتسـ سمطاتيا في انتقاء‬

‫المجرـ كتقدير عقكبتو بسمطة تقديرية كاسعة‪ ،‬فإف ىذه السمطة تككف مقيدة عمى نحك كبير في التزاـ‬
‫الفعؿ ي‬

‫النص عميو بالضكابط التي أرساىا الدستكر‪ ،357‬فالسمطة التقديرية لممشرع في تحديد الضركرة كالتناسب في‬

‫التجريـ كالعقاب تحددىا الغايات التي استيدؼ الدستكر تحقيقيا؛ ألف السمطة التشريعية ال تمارس‬

‫اختصاصيا إال في حدكد الدستكر‪ ،‬حيث أف مقتضيات حماية الحقكؽ الحريات تتحدد مف خبلؿ ضكابط‬

‫التجريـ كالعقاب‪ ،‬فإف لـ تنجح تمؾ السمطة التقديرية في تحقيؽ مثؿ ىذا التناسب تكصـ ىذه الحالة بعدـ‬

‫الدستكرية‪ ،‬مما يعني أف السمطة التقديرية ىي كسيمة المشرع لمكصكؿ إلى التناسب المطمكب لتحقيؽ العدالة‬

‫شقي النص الجزائي‪.358‬‬


‫بيف ٌ‬
‫كيتحقؽ ذلؾ إذا ما اقتضتو الضركرة االجتماعية أم ضركرة حماية المجتمع كمصمحة عامة تمثؿ في ذاتيا‬

‫قيمة دستكرية‪ ،‬فبل يجكز أف يككف ىذا التكازف كسيمة لمعصؼ بالحقكؽ أك الحريات أك مدخبلن لحرماف‬

‫المكاطنيف منيا بصكرة غير منطقية أك عمى نحك يسكده التحكـ‪ ،‬مما يتطمب إيجاد تناسب بيف قدر المساس‬

‫بالحقكؽ كالحريات كالمصالح المحمية التي تبرر ىذا المساس‪ ،‬كبيذا التناسب يتحقؽ األمف القانكني بكصفو‬

‫مظي انر ميمان لسيادة القانكف‪ ،‬كبدكنو تختؿ ىذه السيادة كييتز مبرر كجكدىا‪.359‬‬

‫‪356‬‬
‫محمد عبداهلل أبكمطر‪ ،‬القانكف الدستكرم كالنظـ السياسية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .57‬كاثبة داككد السعدم‪ ،‬مبلمح السياسة الجزائية الحديثة في التشريع‬
‫الجزائي في العراؽ‪ ،‬بحث منشكر في مجمة القانكف المقارف‪ ،‬العدد ‪ ،15‬سنة ‪ ،10‬كمية القانكف كالسياسة‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،1983 ،‬ص‪ -221‬ص‪.222‬‬
‫‪357‬‬
‫أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬الضكابط الدستكرية لنصكص التجريـ كالعقاب في قضاء المحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪358‬‬
‫عباس عبدالرازؽ مجمي السعيدم‪ ،‬ضكابط استحداث النص الجزائي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.198-197‬‬
‫‪359‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.154‬‬

‫‪177‬‬
‫كيخرج بو‬
‫كلما كانت الجريمة ظاىرة اجتماعية كعمبلن ييضاد بو المجرـ المجتمع الذم يعيش فيو ي‬

‫عميو؛ فإف االعتداء الحاصؿ يصيب المجتمع نفسو ألف الجريمة تمس مصالح كقيمو بطريؽ مباشر أك غير‬

‫مباشر إذ لكؿ مجتمع مجمكعة مف القيـ كالمصالح يحافظ عمييا كيحمييا‪ ،‬حيث ييقدر المشرع في كؿ مجتمع‬

‫أىمية تمؾ المصالح ككمما عظهمت أىميتيا لديو نالت منو أقصى مراتب الحماية القانكنية التي تفصح عنيا‬

‫العقكبات المقررة ضد مف ينتيكيا‪ ،‬كال شؾ أف المصالح الجديرة بالحماية الجنائية تتأثر في كؿ مجتمع‬

‫بالتقاليد السائدة فيو كالنظـ االقتصادية كالسياسية كاالجتماعية المييمنة عميو‪ ،‬كلذلؾ فإف سياسة التجريـ ىي‬

‫كسيمة كؿ مجتمع في التعبير عف –أقصى‪ -‬درجات الحماية لمقيـ كالمصالح التي تيمو‪.360‬‬

‫كبذلؾ يتضح أف العمة مف التجريـ ىي حماية حؽ أك مصمحة يراىا المشرع جديرة بالحماية‪،361‬‬

‫فتكفير الحماية الكافية لمقيـ كالمبادئ العميا في المجتمع سكاء كانت ىذه القيـ كالمبادئ جديرة بالحماية لذاتيا‬

‫أـ اعتبرىا المشرع كذلؾ بحسب تقديره ألىميتيا بناء عمى عدة اعتبارات يقدرىا‪ ،‬تعد اليدؼ مف القانكف‬

‫الجنائي‪ ،362‬لذا فإف كظيفة ىذا األخير تتمثؿ في حماية ىذه القيـ كالمصالح إذا بمغت مف األىمية حدان يبرر‬

‫عدـ االكتفاء بالحماية المقررة في ظؿ فركع القانكف األخرل‪ ،363‬ذلؾ أف قانكف العقكبات يعنى بحماية‬

‫المصالح األساسية لممجتمع كاألفراد‪ ،‬تمؾ المصالح التي ال غنى لمجتمع متحضر عنيا‪ ،‬أما المصالح األقؿ‬

‫أىمية فقد أينيط بالقكانيف األخرل أمر تنظيميا كحمايتيا‪ ،364‬بحيث نمجأ لمجزاء الجنائي لمكافحة السمكؾ‬

‫‪360‬‬
‫محمد بف المدني بكساؽ‪ ،‬اتجاىات السياسة الجنائية المعاصرة كالشريعة اإلسبلمية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.51-50‬‬
‫‪361‬‬
‫ىداـ إبراىيـ أبككاس‪ ،‬السياسة الجنائية بيف الفقو التقميدم كاالتجاه الحديث‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماستر في القانكف الجنائي‪ ،‬جامعة الطاىر مكالم‬
‫سعيدة‪ ،‬الجزائر‪ ،2015 ،‬ص‪ .22‬سامي جميؿ فياض‪ ،‬رفع المسئكلية الجنائية في أسباب اإلباحة‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت‪،2005 ،‬‬
‫ص‪.47‬‬
‫‪362‬‬
‫تميـ طاىر أحمد الجادر‪ ،‬سيؼ صالح ميدم العكيمي‪ ،‬الضركرة كالتناسب في القاعدة الجنائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .3‬منذر عبد المطيؼ التكريتي‪،‬‬
‫السياسة الجنائية لمحريات الشخصية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2011 ،‬ص‪.5‬‬
‫‪363‬‬
‫سميماف عبد المنعـ‪ ،‬النظرية العامة لقانكف العقكبات‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2000 ،‬ص‪.14‬‬
‫‪364‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.58‬‬

‫‪178‬‬
‫المنافي لمقانكف‪ ،‬تبعان لعدـ كفاية الكسائؿ األخرل في حماية المصمحة االجتماعية فبل يككف ثمة محؿ‬

‫لبللتجاء إلى الجزاء الجنائي حينما تككف الجزاءات األخرل تفي عمى كجو التماـ بالغرض االجتماعي‬

‫المنشكد‪.365‬‬

‫كلكي يتمكف القانكف الجزائي مف تأدية رسالتو ال بد أف ينحصر التجريـ فيما ينجـ عف السمكؾ‬

‫اإلنساني مف ضرر فعمي‪ ،‬كانما يتعيف أف يتسع مداه لكزف ىذا السمكؾ في ذاتو عمى ضكء القيـ الخمقية‬

‫األساسية‪ ،‬ككذلؾ يتعيف المساكاة في تطبيقو عمى كافة المخاطبيف دكف تمييز كاال سيغيب سارؽ رغيؼ الخبز‬

‫في غياىب السجكف كيعمكا ذك الحذؽ كالذكاء مف الجناة في مدارج السطكة كالمجكف‪.366‬‬

‫ابتغاء لحماية تمؾ القيـ كالمصالح التي‬


‫ن‬ ‫كتأسيسان عمى ذلؾ فإف لجكء المشرع لسبلح التجريـ كالعقاب‬

‫قدر جدارتيا بالحماية الجنائية‪ ،‬يجب أال يتجاكز حدكد المعقكلية كالتناسب‪ ،367‬حتى ال تيشكؿ نصكص‬

‫القانكف الجنائي خط انر عمى الحقكؽ كالحريات الفردية‪ ،‬فيجب أف تحدد بضكابط تكفؿ حماية كاحتراـ تمؾ‬

‫الحقكؽ كالحريات‪ ،‬كاف ضركرة التجريـ ىي إحدل ىذه الضكابط‪ ،‬حيث أف مبدأ الشرعية يقتضي أال يجرـ‬

‫المشرع مف األفعاؿ‪ ،‬كال ييؤثًـ مف التصرفات إال ما كانت ىناؾ ضركرة ممجئة لتجريمو أك لتأثيمو‪ ،368‬كذلؾ‬

‫ألف التجريـ بطبيعتو ىك انتقاص مف حرية المكاطنيف‪ ،‬كتضييؽ مف نطاؽ ما يتمتعكف بو مف حقكؽ‪ ،‬كىك‬

‫كتمؾ الطبيعة يجد مبرره في حماية مصالح أجدر بالرعاية‪ ،‬كحقكؽ أكلى بالعناية مف ذاؾ الجزء المحرـ مف‬

‫تصرفات األفراد أك المقتطع بالتأثيـ مف حرياتيـ‪ ،‬لذا فإف التجريـ يدكر كجكدان كعدمان مع تمؾ المصالح‬

‫‪365‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لممجرـ كالجزاء‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.129‬‬
‫‪366‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمجريمة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص(ى ػ)‪.‬‬
‫‪367‬‬
‫منذر عبد المطيؼ التكريتي‪ ،‬السياسة الجنائية لمحريات الشخصية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪368‬‬
‫زحؿ محمد األميف‪ ،‬مبدأ الشرعية الدستكرم كالدكلي‪ ،‬بحث لنيؿ درجة الدكتك اره‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .102‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬الدستكر كالقانكف‬
‫الجنائي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،1992 ،‬ص‪ 27‬كما بعدىا‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫االجتماعية الحيكية‪ ،‬كمف ناحية أخرل إف التجريـ باعتباره قيدان عمى الحريات الفردية‪ ،‬كالقيكد بطبعيا يحكميا‬

‫أصبلف األكؿ‪ :‬أف تظؿ دائمان في دائرة االستثناء‪ ،‬فبل ينبغي التكسع فييا‪ ،‬أك اإلفراط في استخداميا كاال‬

‫صارت الحرية استثنا نء كالقيد قاعدةن‪ ،‬كىذا ما تمفظو المبادئ القانكنية المستقرة‪ ،‬كاآلخر‪ :‬عدـ المجكء إلى القيكد‬

‫إال حاؿ كجكد ضركرة تبررىا‪ ،‬فإف ىذا ىك ذاتو ما يحكـ التجريـ؛ فيك ال يمكف االلتجاء إليو إال لضركرة تدفع‬

‫إليو‪ ،‬كاذا ما لجأ المشرع إليو فإنو ال بد أف يككف ىذا في إطار االستثناء‪ ،‬ذلؾ أف اإلفراط فيو يماثؿ في‬

‫خطكرتو كجسيـ أثره عمى المجتمع كأمنو التفريط فيو‪.369‬‬

‫كاذا كانت القيـ كالمصالح ذات األىمية القصكل في المجتمع تحظى بحظر انتياكيا كالتيديد بو‬

‫تحت طائمة العقاب فإف القيـ كالمصالح األقؿ أىمية ال تيعرل مف الحماية بإطبلؽ‪ ،‬كانما تترؾ في العادة‬

‫لمقانكف المدني أك القانكف اإلدارم أك لممربيف أك لمكعاظ كالجمعيات الخاصة كالنقابات لممحافظة عمييا‪.370‬‬

‫كمعمكـ أف جممة مف التغيرات االجتماعية كاالقتصادية كالسياسية التي شيدتيا المجتمعات المعاصرة‬

‫منذ بدايات القرف الماضي أفرزت تدخبلن متزايدان لمدكلة في معظـ مناحي الحياة‪ ،‬فبرز اتجاه ممحكظ نحك‬

‫التدخؿ الجنائي ما أدل إلى اتساع نطاؽ التجريـ بغير ضركرة ليشمؿ أفعاالن ليست بتمؾ الخطكرة كالتيديد‬

‫الذم ييدد أمف المجتمع‪ ،‬كما أف القيـ كالمصالح التي تناليا ىذه األفعاؿ ليست بتمؾ األىمية التي يتكقؼ‬

‫عمييا استمرار المجتمع كاستق ارره‪ ،‬فبات ىذا التكسع أك ما يعرؼ في األدبيات القانكنية المعاصرة كفي الفقو‬

‫الجنائي خصكصان ب "التضخـ التشريعي في المجاؿ الجنائي" الذم ال يقكـ عمى أم ضركرة اجتماعية‪ ،‬ييدد‬

‫الحقكؽ كالحريات الفردية إلى درجة االعتداء الصريح عمييا كذلؾ باإلخبلؿ بمبدأ التكازف بيف حماية القيـ‬

‫‪369‬‬
‫أحمد سيؼ اإلسبلـ حمد‪ ،‬مدل دستكرية التنظيـ التشريعي المصرم لجريمتي السب كالقذؼ مف حيث التجريـ كالعقاب‪ ،‬مركز ىشاـ مبارؾ لمقانكف‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،2003 ،‬ص ‪.37-36‬‬
‫‪370‬‬
‫محمد بف المدني بكساؽ‪ ،‬اتجاىات السياسة الجنائية المعاصرة كالشريعة اإلسبلمية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.51-50‬‬

‫‪180‬‬
‫كالمصالح كضركرة احتراـ المبادئ الدستكرية التي تحكـ عممية التجريـ أك مف خبلؿ الحياد عف مبدأ‬

‫التناسب‪.371‬‬

‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫َع‪ٝ‬اي ض ‪ٚ‬ي‪ ٠‬ي ح ‪ِٜ‬‬

‫المراد حمايتيا‬
‫يتمثؿ معيار الضركرة في التجريـ في إجراء المكازنة بيف األىمية االجتماعية لممصمحة ي‬

‫عف طريؽ التجريـ كبيف األثر المترتب عمى ىذا التجريـ‪ ،‬فإذا كانت األىمية االجتماعية لممصمحة المراد‬

‫حمايتيا بحجـ يكفي لتبرير الجزاء المترتب عمى تجريـ ذلؾ الفعؿ تكافرت ضركرة التجريـ‪ ،‬أما إذا كانت‬

‫بحجـ ال يكفي لتبرير ذلؾ الجزاء كما يترتب عميو مف فرض قيكد عمى الحرية الفردية انتفت ضركرة التجريـ‪،‬‬

‫كيككف تدخؿ المشرع في ىذه الحالة يشكؿ إفراطان في التجريـ دكف ضركرة اجتماعية‪ ،372‬كبالتالي ييفاقـ مف‬

‫مشكمة التضخـ التشريعي في المجاؿ الجنائي‪ ،‬كالتي يشكؿ كسيمة لمعصؼ بالحقكؽ كالحريات أك مدخبلن‬

‫لحرماف المكاطنيف منيا بصكرة غير منطقية كعمى نحك يسكده التحكـ‪ ،‬األمر الذم استكجب إيجاد تناسب بيف‬

‫قدر المساس بيذه الحقكؽ كالحريات كالمصالح المحمية التي تبرر ىذا المساس‪.373‬‬

‫كالمقصكد ىنا بالضركرة ضركرة حماية المجتمع كمصمحة عامة تمثؿ في ذاتيا قيمة دستكرية‪ ،‬كتحدد‬

‫الضركرة في التجريـ في ضكء اليدؼ منو‪ ،‬فبل يمكف السماح بالمساس بالحقكؽ كالحريات مف خبلؿ التجريـ‬

‫إال إذا اقتضى ذلؾ تحقيؽ ىدؼ معيف ىك حماية المصمحة العامة أك حماية الحقكؽ التي تتعرض لمضرر أك‬

‫الخطر‪ ،‬كتككف في نظر المشرع جديرة بالحماية بكاسطة التجريـ كالعقاب‪ ،‬فارتباط التجريـ باليدؼ مف‬

‫‪371‬‬
‫عبد الصمد الكنا‪ ،‬ضكابط التجريـ كالعقاب ضمانة لمحقكؽ كالحريات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪372‬‬
‫عباس عبدالرازؽ مجمي السعيدم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.260‬‬
‫‪373‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.154‬‬

‫‪181‬‬
‫نصكص التجريـ ىك أساس الضركرة كمحكرىا‪ ،‬كمف ثـ فإف الضركرة تنطكم عمى االلتزاـ نحك تحقيؽ ىذا‬

‫اليدؼ‪ ،‬كلكي تقترب فكرة الضركرة مف فكرة التناسب يجب النظر إلى كؿ مف القاعدة القانكنية كتطبيقيا‪،‬‬

‫فالقاعدة القانكنية ال تككف ضركرية إال إذا كضعت لمعالجة كضع معيف‪ ،‬فتعالجو عمى نحك كاؼ كبغير‬

‫مبالغة‪ ،‬كىك ما يتطمب التكازف بيف المصالح المتنازعة‪-‬الحقكؽ كالحريات‪ ،‬كىك ما يتحقؽ بالتناسب مع‬

‫اليدؼ مف التجريـ‪ ،‬كبذلؾ يتضح أف الضركرة التي تمجئ المشرع إلى تجريـ سمكؾ معيف تفترض أف التجريـ‬

‫كدرجتو يتناسباف مع اليدؼ مف ىذا التجريـ‪ ،‬كالكاقع أف الضركرة يجب أف تقدر بقدرىا‪ ،‬كمف ثـ يجب مراعاة‬

‫التناسب بيف الحقكؽ كالحريات المحمية كالتي يمحقيا الضرر أك الخطر‪ ،‬كبيف ما يتعرض لو مف يمحقو‬

‫المساس بيذه الحقكؽ كالحريات مف أخطار بسبب ىذا التجريـ‪.374‬‬

‫فارتباط التجريـ باليدؼ مف نصكص التجريـ ىك أساس الضركرة كمحكرىا‪ ،‬كمف ثـ فإف الضركرة‬

‫تنطكم عمى االلتزاـ نحك تحقيؽ ىذا اليدؼ‪ ،‬فتحقيؽ التكازف بيف المصالح المتنازعة‪ ،‬يككف بالتناسب مع‬

‫اليدؼ مف التجريـ‪ ،‬كبذلؾ يتضح أف الضركرة التي تمجئ المشرع إلى تجريـ سمكؾ معيف تفترض أف التجريـ‬

‫كدرجتو يتناسباف مع اليدؼ مف ىذا التجريـ‪ ،‬كعمى ىذا النحك فإف عبلقة الضركرة تعادؿ عبلقة التناسب‪،‬‬

‫كالكاقع أف الضركرة يجب أف تقدر بقدرىا‪.375‬‬

‫كقد رسخت المحكمة الدستكرية العميا بفمسطيف مبدأ الضركرة بقكليا أف حقكؽ اإلنساف كحرياتو ال‬

‫يتغيا أف‬
‫يجكز التضحية بيا في غير ضركرة تممييا مصمحة اجتماعية ليا اعتبارىا‪ ،‬كأف القانكف الجنائي ٌ‬

‫يحدد مف منظكر اجتماعي ما ال يجكز التسامح فيو مف مظاىر سمكؾ األفراد‪ ،‬كأف يسيطر عمييا بكسائؿ‬

‫‪374‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .155-154‬سامي جماؿ الديف‪ ،‬القانكف الدستكرم كالشرعية الدستكرية‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪375‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .155-154‬يكسؼ مصطفى رسكؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.59 -58‬‬

‫‪182‬‬
‫يككف قبكليا اجتماعيان ممكنان فإف كاف متجاك انز تمؾ الحدكد التي ال يككف معيا ضركريان غدا مخالفان‬

‫لمدستكر‪ ،376‬لذلؾ يتعيف أال يجرـ المشرع كؿ فعؿ أك امتناع‪ ،‬ما لـ ييشكؿ ىذا الفعؿ كذلؾ االمتناع اعتداء‬

‫عمى مصالح اجتماعية محمية تتناسب في أىميتيا مع خطكرة سمب الحرية أك االنتقاص منيا بكاسطة التجريـ‬

‫كالعقاب‪ ،377‬كباالطبلع عمى القانكف األساسي الفمسطيني المعدؿ لسنة ‪ 2003‬كتعديبلتو‪ ،‬نجد أنو في‬

‫مجمكعو ينبع عف فكرة الضركرة االجتماعية كالتناسب فيما يتعمؽ بالمساس بالحقكؽ كالحريات‪ ،‬فالمادة (‪)11‬‬

‫منو ال تجيز تقييد حرية أحد بأم قيد أك منعو مف التنقؿ إال بأمر قضائي‪ ،‬كىذا األمر القضائي ال يصدر إال‬

‫لضركرة التحقيؽ الجنائي عمكمان كحماية أمف المجتمع‪.‬‬

‫يف ع يثايث‬

‫ج مي‪ ١‬التفام ‪َٚ‬بلأ يط ‪ٚ‬ي‪٠‬‬

‫السؤاؿ الذم ييثار في ىذا المقاـ‪ ،‬ىؿ تجريـ المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‬

‫لبلتفاؽ الجنائي مجردان‪ ،‬يقكـ عمى ضركرة اجتماعية أـ ال؟‬

‫لإلجابة عمى ىذا التساؤؿ ال بد مف تحديد المصمحة المحمية في جريمة االتفاؽ الجنائي كمف ثـ‬

‫تحديد فيما إذا كاف تدخؿ الشارع الجنائي لحمايتيا جنائيان مف خالؿ سالح التجريـ كالعقاب ضركريان مف‬

‫عدمو‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية الفمسطينية العميا‪ ،‬العميا في الدعكل رقـ ‪ 5‬لسنة ‪ ،2017‬القضية رقـ (‪ )8‬لسنة (‪ )3‬قضائية‪ ،‬الكقائع الفمسطينية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،149‬ص ‪.161‬‬

‫‪377‬‬
‫خيرم أحمد الكباش‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.392‬‬

‫‪183‬‬
‫المصمحة في قانكف العقكبات ىي المحؿ الذم تنصب عميو الحماية القانكنية‪ ،‬حيث تباشر الدكلة‬

‫كظيفتيا الجزائية لحماية المصالح االجتماعية التي تسكد المجتمع فتختار الجزاء األكثر صبلحية كاألقرب إلى‬

‫التعبير عف مدل تقدير المجتمع ألىمية ىذه المصالح‪ ،‬فإذا قدرت الدكلة أف المصمحة تستحؽ أقصى مراتب‬

‫الحماية القانكنية عبرت عف ذلؾ بالعقكبة‪ ،378‬كتبرز المصمحة محؿ العدالة الجناية بجبلء مف خبلؿ حرص‬

‫المشرع في القاعدة المكضكعية عمى حماية الحقكؽ كالمصالح العامة كالخاصة التي يراىا جديرة بيذه‬

‫الحماية‪ ،‬فحماية المصالح األساسية التي يتكقؼ عمييا كجكد المجتمع كاستق ارره كاستم ارره ىي الغاية التي‬

‫تجتمع عمييا كترتبط بيا كافة الشرائع السماكية كالكضعية المعاصرة كالقديمة‪ ،‬فكجكد حد أدنى مف المصمحة‬

