Professional Documents
Culture Documents
3-8-2012
تتشابو الدوؿ العربية في مسألة العالقات المتشابكة والمعقدة بيف السمطة السياسية والمؤسسة العسكرية ،إذ عرفت
أغمب النظـ السياسية العربية منذ altاالستقالؿ تدخال لمؤسساتيا العسكرية في العممية السياسية ،نظ اًر ألف الكثير مف
ىذه الدوؿ قد قامت مف خالؿ أدوار بارزة لمجيوشأو مف خالؿ انقالبات عسكرية.ولقد جاءت الثورات الشعبية التي
شيدتيا وتشيدىا ىذه الدوؿ في المرحمة الحالية ،والتي لعبت بعض الجيوش العربية دو ار محوريا في إنجاحيا مف
عدمو ،جاءت لتؤكد الدور الذي تقوـ بو المؤسسة العسكرية في معادالت السياسة العربية وفي توجيو مساراتيا .وىذا
ما أثار الكثير مف التساؤالت التي تتعمؽ أساسا بأسباب اختالؼ األدوار التي لعبتيا المؤسسة العسكرية في الدوؿ
العربية إباف ثورات الربيع العربي ،وكذا إمكانية تغير الدور التقميدي لتمؾ المؤسسات خالؿ المرحمة المقبمة ،وتحوليا
إلى جيوش حارسة لمعممية السياسية مف دوف التدخؿ في توجيو مساراتيا.
لذا ،فإف ضرورة القياـ بعمؿ تحميمي يقوـ عمى تفكيؾ األسس التي انبنى عمييا دور المؤسسة العسكرية في الثورات أو
الحراكات الع ربية ،والفروؽ التي تمظيرت في نزوع بعضيا نحو خيارات لـ تظير في دوؿ أخرى ،وكذا استقراء دورىا
المستقبمي مف حيث عالقتيا بالمؤسسات المدنية ،يدفعنا – في ىذه المداخمة -إلى تناوؿ أىـ التوجيات التي حكمت
أدوار الجيوش العربية منذ االستقالؿ وحتى اآلف مف خالؿ وقائع ومراحؿ محددة وىي:
عرفت النظـ العربية أشكاؿ عدة لتدخؿ الجيش في السياسة ،ففكرة الجيش المحايد أو غير المسيس ىو مجرد مفيوـ
دستوري أكثر منيا "حقيقة سياسية واقعة" ،وعمى الرغـ مف أف القيادات العسكرية لـ تحؿ مباشرة محؿ الرؤساء في
1
عدد مف الدوؿ إال أف ليا مصالحيا التي تضغط مف أجؿ مراعاتيا ]1[.وتتمثؿ الوسائؿ التي استخدميا العسكريوف
في االستخداـ المباشر لمقوة المسمحة أو التيديد باستخداميا ضد النظاـ المدني القائـ ،فيما يعرؼ باالنقالبات
العسكرية ،إضافة إلى التدخؿ في الشأف العاـ بصور شتى تراوحت ما بيف ممارسة الضغوط عمى النخب الحاكمة،
وتقرير السياسات والتوجيات ،وتغيير ىياكؿ الدولة وىويتيا...
وعميو فإف مايميز المرحمة السابقة لمثورات العربية ىو ظاىرتيف أساسيتيف :األولى ىي االنقالبات العسكرية[،]2
والثانية ىي تدخؿ الجيش في السياسة أو ما يسمى بالعسكريتارية (الظاىرة العسكرية)[.]3
وقد شكمت تمؾ االنقالبات العسكرية بمجموعيا منعطفات تاريخية ىامة في الحياة السياسية لبمداف المنطقة ،خصوصاً
وأف بعضاً مف رموزىا بقي في الحكـ حتى مرحمة الثورات العربية الراىنة]5[.
-2الظاىرة العسكرية/العسكريتارية(:)Militarisme
لدى الحديث عف الجيش في الدوؿ العربية ،فإف ّأوؿ ما يتبادر إلى األذىاف ىو تمؾ الظاىرة العسكرية التي بدت
منأبرزالظواىر في العالـ العربي ،فغياب حدوث االنقالبات العسكرية لـ يرافقو تراجع في سيطرة العسكرييف عمى زماـ
الحكـ في معظـ الدوؿ العربية ،حيث يتربع عمى السمطة عسكريوف أفرزتيـ المؤسسة العسكرية نفسيا ،أو أغدقت
عمييـ بالتراضي رتبا عسكرية رفيعة ،باإلضافة إلى الجمع بيف منصب الرئاسة والقيادة العميا لمقوات المسمحة .وحتى
في األنظمة الممكية التقميدية يتبوأ الممؾ أو أمير البالد منصب القائد العاـ لمقوات المسمحة أيضا.
2
سميات :الممكية التقميدية لألسر
وعمى ىذا األساس تبدو النظـ العربية محكومة بنوعيف مف الممكية ميما تنوعت الت ّ
الحاكمة والممكية العسكرية لألنظمة التي تطمؽ عمى نفسيا غالبا لقب جميورية.
ذلؾ أف الجيش في معظـ الدوؿ العربية يمثؿ العنصر الحاسـ في ضماف استمرار الحكـ و ميمتو الرئيسية ىي أمنية
داخمية كرديؼ قوي لألجيزة األمنية الداخمية األخرى ،لذا تزايدت الحاالت التي يتـ فييا االعتماد عمى الجيش في
ميمات األمف الداخمي لدرجة أف طبيعة تدريبو واختيار ثكناتو و تمركز تشكيالتو مرىوف باليواجس األمنية الداخمية
وليس ليواجس المخاطر الخارجية مع بعض االستثناءات في الدوؿ التي ال تزاؿ تحسب حساب المواجية مع
إسرائيؿ]6[.
