Professional Documents
Culture Documents
إعداد
الدكتور /عبد اللطيف محمود ربايعة
األستاذ المساعد في كلية فلسطين للعلوم الشرطية وجامعة النجاح الوطنية
فلسطين 2016م
1
بسم اهلل الرحمن الرحيم
( الجرائم اإللكترونية )
مع التطور الهائل في عالم تكنولوجيا المعلومات ودخول وسائلها إلى شتى مجاالت الحياة
وال ذي أدى إلى تع اظم دوره ا بش كل غ ير مح دود ،فق د ب اتت الحواس يب اآللي ة والتقني ات
االلكتروني ة وش بكة االن ترنت لغ ة العص ر ال تي ال يمكن االس تغناء عنه ا ،وأص بح االعتم اد
عليها كبيرا في أدق التفاصيل التي تتعلق بتسيير المرافق االقتصادية واالجتماعية والعسكرية
والطبية وغيرها ،وقد أصبحت هذه الوسائل من االهمية بمكان بحيث تعاظمت الضرورة في
توفير اقصى درجات الحماية لما يحيط بها وذلك تجنبا لتعطيل سير تلك المرافق والمصالح
الحيوية او االعتداء عليها بما يؤثر على المصالح الجوهرية في حياة الجماعة ،
وم ع انتش ار ه ذه الوس ائل الحديث ة للتكنولوجي ا بين اف راد المجتمع ات وش يوع اس تخدامها
والتوس ع في التعام ل من خالله ا ،اض حى ل دى ك ل ف رد الق درة على التفاع ل والتواص ل دون
م انع من ح دود أو جغرافي ا ،وذل ك م ع ت وافر الق درة على نق ل وتلقي المعلوم ات والتقني ات
واالضطالع على البيانات والبرامج بكل سهولة و ُيسر ،ومع وجود الحسنات والفوائد الجمة
التي رافقت ظهور هذه الحقول الجديدة والمتطورة من العلوم والمعرفة ،إال ان ذلك قد ترافق
م ع ب روز العدي د من المش كالت والس لبيات ال تي ظه رت على ش كل ج رائم يقترفه ا بعض
مس تخدمي التكنولوجي ا وال تي تتص ف بخطورته ا وس هولة ارتكابه ا ومعض لة عبوره ا للح دود
الوطنية ،والتي يمكن ان يطلق عليها الجرائم االلكترونية .
ويعت بر المجتم ع الفلس طيني كغ يره من المجتمع ات من المتض ررين من ش يوع الج رائم
االلكترونية بصورة سريعة وعلى مستوى واسع ،فال بد من التصدي لهذه الجرائم من خالل
وسائل الدفاع االجتماعي المتعددة والتي من ضمنها الحماية القانونية الجزائية والتي تعتبر أهم
2
وس ائل المجتم ع في الحف اظ على كينونت ه وحماي ة مص الحه .ولكن م ع حداث ة ه ذه الج رائم
وحداثة التشريعات الناظمة للحماية الجزائية في كافة الحقول والمجاالت في فلس طين ،ال زال
هنالك قصور في رسم حدود هذه الحماية من الناحية الجزائية ،والذي يتطلب معه الى التنبه
واإلس راع إلى توف ير األط ر القانوني ة الس ليمة والمرجعي ات اإلجرائي ة الواض حة لمكافح ة ه ذا
النوع الخطير من الجرائم.
من المش اهدات اليومي ة وال تي تلفت االنتب اه التوس ع الكب ير في اس تخدام الحاس ب اآللي
واالنترنت من فبل جميع شرائح المجتمع ،بل واالعتماد عليها في كثير من مجاالت الحياة
س واء االقتص ادية أو االجتماعي ة او التواص ل واالتص ال وال تي تجعله ا تكتس ب أهمي ة ك برى
بالنسبة إلى أفراد المجتمع بكل فئاته بحيث أصبحت تشكل مصلحة من مصالح المجتمع والتي
تستأهل بناء عليها ان تكون جديرة بالحماية لمساسها بالعديد من المصالح الجوهرية في حياة
افراد المجتمع ،وذلك من خالل إسدال ستار الحماية الجنائية على ما يمس أو يتعلق بالحقول
اإللكتروني ة والحاس وب واإلن ترنت ،وعلي ه يمكن ط رح مش كلة البحث في التس اؤل ال رئيس
الت الي :مــا هــو واقــع وأفــق الحمايــة الجزائيــة في المجــال اإللكــتروني واإلنــترنت في فلســطين
تجريما ومالحقة وإ ثباتا ؟
ولعل هذه الدراسة من األهمية بمكان إللقاء الضوء على الواقع الفلسطيني في هذا النوع من
التج ريم م ع اب داء ال رأي والمقترح ات بش أن المفاص ل المهم ة في ارس اء قواع د موض وعية
وإ جرائي ة تتكام ل فيم ا بينه ا لتش كل حلق ات الحماي ة للمص الح االجتماعي ة المتعاظم ة في مج ال
الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات .
تعت بر الجريم ة االلكتروني ة من الج رائم المس تحدثة ف إن المعالج ة القانوني ة يجب أن تتم في
إطار شمولي ذلك أن اعتماد المحاور الرئيسية للحماية الجزائية فيما بينها ال يخلو من التكاملية
،حيث أن خصوصية التجريم يلزمها خصوصية في االثبات وكذلك خصوصية في المالحقة.
3
أما خصوصية التجريم فهي نابعة من وقوع غالبية هذه الجرائم على العالم االفتراضي دون
المادي ،وذلك حتى مع مالمسة بعضها للعالم المادي ،فإنها تبقى من الخصوصية بما يجعلها
متم ايزة عن غيره ا من الج رائم وال تي تتطلب خصوص ية في التج ريم لئال يفلت مقترفه ا من
العقاب.
ومن ناحية خصوصية اإلثبات في هذا النوع من الجرائم فإنها ال تخلو من الصعاب الجمة
وال تي تكتن ف رص د واحت واء ال دليل المتحص ل من مس رح الجريم ة س واء الم ادي أو
االفتراضي ،وذلك كون االدلة الرقمية صعبة االحتواء وسهلة االختفاء والمحو .وكذلك انه
يمكن التضليل بشأن كشفها أو االطالع على مضمونها .
وأم ا خصوص ية المالحق ة فإنه ا تنب ع من الج انب التق ني له ذه الج رائم وال تي تتطلب ق درات
خاص ة ل دى االش خاص المختص ين بالمتابع ة والمالحق ة لمث ل ه ذا الن وع من الج رائم ،وك ذلك
اآلليات القانونية التي يجب اقرارها للمساعدة في التنقيب عن االدلة االلكترونية ،ومشروعية
االجراء الذي يمكن اتباعه للكشف عن الدليل وهذا عوضا عن مشروعية الدليل نفسه .
الباحث :
4
تقسيم :
فال بد من تشخيص الواقع ومن ثم التخطيط الستشراف مستقبل مواجهة هذا النوع الخطير من
الجرائم على أمن واستقرار المجتمعات .وعليه فقد تم تقسيم هذه الدراسة الى مبحثين ،يتناول
المبحث األول واقع مواجهة القانون الجنائي الفلسطيني للجرائم االلكترونية والذي يشتمل على
واقع التجريم والمالحق واإلثبات .ويتناول المبحث الثاني أفق مواجهة الجرائم االلكترونية في
المنظومة الجزائية الفلسطينية من خالل االستشراف لسياسة جنائية فاعلة على الصعيد الوطني
من أجل مواجهة حقيقية لنوع خطير من جرائم العصر .بحيث يشتمل على عرض لوضع هذه
المواجهة من خالل بيان جوانب الحماية الموضوعية ومن ثم بيان جوانب الحماية االجرائية.
5
المبحث االول
حيث أن ش رعية التج ريم والعق اب من أهم األس س ال تي يق وم عليه ا الق انون الجن ائي في إط ار
العم ل على حماي ة المص الح الجوهري ة للمجتم ع ،وك ذلك إن التجريم هو الخاص ية التي يتمت ع
به ا الق انون الجن ائي لحماي ة تل ك المص الح إذ ان ه به ذه الخاص ية يتم ايز عن غ يره من الق وانين
ال تي تق وم بت أثيم الفع ل أو الس لوك لي أتي الق انون الجن ائي من خالل التج ريم ويع زز الحماي ة
القانونية التي تضفيها تلك القوانين من أجل إظهار القوة الجبرية التي تتمترس خلفها القاعدة
القانونية لتكون ملزمة وبالتالي ليصبح لديها القدرة على تنظيم حياة الجماعة ،
يمكن تعريف الجريمة بشكل عام بأنها " فعل محظور جنائيا ،صادر عن إرادة خاطئة ،يقرر
له المشرع جزاء" 1أو أنها " عمل أو امتناع يرتب القانون على ارتكابه عقوبة جنائية " 2وعليه
فإن الجريمة إنما هي العصيان الذي يسعى إلى التمرد على إرادة الجماعة مما يجعله متنافيا
مع إرادة القانون الذي يحدد الفعل المخالف والعقاب المترتب بناء على اإلرادة الجمعية.