‫المجتمعة أك الفردية ىي المسكغ لتدخؿ المشرع إلصدار نص جرمي معيف أك تنظيـ قانكني معيف‪ ،‬كبانتفاء‬

‫المصمحة ينتفي غرض التشريع‪.379‬‬

‫كتنطكم المصالح االجتماعية عمى المصالح العامة كالمصالح الفردية التي تحمؿ في ثناياىا مصمحة‬

‫‪380‬‬
‫عامة‪ ،‬كذلؾ ألف الفرد ىك أساس المجتمع كمف دكنو ال يكجد مجتمع لذلؾ مف مصمحة المجتمع حمايتو‬

‫فالقانكف يقكـ بعبء حماية المصالح التي تككف قادرة عمى إشباع حاجات إنسانية‪ ،‬مادية كانت أـ معنكية‪،‬‬

‫كترتبط ىذه الحماية بفمسفة الدكلة كأيديكلكجيتيا في التجريـ كالعقاب‪ ،‬ىناؾ العديد مف المصالح الجكىرية في‬

‫المجتمع‪ ،‬كالتي يرل المشرع جدارتيا بالحماية القانكنية كفقان لفمسفتو السياسية كاالقتصادية كاالجتماعية‪،‬‬

‫مرتك انز في ىذا المجاؿ إلى الدستكر كالقكانيف كاألنظمة التي تتبناىا الدكلة‪.381‬‬

‫‪378‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬أصكؿ السياسة الجنائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪379‬‬
‫مجيد خضر السبعاكم‪ ،‬ضكابط بنياف النص العقابي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪380‬‬
‫أكرـ نشأت إبراىيـ‪ ،‬السياسة الجنائية‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عماف‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪381‬‬
‫محمد مرداف‪ ،‬المصمحة المعتبرة في التجريـ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،2014 ،‬ص‪.58-56‬‬

‫‪184‬‬
‫حيث تحظى القيـ كالمصالح األساسية في كؿ مجتمع بحماية زائدة‪ ،‬كذلؾ أف المشرع يحكطيا بعدة‬

‫خطكط كسياجات دفاعية بتجريـ عدة أفعاؿ تسبب أض ار انر ذات عبلقة بيا‪ ،‬بينما الضرر الذم يصيب القيمة‬

‫أك المصمحة األساسية يسمى بالضرر النيائي‪ ،‬فمثبلن الحؽ في الحياة يعد مصمحة أساسية نالت حماية‬

‫المشرع بتجريـ كاقعة القتؿ كمعاقبة مرتكبو‪ ،‬ألف فعؿ القتؿ قد أصاب قمب ىذه المصمحة كآخر نقطة فييا‪،‬‬

‫ً‬
‫يكتؼ بذلؾ بالتكسع في الحماية الجنائية ليذه المصمحة‪ ،‬بكضع خطكط دفاعية متقدمة‬ ‫غير أف المشرع لـ‬

‫تمنع الكصكؿ إلى العدكاف المباشر عمى الحياة‪ ،‬كذلؾ أنو أفرد عقابان لمشركع في القتؿ كالتحريض عميو‬

‫كالمساعدة عميو‪ ،‬كعقابان عمى حيازة األسمحة بدكف ترخيص كعقابان لمقيادة الخطرة لمسيارات كعقابان لمتيديد‬

‫بالقتؿ أك اإلرىاب الجنائي‪ ،‬كخبلصة كؿ ذلؾ أنو كمما عظـ خطر بعض النتائج المتصمة بحماية المصمحة‬

‫األساسية عده المشرع ضر انر أساسيان كضع التقائو خطكطان دفاعية فرعية حماية لممصمحة الرئيسية‪.382‬‬

‫إف المصمحة محؿ الحماية القانكنية في الجرائـ التي تمس المصمحة العامة ىي مصمحة المجتمع‪،‬‬

‫كاف حماية المجتمع‪ ،‬كاف حماية المشرع ليذه المصمحة بعدة نصكص ال يعني اختبلؼ المصمحة القانكنية‬

‫فييا بؿ إف الحماية تستيدؼ المصمحة مف كجية نظر مختمفة مف تمؾ التي تيدؼ إلييا النصكص األخرل‪،‬‬

‫ففي الجرائـ الماسة بأمف الدكلة الداخمي أك الخارجي‪ ،‬كفي الجرائـ االقتصادية كفي جرائـ التزييؼ كالرشكة‬

‫كاالختبلس تككف المصمحة محؿ الحماية القانكنية مشتركة إال أف الجانب الذم يحميو التزييؼ مثبلن يختمؼ‬

‫عف جكانب المصمحة األخرل التي تحمييا نصكص الرشكة كاالختبلس‪ ،‬كالجرائـ الماسة بأمف الدكلة الداخمي‬

‫أك الخارجي‪ ،‬كقد يحمي النص الكاحد أكثر مف مصمحة قانكنية‪ ،‬سكاء أكانت متساكية ليا في درجة الحماية‬

‫أك تفكؽ إحداىا األخرل‪ ،‬مثؿ جريمة االختبلس فيي اعتداء عمى مصمحتيف األكلى‪ :‬حماية الماؿ المسمـ‬

‫‪382‬‬
‫محمد بف المدني بكساؽ‪ ،‬اتجاىات السياسة الجنائية المعاصرة كالشريعة اإلسبلمية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.52-51‬‬

‫‪185‬‬
‫لممكظؼ بسبب كظيفة كالثانية‪ :‬اعتداء عمى مصمحة اإلدارة في ضماف سير العمؿ الكظيفي‪ ،‬كمف ناحية‬

‫أخرل فإف الجرائـ التي تنتمي إلى النظاـ ذاتو كالجرائـ المضرة بالمصمحة العامة ال يعني أف ىذه الجرائـ‬

‫تحمي مصمحة المجتمع مف اإلىدار كالتيديد فقط بؿ أف ىناؾ مصالح أخرل يقع عمييا اإلىدار أك التيديد‬

‫مف خبلؿ الجرائـ المضرة بالمصمحة العامة –المجتمع‪ ،‬كىي مصالح خاصة ييشكؿ فعؿ االعتداء عدكانان‬

‫عمييا‪ ،‬كاف ما يربط الجرائـ الماسة بالمصمحة العامة ىك أف المصمحة محؿ الحماية القانكنية في ىذه الجرائـ‬

‫تككف مشتركة كاف العدكاف يعد إىدا انر لممصمحة في أم جريمة مف ىذه الجرائـ‪ ،‬أك تيديدان ليا بالخطر فإنما‬

‫يمس المصمحة العامة‪.383‬‬

‫كتأسيسان عمى ما سبؽ‪ ،‬يرل الباحث أف المصمحة المحمية في جريمة االتفاؽ الجنائي ىي المصمحة‬

‫المحمية عينيا لمجريمة المتفؽ عمييا‪ ،‬كىي تختمؼ حسب الجريمة مكضكع االتفاؽ الجنائي‪ ،‬بمعنى أف‬

‫االتفاؽ الذم يرد عمى ارتكاب جريمة قتؿ‪ ،‬تتمثؿ المصمحة المحمية فيو بحؽ اإلنساف في الحياة‪ ،‬كىي عينيا‬

‫المصمحة المحمية في جريمة القتؿ‪ ،‬كلكف الفرؽ ىك بمحؿ التجريـ في كؿ منيما‪.‬‬

‫ففي االتفاؽ الجنائي التجريـ كارد عمى مجرد تعريض المصمحة المحمية لمخطر‪ ،384‬في حيف أف‬

‫التجريـ الخاص بمكضكع االتفاؽ الجنائي قد يرد عمى مجرد تعريض المصمحة المحمية لمخطر أك إلحاقيا‬

‫بالضرر‪.‬‬

‫حيث أف جريمة االتفاؽ الجنائي مف جرائـ الحدث النفسي الناشئ مف سمكؾ مادم ذم مضمكف‬

‫نفسي‪ ،‬كيتمثؿ الحدث النفسي بتبلقي إرادتيف أك أكثر عمى ارتكاب جناية أك جنحة كلـ يتـ فعبلن ارتكاب ىذا‬

‫‪383‬‬
‫محمد مرداف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.222-221‬‬
‫‪384‬‬
‫أحمد حساـ طو تماـ‪ ،‬تعريض الغير لمخطر في القانكف الجنائي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،2004 ،‬ص‪.12‬‬

‫‪186‬‬
‫اإلجراـ ‪ ،‬باعتبار أف ىذا التبلقي ىك التجاكب الذم تشعر بو إرادة كؿ طرؼ في االتفاؽ مف جانب إرادة‬

‫أخرل تطابقت كتبلقت معيا‪ ،‬كىذا تأثير نفسي يحدث لدل كؿ طرؼ في االتفاؽ بفعؿ انضماـ طرؼ آخر‬

‫إليو في استيداؼ ذات المقصد‪ ،‬كاضح أف ىذا الحدث النفسي ليس مؤذيان في ذاتو إذ ال يمزـ لتكافر الجريمة‬

‫فيو أف يتمخض عنو ضرر فعمي أك خطر منذر بالضرر‪ ،‬فاألذل أك خطر األذل محؿ اعتبار في الحكمة‬

‫الكامنة مف كراء التجريـ كليس الزمان كجكده بالفعؿ في السمكؾ محؿ التجريـ إذ يحكـ باإلدانة عمى صاحبو‬

‫استقبلال عف أم ضرر كعف أم خطر فعمي‪ ،‬بمعنى أف الخطر مفترض في جريمة االتفاؽ الجنائي‪.385‬‬

‫كيرل الباحث أف تدخؿ المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ بتجريـ االتفاؽ الجنائي‬

‫العاـ في الجنايات كالجنح‪ ،‬المنظـ كفقان ألحكاـ المكاد (‪ )34‬ك(‪ ،)35‬فيو تكسع كبير في نطاؽ التجريـ ال‬

‫تقتضيو ضركرة اجتماعية‪ ،‬فإذا كاف التدخؿ التشريعي بتجريـ االتفاؽ مف حيث ىك يقكـ عمى أساس مف‬

‫الضركرة االجتماعية التي تتمثؿ في القضاء عمى الجريمة كىي في بذكرىا األكلى بحيث ال ننتظر ريثما يقع‬

‫الضرر بالمصمحة المحمية‪ ،‬إال أف ىذا ال يعني البتة التكسع في نطاؽ النصكص التجريمية بدكف ضركرة‬

‫تقتضييا‪ ،‬فالضركرة تيقدر بقدرىا‪ ،‬كتبرز مظاىر طغياف النصكص التجريمية سالفة الذكر بشكؿ جمي في أنيا‬

‫لـ تستمزـ أف تككف الجريمة أك الجرائـ المتفؽ عمييا عمى درجة عالية مف الجسامة‪ ،‬بؿ قد يككف محؿ االتفاؽ‬

‫اقتراؼ أم جنحة ميما كانت قميمة األىمية في داللتيا اإلجرامية كىذا تكسع كبير في نطاؽ التجريـ ال‬

‫تقتضيو ضركرة اجتماعية ممجئة‪ ،‬بحيث كاف عمى المشرع أف يقصر تدخمو بالتجريـ كالعقاب عمى االتفاؽ‬

‫عمى ارتكاب الجنايات الكبرل‪ ،‬كذلؾ لمخطكرة الكبيرة ليذه الجرائـ كجسامتيا كلؤلىمية الكبرل لممصالح‬

‫‪385‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬الجرائـ المضرة بالمصمحة العمكمية‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪ ،‬ص‪.104 -103‬‬

‫‪187‬‬
‫المحمية فييا ‪ ،‬أما فيما يخص الجنح فكاف يتعيف عمى المشرع أف يجرـ االتفاؽ عمى بعض الجنح الجسيمة‬

‫بنصكص محددة في القسـ الخاص‪.‬‬

‫كحيث إف المشرع لـ يشترط لقياـ جريمة االتفاؽ الجنائي أف يككف مستم انر لمدة معينة أك أف يككف‬

‫عمى قدر مف التنظيـ‪ ،‬كأف يككف متبكعان بعمؿ مادم ُّ‬


‫يدؿ عميو؛ ليك طغياف كتكسع كبير في التجريـ ال‬

‫تقتضيو ضركرة مبررة‪ ،‬عبلكةن عمى أف المشرع ساكل في التجريـ بيف االتفاؽ الكارد عمى جناية أك جنحة كبيف‬

‫ذلؾ الكارد عمى جنايات أك جنح أك مجمكعة جرائـ مختمطة مف النكعيف معان‪ ،‬كمف ثـ فإف نطاؽ التجريـ جاء‬

‫كاسعان فضفاضان ال تقتضيو ضركرة اجتماعية مبررة‪ ،‬مما يجعؿ المكاد (‪ )34‬ك(‪ )35‬مف قانكف العقكبات رقـ‬

‫(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ مشكبة بعكار عدـ الدستكرية لمخالفتيا لمبدأ الشرعية الجنائية‪.‬‬

‫ككذلؾ فيما يخص أنكاع االتفاؽ الجنائي األخرل الكاردة في الفقرة (ك)‪ ،‬كالفقرة (ز) بالمادة (‪ )36‬مف‬

‫قانكف العقكبات سالؼ الذكر‪ ،‬يرل الباحث أف نطاؽ التجريـ بيا قد جاء كاسعان جدان ال تقتضيو ضركرة‬

‫اجتماعية‪ ،‬كيبرز ذلؾ بشكؿ جمي في أف المشرع جرـ االتفاؽ الذم ييدؼ إلى تحقيؽ غاية غير مشركعة‪،‬‬

‫ككذلؾ االتفاؽ الذم ييدؼ إلى تحقيؽ غاية مشركعة بكسائؿ غير مشركعة‪ ،‬كىذا يفضي إلى تضخـ كبير‬

‫في التجريـ كالعقاب بحيث أف كؿ اتفاؽ لتحقيؽ غاية غير مشركعة؛ سيضحي اتفاقان جنائيان ييعاقب عميو‪ ،‬بما‬

‫استتبع معو تحديد متى يككف االتفاؽ غير مشركعان‪ ،‬كىك ما سيأتي الباحث عمى تكضيحو تفصيبلن في‬

‫المبحث القادـ‪ ،‬كذلؾ مف خبلؿ بياف المقصكد بالغاية غير المشركعة فيما إذا كاف الفعؿ غير المشركع‬

‫"الفعؿ الضار" أـ المحؿ غير المشركع سكاء كاف فعبلن ضا انر أك غيره‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫كأيان كانت النتيجة‪ ،‬يرل الباحث أنو ال تكجد أم ضركرة اجتماعية تستدعي تجريـ االتفاؽ بيف‬

‫شخصيف أك أكثر إذا كاف اليدؼ منو ارتكاب فعؿ ضار‪ ،‬فالمسئكلية المدنية صحيح أنيا باألساس ال تقكـ‬

‫بمجرد االتفاؽ عمى ارتكاب فعؿ ضار‪ ،‬ألف قكاميا جبر الضرر‪ ،‬كطالما أف الضرر لـ يقع‪ ،‬فبل مسئكلية‬

‫مدنية‪ ،‬كلما كانت المسئكلية الجنائية تختمؼ عف المسئكلية المدنية‪ ،‬بحيث أنيا قد تجرـ مجرد تيديد المصمحة‬

‫بتعريضيا لمخطر‪ ،‬ككاف االتفاؽ عمى ارتكاب الفعؿ الضار ييعرض المصمحة المحمية لمخطر‪ ،‬إال أف ىذا ال‬

‫يعني البتة تجريـ كؿ حالة دالة عمى الخطر كعدـ االنتظار ريثما يقع الضرر‪ ،‬بؿ يتعيف أف يككف الخطر‬

‫المجرـ قانكنان‪ ،‬فالشارع ليس لو‬


‫جسيمان‪ ،‬كأف يككف الضرر المحتمؿ كقكعو مجرمان‪ ،‬كليس الضرر غير ي‬

‫صبلحية في تجريـ أم سمكؾ طالما كاف يعرض المصمحة المحمية لمخطر أيان كانت درجة ىذا األخير‬

‫كجسامتو‪.‬‬

‫حيث ييقدر الخطر بالنسبة إلى نتيجة إجرامية معينة لـ تحدث بعد‪ ،‬كليس حدكثيا مؤكدان‪ ،‬كانما ىك‬

‫محتمؿ‪ ،‬كعمى ذلؾ فإف الخطر بالنسبة لمنتيجة ىك احتماؿ حدكثيا فحسب كيتضح مف ذلؾ أف فكرة االحتماؿ‬

‫ىي جكىر الخطر‪ ،‬كىي الدافع الذم يسمح لممشرع التدخؿ بالحماية الجنائية لممصالح قبؿ أف يصيبيا‬

‫الضرر‪.386‬‬

‫كبالتالي فكرة االحتماؿ ىي المعيار لبياف تكافر حالة الخطر الجنائي‪ ،‬أما مجرد إمكانية حدكث‬

‫الضرر فبل يمكف لممنطؽ القانكني السميـ أف يتصكر كجكد تدخؿ تشريعي‪ ،‬مع التأكيد عمى أنو ال يكفي‬

‫محض إمكاف الضرر لمقكؿ بكجكد الخطر‪ ،‬بمعنى أنو ال يكفي أف يككف عامؿ ما صالحان إلحداث الضرر‬

‫في كقت ما غير قابؿ لمتحديد حتى يمكف القكؿ بأنو عامؿ خطر بؿ يمزـ العتباره كذلؾ أال تككف صبلحيتو‬

‫‪386‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬عبلقة السببية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.49‬‬

‫‪189‬‬
‫إلنتاج الضرر متكقفة عمى شرط لـ يتحقؽ بعد‪ ،‬كأف يككف منذ انر بحدكث الضرر فعبلن في كقت قريب قابؿ‬

‫لمتحديد‪ ،‬فجريمة الخطر آثار السمكؾ اإلجرامي فييا تمثؿ عدكانان محتمبلن عمى الحؽ أم مجرد التيديد‬

‫بالخطر‪ ،‬كيحدد الشارع حاالت الخطر التي يعتد بيا كفقان لسياستو في التجريـ‪ ،‬كيحرص الشارع عمى أف‬

‫يقتصر نطاؽ التجريـ عمى حاالت الخطر التي تمثؿ قد انر مف األىمية كتحمؿ طابع الشذكذ بالقياس إلى ما‬

‫تعارؼ الناس عميو‪ ،‬أما الخطر اليسير المألكؼ فبل يجرمو الشارع‪ ،‬إذ ىك مرتبط بالغالب مف مظاىر النشاط‬

‫اإلنساني‪ ،‬فقيادة السيارات كالطائرات تمثؿ قد انر مف الخطر‪ ،‬كلكنو خطر يسير مألكؼ‪ ،‬أما كضع النار في‬

‫عقار أك ترؾ طفؿ في مكاف خاؿ مف اآلدمييف فمنشئ خط انر كبي انر غير مألكؼ كلذلؾ يجرمو الشارع‪.387‬‬

‫كىك ما يثير التساؤؿ ىنا حكؿ ما إذا كاف االتفاؽ عمى ارتكاب فعؿ ضار‪ ،‬يشكؿ خط ارن جسيمان‬

‫بالفعؿ أـ ال؟‬

‫عرؼ المشرع الجزائي الخطر تاركان ذلؾ األمر لمفقو‪ ،‬حيث يعِّرؼ بأنو "حالة كاقعية أم مجمكعة‬
‫لـ يي ِّ‬

‫مف اآلثار ينشأ بيا احتماؿ حدكث اعتداء يناؿ الحؽ‪ ،‬كيقدر الخطر بالنسبة إلى نتيجة معينة لـ تحدث كليس‬

‫حدكثيا محققان كانما محتمؿ"‪ ،388‬ك ىعرفو آخر حالة تنذر بضرر يصيب شخصان أك بأمر غير مشركع كاف لـ‬

‫يكف ىناؾ ضر انر بشخص‪.389‬‬

‫‪387‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪،‬عبلقة السببية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.49 -48‬‬
‫‪388‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪،‬عبلقة السببية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪389‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬نظرية التجريـ في القانكف الجنائي‪ ،‬معيار سمطة العقاب تشريعان كتطبيقان‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1971،‬ص‪.108‬‬
‫سمير محمد ىندم‪ ،‬االشتباه كحرية المكاطف بيف الفقو اإلسبلمي كالقانكف الكضعي‪ ،‬رسالة دكتكراه مقدمة إلى كمية الحقكؽ بجامعة عيف شمس‪،1992 ،‬‬
‫ص‪ -210‬ص ‪. 213‬‬

‫‪190‬‬
‫كالخطر الجنائي إما أف يككف خط انر فعميان أك مفترضان‪ ،‬فأما الخطر الفعمي فيك الخطر الحاؿ كشيؾ‬

‫الكقكع الذم مف شأنو أف يؤدم إلى نتائج ضارة بصكرة مباشرة‪ ،‬كىذا النكع مف الخطر محدد في النمكذج‬

‫القانكني لمجريمة بالنظر إلى المحيط الكاقعي المادم لمجريمة ذاتيا‪ ،‬كىك عنصر مف عناصر السمكؾ المادم‬

‫في جرائـ الخطر‪ ،‬كاما أف يككف الخطر مفترضان كىذه الصكرة ما ىي إال تعبير عف إرادة المشرع‬

‫المفترضة‪ ،‬حتى في حالة عدـ كجكد خطر فعمي ييدد مصالح المجتمع كقيمو العميا‪ ،‬كتعد جريمة االتفاؽ‬

‫الجنائي مف جرائـ الخطر المفترض حيث أف العمة كراء افتراض الخطر مف قبؿ المشرع بحسب جانب مف‬

‫الفقو ترجع إلى جسامة السمكؾ المرتكب‪ ،‬مما يعني أف المشرع افترض في كؿ اتفاؽ جنائي أنو ينطكم عمى‬

‫الخطر حتى كاف لـ يكف ييعرض فعميان المصمحة المحمية لمخطر‪ ،390‬كبذلؾ يعد االتفاؽ الجنائي مف الجرائـ‬

‫االعتبارية الناشئة عف تجريـ الشارع لحاالت تنـ عف الشؾ كالريبة في احتماؿ اإلقداـ عمى ارتكاب الجريمة‪،‬‬

‫المحتمؿ‪ ،‬إلى إخضاع تمؾ الحاالت لمعقكبة‪.391‬‬


‫فيمجأ المشرع لمتحرز مف اإلجراـ ي‬

‫كاذا كاف االتفاؽ الكارد عمى الجنايات كالجنح الخطرة فيو ضركرة تستدعي تدخؿ المشرع بسبلح‬

‫التجريـ كالعقاب كافتراض الخطر بشأف ذلؾ االفتراض‪ ،‬فإف ىذا األمر ال ينطبؽ عمى االتفاؽ عمى ارتكاب‬

‫الفعؿ الضار عمكمان‪ ،‬حيث أنو كاف كاف يستساغ التدخؿ بتجريـ االتفاؽ عمى بعض األفعاؿ الضارة المحددة‬

‫حص انر كافتراض الخطر بشأنيا‪ ،‬فإف ال يستساغ التدخؿ بتجريـ كؿ اتفاؽ عمى ارتكاب فعؿ ضار النتفاء‬

‫الضركرة‪.‬‬

‫‪390‬‬
‫عباس عبدالرازؽ مجمي السعيدم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.249‬‬
‫‪391‬‬
‫عمي راشد‪ ،‬تخطيط السياسة الجنائية في نطاؽ الكظيفة االجتماعية‪ ،‬منشكرات المكتب العربي لمكافحة الجريمة‪ ،‬بغداد‪ ،1976،‬ص‪.9‬‬