وىذا خالفا لمدور المفترض أف يقوـ بو أو المنوط بو دستوريا وىو " حماية الدولة مف االعتداء الخارجي والمحافظة
عمى الحدود البرية والمياه اإلقميمية والمجاؿ الجوي لمدولة .كما يتدخؿ الجيش أحياناً في حالة فشؿ أجيزة األمف
المدنية في السيطرة عمى األوضاع األمنية بداخؿ الدولة"]7[.
إف عوامؿ انتشار الظاىرة العسكرية في الدوؿ العربية ال ينبغي اختزاليا في عامؿ بعينو ،أو مجموعةمحددة مف
العوامؿ ،األمر الذي يعني أف ىذه الظاىرة تستوجب النظر إلييا في ضوء العوامؿ البيئية المحيطة بيا ،بكؿ ما تتسـ
بو مف تداخالت وتعقيدات]8[.
غير أف ىناؾ اختالفا حوؿ مدى تأثير كؿ واحد مف ىذه العوامؿ عند محاولة تفسير التدخالت العسكرية .فينتغتوف،
Huntingtonمثالً ،يقوؿ أف تدخؿ العسكر ال يحدث ألف المؤسسة العسكرية بطبيعتيا تميؿ إلى ىذا التدخؿ ،ولكف
لغياب أو ضعؼ ،المؤسسات ذات الفاعمية في المجتمع]9[.
وىو األمر الذي أكده ميمود شنوفي -البروفيسور في العالقات الدولية بمعيد القوات الكندية بأوتاوا -حيف ع از الدور
التدخمي لمجيش في المنطقة العربية أو ما يسميو ىو ''عسكرة السياسة وتسييس العسكر'' إلى ضعؼ الطبقة السياسية،
والعالـ العربي عموما .مضيفا إلى ذلؾ أف الكفاح مف أجؿ االستقالؿ أضفى نوعا مف الشرعية ليذه المؤسسات
العسكرية التي تعتبر نفسيا محررة ليذه البمداف مف االستعمار]10[.
بيد أف بعض الباحثيف يروف أف العوامؿ السياسية ىي التي تقرر سموؾ القوات المسمحة ،بغض النظر عف قوتيا أو
ضعفيا ،لذا ،فإف تدخؿ العسكر ،مف حيث المبدأ ،حاجة ،وىي حاجة المجتمعات لقوى إنضباطية تساعدىا فيما
عجزت ىي عنو ،خصوصاً إذا ما ربطنا المجتمعات العربية في ىذه الفترة بعميمة التحديث]11[.
المؤسسة العسكرية في الدوؿ العربية ،ودوؿ العالـ الثالث عموما ىي :سمطةسياسية
فالعالقة ما بيف السمطة السياسية و ّ
ومؤسسة عسكرية تػنطمؽ مف دورىا فيحماية الدولة ونظاميا.
ّ المؤسسة العسكرية الوالء ليا،
ّ تطمب مف
3
وىذا عمى أساس أف السمطة السياسية قائمة عمى "القسر" ،كما ذكر ووديز في مؤلفو "الجيوشوالسمطة" ،فمف ىو القادر
القوة الوحيدة
عمى تحقيؽ صيغة القسر لمدولة؟ لتطبيؽ صيغة القسر ال بدمنإستخداـ القوات المسمّحة ،ويصبح الجيش ّ
المؤسسة العسكرية بالتالي مختمفة بطبيعتيا وبدورىا عف باقي مؤسساتالدولة،
ّ القادرة عمى تحقيؽ ىذىالصيغة ،وتصبح
المعدات العسكرية الموضوعةفي تصرفيا وفقاًالقوة المتمثّمة في األسمحة و ّ فتتميز عنيا بالتنظيـ الدقيؽ وامتالؾ ّ
لمقوانيف ،والييبة العالية الناتجة عف ذلؾ ،ىذا باإلضافة إلى توفيرالماؿ الالزـ لتأميف التسمّح وتحقيؽ األمف ،وىو ما
جعميا المؤسسة الوحيدة القادرة عمى توفير الظروؼ الموضوعية لممحافظة عمى النظاـ السياسي القائـ أو زوالو]12[.
إف العسكر في الدوؿ العربية ،باإلضافة إلى امتالكيـ ألدوات القوة التي يحسنوناستخداميا ،يؤثروف في توجيو
السياسة العامة داخمياً وخارجياً مف خالؿ أشكاؿ مختمفةمف التدخالت العسكرية التي قد تبدأ بالضغوط اليادفة إلى
توجيػو القرار السياسيوتنتيي باالستيالء المباشر عمى السمطة السياسية ،خاصة في المجتمعات التي تتسمبتشوه
تكويناتيا االقتصادية – االجتماعية وضعؼ أو عدـ فاعمية مؤسساتيا المدنية ،فيمقابؿ الجيش األكثر تنظيماً
وفاعمية]13[.
والصور المختمفة لتدخؿ العسكر يمكف أف تمثؿ مقياساً ،كما يري س.ي.فاينر ،يشمؿ ثالثا مف النظـ العسكرية ،يتـ
تصنيفيا حسب قوة سيطرة العسكر عمى صنع القرار السياسي ومدى العمنية التي تمارس بيا السيطرة.