ومن هن ا ينش أ التمي يز بين الت أثيم الق انوني وبين التج ريم ال ذي يمث ل اقص ى درج ات الت اثيم،
فالجريم ة اذا انم ا تمث ل اخالال ب التزام مهم في حي اة الن اس والمجتم ع مم ا يجعله ا مس تأهلة
3
للعقاب.
ويمكن تعريف الجريمة االلكترونية بأنها عبارة عن اعتداء يطال معطيات الكمبيوتر المخزنة
والمعلومات المنقول ة عبر نظم وشبكات المعلومات وفي مقدمتها اإلن ترنت .فهي جريم ة تقني ة
تنش أ في الخف اء يقارفه ا مجرم ون أذكي اء يمتلك ون أدوات المعرف ة التقني ة ،وتوج ه للني ل من
4
الحق في المعلومات .
-1محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات' القسم العام (،دار النهضة العربية ،القاهرة ،ط1989 ،6م ) ،ص.40
- 2محمود محمود مصطفى ،شرح قانون العقوبات القسم العام ( ،دار نشر الثقافة ،القاهرة ،ط1983 ،10م ) ص.140
- 3رمسيس بهنام ،نظرية التجريم في القانون الجنائي ،مرجع سابق ،ص.9
-4يونس' عرب ،جرائم الكمبيوتر واالنترنت ،اتحاد المصارف ،2001،ص.19
6
وللوقوف على الجرائم االلكترونية وبيان ماهيتها ال بد من اإلحاطة بالمعنى العام للوسائل التي
تقع بها هذه الجرائم ومن ثم محلها وكذلك المصالح القانونية الجديرة بالحماية الجنائية ،ولذلك
نقف اوال على التعريف بالوسائل االلكترونية ،ومن ثم على المحل الذي يقع عليه االعتداء في
ثانيا ،وبعد ذلك نبين المصلحة الجديرة بالحماية الجنائية في ثالثا .
إن الوسائل االلكترونية هي ما يرتبط باستخدام التقنيات الحديثة والتي تعتبر كتطبيق للحاسب
اآللي بش كل ع ام وترتب ط بتقني ات االتص االت الحديث ة وتكنولوجي ا المعلوم ات ،5وال تي بالت الي
ترتبط بشكل أو بآخر بنظام الحاسب اآللي أو االلكتروني ( الكمبيوتر) بحيث يعتبر الكمبيوتر
كنظ ام معلوم اتي ه و مح ور التعام ل االلك تروني بغض النظ ر عن الص ورة ال تي يظه ر من
خاللها ،وأيضا هنالك ما وراء ذلك والذي يربط بين عوالم االتصال الحاسوبي والذي يعرف
بش بكة اإلن ترنت وعلي ه فال ب د من الوق وف على مع نى الحاس ب اآللي أو االلك تروني لبي ان
الوسيلة األساسية في الجرائم االلكترونية ،وكذلك توضيح المقصود بشبكة االنترنت .
التعريف بالحاسب اآللي ( الكمبيوتر ) :يعرف المتخصصون الحاسب اآللي على أنه " جهاز
الك تروني مص نوع من مكون ات يتم ربطه ا وتوجيهه ا باس تخدام أوام ر خاص ة لمعالج ة وإ دارة
المعلوم ات بطريق ة معين ة ،من خالل تنفي ذ ثالث عملي ات أساس ية وهي :اس تقبال البيان ات
المدخلة (الحصول على الحقائق المجردة ) ،ومعالجة البيانات الى معلومات (إجراء الحسابات
6
والمقارن ات ومعالج ة الم دخالت ) ،وإ ظه ار المعلوم ات المخرج ة (الحص ول على النت ائج) "
وق د عرف ه البعض من خالل آلي ة أو نظ ام عمل ه على أن ه " عب ارة عن مجموع ة من األجه زة
التي تعمل متكاملة مع بعضها البعض بهدف تشغيل مجموعة من البيانات الداخلة طبقا لبرن امج
تم وضعه مسبقا للحصول على نتائج معينة " 7أو هو " آلة حاسبة الكترونية تستقبل البيانات ثم
تق وم عن طري ق االس تعانة ب برامج معين ة بعملي ة تش غيل ه ذه البيان ات للوص ول إلى النت ائج
المطلوب ة " ،8وبمع نى بس يط يمكن الق ول بأن ه جه از يهتم بمعالج ة البيان ات بطريق ة آلي ة مس بقة
الضبط بحيث يتم الحصول على نتاج هذه العملية عند الطلب .
- 5عبد الفتاح بيومي حجازي ،الجرائم المستحدثة ،ط ( 1منشأة المعارف ،االسكندرية 2009م ) ص.1
6محمد الزعبي وآخرون ،الحاسوب والبرمجيات الجاهزة ،ط ، 1دار وائل للنشر ،عمان ،2002ص.5
- 7هدى حامد قشوش ،جرائم الحاسب االلكتروني في التشريع المقارن ( ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،) 1992ص.6
- 8عبد الفتاح مراد ،شرح جرائم الكمبيوتر واالنترنت '،بدون دار او سنة نشر ،ص.19
7
هذا وقد عرف مشروع قانون العقوبات الفلسطيني في المادة ( )379منه نظام الحاسوب على
أنه " جهاز أو مجموعة من أجهزة متصلة أو متواصلة ببعضها البعض أو بواسطة برمجيات ،
وتقوم بمعالجة المعلومات بشكل آلي .
وبالت الي ف إن الحاس وب كنظ ام متكام ل إنم ا يعم ل في إط ار معادل ة ثالثي ة األط راف ،بحيث
يتك ون من مجموع ة من األجه زة ال تي تش كل الكي ان الم ادي الملم وس لنظ ام الحاس وب وال تي
يطل ق عيه ا لف ظ ( )Hard wareأي المع دات كط رف أول ،وك ذلك من مجموع ة من
المعلومات واألوامر أو التعليمات والتي يطلق عليها لفظ ( )Soft wareأي البرمجيات ،أما
الطرف الثالث بالمعادلة والذي يحقق القيمة الفعلية للمعدات والبرمجيات هو وجود األشخاص
9
الذين يتعاملون مع البرمجيات ويستخدمونها كل حسب هدفه.
التعري ف ب االنترنت :يمكن تعري ف االن ترنت بأنه ا عب ارة عن ش بكة الكتروني ة ض خمة تض م
الماليين من الش بكات الداخلي ة وأجه زة الحاس وب المرتبط ة م ع بعض ها البعض عن طري ق
االتصال السلكي والالسلكي والمنتشرة في أرجاء العالم وتزود المستخدمين على مدار الساعة
بمجموع ة كب يرة من الخ دمات المعلوماتي ة المتنوع ة 10.وبالت الي ف إن ه ذه الش بكة إنم ا هي بيئ ة
خصبة الرتكاب الجرائم االلكترونية واالعتداء ألمعلوماتي .
يمكن القول بأن الحاسب اآللي إنما هو أساس التعامل االلكتروني والمعلوماتي ،وبالتالي فهو
المحور األساسي الذي تدور حوله وعليه الجرائم االلكترونية ،بحيث يعتبر من أبرز األخطار
ال تي تته دد األنظم ة المعلوماتي ة والكم بيوتر ه و :التع دي على الكي ان الم ادي للكم بيوتر من
خالل اإلتالف أو الس رقة أو االس تيالء .وك ذلك التع دي ال ذي يق ع على اإلط ار المعلوم اتي
والذي يمكن ان يحدث من خالل 11:تغيير البرامج ،او إدخال برامج مغلوطة مثل الفيروسات
،او اإلطالع غ ير المش روع على المعلوم ات أو ال دخول غ ير المص رح ب ه إلى الش بكات أو
قواع د البيان ات بص فة مقص ودة أو غ ير مقص ودة ،وك ذلك إدخ ال المعلوم ات بقص د ال تزييف
والتزوير سواء بسوء نية أو حسن نية ،وأيضا مسح المعلومات أو إخفائها أو عدم إدخالها أو
تغييرها ،وكذلك مفاتيح التشفير والكلمات السرية .
- 9نهلة عبد القادر المومني ،الجرائم المعلوماتية ،ط ،1دار الثقافة ،عمان ،2008ص.21
- 10يوسف ابو فارة ،األعمال االلكترونية ،جامعة القدس المفتوحة ،رام هللا ،2012ص.17
- 11خالد الغثبر ومحمد القحطاني ،أمن المعلومات بلغة ميسرة ،ط ،1جامعة الملك سعود ،الرياض ،2009ص.7
8
وخالص ة الق ول ف إن مح ل ه ذه الجريم ة وموض وعها ه و المعطي ات والمعلوم ات الكمبيوتري ة
والتي تستهدفها اعتداءات الجناة بشكل عام ،إذ ان هذه الجرائم إما أن تقع على الكمبيوتر ذاته
وإ م ا بواس طته ،وذل ك باعتب اره مح ل للجريم ة ت ارة ووس يلة الرتكابه ا ت ارة أخ رى على مح ل
آخر وهو المعلومات والمعطيات االلكترونية.
إن نقط ة االنطالق في تحدي د ه ذه المص الح هي حماي ة الحواس يب واألجه زة االلكتروني ة
واالضطالع بأمن المعلومات التي ترفع على شبكة االنترنت وعلى الحواسيب المرتبطة بها .