‫‪191‬‬
‫كبذلؾ يككف تدخؿ المشرع في ىذه الحالة كفقان لما يراه الباحث يشكؿ إفراطان في التجريـ دكف ضركرة‬

‫اجتماعية‪ ،‬كبالتالي ييفاقـ مف مشكمة التضخـ التشريعي في المجاؿ الجنائي‪ ،‬كيشكؿ كسيمة لمعصؼ بالحقكؽ‬

‫كالحريات ك مدخبلن لحرماف المكاطنيف منيا بصكرة غير منطقية كعمى نحك يسكده التحكـ‪ .392‬ككذلؾ ليس مف‬

‫العدالة أف يتساكل في التجريـ كالعقاب الجناة المتفقكف عمى ارتكاب فعؿ ضار‪،‬كأكلئؾ المتفقكف عمى ارتكاب‬

‫جنحة‪.‬‬

‫أما إذا بحثنا عما إذا كاف ىناؾ ضركرة لتجريـ االتفاؽ عمى ارتكاب غاية مشركعة فيما إذا كاف‬

‫مراد الشارع بعدـ المشركعية‪ ،‬االتفاؽ عمى محؿ غير مشركع‪ ،‬فإف ذلؾ يستتبع أكالن تحديد متى يككف محؿ‬

‫االتفاؽ غير مشركع بالعكدة لمقانكف المدني الفمسطيني فإف محؿ االتفاؽ يككف غير مشركع‪ ،‬إذا كاف مخالفان‬
‫‪393‬‬
‫أك المخالؼ لكؿ قاعدة آمرة بشكؿ عاـ‪ ،‬مما يعني أف كؿ اتفاؽ يرد عمى‬ ‫لمنظاـ العاـ أك اآلداب العامة‬

‫محؿ مخالؼ لمنظاـ العاـ أك اآلداب العامة‪ ،‬فإنو معاقب عميو بالحبس مدة سنتيف كفقان ألحكاـ المادة (‪)36‬‬

‫مف قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪.‬‬

‫كيرل الباحث إف كانت بعض االتفاقات المدنية تستدعي تجريميا لخطكرتيا كلككف مكضكعيا‬

‫ارتكاب جنايات أك جنح‪ ،‬كىذا فيو مخالفة لمنظاـ العاـ‪ ،‬باعتبار أف قكاعد القانكف الجنائي مف النظاـ العاـ‬

‫داخؿ المجتمع نظ انر لتعمقيا بحفظ النظاـ كاألمف داخؿ المجتمع‪ ،‬فإف ىذا ال يعني فتح الباب عمى مصراعيو‬

‫كجعؿ كؿ اتفاؽ مخالؼ لمنظاـ العاـ أك اآلداب العامة مشركع‪ ،‬ألف ىكذا مسمؾ يفضي إلى تضخـ في‬

‫التجريـ ال تقتضيو أم ضركرة اجتماعية‪.‬‬

‫‪392‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.154‬‬
‫‪393‬‬
‫بل)‪.‬‬
‫تنص المادة(‪ )131‬مف القانكف المدني الفمسطيني عمى‪(:‬إذا كاف محؿ االلتزاـ مخالفان لمنظاـ العاـ أك اآلداب كاف العقد باط ن‬

‫‪192‬‬
‫حيث ينبغي االنتباه إلى أف النظاـ العاـ كاآلداب العامة ‪ ،‬فكرة مرنة كنسبية كمتطكرة‪ ،‬فيي تختمؼ‬

‫مف مجتمع آلخر كمف عصر آلخر كفقان لؤلفكار السائدة في المجتمع‪ ،‬فما يعتبر مخالفان لمنظاـ العاـ كاآلداب‬

‫العامة في مجتمع معيف قد ال يعتبر كذلؾ في مجتمع آخر‪ ،‬كما يعتبر اليكـ مخالفان لمنظاـ العاـ كاآلداب‬

‫العامة قد ال يعتبر كذلؾ في المستقبؿ‪ ،‬كىكذا يتضح أف فكرة النظاـ العاـ كاآلداب العامة تختمؼ مف مكاف‬

‫آلخر كمف زماف آلخر تبعان لؤلفكار المعتنقة في المجتمع كما أف لبلعتبارات الدينية تأثيرىا الكاضح في ىذا‬

‫المجاؿ‪.394‬‬

‫كيرل الباحث أنو بناء عمى النتيجة السابقة؛ فإف أم اتفاؽ مدني كارد عمى محؿ مخالؼ ألم قاعدة‬

‫قانكنية متعمقة بالنظاـ العاـ‪ ،‬في أم فرع مف فركع القانكف العاـ أك الخاص‪ ،‬سيعتبر اتفاقان جنائيان معاقب عميو‬

‫بالحبس لمدة سنتيف‪ ،‬كتطبيقان لذلؾ‪ ،‬كعمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر‪ ،‬فإف اتفاؽ المرشح مع الناخب عمى أف‬

‫يدلى األخير لؤلكؿ بصكتو‪ ،‬كاتفاؽ شخص مع آخر عمى أف يتنازؿ لو عف حريتو الشخصية‪ ،‬كاتفاؽ مكظؼ‬

‫عاـ مع زميمو عمى أف يحؿ مكانو في غيابو‪ ،‬كاتفاؽ البائع مع الغير عمى اإلضرار بمنافسو‪ ،‬كاتفاؽ الكرثة‬

‫الذككر عمى حرماف اإلناث مف الميراث‪ ،‬كاتفاؽ رب العمؿ مع العامؿ عمى االنتقاص مف حقكقو المكفكلة‬

‫بمكجب قانكف العمؿ‪ ،‬كاالتفاؽ عمى بيع بيت لمبغاء‪ ،‬كميا تعد اتفاقات باطمة بطبلنان مطمقان إعماالن ألحكاـ‬

‫‪395‬‬
‫المادة (‪ )131‬مف القانكف المدني الفمسطيني ‪ ،‬كمصيرىا ال يتكقؼ عند ىذا الجزاء المدني‪ ،‬بؿ إنيا أيضان‬

‫تيشكؿ جريمة جنائية يعاقب عمييا القانكف كيعاقب عمييا جنائيان بالحبس مدة سنتيف‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫إياد محمد إبراىيـ جاد الحؽ‪ ،‬النظرية العامة لبللتزاـ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار المنارة‪ ،2011 ،‬ص‪ .205‬يكسؼ مصطفى رسكؿ‪ ،‬التكازف في اإلجراءات‬
‫الجزائية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.144‬‬
‫‪395‬‬
‫بل)‪.‬‬
‫تنص المادة (‪ )131‬مف القانكف المدني الفمسطيني عمى‪( :‬إذا كاف محؿ االلتزاـ مخالفان لمنظاـ العاـ أك اآلداب كاف العقد باط ن‬

‫‪193‬‬
‫ككجو انعداـ ضركرة التجريـ ىنا تكمف في أف االتفاؽ الذم يككف محمو مخالفان لمنظاـ العاـ كاآلداب‬

‫العامة رتب الشارع المدني عميو جزاء متناسبان يتمثؿ بصيركرة االتفاؽ باطبلن بطبلنان مطمقان‪ ،‬كىك جزاء و‬
‫كاؼ‬ ‫ن‬

‫لتكفير الحماية الكافية لممصمحة المحمية‪ ،‬كبالتالي لـ تكف ىناؾ أم ضركرة اجتماعية تستدعي تدخؿ المشرع‬

‫الجنائي لفرض الحماية الجنائية لمنظاـ العاـ كاآلداب العامة عمكمان عمى النحك المكسع السابؽ إيضاحو‬

‫أعبله‪ ،‬طالما أف االتفاؽ ال يخالؼ النظاـ العاـ كاآلداب العامة فيما يتعمؽ بقكاعد القانكف الجنائي‪.‬‬

‫فالقانكف الجنائي يكفر الحماية الكافية لمقيـ كالمبادئ العميا في المجتمع سكاء كانت ىذه القيـ‬

‫كالمبادئ جديرة بالحماية لذاتيا أـ اعتبرىا المشرع كذلؾ حسب تقديره ألىميتيا بناء عمى عدة اعتبارات يقدرىا‬

‫ىك‪ ،‬كلكف كؿ ذلؾ محككـ بضابط الضركرة بأف تبمغ ىذه القيـ كالمصالح حدان يبرر عدـ االكتفاء بالحماية‬

‫المقرر في فركع القانكف األخرل‪.396‬‬

‫كبذلؾ يككف تدخؿ المشرع في ىذه الحالة كفقان لما يراه الباحث يشكؿ إفراطان في التجريـ دكف ضركرة‬

‫اجتماعية‪ ،‬كىك ما ييفاقـ مف مشكمة التضخـ التشريعي في المجاؿ الجنائي‪ ،‬كيشكؿ كسيمة لمعصؼ بالحقكؽ‬

‫كالحريات كمدخبلن لحرماف المكاطنيف منيا بصكرة غير منطقية كعمى نحك يسكده التحكـ‪.397‬‬

‫كبما أف المشرع أقدـ عمى إحداث عدـ تناسب ظاىر ال يتفؽ مع األىداؼ كالمقاصد التي استيدفيا‬

‫الدستكر مف كراء حماية الحقكؽ كالحريات كسائر القيـ التي ينص عمييا؛ تيعرض لمقضاء بعدـ دستكرية‬

‫القاعدة التي أخمت بضكابط الضركرة كالتناسب المطمكب‪ ،‬فالسمطة التقديرية لممشرع في تحديد الضركرة‬

‫‪396‬‬
‫سميماف عبدالمنعـ‪ ،‬النظرية العامة لقانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ 14‬كص‪.15‬‬
‫‪397‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.154‬‬

‫‪194‬‬
‫كالتناسب في التجريـ كالعقاب ليست مطمقة‪ ،‬كانما تحدىا الغايات التي استيدؼ الدستكر تحقيقيا‪ ،‬ألف السمطة‬

‫التشريعية ال تمارس اختصاصيا إال في حدكد الدستكر‪.398‬‬

‫لما كاف الباحث قد خمص إلى أف اليدؼ مف تجريـ االتفاؽ الجنائي العاـ ىك القضاء عمى الجريمة‬

‫كىي في بذكرىا األكلى‪ ،‬أم القضاء عمى الخطر الذم ييدد المصمحة المحمية كعدـ االنتظار ريثما يمحؽ بيا‬

‫الضرر‪ ،‬ككاف الخطر ىك الباعث عمى تجريـ الشركع‪ ،‬فيك العمة العامة ليذا التجريـ‪ ،‬كمف فكرتو يستمد‬

‫معيار "البدء في التنفيذ"‪ ،‬كضابط التمييز بينو كبيف "العمؿ التحضيرم"‪ ،399‬ككانت السياسة التي اتبعيا‬

‫المشرع الجزائي فيما يتعمؽ بتجريـ الشركع كفيمة بتحقيؽ ىذا اليدؼ‪ ،‬باعتبار أنو إذا قمنا بإلغاء النصكص‬

‫التي تيجرـ االتفاؽ الجنائي العاـ في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬فإف االتفاؽ الجنائي عمى‬

‫ارتكاب جناية أك جنحة سيدخؿ ضمف نطاؽ الشركع المعاقب عميو بمكجب نص المادة (‪ )30‬مف قانكف‬

‫العقكبات‪.‬‬

‫كذلؾ في حاؿ أخذنا بالرأم الفقيي الذم يذىب كبحؽ إلى أف المشرع فيما يتعمؽ بتحديده لمفيكـ الشركع‪ ،‬قد‬

‫اعتنؽ أفكار المذىب الشخصي‪ ،‬بحيث يدخؿ في نطاقو كؿ فعؿ يتعدل مرحمة التفكير كالعزـ كيظير إلى‬

‫الكجكد كال يشترط أف يدخؿ ضمف الركف المادم لمجريمة‪ ،‬كما ال يشترط أف يككف فعبلن تنفيذيان يسبؽ السمكؾ‬

‫المككف لمركف المادم لمجريمة‪ ،‬بما يعني أنو فتح الباب عمى مصراعيو لدخكؿ األعماؿ التحضيرية في مفيكـ‬

‫األفعاؿ الظاىرة‪ ،‬ألنيا تككف قد ظيرت مف خبلؿ الفعؿ كتعدت مرحمة التفكير كىي بداية تنفيذ النية‪.400‬‬

‫‪398‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪399‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬عبلقة السبيبة في قانكف العقكبات‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪400‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪195‬‬
‫ملبرث يثاْ‪ٞ‬‬

‫يصل يصهً‪ ٞ‬ملبلأ يص ع‪١ٝ‬‬ ‫َ طًبا‬

‫جاء مبدأ الشرعية الجنائية لكي يحقؽ ىدفيف ميميف أكليما‪ :‬استئثار المشرع كحده بمسائؿ الحقكؽ‬

‫كالحريات‪ ،‬كثانييما‪ :‬أف ييحيط الناس عممان بالتجريـ كالعقاب كما قد يتيدد حرياتيـ قبؿ إتياف أم فعؿ يعرضيـ‬

‫لذلؾ‪ ،‬كىك ما أسماه الباحث الشؽ الشكمي لمبدأ الشرعية الجنائي‪ ،‬بحيث يستمزـ تكفر صفات خاصة في‬

‫نصكص التجريـ كالعقاب‪ ،‬تكفؿ رسـ الحدكد الفاصمة بيف أنماط السمكؾ الغير مشركع كبيف كؿ ما عداىا‬

‫مف سمكؾ مشركع ‪ ،‬بحيث تككف كاضحة جمية ال يعترييا أم غمكض أك لبس أك تجييؿ‪ ،‬كىك ما يعبر عنو‬

‫باليقيف الجنائي‪ ،‬كعمى ىدل ذلؾ سيتناكؿ الباحث في ىذا المبحث‪ ،‬بياف مدل تقيد الشارع الجنائي بمتطمبات‬

‫الشؽ الشكمي لمبدأ الشرعية الجنائية فيما يتعمؽ بجريمة االتفاؽ الجنائي كذلؾ مف خبلؿ المطالب اآلتية‪:‬‬

‫ملطًب ‪ :ٍٚ‬ي‪ٝ‬كني جلٓائ‪ٞ‬‬

‫ملطًب يثاْ‪َ :ٞ‬بلأ ي‪ٝ‬كني ‪ ٚ‬التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫‪196‬‬
‫ملطًب ‪ٍٚ‬‬

‫ي‪ٝ‬كني جلٓائ‪ٞ‬‬

‫مف حؽ األشخاص المخاطبيف بالقانكف الجنائي أف يككنكا عمى عمـ باألفعاؿ المجرمة مف خبلؿ نصكص‬

‫كاضحة جمية ال لبس أك غمكض فييا‪ ،‬كذلؾ إعماالن لمبدأ الشرعية الجنائية‪ ،‬كبناء عميو سيتـ بياف كؿ مف‬

‫مدلكؿ اليقيف الجنائي بإيجاز‪ ،‬ثـ االنتقاؿ لبياف الصفات الخاصة التي بدكنيا ال يتحقؽ اليقيف الجنائي‪.‬‬

‫يف ع ‪ٍٚ‬‬

‫َلي‪ ٍٛ‬ي‪ٝ‬كني جلٓائ‪ٞ‬‬

‫بعد بزكغ مبدأ الشرعية الجنائية بات مف حؽ األشخاص المخاطبيف بالقانكف الجنائي أف يككنكا عمى‬

‫بصرىـ القانكف مف خبلؿ نصكص محددة ال‬


‫عمـ باألفعاؿ المجرمة مف خبلؿ نصكص كاضحة جمية‪ ،‬بحيث يي ٌ‬

‫لبس أك غمكض فييا لكؿ ما ىك مشركع أك غير مشركع قبؿ اإلقداـ عمى مباشرتيا‪ ،‬كىك ما يعني أف مبدأ‬

‫الشرعية الجنائية غير مختزؿ في مجرد صدكر القكاعد الجنائية بإرادة الشعب مف خبلؿ التشريع‪ ،‬كانما أيضان‪،‬‬

‫كبذات األىمية كالدقة‪ ،‬ال بد أف يككف المخاطبكف بيذه القكاعد عمى كعي كادراؾ كاحاطة بيذه القكاعد قبؿ‬

‫اإلقداـ عمى تطبيقيا عمييـ‪ ،‬كذلؾ بالنظر إلى ما تنطكم عميو مف مساس بالحرية الشخصية كغيرىا مف‬

‫الحقكؽ كالحريات سكاء عف طريؽ التجريـ كالعقاب أك عف طريؽ اإلجراءات الجنائية‪ ،401‬كحتى ال يككف‬

‫ألحد عذر بعد اإلنذار تحقيقان لمعدالة كتبلفيان لممباغتة كالتعسؼ‪.402‬‬

‫‪401‬‬
‫زحؿ محمد األميف‪ ،‬مبدأ الشرعية الدستكرم كالدكلي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .82‬العشبي قكيدر‪ ،‬المكازنة بيف العقكبة كالعفك‪ ،‬دراسة مقارنة بيف التشريع‬
‫اإلسبلمي ك التشريعي الكضعي‪ ،‬جامعة كىراف‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص‪.30‬‬
‫‪402‬‬
‫محمد بف المدني بكساؽ‪ ،‬اتجاىات السياسة الجنائية المعاصرة كالشريعة اإلسبلمية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.32‬‬

‫‪197‬‬
‫حيث جاء مبدأ الشرعية الجنائية لكي يحقؽ ىدفيف ميميف أكليما‪ :‬استئثار المشرع كحده بمسائؿ‬

‫الحقكؽ كالحريات‪ ،‬كثانييما‪ :‬أف يحيط الناس عمما بالتجريـ كالعقاب كما قد يتيدد حرياتيـ قبؿ إتياف أم فعؿ‬

‫يعرضيـ لذلؾ‪ ،‬كىك ما يسمى باليقيف القانكني الجنائي كالذم يتحقؽ بأف يعرؼ المخاطبكف بالقانكف سمفان‬

‫ماىية األكامر كالنكاىي التي ينص عمييا كالجزاءات التي قد يتعرضكف ليا عند مخالفتيا‪ ،‬كىك ما يقتضي‬

‫صفات خاصة في النصكص الجنائية كفي تفسيرىا كفي نطاؽ تطبيقيا‪ ،‬لغاية الحفاظ عمى األمف القانكني في‬

‫الدكلة‪.403‬‬

‫ككذلؾ يعد اليقيف الجنائي فرعان مف أصؿ عاـ كىك األمف القانكني الذم يعد مف المبادئ المركبة التي‬

‫كنظر لككنو عنص انر أساسيان في الحماية التي تحققيا سيادة‬


‫ان‬ ‫تتحد فيو مجمكعة مف المبادئ القانكنية األخرل‪،‬‬

‫القانكف‪ ،‬فإنو يخاطب جميع سمطات الدكلة‪ ،‬كبالنسبة لمسمطة التشريعية‪ ،‬فإف مبدأ األمف القانكني يفترض‬

‫تحقيؽ اليقيف القانكني القائـ عمى كضكح النصكص القانكنية‪ ،‬كنطاؽ تطبيؽ القانكف مف حيث الزماف‪،‬‬

‫باعتبار أف سيادة القانكف التي تسمك في الدكلة القانكنية تتطمب أف يتحقؽ االستقرار في تطبيؽ القكاعد‬

‫القانكنية فيما يتعمؽ باحتراـ الحقكؽ كالحريات‪ ،‬فبل معنى لسيادة القانكف ما لـ يتحقؽ الشعكر بيذا االستقرار‬

‫لدل المخاطبيف بالقانكف باعتبار أف تنظيـ العبلقات القانكنية مف كظائؼ القانكف‪ ،‬فاىتزاز االستقرار في‬

‫العبلقات القانكنية يؤدم بالتبعية إلى اىتزاز صكرة القانكف في أعيف المخاطبيف بو‪ ،‬كليذا كاف ألمف القانكني‬

‫أحد العناصر األساسية في الدكلة القانكنية‪ ،‬كاذا كانت سيادة القانكف ضمانان لحماية الحقكؽ كالحريات‪ ،‬فإف‬

‫األمف القانكني يبدك أحد العناصر األساسية ليذه الحماية‪ ،‬كييدؼ األمف القانكني إلى حماية النظاـ القانكني‬

‫بأسره‪ ،‬كيقكـ ىذا األمف القانكني عمى عدة عناصر تبدك أىميا في التكازف بيف الحقكؽ كالحريات التي يحمييا‬

‫‪403‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .83‬مأمكف جميؿ أحمد مصطفى‪ ،‬انحسار مبدأ الشرعية الجنائية‪ ،‬جامعة‬
‫القدس‪ ،2015،‬ص‪.8‬‬

‫‪198‬‬
‫القانكف مف خبلؿ معيار التناسب بيف مختمؼ القيـ التي يحمييا الدستكر‪ ،‬كفي اليقيف القانكني الذم يتطمب‬

‫الكضكح في النصكص الجنائية‪ ،‬كفي عدـ رجعية قانكف العقكبات‪ ،‬كىنا يتكلد الشعكر بمصداقية ىذه‬

‫النصكص لدل المخاطبيف بيا‪ ،‬سكاء مف خبلؿ كضكح معناىا أك مف خبلؿ سريانيا بأثر فكرم‪ ،‬فعبر ىذا‬

‫‪404‬‬
‫اليقيف تتكلد الثقة في القانكف كيعـ االستقرار‪.‬‬

‫كيفترض األمف القانكني بطبيعة الحاؿ التزاـ الدكلة بضماف العمـ بالقانكف لدل المخاطبيف بو‪،‬‬

‫باعتباره قيمة دستكرية في حد ذاتيا تنبع مف مبدأ المساكاة أماـ القانكف‪ ،‬فجكىر األمف القانكني ىك عدـ‬

‫المباغتة في سف النصكص القانكنية أيان كانت صكرىا‪ ،‬بحيث يتمكف األشخاص مف التصرؼ باطمئناف عمى‬

‫ىدل مف القكاعد كاألنظمة القانكنية القائمة كقت قياميا بإعماليا كترتيب أكضاعيا عمى ضكء منيا‪ ،‬دكف‬

‫التعرض لمفاجآت صادرة مف السمطات العامة يككف مف شأنيا زعزعة ىذه الطمأنينة أك العصؼ بيذا‬

‫االستقرار‪.405‬‬

‫فيذه المساكاة يمكف أف تقؿ فاعميتيا إذا لـ يكفؿ لممكاطنيف عمـ كاؼ بالقكاعد القانكنية المطبقة‬

‫عمييـ‪ ،‬كمف ثـ فإف ىذا العمـ يعتبر أم انر ضركريان لممارسة الحقكؽ كالحريات التي يحمييا الدستكر‪ ،‬كيكمؿ‬

‫مبدأ عدـ جكاز االعتذار بالجيؿ بالقانكف يكممو التزاـ الدكلة بكفالة العمـ بو‪ ،‬كأف التزاـ األفراد بالعمـ بالقانكف‬

‫ي نبع مف الناحية الدستكرية مف كاجب السمطة العامة في ضماف العمـ بالقانكف‪ ،‬كعمى ىذا النحك فإف الحقكؽ‬

‫كالحريات ال تجد حمايتيا فقط مف خبلؿ مضمكف القكاعد القانكنية كانما يتعيف كذلؾ أف تجد ىذه الحماية مف‬

‫‪404‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.85-84‬‬
‫‪405‬‬
‫عباس عبدالرازؽ مجمي السعيدم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.105-104‬‬

‫‪199‬‬
‫خبلؿ تكفير السبؿ الفعالة لمعمـ بالقانكف‪ ،‬كمف ثـ فإف األمف القانكني يفرض عمى النظاـ القانكني أف تتكافر‬