-النوع األوؿ ،ويشمؿ نظـ مدنية تعتمد في بقائيا واستمرارىا عمى مساندة القوات المسمحة ليا كمصدر لمتأييد
السياسي ومف أمثمة ىذا النوع نذكر المغرب واألردف ويطمؽ عمييا فاينر " . "Military Supportive Regimes
-النوع الثاني ،ويشمؿ نظـ مدنية أيضاً ،ولكف قواتيا المسمحة ذات نزعة انقالبية بمعنى أنيا مستعدة لمتدخؿ
واإلطاحة بالنظاـ المدني إذا اقتضت مصالحيا ذلؾ خاصة وأف ليا تجارب سابقة في التدخؿ ،وكمثاؿ عمى ذلؾ
الجزائر ،ويطمؽ فاينر عمى ىذا النوع اسـ " . "Intermittently Indirect Military Regimes
-النوع الثالث ،يشمؿ تمؾ النظـ المدنية التي وصمت إلى السمطة بفضؿ القوة العسكرية التي تساندىا وتؤيدىا،
ويطمؽ عمييا فاينر اسـ " . "Indirect Military Regimes
-النوع الرابع ،ويشمؿ الحكومات العسكرية الخالصة التي تقوـ نتيجة استيالء العسكرييف عمى السمطة مف خالؿ
عمؿ عسكري انقالبي ،وسيطرتيـ عمى عممية صنع القرار الحكومي ،ومف أمثمتيا سوريا مف عاـ ( 1954 - 1949
) والسوداف مف عاـ ( ) 1964 - 1958ويطمؽ عمييا فاينر " ]Proper Military Regimes" .[14
4
ثانيا :أداء الجيوش العربية إباف الثورات:
ً
وقفت الجيوش العربية مواقؼ مختمفة مف ثورات الربيع العربي ،ويمكف أف نميز مف حيث أداء الجيوش العربية إزاء
الحراؾ الشعبي العربي بيف ثالثة مواقؼ ،وىي:
أوال:الموقؼ المحايد ،وىو الذي بدا مترددا بيف الحياد السمبي والحياد اإليجابي ،وأخي ار المتطور مف االمتناع عف
نصرة الحاكـ إلى الضغط عميو حتى يخرج ،وفي ىذه الحالة يقع الجيش التونسي والجيش المصري]15[.
-1تونس :لعب الجيش التونسي دو ار مفصميا في إنجاح الثورة ،حيث التزـ الحياد إباف تحوؿ الحالة الثورية إلى فعؿ
ثوري ،ولـ يتدخؿ إال لحفظ األمف والحيمولة دوف انييار الدولة .وفي المحظات األخيرة مف عمر النظاـ ،تحوؿ موقؼ
الجيش إلى االنحياز لالنتفاضة ،خاصة مع موقؼ قائد الجيش البري الجنراؿ رشيد بف عمار ،الذي حاصرت دباباتو
قصر قرطاج ،مما أجبر الرئيس زيف العابديف بف عمي عمى الفرار.
واستند ىذا الموقؼ مف جانب الجيش عمى ركائز شتى ،أىميا :استياء الجيش مف سياسة اإلضعاؼ والتيميش
المتعمديف لو مف قبؿ بف عمي لمصمحة األجيزة األمنية األخرى ،التي كاف يحتمي بيا.
-2مصر :سمكت األمور مسمكا مشابيا لما حدث في تونس إلى حد كبير ،واف اختمفت كثي ار طبيعة الجيش المصري
وتكوينو وعالقتو بالسياسة ،خصوصا في ظؿ اتصاؿ عسكر مصر بالسمطة السياسية منذ ثورة .1952وكاف واضحا
لمعياف منذ اندالع االنتفاضة ،وعقب استدعاء الجيش لمأل الفراغ الذي خمفو انسحاب الشرطة ،أف الجيش وضع
مسافة بينو وبيف القيادة السياسية ،وحرص عمى أف يتدخؿ في لحظة احتداـ األزمة إلقناع الرئيس مبارؾ بالتنحي
لوقؼ تدىور األوضاع .وبشكؿ عاـ ،كاف موقفو متوازنا طيمة الوقت ،واف ماؿ في بعض األحياف إلى الشارع
ومطالبو]16[.
ثاني ػػا:الموقؼ الثاني وىو النقيض والمتميز باالندفاع إلى حماية النظاـ والدولة في وجو المطالبيف بالتغيير ،ومثاؿ ذلؾ
الجيش السوري.
ثالثػ ػ ػ ػػا :الموقؼ الثالث لمجيوش العربية ،وىو الذي تميز بانقساـ الجيش بيف مؤيد لمحركات الشعبية ،وبيف المدافع
عف الحاكـ والمستمر بوالئو المطمؽ لو ،وىو ما مثمتو الحالتاف الميبية واليمنية]17[.
وعمى ىذا األ ساس قسـ تقرير صادر عف مركز دراسات الشرؽ األوسط الدوؿ العربية المتأثرة باألحداث الثورية
الحاصمة إلى ثالثة مجموعات وىي دوؿ الثورات السممية (تونس ومصر) ،والثانية دوؿ الثورات غير السممية (ليبيا
5
واليمف وسوريا) ،والثالثة دوؿ اإلصالح الذاتي (األردف ،الجزائر والمغرب ودوؿ مجمس التعاوف الخميجي) ،وىي الدوؿ
التي تجاوبت مع االحتجاجات المطالبة باإلصالح والتغيير]18[.
ويرى بعض الباحثيف أف تركيبة الجيش المؤسساتية وقوتو وطبيعتو في ىذه المجتمعات ىو ما أفرز أدوار مختمفة
لممؤسسة العسكرية في الدوؿ التي تعيش الثورات واالنتفاضات.
ففي تونس ومصر حيث يتصؼ المجتمع والجيش بدرجة عالية مف االنسجاـ االجتماعي والحرفية أدركت قيادات
الجيش أف بقاءىا ليس ميددا حتى ولو زاؿ النظاـ وبالتالي لـ تكف لدييـ مشكمة في التخمي عف النظاـ والوقوؼ مع
ثورة الشعب .