ويمكن رد مكون ات أمن ه ذه المعلوم ات واألجه زة إلى العدي د من الج وانب على درج ة من
12
األهمية وهي :
ولما كان الحاسوب واالنترنت من المواضيع التي تهتم بالدرجة األولى بالمعلومات وتخزينها
وت داولها فق د أص بح من الض روري بمك ان االض طالع ب أمن ه ذه المعلوم ات وحمايته ا ،وفي
سبيل ذلك قام المتخصصون بالتقنيات وتكنولوجيا المعلومات بصناعة تقنيات وبرامج تقوم بهذه
كما من
المهمة من الناحية التقنية والتي تجعل من الحواسيب والشبكات مجاال افتراضيا يحوز َّ
المعلومات الخاصة بكل شخص على حدة لتكون ما يقابل الذمة المالية للشخص والتي يمكن ان
نطلق عليها مصطلح " الذمة المعلوماتية او التكنولوجية " ،وال تي في نهاي ة األم ر ال يمكن أن
تبقى بهذه الصورة إال من خالل إضفاء الحماية القانونية والتي تبلغ أقصى درجاتها من خالل
إسدال القانون الجنائي حمايته عليها .
- 12خالد الغثبر ومحمد القحطاني ،أمن المعلومات بلغة ميسرة ،مرجع سابق ،ص.23
9
حماية حق السرية ،وحرمة الحياة الخاصة
حماية حق الملكية المعلوماتية والفكرية والذي يمكن أن نطلق عليه الذمة المعلوماتية
أو التكنولوجية ،وذلك مع اقرار القوانين الخاصة والتي تقرر هذه الحقوق وحمايتها.
حماية حقوق الملكية المادية على األجهزة والمعدات وعلى كل الماديات التي يمكن ان
يقع عليها أي اعتداء بواسطة الوسائل االلكترونية .
حماي ة النظ ام الع ام االلك تروني كج زء من النظ ام الع ام اإلداري واالقتص ادي في
الدول ة ،وذل ك م ع التوجه ات الحديث ة لل دول باتج اه م ا يس مى بالحكوم ة االلكتروني ة
وال تي ت ذهب باتج اه اإلدارة االلكتروني ة وتق ديم العدي د من الخ دمات والمع امالت من
خالل منظومة الكترونية شاملة.
إن واقع الجرائم االلكترونية في العصر الحديث فرض نفسه على الساحة التشريعية والقضائية
في معظم دول العالم ،بحيث أصبح هاجسا لكل المهتمين بالشأن العام .وفي فلسطين ومع انه
ال يوجد تشريع خاص بالجرائم االلكترونية إال أن هذا الموضوع ونتيجة ضغط الواقع أصبح
ح ائزا على اهتمام ات ك ل القطاع ات الناظم ة للش أن التش ريعي واإلداري واالقتص ادي في
فلسطين .
إال أن ه ذا االهتم ام م ازال يب ارح مرحل ة المح اوالت ال تي ته دف للوص ول إلى ص ياغة أط ر
قانونية حديثة تقوم بتحقيق المواجهة الفاعلة للجرائم االلكترونية .فبالنسبة للتجريم المطبق في
فلس طين ف إن المواجه ة تقتص ر على قواع د ق انون العقوب ات التقلي دي بحيث يتم تطوي ع ه ذه
النصوص والمفاضلة فيما بينها لتنطبق على السلوك المخالف لتخدم قطاع العدالة في معاقبة
مرتكبي هذه الجرائم ،والتي في كثير من األحيان ال تؤدي الغرض المرجو منها في مواجه
ه ذا الس لوك س واء ك ان ذل ك بس بب ع دم التك ييف الق انوني الس ليم له ذا الس لوك وبالت الي افالت
المجرم من العقاب أو بسبب عدم كفاية العقوبة المقررة وعدم تناسبها مع حجم الفعل والضرر
الل َذ ِ
ين تحققا.
10
حيث ان ه يتم مالحق ة بعض الج رائم ال تي ت رتكب بواس طة الكم بيوتر واالن ترنت عن طري ق
إس قاط نص وص ق وانين العقوب ات الس ارية في فلس طين ،13مث ل نص وص االب تزاز والنص ب
ونصوص السرقة واإلتالف والتزييف وتقليد األختام والتزوير وخيانة األمانة والسب والقذف
والتش هير وإ فش اء األس رار والحض على الفج ور ،بحيث يتم تط بيق ه ذه النص وص عن دما
ت رتكب ه ذه الج رائم بواس طة الكم بيوتر أو ش بكة االن ترنت ،وغ ني عن البي ان ب أن ه ذه
النص وص تعت بر قاص رة عن الوف اء ب الغرض وبالت الي ت دق الحاج ة إلى التج ريم االلك تروني
الخ اص به ذه الج رائم ،ذل ك أن نص وص ه ذه الج رائم تنطب ق عن دما يك ون الكم بيوتر وس يلة
الرتك اب الس لوك وفي بعض األحي ان عن دما تق ع على الكم بيوتر ذات ه إال أن المج رم في كث ير
من األحيان يفلت من العقاب بسبب عدم وجود النص التشريعي المناسب للتجريم .
ثانيا :قانون االتصاالت السلكية والالسلكية الفلسطيني رقم 3لسنة 1996م .
علم ا أن ه ذا الق انون يعت بر من الق وانين الحديث ة نس بيا في مج ال تكنولوجي ا االتص االت كون ه
يتعلق بمعالجة الجوانب الفنية لعملية االتصاالت ذاتها وكذلك معالجة اإلطار الرقابي وضبط
المخالف ات والج رائم ال تي ت رتكب في إط ار اإلس اءة لتقني ة االتص االت .14إال أن ه في نهاي ة
-13حيث ينطبق قانون العقوبات' األردني رقم 16لسنة 1960م مع تعديالته لسنة 1967م في الضفة الغربية ،وينطبق' قانون
العقوبات' الفلسطيني االنتدابي رقم 74لسنة 1936م في قطاع غزة .
- 14عبد الفتاح بيومي حجازي ،الجرائم المستحدثة ،مرجع سابق ،ص.315
11
المطاف ومع وجود بعض النصوص التي تجرم سلوكيات تدخل في إطار الجرائم االلكترونية
إال ان ه بالمجم ل ال يش تمل على الحماي ة الجنائي ة الكافي ة ال تي يمكن أن تس توعب األفع ال التي
ترتكب في إطار الجرائم االلكترونية .
في إط ار إدراك المؤسس ات ألهمي ة الج رائم االلكتروني ة فق د ت بين ذل ك من خالل إدراج بعض
مشاريع القوانين التي تختص في الشأن االلكتروني ،ومن هذه المحاوالت هو مشروع قانون
العقوب ات الفلس طيني ،15وال ذي يتع رض وبش كل مباش ر لج رائم الحاس وب واالن ترنت في الب اب
الخ امس من ه في الم واد ( ، )396-379ه ذا وق د ج اءت ه ذه النص وص بمجمله ا لتل بي الح د
األدنى من متطلبات التجريم في مواجهة الجرائم االلكترونية ،ذلك أن األمر ال يخلو من النق د
في إطار عدم اشتمال هذا المشروع على بعض صور الجرائم االلكترونية مثل االطالع غير
المش روع على المعلوم ات ،وك ذلك جس امة العقوب ات وإ يراده ا على س بيل التخي ير بين الحبس
والغرامة والذي يوسع حدود السلطة التقديرية للقاضي وخصوصا في الحد األدنى الذي يمكنه
معه إقرار عقوبات بسيطة جدا ال ترقى إلى مستوى مواجهة هذه الجرائم الخطيرة.
وكذلك من محاوالت المشرع الفلسطيني لمواجهة الجرائم االلكترونية مشروع قانون اإلنترنت
والمعلوماتي ة رقم ( ) لس نة ، 2002وال ذي يتك ون من تس عة فص ول ويض م ( )35م ادة ،
بحيث يمكن اعتب ار ه ذا المش روع امت دادا وتكميال لم ا ب دأه المش رع في ق انون االتص االت
السلكية والالسلكية لسنة ،1996ذلك أنه يعطي هذه الصورة كونه جاء على ذكر هذا القانون
في مقدمة المشروع ،وكذلك نص في المادة ( )25منه على استكمال ما لسلطات الضبط في
القانون المذكور تضاف سلطات جديدة ،علما أن هذا ال يمكن عده انتقادا للمشروع بقدر ما
هو بيان للوجهة القانونية التي يسير في نطاقها هذا المشروع .وقد نص هذا المشروع على
الجرائم والعقوبات المتعلقة باالنترنت والمعلوماتية في المواد ( )31-26منه ،وعلما أنه يتبنى
وزارة االتص االت كمرجعي ة إداري ة وض بطية في إط ار اإلج راءات ال تي ينص عليه ا ،وه و
ال ذي يالح ظ من خالل ه إغفال ه لص الحيات س لطات الض بط القض ائي ال تي تختص بمالحق ة
الجرائم االلكترونية والتي تحتاج إلى نصوص قانونية إلضفاء المشروعية اإلجرائية في إطار
الض بط والمالحق ة ،فهن اك ض عف ع ام في تن اول الج وانب اإلجرائي ة واإلثب ات بحيث تؤس س
-15مشروع قانون العقوبات' الفلسطيني رقم /93/2001م.و ،المقر بالقراءة االولى من المجلس التشريعي الفلسطيني بتاريخ
14/4/2003م.