‫فيو قدرة تمقائية عمى كفالة العمـ بالقانكف لممخاطبيف بو‪.406‬‬

‫كقد اعتبرت المحكمة الدستكرية العميا في فمسطيف اليقيف الجنائي أحد أركاف العدالة الجنائية التي‬

‫يتعيف ضمانيا مف خبلؿ قكاعد محددة تحديدان دقيقان كمنصفان يتقرر عمى ضكئيا ما إذا كاف المتيـ مدانان أك‬

‫بريئان‪ ،407‬كتطبيقان لذلؾ فإف المحكمة الدستكرية العميا في مصر اعتبرت عدـ نشر خريطة تبيف مكاقع المكاف‬

‫(حدكد المحميات الطبيعية) التي يتكقؼ عمييا تطبيؽ النصكص العقابية التي تجرـ االعتداء عمى ىذا‬

‫المكاف‪ ،‬مؤدياى إلى افتقار ىذه النصكص خاصية التعييف كالكضكح التي يجب أف تتمتع بيا نصكص‬

‫التجريـ‪.408‬‬

‫كلما كاف الدستكر ىك الذم يكفؿ حماية الحقكؽ كالحريات فإف تصحيح العكار الدستكرم لمقكاعد‬

‫التشريعية مف خبلؿ الرقابة عمى دستكرية القكانيف يسيـ في تحقيؽ األمف القانكني الدستكرم‪ ،‬دعمان الستقرار‬

‫العبلقات القانكنية في اإلطار الذم يتطمبو الدستكر‪.409‬‬

‫‪406‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية الفمسطينية العميا في الدعكل رقـ ‪ 5‬لسنة ‪ ،2017‬القضية رقـ (‪ )8‬لسنة (‪ )3‬قضائية‪ ،‬الكقائع الفمسطينية‪ ،‬العدد ‪ ،149‬ص‬
‫‪407‬‬

‫‪.160‬‬

‫‪408‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا بمصر‪ ،‬جمسة ‪ 1‬أكتكبر سنة ‪1994‬ـ القضية رقـ‪ ،20‬لسنة ‪ 15‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/7/16 :‬الساعة‪10:18 :‬‬

‫‪409‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.86‬‬

‫‪200‬‬
‫يف ع يثاْ‪ٞ‬‬

‫خلاص‪ ١‬يف يٓص‪ٛ‬ص جلٓائ‪١ٝ‬‬ ‫يصفا‬

‫تتطمب الشرعية الجنائية أف تستكفي نصكص التجريـ كالعقاب كاإلجراءات الجنائية خصائص معينة‪،‬‬

‫بدكنيا ال يتحقؽ اليقيف القانكني الجنائي‪ ،‬فيجب أف تككف ىذه النصكص مكتكبة‪ ،‬كاضحة محددة‪ ،‬تتكامؿ مع‬

‫سائر النصكص التي تضع القكاعد العامة سكاء في مجاؿ التجريـ كالعقاب‪ ،‬أك في مجاؿ اإلجراءات الجنائية‪،‬‬

‫كفيما يمي استعراض مكجز ليذه الخصائص‪:‬‬

‫أكالن‪ :‬أف تككف النصكص مكتكبة‪:‬‬

‫ىذا الشرط مستخمص بداىةن مف كجكب أف يككف التشريع مصد انر لمقكاعد الجنائية‪ ،‬كتقتضي فكرة‬

‫الشرعية الجنائية ىذا الشرط ألنيا تتطمب أف يككف المخاطبكف بالقكاعد الجنائية عالميف بيا سمفان‪ ،‬ىذا فضبلن‬

‫عما يكفره ىذا الشرط مف استقرار في المفاىيـ لتأكيد عمـ الناس باألكامر كالنكاىي التي تعبر عنيا ىذه‬

‫القاعدة‪ ،‬كبناء عمى ذلؾ؛ ال يصمح العرؼ كال العادة مصدر لمتجريـ كالعقاب‪ ،‬كمع ذلؾ فإف قانكف العقكبات‬

‫يعتمد في تحديد النمكذج القانكني لمجريمة عمى قكاعد غير جنائية‪ ،‬مثؿ تمؾ التي ترد في القانكف المدني‬

‫بالنسبة لعقكد األمانة في جريمة خيانة األمانة‪ ،‬كالقانكف التجارم بالنسبة إلى الشيؾ كاإلفبلس في الجرائـ‬

‫المراد بالبضائع محؿ الغش‪ ،‬بؿ لتحديد‬


‫المتعمقة بيما‪ ،‬كقد يتطمب األمر الرجكع إلى عمكـ غير قانكنية لتحديد ي‬

‫معنى الغش في حد ذاتو‪ ،‬كفي ىذا الصدد قد تتمثؿ القكاعد غير الجنائية في العرؼ‪ ،‬كىنا يقتصر دكر‬

‫العرؼ بكصفو قاعدة غير مكتكبة عمى تحديد المركز القانكني الذم يحميو قانكف العقكبات‪ ،‬دكف أف يككف‬

‫العرؼ ذاتو مصد انر لمتجريـ كالعقاب‪ ،‬كمف ناحية أخرل فإف مبدأ الشرعية الجنائية ال يحكؿ دكف االقتصار‬

‫‪201‬‬
‫عمى تحديد العقكبة تحديدان كامبلن كيحيؿ في تحديد بعض جكانب التجريـ إلى نصكص أخرل كفي ىذه الحالة‬

‫يطمؽ عمى ىذا النص أف تضمف قاعدة عمى بياض‪.410‬‬

‫ثانيان‪ :‬تكامؿ النصكص الجنائية مع القكاعد العامة‪:‬‬

‫تمعب القكاعد العامة في قانكني العقكبات كاإلجراءات الجنائية دك انر ميمان في تحديد الشرعية الجنائية‪،‬‬

‫فبل يقتصر ىذا المضمكف عمى ما يرد في النصكص الجنائية بعيدان عما تحدده القكاعد العامة التي تحكـ‬

‫النصكص‪ ،‬فيذه القكاعد العامة تعمؿ عمى تكضيح أك تكممة النصكص التشريعية كاعطائيا معناىا المتكامؿ‪،‬‬

‫كضماف التطبيؽ العاـ لمحقكؽ كالحريات‪ ،‬التي تتضمنيا النصكص التشريعية أك الدستكرية‪ ،‬سكاء صراحةن أك‬

‫ضمنان‪ ،‬كعمى ىذا النحك فإف القكاعد العامة تبدك الزمة مف حيث ضماف استم اررية كتماسؾ النظاـ القانكني‬

‫الجنائي‪ ،‬كتناؿ ىذه القكاعد ذات القيمة القانكنية التي تناليا نصكص القانكف‪ ،‬كليذا فإف مخالفتيا أك الخطأ‬

‫في تطبيقيا أك تأكيميا يجعؿ الحكـ معرضان لمنقض‪.‬‬

‫كلعؿ أىـ ما تؤكده القكاعد العامة في قانكف العقكبات يبدك في تحديد أسباب اإلباحة‪ ،‬كشخصية‬

‫المسئكلية كالعقكبة‪ ،‬كحدكد السمطة التقديرية لمقاضي إذا ما رأم تخفيؼ العقكبة‪ ،‬باإلضافة إلى غير ذلؾ مف‬

‫األحكاـ العامة التي يضيفيا المشرع في حدكد سمطتو التقديرية‪ ،‬سكاء مف حيث تطبيؽ القانكف مف حيث‬

‫المكاف أك مف حيث المساىمة الجنائية أك أركاف الجريمة‪ ،‬كمف المؤكد أف ما يرد في القكاعد العامة بشأف‬

‫أسباب اإلباحة ليس قيدان عمى التجريـ‪ ،‬ألف األصؿ في األفعاؿ اإلباحة‪ ،‬كألف األصؿ في اإلنساف البراءة‪،‬‬

‫كألف اإلنساف يممؾ حقان في الحرية الشخصية‪ ،‬كما يرد مف قكاعد التجريـ كالعقاب إنما يأتي عمى سبيؿ‬

‫‪410‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.90 -89‬‬

‫‪202‬‬
‫االستثناء الذم تتطمبو المكازنة بيف حماية الحقكؽ كالحريات كحماية المصمحة العامة‪ ،‬كبعبارة أخرل فإف‬

‫القكاعد المبيحة ىي األصؿ كقكاعد التجريـ كالعقاب ىي االستثناء‪.411‬‬

‫ثالثان‪ :‬أف تككف النصكص كاضحة محددة‪:‬‬

‫إف قيمة القاعدة القانكنية عامةن كالجزائيةن خاصة تتناسب مع مدل استيعابيا لعكامؿ التحريؾ في‬

‫الكاقع االجتماعي مما يستمزـ إقامة النصكص عمى أرضية الكاقع‪ ،412‬كيجب عمى كاضع الصياغة التشريعية‬

‫الميؿ إلى تحقيؽ الدقة كالكضكح‪ ،‬كاإلحاطة بكؿ جكانب المعنى‪ ،‬كاتباع التقاليد المكركثة عف تقاليد المغة‬

‫القانكنية سكاء مف حيث الشكؿ أك المضمكف‪ ،413‬فمغة التشريع يجب أف تككف كاضحة دقيقة‪ ،‬فالمغة المعقدة‬

‫تجعؿ القانكف مغمقان مبيمان‪ ،‬فالتشريع كضع ليخاطب الناس جميعان عمى اختبلؼ مداركيـ كثقافاتيـ كأفيماىـ‪،‬‬

‫كلذلؾ كاف مف الكاجب أف يتخير الشارع العبارة الكاضحة الدقيقة التي يفيميا كؿ الناس‪.414‬‬

‫كتكتسب ىذه الصفات أىمية كبيرة في القانكف الجنائي ذلؾ أف ىذا القانكف يسكده مبدأ شرعية الجرائـ‬

‫كالعقكبات الذم يكجب أف تتصؼ نصكص التجريـ بالكضكح كأف تبعد عف الغمكض كااللتباس‪ ،‬فبل يكفي أف‬

‫ينص الشارع عمى تجريـ فعؿ معيف؛ كانما يجب أف يككف ىذا الفعؿ كاضح العناصر عمى نحك يكفؿ التحديد‬

‫‪411‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .97- 96‬سامي جماؿ الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪412‬‬
‫جاسـ العبكدم‪ ،‬التجريـ كالعقاب في إطار الكاقع االجتماعي‪ ،‬دار الحكمة لمطباعة كالنشر‪ ،‬أربيؿ‪ ،1990 ،‬ص‪.157‬‬
‫‪413‬‬
‫محمكد محمد عمي صبرة أصكؿ الصياغة القانكنية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الكتب القانكنية‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪414‬‬
‫أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬الضكابط الدستكرية لنصكص التجريـ كالعقاب‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪203‬‬
‫الدقيؽ لماىيتو‪ ،‬أما النص عمى تجريـ سمكؾ يشكب تحديده اإلبياـ ك الغمكض فإنو يككف غير صالح لمتجريـ‬

‫لمنافاتو مبدأ شرعية الجرائـ كالعقكبات‪ ،‬ك مشكبان بعكار عدـ الدستكرية‪.415‬‬

‫يتجمى انفراد السمطة التشريعية بالتشريع في مبدأ الكضكح كالتحديد في النصكص التشريعية‪ ،‬فكفقان‬

‫ليذا المبدأ يجب أف يعبر المشرع الجنائي عف السمكؾ المعاقب عميو بطريقة كاضحة محددة بعيدان عف‬

‫الغمكض‪ ،‬فاليدؼ مف مبدأ الشرعية ىك ضماف إخطار الجميكر بما يعد جريمة كبالعقاب المترتب عمييا‬

‫كبال قيكد الكاردة عمى الحرية‪ ،‬كىك يستمزـ كضكح قصد الشارع الجنائي‪ ،‬كيستند ىذا الشرط إلى ثبلثة‬

‫مبادئ دستكرية‪ ،‬أكليا انفراد السمطة التشريعية بالتشريع‪ ،‬كىك ما يرتبط بالنظاـ الديمقراطي القائـ عمى سمطة‬

‫البرلماف في التشريع‪ ،‬كعدـ التنازؿ عنيا لمسمطة القضائية في تحديد معاني النصكص الغامضة إعماالن لمبدأ‬

‫الفصؿ بيف السمطات‪ ،‬كثانييا كجكب أف يعمـ بالقانكف المخاطبكف بو‪ ،‬كىك ما يتطمب الكضكح في النصكص‬

‫حتى تحقؽ الثقة المشركعة في القانكف‪ ،‬التي يتكافر بيا األمف القانكني‪ ،‬كثالثيا احتراـ مبدأ المساكاة أماـ‬

‫القانكف‪ ،‬فبل يستقيـ أف يعمـ القانكف مجرد العامميف في حقمو كرجاؿ القانكف المتخصصيف في عممو كفنو‪،416‬‬

‫كقد عبرت المحكمة الدستكرية العميا بمصر عف ىذا المبدأ في قكليا بأنو ال يسكغ لممشرع أف يجعؿ مف‬

‫نصكصو العقابية شباكان أك شراكان يمقييا ليتصيد باتساعيا أك بخفائيا مف يقعكف تحتيا أك يخطئكف‬

‫مكاقعيا‪.417‬‬

‫‪415‬‬
‫أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬الضكابط الدستكرية لنصكص التجريـ كالعقاب‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪416‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .92-91‬سامي جماؿ الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ .213‬مأمكف جميؿ أحمد‬
‫مصطفى‪ ،‬انحسار مبدأ الشرعية الجنائية‪ ،‬جامعة القدس‪ ،2015 ،‬ص‪.17‬‬
‫‪417‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا المصرية‪ ،‬جمسة ‪ 2‬يكنيك لسنة ‪2001‬ـ‪ ،‬القضية ‪ 114‬لسنة ‪ 21‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/7/18 :‬الساعة‪5:18 :‬‬

‫‪204‬‬
‫كالكضكح نقيض الغمكض‪ ،‬كيككف نص التجريـ غامضان " إذا جيؿ المشرع باألفعاؿ التي أثٌميا فبل‬

‫يككف بيانيا كاضحان جميان كال تحديدىا قاطعان أك فيميما مستقيمان بؿ مبيمان خافيان عمى أكساط الناس‪ ،‬باختبلفيـ‬

‫حكؿ فحكل النص العقابي المؤثـ ليا كداللتو كنطاؽ تطبيقو كحقيقة ما يرمى إليو‪ ،‬ليصير إنفاذ ىذا النص‬

‫مرتبطان بمعايير شخصية مرجعيا تقدير القائميف عمى تطبيقو لحقيقة محتكاه‪ ،‬كاحبلؿ فيميـ الخاص لمقاصده‬

‫محؿ مراميو الحقيقية كصحيح مضمكنة"‪.418‬‬

‫كما قضت المحكمة الدستكرية العميا بأف غمكض النصكص العقابية يعني انفبلتيا مف ضكابطيا‬

‫كتعدد تأكيبلتيا‪ ،‬فبل تككف األفعاؿ التي منعيا المشرع أك طمبيا محددة بصكرة يقينية‪ ،‬بؿ شباكان أك شراكان‬

‫يمقييا المشرع متصيدان باتساعيا أك إخفائيا مف يقعكف تحتيا أك يخطئكف مكاقعيا‪.419‬‬

‫كقد كضعت المحكمة الدستكرية العميا مجمكعة مف الضكابط لتحديد ىذا الشرط تتمثؿ فيما يأتي‪:‬‬

‫أ‪ .‬أف تككف األفعاؿ المؤثمة محددة بصكرة يقينية ال التباس فييا كالغمكض‪:‬‬

‫كفي ىذا المعنى قضت المحكمة الدستكرية العميا بأف مف القكاعد المبدئية التي يتطمبيا الدستكر في‬

‫القكانيف الجزائية أف تككف درجة اليقيف التي تنتظـ أحكاميا في أعمى مستكياتيا‪ ،‬كأظير في ىذه القكانيف منيا‬

‫في أم تشريعات أخرل‪ ،‬ذلؾ أف القكانيف الجزائية تفرض عمى الحرية الشخصية أخطر القيكد كأبمغيا أث انر‪،‬‬

‫كيتعيف بالتالي ضمانان ليذه الحرية‪-‬أف تككف األفعاؿ التي تؤثميا ىذه القكانيف محددة بصكرة قاطعة بما يحكؿ‬

‫دكف التباسيا بغيرىا‪ ،‬كبمراعاة أف تككف دكمان جمية كاضحة في بياف الحدكد الضيقة لنكاىييا‪ ،‬كما أف التجييؿ‬

‫‪418‬‬
‫المحكمة الدستكرية العيا بمصر‪ ،‬جمسة ‪/8‬فبراير‪2004/‬ـ‪ ،‬القضية رقـ ‪،146‬لسنة ‪ 20‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع‬
‫تاريخ الزيارة‪ 2019/7/18 :‬الساعة‪5:22 :‬‬ ‫سابؽ‪.‬‬
‫‪419‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا المصرية‪ ،‬جمسة ‪ 5‬يكليك سنة ‪ ،1997‬القضية ‪ 58‬لسنة ‪ 18‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/7/19 :‬الساعة‪10:16 :‬‬

‫‪205‬‬
‫بيا أك انبياميا في بعض جكانبيا ال يجعؿ المخاطبيف بيا عمى بينة مف حقيقة األفعاؿ التي يتعيف عمييـ‬

‫تجنبيا‪ ،‬كىك الحكمة مف عدـ رجعية نصكص التجريـ كالعقاب‪ ،‬كذلؾ فإف غمكض مضمكف النص العقابي‬

‫مؤداه أف يحاؿ بيف محكمة المكضكع كبيف إعماؿ قاعدة منضبطة تعيف لكؿ جريمة أركانيا كتقرر عقكبتيا‬

‫بما ال خفاء فيو‪ ،‬كىي قكاعد ال ترخص فييا كتمثؿ إطا انر لعمميا ال يجكز تجاكزه‪ ،‬باعتبار أف الغاية التي‬

‫يتكخاىا الدستكر ىي أف يكفر لكؿ مكاطف الفرص الكاممة في مباشرة حرياتو في إطار مف الضكابط التي‬

‫قيدىا بيا‪ ،‬كالزـ ذلؾ أف تككف القيكد عمى الحرية التي تفرضيا القكانيف الجزائية محددة بصكرة يقينية ألنيا‬

‫تدعك المخاطبيف بيا إلى االمتثاؿ لكي يدفعكا عف حقيـ في الحياة ككذلؾ عف حرياتيـ تمؾ المخاطر التي‬

‫تعكسيا العقكبة‪ ،‬لقد كاف غمكض القكانيف الجزائية مرتبطان مف الناحية التاريخية بإساءة استخداـ السمطة‪،‬‬

‫ككاف أم انر مقضيان أف يركف المشرع إلى مناىج جديدة في الصياغة ال تنزلؽ إلى تمؾ التعبيرات المرنة أك‬

‫الغامضة أك المتميعة المحممة بأكثر مف معنى‪ ،‬كالتي تنداح معيا دائرة التجريـ بما يكقع محكمة المكضكع‬

‫في محاذير كاضحة قد تنتيي بيا في مجاؿ تطبيقيا لمنصكص العقابية إلى ابتداع جرائـ ال يككف المشرع قد‬

‫قصد حقيقة إنشائيا‪ ،‬كالى مجاكزة الحدكد التي اعتبرىا الدستكر مجاالن حيكيان لمباشرة الحقكؽ كالحريات التي‬

‫كفميا‪ ،‬كأضافت المحكمة الدستكرية العميا أف انتفاء الغمكض في القكانيف الجنائية يقع في نطاؽ مجمكعة‬

‫القيـ التي تكفؿ لحقكؽ المتيـ الحد األدنى مف الحماية التي ال يجكز النزكؿ عنيا أك االنتقاص منيا‪.420‬‬

‫ب‪ .‬أف تتضمف النصكص تحديدان جازمان لضكابط تطبيقيا‪:‬‬

‫كىك ما يتطمب أف تككف ضكابط التجريـ كالعقاب محددة في ركنييا المادم كالمعنكم‪ ،‬كفي تحديد نكع‬

‫العقكبة كمدتيا‪ ،‬كبصدد تحديد الركف المادم‪ ،‬كفي ىذا الصدد أكدت المحكمة الدستكرية العميا عمى أنو كمما‬

‫‪420‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا المصرية‪ ،‬جمسة ‪ 2‬يناير سنة ‪ ،1993‬القضية ‪ 3‬لسنة ‪ 10‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/7/19 :‬الساعة‪10:31 :‬‬

‫‪206‬‬
‫أثـ المشرع أفعاالن بذكاتيا حاؿ كقكعيا في مكاف معيف‪ ،‬فإف تعييف حدكد كأكصاؼ ىذا المكاف بما ينفي‬

‫التجييؿ بيا يككف شرطان أكليان لصكف الحرية الفردية التي أعمى الدستكر قدرىا‪ ،‬كاف القيكد التي تفرضيا‬

‫القكانيف الجزائية عمى تمؾ الحرية‪ ،‬تقتضي أف تصاغ أحكاميا بما يقطع كؿ جدؿ في شأف حقيقة محتكاىا‪،‬‬

‫ليبمغ اليقيف بيا حدان يعصميا مف الجدؿ‪ ،‬كبما يحكؿ بيف رجاؿ السمطة العامة كتطبيقيا بصكرة انتقائية‪ ،‬كفؽ‬

‫معايير شخصية تخالطيا األىكاء‪ ،‬كتناؿ مف األبرياء الفتقارىا األسس المكضكعية البلزمة لضبطيا‪.421‬‬

‫ج‪ .‬أف تحكـ معاني النصكص مقاييس صارمة كمعايير محددة تمتئـ مع طبيعتيا‪:‬‬

‫كفي ىذا المعنى قالت المحكمة الدستكرية العميا بأف النصكص الجنائية تحكميا مقاييس صارمة‬

‫كمعايير حادة تتعمؽ بيا كحدىا كتمتئـ مع طبيعتيا‪ ،‬كال تزاحميا في تطبيقيا ما سكاىا مف القكاعد القانكنية‪،422‬‬

‫ك كذلؾ قضت بأنو ال يجكز أف يككف أمر التجريـ فرطان‪ ،‬كىك ما يتحقؽ في كؿ حاؿ يككف فييا النص‬

‫العقابي محمبلن بأكثر مف معنى مرىقان بأغبلؿ تعدد تأكيبلتو‪ ،‬مرنان متراميان عمى ضكء الصيغة التي أفيرغ‬

‫فييا‪.423‬‬

‫كمف كؿ ما سبؽ يستخمص الباحث أف معيار الكضكح كالتحديد في النصكص الجنائية كفقان لما‬

‫رسختو أحكاـ المحكمة الدستكرية العميا ذات الصمة‪ ،‬يتطمب اليقيف كعدـ الغمكض كالتحديد الجازـ القاطع‬

‫‪421‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا المصرية‪ ،‬جمسة ‪ 2‬يناير سنة ‪ ،1993‬القضية ‪ 3‬لسنة ‪ 10‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/7/20 :‬الساعة‪9:16 :‬‬
‫‪422‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا المصرية‪ ،‬جمسة ‪ 3‬أغسطس سنة ‪ ،1993‬القضية ‪ 37‬لسنة ‪ 15‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/7/20 :‬الساعة‪9:22 :‬‬

‫‪423‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا المصرية‪ ،‬جمسة‪ 12‬فبراير سنة ‪ ،1994‬القضية ‪ 105‬لسنة ‪ 12‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/7/20 :‬الساعة‪9:28 :‬‬