أما في الدوؿ العربية التي لـ يكف الجيش فييا محترفا ومينيا وحيث أجيزة األمف التابعة لمحاكـ وعائمتو فإف الثورات
أدت إلى انقساـ الجيش إلى فئتيف ،فئة مف أقرباء الحاكـ ومؤيديو وقفت ضد الثورة ،أما بقية أفراد الجيش انضمت
إلى المعارضة أو بقيت محايدة .كما ىو الحاؿ في ليبيا واليمف]19[.
ففي ليبيا مثال ،فإف غموضا واضحا يكتنؼ جيشيا ،بدءا مف أدائو وتسميحو ،مرو ار بتشكيالتو ،وانتياء بتوجياتو
وعقيدتو العسكرية ،بشكؿ كاف لو بالغ األثر في بمورة موقفو المنقسـ حياؿ ثورة الشعب الميبي ضد نظاـ العقيد
القذافي.
ففيما يخص تسميحو وأداءه ،ورغـ أف ليبيا تعد إحدى أكثر الدوؿ إنفاقا عمى التسمح في العالـ ،فإف أغمب الوحدات
العسكرية بيا تبدو ضعيفة التسميح والتدريب ومحدودة الخبرة ،إلى الحد الذي قمص مف قدراتيا عمى األداء العممياتي
بشكؿ بدا واضحا في اإلخفاقات المتتالية لتمؾ القوات ،إباف قياميا بمياـ وحمالت عسكرية في عدد مف الدوؿ
اإلفريقية]20[.
وذلؾ راجع إلى تشكيؿ القذافي لقوات بديمة أخذت عمى عاتقيا التركيزعمى الجوانب األمنية المتعمقة بالمحافظة عمى
النظاـ ،بما فييا الدور الذي لعبتو المجاف الثورية في الدفاع عف وحماية النظاـ .وىذا مف خالؿ تفريغ محتوى
المؤسسةالعسكرية وانشاء جيش بديؿ تمثؿ في الكتائب األمنية التي تعتبر ميميشيات عائمية بالدرجة األولى .إضافة
إلى اعتماد التجنيد في المؤسسة العسكرية ،والمؤسسات األمنية األخرى عمى مصادر التجنيد التقميدية ،كالقرابة،
والوالء األيديولوجي .وفي ىذا اإلطار يشير أحد التقارير الغربية إلى أف الرتبة في ليبيا اليمكنيا أف تؤكد شيئا فيما
يتعمؽ بتأثيرالشخص الذي يحمميا ،فثمة مظاىر أخرى لمتأثير منيا االنتماء القبمي ،والوالء الثوري ،وىي مظاىر
انتشرت في السنوات األخيرة كأسس لمتجنيد في المناصب العسكرية .وركزت الدراسة عمى دورالقرابة في تولي تمؾ
6
المناصب منذ الثمانينيات مف القرف الماضي فيما حددتو الدراسة "بإعادة قبمنة المجتمع الميبي" أواعادة القبمية لممجتمع
الميبي“]Retribalisation of Libyan society”.[21
ولقد انعكست كؿ ىذه المالبسات مجتمعة عمى موقؼ الجيش الميبي مف الثورة ضد العقيد القذافي ،فمـ يحسـ الجيش
موقفو باالنحياز إلي جانب الثوار ،عمى غرار ما جرى في كؿ مف تونس ومصر ،كما لـ يقؼ كمية في صؼ النظاـ،
مثمما حدث في حالة البحريف ،ومف ثـ اتسـ موقفو بشيء مف االنقساـ ما بيف الوالء لمقذافي أو االنحياز إلى ثورة
الشعب]22[.
لمرئيس ،وأبرز
وتبرز في حالة اليمف ظاىرة تعييف قيادات عسكرية وأمنية عمى أساس عائمي لضماف الوالء ال ّشخصي ّ
الخاصة ،وخالد عمي عبداهلل
ّ القوات
ىذه القيادات أحمد عمي عبداهلل صالح "ابف الرئيس" ،وىو قائد الحرس الجميوري و ّ
الرئيس" رئيس أركاف األمف
المدرعة ،ويحيى محمد عبداهلل صالح "ابف أخ ّ
القوات الجبمية " ّ
صالح "ابف الرئيس" وقائد ّ
الخاص ،وعمار محمد عبداهلل صالح األحمر
ّ المركزي ،وطارؽ محمد عبداهلل صالح "ابف أخ الرئيس" وقائد الحرس
القوات
لمرئيس" وقائد ّ
الرئيس" ومسؤوؿ جياز األمف القومي .ومحمد صالح عبد اهلل األحمر "أخ غير شقيؽ ّ
"ابف أخ ّ
الجوية ]23[.وعمؿ عمي عبد اهلل صالح عمى تجييز المؤسسات األمنية التي يقودىا أقرباؤه تجيي از أفضؿ مف
ّ
تمت تقوية الحرس الجميوري الذي يرأسو نجمو أحمد ،فقد
تجييزات فصائؿ الجيش والمؤسسات األخرى ،حيث ّ
بغالبية المساعدات المالية األميركية ،التي نمت مف 5
ّ القوة في مكافحة اإلرىاب في اليمف ،واستأثرت
تخصصت ىذه ّ
ّ
مالييف دوالر في العاـ 2006إلى 155مميوف دوالر في العاـ ]24[.2010
وىذا األمر كاف السبب وراء انقساـ الجيش في اليمف ،حيث كاف فرصة مواتية لقادة الجيش المنشؽ ليفرغوا عبرىا
دوافع وأسباب شخصية ،منيا الرد عمى محاولة النظاـ استبعاد قائد الفرقة األولى مدرع عمي محسف األحمر واقصائو
إلى حد محاولة التخمص منو عبر زجو في حروب الحوثييف ومحاولة اغتيالو بإعطاء إحداثيات مقره لمطائرات
السعودية كأحد أىدافيا خالؿ حرب اليمف والسعودية عمى الحوثييف بحسب وثائؽ وكيميكس]25[.
