You are on page 1of 70

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة دمحم بوضياف ‪ -‬المسيلة‬

‫ميدان‪ :‬الحـقـــــوق و العلـــــــوم السياسية‬ ‫كـلية الحـقـــــوق و العلـــــــوم السياسية‬


‫فرع‪ :‬الحقوق‬ ‫قسم‪ :‬الحقوق‬
‫تخصص‪ :‬قانون جنائي‬ ‫رقم‪.......................................... :‬‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر أكاديمــي‬


‫إعداد الطالب(ة)‪ :‬يوسف جفال‬

‫تحت عنوان‬

‫التحقيق في الجريمة اإللكترونية‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫رئيســـا‬ ‫جامعة‪ :‬دمحم بو ضياف‬ ‫أ‪ .‬بلحو نسيم‬
‫مشرفا و مقررا‬ ‫جامعة‪ :‬دمحم بو ضياف‬ ‫أ‪ .‬سعدي الربيع‬
‫مناقشا‬ ‫جامعة‪ :‬دمحم بو ضياف‬ ‫أ‪ .‬حططاش عمر‬

‫السنة الجامعية‪6102/6102:‬‬
‫مسبلا ا هللا نمحرلا ميحرل‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫ون الىِ َعا مِل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫" َو ُقلِ ا ملواِف َس َي َرى اللَّ ُِه لك ِْم َو َرسول ُ ِه َوالم ْومن َونِ َو َس ُي َرُّد َِ‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ال َغ ْي َ ال َّش َه َ فين ِّينك ُ ب َم كي ُت ْ ت ْع َمل َُ‬
‫ب و ادةِ م ا ِم ونِ"‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫سورة التوبة الآية (‪)501‬‬
‫إهلا داء‬

‫أهدي هذا العمل الذي هو زبدة دراستي إلى من ينعقد لساني‬


‫لوصفها‪...‬‬

‫إلى أمي التي أمسكت يدي وأخذتني عند نهر العلم وف ارقتني عند‬
‫الضفة وأخفت دموع خوفها ‪ ...‬أوصلتني وأركبتني وأيقظتني‬
‫ووبختني هي صورة رحمة هللا في الدنيا ربي احفظها لي‬

‫‪....‬إلى ليث بيتنا وسقف كوخنا إلى ساقي اسرتنا وحاميها ‪ ...‬إلى كل‬
‫تلك القسوة والتوجيه إلى ابي الذي ليس له مثيل ‪ ...‬لكل إبداع‬
‫وإنجاز ‪ ..‬لكل مربي ولد صالح يدعو له‪..‬أعانني هللا أن أكون ولدك‬
‫الصالح‪..‬أبي‬
‫شكرلا وعرفان‬

‫‪...‬الحمد هلل الذي جعلني في مكاني هذا بعملي هذا‪...‬‬

‫‪..‬إلى كل من ساهم في ترقيتي إلى هذا المكان ‪ ..‬من كل ق لبي‬


‫أشكركم وأحمد هللا لوجودكم أصدق ائي وعائلتي وكل من اعانني‬
‫لست شيئا دونكم ولست شيئا بعدك‪...‬‬

‫إلى أستاذي الذي يصب مثل النهر على طلبته بالعلم جعلك هللا‬
‫منيرا ونورا يهتدى به ‪..‬سعدي الربيع‪..‬‬

‫‪ ...‬لن تكون الحروف ولم تكن أبدا في وقت ما كافية للبوح بما‬
‫يحمله الق لب من امتنان ‪ ..‬شكرا جزيال لكم‬
‫مــــــــــــــــــقـــــدمـــــــــة‬
‫مـــــــقــــــدمــــة‪..............................................................................................................‬‬

‫بالرغم من المازيا التي تحققت وال تزال تتحقق كل يوم بفضل التطور الهائل في المجال‬
‫االلكتروني على جميع األصعدة في شتى مجاالت الحياة المعاصرة‪ ،‬لدرجة حتى أصبحت‬
‫جميع القطاعات المختلفة تعتمد في أداء عملها بشكل أساسي على استخدام األنظمة‬
‫تتميز به من عنصري السرعة والدّقة في تجميع المعلومات كتخزينها‬ ‫اإللكترونية‪ ،‬لما ّ‬
‫ومعالجتها‪ ،‬ومن ثم نقلها وتبادلها بين األفراد والشركات والمؤسسات المختلفة داخل الدولة‬
‫عدة دول‪.‬‬
‫الواحدة أو بين ّ‬
‫المزيا الهائلة التي تحققت‪ ،‬فإن هذه الثورة التكنولوجية المتنامية‬
‫لكن وعلى الرغم من ا‬
‫جرء سوء استخدام هذه التقنية‪،‬‬
‫صاحبتها في المقابل جملة من االنعكاسات السلبية والخطيرة ا‬
‫فإن بعض األشخاص يحاولون استغالل المخترعات العملية وما تقدمه من وسائل ّ‬
‫متقدمة في‬
‫ارتكاب العديد من الجرائم التقليدية ‪ ،‬مستغلين اإلمكانيات الهائلة لهذه المستحدثات أو استحداث‬
‫صور أخرى من اإلجرام يرتبط بهذه التقنيات التي تصير محال لهذه الج ارئم أو وسيلة الرتكابها‪،‬‬
‫الجرئم في العقدين األخيرين بكثرة وبصورة أ ّدت إلى ظهور ظاهرة‬
‫ا‬ ‫تزيدت معدالت هذه‬‫وقد ا‬
‫إجرمية جديدة تعرف باإلجرام االلكتروني‪.‬‬
‫ا‬
‫اإلجرمية التقنية أثارت العديد من اإلشكاالت في‬
‫ا‬ ‫على ضوء ذلك‪ ،‬فإن هذه الظاهرة‬
‫بجرئم‬
‫ا‬ ‫اإلجرءات المتعلقة‬
‫ا‬ ‫الجزئية‪ ،‬الذي وضعت نصوصه لتحكم‬
‫ا‬ ‫اإلجرءات‬
‫ا‬ ‫نطاق قانون‬
‫تقليدية ال توجد صعوبات كبيرة في إثباتها أو التحقيق فيها وجمع األدلة المرتبطة بها‪ ،‬وهو ما‬
‫افترضية تقنية ال تخلف أي أثار مادية محسوسة وال‬
‫ال يمكن تصّوره في جريمة ترتكب في بيئة ا‬
‫يرتكبها إال مجرمون يتسمون بالذكاء و ا‬
‫الدرية في التعامل مع مجال المعالجة اآللية للمعطيات‬
‫ارت كالمعارف التقنية‪ ،‬كما أ ّن هذه الجريمة تتم في الخفاء ويعمد مرتكبوها إلى‬
‫واإللمام بالمه ا‬
‫إخفاء أنشطتهم الجرمية عن طريق التالعب بالبيانات‪ ،‬والذي غالبا ما يتحقق في غفلة من‬
‫المجني عليه‪ ،‬فضال عن سهولة تدمير الدليل ومحوه من مسرح الجريمة ‪،‬مما جعل األدلة في‬
‫الجريمة اإللكترونية صعبة اإلثبات‪.‬‬
‫وعليه فمن األسباب التي دفعتني إلى تناول هذا الموضوع بالدراسة‪ ،‬راجع لحداثة‬
‫الموضوع‪ ،‬والتزايد المستمر للجرائم االلكترونية‪ ،‬و كذا الرغبة في التعمق في البحث ومواجهة‬
‫النشاط اإلجرامي االلكتروني‪.‬‬

‫‪-4-‬‬
‫مـــــــقــــــدمــــة‪..............................................................................................................‬‬

‫و من هنا و تتجلى أهمية دراسة هذا الموضوع من خالل معرفة الجرائم المرتكبة ضد‬
‫الحاسوب وشبكة االنترنت وإلقاء العبء على الدولة بوضع التشريعات الالزمة لحماية المجتمع‬
‫منها‪ ،‬باإلضافة إلى أهمية معرفة مدى خطورة جرائم الحاسوب التى تطال الحق في المعلومات‪،‬‬
‫وتمس الحياة لألفراد وتهدد األمن القومي والسيادة الوطنية‪ ،‬وكذلك تهديد إبداع العقل البشري‬
‫ولذلك يجب االلمام بماهية جرائم الحاسوب وطبيعته وإظهار موضوعها وخصائصها ومخاطرها‬
‫وحجم الخسائر الناجمة عنها ودوافع مرتكبيها‪ ،‬وهذا يتخذ أهمية استثنائية لسالمة التعامل مع‬
‫هذى الظاهرة ونطاق مخاطرها االقتصادية واألمنية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫غير أن الهدف األساسي من وراء هذه الدراسة‪ ،‬نظ ار لتزايد استخدام الحاسوب واالنترنت‬
‫ظهور ونمو التجارة االلكترونية الدولية‪ ،‬فان هدفها الرئيسي هو تنظيم التجارة الدولية وحمايتها‬
‫من االعمال غير المشروعة وتجنب االحتيال والغش وسرقة المعلومات من اجل استقرار‬
‫التعامل وشعور الناس بالثقة واالطمئنان‪ ،‬أي أن الجرائم المرتبطة بالحاسوب واالنترنت تدخل‬
‫في عدد الجرائم المنظمة التي لها صفة االستم اررية‪ ،‬وكذلك يمكن أن ترتكب بشكل فردي‪ ،‬مما‬
‫يوجب توفير الحماية الجنائية لها وإدراج نصوص قانونية تجرمها في قوانين العقوبات‪،‬‬
‫واإلجراءات القانونية الصحيحة الواجب اتباعها من قبل النيابة العامة والضوابط العدلية في‬
‫كشف جريمة الحاسوب واالنترنت وآلية اإلثبات الجنائي على المتهم المقترف لهذه الجرائم‬
‫والطرق الفنية التي تقوم بها السلطة المختصة بالتحقيق في كشف الجريمة‪.‬‬
‫و عليه فاإلشكالية الرئيسة لهذه الدراسة هي‪:‬‬
‫ما مدى فاعلية اآلليات القانونية في التحقيق الجنائي في الجريمة اإللكترونية؟‬
‫و حرصنا في هذه الدراسة و نزوال عند موجبات البحث العلمي‪ ،‬و كما هو متعارف عليه‬
‫فإ ن طبيعة البحث في المواضيع القانونية التي تفرض علينا نوعية المنهج المتبع فلقد اخترنا‬
‫منهجا يلم بدراسة الموضوع بكل جوانبه‪ ،‬و هو المنهج الوصفي التحليلي الذي يهدف إلى بيان‬
‫إجراءات التحري والتحقيق في جرائم الحاسوب واالنترنت‪ ،‬وذلك من خالل الرجوع الى المرجع‬
‫القانوني والتخصصات والرسائل والدراسات والبحوث واالتفاقيات الدولية ذات صلة‪.‬‬
‫و من الدراسات السابقة التي تناولت موضوع التحقيق في الجريمة االلكترونية‪ ،‬و من‬
‫خالل عملية البحث التي قمنا بها عن المراجع المتعلقة بالموضوع‪ ،‬و نظ ار لحداثته وجدنا رسالة‬
‫دكتوراه للطالب ربيع حسين المعنونة بآليات البحث والتحقيق في الجرائم المعلوماتية‪ ،‬و كذلك‬

‫‪-5-‬‬
‫مـــــــقــــــدمــــة‪..............................................................................................................‬‬

‫مذكرة ماجستير للطالب سعيد علي نعيم تحت عنوان آليات البحث والتحري من الجرائم‬
‫المعلوماتية في القانون الجزائري‪.‬‬
‫و عليه فقد قسمت بحثي هذا إلى فصلين‪:‬‬

‫بحيث تضمن الفصل األول اإلطار المفاهيمي للجريمة االلكترونية والتحقيق فيها‪،‬الذي‬
‫يحتوي على مبحثين‪ ،‬تضمن المبحث األول ماهية الجريمة االلكترونية‪ ،‬أما المبحث الثاني‬
‫فتضمن ماهية التحقيق الجنائي في الجريمة االلكترونية‪.‬‬

‫والفصل الثاني فخصصناه لدراسة القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني‬


‫والقيمة القانونية له‪ ،‬الذي يحتوي بدوره على مبحثين‪ ،‬تضمن المبحث األول القواعد اإلجرائية‬
‫في استخالص الدليل االلكتروني‪ ،‬والمبحث الثاني تضمن القيمة القانونية للدليل االلكتروني في‬
‫مجال اإلثبات الجنائي‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي‬
‫للجريمة اإللكترونية والتحقيق فيها‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫تعد الجرائم اإللكترونية ظاهرة إجرامية حديثة نظ ار الرتباطها بالتكنولوجيا الحديثة‪ ،‬فقد‬
‫ترتب على ذلك إحاطة هذه الظاهرة بكثير من الغموض‪ ،‬ألجل ذلك فقد بدا لي أنه وقبل‬
‫الخوض في اإلجراءات التي تنطبق على الجرائم اإللكترونية أن أنوه على جانب من القواعد‬
‫الموضوعية لهذه الظاهرة اإلجرامية‪ ،‬إذ يجب اإللمام بماهية الجرائم اإللكترونية وطبيعتها‬
‫وإظهار موضوعها وخصائصها‪ ،‬وهذا حتما في منظورنا يتخذ أهمية استثنائية لسالمة التعامل‬
‫مع هذه الظاهرة من طرف القائمين على مكافحتها‪.‬‬

‫وعلى ضوء ذلك سأقسم هذا الفصل إلى ماهية الجريمة اإللكترونية في المبحث األول‬
‫أما المبحث الثاني سيكون تحت عنوان ماهية التحقيق الجنائي في الجريمة اإللكترونية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية الجريمة اإللكترونية‬


‫أثيرت العديد من التساؤالت حول تحديد الطبيعة القانونية للجريمة اإللكترونية‪ ،‬ويرجع‬
‫سبب ذلك إلى تعدد وجهات النظر بخصوص هذا النوع من الجرائم حيث ظهرت عدة آراء‬
‫فقهية في محاولة فهم المقصود بالجريمة اإللكترونية‪ ،‬وتحديد تعريف لها مع تبيين طبيعتها‬
‫القانونية‪ ،‬كما أن تعريف الجريمة اإللكترونية يستوجب اإللمام بالجانب الموضوعي واإلجرائي‬
‫لها‪ ،‬مع دراسة العوامل المختلفة التي تتداخل في تكوين الجريمة‪ ،‬واإلحاطة باألمور الفنية لها‪.‬‬
‫وعليه سنحاول من خالل هذا المبحث أن نتطرق إلى ماهية الجريمة اإللكترونية‪ ،‬حيث‬
‫تضمن المطلب األول مختلف التعريفات التي استخدمت لوصف وضبط خصائص هذا النوع‬
‫من اإلجرام‪ ،‬مع تبيين المعايير التي استند عليها الفقهاء في تعريفهم للجريمة اإللكترونية‪ ،‬وال‬
‫يكتمل البحث في ماهية الجريمة اإللكترونية دون البحث في خصائصها وطبيعتها وأركانها وهو‬
‫ما سنتطرق إليه في المطلب الثاني‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الجريمة اإللكترونية‬
‫لم يتفق الفقه على تعريف جامع للجرائم اإللكترونية‪ ،‬نظ ار لغياب تعريف قانوني لهذا‬
‫النوع من الجرائم في أغلب التشريعات‪ ،‬باإلضافة إلى غياب مصطلح قانوني موحد للداللة على‬
‫الجرائم الناشئة عن استغالل غير القانوني لتقنية المعلومات واستخدامها ‪.‬‬
‫وفي ظل هذا الفراغ القانوني حاول الفقه إيجاد تعريف للجرائم اإللكترونية ‪،‬وانقسمت‬
‫بدورها إلى اتجاهين رئيسيين وهذا بالنظر الى الزاوية التي ينظر من خاللها لهذا النوع من‬
‫الجرائم‪ ،‬حيث أن االتجاه األول مضيق لمفهوم الجريمة اإللكترونية‪ ،‬أما االتجاه الثاني فقد حاول‬
‫التوسع في تعريف الجريمة اإللكترونية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المفهوم الضيق للجريمة اإللكترونية‬
‫يذهب أنصار هذا االتجاه إلى حصر الجريمة اإللكترونية في الحاالت التي تتطلب قد ار‬
‫كبي ار من المعرفة التقنية‪ ،‬وأن الجرائم التي تفتقر إلى هذه الدرجة من المعرفة تعد جرائم عادية‬
‫تتكفل بها النصوص التقليدية للقوانين العقابية‪.‬‬
‫من التعريفات التي وضعها أنصار هذا االتجاه أيضا ما ذهب إليه الفقيه ‪MERWE‬‬
‫حيث يرى أن الجريمة اإللكترونية‪ :‬هي الفعل غير المشروع الذي يدخل في ارتكابه الحاسب‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫اآللي أو هي الفعل اإلجرامي الذي يستخدم في ارتكابه الحاسب اآللي كأداة رئيسية‪ ،‬أو هي‬
‫‪1‬‬
‫مختلف صور السلوك اإلجرامي التي ترتكب باستخدام المعالجة اآللية للبيانات‪.‬‬
‫وعرفها آخرون بأنها‪" :‬الجرائم التي تلعب فيها بيانات الكمبيوتر والبرامج المعلوماتية دو ار‬
‫‪2‬‬
‫هاما‪ ،‬أو هي كل فعل إجرامي يستخدم الحاسب اآللي في ارتكابه كأداة رئيسية"‪.‬‬
‫فيما ذهب الفقيه ‪ ROSBLAT‬على أنها‪" :‬كل نشاط غير مشروع موجه لنسخ أو تغيير‬
‫أو الوصول إلى المعلومات المخزنة داخل الحاسب اآللي أو تغييرها أو حذفها او التي تحول‬
‫‪3‬‬
‫عن طريقه"‪.‬‬
‫حسب الدكتورة هدى فشقوش هي‪" :‬كل سلوك غير مشروع أو غير مسموح به فيما‬
‫يتعلق بالمعالجة اآللية للبيانات أو نقل هذه البيانات"‪ ،‬أو هي "أي نمط من أنماط الجرائم‬
‫‪4‬‬
‫المعروفة في قانون العقوبات طالما كان مرتبط بتقنية المعلومات"‪.‬‬
‫الجرئم التي يكون قد‬
‫ا‬ ‫عرفها كل من ‪ CASTLE,R.TOTT‬و ‪ A.HARD‬بأنها‪" :‬تلك‬
‫حدث في مراحل ارتكابها بعض العمليات الفعلية داخل الحاسوب"‪ ،‬وبمعنى آخر "هي التي‬
‫‪5‬‬
‫يكون للحاسب اآللي فيها دو ار إيجابيا أكثر من سلبيته"‪.‬‬
‫ما يؤخذ على التعريفات السابقة أنها جاءت قاصرة عن اإلحاطة بأوجه ظاهرة اإلجرام‬
‫اإللكتروني‪ ،‬فالبعض من فقهاء هذا االتجاه ركز على معيار موضوع الجريمة‪ ،‬والبعض اآلخر‬
‫ركز على وسيلة ارتكابها‪ ،‬والبعض اآلخر على معيار النتيجة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المفهوم الواسع للجريمة اإللكترونية‬
‫إزاء االنتقادات التي وجهت الى االتجاه األول حاول الفقهاء تعريف الجريمة اإللكترونية‬
‫على نحو واسع لتفادي أوجه القصور التي شابت تعريفات االتجاه المضيق للتصدي لظاهرة‬
‫اإلجرام اإللكتروني‪.‬‬

‫طارق إبراهيم الدسوقى عطية‪ ،‬األمن المعلوماتي النظام القانوني للحماية المعلوماتية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مصر‪ ،9002 ،‬ص ‪.351‬‬