‫‪207‬‬
‫لضكابط التطبيؽ‪ ،‬كالخضكع لمقاييس صارمة كمعايير محددة‪ ،‬كيشمؿ ىذا المعيار كؿ ما يتعمؽ بقكاعد‬

‫التجريـ كالعقاب كقكاعد اإلجراءات الجنائية الماسة بالحرية سكاء بسكاء‪.424‬‬

‫ملطًب يثاْ‪ٞ‬‬

‫َبلأ ي‪ٝ‬كني ‪ ٚ‬التفام جلٓائ‪ٞ‬‬

‫عرؼ الشارع‬
‫يرل الباحث أنو كفقان ألحكاـ قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬لـ يي ٌ‬

‫االتفاؽ الجنائي‪ ،‬حيث عبر عنو بمفظ "التآمر"‪ ،‬كىذا مرده األصكؿ االنجميزية ليذا القانكف‪ .‬باعتبار أف‬

‫القانكف اإلنجميزم ييعبر عف االتفاؽ الجنائي بكصؼ المؤامرة (‪ ،425)Conspiracy‬مما يعني أف كبلن مف‬

‫االتفاؽ الجنائي كالمؤامرة كجياف لعممة كاحدة‪.‬‬

‫كالسؤاؿ الذم ييثار اآلف ىؿ مسمؾ المشرع القائـ عمى عدـ تقديـ تعريؼ لمتآمر "االتفاؽ الجنائي"‪ ،‬فيو‬

‫مخالفة لمبدأ الكضكح كبالتبعية لمبدأ اليقيف القانكني؟‬

‫(أ) خمايف‪َ ١‬بلأ ي‪ٝ‬كني يف تع ‪ٜ‬ف التفام‪:‬‬

‫إف مسمؾ المشرع العقابي في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ القائـ عمى عدـ تقديـ تعريؼ‬

‫االتفاؽ الجنائي– التآمر‪ -‬ال يجعؿ معو التجريـ كالعقاب في ىذه الحالة منصبان عمى سمكؾ غامض غير‬

‫كاضح الداللة يحتمؿ عدة تأكيبلت‪ ،‬بما يترتب عميو أف كؿ نص يجرـ التآمر أينما كرد في ىذا القانكف‬

‫‪424‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪425‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.295‬‬

‫‪208‬‬
‫يضحي مشكبان بعكار عدـ الدستكرية‪ ،‬ككنو يخالؼ مبدأ اليقيف القانكني الجنائي‪ ،‬الذم يفرض أف تككف‬

‫األفعاؿ التي ييجرميا المشرع محددة بصكرة قاطعة بما يحكؿ دكف التباسيا بغيرىا‪ ،‬كبمراعاة أف تككف دكمان‬

‫جمية كاضحة في بياف الحدكد الضيقة لنكاىييا‪.‬‬

‫فصحيح أف الشارع الجنائي لـ يكضح لنا المقصكد بالتآمر مكتفيان فقط بتجريمو‪ ،‬بحيث نيتدم بناء‬

‫عميو كنحدد بشكؿ دقيؽ فيما إذا كانت العبلقة التي تربط الجناة بأنيا تآمر أـ ال‪ ،‬كلكف رغـ ذلؾ يتعيف‬

‫تداء عمى تقديـ تعريؼ لمتآمر‪ ،‬كىذا مرده أف قانكف العقكبات رقـ (‪)74‬‬
‫االنتباه إلى أف الشارع غير يمجبر اب ن‬

‫لسنة ‪ 1936‬أصكلو انجميزية كما كسبؽ ذكره‪ ،‬كبالتالي تيعتبر األلفاظ كالعبارات المستعممة فيو بأنيا استعممت‬

‫لمداللة عمى المعنى المقصكد منيا في الشرائع االنجميزية‪ ،‬كتفسر باالستناد إلى تمؾ الشرائع بقدر ما يتفؽ‬

‫ذلؾ مع سياؽ العبارة‪ ،‬كذلؾ إعماالن ألحكاـ المادة (‪ )4‬مف القانكف سالؼ الذكر‪،‬‬

‫عرؼ المؤامرة (‪ )Conspiracy‬بأنيا‪ " :‬اتفاؽ بيف شخصيف أك‬


‫كبالرجكع لمقانكف اإلنجميزم نجد بأنو يي ِّ‬

‫أكثر بنية بمكغ ىدؼ غير مشركع أك مشركع بطريقة غير مشركعة"‪ ،426‬كىك ما يستتبع معو أف تصبح قالة‬

‫اإلدعاء بمخالفة المكاد العقابية ذات الصمة‪ ،427‬لمبدأ الشرعية الجنائية في شقو الشكمي – اليقيف الجنائي‪-‬‬

‫غير قائمة عمى أساس مف الصحة‪.‬‬

‫(ب) خمايف‪َ ١‬بلأ ي‪ٝ‬كني يف ملكص‪ٛ‬ت بايػا‪ ١ٜ‬ملص ‪ٚ‬ع‪:١‬‬

‫عاقب المشرع في قانكف العقكبات بنص المادة (‪ )36‬عمى صكر معينة لبلتفاؽ الجنائي‪ ،‬اعتبرىا‬

‫تشكؿ جنحة يعاقب عمييا بالحبس مدة سنتيف‪ ،‬كىك ما يثير السؤاؿ حكؿ المعنى الذم أراده المشرع في الفقرة‬

‫‪426‬‬
‫‪Joel Samaha-Criminal Law 3rd edition, page173. “ In common law, conspiracy between two or more persons‬‬
‫‪formed for the purpose of doing either an unlawful act or lawful act by unlawful means”.‬‬
‫‪ 427‬المكاد (‪ )305(،)174(،)1/59(،)2/49(،)36(،)35(،)34‬مف قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫(ك) "عمى تحقيؽ غاية غير مشركعة"‪ ،‬فيؿ قصد بالغاية غير المشركعة عدـ المشركعية الجنائية‪ ،‬أـ أراد‬

‫بالغاية غير المشركعة الباعث أك اليدؼ البعيد‪ ،‬أـ أنو أراد بيا محؿ االتفاؽ غير المشركع عمكمان‪ ،‬كىك‬

‫يستتبع معو الكقكؼ عمى مدل صحة كؿ تفسير عمى حدة‪.‬‬

‫أكالن‪ :‬الغاية غير المشركعة ( الفعؿ غير المشركع)‪:‬‬

‫يرل الباحث أنو‪ :‬إذا قمنا أف يمراد المشرع بالغاية غير المشركعة‪ ،‬ارتكاب فعؿ غير مشركع جنائيان‪،‬‬

‫الجرمية مف مكضكعو غير المشركع‪ ،‬خاصة إذا ما أخذنا بعيف‬


‫ككف أف االتفاؽ الجنائي يستمد صفتو ي‬

‫االعتبار أف المشرع العقاب يسبؽ لو كأف استخدـ لفظة "الغاية غير المشركعة" كقصد فييا عدـ المشركعية‬

‫الجنائية‪ ،‬كذلؾ ظاىر جميان بنص المادة (‪ )24‬الخاصة بالعقاب عمى الجريمة المحتممة‪ ،428‬فإف ىذا التفسير‬

‫سيترتب عميو كقكع تعارض كتضارب بيف نصكص المكاد (‪ )34‬ك(‪ )35‬مع نص المادة (‪ ،)36‬باعتبار أف‬

‫المشرع سيككف قد جاء بنص عاـ كاسع‪ ،‬يعاقب بمكجبو عمى كؿ اتفاؽ عمى تحقيؽ أم جريمة بعقكبة‬

‫بالحبس مدة سنتيف‪ ،‬بؿ أف األخطر مف ذلؾ في حالة إعماؿ ىذا التفسير؛ سيترتب عميو إدخاؿ المخالفات‬

‫الجزائية كأيضان جميع المخالفات المدنية التي نص عمييا قانكف المخالفات المدنية رقـ (‪ )36‬لسنة ‪1944‬‬

‫الذم كاف ساريان قبؿ إصدار القانكف المدني‪ ،‬ضمف نطاؽ النص‪ ،‬لتككف مكضكعان لمتآمر‪ ،‬بؿ كاألدىى مف‬

‫ذلؾ أف عقكبة التآمر عمييا سيككف الحبس مدة سنتيف أم عقكبة جنحة‪ ،‬ىك ما يعد مغاالة في العقاب ال‬

‫تقتضييا عقؿ أك منطؽ كفييا إىدار لقيـ العدالة‪ ،‬كبناء عمى كؿ ما سبؽ يستبعد الباحث أف يككف قصد‬

‫المشرع بالغاية غير المشركعة الكارد ذكرىا بنص المادة (‪ )36‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪،‬‬

‫‪428‬‬
‫تنص المادة (‪ )24‬مف قانكف العقكبات رقـ(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ عمى‪ (:‬إذا اتفؽ شخصاف أك أكثر فيما بينيـ عمى تنفيذ غاية غير مشركعة باالشتراؾ‬
‫كحدث حيف تنفيذ تمؾ الغاية أف ارتكب يجرـ أك أكثر كنتيجة محتممة الكقكع لتنفيذ تمؾ الغاية‪ ،‬فيعتبر كؿ مف كاف حاض انر مف ىؤالء األشخاص عند‬
‫ارتكاب أم جرـ مف ىذه الجرائـ بأنو ىك الذم ارتكب ذلؾ الجرـ أك تمؾ الجرائـ)‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫منصرفان إلى كؿ ما ىك جناية أك جنحة أك مخالفة‪ ،‬كاال سيظؿ الحظر الرئيسي الذم مف أجمو يش ٌرعت ىذه‬

‫المادة غامض إلى األبد لخمؽ جرائـ لـ يحمـ بيا الناس قط‪.‬‬

‫ثانيان‪ :‬الغاية غير المشركعة (اليدؼ البعيد أك الباعث)‪:‬‬

‫يرل الباحث أنو‪ :‬إذا قمنا بأف قصد الشارع بالغاية غير المشركعة أك المشركعة‪ ،‬ينصرؼ إلى اليدؼ‬

‫البعيد مف ارتكاب الجريمة‪ ،‬فإف األخذ بذلؾ يستتبع تطبيقو عمى ما جاء بو بالفقرة (ز) سالفة الذكر‪ ،‬طالما‬

‫خطير سيترتب عميو دخكؿ التآمر عمى‬


‫ان‬ ‫المراد بالكسائؿ غير المشركعة‪ ،‬الجرائـ عمكمان‪ ،‬كىك ما يعد منزلقان‬
‫أف ي‬

‫ارتكاب الجنايات أك الجنح ضمف نطاؽ النص‪ ،‬كبالتالي حصكؿ ارتباؾ كتضارب حقيقي بيف النصكص‬

‫التجريمية المتمثمة بنص المادة (‪ )34‬ك نص المادة(‪.)35‬‬

‫كاألخطر مف ذلؾ ىك أف التفسير السابؽ سيفتح بالباب عمى مصراعيو أماـ دخكؿ المخالفات‬

‫الجزائية‪ ،‬ضمف نطاؽ النص التجريمي‪ ،‬باعتبار أف المشرع لـ يشترط في الكسائؿ غير المشركعة درجة‬

‫معينة مف الجسامة‪ ،‬كاألكثر جسامة ىك أف ىذا التآمر الذم سيرد عمى ارتكاب مخالفة سيككف العقاب عميو‬

‫أشد مف العقكبة المقررة لممخالفة فيما إذا كقعت‪ ،‬كىذا يشكؿ تطرفان كمغاالة في العقاب فبل يستقيـ منطقيان كال‬

‫عدالة أف يعاقب عمى االتفاؽ مجردان‪ ،‬بعقكبة أشد مف عقكبة الجريمة المتفؽ عمييا‪ ،‬فيما لك كقعت بالفعؿ‪.‬‬

‫ككذلؾ يرل الباحث أف القكؿ بالتفسير السابؽ يفضي إلى نتائج غير عادلة مطمقان كىي أف يصبح‬

‫عقاب االتفاؽ الجنائي عمى جناية متساكيان مع عقاب االتفاؽ الجنائي عمى ارتكاب جنحة أك مخالفة‪ ،‬بحيث‬

‫يتعيف أف يتدرج عقاب االتفاؽ الجنائي تبعان لدرجة الجريمة مكضكع االتفاؽ‪ ،‬عبلكةن عمى أف الغاية كيدؼ‬

‫‪211‬‬
‫بعيد مف ارتكاب الجريمة ال تككف مناطان يرد عميو التجريـ كالعقاب‪ ،‬باعتبار أف التجريـ كالعقاب يرد عمى‬

‫سمكؾ مادم مممكس‪ .‬أما الغاية فميست ليا الصفة غير المشركعة في حكـ القانكف‪ ،‬ككذلؾ ال يمكف أف تخمع‬

‫الصفة الجنائية عمى النشاط الذم اتجو إليو كىك الباعث فيك مجرد دافع "نفسي" إلى إشباع الحاجة أك الرغبة‬

‫"الغاية"‪ ،429‬خصكصان كأف المشرع قد استخدـ تعبير (الدافع) لمداللة عمى الباعث‪.430‬‬

‫كبناء عمى كؿ ما سبؽ يستبعد الباحث أف يككف قصد المشرع بالغاية غير المشركعة الكارد ذكرىا‬

‫المراد مف‬
‫بنص المادة (‪ )36‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬منصرفان إلى كؿ اليدؼ البعيد ي‬

‫الجريمة أك الباعث‪.‬‬

‫ثالثان‪ :‬الغاية غير المشركعة( المحؿ غير المشركع)‪ :‬يرل الباحث أف مدلكؿ الغاية غير المشركعة يتسع‬

‫ليشمؿ الفعؿ الضار ككنو أيضان يشكؿ سمككان غير مشركع‪ ،‬ال سيما أنو مف المنطقي أف نفسر الفقرة (ك) مف‬

‫المادة (‪ )36‬مف قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ ،1936‬في ضكء الفقرات األخرل التي سبقتيا‬

‫قدر المشرع أنو يترتب عمييا ضرر عاـ فيما إذا كانت‬
‫أخطاء مدنية ٌ‬
‫ن‬ ‫في ذات المادة كالتي في أغمبيا تشكؿ‬

‫محبلن لمتآمر‪ ،‬إضافةن عمى ذلؾ يرل الباحث أف مدلكؿ الغاية غير المشركعة يتسع ليشمؿ كؿ اتفاؽ محمو‬

‫غير مشركع مدنيان‪ ،‬أم أف األمر غير قاصر عمى الفعؿ غير المشركع ( الفعؿ الضار)‪ ،‬بحيث أف كؿ اتفاؽ‬

‫محمو غير مشركع سيضحي اتفاقان جنائيان معاقبان‪ ،‬بما يستتبع معو تحديد متى يككف االتفاؽ المدني غير‬

‫مشركعان‪ ،‬بالعكدة لمقانكف المدني الفمسطيني فإف محؿ االتفاؽ يككف غير مشركع‪ ،‬إذا كاف مخالفان لمنظاـ العاـ‬

‫‪429‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.186‬‬
‫‪430‬‬
‫تنص المادة (‪ )3/11‬مف قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬ـ عمى أنو ( ال عبرة لمدافع الذم يحمؿ الشخص عمى ارتكاب الفعؿ أك‬
‫ترؾ أك عمى عقد النية عمى ارتكابو‪ ،‬بقدر ما يتعمؽ ذلؾ بالمسئكلية الجزائية‪ ،‬إال إذا كرد النص صراح نة عمى غير ذلؾ)‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫أك اآلداب العامة‪ ،431‬مما يعني أف كؿ اتفاؽ يرد عمى محؿ مخالؼ لمنظاـ العاـ أك اآلداب العامة‪ ،‬يعتبر‬

‫معاقبان عميو بالحبس مدة سنتيف كفقان ألحكاـ المادة (‪ )36‬مف قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة‬

‫‪1936‬ـ‪.‬‬

‫كيرل الباحث إف كانت بعض االتفاقات المدنية تستدعي تجريميا لخطكرتيا كلككف مكضكعيا‬

‫ارتكاب جنايات أك جنح‪ ،‬كىذا فيو مخالفة لمنظاـ العاـ‪ ،‬باعتبار أف قكاعد القانكف الجنائي مف النظاـ العاـ‬

‫داخؿ المجتمع نظ انر لتعمقيا بحفظ النظاـ كاألمف داخؿ المجتمع‪ ،‬فإف ىذا ال يعني فتح الباب عمى مصراعيو‬

‫كجعؿ كؿ اتفاؽ مخالؼ لمنظاـ العاـ أك اآلداب العامة غير مشركع‪ ،‬ألف ىكذا مسمؾ يفضي إلى تضخـ في‬

‫التجريـ ال تقتضيو أم ضركرة اجتماعية‪.‬‬

‫حيث ي نبغي االنتباه إلى أف النظاـ العاـ ك اآلداب العامة ‪ ،‬فكرة مرنة كنسبية كمتطكرة‪ ،‬فيي تختمؼ‬

‫مف مجتمع آلخر كمف عصر آلخر كفقان لؤلفكار السائدة في المجتمع‪ ،‬فما يعتبر مخالفان لمنظاـ العاـ كاآلداب‬

‫العامة في مجتمع معيف قد ال يعتبر كذلؾ في مجتمع آخر‪ ،‬كما يعتبر اليكـ مخالفان لمنظاـ العاـ كاآلداب‬

‫العامة قد ال يعتبر كذلؾ في المستقبؿ‪ ،‬كىكذا يتضح أف فكرة النظاـ العاـ كاآلداب العامة تختمؼ مف مكاف‬

‫آلخر كمف زماف آلخر تبعان لؤلفكار المعتنقة في المجتمع كما أف لبلعتبارات الدينية تأثيرىا الكاضح في ىذا‬

‫المجاؿ‪.432‬‬

‫كعطفان عمى النتيجة السابقة‪ ،‬يرل الباحث أف أم اتفاؽ مدني كارد عمى محؿ مخالؼ ألم قاعدة‬

‫قانكنية متعمقة بالنظاـ العاـ‪ ،‬في أم فرع مف فركع القانكف العاـ أك الخاص‪ ،‬سيعتبر اتفاقان جنائيان معاقب عميو‬

‫‪431‬‬
‫تنص المادة (‪ )131‬مف القانكف المدني الفمسطيني (إذا كاف محؿ االلتزاـ مخالفان لمنظاـ العاـ أك اآلداب كاف العقد باطبلن)‪.‬‬
‫‪432‬‬
‫إياد محمد إبراىيـ جاد الحؽ‪ ،‬النظرية العامة لبللتزاـ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار المنارة‪ ،2011 ،‬ص‪.205‬‬

‫‪213‬‬
‫بالحبس لمدة سنتيف‪ ،‬كتطبيقان لذلؾ كعمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر‪ ،‬فإف اتفاؽ المرشح مع الناخب عمى أف‬

‫يدلى األخير لؤلكؿ بصكتو‪ ،‬كاتفاؽ شخص مع آخر عمى أف يتنازؿ لو عف حريتو الشخصية‪ ،‬كاتفاؽ مكظؼ‬

‫عاـ مع زميمو عمى أف يحؿ مكانو في غيابو‪ ،‬كاتفاؽ البائع مع الغير عمى اإلضرار بمنافسو‪ ،‬كاتفاؽ الكرثة‬

‫الذككر عمى حرماف اإلناث مف الميراث‪ ،‬كاتفاؽ رب العمؿ مع العامؿ عمى االنتقاص مف حقكقو المكفكلة‬

‫بمكجب قانكف العمؿ‪ ،‬كاالتفاؽ عمى بيع بيت لمبغاء‪ ،‬كميا تعد اتفاقات باطمة بطبلنان مطمقان إعماالن ألحكاـ‬

‫المادة مف القانكف المدني الفمسطيني‪ ،433‬كمصيرىا ال يتكقؼ عند ىذا الجزاء المدني؛ بؿ تشكؿ أيضان جريمة‬

‫جنائية يعاقب عمييا القانكف كيعاقب عمييا جنائيان بالحبس مدة سنتيف‪.‬‬

‫كبناء عمى ما سبؽ يخمص الباحث إلى نتيجة مفادىا‪ :‬أف المشرع في الفقرة (ك) مف المادة (‪ )36‬مف‬

‫قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ ،1936‬جاء بصياغة مرنة متميعة جعمت النص مرىقان بأكثر مف معنى‬

‫بحيث تتعدد التأكيبلت بشأنو‪ ،‬كىك ما يجعؿ النص مشكبان بعكار عدـ الدستكرية ككنو يشكؿ مخالفة سافرة‬

‫‪434‬‬
‫الذم يفرض عمى المشرع أال ينزلؽ إلى مثؿ ىكذا تعبيرات مرنة محممة بأكثر مف‬ ‫لمبدأ الشرعية الجنائية‬

‫معنى‪.‬‬

‫حيث أف تمؾ التعبيرات تنداح معيا دائرة التجريـ بما يضع محكمة المكضكع في محاذير كاضحة قد‬

‫تنتيي بيا في مجاؿ تطبيقيا لمنص سالؼ الذكر إلى ابتداع جرائـ ال يككف المشرع قد قصد حقيقة‬

‫إنشائيا‪ ،435‬حيث يتعيف في األفعاؿ المؤثمة كما كسبؽ بيانو أف تككف محددة بصكرة يقينية ال التباس أك‬

‫‪433‬‬
‫تنص المادة (‪ )131‬مف القانكف المدني الفمسطيني عمى‪( :‬إذا كاف محؿ االلتزاـ مخالفان لمنظاـ العاـ أك اآلداب كاف العقد باطبلن)‪.‬‬
‫‪434‬‬
‫تنص المادة (‪ )15‬مف القانكف األساسي الفمسطيني عمى‪ (:‬العقكبة شخصية‪ ،‬كتمنع العقكبات الجماعية‪ ،‬كال جريمة كال عقكبة إال بنص قانكني‪ ،‬كال‬
‫تكقع عقكبة إال بحكـ قضائي‪ ،‬كال عقاب إال عمى األفعاؿ البلحقة لنفاذ القانكف)‪.‬‬
‫‪435‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا المصرية‪ ،‬جمسة ‪ 2‬يناير سنة ‪ ،1993‬القضية ‪ 3‬لسنة ‪ 10‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة ‪ 2019/7/25‬الساعة‪3:22 :‬‬

‫‪214‬‬
‫غمكض فييا‪ ،‬فيذا يعد شرطان أكليان لصكف الحرية الفردية التي أعمى الدستكر قدرىا‪ ،‬كاف القيكد التي تفرضيا‬

‫القكانيف الجزائية عمى تمؾ الحرية تقتضي أف تصاغ أحكاميا بما يقطع كؿ جدؿ في شأف حقيقة محتكاىا‪،‬‬

‫ليبمغ اليقيف بيا حدان يعصميا مف كؿ الجدؿ‪ ،‬بما يحكؿ بيف رجاؿ السمطة العامة كتطبيقيا بصكرة انتقائية‬

‫كفقان لمعايير شخصية تخالطيا األىكاء كتناؿ مف األبرياء الفتقارىا لؤلسس المكضكعية البلزمة لضبطيا‪.436‬‬

‫(د) خمايف‪َ ١‬بلأ ي‪ٛ‬ض‪ٛ‬ح ف‪ُٝ‬ا ‪ ٜ‬عًل باالتفام عً‪ ٢‬يف ٓ‪:١‬‬

‫يعاقب المشرع عمى االتفاؽ بنية الفتنة بمكجب أحكاـ المادة (‪ )59‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪)74‬‬

‫لسنة ‪ 1936‬التي جاءت بقكليا‪ ":‬أ‪ -‬كؿ مف تآمر مع شخص آخر أك أشخاص آخريف عمى القياـ بفعؿ‬