أما في الدوؿ التي تحكميا أقمية طائفية أو عائمية تسيطر عمى القيادات اليامة في الجيش واألمف كسوريا والبحريف
واألردف ،فإف الجيش ظؿ حتى اآلف عمى األقؿ مواليا لمحاكـ ضد غالبية المجتمع وتحركاتو ألف القناعة لدى ىذه
الجيوش خاصة الجيش السوري ىي أف سقوط النظاـ يعني تغيير قيادات ىذا الجيش]26[.
فالنظاـ السوري منذ حافظ األسد عمؿ عمى إضعاؼ الحكـ المدني وربط توازف نظاـ الحكـ بمجموعة مف الفرؽ
العسكرية واألجيزة األمنية التي تغمغمت في أجيزة الدولة ،وسيطرت عمى الحياة العامة ،وقد تغمب في ىذه األجيزة
العنصر العموي ،حيث تقدر المصادر أف نسبة العموييف في الجيش السوري تصؿ إلى حوالي %80أما %20الباقية
فيي مقسومة بيف سائر طوائؼ المجتمع األخرى]27[.
7
أما بعض الباحثيف فقد أوعزوا سبب اختالؼ الجيوش في التعامؿ مع الثورات إلى عالقاتيا مع القوى الدولية األخرى.
وفقا ليؤالء ،ال يمكف فيـ موقؼ الجيش في مصر وتونس مف االنتفاضة دوف أخذ البعد الدولي بعيناالعتبار.
فمعروؼ أف لمجيش المصري عالقات قوية معمراكز القرار السياسي والعسكري في الواليات المتحدة خصوصا بحكـ
المساعدات العسكريةالسنوية التي يتمقاىا مف ىذه الدولة .والدورات العسكرية التي يذىب ليا ضباط الجيشوباألخص
كباره إلى ىذا البمد .وىذه الحالة يمكف أف تنطبؽ عمى الجيش التونسي باألخصفي عالقاتو مع فرنسا .لذلؾ مف
األرجح أف موقؼ الجيش الحيادي أرادتو الدوؿ الغربيةأيضا كي تكوف يده نظيفة مف قمع االنتفاضة ومف ثـ يمكف أف
يعوؿ عميو كقوة منظمةلمسيطرة عمى األوضاع خوفا مف انييارىا باألخص في مصر وما تتمتع بو مف موقعإستراتيجي
في مجاورتيا إلسرائيؿ والخوؼ عمى أمنيا .في حيف أف ىذا الحياد لـ يحدث فيانتفاضات اليمف وليبيا بؿ حدث
انقساـ في صفوؼ الجيش حيث مالت بعض الوحدات العسكريةلالنتفاضة وأخرى لمنظاـ .واضافة إلى العوامؿ القبمية
في حالة اليمف وليبيا والطائفية في حالة سورياالتي حكمت موقؼ الجيش مف االنتفاضة فيمكف أف يكوف غياب أو
ضعؼ عالقة الجيشبالمؤسسات الغربية عامال ساىـ في ىذا الموقؼ الذي أخر انتصار االنتفاضات في
ىذىالبمداف]28[.
يرى بعض الباحثيف أف دور الجيش في األنظمة العربية سوؼ يشيد تراجعا وسيتـ تركيز ميامو عمى حماية المنشآت
الحيوية وضماف االستقرار األمني الداخمي ،واعادة بنائو عمى أسس مينية بعيدة عف أسموب القمع الذي كاف سائداً
في الماضي ،كما سيتـ التركيز عمى تعزيز دور قوى األمف الداخمي مف شرطة ومخابرات؛ سواء في البمداف التي
شيدت ثورات "ربيع عربي" أو تمؾ التي لـ تطميا بعد ،باإلضافة الى التركيز عمى رفع كفاءتيا في مجاؿ التكنولوجيا
االلكترونية وشبكات االنترنت .مستدليف في ذلؾ بأف اإلصالحات االقتصادية التي ستقوـ بيا األنظمة العربية
ستنعكس بصورة أو بأخرى عمى حالة الجيوش العربية حيث مف المتوقع أف تنخفض المخصصات السنوية التي توجو
مف أجؿ اإلنفاؽ العسكري وشراء المزيد مف العتاد العسكري ،وتخصيص جزء كبير مف تمؾ الموازنة لخمؽ فرص عمؿ
لممواطنيف ،وتحسيف مستوى معيشتيـ ،ورفع مستوى أجورىـ.
وفي ىذا يرى الدكتور مصطفى العاني الخبير العسكري واالستراتيجي في مركز الخميج لألبحاث والدراسات أنو وألوؿ
مرة سيط أر تغيير عمى نمط العالقة القائمة بيف الحاكـ العربي الجديد القادـ بعد ثورة "الربيع العربي" والجيش؛ إذ كاف
الحاكـ العربي عمى مدى السنوات الماضية إما قادـ مف مؤسسة الجيش أو المخابرات ،وينصب نفسو القائد األعمى
لمقوات المسمحة بينما سيفرز "الربيع العربي" وانتخاباتو الديمقراطية حكاما مدنييف ليسو ذوي خمفيات عسكرية،
8
وبالتالي لف يكوف الحاكـ الجديد ذي سطوة عمى الجيش ،ولف يكوف الجيش داعما لو بما يتعارض والدستور والقانوف
كما كاف عميو الحاؿ سابقا ،كما ولف يكوف القائد االعمى لمقوات المسمحة]29[.
وعمى كؿﱟ ،فإف الجيش يمعب أدوا ار أساسية في كؿ البمداف العربية لكف حسب تجربة كؿ بمد ،فقد يساعد ىذا الجيش
عمى المرور إلى مرحمة انتقالية ،قد تصؿ حتى إلى الديمقراطية ،كما أف التجربة مف الممكف أف تؤدي إلى انزالقات
خطيرة في البمد.