12
لمشروعية الدليل االلكتروني ،أما في الجانب الموضوعي فيمكن القول بحق هذا المشروع ما
قيل بحق مشروع قانون العقوبات من نقد في سبيل إبرازها كمالحظات ألخذها بعين االعتبار
عند إتمام المعالجة التشريعية لهذه المشاريع .
المطلب الثاني :على صعيد المالحقة واالثبات :
إن االعتم اد على نظم المعلوم ات والكم بيوتر والش بكات في االعم ال في ازدي اد مس تمر وال
تزال تثار مشكلة امن هذه النظم والشبكات ،إذ أن المشكلة الحقيقية تكمن في حمايتها وحماية
محتواها من انشطة االعتداء عليها.
وإ ن المواجه ة الحقيق ة ألي ن وع من الج رائم إنم ا تظه ر للعي ان عن دما يك ون هن اك أجه زة
مختص ة وإ ج راءات مقنن ة تظه ر من خالله ا الق درة على المالحق ة والكش ف وإ ح راز األدل ة
وصوال إلى إثبات الجريمة او السلوك المخالف للقانون امام الجهات القضائية المختصة تمهيدا
لمحاكمته وإ قرار العقوبات الرادعة بحق مقترف السلوك .
وفي فلسطين فقد تم إنشاء وحدة الجرائم االلكترونية التابعة إلدارة المباحث العامة في الشرطة
الفلس طينية في س نة 2013م ،وذل ك بمب ادرة من م دير ع ام الش رطة به دف مواجه ة التح ديات
القائمة في هذا المجال لمكافحة الجرائم االلكترونية كظاهرة من الظواهر اإلجرامية المستحدثة
والتي تتطلب طواقم وإ جراءات ومعدات خاصة والتي ترتكب إما عن طريق وسائل االتصال
المختلف ة أو باس تخدام الحاس وب واالن ترنت ،وتعم ل ه ذه الوح دة جاه دة وباس تخدام الط رق
التكنولوجي ة الحديث ة للكش ف عن الج رائم ،وك ذلك التع رف على الجن اة به دف تق ديمهم إلى
العدالة.
هذا وتسعى هذه الوحدة إلى توفير األدلة الالزمة إلثبات الجرائم االلكترونية ،وتسعى وبالعمل
م ع النياب ة العام ة للخ روج بآلي ات قانوني ة س ليمة للتحص ل على األدل ة االلكتروني ة ال تي يمكن
استخدامها إلدانة المتهمين ،وكذلك تعمل على صياغة دليل إرشادي للعاملين يبين إجراءات
البحث والتح ري في الج رائم االلكتروني ة وذل ك به دف توض يح اإلج راءات الواجب ة اإلتب اع
وتس هيل مهم ات جم ع األدل ة .16ه ذا ويظه ر من اإلحص ائيات الخاص ة بوح دة الج رائم
- 16مقابلة بحثية مع مديرة وحدة الجرائم االلكترونية المقدم سامر الهندي ،اجريت بتاريخ 3/4/2016م في مقر قيادة الشرطة في رام
هللا الساعة 12ظهرا.
13
االلكترونية الحجم الكبير للشكاوى المقدمة في اطار هذا النوع من الجرائم حيث بلغ مجموع
القضايا التي تعاملت معها وحدة الجرائم االلكترونية في العام 2015م بما مجموعه ()502
قضية ،وتم انجاز ( )223منها ،وما زال ( )248قضية قيد المتابعة و( )31أخرى معطلة .
هذا وما يمكن استنتاجه من االرقام السابقة بأن ظواهر االجرام االلكتروني انما هي في تزايد
مس تمر وذات حجم كب ير نس بيا اذ ان ه ذه االرق ام تظه ر م ا تم وص ول علم ه الى الجه ات
المختصة دون تلك غير المبلغ عنها او غير المكتشفة أو الظاهرة اصال .وكذلك يمكن استنتاج
ان هذه الوحدة قد تمكنت من اجاز عدد ال بأس به من هذه القضايا وتقديم المتورطين فيها الى
العدال ة وذل ك في اط ار الس عي المتواص ل لتحس ين مس توى المواجه ة م ع المحافظ ة على
المشروعية االجرائي ة في خض م مالحقة هذه الجرائم ،وم ا يظهر ايض ا هو ع دم القدرة على
الوص ول باالنج از الى اقص ى درجات ه وه و ال ذي يعطي ص ورة واض حة عن حجم المعيق ات
س واء من المتعلق ة باالمكان ات أو م ا ه و بالمعيق ات االجرائي ة من الناحي ة القانوني ة ومش روعية
االج راءات واالدل ة المستخلص ة ،وه و ال ذي يس تأهل مع ه الوق وف على اق رار الق وانين س واء
المتعلق بالتجريم أو المالحقة واالثبات .
يقصد بالتحري باالصطالح القانوني بحث واستقصاء الحقائق ،وهو عمل أمني وقانوني يقوم
به المتحري للحصول على معلومات وبيانات تعريفية او توضيحية عن االشخاص او االشياء
او االماكن ،وذلك للحد من الجرائم أو ضبطها لتحقيق االمن والحفاظ على النظام العام .17وقد
نص ق انون االج راءات الجزائي ة الفلس طيني على أن يت ولى م أمورو الض بط القض ائي البحث
واالستقصاء عن الجرائم ومرتكبيها وجمع االستدالالت التي تلزم للتحقيق في الدعوى ،18وهو
الذي يذهب معه المشرع في اقرار التحري كصالحية لماموري الضبط القضائي يقومون بها
بهدف استقصاء الجرائم وضبطها .
ويمكن الق ول ب ان التح ري االلك تروني إنم ا يتم ع بر الحواس يب ونظم المعلوم ات وش بكة
االنترنت وهو عمل امني وقانوني يقوم به مأموري الضبط القضائي بواسطة بواسطة التقنيات
- 17مصطفى محمد موسى ،دليل التحري عبر شبكة االنترنت '،دار الكتب القانونية ،مصر(المحلة الكبرى) 2005م ،ص.23
-18هذا ما نصت عليه المادة 19/2من قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3لسنة .2001
14
االلكتروني ة والرقمي ة للحص ول على المعلوم ات عن األش خاص أو األم اكن أو األش ياء وذل ك
للحد من الجرائم أو ضبطها.19
وقد نظم القانون قواعد التفتيش ودخول المنازل واالنتقال إلى مسرح الجريمة وإ جراء الكشف
والمعاينة ،فقد نص القانون االساسي الفلسطيني في المادة 11/2منه على عدم جواز تفتيش
الشخص أو حبسه او االعتداء على حريته إال بامر قضائي وفق أحكام القانون ،وكذلك نص
ق انون االج راءات الجزائي ة الفلس طيني على اج راءات الكش ف والمعاين ة واالنتق ال الى مس رح
الجريم ة وأق ر ك ذلك قواع د دخ ول وتفيش المس اكن واق ر له ا حرم ة خاص ة بحيث ال يج وز
دخولها او تفتيشها إال بأمة من جهات االختصاص .20
وال ب د من االش ارة إلى اله دف االساس ي من إج راءات التف تيش والض بط وه و كش ف
االعتداءات والجرائم التي تقع على االفراد والمصالح العامة ،حيث أن البيانات المخزنة داخل
الحواس يب والنظم ليس جميعه ا تتص ل بجريم ة االعت داء موض وع التف تيش ،له ذا فال ب د من
المحافظ ة على الخصوص ية وحرم ة الحي اة الخاص ة في مع رض الكش ف عن ال دليل ,أو في
- 19مصطفى محمد موسى ،دليل التحري عبر شبكة االنترنت '،مرجع سابق ،ص.22
-20وقد جاء ذلك في المواد ( )39 ،27 ،21من قانون االجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3لسنة 2001م.
15
مع رض اإلق رار باس تخدام دلي ل ذي طبيع ة الكتروني ة ذل ك أن ه ح ق دس توري ق د نص علي ه
الق انون األساس ي الفلس طيني .21وه ذا عوض ا عن أن ه من ض من األه داف األساس ية للتج ريم
االلكتروني هو حماية الخصوصية وحرمة الحياة الخاصة باإلضافة إلى األهداف األخرى في
حماية المصالح اإلستراتيجية للجماعة والنظام العام أو المتعلقة بالحقوق األساسية لألفراد .
وحيث أن التعام ل م ع ه ذا الن وع من الج رائم إنم ا يث ير العدي د من المش كالت الموض وعية
الخاصة بالتجريم وكذلك المشكالت اإلجرائية المتعلقة بالبحث والتحري وتقديم الدليل في ظل
إقام ة ال دعوى الجزائي ة على المتهمين .وال ذي يتطلب مع ه التع رض ألدل ة اإلثب ات في إط ار
عملية المالحقة.
لق د انتهج المش رع الفلس طيني في مج ال اإلثب ات الجن ائي مب دأ اإلثب ات الح ر ،فق د نص ق انون
اإلج راءات الجزائي ة الفلس طيني على ج واز اإلثب ات في ال دعاوى بجمي ع ط رق اإلثب ات
القانوني ة وان الحكم الج زائي يخض ع لمب دأ االقتن اع ال ذاتي للقاضي .22وه ذا م ا أكدت ه أحك ام
23
محكمة النقض الفلسطينية .