‫تحقيقان لنية فتنة مشتركة بينيما أك بينيـ‪ ،‬يعتبر أنو ارتكب جنحة"‪.‬‬

‫كيتضح مف النص السابؽ أف المشرع يجرـ االتفاؽ الجنائي عمى القياـ بأم فعؿ مف األفعاؿ تنفيذان‬

‫لنية إجرامية محددة أال كىي نية الفتنة‪ ،‬كقد عرؼ الشارع المقصكد بيذه النية بالمادة (‪ )1/60‬كالتي جاءت‬

‫إيفاء لمغاية المقصكد مف المادة السابقة ييراد "بنية الفتنة" النية المنطكية عمى إيجاد الكراىية كاالزدراء‬
‫بقكليا‪ ":‬ن‬

‫أك إيقاظ شعكر النفكر مف شخص الممؾ أك مف الدكلة المنتدبة أك مف المندكب السامي بصفتو الرسمية أك‬

‫مف حككمة فمسطيف القائمة بحكـ القانكف أك مف سير العدالة‪ ،‬أك النية المنطكية عمى تحريض أىالي فمسطيف‬

‫عمى محاكلة إيقاع أم تغيير في أم أمر قائـ في فمسطيف بحكـ القانكف‪ ،‬بغير الطرؽ المشركعة‪ ،‬أك عمى‬

‫إيقاظ االستياء أك النف كر بيف أىالي فمسطيف أك عمى إثارة البغضاء كالعداكة بيف مختمؼ فئات الشعب في‬

‫فمسطيف"‪.‬‬

‫‪436‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا المصرية‪ ،‬جمسة ‪ 3‬أغسطس سنة ‪ ،1993‬القضية ‪ 37‬لسنة ‪ 15‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة ‪ 2019/7/25‬الساعة‪3:30 :‬‬

‫‪215‬‬
‫بناء عمى ذلؾ يتعيف أف يككف مكضكع التآمر القياـ بفعؿ يعتبر بمثابة إظيار لنية الفتنة المشتركة‬

‫بيف أطرافو‪ ،‬كيككف السمكؾ المنكم ارتكابو مقركنان بنية الفتنة‪ ،‬إذا كاف يرمي الجناة إلى تحقيؽ أم غاية مف‬

‫الغايات الكاردة أعبله كالتي تعد تكضيحان لمراد المشرع بنية الفتنة‪ ،‬كىنا تيثار شبية عدـ دستكرية فيما يتعمؽ‬

‫بالفقرة األكلى مف نص المادة (‪ )60‬كالتي أكضحت المقصكد بنية الفتنة‪ ،‬ككنيا تنطكم عمى تعبيرات عامة‬

‫كفضفاضة تيٌكسع مف نطاؽ التجريـ‪ ،‬فتعبيرات كإيجاد الكراىية االزدراء أك إيقاظ النفكر مف شخص جبللة‬

‫الممؾ أك الدكلة المنتدبة أك عمى إيقاظ النفكر بيف أىالي فمسطيف أك عمى إثارة البغضاء كالعداكة بيف مختمؼ‬

‫فئات الشعب في فمسطيف‪ ،)...‬كميا تتسـ بالمركنة كاالتساع‪ ،‬بؿ كالغمػكض كقد تستعصي عمى التحديد‪ ،‬في‬

‫الحيف الذم يتعيف فيو عمى المشرع الجزائي أف ينأل عف استخداـ تعبيرات تثير جدالن حكؿ معناىا بحيث‬

‫تعدد التأكيبلت بشأنيا أك تتصؼ بالغمكض‪ ،‬كلذلؾ فإف ما نص عميو الػشارع أعبله في الفقرة األكلى مف‬

‫نص المادة (‪ ،)60‬ال يػصمح في تقدير الباحث ضابطان لتمييز نية الفتنة‪ ،‬لكؿ ذلؾ يعتبر ما نص عميو‬

‫الشارع في ىذا الخصكص مشكبان في تقدير الباحث بعكار عدـ الدستكرية لمخالفتو مبدأ الشرعية الجنائية‪،‬‬

‫فضبلن عف ذلؾ فإف عدـ كضكح التعبيرات التي نص الشارع عمييا‪ ،‬سػكؼ يفضى إلى نتيجة مؤداىا صعكبة‬

‫إثبات ىذا القصد‪ ،‬فما ىك المعيار الذم يمكف مف خبلؿ الكقكؼ عمى أف المتيـ قد انتكل بفعمو إيقاظ النفكر‬

‫مف شخص جبللة الممؾ أك إيقاظ النفكر أك االستياء بيف أىالي فمسطيف أك غيره مما جاء في المادة (‪.)60‬‬

‫كفي ىذا الشأف قضت المحكمة الدستكرية العميا بأف غمكض النصكص العقابية يعني انفبلتيا مف ضكابطيا‬

‫كتعدد تأكيبلتيا‪ ،‬فبل تككف األفعاؿ التي منعيا المشرع أك طمبيا محددة بصكرة يقينية‪ ،‬بؿ شباكان أك شراكان‬

‫يمقييا المشرع متصيدان باتساعيا أك إخفائيا مف يقعكف تحتيا أك يخطئكف مكاقعيا‪.437‬‬

‫‪437‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا المصرية‪ ،‬جمسة ‪ 5‬يكليك سنة ‪ ،1997‬القضية ‪ 58‬لسنة ‪ 18‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/7/26 :‬الساعة‪9:22 :‬‬

‫‪216‬‬
‫باإلضافة إلى ذلؾ يرل الباحث أف عكار بعدـ الدستكرية ييثار فيما يتعمؽ بالفقرة الثانية مف المادة‬

‫(‪ )2/60‬كالتي أقاـ الشارع بمكجبيا قرينة إثبات بسيطة‪ ،‬نقؿ بمكجبيا عبء اإلثبات عمى المتيـ‪ ،‬كذلؾ في‬

‫الحالة التي تككف فييا األلفاظ المستخدمة لتحقيؽ نية الفتنة‪ ،‬ييحتمؿ أف يككف ليا إما داللة أك تمميحان أك‬

‫تنكييان أك ضمنان أم أثر يدخؿ ضمف مفيكـ نية الفتنة‪ ،‬بمعنى أنيا غير قاطعة‪ ،‬حيث افترض المشرع ىنا أف‬

‫نية الفتنة قائمة كال حاجة إلثباتيا كأف الشخص نشر األلفاظ بنية الفتنة‪ ،‬كاذا كاف المتيـ لـ يقصد مف نشرىا‬

‫أف يككف ليا مثؿ ذلؾ األثر الذم يدخؿ ضمف مفيكـ نية الفتنة‪ ،‬فعميو إثبات ذلؾ‪ ،‬كيرل الباحث أف ىذا‬

‫األمر يعتبر مخالفةن كاضحة ألصؿ الب ارءة الكارد بالمادة (‪ )14‬مف القانكف األساسي الفمسطيني التي جاءت‬

‫بقكليا‪ ":‬المتيـ برمء حتى تثبت إدانتو في محاكمة قانكنية تكفؿ لو فييا ضمانات الدفاع عف نفسو‪ ،‬ككؿ متيـ‬

‫في جناية يجب أف يككف لو محاـ يدافع عنو"‪ ،‬كيرل الباحث أف كجو المخالفة يتمثؿ في نقؿ عبء اإلثبات‬

‫الكاقع عمى عاتؽ النيابة العامة إلى المتيـ‪.‬‬

‫فمما كاف األصؿ في المتيـ البراءة‪ ،‬فإف عبء إثبات التيمة كنسبتيا إليو‪ ،‬يقع عمى عاتؽ النيابة‬

‫العامة‪ ،‬فالمتيـ ال يمتزـ بتقديـ أم دليؿ عمى براءتو‪ ،‬ككؿ ما لو أف يناقش أدلة اإلثبات‪ ،‬التي تتجمع حكلو‬

‫لكي يفندىا أك يضع فييا بذكر الشؾ‪ ،‬دكف أف يمتزـ بتقديـ أدلة إيجابية تفيد براءتو‪ ،‬فبل يممؾ المشرع أف‬

‫يفرض قرائف قانكنية إلثبات التيمة أك لنقؿ عبء اإلثبات عمى عاتؽ المتيـ‪ ،‬لمناقضة ذلؾ بعدـ التزاـ المتيـ‬

‫بإثبات براءتو التزامان بأصؿ البراءة‪ ،‬فافتراض براءة المتيـ ييمثؿ أصبلن ثابتان يتعمؽ بالتيمة الجنائية في جميع‬

‫‪217‬‬
‫بمراحميا‪ ،‬كعمى امتداد إجراءاتيا‪ ،438‬كال سبيؿ لدحض أصؿ البراءة كنقضو بغير األدلة التي تبمغ قكتيا‬

‫اإلقناعية مبمغ الجزـ كاليقيف الذم تخمص إليو المحكمة في حكميا باإلدانة‪.439‬‬

‫كتيثار شبية عدـ دستكرية كذلؾ فيما يتعمؽ بنص الفقرة (‪ )5‬مف المادة (‪ )60‬كالتي جاءت بقكليا‪:‬‬

‫" يحؽ ألم شخص أف يسعى بسبلمة نية لمداللة‪:‬‬

‫‪ .1‬عمى أف جبللتو أك حككمة فمسطيف قد يخدعا أك أخطآ فيما اتخذاه مف تدابير‪ ،‬أك‬

‫‪ .2‬عمى كجكد أخطاء أك نقائض في دستكر فمسطيف أك حككمة فمسطيف القائمة بحكـ القانكف أك كجكد‬

‫أخطاء أك نقائض في سير العدالة"‪.‬‬

‫كتطبيقان لذلؾ فإف أم شخص يسعى بسكء نية لمداللة عمى أم مف األمكر الكاردة في الفقرتيف‬

‫السابقتيف‪ ،‬سيعتبر مرتكبان لجريمة الفتنة‪ ،‬كفي ىذا المقاـ يرل الباحث أف اشتراط سبلمة النية ىنا جعؿ النص‬

‫مشكبان بعكار عدـ الدستكرية‪ ،‬ألف ىذا التقييد في ممارسة الحؽ في التعبير عف الرأم باشتراط سبلمة النية‪،‬‬

‫يعد مساسان بجكىر الحؽ عبر تقييد ممارستو المشركعة بقيد يناؿ مف مضمكنو كييدره‪ ،‬بما يستتبع معو القكؿ‬

‫بأف ذلؾ يعد مخالفة كاضحة لممادة (‪ )19‬مف القانكف األساسي الفمسطيني التي جاءت بقكليا‪ (:‬ال مساس‬

‫بحرية التعبير عف الرأم‪ ،‬كلكؿ إنساف الحؽ في التعبير عف رأيو كنشره بالقكؿ أك الكتابة أك غير ذلؾ مف‬

‫‪438‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ 300‬ك‪.304‬‬
‫‪439‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا بمصر‪ ،‬جمسة ‪ 3‬يكليك ‪1995‬ـ‪ ،‬القضية رقـ ‪ 25‬لسنة ‪ 16‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/7/26 :‬الساعة‪9:53 :‬‬

‫‪218‬‬
‫كسائؿ التعبير أك الفف مع مراعاة أحكاـ القانكف)‪ .‬كلكؿ ذلؾ يتعيف في األفعاؿ التي يجرميا القانكف أف تككف‬

‫قاطعة في بياف الحدكد الضيقة لنكاىييا‪ ،‬فبل تتداخؿ معيا أفعاؿ مشركعة يحمييا الدستكر‪.440‬‬

‫باإلضافة إلى ذلؾ فإف اشتراط سبلمة النية عمى الكجو سالؼ الذكر إذا كاف يشكؿ مدخبلن لممساس‬

‫بأصؿ الحؽ في التعبير عف الرأم كجكىره‪ ،‬فإنو عبلكة عمى ذلؾ يفتح الباب عمى مصراعيو أماـ االفتئات‬

‫عمى الحؽ في التعبير عف الرأم‪ ،‬كمصادرة ىذا الحؽ‪ ،‬كبضرب األمثمة يتضح حجـ الخطر بجبلء فمثبلن لك‬

‫أف شخصان حقكقيان قاـ بكتابة مذكرة قانكنية حكؿ كجكد نقائض في دستكر فمسطيف أك أخطاء فإنو مف الكارد‬

‫أف يكجو إليو االتياـ بارتكاب جريمة الفتنة كذلؾ في الحالة التي ترل فييا النيابة العامة أف سمككو ىذا تـ‬

‫بنية الفتنة كلـ يكف بسبلمة نية‪.‬‬

‫ف إذا كاف التكازف بيف الحقكؽ كالحريات كسائر القيـ الدستكرية‪ ،‬بما في ذلؾ المصمحة العامة‪ ،‬يجيز‬

‫تجريـ بعض أنكاع السمكؾ كالعقاب عمييا بشرط أف يستند التجريـ كالعقاب عمى أساس مف الضركرة‬

‫االجتماعية كالتناسب‪ ،‬إال أف ىذا التدخؿ الجنائي ال يجكز بحسب األصؿ أف يككف مدخبلن لممساس بجكىر‬

‫الحقكؽ كالحريات‪ ،‬إذف التناسب في إطار سياسة التجريـ يتطمب كضع الحدكد لممارسة ىذه الحقكؽ‬

‫كالحريات دكف أف يتطمب تقييدىا بما يناؿ مف جكىرىا كمحتكاىا‪.441‬‬

‫كمف ىنا يأتي دكر القضاء الدستكرم في الرقابة عمى التناسب كبياف مدل التزاـ المشرع الجزائي‬

‫باحتراـ جكىر الحقكؽ كالحريات‪ ،‬بتجنب التعارض بيف نصكص التجريـ التي يسنيا كبيف النصكص‬

‫الدستكرية التي تكفؿ الحقكؽ كالحريات‪ ،‬مف خبلؿ تقيده باليدؼ كالغاية مف التجريـ‪ ،‬لذلؾ كاف ليذا القضاء‬

‫‪440‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا بمصر‪ ،‬جمسة ‪ 15‬نكفمبر سنة ‪1997‬ـ‪ ،‬القضية رقـ ‪ 56‬لسنة ‪ 18‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/7/26 :‬الساعة‪11:13 :‬‬
‫‪441‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.220‬‬

‫‪219‬‬
‫دكر كبير في التأكيد عمى ضركرة االلتزاـ بيذا الضابط مف ضكابط التناسب في مجاؿ سياسة التجريـ‪،442‬‬

‫كقد عبرت المحكمة الدستكرية الفمسطينية العميا عف ذلؾ بقكليا‪":‬ال ينبغي لمقانكف أف يفرض قيكدان عمى‬

‫الحريات كالحقكؽ يحكؿ دكف ممارستيا عمى الكجو األكمؿ‪ ،‬أك أف يصادر القانكف ىذا الحؽ‪ ،‬كاال أصبح‬

‫النص الدستكرم مستباحان مستيانان بو مف طرؼ المشرع العادم"‪ ،443‬كىك ما أكدت عميو أيضان المحكمة‬

‫الدستكرية بمصر بقكليا‪:‬‬

‫"إف السمطة التقديرية التي يممكيا المشرع في مكضكع تنظيـ الحقكؽ حدىا قكاعد الدستكر‪ ،‬فبل يجكز‬

‫تخطييا كأنو مف المقرر أف الحقكؽ التي كفؿ الدستكر أصميا ال يجكز تقييدىا بما يناؿ منيا‪ ،‬تقدي انر بأف لكؿ‬

‫حؽ مجاالن حيكيان أك دائرة منطقية يعمؿ في إطارىا‪ ،‬فبل يجكز اقتحاميا‪ ،‬كاال كاف ذلؾ نقضان لفحكاه‪ ،‬كعدكانان‬

‫عمى نصكص الدستكر ذاتيا"‪.444‬‬

‫كيدؽ األمر بكجو خاص بالنسبة إلى الحقكؽ كالحريات التي تتمتع بالحماية الدستكرية‪ ،‬ففي ىذه‬

‫الحالة ال يجكز لممشرع أف ينظـ ممارسة ىذه الحقكؽ كالحريات إال بالتكازف مع غيرىا مف القيـ الدستكرية‪،‬‬

‫في حدكد سمطتو التقديرية ما لـ يقيد الدستكر ىذه الممارسة بضكابط تحد مف إطبلقيا‪ ،‬تعد تخكمان ليا ال‬

‫يجكز اقتحاميا أك تخطييا‪.445‬‬

‫‪442‬‬
‫عباس عبدالرزاؽ مجمي السعيدم‪ ،‬ضكابط استحداث النص الجزائي الخاص‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪443‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية الفمسطينية العميا في الدعكل رقـ ‪ 5‬لسنة ‪ ،2017‬القضية رقـ (‪ )8‬لسنة (‪ )3‬قضائية‪ ،‬الكقائع الفمسطينية‪ ،‬العدد ‪،149‬‬
‫ص‪.162‬‬

‫‪444‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا بمصر‪ ،‬جمسة ‪ 15‬نكفمبر سنة ‪1997‬ـ‪ ،‬القضية رقـ ‪ 56‬لسنة ‪ 18‬قضائيةػ المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ .‬تاريخ الزيارة‪ 2019/8/1 :‬الساعة‪10:22 :‬‬
‫‪445‬‬
‫المحكمة الدستكرية العميا بمصر‪ ،‬جمسة ‪ 18‬مايك سنة ‪1996‬ـ‪ ،‬القضية رقـ ‪ 38‬لسنة ‪ 17‬قضائية‪ ،‬المكقع االلكتركني لممحكمة الدستكرية العميا‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫اي‪:١‬‬ ‫ي‬ ‫ْ ائخ ‪ٚ‬ت‪ٛ‬ص‪ٝ‬ا‬

‫أ‪ٚ‬الّ‪ :‬يةٓة ةائةخ‪:‬‬

‫االتفاؽ الجنائي ىك انعقاد إرادتيف أك أكثر عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬كيتخذ سمككان ماديان‬ ‫‪.1‬‬

‫بطبيعتو يتمثؿ في إفصاح كؿ عضك عف إرادتو‪ ،‬بحيث يعمـ بيا باقي أعضاء االتفاؽ‪،‬‬

‫كاإلفصاح عف اإلرادة قد يككف بالقكؿ الشفكم أك الكتابة أك باإلشارة ذات الداللة‪ ،‬كلذلؾ ال يعد‬

‫تجريـ االتفاؽ الجنائي خركجان عمى مبدأ حظر العقاب عمى النكايا كاألفكار‪ ،‬كتتخذ جريمة االتفاؽ‬

‫ركنان معنكيان يأخذ صكرة القصد الجنائي‪ ،‬كيتبلزـ الركناف المادم كالمعنكم ليذه الجريمة‪.‬‬

‫استخدـ المشرع الفمسطيني في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ مصطمح " التآمر"‬ ‫‪.2‬‬

‫لمداللة عمى االتفاؽ الجنائي؛ بما يعني أف كؿ منيما رديؼ لآلخر‪ ،‬كذلؾ مرده األصكؿ‬

‫اإلنجميزية ليذا القانكف؛ كلكف رغـ ذلؾ لـ يي ٌعرؼ المشرع االتفاؽ الجنائي‪ ،‬بما استتبع معو العكدة‬

‫إلى تعريفو الكارد في الشركح الفقيية‪.‬‬

‫لـ يشترط المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ لمعقاب عمى االتفاؽ الجنائي العاـ‬ ‫‪.3‬‬

‫أف يككف متبكعان بسمكؾ مادم يدؿ عميو‪ ،‬حيث اعتنؽ صكرة االتفاؽ البسيط المجرد؛ كذلؾ راجع‬

‫لؤلصكؿ االنجميزية ليذا القانكف التي تبتنى أفكار المذىب الشخصي في الغالب األعـ‪ ،‬كأيضان‬

‫رغبة مف المشرع في عدـ كقكع خمط بيف العمؿ التحضيرم الذم يعد شركعان في الجريمة المتفؽ‬

‫عمييا كذاؾ الذم تقكـ بو جريمة االتفاؽ الجنائي؛ كلكف رغـ ذلؾ ذىب المشرع في القسـ‬

‫الخاص‪ ،‬في أحكاـ المادة (‪ )58‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ ،1936‬إلى أف يككف‬

‫‪221‬‬
‫االتفاؽ الجنائي متبكعان بشكؿ مباشر بسمكؾ مادم يدؿ عميو؛ يمعتب انر أف االتفاؽ ال يكفي لكحده‬

‫إلظيار النية اإلجرامية في الحالة التي يككف فييا إظيار النية بفعؿ عمني عنص انر مف عناصر‬

‫أم مف الجرائـ الكاردة في الفصؿ الثامف‪ -‬جريمة الخيانة كغيرىا مف الجرائـ التي تقع عمى سمطة‬
‫و‬

‫الحككمة‪ ،‬بؿ البد مف أف يككف متبكعان بفعؿ خارجي يينفذ سعيان إلظيار النية اإلجراـ‪.‬‬

‫لـ يشترط المشرع سكاء بشكؿ صريح أك ضمني مضي فترة زمنية معينة لمقكؿ بحدكث جريمة‬ ‫‪.4‬‬

‫االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مما يعني أف الجريمة تعد كاقعة فعبلن كلك كاف االتفاؽ لـ يتـ إال لفترة كجيزة‬

‫كمف الجائز عقبلن كقانكنان أف تقع الجريمة بعد االتفاؽ عمييا مباشرة أك حتى لحظة تنفيذىا تحقيقان‬

‫لقصد مشترؾ فيما بينيـ ىك الغاية النيائية مف الجريمة‪ ،‬كيستكم كذلؾ أف يككف االتفاؽ منظمان‬

‫مفصبلن أك أف يككف عارضان مجمبلن اقتصر أعضاؤه عمى مجرد العزـ عمى جريمة معينة دكف‬

‫تعييف لكيفية تنفيذىا أك تحديد لدكر كؿ منيـ فييا‪.‬‬

‫كجكد اختبلؼ كبير بيف الدكر القانكني لكؿ مف االتفاؽ كجريمة مستقمة كاالتفاؽ ككسيمة‬ ‫‪.5‬‬

‫لبلشتراؾ؛ باعتبار أف األكؿ يعاقب عميو لذاتو بصرؼ النظر عما إذا كقعت الجريمة مكضكع‬

‫االتفاؽ أـ ال كال يككف أعضاؤه سكل فاعميف أصمييف‪ ،‬في حيف أف الثاني ال يعاقب عميو إال إذا‬

‫كقعت الجريمة المتفؽ عمييا سكاء في صكرتيا التامة أك في صكرة الشركع كيككف عضك االتفاؽ‬

‫بالنسبة لو شريكان‪.‬‬

‫عطفان عمى النتيجة السابقة لـ يأخذ المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬بالدكر‬ ‫‪.6‬‬

‫األصمي لبلتفاؽ الجنائي ككسيمة اشتراؾ جرمي؛ حيث أنو لـ يكرد االتفاؽ الجنائي ضمف كسائؿ‬

‫‪222‬‬
‫االشتراؾ في الجريمة المحددة بنص المادة (‪ ،)23‬حيث اقتصر عمى التحديد الحصرم لمشركاء‬

‫عمى الفاعؿ األصمي كالمساعد كالمحرض؛ كىذا ال يعني كقكع أية تعارض أك تنافر في سياسة‬

‫المشرع في حاؿ أخذه بالدكر األصمي لبلتفاؽ الجنائي ‪.‬‬

‫االتفاؽ الجنائي جريمة شكمية جريمة مف جرائـ السمكؾ المجرد بحيث أنيا تعتبر تامة لمجرد‬ ‫‪.7‬‬

‫إتياف سمككيا اإلجرامي‪ ،‬ككذلؾ ىي مف جرائـ الفاعؿ المتعدد لذلؾ ال يتصكر قياميا إال بيف‬