‫‪2‬‬
‫حنان ريحان مبارك المضحاكي‪ ،‬الجرائم المعلوماتية ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،9032 ،‬ص‪.95‬‬
‫طارق إبراهيم الدسوقى عطية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.352‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫خالد عياد الحلبي‪ ،‬إجراءات التحري والتحقيق في جرائم الحاسوب و االنترنت‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،9033 ،‬ص‪92‬‬
‫‪5‬‬
‫احمد خليفة الملط‪ ،‬الجرائم المعلوماتية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية مصر‪ ،9002 ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪01‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫وعلى العكس من االتجاه السابق‪ ،‬فان أنصار هذا االتجاه يذهبون إلى التوسيع من‬
‫مفهوم الجريمة اإللكترونية‪ ،‬حيث يرى الفقيهان ‪ CREDO,MICEL‬بأنها تشمل استخدام‬
‫الحاسب كأداة الرتكاب الجريمة‪ ،‬باإلضافة إلى الحاالت المتعلقة بالولوج غير المصرح به‬
‫لحاسوب المجني عليه أو بياناته‪.‬‬
‫كما تمتد هذه الجريمة لتشمل االعتداءات المادية‪ ،‬سواء كان هذا االعتداء على جهاز‬
‫الحاسوب ذاته‪ ،‬أو المعدات المتصلة به‪ ،‬وكذلك االستخدام غير المشروع لبطاقات االئتمان‪،‬‬
‫وانتهاك ماكينات الحسابات اآل لية‪ ،‬بما يتضمنه من شبكات تمويل الحسابات المالية بطريقة‬
‫الكترونية‪ ،‬وتزييف المكونات المادية والمعنوية للحاسوب‪ ،‬بل وسرقة الحاسوب في حد ذاته أو‬
‫‪1‬‬
‫مكون من مكوناته‪.‬‬
‫تناول رأي أخر من الفقه تعريف الجريمة اإللكترونية بأنها‪" :‬عمل أو امتناع يأتيه‬
‫اإلنسان إض ار ار بمكونات الحاسوب وشبكات االتصال الخاصة به‪ ،‬التي يحميها قانون العقوبات‬
‫‪2‬‬
‫ويفرض لها عقابا‪.‬‬
‫عرفت في إطار المنظمة األوربية للتعاون و التنمية االقتصادية بأنها‪" :‬كل فعل أو‬
‫امتناع من شأنه أن يؤدي إلى االعتداء على األموال المادية أو المعنوية‪ ،‬يكون ناتجا بطريقة‬
‫‪3‬‬
‫مباشرة عن تدخل التقنية المعلوماتية اإللكترونية"‪.‬‬
‫وجاء في توصيات مؤتمر األمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاقبة المجرمين‬
‫المنعقدة في فيينا سنة ‪ 9000‬تعريف الجريمة اإللكترونية كما يلي‪" :‬يقصد بالجريمة اإللكترونية‬
‫أي جريمة يمكن ارتكابها بواسطة نظام حاسوبي أو شبكة حاسوبيه‪ ،‬أو داخل نظام حاسوبي‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫والجريمة تلك تشمل من الناحية المبدئية جميع الجرائم التي يمكن ارتكابها في بيئة الكترونية"‪.‬‬
‫الشك أن هذا االتجاه ينطوي على توسيع كبير لمفهوم الجريمة اإللكترونية‪ ،‬إذ يؤخذ‬
‫عليه هذا التوسع الذي من شأنه أن يسقط وصف الجريمة اإللكترونية على أفعال قد ال تكون‬
‫كذلك لمجرد مشاركة الحاسوب اآللي في النشاط اإلجرامي فبعض الجرائم كسرقة الحاسوب‬

‫‪1‬‬
‫دمحم علي العريان‪ ،‬الجرائم المعلوماتية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،9002 ،‬ص‪.25،22‬‬
‫طارق إبراهيم الدسوقى عطية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.352‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫حنان ريحان مبارك المضحاكي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92،92‬‬
‫‪4‬‬
‫خالد عياد الحلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪00‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫اآللي او األقراص مثال فال يمكن إعطاؤها وصف الجريمة اإللكترونية على سلوك الفاعل لمجرد‬
‫أن الحاسوب أو أحد مكوناته المادية كانت محال لفعل االختالس‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تعريف المشرع الجزائري للجريمة اإللكترونية‬
‫تبنى المشرع الجزائري للداللة على الجريمة اإللكترونية‪ ،‬مصطلح المساس بأنظمة‬
‫المعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬حيث يمثل نظام المعالجة اآللية للمعطيات المسألة األولية‪ ،‬أو‬
‫الشرط األولي الذي يلزم تحقيقه حتى يمكن البحث في توافر أو عدم توافر أركان أي جريمة من‬
‫جرائم االعتداء على هذا النظام‪ ،‬فإذا تخلف هذا الشرط األولي‪ ،‬ال يكون هناك مجال لهذا‬
‫‪1‬‬
‫البحث‪.‬‬
‫نظام المعالجة اآللية للمعطيات تعبير فني تقني يصعب على المشتغل بالقانون إدراك‬
‫حقيقته بسهولة‪ ،‬فضال عن أنه تعبير يخضع للتطورات السريعة والمتالحقة في مجال فن‬
‫الحاسبات اآللية‪ ،‬لذلك فالمشرع الجزائري على غرار التشريع الفرنسي لم يعرف نظام المعالجة‬
‫‪2‬‬
‫اآللية للمعطيات فأوكل بذلك مهمة تعريفه لكل من الفقه و القضاء‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص وأركان الجريمة اإللكترونية‬

‫للجريمة اإللكترونية خصائص واركان تتمثل في‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬خصائص الجريمة اإللكترونية‬

‫أدى ارتباط الجريمة اإللكترونية بجهاز الحاسوب وشبكة االنترنت إلى إضفاء مجموعة‬
‫من الخصائص و السمات المميزة لهذه الجريمة عن الجرائم التقليدية ويمكن إجمالها في ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الجريمة اإللكترونية عابرة للحدود الوطنية‬
‫في عصر الحاسب اآللي ومع انتشار شبكة االنترنت أمكن ربط عدد هائل ال حصر لها‬
‫من الحواسيب عبر العالم بهذه الشبكة‪ ،‬بحيث يغدو أمر التنقل واالتصال فيما بينها أم ار سهال‪،‬‬
‫طالما حدد عنوان المرسل إليه‪ ،‬أو أمكن معرفة كلمة السر‪ ،‬وسواء تم ذلك بطرق مشروعة أو‬
‫غير مشروعة في هذه البيئة‪ ،‬يمكن أن توصف جرائم التقنية بأنها جرائم عابرة للدول‪ ،‬إذ غالبا‬
‫ما يكون الجاني في بلد ومجني عليه في بلد آخر‪ ،‬كما قد يكون الضرر المتحصل في بلد ثالث‬

‫‪1‬‬
‫أمال قارة‪ ،‬الحماية الجنائية للمعلوماتية في التشريع الجزائري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار هومة‪ ،9002 ،‬ص‪.303،300‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.303‬‬

‫‪01‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫في الوقت نفسه‪ ،‬وعليه تتخذ جرائم التقنية شكال جديدا من الجرائم العابرة للحدود الوطنية أو‬
‫‪1‬‬
‫اإلقليمية أو القارية‪.‬‬
‫بهذه الخاصية التي تتميز بها الجريمة اإللكترونية كونها جريمة عابرة للحدود خلقت‬
‫العديد من المشاكل حول تحديد الدولة صاحبة االختصاص القضائي بهذه الجريمة‪ ،‬وكذلك‬
‫حول تحديد القانون الواجب التطبيق‪ ،‬باإلضافة إلى إشكالية تتعلق بإجراءات المالحقة‬
‫القضائية‪ ،‬وغير ذلك من النقاط التي تثيرها الجرائم العابرة للحدود بشكل عام‪.‬‬
‫ونتيجة لهذه الطبيعة الخاصة للجريمة اإللكترونية‪ ،‬ونظ ار للخطورة التي تشكلها على‬
‫المستوى الدولي‪ ،‬والخسائر التي تتسبب بها ‪ ،‬ظهرت األصوات الداعية إلى التعاون الدولي‬
‫المكثف من أجل التصدي لهذه الجرائم‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى جهود االنتربول في هذا‬
‫المجال‪ ،‬من خالل ضباط االرتباط المنتشرين في كافة الدول عبر العالم‪ ،‬والمكلفين بتوفير‬
‫‪2‬‬
‫قاعدة بيانات ضخمة يمكن أن تشكل نقطة انطالق للمكافحة و التصدي لهذه الجرائم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجريمة اإللكترونية صعبة االكتشاف واإل ثبا‬
‫نظ ار للطبيعة الخاصة الذي تتميز بها الجريمة اإللكترونية فإن إثباتها يحيط به كثير من‬
‫الصعوبات‪ ،‬والتي تتمثل في صعوبة اكتشاف هذه الجرائم‪ ،‬ألنها ال تترك أث ار خارجيا‪ ،‬فالجريمة‬
‫اإللكترونية ال عنف فيها وال أثر اقتحام لسرقة مثال‪ ،‬وإنما هي أرقام وبيانات تتغير أو تمحى‬
‫من السجالت المخزنة في ذاكرة الحاسوب وليس لها أي أثر خارجي مرئي‪ ،‬وبمعنى آخر فإن‬
‫الجريمة اإللكترونية هي جرائم فنية‪ ،‬وهي جرائم هادئة ال تتطلب العنف‪ ،‬ورغم ذلك فان البعض‬
‫يشبه هذه الجرائم بجرائم العنف مثل ما ذهب إليه مكتب التحقيقات الفدرالي بالواليات المتحدة‬
‫األمريكية نظ ار لتماثل دوافع المتعدين على نظم الحاسوب اآللي مع مرتكبي العنف‪ 3.‬فإذا تم‬
‫اكتشاف الجريمة اإللكترونية‪ ،‬فال يكون ذلك إال بمحض الصدفة‪ ،‬نظ ار لعدم وجود أثر مادي‬
‫لما يجري خالل تنفيذها من عمليات‪ ،‬حيث يتم نقل المعلومات بالنبضات اإللكترونية‪ ،‬ولذلك‬
‫يستطيع الجاني تدمير دليل اإلدانة في أقل من ثانية‪ ،‬إلى جانب إمكانية ارتكابها خارج الحدود‬
‫الوطنية والدول والقارات وذلك باستخدام شبكات االتصال ودون تحمل عناء االنتقال‪ ،‬إلى جانب‬

‫‪1‬‬
‫أسامة احمد المناعسة‪ ،‬جالل دمحم الزعبي‪ ،‬جرائم تقنية نظم المعلومات اإللكترونية‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬دار الثقافة للنشر و‬
‫التوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ، 9032،‬ص‪.21‬‬
‫‪2‬‬
‫أسامة احمد المناعسة ‪ ،‬جالل دمحم الزعبي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪3‬‬
‫دمحم علي العريان ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.51‬‬

‫‪01‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫تلك الرغبة في استقرار حركة المعامالت و محاولة إخفاء أسلوب ارتكاب الجريمة حتى ال يتم‬
‫‪1‬‬
‫تقليدها من جانب اآلخرين‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬خصوصية مرتكب الجرائم اإللكترونة‬
‫يتصف المجرم المعلوماتي بخصائص معينة تميزه عن المجرم الذي يرتكب الجرائم‬
‫التقليدية‪ ،‬فإذا كانت الجرائم التقليدية ال تتطلب مستوى علمي معرفي للمجرم في عملية ارتكابها‪،‬‬
‫فإن األمر يختلف بالنسبة للجرائم اإللكترونية‪ ،‬فهي جرائم فنية تقنية في الغالب‪ ،‬واألشخاص‬
‫عادة يكونون من ذوي االختصاص في مجال تقنية المعلومات‬ ‫ً‬ ‫الذين يقومون بارتكابها‬
‫اإللكترونية‪ ،‬أو على األقل شخص لديه حد أدنى من المعرفة و القدرة على استعمال جهاز‬
‫الحاسوب‪ ،‬والتعامل مع شبكة االنترنت‪ ،‬كما أن الباعث إلى ارتكاب المجرم لهذا النوع من‬
‫‪2‬‬
‫الجرائم قد تكون مختلفة عن بواعث ارتكاب الجرائم من قبل المجرم التقليدي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أركان الجريمة اإللكترونية‬

‫تتخذ الجريمة المرتكبة عبر االنترنت من الفضاء االفتراضي مسرحا لها‪ ،‬مما يجعلها‬
‫تتميز بخصوصيات تنفرد بها‪ ،‬إال أن ذلك ال يعني عدم وجود تشابه لها مع الجريمة المرتكبة‬
‫في العالم التقليدي أو المادي‪ ،‬فهي تشترك بوجود الفعل غير المشروع‪ ،‬والمجرم يقوم بهذا‬
‫الفعل‪ ،‬من خالل هذا التشابه سوف نتطرق إلى تبيان األركان التي تقوم عليها هذه الجريمة‪،‬‬
‫وبالتالي نعمد إلى تبيان مدى انطباق مبدأ الشرعية على الجريمة اإللكترونية في الفرع األول‪ ،‬و‬
‫نوضح الركن المادي في الفرع الثاني‪ ،‬لننتهي إلى تحديد الركن المعنوي في الفرع الثالث‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الركن الشرعي‬

‫يقصد بالركن الشرعي للجريمة وجود نص يجرم الفعل ويوضع العقاب المترتب عليه‬
‫وقت وقوع هذا الفعل‪ ،‬يبنى على ذلك عدم جواز مالحظة الشخص عن فعل ارتكبه قبل صدور‬
‫نص التجريم‪ ،‬وعن فعل ارتكبه بعد إلغاء نص التجريم كما ال يجوز قياس افعال لم ينص‬
‫المشرع على تجريمها وأفعال أخرى ورد نص التجريم عليها مهما يكن بينها من تشابه من حيث‬

‫‪1‬‬
‫دمحم علي العريان ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫طارق إبراهيم الدسوقي عطية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.322،322‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪01‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫الدوافع أو الفاعلية أو النتائج أو العناصر‪ ،‬ذلك أنه ال يجوز أيضا التوسع في تفسير النصوص‬
‫‪1‬‬
‫الجزائية‪ ،‬وعلى القضاة التقيد بمدلول النص و االلتزام بمضامينه‪.‬‬

‫يترتب على إعمال قاعدة شرعية الجرائم والعقوبة نتيجة مهمة‪ ،‬تتمثل في عدم رجعية‬
‫القاعدة الجنائية‪ ،‬أي بمفهوم المخالفة تنطبق القواعد الجنائية بأثر فوري وال مجال إلعمالها بأثر‬
‫رجعي‪ ،‬إال إذا نص القانون على ذلك صراحة في النص القانوني أو إذا ما أعملت قاعدة تطبيق‬
‫‪2‬‬
‫القانون األصلح للمتهم‪.‬‬

‫إن الركن الشرعي للجريمة الذي هو الصفة غير المشروعة للفعل الذي يقوم به الجاني‬
‫له ركنين أساسين ‪:‬‬

‫‪ -‬مطابقة الفعل لنص التجريم‪.‬‬


‫‪ -‬أن ال يخضع الفعل المرتكب لسبب من أسباب اإلباحة‪.‬‬

‫يقصد بمطابقة الفعل لنص التجريم هو تطابق األفعال التي يجرمها القانون مع‬
‫النصوص التشريعية الموجودة‪ ،‬أما بالنسبة لخضوع الفعل لسبب من أسباب اإلباحة فقد ذهب‬
‫اجتهاد المحكمة العليا إلى أنه لتطبيق نظرية العقوبة المبررة أن يكون النص الواجب التطبيق‬
‫‪3‬‬
‫يقرر نفس العقوبة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركن المادي‬

‫يقصد بالركن المادي للجريمة كل فعل أو سلوك إج ارمي صادر من إنسان عاقل سواء‬
‫كان إيجابيا أو سلبيا‪ ،‬يؤدي إلى نتيجة تمس حقا من الحقوق‪ ،‬التي يكفلها الدستور و القانون‬
‫‪4‬‬
‫وقد ذهب الدكتور رضا فرح إلى تقسيم الركن المادي في حد ذاته إلى ثالث عناصر‪:‬‬

‫‪ ‬السلوك اإلجرامي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أسامة احمد المناعة ‪،‬جالل دمحم الزغبي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪2‬‬
‫حنان ريحان مبارك المضحاكي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫بلعليات إبراهيم ‪ ،‬أركان الجريمة وطرق إثباتها في قانون العقوبات الجزائري ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪2007،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،‬ص ‪.94،95‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫‪01‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫‪ ‬النتيجة اإلجرامية‪.‬‬
‫‪ ‬العالقة السببية بين الفعل والنتيجة‪.‬‬

‫‪ -1‬السلوك اإلجرامي‬

‫هذا السلوك يوجد بصورتين فقد يكون بفعل إيجابي‪ ،‬إذ يفترض في هذه الصورة قيام‬
‫الجاني بفعل إرادي بغية إحداث نتيجة معينة‪ ،‬كما يمكن أن يكون بفعل سلبي يأخذ وصف‬
‫االمتناع عن إتيان أمر يوجبه المشرع‪ ،‬وفي الجريمة اإللكترونية يمكن أن نجده بنوعيه السلوك‬
‫اإليجابي او السلبي‪ .‬ال ننسى التطور الكبير في محتوى وطبيعة هذا السلوك اإل ا‬
‫جرمي الذي‬
‫تطور بتطور الوسائل التي وجدت بين يدي الفاعل‪ ،‬وهذا السلوك الذي طورته أيضا عقلية‬
‫الفاعل الذكية‪ ،‬والتي استطاعت أن تخرج من تقليدية السلوك الجرمي إلى مساحات أكثر تعقيدا‬
‫‪1‬‬
‫أوجدت بال شك صعوبات كثيرة‪.‬‬

‫‪ -2‬النتيجة اإلجرامية‬

‫يقصد بالنتيجة اإلجرامية األثر المادي الذي يحدث‪ ،‬فالسلوك قد أحدث تغيي ار ملموسا‪،‬‬
‫ومفهوم النتيجة يقوم على أساس ما يعتد به المشرع وما يترتب عليه من نتائج‪ ،‬بغض النظر‬
‫‪2‬‬
‫عما يمكن أن يحدثه السلوك اإلجرامي من نتائج أخرى‪.‬‬

‫‪ -3‬العالقة السببية بين الفعل والنتيجة‬

‫تتمثل العالقة السببية في الصلة التي تربط بين العقل والنتيجة‪ ،‬وتثبت أن ارتكاب الفعل‬
‫هو الذي أدى إلى حدوث النتيجة وأهمية الرابطة السببية ترجح إلى إسناد النتيجة الى الفعل هو‬
‫شرط أساسي لتقرير مسؤولية مرتكب الفعل عن النتيجة‪ ،‬وتحقق الرابطة السببية تالزما ماديا‬
‫بين الفعل والنتيجة يؤدي إلى وقوف مسؤولية الجاني عند حد الشروع‪ ،‬إذ ال يعد مسؤوال عن‬
‫النتيجة التي تحققت‪ ،‬أما إذا كانت غير عمديه فإن نفي رابطة سببية يؤدي إلى انتفاء المسؤولية‬
‫‪3‬‬
‫كلي ًة عنها ذلك أنه ال شروع في الجرائم غير العمدية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أسامة احمد المناعة‪ ،‬جالل دمحم الزغبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.55-51‬‬
‫‪2‬‬
‫بلعلبات إبراهيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪3‬‬
‫أسامة احمد المناعة‪ ،‬جالل دمحم الزغبي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.52،52‬‬

‫‪01‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫ثالثا‪ :‬الركن المعنوي‬

‫يقوم الركن المعنوي للجريمة المرتكبة عبر االنترنت على أساس مجسد في توافر اإلرادة‬
‫الجرمية لدى الفاعل‪ ،‬وتوجيه هذه اإلرادة إلى القيام بعمل غير مشروع جرمه القانون كانتحال‬
‫شخصية المزود عبر االنترنت‪ ،‬وسرقة أرقام البطاقات االئتمانية‪ ،‬كما يجب أن تتوفر النتيجة‬
‫الجريمة المترتبة على األفعال السابقة‪ ،‬فتكتسب إرادة الجاني الصفة الجرمية من العمل غير‬
‫‪1‬‬
‫المشروع الذي يبين الشبه في ارتكابه وهو عالم باآلثار الضارة الناشئة عنه‪.‬‬

