Professional Documents
Culture Documents
تعد الجریمة إحدى الظواهر االجتماعیة تعقیدا وأشدها فتكا بالمجتمعات البشریة
و شكلت عبر السنین وما تزال هاجسا یؤرق مختلف المجتمعات ،لمساسها
بالمصالح العامة واالستقرار واألمن االجتماعي ،بل أضحت تشكل تهدیدا لكیان
الدولة خاصة في عصرنا الحالي ،عصر انفجرت فیه ثورة المعلومات
والتكنولوجیا إذ كشفت السنوات األخیرة النقاب عن تكنولوجیا متطورة لم تكشفها
عقودا من الزمن ،شهد من خاللها العالم تطورا ملحوظا في مجال اإلعالم
واالتصال ،بحیث غدت وسیلة العالم نحو الرقي الحضاري واالقتصادي ،وشكل
الوصول إلیها رهانا رئیسیا لإلنسان الرتباطها بمختلف مجاالت النشاط اإلنساني
وجوانب الحیاة المعاصرة̣ إلى أنه لم یرق للبعض أن یحسن استخدامها ،فأساءه
وألحق الضرر بأخیه اإلنسان ،فسبه وقذفه وسرق ماله وأتلف محتویات وأنظمة
حاسوبه وكذلك قتله ،لنجد أنفسنا أمام أصناف شتى من الجرائم المستحدثة سمیت
بالجرائم المعلوماتیة أو االلكترونیة حیث تم اعتبارها بأنها ثالث أكبر تهدید في
العالم بعد األسلحة الكیمیائیة والنوویة استحضرتها الممارسة السیئة لثورة
التكنولوجیا المعلوماتیة والتي تختلف كثیرا عن الجریمة التقلیدیة في طبیعتها
ومضمونها ونطاقها وحتى في خصوصیة مرتكبیها باعتبارها جرائم مبتكرة
ومستحدثة تمثل ضرب من ضروب الذكاء اإلجرامي ،ستعصى إدراجها ضمن
األوصاف الجنائیة التقلیدیة ̣̣
فالجریمة عموما هي إفراز للمجتمع ومظهر من مظاهره تعكس ما تموج به
المجتمعات من ظروف وأسباب ،وما دامت الجریمة ظاهرة اجتماعیة حدیثة
الرتباطها بتكنولوجیا الحاسوب ،فقد بذل المهتمون بدراسة هذا النمط اإلجرامي
الجدید من أجل الوصول إلى تعریف مناسب یتالءم بطبیعتها ،لكن دون جدوى
حتى قیل إن الجریمة المعلوماتیة تقاوم التعریف .لكن الجریمة ال تعرف الثبات
بل تتصف بالمرونة حیث تتغیر وتتطور مع مرور الزمن رغم ثبات المكان وتأكد
ذلك بالملموس خالل السنوات األخیرة من القرن العشرین وبدایة القرن 21وهي
3
الحقبة الزمنیة التي برزت فیها الثورة التكنولوجیة وما منحته هذه األخیرة من
امتیازات إلنسانیة.ولقد مرت الجریمة اإللكترونیة بمراحل أساسیة مستفیدة من
التطور التكنولوجي ،ففي الستینیات من القرن الماضي كانت أغلب الجرائم
تنصب على االعتداء المادي على األنظمة المعلوماتیة ،أما في السبعینیات فقد
أصبح استعمال األنظمة والبیانات المعلوماتیة یتخذ تأثیرا واسعا وأبعادا كبیرة،
حیث أنه وفي هذا العقد وصل عدد الحواسیب المركزیة المستعملة من طرف
الوالیات المتحدة األمریكیة إلى 100000حاسوب مع تخفیض كلفتها ،أما في
الثمانینیات فقد تم تطویر نظام البرامج ،األمر الذي تمخض عنه ظهور األشكال
األولى للقرصنة والجرائم المرتبطة بالملكیة الفكریة ،وفي التسعینیات أدى انتشار
األنظمة المعلوماتیة عبر العالم وظهور مسألة المواقع اإللكترونیة إلى والدة جرائم
جدیدة ،وفي مطلع القرن 21تطورت الجریمة اإللكترونیة حیث ظهرت جرائم
جدیدة تستخدم الكمبیوتر كأداة لتنفیذها كما هو الشأن بالنسبة لجریمة التجسس
واإلرهاب اإللكتروني ˓ ونظرا لهذا التطور الذي یشهده عصرنا ˓ فإن العلم
الحدیث یعمل على مسایرته و ذلك بوضع وسائل إثبات علمیة تتماشى مع هذا
العصر ،وقد جاءت هذه األخیرة من أجل سد العجز الذي یكتنف األدلة
الكالسیكیة ،ذلك الن فعالیة الوسائل العلمیة الحدیثة تصل إلى حد الیقین .ونتیجة