‫بل‬
‫شخصيف كحد أدنى‪ ،‬كلكف ىذا التعدد لكحده غير كاؼ حيث يتعيف أف تككف كؿ إرادة مح ن‬

‫العتداد القانكف بيا‪ ،‬فبل قياـ لجريمة االتفاؽ الجنائي بإرادة جادة كأخرل متجردة مف القيمة‬

‫القانكنية‪.‬‬

‫عطفان عمى النتيجة السابقة ال تقكـ جريمة االتفاؽ الجنائي في الحالة التي يتكافر فييا لدل أحد‬ ‫‪.8‬‬

‫كيعاقب‬
‫طرفييا سبب إباحة أك مانع مسئكلية‪ ،‬أما إذا كاف ىناؾ مانع عقاب فتقكـ الجريمة ي‬

‫فاعمكىا كذلؾ ألف مانع العقاب ال ينفي أركاف الجريمة كال يؤثر عمى شركط المسئكلية الجزائية‪.‬‬

‫الم ًحرض الصكرم الذم يككف طرفان في اتفاؽ جنائي مع شخص آخر‪ ،‬رغـ انتفاء القصد‬
‫يعاقب ي‬ ‫‪.9‬‬

‫الجنائي لديو كىك يجعؿ مف االتفاؽ الجنائي جريمة مستحيمة‪ ،‬كمرد ذلؾ راجع إلى معاقبة‬

‫المشرع في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬عمى الجريمة المستحيمة‪.‬‬

‫ال يؤثر في قياـ االتفاؽ الجنائي عدـ معرفة سائر المتفقيف في حاؿ القبض عمى أحدىـ في حيف‬ ‫‪.10‬‬

‫يظؿ بقيتيـ فاريف أك مجيكليف‪ ،‬ككذلؾ ال يشترط في االتفاؽ الجنائي أف يككف في شكؿ معيف‬

‫حيث يستكم أف يككف شفكيان أك مكتكبان‪ ،‬كال يستمزـ لقياـ االتفاؽ أف يككف الكقت المحدد لتنفيذه‬

‫حاالن كانما يكفي أال يككف ىذا الكقت المحدد بعيدان بصكرة يستنتج منيا أنو لـ يعقد بعد بشكؿ‬

‫‪223‬‬
‫حاسـ قاطع بيف أطرافو‪ ،‬ككذلؾ ال يضير االتفاؽ أف يككف الكقت الذم اختاره الجناة لبدء تنفيذه‬

‫غير معيف عمى كجو الدقة حيث يعاقب عمى االتفاؽ المكصكؼ المعمؽ تنفيذه عمى شرط أك‬

‫حمكؿ أجؿ طالما أف الحكادث المستقبمية التي عمؽ عمييا الجناة تنفيذ اتفاقيـ الجنائي محتممة‬

‫الكقكع‪.‬‬

‫األصؿ أف االتفاؽ الجنائي بشقيو العاـ كالخاص يستمد صفتو الجنائية مف مكضكعو‪ ،‬فإذا لـ‬ ‫‪.11‬‬

‫يكف لمكضكعو صفة إجرامية‪ ،‬فبل يعد االتفاؽ جنائيان‪ ،‬كلـ يكتؼ المشرع في قانكف العقكبات رقـ‬

‫(‪ )74‬لسنة ‪ 1936‬بأم صفة إجرامية لمكضكع االتفاؽ؛ كانما قصر ذلؾ عمى الجنايات كالجنح‬

‫أما المخالفات فبل تصمح مصد انر لمصفة الجنائية لبلتفاؽ؛ كلكف رغـ ذلؾ قد يستمد االتفاؽ صفتو‬

‫جرـ‪ ،‬كذلؾ في الحالة التي يككف محمو أفعاؿ مدنية غيرمشركعة‪.‬‬


‫الجنائية مف مكضكع غير يم ٌ‬

‫يصمح ألف يككف محبلن لبلتفاؽ الجنائي جميع الجنايات كالجنح العمدية ميما بمغت جسامتيا‬ ‫‪.12‬‬

‫كدرجة خطكرتيا؛ إذ ال يتصكر االتفاؽ عمى ارتكاب جرائـ غير عمدية أك تمؾ التي تجاكز قصد‬

‫الجاني؛ كىذا غير قاصر عمى ما كرد في قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ مف جنايات‬

‫أك جنح عمدية‪ ،‬بؿ يصمح ألف يككف محبلن لبلتفاؽ الجنايات كالجنح العمدية التي تكفؿ المشرع‬

‫بتجريميا ضمف القكانيف العقابية الخاصة‪.‬‬

‫في الحالة التي يككف فييا االتفاؽ بيف شخصيف كشاب إرادة أحدىما عيب مف عيكب اإلرادة‬ ‫‪.13‬‬

‫كالغمط أك اإلكراه أك التدليس في تقكـ جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬أما إذا كاف بيف أكثر مف‬

‫شخصيف فتقكـ الجريمة بالنسبة لؤلعضاء الذيف لـ تشب إرادتيـ أم عيكب‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫االتفاؽ عمى ارتكاب جناية أك جنحة مستحيمة معاقب عميو‪ ،‬كمرد ذلؾ أف الشارع يعاقب عمى‬ ‫‪.14‬‬

‫االتفاؽ الجنائي لمجرد انعقاده باتحاد اإلرادات‪ ،‬كجريمة مستقمة قائمة بذاتيا‪ ،‬قبؿ تنفيذ الجريمة‬

‫محؿ االتفاؽ الجنائي‪ ،‬حيث يستكم في نظر الشارع إقداـ الجناة عمى ارتكاب جريمتيـ محؿ‬

‫االتفاؽ أـ ال‪ ،‬كمف باب أكلى فإف تعثر تنفيذ مكضكع االتفاؽ الجنائي ألم سبب مف األسباب ال‬

‫يحكؿ دكف قياـ جريمة االتفاؽ‪ ،‬ككف أف ىذه االستحالة كالتعثر الحقة عمى قياـ االتفاؽ كليست‬

‫ركنان مف أركانو‪ ،‬خاصةن في ظؿ عقاب الشارع الجنائي في قانكف العقكبات رقـ (‪ )73‬لسنة‬

‫‪1936‬ـ عمى الجريمة المستحيمة‪.‬‬

‫يتصكر الشركع الناقص في االتفاؽ الجنائي؛ كلكي نككف أماـ جريمة اتفاؽ جنائي في صكرتيا‬ ‫‪.15‬‬

‫المكقكفة‪ ،‬ال بد أف يككف السمكؾ المحقؽ لمشركع قد صدر مف كبل الطرفيف البلزميف لكجكد‬

‫االتفاؽ‪ ،‬فإذا كاف قياـ الجريمة في صكرتيا التامة ال يككف إال إذا تحقؽ السمكؾ المكصكؼ في‬

‫نمكذجيا القانكني مف قبؿ شخصيف عمى األقؿ بقياـ كؿ منيما بمسالؾ متجانسة‪ ،‬فإنو كمف باب‬

‫أكلى أيضان أنو ال قياـ لذات الجريمة في صكرتيا الناقصة إال إذا لـ يتحقؽ السمكؾ المكصكؼ‬

‫في نمكذجيا القانكني ‪.‬‬

‫عطفان عمى النتيجة السابقة تستبعد مف نطاؽ الشركع في االتفاؽ الجنائي كؿ الحاالت التي‬ ‫‪.16‬‬

‫يتحقؽ فييا البدء في التنفيذ في جانب أحد أطراؼ االتفاؽ المزمع عقده‪ ،‬مثؿ محاكلة حمؿ‬

‫شخص عمى الدخكؿ في اتفاؽ عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬أك الدعكة إلى إجراء االتفاؽ التي‬

‫لـ تقترف بقبكؿ ألسباب خارجة عف اإلرادة‪ ،‬كمع ذلؾ تدخؿ ىذه الحاالت ضمف نطاؽ التحريض‬

‫‪225‬‬
‫المعاقب عميو كجريمة مستقمة قائمة بذاتيا بمكجب نص المادة (‪ )31‬مف قانكف العقكبات رقـ‬

‫(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪.‬‬

‫جميع األفعاؿ التي تسبؽ انعقاد االتفاؽ الجنائي تدخؿ ضمف مدلكؿ البدء في التنفيذ‪ ،‬طالما‬ ‫‪.17‬‬

‫أظير كؿ طرؼ‪ -‬في االتفاؽ المزمع عقده ‪ -‬نيتو عمى إجراء اتفاؽ جنائي‪ ،‬بأم فعؿ مف‬

‫األفعاؿ الظاىرة‪ ،‬كلكنو لـ يتمكف مف تنفيذ نيتو إلى حد إيقاع الجريمة‪ ،‬كلكف يشترط أف تصدر‬

‫ىذه األفعاؿ الظاىرة‪ ،‬مف كبل الطرفيف البلزميف لكجكد االتفاؽ كلقياـ الجريمة‪ ،‬مما يستتبع معو‬

‫دخكؿ المفاكضات كالمناقشات التي تجرم بيف أطراؼ االتفاؽ المزمع عقده‪ ،‬ضمف دائرة األعماؿ‬

‫التنفيذية التي تؤدم مباشرة كحاالن إلى كقكع الجريمة‪ ،‬كبالتالي المعاقبة عمييا كشركع في جريمة‬

‫االتفاؽ الجنائي كفقان لنص المادة (‪ )1/30‬مف قانكف العقكبات‪.‬‬

‫عدكؿ المتفقيف كعزكفيـ عف تنفيذ الجرائـ المتفؽ عمييا ال يحكؿ دكف العقاب عمى جريمة‬ ‫‪.18‬‬

‫االتفاؽ الجنائي‪ ،‬إذ ال يمس ىذا العدكؿ الركف المادم الذم تكافرت جميع عناصره‪ ،‬فاالستقبلؿ‬

‫الذم يقرره القانكف لجريمة االتفاؽ الجنائي يستتبع التمييز بيف ركنيا المادم كالركف المادم‬

‫لمجريمة المتفؽ عمييا‪ ،‬فطالما تـ انعقاد اإلرادات يستكمؿ الركف المادم عناصره كلك لـ تنفذ‬

‫الجريمة المتفؽ عمييا‪.‬‬

‫يتصكر كقكع العدكؿ االختيارم في جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬بحيث يرد عمى السمكؾ اإلجرامي‬ ‫‪.19‬‬

‫نفسو ك يأخذ صكرة اإليقاؼ التمقائي لذلؾ السمكؾ‪ ،‬لذلؾ يعد عدكالن اختياريان الحالة التي يقكـ فييا‬

‫شخصيف أك أكثر بإجراء مفاكضات كمناقشات إلجراء اتفاؽ جنائي عمى جناية أك جنحة‪ ،‬ثـ‬

‫‪226‬‬
‫عدكؿ بعضيـ أك جميعيـ عف عقد االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كيقع ىذا العدكؿ تحت طائمة العقاب‬

‫بمكجب نص المادة (‪ )2/30‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪.‬‬

‫أفرد المشرع نصكص خاصة بالعقاب عمى االتفاؽ الجنائي الخاص‪ ،‬في ظؿ أخذه بجريمة‬ ‫‪.20‬‬

‫االتفاؽ الجنائي العاـ‪ ،‬كذلؾ راجع لسببيف‪ :‬أكليما يتمثؿ في رغبة المشرع في المغايرة في‬

‫العقاب‪ ،‬كثانييما يتمثؿ في رغبة المشرع تكسيع دائرة األعماؿ التي تككف محبلن لبلتفاؽ الجنائي؛‬

‫ككؿ ذلؾ الختبلؼ المصمحة المحمية التي ارتآىا المشرع أك المنفعة محؿ الحماية القانكنية التي‬

‫الميدد باالعتداء عميو‪.‬‬


‫يضفييا عمى الحؽ المعتدل عميو أك ي‬

‫ينصرؼ قصد المشرع بالعقكبة غير المعينة في نص المادة (‪ )34‬مف قانكف العقكبات رقـ‬ ‫‪.21‬‬

‫(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬إلى الجنايات غير المقركنة بعقكبة معينة‪ ،‬التي قد ترد في التشريعات‬

‫العقابية الخاصة‪.‬‬

‫ينصرؼ قصد المشرع بالغاية غير المشركعة في نص المادة (‪ )36‬مف قانكف العقكبات رقـ‬ ‫‪.22‬‬

‫(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ إلى األفعاؿ الضارة المدنية‪.‬‬

‫يقع تحت طائمة المسئكلية الجنائية مف كاف بعزـ شخصيف أك أكثر عمى ارتكاب جناية كلـ‬ ‫‪.23‬‬

‫يستعمؿ جميع الكسائؿ المعقكلة لمحيمكلة دكف كقكع تمؾ الجناية أك إتماميا‪ ،‬حيث يعتبر مرتكبان‬

‫لجريمة الحيمكلة دكف كقكع الجرائـ بمكجب أحكاـ المادة (‪ )33‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪)74‬‬

‫لسنة ‪1936‬ـ‪.‬‬

‫يتصكر كقكع المساىمة الجنائية في جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ أف يقكـ شخص بتسخير‬ ‫‪.24‬‬

‫منزلو لجماعة إجرامية لغاية استخدامو لغاية عقد االتفاقات الجنائية‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫يعاقب المشرع عمى االتفاؽ في الحالة التي يككف فييا أطرافو مكزعيف بيف اإلقميـ الكطني‬ ‫‪.25‬‬

‫كالخارج‪ ،‬كال يؤثر المكاف المنكم ارتكاب الجريمة المتفؽ عمييا فيو عمى سرياف القانكف مف حيث‬

‫المكاف‪.‬‬

‫ال نككف إزاء تعدد مادم في الجرائـ عند كقكع الجناية أك الجنحة مكضكع االتفاؽ الجنائي‪،‬‬ ‫‪.26‬‬

‫كمساىمة أطراؼ االتفاؽ فييا كمساىميف تبعييف ال فاعميف أصمييف؛ حيث نككف إزاء فعؿ كاحد‬

‫–االتفاؽ‪ -‬تزاحمت النصكص الجزائية ظاىريان بشأنو؛ كلغاية فض ىذا التزاحـ تيطبؽ قاعدة‬

‫"النص األصمي يستبعد النص االحتياطي"‪ ،‬أما في الحالة التي يساىـ فييا أطراؼ االتفاؽ في‬

‫الجريمة مكضكع االتفاؽ كفاعميف أصمييف فإننا نككف أماـ تعدد مادم لمجرائـ؛ لتعدد األفعاؿ‬

‫المادية كالتصميمات اإلرادية بما يجعؿ كؿ منيا جريمة قائمة بذاتيا لكؿ منيا أركانيا المستقمة‪.‬‬

‫عكار بعدـ الدستكرية يشكب نصكص (‪ )34‬ك(‪ )35‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬‬ ‫‪.27‬‬

‫ككنيا تخالؼ مبدأ الشرعية الجنائية المتضمف بالمادة (‪ )15‬مف القانكف األساسي الفمسطيني‪.‬‬

‫عكار بعدـ الدستكرية يشكب الفقرة (ك) كالفقرة (ز) مف المادة (‪ )36‬كذلؾ ككنيا تخالؼ مبدأ‬ ‫‪.28‬‬

‫الشرعية الجنائية الكارد بنص (‪ )15‬مف القانكف األساسي الفمسطيني ‪.‬‬

‫عكار بعدـ الدستكرية يشكب أحكاـ المادة (‪ )2/49‬كذلؾ ككنيا تخالؼ مبدأ الشرعية الجنائية‬ ‫‪.29‬‬

‫الكارد بنص المادة (‪ )15‬مف القانكف األساسي الفمسطيني‪.‬‬

‫عكار بعدـ الدستكرية يشكب نصكص المكاد (‪ )59‬ك(‪ )60‬كذلؾ ككنيا تخالؼ مبدأ الشرعية‬ ‫‪.30‬‬

‫الجنائية الكارد بنص المادة (‪ )15‬مف القانكف األساسي الفمسطيني ‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫ثاْ‪ٝ‬اّ‪ :‬ية ‪ٛ‬ص‪ٝ‬ا ‪:‬‬

‫نكصي المشرع الفمسطيني بما ىك آت‪:‬‬

‫‪ -1‬إلغاء نصكص المكاد (‪ )34‬ك(‪ )35‬مف قانكف العقكبات رقـ(‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ ككنيا تخالؼ أحكاـ‬

‫مبدأ الشرعية الجنائية؛ كاستحداث نص جديد بدالن منيا‪ ،‬بحيث يككف عمى النحك اآلتي‪:‬‬

‫( أ‪ -‬االتفاؽ الجنائي ىك اتفاؽ بيف شخصيف أك أكثر عمى ارتكاب جناية أك جنحة‪ ،‬فيما عدا جرائـ القتؿ‬

‫كالجرائـ كالمكجية ضد الدكلة المعاقب عمييا باإلعداـ‪ ،‬ال يعد االتفاؽ الجنائي جريمة معاقبان عمييا إال‬

‫بالشركع في ارتكاب الجريمة‪ ،‬كفي جميع الحاالت ال يعد االتفاؽ المعدكؿ عنو جريمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬ييعاقب عمى االتفاؽ الجنائي بذات العقكبة المنصكص عمييا في المادة (‪ )29‬مف ذات القانكف)‪.‬‬

‫‪ -2‬تعديؿ نطاؽ نص المادة (‪ )36‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ؛ كذلؾ بإلغاء كبلن مف‬

‫أحكاـ الفقرة (ك) كالفقرة (ز)؛ كذلؾ لمخالفتيا لمبدأ الشرعية الجنائية‪.‬‬

‫‪ -3‬تعديؿ نطاؽ نص المادة (‪ )49‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬كذلؾ بإلغاء عقكبة‬

‫اإلعداـ الكاردة ضمف أحكاـ الفقرة (‪)2‬؛ كاستبداليا بعقكبة متناسبة‪.‬‬

‫‪ -4‬إلغاء نصكص المكاد (‪ )59‬ك(‪ )60‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ؛ لمخالفتيا لمبدأ‬

‫الشرعية الجنائية‪.‬‬

‫‪ -5‬تعديؿ نطاؽ نص المادة (‪ )30‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬بإلغاء الفقرة (‪)2‬‬

‫الخاصة بالعقاب العدكؿ االختيارم؛ التزامان باعتبارات العدالة التي تقضي بضركرة إعفاء مف عدؿ عف‬

‫‪229‬‬
‫المضي في التنفيذ بمحض إرادتو الحرة‪ ،‬كعدـ مساكاتو بمف تدخمت عكامؿ قيرية كطارئة حالت دكف‬

‫تنفيذه الجريمة‪ ،‬كغيرىا مف االعتبارات المنطقية كالعممية‪.‬‬

‫‪ -6‬تعديؿ نطاؽ نص المادة (‪ )30‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬بإلغاء الفقرة (‪)3‬‬

‫الخاصة بالعقاب عمى الجريمة المستحيمة بشكؿ مطمؽ؛ كجعؿ العقاب قاص انر عمى الحالة التي تككف فييا‬

‫االستحالة نسبية‪ ،‬كاستبعاد العقاب عمى الجريمة المستحيمة إذا كانت االستحالة مطمقة أك قانكنية‪.‬‬

‫‪ -7‬تعديؿ نص المادة (‪ )33‬مف قانكف العقكبات رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪ ،‬بحيث يككف عمى النحك‬

‫اآلتي‪ ":‬كؿ مف كاف يعمـ بأف شخصان آخر عزـ عمى ارتكاب جناية أك جنحة تستكجب عقكبة الحبس مدة‬

‫ثبلث سنكات كلـ ييبمٌغ عنيا بكجو السرعة المعقكلة‪ ،‬أك لـ يستعمؿ جميع الكسائؿ المعقكلة لمحيمكلة دكف‬

‫كقكعيا أك إتماميا‪ ،‬يعتبر أنو ارتكب جنحة كيعاقب بالحبس مدة سنتيف"‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫قائُ‪ ١‬مل جع‬

‫أ‪ٚ‬الّ‪َ :‬عاجِ يًػ‪ ١‬يع ب‪:١ٝ‬‬

‫‪ .1‬محمد بف أبي بكر عبدا لقادر الرازم‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬الككيت‪.1982 ،‬‬
‫‪ .2‬محمد بف مكرـ بف عمي‪ ،‬أبك الفضؿ‪ ،‬جماؿ الديف ابف منظكر األنصارم‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬دار صادر‬
‫بيركت‪.1965 ،‬‬

‫ثاْ‪ٝ‬اّ‪ :‬يه ب يكاْ‪١ْٝٛ‬‬


‫‪1‬‬

‫أحمد أبك الركس‪ ،‬القصد الجنائي كالمساىمة الجنائية كالشركع كالدفاع الشرعي كعبلقة السببية‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫أحمد حساـ طو تماـ‪ ،‬تعريض الغير لمخطر في القانكف الجنائي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪.2004‬‬
‫أحمد صفكت بؾ‪ ،‬شرح القانكف الجنائي‪ ،‬القسـ العاـ‪.1933 ،‬‬ ‫‪.3‬‬

‫أحمد عكض ببلؿ‪ ،‬مبادئ قانكف العقكبات المصرم‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬بدكف سنة نشر‪ ،‬دار النيضة‬ ‫‪.4‬‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬أصكؿ السياسة الجنائية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.1972 ،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم‪ ،‬دار الشركؽ‪ ،‬القاىرة‪.2006 ،‬‬ ‫‪.6‬‬

‫أحمد فتحي سركر‪ ،‬الكسيط في قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫القاىرة‪.1991،‬‬
‫أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬الضكابط الدستكرية لنصكص التجريـ كالعقاب في قضاء المحكمة‬ ‫‪.8‬‬
‫الدستكرية العميا‪ ،‬الجزء األكؿ‪.2008 ،‬‬
‫أكرـ نشأت إبراىيـ‪ ،‬السياسة الجنائية‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عماف‪.‬‬ ‫‪.9‬‬

‫‪231‬‬
‫أميف مصطفى محمد‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬دار المطبكعات الجامعية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫‪.2016‬‬
‫إياد محمد إبراىيـ جاد الحؽ‪ ،‬النظرية العامة لبللتزاـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار المنارة‪ ،‬فمسطيف‪.2011،‬‬ ‫‪.11‬‬
‫إياد محمد إبراىيـ جاد الحؽ‪ ،‬النظرية العامة لبللتزاـ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار المنارة‪.2011 ،‬‬ ‫‪.12‬‬
‫جاسـ العبكدم‪ ،‬التجريـ كالعقاب في إطار الكاقع االجتماعي‪ ،‬دار الحكمة لمطباعة كالنشر‪ ،‬أربيؿ‪،‬‬ ‫‪.13‬‬
‫‪.1990‬‬
‫جبلؿ ثركت‪ ،‬نظـ القسـ العاـ في قانكف العقكبات المصرم‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪.1989 ،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫كقضاء في مئة عاـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.2001،‬‬
‫ن‬ ‫حسف صادؽ المرصفاكم‪ ،‬قانكف العقكبات تشريعان‬ ‫‪.15‬‬
‫حسنيف المحمدم بكادم‪ ،‬الخطر الجنائي كمكاجيتو‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬باإلسكندرية‪.2003 ،‬‬ ‫‪.16‬‬
‫حسيف بني عيسى‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة األكلي‪ ،‬دار كائؿ لمنشر‪.2002 ،‬‬ ‫‪.17‬‬
‫حسيف عمي خمؼ‪ ،‬سمطاف عبدالقادر الشاكم‪ ،‬المبادئ العامة في قانكف العقكبات‪.‬‬ ‫‪.18‬‬
‫خالد صفكت بينساكم‪ ،‬عبء اإلثبات في المكاد الجنائية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2012،‬‬ ‫‪.19‬‬