‫يختلف الركن المعنوي في الجرائم المعلوماتية من جريمة إلى أخرى‪ ،‬فجريمة الدخول‬
‫غير المصرح به إلى نظام الحاسب اآللي تتطلب قصدا جنائيا عاما يتمثل في علم الجاني‬
‫بعناصر الركن المادي للجريمة أي العلم بأن الولوج إلى داخل النظام المعلوماتي بشكل غير‬
‫مصرح به يعد جريمة باعتبار حماية المشرع لمحل الحق وهو جهاز الحاسب اآللي لما يتضمنه‬
‫من معلومات وبرامج‪ ،‬وعلى هذا النحو فدخوله إلى نظام الحاسب اآللي خطا أو سهوا ينفي عنه‬
‫‪2‬‬
‫شرط القصد الجنائي بشرط المغادرة فور علمه بدخوله غير الشرعي‪.‬‬

‫وفي جريمة االحتيال اإللكتروني التي بدورها جريمة عمدية ‪ ،‬يتطلب المشرع قصدا‬
‫جنائيا لقيام مسؤولية الجاني‪ ،‬والقصد الجنائي المشترط هو القصد الجنائي بنوعيه العام‬
‫والخاص‪ ،‬فالمجرم يعلم أنه يخالف القانون بسلوكه مع اتجاه نيته إلى تحقيق ربح غير مشروع‬
‫‪3‬‬
‫له أو للغير أو تجريد شخص آخر من ممتلكاته على نحو غير مشروع‪.‬‬

‫‪ 1‬خالد عياد الحلبي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.74،73‬‬


‫‪2‬حنان ريحان مبارك المضحاكي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.107‬‬
‫‪3‬‬
‫احمد خليفة الملط ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.393-331‬‬

‫‪01‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مفهوم التحقيق الجنائي في الجريمة اإللكترونية‬

‫للتحقيق أهمية في إثبات وقوع الجرائم وإقامة الدليل على مرتكبيها بأدلة اإلثبات على‬
‫اختالف أنواعها‪ ،‬وهو كما يدل عليه اسمه استجالء الحقيقة لغرض الوصول إلى إدانة المتهم‬
‫من عدمه بعد جمع األدلة القائمة على الجريمة‪ ،‬ومن يقوم بالتحقيق هم الضبطية القضائية‬
‫وقضاة وفق إجراءات البحث و التحري المحددة وفقا لقانون اإلجراءات الج ازئية‪.‬‬

‫وعليه سنعالج هذا المبحث ضمن مطالبين‪ ،‬نتناول في المطلب األول األجهزة المكلفة‬
‫بالبحث و التحري عن الجرائم اإللكترونية‪ ،‬وخصائص التحقيق و المحقق في الجرائم‬
‫اإللكترونية والدليل المناسب لإلثبات فيها في المطلب الثاني‪.‬‬

‫المطلب األ ول‪ :‬األجهزة المكلفة بالبحث والتحري عن الجرائم اإللكترونية‬

‫يمكن القول أن المحقق هو من يتولى التحقيق من رجال الضبطية القضائية‪ ،‬أو من‬
‫أعضاء النيابة العامة‪ ،‬أو قضاة التحقيق ويلحق بالمحقق الجنائي الباحث الجنائي الذي يكون‬
‫غالبا من الشرطية القضائية‪ ،‬الذين خول لهم القانون مهمة جمع االستدالالت عن المشتبه بهم‪.‬‬

‫وسنحاول من خالل هذا المطلب استعراض ابرز الهيئات المختصة في مجال مكافحة‬
‫الجرائم اإللكترونية‪ ،‬وسنتناول الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم‬
‫واالتصال بفرع أول‪ ،‬إضافة لتلك الوحدات التابعة لسلك االمن الوطني في فرع ثان‪ ،‬وكذلك تلك‬
‫التابعة لقيادة الدرك الوطني في فرع ثالث‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا االعالم واالتصال‬

‫نص المشرع في المادة ‪ 31‬من القانون ‪ 102-02‬على ضرورة إنشاء هيئة ذات وظيفة‬
‫تنسيقية‪ ،‬تعمل على اتخاذ اإلجراءات الالزمة للوقاية من هذه الجرائم‪ ،‬وتتولى تنشيط وتنسيق‬
‫عملية الوقاية من الجرائم اإللكترونية‪ ،‬وكذلك مصاحبة السلطات القضائية ومصالح الشرطة‬
‫القضائية في التحريات التي يجريها بشأن هذه الجرائم‪.‬‬

‫‪ 1‬المرسوم رقم ‪ 02-02‬مؤرخ في ‪ 8‬غشت ‪ ،9002‬يتضمن القواعد الخاصة من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات اإلعالم‬
‫واالتصال ومكافحتها ‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ،22‬بتاريخ ‪ 5‬غشت ‪.9002‬‬

‫‪08‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫أوال‪ :‬التعريف بالهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا االعالم واالتصال‬

‫تعرف حسب أحكام المواد من ‪ 03‬إلى ‪ 02‬من القانون ‪ 02-02‬بأنها سلطة إدارية‬
‫مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي توضع لدى الوزير المكلف بالعدل‪ ،‬ويقع‬
‫مقرها بالجزائر العاصمة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مهام الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال‬

‫تنص المادة ‪ 32‬من نفس القانون على انه "تتولى الهيئة المذكورة في المادة ‪31‬‬
‫خصوصا المهام التالية"‪:‬‬

‫‪ -‬تنشيط وتنسيق عمليات الوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم و االتصال‬


‫ومكافحتها‪.‬‬
‫‪ -‬مساعدة السلطة القضائية ومصالح الشرطة القضائية في التحريات التي تجريها بشأن‬
‫الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم و االتصال بما في ذلك تجميع المعلومات‪.‬‬
‫‪ -‬تبادل المعلومات مع نظيرتها في الخارج قصد جمع المعطيات المفيدة في التعرف على‬
‫مرتكبي الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال وتحديد مكان تواجدهم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اختصاصا الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال‬
‫‪1‬‬
‫المهام األساسية التي‬ ‫بينت الفقرة ‪ 02‬من المادة ‪ 04‬من المرسوم الرئاسي ‪261-15‬‬
‫تكلف بها الهيئة وهي على سبيل الحصر‪ ،‬الهدف منها هو الوقاية من الجرائم اإللكترونية‬
‫ومكافحة هذه األخيرة من خالل اإلسهام في أعمال البحث والتحقيق ومد يد العون لمصالح‬
‫الشرطة القضائية وابرز مهام هذه الهيئة هي‪:2‬‬

‫‪ -‬اقتراح عناصر اإلستراتيجية الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا‬


‫اإلعالم واالتصال‪.‬‬

‫‪ 1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 261-15‬مؤرخ في ‪ 2‬أكتوبر ‪ 2015‬يحدد تشكيلة وتنظيم وكيفية سير الهيئة الوطنية للوقاية من‬
‫الجرائم المتصلة بتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ومكافحتها‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ،53‬بتاريخ ‪ 8‬أكتوبر ‪.2015‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.32،32‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪09‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫‪ -‬تنشيط وتنسيق عمليات الوقاية عن الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال‬


‫ومكافحتها‪.‬‬
‫‪ -‬مساعدة السلطة القضائية ومصالح الشرطة القضائية في مجال مكافحة الجرائم‬
‫المعلوماتية من خالل مدها بالمعلومات والخبرات القضائية ‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان المراقبة الوقائية لالتصاالت اإللكترونية قصد الكشف عن الجرائم المتعلقة‬
‫باألعمال اإلرهابية والتخريبية والماسة بأمن الدولة وذلك تحت سلطة القاضي‬
‫المختص وباستثناء أي هيئات وطنية أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬تجميع وتسجيل وحفظ المعطيات الرقمية وتحديد مصدرها ومسارها من أجل‬
‫استعمالها في اإلجراءات القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬السهر على تنفيذ طلبات المساعدة الصادرة عن البلدان األجنبية وتطوير تبادل‬
‫المعلومات والتعاون على المستوى الدولي في مجال اختصاصها‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير التعاون مع المؤسسات والهيئات الوطنية المعنية بالجرائم المتصلة‬
‫بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪.‬‬
‫‪ -‬المساهمة في تكوين المحققين المتخصصين في مجال التحريات التقنية المتصلة‬
‫بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪.‬‬
‫‪ -‬المساهمة في تحديث المعايير القانونية في مجال اختصاصها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الوحدا التابعة لسلك األمن الوطني والدرك الوطني‬

‫توجد لدى مديرية األمن الوطني والدرك الوطني لتنفيذ مهامه في مجال الحفاظ على األمن‬
‫والنظام العام مجموعة من الوحدات نكرها منها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الوحدا التابعة لسلك األمن الوطني‬

‫تضع مديرية األمن الوطني في إطار تجسيد سياسة أمنية فعالة‪ ،‬كافة اإلمكانيات البشرية‬
‫والتقنية المتاحة لديها ألجل التصدي لكل أنواع الجرائم وبالخصوص تلك المستحدثة منها‬
‫كالجرائم اإللكترونية‪ ،‬والتي تعتبر نتاج القصور الحاصل على المستوى الدولي والوطني في‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫مجال تكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪ ،‬وذلك بهدف حماية المصلحة العامة وكذلك المصالح‬
‫‪1‬‬
‫الخاصة المرتبطة باستعمال هذا النوع من التكنولوجيات‪.‬‬

‫وقد أنشأت المديرية العامة لألمن الوطني المخبر المركزي للشرطة العلمية بشاطوناف‬
‫بالجزائر العاصمة‪ ،‬ومخبرين جهويين بكل من قسنطينة ووهران‪ ،‬تحتوي هذه المخابر على فروع‬
‫تقنية من بينها خلية اإلعالم اآللي‪ ،‬باإلضافة إلى أنه يوجد على مستوى مراكز األمن الوالئي‬
‫‪2‬‬
‫فرق متخصصة ومهمتها التحقيق في الجرائم اإللكترونية تعمل بالتنسيق مع هذه المخابر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوحدا التابعة للدرك الوطني الجزائري‬

‫يضع الدرك الوطني لتنفيذ مهامه في مجال الحفاظ على األمن والنظام العام ومحاربة‬
‫الجريمة بكافة أنواعها‪ ،‬وحدات متنوعة وعديدة على مستوى القيادة العامة‪ ،‬أو على مستوى‬
‫‪3‬‬
‫القيادات الجهوية والمحلية نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬المصالح والمراكز العلمية والتقنية‪.‬‬


‫‪ -‬هياكل التكوين‪.‬‬
‫‪ -‬المصلحة المركزية للتحريات الجنائية‪.‬‬
‫‪ -‬المعهد الوطني لعلم اإلجرام‪.‬‬

‫يوجد بالمعهد الوطني لألدلة الجنائية وعلم اإلجرام ببوشاوي التابع للقيادة العامة للدرك‬
‫الوطني قسم اإلعالم واإللكترونيك الذي يختص بالتحقيق في الجرائم اإللكترونية‪ ،‬حيث يقوم‬
‫بتحليل األدلة الخاصة بالجرائم اإللكترونية‪ ،‬وذلك بتحليل الدعامات اإللكترونية‪ ،‬وإنجاز‬
‫المقاربات الهاتفية‪ ،‬وتحسين التسجيالت الصوتية و الفيديو و الصورة و ذلك لتسهيل استغاللها‬
‫باإلضافة إلى مراكز الرقابة من جرائم اإلعالم اآللي والجرائم المعلوماتية ومكافحتها ببئر مراد‬
‫‪4‬‬
‫رايس والتابع لمديرية األمن العمومية للدرك الوطني وهو قيد اإلنشاء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ربيعي حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪2‬‬
‫سعيد علي نعيم‪ ،‬آليات البحث والتحري من الجرائم المعلوماتية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‬
‫باتنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،2013-2012 ،‬ص‪.107‬‬
‫‪3‬‬
‫ربيعي حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.321،329‬‬
‫‪4‬‬
‫سعيد علي نعيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.107‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص التحقيق والمحقق في الجرائم اإللكترونية والدليل المناسب لل ثباتها‬

‫إذا كان التحقيق يعتمد على ذكاء المحقق وفطنته وقوة مالحظته وسرعة البديهة لديه وأن‬
‫يحاول بكل الجهد الممكن أن يقوم بالتحقيق في الجريمة ومتابعتها والبحث فيها وفي األدلة‬
‫والتنقيب عنها وصوال إلظهار الحقيقة‪ ،‬فإن التحقيق في البيئة اإللكترونية يستوجب باإلضافة‬
‫إلى كل هذا تطوي ار ألساليبه وتكليف جهات مختصة لممارسته من أجل مواكبة حركة الجريمة‬
‫وتطور أساليب ارتكابها في هذه البيئة‬
‫الفرع األول‪ :‬خصائص التحقيق والمحقق في الجرائم اإللكترونية‬

‫تعد مرحلة التحقيق مرحلة هامة في سبيل البحث والتحري عن الجرائم‪ ،‬وتبلغ هذه المرحلة‬
‫أعلى مستوياتها عندما يتعلق األمر بالجريمة اإللكترونية‪ ،‬ألنها تعد حجر الزاوية الذي سيتم‬
‫علي أساسه مباشرة الدعوى‪ ،‬فما يتم جمعه من معلومات وأدلة رقمية الكترونية في المرحلة التي‬
‫تعقب ارتكاب الجريمة مباشرة قد ال يبقى متاحا بعد مرور وقت قصير على ارتكابها والسبب في‬
‫ذلك يعود إلى الطبيعة التقنية لهذه الجرائم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬خصائص التحقيق في الجريمة اإللكترونية‬

‫التحقيق الجنائي عموما هو علم يخضع لما يخضع له سائر أنواع العلوم األخرى‪ ،‬فله‬
‫قواعد ثابتة و راسخة بدونها ما كان ليتمتع التحقيق بتلك الصفة وهذه القواعد إما قانونية و إما‬
‫فنية‪ ،‬فاألولى لها صفة الثبات التشريعي ال يملك المحقق إزاءها شيئا سوى الخضوع واالمتثال‬
‫‪1‬‬
‫أما الثانية فتتميز بالمرونة التي يضفي عليها المحقق من خبرته وفطنته ومهارته الكثير‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف التحقيق‬

‫عرف بمعناه العام أنه‪ :‬اتخاذ جميع اإلجراءات و الوسائل المشروعة التي توصل إلى‬
‫‪2‬‬
‫كشف الحقيقة وإظهارها‪.‬‬

‫‪ 1‬خالد محمود إبراهيم‪ ،‬فن التحقيق الجنائي في الجرائم اإللكترونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،9002‬ص‪.52‬‬
‫‪2‬‬
‫عمر بن إبراهيم بن حماد العمري‪ ،‬إجراءات الشهادة في مرحلتي االستدالل والتحقيق االبتدائي في ضوء نظام اإلجراءات‬
‫السعودي‪ ،‬رسالة ماجستير جامعة نيف العربية‪ ،9002 ،‬ص‪.99‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫وكذلك عرف التحقيق بأنه مجموعة من اإلجراءات التي تباشرها السلطة المختصة‬
‫بالتحقيق‪ ،‬طبقا للشروط واألوضاع التي يحددها القانون‪ ،‬بهدف البحث عن األدلة وتقديرها‬
‫والكشف عن الحقيقة في شأن جريمة ارتكبت لتقدير لزوم محاكمة المدعى عليه أو عدم‬
‫‪1‬‬
‫لزومها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أوهو دراسة مسائل أو ظواهر باالستناد على شهادات أومعلومات‪.‬‬

‫‪ -2‬تعريف التحقيق في الجريمة اإللكترونية‬

‫يمكن تعريفه بأنه‪ :‬عمل قانوني يقوم به مأمور الضبط القضائي المختص لضبط الجرائم‬
‫اإللكترونية الرقمية من فاعل ودليل الكتروني رقمي لتقديمه إلى السلطات التحقيق القضائي في‬
‫هذه الجرائم إلقامة العدل‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص المحقق في الجريمة اإللكترونية‬

‫أمام التطور التقني والتكنولوجي الذي صاحب الجريمة المعلوماتية ‪،‬فإن المتخصصين‬
‫بالتحقيق في هذا النوع من الجرائم المستحدثة يختلفون عن أوالئك المختصين بضبط الجرائم‬
‫التقليدية من حيث الخصائص وطريقة التكوين‪ ،‬ذلك أن التحقيق في هذه الجرائم ال يعتمد على‬
‫التدريبات الجسدية التي يتلقاها عادة رجال الضبطية القضائية وإنما يعتمد على البناء العلمي‬
‫والتكنولوجي وهم يتولون مهمة البحث والتحري عن الجرائم المعلوماتية وكشف النقاب عنها‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف المحقق‬

‫هو الشخص القائم بأعمال إجراءات التحقيق الجنائي‪ ،‬وعرف أيضا أنه كل من عهد إليه‬
‫القانون بتحري التحقيق في البالغات و الحوادث الجنائية‪ ،‬ويساهم بدوره في كشف غموضها‬
‫وصوال إلى معرفة حقيقة الحادث وكشف مرتكبه لمحاكمته أو بصدد المحاكمة التي تجريها‬
‫‪4‬‬
‫المحكمة‪.‬‬

‫‪ 1‬عمر بن إبراهيم بن حماد العمري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬


‫‪2‬‬
‫)‪Hachette, le dictionnaire pratique du français, imprimé en France, Imprimerie hérissey , Évreux (Eure‬‬
‫‪N°2896 , Collection N°25 Edition N02, 1983, p600.‬‬
‫‪3‬‬
‫مصطفى محمود موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 322‬‬
‫‪4‬‬
‫خالد محمود إبراهيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫وعرف أيضا بأنه‪ :‬كل شخص يقوم بعمل من أعمال التحقيق‪ ،‬سواء بصورة أصلية أو‬
‫بصورة استثنائية‪ ،‬يقوم بهذه األعمال بناء على تخويل مباشر من قبل المشرع‪ ،‬أو بصورة غير‬
‫مباشرة بناء على ندب أو تكليف من جهة لها االختصاص األصيل و األساسي وفي نطاق‬
‫‪1‬‬
‫اإلجراء الذي تم تخويلهم القيام به‪.‬‬

‫‪ -2‬تعريف المحقق في الجرائم اإللكترونية‬

‫المحقق الجنائي في الجريمة اإللكترونية هو المكلف بالبحث عن الحقيقة في الجريمة‬


‫اإللكترونية‪ ،‬والكشف عن مرتكبيها وتجميع أدلة اإلدانة أو البراءة ضدهم إلحالتهم للقضاء‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫فالمحقق هو المكلف بتنفيذ إجراءات القانون المطبق‪ ،‬كل حسب اختصاصه‪.‬‬

‫‪ -3‬الخصائص الفنية للمحقق‬


‫‪3‬‬
‫يجب أن تتوافر بعض األمور في المحقق ليقوم بعمله على أحسن وجه‪:‬‬

‫‪ -‬معرفة الجوانب الفنية والتقنية ألجهزة الحاسوب واالنترنت والتي تتعلق بالجريمة‬
‫المرتكبة‪.‬‬

‫‪ -‬وصول االخبارات و البالغات عن الجرائم الواقعة على الحاسوب واالنترنت من الفنيين‬


‫الذين يعملون على هذه األجهزة‪.‬‬

‫‪ -‬إتباع اإلجراءات الصحيحة والمشروعة من أجل سرعة المحافظة على األدلة اإللكترونية‬
‫التي تدل على وقوع الجريمة‪ ،‬وتخزينها في األقراص المعدة لذلك ومنع حذفها‪.‬‬

‫‪ -‬تشكيل فريق تحقيق فني‪ ،‬وإعطاء كل واحد منهم مهمة معينة من خالل عملية التفتيش‬
‫في مسرح الجريمة‪.‬‬