- 21فقد نص القانون االساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م في المادة ()32من على انه " كل اعتداء على أي من
الحريات الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة لإلنسان وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون األساسي أو القانون،
جريمة ال تسقط الدعوى الجنائية وال المدنية الناشئة عنها بالتقادم ،وتضمن السلطة الوطنية تعويضا ً عادالً لمن وقع عليه الضرر".
- 22هذا فقد نصقانون االجراءات الجزائية الفلسطيني رقم()3لسنة 2001م في المادة ( )206منه على انه " -1تقام البينة
في الدعاوى الجزائية بجميع طرق االثبات إال إذا نص القانون على طريقة معينة لإلثبات -2.إذا لم تقم البينة على المتهم
قضت المحكمة ببراءته " .وكذلك نص في المادة ( )208على انه " للمحكمة بنا ًء على طلب الخصوم ،أو من تلقاء نفسها
أثناء سير الدعوى أن تأمر بتقديم أي دليل تراه الزما ً لظهور الحقيقة ،ولها أن تسمع شهادة من يحضر من تلقاء نفسه
إلبداء معلوماته في الدعوى ".وفي تأكيد لهذا النهج ما ذهب اليه حكم لمحكمة النقض الفلسطينية المنعقدة في عزة في
الدعوى الجزائية رقم ( )205لسنة 2003م " من المقرر قانونا في المواد الجزائية جواز اثباتها بكافة طرق االثبات ما لم
ينص القانون على خالف ذلك ...وإن من ضمن هذه الطرق حسبما نصت عليه المواد ( )109 ،106،108من قانون
البيانات رقم 4لسنة 2001م القرائن القضائية ،كما ان ما استقر عليه قضاء' هذه المحكمة ان البينة الظرفية كافية إلثبات
التهمة قبل فاعلها " ،وكلك نصت الفقرة االولى من المادة ( )273على انه " -1تحكم المحكمة' في الدعوى حسب قناعتها
التي تكونت لديها بكامل حريتها وال يجوز لها أن تبني حكمها' على أي دليل لم يطرح أمامها' في الجلسة أو تم التوصل إليه
بطريق غير مشروع".
- 23وفي تأكيد لهذا النهج ما ذهب اليه حكم لمحكمة النقض الفلسطينية المنعقدة' في عزة في الدعوى الجزائية رقم ( )205لسنة
2003م " من المقرر قانونا في المواد الجزائية جواز اثباتها بكافة طرق االثبات ما لم ينص القانون على خالف ذلك ...وإن من
ضمن هذه الطرق حسبما نصت عليه المواد ( )109 ،106،108من قانون البيانات' رقم 4لسنة 2001م القرائن القضائية ،كما ان
ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة ان البينة الظرفية كافية إلثبات' التهمة قبل فاعلها "
16
وعليه فإنه المهم في هذا اإلطار ان يكون الدليل المتحصل من االدلة التي يقبلها ويعترف بها
القانون الفلسطيني ،وبالتالي تظهر أهمية اعتراف القانون باألدلة ذات الطبيعة االلكترونية ،
خاصة مع احتمال ظهور أنشطة الجرائم االلكترونية في العديد من مجاالت الحياة العامة.
وهن اك بعض الق وانين الفلس طينية ال تي تعرض ت لبعض األدل ة االلكتروني ة ،حيث ورد ذك ر
الس ندات القانوني ة االلكتروني ة والرقمي ة في الق رار بق انون رقم 9لس نة 2007م بش أن مكافح ة
غسل االموال ن وذلك في اطار تعريف القانون لألموال ،وهذا ما يمكن معه اعتبارها دليال
الكترونيا في اثبات بعض الجرائم .
هذا وقد اقر المشرع الفلسطيني بعض الوسائل الحديثة في اإلثبات والتي تدخل في إطار الدليل
االلكتروني حيث نص في قانون 1البينات رقم 4لسنة 2001م في المادة ( )19من على أنه "
-1تكون للرسائل الموقع عليها قيمة السند العرفي من حيث اإلثبات ما لم يثبت موقعها أنه لم
يرس لها ،ولم يكل ف أح داً بإرس الها -2 .تك ون للبرقي ات ومكاتب ات التلكس والف اكس والبري د
اإللك تروني ه ذه الق وة أيض اً إذا ك ان أص لها الم ودع في مكتب التص دير موقع اً عليه ا من
مرسلها ،وتعتبر البرقيات مطابقة ألصلها حتى يقوم الدليل على عكس ذلك، ".
ويقص د ب التلكس :جه از يس تعمل لالتص ال بين شخص ين من خالل امتالك ك ل منهم ا لنفس
نوع الجهاز ليشكل وسيلة اتصال من خالل تبادل الرموز واألحرف واألرقام التي تصل إليهم ا
بسرعة فائقة ،أما الفاكس :فهو عبارة عن جهاز يقوم بنقل المعلومات الموجودة في سند او
وثيق ة م ا طبق ا لألص ل وه و مق ترن باله اتف ،ام ا البري د االلك تروني :فه و وس يلة اتص ال
عص رية يتم من خالله ا تب ادل الرس ائل بين ط رفين يحج زان عن وانين لك ل منهم ا على ش بكة
االنترنت.24
- 24أحمد الحلو وآخرون ،األدلة اإللكتونية (الجوانب القانونية والتقنية) ،معهد الحقوق (جامعة بيرزيت) ،رام هللا 2015م ،ص.35
17
المبحث الثاني
يمكن تعريف السياسة التشريعية بأنها أألفكار واألهداف الرئيسية المراد تحقيقها والتي توجه
القانون في مراحل إنشائه وتطبيقه ،واما السياسة الجنائية فهي مجموعة القواعد والمبادئ التي
تتحدد على ضوئها صياغة نصوص القانون الجنائي سواء فيما يتعلق بالتجريم أو المالحقة او
الوقاية والمعالجة.25
إن تحقي ق مب ادئ السياس ة الجنائي ة لظ اهرة معين ة إنم ا تقتض ي في بداي ة االم ر رص د ه ذه
الظ اهرة ودراس تها بص ورة مستفيض ة بحيث تت وافر جمي ع المعلوم ات المحيط ة به ا .ومن ثم
تحديد مالمح الحماية القانونية لهذه الظاهرة ،بحيث يتم استظهار المصالح التي تدور في فلك
تقنينه ا ،وذل ك كل ه وص وال الى تحدي د النقص في نص وص التج ريم ال تي يمكن من خالله ا
إس دال س تار الحماي ة الجنائي ة على تل ك المص الح المعت برة والج ديرة بالحماي ة ،وذل ك كل ه م ع
االخذ بعين االعتبار اسباب الوقاية والمنع .
واستطرادا في في استكمال بيان مالمح هذه السياسة فإن األدوات التشريعية التي تحقق مبادئ
السياس ة الجنائي ة إنم ا تتمث ل بالق انون الجن ائي بمعن اه الواس ع وال ذي يش تمل على م ا يتعل ق
ب التجريم من قواع د موض وعية تتح دد به ا األفع ال ال تي تش كل االعت داءات على ه ذه المص الح
وتش مل ك ذلك على م ا يتعل ق ب اإلجراءات الجنائي ة وال تي ال س بيل إلى تط بيق القواع د
الموضوعية اال من خاللها سواء ما تعلق منها باإلثبات أو ما تعلق منها بالمالحقة .26
وعليه فإن من االهمية بمكان تجريم ومالحقة هذه الظاهرة المستحدثة وذلك بغرض مكافحتها
وتقلي ل االض رار الناجم ة عنه ا من خالل استش راف اإلج راءات الض رورية ال تي يجب العم ل
على اتخذها من اجل الوصول الى مكافحة والتصدي لهذا النوع من االجرام المستحدث والذي
يتطلب الجه د الكب ير والمتن وع من جه ات ع دة ،فنحن بحاج ة الى التج ريم الق انوني و الى
- 25أحمد فتحي سرور ،أصول السياسة الجنائية ،دار النهضة العربية ،القاهرة 1972م ،ص.10
- 26أحمد فتحي سرور ،أصول السياسة الجنائية ،المرجع السابق ،ص.17
18
الحماي ة المعلوماتي ة من خالل اق رار بروتوك والت وانش اء هيئ ات متخصص ة له ذا الغ رض
وكذلك التثقيف المجتمعي والمؤسساتي بوسائل الحماية المعلوماتية .
أوال :اقرار القوانين المتعلقة بتبادل المعلومات وتداول البيانات والحقوق المتعلقة بالحاسوب
والذمة المعلوماتية من أجل ايجاد القاعدة التي يستند اليها التجريم في حمايته للحقوق .
إذ ان ه وفي ه ذا االط ار ال ب د من ايج اد مجموع ة من القواع د ال تي تش تمل على اآللي ات ال تي
تنظم أعم ال جم ع البيان ات وتخزينه ا ومعالجته ا ونقله ا ،وك ذلك وض ع القواع د ال تي تنش ئ
لألفراد الحقوق المعلوماتية المتعلقة بالكمبيوتر ونظم المعلومات وشبكة االنترنت والتي يتم من
خالله ا تنظيم ال دخول الى المواق ع الخاص ة بهم وحق وق أص حابها بس المتها وص حتها وق درتهم
على تغييرها وتعديلها ،وأيضا اقرار الحماية االدارية والتنظيمية والمدنية ،بحيث يشكل من
مجموعه ا الق انون ال ذي يق رر الحق وق وي رتب االلتزام ات على ك ل اف راد المجتم ع بم ا يتعل ق
بالبيانات والمعلومات الخاصة بالحواسيب والشبكات ووسائل االتصال الحديثة.