‫خالد مجيد عبدالحميد الجبكرم‪ ،‬النظرية العامة لمتجريـ الكقائي‪ ،‬المركز العربي لمنشر كالتكزيع‪،‬‬ ‫‪.20‬‬
‫القاىرة‪.2018 ،‬‬
‫خيرم أحمد الكباش‪ ،‬الحماية الجنائية لحقكؽ اإلنساف‪ ،‬دارسة مقارنة‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪.21‬‬
‫‪.2008‬‬

‫رمسيس بيناـ‪ ،‬الجرائـ المضرة بالمصمحة العمكمية‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪.‬‬ ‫‪.22‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪.1997 ،‬‬ ‫‪.23‬‬

‫رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لممجرـ كالجزاء‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪.‬‬ ‫‪.24‬‬
‫رمسيس بيناـ‪ ،‬نظرية التجريـ في القانكف الجنائي‪ ،‬معيار سمطة العقاب تشريعان كتطبيقان‪ ،‬منشأة‬ ‫‪.25‬‬
‫المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪.1971 ،‬‬
‫سامي جماؿ الديف‪ ،‬القانكف الدستكرم كالشرعية الدستكرية كفقان لدستكر ‪2014‬ـ‪ ،‬منشأة المعارؼ‬ ‫‪.26‬‬
‫باإلسكندرية‪2018 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫سامي جميؿ فياض‪ ،‬رفع المسئكلية الجنائية في أسباب اإلباحة‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الكتب العممية‪،‬‬ ‫‪.27‬‬
‫بيركت‪.2005 ،‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات الفمسطيني‪ ،‬الجزء الثاني"الجزاء الجنائي"‪،‬‬ ‫‪.28‬‬
‫الطبعة األكلى‪.2014 ،‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬ ‫‪.29‬‬
‫فمسطيف‪.2011،‬‬
‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬المسئكلية الجنائية عف النتيجة المحتممة‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬فمسطيف‪.2018 ،‬‬ ‫‪.30‬‬

‫ساىر إبراىيـ الكليد‪ ،‬دراسات معمقة في القانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬فمسطيف‪.2018 ،‬‬ ‫‪.31‬‬
‫السعيد مصطفى السعيد‪ ،‬األحكاـ العامة لقانكف العقكبات‪ ،‬الطبعة الرابعة‪.1962 ،‬‬ ‫‪.32‬‬

‫سميماف عبد المنعـ‪ ،‬النظرية العامة لقانكف العقكبات‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2000 ،‬‬ ‫‪.33‬‬
‫سمير الشناكم‪ ،‬الشركع في الجريمة "دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.1971 ،‬‬ ‫‪.34‬‬

‫سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات كالنشر كالتكزيع‪.1998،‬‬ ‫‪.35‬‬
‫عباس عبدالرزاؽ مجمي السعيدم‪ ،‬ضكابط استحداث النص الجزائي الخاص‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬المركز‬ ‫‪.36‬‬
‫العربي لمنشر كالتكزيع‪ ،‬القاىرة‪.2018 ،‬‬
‫عبد الصمد الكنا‪ ،‬ضكابط التجريـ كالعقاب ضمانة لمحقكؽ كالحريات‪ ،‬المنيؿ‪.‬‬ ‫‪.37‬‬

‫عبدالكاحد العممي‪ ،‬شرح القانكف الجنائي المغربي‪ ،‬القسـ الخاص‪ ،‬دكف طبعة‪ ،‬دكف سنة نشر‪ ،‬دكف‬ ‫‪.38‬‬
‫دار نشر‪.‬‬
‫عبكد السراج‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬الجزء األكؿ‪.‬‬ ‫‪.39‬‬
‫عصاـ عفيفي عبد البصير‪ ،‬أزمة الشرعية الجنائية ككسائؿ عبلجيا‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار أبكالمجد‪،‬‬ ‫‪.40‬‬
‫القاىرة‪.2007 ،‬‬
‫عمي بدكم‪ ،‬األحكاـ العامة في القانكف الجنائي‪ ،‬الجزء األكؿ في الجريمة‪.1938 ،‬‬ ‫‪.41‬‬

‫عمي راشد‪ ،‬القانكف الجنائي‪ ،‬المدخؿ ك أصكؿ النظرية العامة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.‬‬ ‫‪.42‬‬

‫‪233‬‬
‫عمي راشد‪ ،‬تخطيط السياسة الجنائية في نطاؽ الكظيفة االجتماعية‪ ،‬منشكرات المكتب العربي‬ ‫‪.43‬‬
‫لمكافحة الجريمة‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫عمي راشد‪ ،‬مكجز القانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة الثانية‪.1953 ،‬‬ ‫‪.44‬‬

‫عمي محمد جعفر‪ ،‬قانكف العقكبات كالجرائـ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات كالنشر‬ ‫‪.45‬‬

‫كالتكزيع‪ ،‬بيركت‪.2000 ،‬‬

‫عماد عبيد‪ ،‬قانكف العقكبات الخاص‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشكرات الجامعة االفتراضية السكرية‪ ،‬سكريا‪،‬‬ ‫‪.46‬‬
‫‪.2018‬‬
‫عماد فكزم ممكخية‪ ،‬الحريات العامة كفقو المتغيرات السياسية‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪.2013 ،‬‬ ‫‪.47‬‬

‫عمر خكرم‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪.2010،‬‬ ‫‪.48‬‬


‫غساف رباح‪ ،‬االتجاىات الحديثة في قانكف العقكبات‪ ،‬الدار الجامعية لمنشر‪ ،‬بيركت‪.1987 ،‬‬ ‫‪.49‬‬
‫فرقد عبكد عكاد العارضي‪ ،‬حؽ األمف الشخصي كضماناتو القانكنية‪ ،‬دار الكتب القانكنية‪ ،‬مصر‪،‬‬ ‫‪.50‬‬
‫‪.2011‬‬
‫مازف خمؼ ناصر‪ ،‬الجريمة العسكرية "دراسة تحميمية مقارنة"‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬المركز العربي لمنشر‬ ‫‪.51‬‬
‫كالتكزيع‪ ،‬القاىرة‪.2018 ،‬‬
‫مأمكف محمد سبلمة‪ ،‬قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.1983 ،‬‬ ‫‪.52‬‬
‫محمد الفاضؿ‪ ،‬الجرائـ الكاقعة عمى أمف الدكلة‪ ،‬الجزء األكؿ‪.1965 ،‬‬ ‫‪.53‬‬
‫محمد بف المدني بكساؽ‪ ،‬اتجاىات السياسة الجنائية المعاصرة كالشريعة اإلسبلمية‪ ،‬الطبعة األكلى‪،‬‬ ‫‪.54‬‬
‫الرياض‪.2002 ،‬‬
‫محمد زكي أبك عامر‪ ،‬الحماية الجنائية لمحرية الشخصية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪.2011 ،‬‬ ‫‪.55‬‬

‫محمد زكي أبك عامر‪ ،‬قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪.1996،‬‬ ‫‪.56‬‬

‫محمد سعيد نمكر‪ ،‬أصكؿ اإلجراءات الجنائية شرح لقانكف أصكؿ المحاكمات الجزائية‪ ،‬دار الثقافة‬ ‫‪.57‬‬

‫لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عماف‪.2016 ،‬‬

‫‪234‬‬
‫محمد صبحي نجـ‪ ،‬قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مكتبة دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪،‬‬ ‫‪.58‬‬
‫عماف‪.1996 ،‬‬

‫محمد عبدالجميؿ الحديثي‪ ،‬جرائـ التحريض كصكرىا في الجكانب الماسة بأمف الدكلة الخارجي كفقان‬ ‫‪.59‬‬
‫لمتشريع العراقي المقارف‪.1984 ،‬‬
‫محمد عبداهلل أبكمطر‪ ،‬القانكف الدستكرم كالنظـ السياسية‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬الطبعة األكلى‪.2016 ،‬‬ ‫‪.60‬‬

‫محمد عمي السالـ الحمبي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الثقافة لمنشر‬ ‫‪.61‬‬
‫كالتكزيع‪ ،‬عماف‪.2011،‬‬
‫محمد عيد الغريب‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬النظرية العامة لمعقكبة كالتدابير االحت ارزية‪،‬‬ ‫‪.62‬‬
‫بدكف دار نشر‪.2000 ،‬‬
‫محمد مرداف‪ ،‬المصمحة المعتبرة في التجريـ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪.2014 ،‬‬ ‫‪.63‬‬
‫محمد نعيـ فرحات‪ ،‬شرعية التجريـ كالعقاب في الفقو اإلسبلمي كالنظـ القانكنية المعاصرة‪ ،‬الرياض‪.‬‬ ‫‪.64‬‬
‫محمكد إبراىيـ إسماعيؿ‪ ،‬األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪.1959 ،‬‬ ‫‪.65‬‬

‫محمكد محمد عمي صبرة‪ ،‬أصكؿ الصياغة القانكنية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الكتب القانكنية‪.‬‬ ‫‪.66‬‬
‫محمكد محمكد مصطفى‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة العاشرة‪ ،‬مطبعة جامعة القاىرة‪،‬‬ ‫‪.67‬‬

‫‪.1983‬‬

‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬الدستكر كالقانكف الجنائي‪ ،‬دار النيضة العربية‪.1992 ،‬‬ ‫‪.68‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬المساىمة الجنائية في التشريعات العربية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬ ‫‪.69‬‬

‫القاىرة‪.1992 ،‬‬

‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬ ‫‪.70‬‬
‫‪.1988‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬دار النيضة العربية‪،‬‬ ‫‪.71‬‬
‫القاىرة‪.1989 ،‬‬

‫‪235‬‬
‫محمكد نجيب حسني‪ ،‬عبلقة السببية في قانكف العقكبات‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.1983 ،‬‬ ‫‪.72‬‬

‫مصطفى العكجي‪ ،‬حقكؽ اإلنساف في الدعكل الجزائية‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪.‬‬ ‫‪.73‬‬
‫مصطفى عبدالمطيؼ إبراىيـ‪ ،‬جريمة االتفاؽ الجنائي "دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬ ‫‪.74‬‬
‫اإلسكندرية‪.2011 ،‬‬

‫مصطفى كامؿ‪ ،‬شرح قانكف العقكبات العراقي‪ ،‬القسـ العاـ‪.1947 ،‬‬ ‫‪.75‬‬

‫مصطفى محمكد محمكد عبدالكريـ‪ ،‬اتفاقية مكافحة الفساد‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الفكر كالقانكف لمنشر‬ ‫‪.76‬‬
‫كالتكزيع‪ ،‬المنصكرة‪.2012 ،‬‬

‫معكض عبدالتكاب‪ ،‬قانكف العقكبات حسب آخر التعديبلت كحتى القانكف ‪ 14‬لسنة ‪ 1999‬كمعمقان‬ ‫‪.77‬‬
‫عميو بأحكاـ محكمة النقض منذ إنشائيا كحتى ‪ ،1999‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.1999 ،‬‬

‫منذر عبد المطيؼ التكريتي‪ ،‬السياسة الجنائية لمحريات الشخصية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪.78‬‬
‫‪.2011‬‬
‫نسريف عبد الحميد نبيو‪ ،‬المحرض الصكرم "دراسة حكؿ المساىمة الجنائية بالتحريض الصكرم"‪،‬‬ ‫‪.79‬‬
‫دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2008 ،‬‬
‫نظاـ تكفيؽ المجالي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عماف‪.2010 ،‬‬ ‫‪.80‬‬

‫ىشاـ سعد الديف‪ ،‬جريمة االتفاؽ الجنائي‪ ،‬المكتب الفني لئلصدارات القانكنية‪.1999 ،‬‬ ‫‪.81‬‬
‫ىبللي عبد البله أحمد‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬بدكف طبعة‪.2002،‬‬ ‫‪.82‬‬
‫ىبللي عبد البله‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬دكف طبعة‪.2002،‬‬ ‫‪.83‬‬
‫كساـ نعمت إبراىيـ السعدم كمحمد يكنس يحيى الصائغ‪ ،‬الحريات العامة كضمانات حمايتيا دراسة‬ ‫‪.84‬‬

‫فمسفية تأصيمية مقارنة‪ ،‬منشأة المعارؼ باإلسكندرية‪.2015 ،‬‬

‫يكسؼ مصطفى رسكؿ‪ ،‬التكازف في اإلجراءات الجزائية‪ ،‬دار الكتب القانكنية‪ ،‬مصر‪.2017 ،‬‬ ‫‪.85‬‬

‫‪236‬‬
‫ائٌ يعًُ‪:١ٝ‬‬ ‫ثايثاّ‪ :‬ي‬

‫يلن ‪ٛ‬ي ‪:ٙ‬‬ ‫‪ -‬أط ‪ٚ‬ذا‬


‫‪ .1‬زحؿ محمد األميف‪ ،‬مبدأ الشرعية الدستكرم كالدكلي‪ ،‬بحث لنيؿ درجة الدكتكراه‪ ،‬جامعة الخرطكـ‪،‬‬
‫‪2006‬ـ‪.‬‬
‫‪ .2‬سمير محمد ىندم‪ ،‬االشتباه كحرية المكاطف بيف الفقو اإلسبلمي كالقانكف الكضعي‪ ،‬رسالة دكتكراه‬
‫مقدمة إلى كمية الحقكؽ بجامعة عيف شمس‪.1992 ،‬‬
‫‪ .3‬محمكد طو جبلؿ‪ ،‬أصكؿ التجريـ كالعقاب في السياسة الجنائية المعاصرة‪ ،‬أطركحة دكتكراه مقدمة‬
‫لكمية الحقكؽ بجامعة عيف شمس‪.2004 ،‬‬

‫ر‪:‬‬ ‫‪ -‬ي ائٌ ملاج‬

‫ابتساـ مكىكب‪ ،‬جرائـ المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات في التشريع الجزائرم‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪.1‬‬
‫تكميمية لنيؿ شيادة الماستر‪ ،‬جامعة العربي بف مييدم‪.2014 ،‬‬
‫أكديحات دليمة‪ ،‬أكزاني دليؿ‪ ،‬تعدد الجناة في التشريع الجنائي‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماستر‪ ،‬جامعة‬ ‫‪.2‬‬
‫عبد الرحمف ميرة‪.2014 ،‬‬
‫بسمة سعكدم‪ ،‬جريمة المؤامرة‪ ،‬مذكرة مقدمة ضمف متطمبات نيؿ شيادة ماجستير أكاديمي‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫بف صافية رابح‪ ،‬مبدأ شرعية الجرائـ كالعقكبات‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيؿ شيادة الماستر في الحقكؽ شعبة‬ ‫‪.4‬‬
‫القانكف الخاص‪ ،‬جامعة عبد الرحمف ميرة‪.2012 ،‬‬

‫بف ممككة ككثر‪ ،‬جنحة إخفاء األشياء في القانكف الجنائي لؤلعماؿ‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في‬ ‫‪.5‬‬
‫الحقكؽ‪ ،‬جامعة كىراف‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫العشبي قكيدر‪ ،‬المكازنة بيف العقكبة كالعفك‪ ،‬دراسة مقارنة بيف التشريع اإلسبلمي كالتشريعي‬ ‫‪.6‬‬
‫الكضعي‪ ،‬جامعة كىراف‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪237‬‬
‫عماد فاضؿ ركاب‪ ،‬زينب عبد الكاظـ الحسف‪ ،‬التناسب التشريعي بيف التجريـ كالعقاب في قانكف‬ ‫‪.7‬‬
‫ضريبة الدخؿ العراقي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬جامعة البصرة‪.2016 ،‬‬
‫مأمكف جميؿ أحمد مصطفى‪ ،‬انحسار مبدأ الشرعية الجنائية‪ ،‬جامعة القدس‪.2015 ،‬‬ ‫‪.8‬‬

‫محمد إبراىيـ الشيخ‪ ،‬المساىمة الجزائية األصمية كالتبعية في القانكف الجزاء الككيتي رسالة‬ ‫‪.9‬‬
‫ماجستير‪.1998،‬‬
‫ىداـ إبراىيـ أبككاس‪ ،‬السياسة الجنائية بيف الفقو التقميدم كاالتجاه الحديث‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة‬ ‫‪.10‬‬
‫الماستر في القانكف الجنائي‪ ،‬جامعة الطاىر مكالم سعيدة‪ ،‬الجزائر‪.2015 ،‬‬

‫ي بعاّ‪ :‬حباث يعًُ‪:١ٝ‬‬

‫أحمد سيؼ اإلسبلـ حمد‪ ،‬مدل دستكرية التنظيـ التشريعي المصرم لجريمتي السب كالقذؼ مف حيث‬ ‫‪.1‬‬
‫التجريـ كالعقاب‪ ،‬مركز ىشاـ مبارؾ لمقانكف‪ ،‬القاىرة‪.2003 ،‬‬
‫تميـ طاىر أحمد الجادر‪ ،‬سيؼ صالح ميدم العكيمي‪ ،‬الضركرة كالتناسب في القاعدة الجنائية‪ ،‬بحث‬ ‫‪.2‬‬
‫منشكر لدل المجمة السياسية كالدكلية‪ ،‬العدد ‪.2014 ،24‬‬
‫رنا العطكر‪ ،‬اقتساـ مكافحة اإلجراـ بيف القانكف كالنظاـ في التشريع الجنائي الفرنسي‪ ،‬مجمة جامعة‬ ‫‪.3‬‬
‫النجاح لؤلبحاث "العمكـ اإلنسانية"‪ ،‬المجمد ‪ ،27‬العدد‪.2013 ،9‬‬
‫سامي البمطي‪ ،‬الجرائـ الكاقعة عمى أمف الدكلة‪ ،‬بحث منشكر عمى مكقع محاماة نت‪ ،‬انظر الرابط‬ ‫‪.4‬‬
‫االلكتركني ‪https://www.mohamah.net‬‬

‫طبلؿ عبد حسيف البدراني‪ ،‬االتفاؽ الجنائي‪ ،‬مجمة الرافديف لمحقكؽ‪ ،‬المجمد ‪ ،14‬العدد‪2016 ،51‬ـ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫عادؿ عازار‪ ،‬مفيكـ المصمحة‪ ،‬بحث منشكر في المجمة القكمية المصرية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬نكفمبر ‪.1972‬‬ ‫‪.6‬‬
‫عبد المجيد قاسـ عبد المجيد‪ ،‬فمسفة العقكبة في الشريعة اإلسبلمية كالقانكف الكضعي‪ ،‬مجمة اإلسبلـ‬ ‫‪.7‬‬
‫في آسيا‪ ،‬المجمد‪ ،9‬العدد‪ ،1‬يكنيك ‪2012‬ـ‪.‬‬
‫عماد فاضؿ ركاب‪ ،‬جريمة العصياف المسمح في التشريع العراقي‪ ،‬جامعة البصرة‪.‬‬ ‫‪.8‬‬

‫‪238‬‬
‫فكزية عبد الستار‪ ،‬رأم مكثؽ لدل دراسة بعنكاف "اآلثار القانكنية لعدـ دستكرية االتفاؽ الجنائي"‬ ‫‪.9‬‬
‫إعداد كنشر مركز حقكؽ اإلنساف كمساعدة السجناء‪ ،‬الدارسة منشكرة الكتركنيان عمى الرابط الخاص‬
‫بمكقع محاماة نت ‪https://www.mohamah.net‬‬
‫مجيد خضر السبعاكم‪ ،‬ضكابط بنياف النص العقابي الخاص‪ ،‬المجمة األكاديمية لدل جامعة نكركز‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫المجمد ‪ ،6‬العدد‪.2017 ،1‬‬

‫مناؿ مركاف منجد‪ ،‬المكاجية الجنائية لجرائـ اإلرىاب في القانكف السكرم‪ ،‬دراسة تحميمية‪ ،‬مجمة‬ ‫‪.11‬‬
‫جامعة دمشؽ لمعمكـ االقتصادية كالقانكنية‪ ،‬المجمد ‪ ،30‬العدد‪.2014 ،2‬‬
‫نظاـ تكفيؽ المجالي‪ ،‬الشرعية الجنائية كضماف لمحرية الفردية "دراسة في التشريع األردني"‪ ،‬بحث‬ ‫‪.12‬‬
‫منشكر في مجمة الحقكؽ‪ ،‬العدد‪ ،4‬س‪ ،22‬الككيت‪.1998 ،‬‬

‫كاثبة داككد السعدم‪ ،‬مبلمح السياسة الجزائية الحديثة في التشريع الجزائي في العراؽ‪ ،‬بحث منشكر‬ ‫‪.13‬‬
‫في مجمة القانكف المقارف‪ ،‬العدد ‪ ،15‬س‪ ،10‬كمية القانكف كالسياسة‪ ،‬جامعة بغداد‪.1983 ،‬‬

‫خاَ اّ‪ :‬مل جع جٓب‪١ٝ‬‬

‫‪1. Joel Samaha-Criminal Law 3rd edition,1990‬‬

‫‪2 .W.R.La La Fave , Criminal Law, 2003‬‬


‫‪3 .Wayne R. LaFave, Austin Wakeman Scott, Criminal law, 1986‬‬

‫‪4 .Peter Gillies, The Law of Criminal Conspiracy, 1990‬‬

‫‪5 .M. Monir, Law of Evidence,8 edition,univresal law puplishing co,India, 2012‬‬

‫‪6 .Juliet R. Amenge Okoth, The Crime of Conspiracy in International Criminal‬‬


‫‪law, 2014‬‬

‫ات اّ‪ :‬يل اتر‪:‬‬

‫المعدؿ لعاـ ‪.2005‬‬


‫‪ ‬القانكف األساسي الفمسطيني ي‬

‫‪239‬‬
‫ابعاّ‪ :‬يك‪ْ ٛ‬ني‪:‬‬

‫قانكف العقكبات السكرم رقـ (‪ )148‬لسنة ‪.1949‬‬ ‫‪.1‬‬


‫قانكف العقكبات الجزائرم رقـ ‪ 156-66‬لسنة ‪.1966‬‬ ‫‪.2‬‬
‫قانكف العقكبات الفرنسي – تعديؿ لسنة ‪2000‬ـ– نسخة مترجمة لئلنجميزية‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫قانكف العقكبات الفمسطيني رقـ (‪ )74‬لسنة ‪1936‬ـ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫قانكف العقكبات المصرم رقـ (‪ )58‬لسنة ‪ 1937‬كتعديبلتو لسنة ‪.2018‬‬ ‫‪.5‬‬
‫قانكف العقكبات المغربي رقـ ‪ 413.59.1‬لسنة ‪.1966‬‬ ‫‪.6‬‬

‫ثآَاّ‪ :‬ذهاّ يكطائ‪١ٝ‬‬

‫أحكاـ متنكعة لممحكمة الدستكرية العميا بمصر‪ ،‬منشكرة عمى المكقع االلكتركني‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫حكـ المحكمة الدستكرية الفمسطينية العميا في الدعكل رقـ ‪ 5‬لسنة ‪ ،2017‬القضية رقـ (‪ )8‬لسنة‬ ‫‪.2‬‬
‫(‪ )3‬قضائية‪ ،‬الكقائع الفمسطينية‪ ،‬العدد ‪.149‬‬

‫)‪(https://www.cc.gov.eg/Dostoureya.aspx‬‬

‫أحكاـ متنكعة لمحكمة النقض المصرية‪ ،‬منشكرة عمى المكقع االلكتركني‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫)‪(http://www.cc.gov.eg/courts/cassation_court/all/cassation_court_all_cases.aspx‬‬

‫‪240‬‬

You might also like