‫‪ -‬البحث عن األدوات المستخدمة في ارتكاب الجريمة وطرق الدخول إلى البرامج المخزنة‬
‫وكيفية الحصول على األرقام السرية والشفرات التي تمكنهم من الدخول إلى الحاسوب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمود حماد مرهج الهيني‪ ،‬أصول البحث والتحقيق الجنائي‪ ،‬دار الكتاب القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،9032 ،‬ص‪.391‬‬
‫‪2‬‬
‫مصطفى محمود موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 951‬‬
‫‪3‬‬
‫خالد عياد الحلبي‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.322،321‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫‪ -‬وضع خطة عمل مع جميع أعضاء فريق التحقيق‪ ،‬والتشاور معهم لمعرفة جميع‬
‫الجوانب الفنية للجريمة التي يجري التحقيق بشأنها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دليل اإل ثبا في الجريمة اإللكترونية‬

‫يختلف الوسط الذي ترتكب فيه الجريمة المعلوماتية من وسط مادي إلى وسط معنوي‬
‫(الوسط االفتراضي)‪ ،‬مما أدى إلى ظهور أدلة جنائية خاصة يمكن االعتماد عليها في اإلثبات‪،‬‬
‫بحيث تكون من ذات الطبيعة التقنية الناجمة عن النظم اإللكتروني التي تنتج منها في حالة‬
‫االعتداء عليها‪ ،‬وتتفق مع طبيعة الوسط الذي ارتكبت فيه الجريمة وهي األدلة الرقمية أو‬
‫‪1‬‬
‫اإللكترونية حسب ما عبرت عنها االتفاقية األوروبية لمكافحة الجرائم المعلوماتية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الدليل اإللكتروني‬

‫عرفته المنظمة العالمية لدليل الحاسوب في قرار لها في أكتوبر ‪ 9003‬بأنه‪ :‬المعلومات‬
‫ذات القيمة المحملة والمخزنة أو المنقولة في صورة رقمية‪ ،‬وكانت قد عرفته في مارس ‪9000‬‬
‫‪2‬‬
‫بأنه‪ :‬المعلومات المخزنة أو المنقولة والتي يمكن االعتماد عليها أمام المحكمة‪.‬‬

‫كذلك عرف الدليل اإللكتروني بأنه‪ :‬الدليل الذي يجد أساسا له في العالم االفتراضي‬
‫ويقود إلى الجريمة وهو كدليل بيانات يمكن إعدادها أو تخزينها بشكل إلكتروني‪ ،‬وعرف كذلك‬
‫بأنه معلومات يقبلها العقل والمنطق ويعتمدها العلم‪ ،‬يتم الحصول عليها بإجراءات علمية‬
‫وقانونية‪ ،‬بترجمة المعلومات والبيانات المخزنة في الحاسوب وملحقاته وشبكات االتصال ويمكن‬
‫استخدامها في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة إلثبات حقيقة فعل أو شيء أو شخص‬
‫‪3‬‬
‫له عالقة بجريمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سعيداني نعيم ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫‪2‬‬
‫مصطفى محمود موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.931‬‬
‫‪3‬‬
‫خالد عياد الحلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪910.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫وكذلك عرفه الفقه بأنه الدليل الذي يتم الحصول عليه بواسطة التقنية اإللكترونية من‬
‫الحاسوب وشبكة االنترنت‪ ،‬واألجهزة اإللكترونية الملحقة والمتصلة به‪ ،‬وشبكات االتصال من‬
‫‪1‬‬
‫خالل إجراءات قانونية‪ ،‬لتقديمها للقضاء كدليل إلكتروني جنائي يصلح إلثبات الجريمة‪.‬‬

‫ويعرف أيضا بأنه‪ :‬الدليل المأخوذ من أجهزة الحاسوب ويكون في شكل مجاالت أو‬
‫نبضات مغناطيسية أو كهربائية يمكن تجميعها وتحليلها باستخدام برامج وتطبيقات وتكنولوجيا‬
‫خاصة‪ ،‬وهو مكون رقمي لتقديم معلومات في أشكال متنوعة مثل النصوص المكتوبة أو الصور‬
‫واألصوات واألشكال والرسوم ‪ ،‬وذلك من أجل الربط بين الجريمة والمجرم والمجني عليه وبشكل‬
‫‪2‬‬
‫قانوني يمكن األخذ به أمام أجهزة تنفيذ وتطبيق القانون‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أشكال الدليل اإللكتروني‬

‫ليس للدليل الرقمي صورة واحدة بل يوجد له العديد من الصور واألشكال نذكر منها على‬
‫سبيل المثال‪:‬‬

‫‪ -1‬الصورة الرقمية‪:‬‬

‫هي عبارة عن تجسيد الحقائق المرئية حول الجريمة‪ ،‬وفي العادة تقدم الصورة في شكل‬
‫ورقي أو في شكل مرئي باستخدام الشاشة المرئية والصورة الرقمية تمثل تكنولوجيا بديل للصورة‬
‫‪3‬‬
‫التقليدية‪.‬‬

‫‪ -2‬النصوص المكتوبة‪:‬‬

‫وتشمل األوراق التحضيرية التي يتم إعدادها بخط اليد كمسودة أو تصور العملية التي يتم‬
‫برمجتها‪ ،‬وكذلك نصوص أساسية وقانونية محفوظة في الملفات العادية وتكون لها عالقة‬
‫بالجريمة‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.913‬‬
‫‪2‬‬
‫محمود عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬البحث والتحقيق الجنائي الرقمي في جرائم الكمبيوتر واالنترنت‪ ،‬دار الكتاب القانونية‪،‬‬
‫مصر‪ ،9002 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪3‬‬
‫سعيداني نعيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.392‬‬
‫‪4‬‬
‫دمحم األمين البشري‪ ،‬التحقيق في الجرائم المستحدثة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجامعة ‪ ،‬عمان‪ ،9032 ،‬ص ‪.332‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪ .........................................................................:‬اإلطار املفاهيمي للجرمية االلكرتونية و التحقيق فيها‬

‫‪ -3‬التسجيال الصوتية‪:‬‬

‫وهي التسجيالت التي يتم ضبطها وتخزينها بواسطة اآللة الرقمية‪ ،‬وتشمل المحادثات‬
‫‪1‬‬
‫الصوتية على االنترنت‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أنواع الدليل االلكتروني‬

‫يأخذ الدليل اإللكتروني نوعين رئيسيين‪ :‬أدلة أعدت لتكون وسيلة إثبات ‪ ،‬وأدلة لم تعد‬
‫لتكون وسيلة إثبات‪.‬‬

‫‪ -1‬أدلة أعد لتكون وسيلة إثبا ‪:‬‬

‫وهي السجالت التي تم إنشاؤها بواسطة الجهاز تلقائيا‪ ،‬وتعتبر هذه السجالت من‬
‫مخرجات الجهاز ولم يساهم االنسان في إنشائها‪ ،‬وكذلك السجالت التي تم حفظ جزء منها‬
‫‪2‬‬
‫باإلدخال وجزء تم انشاؤه بواسطة الجهاز‪.‬‬

‫‪ -2‬أدلة لم تعد لتكون وسيلة إثبا ‪:‬‬

‫هذا النوع من األدلة اإللكترونية نشأ دون إرادة الفرد‪ ،‬وله أثر يتركه الجاني دون أن‬
‫يكون راغبا في وجوده ويسمى بالبصمة اإللكترونية وتتجسد في اآلثار التي يتركها مستخدم‬
‫شبكة االنترنت بسبب تسجيل الرسائل المرسلة منه أو التي يستقبلها وكافة االتصاالت التي‬
‫‪3‬‬
‫تمت من خالل الحاسوب أو شبكة االنترنت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سعيداني نعيم ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.392‬‬
‫‪2‬‬
‫سعيداني نعيم ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.392 ،392‬‬
‫‪3‬‬
‫خالد عياد الحلبي‪ ،‬المرجع السابق ‪.912 ،915 ،‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬القواعد اإلجرائية في‬
‫استخالص الدليل االلكتروني والقيمة‬
‫القانونية له‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫إن طبيعة الجرائم اإللكترونية بعناصرها ووسائل ارتكابها‪ ،‬قد تدفع المشرع الجزائي إلى‬
‫إعادة النظر في كثير من المسائل الجزائية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بمسألة اإلثبات‪ ،‬ذلك أن الدليل‬
‫الذي يقوى على إثبات هذا النوع من الجرائم ال بد أن يكون من طبيعة إلكترونية‪ ،‬وهو األمر‬
‫الذي يقودنا إلى الحديث عن مسألة قبول هذا الدليل أمام القضاء ومدى تعبيره عن الحقيقة نظ ار‬
‫لما يمكن أن يخضع له من التزييف واألخطاء‪ ،‬وكذا مصداقيته ومشروعيته فإن األمر ال يتوقف‬
‫عند هذا الحد‪ ،‬بل يتجاوزه إلى مسألة تتعلق بمدى خضوع هذا الدليل ذو األصالة العلمية‬
‫للسلطة التقديرية للقاضي إعماال لمبدأ السلطة التقديرية للقاضي الج ازئي الذي يشكل جوهر أي‬
‫حكم‪ ،‬وعليه قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين‪ ،‬المبحث األول تحت عنوان القيمة القانونية للدليل‬
‫االلكتروني في مجال اإلثبات الجنائي‪ ،‬أما المبحث الثاني فيتمثل في القواعد اإلجرائية في‬
‫استخالص الدليل اإللكتروني‪.‬‬

‫‪- 92 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫المبحث ال ول‪ :‬القواعد اإلج ارئية في استخالص الدليل اإل لكتروني‬

‫إن التطور التقني الذي لحق نظام المعالجة اآللية فضال عن الطبيعة الخاصة للدليل الرقمي‬
‫سيؤدي حتما إلى تغيير كثير من المفاهيم السائدة حول إجراءات وطرق الحصول عليها‪ ،‬وهو‬
‫األمر الذي يحتاج بالضرورة إلى إعادة تقييم منهج بعض اإلجراءات التقليدية في قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬فضال عن استحداث قواعد إجرائية أخرى تتالءم مع طبيعة البيئة التقنية‪،‬‬
‫فتطور اإلثبات ووسائله أمر في غاية األهمية لمواجهة هذا النوع الجديد من الجرائم‪ ،‬وهو األمر‬
‫الذي سوف نعالجه من حيث بحث القواعد اإلجرائية التقليدية‪ ،‬وإلى أي مدى يمكن االستناد‬
‫إليها في الحصول على الدليل الرقمي في المطلب األول‪ ،‬ثم نعرج إلى القواعد اإلجرائية الحديثة‬
‫في استخالص الدليل االلكتروني وصعوبات التحقيق في الجريمة اإللكترونية في المطلب‬
‫الثاني‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬القواعد اإلجرائية التقليدية في استخالص الدليل االلكتروني‬

‫مما الشك فيه أن المشرع لم يجز استخالص الدليل من غير ضوابط تحكم ذلك عن‬
‫طريق قواعد إجرائية معينة أهمها التفتيش‪ ،‬وضبط األشياء والخبرة‪ ،‬إن هذه القواعد عامة النطاق‬
‫تنظم استخالص الدليل في جميع الجرائم‪ ،‬تقليدية كانت أو مستحدثة إال أنها في الثانية قد تكون‬
‫بحاجة إلى تطوير لكي تتناسب مع خصوصيتها وطبيعة الدليل الذي يصلح إلثبات الجريمة‬
‫اإللكترونية‪.‬‬

‫الفرع الول‪ :‬التفتيش‬

‫يمكن تعريف التفتيش بصفة عامة أنه‪ :‬ذلك اإلجراء الذي يدخل ضمن إجراءات التحقيق‬
‫االبتدائي أو القضائي‪ ،‬وال يمكن أن يقوم به سوى النيابة العامة و قاضي التحقيق‪ ،‬عن طريق‬
‫أمر ندب أحد مأموري الضبط القضائي المختص بإجرائه‪ ،‬والغرض منه هو البحث عن أدلة‬
‫اإلثبات للجريمة المرتكبة‪ ،‬وكل ما يفيد للوصول إلى الحقيقة في متابعة أي شخص يشتبه أنه‬
‫‪1‬‬
‫مرتكب الجريمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بلعليات إبراهيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.412‬‬
‫‪- 03 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫أوال‪ :‬القواعد الموضوعية لتفتيش أنظمة الحاسوب‬


‫‪1‬‬
‫وتلخص هذه القواعد كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬وقوع جريمة إلكترونية‪.‬‬

‫‪ -‬ارتكاب شخص أو أشخاص معينين إلحدى الجرائم اإللكترونية أو االشتراك فيها‪.‬‬

‫‪ -‬توافر أدلة قوية أو قرائن على وجود أشياء أو أجهزة أو معدات معلوماتية أو إلكترونية‬
‫تفيد في كشف الحقيقة‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون محل التفتيش هو الحاسوب بكل مكوناته المادية والمعنوية وشبكات‬
‫االتصال الخاصة به‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القواعد الشكلية لتفتيش نظام الحاسوب‬


‫‪2‬‬
‫وتتضمن عدة قواعد نذكرها كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أن يتم بأسلوب آلي إلكتروني من قبل األجهزة القائمة بالتفتيش وبصورة سريعة‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون أمر التفتيش مسببا‪.‬‬

‫‪ -‬تكوين فريق تفتيش يتضمن خبراء وفنيين متخصصين بالحاسوب واألنظمة اإللكترونية‬
‫باإلضافة إلى رجال الشرطة المتخصصين بالحماية و األمن‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬استخالص الدليل في الجريمة اإللكترونية‬

‫الضبط واالستخالص هو العثور على أدلة إثبات الجريمة التي يباشر التحقيق بشأنها‬
‫والتحفظ عليها‪ ،‬والضبط هو الغاية من التفتيش ونتيجته المباشرة‪ ،‬ولذلك يتعين عند إجرائه أن‬
‫‪3‬‬
‫تتوفر فيه نفس القواعد التي تطبق على التفتيش‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الفتاح بيومي حجازي‪ ،‬مبادئ اإلجراءات الجنائية في جرائم الكمبيوتر واالنترنت‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر الجامعي‬
‫‪ ،4002‬ص ‪.583،582‬‬
‫‪2‬‬
‫خالد عياد الحلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.132،133‬‬
‫‪3‬‬
‫مصطفى محمود موسى ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.408‬‬
‫‪- 03 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫الضبط يعني أيضا وضع اليد على أي شيء يتصل بالجريمة التي وقعت من أجل‬
‫الكشف عن الحقيقة وعن مرتكبيها‪ ،‬والهدف الذي تسعى إليه سلطة التحقيق من أجل القيام‬
‫بالتفتيش‪ ،‬وهو ضبط األدلة و الوثائق واألشياء التي تفيد في الكشف عن الجريمة‪ ،‬لذلك ينبغي‬
‫يجري‬ ‫التقيد بالقواعد اإلجرائية التي تحدد األماكن التي يجوز تفتيشها واألشخاص الذين‬
‫‪1‬‬
‫تفتيشهم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مدى صالحية الضبط في الجريمة اإللكترونية‬

‫محل الضبط يكون بطبيعته وبحسب تنظيمه القانوني وغايته‪ ،‬ال يرد إال على األشياء‬
‫أما األشخاص فال يصلحون ليكونوا محال للضبط بالمعنى الدقيق إال في حدود االستثناءات‬
‫اإلجرائية‪ ،‬وإذا كانت بعض القوانين تتحدث عن ضبط األشخاص وإحضارهم فإنه يعني القبض‬
‫عليهم وإحضارهم‪ ،‬والقبض نظام قانوني يختلف تماما عن ضبط األشياء‪ ،‬نظ ار لكون الضبط‬
‫محال في مجال الجريمة اإللكترونية‪ ،‬والبيانات المعالجة الكترونيا‪ 2‬فقد ثار التساؤل هل يصلح‬
‫هذا النوع من البيانات أن يكون محال للضبط وهو وضع اليد على شيء مادي ملموس؟‬

‫انقسم الفقه إلى اتجاهين يرى البعض أن بيانات الحاسوب ال تصلح أن تكون محال‬
‫للضبط‪ ،‬النتفاء الكيان المادي عنها وال سبيل لضبطها‪ ،‬إال بعد نقلها على كيان مادي ملموس‬
‫الري إلى أن النصوص التشريعية المتعلقة بالضبط يكون محل تطبيقها األشياء‬
‫ويستند هذا أ‬
‫المادية الملموسة‪ ،‬ويرى اتجاه ثاني أن البيانات المعالجة إلكترونيا ما هي إال ذبذبات الكترونية‬
‫أو موجات كهرومغناطيسية قابل للتسجيل والحفظ والتخزين على وسائط مادية وباإلمكان نقلها‬
‫‪3‬‬
‫وبثها واستقبالها وإعادة إنتاجها‪ ،‬فوجودها المادي ال يمكن إنكاره‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشياء محل الضبط في الجريمة اإللكترونية‬


‫‪4‬‬
‫األشياء التي يتم ضبطها في مجال الجرائم اإللكترونية والتي لها قيمة في اإلثبات هي‪:‬‬

‫‪ -‬ضبط جهاز الحاسوب وملحقاته‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خالد عياد الحلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪2‬‬
‫سعيداني نعيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪3‬‬
‫خالد عياد الحلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد الفتاح بيومي حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.201-512‬‬
‫‪- 09 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫‪ -‬ضبط المعدات المستعملة في شبكة االنترنت‪.‬‬

‫‪ -‬ضبط وسائط التخزين المتحركة كاألقراص المدمجة‪ ،‬واألقراص المرنة‪ ،‬واألشرطة‬


‫المغناطيسية‪.‬‬

‫‪ -‬ضبط البرمجيات‬

‫‪ -‬ضبط البريد اإللكتروني والذي قد يحتوي على برامج متخصصة لكتابة وإرسال‬
‫واستعراض وتخزين الرسائل اإللكترونية‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الصعوبات التي تواجه عملية الضبط‬


‫‪1‬‬
‫عملية ضبط البيانات المعالجة إلكترونيا تواجهها عدة صعوبات منها‪:‬‬

‫‪ -‬حجم الشبكة التي تحتوي على المعلومات المعالجة الكترونيا والمطلوب ضبطها‪.‬‬

‫‪ -‬وجود بيانات في شبكات أو أجهزة تابعة لدولة أجنبية‪.‬‬

‫‪ -‬يشمل التفتيش و الضبط أحيانا اعتداء على حقوق الغير‪ ،‬أو على حرمة حياتهم‬
‫الخاصة‪ ،‬فيجب اتخاذ الضمانات الالزمة لحماية هذه الحقوق والحريات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الخبرة في إثبات الجريمة اإللكترونية‬

‫تعتبر االستعانة بالخبراء من بين اإلجراءات التي يلجا إليه القضاء وسلطات التحقيق‬
‫على حد سواء ‪ ،‬وذلك كل ما استعصى عليهم األمر ‪ ،‬ومن بين هذه المجاالت التي تستدعي‬
‫اللجوء إلى الخبرة نجد الجريمة اإللكترونية‪ ،‬حيث أنه ال يستطيع التعامل مع هذه الجريمة إال‬
‫‪2‬‬
‫شخص ذو دراية وخبرة في مجال اإللكترونيات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خالد عياد الحلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪174‬‬
‫‪2‬‬
‫صغير يوسف‪ ،‬الجريمة المرتكبة عبر االنترنت‪ ،‬رسالة ماجستير ‪ ،‬جامعة مولود معمري ‪ ،‬تيزي وزو ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية ‪ ،4015 ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪- 00 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫أوال‪ :‬أنواع الخبراء اإللكترونيون‪.‬‬

‫الخبير في الجريمة اإللكترونية‪ :‬هو الفني المتخصص وصاحب الخبرة في التقنية‬


‫اإللكترونية وشبكاتها‪ ،‬والذي يكون قد أرى أو سمع أو أدرك بحواسه معلومات هامة الزمة‬
‫للدخول في نضام المعالجة اآللية الرقمية للبيانات‪ ،‬إذا كانت مصلحة التحقيق تقتضي البحث‬
‫‪1‬‬
‫عن الدليل الرقمي اإللكتروني داخله ويتمثل الخبراء اإللكترونيون في مايلي‪:‬‬