استفحال الجریمة اإللكترونیة اضطر المشرع المغربي إلى سن تشریعات تتالءم
مع خصوصیتها وتنسجم مع الشرعیة الجنائیة إبان أزمة واضحة في تكییف
األفعال المستجدة طبقا لقواعد القانون الجنائي حیث أصدر القانون رقم 07-03
وكذا قانون المتعلق بحمایة النظم المعالجة والذي أفرد له مجموعة من الفصول،
وكذا قانون رقم03-03
المتعلق بمكافحة اإلرهاب اإللكتروني وغیرها من قوانین خاصة لها صلة
بالمعامالت اإللكترونیة .هذا وعلى المستوى الدولي احتلت الجریمة اإللكترونیة
مكانة مهمة استدعت ضرورة تكثیف الجهود الدولیة من أجل التصدي لها ،لعل
أبرز ما أفرزته هذه المكانة هو اآللیة التعاون الدولي كسیاسة جنائیة لمكافحة
الجریمة اإللكترونیة ∙
4
◊ أهمية الموضوع :
تكتسي معالجة هذا النوع من الجرائم أهمیة بالغة بالنظر إلى اإلشكاالت العلمیة
التي تطرحها على مستوى القضاء والقانون ،و ارتباط ظهورها بتكنولوجیة
الحاسوب واإلنترنت وذكاء المجرم اإللكتروني ما أسفر عن تمیزها بمجموعة من
الخصائص جعلتها تختلف عن غیرها من الجرائم واستوجب ضرورة التعامل
معها بشكل یتالءم مع هذه الخصوصیة ،ناهیك عن أن مرتكبیها یختلفون عادة
عن المجرمین التقلیدیین باعتبارهم أشخاص على مستوى عالي من العلم
والمعرفة.و نظرا ألهمیة هذه الجریمة یجب اإلسراع إلى مكافحتها بجل الطرق
والوسائل خصوصا التشریعیة منها∙
5
الفصل األول :ماهیة الجریمة اإللكترونیة ∙
المبحث األول :مفهوم الجریمة اإللكترونیة ∙
المبحث الثاني :أركان وأنواع الجریمة اإللكترونیة ∙
الفصل الثاني:
المبحث األول:
المبحث الثاني:
6
الفصل األول:
ماهية الجريمة االلكترونية
7
◊ تمهيد :
تعتبر الجریمة اإللكترونیة من اآلثار السلبیة التي خلقتها التقنیة العالیة حیث
أخذت هذه الظاهرة حیزا كبیرا من الدراسات من اجل تحدید مفهومها ،مما نتج
عنه وضع عدة مصطلحات للداللة علیها من بینها جرائم الحاسب ،جرائم التقنیة
العالیة جرائم المعلوماتیة ،جرائم الغش المعلوماتي وصوال إلى جرائم االنترنت.
ویعتبر عدم االستقرار على مصطلح واحد للداللة على الجریمة اإللكترونیة من
الصعوبات الواردة علیها ∙
وعندما نتطرق إلى تعریف الجریمة اإللكترونیة یتبین لنا أن لها نفس قالب
الجریمة العادیة ∙ ولكن حین الخوض في التعریف واألركان فإننا سنتفاجأ بالفرق
الكبیر بین الجرمتین فمن عالم واقعي إلى عالم افتراضي أوجدته الثورة
التكنولوجیة فهذه األخیرة باعتبارها جریمة مستحدثة نسبی ا أثارت ضجة في
األوساط الفقهیة بخصوص تحدید ماهیتها وخصائصها واألفعال اإلجرامیة في
نطاقها ∙ لذلك ارتأینا التعرض لماهیة الجریمة اإللكترونیة∙ 1
1خالد ممدوح إبراهیم" الجرائم المعلوماتیة " مطبعة دار الفكر الجامعي ،اإلسكندریة الطبعة األولى ،٢٠٠٩ ،الصفحة٦
8
املبحث األول :مفهوم الجريمة االلكترونية
بدایة البد أن نشیر بأن هناك تعدد في التعریفات التي تناولت الجریمة اإللكترونیة
ویرجع ذلك إلى الخالف الذي أثیر بشأن تعریف هذه الجریمة فالجرائم
اإللكترونیة هي صنف جدید من الجرائم ذلك انه مع ثورة المعلومات واالتصاالت
ظهر نوع جدید من المجرمین انتقل بالجریمة من صورتها التقلیدیة إلى أخرى
2
معاصرة قد یصعب التعامل معها ∙
حیث سنعمل إلى تعریف الجریمة االلكترونیة )المطلب األول ( إلى أن نعتمد إلى
-تعرف الجریمة اإللكترونیة بأنها أنماط من الجریمة تستخدم فیها التقنیة الحدیثة
4
من أجل تسهیل عملیة اإلجرام ∙
9
-یعرفها أحمد صیاني بأنها تصرف غیر مشروع یؤثر في األجهزة والمعلومات