ويمكن القول بأن التشريعات التي قطعت شوطا في حماي ة الخصوص ية إنما ذهبت إلى توفير
أإلط ار التش ريعي ال ذي يكف ل الح ق في المعلوم ات وحري ة ت دفقها وانس يابها والح ق في الحي اة
الخاص ة ومب دأ ع دم االعت داء على البيان ات الشخص ية ،وق د اش تملت قواع دها حماي ة الحي اة
الخاصة لألفراد من من مخاطر جمع وتخزين ومعاجة واستخدام هذه البيانات والتي يمكن أن
يتم جمعه ا من قب ل الهيئ ات ومراك ز المعلوم ات ،وق د تض من بعض ها قي ودا على نق ل البيان ات
خ ارج الح دود وغ ير ذل ك من القواع د ال تي يتلخص مض منها في حماي ة امتالك الش خص
27
وتحكمه في معلوماته وبياناته الشخصية.
وهنا يمكن االشار الى قرارمجلس الوزراء االخير بشأن اعداد مشروع قانون حماية البيانات
والخصوص ية ،وال ذي يمكن ان يش كل اللبن ة االساس ية في اق رار الحق وق على البيان ات
الشخصية والحق على المعلومات .
- 27بولين أيوب ،الحماية القانونية للحياة الشخصية في مجال المعلوماتية ،ط ،1منشورات' الحلبي الحقوقية ،بيروت' 2009م،ص.450
19
ثانيا :اقرار القواعد الجزائية الموضوعية والتي تتضمن تحديد االفعال التي يمكن اعتبارها
اعتداء على الحقوق المعلوماتية وتجريم هذه االفعال مع اقرار العقوبات المناسبة والتي يمكن
أن يتحقق من خاللها الردع العام والخاص بحق مرتكبيها .
باإلضافة إلى إيجاد نوع من الجزاءات على مقترفي هذه الجرائم بحيث تكون من نفس نوع
العمل بحيث تتضمن بعض االجراءات التي تحد من استخدامهم للتقنيات الحديثة .
ه ذا وتتع دد ص ور االعت داءات والج رائم وتتع دد وس ائل وأه داف ارتكابه ا وال تي من ض منها
االطالع غ ير المش روع ،والتخ ريب المعلوم اتي ،ومن ع الوص ول إلى المعلوم ات الحاس وبية
واالس تيالء على الم واد أو المعلوم ات الحاس وبية .فهن اك اعت داءات تق ع على الحواس يب نفس ها
كجسم مادي وهناك اعتداءات تقع عليها كجسم معلوماتي ،وأيضا هناك من االعتداءات ما يقع
بواسطة الكمبيوتر وش بكة االن ترنت واالنظم ة المعلوماتي ة ،وبالتالي تتعدد اش كال وص ور هذه
االعت داءات بتع دد االفع ال ال تي تص لح ألن تتم من خالل اس تخدام الحاس وب واالن ترنت ،مث ل
السرقة والنصب وغسل األموال والسب والقذف والتشهير والتزوير ...وغيرها .
ويمكن القول بأن تقسيم الجرائم االلكترونية الى جرائم هدف ووسيلة ومحتوى هو االتجاه الذي
تتبع ه الت دابير التش ريعية في اوروب ا ،حيث أن افض ل م ا يظه ر ه ذا التقس يم ه و االتفاقي ة
االوروبي ة لج رائم الكم بيوتر واالن ترنت لع ام – 2001ذل ك ان العم ل من ذ مطل ع ع ام 2000
يتجه إلى وضع اطار عام لتصنيف جرائم الكمبيوتر واالنترنت ،ويسعى إلى وضع قائمة الح د
األدنى مح ل التع اون ال دولي في حق ل مكافح ة الج رائم االلكتروني ة ،وه و جه د تق وده دول
اوروبا لكن وبنفس الوقت بتدخل ومس اهمة من قب ل امريك ا واس تراليا وكن دا ، ،حيث أوجدت
االتفاقية األوروبية تقسيما تضمن اربع طوائف رئيسة لجرائم الكمبيوتر واالنترنت وهي على
28
النحو التالي :
الطائف ة األولى - :الج رائم المرتكب ة ض د (الس رية والس المة والمص داقية) الخاص ة بكينون ة
بيانات ونظم الحاسوب وتضم :
- 28المذكرة التفسيرية لالتفاقية األوروبية حول الجريمة االفتراضية ،ترجمة وتحقيق عمر محمد يونس ،بدون دار نشر2005 ،م ،ص
15
20
المراقبة أو االعتراض غير المشروع . -
التداخل والتشويش على البيانات . -
التاخل والتشويش على النظم . -
اساءة استخدام االدوات واالجهزة . -
الطائفة الثانية :الجرائم المرتبطة بالحاسوب وتضم - :
الطائفة الرابعة :الجرائم المرتبطة بالعدوان على حق المؤلف والحقوق المجاورة – قرصنة
البرمجيات .
ويمكن اإلشارة هنا إلى أن نصوص مشروع قانون العقوبات الفلسطيني تتبنى نفس هذا التقسيم
،حيث يالح ظ أن مش روع الق انون الفلس طيني لم ينص على طائف ة الج رائم المتعلق ة
بالخصوصية وحماية البيانات حيث ان االتفاقية األوروبية قد غفلتها كونها مدرجة في اتفاقية
مس تقلة لحماي ة البيان ات االس مية من المخ اطر المعالج ة اآللي ة للبيان ات ،وذل ك ان إرهاص ات
إعداد المشروع ك انت في نفس مرحل ة المص ادقة على االتفاقية األوروبي ة المش ار اليه ا والذي
يفهم من خالله ان المشرع إنما تبنى تقسيما حديثا لهذه الجرائم وبما يتفق مع التوجهات الدولية
بهذا الخصوص .
إال ان ه م ا زال لم يتم اس تكمال الخط وات القانوني ة إلق رار ه ذا المش روع وإ خراج ه الى ح يز
التنفيذ ،والذي يبقي الغموض مكتنفا الجوانب الموضوعية للجرائم االلكترونية.
وهن ــا يمكن اب ــراز مالحظ ــة تتعل ــق ب ــالتجريم من الناحي ــة المنطقي ــة وذل ــك عن ــدما يق ــع عليه ــا
االعتــداء على الحاســوب أو األجهــزة األخــرى الــتي تحتــوي على المعلومــات والبيانــات كجســم
مــادي :فإن ه يمكن تط بيق نص وص الق انون التقلي دي أو إف راد نص وص خاص ة في الج رائم
المتعلقة بالحاس وب ولكن م ع اق تراح تش ديد العقوب ات في الجرائم ال تي تق ع على األجهزة التي
تحت وي على المعلوم ات ،ذل ك أنه ا تتم ايز عن أي م واد أو أم وال أخ رى بأنه ا تح وز ب داخلها
21
المعلوم ات الخاص ة بمالكه ا وال تي يمكن أن تحم ل الكث ير من القيم ة المعنوي ة لدي ه عوض ا عن
القيمة المادية للجهاز نفسه وكذلك ما يمكن أن يكون من قيمة مادية للمعلومات التي يحوزها .
وبالت الي فإن ه وفي جمي ع االح وال ال ب د من اللج وء الى حماي ة خاص ة من خالل التج ريم
االلكتروني.
من خالل المنع والوقاية من هذه الجرائم ،من خالل جهات متخصصة وفرض برامج الحماية
وإ مكانيات الوصول والذي تنتهجه بعض الدول ،وكذلك مراكز الرصد والبحث االستقصائي
والتحليل المعلوماتي المتخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات لتحديد مواطن الخلل ودراسة
الظ واهر اإلجرامي ة المس تحدثة والمتعلق ة بش بكة الحاس وب واالن ترنت واق تراح انس ب الس بل
للمواجه المبكرة .
وق د أعطى ق انون االتص االت الفلس طيني رقم 3لس ن 1996م س لطات الض بط اإلداري
لموظفي وزارة االتصاالت وقد فوض بعضهم صالحيات الضبط القضائي وقد فوضهم العديد
من الص الحيات في ه ذا المج ال 29.ولكن ه ذا ال ينفي عن بعض االجه زة المختص ة في حف ظ
االمن والنظام العام صالحياتها في الضبط االداري.
والذي يتضمن المالحقة اإلجرائية من قبل سلطات الضبط القضائي لمرتكبي هذه الجرائم ،
وذلك من خالل اقرار قواعد اجرائية خاصة بمتابعة ومالحقة هذه الجرائم ومرتكبيها ،بحيث
تعطي مأموري الضبط القضائي وسلطات التحقيق اإلمكانيات القانونية اإلجرائية والقدرة على
التح رك الس ريع والمواجه ة من خالل تمكينهم قانوني ا من خالل إق رار اإلج راءات ال تي تمكنهم
ممن ضبط هذه الجرائم .