-1الدور المحتمؿ لممؤسسة العسكرية في تونس :إف استقراء الدور المستقبمي لمجيش التونسي يحتّـ عمينا أف نفيـ
أوالً موقعو قبؿ الثورة وكيؼ تعامؿ معيا .ىذه المؤسسة التي قاـ بورقيبة بتقييد قدراتيا ليعطي لمحرس الوطني
صالحية مراقبتيا في عاـ ،1968خالقاً بذلؾ العداوة بيف ىذيف الجيازيف ،وذلؾ بعد محاولة االنقالب العسكري لعاـ
( 1962بقيادة الضابط لزىر الشرايطي) .كما واصؿ زيف العابديف بف عمي سياسات بورقيبة .وفي عيده وقعت أيضاً
أحداث 1991التي اتُّ ِي َمت فييا مجموعة مف الضباط باإلعداد النقالب عسكري ،وتواصمت عمميات تيميش الجيش،
الحد مف ميزانية و ازرة الدفاع ،وعطّمت ترقيات الضباط ،وفُ ِرض التقاعد اإلجباري عمى العديد مف الضباط ،كما
فتـ ّ
ُح ِّدد الدور العسكري لمجيش في مجاالت الدفاع عف الوطف والتنمية ومواجية الكوارث الطبيعية وحفظ السالـ العالمي
تحت غطاء األمـ المتحدة]30[.
لكف الدور الحاسـ لمجيش التونسي في ثورة جانفي 2011طرح العديد مف التساؤالت حوؿ الدور المرتقب لو في
المرحمة المقبمة .ففيما يرجح البعض سيناريو تفعيؿ الدور السياسي واألمني لمؤسسة الجيش الوطني في تونس ما بعد
بف عمي ،عمى أساس ترقية الجنراؿ رشيد عمار وتعيينو قائداً عاماً لمقوات المسمحة مع االحتفاظ بمنصب قائد عاـ
لقوات البر ػ
استبعد العديد مف الخبراء القانونييف والدستورييف بينيـ األساتذة( :ىيكؿ محفوظ ػ أستاذ القانوف العاـ في الجامعة
التونسية ػ ،والعربي عزوز ػ نائب رئيس منتدى ابف رشد المغاربي لمدراسات بتونس ػ ،والبروفسور عبد السالـ
مغراوي ػ أستاذ العموـ السياسية في جامعة ديكو األمريكية ػ )..،استبعدوا ىذا السيناريو ألسباب كثيرة مف أىميا ما
تميزت بو تونس عربياً واقميمياً مف «حياد تاـ لممؤسسة العسكرية ويقظة ووعي المجتمع المدني الذي كرستيا الحركة
السياسية التونسية المدعومة بانتفاضة عارمة ثـ بثورة شعبية غير مسبوقة في العالـ العربي» .ويعتبر كثير مف
الخبراء القانونييف والدستورييف في تونس مف بينيـ الخبير القانوني الصادؽ بمعيد وقيس سعيد نائب رئيس الجمعية
التونسية لمقانوف الدستوري أف «الجيش يحظى بتقدير كبير مف قبؿ التونسييف ولو فضؿ كبير في إعادة األمف لمبالد
وتأميف عممية االنتقاؿ السياسي لكف المؤسسة العسكرية تمتزـ إلى حد اآلف باحتراـ دستور البالد الذي يمنع عمى
الجيش التدخؿ في السياسة مباشرة ،وىي وفية لتقاليدىا في الحياد إزاء العممية السياسية.
9
كما أف المؤسسة العسكرية في تونس ،وعمى خالؼ المؤسسة العسكرية في مصر ،لـ تأخذ الحكـ مباشرة بعد رحيؿ
بف عمي ،بؿ ساعدت القوى السياسية والنقابية والمدنية بتحريؾ الساحة السياسية واالنتقاؿ تدريجبيا نحو نظاـ سياسي
جديد]31[.
ليس ثمة شؾ في أف الثورة المصرية ولدت فرصة ىائمة لمصر وشعبيا ،وطرحت تحدياً ال يقؿ حجماً ،مف حيث دور
المؤسسة العسكرية وعالقتيا بالدولة ونظاـ الحكـ .ولكف ،وألف الثورة في مرحمتيا األولى انتيت بتولي المجمس األعمى
لمقوات المسمحة مقاليد الحكـ ،وتحمؿ مسؤولية قيادة المرحمة االنتقالية ،فإف الثورة تطرح تحدياً ال ينبغي إغفالو بأي
حاؿ مف األحواؿ ،تحدي عودة الجيش إلى السيطرة عمى الدولة بطريقة أشبو بما كانت عميو أوضاع الجميورية
المصرية منذ 1952وحتى بدأ مبارؾ محاولة توريث الحكـ البنو قبؿ عشرة أعواـ]32[.
غير أنو مف المؤكد أف أي ترتيبات في عيد ما بعد مبارؾ سيكوف الجيش مكونا أساسيا فييا .ويعوؿ الكثيروف عمى
أف يمعب الجيش دور الضامف لالنتقاؿ اآلمف إلى حكـ ديمقراطي .ويبقى السؤاؿ عف مدى استعداد الجيش لمقبوؿ
بحكـ ديمقراطي يقمص دور العسكر في السياسة ويعيد التوازف لمعالقة بيف المدني والعسكري في مؤسسات الدولة ،وما
إذا كانت بعض قيادات المجمس األعمى لمقوات المسمحة الحالية لدييا طموحات رئاسية]33[.