الموجودة علیها وهذا التعریف یعتبر جامع مانع من الناحیة الفنیة للجریمة
االلكترونیة حیث انه الرتكاب الجریمة یتطلب وجود أجهزة كمبیوتر زیادة على
5
ربطها بشبكة معلوماتیة ضخمة ∙
-و تعرف الجریمة اإللكترونیة أیضا بأنها النشاط اإلجرامي الذي تستخدم فیه
التقنیة اإللكترونیة الرقمیة بصورة مباشرة كوسیلة لتنفیذ الفعل اإلجرامي
6
المستهدف
-وقد عرفها نظام مكافحة الجرائم المعلوماتیة بالمملكة العربیة السعودیة بأنها أي
فعل یرتكب متضمنا استخدام الحاسب اآللي أو الشبكة المعلوماتیة بالمخالفة
7
ألحكام هذا النظام ∙
-كما عرفها السراني بأنها استخدام الحاسب اآللي وتقنیة االتصال والمعلومات
في عملیات االختراق والتعدي على البیانات والملفات والمعلومات بسرقتها أو
تغییر محتواها أو تزویرها ،الستغاللها في عملیات بیع وشراء وهمیة ،أو تحویل
8
حسابات لصالح الجاني بعد سرقة بیانات بطاقة االئتمان الخاصة باآلخرین ∙
-والجریمة اإللكترونیة ناشئة أساسا من التقدم التكنولوجي ومدى التطور الذي
یطرأ علیه وهو متجدد بصفة دائمة ومستمرة وخاصة في مجال تكنولوجیا
المعلومات ویطلقون علیه اصطالح "جرائم التكنولوجیا الحدیثة »فهي جرائم
تكنولوجیا باعتبارها مرتبطة ارتباطا وثیقا بالتكنولوجیا التي تعتمد أساسا على
الحواسب وغیرها من أجهزة تقنیة قد تظهر في المستقبل وهي كذلك جرائم حدیثة
نظرا لحداثتها النسبیة من ناحیة ارتباطها الوثیق بما قد یظهر من أجهزة حدیثة
9
تكون ذات طاقة تخزینیة واسعة فائقة و مرنة في المستقبل ∙
5 الجریمة االلكترونیة للمؤلف :مصطفى سماره – مجلة المعلوماتیة العدد -29شهر تموز 2008
6 المرزوقي محمود محمد " جرائم الحاسب اآللي " المجلة العربیة للفقه والقضاء،العدد،28االمانة العامة لجامعة الدول 5
العربیة.2003الصفحة5
نضام مكافحة الجرائم المعلوماتیة السعودي ،اقره مجلس الوزراء في 1428/3/7هجریة ،المادة 1الفقرة7 8
السراني،عبد هلال بن سعود محمد.فاعلیة األسالیب المستخدمة في إثبات جریمة التزویر اإللكتروني .رسالة ماجیستر8 ،
10
• وانطالقا من هذه التعریفات یمكن القول أن الجریمة االلكترونیة هي كل فعل
مادي یأتیه شخص معین أو مجموعة من األشخاص في شكل مجموعة بهدف
المس بنظم المعالجة اآللیة للمعطیات أو شبكات األشخاص المادیة أو المعنویة
كیفما كان الهدف من ذلك المس ̨ مالیا أي مادیا أو معنویة وأیا كان غرض
الجاني∙
11
الئحة فك الرموز
اإلهداء
الحمد هلل و كفى و الصالة على الحبيب املصطفى و أهله ومن وفى أما
بعد :
الحمد هلل الذي وفقنا لتثمين هذه الخطوة في مسيرتنا الدراسية
بمذكرتنا هذه ثمرة الجهد و النجاح بفضله تعالى مهداة إلى الوالدين
الكريمين حفظهما هللا و أدامهما نورا لدربي
لكل العائلة الكريمة التي ساندتني و ال تزال من أخوة و أخوات˛
إلى كل من كان لهم أثر في حياتي˛
والى رفقاء الدرب .....واصدقاء الروح
اليكم جميعا اهدي هذا الجهد العلمي.
الشكر والتقدير
نحمد هللا عز وجل الذي وفقنا في إتمام هذا البحث العلمي،
والذي ألهنا الصحة والعافية والعزيمة فالحمد هلل حمدا كثيرا
نتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى األستاذ الدكتور المشرف
"عمر الحواشي" على كل ما قدمه لنا من توجيهات
ومعلومات قيمة ساهمت في إثراء موضوع دراستنا في
جوانبها المختلفة وإلتمام هذا العمل على ما هو عليه فله
أسمى عبارات الثناء والتقدير وأتقدم بالشكر والتقدير.