‫‪ -‬المبرمجون‪.‬‬

‫‪ -‬المحلل هو الشخص الذي يضع خطوات العمل ويقوم بتجميع بيانات نظام معين‪.‬‬

‫مهندس الصيانة واالتصاالت‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مشغل الحاسوب اآللي وشبكاته‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مدير النظام المعلوماتي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهمية الخبرة في البحث عن الدليل اإل لكتروني‬

‫تكمن أهمية الخبرة في األدلة التي تقدمها لجهة التحقيق والقضاء ولسائر السلطات‬
‫المختصة بالدعوى الجزائية‪ ،‬لذلك فقد اهتم المشرع الجزائري بتنظيم أعمال الخبرة في المواد‬
‫‪ 125‬الى ‪ 132‬من قانون اإل ا‬
‫جرءات الجزائية‪ ،‬واعتبرها من إجراءات البحث عن الدليل حيث‬
‫نصت المادة ‪ :125‬على أنه لجهات التحقيق أو الحكم عندما تعرض لها مسالة ذات طابع فني‬
‫أن تأمر بندب خبير إما من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من النيابة العامة وإما بطلب من‬
‫‪2‬‬
‫الخصوم‪.‬‬

‫وتكمن أهمية الخبرة في مجال البحث عن الدليل اإللكتروني في أنها وسيلة من وسائل‬
‫اإلثبات التى تهدف إلى كشف بعض الدالئل‪ ،‬أو تحديد مدلولها باالستعانة بالمعلومات العلمية‬

‫‪1‬‬
‫مصطفى محمود موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.174‬‬
‫‪2‬‬
‫قانون رقم ‪ 133-22‬مؤرخ في ‪ 08‬يونيو ‪ 1122‬المعدل و المتمم لقانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪،28‬‬
‫المعدل و المتمم لألمر رقم ‪ 04-13‬مؤرخ في ‪ 45‬جويلية ‪ ،4013‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ،20‬و المعدل و المتمم باألمر‬
‫‪.04-17‬‬
‫‪- 03 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫وهي البحث في مسائل مادية أو فنية يصعب على المحقق أن يبحث فيها‪ ،‬ويعجز عن جمع‬
‫‪1‬‬
‫األدلة بالوسائل األخرى لإلثبات‪.‬‬

‫تبرز أهمية االستعانة بالخبرة في مجال الجرائم اإللكترونية‪ ،‬في أنه عند غيبها تعجز‬
‫الضبطية القضائية في كشف غموض الجريمة لنقص الكفاءة و التخصص الالزمين للتعامل‬
‫مع الجوانب التقنية و التكنولوجية التي ارتكبت بواسطتها الجريمة‪ ،‬وهو ما قد يؤدي إلى تدمير‬
‫‪2‬‬
‫الدليل ومحوه بسبب الجهل واإلهمال عند التعامل معه‪.‬‬

‫ولعل هذه األهمية للخبرة في مجال التحقيق في الجريمة اإللكترونية جعل بعض‬
‫التشريعات ال تكتف بالنصوص التقليدية التي تنظم الخبرة‪ ،‬وعمدت إلى إدراج نصوص قانونية‬
‫خاصة تنظم الخبرة في هذا المجال‪ ،‬ونجد أن المشرع الجزائري أشار في المادة ‪ 03‬الفقرة‬
‫األخيرة من القانون رقم ‪ 02-01‬المتضمن القواعد الخاصة بالوقاية من الجرائم المتصلة‬
‫بتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ومكافحتها أنه‪":‬يمكن للسلطة المكلفة بتفتيش المنظومات‬
‫المعلوماتية تسخير كل شخص له دراية بعمل المنظومة المعلوماتية محل البحث أو التدابير‬
‫المتخذة لحماية المعطيات التي تتضمنها قصد مساعدتها وتزويدها بكل المعلومات الضرورية‬
‫إلنجاز مهمتها"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القواعد اإلجرائية الحديثة في استخالص الدليل االلكتروني وصعوبات التحقيق‬
‫في الجريمة اإللكترونية‬

‫كان لتطور أساليب ارتكاب الجريمة اإللكترونية منحى تصاعدي بين الجرائم المرتكبة‬
‫في الجزائر‪ ،‬أي فرض على المشرع االعتماد على قواعد إجرائية خاصة في سبيل مكافحة‬
‫الجريمة اإللكترونية وهو ما جاء به القانون ‪ 44-02‬المؤرخ في ديسمبر ‪ 4002‬المعدل والمتمم‬
‫لألمر رقم ‪ 133-22‬المؤرخ في ‪ 08‬يوليو ‪ 1122‬والمتضمن لقانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫صغير يوسف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪2‬‬
‫مصطفى محمود موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.444‬‬
‫‪- 03 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫الفرع الول‪ :‬القواعد اإلجرائية الحديثة في استخالص الدليل االلكتروني‬

‫ن ــص المشرع الجزئري على إجراءات خاصة تهدف إلى ضبط األدلة في الجرائم الماسة‬
‫بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات وبعض الجرائم األخرى‪ ،‬وتتمثل هذه اإلجراءات في التسرب‬
‫واعتراض المراسالت وكذلك من خالل القانون ‪ 02-01‬المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من‬
‫الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ومكافحتها‪ ،‬استحداث إجراءين آخرين هما‬
‫‪1‬‬
‫المراقبة اإللكترونية وحفظ المعطيات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التسرب (االختراق) واعتراض المراسالت‪.‬‬

‫تعتبر الجريمة اإللكترونية من بين الجرائم التي يمكن اللجوء فيها إلى إجراء التسرب‬
‫واعتراض المراسالت إذا اقتضت ذلك ضرورات التحري والتحقيق بشأنها‪.‬‬

‫‪ -1‬التسرب (االختراق)‬

‫نضم المشرع الجزائري أحكام التسرب في الفصل الخامس من قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫من المادة ‪ 23‬مكرر ‪ 11‬إلى مكرر ‪ ، 18‬حيث بين كيفية القيام بعملية التسرب وكذا شروط‬
‫القيام بهذا اإلجراء‪ ،‬وكذلك األحكام الجزائية لمن تسبب في الكشف عن هوية الضابط أو العون‬
‫المتسرب‪ ،‬ويتم االستماع إلى الضابط المتسرب بوصفه شاهدا عن الجرائم المرتكبة بعد انتهاء‬
‫المهلة المحددة في رخصة التسرب‪.‬‬

‫أ‪ -‬مفهوم التسرب‪:‬‬

‫المقصود بالتسرب‪ :‬هو قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية بمراقبة االشخاص المشتبه‬
‫في أنهم ارتكبوا الجريمة بإظهار أنه مساهم معهم أو شريك‪ ،‬بحيث يستعمل الضابط أو العون‬
‫هوية مستعارة وذلك إذا ما ارتبط البحث والتحري واحدة من الجرائم التالية‪:‬‬

‫‪ -‬جرائم المخدرات‪.‬‬
‫‪ -‬الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات‪.‬‬

‫معتوق عبد اللطيف‪ ،‬اإلطار القانوني لمكافحة جرائم المعلوماتية في التشريع الجزائري و التشريع المقارن‪ ،‬مذكرة ماجستير‬ ‫‪1‬‬

‫جامعة العقيد الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،4014-4011،‬ص‪.102‬‬
‫‪- 03 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫‪ -‬جرائم تبييض األموال‪.‬‬


‫‪ -‬الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف وجرائم الفساد‪.‬‬

‫ب‪ -‬طرق التسرب في مجال الجريمة المعلوماتية‪:‬‬

‫يمكن تصور عملية التسرب في نطاق الجرائم اإللكترونية في دخول ضابط أو عون‬
‫الشرطة القضائية إلى العالم االفتراضي‪ ،‬وذلك باختراقه لمواقع معينة وفتح ثغرات إلكترونية فيها‬
‫أو اشتراكه في محادثات في غرف الدردشة أو حلقات االتصال المباشر مع المشتبه فيهم‪،‬‬
‫والظهور بمظهر كما لو كان فاعال مثلهم‪ ،‬مستخدما في ذلك أسماء أو صفات هيئات مستعارة‬
‫ووهمية سعيا منه لالستفادة منهم حول كيفية اقتحام المخترق للمواقع‪ ،‬أو كيفية ارتكاب الجرائم‬
‫‪2‬‬
‫وحتى المشاركة معهم في ارتكابها لتجميع كل ما يمكن جمعه من األدلة‪.‬‬

‫‪ -2‬اعتراض المراسالت السلكية والالسلكية‬

‫أ‪ -‬مفهوم اعتراض المراسالت‬

‫استحدث بموجب المادة ‪ 23‬مكرر إلى‪ 23‬مكرر‪ 10‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪،‬‬
‫إمكانية قاضي التحقيق أن يأمر ضابط الشرطة القضائية بترخيص كتابي وتحت إشرافه مباشرة‬
‫للقيام باعت ارض المراسالت التي تتم عن طريق وسائل االتصاالت السلكية والالسلكية ‪ ،‬ووضع‬
‫الترتيبات التقنية دون موافقة الشخص المعني من اجل القيام بالتقاط وتثبيت وتسجيل وبحث‬
‫فيسرية وفي أي مكان عام أو خاص والتقاط الصور ألي شخص‪.‬‬

‫إن مقتضيات المادة ليست مطلقة بل ترد عليها بعض االستثناءات عن طريق تشريع‬
‫قواعد إجرائية‪ ،‬تنص على تقييد هذه الحرية من أجل الحفاظ على المصلحة العامة للمجتمع‬
‫وأمنه وسالمته‪ ،‬وهذا لحسن سير التحريات والتحقيقات القضائية‪ ،‬بحيث منح حق اعتراض‬
‫المراسالت التي تتم عن طريق وسائل االتصال السلكية والالسلكية ووضع ترتيبات تقنية دون‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 23‬مكرر ‪ 14‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫سعيداني نعيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪,177‬‬
‫‪- 03 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫مراقبة المعنيين من أجل التقاط الصور وتثبيت وبث وتسجيل الكالم المتفوه به بصفة خاصة أو‬
‫‪1‬‬
‫سرية من طرف شخص أو عدة أشخاص في أماكن عامة أو خاصة‪.‬‬

‫في المادة ‪ 211‬من القانون ‪ 05-00‬المؤرخ في ‪ 03‬سبتمبر ‪ 4000‬المحدد للقواعد‬


‫العامة المتعلقة بالبريد والمواصالت‪ ،‬اعتبر أن مادة المواصالت هي كل اتصال مجسد في شكل‬
‫كتابي يتم عبر كافة الوسائل المادية التي يتم ترحيلها إلى العنوان المشار إليه من طرف‬
‫‪2‬‬
‫المرسل نفسه أو بطلب منه‪ ،‬وال تعتبر الكتب والجرائد والمجالت واليوميات كمادة مراسالت‪.‬‬

‫إال أنه بالرجوع إلى نص المادة ‪ 51‬من الدستور الجزائري التي تنص‪ :‬على أن سرية‬
‫المراسالت واالتصاالت الخاصة بكل أشكالها مضمونة‪ ،‬ولذلك نصت المدة ‪ 505‬من قانون‬
‫العقوبات التي تعاقب كل من يفضح أو يتلف رسائل أو مراسالت موجهة للغير‪ ،3‬إذا يمكن‬
‫التوصل للقول بان المراسالت الخاصة تعني كل رسالة مكتوبة بأي شكل من األشكال سواء‬
‫مادية أو إلكترونية وسواء كانت على دعامة ورقية أو رقمية‪ ،‬مرسلة بأي وسيلة لعدد معين‬
‫ومحدد من المرسل إلى المرسل إليهم‪ ،‬باستثناء الكتب والمجالت والجرائد والدوريات التي ال‬
‫تعتبر مراسالت خاصة‪.‬‬

‫وهذا ما جاء به القانون ‪ 02-01‬المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من جرائم المتصلة‬


‫بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ومكافحتها في المادة ‪ 4‬الفقرة "و" في تعريفه لالتصاالت‬
‫اإللكترونية‪ :‬على أنها تراسل أو إرسال أو استقبال عالمات أو إشارات أو كتابات أو صور او‬
‫أصوات أو معلومات مختلفة بأي وسيلة كانت‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن المراسالت التي يمكن اعتراضها يجب أن تتسم‬
‫‪4‬‬
‫بالخصوصية ولكي تكون كذلك يلزم أن يتوافر فيها عنصران أساسيان هما‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫قادري سارة‪ ،‬أساليب التحري الخاصة في قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬مذكرة ماجستير ‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ‪ ،‬ورقلة ‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية ‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،4012 -4015 ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪2‬‬
‫قانون رقم ‪ 05-00‬مؤرخ في ‪ 3‬غشت ‪ 4000‬المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد و المواصالت السلكية و الالسلكية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد ‪ ،28‬بتاريخ ‪ 2‬غشت ‪.4000‬‬
‫‪3‬‬
‫القانون رقم ‪ ،01-16‬مؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ 2016‬المتضمن الدستور الجزائري‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ،63‬بتاريخ مارس‬
‫‪.2016‬‬
‫‪4‬‬
‫سعيداني نعيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪- 03 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫‪-‬عنصر موضوعي يتعلق بموضوع ومضمون الرسالة في حد ذاتها بمعنى أن تكون‬


‫الرسالة ذات طابع شخصي وسري‪.‬‬

‫‪-‬عنصر شخصي والمراد به إرادة المرسل في تحديد المرسل إليه ورغبته في عدم‬
‫السماح للغير باإلطالع على مضمون الرسالة‪.‬‬

‫وعند توفر هذان العنصران في الرسالة فإنها تتصف بالمراسلة الخاصة التي لها خصوصيتها‬
‫وسريتها المحمية قانونا وال أهمية لشكل الرسالة أو طريق نقلها وتوصيلها إلى المرسل إليه‪.‬‬

‫ال يمكن لضابط الشرطة القضائية اللجوء إلى إجراء اعتراض المراسالت إال بعد أن‬
‫يحصل على إذن مكتوب ومسبب من طرف وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق في حالة فتح‬
‫تحقيق قضائي‪.‬‬

‫ب‪ -‬طرق اعتراض المراسالت اإللكترونية‬

‫يعتبر البريد اإللكتروني أهم وسيلة تقنية في مجال التراسل االلكتروني ومن ثمة فعملية‬
‫االعتراض تنصب عليه‪ ،‬ومن المعلوم أن كل رسالة إلكترونية تظهر فيها معلومات عامة مثل‬
‫تاريخ إنشاء الرسالة وتاريخ تلقيها وكذا عنوان المرسل وعنوان المرسل إليه‪ ،‬وهذه المعلومات‬
‫ليست كافية لمعرفة المرسل إذ بإمكان هذا األخير إرسال رسائله من صناديق بريد مسجلة‬
‫بأسماء وهمية‪ ،‬كما أن هناك وسائل تتيح للمرسل أن يرسل رسائله دون أن يظهر فيها عنوان‬
‫بريده اإللكتروني الصحيح‪ ،‬لذلك البد من الحصول على المزيد من المعلومات التي يمكن‬
‫العثور عليها في حاشية رسائل البريد االلكتروني والتي يطلق عليها مصطلح ‪Email Heade‬‬
‫‪1‬‬

‫والمعلومات التي تحتويها الحاشية هي عبارة عن معلومات تراكمية لمختلف األجهزة الخادمة‬
‫‪2‬‬
‫للبريد اإللكتروني التي مرت من خاللها الرسالة‪ ،‬ونجد أن حاشية المعلومات تتضمن أرقام ‪IP‬‬
‫مختلفة تمثل أرقام خاصة بكل األجهزة التي مرت بها الرسالة‪ ،‬وعادة ما يظهر رقم‪ IP‬الخاص‬
‫‪3‬‬
‫بمرسل الرسالة أمام عبارة ‪ ، x originating IP‬وفي حالة عدم ظهور هذه العبارة فإن رقم ‪IP‬‬

‫‪ :Imail Header 1‬صفحة تحتوي على عنوان ‪ IP‬لشركة البريد االلكتروني وعنوان ‪ IP‬الخاص ببريد الشخص مرسل‬
‫الرسالة‪.‬‬
‫‪ IP 2‬هو عبارة عن رقم يمثل عنوان جهاز الحاسوب على االنترنت ويكون بهذا الشكل ‪ .114.128.1.1‬وهو اختصار لكلمة‬
‫‪Protocol Internet‬‬
‫‪ x originating IP 3‬صحة تحتوي على عناوين‪ IP‬شركة البريد و‪ IP‬الشخص مرسل الرسالة في شركة هوتمايل‬

‫‪- 02 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،‬وتعد هذه المعلومات أساسية يمكن‬ ‫الخاص لمرسل الرسالة يكون أمام آخر كلمة ‪received‬‬
‫من خاللها االستدالل على صاحب الرسالة ويصبح بعد ذلك من السهل الحصول على المزيد‬
‫من المعلومات عن المرسل‪ ،‬وذلك بإدخال رقم ‪ IP‬في بعض المواقع أو البرامج التي تقوم‬
‫بالكشف عن مصدر الرسالة والمكان الجغرافي التي أرسلت منه‪ ،‬وكذلك مزود الخدمة الذي‬
‫يتعامل معه المرسل وبذلك يكون من السهل اعتراض المراسالت واإلطالع على محتواها دون‬
‫‪2‬‬
‫علم مرسلها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراقبة اإللكترونية وحفظ المعطيات‬

‫سوف نتناول بالشرح إجراءات المراقبة اإللكترونية فقط على اعتبار انه سبق الحديث عن‬
‫حفظ المعطيات‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهوم الرقابة اإللكترونية لالتصاالت‬

‫استحدث المشرع الجزائري إجراءات المراقبة اإللكترونية بموجب المادة ‪ 05‬من القانون‬
‫‪ 02-01‬الصادر بتاريخ ‪ 03‬غشت ‪ 4001‬المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم‬
‫المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ومكافحتها حينما أجاز تبعا لمستلزمات التحريات‬
‫والتحقيقات القضائية الجارية في إظهار هذا النوع من الجرائم اللجوء إلى وضع ترتيبات تقنية‬
‫لمراقبة االتصاالت اإللكترونية وتجميع وتسجيل محتواها‪ ،3‬غير أن المشرع الجزائري لم يتطرق‬
‫إلى تحديد المقصود بمراقبة االتصاالت اإللكترونية واكتفى بتحديد مفهوم االتصاالت اإللكترونية‬
‫وذلك في الفقرة "و"من المادة األولى من نفس القانون‪.‬‬

‫من الواضح أن المشرع الجزائري لم يعتبر هذا اإلجراء من ضمن طرق الحصول على‬
‫الدليل اإللكتروني فقط بل أدرجه ضمن التدابير الوقائية من الجرائم التي يمكن أن ترتكب‬
‫بواسطة المعلوماتية‪ ،‬فإلى جانب القيام بإجراءات مراقبة االتصاالت اإللكترونية فإنه يمكن كذلك‬

‫‪ Received 1‬صحة تحتوي على عناوين‪ IP‬شركة البريد و‪ IP‬الشخص مرسل الرسالة في شركة ياهو‬
‫‪ 2‬سعيداني نعيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184 ، 181‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 05‬من القانون‪": 02-01‬مع مراعات االحكام القانونية التي تضمن سرية المراسالت واالتصاالت‪ .‬يمكن لمقتضيات‬
‫حماية النظام العام أو لمستلزمات التحريات او التحقيقات القضائية الجارية ‪ ،‬وفقا للقواعد المنصوص عليها في قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية وفي هذا القانون ‪ ،‬وضع ترتيبات تقنية لمراقبة االتصاالت اإللكترونية وتجميع وتسجيل محتواها في حينها‬
‫والقيام بإجراءات التفتيش والحجز داخل منظومة معلوماتية‪".‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫تطوير هذه التقنية‪ ،‬لكي تعمل في بيئة الرقابة لغرض الوقاية من احتمال وقوع جرائم خطيرة‬
‫بواسطة المعلوماتية من شأنها تهديد كيان الدولة وهو ما أقرته المادة ‪ 02‬من القانون ‪02-01‬‬
‫المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من جرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ومكافحتها‪.‬‬