يرى بعض المحمميف أف الثورة في مصر ال تعدو أف تكوف ثورة ضد السمطة كما حدث في أميركا الجنوبية حيف
تمكنت الثورات مف تغيير بعض الحكاـ المستبديف دوف أف يصاحب ذلؾ إحداث تغييرات أساسية في أنظمة الحكومة
أو البنية االجتماعية لمدولة ،فالمجمس العسكري بعد توليو لمقاليد الحكـ في 11فبراير 2011جعؿ نفسو البديؿ عف
الشرعية الشعبية ،وىنا يبرز مدى توغؿ المؤسسة وقوتيا في المحافظة عمى النظاـ القائـ واجراء عمميات إصالحية
ىيكمية مف خالؿ عمميات ترميمية مف داخؿ النظاـ ذاتو دوف إجراء تغيير كمي يضعؼ مف مكانتيا ومركزيتيا داخؿ
النظاـ ]34[.فنوايا الجيش مازالت غير واضحة أو محددة .وبيذا الصدد يقوؿ مدير معيد الدراسات في " بروكينجز "
إف الجيش طرؼ قوي لمغاية في االقتصاد المصري وعمى األغمب أنو لف يكوف صاحب مصمحة في حدوث تغييرات
جذرية تيدد دوره ىو ذاتو داخؿ المجتمع "[.]35
10
فالجيش في مصر قوة كبيرة تتحكـ بجزء كبير مف االقتصاد ،حيث يممؾ مصانع ومؤسسات وتعاونيات وأجيزة ال
تخضع لمرقابة أو لممساءلة ]36[.كما أف رئيس المجمس العسكري المشير محمد طنطاوي يعد أحد الرجاؿ المقربيف
لمرئيس السابؽ مبارؾ والمخمصيف لو .وفي إحدى الوثائؽ التي نشرتيا " ويكيميكس " جاء ذكر المشير بصفتو " تابعا
أمينا " لمبارؾ .وكاف الرئيس مبارؾ يعتزـ أف يقؼ وراء طنطاوي ليكوف أحد المرشحيف لرئاسة مصر حتى قرر
الرئيس عاـ 2000أف يقدـ دعمو لترشيح إبنو جماؿ لمنصب الرئيس .
ومف المؤكد أيضا أف العسكرييف لف يسمحوا لإلسالمييف بالصعود إلى قمة الحكـ ،وىو األمر الذي توافقيـ عميو
أمريكا التي سيتحتـ عمى العسكرييف المصرييف تنسيؽ خطواتيـ معيا ،خاصة أف الجيش المصري يتمقى مساعدات
أمريكية بنحو 1 ، 3مميار دوالر سنويا .وبيذا الصدد فقد صرح مصدر مسؤوؿ مقرب مف الخارجية األمريكية
بقولو " :إف ميمتنا ىي أال نسمح بوصوؿ المتطرفيف إلي الحكـ ،وعمينا أف نميد الطريؽ لديمقراطية تتوفر في ظميا
مختمؼ الخيارات أماـ المواطف المصري "]37[.
لقد أوضح رئيس أركاف الجيش الميبي ،المواء الركف يوسؼ أحمد المنقوش ،أف ىناؾ خطة لبناء جيش ليبي جديد،
تيدؼ الستيعاب 25ألفا مف الثوار ،مشدداً عمى أف ال دور سياسي لمجيش الجديد]38[.
ومع ذلؾ ،فإف التفكير في المستقبؿ السياسي لميبيا يثير إشكاليات وتحديات ال تتعمؽ فقط بكوف ليبيا ما تزاؿ تعيش
حالة ما بعد الحرب والتي تتفاعؿ فييا قوى مختمفة الطبيعة والتوجيات وتمعب فييا القوى األجنبية دو ار مؤث ار وحاسما
لدرجة واضحة .بؿ تتعمؽ أيضا بأف ليبيا اليوـ ال تتوفر عمى سمطة فاعمة في أي جزء منيا مثمما ال تتوفر عمى خبرة
سياسية تساعد عمى استطالع مستقبؿ البالد مف خالؿ قراءة مضاميف توجيات القوى الفاعمة وخارطتيا السياسية
واالجتماعية]39[.
فسقوط النظاـ طرح مشكؿ غياب أجيزة الدولة كاممة مثمما طرح ،قضايا القبيمة ،والسالح المنتشر في كؿ مكاف
والمتداوؿ بيف مختمؼ الحساسيات اإليديولوجية (مظاىر العسكرة خارج مؤسسة الجيش الوطني ) ،والزعامات.
11
خ ػ ػ ػػاتمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة
أبرز الربيع العربي دو ار جديدا لقوى جماىيرية لـ تكف فاعمة حتى األمس القريب ،وىو ما عكس تفجر السياسة عمى
المستوى الشعبي .ولكف بغض النظر عف حجـ االحتجاجات الشعبية السممية وتأثيرىا في رحيؿ الحكاـ ،يبقى موقؼ
الجيوش العربية حاسما مف األنظمة السياسية العربية التي ترتكز كميا عمى المؤسسة العسكرية لمبقاء في الحكـ.
حيث لعبت الجيوش أدوا ار أساسية في كؿ البمداف التي عاشت أوتعيش الثورات ،فوقفت مواقؼ مختمفة مف ىذه
الثورات تراوحت بيف االنحياز لقوى التغيير والتحيز لمنظاـ الحاكـ ،واختمؼ حجـ التدخؿ في كؿ منيا باختالؼ الحالة
والدور والمكانة التي كاف يمعبيا الجيش قبؿ الثورة نفسيا.
وبما أف االنتفاضات حتى التي نجحت في إسقاط قيادات األنظمة السياسية العربية ال تزاؿ في طور الحدث غير
المكتمؿ المتمثؿ في بناء أسس دولة مدنية ديمقراطية .إذف تبقى اإلجابة عف سؤاؿ "ما ىو الموقع الذي يمكف
لممؤسسة العسكرية أف تتخذه مف الحياة السياسية" عممية مستمرة ومفتوحة وال تكتمؿ لحظتيا إال بتعمؽ مسيرة
التحوالت السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية التي تصب في ذات اليدؼ.