-29فقد نصت المواد ( ) 85-82على سلطات الضبط وصالحياتها وما يتعين عليها القام به ،من قانون االتصاالت السلكية والالسلكية
الفلسطيني رم 3لسنة 1996م.
22
ولع ل بعض القواعد االجرائي ة تذهب باتج اه االس تفادة من هذه التطورات التكنولوجي ة الحديث ة
بحيث تستخدم هذه النظم في التواصل فيما بين السلطات المختصة لتحقق السرعة في المواجهة
،بحيث يتم استخدام التقنيات الحديثة في التواصل وإ قرار اإلجراءات والذي يتطلب معه إيجاد
الك وادر المتخص ص في جمي ع مراح ل ه ذه اإلج راءات ابت داء من م أموري الض بط القض ائي
مرورا بجهات التحقيق وانتهاء بسلطة المحاكمة والعقاب .
وهناك الكثير من التحديات االجرائية لجرائم الكمبيوتر واالنترنت والتي تواجه سلطات الضبط
القض ائي ،وذل ك كونه ا تتمت ع بطبيع ة افتراض ية تجعله ا متم ايزة عن غيره ا من الج رائم
التقليدي ة ،حيث أن ه ذه الج رائم ال ت ترك أث را مادي ا في مس رح الجريم ة كغيره ا من الج رائم
ذات الطبيعة المادية كما ان مرتكبيها يملكون القدرة على إتالف او تشويه او إضاعة الدليل في
فترة قصيرة .وأهم الصعوبات التي تواجه المالحقة اإلجرائية هو ما يتعلق بإجراءات التفتيش
ومحل ه ،إذ أن التف تيش في ه ذا النم ط من الج رائم ع ادة م ا يتم على نظم الكم بيوتر وقواع د
البيانات وشبكات المعلومات ،وقد تتجاوز هذه الجرائم من النظام المشتبه به إلى أنظمة أخرى
مرتبط ة ب ه وفي ظ ل الوض ع الح الي على مس توى الع الم من ش يوع التش بيك بين الحواس يب
وانتش ار الش بكات الداخلي ة ،ف إن امت داد التف تيش الى النظم غير النظ ام المشبه ب ه انم ا يخلق
التح ديات الكب يرة في م دى قانوني ة اإلج راء في االص ل وك ذلك مساس ه بحق وق الخصوص ية
المعلوماتية ألصحاب النظم التي يمتد إليها التفتيش.30
وكذلك عملية الضبط ال تتوقف على تحريز جهاز الكمبيوتر فقد يمتد من ناحية ضبط المكونات
المادي ة الى مختل ف اج زاء النظ ام ال تي ت زداد يوم ا بع د ي وم ،واالهم ان الض بط ينص ب على
المعطيات والبيانات والبرامج المخزنة في النظام او النظم المرتبطة بالنظام محل االشتباه ،اي
على اشياء ذات طبيعة معنوية معرضة بسهولة للتغيير واإلتالف ،وهذه الحقائق تثير مشكالت
متع ددة ،منه ا المع ايير المقبول ة للض بط المعلوم اتي ومع ايير التحري ز إض افة الى م دى مس اس
إجراءات ضبط محتويات نظام ما بخصوصية صاحبه.31
-30هاللي احمد ،تفتيش' نظم الحاسب االلي ،ط ، 1دار النهضة العربية ،القاهرة 1997م،ص137
31يونس عرب جرائم الكميتر' واالنترنت ،اصدار اتحاد المصارف العربية 2001 ،م ،ص.126
23
وه ذا ه و ايض ا ح ال األدل ة المتحص لة من التف تيش والض بط في الج رائم االلكتروني ة ذل ك أن
الدليل الجنائي اما يجب أن يتصف بالوضوح والعقالنية واالقناعية والمشروعية وذلك بجانب
موضوعيته وقضائيته32.وكذلك هنالك ما يثار حول قواعد االختصاص القضائي وذلك كون هذه
الج رائم في كث ير من االحي ان انم ا هي بطبيعته ا ع ابر للح دود وال ترتب ط بجنس يات ويرتب ط
بمش كالت االختص اص وتط بيق الق انون مش كالت امت داد أنش طة المالحق ة والتح ري والض بط
والتفتيش خارج الحدود وما يحتاجه ذلك الى تعاون دولي شامل للموازنة بين موجبات المكافح ة
ووجوب حماية السيادة الوطنية.33
وعليه فان البعد االجرائي لجرائم الكمبيوتر واالنترنت ينطوي على تحديات ومشكالت جمة ،
عناوينها الرئيسة ،الحاجة الى سرعة الكشف خشية ضياع الدليل ،وخصوصية قواعد التفتيش
والضبط المالئمة لهذه الجرائم ،وقانونية وحجية أدلة جرائم الكمبيوتر واالنترنت ،ومشكالت
االختص اص القض ائي والق انون ال واجب التط بيق .والحاج ة الى تع اون دولي ش امل في حق ل
امت داد إج راءات التحقي ق والمالحق ة خ ارج الح دود وال ذي يجع ل ه ذه الج رائم مح ل اهتم ام
الص عيدين الوط ني وال دولي .34وه ذا كل ه إنم ا ي ذهب بن ا الى ض رورة مواكب ة التط ورات
اإلجرائية والحاجة الى الخصوصية باإلجراء وهذا كله مرتبط بشكل عام بالمشروعية اإلجرائية
التي يجب توافرها وذلك كاستثناء سلبي على حرية القاضي في االقتناع بالدليل ذلك أن الحرية
35
في تك وين القانع ة مقي دة بالمش روعية فال يج وز للقاض ي الحكم إال بن اء على أدل ة مش روعة.
بحيث يتطلب اق رار قواع د اجرائي ة خاص ة وتش كيل اجه زة الض بط القض ائي المختص ة قانوني ا
وتقنيا بحيث تواكب القدرات المتعاظمة لإلجرام االلكتروني مع توفير كامل اإلمكانات المادية
والتدريبية .
ولعل ه من المناس ب في اق رار الق وانين ذات الص لة التأكي د على وج ود بعض الوس ائل واألدل ة
االلكتروني ة الحديث ة مث ل بطاق ات الص راف اآللي وبطاق ات االئتم ان والكمبيال ة االلكتروني ة ،
وأيضا النص بما يقنن التوقيعات االلكترونية والسجل االلكتروني والبصمة االلكترونية ،36وكل
م ا يمكن اإلف ادة من ه في إط ار تس هيل المواجه ة من أج ل الوص ول الى حماي ة النظ ام الع ام
- 32أحمد ضياء الدين ،مشروعية الدليل في المواد الجنائية ،دار النهضة العربية ،القاهرة 2010م ،ص.382
-33يونس' عرب جرائم الكميتر واالنترنت' ،المرجع السابق.
-34يونس' عرب جرائم الكميتر واالنترنت' ،المرجع السابق.
- 35أحمد ضياء الدين ،مشروعية الدليل في المواد الجنائية ،المرجع السابق ،ص.401
-36أحمد الحلو وآخرون ،األدلة اإللكتونية (الجوانب القانونية والتقنية) ،مرجع سابق ،ص.38
24
االلك تروني ،ولع ل مشاريع القوانين والتي م ا زالت قي د الدراس ة واإلقرار ،37يمكن أن تشكل
المح اور األساس ية في توف ير الغط اء التش ريعي الق انوني له ذا الفض اء االلك تروني االفتراض ي
ولكن يجب ان يتم ذلك في إطار تكاملي بحيث يضمن شمولية المواجه.
-37مشروع قانون العقوبات' ،ومشروع' قانون المعامالت' االلكترونية ومشروع' قانون االنترنت' والمعلوماتية ،ومشروع قانون
المبادالت والتجارة االلكترونية ،واخيرا مشروع قانون حماية البيانات والخصوصية الذي قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة لعداده.
25
الخــاتــمــة
لقد تم بحمد اهلل وفضله في ثنايا هذه الدراسة التعرف على واقع المواجهة الجنائية الفلسطينية
للج رائم االلكتروني ة ،وذل ك من خالل ع رض التعري ف ب الجرائم االلكتروني ة وبي ان محله ا
والمصلحة المحمية جنائيا من خالل التجريم االلكتروني وتم أيضا التعرف على واقع التجريم
االلكتروني في القانون الجنائي الفلسطيني وبيان جهات المالحقة اإلجرائية ابتداء مع عرض
لمش روعية التح ري والتف تيش والض بط ،ومن ثم أدل ة اإلثب ات االلك تروني في التش ريعات
االلكترونية ،وبعد ذلك تم عرض اآلفاق التي يمكن من خاللها تخطيط سياسة جنائية فاعلة في
مواجه ة ه ذه الج رائم وذل ك من خالل بي ان القواع د الموض وعية واجب ة اإلق رار وك ذلك بي ان
القواع د اإلجرائي ة الخاص ة بالمالحق ة وك ذلك توف ير اط ار المش روعية اإلجرائي ة لألدل ة
المتحصلة أثناء التفتيش واستقصاء الجرائم االلكترونية .
تعرف الجريمة االلكترونية بأنها عبارة عن اعتداء يطال معطيات الكمبيوتر المخزنة -1
والمعلومات المنقولة عبر نظم وشبكات المعلومات وفي مقدمتها اإلنترنت.