‫‪ -2‬شروط المراقبة التقنية لالتصاالت‬

‫اعتبر المشرع الجزائري المراقبة التقنية لالتصاالت وسيلة إجرائية للحصول على الدليل‬
‫‪1‬‬
‫في مجال الجريمة اإللكترونية بمجموعة من الشروط أهمها‪:‬‬

‫جرء تحت سلطة القضاء وبإذن منه‪ ،‬وهو ما أكدته المادة ‪ 02‬من‬
‫‪ -‬أن يتم تنفيذ هذا اإل ا‬
‫القانون ‪ 02-01‬المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من جرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم‬
‫واالتصال ومكافحتها بنصها على أنه‪ ":‬ال يجوز إجراء عملية المراقبة إال بإذن من السلطة‬
‫القضائية المختصة"‪.‬‬

‫‪ -‬أن تكون هناك ضرورة تتطلب هذا اإلجراء‪ ،‬وتتحقق هذه الضرورة عندما يكون من‬
‫الصعب الوصول إلى نتيجة تهم مجريات التحري والتحقيق دون اللجوء الى المراقبة اإللكترونية‪،‬‬
‫وهو ما أكد عليه المشرع في المادة ‪ 2‬الفقرة "ج" من القانون ‪ 02-01‬المتضمن القواعد الخاصة‬
‫للوقاية من جرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال ومكافحتها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬معوقات و صعوبات التحقيق في الجريمة اإللكترونية‬

‫يتسم التحقيق في الجريمة اإللكترونية بالعديد من المعوقات والصعوبات التي تؤثر على‬
‫عملية التحقيق التي تؤدي بها إلى الخروج بنتائج تنعكس على نفسية المحقق‪ ،‬بفقدانه الثقة في‬
‫نفسه وعلى المجتمع بفقدانه الثقة في أجهزة تنفيذ القانون الغير قادرة على حمايته من هذه‬
‫الجرائم ومالحقة مرتكبيها‪ ،‬وانعكاسها أيضا على المجرم نفسه‪ ،‬حيث يشعر أن الجهات‬
‫القضائية غير قادرة على اكتشاف أمره وأن خبرة القائمين على المكافحة والتحقيق‪ ،‬ال تجاري‬
‫خبرته وعلمه األمر الذي يعطيه ثقة كبيرة في ارتكاب المزيد من الجرائم التي قد تكون أكثر‬
‫فداحة وأشد ضر ار على المجتمع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سعيداني نعيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫أوال‪ :‬المعوقات المتعلقة بجهات التحقيق‬

‫توجد معوقات للتحقيق في الجريمة اإللكترونية تتعلق بالسلطة القائمة بالتحقيق وتجمع‬
‫لعدة أسباب نذكرها كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬قلة خبرة القائمين بالتحقيق في هذه الجرائم‬

‫لقلة المهارات الفنية المطلوبة للتحقيق في هذا النوع من الجرائم ونقص المهارات في‬
‫استخدام جهاز الحاسوب واالنترنت‪ ،‬وعدم توافر المعرفة بأساليب ارتكاب الجرائم اإللكترونية‪،‬‬
‫وقلة الخبرة في مجال التحقيق في جرائم الحاسوب واالنترنت وقلة المعرفة باللغة األجنبية ال‬
‫سيما أن للعاملين في مجال الحاسوب مصطلحات عملية خاصة أصبحت تشكل الطابع المميز‬
‫لمحادثاتهم وأساليب التفاهم بينهم‪ ،‬وليس هذا فحسب بل اختصر العاملون في هذا المجال تلك‬
‫‪1‬‬
‫المصطلحات والعبارات بالحروف األولى لتكون لديهم لغة غريبة تعرف بلغة المختصرات‪.‬‬

‫‪ -2‬الصعوبات التقنية الستخدام بروتوكول ‪ TCP / IP‬في اإل ثبات‪.‬‬

‫كدليل الكتروني لإلثبات‬ ‫‪2‬‬


‫هناك تحديات عند استخدام المحقق بروتوكول ‪TCP/ IP‬‬
‫‪3‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ -‬بروتوكول ‪ IP‬وحدة معلوماتية تحتوي على معلومات عن الحاسوب وليس عن‬


‫األشخاص‪ ،‬لذلك فمن الصعوبة إثبات أن شخصا محددا أحدث الفعل غير المشروع‪ ،‬ومع ذلك‬
‫يمكن أن يستخدم كقرينة قضائية ضد مالك الجهاز إلى أن يثبت العكس‪.‬‬

‫‪ -‬الجاني يعمد إلى استخدام عناوين ومعلومات غير صحيحة أو غير قانونية باستخدام‬
‫حاسوبه الشخصي في ملف خدمات عامة لتجنب التعرف عليه‪ ،‬ويستخدم عنوان ‪ IP‬له‬
‫مستخدمين كثر ويمكنهم استخدام نفس العنوان‪ ،‬وبعد مرور فترة زمنية يقوم بغلق االتصال‪،‬‬
‫وبعد فترة يعاود االتصال مما يجعل النشاط اإلجرامي غالبا مزعا على عدة عناوين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خالد ممدوح ابراهيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪2‬‬
‫هو اختصار لكلمة ‪ Transmission Control Protocol‬بروتوكول التحكم في نقل البيلنات وكلمة ‪Internet protocol‬‬
‫بروتوكول ‪ TCP/IP‬هو العصب المحرك لالنترنت يضم مجموعة بروتوكوالت مطورة كطريق للتواصل بين مختلف أنواع‬
‫الحواسيب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫خالد عياد الحلبي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.442‬‬
‫‪- 39 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫‪ -‬تكون المعلومات المحملة لمصدر عنوان ‪ IP‬غير حقيقية أو زائفة وهذا ممكن‬
‫باستخدام مصدر زائف لمصدر عنوان ‪ IP‬بحيث يظهر بأن المعلومات جاءت من حاسوب‬
‫محدد وفي الحقيقة جاءت من حاسوب آخر‪.‬‬

‫‪ -3‬ارتفاع تكاليف جمع الدلة‬

‫إن التحقيق في هذه الجرائم يحتاج إلى خبراء متخصصين وهؤالء يحتاجون إلى دورات‬
‫مستمرة متزامنة مع تطور التقنية اإللكترونية‪ ،‬وهذا األمر مرتبط بتكاليف باهظة‪ ،‬وكذلك التفتيش‬
‫عن األدلة يحتاج إلى فحص آالف الصفحات خصوصا عندما ال تثبت تلك الصفحات شيئا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عوائق تتعلق بالجريمة والجهة المتضررة منها‬


‫‪1‬‬
‫المعوقات المتعلقة بالجريمة اإللكترونية تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬خفاء الجريمة وغياب الدليل المرئي وصعوبة التعرف عليه‪.‬‬


‫‪ -‬اإلعاقات المتعلق بالوصول إلى الدليل إلحاطته بوسائل الحماية الفنية‪.‬‬
‫‪ -‬سهولة محو الدليل أو تدميره في زمن قصير جدا‪.‬‬

‫الجاني يمكنه أن يمحو األدلة التي تكون قائمة ضده أو تدميرها في زمن قصير جدا‬
‫بحيث ال تتمكن السلطات من كشف الجريمة إذا ما علمت بها‪ ،‬وفي هذه الحالة التي قد تعمل‬
‫بها فإنه يستهدف بالمحو السريع عدم استطاعة السلطات إقامة الدليل ضده‪ ،‬وبالتالي تملصه‬
‫من مسؤولية هذا الفعل وإرجاعه إلى خطأ في نظام الحاسوب اآللي أو الشبكة أو في األجهزة‪.‬‬

‫أما المعوقات المتعلقة بالجهات المتضررة من جرائم الحاسوب واالنترنت‪ ،‬وهي عدم‬
‫إدراك خطورة جرائم الحاسوب واالنترنت من قبل المسئولين بالمؤسسات المجني عليها التي تعد‬
‫من معوقات التحقيق‪ ،‬وكذلك إغفال الجانب اإلرشادي للمستخدمين إلى خطورة الجرائم المتعلقة‬
‫باالنترنت‪ ،‬وتسابق الشركات في تبسيط اإلجراءات وتسهيل استخدام البرامج واألجهزة وملحقاتها‬
‫واقتصار تركيزها على تقديم الخدمة وعدم التركيز على الجانب األمني‪ ،‬وهذا يؤدي إلى اإلحجام‬
‫عن اإلبالغ عن الجريمة‪ ،‬التي تعتبر من أهم وأخطر اإلشكاالت التي تتعلق بعملية اإلبالغ عن‬

‫‪1‬‬
‫خالد ممدوح ابراهيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪.23‬‬
‫‪- 30 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫الجريمة اإللكترونية‪ ،‬حيث يحجم البعض عن إبالغ السلطات المختصة بالجرائم التي ارتكبت‬
‫‪1‬‬
‫بحقهم خاصة إذا تعلق األمر بالمؤسسات المالية أو ما شابهها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خالد عياد الحلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.442 ،445‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫البحث الثاني ‪ :‬القيمة القانونية للدليل اإللكتروني في مجال اإل ثبات الجنائي‬

‫لقد أثارت مسألة الدليل الرقمي الكثير من التساؤالت حول تعبيره أو عدم تعبيره عن‬
‫نظر لما يمكن أن تخضع له طرق الحصول عليه من التزييف والتحريف والعبث‪ ،‬وهو‬
‫الحقيقة‪ ،‬ا‬
‫ما يثير مسألة مشروعية األخذ به‪ ،‬إذ يشترط في الدليل الجنائي بوجه عام أن يكون مشروعا‬
‫من حيث وجوده ومن حيث الحصول عليه‪.‬‬

‫إن مجرد وجود دليل يثبت وقوع الجريمة ونسبيتها إلى شخص معين ال يكفي أن يكون‬
‫دليل إثبات‪ ،‬إذ يجب أن تكون لهذه األدلة قيمة قانونية وقيمة الدليل الجنائي تتوقف على‬
‫مسألتين رئيسيتين األولى مشروعية الدليل والثانية هي حجية الدليل على المراد إثباته‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬مشروعية الدليل اإللكتروني‬

‫تعرف المشروعية بأنها التوافق والتقيد بأحكام القانون في إطاره ومضمونها العام‪ ،‬فهي‬
‫فرد لحماية حريتهم وحقوقهم الشخصية ضد تعسف‬
‫تهدف إلى تقرير ضمانة أساسية وجدية لأل ا‬
‫السلطة ومن التطاول عليها في غير الحاالت التي رخص فيها القانون بذلك من أجل حماية‬
‫‪1‬‬
‫النظام االجتماعي وبنفس القدر تحقيق حماية مماثلة للفرد ذاته‪.‬‬

‫لذلك فإنه لصحة اإلجراءات التي تقوم بها جهة التحقيق أن ال تخل بمبدأ المشروعية من‬
‫أجل أن الحصول على دليل صحيح وسليم يستند عليه القضاء في أحكامه والحقيقة أن‬
‫مشروعية الدليل اإللكتروني هي مشروعية الوجود ومشروعية الحصول‪.‬‬

‫الفرع الول‪ :‬مشروعية وجود الدليل اإللكتروني‬

‫تقتضي مشروعية وجود الدليل اإللكتروني أن يكون المشرع قد قبل هذا الدليل ضمن‬
‫أدلة اإلثبات الجنائي‪.‬‬

‫يقصد بمشروعية الوجود أن يكون الدليل معترفا به‪ ،‬بمعنى أن يكون القانون يجيز‬
‫للقاضي االستناد إليه واالستدالل به لتكوين عقيدته وقناعته للحكم باإلدانة أو البراءة‪ ،‬ولعل‬
‫المعيار الذي يتحدد على أ ساسه موقف القوانين فيما يتعلق بسلطة القاضي الجزائي في قبول‬

‫‪1‬‬
‫هالل عبد هللا دمحم‪ ،‬حجية مخرجات الكمبيوتر في المواد الجنائية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬مصر‪4008 ،‬‬
‫ص‪.102‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫الدليل اإللكترونية‪ ،‬تتمثل في طبيعة نظام اإلثبات السائد في الدولة إذ يختلف النظام القانوني‬
‫في موقفها من حيث األدلة التي يمكن قبولها في اإلثبات‪1،‬وهناك اتجاهان رئيسيان االتجاه‬
‫األول هو نظام األدلة القانونية‪ ،‬أما االتجاه الثاني فهو نظام اإلثبات الحر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أنظمة اإل ثبات المقيد‬

‫فيه يقوم المشرع بتحديد أدلة اإلثبات حص ار‪ ،‬وكذا القوة الثبوتية لكل دليل من أدلة‬
‫اإلثبات بناء على قناعته‪ ،‬وهو ما يعرف بنظام األدلة القانونية‪ ،‬إذ ال يكون لقناعة القاضي‬
‫الجزائي في هذا النظام أي دور في تقدير األدلة أو البحث عنها‪ ،‬إذ تحدد للقاضي األدلة التي‬
‫يجوز له قبولها واللجوء اليها في اإلثبات وال سبيل إلنشاء أي دليل لم ينص عليه القانون‬
‫‪2‬‬
‫صراحة ضمن أدلة اإلثبات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظام اإل ثبات الحر‬

‫وفقا لهذا النظام يتمتع القاضي الجنائي بحرية مطلقة في شأن إثبات الوقائع المعروضة‬
‫عليه‪ ،‬فال يلزمه القانون بأدلة لالستناد إليها في تكوين قناعته‪ ،‬فله أن يبني هذه القناعة على‬
‫أي دليل وإن لم يكن منصوصا عليه‪ ،‬وكل األدلة تتساوى قيمتها في اإلثبات في نظر المشرع‪،‬‬
‫والقاضي هو الذي يختار من بين ما يطرح عليه ما يراه صالحا للوصول إلى الحقيقة‪ ،‬وهو في‬
‫ذلك يتمتع بمطلق الحرية لقبول الدليل أو رفضه إذا لم يقتنع به‪ ،‬فالمشرع ال يتدخل في تحديد‬
‫القيمة اإلقناعية للدليل‪ ،‬فعلى الرغم من توفر شرط الصحة في الدليل إال أن القاضي يملك أن‬
‫يرده تحت مبرر عدم االقتناع‪ ،‬ولذلك فالقاضي في مثل هذا النظام يتمتع بدور إيجابي في هذا‬
‫النظام‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مشروعية الحصول على الدليل االلكتروني‬

‫من الضروري أن يتم رسم ضوابط و أطر معينة‪ ،‬يتعين أن تمارس في نطاقها عملية‬
‫البحث عن األدلة وتحصيلها والتحقيق فيها‪ ،‬بحيث ال تنحرف عن الغرض الذي يبتغيه المشرع‬

‫‪1‬‬
‫خالد عياد الحلبي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.452 ،453‬‬
‫‪2‬‬
‫شيماء عبد الغني‪ ،‬دمحم عطا هللا‪ ،‬الحماية الجنائية للتعامالت اإللكترونية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،4007 ،‬‬
‫ص ‪.252 ،253‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫من ورائه‪ ،‬وهو الوصول الى الحقيقة الفعلية في الدعوى وهي الهدف االسمى لقانون اإلجراءات‬
‫الجزائية‪.‬‬

‫ويعني مبدأ مشروعية الحصول على الدليل اإللكتروني بما يتضمنه من مفاهيم‬
‫الكترونية‪ ،‬ضرورة اتفاق اإلجراءات مع القواعد القانونية واألنظمة المتبعة في وحدات المجتمع‬
‫المتحضر‪ ،‬أي أن قاعدة مشروعية الدليل الجنائي ال تقتصر فقط على مجرد المطابقة مع‬
‫القواعد القانونية‪ ،‬بل يجب أن تراعي المبادئ السامية لحقوق االنسان وقواعد النظام وحسن‬
‫اآلداب في المجتمع‪. 1‬‬

‫ويشترط في الدليل الجنائي عموما لقبوله كدليل إثبات أن يتم الحصول عليه بطريقة‬
‫مشروعة‪ ،‬وذلك يقضي أن تكون الجهة المختصة بجمع الدليل قد التزمت بالشروط التي يحددها‬
‫القانون في هذا الشأن ونحن هنا نبحث عن مشروعية الدليل اإللكتروني‪ ،‬فإننا نقتصر على ما‬
‫يثير جمع هذا الدليل من إشكاالت قانونية بالنظر إلى طبيعته الخاصة‪ ،‬ولذا يمكننا القول ان ما‬
‫يثيره الدليل االلكتروني من حيث مشروعية الحصول عليه يتركز بشكل اساسي في اجراءات‬
‫‪2‬‬
‫التفتيش للبحث عن هذا الدليل وذلك يتم بنقطتين رئيستين‪:‬‬

‫‪ -‬صفة القائم بالتفتيش ‪.‬‬


‫‪ -‬مدى مشروعية التفتيش عن الدليل االلكتروني وفي ضبطه في الوسط االفتراضي‪.‬‬

‫من المقرر أن اإلدانة في أي جريمة ال بد ان تكون مبنية على أدلة مشروعية في‬
‫الحصول عليها وفق قواعد األخالق والنزاهة‪ ،‬واحترام القانون من طرف الجهة المتخصصة‬
‫بجمع الدليل الجزائي بما يتضمنه من ألدلة مستخرجة من وسائل الكترونية‪.‬‬

‫وال يكون إال إذا أجرى التفتيش عنه أو الحصول عليه أو كانت عملية تقديمه إلى‬
‫القضاء و إقامته أمامه بالطرق التي رسمها القانون‪ ،‬فمتى ما تم الحصول على الدليل خارج‬
‫هذه القواعد القانونية فال يعتد بقيمته مهما كانت داللته الحقيقية وذلك لعدم مشروعيته‪ ،‬وعلى‬
‫هذا األساس فإن إجراءات جمع األدلة اإللكترونية المتحصلة من الوسائل اإللكترونية إذا خالفت‬

‫‪1‬‬
‫حسين ربيعي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.265‬‬
‫‪2‬‬
‫خالد عياد الحلبي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫القواعد اإلجرائية التي تنظم كيفية الحصول عليها فإنها تكون باطلة‪ ،‬وبالتالي بطالن الدليل‬
‫‪1‬‬
‫المستمد منها وال تصلح الن تكون أدلة تبنى عليها اإلدانة في المواد الجنائية‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬حجية الدليل اإل لكتروني في اإل ثبات الجنائي وموقف المشرع الجزائري منه‬

‫إن مجرد الحصول على الدليل اإللكتروني وتقديمه للقضاء ال يكفي العتماده كدليل‬
‫لإلدانة‪ ،‬إذ أن الطبيعة الفنية الخاصة بالدليل االلكتروني تمكن من العبث بمضمونه على نحو‬
‫يحرف الحقيقة دون أن يكون في قدرة الشخص غير المتخصص إدراك ذلك العبث‪ ،‬فضال عن‬
‫ذلك فإن نسبة الخطأ في إجراءات الحصول على دليل صادق في اإلبالغ عن الحقيقة فتبدو‬
‫عادية في مثل هذا النوع من األدلة‪ ،‬لذلك تثور فكرة الشك في مصداقيتها كأدلة لإلثبات‬
‫‪2‬‬
‫الجنائي‪.‬‬

‫الفرع الول‪ :‬حجية الدليل اإل لكتروني في اإل ثبات الجنائي‬

‫إن مسألة تقييم الدليل الجنائي في إثبات الوقائع الجرمية مسألة موضوعية محضة‬
‫للقاضي أن يمارس سلطته التقديرية فيها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تقييم الدليل اإللكتروني من حيث سالمته من التزوير‬


‫‪3‬‬
‫يمكن التأكد من سالمة الدليل االلكتروني من العبث به بعدة طرق نذكر منها ‪:‬‬