اليوامش
-1عمي الديف ىالؿ ،نفيف مسعد ،النظـ السياسية العربية :قضايا االستمرار والتغيير .مركز دراسات الوحدة العربية.
ص .144
" -2االنقالب ىو عمؿ مفاجئ وعنيؼ تقوـ بو فئة أو مجموعة مف الفئات مف داخؿ الدولة تنتمي في معظـ األحياف
إلى الجيش ضد السمطة الشرعية فتقمبيا وتستولي عمى الحكـ ،وذلؾ وفؽ خطة موضوعة مسبقا" انظر:
عبد الوىاب الكيالني ،موسوعة السياسة ،الجزء األوؿ .بيروت :الموسوعة العربية لمدراسات والنشر .ص .372
" -3الظاىرة العسكرية أو العسكريتارية "ىي نزعة واتجاه ييدفاف إلى ىيمنة المؤسسة العسكرية عمى الدولة وفرض
نظاميا الصارـ عمى الحياة المدنية وتقوى ىذه النزعة عندما تعجز المؤسسات الدستورية والييئات السياسية عف
مواجية التحديات المطروحة" .انظر:
عبد الوىاب الكيالني ،موسوعة السياسة ،الجزء الرابع .بيروت :الموسوعة العربية لمدراسات والنشر .ص .108
12
-4بشير عبد الفتاح ،األدوار المتغيرة" لمجيوش في مرحمة الثورات العربية/http://www.siyassa.org.eg :
http://www.nabilkhalil.org/putches007.html
-2منذر سميماف وآخروف ،وجية نظر حوؿ الجيش والسياسة والسمطة في الوطف العربي .في كتاب:أحمد ولد داده
وآخروف ،الجيش والسياسة والسمطة في الوطف العربي ،ط .1بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية .2002 ،ص
.85
-3جيشhttp://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%8A%D8%B4 :
-2ىاشـ نعم ة ،القوى االجتماعية الفاعمة في االنتفاضات الشعبية في البمداف العربية :3-3
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298303
13
-1ميند مبيضيف ،الجيوش العربية والثورات ،مرجع سابؽ.
-3يوسؼ خميفة اليوسؼ ،لماذا لـ تتوقع دراسات الشرؽ األوسط الربيع العربي ؟:
http://www.darussalam.ae/print.asp?contentId=1885
/http://www.siyassa.org.eg/NewsContent
http://lcsr-libya.org/ar/114-2012-01-07-22-00-32/289-2012-01-07-22-27-05
-3بشير عبد الفتاح" ،األدوار المتغيرة" لمجيوش في مرحمة الثورات العربية ،مرجع سابؽ.
http://www.dohainstitute.org/Home/Details/5d045bf3-2df9-46cf-90a0-
d92cbb5dd3e4/2fbc8061-7206-4f8b-af70-896c8142d620
-2أحمد عمي األحصب ،ما الّذي يجعؿ األمر مختمفًا في "ربيع" اليمف؟ :
http://www.dohainstitute.org/Home/Details?entityID=5d045bf3-2df9-46cf-90a0-
d92cbb5dd3e4&resourceId=ac70bfc5-310c-42ff-87ff-9522da18c008
-3يوسؼ خميفة اليوسؼ ،لماذا لـ تتوقع دراسات الشرؽ األوسط الربيع العربي ؟ ،مرجع سابؽ.
-بشير زيف العابديف ،الجيش والسياسة في سوريا ( :)2000-1918دراسة نقدية ،ط .1دار الجابية .2008 ،ص
]27[.495
-1ىاشـ نعمة ،القوى االجتماعية الفاعمة في االنتفاضات الشعبية في البمداف العربية ،3-3مرجع سابؽ.
14
الداخمي ،مياماً وتسميحا: االمف الجيوش وقوى عمى العربي" -2محمد نجيب ،تأثير "الربيع
http://sdarabia.com/preview_news.php?id=25147&cat=9
-1بدرة قعموؿ "الجيش سيعود إلى ثكنو" :دور المؤسسة العسكرية التونسية في المرحمة االنتقالية إلى الديمقراطية:
http://arabic.carnegieendowment.org/publications/?fa=45909
http://www.wahdaislamyia.org/issues/114/tmadini.htm
-3تأثير "الربيع العربي" عمى الجيوش وقوى األمف الداخمي ،مياماً وتسميحا:
http://sdarabia.com/preview_news.php?id=25147&cat=9
http://www.shorouknews.com/menbar/view.aspx?cdate=12022012&id=bf4eb949-d58c-
48d1-91b4-39e9edf3b6d1
المصريةwww.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=247161:
http://www.alwasatnews.com/3431/news/read/625126/1.html
-2أحمد الخميسي ،الروس يكتبوف :عف الجيش والثورة المصرية ،مرجع سابؽ.
-3أشرؼ كماؿ ،رئيس األركاف الميبي يدعو لرفع بالده مف الفصؿ السابع لتسميح الجيش:
http://www.libyaalmostakbal.net/news/clicked/20789
15
-4يوسؼ محمد الصواني ،التحوؿ الديمقراطي في ليبيا :تحميؿ التحديات السياسية واالقتصادية لمرحمة ما بعد
القذافي(ورقة مقدمة لمؤتمر ليبيا مف الثورة إلى الدولة :تحديات المرحمة االنتقالية ،المركز الميبي لمدراسات والبحوث،
7-8يناير–2012الدوحة).
http://bchaib.net/mas/index.php?option=com_content&view=article&id=62:-r- المصدر:
&catid=12:2010-12-09-22-56-15&Itemid=10
16