يعت بر الكم بيوتر كنظ ام معلوم اتي ه و مح ور التعام ل االلك تروني بغض النظ ر عن -2
الصورة التي يظهر من خاللها ،ويعرف على أنه جهاز يهتم بمعالجة البيانات بطريق ة
آلية مسبقة الضبط بحيث يتم الحصول على نتاج هذه العملية عند الطلب.
إن مح ل الجريم ة االلكتروني ة وموض وعها ه و المعطي ات والمعلوم ات الكمبيوتري ة -3
وال ذي تس تهدفه اعت داءات الجن اة بش كل ع ام ،إذ ان ه ذه الج رائم إم ا أن تق ع على
الكم بيوتر ذات ه وإ م ا بواس طته ،وذل ك باعتب اره مح ل للجريم ة ت ارة ووس يلة الرتكابه ا
تارة أخرى على محل آخر وهو المعلومات والمعطيات االلكترونية.
المص الح المس تأهلة للحماي ة الجنائي ة في اط ار التج ريم االلك تروني هي حماي ة ح ق -4
الس رية ،وحرم ة الحي اة الخاص ة ،وحماي ة ح ق الملكي ة المعلوماتي ة والفكري ة وال ذي
يمكن أن نطل ق علي ه الذم ة المعلوماتي ة أو التكنولوجي ة ،وحماي ة حق وق الملكي ة المادي ة
على األجه زة والمع دات وعلى ك ل المادي ات ال تي يمكن ان يق ع عليه ا أي اعت داء
26
بواسطة الوسائل االلكترونية ،وحماية النظام العام االلكتروني كجزء من النظام العام
اإلداري واالقتصادي في الدولة.
يتم مالحقة بعض الجرائم التي ترتكب بواسطة الكمبيوتر واالنترنت عن طريق إسقاط -5
نص وص ق وانين العقوب ات الس ارية في فلس طين ،وتعت بر ه ذه النص وص قاص رة عن
الوفاء بالغرض وبالتالي تدق الحاجة إلى التجريم االلكتروني الخاص بهذه الجرائم.
يعت بر ق انون االتص االت الفلس طيني من الق وانين الحديث ة نس بيا في مج ال تكنولوجي ا -6
االتصاالت كونه يتعلق بمعالجة الجوانب الفنية لعملية االتصاالت ذاتها وكذلك معالجة
اإلط ار الرق ابي وض بط المخالف ات والج رائم ال تي ت رتكب في إط ار اإلس اءة لتقني ة
االتص االت ،إال أن ه في نهاي ة المط اف وم ع وج ود بعض النص وص ال تي تج رم
س لوكيات ت دخل في إط ار الجرائم االلكتروني ة إال انه بالمجم ل ال يش تمل على الحماي ة
الجنائي ة الكافي ة ال تي يمكن أن تس توعب األفع ال ال تي ت رتكب في إط ار الج رائم
االلكترونية .
توج د بعض مش اريع الق وانين وال تي تتعل ق بش كل أو ب آخر ب الجرائم االلكتروني ة مث ل -7
مشروع قانون العقوبات ،ومشروع قانون االنترنت والمعلوماتية ،ومع توجيه بعض
االنتقادات إلى انها يمكن ان تشكل لبنة معتبرة في مكافحة الجرائم االلكترونية في حال
اقرارها.
تظه ر المواجه ة الحقيق ة ألي ن وع من الج رائم عن دما يك ون هن اك أجه زة مختص ة -8
وإ ج راءات مقنن ة تظه ر من خالله ا الق درة على المالحق ة والكش ف وإ ح راز األدل ة
وص وال إلى إثب ات الجريم ة او الس لوك المخ الف للق انون ام ام الجه ات القض ائية
المختصة تمهيدا لمحاكمته وإ قرار العقوبات الرادعة بحق مقترف السلوك .
تم إنش اء وح دة الج رائم االلكتروني ة التابع ة إلدارة المب احث العام ة في الش رطة -9
الفلس طينية في س نة 2013م ،وذل ك بمب ادرة من م دير ع ام الش رطة به دف مواجه ة
التح ديات القائم ة في ه ذا المج ال لمكافح ة الج رائم االلكتروني ة كظ اهرة من الظ واهر
اإلجرامية المستحدثة.
تواجه وحدة الجرائم االلكترونية العديد من المعيقات سواء منها المتعلقة باالمكانات أو -10
ما هو متعلق بالمعيقات االجرائية من الناحية القانونية ومشروعية االجراءات واالدلة
المستخلص ة ،وه و ال ذي يس تأهل مع ه الوق وف على اق رار الق وانين س واء المتعل ق
بالتجريم أو المالحقة واالثبات .
27
ان االجراءات الخاصة بالتحري والتفتيش والضبط قد تنطوي على كشف خصوصية -11
البيان ات المخزن ة في النظ ام ،ف إذا لم تكن ض من االط ار الم بين في أوام ر التف تيش
والضبط فإنها تذهب باتجاه الصيرورة الى بطالن اإلجراء وبالتالي بطالن الدليل الذي
استمد منه.
ق د اق ر المش رع الفلس طيني بعض الوس ائل الحديث ة في اإلثب ات وال تي ت دخل في إط ار -12
الدليل االلكتروني مثل الفاكس والتلكس والبريد االلكتروني.
ال بد من ايجاد مجموعة من القواعد التي تشتمل على اآلليات التي تنظم أعمال جمع -13
البيانات وتخزينها ومعالجتها ونقلها ،وكذلك وضع القواعد التي تنشئ لألفراد الحقوق
المعلوماتية المتعلقة بالكمبيوتر ونظم المعلومات وشبكة االنترنت والتي يتم من خاللها
تنظيم ال دخول الى المواقع الخاص ة بهم وحقوق أصحابها بسالمتها وص حتها وقدرتهم
على تغييرها وتعديلها ،
اقرار القواعد الجزائية الموضوعية والتي تتضمن تحديد االفعال التي يمكن اعتبارها -14
اعت داء على الحق وق المعلوماتي ة وتج ريم ه ذه االفع ال م ع اق رار العقوب ات المناس بة
والتي يمكن أن يتحقق من خاللها الردع العام والخاص بحق مرتكبيها .
وهن اك الكث ير من التح ديات االجرائي ة لج رائم الكم بيوتر واالن ترنت وال تي تواج ه -15
س لطات الض بط القض ائي ،وذل ك كونه ا تتمت ع بطبيع ة افتراض ية تجعله ا متم ايزة عن
غيرها من الجرائم التقليدية
التوصيات :
العمل على اقرار قانون يحمي الخوصية المعلوماتية وتداول البيانات . -1
العم ل على اق رار ق انون العقوب ات الفلس طيني بم ا يحوي ه من التج ريم االلك تروني م ع -2
التوص ية يتش ديد العقوب ات وع دم اي راد عقوب ة بعض الج رائم على س بيل التخي ير بين
الحبس والغرام ة ،باإلض افة إلى إيج اد ن وع من الج زاءات على مق ترفي ه ذه الج رائم
بحيث تك ون من نفس ن وع العم ل ،بحيث تتض من بعض االج راءات ال تي تح د من
استخدامهم للتقنيات الحديثة .
28
العمل على اقرار قانون اجرائي يتضمن القواعد الخاصة بالتحري والتفتيش والضبط -3
في المج ال االلك تروني وك ذلك النص من خالل ه على االدل ة االلكتروني ة وحجيته ا في
االثبات
التوجه نحو التخصص في االعمال االجرائية الخاصة بالجرائم االلكترونية ،وذلك من -4
خالل العمل على تعزيز دور وحدة مكافحة الجرائم االلكترونية في الشرطة ،والعمل
على تشكيل وحدة خاصة بالتحقيق في هذه الجرائم في النيابة العامة ،مع ايجاد قضاء
متخصص ويمتلك التدريب الالزم للنظر في الجرائم االلكترونية .
إنشاء مركز وطني ألمن المعلومات والخصوصية ،والذي يقوم بالتنسيق بين الجهات -5
المختلف ة ذات العالق ة ب أمن المعلوم ات ،وتعطى ل ه ص الحيات الض بط اإلداري
ويتعاون مع سلطات الضبط القضائي وسلطات التحقيق والقضاء.
االنضمام الى المؤسسات واالتفاقيات الدولية التي تُعنى بمكافحة الجرائم االلكترونية . -6
تعزيز التعاون الدولي الشرطي والقضائي بهدف تبادل المعلومات والخبرات والتدريب -7
فضال عن المساعدة المتبادلة في كشف هذه الجرائم.
إن ه ال ب د من انته اج سياس ة جنائي ة واض حة وتك ون كفيل ة بمواجه ة الج رائم االلكتروني ة ،
بحيث يتوفر لهذه السياسة مقومات النجاح من المناقشة المستفيضة والتخطيط الشامل والجهات
التنفيذية القادرة والناشطة ،واألدوات التشريعية والقضائية المتخصصة والفاعلة لتتكلل الجه ود
المبذولة بالنجاح في اإلطار العام لهذه السياسة في مواجهة الجرائم االلكترونية بصورة شاملة
متكاملة وقابلة للتطور بحيث تواكب مستجدات العصر وتتواءم مع مبادرات التعديل والتطوير
ومراكمة االنجازات.
29
30