‫‪ -‬فكرة التحليل التناظري الرقمي والتي من خاللها يتم مقارنة الدليل الرقمي المقدم‬
‫للقضاء باألصل المدرج باآللة الرقمية‪ ،‬ومن ثم يتم التأكد من مدى حصول عبث في النسخة‬
‫المستخرجة أم ال‪ ،‬ويستعان في ذلك استخدام جهاز الحاسوب الذي يلعب دو ار مهما في تقديم‬
‫المعلومات الفنية التي تساهم في فهم مضمون الدليل الرقمي‪ ،‬وهذا العلم يستعان به أيضا في‬
‫كشف مدى تالعب بمضمون هذا الدليل‪.‬‬

‫‪ -‬استخدام عمليات حسابية خاصة تسمى الخوارزميات ويلحق إلى هذه التقنية في حالة‬
‫عدم الحصول النسخة األصلية للدليل الرقمي‪ ،‬وفي حالة العبث قد وقع على النسخة األصلية‬

‫‪1‬‬
‫سعيداني نعيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫‪2‬‬
‫خالد عياد الحلبي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫‪3‬‬
‫سعيداني نعيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫باإلمكان التأكد من سالمة الدليل الرقمي من التحريف والتغيير باستعمال هذه العمليات‬
‫الحسابية ‪.‬‬

‫‪ -‬استعمال الدليل المحايد وهو نوع من األدلة الرقمية المخزون في البيئة االفتراضية ال‬
‫عالقة له بموضوع الجريمة‪ ،‬ولكنه يساعد في التأكد من مدى سالمة الدليل الرقمي المقصود‬
‫من حيث عدم حصول أي تعديل عليه في نظام الحاسوب‪. 1‬‬

‫وال شك أ ن الخبرة التقنية تمثل في هذه الحالة دو ار مهما في التثبت من سالمة الدليل‬
‫الرقمي‪ ،‬فإذا كان للخبرة التقنية أهمية كبرى في مجال استخالص الدليل الرقمي‪ ،‬فإن لها ذات‬
‫الدور في بحث مصداقية وتقييمه من حيث عدم حصول أي عبث عليه‪ ،‬فنقص الثقافة‬
‫المعلوماتية للقاضي الجزائي قد يحتم عليه كواجب قضائي أن يستعين في هذه المسائل بوسائل‬
‫الخبرة كنهج‪ ،‬ليس من اجل استيفاء الدليل فحسب بل لبحث مصداقيته في مجال معالجة اآللية‬
‫للمعلومات وتحقيق اليقينية لهذا الدليل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تقييم الدليل اإللكتروني من حيث السالمة الفنية لإلجراءات المتبعة في الحصول عليه‬

‫سبق الحديث على أن الدليل الرقمي يتم الحصول عليه بإتباع جملة من اإلجراءات‬
‫الفنية‪ ،‬والتي من الممكن أن يعتريها خطأ قد يشكك في سالمه نتائجها‪ ،‬األمر الذي يحتم‬
‫إخضاعها إلى اختبارات كوسيلة للتأكد من سالمة هذا اإلجراءات من حيث إنتاجها لدليل تتوافر‬
‫فيه المصداقية لقبوله كدليل إثبات ويتبع في ذلك مجموعة من الخطوات ‪:‬‬

‫‪ -‬إخضاع األدلة المستخدمة لعدة تجارب للتأكد من دقتها في إعطاء النتائج ويكون ذلك‬
‫بإتباع اختبارين أساسيين يتم التأكد من خاللهما أن األداة المستخدمة عرضت كل المعطيات‬
‫المتعلقة بالدليل الرقمي‪ ،‬وفي ذات الوقت لن تضف إليها أي بيانات جديدة وهو ما قد يعطي‬
‫النتائج المقدمة مصداقية في التدليل على الوقائع‪ ،‬أو يمثل هذان االختباران في‪ 2:‬اختبار‬
‫السلبيات الزائفة ومفاده أن تخضع األداة المستخدمة في الحصول على الدليل الختبار يبين‬
‫مدى قدرتها على عرض كافة البيانات المتعلقة بالدليل الرقمي‪ ،‬وأنه لم يتم إغفال معطيات‬
‫مهمة عنه‪ ،‬أما االختبار الثاني والذي يجري باختبار االيجابيات الزائفة مفاده إخضاع األداة‬

‫‪1‬‬
‫خالد عياد الحلبي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.249‬‬
‫‪2‬‬
‫سعيداني نعيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.218‬‬
‫‪- 32 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫المستخدمة في الحصول على الدليل الرقمي لالختبار يمكن من التأكد من أن هذه األداة‬
‫‪1‬‬
‫التعرض معطيات إضافية جديدة‪.‬‬

‫‪ -‬االعتماد على األدوات التي أثبتت الدراسات العلمية كفاءتها في تقديم نتائج أفضل‪ ،‬إذ‬
‫تبين الدراسات العلمية والبحوث المنشورة في مجال تقنية المعلومات بالطرق السليمة التي يجب‬
‫إتباعها في الحصول على الدليل الرقمي‪ ،‬وفي المقابل بينت تلك الدراسات أيضا األدوات‬
‫‪2‬‬
‫المشكوك في كفائتها وهو ما يساهم في تحديد مصداقية المخرجات المستمدة من تلك األدوات‪.‬‬

‫من خالل ما تقدم يمكن الوقوف على سالمة الدليل اإللكتروني‪ ،‬فإذا توافرت في الدليل‬
‫االلكتروني الشروط العامة لما يمكن أن يمثل أساسا لتأكيد الثقة فيه‪ ،‬فإنه يبدو ومن غير‬
‫المعقول أن يعيد القاضي تقييم هذا الدليل وطرحه من جديد على البحث‪ ،‬فإن الدليل اإللكتروني‬
‫بوصفه دليال علميا فإن داللته قاطعة شأن الواقعة المستشهد به منها‪ ،‬فإذا سلمنا سابقا بإمكانية‬
‫التشكيك في سالمة الدليل االلكتروني بسبب قابليته للعبث ونسبة الخطأ في إجراءات الحصول‬
‫بري حاسم وإن لم يقطع به أهل‬
‫عليه‪ ،‬فتلك مسألة فنية ال يمكن للقاضي أن يقطع في شأنها أ‬
‫االختصاص‪.‬‬

‫إذا توافرت في الدليل االلكتروني الشروط السابقة بخصوص سالمته من العبث والخطأ‪،‬‬
‫فإن هذا الدليل ال يمكن رده استنادا لسلطة القاضي التقديرية إذا سلطة القاضي في رد الدليل‬
‫استنادا لفكرة الشك‪ ،‬يلزم إلعمالها أن يكون هناك ما يرقى لمستوى التشكيك في الدليل‪ ،‬وهو ما‬
‫ال يستطيع القاضي الجزم به متى توافرت في هذا الدليل شروط السالمة‪ ،‬بحيث يقتصر دور‬
‫القاضي على بحث صلة الدليل بالجريمة‪ ،‬وال شك أن الخبرة تحتل في هذه الحالة دو ار مهما في‬
‫التأكد من صالحية هذا الدليل كأساس لتكوين عقيدة القاضي‪ ،‬فبحث مصداقية الدليل هي من‬
‫‪3‬‬
‫صميم فن الخبرة ال القاضي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خالد عياد الحلبي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫‪2‬‬
‫سعيداني نعيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.218‬‬
‫‪3‬‬
‫هاللي عبد هللا احمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف المشرع الجزائري من الدليل االلكتروني في مجال اإل ثبات الجنائي‬

‫إن من واجب القاضي الجنائي سواء كان قاضي التحقيق أو غرفة االتهام أو المحكمة‬
‫الجزائية‪ ،‬أن تقيم الدليل على المتهم‪ ،‬وال يجوز أن يحاكم المتهم و يدان بمجرد وجود قرائن بل‬
‫ال بد أن تكون هذه الدالئل مكملة لبقية األدلة المادية األخرى كما يجب أن تتسم إجراءات جمع‬
‫األدلة بالمشروعية وذلك احتراما للحرية الشخصية للمتهم باعتباره بريئا إلى أن تثبت إدانته بحكم‬
‫‪1‬‬
‫بات‪.‬‬

‫إن اإلثبات الجنائي هو كل ما يؤدي إلى كشف غموض الجريمة وإقامة الدليل على‬
‫وقوعها والتأكد من أن المتهم هو مرتكب الجريمة بالفعل ووجود الدليل على ذلك‪ ،‬ويعتبر الدليل‬
‫الوسيلة القانونية التي يستعين بها القاضي للوصول إلى الحقيقة وكشف الجريمة ونسبتها إلى‬
‫المتهم‪ ،‬وقد ذهب الفقه اإلجرائي إلى وضع نظامين إجرائيين في مجال اإلثبات الجنائي يختلفان‬
‫فيما بينهما من حيث األسس التي يقوم عليها كل واحد منها وقد سبق اإلشارة إليهما‪.‬‬

‫تنتمي الجزائر إلى مجموعة الدول التي تتبنى نظام اإلثبات الحر في مجال اإلثبات‬
‫الجنائي‪ ،‬فهي تساير النظم الالتينية كفرنسا وبلجيكا واألردن وسوريا‪ ،‬وهو األمر الذي كرسته‬
‫المادة ‪ 212‬من قانون اإلجراءات الجزائية التي جاء في نصها على أن‪" :‬يجوز إثبات الجرائم‬
‫بأي طريقة من طرق اإلثبات ما عدا األحوال التي ينص بها القانون على غير ذلك‪ ،‬وللقاضي‬
‫أن يصدر حكمه تبعا القتناعه الخاص‪ ،‬وال يجوز للقاضي أن يبني ق ارره إال على األدلة المقدمة‬
‫له في معرض المرافعات والتي حصلت المناقشة فيها حضوريا أمامه‪".‬‬

‫إن إقرار المشرع الجزائري للحرية في تقديم األدلة وتركها للقانعة الشخصية لقاضي‬
‫الموضوع هو لتعزيز إثبات قرينة البراءة‪ ،‬وتعزيز لممارسة حقوق الدفاع الفردية ‪ ،‬غير أن هذا‬
‫اإلطالق بدون تحديد وتخصيص يعد قصو ار تشريعيا واضحا فال نجد ضمن قانون اإلجراءات‬
‫الجزائية ما يدل على أن الدليل االلكتروني‪ ،‬هو دليل من نوع خاص شانه شان الجرائم‬
‫اإللكترونية ‪ ،‬فغياب أدنى نص قانوني في هذا الشأن يؤدي إلى ظهور إشكاالت متعلقة بطبيعة‬
‫األدلة المقدمة أمام الجهات القضائية‪ ،‬بحيث يمكن لهذه األخيرة وفي حال عدم إلمامها بتقنية‬

‫‪1‬‬
‫بلعليات ابراهيم ‪ .‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫الفصل الثاني‪....................................:‬القواعد اإلجرائية في استخالص الدليل االلكتروني و القيمة القانونية له‬

‫المعلوماتية دحض هذا الدليل وعدم االعتداد به ‪ ،‬ولو كان حائ از على القوة الثبوتية‪ ،‬وتتوفر فيه‬
‫كافه شروط الصحة وكذلك العكس صحيح‪.‬‬

‫أما بالنسبة لسلطة القاضي الجزائري في تقدير الدليل االلكتروني‪ ،‬فإن المادة العلمية‬
‫للدليل االلكتروني جعلت من سلطة القاضي في تقدير هذا الدليل محل خالف فقهي‪ ،‬إن هناك‬
‫من يرى أن الدليل العلمي ومنه الدليل االلكتروني له قوته الثبوتية الملزمة حتى للقاضي‪،‬‬
‫مستندين في رائيهم إلى أن هذا الدليل يتسم بالدقة العلمية التي يبلغ معها إلى درجة اليقين‪،‬‬
‫وهناك من يرى بأن مبدأ حرية القاضي في االقتناع‪ ،‬يجب أن يبسط سلطاته على كل األدلة‬
‫دون استثناء حتى على الدليل الرقمي‪ ،‬معتبرين أن إعطاء الدليل الرقمي قوة ثبوتية ال يستطيع‬
‫القاضي مناقشتها أو تقديرها يعد بمثابة رجوع إلى مذهب اإلثبات القانوني المقيد‪ ،‬والمشرع‬
‫الجزائري كما سبق بيانه أجاز إثبات الجرائم بأية طريقة من طرق اإلثبات ما عدا الجرائم التي‬
‫قد يتطلب إثباتها دليال معينا‪ ،‬ومنح القاضي الجزائي سلطة تقدير الدليل والحرية في تكوين‬
‫‪1‬‬
‫اقتناعه من أي دليل يطمئن عليه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سعيداني نعيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪- 39 -‬‬
‫الخــــــــــــــــاتـــــــــــــمـــــة‬
‫الخــــاتـــمـــة ‪..............................................................................................................‬‬

‫بعد استعراضنا بالبحث و الدراسة لموضوع آلیات البحث و التحقیق في الجرائم‬


‫االلكترونیة‪ ،‬اتضح لنا جلیا مدى التحول الذي مس مجالت البحث في مجال العلوم الجنائیة‪،‬‬
‫فقد تأثرت هذه األخیرة بالتطور التكنولوجي و بالخصوص بتطبیقات التقنیات اإللكترونیة‪ ،‬فقد‬
‫حاولنا من خالل كل ما استعرضناه إضفاء الطابع الفني و التقني بالقدر المستطاع إلى الطابع‬
‫القانوني للبحث‪ ،‬وذلك من خالل االعتماد على مزیج من المصطلحات القانونیة و العلمیة‬
‫االلكترونیة‪ ،‬و كل ذلك بغرض إبراز مدى تقدم البحوث في المجال القانوني الجنائي و‬
‫بالخصوص في مجال اإلجراءات الجنائیة المتعلقة بأعمال البحث و التحقیق‪ ،‬و التي طالما‬
‫تمیزت بالطابع التقلیدي المادي‪ ،‬غیر أن تأثر الجریمة بتطور نمط الحیاة في ظل عصر‬
‫تكنولوجیا المعلومات‪ ،‬عجل باستحداث مفاهیم و إجراءات قانونیة حدیثة تهدف إلى تطویر‬
‫أعمال البحث و التحقیق في مجال الجرائم اإللكترونیة ‪ ،‬بهدف مالحقة جرائم و مجرمي الجرائم‬
‫االلكترونیة‪ ،‬ضمانا لعدم فقدان السیطرة على استعماالت تقنیة المعلوماتیة و عدم حیادها عن‬
‫أهدافها الرئیسیة المتمثلة في خدمة المصالح المعرفیة للمجتمعات و الشعوب‪ ،‬و یمكن لنا أن‬
‫نوجز ما تضمنه بحثنا من نتائج منبثقة عن اإلشكالیة المطروحة في مجال التحقیق في‬
‫الجریمة االلكترونیة فیما یلي‪:‬‬
‫‪ -1‬یستحیل القضاء على ظاهرة اإلجرام االلكتروني بشكل نهائي‪ ،‬و ذلك التصالها‬
‫المباشر بالتقنیة االلكترونیة‪ ،‬ففكرة التخلي عن هذه التقنیة هي الحل الوحید لمشروع القضاء‬
‫على الجریمة االلكترونیة‪ ،‬و ذلك بالرغم من درجة التطور التي آلت إلیها المنظومة القانونیة‬
‫اإلجرئیة في مجال مكافحة الجریمة االلكترونیة‪.‬‬
‫ا‬ ‫العقابیة منها و‬
‫‪ -2‬على المستوى القانوني و التشریعي فإننا الحظنا مدى االهتمام الذي تولیه الدول و‬
‫الحكومات لهذا المجال من خالل التحدیثات المستمرة و المتوالیة للنصوص العقابیة واإلجرائیة‪،‬‬
‫بشكل متناسق مع تطور األسالیب اإلجرامیة‪ ،‬و هي الجهود التي الحظنا قلتها في التشریع‬
‫الجزائري الذي أصبح یمیزه الجمود و القدم مقارنة بما آلت إلیه الجریمة االلكترونیة‪ ،‬و كل ذلك‬
‫بدعوى عدم تأثر المجتمع الجزائري بالظاهرة اإلجرام االلكتروني بالشكل الذي یستوجب سن و‬
‫تعدیل النصوص على وجه االستعجال‪ ،‬و هي المعطیات و الحجج التي من شانها تشجیع‬
‫المجرمین على التصعید من نشاطهم و تهدید المصالح العامة و الخاصة‪ ،‬خصوصا و أن هذه‬
‫التقنیة االلكترونیة أصبحت من التقنیات األكثر شیوعا في الجزائر‪.‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫الخــــاتـــمـــة ‪..............................................................................................................‬‬

‫‪ -3‬إن إجراءات البحث و التحقیق المعلوماتي هي إجراءات من نوع خاص یشترط‬


‫لمباشرتها التقیید بمجموعة من الشروط أهمها شرط التقیید بالنص اإلجرائي المالئم‪ ،‬لما قد‬
‫تنطوي علیه هذه اإلجراءات من مساس بالحریات الفردیة و إطالع على مستودع سر األفراد‪،‬‬
‫كالتصنت اإللكتروني و اعتراض البرید اإللكتروني‪ ،‬و حجز للمعطیات و البیانات الشخصیة‪،‬‬
‫و كل ذلك حفاظا على سالمة اإلجراءات من طائلة البطالن و كذلك حفاظا على حریات‬
‫األفراد و كرامتهم‪.‬‬
‫‪ -4‬تخضع إجراءات البحث و التحقیق المعلوماتي الختصاص جهات متخصصة في‬
‫التعامل مع الجرائم االلكترونیة‪ ،‬تعتمد في تكوینها على مجموعة من المختصین في مجال‬
‫المعلوماتیة و كذلك في مجال التحقیق الجنائي‪ ،‬مما یجعل منهم أفضل األشخاص الذین‬
‫یستطیعون التكفل بمهام البحث و التحقیق في الجرائم اإللكترونیة‪ ،‬نظ ار لتقدیرهم العلمي و‬
‫المعرفي باألسالیب اإلجرامیة االلكترونیة‪ ،‬و كذلك القواعد القانونیة للتعامل بالشكل الشرعي مع‬
‫الجریمة المعلوماتیة‪ ،‬إضافة إلى مراعاتهم لجملة من القواعد العملیة االحتیاطیة منها و األصلیة‬
‫عند مباشرة اإلجراءات التي تهدف إلى جمع األدلة‪ ،‬بشكل یكون الهدف منه ضمان حسن سیر‬
‫اإلجراءات و الحفاظ على سالمتها من طائلة البطالن‪ ،‬و كذا سالمة األدلة من مخاطر التلف‬
‫و الفقدان‪.‬‬
‫‪ -5‬تعتمد إجراءات البحث و التحقیق في مجال الجرائم المعلوماتیة على القواعد الفنیة‬
‫العملیة أكثر منه على القواعد اإلجرائیة القانونیة‪.‬‬
‫‪ -6‬یقترن نجاح إجراءات البحث و التحقیق في الجرائم االلكترونیة بمدى براعة و فعالیة‬
‫و جاهزیة الجهات المختصة بمباشرة اإلجراءات لتتبع األدلة اإللكترونیة‪ ،‬و تحصیلها و حفظها‬
‫بغرض عرضها على الجهات المختصة بتقدیرها‪.‬‬
‫و من خالل المالحظات السابقة الذكر ارتأینا ‪ ،‬وبناء على كل ما استعرضناه جاز لنا‬
‫وضع تنویه مجموعة من التوصیات التي تساهم في حل اإلشكالیات و العوائق التي صادفتنا‬
‫في مجال البحث و لتكون إسهاما علمیا واضح‪ ،‬و التي تتمثل فیما یلي‪:‬‬
‫‪ -1‬العمل على التحسس بخطورة الجریمة االلكترونیة على األمن العام‪ ،‬و أمن األفراد‬
‫من خالل إدراج مفهوم الجریمة المعلوماتیة ضمن المقررات الدراسیة‪.‬‬

‫‪- 44 -‬‬
‫الخــــاتـــمـــة ‪..............................................................................................................‬‬

‫‪ -2‬ضرورة العمل على تحسس ضحایا الجرائم االلكترونیة بضرورة التبلیغ عن أي‬
‫جریمة الكترونیة قد یقعون ضحایا لها‪.‬‬
‫‪ -3‬یجب و على وجه االستعجال استحداث نصوص قانونیة متالئمة و مستوى التطور‬
‫الذي آلت إلیه تقنیة اإللكترونیة و درجة خطورة الجرائم االلكترونیة‪.‬‬
‫‪ -4‬تعدیل قانون اإلجراءات الجزائیة على وجه االستعجال من خالل إدراج قسم خاص‬
‫بأعمال البحث و التحقیق في الجرائم االلكترونیة‪.‬‬
‫هذه جملة من المقترحات التي یرى الباحث ضرورة تبنیها و تجسیدها على ارض الواقع‬
‫من اجل الوصول إلى ضمان فعالیة قصوى في عمل الجهات المختصة بالبحث و التحقیق في‬
‫الجرائم االلكترونیة‪ ،‬وبالتالي تجسید السیاسة الهادفة على تامین الفضاء اإللكتروني‪ ،‬و مكافحة‬
‫الجرائم االلكترونیة‪.‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫قــائــمــة المـــراجــــــع‬
‫أوال‪ :‬باللغة العربية‬

‫‪ -1‬النصوص القانونية‬

‫‪ -‬القوانين‪:‬‬

‫‪ .1‬القانون رقم ‪ ،01 -16‬المؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ ،2016‬المتضمن الدستور الجزائري‪ ،‬جريدة‬


‫الرسمية‪ ،‬رقم ‪ ،63‬بتاريخ مارس ‪.2016‬‬
‫‪ -‬األوامر‬
‫الجزائية‬ ‫‪ .1‬األمر رقم (‪ ،)155-66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ ،1966‬المتضمن قانون اإلجرااا‬
‫المعدل والمتمم‪ ،‬باألمر رقم(‪ ،)07-17‬المؤرخ في ‪ 27‬مارس ‪ ،2017‬جريدة الرسمية‪ ،‬رقم ‪20‬‬
‫بتاريخ ‪ 29‬مارس ‪.2017‬‬
‫‪ .2‬األمر رقم (‪ ،)156-66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ ،1966‬المتضمن قانون العقوبا ‪ ،‬المعدل‬
‫والمتمم‪ ،‬بالقانون رقم(‪ ،)01-14‬المؤرخ في ‪ 4‬فبراير ‪ ،2014‬جريدة رسمية‪ ،‬رقم ‪ ،7‬بتاريخ‬
‫‪ 16‬فبراير ‪.2014‬‬

‫‪ -‬المراسيم‬

‫‪ .1‬المرسوم رقم (‪ ،)90-90‬المؤرخ في ‪ 11‬غشت ‪ ،2990‬يتضمن القواعد الخاصة للوقاية‬


‫اإلعالم واالتصال ومكافحتها‪ ،‬الجيردة الرسمية‪ ،‬العدد ‪04‬‬ ‫من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا‬
‫بتاريخ ‪95‬غشت ‪.2990‬‬

‫‪ .2‬المرسوم الرئاسي‪ ،‬رقم (‪،)261-15‬المؤرخ في ‪ 98‬اكتوبر ‪ 2015‬ويحدد تشكيلة وتنظيم‬


‫اإلعالم واالتصال‬ ‫وكيفية سير الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا‬
‫ومكافحتها‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،53‬بتاريخ ‪ 98‬اكتوبر ‪.2015‬‬

‫‪ -2‬الكتب‪:‬‬

‫‪ .1‬أحمد خليفة الملط‪ ،‬الجرئم المعلوماتية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬
‫‪.2991‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ .2‬أسامة أحمد المناعسة‪ ،‬جالل دمحم الزعبي جرائم تقنية نظم المعلومات االلكترونية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثاثة‪ ،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ ،‬عمان‪. 2910،‬‬
‫‪ .3‬أمال قارة‪ ،‬الحماية الجنائية للمعلوماتية في التشريع الجزائري‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬دار هومة‪،‬‬
‫‪.2991‬‬
‫ابراهيم‪ ،‬أركان الجريمة وطرق إثباتها في قانون العقوبات الجزائري‪ ,‬الطبعة‬ ‫‪ .0‬بلعليا‬
‫االولى‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫الحلبي‬ ‫‪ .5‬حنان ريحان مبارك المضحاكي‪ ،‬الجرائم المعلوماتية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشو ار‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيرو ‪.2910 ،‬‬

‫‪ .1‬خالد عياد الحلبي‪ ،‬اج ارءات التحري والتحقيق في جرائم الحاسوب و األنترنت‪ ،‬الطبعة‬
‫االولى‪ ،‬دار الثقفة للنشر و التوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ .4‬خالد محمود إبراهيم فن التحقيق الجنائي في الجرائم اإللكترونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر‬
‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2990 ،‬‬
‫‪ .8‬شيماا عبد الغني دمحم عطا هللا‪ ،‬الحماية الجنائية للتعامالت االلكترونية‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪.2994 ،‬‬
‫‪ .0‬طارق ابراهيم الدسوقى عطية‪ ،‬األمن المعلوماتي النظام القانوني للحماية المعلوماتية‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪.2990 ،‬‬
‫‪ .19‬عبد الفتاح بيومي حجازي ‪ ،‬مبادئ االجراءات الجنائية في جرائم الكمبيوتر واالنترنت‪،‬‬
‫الطبعة االولى ‪،‬دار الفكر الجامعي ‪. 2991،‬‬
‫‪ .11‬حمد األمين البشري‪ ،‬التحقيق في الجرائم المستحدثة‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬دار الجامعة‪،‬‬
‫عمان‪.2910 ،‬‬
‫‪ .12‬دمحم علي العريان‪ ،‬الجرائم المعلوماتية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪.2990 ،‬‬
‫‪ .13‬محمود حماد مرهج الهيني‪ ،‬أصول البحث والتحقيق الجنائي‪ ،‬دار الكتاب القانونية‪،‬‬
‫القاهرة‪.2910 ،‬‬
‫‪ .10‬محمود عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬البحث والتحقيق الجنائي الرقمي في جرائم الكمبيوتر‬
‫واال نترنت‪ ،‬دار الكتاب القانونية‪ ،‬مصر‪.2991 ،‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ .15‬مصطفى دمحم موسى‪ ،‬التحقيق الجنائي في الجرائم االلكترونية‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬مطابع‬
‫الشرطة‪ ،‬القاهرة‪.2990 ،‬‬
‫‪ .11‬هالل عبد هللا دمحم‪ ،‬حجية مخرجات الكمبيوتر في المواد الجنائية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية ‪. 2998،‬‬
‫‪ -3‬المذكرات الجامعية‬

‫‪ .1‬معتق عبد اللطيف‪ ،‬اإلطار القانوني لمكافحةجرائم المعلوماتية في التشريع الجزائري‬


‫والتشريع المقارن‪،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة العقيد الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪.2912-2911،‬‬
‫البحث والتحقيق في الجرائم المعلوماتية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة باتنة‬ ‫‪ .2‬ربيع حسين‪ ،‬آليا‬
‫‪ ،1‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪.2911-2915 ،‬‬
‫البحث والتحري من الجرائم المعلوماتية في القانون الجزائري‪،‬‬ ‫‪ .3‬سعيد علي نعيم‪ ،‬آليا‬
‫مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم‬
‫الحقوق‪2013-2012 ،‬‬

‫‪ .0‬صغير يوسف‪ ،‬الجريمة المرتكبة عبر االنترنت‪ ،‬مذكرة ماجستير ‪ ،‬جامعة مولود معمري‬
‫تيزي وزو ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪.2913 ،‬‬
‫الشهادة في مرحلتي االستدالل والتحقيق‬ ‫‪ .5‬عمر بن ابراهيم بن حماد العمري‪ ،‬إجرااا‬
‫السعودي ‪،‬مذكرة ماجستير جامعة نيف العربية‬ ‫االبتدائي في ضوا نظام االجرااا‬
‫‪.2994‬‬

‫الجزائية‪ ،‬مذكرة ماجستير‬ ‫‪ .1‬قادري سارة‪ ،‬أساليب التحري الخاصة في قانون االجرااا‬
‫جامعة قاصدي مرباح ‪ ،‬ورقلة ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪ ،‬قسم الحقوق ‪.2910‬‬

‫ثانيا‪ :‬باللغة االجنبية‬


‫‪1. Hachette, le dictionnaire pratique du français, imprimé en France,‬‬
‫‪Imprimerie hérissey , Évreux (Eure) N°2896 , Collection N°25 Edition N02,‬‬
‫‪1983.‬‬

‫‪06‬‬
‫فـهرس المحـتــويــات‬
‫مقدمة‪04...............................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي للجريمة االلكترونية والتحقيق فيها‪70.....................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية الجريمة االلكترونية ‪09............................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الجريمة االلكترونية ‪09 ..........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المفهوم الضيق للجريمة اإللكترونية‪70.......................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المفهوم الواسع للجريمة اإللكتروني‪07.......................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تعريف المشرع الجزائري للجريمة اإللكترونية‪01.............................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص وأركان الجريمة اإللكترونية ‪01................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬خصائص الجريمة اإللكترونية‪01............................................‬‬

‫أوال‪ :‬الجريمة اإللكترونية عابرة للحدود الوطنية‪01.........................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجريمة اإللكترونية صعبة االكتشاف واإلثبات ‪01..................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬خصوصية مرتكب الجرائم اإللكترونية ‪01...........................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أركان الجريمة اإللكترونية‪01................................................‬‬

‫أوال‪ :‬الركن الشرعي ‪01..................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركن المادي ‪01..................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬الركن المعنوي ‪00.................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مفهوم التحقيق الجنائي في الجريمة االلكترونية ‪01........................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االجهزة المكلفة بالبحث و التحري عن الجرائم االلكترونية ‪01..............‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا االعالم واالتصال‪01....‬‬

‫‪61‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف بالهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا االعالم‬
‫واالتصال ‪00............................................................................‬‬

‫اإلعالم‬ ‫بتكنولوجيا‬ ‫المتصلة‬ ‫الجرائم‬ ‫من‬ ‫للوقاية‬ ‫الوطنية‬ ‫الهيئة‬ ‫مهام‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫واالتصال ‪00............................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬اختصاصات الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم‬


‫واالتصال ‪00............................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الوحدات التابعة لسلك األمن الوطني والدرك الوطني‪17......................‬‬

‫أوال‪:‬الوحدات التابعة لسلك األمن الوطني‪17..............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوحدات التابعة للدرك الوطني الجزائري‪10.........................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص التحقيق والمحقق في الجرائم اإللكترونية والدليل المناسب‬


‫لإلثباتها ‪11..............................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬خصائص التحقيق والمحقق في الجرائم اإللكترونية‪11........................‬‬

‫أوال‪ :‬خصائص التحقيق في الجريمة اإللكترونية‪11........................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص المحقق في الجريمة اإللكترونية‪11.......................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دليل اإلثبات في الجريمة اإللكترونية ‪11....................................‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الدليل اإللكتروني‪11........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬أشكال الدليل اإللكتروني‪12........................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬أنواع الدليل االلكتروني‪10..........................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬القواعد االجرائية في استخالص الدليل االلكتروني والقيمة القانونية‬


‫له‪11...................................................................... .............‬‬

‫المبحث األول‪ :‬القواعد االجرائية في ااستخالص الدليل االلكترروني ‪17....................‬‬

‫‪62‬‬
‫المطلب االول‪ :‬القواعد االجرائية التقليدية في ااستخالص الدليل االلكترروني‪17............‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التفتيش ‪17..................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬القواعد الموضوعية لتفتيش أنظمة الحاسوب‪10.......................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬القواعد الشكلية لتفتيش نظام الحاسوب‪10...........................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬استخالص الدليل في الجريمة اإللكترونية‪10.................................‬‬

‫أوال‪ :‬مدى صالحية الضبط في الجريمة اإللكترونية‪11....................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬األشياء محل الضبط في الجريمة اإللكترونية‪11.....................................‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الصعوبات التي تواجه عملية الضبط‪11...........................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الخبرة في إثبات الجريمة اإللكترونية‪11......................................‬‬

‫أوال‪ :‬أنواع الخبراء اإللكترونيون ‪11........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهمية الخبرة في البحث عن الدليل اإللكتروني‪11....................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القواعد اإلجرائية الحديثة في استخالص الدليل االلكتروني وصعوبات‬


‫التحقيق في الجريمة اإللكترونية‪11.......................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القواعد اإلجرائية الحديثة في استخالص الدليل االلكتروني‪12..................‬‬

‫أوال‪ :‬التسرب (اإلختراق) واعتراض المراسالت‪12..........................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراقبة اإللكترونية وحفظ المعطيات‪17.............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬معوقات و صعوبات التحقيق في الجريمة اإللكترونية‪10......................‬‬

‫أوال‪ :‬المعوقات المتعلقة بجهات التحقيق ‪10................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬عوائق تتعلق بالجريمة والجهة المتضررة منها‪11....................................‬‬

‫‪63‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬القيمة القانونية للدليل االلكتروني في مجال االثبات الجنائي‪11............‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مشروعية الدليل االلكتروني‪11............................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مشروعية الدليل اإللكتروني‪11...............................................‬‬

‫أوال‪ :‬أنظمة اإلثبات المقيد‪12............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظام اإلثبات الحر‪12..............................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مشروعية الحصول على الدليل االلكتروني‪12................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬حجية الدليل اإللكتروني في اإلثبات الجنائي وموقف المشرع الجزائري‬
‫منه‪11............................................................................ ......‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حجية الدليل اإللكتروني في اإلثبات الجنائي‪11..............................‬‬

‫أوال‪ :‬تقييم الدليل اإللكتروني من حيث سالمة التزوير‪11..................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬تقييم الدليل اإللكتروني من حيث السالمة الفنية لإلجراءات المتبعة في الحصول‬
‫عليه‪10.................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف المشرع الجزائري من الدليل االلكتروني في مجال اإلثبات‬


‫الجنائي ‪10..............................................................................‬‬

‫الخاتمة‪11............................................................................. :‬‬

‫قائمة المارجع‪10........................................................................‬‬

‫فهرس المحتويات‪20....................................................................:‬‬

‫ملخص الدراسة ‪21.......................................................................‬‬

‫‪64‬‬
‫مـلخـص الدراسـة‬
‫ملخص‪:‬‬

‫تطور لم یسبق له مثیل ‪ ،‬و ذلك بفعل‬


‫ا‬ ‫لقد عرفت حیاة اإلنسان في هذه السنوات االخیرة‬
‫التطور المذهل لتقنیة اإللكترونیة و إنتشارها الالمحدود ‪ ،‬كما تنامت إلى جانب ذلك التهدیدات‬
‫الجرئم التي كانت معروفة مسبقا‬
‫ا‬ ‫الجرئم یضاف إلى قائمة‬
‫ا‬ ‫أكثر بفعل إنتشار نوع جدید من‬
‫الجرئم اإللكترونیة‪.‬‬
‫ا‬ ‫وهي‬
‫نظر لطبیعة‬
‫ا‬ ‫الدرسة في هذا المجال معطیات قانونیة و أخرى فنیة و تقنیة‬
‫لقد تضمنت ا‬
‫الموضوع الذي یعتبر نقطة تقاطع بین علوم الحاسوب و النظم المعلوماتیة و العلوم القانونیة‬
‫اإلجرئیة‪ ،‬ولذلك فقد عالجنا في إطار فصلین مختلف الجوانب المتصلة بالموضوع من أجل‬
‫ا‬
‫الجرئم اإللكترونیة‪ ،‬فعالجنا في إطار‬
‫ا‬ ‫الوصول إلى مفاهیم قانونیة حدیثة تتماشى و طبیعة‬
‫اإلجرءات‬
‫الفصل األول مفهوم تقنیة المعلوماتیة بإعتبارها الوعاء المنطقي للجریمة اإللكترونیة و ا‬
‫الخاصة بالبحث و التحقیق بشأنها ‪ ،‬كما تناولنا بالتعریف الجریمة اإللكترونیة ذاتها من كافة‬
‫درستنا في إطار الفصل الثاني فقد تمحور حول‬
‫النواحي الفقهیة منها والقانونیة‪ ،‬أما موضوع ا‬
‫درسة مدى إنقسام الفقه و القانون حول مدى إعتبار الفضاء اإللكتروني و ا‬
‫الجرئم اإللكترونیة‬ ‫ا‬
‫إلجرءات البحث و التحقیق الجنائي‪ ،‬ومدى تأقلم القانون مع هذا التوجه المستحدث‬
‫ا‬ ‫محال‬
‫بإجرءات البحث‬
‫ا‬ ‫اإلجرئیة ‪ ،‬من خالل استعارض مختلف الهیئات الخاصة المكلفة‬
‫ا‬ ‫للنصوص‬
‫درستنا في هذا المجال حول الهیئات المكلفة‬
‫الجرئم اإللكترونیة وقد ركزنا ا‬
‫ا‬ ‫والتحقیق بشأن‬
‫بالبحث و التحقیق المنتمیة إلى مختلف الهیئات سواء األمنیة كمصالح الشرطة والدرك‬
‫المتغیرت األخیرة و التي التي شهدت تنصیب الهیئة الوطنیة المكلفة بالوقایة‬
‫ا‬ ‫خصوصا في ظل‬
‫الجرئم اإللكترونیة بتاریخ ال ‪ 8‬أكتوبر‪2015‬‬
‫ا‬ ‫و مكافحة‬
‫لنختتم بحثنا بخاتمة حاولنا من خاللها الخروج بأكبر قدر ممكن من النتائج التي تفید في‬
‫اإلجابة عن اإلشكالیة األساسیة و اإلشكالیات الفرعیة‪ ،‬مع تحصیل مجموعة من التوصیات‬
‫الجرئم اإللكترونیة‪.‬‬
‫ا‬ ‫القانونیة التي من شانها دعم آلیات البحث و التحقیق في‬

‫‪66‬‬
Résumé:
La vie humaine que je connais dans ces années, le développement récent est
sans précédent, et ainsi par le développement étonnant de la technologie
électronique et leur diffusion illimitée, et a grandi avec elle plus de menaces par la
propagation d'un nouveau type de crime est ajouté à la liste des crimes qui ont été
connus à l'avance, un cyber-crime.
L'étude a inclus dans ces données sur le terrain juridique et d'autres
techniques et de la technologie en raison de la nature du sujet qui est le point
d'intersection entre les systèmes scientifiques de la procédure de l'informatique et
d'information et juridique, a donc traité avec sous deux aspects différents pertinents
pour l'accès aux concepts de moderne juridique en ligne et la nature des crimes
électroniques, Fgana dans le premier chapitre, le concept de la technologie en tant
que cadre logique navire d'information et des procédures pour la recherche sur la
criminalité électronique et enquête sur eux, comme nous avons eu affaire à la
même définition du crime électronique à tous les égards, y compris la
jurisprudence et juridique, Le sujet de notre étude dans le chapitre II cadre a mis
l'accent sur l'étude de l'étendue de la fragmentation de la jurisprudence et du droit
sur l'étendue de l'examen du cyberespace et la cybercriminalité soumis à des
procédures de recherche et les enquêtes criminelles, et la mesure d'adapter la loi à
cette tendance des textes nouvellement créés procédure, par un examen des
différents organes propres procédures coûteuses de recherche et d'enquête sur les
crimes électroniques que nous avons concentré notre étude dans ce domaine autour
des organismes chargés de recherche et d'enquête appartenant à divers organismes,
à la fois sécurité de la police Kmassalh et de la gendarmerie, en particulier à la
lumière des variables récentes et qui a vu l'inauguration de l'Autorité nationale
chargée de la Ba Prévention et lutte contre le courrier électronique en date du 8
Octobre 2015 crimes
Pour conclure notre recherche à travers laquelle nous avons essayé de sceller
autant que possible à partir des résultats qui aident à répondre au problème de base
et sous-problèmes, avec la collection d'une série de recommandations juridiques
qui soutiendraient les mécanismes de recherche et d'investigation des crimes
cybernétiques

67

You might also like